الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 04:54 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-11-2003, 02:34 AM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20169

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر

    (الرحيل )

    إلى إبراهيم أحمد الحاج .. الفتى الطيب الذي قتله هاجس السؤال والرحيل

    ( أمام العربات تردد الرجال الطيبون
    ولكن كان عليهم أن يرحلوا
    إلى الأحياء والأموات .. الذين يغادرون الآن بلادنا الشاسعة السقوط ) ..

    الرجال الطيبون ..
    يتركون البلاد وراءهم مثل نهر الرماد
    لا تنادي البيوت عليهم ،
    لا تفك النوافذ أزرارها خلفهم ،
    كي ترد لهم قبلةً في الهواء .
    يرحل الطيبون
    يجرجر وحلُ الخريف جلاليبهم وراءهم
    وتطوي خيول الرياح الطريق الطويل ،
    وتطوي الظلام القليل
    الذي لفَّ أسماءهم ..
    لقد آن أن يرحلوا
    فبالأمس أخفى الظلام مصا ئده في البراري ونام
    ويا ..... آهـ ، لم يكترث للشجر ، للمنازل
    كيف تهرول بين المسالك
    وكيف تبعثر قشرة طينها حولها
    ثم تبكي عليه وراء الغمام .
    وبالأمس لا شئ ..
    لا شئ غير الشوارع المعتمة
    والخرائب تنسج من صرخة البوم
    ثوباً من النوم ..
    لم يناموا قليلاً ، أولئك الطيبون
    ولم تهدأ الريح منذ المساء
    كأن نحيباً قتيلاً يميل وراء البيوت
    كأن فتىً طيباً .. لملمتْ أخته عظمه
    ثم غنَّتْ له ، فاستحال طيوراً
    تموت انتحارها وراء البيوت .
    لم يناموا ..
    لهم غابة الليل تهمس ،
    نادتْ بأسمائهم واحداً واحدا
    ثم راحت تغسل أطرافها بالغناء الحزين ولون الغسق
    ببطء الجنازات .. سار " التبلدي "
    تحت جناح الغروب الأخير
    ليقبع عند انحدار الطريق
    ومنذ قليل تفتت صوت الرعاة البعيد رويداً
    وحلّ السكون العميق ..
    لقد آن أن يرحلوا
    فالبنفسج اُفلتَ من بركة الدمع
    ودقّ فضاء المساء بقهقهة عالية
    والعذارى نسين الرسائل تحت الغبار
    والمدى في الحقول الصغيرة كان يثرثر
    والقمر يصغي .. ويبكي ،
    فقد أرهقته سنين الوقوف
    كأن الحياة انتظار .
    لقد آن أن يرحلوا ..
    فلم يبق غير العجائز في البلدة النائية
    ساحرات يجدلن شعر الظلام على شجر " النيم "
    ويقطفن بعض النجوم يقشرن أضواءها
    ويبكين في الطرقات مع الليل .. والريح .. والعربات
    ليلهم غامض ،
    ليلهم كان يسقط فوق الرصيف
    ويبكي ، وحيداً ، كطفلٍ صغير .
    لقد آن أن يرحلوا ،
    وحدهم ،
    أن يريحوا على راحة الصمت أحزانهم ،
    أن يسيروا فتسقط بعض الجراح التي
    أثقلتْ حملهم ،
    ويلقون السؤال :" لماذا؟" *
    لماذا سيبكون آباءهم وحدهم ؟
    لماذا تجف حكاياتهم في مصاطب تلك البيوت ؟
    لماذا تنام حبيباتهم خلف بابٍ أصمٍ
    يظل يرجع دقاتهم خلفهم ؟.
    يرحل الطيبون بلا أصدقاء .
    بلا عاشقاتٍ يطرزن أسماءهم في الغبار .
    يرحلون ،
    لأن الحبيبات هجرن النهار،
    ودخلن ، قسراً ، زنازين الظلام .
    لقد آن أن يرحلوا .
    لا حقائب غير القلوب ،
    بها صففوا بعض ريحانهم بين أشياءها ،
    شارعٌ مقمرٌ خلسةً ،
    زهرةٌ في كتابٍ قديم ،
    بها أفسحوا للحقول التي جرَّحتهم مكاناً ،
    بها فسحةٌ للغياب ،
    عتابٌ بها ،
    للنساء الصغيرات حين سيهدين للعربات
    قلائد شوك النواح وقد صففته الأيادي النحيلة
    في قمرٍ أوقعته السواقي على حضنها .

    تُرى ، منْ يسير هناك ؟
    ومنْ يدخل الآن هذا الظلام وحيدا ؟
    يحاول الفتى الطيب أن
    يحرِّكَ في شفتيه غناءً حميما ..
    قصيدةَ سحرٍ ، بها بلدةٌ يابسة **
    فوق أسوارها علّقَتْ أمهاتُ البيوت الفقيرة شمعاً ،
    لئلا يغادر مستوحشاً ،
    أشعلتْ أمه شمعة ثانية ،
    أوقدتْ قلبها ،
    أحرقتْ شمعتين ***

    تُرى ، منْ يسير هناك وحيداً ،
    ومنْ أين يأتي الغناء الحزين ؟
    لقد آن أن يرحلوا .
    ركبهم يرتعش ،
    والوجوم استراح على دربهم
    كان يصغي لأنفاسهم .
    رحلوا ،
    وهم يحلفون لوجهٍ حبيبٍ أن ترحالهم
    قد يطول .
    الوجوه الحبيبة تتبعهم مثل رمش العيون .
    بعد قليل ،
    سيقتلها شوقها للقاء قريب ،
    فتدرك أن النبات الذي يهجر الأرض
    لن يستطيع الإياب .

    ليلى عبد المجيد ـ 25 أكتوبر 1993

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * إبراهيم أحمد الحاج له مخطوطة ديوان أطلعتُ عليها ، اسماها ( لماذا؟ ).
    ** حكى ناجون أن إبراهيم عندما انقلبتْ بهم الشاحنة كان يغني للمسافرين معه أغنية وردي " شنْ بتقولوا" .
    *** معروف عن ناس السودان تضامنهم . اجتمعتْ الأمهات وبعن فصوص ذهبهن كي يسافر كل شباب الحي ، ووالدة إبراهيم الحاجة فاطنة باعتْ ذهبها .. ونصف دارها .








                  

العنوان الكاتب Date
الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر osama elkhawad01-11-03, 02:34 AM
  Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر soma01-11-03, 04:49 AM
    Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر الجندرية01-11-03, 11:53 AM
  Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر azza01-11-03, 01:27 PM
  Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر osama elkhawad01-11-03, 07:04 PM
    Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر الجندرية03-14-03, 11:43 PM
  Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر Amjad ibrahim03-15-03, 04:43 PM
  Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر KOSTA03-15-03, 08:41 PM
  Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر zumrawi03-16-03, 07:11 AM
  Re: الرحيل:نص شعري لليلى بنت الدامر noha_g03-16-03, 11:09 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de