العزاء لكوستي وفاة وداد النعيمة البشير

Quote: وداد التي كانت تشيل الود وتدي الود ومن عينيها كان يشع حنان بلا حد، ولا أعرف كيف تكون الخرطوم وكوستي بدونك يا وداد النعيم والبشارة، كيف أدخل بيتي وبيتك وأدير عيني ولا أراكِ؟ فقد ظللت مختومة في ضميري، ولا زلت مختومة هناك، ورحلت مساء الأربعاء في ليل بهيم، والحزن كما قال صلاح عبد الصبور "يولد في المساء لأنه حزن ضرير / حزن طويل كالطريق من الجحيم إلى الجحيم / حزن صموت / حزن تمدد في المدينة / كاللص في جوف السكينة / كالأفعوان بلا فحيح / الحزن قد قهر القلاع جميعها وسَبَى الكنوز". وكانت وداد الودودة درة كل الكنوز لم تكن وداد فرعا من شجرة الباسق الشامخ والدها "النعيمة البشير"، بل كانت بذرة منه واستوت شجرة طيبة الثمار قائمة بذاتها، يستظل بها الأحباب والأقارب، كانت ينبوعا من الحب والحنان والمودة، لا تفارقها البشاشة إلا لمصاب غيرها، فحتى عندما غزت جسمها خلايا الغول المغولي الأهوج، كانت هي، هي، الضاحكة البشوشة التي تشيل هم الغير، وتسعى بين الجميع بالخير، وحملها الأحباب على أكف الراح، وطافوا بها ثلاث دول ولكن الأيام دول، وعادت من الأردن محمولة على أكتاف مرتعشة محمد وأسامة وريم، لستم وحدكم من تيتّم، فأمكم كانت أيضا أمي وأم شادية ونادية وسلوى وأمجاد والرشيد والفاتح والزبير والبشير وخلق كثير، "وداد أيا صرة الزاد تمسكني في اغتماض الطريق / ويا ركوتي كعكعت في لهاتي وقد جف ريقي / وداد .. ذراعي اليمين .. وداد خريفي / ونيلي، وجرفي، وبهجة ريفي / وداد تتمة كيفي / وسترى في أقرباي وضيفي / ألا اين ليلاتك المائسات، وأين زياراتك الآنسات / وأين ائتلاف الثريا، وأين انطلاق المحيا / وأين اندفاق قوارير عطرك في المحفل؟" رحل الصباح، وتفجرت براكين الأسى والجراح, وعلا النشيج والنواح، وصدعت الألسن بما في المصحف والألواح، داعية أن ينقلك الله من ضيق اللحود إلى جنات الخلود، في سعة الدور والقصور، في سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود وماء مسكوب، وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وفرش مرفوعة، مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فهم خير رفقة لمن كان مثلك بصحائف بيضاء أسألوا الله أن يلطف بوداد النعيمة البشير الحبيبة الحبوبة