الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود. بقلم إبراهيم عبد النبي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 04:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-21-2015, 12:35 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48786

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود. بقلم إبراهيم عبد النبي

    11:35 AM Feb, 21 2015
    سودانيز أون لاين
    Yasir Elsharif - Germany
    مكتبتي في سودانيزاونلاين



    سلام للجميع
    هذه سلسلة من مقالات كتبها الأخ الأستاذ إبراهيم عبد النبي وسمح لي بوضعها في هذا المنبر لمزيد من النقاش حول موضوع الأستاذ محمود محمد طه..
    ياسر

    ــــــ
    ــــــــــــ

    الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود (1)
    إبراهيم عبدالنبي



    قبل أكثر من عامٍ من الآن، منذ نوفمبر عام 2013 وحتى الآن، أدرتُ خيطاً في المنبر الخاص بالجمهوريين (الصالون) داعياً الأستاذ عبدالله الفكي البشير، للحوار حول بعض المحاور في كتابه (محمود محمد طه والمثقفون)، حيث أشدْتُ بالقيمة التوثيقية العالية للكتاب، ولكني حددتُ أن هناك بعض "الهَنات" التي شابت الكتاب، من قبيل مجانبة المؤلف، في خلاصات بعينها، لأسس البحث العلمي (المحايد)، بالمدى الذي ربّما يزيد من "التغييب" و "العزلة"، خصوصا أن مؤلف الكتاب أعلن أن كتابه يأتي بسبيل من "كسر" طوق العزلة والتغييب الذي ضربه بعض المثقفين حول فكر الأستاذ محمود ومواقفه!

    ولكنّ الأستاذ عبدالله الفكي امتنع، على طول المدى، عن الدخول في الحوار، دون إبداء أي سبب، رغم مناشدة بعض أعضاء "المنبر" له بالدخول في الحوار لإبداء رأيه حول ما أبديتُه من ملاحظات، وما وجّهته لكتابه من نقد.. علماً بأني استبعدتُ، ابتداءً، أن يكون هناك قصد أو تعمد من جانب الأستاذ عبدالله في أن تشوب كتابه تلك (الهنات)، خصوصا في ظل ما بذله من جهد مضنٍ، ومقدّر!

    وكان نقدي لكتاب الأستاذ عبدالله على محاور، من ضمنها محور بعنوان (المحاباة البحثية)، تحدثتُ فيه عن عدم حياد الباحث تجاه النقد الموجه إلى فكر ومواقف الأستاذ محمود، من بعض المثقفين! وضربتُ مثالا لذلك بموقف الباحث من د. محمد أحمد محمود، وكتاباته عن الأستاذ محمود، خصوصاً في موضوع الخفاض الفرعوني، ونسب الأستاذ محمود إلى الشيخ الهميم، ممّا ورد في كتاب د. محمد محمود الذي درج البعض على ترجمة عنوانه كما يلي: (السعي نحو الألوهية: دراسة تحليلية لفكر محمود محمد طه)، وهو بالإنجليزية:

    Quest for Divinity:
    A Critical Examination of the Thought of Mahmud Mohammad Taha


    وكان الأستاذ عبدالله الفكي قد شمل د. محمد محمود ضمن فريق د. خالد المبارك ود. محمد وقيع الله، في هذا، ولكنّه استل د. محمد محمود من هذا الفريق استلالا، دون أي دليل، كما يلي:
    (من المهم الإشارة إلى أن محمد أحمد محمود، التزم منهجا علميا صارما في دراسته عن الأستاذ محمود، وهو بعيد كل البعد عن أولئك الذين وسمتهم بالمستنتجين للنتائج البكماء والخلاصات العرجاء في مسألة صلة الأستاذ محمود بالشيخ الهميم، كما هو الحال لدى محمد وقيع الله)!!

    هذا بالإضافة إلى أني تطرقتُ إلى بعض الخلاصات والتقريرات الأخرى، المتحاملة فيما أرى، من كتاب د. محمد محمود.. علما بأني سوف أؤجل، إلى حلقة قادمة، استعراض خلاصات د. محمد محمود حول "الخفاض الفرعوني" و "نسب الأستاذ"، وأعطي الأولوية في هذه الحلقة الأولى، والحلقة التي تليها، لأحكام "قيمية"، أطلقها د. محمد محمود، على الأستاذ محمود، في سياق استعراضه لموقفين هامين للأستاذ محمود، يكاد يكون حولهما إجماع (معاكس) لما خلص إليه د. محمد محمود!

    جديرٌ بالذكر أن الأستاذ عبدالله البشير وصف كتاب د. محمد محمود، هذا، كما يلي: (الكتاب يعد أول دراسة نقدية شاملة لفكر الأستاذ محمود، تصل إلينا من مثقف سوداني أكاديمي له خبرة طويلة في الأكاديميا الغربية والعربية والسودانية ).. ثم ذهب الأستاذ عبدالله ليفصّل القول:
    (ففوق المنهج العلمي الصارم الذي التزمه محمد أحمد محمود، فإن أهمية دراسته تأتي أيضا من كونه كان على معرفة بالفكرة وبالمجتمع الجمهوري من الداخل، إذ التقى الأستاذ محمود وقضى بعض الوقت في معيته، وكان لفترة وجيزة من بين تلاميذ الأستاذ محمود.4 إلا أنه لم ترد إشارة لذلك في الكتاب)!

    وقد وضع الأستاذ عبدالله تفسيرا للحاشية (4) كما يلي:
    (مقابلة مع عصام عبدالرحمن البوشي، 17 ديسمبر 2009، مدني؛ مقابلة مع النور حمد، 22 نوفمبر 2009، الدوحة)!!

    وكما نرى، الأستاذ عبدالله الفكي البشير أكد أهمية كتاب د. محمد محمود لسبين: أولهما أن الكتاب تم إعداده وفق (منهج علمي صارم)! وثانيهما (وهو الأهم في نظر الباحث) أن د. محمد محمود كان (على معرفة بالفكرة وبالمجتمع الجمهوري من الداخل، إذ التقى الأستاذ محمود وقضى بعض الوقت في معيته، وكان لفترة وجيزة من بين تلاميذ الأستاذ محمود)!!

    أول ما يقدح في (شهادة) الأستاذ عبدالله الفكي هذه عن (تلمذة) د. محمد محمود للأستاذ محمود، أنها مستندة إلى (أخبار شفاهية، وروايات سماعية)! ولعلي لا أحتاج أن أذكر، هنا، أني أحاكم الباحث عبدالله إلى (معياره) الذي وضعه بنفسه! فهو قد عاب، في كتابه، خلاصات بعض من انتقدهم قائلاً إنها (تقوم على الروايات السماعية والأخبار الشفاهية غير الدقيقة)، ومن ثَمّ وسمها بأنها (نتائج بكماء) و (خلاصات عرجاء)!! علما بأن عبدالله أقر، في كتابه حسب المقتطف أعلاه، أن د. محمد محمود، نفسه، لم يشر إلى معلومة (التلمذة) هذه في كتابه!

    وفي تقديري، أرى أنه كان على الأستاذ عبدالله، ومن منطلق (الصدقية البحثية)، أن يتأكد، على الأقل، من معلومة (التلمذة) بنفسه من الدكتور الفاضل، ويثبتها في كتابه للقاريء! بدلا من الاعتماد على (الأخبار الشفاهية) و (الروايات السماعية) عنها! فدكتور محمد محمود موجود، والاتصال به متاح! والتلمذة (خصوصا في أمر كالفكرة الجمهورية) لا تجزي فيها (شهادة) الشهود! خصوصا إذا كان (المعني بالتلمذة) على قيد الحياة، وقد اختار (السكوت) في مقام هو أنسب المقامات للإفصاح عن هذه (التلمذة)، ألا وهو إصدار كتاب في (تحليل) فكر (المعلّم) المفترض! والباحث عبدالله، لا بد يعلم أن معلومة (التلمذة) ذات وزن عند القاريء _خصوصا القاريء غير المطّلع_ من حيث اعتماده لصدقية (نتائج) و (خلاصات) الدكتور، حول شخص الأستاذ محمود، وفكره، وتلاميذه! كيف لا، ود. محمد محمود، بشهادة الباحث عبدالله، يكتب عن (معرفة بالداخل بالفكرة وبالمجتمع الجمهوري)!

    لذلك: سأستعرض في هذه الحلقات بعض (النتائج) و (الخلاصات) التي استخلصها د. محمد محمود، في كتابه، بغرض إثبات أن الباحث عبدالله الفكي أعطى كتابة د. محمد محمود أكثر مما تستحق بكثير! وتغاضى عن مثالب عديدة فيها! فكتابة د. محمد محمود، في تقديري، تسير في نفس اتجاه كتابات غيره التي ذمّها الأستاذ عبدالله الفكي، إن لم تجزْها!! فالأستاذ عبدالله ذمّ بعض الكتابات قائلا إنها:
    (تنقصها المعلومات وضعف الإلمام بالحقائق التاريخية.. واتسمت بالضعف والسطحية والمهاترة والمجافاة للمصادر والمراجع، الأمر الذي يجعلها لا ترقى لمستوى الدراسة العلمية، وإنما تظاهرة بحثية هتافية فاقدة للأركان العلمية، وينقص أصحابها الورع العلمي والحصافة والكياسة المعرفية، كما أنها تقوم على الروايات السماعية والأخبار الشفاهية غير الدقيقة)!!

    وفي هذه الحلقة، والحلقات التالية، سنرى كيف أن د. محمد محمود يتبع أسلوبا غريبا في كتابه، حيث يأتي بمقتطفات من كتب الأستاذ محمود وأحاديثه، بمراجعها، ثم يقفز منها إلى نتائج وخلاصات تبدو وكأنها معدّة (مسبقا) عنده، ولا تسندها المقتطفات التي أتى بها!!

    أما الآن، وكما قلت أعلاه، فسوف أستعرض في هذه الحلقة الموقف الأول من موقفين أرى أن هناك شبه إجماع عليهما، حتى من كثير من المعارضين، وهما: 1- موقف الأستاذ محمود المناهض لحل الحزب الشيوعي عام 1965، انطلاقا من كفالة حرية التعبير والتنظيم! و 2- دور الإخوان الجمهوريين، تحت رعاية الأستاذ، في تأسيس ورعاية وإدارة أركان النقاش والحوار في الجامعات والشوارع والميادين العامة!

    فلنسمع، أولا، ماذا قال دكتور محمد محمود في كتابه عن موقف الأستاذ (المناهض لحل الحزب الشيوعي) سنة 1965!!

    على صفحة 21 من كتابه يحدّث د. محمد محمود قراءه عن موقف الأستاذ محمود، المناهض لحل الحزب الشيوعي، فيقول:
    (كان طه ناشطاً في الحلف العريض المناهض لحل الحزب الشيوعي، وقد كتب ردا شن فيه هجوما حارقا ضد منشور الترابي، حيث وصفه بأنه "متهافت، و سطحي، وينضح بالغرض، ويتسم بقلة الذكاء الفطري". وقد أكد طه على نقطة أساسية وهي أن المادة المتعلقة بحرية التعبير وحق التنظيم وفق القانون هي روح الدستور وأصل كل القوانين. إلا أن موقف طه كان ذا طبيعة أكثر تعقيدا. فدافعه لاتخاذ ذلك الموقف، لم يكن فقط إيمانه بكفالة حق حرية التعبير وحرية التنظيم للشيوعيين، بل، للمفارقة، كان مدفوعا بكراهيته العميقة للشيوعية، وللماركسية أيضا! وقد احتج بأن الحزب الشيوعي عندما يضطر للعمل السري، تحت الأرض، فإن الشيوعية ستكسب سحرا مغريا وجاذبا، وبالتالي تمثل خطراً أكبر)!!

    أولا: لم أسمع أن هناك شخص هو (على معرفة من الداخل بالفكرة الجمهورية والمجتمع الجمهوري) وتتلمذ للأستاذ (سواء لفترة وجيزة أو غير وجيزة)، قد وصف الأستاذ محمود بأنه كان مدفوعا لعمل أي شيء من منطلق (كراهية عميقة) - (profound antipathy)!! فالأستاذ محمود يدعو إلى (محبة الأحياء والأشياء)! ويقول إن (محبة الأحياء والأشياء) من (مقتضيات العبودية)! بل (لا تصح عبودية العبد بدونها)! وكثيرا ما يستدل بقول الشيخ العبيد ود ريّه: (الما عندو محبة، ما عندو الحبة)!

    الأمر الواضح، لي على الأقل، أن (خلاصة) د. محمد محمود أن الأستاذ محمود في مناهضته لحل الحزب الشيوعي (كان مدفوعا بكراهيته العميقة للشيوعية، وللماركسية أيضا) ما هي إلا مجرد تحامل، لم يقم الدكتور عليه دليلا!! بل أقوال الأستاذ، وفعاله، تدل على عكس ما يريده د. محمد محمود تماماً!! ثم إن (الحجة) التي نسبها د. محمد محمود للأستاذ بعد تقريره (المجحف) هذا: (وقد "احتجّ" بأن الحزب الشيوعي عندما يضطر للعمل السري، تحت الأرض، فإن الشيوعية ستكتسب سحرا مغريا وجاذبا، وبالتالي تمثل خطرا أكبر) لا تقف في مصلحة خلاصته!! فهذه الحجة رفعها الأستاذ محمود، في وجه الترابي، تحديدا، حيث (حجّ) الترابي بأن (مجاهدته في حل الحزب الشيوعي) لن تحقق له ما يريد! ذلك أن الاضطهاد والكبت لا يوقف الأفكار، بل يزيدها سحرا، ويزيد من عطف الناس عليها!! فقد قال الأستاذ محمود، تحديدا، ما يلي:
    (ومهما يكن من الأمر فإنّ الدكتور الترابي ليس ضد الشيوعية إلا بعقله الواعي الذي يظهره لسانه، أما تكوينه الداخلي، في محتويات ثقافته، فإنها من نفس المادة التي صُنِعت منها الشيوعية! ولذلك فإن أقواله ضد الشيوعية! وأعماله لمصلحة الشيوعية، من حيث لا يدري.. ومن هذا القبيل مجاهدتُه الشديدة في حل الحزب الشيوعي! فإنّ حل الحزب الشيوعي لا يضر الحركة الشيوعية، بل يمكّن لها في البلاد.. لأسباب عديدة منها:
    1- الشيوعية فكرة.. والأفكار لا تحارب بسن القوانين التي تضطهدها، وإنما تحارب بالأفكار.
    2- الشيوعية حركة عالمية، وليست حركة في داخل السودان وحده، ومحاربتها بالقوانين لا تقتلها، وإنما تضطرها لتنزل تحت الأرض، وتستمر في نشاط سري يزيد من سحرها ويغري بها).. الخ

    هذا ما كان من أمر (المقتطف)! وكان أولى بالدكتور أن يورد (السياق) الذي ورد فيه هذا المقتطف الذي خرّج منه زعمه بأن الأستاذ محمود، كان (للمفارقة) مدفوعا (بكراهيته العميقة) للشيوعية وللماركسية أيضا، في دفاعه عن كفالة (حرية التعبير والتنظيم) للحزب الشيوعي! أليست (خلاصة الدكتور هذه) هي عين (المفارقة)؟؟

    الواضح أن د. محمد محمود "اقتلع" عبارة الأستاذ محمود من سياقها، ليحمّلها ما لا تحتمل، ويخلص منها إلى ما يريد من (إدانة) جاهزة (مسبقا) عنده!

    جدير بالذكر، أن (الحجة) التي تقول بأن اضطهاد الأفكار وكبتها، بالقوانين أو بالمحاربة، يزيد من سحرها وإغرائها وعطف الناس عليها، إنما هي (حجة) دارجة عند الأستاذ، وقد استخدمها فيما يخص فكره هو نفسه، وكذلك فيما يخص الدعوة الإسلامية، أول ما انبثقت!

    علاوة على ما ذكرتُ أعلاه، فإنّ أبلغ مثال، عندي، على تحامل الدكتور هو ما قرّره الدكتور بنفسه!! ذلك أن دكتور محمد محمود قرّر، في كتابه، أن الأستاذ (يقف بقوة إلى جانب التسيير)، ومعنى ذلك أن الأستاذ (يؤمن) بمبدأ (التسيير) في الحياة!! فقد ذكر الدكتور في (الفقرة الثانية) على صفحة (112) من كتابه ما يلي:
    (في سياق مراجعته وتقييمه للمواقف التقليدية في الجدل (حول التسيير والتخيير) يقف طه بقوة إلى جانب "التسيير". بل إنه يعادل موقف من يقولون بالتخيير، بالشرك، ويقرر إن سوء فهم هؤلاء للموضوع ناتج عن ملاحظتهم السطحية لبعض تصرفات البشر، وعن فهمهم السطحي لبعض آي القرآن)!!

    فكيف يتسنى لمؤلف محايد أن يقرر عن شخص، في كتابه، أنه (يقف بقوة إلى جانب التسيير)، بل يقرر عنه إنه (يعادل موقف من يقولون بالتخيير "بالشرك")، ثم يقرر في سياق آخر، من نفس الكتاب، أن (ذات الشخص)، حين دعا لكفالة حرية التعبير، وحرية التنظيم، للحزب الشيوعي، بل تحمّل الأذى في سبيل ذلك، كان مدفوعا ("بكراهيته العميقة") لمذهبية هذا الحزب الفكرية؟؟ الواقع، أني لا أعلم أحدا من الماركسيين، ولا حتى من غلاة معارضي الأستاذ، قد وجه اتهاما كهذا للأستاذ: ("طه" في مناهضته لحل الحزب الشيوعي كان مدفوعا بكراهيته العميقة للشيوعية، وللماركسية أيضا)!! فلم يبق، إذن، إلا التحامل، والإجحاف! بل إن (صيغة) الاتهام نفسه (مرتبكة) ولا تستقيم!!

    الواقع، المثبت، أن الأستاذ محمود لا يقف بقوة إلى جانب (التسيير) فحسب، بل هو يقول بالتسيير "المطلق"! ويقول إن كل الغرض من العمل، في الشريعة، أن يقودنا لاستيقان هذه الحقيقة (حقيقة التسيير المطلق في الوجود) فنبلغ حريتنا، من ثَمّ! ومن هذا المنطلق، يقول الأستاذ محمود عن (الماركسية)، التي يزعم د. محمد أن الأستاذ (يكرهها كراهية عميقة)، ما يلي:
    (ميزاننا، إذنْ، اليُمْكن نَزِنْ بيهُو الماركسية هو: (لا إله إلا الله).. هو دقة التوحيد المنتظم الوجود، في أعلاه، وفي أسفله!! وانطلاقاً من هذا الميزان يجب أن نصحّح مفهوم شائع، هو: أن الماركسية ما حقها يتكلّم عنّها الناس _خصوصاً إذا كانوا دعاة إسلام_ ذلك لأن الماركسية "رجس من عمل الشيطان"، وأنها لا حاجة لنا بها!! وأول ما يجب أن يُصحّح بميزان: (لا إله إلا الله) هو: أن ليس هناك باطل مطلق يمكن أن يدخل في الوجود!! كل ما دخل في الوجود إنما دخل بإرادة إلهية! والإرادة لا يمكن أن تكون باطل مطلق! وما نراه نحن باطل في الإرادة، إنما هو باطل "حكم"، باطل "شرع"، باطل لمصلحة وجهة نظرنا نحن! لكن، من وجهة نظر الحق، ليس هناك إلا الحق!! وماركس ما جاء بحاجة ما أوحاها ليهو الله! حتى الإلحاد الإنتو ما عايزنّو في الماركسية، ما دخل في الوجود إلا بوحي إلهي، لحكمة إلهية، يجب أن يتابعها الناس، حتى تنجلي ليهم! ومن الخطأ أن نرفض أي شئ من التراث البشري بحكمنا عليه أنه باطل مطلق)!!

    ويقول الأستاذ محمود أيضا:
    (النقطة البنبتدي منّها، هي نقطة عدم الرفض المطلق لماركس! ونقطة عدم القبول المطلق لماركس! يجي هذا من اعتبار أن فكره إنما هو نشاط بشري، فيهو خطأ، وفيهو صواب.. ولما نحن نقول إننا سنرى ما ليهو وما عليهو في الميزان، معناه إننا سنضع، في كفة الحسنات، حسناته، ونضع، في كفة السيئات، سيئاته.. والمجهود الإسلامي، كله، له هيمنته، على النشاط البشري كله.. لما قال، عن كتابنا: "مصدقاً لما بين يديه من الكتاب، ومهيمناً عليه.."، يعني أن كتابنا، يعني أن ديننا، مهيمن على الأديان، و كتابنا مهيمن على الكتب.. الكتب دي مش مجرد الكتب الأربعة المنزلة من السماء.. وإنما كل كتاب، حتى كتاب "رأس المال" بتاع ماركس، القرآن مسيطر عليهو، ومهيمن عليهو، ويستطيع أن يظهر الخطأ الفيهو، ويظهر الصواب الفيهو.. من هذا المنطلق نستطيع أن نتكلم عن "الماركسية"..)!!

    إلا أن المتتبع لكتابات د. محمد محمود، خصوصا كتابه محل إشادة عبدالله الفكي، لا شك يلحظ مثل هذه الأحكام "الشخصية" التي يطلقها الدكتور في حق الأستاذ محمود!! خصوصا اتهامات "العداوة" و "الكراهية" و "المقت" و "البغض"!!

    فهو، على صفحة (23) من كتابه يقول، مثلا، عن تأييد الأستاذ محمود لنظام مايو ما يلي:
    (كان طه من أوائل من سارعوا إلى تأييد الانقلاب العسكري، قائلا إن النظام الجديد قد وقف حائلا دون الطائفية. ومرة أخرى يظهر أن عداء طه وكراهيته للطائفية أكبر من التزامه بالديمقراطية)!

    وفي سياق آخر، على نهاية صفحة (22) وبداية صفحة (23)، يخبر د. محمد محمود قراءه أيضا عن "كراهية" أخرى عند "طه"! فهو يقول تعليقا على موقف الأستاذ محمود، من هزيمة يونيو، أن طه (يمقت) الأنظمة العربية العلمانية! بل يعتقد، مع قبيل من الإسلاميين، أن الله يشاركهم (مقتهم) هذا للأنظمة العربية العلمانية! وفي هذا منتهى التحامل من الدكتور!! لنسمع الدكتور:
    (تجاوب طه مع هذه الهزيمة الماحقة والمروّعة كان براجماتيا، ودينياً أيضا. فقد رأى في الهزيمة يد الله: أي أن الهزيمة كانت نذيرا عريانا ليعي العرب (والمسلمون) قلة حنكتهم وسوء تدبيرهم! فقد كان طه، وبعض الإسلاميين، يظنون أن الله يشاركهم مقتهم للأنظمة العلمانية العربية، ويمقتها كما يمقتونها، خصوصا نظام عبدالناصر)!!

    بالإنجليزي:
    Taha’s response to this devastating and shocking defeat was both pragmatic and religious. He saw in it the hand of God: this was a rude awakening to show the Arabs (and the Muslims) the folly of their ways. This much was shared by Taha and some Islamists who believed that God shared their loathing of Arab secularist regimes, particularly Nasser’s regime.


    جدير بالذكر أن هناك معلومة بسيطة يعلمها كل من تتلمذ (ولو لفترة وجيزة) للأستاذ محمود، وهي أن هزيمة يونيو لم تفاجيء الأستاذ محمود، فهو قد توقعها، وحذّر منها! حيث كان، إبان الأزمة وقبل الهزيمة بأيام معدودات، يحاضر في كوستي قائلا إن جمال عبدالناصر، بإعلامه المضلّل، إنما يخدع العرب ويسوقهم إلى مواجهة هم فيها مهزومون حتماً! هذا، في حين كان اليساريون والناصريون يخرجون في مظاهرات هادرة، عقب محاضراته، وهم يهتفون ضده (محمود عميل صهيوني)!

    وقد صدقت كل كلمة قالها الأستاذ محمود في هذا الخصوص، حتى تلك التي تتعلق بالمستقبل البعيد، من قبيل قوله إن العرب، بانسياقهم وراء بطولات ناصر الزائفة، سوف يأتي عليهم يوم يهرولون فيه نحو السلام، ولن يجدوه، حتى بتنازلات أكبر بكثير مما يرفضونه آنذاك!! وقد حدث!! علما بأن بعض هذه المحاضرات مسجلة ومنشورة على موقع الفكرة!!

    ولكن: إسقاطات وتقريرات الدكتور في حق الأستاذ محمود، من قبيل إضماره "العداوة" و "البغض" و "المقت"، لا تقتصر، للأسف، على "الطائفية" و "الشيوعية" و "الماركسية"، بل تتعدّاها إلى مجال آخر، حيث التحامل والإجحاف أكثر "قتامة"! فالأستاذ محمود "مُعادٍ للفكْر"، بحسب الدكتور!! هكذا!! أليس هذا عجبا!!؟؟

    فعلي صفحة (32) من كتابه يقول د. محمد أحمد محمود، عن الأستاذ محمود والجمهوريين، ما يلي:
    (بسبب معاداة طه للفكر، نمت وسط الجمهوريين ثقافة داخلية قوامها عدم الثقة في المعرفة المستقاة من الكتب. وقد ساهم الموروث الشفاهي للمجتمع في تزويد الجمهوريين ببعض "الكبسولات" من المعرفة الصوفية. ولكن المصدر الأساسي لمعرفة الجمهوريين وغذائهم الفكري المستديم كان كتابات طه الخاصة)!!

    Owing to Taha’s anti-intellectualism, the Jumhuris developed an internal culture that was mistrustful of book knowledge. The community’s oral tradition provided members with some encapsulations of Sufi knowledge, but the main source of their knowledge and their constant intellectual diet was Taha’s own writings.


    أكتفي بهذا الآن، وأواصل، بعون الله، في الحلقة الثانية..

    إبراهيم عبدالنبي

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 02-21-2015, 02:26 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود. بقلم إبراهيم عبد النبي Yasir Elsharif02-21-15, 12:35 PM
  Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله الفكي و andquot;تحاملandquot; محمد Yasir Elsharif03-01-15, 07:39 AM
    Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله Yasir Elsharif03-12-15, 06:28 PM
      Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله النذير حجازي03-13-15, 09:43 PM
        Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله Yasir Elsharif03-27-15, 08:33 PM
          Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله Yasir Elsharif04-11-15, 03:03 PM
            Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله Yasir Elsharif04-26-15, 01:06 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de