مقال خطير للروائي الدكتور أمير تاج السر

من خلال ما قرأتُ للروائي د. أمير، أو ما سمعتُه منه إلقاءاً منبريَّا؛ كذلك ومن خلال ما قراتُ عن إبداعه بأقلام آخرين متنوِّعي المشارب! فقد أخذتُ عليه كمُبدِع حقيق أو مزعوم، أشياء رابتني ..! ولعلها، تلك الإرابة، هي التي باعدتْ وما تزال، بيني وبين النزوع المِلحاح كي أقرأ روايات الدكتور أمير تاج الســر. بطبيعة الحال، وهو على هذا النحو؛ فــَ لا مقارَنة البـَـتــَّــةَ! بين اهتمامي كقارئ عادي، حينما تلمّستُ طريقي إلى أدب الطيب صالح، طيَّب الله ثراه، وبين اهتمامي ال فقير جداً، لمّا سمعتُ أول أواني بالرّوائي السوداني، أمير تاج السر، طيَّبَ اللهُ أيّامه وطوّلها. فالاهتمام بالأول ما يزال يتصاعد، بل قُل: يتعمّق؛ بينما الاهتمام بالثاني قد أضحى قليل النمو، خافت الحَركة ممطوَحْ، بل ومغمور لا يُعْرَف له تعيين في فوضى الحواسّ، ولا في طُمأنينتها. لا يسير مع الأيام بقدَم ولا ساق، ولا تُرهفه الليالي مع حُبالاتها العجيبة، ذا الزمنُ.

صحيح، ربما يكون لاختلاف المعيار المعمول به في حالتَيْ الاهتمام القِرائي، جدواه غير الممكن دحضها، ولكنني، مع ذلك، ما أزال على اعتقادٍ كبير؛ فحواه أنّ إبداعية الأول، جاذبة لاهتمام القارئ العادي وغير العادي، لما تنطوي عليه من فَرادَة، ريادة، إجادة إلخ,,, تلك الصفات والحالات التي يتكوّن من اشتمالها، ما يطلِق عليه القُرّاء النــُّقّاد، ال " أصالة " الإبداعية. كان اهتمامي وما يزال، كبيراً بأدب الأوّل، بينما تضعضع اهتمامي الأدبي بالثاني! تُكلّل مساعيه لأواء الاسترابة. لم يحظَ اهتمامي لأدب الدكتور أمير، بفاعلية معقولة! فوقف
في مهدِه لا يزيد، لا يطمح، لا يفور ولا يفيد حِـراكا.

صحيح كذلك، في أن يكون للزمن المرويّ والمكان المُخبَرعنه، وأؤلئك الأناسي الطيِّبين، بحكاياهم الأليفة، وَ قفشاتهم الطّريفة؛ سببٌ مُفســِّـر لنهوض ذيَّاك الاهتمام الروائي؛ وبالتالي يكون للزمن المرويّ، والأمكنة الحديثة والمنتقاة ومُنتَقى، بل ومُثاب!، الحكي عنها بأناسها "أبناء عصرهم الحالي وحالِم" بــِ قفشاتٍ لهم مُتقشعمات(!) تخلو من الرضا وتدّعيه، تشكو الحِرمان وتخطِـئه! وتمورُ طيِّ إهابها الطَّماعات البشرية العادية تلك! وبين أثوابها طبقات من البريستيدج، وحوايا من حاسّة الكنز للذهب والفضة والقناطير المُقنطَرة من آلاء التكريمات والتهنئات والتقديسات إلخ,,, السبب الأجلى تفسيراً لعدم اهتمامي كقارئ عادي، بالإبداع الروائي للدكتور المُعاصِر.

الدّومة "هيل" ود حامد، وحفنة من تمر، وموسم للهجرة، أم باب، النخيل، أشجار السَّلَم وَ ضوّالبيت، و حسن تمساح ومفتاح الخزنة. كذلك جين مورس، آن همند، وَ نساء فلاندرز! وَ شيلا غرينوود، حُسنى بت محمود، وبت مجذوب و محكمة "الأولدبيلي" وفتيات جيش الخلاص! وحتى محجوب مثل نمر هَرِم، وودّ الرّيِّس المزواج، كأنما عقلو في راس " هنايووو" وأخانا "الزين" لم يكُ بالأخ المُسلم! ولم يكُ بالحَـدَثاني ولا الأمدرماني! لم يكُ بالصعلوك، وما كان الصوفي المُعذّب، بل لم يكُ من الذين يهتمون بأن ستُكرِّمهم شركة زين! ومع ذلك، كان فيه من كل هؤلاء نسيج، وله مع كل منهم وشائج تُنْسَلِ، وبنفسه من كل منهم، بضعة.

أين أؤلئك من، مُهر الصَّـيـَّـاح، صائد اليرقات، إيبولا76، أرض السودان والاشتهاء، ثم العِطر الفرنسي ..!؟ أين أؤلئك من ضغط الكتابة وسُكّرها؟ أين هم من "القارئ يُلاحق الكاتب"؛ أي كاتب ..!؟

(عدل بواسطة محمد أبوجودة on 01-12-2015, 03:09 PM)