معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 03:19 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة رباح الصادق المهدى(رباح الصادق)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-11-2003, 09:39 PM

رباح الصادق

تاريخ التسجيل: 05-04-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق (Re: رباح الصادق)

    3- خواطــر للنقاش
    العمى الزمني.. أم الصمود مع الزمن؟
    حينما كتب الدكتور عبد الله عي إبراهيم المقال الأول وجاء بمبادرته الوطنية، لم يكن الحال كيومنا هذا، ولا كاليوم الذي كتب فيه مقال "الإرهاق الخلاق". فنحن الآن على يقين من هاجس الجبهة بالانقلاب وقد أمن على ذلك الجميع، ولما طبع الكتاب العام الماضي كنا كلنا قد سمعنا وحفظنا جملا أمثال: "فتوادعنا، وذهبت إلى السجن بينما ذهب هو إلى القصر" برواية الدكتور الترابي، وأحاديث كثيرة برواية الفريق البشير. وخدمة للحقيقة والأجيال الآتية التي لم تسمع، كان من واجب الكاتب أو الناشر إضافة هامش يبين أن تلك القراءة ناقضتها الأيام في مخاضها بالجديد.
    ولم يكن الحال كيومنا هذا الذي يصح فيه أن يقال لمعارض متشبث بالبندقية أنت تتمسك بذاتك أكثر من وطنك. ذلك أن النظام كان هو الذي يصر مستكبرا ويرفض جميع النداءات التي وجهت إليه من مختلف القوى التي كانت تستبطن رؤية شبيهة برؤية الدكتور في الشفقة على الوطن من المواجهة والطحان لأنه وكما يقول المثل النيجيري: إذا تقاتلت الأفيال فإن الحشائش هي الخاسر الوحيد. وشهيرة مذكرة الصادق المهدي رئيس الوزراء المنتخب والتي وجدوه مزمعا تقديمها حينما قبضوا عليه في 7 يوليو 1989، تقول للعميد البشير: هكذا نشأت بيننا وبينكم مواجهة ومعكم القوة ومعنا الحق، وتناشده أن يتخلى الجميع عن لغة المواجهة والعنف وأن يحكم البلاد ببرنامج قومي ويتجاوز محنها ويوصلها لبر السلام والأمان والحكم الديمقراطي.. فما ألقى لها النظام بالا. ثم مذكرة التجمع الوطني الديمقراطي من جميع القوى السياسية المعتقلة بكوبر في 21 أكتوبر 1989، تطلق مبادرة شبيهة بما دعا له الدكتور من نبذ المواجهة والعنف، وما عدها النظام إلا كنبح كلب ضال في إثر عربته الماضية القاصدة. وتتالت الدعوات والصيحات من مختلف المنابر. هيئة شئون الأنصار مثلا كانت تطلق هذه الدعوة في كل جمعة، ويعتلي صاحب عهدها المنابر كل عيد، وما صمتوا أبدا من الدعوة إلى حل سلمي قومي ديمقراطي يقي البلاد شر المواجهات، وأثمرت في ذلك أدبا عريضا وصكت مفاهيم متداولة مثل "الجهاد المدني" والحل القومي السلمي و و.. ولا حياة لمن تنادي، بل لقد قال قائلهم أنه لا يفل الحديد إلا الحديد، وأننا استلمنا هذه البلاد بقوة السلاح.. ولا نسمع إلا قعقعته. ألم يسمع الدكتور أن الذي كان يصر ويستكبر بعد عام من الإنقاذ لم تكن المعارضة، بل كان محط رجائه "النظام"؟. وهذا يفسر لماذا لم تثمر مبادرته شيئا بل ظلت حبيسة أضابيرها برغم ثقته في النظام، وابتلعتها كما ابتلعت غيرها من الدعوات رمال النظام المتحركة.. والحسرة في "فتح" النظام لدعوة د. إبراهيم كان يجب أن تعلمه مدى صلف النظام حينها ولامبالاته بأطروحة معاناة الوطن وضرورة الجلوس للحل.
    وحينما كتب الدكتور مقاله الثاني –أي عام 1997- كانت لغة النظام قد تغيرت بسبب الضغوط الداخلية والخارجية عليه، فقبل ببعض التنازلات على صعيد المفاوضات التي ترعاها الإيقاد، وعقد اتفاقية الخرطوم للسلام، ثم وفي مطلع العام التالي –أي عام 1998- أجاز دستوره الذي احتوى على شكل من أشكال التعددية السياسية سماه "التوالي" بعد كفران بها.. في ذلك الوقت كان النظام يتحول، أكانت تلك مساحيق، وقشور؟ أم كان تغيرا حقيقيا؟ اختلف الناس ولكن الثابت أن اللغة تغيرت شيئا ما. ولكن النظام حتى وقتها لم يسع للجلوس مع المعارضين وبحث حلول الوطن برغم أن بعض أولئك كانوا يحبذون الحل السلمي الديمقراطي على العنف والمواجهات. وقد تسبب تفضيل الحلول السلمية بالنسبة لحزب الأمة –مثلا- إلى تحول تام في التكتيكات والقواعد أول ما انفتحت مساحة للحوار وللعمل من الداخل بأي هامش –ولو ضيق- من الحرية. وكان بعض المعارضين بالخارج يقولون لهم "هرولتم" فيقولون: نهرول، نهرول من أجل الوطن. وكرر رئيس الحزب رده على المتسائلين عن ضمانات أننا لا نملك ضمانا إلا قوة مدنا الشعبي الذي جئنا لتحريكه، وإذا سألتمونا فإننا نفضل شبر حرية داخل السودان على ميل خارجه. وأخلص من كل هذا لأن النظام كان هو من يحتاج التعنيف في عدم قبول مبادرة الكاتب حتى ذلك الوقت.
    وحينما طبع الكتاب –أي عام 2001م- كانت الخارطة السياسية قد تغيرت بفضل تغيير النظام للهجته وتقديمه لبعض التنازلات في الحرية الصحافية وهامش الحركة للأحزاب وتوقيعه لنداء الوطن مع حزب الأمة في 1999م، وقبوله بمبادئ المبادرة المشتركة التي إذا نفذت فستؤدي إلى ما دعا له الدكتور من "تلاشي النظام". ولكن مقدمة الكتاب لم تشر لكل تلك التغيرات مع الزمن، كأن الحال ظل ستاتيكيا ساكنا في محله. ولهذا فحينما قال الكاتب في معرض تعقيبه على القراءة النقدية أن أطروحته تلك قد صمدت حتى الآن لم يكن ذلك التعليق واعيا بفعل الزمن!.. فإن كانت الأطروحة قد صمدت، فإن ذلك ليس لأن قراءة الدكتور عن النظام والمعارضة صحيحة، بل لأنه الآن فقط آن أوانها، بعد أن وعى النظام درس المعارضة بعد كثير من التكرار الذي هو في قول تهكمي "يعلم الشطار"!. وختام هذه الفقرة قولي أن دعوة الكاتب لم تكن في أوانها وإن نشرت في أوانها.. وهذا هو السبب الذي جعلها تبدو وكأنها صمدت مع الزمان..‍ لم يكن الرداء الذي ألقاه الدكتور على النظام في ذلك الوقت مقاسه، ولكنه جرب التمارين -العدو تدفعه المعارضة من الداخل والخارج- وصام عن الطعام "الشعارات الرنانة" بفعل التجربة.. ثم صار الرداء الآن مقاسه أو كاد!.
    بين التبكيت والإشادة: لقد قدم العديد من الحاضرين للقراءة النقدية قراءات مفيدة مادحة أو قادحة في الأطروحة، وأركز هنا على قراءة د. محمد نوري الأمين والتي تتبعت الكتاب صفحة صفحة عارضة ومعلقة وناقدة وإن كان الوقت لم يسمح للأمين بتغطية كل المحاور التي بحوزته، وأهم ما لفت فيها نظري ثلاثة أشياء: الأول حديثه عن أن قراءة إبراهيم لم تسبر غور حركة 30 يونيو وتدرك حقيقتها ببرهان الأيام، والثاني تأكيده على أن الكاتب لا يدين الانقلاب مبدئيا. أما الثالث فهو روح حديث د. نوري في مقابل حديث دكتور عبد الله.
    كان دكتور عبد الله في حديثه عن مزاج المثقفين التبكيتي، في مقال له منشور بكتابه عبير الأمكنة، يصك نهجا في التعامل مع المؤسسات الوطنية يجب ألا ينبني على الإشادة المحضة ولا على التبكيت المحض، وعنوان مقاله عن الإذاعة السودانية في عيدها الأربعين جاء فيه: لا هي عصفور يغرد ولا هي ذبابة تطن، ولكنها سنوات خصيبة.
    وهنا نواجه المعضلة. فإبراهيم قد نما مع الزمن مزاجا تصالحيا، واعترف بأنه رغم اختلافه الأيديولوجي مع النظام المايوي ومصالحيه في الجبهة الوطنية 1977م كان يجد نفسه متصالحا مع تلك الخطوة.. نعم، فهو ينبذ العنف ولا يحب المواجهات، وهذه كلها مشاعر محمودة.
    ولكن، هناك شيء آخر.. فإبراهيم أيضا متصالح مع الواقع برغم منشئه اليساري بل ربما بذلك السبب أصابته عقدة ذنب تجاه مناطحة الواقع وصار أمام صراع مشروعيتي الفكرة والواقع يميل للثانية في مناح كثيرة.
    وهو دائما متعاطف مع النظرات الخاصة، يرى لها مشروعيتها، وفي كثير من الأحيان لا يكلف نفسه عناء البحث عن نظرة الطرف الآخر- وقد أشرت لشيء من هذا سابقا- ولكننا الآن بصدد تحليل موقف إبراهيم العجيب من نظام الإنقاذ.
    لقد اتخذ إبراهيم "الإنقاذ" المؤسسة الوطنية التي يجب أن نعاملها برأفة، ولا نعنف عليها. وعد كل المعارضين "مبكتين" وحسب.. وهو عنيف جدا تجاه التبكيت.. جدا. ولم يلحظ أنه بذلك بكت فيما يتعلق بالمعارضة واتخذ ديدنه فيما بينها بيت مظفر النواب: لا أستثني أحدا.. مع أن النواب استثنى برغم بيته الشعري كثيرين: ولكن إبراهيم استثنى فقط النظام.
    دكتور الأمين في المقابل عد المعارضة وأحزابها هي المؤسسات الوطنية التي يجب ألا نغمطها دورها وأن نتعاطف معها وأن نعلم ما فعلته لتتطور وما لم تفعله لتفعله.. وعد دكتور إبراهيم مبكتا في حديثه عن المعارضة، وقد كان كذلك.
    كانت الصورة ماثلة أمامي.. وسؤالي البسيط الذي ينتصر لقراءة الأمين في وجه قراءة إبراهيم: ما الذي جعل الإنقاذ هي "الفيلم" وما عداها "المناظر"؟ إنه الانقلاب.. انقلاب دفعت فيه البلاد ثمنا باهظا جدا.. أهذا هو جواز مرورها أن تكون وما سواها لا يكون؟ هلا حوكمت الإنقاذ كحزب من بين تلك الأحزاب؟ ألن يكون الحكم عليها، ومن أكثر الأحكام شدة ورهقا؟.
    يقول الدكتور إبراهيم أنهم دربوا على الحكم دربة لا يملكها سواهم. أي دربة؟ تلك التي ندفع ثمنها ترديا في كل صعيد الآن؟ وبأي ثمن؟ وكل ملفات الدربة تلك محجوبة، وبأي طريقة؟ ووسائل التصعيد للمتدربين يجب أن تكون قومية موضوعية مرصودة.. إن الحديث عن دربة الإنقاذ ورجالها وقدرتهم وهذه الكلمات من أعاجيب "أكابر الأمور" التي يهتم بها هنا الدكتور.. خاصة إذا اطلعنا على أقاويل أهل الدربة أنفسهم في شهادات متفرقة عن نتاج تلك الدربة، وعلى قمة تلك الشهادات شهادة الدكتور الترابي التي لها ولا شك وزن كبير: فهي كما قيل بمثابة حديث لينين عن الثورة البلشفية.. فكيف تجوز تلك الدقة والسداد فيما سماه بالسياسة العادية، وهذا الخطل فيما يتعلق بما سماه سياسة الطغم؟ ولماذا تنزيه الإنقاذ من تلك الطغم؟.
    تبرئة الذمة.. هل الوعاء فارغ؟
    كان من بين من داخلوا في القراءة النقدية المثقف الشاب "طارق المادح" المهتم بمسألة المثقف وعلاقته بالسلطة وضرورة بقائه في درجة علاقة تحفظ حيويته فلا يندرج في الأحزاب السياسية ولا يبتعد عن الهم العام، مناقضا في ذلك مداخلة الأستاذ عبد الرسول النور الذي انتقد مجافاة المثقفين للأحزاب الكبيرة ودعا لانخراطهم فيها بدلا عن التنظير من الخارج، يؤيده في ذلك حقيقة أن السياسة حقل معرفي وعملي راجع التطبيق والتجربة فيه له أهمية كبرى، وتنطبق فيه أكثر حكمة "الفي البر عوام".
    دافع المادح عن رؤية الدكتور عبد الله علي إبراهيم في الاستقلال بالرأي، باعتبار نهجه هو المطلوب من المثقف، وأن يقوم على تعرية الواقع في تبرئة للذمة. وقد أضاف دكتور إبراهيم على مفهوم التبرئة عبارات أن يكون المثقف شاهدا على عصره، وأن يكون شجاعا يتحمل وحشة وسوء ظن وملاحقات الآخرين. ومع نبذه للمعارضة وأساليبها فإنه دعا لما سماه معارضة الكاتب، والذي عليه أن يلسع ويستمر يلسع بلا نهاية.. كل هذا تبرئة للذمة.
    وكلما تكلم الدكتور إبراهيم عن اللسع وعن تبرئة الذمة، كلما تذكرت التبكيت.. وما سماه من قبل مزاج المثقفين التبكيتي. وتساءلت: هل تقوم الأمم على اللسع أم على الدفع؟.
    إنك إن جلدت الحمار بكرباجك فقد يتحرك للأمام، وإن فعلت ذلك لإنسان فقد يقضي عمره كله يفكر كيف يرد لك الصاع صاعين، ولكنك لو بينت له مصلحته في التحرك ومضيعته في السكون بصورة لا تستفز مشاعره أو تحتقر إنسانيته ..ربما تحرك. فهل الأمم في عقليتها حمران أم غير ذلك؟
    وهل نحتاج للكاتب الذي يلسع أو للكاتب الذي يدفع؟
    يقول صديقي الصحافي الشاب "خالد عويس"- وهو صديق لم ألتقه إلا عبر الأثير- أن السودانيين الآن محتاجون للصدمة، ولهذا فسيظل يكتب في شكل صدمات للإفاقة من هذا السبات..
    وكل هذه الخواطر تجوس برأسي لأعلن الحيرة؟ هل فعلا ما نحتاجه هو تلك اللسعات والصدمات؟
    وقد درج مثقفونا على ذلك النهج منذ بدايتهم كأفندية، وكم تمايلوا لكل ما يسيء للبنى التقليدية في مجتمعهم أمثال قصيدة البنا الشهيرة: ( يا ذا الهلال عن الدنيا أو الدين) وقد جاء فيها
    والناس في القطر أشياء ملفقة فإن تحدث فعن ضعف وعن هون
    وهم الآن بمختلف مشاربهم يدعون للصدمة وللسع ولتبرئة الذمة بهذه الصورة التي إذا رأت وعاء مملوءا لنصفه قالت: هذا وعاء فارغ. والأفضل للبلد وللحقيقة أن نقول: هو وعاء نصفه فارغ ونصفه مليء..
    معارضة الكاتب
    ومن ضمن ما قاله دكتور إبراهيم عن معارضة الكاتب أنها لا تنخرط في النظام ولا توافق المعارضة في العنف ولا في تصيد العثرات للنظام والإعراض عن الاعتراف بأي شيء حميد يقوم به. وسؤالي هو، ما هو فرق هذه المعارضة عما سماه حزب الأمة: الطريق الثالث ودعا له الناس كلهم ليكونوا تحالفا شعبيا عريضا من أجل ما سماه الأجندة الوطنية التي تدعو للسلام والتحول الديمقراطي ونبذ العنف؟.
    الجيش والجهاد
    ومما تعرض له الكاتب في كتابه المعني وفي تعليقه كثيرا مسألة الجيش، فأسفر عن خلط رهيب بين أدب الجهاد ومشروعيته، وبين مبررات للتعاطف مع جيش يدافع عن وطن يذوي- وطن يتبدد، وطن بائخ، وكلها تعابير الدكتور.
    يجب ألا نخلط فقه الجهاد وهو فريضة لها مشروعيتها ولها شروطها ولها كيفيتها ولها مقاصدها في الدين، وبين ما سماه الدكتور نهاية السياسة وضرورة خطاب يجعل المقاتلين يلقون بأنفسهم للتهلكة بلا مبرر ظاهر وطني، فيما يقابل فعل المخدرات: الأفيون أو الكوكايين.. هذا فظيع.. وفي مقابله أشير لبعض الأدب "الجهادي" الذ يبث في أجهزة الإعلام على عهد الإنقاذ ويبشر بالشهادة كمفر من بؤس الحال: "أمس فارقنا الرفاق يمموا صوب اللحاق.. تركوا أرض النفاق!".‍ فالجهاد في الأول أفيون يجعل متعاطيه يتناسى بؤس واقعه، وفي الحالة الثانية سكين انتحار ليائس من الإصلاح.. ولكن الجهاد في حقيقته من الاثنين براء. إن أشد الجرائم قسوة على الأمم استباحة الكلمات لغير معانيها، كان هذا فحوى غضب كنفوشيوس في الصين القديمة داعيا للربط بين الكلمات ومدلولاتها.. ولا يوجد مسوغ ممكن تمريره عندي لإسباغ كلمة الجهاد على المجهود الحربي المبذول لحماية وطن باخ في عيون أبنائه الذين يحاربون بلا مبرر حقيقي أو قوة معنوية، كوسيلة لشحذ الحماسة الدينية. استخدام الكلمة بمدلولها الديني وبدون مراعاة شرائط الدين ومقاصده وتعاليمه، أومراعاة مدى إضرار هذه الخطوة بدعوة الدين في البلاد وفي العالم حين ربطه بالقهر في الحكم واضطهاد بقية الأديان، هو أكبر جريمة ارتكبتها الإنقاذ في حق الدين الإسلامي، ولكن الدكتور إبراهيم يرى ذلك من بين الخدمات الجليلة التي صنعتها الإنقاذ للعروبة والإسلام، إنها خدمة من باب خدمات "ستالين" في حق الشيوعية، إذ قدم مادة غزيرة من الاستبداد للتاريخ ولقلوب الشعوب السوفياتية اتخذتها زادها لسنين طويلة من الرفض والغضب، أطلت برأسها في "البرويسترويكا" فقلبت كل التصور الشيوعي رأسا على عقب. ولو كان حملة الشعار الإسلامي جميعا وقفوا خلف صف الإنقاذ فما كنا نقدر أن نتخيل له مصيرا مغايرا.. حمدا لله أن "الإنقاذ" وقفت وحدها أو تكاد، فكان إخفاقها في ذلك الخطاب مردودا عليها لا على الشعار الإسلامي بإطلاقه!.
    وأعجب من ذلك ما ذكره الدكتور من أن السودان جيش له بلد (وليس العكس صحيحا).. فأين هي سطوة هذا الجيش الذي نحن بلده؟ والمعروف أن المجتمع السوداني (وهو جزء من البلد) أقوى من الدولة السودانية (والجيش جزءا منها). هكذا شكت كل الدول التي حكمت السودان من لدن التركية السابقة (التي فيها وجد السودان بحدوده الحالية لأول مرة)، للمهدية (التي طالما حاولت أن تجعل المجتمع يتبع للدولة) للتركية اللاحقة (بتعبير أهلي من الأنصار) والتي حاولت الالتفاف على السودانيين بشتى الوسائل فوجدتهم يوحدون كلمتهم ضدها وحول تقرير المصير.. كل من حكم السودان شكا من أن أقوامه صعب الإحاطة بهم: فكبر الرقعة الجغرافية، وتعدد الولاءات والتكوينات التقليدية، وسهولة انتشار الأفكار العقدية.. كل ذلك جعل المجتمع أقوى من الدولة، ومن الجيش الذي هو طرف فيها وحسب.. ولكي يتم اقناعنا هكذا ونقض هذه المسلمة لا بد أن يبذل إبراهيم جهدا أكبر.‍
    إلى هذه النقطة أبتر خواطري بشأن القراءة المفيدة والممتعة لكتاب دكتور عبد الله علي إبراهيم "الإرهاق الخلاق" التي نظمها رواق الكتاب في مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم.. وأشكر قارئي أن وصل لهذا السطر الأخير رغم كل المغالطات أعلاه. ولجج الاستنكار‍.

    (عدل بواسطة رباح الصادق on 05-11-2003, 09:49 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق رباح الصادق05-11-03, 09:33 PM
  Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق رباح الصادق05-11-03, 09:36 PM
  Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق رباح الصادق05-11-03, 09:39 PM
    Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق ebrahim_ali05-12-03, 09:55 AM
  Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق sentimental05-12-03, 10:01 AM
  Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق رباح الصادق05-12-03, 02:20 PM
    Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق Adil Osman05-12-03, 06:45 PM
      Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق ودرملية05-12-03, 10:00 PM
      Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق رباح الصادق05-14-03, 10:42 AM
        Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق رباح الصادق05-14-03, 11:37 AM
  Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق lana mahdi05-13-03, 02:16 PM
  Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق omdurmani05-14-03, 02:34 AM
  Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق رباح الصادق05-14-03, 11:23 AM
    Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق أبنوسة05-18-03, 11:52 AM
      Re: معاينة في اللوحة الإبراهيمية عبر كوة القراءة النقدية للإرهاق الخلاق ebrahim_ali05-24-03, 05:42 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de