كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 01:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة اشرف مصطفي(ASHRAF MUSTAFA)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-13-2010, 02:41 PM

ASHRAF MUSTAFA
<aASHRAF MUSTAFA
تاريخ التسجيل: 08-04-2008
مجموع المشاركات: 11543

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ (Re: ASHRAF MUSTAFA)

    Quote: عذاب القبر على من مات محترقاً

    السؤال فضيلة الشيخ: كما تعلمون في بعض البلاد يحرقون الموتى، فكيف يعذب الموتى الذين حرقوا في القبر، و كيف يشعرون بضيق القبر، وكيف ينعموا أو يعذبوا إذا لم يدفنوا؟ وشكرا.

    الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:

    فقد تواترت الأحاديث النبوية الصحيحة في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلاً، ويجب التصديق بذلك، ولا نتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، فالمتعين علينا الانقياد والتسليم، فهؤلاء الذين حرقوا بالنار ينالهم عذاب القبر إن كانوا مستحقين له، فعذاب القبر هو عذاب البرزخ، فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله نصيبه منه، قُبِر أو لم يُقبَر، حتى لو احترق وصار رماداً، فإنه يصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور، أعاذنا الله من عذاب القبر.

    والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



    Quote: كيف تنجو من عذاب القبر ؟

    الحمد لله الذي خلق فصور، ثم أمات فأقبر، ثم إذا شاء أنشر، والصلاة والسلام على خير البشر، وأشهد أن لا إله إلا الله الحي الذي لا يموت، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:

    فعذاب القبر حقٌّ واقع، ليس له من دون الله دافع، وهو يقع على الروح والبدن معاً بكيفية لا يعلمها إلا الله - تعالى -، وبصورة لا يمكن الإحاطة بها، فهي غيب محجوب عن الأنظار متواري عن الأبصار، يقع على من كتبه الله عليه من الكفار وبعض عصاة المسلين إلى ما شاء الله، وهو يقع عليهم سواء قبروا أم لم يقبروا، ولو أكلتهم السباع، أو مزقتهم الحيتان، أو تخطفتهم الطير، أو ذرتهم الرياح، أو أكلتهم النيران!

    والواجب المتحتم على كل مسلم أن يؤمن به، ويحذر منه، ويبتعد عن أسبابه، ولا يتكلَّف في معرفته أو الوصول إلى كنهه، أو التخيل له، فهو غيب لا يرى، ومن أعظم صفات المؤمنين أنهم يؤمنون بالغيب ولا يتكلفون في معرفة حقيقته.

    والأدلة من كتاب الله - تعالى -، ومن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - متوافرة متظافرة تدل عليه، وتخبر به، وتحذر منه، وتبين أسبابه، وموجبات العقوبة به ـ عياذا بالله منه.

    ومنها قول الله - تعالى -في سورة غافر : [وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - : " إذا مات الرجل عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فالجنة، وإن كان من أهل النار فالنار " (رواه مسلم وغيره)

    وعن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله ـ صلة الله عليه وسلم : " لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر " (رواه مسلم).

    و قد ندبنا الشارع إلى كثرة التعوذ بالله منه في مطلق دعواتنا وفي آخر صلاتنا، فنعوذ بالله منه.

    أما أسباب النجاة من عذاب القبر فكثيرة، جمعت لك جملة منها، عسى الله أن ينفعني وإياك بها.

    فمنها : الصدقة والإنفاق في سبيل الله - تعالى - في وجوه الخير :

    فعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الصدقة لتطفىء عن أهلها حرَّ القبور، وإنما يستظلُّ المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته " (أخرجه أحمد، انظر : صحيح الترغيب 1/519 ـ 865)

    ومنها : جملة من الأعمال الصالحة التي تتصور في القبر بأجمل منظر وأطيب ريح وأكمل صورة لتؤنس العبد المؤمن في قبره إلى يوم نشره وحشره قال - تعالى -: [ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون] قال مجاهد : في القبر.

    وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنَّ الميت إذا وضع في قبره؛ إنَّه ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه، فإن كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن شماله، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه.

    فيؤتى من قِبَلِ رأسه، فتقول الصلاة : ما قِبَلي مدخل، ثم يؤتى عن يمينه، فيقول الصيام : ما قبلي مدخل، ثم يؤتى عن يساره، فتقول الزكاة : ما قبلي مدخل، ثم يؤتى من قبل رجليه، فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس : ما قبلي مدخل " أحكام الجنائز (272) وصحيح موارد الظمآن (650)

    وفي رواية، قال : " يؤتى الرجل في قبره، فإذا أتي من قبل رأسه دفعته تلاوة القرآن، وإذا أتي من قبل يديه دفعته الصدقة، وإذا أتي من قبل رجليه دفعه مشيه إلى المساجد " صحيح الترغيب والترهيب (3561).

    ومنها : الموت مرابطاً في سبيل الله على ثغور المسلمين يدفع عنهم صولة الغادر وجولة الكافر :

    فعن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - : " رباط يوم وليلة كصيام شهر وقيامه، وإن مات أجري عليه عمله، وأمن الفتَّان " أي : فتنة القبر. رواه مسلم .

    وفي رواية، قال : " كلُّ ميت يختم له عمله إلا المرابط فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن من فتَّان القبر "

    رواه أبو داود والحاكم

    ومنها : الشهادة في سبيل الله - تعالى -: فعن قيس الجذامي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن للقتيل عند الله ست خصال : يغفر له خطيئته في أول دفقة من دمه، ويُجار من عذاب القبر، ويُحلَّى حلَّة الكرامة، ويرى مقعده من الجنة، ويؤمَّن من الفزع الأكبر، ويزوج من الحور العين " وكفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة!

    ومنها : الموت يوم الجمعة أو ليلتها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وليس كل من مات في هذا اليوم ينجو :

    فعن ابن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من مسلمٍ يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلاَّ وقاه الله فتنة القبر ". رواه الترمذي وأحمد، وهو حسن لغيره.

    ومنها : سورة الملك المنجية : فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: يؤتى الرجل في قبره، فتؤتى رجلاه، فتقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل؛ كان يقرأ عليَّ سورة الملك، ثم يؤتى من قبل صدره، أو قال: بطنه، فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل، كان أوعى فيَّ سورة الملك، ثم يؤتى من قبل رأسه، فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل، كان يقرأ بي سورة الملك، في المانعة، تمنع عذاب القبر، وهي في التوراة سورة الملك، من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب " (صحيح الترغيب والترهيب 1475 وهو؛ حسن)

    وهو في النسائي بلفظ : " من قرأ [تبارك الذي بيده الملك] كل ليلة؛ منعه الله - عز وجل - بها من عذاب القبر.

    وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن سورةً في القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غُفر له، وهي : [تبارك الذي بيده الملك] " (صحيح سنن أبي داود 1265).

    ومنها :كثرة الاستعاذة بالله منه، فإنه لا ينجي منه إلا الله - تعالى -، وهو على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، نعم المولى ونعم النصير!!





    Quote: من أحوال الناس بعد الموت

    هل قرأت حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي فيه وصف لمرحلة البرزخ التي ما من أحد إلا وسيمر بها وهذا الحديث أيضاً قد انتظم فيه جميع أفراد الناس: المؤمن والكافر، والحر والعبد.

    اقرأ واعتبر أخي في الله.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، أما بعد:

    فهذا بيان حال سائر الناس عند نزوع الروح وفي القبور نسأل الله العافية والسلامة:

    جاء بيان هذه الحال في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الحديث فيه وصف لمرحلة البرزخ التي ما من أحد إلا وسيمر بها، وهذا الحديث أيضاً قد انتظم فيه جميع أفراد الناس: المؤمن والكافر، والحر والعبد.

    وفيما يلي أورد نص الحديث كما ذكره الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -، حيث عني بجمع طرقه ورواياته وألفاظه، فمن شاء تفصيل هذه الأمور فليرجع إليه في كتاب: (أحكام الجنائز).

    وإليكم أخوتي في الله نص الحديث: عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قـال: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من ا لأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة، وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكث في الأرض، فجعل ينظر إلى السماء وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثاً، فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثاً، ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ثلاثاً، ثم قال: (أن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت - عليه السلام - حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس المطمئنة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها، وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط فذلك قوله - تعالى -: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ)(الأنعام: من الآية61).

    ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، قال: فيصعدون بها فلا يمرون - يعني بها - على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمون بها في الدنيا، حتى ينتهوا إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى تنتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله - عز وجل - اكتبوا كتاب عبدي في عليين ((وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ. كِتَابٌ مَرْقُومٌ. يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ)) (المطففين:19_21).

    فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال: أعيدوه إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فيرد إلى الأرض، وتعاد روحه في جسده، قال: فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولو عنه مدبرين، فيأتيه ملكان شديد الانتهار فينتهرانه ويجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقولان له: وما عملك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينتهره فيقول: من ربك؟ ما دينك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن فذلك حين يقول الله - عز وجل -: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)(إبراهيم:27) فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فينادي منادٍ في السماء: أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا عليه باباً إلى الجنة.

    قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، قال: ويأتيه وفي رواية: يمثل له رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، أبشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: وأنت فبشرك الله بخير، من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، فوالله ما علمتك إلا كنت سريعاً في طاعة الله، بطيئاً في معصية الله، فجزاك الله خيراً.

    ثم يفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت الله، أبدلك الله به هذا، فإذا رأى ما في الجنة قال: رب عجل قيام الساعة كيما أرجع إلى أهلي ومالي فيقال له: اسكن.

    قال: وإن العبد الكافر (وفي رواية: الفاجر) إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة غلاظ شداد، سود الوجوه، معهم المسوح من النار، فيجلسون منه مد البصر.

    ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبلول، فتقطع معها العروق والعصب، فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وتغلق أبواب السماء ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاط))(لأعراف: من الآية40)، فيقول الله - عز وجل -: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتطرح روحه من السماء طرحاً حتى تقع في جسده ثم قرأ: ((وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ))(الحج: من الآية31).

    فتعاد روحه في جسده قال: فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه، ويأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه، هاه لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه، هاه لا أدري، فيقولان له: فما في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فلا يهتدي لاسمه فيقال: محمد، فيقول: هاه، هاه لا أدري سمعت الناس يقولون ذاك! قال: فيقال: لا دَرَيت ولا تَلَوت فينادي مناد من السماء أن كذب، فافرشوا له من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه وفي رواية: ويمثل له رجل قبيح الوجه قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: وأنت فبشرك الله بالشر من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث فوالله ما علمتك إلا كنت بطيئاً عن طاعة الله سريعاً على معصية الله، فجزاك الله شراً.

    ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان تراباً فيضربه ضربةً حتى يصير بها تراباً، ثم يعيده الله كما كان فيضربه ضربةً أخرى فيصيح صيحةً يسمعه كل شيء إلا الثقلين، ثم يفتح له باب من النار، ويمهد من فراش النار، فيقول: (رب لا تقم الساعة). [صحيح رواه جمع من الأئمة].

    فانظر يا أخي إلى حال الكفار والفجار في تلك الساعة.

    إنهم يعانون الأهوال الفظيعة والكرب الشنيعة حال الاحتضار قال الله - عز وجل -: ((وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ))(الأنعام: من الآية93)، وفي هذا دليل على عذاب البرزخ ونعيمه فإن هذا الخطاب والعذاب الموجه إليهم إنما هو عند الاحتضار، وقبيل الموت وبعده، وفيه دليل على أن الروح جسم يدخل ويخرج، ويخاطب ويساكن الجسد، ويفارقه فهذه حالهم عند البرزخ.

    وهذا كقول الله - تعالى-: (( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ))(لأنفال:50)، وثبت في حديث البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ملك الموت إذا جاء الكافر عند احتضاره يجيئه ومعه ملائكة غلاظ شداد سود الوجوه، ويقال لروحه: (اخرجي أيتها النفس الخبيثة إلى سموم وحميم، وظل من يحموم، فتتفرق في بدنه، فيستخرجونها كما يستخرج السفود من الصوف المبلول، فتخرج معها العروق والعصب).

    كما أن لهم الذلة والهوان والفزع عند البعث والنشور:

    قال الله - تعالى - مبيناً حال الكفار عند خروجهم من القبور: (( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ . خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ))(المعارج:43،44)، فيخرجون من الأجداث: أي القبور سراعاً مجيبين لدعوة الداعي كأنهم إلى علم يؤمون ويقصدون، فلا يتمكنون من الاستعصاء على الداعي ولا الالتواء على نداء المنادي، بل يأتون أذلاء مقهورين بين يدي رب العالمين، ذلك الحال الذين هم عليهم هو ما وعدهم إياه ربهم - جل وعلا -، ولابد من الوفاء بوعد الله - تعالى -.

    ثم تأمل مقدار الفزع الذي يسيطر على نفوس الكفار في يوم الموقف العظيم إذ يقول ربنا - جل وعلا -: ((وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ))(غافر:18)، ويوم الآزفة: أسم من أسماء يوم القيامة، وسميت بذلك لاقترابها كما قال - تعالى -: (( أَزِفَتِ الْآزِفَةُ. لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ))(لنجم:57،58).

    وقوله: (( إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ))(غافر: من الآية18) أي وقفت القلوب في الحناجر فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها، ومعنى كاظمين: أي ساكتين لا يتكلم أحد إلا بإذنه، وقيل: باكين يؤتى بهم مربوطين بالأغلال والسلاسل، ويسربلون بالقطران، وتغشى وجوههم النار، كما قال - تعالى -: (( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ. سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ))(إبراهيم:48 - 50).

    وفي ذلك اليوم يوقن الكفار أن ذنبهم غير مغفور، وعذرهم غير مقبول، فييأسوا من رحمة الله قال - تعالى -: (( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ))(الروم:12)، ويتمنى المجرمون أن يعودوا ويرجعوا إلى الدنيا ليكونوا من المؤمنين المتقين فيعملوا الصالحات، ولكن ولات حين مناص، ويبلغ الأمر أنهم يتمنون أن يكونوا تراباً لشدة ما يرون من العذاب والنكال قال الله - تعالى -: (( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً ))(النساء:42)، وقال - تعالى -: (( وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً ))(النبأ: من الآية40)، فهذا هو حال الكفار والعياذ بالله، وفي المقابل حال الأتقياء الذين قال الله - تعالى - عنهم: (( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ. نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ))(فصلت: 30-32).

    قال الإمام البغوي - رحمه الله -: (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) قال ابن عباس: عند الموت، وقال قتادة ومقاتل: إذا قاموا من قبورهم، قال وكيع بن الجراح: البشرى تكون في ثلاث مواطن: عند الموت، وفي القبر، وعند البعث.

    وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: (( نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ )) أي تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار: نحن كنا أولياؤكم، أي: قرناءكم في الحياة الدنيا، نسددكم ونوفقكم ونحفظكم بأمر الله، وكذلك نكون معكم في الآخرة، نؤنس منكم الوحشة في القبور، وعند النفخة في الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور، ونجاوز بكم الصراط المستقيم إلى جنات النعيم.

    فبعد أن تقبض روح المؤمن وتخرج الروح إلى بارئها نجد أن القرآن يخبرنا عن حال السعداء المؤمنين حين يساقون على النجائب وفداً إلى الجنة زمراً - أي جماعة بعد جماعة -، المقربون ثم الأبرار، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، كل طائفة مع من يناسبهم: الأنبياء مع الأنبياء، والصديقون مع أشكاله، والشهداء مع أضرابهم، والعلماء مع أقرانهم، وكل صنف مع صنف، وإذا وصلوا إلى أبواب الجنة بعد مجاوزة الصراط حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة.

    يتقلبون في نعيم مقيم مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

    أخي المسلم، أختي المسلمة:

    إن وصف نعيم الجنة وما أعده الله لعباده المؤمنين مما يطول وصفه ولا يوفى حقه قال - صلى الله عليه وسلم -: (قال الله - عز وجل -: أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم: (( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))(السجدة:17)) [ رواه البخاري ومسلم وغيرهما ].

    قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: وكيف يقدر قدر دار غرسها الله بيده، وجعلها مقراً لأحبابه، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه، ووصف نعيمها بالفوز العظيم، وملكها بالملك الكبير، وأودعها جميع الخير حذافيره، وطهرها من كل عيب وآفة ونقص.

    فانظر يا عبد الله مقامك، وتوهم مآلك ومن أي أولئك تكون فإن أعظم الخسارة خسارة أولئك الذين وصفهم الله - تعالى- بقوله: ((قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ))(الزمر: من الآية15)، وأعظم الفوز والفلاح هو فوز من قال الله - تعالى- عنه: (( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز ))(آل عمران: من الآية185).

    فيا عجباً ممن باع ما لا عين رأت، وما لا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بمتاع زائل، وصباب عيش إنما هو كأضغاث الأحلام، أو كطيف زار في المنام مشوب بالنغص، ممزوج بالغصص أحزانه كثيرة، أضعاف مسراته وبكائه كثير.

    واعجباً ممن الحظ الفاني الإنسان رخيص على الحظ الباقي النفيس، وممن باع جنة (( جَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ))(الحديد: من الآية21)، وباع نداء المنادي: (يا أهل الجنة إن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا، وتحيوا فلا تموتوا، وتقيموا فلا تظعنوا، وتشبوا فلا تهرموا) بغناء المغنين.

    فتذكر يا غافلاً عن الآخرة، وتفكر في الموت وما بعده، فكفى به قاطعاً للأمنيات، وحارماً للذات، ومفرقاً للجماعات.

    كيف والقدوم على عقبة كؤود، ولا يدرى المهبط بعدها إلى النار أم إلى الجنة، فاعمل على أن تلقى الله - عز وجل - وهو راض عنك غير غضبان، واعلم أن الخواتيم ميراث السوابق، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم، وبكى بعض الصحابة عند موته فسئل عن ذلك فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله - تعالى - قبض خلقه قبضتين، فقال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار) ولا أدري في أي القبضتين كنت.

    وقال بعض السلف: ما أبكى العيون ما أبكاها الكتاب السابق، وكان سفيان يشتد قلقه من السوابق والخواتم، فكل يبكي ويقول: أخاف أن أكون في أم الكتاب شقياً، ويبكي ويقول: أخاف أن أسلب الإيمان عند الموت.

    وكان مالك بن دينار يقوم طول ليله قابضاً على لحيته ويقول: يا رب قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار ففي أي الدارين منزل مالك، فهل فكرت مثلهم يوماً يا أخي الحبيب، وهل قلت قولهم؟ وهل بت ليلتك تبكي على حالك بعد الموت، وفي أي الفريقين أنت، افعل ذلك ولو مرة واحدة يجعلها الله في ميزان حسناتك.

    فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، وصرفها على طاعتك، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.




    Quote: كيف هي؟ أول ليلة في القبر

    أديت صلاة الفجر يوم الجمعة في بيت الله الحرام، وعقب الصلاة نُودي للصلاة على الأموات، وهذا الأمر من أكثر الأمور إثارة لمشاعري، ويُوقظ فؤادي، تساقطت دموعي الحارة، واختنقت العبرات في صدري، تذكرت حال هذا المتوفى، وأنه سيبيت هذه الليلة في قبره وحيداً فريداً.. تذكرت غفلتنا، وكيف أننا فتحنا على أنفسنا مباحات الدنيا وملذاتها.

    تذكرت جهلنا بالمصير وبالمــآل، وجهلنا بالحشر والنشر، وهول المطلع.

    تذكرت غفلتنا عن أحوال البرزخ، وسكرات الموت وشدتهــــا.

    نظرت إلى الناس، وتدبرت أحوالهم، فمنهم من يخطط لمستقبله، ومنهم من يعد لسفره، ومنهم من شغل بدراسته، ومنهم.. ومنهم.. أما تلك الحفرة فليس هناك من يخطط لها ـ إلا من رحم ربي ـ وقليل ما هم في عصر عمد فيه الطغاة المستبدون إلى أن يشربونا الذل، فأماتوا الهمم، وخمدوا الحمية، حتى تحولت شبل الأسد إلى ظباء.

    نظرت إلى النساء فإذا من انغماس في الترف، على استسلام للشهوات، إلى جري وراء الموضات تصاغرت هممهن، فلم ينشغلن إلا بسفاسف الأمور ومحقراتها.

    عدت إلى نفسي فتذكرت القبر ثانية، تلك الحفرة الضيقة المظلمة، سأنزل فيها رغم أنفي شئت أم أبيت لن أستطيع أن أمانع في ذلك الأمر، لأنه أمر الله في، ولا راد لقضائه وأمره، فكرت " لو كان لدي حديقة في منزلي، لحفرت بها حفرة مماثلة، أضطجع فيها كلما رأيت من نفسي تقصيرا، ولهوا، عسى أن تتوب، فيخرج ما فيها من خبث وغش، وتشفى من أمراض فتورها.. تمنيت أن يُسمح لي بالوقوف على قبر فأرى ساعة نزول الميت فيه فيغير ذلك من حالي.

    تذكرت (منكراً ونكير) اللذان وصفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنهما أسودان أزرقان، أصواتهما كالرعد، وبأيديهما مطرقة من حديد، كيف بي إذا أقعداني واستجوباني؛ تأملت في نفسي فإذا أنا ذات قلب رقيق لا يقوى على رؤية المصابين من المسلمين، لا أصبر على رؤية الجرحى والمنكوبين، وأصحاب الحوادث والعاهات، هاأنا يقشعر بدني لرؤية حشرة صغيرة، لأن شكلها غريب..

    هانحن إذا أصبنا بمرض أو ألم، فارقنا النوم، وضاقت النفس، وحل الاكتئاب، كيف بي لو سُلط على العذاب في قبري، أو سحبتني ملائكة العذاب إلى النار، وما ربك بظلام للعبيد.

    ـ عرفت الآن يا حبيب الله محمد (عليك صلاة الله وسلامه) لماذا قلت: (لوددت أني شجرة تعضد).

    ـ علمت الآن يا أبا بكر (الصديق) رضي الله عنك وأرضاك لماذا بكيت عندما رأيت الحمامة.. لأن ليس عليها جزاء ولا حساب.

    ـ تيقنت الآن يا عمر (الفاروق) رضوان الله عليك، لم كان في خديك خطان أسودان من كثرة البكاء.

    ـ تبصرت الآن يا عبد الله بن عباس (يا حبر الأمة) لم كان أسفل عينيك مثل الشراك البالي من كثرة الدموع.

    ـ الآن رق قلبي لكلامك يا علي بن أبي طالب رضي الله عنك وأرضاك وقد علاك كآبة وأنت تقلب يدك وتقول:

    (لقد رأيت أصحاب رسول الله، فلم أر شيئاً يشبههم، لقد يصبحون شعثاً، صفراً، غبراً، بين أعينهم

    أمثال ركب المعزى، وقد باتوا سجداً، وقياماً يتلون كتاب اللــه... وهملت أعينهم بالــــدموع حتى تُبل ثيابهم، والله فكأني بالقوم باتوا غـــــافلين، ثم قام رضوان الله عليه، فما رؤي بعد ذلك ضاحكاً حتى ضربه ابن ملجم).

    صلاة اللــه وسلامه عليك يا حبيب اللــه وعلى صحبك الأطهــار تسليمــاً كثيرا ـ فلقد كنتم تعيشون في عصر يسوده التواصي بالحق، أما نحن فقد تأثرنـا من حيث لا نريد بمسمـوعِِِِِ ومنظـور، ألقتهـا علينا جميع أجناس الشياطين، فخذلت هممــنا، وأطفـأت أنوار بصائرنا، وشلت طاقاتنــا ـ إلا من رحم ربي ـ فكما قيل: (من المشاهد أن المـــاء والهواء يُفسدان بمجاورة الجيفــة، فما الظن بالنفوس البشريــة)

    أقول لنفسي ولأمثالي:

    واحســرتا تقضى العـمــر وانصــرمت *** ساعــاتـــه بين ذل العجـــز والكســــل

    والقوم قــد أخــذوا درب النجــاة وقــــد *** ســــاروا إلى المطلب الأعلى على مهل

    لكن هناك فرج بإذن اللــه ـ تلك آيــة عظيمة في كتاب اللـــــه تبعث الأمــــل في رحمتك يا أرحم الراحمين:

    (قل يا عبادي الذين أسرفـوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمــة اللــه إن اللــه يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم)

    وهناك حديث يبعث الأمان في النفوس الضعيفة: يرويه الحبيب عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم:

    (إن الله كتب على نفسه بنفسه قبل أن يخلق الخلق " إن رحمتي سبقت غضبي " متفق عليه

    اللهم إن نتوسل إليك بإيماننا (الذين يقولون ربنا إننا آمنــا فاغفر لنا ذنوبنا وقنـــا عذاب النار)

    اللهم آمن روعاتنا، واستر عوراتنا، واجعلنا ممن تتلقاهم الملائكة يوم الفزع الأكبر ـ تفضلاً منك ومنة وإحسانا





    Quote: لو تكلم الموتى

    أن تتصور حال الموتى فهذا نوع من التذكر المحمود لموتٍ موعود، كما قرر ذلك ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - في صيد الخاطر حين قال: من أظرف الأشياء إفاقة المحتظر عند موته، فإنه ينتبه إنتباهاً لا يوصف، ويقلق قلقاً لا يحد، ويتلهف على زمانه الماضي، ويود لو تُرك كي يتدارك ما فاته، ويصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت، ويكاد يقتل نفسه قبل موتها بالأسف، ولو وجد ذرة من تلك الأحوال في أوان العافية حصل له كل مقصود من العمل بالتقوى، فالعاقل من مثّل تلك الساعة وعمل بمقتضى ذلك، فإن لم يتهيأ له تصوير ذلك على حقيقته تخايله على قدر يقظته، فإنه يكف الهوى ويبعث على الجد؛ لنعش لحظات مع هذا التذكر على منهج ابن الجوزي - رحمه الله - لحقيقة الموت في وقفات تسع.

    - الوقفة الأولى: يا ليت قومي يعلمون.

    - الوقفة الثانية: جار غير عزيز.

    - الوقفة الثالثة: ولقد جئتمونا فرادى.

    - الوقفة الرابعة: رفيقة الدرب.

    - الوقفة الخامسة: ذبول وردة.

    - الوقفة السادسة: في الاستراحة.

    - الوقفة السابعة: ألا لله الدين الخالص.

    - الوقفة الثامنة: هذه أموالي تقسم.

    - الوقفة التاسعة: معالم النجاة.

    تصور لو أن أهل القبور خرجوا من قبورهم، خرجوا بأكفان بالية، ووجوه مغبرة، خرجوا من سكون القبور وظلمتها إلى ضجيج الأرض وأضوائها، فركوا عيونهم، عركوا آذانهم، ثم انطلقوا في أنحاء المدينة أشباحاً مهيبة ليحدثونا عن هول ما رأوا، فماذا عساهم أن يقولوا بعد هول المطلع، وسؤال منكر ونكير، وحساب عسير، وكيف يا ترى سيكون حديث الأموات للأحياء.

    الوقفة الأول: يا ليت والدي يعلم.

    هذا فتى مات في ريعان شبابه، اختطفه الموت وهو أوسع الناس أملاً في العيش، وأكثرهم رجاءً في متاع الحياة الدنيا، مات على إسراف منه بالمعاصي، فماذا عساه أن يقول لأبيه المفرّط في تربيته لو لقيه في هذه الدنيا لعله أن يقول:

    يا أبت لقد رأيت ثمار ذنوبي وهي آثار تربيتك، رأيت هذه الثمار ناراً تلظى، وجحيماً لا يطاق، يا أبت لقد كنت في حياتي تُعنى كثيراً بلباسي ومأكلي ومشربي ولكنك لم تكن تُعنى بقلبي وروحي، لقد أهملتني في بداية مراهقتي فلم توجهني إلى أصدقاء صالحين، لم تكن تهتم بمن أصاحب من أقاربي وجيراني وزملاء دراستي، لقد كانت فترة التأثير المثالي هي ما بين سن السابعة إلى سن الخامسة عشر، وكنت تعلم وقتها يا أبت أن هذه المرحلة هي مرحلة تصويب الولد نحو الهدف الصحيح، كنتُ أنا السهم وكنتَ أنت اليد والقوس والوتر، في هذه المرحلة كنا يا أبت نتلقن كل شيء، ونحب كل شيء، ونستطلع كل شيء، في هذه المرحلة كنا نقلب أنواع الأصدقاء في معرض الدنيا العريض، أيهم ننتقي، وأيهم نقتني، وأيهم نصاحب، كنا في هذه المرحلة العجيبة عجينةً غضةً طيـّعة تستطيع توجيهنا الوجهة الصالحة، يا أبت لكنك كنت وقتها تقضي أكثر أيام أسبوعك في الاستراحة مع الأصدقاء أو مع الزملاء أو مع الأقارب، وفي مرات كنت تتابع تجاراتك التي لم تزد من سعادتك بل أحالت وجهك البشوش إلى صحراء من العبوس والغبرة والتشاؤم، لم تكن يا أبت تهتم باهتمامات مباحة، لذلك كُنت أبحث عنها عند أيّ أحد مهما كان مقصده في توفيرها لي، ثم إنك جعلت علاقتي بك كعلاقة مدير مؤسسة فاشل بمرؤوسيه، كانت علاقة الغطرسة والرسمية حتى أصاب علاقتي معك جفافاً وجفاءً وفجوة فلم أعد أقبل منك توجيهاً ولا نصيحة بسبب هذا الجفاء، ياأبت لو أنك جعلتني صديقاً من أصدقائك لكان تأثيرك فيّ أكبر، ولكنك كنت تعتبر هذه الصداقة مع أولادك ضرباً من التنازل الذي لا يليق برئيس مؤسسة محترمةٍ على حد زعمك، يا أبت لو كنت أستطيع أن أقول غفر الله لك إهمالك في تربيتي لفعلت، ولكنني حينما فارقت هذه الدنيا بذنوب ثقيلة فإنني لا أملك أن أستغفر لنفسي من ذنب واحد من ذنوبي فكيف بذنوب غيري، ولكنك أنت الذي لازلت في دار المُهلة وتستطيع أن تستغفر لي ولنفسك، يا أبت: إن تسببك في انحرافي لن يخفف عني شيئاً من العذاب الذي لقيته، ولكنني أدعوك إلى التوبة من إهمالك لي، وأدعوك إلى أن تتدارك الأمر مع بقية أخوتي قبل فوات الأوان، يا أبت تدارك نفسك بالتوبة، وتدارك إخواني بحسن التربية، فلعل صلاحهم أن يكون سبباً في نجاتي يوم الدين.

    الوقفة الثانية: جار غير عزيز:

    ولعل رجلاً من أهل هذه القبور أخذ يتهادى حتى وقف بباب جاره فلعله أن يعاتبه فيقول: جاري العزيز لقد كنت تطرق بابي فزعاً إذا رأيت الماء قد تسرب من الخزان العلوي حرصاً منك على مصلحتي، ولكنك لم تكن تنبهني على بعض أصدقاء السوء الذين يخالطون أبنائي، لم تكن تذكرني بإهمالي لصلاة الجماعة، لم تكن تنبهني على إدخالي لأجهزة الفساد إلى منزلي، لقد كان حقيّ عليك أكثر من حقوق سائر الناس عليك، فلو علمت يا جاري العزيز أن احتفاظك لنفسك بالصلاح لا ينجيك يوم الدين لمَا أهملتني، ولو علمت أن استثقالي لنصيحتك لا يسوّغ لك ترك نصيحتي، ولبادرت إلى هذه النصيحة.

    الوقفة الثالثة: ولقد جئتمونا فرادى

    وهذا رجل تقلّب في مناصب مؤسسة خاصة أو عامة، كان في هذه الدائرة ملئ السمع والبصر، امتلأت ردهاتها بآماله العراض بل كادت لا تتسع لتلك الآمال، ولقد فاجئه الموت وهو أوسع الناس أملاً وحرصاً ومزاحمة، كان يدخل دائرته التي اعتاد الدخول إليها كل صباح بنفس متوثبة متفائلة متطلعة إلى مستقبل وظيفي أكبر، لم يكن حين ذاك يفكر بالموت ولا ما بعده من هولٍ وعذاب، فلو دخل دائرته بعد خروجه من قبره وتذكر وهو يلملم أكفانه المغبرة كم كان في دنياه في غرور، وكم كانت الأماني تضرب به في كل واد دون أن يفكر في حفرة القبر التي أودع فيها رهين عمله، لقد كان يتبختر في هذه الممرات بثيابٍ جديدة جميلة، لو وقعت عليها خردلة من غبار لنفضها بسبابته، وهو الآن يلملم أكفاناً بالية بلغ الغبار والنتن منها كـل مبلغ، ولعله لو مرّ بقسم الترقيات في دائرته لتذكر كم كانت تزهق النفوس، وتشرأب الأعناق للحصول على مرتبةٍ أو علاوة، بل ربما بذل دينه ومروءته من أجل ترقيةٍ أو علاوة، وقد أيقن الآن ولكن بعد فوات الأوان أن رفعة الدرجات إنما هي عند الله وحده، وأن علو مقام المرء إنما هو في قربه من الله وتمام عبوديته له، أما العبودية للدنيا فلا تزيده إلا حسرة وندامة وتشتتاً، ولعله لو مر بغرفة بعض موظفيه لوجد هذا الموظف على عادته في الوشاية بزملائه ووضع العراقيل أمام أعمالهم ومشاريعهم حتى لا يظهر لهم نجم، ولا يعلو لهم شأن، ولا يعم لهم نفع، وحتى لا يسبقوه بحسن رأي، ولا جودة عمل، فماذا عساه أن يقول لهذا الموظف لو رآه واستطاع أن يتكلم، لعله أن يقول: هب أنك نافست مثل ما كُنتُ أنافس بالحلال والحرام فسبقت أقرانك، وبرزت أترابك، أليست سنياتٍ معدودة إن مُّد لك أجل ثم تأول بك الحال إلى عالم التقاعد، حيث ينفض عنك أهل المصالح، وتصير في عالم النسيان، هذا مآل الوظيفة في الدنيا، أما مآلها في الآخرة فحفرة القبر الموحشة حيث لا أنيس إلا عملٍ صالح، ولعله أن يقول: كنا نسمي المتورعين عن المنافسة المحرمة نسميهم سذجاً أو دراويش ذوي ورعٍ بارد، لا طموح عندهم، ولا يعرفون قيمة النجاح، ولا يتذوقون طعم السباق مع الأقران، ولكن علمنا ولا ينفعنا هذا العلم الآن أن طريقتهم هي طريقة النجاة، وأن المنافسة الحقيقية هي في قلب سليم وعمل صالح ينجو بها العبد من عذاب القبر الرهيب، وأن المنافسة الصحيحة هي التي لا تضر بالآخرين، ولا تمنع مسيرة الخير ونفع الناس، آه آه ليتني أعود إلى الدنيا لأصفي سريرتي وأًحسن سيرتي، تالله إن صفاء السيرة هي راحة البدن، وهي راحة النفس في الدنيا، وهي النجاة في الآخرة، آه مما فعلنا بأنفسنا وما غرتنا هذه الدنيا، وما أطعنا فيها إبليس الضلالة، وكنا نسمع قول الله - تعالى -: {وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }، { فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ * قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ * فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ}، ولعل صاحبنا ذلك الرئيس أن يرى في آخر الممر مكتب سعادة المدير حيث كان هو مديراً قبل وفاته، لقد تعود في هذا الممر أن يرى لأعوانه هناك انتشاراً، وخطفه وأصحاب المصالح بين يديه لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء، والمراجعون يصدرون عن مكتبه بين موهوب ومحروم، رأى هذا المدير على ما عهد نفسه من إقصاء الأكفاء من الموظفين خوفاً من منافسته على جاهه وسلطانه، فمرة بالعزل، وأخرى بالمضايقة، وأخرى بالتهميش، رآه على ما كان يعرفه من نفسه من تكثير ذوي المطامع الذين لا يعرفون الذكاء إلا فيما يخدم سعادة المدير، ويكثر جاهه، ويعظم سلطانه، ومن ثم يحظون عنده بالرتب العالية، والتقارير الكاذبة، لقد تعلم المدير وأعوانه بفطرةٍ مدنسة أن الدائرة التي تنجز مصالح الناس، ومياه أعمالها دائماً جارية نقية، يُرى باطنها من ظاهرها إنها إدارة لا تحقق المصالح الشخصية فلا بد من العمل بحرية من توفير مستنقعات آسنة متعكرة من مصالح الناس المتعطلة، تسهل فيها حركة اللصوص، ويسهل فيها اللعب على المغفلين، فلذلك جعلوا هذه الدائرة في فوضى دائمة، ثم حجبوا الناس عن سعادته حتى يوفروا هذه المستنقعات التي تعيش فيها الحشرات القذرة التي تحسن السمسرة في شراء الذمم وبيعها، وهكذا حزن الاثنين معاً تعطيل مصالح الناس وأكل المال الحرام الذي يبذله الناس لإنجاز مصالحهم لعله أن يقف متأملاً في غمرة المراجعين بكفنه البالي المغبر فيقول: لو كان عندي القليل من التقوى، والقليل من معرفة حال الدنيا وحال الآخرة؛ لرأيت أن في النصح للناس أعظم الأجر والمثوبة، ماذا بقي معي في قبري من بريق المال الذي كنت أبذره بلا عد ولا حساب، وأتمتع به بلا خوف من حشر وعذاب، وماذا بقي معي من ضجيج الشرف، وجلبة الأعوان، وكثرة العلاقات والاتصالات، وما أراه في عيون الناس من تعظيم وتبجيل، لقد تلاشى ذلك كله كبخار في يوم صائف فلم أدخل في هذا القبر من مالي وشرفي إلا بكفن، لله كم كنت مغروراً بهذه الدنيا حينئذ فقط أدركت معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)، لقد كنت أرى ذلك كلّه ولكن نفسي كانت تزيّل لي ما أفعله، وكانت شدة الإبهار في أنوار الدنيا، تحجب عني رؤية الحقيقة فلم أتبينها إلا حين فات وقت الندم {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}، {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُون}.

    الوقفة الرابعة: رفيقة الدرب:

    ولعل أحدهم حين خرج من قبره أن يلقى زوجته فيقول لها: كم كنتُ أرتكب الحرام رداً لجميل وفائك، وعظيم صبرك، وكم كنتُ أتساهل في الموبقات من أجل سواد عينيك، لـقـد كنت أسافر السفر المحرم، والسياحة السيئة بسبب حبي لكِ، ومن أجل كلمة ثناء طيبه من لسانك العذب الرقيق، وكنتُ أُدخل أجهزة الفساد إلى منزلي من أجل ما تشتكين من فراغ قاتل على حد زعمك، لم أكن مقتنعاً بالكثير مما كنت أفعله بل كنت أعرف أنه الطريق الخطأ ولكنني في سكرة الهوى، وحب الدنيا؛ نسيت كل شيء، لقد كانت عقوبة ذلك ناراً لا تطاق، وجحيماً لا يحتمل، لقد كنت أستمع من كتاب الله إلى هذه الآيات {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ولم أكن والله لأرد كلام ربي، ولكن سلطان الهوى حجب عني تلك المخاطر حتى كنت أقول كيف تكون هذه الوردة الجميلة عدواً يستوجب الحذر، الآن عرفت ذلك ولكن لم تعد تنفع المعرفة، الآن ندمت ولكن لات حين مندم، لقد كنت أسمع كلام الله، لكنه سماع أذن لا سماع قلب، كنت أسمع قوله - تعالى - {فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}.

    الوقفة الخامسة: ذبول وردة:

    هذه فتاة ماتت في عمر الورود، كانت ترى الحياة مرحاً وسعادة، كانت ترى أن أعظم السعادة هو أن تكون محط أنظار الناس وسبب إعجابهم، فلذلك سعت إلى التميز في كل شيء، في ملابسها، في مشيتها، سعت إلى جديد الموضات حلالاً كانت أو حرام، تأخذها من أي وسيلة إعلامية، من المجلة أو التلفاز أو المحطة الفضائية، المهم هو التميز مهما كانت الوسيلة، فمرة تشبهت بالكافرات، ومرة تشبهت بالفاسقات، ومرة تشبهت بالممثلات والمغنيات، ومن أجل هذا التميز وتلك الجاذبية نزلت إلى الأسواق ومجامع الناس وقد ليست العباءة الضيقة لتتمتع على حد ظنها بالنظرات الجائعة، ومن أجل هذا التميز خرجت في الحفلات بثياب تخرج أكثر جسدها، وما سترته من جسدها فهو ضيق يجسّم عورتاها؛ يا ترى ما عساها أن تقول لو خرجت من قبرها وتكلمت؟

    يا أمي لقد رأيت عذاب الله - تعالى - في ذلك القبر الموحش، رأيت عذاب الله حين أغريت الشباب، ورأيت حين كنت أسوة سيئة للفتيات، وقدوة سيئة لأختي الصغيرة في دخول هذه الطرق، أماه إذا كان هذا ما أصابني بسبب إقتداء أختي بي، فما ظنك بعذاب الله لمن كانت السبب الأول في انتشاره، وما الظن بعذاب الله - تعالى - لمن يصنع هذه العباءات أو يبيعها، أماه لقد كنت أبدي مفاتن جسدي بطرق متعددة، فمرة بالنقاب الواسع الذي يبدي عينين كحيلتين، ويظهر أهداباً كسهام مريّشة حادة أغرسها في قلوب الرجال لتصيبها في مقتل، ومرة أدع العنان لعباءتي لتسفر عن نحرٍ أبيض، وجيِد فضي كوجهي في الضحى، فتطير لذلك عقول، وتضطرب أفئدة، أو أظهر قواماً كغصن البان حتى أطرب لتأوهات المفتونين، ومرات ومرات كنت أغش الحفلات، وقد خلعت جلباب الحياء فأنا كاسية عارية، إذا رآني الرائي فلا يخالني إلا في حفلة غربية ماجنة، أبديت فيها عضداً كجمّارة نخلة فتية، وأظهرت ساقاً وجزءاً من فخذ وظهر، فعلت كل ذلك حتى أبدو متميزة في مظهري، أتدرين يا أماه كيف آلت بي الحال في قبري، لقد سالت تلك الأعين النجل مع سهامها المريّشة على خد متعفن مجعّد أسود، وصار ذلك النحر الفضي قطعة جلد أسود تتدلا أطرافه على عظام نخرة لتلامس قلباً طالما امتلأ بالهوى القاتل، والغرور بالدنيا الفانية، وطول الأمل الكاذب، لا أدري يا أماه كيف كنت أرى الدنيا طويلة طويلة، وأنا أرى الناس يموتون كل يوم ممن حولنا من الجيران والأقارب والأصدقاء، لا يفرق ملك الموت بين صغير وكبير، وغني وفقير، وملك و########، لله يا أماه كم كانت تلك المواعظ ترق أذني، وتشاهدها عيني، وتحسها يدي، ومع ذلك لا أجد لها في نفسي أثراً إن السبب هو غلبة الهوى، وحب الدنيا من الشهرة، والتميز الكاذب، والمفاخرة الجوفاء وحينئذ فقط عرفت معنى قول الله - تعالى -{ أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ}، أماه إن ما أفعله هي منافسة ومسابقة، ولكنها مسابقة لتحصيل نبات أخضر بهيج ،ولكنه بعد برهة يأول سريعاً إلى زوال، والسباق الحقيقي الثابت النافع إنما هو لتحصيل مغفرة الله - تعالى - وجناته {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.

    الوقفة السادسة: في الاستراحة:

    ولعل من هؤلاء رجل وقف على أصحابه بأكفان بالية متربة، وهم في استراحتهم، هؤلاء الأصدقاء الذين كانوا يقضي معهم جلّ وقته، هؤلاء الأصدقاء الذين كان يقدم محبتهم على محبة والده ووالدته وأخوته، حيث كان يتفقد أحوالهم ولا يتفقد أحوال أقاربه، كان يأنس بلقياهم ولا يأنس بلقيا أقرب مقربيه، كان لا ينام حتى يهاتفوا بعضهم، لقد كانوا ملء سمعه وبصره، ولعله لو خرج من قبره وذهب إليهم في ناديهم لتذكر كم كانت الأوقات تذهب سدى، لقد كان يقطع في طريقه إليهم ما يقارب نصف ساعة، كان يستطيع أن يسبح في هذا الطريق أكثر من ألف تسبيحة، ولعله أن يقول: كم كانت الأوقات تذهب سدى، هذه ألف تسبيحة في طريق الذهاب فقط بكل تسبيحة صدقة، فلماذا كنا نضيع الوقت فيما لا ينفع ونحن من أحوج الناس إلى هذه الحسنات والصدقات لتكفير عظيم السيئات، لقد قضيت معهم من عمري أكثر من عشر سنوات لم أمسك بيدي فائدة واحدة في ديني ودنياي، فيما كان أهل الخير يخرجون بنتائج باهرة، فمرة بمذاكرة علم، ومرّة بمؤانسة محببة، ومرة بتعاونٍ على مشاريع الخير والبر ويشجع بعضهم بعضاً عليها، هكذا يكون قضاء الأعمال فيما ينفع في الدين والدنيا، ولعله لو أطلّ على مجلسهم لتخيل نفسه بينهم، هذا مكانه، هذا موضع مرحه، هذه قوته، هذا شبابه، آه ليتني أعود إلى هذه الدنيا في تلك القوة والنشاط لأعبد الله حق عبادته، لأتوب من ذنوبي، لأستكثر من الحسنات، آه ليتني أعود لهذه الدنيا لأقول لهم لقد عودتموني على كل عادة قبيحة، وعلمتموني كل معصية لله - عز وجل -، سوف أترككم إلى الأبد لأبدأ حياتي من جديد في طاعته ورضوانه، في كنفه وقربه، لقد كانت الآيات تطرق سمعي وكأنه يُعنى بها غيري {ومن يعش عن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً}.

    الوقفة السابعة: ألا لله الدين الخالص:

    هذا رجل عوّد نفسه على الرياء فأصبح لا يعمل العمل الذي يُبتغى به وجه الله إلا بحافز من نظرات الناس، فلا يصلي نافلة إلا بمحضرهم، ولا يعمل خيراً إلا بثنائهم فغابت عنه لذة المخلصين في العبادة والأعمال الصالحة، لقد علم في قبره أن أعماله لم تكن إلا سراباً بقيعة يحسبه الضمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب، لقد تبخرت هذه الأعمال التي لم تكن في الحقيقة إلا فقاعة أزالتها نفخة من فم الحقيقة الذي لا يكذب، وليت الأمر وقف عند حبوط العمل بل صار الرياء سبباً من أسباب العقوبة من تصغير وت########، وكنا نسمع قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه وصغّره وحقره)، ولكن تسمع الأذن ولا يعي القلب، ماذا أفادتنا نشوة الرياء الكاذبة عند سكون القبر القاتل، ماذا نفعنا ثناؤهم عند سؤال منكر ونكير، لماذا كنت أفرح بنظرة الناس إليّ وهؤلاء الناس هم الذين وضعوني في حفرة القبر ثم ولّوا مدبرين، لا يتبرعون لي بحسنة واحدة، آه من خفة عقول المرائين وهم لا يتعظون بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( يقول الله- عز وجل- إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عنهم جزاء)، ولا يرعوون (من أحسن العمل حين يراه الناس وأساءها حين يخلوا فتلك استهانه استهان بها ربه - تبارك وتعالى -).

    الوقفة الثامنة: هذه أموالي تقسم:

    وهذا صاحب ثروة طائلة عاش حياته غافلاً عن أجله، لاهياً عن حفرة القبر الموحشة، كان أصدقاء المصلحة في حياته لا يفارقونه، فامتلأت حياته ضجيجاً وأضواءً وانشغالاً، كان من أطيب الناس ريحاً، وأحسنهم ثياباً، وأكملهم رونقاً وأبهة، فلو خرج من قبره بكفنه المهترئ، ورائحته الكريهة، فماذا عساه أن يقول أو يفعل، لعله هل كانت هذه الدنيا وتلك الأقوال تستحق ما كنا نبذله من أجلها، فمن أجل الأموال عاديت أقاربي، وقسوت على أصدقائي، وأهملت أولادي، وقصرت في حق زوجتي، بل قصرت في حق نفسي، لقد أفنيت عمري وزهرة شبابي في جمع هذا المال، ثم حين حصل لي صرت أكافح من أجل أن أبقى غنياً متفرداً، فلا أريد أن يسبقني في كثرة المال أحد، وكان ذلك كله على حساب صحتي واستقرار نفسي، وحقوق زوجتي وولدي، ضللت ألهث وألهث بحثاً عن السعادة حيناً، والمباهات حيناً آخر، لم أكن أتوقع أن يداهمني الأجل بهذه السرعة فتنقطع آمالي، وتتحطم تطلعاتي، لقد كنت أرى الناس يموتون، ولكن كنت أظن أن الموت الذي داهم الآخرين كان لأسباب خاصة لا تنطبق عليّ، هكذا كنت أفكر بسذاجة وغفلة، ليتني أنفقت من هذا المال ليكون مزرعة تنتج الأجر والمثوبة إلى الأبد، لقد كنت أسمع القرآن فلم أع ما كان فيه من عضات وعبر، لقد أعمى قلبي حب الدرهم والدينار، كان مما أسمع قول الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.. نعم لقد كنت أستمع إلى هذه المواعظ العظيمة ولكن حالي {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ}، ولعله أن يمر ببيت أحد أبناءه ليجد أن زوجته قد تزوجت، وأن ورثته قد اجتمعوا ليقتسموا تركته، هذه غرفة الضيوف مضاءة فيها ورثتي وقد علت أصواتهم يتجادلون في قسمة أموالي، هذا الابن الأكبر له كذا من الملايين، وهذه البنت لها النصف من ذلك، وهذه الزوجة لها نصيبها، فماذا عساه أن يقول لعله أن يقول:لقد قسمت أموالي التي كنت أبخل بها على نفسي وولدي قسمت على أولادي وأزواج بناتي وزوج امرأتي، لقد كنت في الدنيا في عماية عظيمة حين كنت أسمع قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله) قالوا يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه؟ قال: (فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر)، كل ما تركته فليس بمالي، صدق الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم - لقد كنت أنا أخشى على أولادي العيلة، وهذا من قلة التوكل، وضعف اليقين، ولقد كنت أنا أولى بهذا المال منهم، لقد كدت أصيح فيهم فأقول إن في هذا المال زكاة مهملة فأخرجوها، وفي هذا المال ربا فتخلصوا منه، وفي هذا المال حقوق لبعض الخلق منعني البخل من أدائها فأدوا الحقوق أهلها، ولكنني لا أستطيع النطق لقد انقضى زمن العمل، وجاء زمن الحساب والعقاب، آه من الغفلة وطول الأمل، لقد كنت أعيش على أمل يطول عمري بحياة مرفهة سعيدة {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}.

    الوقفة التاسعة: معالم النجاة:

    المعلم الأول: لا تُعجب بحالك الراهنة فإن الأعمال بالخواتيم قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن العبد ليعمل بعمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل الرجل بعمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم).

    المعلم الثاني: زيارة القبور خير طريق لتذكر الموت وما بعده، فقد صحّ عن النبي- صلى الله عليه وسلم -أنه قال: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة)، جاء في تبصرة القرطبي - رحمه الله - قوله: كم من ظالم تعدى وجار فما راع الأهل ولا الجار، بينما هو قد عقد الإصرار حلّ به الموت فحلّ من حُلته الإزار، فاعتبروا يا أولي الأبصار، ما صحبه سوى الكفن إلى بيت البلى والعفن، فلو رأيته وقد حلّت به الفتن، وشين ذلك الوجه الحسن، فلا تسأل كيف صار فاعتبروا يا أولي الأبصار، سال في اللحد صديده، وبلى في القبر جديده، وهجره نسيبه ووديده، وتفرق شحمه وعبيده، وتخلى عن الأنصار فاعتبروا يا أولي الأبصار، أين مجالسه العالية، أين عيشته الصافية، أين لذته الخالية، كم تسفي على قبره السافية، ذهبت العين وأُخفيت الآثار، فاعتبروا يا أولي الأبصار، تقطعت به جميع الأسباب، وهجره القرناء والأتراب، وربما فُتح له في اللحد باب النار، فاعتبروا يا أولي الأبصار، خلى والله بما صنع، واحتوشه الندم وما نفع، وتمنى الخلاص وهيهات قد وقع، وخلاّه الخليل المصافي وانقطع، واشتغل الأهل بما كان جمع، وتملّك أعداءه المال والدار فاعتبروا يا أولي الأبصار، نادم بلا شك ولا خفى، باكٍ على ما زلّ وهفا، يود أن صافي اللذات ما صفى وعلم، أنه كان يبني من جرفٍ هارٍ على شفى فاعتبروا يا أولي الأبصار.

    المعلم الثالث: إذا رأيت ميتاً فتصور أنك أنت الطريح بين يدي الإمام، أو على النعش، أو من يُنزل في حفرة القبر فنحريٌ بنا حينئذٍ أن نراجع أنفسنا.

    المعلم الرابع: لا تـصاحب أهل اللهو والبطالة.

    المعلم الخامس: تذكر أنه مع حلاوة المتعة فـإنه يعقبها مرارة الندم.

    المعلم السادس: لعلك قد كتبت الآن في الأموات بعد مدة يسيرة، وأنت تسرح وتمرح، بلا تـوبة ولا مراجعة.

    المعلم السابع: كل متعة تعتبر هباءً عند حلول الموت، فلماذا نعصي الله - عز وجل - من أجل هذه المتعة { أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ }

    عش ما بدا لك سالماً *** في ظل شاهقة القصور
    يُسعى إليك بما تحب *** لدى الرواح وفي البكور
    فإذا النفوس تغرغرت *** بزفير حشرجة الصدور
    فهناك تعلم موقناً *** ما كنت إلا في غرور

    المعلم الثامن: السعيد من وُعظ بغيره، قال زين الدين المعبّري - رحمه الله - اعلم أن مما يعينك على ذكر الموت أن تذكر من مضى من أقاربك وإخوانك وأصحابك وأترابك الذين مضوا قبلك، كانوا يحرصون حرصك ويسعون سعيك، ويعملون في الدنيا عملك، فقصفت المنون أعناقهم، وقلعت أعراقهم، وقصمت أصلابهم، وفجعت فيهم أحبابهم، فأُفردوا في قبور موحشة، وصاروا جيفاً مدهشة، والأحداق سالت، والألوان حالت، والفصاحة زالت، والرؤوس تغيرت ومالت، مع فتان يُقعدهم يسألهم عما كانوا يعتقدون، ثم يكشف لهم من الجنة والنار مقعدهم إلى يوم يبعثون، فيرون أرضاً مبدلة، وسماء مشققة، وشمساً مكورة، ونجوماً منكرة، وملائكته منزله، وأهوالاً مذعره، وصحفٌ منشرة، وناراً زفرة، وجنة مزخرفة، فعُدّ نفسك منهم ولا تغفل عن زاد معادك، ولا تهمل نفسك سدىً كالبهائم ترتع ولا تدري {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}.

    المعلم التاسع: الأيام خزائن وما مضى فإنه لا يعود {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.

    المعلم العاشر: لا ذكرى بغير إنابة، ولا انتفاع بغير استجابة {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ}لا يمكن للإنسان أن يهتدي، ولا أن يقبل هدى الله - عز وجل - إلا إذا تهيأ قلبه للاستجابة لهذا الهدى، قال الله - عز وجل -: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ * وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمْ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمْ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}.

    اللهم أيقضنا من الغفلات، وأورثنا الجنات، واجعل قبورنا بعد فراق الدنيا خير منازلنا، ووسع فيها حنين ملاحدنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
                  

العنوان الكاتب Date
كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-09-10, 11:33 PM
  Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-09-10, 11:35 PM
    Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 07:11 AM
      Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 07:35 AM
        Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ المسافر06-10-10, 09:34 AM
          Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ Asim Fageary06-10-10, 09:48 AM
          Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ جمال الباقر06-10-10, 09:51 AM
            Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ Salah Abdulla06-10-10, 10:13 AM
              Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ عمر التاج06-10-10, 10:51 AM
                Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 12:29 PM
                  Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 03:24 PM
                    Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 03:28 PM
                      Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 03:30 PM
                        Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 03:38 PM
                        Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ عبدالله ود البوش06-10-10, 03:43 PM
                          Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 04:02 PM
                            Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ismeil abbas06-10-10, 04:23 PM
                          Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 04:26 PM
                            Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 04:44 PM
                              Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 04:51 PM
                                Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 05:05 PM
                                  Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 06:51 PM
                                    Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ محمد حسن العمدة06-10-10, 07:04 PM
                                      Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 07:40 PM
                                    Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 07:07 PM
                                      Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 08:06 PM
                                        Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 08:17 PM
                                          Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ محمد حسن العمدة06-10-10, 08:25 PM
                                            Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-10-10, 08:40 PM
                                              Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-11-10, 05:30 PM
                                                Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-11-10, 05:40 PM
                                            Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ علاء الدين محمد بابكر06-10-10, 08:57 PM
                                              Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ابو جهينة06-10-10, 09:23 PM
                                                Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ JAD06-11-10, 11:20 AM
                                                  Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-11-10, 07:53 PM
                                                  Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-12-10, 08:51 PM
                                                Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-12-10, 02:32 PM
                                              Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-12-10, 07:19 AM
                                                Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-13-10, 02:20 PM
                                                  Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-13-10, 02:41 PM
                                                    Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-13-10, 03:20 PM
                                                      Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-13-10, 06:04 PM
                                                        Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-14-10, 12:39 PM
                                                          Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-16-10, 02:01 PM
                                                            Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-20-10, 01:36 PM
                                                              Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-20-10, 01:43 PM
                                                                Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-20-10, 03:22 PM
                                                                  Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-20-10, 03:59 PM
                                                                  Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-20-10, 03:59 PM
                                                                    Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-20-10, 05:56 PM
                                                                    Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-20-10, 06:05 PM
                                                                      Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-26-10, 02:41 PM
                                                                        Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-29-10, 07:01 PM
                                                                          Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA06-29-10, 07:10 PM
                                                                            Re: كم هي الـمـــــــــــــدة التي يقضيها الإنسان في القبر ؟؟؟ ASHRAF MUSTAFA07-09-10, 06:07 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de