فراشات سيسيليا الحزينة!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 09:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-27-2014, 09:08 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: Bushra Elfadil)


    عندما ألقيت عليها تحية الصباح لأول مرّة كانت مغمورة في العمل المرهق وكادت تنضج، قد قضت شهرها الخامس بمدينة ليدز، و زارت قريتها للمرة الثانية، تفوح من جسدها رائحة (أسماء الاطبق ) الإفطار الإنجليزي، فتداخلت أحرفها الإسبانية مع لكنة أهل يوركشير التي تتضخمّ حروفها في أفواههم قبل أن تخرج منتفخة كأنهم ينطقونها وفي أفواههم بقايا طعام مشحوم، في تلك الأيام الأولي التي عرفتها فيها بدت علامات الفراشات تظهر علي وجهها وهي لاتدري ولم تراها إذ أنّها لا تنظر إلي المرآة إلاّ قُبيل سفرها كل شهر إلي قريتها لتقابل فريدريكو.
    حدّثتني عن فريدريكو وعن علاقتها به، بل وصفته بالساحر لما يملك من مقدرات علي تفجيرها كلّما إلتقيا، فاستمتعت بعلاقتي البريئة بها وأصبحت أكثر عمقاً كلما يمر عليها يوم، وبحديثها الهادئ وصوتها الذي يمغنطني، فأنام في حضرتها، إستطاعت أن أن تريحني من تلك القطط التي تخربش معدتي كلما تأتي سيرة فريدريكو حتّي خلته صاحباً لي، علّمتني كيف أرقص الفلامنكو، علّمتها رقصاتٍ من بلادي. دعتني إلي قريتها أكثر من مرّة، لم أستجب رغم وعودي لها أنّ ذلك سيحدث يوماً ما، في إحدي الليالي حدّثت فريدريكو عني، دعتني للحديث معه، توجّست شراً في البدء، إنتابتني حالة فزع غريبة كأني تلميذ علي موعد مع مدير مدرسة، كان صوته هادئاً ممتلئ فخراً بسيسيليا، وعندما عرفني جيداً حذرني ضاحكاً من السحر اللاتنيني، ثم حذرها هي من دمائي الإفريقية.
    أصبحنا كأُسرةٍ واحده بدمائها الحارة وألوانها المتعددة، وكثيراً ما نتحدث ثلاثتنا ثم أصبحت أمها جزءا من المنظومه الكونية التي أنشأناها. أثناء عملها وقُبيل سفرها الأخير إلي قريتها أصابها دوار في العمل في البدء عزته للإرهاق ولكنها لم تستطع المداومه في عملها كما ينبغي. أخذت إجازة علّها أن تطيب، قضت كل اليوم في سريرها مُكتئبة لا تعرف ماذا أصابها، نظرت إلي جسدها جيداً ثم دلكته بأعشابٍ من صنع أُمها وإستنجدت بالسيده مريم والمسيح، وفي سرها تعلم أنهم لن يصنعوا شيئاً فجلست أمام المراَة ونظرت إلي وجهها لمدة نصف ساعة كاملة تسترجع كل الأمراض التي عرفتها في أسرتها فلم تجد حالة مُشابهة لحالتها، فأرخت أستار جسدها المنهك وإستسلمت لنومٍ مُتقلّب بهواجس محمولة علي ماضي الأسرة، وأنّ قلبها يحدّثها بأمرٍ جلل.
    8
    لم تك تدري أنّها حامل إلاّ عندما حطّت تلك الفراشة علي وجهها مُرفرفةً جناحيها بهدوء إستمر لثلاث أيام كاملاتٍ، في أثنائها كانت تحس بدبيب نمل علي جسدها وأن صدرها بدأ يتكور وكست جسدها نعومة فراء أرنب حديث الولادة. وعندما إسترجعت الأسابيع الثلاث الأخيرة من عمرها فهمت تماماً ما حدث لها، فعرفت أن تلك الأعراض هي بداية حياة داخلها وأن هذي الفراشات هي علامة القيامة داخل أسرتها!. أُصيبت بذعرٍ شديد أرادت أن تستنجد بأمّها ولكنها خافت، فحادثت فريدريكو المستغرب لأن اليوم كان منتصف الأسبوع ولم يتعود علي صوتها الشروخ، عندما عرف رقص طرباً وصاح صيحةً (باسكية) مهيبة كمن يسترجع أناشيد الحصاد، لكنها هدأته وحكت له أسطورة أسرتها، في البدء إقترح لها أن تجهضه فأبت أن تفعل ذلك بعزيمة قِطة ونرجسية أنثي غارقةً في فوضي هرموناتها.
    كانت تحّث أُمّها كل أحد كما تفعل تماماً من قبل دون أن تذكر ما أحل بها، ولكن في الأحد الأخير من شهر مايو وأثناء حديثها، قاطعتها أمها قائلة: بدأت أحلم كثيراً بشياء مثل الكوابيس وأنني أصحو في منتصف الليل وقلبي يحدثني بأن العالم يوشك علي الإنتهاء!
    نصحتها سيسيليا: أرجوك لا تأكلي بيض البط بصلصة عش الغراب فهي، قد تساعد علي النوم ولكنها أيضاً تساعد الكوابيس علي الدخول في أزقة أحلامنا!،
    قالت أمها بعد صمت أبدي: سيسليا أظن أنك حامل! وأنّ تلك الفراشات الحمراء بدأت التكاثر علي خديك؟ هكذا رأيت في أحلامي علي أي حال! وأنتي تعلمين جيداً أنّ أحلامي تصدق! قولي لي أليس هذا صحيحاً؟
    إنّي أكاد أن أراك الاَن قولي لي الحقيقة! قولي بحق العذراء؟!
    لم تجد سيسيليا مناصاً من قول الحقيقة كاملة وبدون مقدمات، أجابت بصوتٍ خارج من قعر بئر عميقة. نعم يا أمّاه! شعرت سيسيليا بشئ يسقط، بجمود تبعه صمت، و شخيراً يشبه تدفق دمٍ من ثورٍ مذبوح، تبعه صمت خالته عاماً من الحزنُ ثم تدافع صوت أمها كأنها تسلم روحهها!: الموت لا يعرف إلا هذه الاسره، يستمتع بصرير إحتكاك سكاكينه اللئيمة برقابنا، لا يبتسم إلاّ ليزيح النورمن أعيننا بظلمته اللعينة، هذا الموت يا سيسيليا كإنسحاب الظل تحت مقبرة الحائط،، تبع هذا الحديث المهول صمتاً جنائزياً ثم مات التلفون في يدها.
    في الشهور التي التي بدأت تمضي بطيئاً كان جسد سيسيليا ينتفخ سريعاً، يتقرمز، يغمق لونه، وأحياناً يصفر ويخضرْ خاصةً عندما تصحو في منتصف الليل بركلاتً في بطنها من ذلك الشئ الغريب الذي ينمو إلي مخلوقاً حياً بداخلها، لكنها لم تستسلم ولم تترك العمل رغم جسدها الذي تكوّر مثل فرس بحر. لم تترك عادة الإتصال بأمها وفريدريكو كل إسبوع، تخبرهم بتطور حملها، فتسألها أمها عن لون الفراشات! علي وجهها، وحجمها وهل بدأت في الطيران؟ فتنفي سيسليا في تعجب واضح! من إهتمام والدتها بهذه الفراشات اللعينة.
    كانت تعلم أنّ تاريخ ولادتها سيكون في أكتوبر من العام، وأنّ المولود سيكون أُنثي، هكذا أخبرها الطبيب المتابع. أعلنت كل ذلك بصخبٍ شديد لأمّها في مكالمتها الروتينية، ولكن أمها لم تشاركها في فرحتها ولم تقول شيئاً فقط همهمت والحزن ينسج حباله حول صوتها الذي تتربّص به ذبذبات خوف تعرف مصدره قائلة: (أنتونيا)!
    ماذا قلتي يا أمي؟
    سنطلق عليها أنتونيا!
    ولماذا أنتونيا؟
    إنها مؤنّث القديس (أنتونيو)، قديس الأشياء المفقودة! ليحميك من فقد روحك عند الولادة! وسيحميها من تلك الفراشات الشريرة التي تتربص بالأسرة منذ أوجدها الله في الأرض!.
    لم تأبه سيسيليا كثيراً بقول أمها ولكنها أصرت علي أن يكون إسمها (أنتونيا سيسيليا) إسماً مركباً، رغم عدم إيمانها بما تسميه بخزعبلات والدتها، ووايمانهاً بالكنيسة، لكنها أضافت إسمها لإسم البنت التي ستأتي حتي تعطيها شعوراً بالطمأنينة! فالذي جعلها تعيش كل هذا الوقت إسمها وإصرارها علي الحياة، وليس دعم القديس أنتونيو أو أي شخص اَخر، هكذا أردفت بصوتٍ خافت. وافقت الأم علي إقتراح إبنتها، قائلة: لا بأس، سوف نكون أنا وفريدريكو معك أثناء الولادة وسنصلّي وندعو الرّب من أجلك، ثم خفت الكلام بينهما كضوء شمعة تاَكل لحم جسدها.
                  

العنوان الكاتب Date
فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-19-14, 01:20 AM
  Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-19-14, 01:22 AM
  Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-19-14, 01:41 AM
    Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-19-14, 01:45 AM
      Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-19-14, 01:51 AM
        Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-19-14, 01:53 AM
          Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim fadlalla11-19-14, 08:14 AM
            Re: فراشات سيسيليا الحزينة! محمد الجزولي11-19-14, 09:01 AM
              Re: فراشات سيسيليا الحزينة! عبدالكريم الاحمر11-19-14, 10:51 AM
                Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-19-14, 04:49 PM
                Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-19-14, 07:58 PM
            Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-19-14, 04:29 PM
              Re: فراشات سيسيليا الحزينة! Adam D.El-Asha11-19-14, 11:58 PM
                Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ملهم كردفان11-20-14, 00:02 AM
                  Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim fadlalla11-20-14, 02:35 PM
                    Re: فراشات سيسيليا الحزينة! Osman Musa11-20-14, 05:20 PM
                      Re: فراشات سيسيليا الحزينة! محمد حيدر المشرف11-20-14, 08:15 PM
                        Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-21-14, 08:07 PM
                  Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-20-14, 09:25 PM
                  Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-20-14, 09:29 PM
                Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-20-14, 09:10 PM
                  Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-20-14, 09:46 PM
                    Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-21-14, 09:09 PM
                      Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-21-14, 09:16 PM
                        Re: فراشات سيسيليا الحزينة! جمال ود القوز11-21-14, 09:27 PM
                          Re: فراشات سيسيليا الحزينة! حبيب نورة11-21-14, 09:56 PM
                            Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-22-14, 05:09 PM
                          Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-21-14, 10:33 PM
                            Re: فراشات سيسيليا الحزينة! Adam D.El-Asha11-22-14, 00:43 AM
                              Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-22-14, 05:17 PM
                                Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-23-14, 07:22 PM
                                  Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-24-14, 09:10 PM
                                    Re: فراشات سيسيليا الحزينة! محمد الجزولي11-25-14, 06:07 AM
                                      Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-25-14, 08:57 PM
                                        Re: فراشات سيسيليا الحزينة! Bushra Elfadil11-26-14, 03:21 PM
                                          Re: فراشات سيسيليا الحزينة! ibrahim kojan11-27-14, 09:08 PM
                                            Re: فراشات سيسيليا الحزينة! Adam D.El-Asha11-29-14, 03:14 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de