الضــفة الثالثة للنهـــــر.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 01:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-29-2014, 05:03 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الضــفة الثالثة للنهـــــر.





    الضفة الثالثة للنهر

    ليس نهر الوجد وحده بضفاف لا أحد يعرف سواحلها ، ولا الشوق الذي يعبر الطرقات المُشتجرة عند ملتقى الجسور وأشباه المدائن المغسولة بالغبار ، يمكنه أن يتحدث في التفاصيل التي ائتلفت ، وأمسكت بجزع الشجرة الذهنية . هذا هو اليوم الأول لتدريب الفرس الصغير على العدو .
    وصف لها البيت على طرف الحي ، ووصف لها سيدته . وأوصاها أن تقول لها " أنا في انتظار أحدهم ". وذهبتْ . لحق بها بعد نصف الساعة . ألقى التحية على سيدة الدار ، فقالت له:

    - هي تنتظرك في الغرفة .

    دخل غرفة النوم ، التي تغوص في الدعة والرخاوة . وجد " صبيحة" التي تبادله الهوى جالسة على طرف السرير، مُطرقة على استحياء تنتظر . مترددة ومأخوذة بتجربة جديدة عليها . أول ما سألته حين قدم كان عن : سيدة الدار ، من هي ، وكيف تعرف عليها؟. لأنه عند قدومها تفحصتها بعين رقيب أخافتها . قال لها إنه عرف سيدة الدار عبر وسيط . ليست صاحبة أمكنة مفتوحة ، ولكنها تجارة من يحتاج ، ولا يريد أن يكون داره بضاعة عامة ، بل للخاصة الذين يتّبعون الحيطة والحذر ، خلوّة للهوى وسكراته . ذكر لها أنه عندما جاء أول مرة . تفحصته سيدة الدار بنظرٍ ثاقب ، نفذ من خلال الملابس إلى الجسد والروح . أطرق هو ثم أبدى بُرهة للبراءة أن تفوح من ملامحه كي يطمئنها ، لأن الروح القاهرة لا تنفع في الأماكن السريّة .
    سألته سيدة الدار أول مرة رأته :

    - أين تسكُن ؟

    قال لها سيرة مختصرة . وأفصحت سيدة الدار عن الخصوصية وموجباتها ، وأن للبيوت أسرارٌ لا يحق أن يعرفها إلا المؤتمنون .أمّن هو على ذلك ووعد بإتباع النُظم ، والاحتفاظ بالأسرار.

    (2)

    تحركت أرنبة أنفه . تسللت إليها الرائحة المخضبة في مصنع الروائح الشعبية .جلس قرب " صبيحة ". ارتبكت كثيراً كأنها تراه أول مرة . قالت إنها لم تتعوّد مثل هذه المواقف . وإنها تودعه قلبها و اسرارها ، كما تودعه مفاتنها وشوقها الذي طفح ، ثم أدمعت عيناها، فأطرق ساهماً ،ومسح الأدمع قبل أن تنزلق عن الخدّين.

    امسك يديها ، ليتبين الأصابع ، وتقاسيمها ، ولدانتها . قرأ السيرة المختبئة في تلال يدها اليمنى حين بسطت يدها . تل المُشتري ، وخطوط الرزق ، والعمر والمحبة . وجد خطاً مُنقطعاً ، فقلق على مُستقبلها، ولكنه صمت .أخفى ما رأى.
    قبّلها على الخد ، فأصيبت برجفة و نزع الثوب عنها ببطء ، وهي تكاد تقبض عليه ، فما تعودت على هذا الخروج عن المألوف . عاتبته بنظراتها . فقد أرادتها فسحة للخلوة ، ليقولا ما يريدا ، وتفسح هي لخواطرها أن تتجسد ، وأن تحسّ من جديد ألق أنوثتها ،تُعطره الذكورة من جديد . فقد كادت العادة الآسنة أن تأتي على العواطف الخضراء . استلقيا بملابسهما الداخلية ، على السرير الفسيح . تنفسا بعمق ، وانكفأ يقبل الجسد من أعلاه إلى أدناه . وانفتح طائرٌ مغردٌ في الساعة المعلقة على الحائط ، معلناً الوقت الذي يزمع أن ينقضي .

    (3)

    صورتها لا تشيء أنها من بيتٍ أقل من الحال المتوسط ، وأن الراحل والدها كانت له غرفة منعزلة عن مكان الأسرّة لمجموعة معارفه الخاصين الذين يلعبون الورق، طول النهار وإلى الغروب . قِمار يتستر بتجمع ست إلى تسعة أشخاص ، و لأن والدها صاحب المكان ، ويوفر الماء المثلّج للاعبين فله من المكسب ( نصف الستّة ) ، وهي من مصطلحات القِمار . وتلك من زلّات الحاجة ، والبقاء بلا عمل.
    أول كافيه انتقلا إليه بعد تعارفهما ، كان في مكان منزوٍ . وكانت " صبيحة " ترغب أن تكون بعيدة عن العيون . جلسا في زاوية خفيّة في المكان . انعكس ضوء على عينيها العسليتين ، فأضاءتا . يتحدثان ، كأنهما يقاطعان حديثهما ، ووجد نفسه مُتأملاً، كأن في صمتهما الكلام المعسول .
    قال لها أول مرة رآها ، إنها قطعة أثرية من امرأة جميلة التكوين ، خلاسية ، بُهارها حادق ، وصورتها نقية ، وتقاسيم الجسد ، أنغام هادئة ، وصورة وجهها وتقاطيع الأنف ارستقراطية الجمال.

    حكت له ضمن مجموعة أقاصيص أول اللقاء ،سيرة ابنها الأكبر ، وهو قمحي فاقع اللون ،وأنها عندما ذهبت تزوره في المدرسة الابتدائية في موطن والده ، وقابلت المدرِّسة المُشرفة ، وقالت عندما رأتها ، أنه لا يشبه أبيه ، فهو قطعة من أمه مسورٌ بالذكورة الناشئة . سردت له تفاصيل الحياة في موطنها الجديد . حي ريفي ، أشجار النخيل داخل البيوت ، والطرقات معشوشبة ، أشجار البلوط تلق بظلالها على الطرقات أمناً وسلامة.
    حكت له" صبيحة "عن رحلتها الأولى للشمالية أول مرة في حياتها تُغادر العاصمة
    إلى موطن زوجها ، فهو مدرِّس في المدرسة الثانوية في منطقتهم . فهو كما وصفت :رجل عادي ، طيب ، ومحدود الدخل مثل كل الذين استقطبت مؤسسات التعليم الحكومية ، في بلدٍ انقلبت فيه كل الموازين .

    تذكر أنه تعرّف على زوجها " محمود "في ليلة أنس مع مجموعة أصدقاء ، فهو كما وصفته "صبيحة" : ودود ، وعلى درجة مقبولة من الحصيلة الثقافية بحُكم المهنة ، ولكن أحسّ بطعم الحزن الدفين وحديثه عن أن المهنة التعليمية صارت تتسول من يتعطف عليها .
    حين قابل بين معرفته لمحمود وبين وصف زوجته" صبيحة " ، تأكد أنه هو . وقال لنفسه: كيف تتحرك النفوس ، وكيف تتدفق العواطف ، كالنُهير تنحدر إلى الوادي . فتأكد أن للمحبة سلطان أكبر من سلطة المال ، وجبروت أضخم من القيود الاجتماعية . وللقلوب دروب تقف عندها وتتلصص ، ثم تتكاسل وتنام في طريق الحياة الطويل . ثم تنتعش عندما تلمح النفوس المُتحابة وقد تآلفت من جديد ، وأحيت مزرعة العواطف ، من خارج صندوق العادات ونظم الحياة . ويأت الهوى من حيث لم يرِد الجميع . ينتقي من يشاء وهو لا يخضع للمصائر المعروفة .أحسّ بمكانته خائناً لأحد ممتهني التعليم وأصابه في أدفأ مكان الخصوصية . داس على ضميره وسكت عن وخز الإبر.

    (4)

    ليس للنهر من ضفة ثالثة أُخرى ، إلا مع هذه العواطف التي تأتي متسللة كالعواصف بغتة ،عبر مسيرٍ شاق . لن تُرضي أحد . تهب عليك ريح بئيسة ، تُلاحقك أينما تذهب . هفوة واحدة وينكشف السِتر. أحسّ بقدرةٍ بهلوانية في العبث بالمُثل والقيم النبيلة .
    حان موعد سفره المفاجئ ، فالجميع يخرجون زرافات إلى خارج الوطن ، رضيت الدولة بخروجهم أم لم ترض . لم يجد الوقت المناسب للتوديع . دخل بيت الأسرة الكبير . سأل عن والدتها ، والتقاها ، وسأل عن " صبيحة " ، فقالوا له جاءت أمس من السفر . انتظر في غرفة الضيوف قليلاً ،ثم حضرت ، بشوقها الذي يلفّه الصمت والحواجب الاجتماعية . قال أنه سوف يسافر خارج الوطن للعمل فقد اكتملت الإجراءات . التمعت عيناها ، كأن الدمع غشاوة ندية . أطرقت تنظر إلى الأرض ، وسألت وألحّت السؤال عن التفاصيل ، فعرفت أنه ليس بالأمر الطارئ ، ربما لن تراه إلا بعد سنوات . سيركب سفينة لا يعرف لبحرها ساحل . سألها :

    - ما في وصية ؟

    انهمرت الدموع من عينيها وقالت :

    - ربنا يكتب سلامتَكْ .

    اعتصر فؤاده ألمٌ ممض ،فتذكر نصاً يحكي عن الراوي أمام " حٌسنة بنت محمود " في رواية ( موسم الهجرة إلى الشمال ) :

    { حين سلّمت عليها أحسست بيدها ناعمة دافئة في يدي . امرأة نبيلة الوقفة ، أجنبيةالحُسن ، أم أنني أتخيل شيئاً آخر ليس موجوداً حقيقة ؟ .قامة ممشوقة تقرب من الطول، ليست بدينة ولكنها ريانة ممتلئة كعود قصب السكر ، شفتاها لعساوان طبيعة ،وأسنانها قوية بيضاء منتظمة . وجهها وسيم ، والعينان السوداوان الواسعتان . أنا مثل ... وملايين آخرين ، لست معصوماً من جرثومة العدوى التي يتنـزى بها جسم الكون ." امرأة أحس حين ألقاها بالحرج والخطر ، فأهرب منها أسرع ما أستطيع . ... خفق قلبي بين جنبي خفقاناً كاد يفلت زمامه من يدي .}

    عبد الله الشقليني
    29 أكتوبر 2014


    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 10-29-2014, 05:42 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
الضــفة الثالثة للنهـــــر. عبدالله الشقليني10-29-14, 05:03 PM
  Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. عبدالله الشقليني10-30-14, 05:01 AM
    Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. جلالدونا10-30-14, 05:11 AM
      Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. عبدالله الشقليني10-30-14, 05:42 AM
  Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. dardiri satti10-30-14, 05:16 AM
    Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. عبدالله الشقليني10-30-14, 06:23 AM
      Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. عبد الحميد البرنس10-30-14, 02:41 PM
        Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. عبدالله الشقليني10-31-14, 08:47 AM
          Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. عبد الحميد البرنس10-31-14, 03:08 PM
            Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. mustafa mudathir11-01-14, 04:50 AM
            Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. عبدالله الشقليني11-01-14, 05:23 PM
              Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. عبدالله الشقليني11-02-14, 05:32 AM
                Re: الضــفة الثالثة للنهـــــر. عبدالله الشقليني11-14-14, 06:18 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de