الاعلام المصري شغال شغل تقيل للبشير عشية زيارته لمصر

Quote: الأمن المصرى أين حدوده ؟ تنشغل الادارة المصرية بعدد من القضايا الداخلية والخارجية، وفى هذا الانشغال اهتمام بتصويب الأخطاء التى حدثت وتراكمت بسبب الاهمال الطويل للقضايا الملحة فى الدائرة المحيطة بمصر. الا ان مصر هى واحدة من الدول فى العالم الذى لا يمكن ان تنفصل قضاياها الداخلية عن الخارجية، ذلك امر اهتم به معظم العاملين فى الادارة العليا المصرية فى اغلب الاوقات، الا مؤخرا، ربما فى السنوات العشر الاخيرة، حيث تراخت قبضة مصر عن الشأن الخارجي، وأصبح بدلا من كونة شأنا وطنيا تحول إلى كونه شأنا ( شخصيا او حتى عائليا) ذلك على كل حال اصبح تاريخا. مع الادارة الجديدة يتطلع العرب الى ان تعود مصر (إقليم قاعدة) كما كانت من قبل ، ليس للعرب وحدهم ،ولكن ايضا للاقليم. ففى تراجع دور مصر الاقليمى دخلت دول الى خاصرة المنطقة العربية، وتوسع نفوذها حتى وصل الى مصر بعينها، ظنا من تلك القوي، ان مصر ليست قادرة على المقاومة او الافاقة. اليوم يتطلع العرب من جديد الى دور مصر،وهو ليس بالضرورة ،كما يتبادر الى الذهن عسكريا، ولكن استخدام مصر قوتها الناعمة فى التأثير فى المجال الحيوى حولها هو الاولوية. دائرتان تحيطان بمصر اليوم ينبعث منهما شرر متطاير، الاولى ليبيا، والثانية اليمن. كلتا الدولتين تقترب من الفشل، وهذا بحد ذاته يسبب تهديدا للامن الوطنى المصري، وللامن العربي، وكلاهما مؤثر بطريقة مختلفة، ولكن نتائجهما قريبة من بعضها. ليبيا محاذية لمصر وبالتالى فإن المخاطر من تفككها كدولة مركزية، مخاطر ضخمة، فهى ان استمرت بالطريقة التى هى فيها ،ستكون بؤرة لتدفق الاسلحة، وتملك منها الكثير بسبب ما خزنه معمر القذافي، وكما يمكن ان تكون مقرا لمنظمات عديدة، توصف اليوم بأنها (إرهابية) وهذا يزيد من العبء المصرى الداخلي. اما اليمن فلها ايضا حدود مشتركة مع مصر، إن أردنا المفهوم الواسع المستخدم اليوم فى تعريف الحدود، فهناك مجرى مائى يربط اليمن بشرق مصر، بل بممر حيوى لها وللعالم، هو قناة السويس الذى يؤمل منها ان تكون احدى قاطرات التنمية القادمة فى مصر. بوجود الحوثيين فى جنوب البحر الاحمر وتحكمهم جزئيا فى باب المندب، المدخل الجنوبى البعيد لقناة السويس، يعرض كل الخطط الموضوعة للقناة للمخاطر، كما تبقى فى مرمى الخطر، بل وقد يتسرب من ذلك المكان، بالتعاون مع دول فى جنوب مصر لا تخفى تعاطفها،ربما لاسباب تكتيكية او حتى انتهازية، مع ايران، المسيطرة على الحوثيين، وقد يتسرب من هناك عناصر عدم استقرار لمصر. ليس من الخافى لو اضفت اننا فى الخليج نتوجس خيفة ايضا من هذه الهجمة الايرانية، وانا هنا أريد ان اشدد انها ليست مذهبية، وان خدعت البعض من اجل التجنيد و التعبئة بأنها كذلك، هى فى الحقيقة توسع ايرانى من قبل الدولة الايرانية القومية، بثياب هذه المرة ( طائفية) هذا التوسع فى النهاية لا يقابله فى الحجم الحقيقى والمعنوى غير مصر، ليس لاسباب عاطفية، ولكن لاسباب مصلحية. الدولة الايرانية ترغب ،من خلال توسعها الذى اصبح حقيقة فى كل من العراق وسوريا وجزء غير يسير فى لبنان و اجزاء اخرى من الفضاء العربي، ترغب فى خلخلة الدولة العربية وإضعافها، (خاصة تلك التى لا تحكم من المستضعفين، حسب التعبير الايراني) من اجل ان تجد موضع قدم لها. فى تلك الدول، وقد حاولت فى مصر بقوة فى الفترة الاخيرة من حكم الرئيس الاسبق حسنى مبارك ،وتعاظمت حركتها فى حكم الرئيس الأسبق محمد مرسى الذى استضاف الرئيس الايرانى المتشدد احمد نجاد فى قلب قاهرة المعز،ولم يتوان الاخير بالحديث انهم الآن اصبحوا فى قلب القاهرة. الخلل الذى نراه فى المنطفة من تسارع وتكاثر النبت الارهابى ، هو فى بعضه ليس بعيدا عن الطموحات الايرانية، واصبح اليوم موثقا ان ايران الدولة قد استضافت عددا من قيادات (القاعدة) الذين فروا من وجه الهجمة الامريكية الاوروبية فى افغانستان كى يلبثوا بعض الوقت لالتقاط الانفاس فى الدولة الايرانية، بل جرى تجنيد بعضهم لاعمال تحقق مصلحة تلك الدولة. من جهة اخرى فان ما يجرى فى سوريا ايضا يمس الامن الوطنى المصري، لان انهيار الدولة السورية وفقدان تماسكها، كما يجرى الآن، يعرض الجناح الشرقى لمصر لمخاطر عديدة، ليس اقلها انفلات الارهاب او التعرض لشرق البحر المتوسط ،الذى تمتد عليه السواحل والمدن المصرية، وهو مجال حيوى للاقتصاد والامن معا. قلت ما سبق لأبين ان المعركة المصرية هى ليست داخلية فى فقط ، من اجل ضبط البيت المصرى الداخلي،ولكن تتخلل ذلك ايضا النظرة الموضوعية للتحديات التى تواجه مصر، كونها دولة مركزية وكونها ايضا دولة قاعدية. و من هنا فان استخدام الادوات المتوافرة لمصر فى مواجهة هذه التحديات عمل واجب التفكير فيه وبشكل عاجل. من الادوات المتوافرة ما يمكن ان يسمى جبهة الاعتدال والتنمية العربية،وهى الجبهة التى تمتد من المملكة العربية السعودية والخليج مرورا بالاردن وانتهاء بالمغرب العربي. هذه الدول تواجه تقريبا نفس الاخطار، وترغب فى نفس النتائج وهو استقرار المنطقة وتنميتها. هذا ملف من الاوفق ان يكون مجال درس وتمحيص وايضا ابتكار افكار وطرق، من اجل بث الروح فيه وتعضيده. وهو ان اكتمل يمكن التعامل به ومعه فى المجال الدولي، الذى يقف اليوم حائرا امام التطورات الحادثة فى المنطقة ولا يملك مشروعا محددا للخروج من المأزق الذى يواجه فى منطقة الشرق الاوسط، غير الطائرات التى تستهدف كل متحرك!. لقد نجحت الادارة المصرية الحالية فى ادارة ملف غزة، بل يُعزى لموقفها المتوازن وبعيد النظر، ان عاد الفلسطينيون الى ما كان يجب ان يعودوا اليه، الوحدة الفلسطينية،وعدم السماح للآخرين، تحت اى غطاء ،ان يستثمروا الورقة الفلسطينية، وقد جاء ذلك النجاح ليلقى صدى فى اكبر دولة غربية مهتمة بالمنطقة،واعنى بها بريطانيا حيث صوت برلمانها المنتخب بأغلبية من حضر الاسبوع الماضى مع الاعتراف بدولة فلسطينية. العمل السياسى المنظم ذو الرؤية الذى يمكن ان تتوافق عليه الدول المعتدلة العربية، وتكون مصر الاولى بين هذا الفريق، يمكن ان يؤدى الى اولا تقليل المخاطر، وثانيا الى التغلب عليها، تركها الى الزمن هو اهمال لا يستطيع احد ان يتحمل عواقبه.