|
Re: فاطمة: المهدي، الترابي والبشير هم من زرع المذهب الشيعي في السودان (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
Quote: ودعمت إيران الحكومة السودانية بالمال والسلاح والتدريب في قطاعات مختلفة، بما في ذلك الأمن والقضاء(40). وعكست الزيارة التي قام بها محمود أحمدي نجاد مطلع 2013 أهمية العلاقة بالنسبة لكلا البلدين(41)، واهتم الإعلام الإيراني بالزيارة، ونشر صورًا تبين مدى الترحيب الذي لقيه نجاد، وجرى التركيز على لافتة باللغة الفارسية تحمل عبارة: "صلِّ على محمد.. جاءت رائحة الخميني"(42)، وإن كان مسؤولون في الخارجية السودانية قد عبّروا صراحة عن أن الارتباط بإيران "عقبة في طريق الفوز بمزيد من الاستثمارات من دول الخليج العربية؛ وهي من أكبر مانحي المعونات للسودان"(43).
العلاقة مع حماس: الدعم السوداني
أسهم السودان بشكل كبير في تدريب وتسليح حركة المقاومة الإسلامية حماس، واتخذ هذا الدعم زخمًا كبيرًا في الفترة (2005-2013)؛ حيث نشطت حركة نقل الأسلحة الإيرانية إلى قطاع غزة بمحاذاة الساحل الغربي للبحر الأحمر في الأراضي السودانية، لتواصل سيرها بمحاذاة الساحل المصري على البحر الأحمر، لتصل إلى سيناء، ومنها إلى غزة(44).
مثّلت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مصنع اليرموك للسلاح في الخرطوم في نهايات أكتوبر/تشرين الأول 2012، مؤشرًا على القلق من تنامي الدور السوداني على هذا الصعيد. وجرى توجيه نقد ومعارضة لهذا الدور داخل السودان، واعتبره نواب في جلسة خاصة للمجلس الوطني سببًا في فشل السودان في جلب قروض من الخارج، وأن هذا الفشل يعود بالأساس إلى علاقته مع حماس وحزب الله وإيران، وعبّر عنه أحد النواب بالقول: "فقدنا كل الدول الصديقة والشقيقة"(45). وتصاعدت الانتقادات للبشير لما قيل من أنه أعطى موافقة لإقامة قواعد عسكرية إيرانية في السودان، من بينها قاعدة بحرية إيرانية حول ميناء بورتسودان(46)، وهو ما نفته الحكومة السودانية أكثر من مرة.
وفي مارس/آذار 2014 جرى توقيف سفينة "كلوس سي" في البحر الأحمر قبالة الحدود السودانية-الأريتيرية، وكانت السفينة محمّلة بقذائف صاروخية طراز "إم 302" تم إخفاؤها في أكياس للأسمنت وجرى الزعم بأنها في طريقها إلى قطاع غزة عبر السودان على أن يتم تهريبها عن طريق سيناء. وعلّق آدم محمد أحمد، أستاذ العلوم السياسية ومدير مركز الدراسات السودانية الدولية، قائلاً: "من المؤكد أنها كانت في طريقها لحماس عبر السودان، وأن هذا هو الطريق الوحيد لوصولها إلى قطاع غزة عبر سيناء ليتم تهريبها عبر الأنفاق"(47)، رغم أنه تم توقيفها قبل أن تدخل المياه الإقليمية للسودان.
انقسام وغياب للإجماع
كانت العلاقة مع إيران موضوع جدل ونقاش في السودان على مدى تاريخ هذه العلاقة، وعبّر ذلك عن نفسه في شكل انقسامات داخل المؤسسة السياسية والنخب الحاكمة، ووصل ذلك إلى المؤسسة العسكرية التي ما زالت تدافع عن العلاقة مع إيران وتتمسك بها إلى اليوم(48)، واشتكى مسؤولون سودانيون أكثر من مرة من عدم علمهم بإجراءات وترتيبات عسكرية مع إيران، كان لها تبعات سياسية ووضعت وزارة الخارجية السودانية في مواقف محرجة(49). ومن اللافت أن الخلاف في هذا المجال لا ينصبّ على قضايا ثانوية وإنما يأتي في صلب التخطيط الاستراتيجي للسودان، وموقفه من التحالفات الدولية والعلاقات الإقليمية(50).
ويمكن الحديث عن وجود تيارين رئيسيين وسط حزب المؤتمر الوطني الحاكم تجاه السياسة الخارجية والعلاقة مع إيران تشكلا منذ سنوات ومازالت حالة التجاذب بينهما قائمة. يتشكل التيار الأول من أقطاب المؤسسة الأمنية والعسكرية والعقائديين والذين يرون في التحالف مع إيران ضرورة لتعزيز قوة السودان الأمنية والعسكرية.أما التيار الثاني فيضم بعض العقائديين الذين عملوا خلال العقدين الماضيين في إدارة ملف الخارجية والذين توصلوا لحقيقة أن التعاطي مع العلاقات الخارجية يجب أن يتم على أساس المصلحة.(51)
بدأ هذا التيار ينمو عقب تولي وزير الخارجية السابق د.مصطفي عثمان إسماعيل لمنصبه. وينطلق هذا التيار في تفكيره فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران من عدة نقاط رئيسية: أولها أن التحالف مع محور ايران سيلحق الضرر بعلاقات السودان الإقليمية، خصوصاً مع الدول الخليجية الذين يعتبرون أن أي وجود إيراني على مياه البحر الأحمر هي بمثابة محاصرة للجغرافيا الغربية للخليج. كما أن التحالف مع طهران هو بعيد كل البعد عن الاحتياجات والمصالح التي يمكن تحقيقها للسودان، حتى ولو كانت مصالح عسكرية. وبالتالي فإن العمل في خضم هذا المحور يعود بالفائدة على إيران اكثر من السودان حيث تستغل الأولى لكسر عزلتها.
أبعاد القرار: خلاصات ونتائج
تطرح التفاصيل السابقة أسئلة حول أبعاد القرار السوداني والمدى الذي من الممكن أن يصل إليه مستقبلاً، ويأخذ ذلك محاور عدة لعل أهمها:
القضية الدينية والتركيبة الاجتماعية(52)، وهنا يحق للحكومة السودانية أن ترفع مخاوفها من نشوب صراع طائفي بين السنّة من جهة والشيعة من جهة أخرى وحتى بين السلفية الوهابية التي ارتفع صوتها في السودان مؤخرًا والطرق الصوفية من جهة ثانية. سيُدخل ذلك السودان في حالة من الاستقطاب السياسي/الديني، خاصة إن نجحت جهود المجموعات التي تتبنى التصعيد وتطالب بحظر المذهب الشيعي وقطع العلاقة مع إيران. وربما يكون القرار بداية لظهور معارضة سياسية في السودان ذات صبغة شيعية، خاصة وأن هذا الوجود بات حقيقة واقعة والتصدي له اليوم سيكون له ثمنه، حتى في العلاقة مع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان والمدافعين عن الحريات الدينية. هناك تخوف من أن يكون القرار فاتحة لسعي إيراني لخلق تحالفات جديدة ضد الدولة السودانية في الشريط الإفريقي المدعوم من إيران، خاصة وأن العلاقة مع السودان خلال العقد الماضي، مكّنت إيران من أن تكون لاعبًا مهمًا في الملف الفلسطيني، وأعطتها ثقلاً إسلاميًا لم يكن يتوافر لها لولا هذا الدور؛ فالسودان الذي شكّل معبرًا مهمًا لإرسال الأسلحة لقطاع غزة، منح في الوقت ذاته لإيران الدور الذي تبحث عنه. لكن في الوقت ذاته يتعين قراءة ردة الفعل الإيرانية ضمن التغيير الذي طال السياسة الخارجية الإيرانية منذ مجيء روحاني إلى سدة الرئاسة، وهو التغيير الذي طال الملف الفلسطيني أيضًا، ومؤشرات ذلك كثيرة أهمها رد الفعل الإيراني خلال العدوان الأخير على غزة. من المنطقي أن نتوقع في الوقت ذاته نشوء تحالفات جديدة بين السودان والمحيط السنّي متمثلاً في دول الخليج(53)، ويعزز من هذه التحالفات أن يحصل السودان على دعم ملموس من الدول الخليجية. أن ما يؤشر على أن القرار السوداني لن يقف عند حدود إغلاق المراكز الثقافية ما صرّح به رئيس البرلمان السوداني، الفاتح عز الدين، من أن "لجنة التشريع والعدل بالبرلمان تتجه بالتنسيق مع هيئة علماء السودان ومجمع الفقه الإسلامي لسنّ تشريع قانون يجرّم أفعال الشيعة"، و"القانون المقترح إجازته في الدورة البرلمانية القادمة سيجرّم الفعل بالقانون وليس بالقرار السياسي"(54). أن سعي البرلمان السوداني لإعطاء هذا الحظر صبغة قانونية، وتجريم التشيع من شأنه أن يُدخل السودان في صراعات سياسية اجتماعية لن تكون تبعاتها بالهينة. أن الانقسام الذي رافق هذه العلاقة داخل الصف السوداني مؤهل للتزايد، ولا يمكن هنا تجاهل دور المؤسسة العسكرية، وكذلك موقف حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه الترابي؛ حيث اعتبر قرار إغلاق المركز الثقافي الإيراني وفروعه في الولايات بالخطأ، وطالب الحكومة بالتراجع عن القرار. سيكون السودان ملزمًا بدفع ثمن مضاعف إذا لم يجد ردًا على خطوته بقرارات تُنهي أو تخفف عزلته الدولية والإقليمية، خاصة مع الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي اشتدت بعد انفصال الجنوب. _____________________________ د. فاطمة الصمادي - باحثة في مركز الجزيرة للدراسات، متخصصة في الشأن الإيراني.
الهوامش والمصادر 1- العريفي يكشف أسباب إغلاق السودان الملحقية الثقافية لإيران، البينة، 3 سبتمبر/أيلول 2014: http://www.albainah.net/index.aspx?function=Itemandid=60184andlang=http://www.albainah.net/index.aspx?function=Itemandid=60184andlang= 2- السودان يغلق مراكز ثقافية إيرانية: مخاوف من تمدد التشيع أم لإنهاء عزلة الخرطوم؟، سي إن إن العربية، سبتمبر/أيلول 2014: http://arabic.cnn.com/middleeast/2014/09/02/sudan-close-iranian-cultural-centershttp://arabic.cnn.com/middleeast/2014/09/02/sudan-close-iranian-cultural-centers 3 - إيران تحذر من تغلغل أفكار "التكفير والتخريب" بالسودان بعد إغلاق مراكزها بتهمة "نشر التشيّع"، سي إن إن العربية، الأربعاء, 10 سبتمبر/أيلول 2014: http://arabic.cnn.com/middleeast/2014/09/10/iran-sudan-sunni-shiitehttp://arabic.cnn.com/middleeast/2014/09/10/iran-sudan-sunni-shiite 4- دلايل احتمالي تعطيلي مرکز فرهنگي ايران در سودان، راديو فردا، 3 سبتمبر/أيلول 2014: http://www.radiofarda.com/content/f8-sudan-iran/26564264.htmlhttp://www.radiofarda.com/content/f8-sudan-iran/26564264.html
5- تداعيات إغلاق مقرات إيرانية بالخرطوم مستمرة: 12 ألف شيعي سوداني وتوقعات بتحسن العلاقة مع الخليج، سي إن إن العربية، 4 سبتمبر/أيلول 2014: http://arabic.cnn.com/middleeast/2014/09/04/sudan-iran-shiitehttp://arabic.cnn.com/middleeast/2014/09/04/sudan-iran-shiite 6 - تداعيات إغلاق مقرات إيرانية بالخرطوم مستمرة: 12 ألف شيعي سوداني وتوقعات بتحسن العلاقة مع الخليج، سي إن إن العربية، مرجع سابق. 7 - من مقابلة للباحثة مع الباحث السوداني جمال الشريف، أُجريت من خلال الهاتف، الأربعاء 10 سبتمبر/ أيلول 2014. 8- منى عبد الفتاح، شيعة السودان: بذور الوجود وخبايا الإبعاد، الجزيرة نت، 12 سبتمبر/أيلول 2014: http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2014/9/11/%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%B0%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%AF-%D9%88%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AFhttp://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2014/9/11/%D...A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF 9- من مقابلة للباحثة مع الباحث السوداني جمال الشريف، مرجع سابق. 10 - منى عبد الفتاح، شيعة السودان: بذور الوجود وخبايا الإبعاد، الجزيرة نت، 12 سبتمبر/أيلول 2014، مرجع سابق. 11- منى عبد الفتاح، شيعة السودان: بذور الوجود وخبايا الإبعاد، الجزيرة نت، 12 سبتمبر/أيلول 2014، مرجع سابق. 12- من مقابلة للباحثة مع الباحث السوداني جمال الشريف، مرجع سابق. 13 - من مقابلة للباحثة مع الباحث السوداني جمال الشريف، مرجع سابق. 14- محمد فتحي يونس، في ظل غياب الاهتمام من قبل الدولة تقرير: إيران ترعى مدًا شيعيًا في السودان، 18 أغسطس/آب 2014: http://www.24.ae/article/97765/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%B1%D8%B9%D9%89-%D9%85%D8%AF%D8%A7%D9%8B-%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%8B-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86.aspxhttp://www.24.ae/article/97765/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B...%AF%D8%A7%D9%86.aspx 15- من مقابلة للباحثة مع الباحث السوداني جمال الشريف، مرجع سابق. 16- محمد فتحي يونس، في ظل غياب الاهتمام من قبل الدولة تقرير: إيران ترعى مدًا شيعيًا في السودان، 18 أغسطس/آب 2014، مرجع سابق. 17- محمد فتحي يونس، في ظل غياب الاهتمام من قبل الدولة تقرير: إيران ترعى مدًا شيعيًا في السودان، مرجع سابق. 18- معصومة نصيري، آسيب شناسي فعاليت فرهنگي جمهوري اسلامي إيران در قاره آفريقا مطالعه موردي: كشور سودان(معضلات الأنشطة الثقافية الإيرانية في إفريقيا: دراسة حالة السودان)، مركز مطالعات آفريقا (مركز دراسات إفريقيا)- دانشگاه تربيت مدرس(جامعة تربيت مدرس)، پژوهشنامه افريقيا (دورية أبحاث إفريقيا، السنة الأولى، العدد الثاني، 1388، ص 55-92. 19-إيران: مراكزنا الثقافية بالسودان تشتغل بشكل طبيعي، العربية، 4 سبتمبر/أيلول 2014: http://www.alarabiya.net/ar/iran/2014/09/02/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%BA%D9%84%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D9%83%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%89-%D9%88%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%AD%D9%82.htmlhttp://www.alarabiya.net/ar/iran/2014/09/02/%D8%A7%D9%84%D8%...%84%D8%AD%D9%82.html 20- عرب أحمدي، نقلاً عن معصومة نصيري، گزارش چهارمين گردهمايي سراسري رايزنان ونمايندگان فرهنگي خارج از کشور سازمان فرهنگ وارتباطات اسلامي (تقرير الاجتماع العام الرابع للمستشارين والممثلين الثقافيين في الخارج، 1381، تهران. پژوهشنامه افريقيا (دورية أبحاث إفريقيا، السنة الأولى، العدد الثاني، 1388، ص 55-92). |
|
|
|
|
|
|
|
|
|