فاطمة: المهدي، الترابي والبشير هم من زرع المذهب الشيعي في السودان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 05:07 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-19-2014, 08:38 PM

سيف اليزل سعد عمر
<aسيف اليزل سعد عمر
تاريخ التسجيل: 01-11-2013
مجموع المشاركات: 9476

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فاطمة: المهدي، الترابي والبشير هم من زرع المذهب الشيعي في السودان (Re: سيف اليزل سعد عمر)

    Quote: حمل قرار السلطات السودانية مؤخرا، بإغلاق عدد من المراكز الثقافية الإيرانية في السودان، والطلب من القائمين عليها مغادرة الأراضي السودانية، في طياته مؤشرات عدَّة على أن العلاقات القوية بين البلدين لم تعد بمستواها السابق، وأن المسألة تتجاوز "القلق السوداني من انتشار الفكر الشيعي" لتصل إلى صلب العلاقات الدبلوماسية والمكاسب والتبعات التي يتحملها كل طرف، وذلك على الرغم من الحملة المنظمة التي يقودها التيار السلفي ضد ما يُسمى بـ"التغلغل الشيعي في السودان" والذي احتفى بالقرار واعتبره تتويجًا لجهوده(1).

    ويبدو وجيهًا ما أوردته بعض الصحف السودانية من أن "قرار إغلاق المركز الثقافي بالسودان وكافة فروعه بالولايات يعود إلى عدم رضا الخرطوم عن مجمل العلاقات بين البلدين"(2)، ويمكن ربط ذلك بتراجع مكانة السودان ومستويات العلاقة معه في حكومة حسن روحاني التي اتبعت منذ وصوله إلى رئاسة إيران سياسة تقوم على التخفف من كثير من الملفات التي تثقل كاهل مفاوضاتها مع الغرب والولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق بالملف النووي والعقوبات. ومن الملاحظ النبرة الهادئة التي قابلت بها إيران قرار إغلاق مراكزها الثقافية في السودان، وإن كانت قد اتهمت جهات بـ"محاولة تخريب العلاقات" وحذرت من تغلغل أفكار "التكفير والتخريب" بالسودان(3). تسعى هذه الورقة إلى بحث العلاقات السودانية-الإيرانية ومساراتها، وتحاول رصد الاحتمالات المستقبلية للعلاقة على ضوء القرار الأخير.

    خلفيات القرار وتبعات العلاقة

    كانت العلاقات الإيرانية-السودانية خلال العقد الماضي توصف بالعلاقات الدافئة والعميقة، ويرجّح بعض الدبلوماسيين الإيرانيين السابقين أن يكون للقرار خلفيات أمنية. ويرون أن العلاقات السياسية الجيدة مع السودان انعكست وتركت تأثيرًا ملحوظًا في العلاقات التجارية والعسكرية والثقافية. ويسوق أصحاب هذا الرأي حجة على صحة ما ذهبوا إليه بأن نشاط هذه المراكز ليس جديدًا وهي تعمل منذ سنوات تحت سمع الحكومة السودانية وبصرها، ويعتقدون أن العنوان الثقافي استُخدم غطاء لنقل أسلحة على أنها منتجات ثقافية(4).

    ويظهر أن علاقات السودان مع الجار الشمالي، مصر، وتطورات هذه العلاقة خلال الأسابيع الماضية لم تكن بعيدة عن مجريات القرار السوداني بشأن المراكز الثقافية الإيرانية، خاصة مع التقارب الذي بدأت تشهده علاقات السودان مع مصر، فقد باتت الحاجة ملحّة بالنسبة للسودان ليحسن علاقاته معها، خاصة مع تعاظم القلق من عدم الاستقرار الذي تمر به الدول المجاورة للسودان وفي مقدمتها ليبيا. ومن الواضح أن تحسن العلاقة مع مصر سيؤثر بشكل كبير على العلاقة مع المملكة العربية السعودية.

    وفي مقابل ردود الفعل الإيرانية الهادئة، شهدت الساحة السودانية تتالي المواقف المؤيدة للقرار الحكومي، وبرز في هذا السياق تأكيد مجمع الفقه الإسلامي دعمه لإغلاق المركز الثقافي الإيراني ووصف الخطوة بـ"المباركة" وأن الجهود يجب أن تستمر "للحد من تمدد الخطر الشيعي بالبلاد، واتخاذ التدابير التي تكفل ذلك" وأعاد مطالبه السابقة، وبينها التأكيد على سنيّة السودان وإغلاق الحسينيات الشيعية. ورحبت جماعة "أنصار السنة المحمدية" بالقرار واعتبرت أنه "سيفتح باب التعامل مع دول الخليج التي أبدت في عدة مناسبات قلقها من أنشطة تلك المراكز... وستمهد لعودة العلاقات السودانية-الخليجية إلى سابق عهدها"(5). لكن مسؤول التنظيم بحزب المؤتمر الوطني الحاكم حامد صديق لا يرى في القرار تأثيرًا كبيرًا على علاقة السودان بإيران، فالقضية وفق مايراه "لا ترقى لمستوى التأثير على علاقات البلدين الثنائية"، ونفى وجود ضغوط اقتصادية مورست على السودان من دول الخليج والسعودية(6).

    ويمكن تقديم مجموعة من الأسباب التي تشكّل خلفيات للقرار السوداني، نجملها بالتالي:

    حركة التشييع: فالإيرانيون باتوا يتوسعون في الدعوة إلى التشيع دون مراعات لكون السودان بلدًا سنيًّا؛ مما دفع الكثير من المؤسسات والشخصيات السودانية إلى المطالبة بوضع حد للأنشطة الإيرانية في السودان(7). لكن السؤال الذي يطل برأسه هنا: لماذا انتفضت هذه المؤسسات الدينية السنية في هذا الوقت بالذات، ولم تكن لها مواقف واضحة في انتقاد النظام الحاكم أو توجيهه في أشدّ القضايا وأكثرها إلحاحًا مثل قضايا الفساد والفقر وغيرها؟ وهو ما يجعل الكاتبة منى عبد الفتاح ترى أنّ هناك صراعات مشتعلة بين هذه المؤسسات من جهة والطرق الصوفية التي تشبه إلى حدٍّ كبير المعتقد الشيعي فيما يتعلق بطقوس التبرّك بقبور الأولياء الصالحين وتقديس الأحياء منهم والقيام ببعض الشعائر الأخرى(8).
    الظرف السياسيُّ: ويتلخص بشكل كبير في اتساع عزلة السودان الدولية(9)؛ فعندما اتجه السودان صوب إيران كان بدافع هذه العزلة التي خلقتها العقوبات الأميركية والقرارات الدولية بتصنيفه من ضمن الدول الراعية للإرهاب ومكوثه في هذه القائمة بمعية إيران. وتفاقم هذا الخطر لأنّ العزلة أصبحت في محيطه الإقليمي ومن الدول المجاورة ودول الخليج(10).
    الضغط الاقتصاديُّ: فعندما اتجه السودان نحو إيران كان يعوّل عليها اقتصاديًا خاصة بعد انفصال الجنوب، وقد وجد السودان توجهًا مماثلاً وإغراءات من إيران في هذا الشأن اعتمدت على استراتيجية تقديم دعم محدود من أجل إنفاذ برامجها، ولكن لم يكن المقابل بحجم ما وفرّته الحكومة من تسهيلات(11)، وكان ما تلقاه السودان زهيدًا بل تعالت الشكوى السودانية أكثر من مرة من الفوائد المفروضة على الديون، ويشير إلى الجزئية الباحث جمال الشريف بقوله: "في الأزمات لا يقدم الإيرانيون المساعدة المطلوبة.. لقد كنت ضمن لجنة المفاوضين في ملف الديون مع الإيرانيين.. حين يحين موعد السداد لا يمهلوننا يومًا واحدًا"(12).
    الضغط الإقليمي: لم يظفر السودان من التعاون مع إيران إلا بمقترحات لمشاريع عسكرية، ووظفت إيران ما قدمته للسودان في خدمة مصالحها وخططها للتوسع نحو إفريقيا. وكانت هذه العلاقة مكلفة للسودان على صعيد علاقاته العربية فقد خسر دعم دول الخليج. وهناك من يري أن الجالية السودانية الكبيرة الموجودة في الخليج ما زالت متنفسه الاقتصادي، وقد لعبت هذه الجالية دورًا كبيرًا في إصدار القرار الأخير(13).
    الشيعة في السودان

    تشير المعادلة الحسابية للشيعة في السودان، وفق أكثر من مصدر إلى أن عددهم قد يصل إلى 12 ألفًا، أي ما يعادل 3 بين كل 10 آلاف سوداني. وتتعدد مؤشرات تنامي المد الشيعي في السودان، ومنها: تزايد أعداد الشيعة السودانيين، فعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية دقيقة لأعداد الشيعة في السودان؛ إلا أن التقديرات غير الرسمية تشير إلى وجود ما بين 10 و12 ألف شيعي. وطبقًا لتقديرات أخرى غير رسمية أيضًا وصل عددهم 13 ألفًا عام 2013؛ حيث يضم هذا التمدد فئات تُعتبر متعلمة ومثقفة إلى حد بعيد(14). وربما يفسر ذلك ما ورد على لسان الصادق المهدي في خطاب في ديسمبر/كانون الأول 2013 الماضي، من أن المكون الشيعي أصبح يُشكّل طرفًا مهمًا في المعادلة السياسية في السودان، وأن السودان اليوم يشهد ثلاثة اشتباكات، من بينها الاشتباك السني-الشيعي.

    وهناك من يشكّك في هذه النسبة ويحصر الشيعة السودانيين في عدد لا يتجاوز ثلاثة آلاف شخص(15).

    ويعد انتشار الحسينيات الشيعية، ملمحًا لازدياد التشيع فوصل عددها في الآونة الأخيرة إلى ما يقرب من 15 حسينية، وفقًا لتقديرات غير رسمية، ذلك فضلاً عن عدد من المساجد والزوايا في مختلف أرجاء الدولة. وفق تقرير صادر عن المركز الإقليمي للدراسات في القاهرة(16). ويتسم التواجد الشيعي في السودان بالتمدد الجغرافي؛ إذا لم يعد يقتصر على منطقة جغرافية بعينها، ويمتد ليشمل العديد من المناطق أبرزها مناطق واسعة من العاصمة الخرطوم وشرق النيل والنيل الأبيض وكردفان، ويتم التوسع بشكل أفقي، في إشارة إلى زيادة عددهم، فيما يُعرف بـ"لا مركزية التشيع"(17).

    تاريخ الوجود الثقافي الإيراني في السودان

    يرجع أول ارتباط ثقافي غير رسمي بين إيران والسودان إلى العام 1979 وكان ذلك على يد الحركة الطلابية السودانية التي احتفت برسالة بعث بها الخميني إلى الطلاب السودانيين. وقد شهد السودان مظاهرات حاشدة مؤيدة للثورة الإسلامية. أما أول مؤسسة ثقافية إيرانية في السودان فقد أُنشئت من قبل وزارة الإرشاد عام 1984 حين أرسلت أول ممثل ثقافي للوزارة إلى السودان.

    وحتى العام 1995 كان الكثير من المؤسسات الإيرانية يعمل بصورة منفصلة عن بعضها في السودان، ومن أبرزها: وزارة الإرشاد، وحرس الثورة، وحوزة قم العلمية، ومكاتب بعض مراجع التقليد، والمركز العالمي للعلوم الإسلامية وغيرها من المؤسسات. وفي عام 1995 جاء القرار الإيراني من مرجعيات عليا، بتوحيد عمل الكثير من المؤسسات وإسناد عملها إلى المستشارية الثقافية ووزارة الاستخبارات ووزارة الخارجية، وحتى وقت قريب كانت هناك مؤسستان ثقافيتان إيرانيتان فعالتان في السودان(18):

    المستشارية الثقافية بممثل عن مؤسسة الثقافة والاتصال الإسلامي.
    معهد الإمام الصادق: ويضم ممثلين عن مؤسسة المدارس والحوزات العلمية في الخارج.
    ويعود الوجود الثقافي الإيراني في السودان، بشكله المنظم إلى فترة الثمانينات من القرن العشرين، وإن كان أول مركز ثقافي إيراني بالخرطوم قد أُنشئ عام 1988 في عهد رئيس الوزراء الصادق المهدي. ومع وصول عمر البشير إلى الحكم، شهدت العلاقات الإيرانية-السودانية نشاطًا للمراكز الثقافية الإيرانية حيث افتُتح مركز جعفر الصادق ومركز فاطمة الزهراء التي يمتد نشاطها وسط السودان ونهر النيل وكردفان(19).

    ويأتي التواجد الثقافي الإيراني في السودان ضمن مشروع أكبر يتعلق بالتواجد الثقافي الإيراني في إفريقيا. ووضعت الجمهورية الإسلامية لتواجدها الثقافي في إفريقيا بعد الثورة الإسلامية، عددًا من الأهداف، أبرزها:

    نشر الإسلام بالتزامن مع نشر أفكار الإمام الخميني.
    تبيين فلسفة الجمهورية الإسلامية في الحكم.
    خلق حالة من التعاطف والدعم للتوجهات والقرارات الإيرانية بين المثقفين وقادة الرأي في بلدان العالم وبلدان إفريقيا(20).
    وبعد الثورة الإسلامية كانت الدعوة إلى الإسلام، وعلى وجه الخصوص وفق المذهب الشيعي على الصعيد الدولي وخاصة في الدول الإسلامية، سببًا في جعل الفعاليات التي تأتي ضمن الإطار المذهبي السياسي تتقدم على ما سواها من الفعاليات في القارة الإفريقية(21).

    يرجع معظم المؤسسات والفعاليات الثقافية الإيرانية في تاريخه إلى الثورة الإسلامية؛ حيث نشأ بعد الثورة الكثير من المؤسسات التي لم تكن موجودة من قبل. ومن أبرز المؤسسات الفاعلة في السودان وإفريقيا:

    مؤسسة المدارس والحوزات العلمية خارج إيران: وتقوم ببناء وتأسيس المدارس والحوزات الدينية والجامعات، ومن أبرز مؤسساتها: معهد الإمام جعفر الصادق في السودان، وجامعة غانا الإسلامية في غانا. ومن منشوراتها، دورية تشيع الحياة الطيبة في مصر، وتعرف بأنها مجلة فكرية شيعية ولديها إذنٌ بالطباعة والتوزيع(22).

    المركز العالمي للعلوم الإسلامية: وهو من المؤسسات الفعالة التي تهدف إلى جذب الطلبة، وتعليم التشيع لشباب الدول التي يتواجد فيها المركز، ويلتحق بالمركز طلاب من أكثر من مئة بلد حول العالم، ويخضعون لدورة دراسية لمدة ستة أشهر(23).

    ولأن هاتين المؤسستين كانتا تتقاضيان مخصصات منفصلة لكل منهما، رغم اشتراكهما في الأهداف، تم دمجهما في مؤسسة واحدة هي جامعة المصطفى العالمية عام 2007. وبدمجهما صارت هذه المؤسسة تقدم العلوم المعاصرة إلى جانب العلوم الدينية.

    المجمع العالمي لتقريب المذاهب الإسلامية: ويعد من المؤسسات المؤثرة والناشطة في السودان وعدد من بلدان العالم الإسلامي، ويسعى إلى تعزيز المشتركات بين المذاهب الإسلامية والتعامل مع مشاكل الاختلاف(24).

    المجمع العالمي لأهل البيت: وهو من المؤسسات الإيرانية الناشطة في إفريقيا، وقد قام منذ العام 1991 بنشر وترجمة عشرات الكتب بلغات مختلفة، وفي عام 2004 أنشأ المجمع جامعة تحمل الاسم نفسه ومن أبرز أهدافها نشر فكر التشيع بلغة بسيطة وقابلة للفهم، وفي السنوات الأخيرة بدأت الجامعة تستخدم الإنترنت على نطاق واسع، للتواصل مع الطلبة، وتقديم الدروس لهم(25).

    مؤسسة التبليغات الإسلامية: وتحرص هذه المؤسسة على تأكيد العلاقة بين إيران والإسلام.

    مؤسسة الثقافة والعلاقات الإسلامية: أُنشئت هذه المؤسسة بموافقة مباشرة من مرشد الثورة الإسلامية 1995، وتم فيها دمج أربع من المؤسسات التي تحمل نفس الأهداف، ومن أهم أهدافها: التعريف بثقافة الجمهورية الإسلامية، وأهداف الثورة وأصول الإسلام والتشيع، إضافة إلى التعريف بالثقافة الإيرانية والفن الإيراني(26). وكان مجمع التقريب والمجمع العالمي لأهل البيت من المؤسسات التي أُدمجت فيها، لكنها ما لبثت أن استقلّت وعادت للعمل بشكل منفرد. يخطط لهذه المؤسسة فريق من 12 شخصية، هم مندوبون عن: وزارة الثقافة والإرشاد، ومؤسسة المدارس والحوزات العلمية في الخارج، ووزارة الخارجية، والمجمع العالمي لأهل البيت، والمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، ومؤسسة النهوض بالتعليم، ومؤسسة التبليغ الإسلامي، وممثلون عن مرشد الثورة(27).

    إسلاميو السودان وإيران: فتنة النموذج

    وترتبط قضية العلاقات الإيرانية-السودانية بشكل وثيق بالحركة الإسلامية في السودان. ويعود تطور العلاقات السودانية-الإيرانية إلى انتصار الثورة الإسلامية في إيران في أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي، حيث لا يمكن الحديث عن علاقات بمستويات عليا في فترة حكم الشاه، وقد شهد السودان تظاهرات طلابية حاشدة مؤيدة للثورة الإسلامية، وفي أواخر حكم الرئيس السوداني جعفر نميري شهدت العلاقات الإيرانية-السودانية انتكاسة كبيرة قادت إلى قطع العلاقات مع إيران، بعد أن انضم نميري إلى ركب أنور السادات الذي استضاف الشاه محمد رضا بهلوي الهارب من بلاده. وفي الحرب العراقية ألإيرانية أرسل نميري قوات سودانية إلى العراق للمشاركة في القتال ضد إيران. غير أنه وبعد وقت قصير سحب القوات السودانية من العراق.

    في مقطع تاريخي معين، رأى مجمل الحركة الإسلامية في العالم العربي أن إيران حليف إسلامي مهم، يشكّل قوة داعمة، في مواجهة الاستكبار العالمي(28). ويميل الباحث السوداني النور حمد إلى النظر إلى علاقة السودان وإيران، بوصفها علاقة بين حركة سياسية راديكالية إسلامية سنّية، تمثلها الحركة الإسلامية في السودان، وبين حركة سياسية راديكالية شيعية تمثلها الثورة الإسلامية في إيران التي أطاحت بحكم الشاه في العام 1979، لكنه يسجّل ملاحظة مفادها: أن العلاقة بينهما ليست راسخة على الرغم مما يُطلق عليه: "الخاصية الإسلامية الراديكالية المشتركة بين السودان وإيران"، ويُرجع السبب إلى غياب الإجماع السوداني فيما يتعلق بهذه العلاقة. ويبدو النور حمد مصيبًا فيما ذهب إليه، فالموقف من التطورات الأخيرة -موضوع البحث- كشف عن عمق حالة الانقسام وغياب الإجماع حتى داخل صفوف الحركة الإسلامية السودانية نفسها.

    وتُتهم الحركة الإسلامية السودانية بقيادة حسن الترابي، بأنها "أكثر من روّج لإيران داخل السودان"(29)؛ وذلك بعد أن وصل بجماعته إلى الحكم في السودان، عقب الانقلاب العسكري في العام 1989، وسجلت الحركة إعجابها الشديد بثورة الخميني وكانت ترى فيها مصدر إلهام كبير لها. لكن الباحث السوداني جمال الشريف يصف سلوك الترابي السياسي بأنه براغماتي، وليس له مواقف ثابتة وأن مواقفه السابقة من إيران جاءت ضمن سياقات سياسية تختلف عما هو موجود اليوم(30).

    وأطلقت الحركة، التي رأت في قيام دولة إسلامية أنها الأولى في العالم على الإطلاق، فعاليات مؤيدة للثورة الإسلامية، ويعتبرها البعض أنها كانت الأولى في العالم العربي وإفريقيا، وكان الإعجاب واضحًا في طروحات الكثير من قادة الحركة الإسلامية ومفكريها، وهو الإعجاب الذي تطور إلى لقاءات واجتماعات وترويج لطروحات الخميني(31).

    إن متابعة تاريخ العلاقة بين الحركة الإسلامية السودانية وإيران يكشف عن إعجاب كبير داخل صفوف الحركة بالثورة الإيرانية. لقد كان هذا التأثير واسعًا وملحوظًا في صفوف الطلبة المنتمين للحركة في جامعة الخرطوم. ولا تخفي الحركة نفسُها تأثرها الكبير بشعارات الثورة الإيرانية، وشخصية الإمام الخميني، الذي كانت صوره تنتشر في السكن الجامعي لطلاب جامعة الخرطوم(32).

    ويذهب حيدر طه، إلى أن إيران خلقت علاقات وثيقة مع قادة تنظيمات الإخوان المسلمين، وكانت تهدف إلى إحداث تغييرات راديكالية في المجتمعات الإسلامية، واجتذاب مجموعات عسكرية من كل قُطر تربطها به صلاتٌ قوية. (33).

    ولابد هنا من التفريق بين علاقة الإسلاميين بإيران بوصفهم "حركة" قبل انقلاب 1989، وبوصفهم "نظاماً" بعد ذلك، حيث طغى منطق الدولة في العلاقة بين الجانبين، والملاحظة التي تسجل هنا أن الحركة الإسلامية (كحركة)كانت معجبة بالنموذج الثوري الإيراني من منطلقات القدرة على مواجهة الاستبداد والظلم والسعي نحو استقلالية القرار، لكنها لم تكن معجبة بنظام الدولة القائم على ولاية الفقيه، ولحسن الترابي آراء واضحة على هذا الصعيد.

    العلاقة: منعطفات وتقاطعات

    يمكن القول على هذا الصعيد: إن تعميق العلاقات مسألة لا تُعزى إلى الحركة الإسلامية وحدها، فقد بدأ هذا التحرك نحو إيران قبل وصول الإسلاميين إلى الحكم في السودان، وتم تعزيز أرضيته في فترة حكومة الصادق المهدي ما بين (1986-1989م)، وما زالت شخصية المهدي الذي زار إيران أكثر من مرة تحظى بالاحترام في الأوساط السياسية الإيرانية. ورغم الحديث عن موقفه المحايد من الحرب العراقية-الإيرانية إلا أن الإيرانيين يزعمون أنه كان مؤيدًا لهم في هذه الحرب، وتقديرًا له جرى الإفراج عن عشرات الأسرى السودانيين الذين أُسروا على الجبهة مع العراق، وكانوا قد أُرسلوا للقتال إلى جانب العراق في زمن نميري(34). ومهما يكن من شأن موقف السودان من الحرب فقد أغضبت زيارات الصادق المهدي لطهران، الدول الخليجية، بغضّ النظر عما إذا كان محايدًا أو منحازًا في النزاع العراقي-الإيراني؛ فلقد كانت دول الخليج العربية ملقية بثقلها وراء العراق آنذاك(35).

    وصلت حكومة الإنقاذ إلى الحكم عام 1989، ويبدو أن حاجتها الملحة إلى الاعتراف والدعم الاقتصادي والسياسي من قبل الدول الأخرى خاصة الخليجية(36)، جعلتها تدخل في أزمة مع إيران بعد فترة قصيرة من مجيئها، وتطورت الأزمة إلى قطع العلاقات مع إيران، واستدعاء السفير السوداني من طهران. ويرى البعض أن هذه الأزمة كانت مفتعلة، وهو ما يجد بعض التأكيدات من داخل الحركة الإسلامية السودانية(37). وما يؤكد مسألة الافتعال هنا أن القطيعة ما لبثت أن انتهت وأرسلت حكومة الإنقاذ، سفيرًا إلى طهران.

    لقد كانت ثورة الإنقاذ، ترى في التجربة الإيرانية "نموذجًا أمنيًّا، يمكن أن تستعين بخبراته في تأمين ثورتها الإسلامية، وتأمين نظامها الوليد، المستهدف. (38).

    في العام 1992 تلقى السودان مساعدات نفطية من إيران، وجرى خلال السنوات التي تلت ذلك تبادل الكثير من الزيارات بين مسؤولين كبار من كلا البلدين، من أبرزهم: عمر البشير ومحمود أحمدي نجاد وهاشمي رفسنجاني، ووقّعت إيران مع السودان عددًا من الاتفاقيات شملت الاقتصاد، والأمن، والدفاع.

    شهدت العلاقات بين إيران والسودان تطورات في المجالين: العسكري الاستراتيجي والاقتصادي خلال حكم نظام الإنقاذ، تجلت بتوقيع اتفاق للتعاون العسكري والأمني في عام 2008. وفي عام 2009 تكثفت الزيارات بين الدولتين، وأدان رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أثناء زيارته للخرطوم مذكرة الاعتقال التي صدرت من المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس عمر البشير واعتبرها إهانة مباشرة للمسلمين، كما عبّرت الحكومة السودانية عن دعمها للمشروع النووي الإيراني(39).
                  

العنوان الكاتب Date
فاطمة: المهدي، الترابي والبشير هم من زرع المذهب الشيعي في السودان سيف اليزل سعد عمر09-19-14, 08:31 PM
  Re: فاطمة: المهدي، الترابي والبشير هم من زرع المذهب الشيعي في السودان سيف اليزل سعد عمر09-19-14, 08:34 PM
    Re: فاطمة: المهدي، الترابي والبشير هم من زرع المذهب الشيعي في السودان سيف اليزل سعد عمر09-19-14, 08:38 PM
      Re: فاطمة: المهدي، الترابي والبشير هم من زرع المذهب الشيعي في السودان سيف اليزل سعد عمر09-19-14, 08:41 PM
        Re: فاطمة: المهدي، الترابي والبشير هم من زرع المذهب الشيعي في السودان سيف اليزل سعد عمر09-19-14, 08:45 PM
          Re: فاطمة: المهدي، الترابي والبشير هم من زرع المذهب الشيعي في السودان سيف اليزل سعد عمر09-21-14, 09:51 AM
            Re: فاطمة: المهدي، الترابي والبشير هم من زرع المذهب الشيعي في السودان سيف اليزل سعد عمر09-22-14, 07:09 AM
              Re: فاطمة: المهدي، الترابي والبشير هم من زرع المذهب الشيعي في السودان ALWALEED ALSHEIKH09-22-14, 07:27 AM
                Re: فاطمة: المهدي، الترابي والبشير هم من زرع المذهب الشيعي في السودان سيف اليزل سعد عمر09-22-14, 09:22 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de