منطقة شندي "رمانة" أهل السودان .. رجالاتها وتجارها ومفكريها ومبدعيها..

Quote: من مفكرة ..... محمد عثمان الجعلى الناظر حاج محمد طلب منى كثير من القراء أن أكتب عن رموزنا الوطنية والتاريخية مثل ناظر الجعليين حاج محمد وناظر المسيرية بابو نمر وناظر البطانة ود أب سن وغيرهم من رموزنا الوطنية ...وإستجابة لرغبة أحبابنا الكرام ... نبدأ بناظر عموم دار جعل الناظر حاج محمد إبراهيم فرح الذى ولد بالمتمة عام 1898 ، وترعرع فى أحضان أسرة ذات حسب ونسب وتاريخ مجيد إشتهرت بالشجاعة والكرم ، ورضع الناظر القيم النبيلة من ثدى الفضيلة ... ومن أراد دراسة المزيد فليرجع لكتاب من تراث قبيلة الجعليين للبروفسيور /الحاج الطيب الطاهر ، ومن مواقف الناظر حاج محمد التى يحفظها له التاريخ وقفته المشهودة فى البرلمان حين الإستفتاء على إستقلال السودان أو الوحدة مع مصر ، وبما أنه رحمه الله كان من أقطاب الحزب الوطنى الإتحادى كان البعض يتوقع منه أن ينحاز للوحدة مع مصر ويحدث شرخاً فى الصف الوطنى ... ولكنه رحمه الله وقف أمام البرلمان وقفة حاسمة و قال ( على الطلاق ننادى بالإستقلال الكامل للسودان ومن جلستنا دى ) مما جعل كل القاعة تضج بالتصفيق لكلماته القوية الحاسمة ووقفته الوطنية ... وحفظ له التاريخ أيضاً وقفته المشهودة أيام مؤتمر الخريجين عام 1940 عندما دعا المؤتمر المواطنين للإكتتاب ليوم التعليم ولم تكن الحكومة البريطانية راضية عن هذا المؤتمر الذى إتجه إتجاهاً وطنياً سافراً ... وكان المفاجأة السارة لقادة مؤتمر الخريجين أن الناظر حاج محمد ساندهم وتبرع بمبلغ مائة جنيه وكانت فى ذلك الزمن رقماً قياسياً ، وكان ناظر دار جعل منحازاً للبسطاء بالسجية من غير تكلف ... وأبلغ دليل على ذلك قصته مع المفتش الإنجليزى مستر هوك فى شندى عندما أرغم المفتش الإنجليزى الناس على دفع الضرائب زمن الجفاف ...فدخل عليه الناظر ليشرح له موقف المواطنين وعدم إستطاعتهم دفع الضرائب بسبب ظروف الجفاف ... ولكن المفتش الإنجليزى أصر على موقفه وضرب الطربيزة بيده حتى تطاير الورق فى وجه الناظر حاج محمد !! فما كان من ناظر الجعليين إلا أن رفع البسطونة وهوى بها الخواجة حتى توارى تحت الطربيزة .... ورفع الأمر لمدير المديرية الذى قال ( لايمكن نقل الناظر حاج محمد ليكون ناظراً لقبيلة الشكرية أو البطاحين ... ولكن ننقل المفتش للنهود وينفذ الأمر فوراً ) .. ولقد خلد هذه الحادثة حمدان شاعر الناظر بالمسدار التالى *** كفتك بالشمال يا أسد الكراية القارح *** الحجر غابتو من البفر والسارح *** من نظرتك الفارس يحيض والدارة تصبح طارح *** قمر السبعين ماهو الهلً ود البارح ..... ثم أضاف حمدان *** سمعت بك وشكروك لى وعجبتنى شكرتك *** صمد الصافنات الصف تهدو نترتك *** الشنب المبرم شوفتوا ليك إتفرتك *** وا أسفى الشديد من بدرى ماعاشرتك .... وتوفى الناظر حاح محمد رحمه الله تعالى بمستشفى الخرطوم صبيحة الأربعاء 26 أغسطس 1959 وكان على رأس المعزين الرئيس عبود وكبار الوزراء وزعماء البلد وقادتها ... وأصر الإمام الصديق المهدى على نقل جثمان الفقيد بالباخرة الطاهرة حتى المتمة ... ونعاه الشاعر الجاغريو بمسدار يقول ***فاقداك المتمة حزينة زاد ضجرانا *** فاقداك شندى باكية عليك بكوا جيرانا *** شخشخت الإذاعة بالخبر راعبانا *** الناس تبكى والأرواح وديعة أمانة ... رحم الله الناظر حاج محمد ....وأمد الله فى أعمار أولاده وأحفاده ... ويوجد بالرياض حفيده الأستاذ صلاح إبراهيم حاج محمد الإقتصادى المشهور والسياسى المعروف وقطب الحزب الإتحادى الديمقراطى وهو رئيس رابطة أبناء المتمة بالرياض وهذا الشبل من ذاك الأسد . والناظر حاج محمد كان خفيف الظل حاضر الطرفة ، ومما يروى عنه أن صديقه ود أب سن ناظر الشكرية زار حاج محمد بالمتمة وبعد أن أكرم وفادته سار معه حتى مشرع شندى ليعبر الضفة الأخرى من النيل ... وهنا أراد ناظر الشكرية أن يداعب ناظر الجعليين فقال له ياحاج محمد أنا سمعت الجعليين فيهم حماقة ...لكن قعادى معاك ده كلو ماشفت حماقة الجعليين البقولوها دى !! ولم يشأ الناظر حاج محمد أن يقول لضيفه أن الحماقة هذه تأتى وقت الغضب وهضم الحقوق ... ولكنه إنتظر حتى مر بهم جعلى من أهل البادية يمتطى صهوة ( حمارسيدس ) وخالف رجل فوق رجل ويضع سفة قدر دقار اللورى وكان الرجل مشغول البال ولم يسلم على الناظر وضيفه ... وهنا صاح الناظر فى زول البادية ...الواحد فيكم يمر زى البهيمة مابعرف يقول السلام عليكم ...فما كان من زول البادية إلا رجع الخلف وعمل ( ريوس ) وقال للناظر الكلام القلتو ده كلو فيك إنت وفى ضيفك المعاك ده ... وهنا قال ود أب سن ( إنتوا أولاد عم فى بعضكم الضيف كمان ذنبو شنو !! ) ...فأجابه الناظر حاج محمد ضاحكاً ...الضيف ذنبو قال داير يشوف البيان بالعمل... وإلى اللقاء فى مفكرة أخرى إن كان فى العمر بقية ونترككم فى حفظ الله ورعايته