خاب وخسيء من سعى لإلغاء حفل تكريم الروائي الطيب صالح

Quote: خاب وخسيء من سعى لإلغاء حفل تكريم الروائي الطيب صالح هاشم الإمام محيي الدّين فرجينيا / الولايات المتحدة ليس بيني وبين الروائي السوداني العالمي الطيب صالح وشيجة قربى ، ولا تربطني به خُلة ولا صداقة ، ولكنني امرؤ نهم يأخذه للكلام الطيب سُعار ، وتأسره العبارة الموحية المعبرة ، فأقبلت على كتاباته منذ أيام الشباب ، وعهد الطلب ، أقرأها واُستمتع بها ، ولا زلت أرجع إليها وأُقلّبها لمحاً وخطفاً فأجد فيها هذه المتعة ، ثم قابلته عدّة مرات هنا في منطقة واشنطن ، في منزل صديقنا الأستاذ الفاتح إبراهيم ، وكانت لقاءات عابرة ، ولكنها مكّنتني من أن أستوثق مما يقال عن دماثة خلقه ، وحبه للناس ، فمن مزاياه أنه لا يرى ولا يتحدث إلا عن الجوانب المشرقة في الناس . علمت كغيري من السودانيين بأن مكتبة الكونغرس بالتنسيق مع السفارة السودانية ستقيم احتفالاً تكريمياً للطيب صالح بصفته روائياً عالمياً ، فسرني ذلك أيّما سرور ، فإنها ــ مكتبة الكونغرس ــ لم تحتفل بروائي عربي من قبل إلا نجيب محفوظ ، وتطلعت إلى لقاء أدباء ونقاد كتبوا عن الطيب صالح سمعت بهم ولم أرهم ، ولكن فرحتي لم تكتمل فقد أعلنت مكتبة الكونغرس فجأة عن إلغاء الاحتفال ، فضُربت عليّ أسداد من الكرْب والحزن ، وأشد ما أحزنني أن شرذمة قليلين من الأراذل الذين تنتابهم الوسوسة واختلاط العقل ، قد سعوا عند سادتهم لإلغاء هذا الاحتفال التكريمي ، إنهم دمى تتحرك بلا عقل ولا إرادة ، يرسفون في أغلال التبعية ، ويستطعمون بالنيل من أبناء جلدتهم في موائد الخزي والعار، يدفعهم حقد آكل وغرور فاجر ، وتفوح من تحت ألفاظهم وأفعالهم رائحة خبيثة . لمّا قال الطيب صالح عبارته الشهيرة " من أين أتى هؤلاء ؟ " كنت أرى أنها أمضى في أهل الإنقاذ من السيف ، واوجع لهم من كل القمامات التي تكتبها الأقلام المعارضة ، والكناسات التي تتلمظها أفواههم ، فهي عبارة رجل عالم بمذاهب العرب في القول ، ولكن المعارضين التعساء لا يعرفون مضاء الكلمة ، وشدّة وقعها على النفس، يمدون أيديهم لهذا ؛ لأنه تابع لهم ، حاطب في حبل هواهم ، ويشيحون وجوههم عن ذاك لأنه يصون وجهه عن الاستجداء ،ويحفظ كرامته من أن تهان ، ولا أقول إن هذا هو ديدن المعارضين كافة ولا ينبغي لي ، فمنهم وطنيون غيورون على بلادهم ورموز بلادهم ، ولكن أقول إنهم شرذمة قليلون منهم. لماذا أقدم هؤلاء الصفقاء على هذه الفعلة الشنيعة ؟ أصوناً للطيب من أن تكرّمه حكومة الإنقاذ التي يعارضونها ، أم إزراءً عليه لأنه يرى غير ما يرون ، أم رمية في حدقة الحكومة ستصرعها ويخلو لهم الجو فيبيضوا ويفرخوا ؟ إن كانوا يريدون أن يصونوا كرامة الطيب صالح من أن تشترك في تكريمه السفارة ، فذلك خبل وجنون فإنّ الحكومة قد كرّمت الطيب في حياته فحضر التكريم وشكر الرئيس ومدحه ، وهناك جائزة سنوية باسمه ، فهل هؤلاء السفهاء أشد حرصاً على كرامة الطيب من نفسه ؟! وإن كانوا يريدون أن يزروا عليه فذلك من سوء الأدب فإنّ الطيب أكبر وأعظم من أن تنال منه هذه الفئة الفاجرة ، وإن كانوا يريدون الكيد للحكومة فقد أخطأوا طريق النضال وتنكبوا سبله ، وأما قولهم بأن السفارة السودانية تريد بهذا الاحتفال أن تغطي على مؤتمر قمّة الرؤساء الأفارقة فما سمعت أسخف من ( هيك ) كلام . الذي أعلمه أن من تولى كبر السعي لإلغاء هذا الاحتفال ، دبلوماسي سابق كانت حكومة الإنقاذ قد فصلته من الخدمة من أجل الصالح العام ، ورغم خطأ الحكومة في فصل كثير من موظفيها ، إلا أنني ما رأيت لها قراراً أصوب من فصل هذا الدبلوماسي الأهوج ، فهو لا يملك أدنى المؤهلات للعمل الدبلوماسي ، أحمق نزق، وضعيف في اللغات ، وجاهل بقوانين الخدمة ، وعنصري مقيت ، وشعوبي يكره الثقافة العربية وأهلها . لذلك فهو يحمل حقداً على الحكومة ، وعلى السفارة السودانية في واشنطن خاصة ، فهي آخر محطة عمل فيها ، مع كرهه للطيب صالح ؛ لأنه منحاز للثقافة العربية ، أضف إلى ذلك أنه موهوم يتقمص أحياناً قميص الزعامة لأهله النوبة والنوبة منه براء، ويركب أحياناً أخرى مركباً من التيه والتعالم ، هذا بعض ما وقفنا عليه من عُرره ومثالبه وما خفي أعظم . ومن هؤلاء الرعناء شخص غبي تأبى عليّ الدقة أن أصفه بالحمار المكادي لأنه أغبى وأضل .وثالث هرّاط كذاب قام بدور في هذه الفعلة ولكن بقية الرهط غمطوه حقه ، ورابع جنوبي تنازل منذ عدة سنوات عن جنسيته السودانية طوعاً ليدخل الجيش الأمريكي ، فيه بغض شديد للعرب ، وحقد آكل على دينهم وكتابهم . ومن عجب أن أغلب هؤلاء الحاقدين أصولهم غير سودانية ، فإحدهم من بقايا الغجر الذين سكنوا مدينة حلفا ، والثاني من الأحابيش نازلة ديم القراي ، والثالث مَنْ حدثتك أنه تنازل عن جنسيته السودانية من أجل دخول الجيش الأمريكي . إنّ الطيب صالح ليس في حاجة إلى تكريم ، فقد كُرم في حياته عدد الحصى ، وكتبه مترجمة إلى أغلب اللغات الحية ، وعلاقاته لا حدود لها ، وقرّاؤه ومحبوه يملأون الأرض ، ولكن الله أراد أن يكشف لنا هؤلاء البغاة ، ويخرجهم من سراديبهم المظلمة .