توضيح حول المخالفات المرورية لسفارة السودان بلندن!!!

Quote: تابعت مثلي مثل غيري باستغراب شديد الخبر الذي أوردته إحدى الصحف المحلية بالخرطوم وتلقفه بشوق كبير بعض الإخوة الأحباب في المواقع الاسفيرية. يقول الخبر أن سفارة السودان بلندن ارتكبت من المخالفات المرورية ما يقدر ب 35 مليار جنيه. ولم يحدد لنا الخبر ولا ناقلوه هوية هذا الجنيه هل هو سوداني مشلخ أم إنجليزي أخضر العينين. وعلى أية حال دعونا جميعاً نبدأ في تفكيك الخبر وتجريده من الصحة خطوة بخطوة حتى نميز الخبيث من الطيب. أولاً هل صحيح هي مخالفات مرورية أم لا؟ أصدر عمدة لندن السيد كين ليفنجستون، في العام 2003م، قراراً فرض بموجبه «رسوم ازدحام Congestion Charges» على كل سيارة تدخل وسط المدينة. وبما أن البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى لندن يوجد معظمها في وسط المدينة، فقد استشارت هذه البعثات، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا واليابان والصين والهند وغيرها، بعض بيوت المحاماة البريطانية المعروفة والمشهورة واتخذت قراراً بأن هذه الرسوم تعتبر ضريبة وبالتالي تعتبر مخالفة لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1961م، والتي تنص على عدم فرض ضرائب على الدبلوماسيين، ولذا لا ينبغي الالتزام بها. وبعد خسارة العمدة كين ليفنجستون، للانتخابات في العام 2008م، جاء منافسه العمدة الحالي بوريس جونسون والذي كان قد وعد بإلغاء رسوم الازدحام لكنه لم ينفذ وعده حتى يومنا هذا. وظل هذا النزاع قائماً بين بلدية لندن والبعثات الدبلوماسية. إذن ما يراه مسئولي بلدية لندن مخالفة تراه البعثات الدبلوماسية غير ذلك بل هو محاولة لإعاقة عمل البعثات الدبلوماسية وطاقمها الدبلوماسي. وبما أن سفارة السودان جزء من الكيان الدبلوماسي في لندن فهي ملتزمة بهذا القرار الجماعي لكل السفارات بعدم الرضوخ لهذه الضريبة المخالفة للعرف وللقانون الدبلوماسي. إذن كده اتفقنا أن هذه الرسوم هي ضريبة وليست مخالفة وبالتالي غير ملزمة للسفارات بالدفع. ثانياً لماذا سفارة السودان بالتحديد؟ لمعلومية القارئ الذي لم يزر لندن من قبل فأقول إن سفارة السودان الحبيب تحتل موقعاً متميزاً وفريداً تحسدها عليه البعثات الدبلوماسية الأخرى، حيث يقع مبنى السفارة في وسط لندن ومقابلاً لقصر ولي العهد (St. James Palace) وكذلك بيت الضيافة الرسمي (Lancaster House)، هذا فضلاً عن الجوار الأنيق لقصر السيدة الملكة أطال الله عمرها. وبالتالي فإن عربات السفارة وطاقمها الدبلوماسي في حلها وترحالها في وسط لندن تسجل عليها رسوم ازدحام (ضريبة) بواقع ثمانية (8) جنيهات يومياً لكل عربة وذلك منذ العام 2003م. طيب كده اتفقنا أن رسوم الازدحام المرصودة ضد السفارة باطلة وغير معتد بها. ثالثاً المخالفات المرورية المعروفة: حتى نكون صادقين مع أنفسنا فلابد من الاعتراف بأن هناك مخالفات مرورية ضد السفارة بشأن وقوف العربات، حيث توفر السلطات البريطانية فقط مساحة لوقوف أربعة عربات أمام مبنى السفارة وأي عربة تقف خارج هذه المساحة تسجل عليها مخالفة. وتبلغ رسوم هذه المخالفة (65) جنيه استرليني وإذا لم يسدد هذه المبلغ في ظرف أسبوعين من تاريخ المخالفة يصير المبلغ (125) جنيه، يعني المخالفة الواحدة تصبح مخالفتين. هنا يتضح أن جل هذه المخالفات المرورية ليست في الشارع العام وإنما أمام مبنى السفارة وأثناء تأدية الدبلوماسيين لعملهم. سبق وأن تحدثنا وجادلنا كثيراً مسئولي وزارة الخارجية البريطانية وطلبنا منهم تخصيص مساحة أكبر لعربات البعثة ولم نجد منهم غير الرفض والمماطلة. وللأمانة نفيد بأن السفارة تتبع سياسة بخصوص المخالفات المرورية في الشارع العام يتحمل بموجبها السائق أي تصرف تنجم عنه غرامة أو تسوية مالية. وهناك حالات كثيرة قامت السفارة بدفع الغرامة عندما تكون المخالفة واضحة وفيها تجاوز للقانون. إحصاءات وزارة الخارجية البريطانية: بحسب إحصاءات وزارة الخارجية البريطانية، تتصدر الولايات المتحدة الأمريكية المخالفات المرورية تليها اليابان ثم روسيا، نيجيريا، ألمانيا، الهند، فرنسا، كندا، غانا، السودان، كازاخستان، كينيا، فرنسا، مصر، الصين، أسبانيا، تنزانيا. اجمالاً كل البعثات الدبلوماسية بلندن عليها مخالفات بملايين الجنيهات الاسترلينية بسبب مضاعفة المخالفات وتراكم السنين وتصر السفارات على دفع هذه الغرامات. علماً أن الحكومة لا تطالب بدفعها وإنما تنشر هذه الإحصاءات للضغط على السفارات. أخيراً نقول إن صاحب الألوان تعجل في التشهير بالسفارة دون وجه حق وسارع إلى اعمال آلته الحاسبة ليكون الخبر جاذباً ويضعه في صدر صحيفته. وجاءت الفرصة على طبق من ذهب لمتلقفي الشمارات لنسج القصص والروايات حول كيفية حدوث هذه المخالفات من تأجير لعربات البعثة أو اللوحات الدبلوماسية الخاصة بها. يا جماعة الخير السفارة في لندن ودبلوماسييها يمتلكون عربات وليس كارو.