الشباب والمشاركة السياسية (اوراق قديمــة ) (مداخلة قدمتها فى ورشة عمــل ) دعوة لقراءة نقــديـة

Quote: مؤتمر القيادات الوسيطة للأحزاب السودانية 23 / 08 / 2009 10:43:00 خالد أحمد إبراهيم أبوسن - "تم في هذا اليوم، الأول من يناير، عام 2025! توقيع جميع القوى السياسية السودانية على الميثاق الوطني الذي ينص على التنافس النزيه والحر ووضع مصلحة السودان فوق الجميع، الجدير بالذكر أن الاتفاق جاء ثمرة لمؤتمر القيادات الوسيطة للأحزاب السودانية الذي أقيم في مدينة.. قبل 10 سنوات!!" إني أرى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر.. لكني سأقصص الرؤيا.. أدعو دعوة خالية من غرض، إلا حب السودان، جميع القيادات السودانية الوسيطة إلى عقد مؤتمر يكون بذرة لتقارب الرؤى بين قيادات المستقبل، نعم قيادات المستقبل. إننا دائماً ننظر أمام أعيننا ولا نستشرف شيئاً من المستقبل، لقد تقدمت الدول الكبرى لأنهم تعلموا أسس التنبؤ وقراءة المستقبل، ولئن كنا نستهين بأفلام الخيال العلمي التي تنتجها هوليود فإن كثيراً منها قد تحقق! ليست هذه دعوة لانقلاب الشباب على شيوخهم، ولكنها محاولة ألا يرث الشباب العداوات ما علق في نفوس قياداتهم تجاه بعضهم البعض، كما أنها محاولة إلى حرية التفكير وإعطاء الشباب مساحاتهم وهو حق مكفول لهم وليس من حق أحد أن يحجر على فكر الشباب المتقد، ولا ننسى أن رسولنا صلى الله عليه وسلم قد غذى فيهم هذه الروح ونزل عند رأيهم. لست أريد إلقاء اللوم على أحد، ولكني لم أشاهد قيادات شبابية تستطيع انتزاع الانتباه وتستطيع طرح آراء جريئة مدعومة بثقافة وفكر خارج الإطار الذي يرسم لها. لقد برزت القيادات السياسية الحالية في فترة الستينات الخصبة وكان الشباب حينها متخماً بالثقافة والأدب والفكر والقراءة والاطلاع، وساعد على ذلك التحديات السياسية المختلفة التي واجهوها حينذاك. ولا شك أنهم قد خرجوا من ذلك برشاد سياسي وقوة رأي وقدرة على إدارة اتباعهم بالفكر. وتبعهم جيل آخر وهو أيضاً قد وجد تحديات أخرجته عن الديار، فطلب العلم في الخارج وتسلح به، وكان أثره فيما تجده اليوم من سياسيين مفوهين من مختلف الاتجاهات السياسية. ونضب المعين وأصبح لا يرى من ذلك إلا العنف، وهو الذي يبرز حينما يضمر الفكر ورجاحة العقل والنظر في مآلات الأمور. قد يبرز أحدهم ويقول إن الفئة الفلانية هي السبب ويدافع الآخر بأن الفئة الفلانية هي التي رفضت التعاون، وكلاهما لديه بعض الحق ولكن إلى أين سيوصلنا هذا النقاش.. بكل صراحة إلى لا شئ، بل إلى مزيد من الضغناء والمشاحنة. نعم ليس هناك قيادات وسيطة ملفتة للنظر تقول ها أنا ذا، وجميعها يقول كان أبي!!! أعتقد أن الصراعات الحزبية قد شغلت تلك القيادات الوسيطة عن حيازة العلم والثقافة بصورة حرة، وأصبح الحزب يعطي المعرفة بوصفة تصرف من صيدلية الحزب فقط.. لقد ورث الشباب الضغناء والمشاحنة وخرجوا لها وتقاتلوا فيما بينهم، دون أن يتيحوا لأنفسهم وقفة تأمل واحدة، ويسألوا أنفسهم سؤالاً واحدا هو: لماذا نقتتل؟ لو وقفوا واستشرفوا من غدهم، لعلموا أنهم سيتشاركون في إدارة البلاد في المستقبل، وكان أولى بهم أن يدرسوا الوسائل الحديثة للتجديد والإصلاح في أفكار أحزابهم القديمة، ولو فعلوا ذلك لوجدوا اختلافاً كثيراً. الدعوة قائمة لمؤتمر تفاكري تعارفي، وليبتعد تماماً عن أي خلافات حزبية، وليأت كل بما عنده من رؤى للإصلاح والتوافق السياسي. ولا يستعجل هؤلاء وليس شرطاً أن يحدث التغيير الآن، نعم ليس الآن، لأن من أكبر مشاكل السودان هو قصر النفس. أن الواحد منا يريد أن يقول النصيحة اليوم ويراها تنفذ غداً، وإن لم يحدث فإنه يتطاير غضباً، وتطلق ألسنته قذائفاً من اللهب. إننا نفتقد سياسة النفس الطويل والتخطيط والصبر على تحقيق الأهداف. إن من فوائد هذا المؤتمر أن يتعلم الشباب وأن يستفزوا مقدارتهم الفكرية والعقلية حتى تثمر وتنضج، وأن يتعلموا أدب الحوارالسياسي. ولكن ما هي مستلزمات نجاح واستمرارية هذا الحوار أو المؤتمر؟ 1- صدق النية، فلقد تعلم شبابنا وللأسف أن يأتي إلى الحوار بغرض الانتصار وكسب أجندة سياسية معينة، وحينها صدقوني سيكون مثله مثل أي ركن نقاش تحت أشجار إحدى الجامعات، عضلات خطابية للطعن في الآخر وكسب أصوات الطلاب. صدق النية هو أن تأتي القيادات الوسيطة بروح التوافق على كلمة سواء وعلى أخلاقيات للتعامل الحزبي على المستوى الوسيط وما دونه، مثال الجامعات والمدارس. 2- الاتفاق على برامج مشتركة لخدمة المجتمع، وهي من شأنها أن تؤلف بين القلوب، ومثال ذلك إنشاء لجان مشتركة لبرامج خيرية مثل كفالة الأيتام، وإزالة الفقر، والتعليم، والصحة، ودرء الكوارث وغيرها مما يحتاجه المجتمع. 3- جعل المؤتمر نصف سنوي وتداول رئاسة المؤتمر بين جميع الأحزاب. 4- إقامة مؤتمر جامع لجميع أعضاء الأحزاب، بعد التوقيع على ميثاق يقضي بتجنب أي خلاف أو عنف أو انتقاص طرف لآخر، وأن تقدم في المؤتمر أوراق لنتائج الحوار السياسي الذي تم بين القيادات الوسيطة. 5- التوثيق المطبوع والمرئي بواسطة لجنة مكونة من جميع الأحزاب. 6- أن يكون تمويل المؤتمر شراكة بين الأحزاب، وألا يحتكر حزب إقامة المؤتمر، وإذا كان بالإمكان إقامته في مكان غير السودان فهو أفضل، وهذا شرط مهم حتى لا نقع في أزمة انعدام الثقة ونظرية المؤامرة التي أصابت الشباب في مقتل. 7- إرجاء القضايا الحساسة التي تثير الفتن حتى تصل هذه القيادات الوسيطة إلى مرحلة متقدمة من التفاهم وتقارب الرؤى والرقي في الحوار وتقبل الرأي الآخر. 8- استصحاب القيادات الصغرى حتى تغرس في نفوسهم معنى الحوار والتعاون بين مختلف الاتجاهات، فإن ذلك سيبشر بقيادات مستقبلية واعية، فإن كنا قد علمنا شبابنا القتال فيما بينهم، فمالنا لو علمناهم كيفية التعاون والاتفاق. 9- استصحاب القيادات الوسيطة من النساء والشابات، فإن شاباتنا على قدر من الوعي وإحساسي بأن دورهن سيكون كبيراً في تحقيق هذا الحلم الكبير. كما أن كثيراً من الشابات في الأحزاب السياسية لم يجدن إعلاماً، إذا استثنينا بعض الأحزاب، يبين إمكاناتهن وقدراتهن على طرح رؤى إصلاحية مفيدة وواعية. 10- إدخال الجماعات الدينية (لا أحب استخدام هذا المصطلح لأنه كأنما يشير إلى أن الأحزاب الأخرى لا تمت للدين بصلة وهذا غيرصحيح، إضافة إلى أنه كأنما يشير إلى جماعات ليس لها فكر سياسي مثل رجال الدين الغربيين وهذا أيضاً مخالف لمنهجهم الذي يدعو إلى حكم إسلامي له أصوله السياسية، ولكني أستخدم المصطلح فقط لأنه شائع). إن هذه الجماعات قد جذبت إليها عددا كبيرا من الشباب الذي لم يجد في الأحزاب إلا حرب داحس والغبراء التي لا يعرف لها نهاية، وأصبح هؤلاء الشباب زاهدين في القضايا السياسية التي أصبحت لا تجر إليهم إلا البومبان أو ضربات في الرأس أوتجميد دراسة، واستبدلوا ذلك بالمحاضرات الدينية والندوات، وهو لا شك فيه خير كثير، إلا أنهم لا بد أن يحملوا قضايا الوطن ويساهموا في إصلاحه حتى لا تنعدم فيهم روح الوطنية. أطلب من القيادات السياسية أن تتعامل مع هذه الدعوة بانفتاح وتفهم حتى يثبتوا أنهم يتيحون حرية لأبنائهم، وقد يأتي هؤلاء الشباب بما لم ينجحوا فيه. ألم يقل الله تعالى: "ففهمناها سليمان" فقد فتح الله على نبي الله الشاب (سليمان) بحكم غاب عن نبي الله الكهل (داؤد)، وفي كل خير يا قياداتنا وآباءنا وقدواتنا. "جلس الأب ينادي على ابنه يا أحمد، يا أحمد، يا أحمد، يا أحمد يا.. فقال أحمد: يا أبوي أديني فرصة أقول ليك نعم!!!" فأدوهم فرصة ولكم العتبى.. • كاتب سوداني مقيم في ماليزيا ----------- نُشر في الرائد http://alraed-sd.com/portal/permalink/8650.html