|
Re: الرسالة الثانية من الإسلام (Re: جمال المنصوري)
|
الفرد والكون في الإسلام
والعلاقة بين الإنسان والكون ظلت مادة التعليم والتعلم ، من لدن فجر الحياة البشرية وإلى يوم الناس هذا ، ولقد استعان الإنسان على استجلاء حقيقة هذه العلاقة بالدين ، وبالعلم المادي ، منذ النشأة ، فالدين والعلم المادي تومأن ، ولدا في وقت واحد ، ودرجا معا ، وظلا يتعاونان في مدارج النمو . ولقد كان ميدان العلم المادي لدى الإنسان الأول ضيق جدا ، وميدان الدين واسعا ، فهو قد اعتنق جميع مظاهر الحياة المادية في البيئة الطبيعية ، وفيما وراء المادة بالقدر الذي تعطيه الأحلام في النوم ، وتوحيه الأوهام في اليقظة ، وهو لم يترك في حيز العلم المادي إلا أشياء قليلة أوحى طول الألفة بأنها لا تحتاج إلى كثير احتفاء . كان الإنسان يشعر أن لكل شئ في الوجود روحا ، ورسخت الأحلام فيه هذا الشعور ، حتى لقد أصبح يصلي لكل شئ .. يصلي للصيد ، ويصلي للزراعة ، ويصلي للحصاد ، ويصلي لتناول الطعام ، ويصلي للسلاح . ثم أخذت الالفة والعادة تعمل عملها ، في رفع الرهبة والقداسة عن الأشياء التي اعتادها وقدر عليها ، فدخلت في منطقة علمه التجريبي ، وأخذت بذلك دائرة العلم تزيد ودائرة الدين تضيق ، حتى جاء الوقت الحاضر ، حيث يزعم بعض المغرورين بالعلم الحديث أن الدين لم تعد له مكانة في حياة الإنسان المتحضر ، وما كفر العلم ، ولكن بعض العلماء كفروا ، برسالة العلم ، وبرسالة الدين معا . ذلك بأن العلم لم يدع أنه يبحث عن جوهر الأشياء وحقائقها ، وإنما هو يبحث عن ظواهرها وقوانين سلوكها ، فهو يعرف خصائص الكهرباء ولا يعرف كنه الكهرباء . بل إن العلم نفسه قد قـرر أن المادة ، كما نعرفها ، إنما هي مظهر لأمر وراءها لا نعرف حقيقته . فقد قال اينشتاين أن المادة والقوى شئ واحد ، وجاءت التجارب في انفلاق الذرة بتأييد هذا القول ، فالقوى غير معروفة الكنه ، وإن كانت بعض القوانين التي توجه سلوكها معروفة . وفي الحق ان العلم الحديث داع إلى الله بلسان بليغ ، فهو يرينا كل يوم ، كيف أن العالم المحسوس ، إذا أحسن استقصاؤه ، يسوقنا إلى عتبة عالم وراءه ، غير محسوس ، أو قل لا تدركه الحواس على النحو المألوف ، ثم يتركنا هناك وقوفا ، في خشوع وإجلال ، نلتمس وسائل غير وسائل العلم التجريبي المادي ، بها نهتدي في مجاهيل الوادي المقدس ، الذي يقع وراء عالم المادة التي نعرفها . إن أرباب القلوب قد سمعوا أن الظواهر المادية تنادي إلى الله بصوت عال يقول : إنما نحن فتنة فلا تكفروا ! وإن مطلوبكم أمامكم فلا تقفوا معنا ! قد أنى للانسان أن يعلم أن البيئة التي يعيش فيها إنما هي بيئة روحية ذات مظهر مادي ، وهذا اكتشاف جديد أفاده تقدم العلم المادي الأخير ، وهو اكتشاف يواجه الإنسان المعاصر بتحد حاسم ، ذلك بأن عليه أن يوائم بين حياته وبين بيئته هذه القديمة الجديدة ، إن كان لا بد له أن يستمر حيا . لقد كان الإنسان الأول أحكم منا ، في موقفنا الحاضر ، حين ظن ، أو قل علم ، أن لكل شئ في الوجود روحا ، والآن ، وقد استدار الوجود دورة تامة ، فإن التاريخ سيعيد نفسه في الأيام القليلة المقبلة ، وهو ، كما قررنا في مستهل هذا السفر ، لن يعيد نفسه بصورة واحدة ، وإنما يعيدها بصورة تشبه من بعض الوجوه ، وتختلف من بعضها ، عما كان عليه الأمر في سابقه ، وسيكون وجه الشبه ، في الدورة الجديدة ، علمنا أن بيئتنا روحية الجوهر ، مادية المظهر . وسيكون وجه الاختلاف أن إدراكنا هذا لن يكون إدراكا ساذجا ، جاهلا ، وإنما هو أدراك حاذق ، عالم ، به يعود الدين ليعتنق كل نشاطنا ، في كل صغيرة وكبيرة .. يعود علما يتقدم بمنهاج للحياة متكامل ، يخاطب العقل ، ويحترمه ، ويحاول إقناعه بجدوى ممارسة منهاجه في الحياة اليومية ، في كل مضطربها ، لأمر معاشها ، وأمر معادها . لقد جاء الإنسان إلى هذه الحياة ولم يكن له في أمر مجيئه تدبير ، ولا اختيار ، وهو يغادر هذه الحياة ، يوم يغادرها ، وليس له في ذلك تدبير ، ولا اختيار .. والله تعالى يحدثنا في ذلك فيقول ، جل من قائل : (( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة، فخلقنا العلقة مضغة ، فخلقنا المضغة عظاما ، فكسونا العظام لحما ، ثم أنشأناه خلقا آخر ، فتبارك الله أحسن الخالقين * ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون )) وهذه الصورة القرآنية المتكاملة تعطينا صورة لموضعنا من الكون ، إذ نحن مسيرون فيه كالعناصر الصماء تماما ، ولن يكون لنا فضل عليها إلا إذا استيقنت نفوسنا أمر هذا التسيير ، ثم أذعنا له ، عن رضا وعن استسلام ، وعن علم ولقد خلقنا الله مستعدين لتحصيل هذا العلم ، ولقد أشار إلى هذا الاستعداد بقوله تعالى (( ثم أنشأناه خلقا آخر )) من الآيات السابقة . وفي موضع آخر جاء البيان الواضح ، حيث قال : (( وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين )) فهذا الخلق الآخر إنما جاء من نفخ الروح الإلهي فيه .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 05:59 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:00 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:02 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:04 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:07 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:09 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:11 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:12 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:14 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:15 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:16 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:17 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:18 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:22 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:23 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:24 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:25 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:26 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:27 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:28 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:28 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:29 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:30 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:31 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:31 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:38 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:39 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:40 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:41 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:42 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:43 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:43 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:44 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:45 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:46 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:46 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 06:48 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 01:31 PM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 01:36 PM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 01:39 PM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 01:41 PM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 01:42 PM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-22-14, 01:43 PM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-23-14, 07:11 AM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-23-14, 03:40 PM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | عزام حسن فرح | 01-23-14, 06:04 PM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-23-14, 06:11 PM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | عزام حسن فرح | 01-23-14, 06:30 PM |
Re: الرسالة الثانية من الإسلام | جمال المنصوري | 01-23-14, 06:37 PM |
|
|
|