في ذكرى الأستاذ محمود.. الجمهوريون والمصريون !! (1-4): د. عمر القراي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 03:26 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-21-2014, 11:37 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في ذكرى الأستاذ محمود.. الجمهوريون والمصريون !! (1-4): د. عمر القراي

    (ِإذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)

    صدق الله العظيم

    كثير من المثقفين السودانيين، تعجلوا أمرهم دون تعمق، ودون دراية، حينما تعرضوا لمواقف وآراء الجمهوريين ..

    فقد قاد الأستاذ محمود الثورة الوطنية، الوحيدة، ضد الاستعمار الإنجليزي المصري، فجاء المثقفون السودانيون بآخرة، ممن كانوا يساريين وتحولوا الى ليبراليين، يتهمونه بالرجعية، ويزعمون أنه قام بالثورة تأييداً للخفاض الفرعوني !! وحين قاد الجمهوريون مناهضة حل الحزب الشيوعي السوداني، في منتصف ستينات القرن الماضي، وصفهم المثقفون اليمينيون والطائفيون بأنهم يساريين!! وحين دعا الأستاذ محمود للمصالحة مع إسرائيل، وصفه اليساريون بأنه عميل صهيوني !! على أن كل هذه الآراء، التي تنطوي على ضحالة، وجهالة واضحة، لم تبلغ الفرية، التي افتراها الكاتب الصحفي مصطفى عبد العزيز البطل، الذي زعم دون ان يرمش له جفن، أن الجمهوريين يبغضون مصر !! والجمهوريون لم يتركوا موقفهم في نفوسهم، حتى يحلله البطل بأنه بغض لمصر ورموزها، وإنما نقدوا الحكام المصريين، وسياساتهم تجاه السودان، بحجج واضحة، كان يمكن للبطل ان يتناولها، ويفندها، لو كان جاداً، بدلاً من ان يقفز الى دعوى البغض هذه التي ألقاها دون تحرز. والبطل لم يفاجأ بهذه المعلومات مؤخراً في كتاب الأخ عبد الله البشير، إلا لأنه لا يقرأ !! فقد أخرج الجمهوريون كتباً حوت نقد الأستاذ محمود لبعد الناصر، وللأزهر، وللفقهاء المصريين، ولأطماع الحكومات المصرية في السودان، منذ السبعينات. كما كتبنا عشرات المقالات في الصحف السودانية، في أوقات مختلفة- والتي نسعيد بعضها هنا – شرحنا فيها موقف الجمهوريين من مصر، ومن قضية التكامل والوحدة معها، والتي طرحت بقوة إبان عهد نميري. وليس عيباً ان يجهل البطل حقيقة موقف الجمهوريين من مصر، ولكن العيب ان يخوض فيما لا يعلم، ويظنه أمر (هين) يمكن الخوض فيه من باب (الونسة)، خاصة وإنه الآن قد اصبح كاتباً له قراء يتابعون كتابته، ويتأثرون بها، في هذا الزمن الأغبر، الذي وصفه محجوب شريف شاعر الشعب بأنه (الزمن المكندك والحزن الإضافي) !! إن الصحفيين الشرفاء، لا تنشر لهم صحف حكومة الاخوان المسلمين، وإنما يمنعهم جهاز الأمن من الكتابة !! ويمنع الصحف من النشر لهم، فإذا فلت من أحدهم مقال، جرجر في المحاكم .. فأين مصطفى البطل من شرف المهنة وأمانة الكلمة ؟!

    كتب مصطفى البطل (وكنت ولزمن طويل أحتار في سر بُغض الجمهوريين لمصر ورموزها واندفاعهم في الكيد لها والتشكيك في سياساتها. والاحباب الجمهوريون يتميزون في غالب امرهم بالهدوء الرصين والترفق الرزين والتثبت المنهجي، الا في أمر مصر، فاذا جاء ذكرها ركبت رؤوسهم مردة الجن. وهو ذات الشئ الذي لحظته في سيرة خالد، عند مقارنتي لمرافعته اللاطمة ضد هيكل بسائر كتاباته الاخرى. ولكن عماهة الجهل انقشعت وانبلج السر الذي استخفي عني زمناً طويلاً في شأن "عقدة" مصر عند الجمهوريين، بعد أن توغلت في قراءة كتاب "محمود محمد طه والمثقفون" لحبيبنا الاستاذ عبد الله الفكي البشير. إذ استبان لي كيف ان مرشد الجمهوريين الاستاذ محمود كان قد بادر مصر بعداءٍ مرير مستطير، فسفّه ثورتها، وعنّف قائدها جمال عبد الناصر ######ّف أعماله منذ اول يوم له في السلطة في مقتبل خمسينات القرن المنصرم، وقال عن مصر وسياساتها ما قاله وما لم يقله مالك في الخمر. ثم ان الاحباب الجمهوريون يتهمون مصر بالتآمر عليهم، ويعتقدون أنها كانت وراء محاكم الردة وغيرها من الممارسات الكيدية التي استهدفت التنكيل بهم والقضاء على مذهبهم وقد استشففت استشفافاً من مطالعتي لكتاب صاحبي عبد الله الفكي البشير ان الاستاذ محمود كان يحس بالمرارة تجاه جامعة ام درمان الاسلامية، فبادرها بالعداء وحاربها وسعي الى اغلاقها، لا لشئ الا لاكتظاظها بالاساتذة المصريين، مثل رائد علم الاجتماع الدكتور على عبد الواحد وافي وغيره من علماء المحروسة الذين لم يستأنسوا بالفكرة الجمهورية فقعدوا لها كل مرصد)(الرأي العام 16/1/2014م). هذه هي شهادة الكاتب الصحفي مصطفى البطل (ْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) !! يدعي بأن الاستاذ محمود بادر مصر بعداء مرير !! وأن الجمهوريين يتهمون مصر بأنها وراء محكمة الرّدة وأن الأستاذ يحس بمرارة من الجامعة الإسلامية وقد سعى الى إغلاقها !! وذلك لأن بها اساتذة مصريين لم يوافقوا على الفكرة الجمهورية !! وكل هذه المزاعم عارية من الصحة وهي لن تضر الاستاذ ولا الجمهوريين شيئاً وإنما تزن مصطفى البطل في ميزان القيم .

    ولقد كتبت من قبل (ان العلاقة السودانية المصرية، قد إيفت بآفات عديدة، وملئت بسلبيات واضحة، وخلفت عبر الزمن، الكثير من المرارات في النفوس. فالعلاقة منذ القدم كانت توجهها الأطماع، فقد غزا محمد علي باشا والي مصر، من قبل الأتراك، السودان طلباً للمال والعبيد .. ولم يكن السودانيون في نظره غير موارد يستغلها دون مقابل. وحين ارسل ولده اسماعيل، كان فتاً غراً، لم يقبل بان يأخذ الغنائم فقط، بل جنح الى الإساءة ، الى المك نمر زعيم الجعليين، مما اشعل الحرب، التي مات فيها الآلاف من السودانيين، بسبب صلف الباشا وغروره .

    وحين جاء الغزو التركي، كان المصريون جزء منه، رغم انهم هم انفسهم مستعمرون بواسطة الاتراك .. ولكن الشعب السوداني تلقى الاضطهاد على أيديهم، هم، فلم يميز بينهم وبين الترك. وكان ظلم الأتراك للسودانيين، من أهم اسباب نجاح الثورة المهدية. ثم جاء المصريون مرة أخرى، حكاماً مع الانجليز، فيما عرف بالحكم الثنائي، وكان دورهم بالنسبة للمواطنين أسوأ من الانجليز، لأنهم يرونهم أقرب إليهم من حيث الدين والعرق، ثم هم مع ذلك، يستعمرونهم. ومنذ ذلك الوقت، ظن المصريون ان السودان تابع لمصر .. ومع بواكير محاولات السودانيين للتخلص من الاستعمار، ظهرت دعوة الوحدة مع مصر تحت التاج المصري .. وكانت مصر تتبنى كل الأحزاب السودانية الإتحادية، وتعادي الاستقلاليين، لمجرد رفع شعار السودان للسودانين .. وكان الساسة المصريون، يمنون شعبهم، بالتمسك بالسيادة المصرية على السودان. ومن ذلك مثلاً ان صدقي باشا، قد خاطب الشعب المصري، بقوله (لقد جئتكم بالسيادة على السودان) أو قوله (لقد اعترف نهائياً بوحدة مصر والسودان تحت التاج المصري)( الرأي العام 29/10/1946م). ولم تتوقف الأطماع المصرية حتى بعد قيام الثورة المصرية، فقد كان عبد الناصر رحمه الله، يتوقع ان يتفق السودانيين على الاتحاد مع مصر، وقد استاء عندما أعلن الاستقلال من داخل البرلمان. ولما لم تتم الوحدة ، لم يقتنع عبد الناصر بذلك ، ففي عام 1957م ارسل الجيوش المصرية الى شرق السودان، ووضعت العلم المصري على حلايب. وكان يمكن ان تصبح حلايب جزء من مصر، منذ ذلك التاريخ ، لو لا ان رئيس الوزراء في ذلك الحين السيد عبد الله خليل، قد كان حقاً في مستوى مسئولية الدفاع عن تراب الوطن. فقد ارسل قوات من الخرطوم الى حلايب، وأعلن الحرب على مصر. ولقد إلتف الشعب السوداني كله خلف عبد الله خليل، يدعم هذا الموقف الوطني الشجاع . وانسحب عبد الناصر مفضلاً ان يكسب الشعب السوداني كله بدلاً عن جزء من اراضيه .

    ومن التجارب السيئة في علاقة السودان ومصر، إتفاقية مياه النيل 1929م .. ثم تهجير أهالي حلفا عام 1959م، من أجل بناء السد العالي. ولقد فرط الحكم العسكري الاول، بقيادة الفريق ابراهيم عبود، فلم يستطع المفاوضة، بغرض اعادة النظر في اتفاقية مياه النيل. فالاتفاقية كانت قد ابرمت بين دولتي الحكم الثنائي، والسودان غائب تحت الإستعمار. وكون السودان كان مستعمراً ، حين وقعت الإتفاقية، يعطيه الحق في نقدها وتغييرها. ولكن الفرصة قد ضاعت لأن اتفاق 1959م لم يصحح هذا الوضع. ولقد اعطت الإتفاقية مصر 48 مليار متر مكعب، في حين اعطت السودان 4 مليار متر مكعب فقط !! أما الزيادة الناتجة من بناء السد العالي، فقد نال منها السودان 14.5 مليار متر مكعب، ونالت مصر 7.5 مليار متر مكعب فيصبح بذلك جملة نصيب السودان، من مياه النيل ، حسب هذه الإتفاقية المجحفة 18.5 مليار متر مكعب بينما نصيب مصر من مياه النيل 55.5 مليار مترمكعب !! ليس هذا فحسب ولكن اتفاقية 1959م التي ضاعت بمقتضاها حلفا أعطت السودان فقط 15 مليون جنيه (الرأي العام12/11/1959م). وهذا لمبلغ الضئيل، انفقت الحكومة منه 13 مليون لتشييد قرى حلفا الجديدة، بخلاف الخزان، واعداد المشروع الزراعي، بخلاف تكاليف الترحيل، وادارة التوطين، والتعويضات التي دفعت للمواطنين المرحلين)(عمر القراي: أجراس الحرية –ابريل 2008).

    لقد كان الجمهوريون يقاومون الاستعمار الذي كانت مصر أحد طرفيه، مقاومة لا هوادة فيها، بينما كانت الأحزاب الكبيرة، التي تكونت من مؤتمر الخريجيين تتجه دائماً الى مهادنة الإستعمار، وطرح بدائل مقبولة لديه، مثل الوثيقة التي نادت بها الأحزاب السودانية وهي تدعو للاتحاد مع مصر والتحالف مع بريطانيا !! وقد تكون على أساسها، الوفد الذي أعد ليسافر إلى مصر، فقد جاء (أن الوفدالسوداني عقد مؤتمرا صحفيا أعلن فيه : أن مطالب السودانيينتتلخص في :
    (1)إقامة حكومة سودانية ديمقراطية حرة في اتحاد مع مصر وقد تركتحديد نوع هذا الاتحاد معلقا لم يبت فيه.
    (2) مصر والسودان سيقرران معا طبيعةهذا الاتحاد .
    (3) عقد محالفه مع بريطانيا العظمى على ضوء هذا الإتحاد المصريالسوداني) (جريدة الرأي العام 28/3/1946) . ولقد رفض الحزب الجمهوري هذا الإتجاه وعن هذا الرفض جاء (ورفض الحزب الجمهوري الوثيقة التي إئتلفت عليها الاحزاب الأخرى في 25 أغسطس 1945م- وتبناها المؤتمر في اكتوبر 1945م- لأنها تختلف في جوهرها عن دستور الحزب. وقد سبقت الاشارة الى ان احد بنود الوثيقة ينص على قيام حكومة سودانية ديمقراطية حرة في اتحاد مع مصر وتحالف مع بريطانيا. وفي معرض تعليقه على هذا البند قال الحزب الجمهوري " اننا لا نفهم لماذا نتقيد باتحاد وتحالف فنضع بذلك حق البلاد الطبيعي في الحرية موضع المساومة بان ندفع ثمن الحرية اتحاداً مع هذه او تحالفاً مع تلك " ) ( فيصل عبد الرحمن على طه : الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني بشأن السودان . ص 231). وبناء على تاريخ علاقة مصر بالسودان، وانطلاقاً من مواجهتها باعتبارها مستعمر، بنى الجمهوريون موقفهم السياسي الفكري من مصر.. وهو لا يقوم على البغض والكراهية، كما زعم مصطفى البطل، وإنما يقوم على النقد الصادق، الصريح، الذي يرمي الى تصحيح المسار. ولهذا حين قامت ثورة يوليو 1952م، خاطب الأستاذ محمود رئيسها محمد نجيب، ليس تطفلاً عليه، وإنما نصحاً له، ومحاولة لتغيير النظرة السلبية تجاه السودان .. وذكره أنه إن لم يكن صاحب رسالة في الاصلاح لن يفيد مصر، ولن يصحح علاقتها بالسودان. فقد جاء (والفساد في مصر ليس سببه الملك، وليس سببه الساسة، والاعوان، الذين تعاونوا مع الملك، بل ان الملك، واعوانه، هم، أنفسهم، ضحايا لا يملكون ان يمتنعوا عن الفساد، وان يدفعوه عنهم .. فان أنت اردت ان تلتمس أسباب الفساد، فالتمسها في هذه الحياة المصرية، في جميع طبقاتها، وجميع اقاليمها – تلك الحياة التي أقامت أخلاقها، اما على قشور من الإسلام، أو على قشور من المدنية الغربية، أو على مزاج منهما .. وأنت لن تصلح مصر، أو تدفع عنها الفساد، إلا اذا رددتها الى أصول الاخلاق، حيث يكون ضمير كل رجل عليه رقيباً. من أنت ؟؟ هل أنت صاحب رسالة في الإصلاح، فتسير بشعب مصر الى منازل التشريف، أم هل أنت رجل حانق، جاء به ظرف عابر، ليقلب نظاماً فاسداً، ثم يضرب ذات اليمين وذات الشمال، حتى ينتهي به المطاف : أما لخير ، وأما لشر ؟؟ .... وشئ آخر نحب ان نشير اليه هو علاقة مصر بالسودان، فانها قامت، ولا تزال تقوم، على فهم سيئ .. فإن انت استقبلتها بعقل القوي تستطيع تبرأتها مما تتسم به الآن من المطمع المستخفي والعطف المستعلن، فان السودانيين قوم يؤذيهم ان يطمع طامع فيما يحمون كما يؤذيهم ان يبالغ في العطف عليهم العاطفون)(محمود محمد طه 18 /8/1952م).

    وحين ازاح عبد الناصر محمد نجيب، لم يكن الاستقلال قد تحقق للسودان، وكانت مصر عبد الناصر تريد للسودان ان يستمر تابعاً لها.. فإذا كان الأستاذ قد واجه كتلة الاتحاديين السودانيين، لسيرها في هذا الاتجاه، الذي كان سيبقي على شطر الاستعمار، هل كان متوقعاً منه ألا يهاجم عبد الناصر، وحكومته التي تدعم ذلك الاتجاه وتقويه ؟! ثم أن عبد الناصر كان يتزعم كتلة عدم الانحياز، مع أنه بدأ ينحاز الى المعسكر الشرقي، وهو أمر يجر المنطقة كلها لتصبح عظم نزاع بين المعسكرين الدوليين .. ولهذا جاء في خطاب الاستاذ لعبد الناصر (.. فإنك ، لن تستطيع الحياد اذا أسرفت في عداوة فريق من الفريقين، فان الإسراف لا يورث الاعتدال ، فانت لا تجني من الشوك العنب ، وانك لن تستطيع ان تكون " ايجابياً" في مبادئك ، الا اذا كنت تملك الفلسفة الايجابية .. وما نرى لك من فلسفة بازاء الرأسمالية والشيوعية ، غير الاسلام ، اذا ما ارحت الدولة العربية، من تدخلك في شئونها ، ومن دجل دعوة القومية العربية ، فسيكون على كل دولة عربية ، داخل حدودها- ولا يعني هذا عدم التعاون المتكافئ –ان تبعث الإسلام من جديد ، وان تطبق مذهبيته التي تحقق التوفيق بين الاشتراكية ، والديمقراطية ، أي بين العدالة الإجتماعية ، والحرية الفردية المطلقة ) ومما ذكره له الأستاذ أيضاً ( فقد لبثنا نراقب الثورة في كل ما تأتي وما تدع، فنراها تنحرف شيئاً فشيئاً عن النهج القويم.. فبدل أن توقظ العقول المصرية، والضمائر المصرية بالتربية الرشيدة، والفلسفة الإنسانية البانية، والحرية الفردية، التي تخلق الرجال والنساء، أخذت تكبت المصريين كبتاً ألغى عقولهم، وأفسد ضمائرهم، وساقهم سوق السوام بلا إرادة ولا اختيار، ثم ضربت عليهم من الرقابة ما أخرس ألسنتهم، وأقامت عليهم من الجاسوسية ما أفسد ذات بينهم، وألبسهم لباس الخوف)(محمود محمد طه 11/8/1958م).

    د. عمر القراي
                  

01-23-2014, 11:43 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى الأستاذ محمود.. الجمهوريون والمصريون !! : د. عمر القراي (Re: عبدالله عثمان)

    في ذكرى الأستاذ محمود.. الجمهوريون والمصريون !! (2-4)

    نشرت يوم 20 يناير 2014

    (photo: )

    د. عمر القراي

    ولم يتقبل الرئيس جمال عبد الناصر- رحمه الله- نصيحة الأستاذ محمود، كما انه لم يرفضها، أو يفندها، بواسطة محمد حسنين هيكل أو غيره من كتابه، بل فضل عدم الرد عليها، وتظاهر بإهمالها ..

    ولكنه في الحقيقة، تأثر بها، وقام بمنع الأستاذ محمود من دخول مصر !! ولم يكن الجمهوريين على علم بهذه الحقيقة، حتى نشر الخبر التالي (سافر السيد محمد طه الفكي الموظف بمشروع الجزيرة لقضاء اجازة قصيرة مقدارها أسبوعان. ولم يكد يصل الى العاصمة المصرية حتى ألقي القبض عليه واخذ الى وزارة الداخلية وحقق معه على أنه الاستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري والكاتب الحر الكبير. وبعد مراجعة تاريخ السيد محمد طه الفكي وهويته وتدخل السفارة السودانية اطلق سراحه )(صحيفة انباء السودان 25/10/1958م-راجع محمود محمد طه والمثقفون لعبد الله البشير ص628).

    والحقيقة أن عبد الناصر لم يغضب على الجمهوريين، بسبب خطابات الاستاذ فحسب. وإنما لأنهم كانوا الصوت الوحيد، في العالم العربي، الذي اعترض على تأميمه لقناة السويس، ووقف ضد حربه لاسرائيل !! ولعل الأستاذ محمود، هو الشخص الوحيد، الذي تنبأ بهزيمة 1967م قبل وقوعها.. وهو الذي قال ان العرب هزموا لأن داخليتهم فاسدة، وانهم لن ينتصروا على إسرائيل، وهم يسيرون على حداء قادة أمثال عبد الناصر و دعوة القومية العربية، أوالملك فيصل والفكر الإسلامي السلفي المتخلف. ولقد عارض الأستاذ زعامة جمال على العرب، وتدخله في شؤون الدول العربية، ورفض محاولته لاستمرار تبعية السودان للنفوذ المصري. كما ان الجمهوريين أول من نبه لاستغلال المصريين لجامعة الدول العربية، لبسط هيمنتهم عن طريقها .. ولقد دعا الأستاذ محمود في ذلك الوقت المبكر، للخروج من جامعة الدول العربية، والعمل كدولة افريقية وسط الدول الافريقية في سعي لتحقيق السلام العالمي .. فقد جاء عن ذلك (رأي الحزب الجمهوري، فيما يتعلق بعضوية السودان في الجامعة العربية، واضح، ومعروف، ويتلخص في أنها مؤسسة إقليمية ضيقة، لا تقوم على مذهبية فكرية، تجعلها أداة خلاقة، تخدم مصالح أعضائها، وتسير في الوقت ذاته، في اتجاه سليم، يخدم قضية الإنسانية في السلام العالمي. إنما هي عنصرية ضيقة، هذا وتسيطر عليها دولة واحدة، تسيرها وفق اهوائها، وتطوعها لخدمة اغراضها. ونحن كشعب افريقي فتي، له مكانته في القارة الأفريقية ، ممكن نخدم أنفسنا، ونخدم الشعوب المجاورة، بل ويمكن ان نقدم خدمات كبرى لقضايا الاحرار، وقضية السلام العالمي، بأوسع وأيسر مما يمكن أن نفعل ونحن داخل اطار جامعة الدول العربية)(صحيفة انباء السودان 18/10/1985م-راجع المصدر السابق ص 1146).

    لقد كان هناك تدخل مصري في السودان من جهتين : تدخل سياسي، هدفه استمرار الاستعمار والتبعية بأي صورة من الصور .. وتدخل ديني، هدفه نشر الفكر الإسلامي السلفي المتخلف الذي يمثله الأزهر، وفي مرحلة لاحقة، أخذ يمثله والوهابية و الاخوان المسلمون. وكلا الأمرين ضار بالسودان، ولذلك قاومهما الأستاذ محمود والجمهوريون، على طول المدى. ولم يكن الأمر هو مجرد وجود علماء مصريين، يعملون في الجامعة الإسلامية، كما ذكر مصطفى البطل. وإنما كانت محاولة الجمهوريين، هي حماية الإسلام وحماية السودان، من الجهل الديني والسياسي، الذي تقوده الحكومات المصرية.

    لعل المواجهة بدأت قبل نشأة الجامعة الإسلامية، حين كان العلماء المصريون يروجون لنشر الثقافة العربية والإسلامية في السودان. إذ نشر د. عبد المجيد عابدين كتاباً بعنوان " مستقبل الثقافة العربية في السودان"، ونشرت مجلة معهد أمدرمان العلمي- الذي تحول فيما بعد في عام 1965م الى الجامعة الإسلامية- مقالاً لشيخ العلماء ومدير المعهد محمد المبارك عبد الله بعنوان " الثقافة الإسلامية والاصلاح السياسي والاجتماعي في بلادنا"، كما نشرت مقالين للاستاذ مصطفى محمد سعد- وكان أستاذاً زائراً بجامعة القاهرة فرع الخرطوم- الاول بعنوان " فجر الثقافة العربية في السودان" والثاني بعنوان " مشرق الثقافة العربية في السودان وكان كل ذلك في عام 1958م (راجع المصدر السابق ص 590).

    ولقد واجه الاستاذ محمود هذا الإتجاه في الصحف المحلية، وفي المحاضرات، التي كان يقيمها الاستاذة المصريون، فجاء ( كنت قد حضرت محاضرة في منتصف الخمسينات ألقيت على طلبة المعهد العلمي عن " مستقبل الثقافة العربية في السودان" وأعتقد ان أستاذاً مصرياً كان مبعوثاً من الأزهر للتدريس في المعهد العلمي قد كان يحاضر تلك الليلة، فقام في بالي توجيه هذا الكلام وأهديته لطلبة واساتذة المعهد العلمي يومئذ)(محمود محمد طه-رسائل ومقالات الكتاب الأول 1968م). وكان من ضمن الحديث، الذي يعترض على الاتجاه العام، الذي ابتدره المصريون وسار فيه الفقهاء السودانيون، قوله ( كل حديث منذ اليوم عن مستقبل أي قطر على هذا الكوكب يجب ألا ينحصر في الحدود الجغرافيه لذلك القطر، ذلك لأن الوضع قد تغير عن ذي قبل، واخذ عالمنا يستقبل عهداً جديداً، كل الجدة، من وحدة المصالح، ووحدة المصير، ووحدة الشعور ... والحق الذي لا مراء فيه، ان الحواجز التي كانت تفصل بين البشر، في الماضي، لم تعد قادرة على الحيلولة بينهم، منذ اليوم، بعد أن قهرت سبل المواصلات، وسبل الإتصال الحديث، الزمان، والمكان قهراً يكاد يكون تاماً .. بفضل الله، ثم بفضل هذه الكشوف، اصبحت البشرية تعيش في بيئة طبيعية جديدة .. بيئة صغيرة موحدة ... ولكي تواءم الإنسانية بين مذاهبها الاجتماعية وبيئتها الطبيعية هذه الموحدة ، أصبح لزاماً أن تبرز الى حيز الوجود، مذهبية اجتماعية عالمية موحدة، أيضاً ، عندها تلتقي الإنسانية جمعاء ، إلتقاء أصالة، بدوافع الجبلة المركوزة في كل نفس بشرية ، من حيث انها بشرية، بصرف النظر عن اختلاف اللون، واللسان، والموطن ... وبنفس القدر الذي اصبحنا نعيش في بيئة جديدة، فقد وجب علينا أن نفكر تفكيراً جديداً، تفكيراً يتسم بالاحاطة والشمول، وبالدقة .. ووجب علينا ايضاً أن نعيد النظر فيما تواضع عليه الناس في العهود السوابق، من مفاهيم ومدلولات ... ومع ان الإسلام نشر اللغة العربية إلا ان اللغة العربية لن تستطيع ان تنشر الإسلام ... ولست اذهب مذهب التقليل من شأن اللغة في مسائل الثقافة .. ولكني إنما احب أن أقرر أن اللغة العربية "تابعة" للإسلام وليست "متبوعة" .. ولقد سمعت في داركم يومها حديثاً يصرف الناس عن نشر الفكرة الإسلامية الى نشر " الفكرة العربية" بل لقد قال مبعوث الازهر الشريف حديثاً يجعل الإسلام وسيلة " القومية العربية" وذلك هوس زحم به المصريون المعاصرون رؤوس العرب، واوشكوا أن يوردوهم به موارد الهلاك)(محمود محمد طه: مستقبل الثقافة العربية في السودان والوسائل إليها-أنباء السودان أكتوبر 1958م-راجع محمود محمد طه والمثقفون لعبد الله البشير ص 591-592).

    في عام 1960م قام معهد أمدرمان العلمي، بفصل ثلاثة من طلابه، ليس بسبب آدائهم الأكاديمي وإنما بتهمة أنهم جمهوريين !! وكان الحوار الذي عقده لهم اشياخ المعهد، محاكمة فكرية، شبيهة بتلك التي عقدها أشياخ المعهد من قبل، للشاعر التيجاني يوسف بشير، وكفروه فيها، وطردوه بسببها من المعهد العلمي .. فلم يستمعوا لهم، بل حرصوا على تسجيل آرائهم بأنهم مؤيدين للاستاذ محمود في افكاره، ورفضهم ادانته والتبرؤ منه، حين طلب منهم ذلك في إلحاح، واستفزاز، وتوتر، لم يمكنهم من شرح فهمهم لموضوع الصلاة، بل لم يقبل اعتذارهم عن الرد، أو طلبهم لشيخ العلماء أن يستفسر بنفسه من الاستاذ محمود، فقد قام شيخ العلماء بفصلهم من المعهد، وكتب المعهد بياناً في الصحف، يعرض فيه بالأستاذ محمود وأفكاره . ولقد رد الاستاذ محمود بمقال جاء فيه :

    ( 1- في نكبة المعهد المؤسفة، جرجر شيخ العلماء اسمي بين جدران فصول الدراسة، وشهر بي في الصحف، في بلاغاته، وبيانه الرسمي، واساء الى سمعتي عند الرأي العام جميعه، بصورة مؤلمة، وأنا أعرف ما لي من حق الرد عليه عند القضاء، ولكن لست بصدده الآن، وانما أنا بصدد ما لي عليه من حق أدبي، يجعل من واجب محرري الصحف، أن يعطوا هذا البيان نفس الاهتمام الذي أعطوه لبيان الشيخ. لقد كان الطلبة يسألون عن رأيهم فيّ، ويطالبون بإصدار حكم عليّ أنا بالذات، ويراد لهم أن يقولوا عني أمراً لا يرونه فيّ، فإذا قالوا ان محمود محمد طه غائب الآن، ولا موجب للتحدث عنه، ويمكنك أيها الشيخ الجليل ان تسأله في أي وقت شئت، وبأي وسيلة شئت، اصر الشيخ على الإجابة المحددة التي يريد .. فإذا ذهب الطلبة ليشرحوا رأيهم في طريقة الاستجواب، لم يمهلوا، وانما أعجلوا إعجالاً واستفزوا استفزازاً، واستخرجت منهم في حالة الاستفزاز، والإثارة، عبارات، بنى عليها الشيخ قراره المؤسف.

    2-إن هؤلاء الطلبة الثلاثة، منهم اثنان يحملان الشهادة الأهلية، وينتميان الى قسم الشريعة في القسم العالي، وهو آخر مراحل المعهد العلمي. والشهادة الأهلية في ذاتها درجة علمية، لا تحمل الجمهرة الغالبة من خريجي المعهد العلمي أكثر منها، ومع ذلك يقول الشيخ عنهما، وعن زميلهما الذي هو ثالث فرقته " إن لهم خرافة سخيفة تتنافى مع ما علم من الدين بالضرورة". ويقول في بيانه عن محيسي، وهو حامل الشهادة الأهلية، وهي كما قلنا مرتبة علمية يعترف بها المعهد، ولا تحمل الجمهرة الغالبة من خريجيه اكثر منها، يقول عنه في بيانه " بل قال محيسي في بلاهة مضحكة أن محمود محمد طه لو صلى ما اتبعته" ويقول عنهم في بيانه أيضاً " من نوع هؤلاء المغفلين الضالين الذين يجرون وراء الاوهام والاباطيل المفضوحة".

    3-والآن، فإن هناك أحد أمرين : إما أن الافكار التي يحملها الطلبة الثلاثة " من الأوهام والاباطيل المفضوحة"، فيكون طلبة المعهد العلمي حتى بعد ان ينالوا درجته العلمية الأهلية، غير قادرين على الاعتصام عن " الاوهام والاباطيل المفضوحة"، وإما ان تكون هذه الأفكار أفكاراً صحيحة، قوية، لها اصالة في الدين، فاتت على شيخ العلماء. وشيخ العلماء يعلم ان هذه الافكار قد قراها هؤلاء الطلاب، فيما يقرأون من مادة خارج المعهد، وهو يعلم مصدرها حق المعرفة، فما هو واجبه ؟ أليس من واجبه نحو طلابه، ونحو دينه، أن يناقش هذه الافكار، ويفضحها، ويظهر وهمها وباطلها، أو يعرف صحتها وسدادها، فيدخلها في المعهد عن بينة، أو يحاربها عن بينة، بدعوى ان للمعهد رسالة محددة، وأن حرية الفكر مكانها المعاهد المدنية لا الدينية ؟

    4-والآن، الى الرأي العام جميعه، أسوق هذا الحديث التالي: لقد حملت أنا هذه الأفكار التي من أجلها رفت شيخ المعهد الطلاب الثلاثة، الى الدكتور كامل الباقر، مراقب مصلحة الشؤون الدينية، وأخذت من وقته نحو ساعتين، أناقشه فيها، بعد ان تركتها عنده في اليوم السابق ليقرأها قبل النقاش .. وانتهينا من النقاش، وقد اقتنع الدكتور الباقر بأننا لو اجتمعنا انا وشيخ العلماء في مجلس، لعرف عن هذه الافكار الكثير من ما ينكره الآن، فقد كنت اخبرت الدكتور الباقر، ان شيخ العلماء لم يعط نفسه فرصة، ليفهم ما يقوله الطلبة الثلاثة، وطلبت منه ان يعمل على ان نجتمع بالشيخ لهذا الغرض. فأخبرني انه سيعقد هذا الاجتماع، إما في المعهد العلمي، وإما في مكاتب مصلحة الشؤون. وشعرت انه يميل لأن يكون الاجتماع بالمعهد اعتباراً لمكانة الشيخ فقبلت.

    5-كان هذا الحديث بيني وبين الدكتور الباقر صباح يوم الثلاثاء الماضي، وفي حوالي الساعة الواحدة والنصف، من نفس اليوم، اتصل الدكتور مشكوراً، وقال إن فضيلة الشيخ قد قبل ان يكون الاجتماع غداً الأربعاء، الساعة الرابعة بعد الظهر بمنزله، فحاولت ان احتج على المكان، ولكن الدكتور لم ير في ذلك بأساً، وطلب مني الموافقة، فوافقت، وخرجت من مكتبي على ذلك. ولكن الشيخ عاد واتصل بالدكتور بعد نصف ساعة، ليقول " أعفوني من هذا الاجتماع"، ولم يتمكن الدكتور الباقر من الاتصال بي إلا صبيحة الأربعاء، ليبلغني آخر التطورات.

    6- والآن، فإني أرى أنه من حقي، وقد خاض الشيخ فيما خاض فيه من أمري، ومن حق الطلبة المفصولين، والباقين، ومن حق الرأي العام السوداني، ومن حق الإسلام على شيخ العلماء، أن يناقشني في هذه الأفكار، نقاشاً علنياً، في مناظرة، يحضرها كل من يحب، حتى ينجلي الحق لذي عينين. وإني أعتقد أن من واجب الصحافة، ان تعلن طلبي هذا، وأن تسانده، وأن تسعى لتحقيقه. وعلى الله قصد السبيل)(محمود محمد طه: بيان نكبة المعهد العلمي-السودان الجديد 31/1/1960م-أرشيف الجمهوريين). ولقد تهرب شيخ العلماء الذي استأسد على الطلاب من المناظرة، كما تهرب من اللقاء .. واستمرت تلك العادة في عقبه، فقد درج الفقهاء، وائمة المساجد، على الهجوم على الفكرة الجمهورية، وتشويهها، ثم التهرب من مواجهة الاستاذ أو الجمهوريين في حوار عام يحضره الناس. ولقد كان المعهد العلمي، رمز التخلف، وعدو الاستنارة، ومعقل العلماء معبر المصريين الى السودان. ولقد وورثت الجامعة الإسلامية، في بداية عهدها، كل قصور المعهد العلمي .. وكان العلماء المصريين، يستغلون منابرها، وتسهيلاتها، ليهاجموا الفكرة الجمهورية، فتمت لهم المواجهة من الأستاذ ومن الجمهوريين، وهي مواجهة لا تنطلق من حقد وكراهية، كما أشاع البطل، وإنما من معرفة بموطن الداء، وطريقة استئصاله، ولهذا جاء (إن الحزب الجمهوري سيكشف لهذا الشعب الحقائق وسيقف بالمرصاد وبصلابة ضد تغلغل النفوذ المصري الذي تتطوع لخدمته الجامعة الإسلامية ومصلحة الشؤون الدينية من الوعاظ الذين تستجلبهم من مصر. أساتذة مصريون في الجامعة الإسلامية يتدخلون في شؤون بلادنا ويعتدون على الحقوق الدستورية لمواطنين سودانيين. أساتذة مصريون أجانب دخلاء على بلادنا يجندون أنفسهم ويتطوعون للتدخل السياسي في السودان وبلا حياء وعلى صفحات "الرأي العام" متعرضين للحزب الجمهوري بأسوأ ما يمكن ان يقال. منهم الدكتور كمال وصفي .. وشخص آخر يدعى محمد محمود شاهين يزيفون ويكذبون ودكتور آخر من الجامعة الإسلامية علي عبد الواحد وافي يقول في محاضرة عامة أنه قد تأكد لديهم أن الحزب الجمهوري يتلقى معونات من خارج السودان لهدم وتشويه الإسلام .. أي درك من عدم الأخلاق والامانة تردى فيه هذا الرجل. أما كان عليه ان يتعلم الامانة قبل ان يعلم أبناء شعبنا المسكين الدين في الجامعة الإسلامية ؟ إن جامعة هذا مستواها لا تشرف هذا الشعب .. )(الحزب الجمهوري : منشور أوقفوا المخطط المصري لغزو السودان 18/3/1969م-راجع محمود محمد طه والمثقفون: لعبد الله البشير ص 625).

    د. عمر القراي
                  

01-24-2014, 10:18 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في ذكرى الأستاذ محمود.. الجمهوريون والمصريون !! : د. عمر القراي (Re: عبدالله عثمان)

    Quote: في ذكرى الاستاذ محمود.. الجمهوريون والمصريون!! (3-4)

    د.عمر القر اي

    5\6\1972 ،( الأزهر مجمع البحوث الإسلامية مكتب الأمين العامم

    السيد الاستاذ وكيل وزارة الشئون الدينية والأوقاف بالسودان

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

    فقد وقع تحت يدي لجنة الفتوى بالأزهر الشريف كتاب الرسالة الثانية من الإسلام تأليف محمود محمد طه طبع في أمدرمان –الطبعة الرابعة عام 1971م ص.ب 1151.

    وقد تضمن هذا الكتاب أن الرسول بعث برسالتين فرعية ورسالة أصلية. وقد بلغ الرسالة الفرعية. وأما الاصلية فيبلغها رسول يأتي بعد لأنها لا تتفق والزمن الذي فيه الرسول وبما أن هذا كفر صراح ولا يصح السكوت عليه، فالرجاء التكرم باتخاذ ما ترونه من مصادرة لهذا الفكر الملحد والعمل على إيقاف هذا النشاط الهدام خاصة في بلدكم الإسلامي العريق.

    وفقكم الله وسدد خطاكم

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية

    دكتور محمد عبد الرحمن بيصار)( محمود محمد طه والمثقفون-عبد الله البشير ص 1160). إن هذا الخطاب الجاهل، هو احد نماذج استغلال السلطة المصرية للدين، ورجال الدين، للقضاء على الفكر الجمهوري. فالأزهر لا يتحرك من تلقاء نفسه، في أمر من أمور دولة اخرى، دون الرجوع للسلطة السياسية .. وهناك، في مختلف انحاء العالم، فرق دينية يراها علماء الأزهر خارجة عن الدين، مثل فرق الشيعة، والبهائية والقاديانية، وغيرها .. فهل قام بمخاطبة وزارة الاوقاف في تلك الدول، وطلب منها مصادرة تلك المعتقدات ؟! أم ان هذه وصاية على السودان، تنطلق من اعتقاد راسخ بتبعيته لمصر ؟! وهل هذا مستوى مناقشة مجمع بحوث علمي لكتاب، ان يصفه بالكفر، دون حجة واضحة، أو دليل، ثم يطالب بمصادرته، بدلاً من الحوار مع دعاته ؟! ولم يكن الإسلام قائماً في مصر، في ذلك الوقت، ولا هو قائم اليوم، فلماذا لم ينشغل الاشياخ بقصورهم، وعجزهم عن إقامة الإسلام في بلدهم، بدلاً من الوصاية على الآخرين ؟! وما دام الأزهر الشريف، يرى ان الشريعة التي طبقها النبي صلى الله عليه وسلم في القرن السابع الميلادي، تصلح بكل تفاصيلها، للتطبيق اليوم، فلماذا لم يطالب الرئيس عبد الناصر أو الرئيس السادات أو الرئيس حسني مبارك بتطبيقها ؟!

    والفقهاء المصريون، لا يفرضون وصايتهم الدينية فحسب، بل منهم من يخوضون في السياسة ويسعون الى فرض وصايتهم فيها، أيضاً .. وعن ذلك جاء ( تحدث الشيخ أحمد النقيب في شريط فيديو، يمكن الرجوع له في موقعه الإلكتروني، الذي أسماه البصيرة .. فقد قال "هنالك تخطيط عالمي لفصل جنوب السودان عن شماله الكلام دا منذ أكثر من 150 سنة وبالتحديد من أيام الخديوي اسماعيل ابن محمد علي باشا لما الجيش المصري وصل الى جنوب السودان ثم تجاوز الى أعالي النيل ثم شرقاً للاستيلاء على جيبوتي وارتريا واستمر توغل الجيش في الحبشة ولولا الخيانة الموجودة لاستولى الحيش المصري على الحبشة واصبحت الحبشة لأول مرة في التاريخ جزء من أملاك المملكة المصرية لكن كانت هناك خيانة واستطاع الجيش الحبشي المجرم المجرم بالتواطؤ مع الأفرنجة لا سيما ايطاليا من القضاء على معظم الجيش المصري واسر الباقي". أنظر الى نموذج هذا الفقيه الجاهل، الذي يشيد باعتداء الجيوش المصرية على جنوب السودان، وعلى الحبشة، ومحاولة استعمارها، وضمها الى أملاك الخديوية .. وحين يقاوم الاحرار هذا الاعتداء، ويذودون عن بلادهم، يصفهم بالمجرمين، لانهم تمكنوا من " القضاء على معظم الجيش المصري واسر الباقي" !! أم أن الشيخ كان يريد من الاثيوبيين، ان يقابلوا الجيش المصري الغازي بالورود، ويستقبلوه بالدفوف ؟! وحين فشل الغزو المسلح، في تحقيق الأهداف المصرية في السودان واثيوبيا، حاول المصريين تحقيق ما ارادوا بالخداع، إذ يحدثنا الشيخ، في نفس المحاضرة، عن ان مصر اتفقت مع السودان ان يترحل 50 ألف أسرة مصرية، لاستزراع آلاف الفدادين في الجنوب .. وكيف ان المصريين اكثر الشعوب توالد، وان هذه المجموعة ستصبح 5 مليون في عشرة سنوات، وستغير طبيعة الشعب هناك، ويملك المصريين الأرض، وينشرون الإسلام !! ولكن فرحة الشيخ-حسب زعمه- لم تتم، لأنه، كما قال، بمجرد نزول اول فوج، امطروا بوابل من الرصاص، قال الشيخ انه من القوى الاستعمارية، التي لا تريد انتشار الاسلام في الجنوب .. وبفشل هذا المخطط الثاني، اقترح الشيخ مخططاً آخر، أكثر مكراً وخداعاً، وهو ان تذهب مجموعة من المصريين الشباب الى الجنوب، ولا يتحدثون عن الإسلام، وانما يعملون في التجارة ويقدمون بالقدوة والمعاملة الطيبة، ما يقنع بهم السكان هناك، فيتزوجوا منهم، وهكذا ينتشر الإسلام، وفي نفس الوقت، يجد المصريون، بلا مقابل، أرض واسعة، ينعمون بخيراتها، وتحل لهم ضائقتهم السكانية، وتوفر لهم الماء، الذي يحلمون به .. ومع ان هذا التصور الخيالي لا ينهض في الواقع إذ لا تتم الأمور بهذه البساطة، إلا انه لو تم، لكان واجب الشيخ ان يشكر هؤلاء النساء السودانيات الجنوبيات، اللاتي قبلن المصريين النازحين، الذين لا ارض لهم، فتزوجوهم، ومنحوهم الأرض والابناء .. ولكن الشيخ لسذاجته، لم يستطع ان يخفي نعرة عنصرية بغيضة، تملؤه حتى المشاش، وتناقض جوهرياً، مع ما يدعي من دين وخلق، فقد قال، وهو يحث المصريين، على الزواج من السودانيات الجنوبيات " صحيح زنجيات ما فيش حاجة بيضة فيها غير اسنانها وعينيها واخد بالك إزاي مافيش مشكلة بس الكلام دا كلو في سبيل الهدف الأسمى اللي هو إيه إدخال الوثنيين في الإسلام" والشيخ لفرط بلاهته، يظن ان المرأة الجنوبية، ترى نفسها أقل منه، وانها ستقبل بالزواج من المصري المعتدي على أرضها، لأن لونه أبيض، وكأنها تحتقر نفسها، مثلما يحتقرها هو .. وهذا بالاضافة الى الجهل بالآخرين، والاعتداد بالنفس، يدل على قصر نظر مريع، وعدم تصور للأمور، وبراءة من الحساسية والذوق، ولكنه فوق هذا وذاك، يدل على بعد الشيخ عن جوهر الإسلام، الذي افنى عمره في التشدق به)(عمر القراي: مصر ماذا تريد؟ أجراس الحرية سبتمبر 2010م).

    ومهما يكن من أمر نقد الاستاذ محمود والجمهوريين للحكام المصريين، أو الفقهاء والقادة المصريين، فإنه لا يعطي الكاتب مصطفى البطل العذر ليدعي ان الجمهوريين يكرهون مصر !! كما أن الصدق كان يقتضي أن يتهم بهذه التهمة حكومة الاخوان المسلمين، التي تحكم السودان، وحاولت إغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك، كما ذكر مرشدها !! ذلك أن الذي يدبر الإغتيال هو الذي يكره وليس الذي يقدم النصح.

    ان العلاقة بين السودان ومصر، لم تقوى مثل ما قويت في عهد نميري. فلقد احتاج نظامة الى السند المصري، في وجه المعارضة الداخلية، خاصة حين احتمت بدول خارجية. وفي نفس الوقت، كان نظام السادات يعاني من عزلة، لمقاطعة العرب له، بسبب صلحه مع اسرائيل .. وهكذا وجد السادات في التقارب مع السودان، عزاء، كان في اشد الحاجة له .. ومن ناحية اخرى، كان يحاول تغيير التوجه الشيوعي، الذي كان على عهد عبد الناصر، باعطاء فرصة للوجود الامريكي، بغرض اعادة توازن القوى في المنطقة. وكان نظام نميري قريب لأمريكا، ولهذا وجد فيه السادات عوناً على هذا الدور، في اطار التحالف المنشود. ولهذا تم توقيع منهاج العمل السياسي والتكامل الاقتصادي، بين السودان ومصر في فبراير 1974م. وبعد الغزو الذي قامت به الجبهة الوطنية للسودان، تم توقيع إتفاقية الدفاع المشترك بين السودان ومصر في 15 يوليو 1976م. ولعل هذا ما أيئس المعارضة، من تكرار محاولة الغزو، وساقها للمصالحة عام 1977. ولقد قام الرئيس محمد حسني مبارك، بعد ذلك بسنوات بتوقيع ميثاق التكامل بين البلدين في أكتوبر 1982م.

    جاء في الفقرة الرابعة من الميثاق ( يستهدف التكامل بين البلدين في المجال الاقتصادي والمالي إقامة وحدة كاملة، تضمن التقدم والرخاء لكل منهما ولمواطنيهما وتقوم استراتيجية يتم تنفيذها تدريجياً ووفقاً لجدول زمني )( مسودة الميثاق-مجلس الشعب-أكتوبر 1982م) . ولكن عندما جاء للتفاصيل، جاء في الفقرة السادسة ( الغاء جميع القيود بما في ذلك الرسوم الجمركية التي تعوق :

    أ- حرية إنتقال الأشخاص ورؤوس الأموال والارباح .

    ب- حرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية.

    ج- حرية الإقامة والعمل والتملك والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادي.

    د- حرية النقل والترانسيت واستعمال وسائل النقل والمرافق والموانئ والمطارات المدنية)(المصدر السابق).

    جاء في مواجهة هذا الإتجاه (وانه لمن المعلوم بالطبع ان الغاء الرسوم الجمركية، يؤدي الى سرعة جريان المعاملات، والتبادل التجاري بين البلدين، بحيث تصبح اسواق هذه الدول، كأنها سوق واحد .. وهذا الهدف لا بد ان يتم تدريجياً، وعلى دفعات تفصل بينها فترات انتقالية، حتى لا يصاب الاقتصاد القومي بهزة عنيفة، نتيجة للتفاوت في تكاليف الانتاج، ومستويات الاسعار في البلدين، وحتى لا تنهار صناعة الدولة التي تنتج بتكاليف أعلى .. وفي مثل هذه الحالة، فانه من البديهي ان السودان هو الذي سوف يدفع الثمن، من ماله، ومال ابنائه، وجهدهم، وذلك بضياع ممتلكاتهم وضياع صناعتهم ، وان من شأن هذه السياسات، انتقال الاشخاص، والسلع المصرية الى السودان، ليصبح السودان سوقاً للسلع المصرية، التي تتفوق على مثيلاتها من السلع السودانية ، مما يهدد الصناعة الناشئة، التي ظلت متعثرة رغم سياسات الحماية التي تنتهجها الدولة في السودان .... وبنفس القدر، فان العامل السوداني سيهدده ضيق الفرص في سوق العمل، امام منافسه المصري، اذا فتحت ميادين العمل، بهذه الصورة المطلقة، التي وردت في الميثاق، وهو يتمتع بخبرة واسعة، ومقدرة زائدة على العمل، بالمقارنة مع العامل السوداني، مما يقود لفقدان عدد كبير من العمال " خصوصاً العمال غير المهرة " فرص العمل في وطنهم، ما لم تتخذ التدابير، والضوابط ، للحيلولة دون ذلك .... وبالمقارنة أيضاً، نجد ان الأرض في مصر تضيق على ساكنيها، بخلاف حال السودان مما دفع الى التفكير في التوسع في الأرض في السودان، حيث الأرض الشاسعة غير المستغلة ، بصورة تعرض مصالح السودان ، وحقوق اجياله، للخطر، ان نحن لم نتحوط ونضع على التملك القيود التي تحفظ حقوق السودانيين .. وقد اشارت مجلة الإهرام الاقتصادي في عددها رقم 681 الصادر في 1/2/1982م الى ذلك حيث جاء فيها ما يلي في صفحة 34 " لماذا لا نتجه الى السودان ونحاول الاستفادة من الاتفاقيات المبرمة بيننا وبينهم .. خاصة لو علمنا ان تكلفة استصلاح الفدان هناك لا تزيد على خمسة عشر جنيهاً .. في حين ان تكاليف استصلاح الفدان في مصر تزيد على هذا الرقم عشرات المرات .." كذلك جاء في نفس الصفحة ما يلي " ان التكثيف المحصولي لن يكفي وحده لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء .. بل ان التوسع الأفقي واضافة مساحات جديدة للاراضي الموجودة حالياً ضمن خطة طويلة المدى يعتبر هو الحل الجذري والأمثل لتوفير احتياجاتنا من الغذاء .. وكما تقول الأرقام فاننا نحتاج الى 4 ملايين فدان جديدة حتى توفر هذه الاحتياجات عام 2000 ". هذا الكلام المعبر تعبيراً صريحاً، وواضحاً، عن المطامح المصرية في أرض السودان، انما جاء في الميثاق منصصاً عن تعهد السودان بتحقيق هذا المطمح، حين اباح حرية التملك للمصريين، وذلك في مقابل المهارة والكفاءة الانتاجية للعامل المصري ... ونحن نعتقد ان هذه الصيغة تنطوي على اجحاف في حق السودان ، لما تنطوي عليه من تفريط في حق الأجيال القادمة !! إن المنطق المصري ، كما عبرت عنه جريدة الأهرام ، بأن تكلفة استصلاح الأرض عندهم فد تضاعفت، وان التكثيف المحصولي لن يكفي وحده لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء ، مفهوم ومقدر ، ويستوجب منا الاهتمام، ولكن ألا يكفي ان يتحقق ذلك للأخوة المصريين، عن طريق توسيع فرص الاستثمار الافقي في السودان، على اساس مشاريع مشتركة، وعقود محددة بفترات زمنية ، قابلة للتجديد مثلاً ، وبميزات خاصة لصالح الأخوة المصريين، في مضمار تقسيم عائد الاستثمار، دون ان يتقيد السودان بتمليك أرضه لهم ؟!! ألا يتصور الأخوة المصريون، ان ذلك قد يهدد مستقبل الإخاء، والعلاقات ا########دة التاريخية، بيننا لما يحمل بين طياته، من عوامل العداء، ودوافعه التي تتفجر في المستقبل، اذا أحست الاجيال القادمة، بان خطراً يهدد أرضها من الأخوة الوافدين من مصر؟؟ هل مثل هذا التصور عندنا غريب على خصائص النفس البشرية حيث كانت؟ أم هو واقع ومعاش ؟ إنه لحق ان بلادنا في حاجة للعمال المهرة ، ولكنها ليست بهذا المستوى الذي يسوغ تمليك الأرض، وعائد الارض في آن معاً، لغير السودانيين ...)(الأخوان الجمهوريون . التكامل . نوفمبر 1982م . ص 49-52). هذه من ضمن مواجهة الجمهوريين، لموضوع التكامل، عندما طرح في الثمانينات، بعد التداول حوله، ووضع ميثاق له، جرى بعد حوار مكثف، بين الاطراف السودانية والمصرية . إن مما أكده الجمهوريون في ذلك الكتاب هو ان اتجاه التعاون، أو التكامل، أو الوحدة التامة، بين السودان ومصر، لهو اتجاه طبيعي، مقبول، بل ومفضل .. وذلك لأن تطور الحياة ، يشير الى حتمية الوحدة بين جميع بلاد العالم، فمن باب أولى، بين الاقطار المتجاورة، التي تربط بينها وشائج عديدة، وواقع جغرافي وتاريخي، ضارب في القدم، سجلته نشأة حضارة وادي النيل العريقة. ولكن الوحدة لا تتم قبل وقتها، ولا تتحقق بغير شروطها، ولا بد لها ان ترتبط بتوحد كل قطر مع نفسه، على حدة، قبل ان يتحد مع قطر آخر .. ونحن في السودان، حتى نحقق الوحدة الداخلية، نحتاج الى مذهبية، قادرة على جمع التباين الثقافي، والفكري، والديني في وحدة حقيقية.. وهو مجهود لا زلنا عنه بعيدين. فاذا اغفلنا هذا الواجب، واتجهنا الى وحدة مع مصر، أو غيرها ، فان سعينا سيكون خاسراً. والتنمية المستدامة، لا بد ان تتحقق بواسطة الشعب، ولمصلحته هو، خاصة في بنياتها الأساسية، قبل ان يشارك فيها شعب آخر .. فالوحدة ليست عملاً عاطفياً فجاً، ما يلبث ان ينهار، وانما هي منظومة من البرامج، التي توجهها القناعة، من القاعدة نحو القمة وليس العكس. وكل تعاون قبل الوحدة ، لا يستهدي بما تقوم عليه من تكافؤ، وفق مذهبية ذات اهداف محددة ، يكون استغلالاً مرفوضاً، يوقر صدر الشعوب، ولا يخدم مصالحها. وعن ضرورة الوحدة بين الشعوب، التي تسوق الى الوحدة العالمية ، جاء ( وهذا الكوكب الصغير، الذي تعيش فيه الإنسانية، وحدة جغرافية، قد ربط تقدم المواصلات الحديثة السريعة بين اطرافه، ربطاً ألغى الزمان والمكان، الغاء يكاد يكون تاماً .. حتى لقد اصبحت جميع اجزاء المعمورة ، تتجاوب في ساعات معدودات، للحدث البسيط الذي يحدث في أي جزء من اجزائه. يضاف الى ذلك، ان هذا الكوكب الصغير، معمور بانسانية واحدة ، متساوية في اصل الفطرة، وان تفاوتت في الحظوظ المكتسبة ، من التحصيل والتمدين .. فينبغي والحال هذه، بل انه، في الحقيقة ضربة لازب، ان تقوم فيه حكومة عالمية واحدة، تقيم علاقات الأمم على اساس القانون، كما تقيم حكومات الأمم كلها في داخليتها، علائق الافراد على اساس القانون، وذلك أمر مستطاع، بل هو أمر لا معدى عنه )(محمود محمد طه 1953م من خطابه للسيد توبيز بوديت مدير عام اليونسكو-أرشيف الجمهوريين ).

    د. عمر القراي


    http://www.altaghyeer.info/ar/2013/articles_opeds/2746/
    فَ
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de