محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 10:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-21-2014, 03:22 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد




    محمود محمد طه
    يدعو إلى
    طريق محمد



    صدرت الطبعة الاولى في مارس 1966م.. ثم صدرت منه عدة طبعات في تلك الفترة ( 1966ـ 1985 ) كانت اخرها الطبعة الثانية عشرة ، وقد صدرت في فبراير 1981م ـ ربيع ثاني 1401م (بدون مقدمة خاصة به). من تلك الطبعات ، كانت الإضافة : مقدمة الطبعة الثالثة ، ومقدمة الطبعة الرابعة ثم ( مقدمة الطبعة الثامنة ) التي صدرت في ربيع الثاني 1395هـ أبريل 1975م.



    بـتـقـلـيـد مـحـمـد
    تــتـوحـد الأمـــة
    ويـتــجـدد ديـنـهـا



    الإهــداء:

    إلى الراغبـين في الله وهم يعلمون ،
    والراغبين عـن الله وهم لا يعلمون ..
    فما من الله بد ..

                  

01-21-2014, 03:23 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)





    بسم الله الرحمن الرحيم
    (( يأيهـا النـاس !! قد جاءتكـم موعظـة من ربكـم ، وشفـاء لما في الصـدور ، وهـدى ، ورحـمـة ، للمؤمنيـن * قـل : بفضـل الله ، وبرحمتـه ، فبـذلك فليـفـرحوا ، هو خير مما يجمعون .. ))
    صدق الله العظيم ..



    مـقـدمـة

    هذه مقدمة الطبعة الثامنة من (( طريق محمد )) .. ولقد لقيت الطبعات الأولى من هذا الكتاب رواجا طيبا بين أصدقائنا القراء مما شجع على تقديمه للطبعة الثامنة - ثم إننا رأينا أن نختص هذه الطبعة الثامنة بمقدمة، خاصة بها، فيها نعالج بعض المسائل العرفانية، مما يعين على تمام التوسيل (( بطريق محمد)) ..

    الشهادة المثنية

    الشهـادة المثنيـة هـي : (( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله )) .. والشهـادة المفـردة هـي : (( لا إله إلا الله )).. وهذه شهادة (( توحيد )).. وتلك شهادة (( تصديق )).. وشهادة التصديق تجب مرة في العمر.. وتوجب الإتباع (( وما آتاكم الرسول فخذوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا !! واتقوا الله .. إن الله شديد العقاب )) هذا سند الإتباع من القرآن .. وسنده من الحديـث : (( صـلوا كما رأيتموني أصلي )) .. وفي بابـه أيضا (( خذوا مناسككم عني )) .. هذان في أمر الصلاة ، والحج .. وهما ينطبقان على سائر أعمال العبادات ، والطاعات .. وأما شهادة التوحيد فهي لن تنفك تقال ، في الحياة الدنيا ، وفي الآخرة .. فهي خير ذكر أهل الدنيا ، في الدنيا ، وهي خير ذكر أهـل البرزخ ، في البرزخ ، وهي خيـر ذكر أهل الجنة ، في الجنة ، وهي خير ذكر أهل النار ، في النار .. وإنما يبتغي الذاكِرون من ذكرها أن يحققوها ، في حياتهم حتى ينتقل قولها بلسان المقال فيصبح قولا بلسان المقال ، ولسان الحال معا ، وذلك حين تتم ، بفضل الله ثم بفضل تجويدها ، وحدة البنية البشرية ، في كل نفس بشـرية .. وسنـد الشهادة المفردة من القرآن : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله !! واستغفر لذنبك ، وللمؤمنين ، والمؤمنات .. والله يعلم متقلبكم ومثواكم )) .. وسندها من الحديث : (( خير ما جئـت بـه ، أنا والنبيـون من قبلي ، لا إله إلا الله )) .. وبيـن الشهـادة (( المثنيـة )) - (( لا إله إلا الله ، محمـد رسـول الله )) – والشهـادة (( المفـردة )) - (( لا إله إلا الله )) - اختلاف مقدار .. فالشهادة المثنية هي القاعدة ، في الأرض ، والشهادة المفردة هي القمة ، في الإطلاق .. وسند ذلك من كتاب الله : (( شهد الله أنه لا إله إلا هو ، والملائكة ، وأولو العلـم ، قائما بالقسط .. لا إله إلا هو، العزيز الحكيم * إن الدين عند الله الإسلام )) .. فقمة الشهادة المفـردة في الإطلاق ، عند الله ، حيث شهد بذاته ، لذاته ، بالتفرد بالأحدية .. وقاعدتها في القيد ، في الأرض ، عند المؤمنين بها ، وتلك هي الشهادة المثنية : (( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله )) .. فقولك : (( محمد رسول الله )) مدخل على قولك : (( لا إله إلا الله )) .. هي الباب ، وليس بغيره دخول في الحضرة .. وبتطبيقها ، وهو ما أسميناه تجويد التقليد ، يكون السير في مراقي التوحيد - السير في تحقيق (( لا إله إلا الله )) ، من مستوى ما يقال في الأرض ، عند المؤمنين ، وعند أولي العلم ، وعند الملائكة ، إلى مستوى ما يقال في السموات ، عند الملائكة ، وملائكة الملأ الأعلى ، ثم إلى مستوى ما يقال في الإطلاق ، عند الذات ، وهيهات !! هيهات !! فإن هذا أمر يحصل تحقيقه ، كل يوم جديد ، ولا يقع الفراغ منه ، فالسير فيه سير في السرمد ، وبحسب أولي العلم منه أن يعلموا أن تحقيقهم لـ (( لا إله إلا الله )) ، بالغا ما بلغ ، ليس بشئ إذا ما قورن بتوحيد الله لذاته في قوله تعالى : (( شهد الله أنه لا إله إلا هو )) ..


                  

01-21-2014, 03:25 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    دائرتان

    ينتج ، لدى التفصيل ، مما تقدم إجماله دائرتان - دائرة داخلية ، ودائرة خارجية .. ولكل من الدائرتين (( مركز )) ، أو قل : (( قلب )) ، إن شئت .. ولكل من الدائرتين مدخل ، أو قل : باب يؤدي من هيكلها إلي داخلها - إلى قلبها- .. أما الدائرة الخارجية فهيكلها قولك : (( محمد رسول الله )) ، وهو شطر الشهادة المثنيـة .. وباب هـذه الدائـرة محمد ، وبـه الدخـول إلى قلبـها .. وقلبـها إنما هو قولك : (( لا إله إلا الله )) وهو الشطر الآخر من الشهادة المثنية ..
    وأما الدائـرة الداخلية فهيكلها (( لا إله إلا الله )) ، وقلبها (( الله )) ، وبابها (( الإله )).. فكأن محمدا باب الدخول على جملة (( لا إله إلا الله )) ، و(( الإله )) باب الدخول على خلاصتها .. وبين جملتها وخلاصتها أمد ما بين العبادة والعبودية ، وهو أمد تطير فيه القلوب ، بأجنحة بغير ريش ، طيرانها السرمدي .. وإلى هذا الطيران السرمدي الإشارة بقوله تعالى : (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون .. )) ..
    فالشهادة المثنية ليست بشهادة توحيد ، وإنما هي شهادة (( تثنية )).. و(( التثنية )) أدنى منازل التعدد من منزلة (( التوحيد )).. وفي السير منها إلى منزلة التوحيد يقع (( التجريد )).. والتجـريد هو معرفة مكانة (( الله )) من مكانة (( محمد )) .. ولا يتم (( التجريد )) إلا لمن أتقن (( التقليد )).. ومن أتقن التقليد يطالعه معنى لطيف من معاني قوله تعالى : (( وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة ، وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون )) ..
    والشهادة (( المفردة )) ليست بشهادة (( توحيد )) أيضا إلا إذا وقع (( التفريد )) ، والتفريد هو معرفة مكانة (( الإله )) من مكانة (( الله )) ، وتلك معرفة محجبة ، وممتنعة .. يقع شميمها ، ولا يتم تحقيقها .. وكل من كان له قدم رفيع في (( التفريد )) يطالع بالمعنى الذي يقابله من قوله تعالى : (( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين )) .. وإنما لم تكن الشهادة المفردة شهادة توحيد لأنها إنما تقوم على نفي وإثبات .. فهي حركة بين طرفين ، يمر الفكر أثناءها بخط الاستقامة ، وفي لحظة مروره تلك يتم له التوحيد ، ذلك بأنه في خط الاستقامة يجد الله .. وإلى ذلك الإشارة بقول هود : (( إني توكلت على الله ، ربي وربكم ، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها .. إن ربي على سراط مستقيم )) .. وشهادة التوحيد ، في شهادة التفريد ، هي حظ (( الله )) وحده .. وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى : (( قل الله !! ثم ذرهم في خوضهم يلعبون )) .. على أن يكون القول بلسان الحال ، وههنا يتـوحد الفـكر ، والقـول ، والعمـل .. فكأن (( قـل الله )) هنا هي (( كـن الله )) .. وتحقيـق هـذه الكينونـة هي وظيفـة الكلمة : (( لا إله إلا الله )) مدعـومة بالعمل الصالح ، وأعـلاه الصلاة الذكيـة .. وإلى ذلك الإشـارة بقولـه تعالى : (( إليه يصعـد الكلـم الطيـب والعمل الصالح يرفعه .. )) ..
    وكل إنسان من الناس ، بالغا ما بلغ من الرفعة ، له (( إله )) غير (( الله )) ذلك (( الإله )) هو تصوره هو (( لله )) .. وما من تصور (( لله )) إلا و (( الله )) من حيث ذاته العلية ‍، بخلافه ، فوقعت الشقة بين التصور والحقيقة .. وكل العباد إنما محاولتهم أن ينطبق تصورهم على الحقيقة ، ليكون (( إلههم )) (( الله )) ، وهيهات !! وإلى ذلك المطلب الرفيع الإشارة بقوله تعالى : (( وأقيمـوا الوزن بالقسط ، ولا تخسروا الميزان )) فكان في إحدى كـفتي الميزان (( الله )) - (( الحقيقة )) ، وفي الكفة الأخرى (( الإله )) .. وفكـرة الإله تبـدأ من (( الباطل )) وتدخل مداخل (( الحق )) .. وإنما يطلب الحق (( الحقيقة )) .. يطلـب الحـق أن ينطـبـق على الحقيقـة تمـام الانطبـاق .. (( فالإله )) ، بمعنى آخـر ، هـو تصـورنا (( لله )) ، وهـو تصـور ، مهما بلـغ من الكمال ، قاصر قصـورا مزريا ، حتى أن النبـي الكريـم قـد قال : (( أعلـم عالـم ، بجانب الله ، أحمق من بعير .. )) ..
    بإيجاز، من الناحية العملية ، والتطبيقية ، فإن (( إله )) كل إنسان إنما هو (( نفسه )).. ولما كانت نفوسنا هي حجبنا الناهضة بين عقولنا وبين الحقيقة - (( الله )) ، فقد قال المعصوم عنها : (( إن أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك )) .. وقال أحد العارفين عنها : (( وجودك ذنب لا يقاس به ذنب )) .. وهذه النفس إنما هي النفس (( السفلى )) ، وقد سميت بالنفس (( الأمارة )) ، وهي تنزل من النفس (( الكاملة )) - نسبية الكمال - وهي نفس (( الإنسان الكامل )) .. وهذه ، بدورها ، إنما هي تنزل عن النفس (( الكاملة )) - مطلقة الكمال - وهي نفس (( الله )) .. وإنما سير العباد كله مجاهدة للارتقاء من النفس (( الأمارة )) إلى النفس (( الكاملة )) - إلى نفس الله .. وهذا سير سرمدي ، يقع البدء فيه ، ولا يتفق الفراغ منه .. وإلى هذا السير المجيد الإشارة بالآية الكريمة : (( قل يا أيها الناس !! قد جاءكم الحق من ربكم ، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها ، وما أنا عليكم بوكيل )) .. من اهتـدى فإنما يهتدي إلى نفسه (( العليا )) - (( الكاملة )) - ومن ضل فإنما يضل في متاهات نفسه (( السفلى )) - (( الأمارة )).. وطريق محمد إنما هو (( السنة )).. هو سنة (( محمد )) في أوليات السير ، ثم هو سنة (( الله )) في أخرياته .. وهـذه السنة إنما هي السراط المستقيم ، الممدود ، رأسيـا ، بيـن النفس السفلى في القاعـدة ، والنفس العليا في القمـة ، والمتمثـل ، أفقيا ، في نقطـة التقاء طـرفي الإفـراط ، والتفـريط ، أثناء تأرجـح (( النفس السفلى )) - ( اقرأ هنا (( النفس اللوامة )) بخاصة ، والأمارة موجودة ) بين هذين النقيضين .. نقطة التقاء هذين النقيضين ، في هذه القاعدة ، هي (( الحق )) .. والحق يتطور يطلب الحقيقة .. وإلى هذه السنّة النبوية الإشارة بقوله تعالى : (( قد جاءكم الحق من ربكم )).. وروح هذه الآية إنما هي في الفاصلة ، وهي قوله تعالى: (( وما أنا عليكم بوكيـل )) .. وإنما كانت هذه الفاصلة روح الآية لعظيم مكانتها في التأديب - تأديب النبي ، وتأديب أفـراد الأمـة - تأديـب (( المربي )) ، وتأديـب (( المتربي )) ، ذلك بأن بهـا يقـع على (( المتربي )) تحمل مسئولية عمله في مضمار سيره إلى تحقيق فرديته ، ويقع على (( المربي )) إخـراج نفسه من بين (( العبيد )) و (( ربهم )) حتى لا يكون قاطعا لطريق الرب ، وحتى تكتمل له هو عبوديته ، فلا تكون له رائحة ربوبية على أحد من الخلق .. وفي هذا التأديب من لطف التأتي إلى رياضة النفوس البشرية ما يلحق بحد الإعجاز .. بل إنه لهو إعجاز القرآن الحقيقي ..
    في هذه الفاصلة إيجاز معجز لتفصيل ورد في آيتين شهيرتين ، طالما تحدثنا عنهما في عديد المواضع من كتبنا ، هما (( فذكر !! إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر )) ..
    يحسن أن نذكر هنا أن الفاصلة إنما هي سنة (( الله )) في حين : (( قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم )) هي سنة (( النبي )) .. وما يعقلها إلا العالمون ..
                  

01-21-2014, 03:25 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    أفي الله شك ؟

    في وقتنا الحاضر ليس هناك من يشك في وجود الله تعالى ، مجرد الشك ، بل هناك من ينفي وجوده وهو على ثقة مما يقول .. أكثر من هذا ، فإنه ليدعي علمية ما يقول .. ولقد وردتنا ملاحظة على ما نكتب من بعض أصدقاء (( الدعوة الإسلامية الجديدة )) .. يقول صاحب تلك الملاحظة : أننا نكتب وكأن وجود الله مفروغ منه ، بينما وجوده عند كثير من المثقفين ، عندنا وفي الخارج ، يحتاج إلى برهان ..
    يقول القرآن : (( ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم ؟؟ قوم نوح ، وعاد ، وثمود ، والذين من بعدهم ، لا يعلمهم إلا الله ، جاءتهم رسلهم بالبينات ، فردوا أيديهم في أفواههم ، وقالوا : إنا كفرنا بما أرسلتم به ، وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب * قالت رسلهم : أفي الله شك ؟؟ فاطر السموات ، والأرض ، يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ، ويؤخركم إلى أجلٍ مسمى ؟؟ )).. وسيقول قائل : كيف تحتجون بالقرآن على وجود الله لدى قوم ينكرون وجود الله نفسه ؟؟ والجواب قريب : فليست المحاجة هنا بالقرآن ، وإنما المحاجة بالعبارة التي تنطوي على الإشارة إلى البداهة المعاشة وهي قوله تعالى : (( أفي الله شك ، فاطر السموات ، والأرض ؟؟ )).. ذلك بأن البداهة المعاشة ، عبر الحياة الطويلة ، هي أن لكل صنعة صانعا .. هذه القاعدة لم تتـخلف ، ولا للحظة واحـدة .. ولقد قيل أن أعرابيا سئل عن برهـانه على وجود الله فقال : (( البعرة تدل على البعير )) .. وهذا أمر هو من البداهة بحيث لا يحتاج إلى ذكاء .. فلو أن هناك صنعة صنعت نفسها لقام اللّبس الذي يمكن أن يجئ منه عذر المنكرين وجود الله ..
    وفي موضع آخر ، يجئ قوله تعالى : (( أم خلقوا من غير شئ ؟؟ أم هم الخالقون ؟؟ * أم خلقوا السموات ، والأرض ؟؟ بل لا يوقنون ..)).. قوله : (( أم خلقوا من غير شئ ؟؟ )) يعني : أم خلقوا من غير خالق ؟؟ قوله : (( أم هم الخالقون ؟؟ )) يعني أم هل خلقوا أنفسهم ؟؟ وهذا ، أو ذاك ، قول تمنع البداهة أي عاقل أن يقول به .. ومثل هذا القول يقال عن الآية الثانية :(( أم خلقوا السموات ، والأرض ؟؟ بل لا يوقنون .. )) فإن دعوى المدعين هنا تنتهي .. انظر ماذا جاء في القرآن على لسان إبراهيم في أمر انقطاع دعوى المدعين !! قال تعالى : (( ألم تـر إلى الذي حاج إبراهيـم في ربـه ، أن آتاه الله الملك ، إذ قال إبراهيـم : ربي الذي يحيي ، ويميت .. قال : أنا أحيي ، وأميت .. قال إبراهيم : فإن الله يأتي بالشمس من المشرق ، فأت بها من المغرب ، فبهـت الذي كفر ؟؟ والله لا يهـدي القوم الظالمين ..)) .. وفي موضع آخر: (( خلق السموات بغير عمد ترونها ، وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ، وبث فيها من كل دابـة ، وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريـم * هذا خلق الله ، فأروني ماذا خلق الذين من دونه ؟؟ بل الظالمون في ضلال مبين .. )) ..
    مرة أخرى !! هل هذا احتجاج ، بالقرآن ، لإثبات وجود الله في مواجهة قوم ينكرون وجود الله ؟؟ لا !! ولا كرامة !! وإنما هو اتخاذ اسلوب القرآن ، وهو أسلوب البداهة المعاشة .. ذلك بأنه ، في البداهة المعاشة ، عبر الملايين من السنين ، لم نجد صنعة بغير صانع ، ولا أثرا بغير مؤثر .. ولقد ألمعنا القول آنفا إلى جواب الأعرابي الذي قال (( البعرة تدل على البعير )) ، وذلك في الرد على من سأله : كيف عرف وجود الله ؟؟ القـرآن كتاب الأمييـن .. نبيـه أمي ، وأمتـه أميـة .. وهـو إنمـا يتـخـذ أسلـوب البـداهة البسيـط – السـاذج إن شئـت - في مواجهتـه لقضيـة هي كبـرى قضايا الفكـر المعاصـر .. نحـن إذن لا نحتـج بالقـرآن في مواجـهة الملحـدين ، وإنما نحتـج بالأسلـوب الذي لا تقبـل البداهة غيـره .. والبـداهة تقـرر الأمـور البديهيـة ..
    ( والأمور البديهية هي الأمور الضرورية في نظر العقل ) حتى إنهم قد قالوا :-
    وليس يصح في الأذهان شئ إذا احتاج النهار إلى دليل
    وانطلاقاً من هـذه (( الأمـور البديهية )) سار العارفـون ، والمفكـرون ، والعلماء عنـدنا .. ولقد قال العارف النابلسي :
    وخلف حجاب الكون ما أنت طالب ومن لفظة المقهور يلزم قاهر
    تأمل مليا قوله: (( ومن لفظة المقهور يلزم قاهر )) ، تجده أمرا في غاية البداهة ..
    قالوا أن أعرابياً سئل : (( كيف عرفت الله ؟؟ )) فأجاب : (( عرفته بنقض العزائم )) ..
    منذ سنوات زار مصر الفيلسوف الماركسي المعروف روجيه قارودي ، وكانت زيارته بغرض إلقاء محاضرات عامة على مجاميع المثقفين ، وقد احتفل بـه هؤلاء أيما احتفال ، ولقيت محاضراته القبـول ، والثـناء .. وقـد أوردت عنـه مجلة (( الطليعة )) فيما أوردت قوله ، في إحدى محاضراته : (( أنا طبعا ملحد )) .. ولقد وقفت طويلا عند هذه العبارة الجريئة ، وقام في بالي أن رجلا يقول مثل هذا القول عن نفسه ليس خليقا بأن يحاضر الناس - في أي مستوى من مستوياتهم .. ذلك بأن عنده مشكلة يجب عليه الاشتغال بحلها قبل أن يشتغل بمحاضرات الآخرين ..
                  

01-21-2014, 03:46 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    الملحد !! من هو ؟؟

    الملحد هو رجل يرفض أن يعتقد في الله ، وفي الغيب ، وفي الأرواح ، وفي الحياة الأخرى التي تكون بعد الموت .. ويرفض ما تقوم عليه الأديان من تفسير للكون - يرفض جملته وتفصيله- ويبني اقتناعه على ما يسميه نظرة علمية للكون ، مأخوذة من نظريات ، ومعطيات العلم التجريبي المادي .. وفلسفة الملحد هي (( الفلسفة المادية )) التي تنبني على نقض قيم الدين ، وعلى محاولة تقويضها .. وتسعى لصرف الناس عن الدينونة بتلك القيم ، وعن الاعتقاد فيها ..

    وما هي المادية ؟

    الفلسفة المادية هي النظرة المبنية على العلم التجريبي ، والتي تقول : أن الكون مادة .. ( والمادة هي ما تدركه الحواس ، وما يدركه العقل ، من هذا الكون المحسوس الذي نعيش فيه ) ..
    فالمادية هي الفلسفة التي تقول أن الكون مادة .. فليس في الكون غير المادة ، وغير القوانين التي تحكم تحركها ، وتغيرها .. والفلسفة المادية في حرب سافرة ، لا هوادة فيها ، ولا مهادنة ، مع كل المفاهيم الروحية التي تقوم على ما وراء المادة ، سواء عندها أكانت هذه المفاهيم تظهر في ثوب الدين ، بصوره العقيدية ، أم كانت تلبس ثوب الفلسفة المثالية ، ( كما تعبر عنها في سخرية ، وفي زراية ) ..
    لدي النظرية المادية الطبيعة ( المادة ) تتطور حتى تبلغ أعلى شكولها ، بما في ذلك الحياة ، والعقل المفكر نفسه ، بأسباب مودعة فيها ، وفي قوانينها ، وليس بأسباب ، أو قوى ، خارجة عنها .. ولقد نشأت الفلسفة المادية منذ زمن طويل ، ولكنها بلغت قمة تفلسفها على يدي ماركس ، وانجلز ، فيما سمى عندهما (( بالمادية الديالكتيكية )) ..
    هذا هو الإلحاد ، وهذه هي فلسفته المادية ، أوردتهما بإيجاز شديد ، ولكنني أرجو له ألا يكون إيجازا مخلا ..
    عنـد الفلسـفـة المـاديـة المـادة ، كمـا تـدركها الحـواس ، والعقـول ، أصـل ، والعقـل أثر - المادة سابقة والعقول لاحقة .. هذا بطبيعة الحال صحيح .. فقد برزت المادة إلى حيز الوجود قبل العقل البشري ، وبأمد طويل .. ولكن ، ما ظن الماديين إذا أخبرناهم أن المادة مسبوقة بالعقل الكلِّي ، العقل الذي ما العقل البشري إلا محاكاة له تحـاول أن تسير على أثره لتخرج من قصورها إلى إحاطته .. إن الماديين يتحدثون عن القوانين التي تحكم حركة المادة وتغيرها ، ولكن أليست القوانين ، في حد ذاتها ، أثرا من آثار العقـول ؟؟ ألم يقـل أرسـطـو : أن القانـون هـو : (( العقـل الذي لـم يتأثر بالرغبة ؟؟ )) أم أن هذه فلسفة مثالية ؟؟

    هل المادية علمية؟

    لا !! على التحقيق !! هي ليست علمية ، حتى بمقياس العلم التجريبي المادي المعاصر ، ذلك بأن هذا العلم قد قال ، بأعلى صوت ، أن المادة ، كما ، تدركها الحواس ، والعقـول ، ليست هناك ، وإنما هي ، لدى التحليل الأخير ، طاقة ، تعرف خواصها ، ويجهل كنهها .. هذا ، وعلمية العلم المادي التجريـبي المعاصـر نفسـها ليسـت علميـة .. ولقـد تحدثنا عن هـذا بإيجاز واف في مقدمة كتابنا (( الدين والتنمية الاجتماعية )) مما يغني عن الإعادة ههنا ، فليراجع ..
    إن أيسر ما يقال عن الفلسفة المادية أنها ، حين عجزت عن إدراك الغيب ، اتخذت من عجزها فضيلة ، فأنكرت الغيب .. وإنكارنا وجود ما نجهل لم يكن ، في يوم من الأيام ، وهو لن يكون علميا ، في أي وقت ، وإنما هو جهل ينطوي على غرور لا يشرف عقل أي عاقل .. إن العقل العلمي لا ينكر كل ما يجهل ، وإنما يؤمن به ريثما يعلمه - يؤمن به ، ويصبر عليه ، ويبحث فيه ، حتى يبني إنكاره ، أو إقراره ، على علم يتكشف له نتيجة لتواضعه ، وأدبه ، ودأبه ، وصبره على البحث ، والتنقيب ..
    ومـن عجب أن المادييـن يقـررون حـداثة العقل ، وقـدم المادة ، ثم هـم، بعد ذلك، يحكمـون على القديم بالحادث ، ويجعلـون هـذا الحكم فيصلاً لا يتـرددون في إطلاقـه ، ولا في تعميمه .. فهل هـذا ، في حد ذاته ، عمل علمي ؟؟
                  

01-21-2014, 03:48 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    إعتـراض

    وقد يرد إعتراض وجيه على ما سقنا من حجج لإثبات وجود (( الله )) وهي حجج تقوم أساسا على ما تعطيه البداهة المعاشة .. هذا الاعتراض يقول : إذا كانت البداهة المعاشة تقرر : أن لكل مصنوع صانعا ، ولكل موجود خالقا ، فمن الذي خلق الله ؟؟ هذا اعتراض قد يبدو وجيها ، لدى النظرة العجلى ، ولكنه غير وجيه ، على التحقيق ، لدى النظرة المستأنية .. ومعلوم أن الماديين يبنون على هذا الاعتراض حجتهم بأن المادة غير مخلوقة ، ولا هي تحتاج لقوة خارجها .. إنهم هم يقولون لنا : إذا كنتم ، في آخر السلسلة ، ستصلون بنا إلى موجود لا موجد له ، ثم تطلبون إلينا أن نعقل هذا ، فمن الآن ، فدعونا نقرر : أن المادة موجـود لا موجـد له ، ولا هـو يحتـاج إلى موجد .. واضح عندنا أن هذا منطق غير مستقيم .. ذلك بأن الأمور لا تقرر بهذه البساطة .. هي لا تقـرر اعتبـاطا ، ولا هي تقرر خبطا عشوائيا .. الصورة هكذا : هناك ، في الوجود ، الناقص .. وهناك الكامل .. والعقل يستطيع أن يدرك الناقص ، وأن يحدده .. وهو يستطيع ، بالمقارنة ، أن يدرك ما هو أكمل منه ، وهو أيضاً يستطيع أن يلاحظ أن الناقص يتطور نحو الكامل - العقل يستطيع أن يدرك الناقص ، وهـو يستطيع أن يدرك الكامل ، نسبي الكمال .. إننا نحن ، إذن ، كما قررنا ، نعرف الناقص ، ونشاهده يتطور في مراقي الكمال النسبي .. وواضح عندنا أن كل كمال فوقه كمال أكمل منه .. ونستطيع ، من ثم ، أن يمتد بنا الخيال في متابعة الكمال إلى غير نهاية .. فهناك إذن كمال غير متناه .. هذا الكمال غير المتناهي نستطيع أن نتصور وجوده ، وإن عجزنا عن الإحاطة بكيفية وجوده .. ونستطيع أن نسميه : (( الكمال المطلق )) ذلك بأنا إنما عجزت عقولنا عن الإحاطة بكيفية كماله لأن عقولنا (( معقولة )) بمعطيات الحواس ، والمطلق غير معقول ( غير مقيد ) . (( فالمعقول )) هنا من العقال .. ومن العلم ـ أعني من علمية المنهج ـ ألا نـنكر (( المطلق )) لأننا نجهل كيفية إطلاقه .. وإنما يجب أن نقره ، وأن نؤمن به ، وأن نصبر عليه ، ريثما نعلمه .. ولـن يجئ يوم يكـون علمنا بالمطلـق علـم إحاطة .. وإلا لما كان (( مطلقا )) .. ووجود (( المطلق )) هو أس الرجاء في نظرة التطور ، ذلك بأن حياتنا إنما تتـطور من (( الناقص )) إلى الكمال النسبي ، وهي تطلب الكمال (( المطلق )) .. وهذا يعني أن ليس هناك حد لكمال حياتنا ..
    المادة غير العضوية ناقصة ، والمادة العضوية - الخلايا الحية - أكمل منها - فالنملة أكمل من الشمس .. والمادة العضوية ، في الحيوات الدنيا ، في مرتبة النمل والذر ، ناقصة ، وحيـاة الحيوان الثديي ، مثلاً ، أكمل منها .. وحياة الحيـوان الثديي ناقصة ، وحياة الإنسان أكمل منها .. وحياة الإنسان (( الجاهل )) ناقصة ، وحياة الإنسان (( العالم )) أكمل منها .. وكل من كان (( أعلم )) فهو (( أكمل )) ممن هـو دونه (( وفوق كل ذي علم عليم )) .. وحياة أعلم عالم تقصر دون العلم (( المطلق )) .. وهي ، من ثم ، نسبية الكمال لنسبية علمها ، وهي تتطور في المراقي تطلب (( العلم المطلق )).. والعلم المطلق علم يدرك العقل وجوده ، ويستطيع أن يتصوره ، وأن يؤمن به ، وأن يسعى في تحصيله .. هذا العلم المطلق هو علم الله .. وهو الله .. فللناقص خالق ، ومن ههنا جاء نقصه ، لأنه محتاج لغيره .. وللكامل ، نسبي الكمال ، خالق ، ومن ههنا جاء نقص كماله ، لأنه محتاج لغيره أيضا .. وليس للكامل ، مطلق الكمال خالق لأنه ، لإطلاق كماله ، لم يكن مسبوقاً بعدم ، ولا هو ملحوق بعدم ، ولا هو محتاج لغيره .. ولإنهاض هذه الحجة يرد في القرآن : (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله.. والله هو الغني الحميد )) ..
    فنحن ، حين نقرر ، في آخر السلسلة ، أن هناك موجودا لا يحتاج إلى خالق ، إنما نقرره على صورة يقبلها العقل ، بل يستحيـل عليه أن يقبل غيرها .. ومن ههنا فإن ما تعطيه البداهة هو ، في حقيقته ، أمر يبلغ من الدقة مبلغا عظيما .. هذا ، وغني عن القول أن الخالق واحد ، للناقص وللكامل نسبي الكمال .. وإنما تقرر وحدة الخالق وحدة الوجود ..
                  

01-21-2014, 06:05 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)


    بسم الله الرحمن الرحيم

    (( محمد رسول الله ، والذيـن معه ، أشـداء على الكفـار ، رحماء بينهم ، تراهم ركعا ، سجدا ، يبتغون فضلا من الله ، ورضوانا ، سيماهم ، في وجوههم من أثر السجود ، ذلك مثلهـم ، في التـوراة .. ومثلهـم ، في الإنجيـل ، كزرع أخرج شطأه ، فآزره ، فاستغلظ ، فاستوى على سوقه ، يعجب الزراع ، ليغيظ بهم الكفار .. وعد الله الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات منهم ، مغفرة ، وأجرا عظيما .. )) .
    صدق الله العظيم

    مقدمة الطبعة الرابعة:

    بهـذا نقـدم للقراء الكرام الطبعة الرابعة من كتاب (( طريق محمد )) .. ولقد نفدت الطبعة الثالثة في زمن وجيز ، ولا يزال الإقبال على هذا الكتاب متزايدا ، مما يبـشر بقـرب أوان بعث السنة المطهرة .. هذا يوم تتم النعمة ، وتعـم أهل الأرض المسرة ، وتعظم الفرحة .. (( قل بفضل الله ، وبرحمته ، فبذلك فليفرحوا .. هو خير مما يجمعون .. )) ..
    لقد حان الحين ، وآن الأوان ، وأظلنا عهد الأخوان ، أولئك الذين بشر بمجيئهم المعصوم ، وعبر عن أشواقه إلى لقائهم في أحاديثه .. ولقد أوردنا رواية بتلك العبارة في مقدمة الطبعة الثالثة من هذا الكتاب ، وها نحن نورد رواية ثانية بها ،: عن أبي هريرة أن رسول الله ، أتى المقبرة ، فقال : (( السلام عليكم ، دار قوم مؤمنين ، وإنا ، إن شاء الله ، بكم لاحقون .. وددت أنا قد رأينا إخواننا .. قالوا أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : أنتم أصحابي ، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد .. فقالوا ، كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟ فقال : أرأيت لو أن رجلا له خيل ، غر ، محجلة ، بين ظهري خيل ، دهم ، بهم ، ألا يعرف خيله ؟ قالوا : بلى يا رسول الله !! قال : فإنهم يأتون غرا ، محجلين ، من الوضوء ، وأنا فرطهم على الحوض .. ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال ، أناديهم : ألا هلم !! فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك !! فأقول : سحقا ، سحقا !! ))
    وكما وردت الإشارة إلى الاخوان في الحديث ، في مقدمة الطبعة الثالثة ، فإنها قد وردت أيضا في القـرآن ، من الآيات الأربـع ، التي صدرنا بها تلك المقدمـة ، وذلك حيث يقـول ، جل من قائل ، (( وآخرين منهم ، لما يلحقوا بهم ، وهو العزيز ، الحكيم )).. ولقـد أسلفنا هنالك شرح الحديث ، وشرح الآية ، مما يغني عن التكرار ..
    وههنا صدرنا بآية تدعم الحديث الذي أوردناه فيما يخص أمر الأخوان .. فإنه ، في هذه الآية ، قد تحدث عن الأصحاب ، كما تحدث عن الأخوان .. قوله : (( محمد رسول الله )) ..(( رسول الله )) هنا تعني التنزل من الرسالة (( الأحمدية )) إلى الرسالة (( المحمدية )) لتخاطب الناس على قدر عقولهم ، كما تقتضي الحكمة .. قولـه (( والذيـن معه )) ، إشـارة إلى الأصحاب ، وهـم المخاطبـون ، أولا وأخيرا ، بالرسالة المحمديـة .. ثـم قال ، في وصفهـم : (( أشـداء على الكفـار ، رحماء بينـهم ، تراهـم ركعا ، سجدا ، يبتغون فضلا من الله ، ورضوانا ، سيماهم ، في وجوههم من أثر السجـود )) .. ثم قال : (( ذلك مثلهم ، في التوراة )) يعني في العهد القديم .. يعني في البعث الأول .. يعني أمة المؤمنين ، وهم الأصحاب .. قوله : (( سيماهم، في وجوههـم من أثر السجود )) السيمى ، والسيماء ، والسيمياء ، العلامة .. وهي قد تكون نورا في الوجه ، من بركة الوضوء ، والصلاة .. وقد تكون نورا في الوجه ، ومعه ثـفنة على موضع السجود من الجبهة كثـفنة البعير .. ثم قال : (( ومثلهم ، في الإنجيل )) وهذا يعني العهد الجديد .. يعني البعث الثاني .. يعني أمة المسلمين . قوله : (( كزرعٍ أخرج شطأه ، فآزره ، فاستغلظ ، فاستوى على سوقه ، يعجب الزراع ، ليغيظ بهم الكفار .. وعد الله الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات منهم ، مغفرة ، وأجرا عظيما )) شطء الزرع ، والنبات ، فراخه أو قل زيادته .. وهذا ، فيما يخص العبادة ، يعني الزيادة في الأجور .. والأجور تعني العلم بالله ، والقرب منه ، وإنما في هذا المعنى جاء قوله تعالى : (( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة ، أنبتت سبع سنابل ، في كل سنبلة مائة حبة ، والله يضاعف لمن يشاء ، والله واسع عليم )) ..
    والزيادة في العلم بالله بهذه الصورة السريعة ، المضاعفة ، إنما تكون بالمقدرة على التفكر ، وعلى العبادة ، لا بمجرد العبادة ، فإن المعصوم قد قال : (( تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة )) والمقـدرة على التفكـر في العبـادة هي حـظ الأخـوان ، في حيـن أن المقـدرة على العبادة قد كانت حظ الأصحاب ..
    وفي طريق المعراج ، فإن اللطائف تخرج من الكثائف ، في حين أنه ، في طريق التنزل ، تخرج الكثائف من اللطائف .. وعلى هذه القاعدة المطردة فإن الإنجيل قد خرج من التوراة كما ستخرج أمة المسلمين من أمة المؤمنين ، كما ستخرج الرسالة الأحمدية من الرسالة المحمدية ، كما سيخرج الأخوان من الأصحاب ، ذلك بأن الاختلاف إنما هو اختلاف مقدار ، ( ليس هناك ، في الوجود ، اختلاف نوع ، لأن اختلاف النوع يقتضي الغيرية ، ولا غيرية . ) .. والخروج من درجات اختلاف المقدار ، إنما هو تطور في مراقي القرب من الله . ولا تزال الخلائق سائرة في مراقي القرب من الله ، ولن تنفك ، وفي جميع العوالم - في عالم الدنيا ، وفي عالم البرزخ ، وفي عالم الآخرة - فأهل النار ، في النار ، سائرون إلى الله ، وأهل الجنة ، في الجنة ، سائرون إلى الله ، وذلك في الأبد ، وفيما بعد الأبد - في السرمد - فإنه ما من الله بد .. (( إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهـم آتيـه يوم القيامة فـردا )) - والسير إلى الله معراج - إرتقاء في درجات القرب - تطور - والتطور هو الانسجام مع جزئيات البيئة - جزئياتها الزمانية والمكانية .. وعلى هذه القاعدة فإن الأخوان تطور على الأصحاب .. ففي حين أن الأصحاب مؤمنون ، فإن الأخوان مسلمون .. وفي حين أن الأصحاب أصحاب عقيدة ، فإن الأخوان أصحاب علم .. وفي حين أن الأصحاب في مرحلة الإيمان ، فإن الأخوان في مرحلة الإيقان .. وفي حين أن الأصحاب أتباع الشريعة المحمدية ، فإن الأخوان أتباع السُنَّة الأحمدية .. ولقد ورد شرح كل أولئك في هذا الكتاب ، فليراجع في مواضعه ..
    والذي يهمنا ، من كل أولئك ، هو رسم طريق استخراج الأخوان من الأصحاب حتى يتضح الطريـق الذي بسلوكه يجيء إنسان الغـد ، ذلك الإنسان الذي يملك القـدرة على أن يحيـا حياة عميقـة وعريضـة - حياة الفكر وحياة الشعور – هـذا الإنسان هـو غرض الدين ، منـذ أن عـرف الديـن .. بل هـو غرض الحيـاة ، قبل الديـن ..
                  

01-21-2014, 08:51 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    طريق محمد

    هـو الطريـق ، لأنه طريق (( المحبـة )) الخصبـة ، الخلاقـة .. قال العزيـز الحكيم عنـه : (( قل إن كنتم تحبـون الله فاتبعـوني يحببكـم الله )) ..
    بطريـق محمد أصبح الديـن منهاج سلـوك بـه تساس الحيـاة لتـرقى الدرجات نحو الحيـاة الكاملة .. حياة الفكر ، وحياة الشعور ..
    بسم الله الرحمن الرحيم

    (( يسبـح لله ما في السمـوات وما في الأرض ، الملك القـدوس ، العزيز ، الحكيـم * هو الـذي بعث في الأمييـن رسولا منهـم ، يتلـو عليهم آياتـه ، ويزكيهـم ، ويعلمهم الكتاب ، والحكمة ، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبيـن * وآخريـن منهم لما يلحقوا بهم وهـو العزيـز الحكيـم * ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيـم .. ))
    صدق الله العظيم

    مقدمة الطبعة الثالثة

    هذه هي الطبعة الثالثة من كتيب (( طريق محمد )) ، وكانت الطبعة الأولى قد صدرت في شهر مارس من عام 1966.. ثم صـدرت الطبعة الثانية في شهر أبريل من عام 1968.. وقد صرفتنا ، يومئذ ، بعض الصوارف عن تصديرها بمقدمة خاصة بها .. وها نحن ، اليوم ، نعود لإصداره في طبعته الثالثة ، من غير أن نضيف عليه ، أو أن نغير فيه ، ذلك بأننا لم نـرد به إلى التفصيل ، في المكان الأول ، وإنما أردنا به إلى الدعوة إلى العودة إلى طريق محمد ، بعد أن طال عليها الأمد ، وبعد العهد بين الناس وبينها ، حتى اندرست ، وقل سالكوها ، وفقد المرشدون إليها ..
                  

01-21-2014, 08:52 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    ما هو الطريق

    الطريق هو النهج العملي الذي يوصل سلوكه إلى الله ، تبارك وتعالى ، وليس إلى الله ، تبارك وتعالى ، وصول بالمعنى الذي يؤديه حرف الكلمة ، وإنما المقصود بكلمة الوصول أن يكون حضور السالك مع الله أكثر من غفلته عنه .. والطريق شريعة ، وزيادة .. الطريق شريعة موكدة .. فحين يكون المسلم العادي صاحب شريعة ، يكون المسلم المجود صاحب طريقة .. ونستطيع أن ندرك هذا بمجرد الملاحظة العابرة لرجل متطرق ، وآخر غير متطرق ، فإنك ترى أن الرجل غير المتطرق إذا صلى المغرب ، مثلا ، عدد على سبحته - وهذا هو الغالب – التسبيحات ، والتحميدات ، والتكبيرات ، الثلاث والثلاثين ، ثم انصرف عن مصلاه . هذا في حين أن الرجل المتطرق ينتبذ من مصلاه ناحية يؤدي فيها أساس طريقته من الأوراد التي تعتبر الحد الأدنى في أية طريقة .. فلكأن المتطرق صاحب (( مقطوعية )) عاهد على أدائها ، حين أخذ عهد الطريق ، وبذلك يتميز ، ويزيد عن صاحب الشريعة العادي .. ومن أجل هذا قلنا أن الطريق شريعة موكدة .. ومن الحديث أن المعصوم قد قال : (( قولي شريعة ، وعملي طريقة ، وحالي حقيقة . )) وعمله سنته .. وسنته شريعة ، وزيادة .. شريعة موكدة .. ومن أجل ذلك قد التزم بأشياء ، في العبادة ، وفي السيرة ، لم يلتزم بها أصحابه ، وما ذاك إلا لقصورهم عن شأوها ، ذلك بأنهم أصحاب شريعة ، في حين أنه صاحب طريقة .. ويخطئ كثيرا من يظنـون أن عمل النبي خاص به ، وأنا غير مطالبين به .. إذ الحق أنه مطلوب منا إتيانه حين نطيقه ، وما جعل في حقنا غير ملزم إلا لقصـورنا ، فإذا استيقنـا ذلك نوشـك أن نرتـفع عن قصـورنا لنقتـدي بالمعصـوم ، في تمام عملـه ، وكمال حاله .. قال تعالى : (( قل إن كنتم تحبـون الله فاتبعـوني يحببكم الله )) ولا يكون الإتبـاع إلا في تمام العمل ، وكمال الحال ..
                  

01-21-2014, 08:53 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    من هـو محـمـد

    محمد ، بن عبد الله ، بن عبد المطلب ، النبي الأمي ، المبعوث من قريش في الأميين منذ القرن السابع ، والذي ختم الله به النبوة ، وأنزل عليه القرآن المقروء اليوم ، والمحفوظ بين دفتي المصحف ، لا يعرفه المسلمون وإن ظنوا جهلا أنهم يعرفونه .. وهذه الدعوة إلى اتباعه ، وحسن تقليدِه التي يقدمها هذا الكتيب : (( طريق محمد )) لا تستقيم ، على خير وجوهها ، إلا إذا قدمت تعريفا به يجعل اتباعه ، وتقليده ، عملا علميا يحترم أقوى العقول المعاصرة ، ويقنعها بجدوى ممارسته ، وإتقانه ..

    الرسالة النبوة الولاية

    ومن أجل التعريف بمحمد ينبغي تدقيق النظر في كلمته آنفة الذكر ، وهي قوله :(( قولي شريعة ، وعملي طريقة ، وحالي حقيقة )) فإنها تشير إلى مراتب مقامه الثلاث : مرتبة الرسالة ، ومرتبة النبوة ، ومرتبة الولاية .. فأما مرتبة النبوة فإنها الأصل ، وهي وسط بين طرفين : من أعلاها الولاية ، ومن أسفلها الرسالة .. ذلك بأن النبوة عندما استوت انبثقت منها الرسالة كوظيفة .. ثم هي كلما زادت استواء تسامت إلى مراتب الولاية ، في الفينة بعد الفينة .. هذا ما من أجله قررنا أن النبوة أصل ..
    وإنما بالنبـوة بـدأ الوحي ، فإن أول ما نـزل من القرآن على إطلاقه ، آيات النبوة من قوله تعالى : (( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم )) .. ثم لما استعد المكان نزلت آيات الرسالة ، من قوله تعالى : (( يأيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر * ولا تمنن تستكثر * ولربك فاصبر )) .. وفي بيان هذا الأمر قال المعصوم : ( أدبني ربي فأحسن تأديبي ، ثم قال : (( خذ العفو ، وأمر بالعرف ، وأعرض عن الجاهلين )) ) فإن صدر هذا الحديث نبوة ، وعجزه رسالة .. ومع أن هذا الحديث يقرأ في نفس واحد ، إلا أن ما يَحْكِي عنه لم يحدث في جلسة واحدة .. فإن عبارة :(( أدبني ربي فأحسن تأديبي )) تحكي أمرا استغرق تمامه أربعين سنة ، وهي مدة استواء النبوة ، بين المولد والبعث الرسولي .. هذا باعتبار النبوة منذ المولد ، وفي الحق ، أن نبوة نبينا أزلية ، وقد بدأ بروزها ، في عالم المحسوس ، وهو في خلوة الرحم ، ثم أخذ بروزها الحسي يظهر ، ويزداد ظهورا ، في أطوار شبيبه المختلفة ، حتى إذا ما اعتزل المجتمع ، وآوى إلى غار حراء ، كان أول أطوار نضجها قد بـدأ ، ثم هي لم تلبث أن انبلج فجرها ، بعد خمس عشرة سنة من التحنث ، والتخضع ، وذلك ببدء نزول القرآن ..
    وعن أزلية نبوته قال المعصوم : (( كنت نبيا وآدم بين الماء والطين . )) ومعنى هذه العبارة أنه كان نبيا ، عالما بنبوته ، في الأزل . وقد ظهر مصداق ذلك عندما برز إلى عالم الأجساد ، فإنه وهو جنين في رحم أمه كان يختلف عن الأجنة في الأرحام ، فقد برئ وحام أمه به مما تتعرض له وحامى النساء من الغثيان ، وخبث النفس ، واستيفاز الشعور . وكان حمله على أمه خفيفا ، تجد بركته في يقظتها بالصحة ، وبهجة النفس ، وبالمسرة المتصلة .. وتجد بركته في نومها بالرؤى المفرحة .. وبمثل ذلك اختلفت طفولته ، واختلفت يفاعته ، واختلف شبابه ، حتى لقد أيقن أنه خلق لغير ما خلق له أترابه من الشباب ، ثم لم يلبث أن ألح عليه هذا الإيقان حتى اعتزل المجتمع ، وآوى إلى الغار ..
    وعن مراتب مقامه الثلاث هذه قال ، ليلة عرج به : (( سألني ربي يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت أنت ربي أعلم ، فوضع يده على كتفي ، فوجدت بردها بين ثديي ، فأورثني علم الأولين والآخرين .. وعلمني علوما شتى : فعلم أخذ علي كتمانه ، إذ علم أنه لا يقدر على حمله غيري ، وعلم خيرني فيه ، وعلم أمرني بتبليغه إلى العام ، والخاص ، من أمتي ، وهي الإنس والجن .. )) فالعلم الذي أمره بتبليغه للخاص والعام من الأمة ، هو علم الرسالة ، وهي تشمل القرآن المقروء بين دفتي المصحف ، وتشمل تبيين هذا القرآن ، في التشريع ، في مستوى حاجة الأمة .. وفي التفسير في مستوى طاقة الأمة .. وهو قد قال : (( نحن ، معاشر الأنبياء ، أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم )) فالرسالة ، إذن ، لا تشمل تبيين القرآن كله ، كما يظن بعض الناس ، لا في التشريع ، ولا في التفسير ، فإن ذلك أمر ممتنع من جملة وجوه .. والعلم الذي خير في تبليغه يقع بعضه في حيز الولاية ، ويقع سائره في حيز النبوة . ويظن بعض الناس أن النبي مأمور بتبليغ كل ما وعى عن ربه ، وذلك ظن شديد الدلالة على قلة بصر هؤلاء بحقائق الدين ..
    والنبي ، في ولايته ، أكبر منه في نبوته ، ذلك بأنه في النبوة يتلقى عن الله بواسطة جبريل ، ولكنه في ولايته يتلقى عن الله كفاحا ، وقد رفعت الواسطة من بين الرب والعبد .. وإنما عن ذلك أخبر ليلة المعراج ، حين أخبر أن جبريل ، عندما انتهى إلى مقامه عند سـدرة المنتهى ، قال له : ها أنت وربك ، وتخلف ، فقال : أهذا مقام يترك فيه الخليل خليله ؟ قال : هذا مقامي ، ولو تقدمت خطوة لاحترقت !! (( فزج بي في النور )) ، وهو يعني هنا نور الذات ، وليس لجبريل بنور الذات طاقة ، لأنه لا ذات له ، ( لا نفس له ) ، ومن ههنا بدأت ولاية النبي .. فالرسالة وحي بالقرآن المقروء ، ووحي بشرع منه ، أمر النبي بتبليغه لسائر الناس .. والنبوة وحي بالقرآن المقروء ، ووحي بشرع منه ، أمر النبي أن يعمل به في خاصة نفسه .. فهو بالرسالة صاحب شريعة ، وهو بالنبوة صاحب طريقة .. أو قل صاحب (( سنة )) .. وبين (( شريعته )) و (( سنته )) تداخل ، ومنهما أرض مشتركة .. ولكننا نعني هنا بالتكليف الذي بـه زاد النبي عن سائر أمتـه ، في العبادة ، وفي السلـوك .. ومـن ذاك أن كل شريعته ملـزمة لأمته ولكن بعض سنته غيـر ملزمـة إلا له هـو في خاصة نفسـه ، لأنها شريعتـه الخاصة بـه .. وهي لا تلـزم من أمتـه إلا من التـزم بها تطـوعا ، وسلوكا ، واتباعا ، وإتقان تقليـد ، على قاعدة : (( قل إن كنتم تحبـون الله فاتبعـوني يحببكـم الله .. ))
    وفيصل القول في أمر المراتب الثلاث هو أن النبوة مرتبة شريعة خاصة ، تهيأ النبي لها بفضل الله ، ثم بطول الممارسة لحياة الخلوة ، مما أورثه تيقظ الشعور ، وصفاء الفكر .. ثم أن النبي ، بمواصلة المجاهدة في شريعته هذه الخاصة ، في العلم ، والعمل بمُقتضى العلم ، في العبادة والمعاملة ، يزيد في تيقظ شعوره ، وصفاء فكره ، كل حين ، مما يؤهله للنهوض بوظيفة الرسالة ، وتحمل أعباء الإرشاد ، والتسليك ، والهداية ، بصورة تزيد كل يوم جديد .. وفي هذا الطرف من النبوة ـ طرف الزيادة ـ تقع الولاية .. لأنها هي الطرف الرفيع ، اللطيف ، من النبوة في حين أن الرسالة هي الطرف الغليظ ، الكثيف منها .. وعن استمرار تيقظ حياة فكره ، وحياة شعوره ، قال : (( إنه ليغان على قلبي ، حتى أستغفر الله ، في اليوم والليلة ، سبعين مرة . )) وهو في كل مرة يستغفر فيها الله تعالى يرقى درجة من درجات القرب من سدة القدس .. والغان ههنا حجاب النور .. وهو يعني حجاب الفكر .. فهو كلما تغشى فكـره في الله كـدر من دواعي الجبلـة ، استغفـر الله ، فعاود الصفاء فكـره ، واتسعـت لهـذا الصفاء حياة الشعور ، وذلك لمـا يتلـقى القلب من فيوضات التراويـح .. تراويـح القرب .. وعـن قمـة ترقيـه في مشاهد هـذا القـرب ـ وهي مشاهـد ولاية ـ قال : (( لي ساعة مع الله لا يسعني فيها ملك مقرب ولا نبي مرسل .. )) ..
    فكأن المراتب الثلاث ، نبوة أهلت ، من أسفلها ، لرسالة ، وأثمرت ، من أعلاها ، ولاية .. ثم ان هذه النبوة لا تستقر ، وإنما هي منطلقة في مراقي الزيادة ـ علم ، وعمل بمقتضى العلم ـ وفي ذلك قال تعالى لنبيه : (( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ، وقل رب زدني علما )) . وكلما زادت أنوار النبوة ، زاد التأهيل للنهوض بأعباء الرسالة من جانب ، وتندحت الولاية بأطايب الثمرات من الجانب الآخر .. وما ثمرات الولاية إلا دقائق المعرفة بالذات العلية .. وإنما بهذه المعرفة لدقائق ، ولطائف ، أسرار الذات القديمة ، تتوحد الذات المحدثة .. وذلك باتساق القوى المودعة في البنية البشرية ، اتساقا به يتم السلام الداخلى ، وبه يحقق كل فرد فرديته التي بها ينماز عن أفراد القطيع البشري .. فإن تحقيق فردية كل فرد منا بفضل توحيد ذاته البشرية هو غاية المراد من تعبدنا الله بعقيدة التوحيد ، ذلك بأن ذات الله في غنى عن التوحيد ، وإنما المحتاج للتوحيد هي الذات البشرية التي فرقها الخوف أباديد ..
                  

01-21-2014, 08:54 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    الأحمدية والمحمدية

    لقد أنى للناس أن يميزوا ، بصورة دقيقة ، ليس بين النبوة والرسالة فحسب ، وإنما بين الأحمدية والمحمدية أيضا .. فالأحمدية نبوة ، والمحمدية رسالة .. ونبينا محمد بن عبد الله جمع بين الأحمدية والمحمدية .. فهو أحمدي النبوة محمدي الرسالة .. أو قل هو مما يلي الله أحمدي ، ومما يلي الناس محمدي .. هو أحمد في السماء ، ومحمد في الأرض ..
    والفرق بين الأحمدية والمحمدية كبير .. المسافة بعيدة بين الأحمدية والمحمدية .. فإن المحمدية تنزل من الأحمدية ، اقتضاه حكم الوقت وعين مستواه حاجة الأمة في القرن السابع ، وطاقتها .. وهذه المسافة تمثل الفرق بين السنة والشريعة ، وهذه تحكي الفرق بين مستوى النبي ، ومستوى الأمة ، وهو فرق شاسع جدا .. وقد قلنا مرارا كثيرة أن النبي لم يكن من مجتمع القرن السابع الميلادي ، وإنما هو قد أتاهم من المستقبل ـ أتاهم من القرن العشرين ـ وهو ، وإن عاش معهم ، فإنما كان يعايشهم ، ويعاشرهم ، ولكنه لم يكن منهم . فقد كان هو المسلم الوحيد بينهم ، وكانوا هم المؤمنين .. فقد روي عنه أنه قال ذات يوم : (( واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد !! قالوا أو لسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : بل أنتم أصحابي .. واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد !! قالوا أو لسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : بل أنتم أصحابي .. واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد !! قالوا من إخوانك يا رسول الله ؟ قال : قوم يجيئون في آخر الزمان ، للعامل منهم أجر سبعيـن منكم !! قالوا : منا ، أم منهم ؟ قال : بل منكم !! قالوا : لماذا ؟ قال : لأنكم تجدون على الخير أعوانا ، ولا يجدون على الخير أعوانا . )) .. وروح هذا الحديث في التفريق بين الأصحاب والأخوان .. فقد كان المؤمنون أصحابه ، ولم يكونوا إخوانه .. وإنما إخوانه المسلمون ، وهم لم يكونوا حاضريه يومئذ وإنما كان هو فرطهم . وقد عبر عنهم بقوله :(( الذين لما يأتوا بعد )) : وحديثه عنهم ، وتعبيره ، مأخوذان من قول الله تعالى في الآيات الكريمات التي صدرنا بها هذه المقدمة ، وذلك قوله : (( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم )) فبعد أن تحدث عن الأميين الذين بعث فيهم نبينا : (( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم ، يتلو عليهم آياته ، ويزكيهم ، ويعلمهم الكتاب ، والحكمة ، وإن كانوا ، من قبل ، لفي ضلال مبين )) جاء ليقول : (( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم )) .. فالأولون هم الأصحاب ، والآخرون هـم الأخوان الذين قال عنهم نبينا في حديثه (( الذين لما يأتوا بعد )) أخذا من عبارة القرآن : (( لما يلحقوا بهم )) .. وعبارة النبي : (( للعامل منهم أجر سبعين منكم )) مأخوذة من القول الكريم : (( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم )) ..
    ويؤخـذ من دقائـق حقائق الدين أن نبينا رسول الأمتين : الأمة المؤمنة ـ الأصحاب ـ .. والأمة المسلمة ـ الأخوان ـ .. وأنه بذلك صاحب رسالتين : الرسالة الأولى محمدية ، والرسالة الثانية أحمدية .. أو قل الرسالة الأولى الشريعة التي فصلها للأمة ، والرسالة الثانية السنة التي أجملها ، ولم يفصلها إلا في معنى ما مارسها ، وعاشها دما ولحما ..
    وهو قد قال : (( بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود غريبا كما بـدأ ، فطوبى للغرباء ! قالوا : من الغرباء ، يا رسول الله ؟ قال : الذين يحيـون سنتي بعـد اندثارها .. )) وهو حديـث قد أشرنا إليه من قبل في كتابـنا : (( لا إله إلا الله )) ، ولفتنا الانتباه إلى أنـه لم يقـل يحـيـون شـريعتي ، وإنما قال : (( يحيون سنتي )) . ولا بد لمن يريد أن يعرف دقائق الدين أن يملك المقدرة على التمييز بين الشريعة والسنة ، وذلك أمر يقصر فيه كثير من الناس ، ممن يتصدون للحديث عن الدين ، إن لم نقل كلهم ..
    وفي قول الله تعالى : (( وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم ، مصدقا لما بين يدي من التوراة ، ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ، فلما جاءهم بالبينات قالوا : هذا سحر مبين * ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب ، وهو يدعى إلى الإسلام ؟ والله لا يهدي القوم الظالمين )) إشارة لطيفة إلى الأحمدية والمحمدية .. فإنه قد جاء محمد بنبوة أحمدية ، ورسالة محمدية .. فكان أحمد المشار إليه من وجه ، ولم يكنه من وجه .. فدعا إلى الإيمان تفصيلا ، ولم يدع إلى الإسلام إلا إجمالا ، في معنى ما بلغ القرآن ، وفي معنى ما سار السيرة .. وقد استجابت له أمة المؤمنين .. وسيجئ محمد بنبوة أحمدية ، ورسالة أحمدية ، فيدعو أمة المؤمنين ، ويدعو غيرها من سائر الأمم إلى الإسلام ، ويفصل ، في التشريع ، وفي التفسير ، ما أجمل في القرن السابع . وسيستجاب له استجابة مستفيضة ، ذلك بأن وعيد الله يومئذ سيستعلن .. وذلك حيث يقول جل من قائل : (( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ، وهو في الآخرة من الخاسرين . )) ووعد الله سيتحقـق ، وذلك حيث يقول ، تبارك من قائل : (( اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا . ))
    ولما كانت البشرية ، على عهد الجاهلية الأولى ـ جاهلية القرن السابع ـ متخلفة ، وساذجة ، وجاهلة ، فقد اقتضى حكم الوقت تنزل المحمدية عن الأحمدية تنزلا كبيرا ، وذلك حتى تخاطب الناس على قدر عقولهم ، وحتى تشرع لهم في مستوى حاجتهم ، وهي حاجة بسيطة . وكان هذا التنزل من مستوى آيات الأصول في القرآن ، إلى آيات الفروع .. وأصبحت بذلك آيات الفروع صاحبة الوقت ، واعتبرت ناسخة ، فيما يخـص التشريـع ، لآيات الأصول . وقـد عالجنا هذا الأمـر بتوسع في كتابنا (( الرسالة الثانية من الإسلام )) وهو كتاب قد خرجت طبعته الثالثة قبل أيام قلائل ، فليراجعه من شاء ..
    والآن ، وفي النصف الثاني من القرن العشرين ، والبشرية تعيش الجاهلية الثانية ـ جاهلية القرن العشرين ـ وهي جاهلية أرفع ، بما لا يقاس ، عن مستوى جاهلية القرن السابع ، فقد أصبحت الأرض مهيئة لتتلقى عن الأحمدية ، وتعي ، أكثـر مما تلقى ، ووعى ، أسلافها ، وكذلك جاء وقت الرسالة الأحمدية .. والرسالة الأحمدية تطوير للرسالة المحمدية .. وذلك ببعث آيات الأصول التي كانت في عهد المحمدية منسوخة لتكون هي صاحبة الوقت في القرن العشرين ، وتكون هي عمدة التشريع الجديد ، ولا يقتضي كل أولئك إلا فهما للقرآن جديدا ، به تحيا السنة بعد اندثارها ..
                  

01-21-2014, 08:55 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    الذات المحمدية

    الذات المحمدية أول قابل لتجليات الذات الإلهية .. وهي المشار إليها في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال قلت : (( يا رسول الله بأبي أنت ، وأمي ، أخبرني عن أول شئ خلقه الله .. قال : أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر . ))
    والذات المحمدية حقيقة أحمدية ، قمتها ولاية ، وقاعدتها نبوة .. ومقامها المقام المحمود الذي قامه النبي ليلة عرج به بعد أن جاوز سدرة المنتهى ، وفيه صح له الاتصاف بقوله تعالى : (( ما زاغ البصر ، وما طغى )) . وذلك في جمعية بلغت فيها وحدة الذات البشرية قمة طوعت لها شهود الذات الإلهية ..
    ثم أن النبي لم يلبث أن عاد ، بعد تلك الإلمامة النورانية ، إلى حياته العادية في مكة ، وكان الله قد آتاه معراجا يوميا ، وأمره بالمداومة عليه ، ومناه أن يبلغه به ، على مكث ، المقام الذي قامه بين يديه ليلة المعراج .. فقال تعالى : (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك ، عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )) .. ذلك المعراج هو الصلاة .. فقد كان محمد بمنهاج الصلاة ، في المكتوبة ، والنافلة ـ ليلا ونهارا ـ يقترب ، كل لحظة ، ويعـرج ، كل حيـن ، ويحقـق ، في الـدم واللحم ، المقام الذي أطلعه الله عليه ليلة المعراج .. وهذا ما من أجله قال : (( وجعلت قرة عيني في الصلاة )) وقرة العين تعني طمأنينة القلب ، ولا تكون طمأنينة القلب إلا بجمعية النفس بعد التوزع .. ولقد حقق محمد هذه الجمعية بفضل اطلاعه على وحدة الذات الإلهية . فاطمأنت نفسه ، واحلولت شمائله ، واكتملت حريته .. وأكبر دليل عندي على كمال حريته الداخلية عزوفه عن السيطرة على الآخرين .. فالمعروف عنه أنه كان يكره أن يتميز على أصحابه . وكان يحب أن يكون كأحدهم . وكان ينهاهم أن يعظموه ، ويقول لهم : لا تعظموني كما تعظم الأعاجم ملوكها .. وكان يقول : من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار .. ووفد عليه ، ذات مرة ، رجل فأخذته هيبته ، فلجلج ، ولم يستطع أن يبين عن حاجته ، فقال له : هون عليك !! فإني لست ملكا ، وإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد .. فسري عـن الرجل ، واستعاد رباطة جأشه ، وكرامة إنسانيتـه .. ولقد خيـر: أيكـون نبيا ملكا ؟ أم يكون نبيا عبدا ؟ فاختار أن يكون نبيا عبدا .. والعبودية لله هي غاية الحرية ، وكلما زاد العبد في التخضع لله ، كلما زادت حريته .. والعكس صحيح .. فالملك تسلط على الآخرين ، وبه تنقص عبودية العبد ، وتنقص ، تبعا لذلك ، حريته ، ولذلك فقد آثر الحرية ، في معنى ما آثر العبودية لله ..
    هذه نفس اكتملت لها عناصر الصحة الداخلية ، واتسقت قواها الباطنية ، وتحررت من الأوهام ، والأباطيل ، وسلمت من القلق ، والخوف العنصري ، البدائي ، الساذج ..
    ما أحوج بشرية اليوم ، كلها ، إلى تقليد هذه النفس التي اكتملت لها أسباب الصحة الداخلية ، تقليدا متقناً يفضي بكل رجل ، وكل امرأة ، إلى إحراز وحدة ذاته ، ونضج فرديته ، وتحرير شخصيته ، من الاضطراب ، والقلق الذي استشرى في عصرنا الحاضر بصورة كان من نتائجها فساد حياة الرجال والنساء والشبان .. في جميع أنحاء العالم ..
                  

01-21-2014, 08:55 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    المسلمون ما خطبهم ؟؟

    والمسلمون ، اليوم ، ليسوا على شئ ، وإنما هم في التيه .. يعيشون الجاهلية الثانية ـ جاهلية القرن العشرين ـ والعاملون منهم بالدين لا يتعدى عملهم القشور إلى اللباب .. وليس لهم إلى خروج من هذا الخزي غير طريق محمد .. ونحن إذ نقدمه لهم في هذا الكتيب ، وإذ ندعوهم إليه ، ننذرهم عواقب الإبطاء في الأخذ به .. ثم إننا ، من وراء المسلمين ، وبعد المسلمين ، نقدمه للإنسانية جمعاء ، فليس لها من طريق غيره إلى كمال التحرير ، ولا كمال التمدين .. ومن أجل ذلك فقد جاءت عبارة إهدائه هكذا :-
    (( إلى الراغبين في الله ، وهم يعلمون ، والراغبين عن الله ، وهم لا يعلمون .. فما من الله بد . ))

    العـودة

    قال تعالى : (( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، وكفى بالله شهيدا )) .. ولما يظهر الإسلام على الدين كله ، وإنما ظهوره أمامنا ، ذلك وعد غير مكذوب .. وقال المعصوم :(( بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء !! قالوا : من الغرباء يا رسول الله ؟ قال : الذين يحيون سنتي بعد اندثارها )) ..
    فالإسلام عائد ، ما في ذلك أدنى ريب .. وستصحب عودته الغرابة ، كما صحبت بدءه .. وما ذاك إلا لأن عودته ستكون عن طريق بعث (( لا إله إلا الله )) من جديد ، قوية ، خلاقة ، في صدور الرجال ، والنساء ، كأول العهد بها ـ باختلاف واحد ، هو أن عمود التوحيد ستكون له قمة جديدة ، أعلى مما كانت عليه في العهد الأول ، وذلك أمر يقتضيه حكم الوقت الحاضر ، كما يقتضيه محض الفضل الإلهي ، المَحْكِي في الآية الكريمة : (( كل يوم هو في شأن )) ..
    وإنما من أجل تمهيد طريق هذه العودة أخرجنا هذا الكتيب ، : (( طريق محمد )) ، وقمنا بالدعوة إليه .. وإنما من أجل هذا التمهيد كتبنا هذه المقدمة الطويلة ، للطبعة الثالثة من هذا الكتيب المهم .. فإن التقليـد بغيـر وعي ، وتمـام إدراك ، قليل الجـدوى ، وقـد يكـون عملا آليا لا روح فيـه قصاراه التعـب .. ولكي يكـون التقليـد موصلا للثمـرة المرجـوة منه وجب أن ينبعـث عن ثقـة بالمقلـد ، وطمأنينة إليه ، وتوقيـر، وتقديس، ومحبـة له ..

                  

01-21-2014, 08:56 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    التقديس والتوقير

    وأيسر ما يقوم عليه التقليد النافع أن يكون صدر المقلد منطويا على قدر كبير من التقديس، والتوقير للنبي، وهذا ما من أجله أخذ الله الأصحاب بالأدب معه ، وأمرهم بالصلاة عليه، فقال، عز من قائل: (( إن الله وملائكته يصلون على النبي، يأيها الذين آمنوا صلوا عليه ، وسلموا تسليما )) .. ونحن هنا قد قررنا أن الأصحاب هم المؤمنون ، والأخوان هم المسلمون . وفي كتابنا (( الرسالة الثانية من الإسلام )) قلنا أننا سنفهم القرآن فهما جديدا إذا استطعنا أن نميز بين مرحلة المؤمنين ، ومرحلة المسلمين . وفصلنا الأمر هناك تفصيلا يغنينا عن الإعادة هنا .. فليراجع في موضعه .. ونكتفي هنا بأن نقرر أن المسلمين أقرب إلى الله من المؤمنين .. وصلاتهم لله أتم وأكمل من صلاة المؤمنين له .. وصلاتهم على النبي أتم وأوفى من صلاة المؤمنيـن عليـه .. والمسلم ، إذا اكتملت حقيقته ، انبثقت منها شريعته ، فأصبح صاحب شريعة فردية في الصلاة لله ، وفي الصلاة على النبي ، لا يتقيد فيها بنهج صلاة المؤمنين في كل أولئك .. وهو إنما تكتمل له حقيقته ، وتبرز له شريعته الفردية منها ، بفضل الله ، ثم بفضل حسن تقليده للنبي .. وما من مسلم إلا وقـد مر بمرحلـة المؤمنين .. والأمة المسلمة تبـدأ بمرحلة الأمة المؤمنة .. والفرق بين المسلمين ، وهم في مرحلة الإيمان ، وبين المؤمنين ، هو أن الطريق مفتوح للتطور في السلم السباعي في حق المسلمين ، في حين أنه مقفول ، عند الدرجة الثالثة ، في حق المؤمنين .
    ومحمد ، وهو رسول للأمة المسلمة ، صاحب رسالة أكبر منه وهو رسول للأمة المؤمنة .. فهو في رسالته للمسلمين أحمدي ، وفي رسالته للأمـة المؤمنـة محمـدي ، وسبب الفـرق بين الرسالتين حكم الوقت .. الفرق بين وقت الرسالة الأولى ـ القرن السابع ـ .. ووقت الرسالة الثانية ـ القرن العشرين ـ .. من أجل الإشارة إلى هذه المسائل صدر هذا الكتاب ، من تحت أيدينا ، من غير إثبات الصلاة اللفظية على النبي ، مع أنه كله صلاة عليه في مستوى أرفع مما يصلي عليه المصلون ..
    وأصحابنا لا يهملون الصلاة اللفظية وهم يقرأون هذا الكتاب ، أو كلما ذكر عندهم النبي الكريم .. وهذا ما يجب أن يكون عليه الشأن أثناء السير ، والتطور نحو الإسلام ، وعند الإسلام ؟؟ ..
    (( قل كل يعمل على شاكلته ..))
                  

01-21-2014, 08:57 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    (( اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ،
    ورضيت لكم الإسلام دينا ))

    تـمـهـيـد

    ان دولة القرآن قد أقبلت ، وقد تهيأت البشرية لها بالمقدرة عليها وبالحاجة إليها ، فليس عنها مندوحة .. وهذا يلقي على عاتق المسلمين المعاصرين واجبا ثقيلا ، وهو واجب لن يحسنوا الاضطلاع به إلا إذا جعلوا محمدا ، وحده إمامهم ووسيلتهم إلى الله .
    لقد خدمت الطـرق الصوفية غرضا جليلا ، في نشر الدين الحق ، ولقد ربت رجالا أفذاذا ، كانوا منارات هدى ، ومثابات رشد للأمة ، عبر تاريخها الطويل ، في ارتفاعه وانخفاضه ، عندهم التمست دينـها وخلقهـا وتربيتها .. ولكن اليـوم !! فإن تحديات العصر أكبـر من الطرق وأكبـر من المشائـخ ، وليس لها غير محمد.
    ونحن ندعو جميع أصحاب الطرق إلى العودة إلى طريقة الطرق ـ طريقة محمد ـ إذ بتقليد محمد تتوحد الأمة ويتجدد الدين ، ونحـن ، إذ نخـرج هذا النمـوذج من طريقة محمد ، إنما نفعـل ذلك على سبيل المثال ، لا على سبيـل الاستقصاء ، وهـو نموذج قـد يغني كثيرا من السالكيـن ، ريثما تتفتح لهم آفاق الحقيقة المحمدية .
    إننا نوصي بإدمان الإطلاع ، على كتب الأحاديث ، وكتب السيرة ، ونخص بالذكر صحيح البخاري ، لمن أراد أن يتوسع عما جاء في هذا النموذج .. والله ولي التوفيق .

                  

01-21-2014, 08:58 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    كان الجمهوريون قد أصدروا البيان التالي :-
    الثلاثاء 25 ذو الحجة 1384 الموافق 27/4/1965
    بسم الله الرحمن الرحيم
    من الحزب الجمهوري
    إلى الراغبين في الله ، السالكين إليه ، من جميع الطرق ومن جميع الملل .
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، أما بعد فإن الزمان قد استدار كهيئته يوم بعث الله محمدا داعيا إليه ومرشدا ومسلكا في طريقه . وقد انغلقت اليوم بتلك الاستدارة الزمانية جميع الطرق التي كانت فيما مضى واسلة إلى الله ، وموصلة إليه ، إلا طريق محمد .. فلم تعد الطرق الطرق ولا الملل الملل منذ اليوم .
    ونحن نسوق الحديث هنا إلى الناس بوجه عام ، وإلى المسلمين بوجه خاص ، وإلى أصحاب الطرق والمتطرقين من المسلمين بوجه أخص .
    إن أفضل العبادة على الإطلاق قراءة القرآن ، وأفضله ما كان منه في الصلاة ، وطريق محمد الصلاة بالقرآن في المكتوبة وفي الثلث الأخير من الليل .. كان يصلي ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو تسعا أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة لا يزيد عليها .. وكان يطيل القيام بقراءة طوال السور ، أو بتكرار قصارها ، أو بتكرار الآية الواحدة حتى تورمت قدماه .
    إن محمدا هو الوسيلة إلى الله وليس غيره وسيلة منذ اليوم ـ فمن كان يبتغي الي الله الوسيلة التي توسله وتوصله إليه ، ولا تحجبه عنه أو تنقطع به دونه ، فليترك كل عبادة هو عليها اليوم وليقلد محمدا ، في أسلوب عبادته وفيما يطيق من أسلوب عادته ، تقليدا واعيا ، وليطمئن حين يفعل ذلك ، أنه أسلم نفسه لقيادة نفس هادية ومهتدية ..
    إن على مشايخ الطرق منذ اليـوم ، أن يخرجوا أنفسهم من بين الناس ومحمد ، وأن يكون عملهم إرشاد الناس إلى حياة محمد بالعمل وبالقول فإن حياة محمد هي مفتاح الدين .. هي مفتاح القرآن ، وهي مفتاح (( لا إله إلا الله )) التي هي غاية القرآن ، وهـذا هو السـر في القـرن في الشهادة بين الله ومحمد (( لا إله إلا الله محمد رسول الله )) ..
    وحياة محمد مرصودة في كتب الأحاديث وخصوصا صحيح البخاري ، وسيخرج الحزب الجمهوري نشرة بها إن شاء الله .
    هذا ما أذاعه الجمهوريون في ذلك التاريخ والآن وفاء بما قطعنا على أنفسنا من عهد ، ها نحن نخرج النشرة التي وعدنا بها .
                  

01-21-2014, 08:59 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)


    بسم الله الرحمن الرحيم
    (( ومن الليل فتهجد به ، نافلة لك ، عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ))
    (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ))

    عندما انتشر الإسلام وساد حياة الناس ، كان النبي هو إمامهم ووسيلتهم إلى الله ، ولم تكن الدنيا أكبر همهم . بل كانت الدنيا عندهم مطية الآخرة كما علمهم النبي ، ثم لما لحق النبي بربه سار الأمر على ذلك خلافة الشيخين وصدرا من خلافة عثمان ، وفي أخريات خلافة عثمان بدأ حب الدنيا يشغل قلوب الناس ، حتى إذا جاء علي عقب مقتل عثمان ، وأراد أن يرد الأمر إلى ما كان عليه على عهد الشيخين ، دفع حب الدنيا الناس إلى خذلانه ونصرة معاوية عليه ، وأصبح أمر الدنيا بذلك عاليا على أمر الدين ، وصارت الخلافة على يدي معاوية ملكا عضوضا ، كما أخبر بذلك النبي ، وقد عهد معاوية بأمر المؤمنين إلى ابنه يزيد ، وجعل هذا الأمر وراثة في عقبه من بعده ، ولقد قتـل علي بن أبي طالب في زمن معاوية ، ولقد قتـل الحسن بن علي . وعلى يدي رجال يزيد بن معاوية ، قتل الحسين بن علي ، وقتل من أبناء على عدد كبير . ثم لم يزل أمر الدنيا عاليا ، وأمر الدين منحطا بين الناس . كلما قام لنصرته قائم من أبناء علي خذله الناس ونصروا عليه أعداءه من الأمويين ثم من العباسيين ، حتى استيأس أنصار الدين من صلاح أمر الناس ، ففروا بدينهم إلى المغاور ، والكهوف ، والفلوات يقيمونه في أنفسهم ، وينشرونه بين الراغبين فيه ممن حولهم ، من غير أن يتعرضوا إلى منازعة السلطة الزمنية ، فنشأ بذلك التصوف الإسلامي ، وظهر مشايخه ممن أخذوا أنفسهم بتقليد سيرة النبي ، من قبل أن يبعث ، حين كان يتحنث في غار حراء ، وبعد أن بعث . فظهرت معارف الدين وأسراره ، وأنواره ، عليهـم وعلى مريديهم ، وكانوا هم حفظة الدين وعلماءه ومرشدي الناس إليه ، واضطلعوا بدورهم العظيم هذا زمنا طويلا ، مما لا تزال بقاياه ، في التربية والإرشاد ، ظاهرة إلى يوم الناس هذا ، في بعض تلك البقع المباركة ، التي يحفظ فيها القرآن الكريم ، ويسلك فيها المريدون .
    إن التصوف الإسلامي ، في حقيقته ، هو تقليد السيرة النبوية ..
    فالنبي ، في خاصة عمله ، قبل البعث ، وبعد البعث ، هو عمدة الصوفية ، وإن كان اسم الصوفية لم يظهر إلا مؤخرا . فالصوفية ، في حقيقة نشأتهم هم أنصار السنة المحمدية ، ولقد ازدهر التصوف في القرون السبعة التي تلي القـرن الثالث ، وكانت قمتـه في القرنين السادس والسابع ، ثم لحـق التصـوف من التبديل ، والتغيير ، والضعف ما لحقه ، مما نراه الآن ، وهـو ، على ما هو عليه ، من هذا الضعف ، وهذا الانحراف عما كان عليه السلف ، أقرب إلى الدين ، من كثير من المظاهر الكاذبة ، التي تدَّعي الدين وتعيش باسمه .
    هذا ما كان من أمر أصحاب الدين ـ أصحاب علي بن أبي طالب وأبنائه من بعده .
    وأما ما كان من أصحاب الدنيا ـ أصحاب معاوية ـ الذين بدأ عهدهم بانتصار معاوية ، وهزيمة علي ، فإنهم أخذوا ينظمون دنياهم وفق الشريعة الإسلامية ، حتى إذا اتسعت وزاد إقبالهم عليها وتشعبت حاجاتهم فيها ، نشأ الفقه الإسلامي ، وأخذ يستنبط ويقيس ويجتهد ، حتى أسرف على الناس في أخريات الأيام وبعد بهم عن المعين واهتم بالقشور وفرط في اللب فأصبح صورا تحكي الدين بلا دين وجاء الفقهاء الذين يعيشون للدنيا ويأكلونها باسم الدين .
    والآن ، فإن مسالك الدين قد انبهمت على الفقهاء ، وعلى أصحاب الطرق ، على تفاوت بين الفريقين في ذلك ، وأصبـح الناس في الجاهلية الثانيـة ، التي أشار إليهـا ، إشارة لطيفة ، قولـه تعالى (( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )) ولقد غربت شمس الشريعة الإسلامية ، منذ حين ، وطال ليلها ، وتوشك أن تشرق من جديد ، بصبح جديد .
    إن محمدا قد أخرج الناس ، بفضل الله ، من ظلام الجاهلية الأولى إلى نور الإيمان ، وهو سيخرجهم ، بفضل الله ، من ظلام الجاهلية الثانية إلى ضياء الإسلام ، وسيكون يومنا أفضل من أمسنا ، وسيكون غدنا (( ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ))
    إن غدنا هذا المأمول ـ غد البشرية جميعها ـ لا يعدنا له ، ولا يرقينا فيه ، مرشد أقل من محمد المعصوم ، ولقد خدمت الطرق الصوفية غرضا نبيلا ، وقامت بـدور عظيم ، في حفظ الدين وإرشاد الناس ، ولكنها أقل من أن تنهض بأعباء هذا الغد ، ولا بد إذن من الأخذ بالطريقة الجامعة للطرق كلها ، طريقة محمد ، فإنه قد قال (( قولي شريعة وعملي طريقة وحالي حقيقة . )) .
    هذا المضمون هو ما عنيناه في منشورنا الأول حين قلنا (( إن محمدا هو الوسيلة إلى الله ، وليس غيره وسيلة منذ اليوم )) .
    وأمر الجاهلية الثانية ، التي تعيشها البشرية المعاصرة في هذه الآونة ، بالمقارنة إلى الجاهلية الأولى ، التي عاشتها البشرية قبل أربعة عشر قرنا ، وما كان من ضرورة البعث المحمدي الأول ، وما يكون من لزوم البعث المحمدي الثاني ، هو ما عنيناه في نفس ذلك المنشور حين قلنا (( أما بعد، فإن الزمان قد استدار كهيئته يوم بعث الله محمداً ، داعيا إليه ، ومرشدا ومسلكا في طريقـه ، وقد انغلقت اليوم ، بتلك الاستدارة الزمانية ، جميع الطرق التي كانت فيما مضى واسلة إلى الله ، وموصلة إليه ، إلا طريق محمد .. فلم تعد الطرق الطرق ، ولا الملل الملل ، منذ اليوم )) .
    هذا هذا ، بخصوص الطرق ، وأما الملل ، فإن اليوم يؤرخ بداية تنفيذ وعيد الله حين قال ، جل من قائل (( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه ، وهو في الآخرة من الخاسرين )) .
    إن محمدا ليس غايبا اليوم ، وإنما نحن غافلون عنه لجهلنا به ، ولذلك ، فقد دعونا مشايخ الطرق المعاصرين أن يكونوا مرشدين لأتباعهم إلى سيرة النبي ، في عبادته ، وفي عادته ، بأفعالهم ، وبأقوالهم فقلنا (( إن على مشايخ الطرق ، منذ اليوم أن يخرجوا أنفسهم من بين الناس ومحمد )) وأردنا بذلك إلى دعوتهم أن يحيلوا أتباعهم على النبي ، ليكون شيخ الجميع ، ومرشد الجميع ، وأن تنشأ بينهم ، من علائق المحبة المتبادلة ، والاحترام المتبادل ، ما يكون بين زملاء الطريق ، ورفقاء السفر إلى الحج الأكبر .
    إن هذه الدعـوة ، إلى العـودة إلى محمد ، التي نقـدمها تحقـق ، في أول الأمـر ، وحدة الأمـة ، وتحـررها من الطائفية ، التي هي آفـة الآفات ، وذلك بجمعها على تقليـد رجل واحد ، هو مثلنا الأعلى .. ثم إنها ، في آخـر الأمـر ، تجعل (( لا إله إلا الله )) ثـورة فعالة ، في صـدور الرجال والنساء ، كما كانت في العهـد الأول ، حيـن نادى بها محمد في المجتمـع المكي .. ويـومئذ تتوحد الأمة باجتماعهـا على الله عن معرفة ويقيـن .
    إننا قد استيقنا من أنه بتقليـد محمد تتوحد الأمة ويتجدد دينها ، ولذلك فإنا قد جعلنا وكـدنا تعميق هذه الدعـوة ، ونقـدم فيما يلي نموذجا يعيـن كل من يريـد أن يتخـذ إلى الله سبيـلا .
                  

01-21-2014, 09:00 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)


    صلاة مـحـمـد

    وقد كانت عبادة النبي الصلاة بالقرآن ، في المكتوبة ، وفي الثلث الأخير من الليل ، وكان يصلي مع المكتوبة عشر ركعات .. ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء ، وركعتين قبل الفجر ، كما كان يدمن صلاة أربع ركعات عند زوال الشمس ، وكان أحب شئ إليه أن يصلي في بيته ، إلا المكتوبة وقال لا تجعلوا بيوتكم قبورا .
    وكان ينام على ذكر وفكر ، ويصحو كذلك .. ما هب من نوم إلا انشغل بالاستغفار والقراءة .. وكان أول ما يبدأ به السواك ، وكان يصلي صلاة القيام في الثلث الأخير من الليل ، فقد روي أن النبي استيقظ في منتصف الليل ، أو قبله بقليل ، أو بعده بقليل ، فجعل يمسح النوم عن وجهه ، وقرأ العشر الآيات الخواتم ، من آل عمران (( إن في خلق السموات والأرض الآيات )) ثم توضأ فأحسن الوضوء ، ثم قام يصلي .. فصلى ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين .. ست مرات ، ثم أوتر ، ثم اضطجع ، حتى جاءه المؤذن ، فقام ، فصلى ركعتين خفيفتين ، ثم خرج فصلى الصبح .. هذه كيفية من كيفيات تهجده .. وفي كيفية أخرى ، كان يصلى ركعتين خفيفتين ، ثم ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ، ثم ركعتين أقل ، فأقل ، حتى تمت صلاته اثنتي عشـرة ركعـة ، أوتر بواحدة .. وروت عائشة من صور تهجده أنه كان يصلي أربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعـا لا تسأل عن حسنهـن وطولهـن ، ثم يصـلى ثلاثا .. كمـا روي عنـه أنـه لما دخل في صلاة التهجد قال : الله أكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة ، ثم قرأ البقـرة ، ثم ركع فكان ركوعه نحوا من قيامه ، وكان يقول : سبحان ربي العظيم ، سبحان ربي العظيم ، ثم رفع رأسه ، فكان قيامه نحوا من ركوعه ، وكان يقـول : لربي الحمـد ، لربي الحمـد ، ثم سجـد ، فكان سجوده نحوا من قيامه ، وكان يقول : سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى ، ثم رفع رأسه ، فكان ما بين السجدتين نحوا من السجود ، وكان يقول : ربي اغفر لي ، ربي اغفر لي .. حتى قرأ في تهجده في تلك الليلة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة أو الأنعام .. ومما كان يدعو به في التهجد (( اللهم لك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ، ولقاؤك حق ، وقولك حق ، والجنة حق والنار حق ، والنبيون حق ، ومحمد حق ، والساعة حق .. اللهم لك أسلمت ، وبك آمنت وعليك توكلت ، وإليك أنبت ، وبك خاصمت ، وإليك حاكمت ، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت ، أو لا إله غيرك ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .. ثم يأخذ في القراءة .. وكان يدعو في السجود بأدعية مأثورة .. ومما روي عن مقدار سجوده أنه كان مقدار خمسين آية .. وأحيانا كان وهو يتلو في تهجده ، يسأل إن مر بآية رحمة ، ويستعيذ إن مر بآية عذاب .. وبعد الوتر كان يقول : سبوح قدوس .. يرددها مرتين وفي الثالثة يرفع بها صوته ، ويزيد : رب الملائكة والروح .. وكان لا يدع صلاة الليل في حضر ولا سفر ولا يغيرها في رمضان أو غيره ، وإن منعه مانع من صلاتها ليلا ، صلى من النهـار اثنتي عشرة ركعة وإن لم يستطعها من قيام صلى قاعدا .. فكان يصلي قاعدا ، حتى إذا بقي من قراءته قدر ثلاثين أو أربعين آية ، قام ، فقرأها وهو قائم ثم ركع وسجد كما كان يصلي ليلا طويلا قائما وليلا طويلا قاعـدا فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم .. وإذا قرأ وهو جالس ، ركـع وسجـد وهو جالس ، وفي آخـر الأمر كان أكثر صلاته وهو جالس .. وكان يرتل السورة بوقوفه على رءوس الآي ، حتى تكون أطـول من أطـول منها ، ويقرأ قراءة مفسرة .. حرفا حرفا .. ويقرأ جهرا ، بصوت لا يتجاوز الحجرات .. وكان يطيل القيام حتى تورمت قدماه .. وكانت صلاته بين ثلاث وثلاث عشرة ركعة .. ويصليها في كيفيات متعددة كما ذكر سابقا ، وذلك لسياسة النفس ، حسب نشاطها وطاقتها ، وحتى لا تأخذ الصلاة صورة واحدة فتصبح عادة فإنه قد قيل : ان آفة كل عبادة أن تصبح عادة .
    إن هذا يعين المقلد ، ويتيح له سياسة نفسه ، ويصونه من العادة بهذا التنويع ، فإن صلى ببعض هذه الكيفيات أجزته ، وإن صلى بكل الكيفيات ، في أوقات متفرقة فذلك أتم وأحسن ، وبذلك يدرج نفسه حسب طاقتها ، ويستعين على الصلاة بالاختيار في القيد ، ويحارب العادة بالتنويع .
                  

01-21-2014, 09:02 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    حركات صلاة محمد

    أما كيفيات حركات صلاته فمما روي فيها أنه إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه ، وفي الركوع يمكن يديه من ركبتيه ثم يهصر ظهره فإذا رفع استوى حتى يعود كل فقار مكانه ، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة ، وإذا جلس في الركعتين ، جلس على رجله اليسرى ، ونصب رجله اليمنى ، وإذا جلس في الركعة الأخيرة ، قدّم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته ، وإذا كان في وتر من صلاته ( يعني بعد الركعة الأولى من صلاته أو بعد الركعة الثالثة من صلاته الرباعية ) لم ينهض حتى يستوي قاعدا ، وكان يقبض في صلاته ، ثم سدل .
    وكذلك وضوء النبي ، لم يكن صورة مكررة ، وإنما كان يتوضأ مرة مرة ، ومرتين مرتين ، وثلاثا ثلاثا ، وكان أول أمره يجدد الوضوء لكل فريضة .

    صيام مـحـمـد

    وكان النبي يستعين على تجويد الصلاة بالصوم ، كما كان يستعين على تصحيح حاله في الرضا بالصلاة ، كما أمر تعالى (( استعينوا بالصبر والصلاة )) . وذلك لأن الصوم يصفي الخواطـر ، ويقلل النوم ، ويزيد شفافية النفس لتستقبل أنوار الروح أثناء الصلاة ، كما أنه يقوي أنوار الروح ، فقد قال المعصوم (( الصوم ضياء والصلاة نور )) ولم يكن صومه عادة ، وعلى صورة واحدة وإنما كان ينوعه أيضا ، فقد كان يتحرى الاثنين والخميس ، كما كان أكثر صيامه السبت والأحد ، وكان يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس ، وكان لا يدع صوم الأيام البيض في سفر ولا حضر ، وروي أنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ، لا يبالي من أيه صام .. من أوله أو وسطه ، أو آخـره .. وفي غيـر الصـوم ، كان يقلل من الأكل ، وقال (( نحـن قـوم لا نأكل حتى نجوع ، وإذا أكلنا لا نشبع )) .
    هذه هي عبادات النبي ، أما ما قاله لغيره من عبادات أو أدعية ، فهي شريعة وليست سنة النبي التي هي سمته الذي لزمه في عاداته وفي عباداته ، من لدن بعث وإلى أن لحق بربه .. وقد أمرنا باتباعه فيها فقال: (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) ، وصلاته كانت هيئة وحضورا ، فمن أخذ الهيئة ولم يراقب الحضور فما رآى النبي ، كما أنه لم يصل فقد ورد (( رب مصل لم يقم الصلاة )) وكان النبي يفرغ قلبه للصلاة من أي شاغل ، حتى أنه نزع قبال نعله الجديد لذلك ، كما نزع قميصه ، وكانت صلاته مرقاة ومعراجا يفزع إليها كلما حزبه أمر ، يرتاح بها ، وفيها قرة عينه .. وآية إقامة الصلاة أن تنعكس في سيرة المصلي وفي سريرته فتؤثر على جميع معاملاته للناس ، وعلى أخلاقه .
    شمائل مـحـمـد

    لقد قال النبي (( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) وقال (( الدين المعاملة )) .
    وقد كانت حياة النبي كلها خيرا وحضورا وفكرا ، في كل ما يأتي وما يدع ، وكما كانت عبادته فكرا وتجديدا ، لا عادة فيها ، كذلك كانت عاداته بالفكر عبادة ووزنا بالقسط .. فقد كان يقدم الميامن على المياسر ويحب التيامن ، وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، ما لم يكن إثما .. وكان في جميع مضطربه على ذكر وفكر ، فهو لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر ، وكذلك كان نومه وأكله ولبسه ، حتى كانت حركاته تجسيدا لمعاني القرآن ، وكان من ثمرات صلاته وفكره وذكره في جميع حالاته ، حلاوة شمائله التي حببته إلى النفوس ، ووضعته مكان القدوة ، إذ كان رءوفا رحيما بكل المؤمنين ، يواسيهم ويترفق بهم ، وكان سموحا لا يغضب قط لنفسه ، وكان دائم البِشر سهل الخلق .. أرأف الناس بالناس ، وأنفع الناس للناس ، وخير الناس للناس ، فكان يتلطف بخواطر أصحابه ، ويتفقد من انقطع منهم عن المجلس ، وكان كثيـرا ما يقـول لأحـدهم (( يا أخي وجـدت مني أو من إخواننا شيئـا ؟؟ )) وكان يباسط أصحابه ، حتى يظن كل منهم أنه أعز عليه من جميع أصحابه ، وكان يعطي من جلس إليه نصيبه من البشاشـة ، حتى يظن أنه أكرم الناس عليه ، وكان لا يواجـه أحدا بما يكره ، ولا يجفـو على أحد مهما فعل ، ويقبـل عذر المعتذر مهما كان فعله . وقال أنس خادمه (( خدمت رسول الله عشر سنوات ، فما قال لي لشئ فعلته ، لمَ فعلته ؟ ولا لشئ تركته ، لمَ تركته ؟ )) (( وكان بعض أهله إذا لامني ، يقول : دعوه فلو قضي شئ لكان )) .
    وكان يقول إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد ، وأجلس كما يجلس العبد ، ولم يكن يتميز على أصحابه أو يستخدمهم ، ولا حتى يدعهم ينفردون بالخدمة بحضـرته ، وقد كان يعمل معهم في بناء المسجد ، وفي حفر الخندق ، ومشى على قدميه إلى بدر ، حين كان يناوب بعض أصحابه على راحلته ، وشارك أصحابه في إعداد الطعام بجمع الحطب ، وحين قالوا له (( نكفيكه )) قال (( علمت أنكم تكفونيه ، ولكني كرهت أن أتميز عليكم )) وحاول أحد أصحابه أن يحمل عنه متاعا كان يحمله من السوق لأهل بيته فأبى ، وقال (( الرجل أولى بخدمة نفسه )) وكان يقول (( إن الله يكره من عبده أن يتميز على أصحابه )) وفي مرة قام بين يديه رجل ، في بعض حاجته ، فأخذته هيبته ، فلجلج ، فقال له (( هون عليك ، فإني لست ملكا ، وإنما أنا ابن امرأة من قريش ، كانت تأكل القديد . )) فسكنت نفس الرجل ، وأفصح عن حاجته ، فقال المعصوم ، (( أيها الناس ، إني أوحي إلي أن تواضعوا .. ألا فتواضعوا حتى لايبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد وكونوا عباد الله إخوانا ))
    هكذا كان يسير بين أصحابه ، ويشعرهم بقيمتهم وبكرامتهم ويربيهم تربية الأحرار .. وقد آن للمسلمين أن يكرموا أنفسهم ويحترموا عقولهم ويتحرروا من رق الطائفية ومن الوسائل القواصر بالرجوع إلى الوسيلة الواسلة .. الرءوف الرحيم .. فيلزموا سيرته وعبادته التي هي الصلاة بالقرآن ، في المكتوبة وفي الثلث الأخير من الليل ، وهي أمثل طريقة تغني عما يسمى بالبدع الحسنة ، وعن المبالغات في مقادير العبادة ، وعن استعمال السبح ، وعن كل ما لم يفعله النبي .. فإن المسلمين ، إن اتبعوا النبي على هذا النحو الواضح ، تحررت ملايين الرءوس المعطلة ، والأيدي المستغلة ، والنفوس المستعبدة ، وعادت (( لا إله إلا الله )) جديدة طرية ، فعالة في صدور الرجال والنساء ، تبعث العزة والكرامة والحرية .
                  

01-21-2014, 09:02 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)


    خاتمة

    أما بعد فهذه طريقة محمد ، وهي طريقة الطرق - هي النهر الذي فيه تصب جميع الخيران - وهي البحر الذي فيه تلتقي الأنهار ..
    لقد كانت طريقة محمد عبادة بالليل ، وخدمة بالنهار .. خدمة لله بالليل ، وخلوة به ومناجاة له بحديثه ، على تقلب وسجود .
    وخدمة لخلـق الله بالنهـار ، وبرا بهـم، وكلفا بتوصيل الخيـر إليهـم ، في محبة وفي إخلاص وفي إيثـار .
    وبهذا وذاك تصبح حياة الحي كلها عبادة .. وهذا هو مراد الله من العبادة حين قال (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) .
    وطريقة محمد جماعها هذه الآيات :
    (( قل إنني هداني ربي إلى سـراط مستقيم ، دينا قيما ، ملة إبراهيم ، حنيفا ، وما كان من المشركين * قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له ، وبذلك أمرت ، وأنا أول المسلمين )) كل شئ فيها لله .. معاملة للحق في الحق ، ومعاملة للحق في الخلق .. وهذا ما عناه المعصوم حين قال (( الدين المعاملة )) .
    ثم أما بعد ، فإن هذه دعوة إلى الله ، داعيها محمد ، وهاديها محمد .. وهي دعوة وجبت الاستجابة لها أمس وتجب الاستجابة لها اليوم ، كما وجبت أمس ، وبقدر أكبر ، إذ الحجة بها اليوم ألزم منها بالأمس . (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) وإلا فلا .
    يا أهل القرآن ، لستم على شئ ، حتى تقيموا القرآن . وإقامة القرآن كإقامة الصلاة ، علم ، وعمل بمقتضى العلم . وأول الأمر في الاقامتين ، اتباع بإحسان ، وبتجويد لعمل المعصوم .. أقام الله القرآن ، وأقام الصلاة ، وهدى إلى ذلك البصائر والأبصار ، إنه سميع مجيب .
                  

01-21-2014, 09:04 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    أما بعد فهذه طريقة محمد ، وهي طريقة الطرق - هي النهر الذي فيه تصب جميع الخيران - وهي البحر الذي فيه تلتقي الأنهار ..
    لقد كانت طريقة محمد عبادة بالليل ، وخدمة بالنهار .. خدمة لله بالليل ، وخلوة به ومناجاة له بحديثه ، على تقلب وسجود .
    وخدمة لخلـق الله بالنهـار ، وبرا بهـم، وكلفا بتوصيل الخيـر إليهـم ، في محبة وفي إخلاص وفي إيثـار .
    وبهذا وذاك تصبح حياة الحي كلها عبادة .. وهذا هو مراد الله من العبادة حين قال (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))
                  

01-22-2014, 03:54 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    فقولك : (( محمد رسول الله )) مدخل على قولك : (( لا إله إلا الله )) .. هي الباب ، وليس بغيره دخول في الحضرة .. وبتطبيقها ، وهو ما أسميناه تجويد التقليد ، يكون السير في مراقي التوحيد - السير في تحقيق (( لا إله إلا الله )) ، من مستوى ما يقال في الأرض ، عند المؤمنين ، وعند أولي العلم ، وعند الملائكة ، إلى مستوى ما يقال في السموات ، عند الملائكة ، وملائكة الملأ الأعلى ، ثم إلى مستوى ما يقال في الإطلاق ، عند الذات ، وهيهات !! هيهات !! فإن هذا أمر يحصل تحقيقه ، كل يوم جديد ، ولا يقع الفراغ منه ، فالسير فيه سير في السرمد ، وبحسب أولي العلم منه أن يعلموا أن تحقيقهم لـ (( لا إله إلا الله )) ، بالغا ما بلغ ، ليس بشئ إذا ما قورن بتوحيد الله لذاته في قوله تعالى : (( شهد الله أنه لا إله إلا هو )) ..
                  

01-22-2014, 11:00 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    وإنَّا حين نعتب على إخواننا المصريين، وإخواننا السودانيين، ونستنهض المثقفين إلى واجبهم، [color=#BF0000]لا نفعل ذلك ونحن متضررون من شيء، فنحن موقنون أن الحق ليس له أعداء، وأن من يعادونه يعملون لنصرته، من حيث لا يشعرون، وأن دعوتنا لا يمكن أن يتحمل مسئوليتها كاملة، إلا من اقتنع بها، ولكنا عاتبنا هؤلاء وأولئك لئلا يفوتهم شرف نصرة الحق.. فالحق منصور، منصور.. فقد أظلنا وقته، والتاريخ الذي يكتب هذه الأيام، من جديد، سيسجل كل موقف.. فنحن نبرهم بشرف الدنيا وعز الآخرة ((واجعل لي وزيراً من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري كي نسبحك كثيراً، ونذكرك كثيراً، إنك كنت بنا بصيراً)).
                  

01-23-2014, 04:05 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)


    الشهادة المثنية


    الشهـادة المثنيـة هـي : (( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله )) .. والشهـادة المفـردة هـي : (( لا إله إلا الله )).. وهذه شهادة (( توحيد )).. وتلك شهادة (( تصديق )).. وشهادة التصديق تجب مرة في العمر.. وتوجب الإتباع (( وما آتاكم الرسول فخذوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا !! واتقوا الله .. إن الله شديد العقاب )) هذا سند الإتباع من القرآن .. وسنده من الحديـث : (( صـلوا كما رأيتموني أصلي )) .. وفي بابـه أيضا (( خذوا مناسككم عني )) .. هذان في أمر الصلاة ، والحج .. وهما ينطبقان على سائر أعمال العبادات ، والطاعات .. وأما شهادة التوحيد فهي لن تنفك تقال ، في الحياة الدنيا ، وفي الآخرة .. فهي خير ذكر أهل الدنيا ، في الدنيا ، وهي خير ذكر أهـل البرزخ ، في البرزخ ، وهي خيـر ذكر أهل الجنة ، في الجنة ، وهي خير ذكر أهل النار ، في النار .. وإنما يبتغي الذاكِرون من ذكرها أن يحققوها ، في حياتهم حتى ينتقل قولها بلسان المقال فيصبح قولا بلسان المقال ، ولسان الحال معا ، وذلك حين تتم ، بفضل الله ثم بفضل تجويدها ، وحدة البنية البشرية ، في كل نفس بشـرية .. وسنـد الشهادة المفردة من القرآن : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله !! واستغفر لذنبك ، وللمؤمنين ، والمؤمنات .. والله يعلم متقلبكم ومثواكم )) .. وسندها من الحديث : (( خير ما جئـت بـه ، أنا والنبيـون من قبلي ، لا إله إلا الله )) .. وبيـن الشهـادة (( المثنيـة )) - (( لا إله إلا الله ، محمـد رسـول الله )) – والشهـادة (( المفـردة )) - (( لا إله إلا الله )) - اختلاف مقدار .. فالشهادة المثنية هي القاعدة ، في الأرض ، والشهادة المفردة هي القمة ، في الإطلاق .. وسند ذلك من كتاب الله : (( شهد الله أنه لا إله إلا هو ، والملائكة ، وأولو العلـم ، قائما بالقسط .. لا إله إلا هو، العزيز الحكيم * إن الدين عند الله الإسلام )) .. فقمة الشهادة المفـردة في الإطلاق ، عند الله ، حيث شهد بذاته ، لذاته ، بالتفرد بالأحدية .. وقاعدتها في القيد ، في الأرض ، عند المؤمنين بها ، وتلك هي الشهادة المثنية : (( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله )) .. فقولك : (( محمد رسول الله )) مدخل على قولك : (( لا إله إلا الله )) .. هي الباب ، وليس بغيره دخول في الحضرة .. وبتطبيقها ، وهو ما أسميناه تجويد التقليد ، يكون السير في مراقي التوحيد - السير في تحقيق (( لا إله إلا الله )) ، من مستوى ما يقال في الأرض ، عند المؤمنين ، وعند أولي العلم ، وعند الملائكة ، إلى مستوى ما يقال في السموات ، عند الملائكة ، وملائكة الملأ الأعلى ، ثم إلى مستوى ما يقال في الإطلاق ، عند الذات ، وهيهات !! هيهات !! فإن هذا أمر يحصل تحقيقه ، كل يوم جديد ، ولا يقع الفراغ منه ، فالسير فيه سير في السرمد ، وبحسب أولي العلم منه أن يعلموا أن تحقيقهم لـ (( لا إله إلا الله )) ، بالغا ما بلغ ، ليس بشئ إذا ما قورن بتوحيد الله لذاته في قوله تعالى : (( شهد الله أنه لا إله إلا هو )) ..
                  

01-23-2014, 05:25 PM

Adel Mohammed Abdulrahman
<aAdel Mohammed Abdulrahman
تاريخ التسجيل: 05-03-2013
مجموع المشاركات: 143

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد (Re: جمال المنصوري)

    Quote: أما بعد فهذه طريقة محمد ، وهي طريقة الطرق - هي النهر الذي فيه تصب جميع الخيران - وهي البحر الذي فيه تلتقي الأنهار ..
    لقد كانت طريقة محمد عبادة بالليل ، وخدمة بالنهار .. خدمة لله بالليل ، وخلوة به ومناجاة له بحديثه ، على تقلب وسجود .
    وخدمة لخلـق الله بالنهـار ، وبرا بهـم، وكلفا بتوصيل الخيـر إليهـم ، في محبة وفي إخلاص وفي إيثـار .
    وبهذا وذاك تصبح حياة الحي كلها عبادة .. وهذا هو مراد الله من العبادة حين قال (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون


    ما اجمل هذه اللوحة
    الله الله الله.............
    لك اجر المناولة يا جمال يا جميل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de