السودان هو مركز دائرة الوجود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 07:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-05-2013, 05:07 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    .‏"15"



    يسمي كارل ماركس اشتراكيته: الاشتراكية العلمية ‏.‏‏.‏ في حين يسمي اشتراكية روبرت أوين: الاشتراكية المثالية‏.‏‏.‏ و الناس يتحدثون، في الوقت الحاضر، عن العلمية بتأثر كبير برأى كارل ماركس عن اشتراكيته، ولكنهم غير دقيقين في هذه التسمية ‏.‏‏.‏ اشتراكية ماركس علمانية، و ليست علمية ‏.‏‏.‏ و كذلك كل ما يتحدث عنه الناس الآن، إنما هو علماني، وليس علميا ‏.‏‏.‏ الفرق بين العلمية، والعلمانية، أن العلمانية علم ناقص ‏.‏‏.‏ و تجيء العبارة عنه في القرآن: ((وعد الله ، لا يخلف الله وعده، و لكن اكثر الناس لا يعلمون * يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا، وهم، عن الآخرة، هم غافلون!!)) سماه، ونفي عنه، أنه علم ‏.‏‏.‏ قال ((لا يعلمون)) ثم قال ((يعلمون ظاهرا)) ‏.‏‏.‏ وهذا الظاهر إنما هو المادة كما تتبادر إلى حواسنا ‏.‏‏.‏ العلمانية تتعلق بالحياة الدنيا - الحياة السفلى - حياة الحيوان، وتغفل عن الحياة الأخرى ‏.‏‏.‏ الحياة العليا، وهي حياة الإنسان ‏.‏‏.‏ كارل ماركس ينكر الغيب، و ينكر الحياة الأخرى، وتتعلق اشتراكيته بالسعي في الحياة الدنيا، وفي، ظاهرها، و من ثم فهو علماني، و ليس عالما ‏.‏‏.‏ العالم هو الذي ينسق بين الحياة الدنيا، و الحياة الأخرى، على غرار العبارة النبوية: ((الدنيا مطية الآخرة)) ‏.‏‏.‏ العالم ذكي، والعلماني شاطر‏.‏‏.‏ و الفرق بين الذكي والشاطر أن الذكي يملك ميزان القيمة، و يقيم الوزن بالقسط ‏.‏‏.‏ و الشاطر لا يملك هذا الميزان، فهو يخبط كحاطب ليل ‏.‏‏.‏ الذكي يعرف الوسائل و الغايات، و ينسق بينها، فلا يصرف، في سبيل الوسيلة، من الجهد، ما ينبغي أن يصرف في تحصيل الغاية ‏.‏‏.‏ والشاطر قد يفني حياته في سبيل الوسيلة، لأنه لا يملك التمييز الدقيق بين الوسائل، والغايات‏.‏‏.‏ الدنيا وسيلة الآخرة، فيجب أن تنظم بذكاء، و بعلمية لتتأدى إلى الغاية المرجوة منها‏.‏‏.‏ و لا يستطيع ذلك العلمانيون وإنما يستطيعه العلماء‏.‏‏.‏
                  

11-07-2013, 12:41 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    "16"


    الحضارة الغربية الحاضرة بشقيها - الاشتراكي والرأسمالي - إنما هي حضارة مادية – قيمة الإنسان فيها مهدرة، وقيمة الحطام مرتفعة‏.‏‏.‏ هي حضارة، و ليست مدنية‏.‏‏.‏ هي حضارة التكنولوجيا الهائلة، والآلات الرهيبة، ولكن الإنسان فيها ليس سيد الآلة ‏.‏‏.‏ لقد نمت التكنولوجيا الثروة بصورة خيالية، و لكن، لغياب القيمة، لم يكن هناك عدل في توزيع الثروة، و إنما انحصـرت في أيدي القلة، وأصبح الفقر نصيب الكثرة، فذهل الغني، بالغنى، عن إنسانيته، كما شُغل الفقير، بالفقر، عن إنسانيته، فانهزم الإنسان، في هذه الحضارة المادية، الآلية الهائلة، المذهلة‏.‏‏.‏ لقد وصلت هذه الحضارة إلى نهاية تطورها، ووقف طلائعها في نهاية الطريق المقفول - طريق المادية الخالية من الروحية‏.‏‏.‏ ولابد للبشرية التي سارت في هذا الطريق العلماني حتى بلغت نهايته من أن تعود لتدخل من جديد، في الطريق العلمي ‏.‏‏.‏
                  

11-07-2013, 02:54 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    "17"


    من الأمم الإسلامية أمم متقدمة، بمقاس الوقت الحاضر، فدخلت خلف طلائع الحضارة الغربية في هذا الطريق العلماني، و قطعت فيه شوطا، به اعتبرت متقدمة، في الوقت الحاضر‏.‏‏.‏ و من الأمم الإسلامية أمم متخلفة، بمقاس الوقت الحاضر، فلم تصل حتى إلى مفترق الطريقين - الطريق العلمي والطريق العلماني - هي بذلك اعتبرت متخلفة ‏.‏‏.‏ أما نحن السودانيين، فإننا، بفضل الله علينا، نقف اليوم في مفترق الطريقين ‏.‏‏.‏ لقد دخل بعضنا في طريق الحضارة الغربية الحاضرة، تبعا لطلائـع هذه الحضارة، و لكنه لم يوغل، و لم يبعد عن مفترق الطريقين ‏.‏‏.‏ أما الشعب فانه بفضل الله علينا، وعلى الناس، يقف عند مفترق الطريقين، تماما، محتفظا بأصائل طبائعه التي قد قدها الله تعالى له من شريحة الدين‏.‏‏.‏ أما نحن الجمهوريين، فبفضل الله علينا، و على الناس، قد امتد بصرنا حتى رأينا قافلة البشرية الحاضرة، و هي تقف حائرة، عند نهاية طريق العلمانية المسدود، وأصبح واضحا عندنا، أن علينا لأن ندخل بشعبنا طريق العلمية حتى نكون للبشرية - قل للإنسانية - طليعة جديدة ‏.‏‏.‏ طريق العلمية طريق مفتوح على الإطلاق، و سير الإنسانية فيه سير سرمدي ‏.‏‏.‏ فهو يحقق فيه، كل حين، قدرا من إنسانيته، ومن كرامته، ومن عزه، ومن كماله‏.‏‏.‏ و ليست لكمال الإنسان نهاية، لأن نهايته عند الله ((وأن إلى ربك المنتهى)) ولا منتهى لكمال الله تبارك و تعالي‏.‏
                  

11-08-2013, 10:40 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    "18"


    إن العلمية لا تستغني عن العلمانية، وإنما تضعها في موضعها، و هو موضع الوسيلة من الغاية، على غرار ((لدنيا مطية الآخرة)) ‏.‏‏.‏ فمن استغنى بالدنيا عن الآخرة، فقد ضل ضلالا بعيدا ‏.‏‏.‏ ومن حاول أن يطلب الآخرة بدون الدنيا فقد ضل ‏.‏‏.‏ والقصد القويم هو أن تأخذ من دنياك زاد الراكب، إلى أخراك ‏.‏‏.‏ هذا هو المقصود بقولنا إن العلمية لا تستغني عن العلمانية ‏.‏‏.‏ الحضارة العلمانية، المادية الآلية، الحاضرة، حضارة عملاقة، و لكنها بلا روح، فهي تحتاج إلى مدنية جديدة تنفخ فيها هذا الروح، وتوجهها الوجهة الجديدة، التي تجعلها مطية للإنسان بها يحقق إنسانيته، وكماله‏.‏‏.‏ وهذا ما علينا أن نقدمه نحن من الاسلام‏.‏‏.‏ إن الطريق العلمي الجديد الذي على الشعب السوداني أن يدخله منذ اليوم، هاديه كتاب الأجيال - القرآن - و دليله محمد، النبي الأمي، الذي جسد القرآن، في اللحم و الدم ‏.‏‏.‏ فمعرفة الأكوان - العلمانية - ومعرفة الله - العلمية - يجب التنسيق بينهما بعلم، لان الأكوان إنما هي مطية الإنسان، في سيره إلى الله ‏.‏‏.‏ يقول تعالي: ((سنريهم آياتنا في الآفاق، و في أنفسهم، حتى يتبين لهم: أنه الحق‏.‏‏.‏ أو لم يكف بربك ، انه على كل شيء شهيد؟؟))‏.‏ ويقول: ((خلقت الأكوان للإنسان، وخلقت الإنسان لي))‏.‏ و هذا هو معنى قوله تعالي: ((ما وسعني أرضي، ولا سمائي، وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن!!))‏.‏
                  

11-09-2013, 07:09 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    "19"


    علينا أن نعلم أنفسنا! و أن نعلم شعبنا، وأن نعيد تعليم المتعلمين منا، من جديد، فنخرجهم من الطريق العلماني، إلى الطريق العلمي‏.‏‏.‏ إن علينا لأن ننشئ التربية، و التعليم ‏.‏‏.‏ فأما التربية فببعث سنة النبي فينا معاشة ‏.‏‏.‏ و هي معنى "العدل": العدل بين العبد و الرب، و العدل بين العبد ونفسه، والعدل بين العبد وأهله، والعدل بين العبد والناس، والعدل بين الناس‏.‏‏.‏ و هذا كله وارد في الكتب الجمهورية – "طريق محمد" و "أدب السالك في طريق محمد" و"الرسالة الثانية من الإسلام" و"رسالة الصلاة" و"تعلموا كيف تصلون" الخ، الخ ‏.‏‏.‏ وسيكون مجال التربية التعليم الرسمي، في المدارس، والمنابر الحرة، في كل ميادين القرى، المدن، ومنابر المساجد، و منابر المدارس، والمعاهد، والجامعات، و كل مجاميع الشعب ‏.‏‏.‏ و أما التعليم الرسمي سيكون مجاله المدارس، و المعاهد، والجامعات، هو تعليم يقوم على العلم المادي التجريبي، حتى يتقن المواطن، والمواطنة، المقدرة على تصميم الآلة، وصنعها، واستعمالها، و صيانتها، لكي يكون نافعا لمجتمعه بتسخير العالم المادي لخدمته ‏.‏‏.‏ لقد قلنا إن العلم المادي، و العلم الروحي، قد اتفقا على وحدة الوجود، و ذلك يعني أن بيئتنا التي ظللنا نحاول التعرف عليها في الآماد السحيقة بوسيلة العلم المادي، والعلم الروحي، قد ظهرت لنا على حقيقتها، بفضل الله علينا، ثم بفضل هذين العلمين‏.‏‏.‏ إن علينا لان نعيد توجيه برامج تعليمنا حتى يجد الفرد منا المقدرة على المواءمة بين حياته وبيئته هذه الجديدة، ولما كانت هذه البيئة الجديدة، إنما هي بيئة روحية، ذات مظهر مادي، كما سبق أن قررنا، أصبح على الحى أن يعلم مظهرها ومخبرها - خصائصها و كنهها - وهذا ما يوجب تعلم العلم المادي، التجريبي، والعلم الروحي، كليهما، لكي يتم تواؤم الحى مع بيئته هذه القديمة، الجديدة‏.‏‏.‏
                  

11-09-2013, 07:17 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    "20"


    لقد أصبح علينا أن نعطي كلمة الديمقراطية: حكم الشعب بواسطة الشعب لمصلحة الشعب معنى جديدا يناسب المرحلة المقبلة من مراحل تطور البشرية المعاصرة ‏.‏‏.‏ لقد سبق أن قررنا أن كلمة الديمقراطية قد تطورت في معناها عبر ما يزيد على الألفي سنة بتطور معنى كلمة الشعب ‏.‏‏.‏ لقـد أصبحت كلمة الشعب في الديمقراطيات النيابية عندنا اليوم تعني كل المواطنين، من رجال، و نساء، منذ أن يبلغوا سن الرشد ‏.‏‏.‏ هذا تطور في "الكم" لا يكاد يحتاج إلى مزيد، وإنما يجب أن ندخل، في تطوير كلمة الشعب، "الكيف" بعد أن استوفينا، أو كدنا نستوفي، "الكم"‏.‏‏.‏ ذلك بان الحكم الديمقراطي لا يمكن أن يحققه شعب جاهل كما سبقت إلى ذلك الإشارة ‏.‏‏.‏ ولا نعني بالجهل هنا عدم تعليم المدارس، فقد سبق أن بينا أن تعليم المدارس، الحاضر، على النهج الغربي وحده، ليس بعلم، وإنما هو علم ناقص - هو علمانية ‏.‏‏. ‏هذه مرحلة البشرية، وأمامنا مرحلة الإنسانية ‏.‏‏.‏ ومرحلة الإنسانية تطور فوق مرحلة البشرية، كتطور مرحلة البشرية، فوق مرحلة الحيوانية ‏.‏‏.‏ و لقد فصّلنا في ذلك في مقدمة الطبعة الرابعة من كتابنا: "رسالة الصلاة" حيث تحدثنا عن مراحل نشأة الإنسان، و قلنا إن له أربع مراحل، في نشأته هذه المباركة ‏.‏‏.‏ قلنا هناك:
    لقد تحدثنا عن المراحل الأربع من نشأة الإنسان ‏.‏‏.‏ تحدثنا عن المرحلة الأولى فقلنا: إن بدايتها في الأزل، حيث برز الإنسان في الجسد، في المادة غير العضوية تلك التي نسميها، اصطلاحا ميتة - ونهايتها عند دخول المادة العضوية المسرح‏.‏‏.‏ وتحدثنا عن المرحلة الثانية، و قلنا: إن بدايتها عند ظهور المادة العضوية – تلك التي نسميها، اصطلاحا، حية – و نهايتها عند ظهور العقل ‏.‏‏.‏ ويتضح لنا من هذا، أن الشبه كبير بين المرحلتين: الأولى والثانية، فهما معا مرحلة الجسد الصرف، على اختلاف مستوياته من ذرة بخار الماء إلى أعلى الحيوانات الثديية، ما خلا الإنسان ‏.‏‏.‏
    وأما المرحلة الثالثة فهي تتميز عن المرحلة الثانية ببروز العقل من الجسد، و هو عهد جديد، وخطير‏.‏ و أما المرحلة الرابعة فهي تتميز عن المرحلة الثالثة، بدخول الحاسة السادسة، والحاسة السابعة، في المسرح، و تلك درجة جديدة من درجات الترقي، تصبح بها الحياة البشرية شيئا جديدا، مختلفا عما ألفنا من قبل ‏.‏‏.‏ ولذلك فإنا نستطيع أن نقول: إن لدينا ثلاث مراحل لنشأة الإنسان، مرحلة الجسد الصرف، ومرحلة الجسد والعقل المتنازعين، و أخيرا مرحلة الجسد، والعقل المتسقين ‏.‏‏.‏
    و أما مرحلة الجسد و العقل المتنازعين هي مرحلة البشرية، منذ بدء الخليقة، وإلى اليوم ‏.‏‏.‏ و أما مرحلة الجسد والعقل المتسقين، فهي مرحلة الإنسانية، التي هي قبلة البشرية الحاضرة، منذ اليوم، و ليس لها منها بد‏.‏‏.‏
                  

11-10-2013, 03:57 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    "21"




    مرحلة الجسد والعقل المتنازعين، هي مرحلة الكبت، التي نعيشها الآن والتي منها ارتفع الإنسان فوق مرتبة الحيوان - فوق مرحلة الجسد الصرف - و الفضل في ذلك لله، ثم للعقل‏.‏‏.‏ والعقل عقلان، عقل المعاش، وعقل المعاد ‏.‏‏.‏ فأما عقل المعاش فهو القوة الّدراكه فينا التي استلها من الجسد، الخوف من القوى الرهيبة التي هددت الحياة بالموت الذريع، منذ أول النشأة ‏.‏‏.‏ فهو، من أجل ذلك، قلق، مضطرب، خفيف، يجسد الخوف ويجسد الحرص ‏.‏‏.‏ وهو موكل بمجرد حفظ حياة الحيوان و حركته ليست فكرا، و إنما هي قلق، و خوف مما يجيء به المستقبل المجهول ‏.‏‏.‏ هو غريزي، وليس مفكرا ‏.‏‏.‏ هو شاطر، و ليس ذكيا، و إدراكه علماني، و ليس علميا ‏.‏‏.‏ و قد وردت الإشارة لهذين المعنيين قبل حين ‏.‏‏.‏ ومن هذا العقل يجيء الجبن، والحرص، و حب الادخار، والبخل، وكل مذام الصفات ‏.‏‏.‏ و أما عقل المعاد فهو أيضا القوة الدّراكه فينا، وهو الطبقة التي تقع بين عقل المعاش، والقلب، هو أيضا خايف، ولكن خوفه ليس عنصريا، ساذجا، وإنما هو خوف موزون بالذكاء الوقاد، الذي يملكه حين يفقده عقل المعاش الشاطر ‏.‏‏.‏ عقل المعاد، موزون، رزين، وقور‏.‏‏.‏ وهو أيضا موكل بحفظ الحياة، و لكنه لا يخاف عليها من كل ناعق، كما يفعل عقل المعاش، وذلك لأنه يملك موازين القيم ‏.‏‏.‏ فهو قد يستهين بالخطر الماثل، في سبيل الأمن الدائم، و هو قد يضحي باللذة العاجلة، ابتغاء اللذة العاقبة - هو ينشغل بالحياة الأخرى، اكثر مما ينشغل بالحياة الدنيا - عقل المعاد هو عقل الدين - هو الروح - نحن لا نفهم الدين بعقل المعاش، وإنما نفهمه بعقل المعاد‏.‏‏.‏ وعقل المعاش يتأثر بعقل المعاد، و يؤثر فيه، قال تعالى في العقلين: ((الشيطان يعدكم الفقر، و يأمركم بالفحشاء، و الله يعدكم مغفرة منه وفضلا، والله واسع عليم‏.‏‏.‏)) الشيطان هنا عقل المعاش، والرحمن عقل المعاد ‏.‏‏.‏ والشيطان داخلنا، و خارجنا‏.‏‏.‏ خارجنا هو الروح الشرير الذي يأمر فينا، و داخلنا هو عقل المعاش، الذي ينصت للشيطان، ويأتمر أمره ‏.‏‏.‏ و إنما هو داخلنا لأننا خلقنا مـن الطين المحروق بالنار، في حين خلق الشيطان من النار ‏.‏‏.‏ ((خلق الإنسان مـن صلصال كالفخار* و خلق الجان من مارج من نار)) ‏.‏‏.‏ و عقل المعاش حين يؤثر على عقل المعاد يزلزله، و يخرجه من وقاره، ويذهله عن قيمه، وإنما من أجل تهذيب عقل المعاش جاءت الشريعة ‏.‏‏.‏ فهي، بوسيلة العبادة، وبوسيلة العقوبة، تسير عقل المعاش ليتهذب، و يلتقي بعقل المعاد‏.‏‏.‏

                  

11-10-2013, 07:34 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    "22"







    والعبادة ثلاث مستويات: فكرية و قولية، و عملية ‏.‏‏.‏ وأعلى مستويات العبادة العملـية الصلاة ‏.‏‏.‏ وهي تشمل الفكر والقول والعمل، منذ بداياتها ‏.‏‏.‏ و الصلاة تهذب عقل المعاش، بصورة أوكد من كل عبادة، لأنها تحارب الجولان بين الماضي، والمستقبل، و تروض المصلي على أن يعيش اللحظة الحاضرة ‏.‏‏.‏ و هي قد فرضت في مقام: "ما زاغ البصر و ما طغي"‏.‏‏.‏ و من ههنا اكتسبت المقدرة على محاربة الجولان، بين الماضي و المستقبل، الذي هو آفة فكر المعاش الأساسية ‏.‏‏.‏ وأما وسيلة العقوبة فأعلاها الحدود‏.‏‏.‏ و الحدود خمسة، وقد وردت الإشارة إليها في موضع سابق من هذا الحديث‏.‏‏.‏ و الحدود يمكن أن تنضوي تحت القصاص ‏.‏‏.‏ فالقصاص معاوضة- من أتلف شيئا يعوضه - و الحدود معاوضة ‏.‏‏.‏ والقصاص قانون حياة، أولا، ثم قانون دين، ثانيا ‏.‏‏.‏ قبل ظهور العقول كان القصاص: ((فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * و من يعمل مثقال ذرة شر يره))‏.‏‏.‏ ثم بعد ظهور العقول جاء قانون الدين: ((و كتبنا عليهم فيها: أن النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، و الجروح قصاص))‏.‏ واليوم فان قانون الحياة ساير‏.‏‏.‏ و أحسن حالات الناس أن يسيروا بقانونهم مصاقبين لقانون الحياة! لان الله تبارك و تعالى ، يريد، بمحض فضله، للعقل البشري أن يصاقب، وينطبق، على العقل الكلي- العقل المحيط- العقل الالهي‏.‏ ومن أجل ذلك أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وشرع الشرائع‏.‏ و لقد جاء عندنا في القرآن: ((وأنزلنا إليك الذكر، لتبين للناس ما نزل إليهم، و لعلهم يتفكرون))‏.‏‏.‏ فبالعبادة والمعاملة، في المجتمع، وفق الشريعة، والطريقة، و الحقيقة، يقوي الفكر، و يسير العقل بالحياة مصاقبا للعقل الكلي، كل حين، و في ذلك كمال العقل، والقلب، والجسد‏.‏
                  

11-11-2013, 12:51 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    "23"






    وأشد القوانين انضباطا قوانين الحدود، والقصاص‏.‏‏.‏ و آية انضباطها مقدرتها على التوفيق بين حاجة الفرد، و حاجة الجماعة ‏.‏‏.‏ هذه المقدرة عجزت عنها جميع الفلسفات البشرية القديمة، والمعاصرة ‏.‏‏.‏ وأظهر ما يظهر هذا العجز في الفكرة الماركسية ‏.‏‏.‏ و هي عندما عجزت عن التوفيق بين حاجة الفرد إلى الحرية، وحاجة الجماعة إلى العدالة، اتخذت من عجزها فضيلة، فادعت أن الجماعة أهم من الفرد، فهزمت بذلك الغاية بالوسيلة‏.‏‏.‏ و عجز الرأسمالية في هذا المجال ظاهر أيضا‏.‏‏.‏ ويمكن القول بان إفلاس الحضارة الغربية، الآلية المادية الحاضرة، إنما يرجع إلى انعدام المذهبية التي تملك القدرة على التوفيق بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، و حاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة‏.‏‏.‏ إن حاجة الفرد، بدون أدنى ريب، إنما هي إلى الحرية الفردية المطلقة ‏.‏‏.‏ و في النظم السياسية التي تقوم عليها الحضارة الغربية الحاضرة، بشقيها، فإن الحرية الفردية المطلقة تعتبر فوضي، وما ذاك إلا لانعدام التربية التي ترتفع بالإنسان فوق مستوى القوانين - ترتفع به إلى مستوى الأخلاق التي هي قمة القوانين ‏.‏‏.‏ الحرية الفردية، عندنا، في الإسلام، على مستويين: الحرية النسبية، و هي أن يفكر الإنسان كما يريد، وأن يقول كما يفكر، وأن يعمل كما يقول، على شرط أن يتحمل مسئولية قوله، وعمله، أمام القانون الدستوري‏.‏‏.‏ والحرية المطلقة، وهي أن يفكر الإنسان كما يريد، و يقول كما يفكر، ويعمل كما يقول على شرط أن يكون فكره، و قوله، وعمله، برا، وخيرا، بالأشياء ، والأحياء‏.‏‏.‏ و القانون الدستوري، هو الذي حين يطبق، يحقق، في آن معا، حاجة الفرد، وحاجة الجماعة‏.‏‏.‏ فلا هو يضحي بالفرد لمصلحة الجماعة، ولا هو يضحي بمصلحة الجماعة في سبيل الفرد ‏.‏‏.‏ ولأن المعلم واحد، كما سبق أن قررنا، وأن الأعراف البدائية، الساذجة، البسيطة، التي نشأ عليها المجتمع البشري، حين نشأ، بتقييد القوة الجنسية، وبتقييد شهوة التملك، والتي هي بدايات الحدود عندنا، في الزنا، والقذف، والسرقة، وقطع الطريق، قد كانت دستورية، في معنى التوفيق، بين حاجة الفرد، يومئذ، و حاجة الجماعة‏.‏‏.‏ لقد كانت عقوبات المخالفة لهذه الأعراف عنيفة، أشد العنف، وأقساه، ولكن هذا العنف، وهذه القسوة، قد كانت حاجة الفرد، في المكان الأول، ذلك لان الفرد قد كان حيواني النشأة، غليظ القلب، جافي الطبع، ضعيف العقل، لا يكاد عقله يسيطر على نزوته، ورعونة نفسه، فكان غرض هذا العنف به، و القسوة عليه، أن تقوي إرادته فيسيطر على نفسه، ويكبح جماحها ‏.‏‏.‏ و بهذا يسلك مسلك البشر، و يتجافى عن مسلك الحيوان‏.‏‏.‏ هذه حاجة الفرد ، في المكان الأول، وإن لم يدركها ‏.‏‏.‏ ثم إن المجتمع قد كفل له حقه في الأمن، وفي التماسك، في معنى ما كف أفراده عن مخالفات أعرافه، أو كادوا‏.‏‏.‏

    ‏.‏
                  

11-11-2013, 05:34 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)



    Questions from Mr. John Voll and Answers from Ustaz Mahmoud Mohammed Taha


    17 July 1963
    Question (1) As I mentioned, one of my specific interests is Tasawwuf and the Turug - both in Islam in general and in the Sudan in particular. In discussion with a Muslim professor from Tehran he said that Tasawwuf is really the heart of Islam and the message of God as revealed in the Koran and that it is Tasawwuf which explains the real meaning of Islam. a) Do you feel that this is true or what do you feel is the relation between the teachings of the Sufi leaders of the past and the true Islam with regard to the ideas of Wusul and unity with God? b) What good contributions and bad effects do you feel that the Sufi teachers have had on Islamic culture and Islamic History? c) Now, regarding the Sudan in particular: Prof. Sanderson (at University of Khartoum ) has commented that Tasawwuf is one of the important bases of Sudanese culture. What valuable contributions, if any, do you feel that Tasawwuf or the Turug have made to Sudanese culture and history? What bad effects do you feel that the Turug had in the Sudan?
                  

11-11-2013, 05:38 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Answer (1) I am sure that the Muslim Professor from Tehran was right in saying that "Tasawwuf is really the heart of Islam and the message of God as revealed in the Koran and that it is Tasawwuf which explains the real meaning of Islam." At the very beginning I should like to point out that there is a difference between Tasawwuf, as such, and the teachings of the Sufi leaders of the past; Tasawwuf is a later name for an earlier practice. It is agreement with reality. The criterion was set by the life of the Prophet. In his life he was trying to be true to himself, to his fellowmen, and to God. In the second century to his flight from Mecca to Medina, the example of his life was been sought and followed by certain devotees. Asceticism, in one measure or another, was invariably among their qualities. It stood them apart from the rest of the people. It is then that the name of Sufia (plural of Sufi) came into popular usage. A Sufi, is a man who tries to imitate the Prophet's way of life, namely, who tries to be true to himself, to his fellowmen and to God, inasmuch as the Prophet was such. As time passed, the imitation, through ignorance, became more concerned with the letter than the spirit; and we invariably have the pseudo-Sufi. The teachings of the Sufi leaders of the past, on the other hand, represent, at best, the individual attainments by those men of the example set by the Prophet. This difference between Tasawwuf and the teachings of the Sufi leaders of the past is important. It is with this difference in view that I agree with the Professor from Tehran in his statement about Tasawwuf. Tasawwuf in this case is tantamount to the Prophet's practice. In other words, it is the Prophet alone who can be considered as an exponent of true Islam. This is not to belittle the excellent efforts of the Sufia. a and b) The Sufi leaders of the past, in general, made contributions to Islamic culture that are equalled by none, in depth of thought and richness of quality. Ibn Arabi and men of his caliber, passed through profound spiritual developments. They tried in their writings to convey to us experiences that belong to the greatest heights and depths that the spirit of man has yet reached - for all I know. Their revelations, expressed in words, are up to now unintelligible to most learnt men, yet their force of argument is irresistible. They ignited the ambition of lesser men to follow their example - men who would, otherwise, have thought that the example of the Prophet was beyond them. The good contribution was not without bad effects. The bad effects were due partly to the utterings of the freakish and the immature (and there were plenty of them), and partly to the pseudo-Sufia. The shortcoming of the contemporaries of the great Sufi leaders to understand their teachings contributed its share to the bad effects. They were misunderstood, misquoted and grossly misrepresented. Many of the greatest of them all were killed on religious pretences. The mere fact of their having been killed greatly contributed to their bad effect on Islamic history. The day is dawning when justice will be done to the lives and memories of those great men. I will come back later to say a word about the part of your question which touches on the idea of Wusul and unity with God; but then it will be in respect of Tasawwuf itself and not what the various Sufi leaders said about it. c) Professor Sanderson is also right in his comment about the Turug in the Sudan. He probably understated their case. The Turug in the Sudan are responsible for the introduction of Islam itself to the Sudan. The Gadria Tariga - the teachings of Sheikh Abdel Gader El Gailani of Baghdad - played the major role. The men who were brought up in the ways of the Turug, by their sheer example, were able to keep the uneducated people of the Sudan in the religious fold. Some of these men were illiterate. By their modesty, simplicity, sincerity and truthfullness in regarding their religious rites, they attained such heights of wisdom that commanded the respect and love of a nation of illiterates to religion itself. There are bad effects of course, but they are due to the pseudo-Sufia, as I mentioned before. ‏.‏
                  

11-11-2013, 05:58 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    .”
    American scholar/ cornel west, wrote in his book (Democracy Matters) the following about Ustaz: Mahmoud Mohamed Taha
    “The effort (to democratize the Islamic world)is found in the rich and revolutionary writings of Mahmoud Mohamed Taha(himself murdered by the Nimeiri regime in Sudan for his visionary and courageousworks). For example, in his manifesto, The Second Message of Islam, Taha conceivesof Islam as a holistic way of life that promotes freedom- the overcoming of fear- inorder to pursue a loving and wise life
                  

11-11-2013, 06:16 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    Dr. Cornel West visited Ohio University in January to talk about the election of Barack Obama, Mahmoud Mohamed Taha, and Progressive Islam.

    "This is an important time in history, with the election of Barack Obama, but also an important moment for Ohio University," OHIO President Roderick McDavis said. "The work of Dr. West marries public and politics, and we are honored that he comes here at this important time."

    McDavis' introduction of Dr. Cornel West was followed by West's praises of Mahmoud Mohamed Taha, and how honored he felt to even mention the name.

    "I am humbled to mention Taha's name," West said. "It makes me shiver that someone could leave such a legacy." West also praised OHIO for having the insight and knowledge to bring together such a conference on Taha and 100 years of Progressive Islam. West said that he hoped one day Taha's name could be as well known as Mahatma Gandhi, Martin Luther King, Jr. or Nelson Mandela.

    "Can this be a new moment, where all of us are more courageous and sacrificial?" West asked. He then quoted Socrates from Apology 38a, "The unexamined life is not worth living." He encouraged everyone in attendance to think for themselves, to think about themselves and their life, and move away from America's consumer and market culture.

    "It is time to shift from bling-bling to truth and justice, from the frivolous to the serious," West said. "The Greek word 'paidea' means deep education. Have the courage to think for oneself, and you may find that your world view rests on pudding." But, West encourages the examination anyways, because as he said, when you live your life make-believe, you reap what you sow.

    West also commented on the lack of coverage in the news and other media about those who are struggling all over the world, and at home.

    "Never allow the voices of the suffering to be marginal," West warned. "Justice is what love looks like in public."

    West was excited about taking his mother to Washington, D.C., or as he called it "the chocolate city" for Obama's inauguration. And while he was excited about the change from the end of the "era of conservatism," which he said lasted from Reagan to Bush, he was also knowledgeable that we have problems of our own in America, from Iowa to Ohio. But West also addressed the issues our country faces with terrorism, and how Taha and other greats would have reacted.

    "In the face of terrorism, do we engage in counterterrorism?" West asked. "No, we talk about freedom and liberty and truth; that's real courage."

    West also talked about the concept of optimism for America and the world, but said what we needed instead was hope.

    "Optimism deodorizes the catastrophic; hope confronts it," West said. "Optimism means things are going well for me, but what about your neighbor?"

    One woman in attendance said that she believed West's words could bring peace to the world if there could only be a way to broadcast his message on ABC of CNN. West thanked her for her compliment, but said that TV often gets ignored and that the best idea was to continue giving out the information about Taha and peace in sound bytes, in conferences the way he had just presented the information to the audience.

    West used truthful humor and deep insight to get his message across. He appealed to adults, children and the student population of OHIO. His final was, in fact, for students to be Socratic, but not to imitate Socrates.

    "Don't imitate that fact that Socrates never wrote a word," West said. "You've got to right your papers, now, and you've got to write them well." Socrates was also known for never crying, but West said then that he must have never loved..

                  

11-11-2013, 07:34 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    I am humbled to mention Taha's name," West said. "It makes me shiver that someone could leave such a legacy." West also praised OHIO for having the insight and knowledge to bring together such a conference on Taha and 100 years of Progressive Islam. West said that he hoped one day Taha's name could be as well known as Mahatma Gandhi, Martin Luther King, Jr. or Nelson Mandela
                  

11-12-2013, 07:41 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    Quote: A Woman-Liberating Movement For most of the remaining years of his life, Al-Ustaz confined himself to guiding the activities of the organization bythen known as the “Republican Brothers” which included a growing number of women members. Both male andfemale members of the organization continued to propagate the Second Message of Islam despite harassment by some offcials and members of the security forces. Since it was crucial to Al-Ustaz Mahmoud that he should practice what hepreached, he tried to establish a community, which applied, as far as possible, the main tenets of his vision of Islam. Asa small community within Sudanese society, the Republicans were unable to implement the full scope of their beliefsin the Organization of the Sudanese State, but they strove to lead their personal lives and organize their owncommunity in accordance with those beliefs. In particular, the community largely succeeded in applying the principlesof equality between men and women, without discrimination on grounds of sex. Women members participated fully inall the group's activities, and they were often leaders of activist groups on university campuses and in public parks andstreet corners- a highly controversial practice in the Sudanese patriarchal society. This was such a hallmark of themovement that when the leadership of the organization was detained without charge in mid-I983, four women wereamong their number. The group’s practice in relation to contracting marriage is illustrative of the members'determination to implement their reform in light of the prevailing social customs.
                  

11-13-2013, 03:46 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)



    In his article addressed "Letter from Sudan" dated: September 11, 2006 published by "The New Yorker" George Packer quoted the following statement of a small Sudanese girl after reading one of Ustaz Mahmoud's book for the first time in her life


    Quote: I visited the University of Khartoum, which is housed in a collection of mostly colonial-era, earth-colored brick buildings in the city center, where I met a woman named Suhair Osman, who was doing graduate work in statistics. In 1993, at the age of eighteen, she spent the year between high school and college in her parents’ house on the Blue Nile, south of Khartoum, asking herself theological questions. As a schoolgirl, she had been taught that sinners would be eternally tormented after death; she couldn’t help feeling sorry for them, but she didn’t dare speak about it in class. Would all of creation simply end either in fire or in Paradise? Was her worth as a woman really no more than a quarter that of a man, as she felt Islamic law implied by granting men the right to take four wives? Did believers really have a duty to kill infidels? One day, Osman took a book by Taha off her father’s shelf, “The Koran, Mustapha Mahmoud, and Modern Understanding,” published in 1970. By the time she finished it, she was weeping. For the first time, she felt that religion had accorded her fully equal status. “Inside this thinking, I’m a human being,” she said. “Outside this thinking, I’m not.” It was as if she had been asleep all her life and had suddenly woken up: the air, the taste of water, food, even the smell of things changed. She felt as if she were walking a little off the ground.


                  

11-13-2013, 03:58 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Towards an Islamic Theology of Liberation


    By Samir Amin


    (Translated from the original French by Anthony Mansueto)

    Does the work of Mahmoud Mohamed Taha announce the birth of an Islamic theology of liberation?

    Inany case, reading this major work by a Sudanese sheik (The Second Message of Islam, Al Risala Al Tania Min El Islam Khartoum, 1971) cannot leave one indifferent. The deep convictions of this believing Muslim,his mastery of theology, and the power of his argument in favor of a radically new interpretation of hisfaith, in open rupture with the dominant fundamentalist creed, testify to the importance of thiscontribution to Islamic renewal which, in many respects, recalls the Christian theology of liberation
                  

11-13-2013, 08:17 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: I challenge that. Consider what the Sudanese reformist Ustaz Mahmoud Taha wrote in 1963, “Every individual is, authentically, an end in himself. He is not means to any other end. He – even if he is an imbecile – is a “God” in the making and must be given the full opportunity to develop as such. Liberty is the prerequisite need. Man must be free from all dehumanizing influences – poverty, ignorance, and fear.




    http://www.malaysia-today.net/mtcolumns/guest-columnists/437...-of-globalization-83
                  

11-13-2013, 08:28 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Khartoum, P.O. Box 752

    17.7.1963



    We were aiming at universality, because universality is the order of the day.
    Only the universal contents of Islam were tapped.
    What do I mean?
    This brings me back to the idea of the renewal of Islam which I promised to discuss.
    Intrinsically Islam means peace.
    "Peace be with you," is the form of greetings of the Muslims at the times of day or night.
    You must be in peace with yourself, with your fellow creatures and with God.
                  

11-14-2013, 08:51 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    "24"


    إن الكبت قد بدأ من يومئذ‏.‏‏. والكبت يعني السيطرة على الشهوة، فلا تعبر عن نفسها في انطلاق بلا قيد، كما يفعل الحيوان‏.‏‏. وإنما تعبر عن نفسها من خلال شريعة الحرام، والحلال‏.‏‏. ويضعف عقل المعاش عن السيطرة على نزوة الشهوة، فيحتاج إلى التقوية وذلك بالتربية، وبالعقوبة، حين تعجز التربية عن بلوغ المرام‏.‏‏.
    ولقد جاء التعليم، وجاءت شريعة العبادة، وجاءت شريعة المعاملة، في القرآن، جاءت لتروض الشهوة حتى تسير في مراقي الإنسان، وتتجافي عن دركات الحيوان، قال تعالي: ((أتل ما أوحى إليك من الكتاب، وأقم الصلاة‏.‏‏. إن الصلاة تنهي عن الفحشاء، والمنكر، ولذكر الله أكبر‏.‏‏. والله يعلم ما تصنعون‏.‏))‏.‏‏.
    والفحشاء هنا تعني الزنا‏.‏‏. والمنكر يعني كل ما ينكره الشرع، ومن أعلاه القذف - قذف الآخرين بالزنا –
    ومن أعلى المنكر أيضا السرقة، وقطع الطريق‏.‏‏. من انتفع بصلاته امتنع عن الفحشاء، والمنكر‏.‏‏. ومن لم ينتفع تعرض للحدود‏.‏‏.
    وحد الزنا للمحصن الرجم بالحجارة على رأسه حتى يتهشم‏.‏‏. وللبكر الجلد مائة جلده..
    وحد السرقة اختلاسا، وخفية، قطع اليد اليمنى..
    أما حد الحرابة، وهي الخروج على الحاكم، وقطع الطريق، وإخافة السابلة في الطريق العام ، خارج المدينة، وقتل النفوس، وأخذ الأموال، فهو درجات: فان أخاف الطريق، وقتل، ولم يأخذ المال، يقتل‏.‏‏. وإن أخاف الطريق، وقتل، وأخذ المال، يصلب‏.‏‏. وإن أخاف الطريق، ولم يقتل، ولكنه اخذ المال، يقطع من خلاف - اليد اليمنى والرجل اليسرى‏.‏‏. وإن أخاف الطريق، ولم يقتل، ولم يأخذ المال، ينفى من أرض وطنه، لمدة يقررها القانون ‏.‏‏.
    ‏ولقد تبدو، لأول وهلة، هذه العقوبات قاسية، عنيفة، ولكنها ليست كذلك، في حقيقة الأمر، وإنما هي حكيمة، كل الحكمة، حيث وفقت توفيقا تاما، بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة‏.‏‏.
    ويجب أن يكون مفهوما بأن هذه الحدود لا تطبق إلا من أجل إصلاح الفرد، في المكان الأول، ثم إصلاح المجتمع في المكان الثاني، وذلك لأن، في الإسلام، الفرد هو محط نظر الله إلى الوجود- الفرد هو الغاية، وكل شيء ما عداه هو وسيلته لتكميل نفسه، وتطويرها، وترقيتها في المراقي لتلاقي الله‏.‏‏.
    القرآن، والإسلام، وإرسال الرسول، وتشريع التشريع، الغرض منه الإنسان‏.‏‏. المجتمع وسيلة الإنسان‏.‏‏. ولقد رأينا، في أول النشأة، كيف أن الله قد هدى الإنسان لاختراع المجتمع‏.‏‏. ((وأنزلنا إليك الذكر، لتبين للناس ما نزل إليهم‏.‏‏. ولعلهم يتفكرون ‏.‏‏.)) لعلهم يتفكرون التفكير المستقيم الذي يخلصهم من جهالة عقل المعاش، ومن قلقه، ومن خوفه، ومن شطارته، ليصلوا إلى عقل المعاد، وإشراقه، وشجاعته، وذكائه‏.‏‏.

                  

11-14-2013, 11:42 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    نَحْنُ نُبَشِّرُ بِعَالَمٍ جَدِيدٍ، ونَدْعُو الى سَبِيلِ تَحْقيقِهِ، ونَزْعَمُ أنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ السَّبِيلَ مَعْرِفَةً عَمَلِيَّةً..
    امَّا ذَلِكَ العَالَمُ الجَّدِيدُ، فَهوَ عَالَمٌ يَسْكُنُهُ رِجَالٌ ونِسَاءٌ، أحْرَارٌ
    ، قَدْ بَرِئَتْ صُدُورُهُم مِن الغِلِّ والحِقْدِ، وسَلِمَتْ عُقُولُهُم مِن السَّخَفِ والخُرَافَاتِ..
    فَهُمْ فى جَمِيعِ أقْطَارِ هَذَا الكَوْكَبِ مُتَآخُوْنَ، مُتَسَالِمُوْنَ، مُتَحَابُّونَ..
    قَدْ وَظَّفُوا أنْفُسَهُم لِخَلْقِ الجَّمَالِ فى أنْفُسِهِم، وفى مَا حَوْلَهُم مِن الأشْيَاء..
    فَأصْبَحُوا بِذَلِكَ سَادَةَ هَذَا الكَوْكَبِ..
    تَسْمُو بِهِم الَحيَاةُ فِيهِ سَمْتاً فَوْقَ سَمْتٍ، حَتَّى تُصْبِحَ وكَأنَّهَا الرَّوْضَةُ المُونِقَةُ..
    تَتَفَتَّحُ كُلَّ يَوْمٍ عَنْ جَدِيدٍ مِن الزَّهرِ، وجَدِيدٍ مِن الثَّمَرِ.
    محمود محمد طه
    الجمعة 10 جماد الأولي 1373
    الموافق: 15 يناير 1954
    جريدة الجمهورية العدد الأول
                  

11-14-2013, 01:25 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    الاخ جمال المنصوري شكرا على هذا الخيط وعلي الوثائق به

    اهتممت بشكل خاص بتدرج دستور الحزب الجمهوري ؛ والذي بدأ علمانيا صرفا في الاربعينات ؛ ثم دخلته ملامح دينية في 1951 ؛ ثم اصبح حزبا دينيا صرفا في دستوره الثالث .. ولا اتحدث عن الديباجة وهي تطوير لمشروع دستور السودان الذي طرحه الحزب في الاربعينات وكان في ذلك مبادرا في الفقه الدستوري .

    أنا من اصحاب الرأي القائل ان الحزب الجمهوري بدأ بداية جيدة كحزب سياسي وكان يعول عليه الكثير ؛ الا ان اعتقال الاستاذ محمود ثم احتجابه وتغير اجندته لاجندة دينية غنوصية قد افسد تطور الحزب جدا ؛ وقد اردع الى هذا في دراسة منفصلة اتابع بها تطور هذا الحزب وفقا لوثائقه الدستورية تلك .


    لك الاحترام ...

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 11-14-2013, 01:26 PM)

                  

11-14-2013, 02:48 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: Abdel Aati)

    Quote:
    الاخ جمال المنصوري شكرا على هذا الخيط وعلي الوثائق به
    اهتممت بشكل خاص بتدرج دستور الحزب الجمهوري ؛ والذي بدأ علمانيا صرفا في الاربعينات ؛ ثم دخلته ملامح دينية في 1951 ؛ ثم اصبح حزبا دينيا صرفا في دستوره الثالث .. ولا اتحدث عن الديباجة وهي تطوير لمشروع دستور السودان الذي طرحه الحزب في الاربعينات وكان في ذلك مبادرا في الفقه الدستوري .
    أنا من اصحاب الرأي القائل ان الحزب الجمهوري بدأ بداية جيدة كحزب سياسي وكان يعول عليه الكثير ؛ الا ان اعتقال الاستاذ محمود ثم احتجابه وتغير اجندته لاجندة دينية غنوصية قد افسد تطور الحزب جدا ؛ وقد اردع الى هذا في دراسة منفصلة اتابع بها تطور هذا الحزب وفقا لوثائقه الدستورية تلك .
    لك الاحترام .


    العريس الحبيب / عادل
    اسمح لي في البداية ابارك ليك العرس وربنا يجعله بيت عامر بالدين والدنيا، ويبارك فيه بالذرية الصالحة..
    نعم يا عادل.. ملاحظتك صحيحة فعلا الحزب الجمهوري بدأ بداية تعتبر علمانية،( لكنه كان يدعو الي بعث الاسلام من جديد ولم نكن يومئذ نعرف تفاصيل ما يعني بعث الاسلام من جديد)(انظر كتاب: محمود الانسان: قراءة الايام للدكتورة بتول مختار محمد طه، ص: 46)

    Quote: أنا من اصحاب الرأي القائل ان الحزب الجمهوري بدأ بداية جيدة كحزب سياسي وكان يعول عليه الكثير ؛ الا ان اعتقال الاستاذ محمود ثم احتجابه وتغير اجندته لاجندة دينية غنوصية قد افسد تطور الحزب جدا


    اعتقد يا عادل انو الاحتكام الي جانب واحد (هو الجانب السياسي) فقط، ورهن مسألة التطور به حصريا، فيهو اجحا ف كبير، ولدي اعتقاد كبير من انه هو الذي يفسد النظرة الشاملة لمعني التطور نفسه، فللسياسة بعد فلسفي اخر اهتمت به احزاب قليلة جدا، هذا الجانب اذا لم يتم السعي الي تطويره بالممارسة، ستترتب عليه عواقب وخيمة تكون وبالا علي التجربة السياسية الانسانية بصورة عامة، ويؤدي الي فقدانها (للقيمة)،وربما تصبح اداة للفساد اكثر منها الي تحقيق مصالح الشعوب، فاذا كانت تجربة المشاركة في جانب السياسة والعمل الديمقراطي تسهم في تطوير الحزب ومؤسساته في المقام الأول، وفي ادارة وتطوير مؤسسات الدولة ثانيا، وتؤدي الي ترسيخ معاني الديمقراطية في الاطار المهني.. فأن الجانب الفلسفي يضع لها المعايير الانسانية والقيمة الاجتماعية والأخلاقية التي ترشد الممارسة السياسية، وتجعلها فاعلة من خلال الرقابة الذاتية، وهو ما يفتقد اليوم في جميع النظم السياسية العالمية علي اطلاقها، عشان كده بتلقي انو النأس بتستجير بالقانون (علي الورق) وهو ما يجعل القانون هو القيم الوحيد علي التصرفات الفردية والجماعية في عالم السياسة، والقانون لوحده لا يكفي لضبط الممارسة، لأنه دائما يأتي في المركز الأخير..
    الحزب الجمهوري ركز علي الجانب ده، واعتقد انو حقق فيهو نجاح كبير جدا، بابرازه للنموذج الراشد، وده في حد ذاته اسهام كبير في تطوير التجربة السياسية السودانية علي وجه الخصوص، والعالمية بصورة عامة..من خلال تطبيق اسس علمية للتربية الديمقراطية، وايثار الأخر المختلف معك..
    مودتي
                  

11-15-2013, 10:18 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    وقد شارك الاستاذ محمود مشاركة فاعلة في ميلاد ثورة اكتوبر، حتي تصل الي غاياتها، فقد شارك في موكب شعبي كبير نظمته جميع الاحزاب وقطاعات الشعب، والمهنيين من قضاة ومحامين واطباء، ذهبوا لتقديم عريضة للفريق ابراهيم عبود، وعندما وصل الموكب منطقة سوق الخرطوم، تصدي البوليس للموكب بالهراوات والغاز المسيل للدموع، بنية فضه، وعندها تفرق الناس في كل الاتجاهات وتشتت جموعهم .. لم يغادر الاستاذ منطقة الموكب، ومنذ ذلك اليوم قرر الا يشارك هو ولا الجمهوريون في مسيرة او موكب تنظمه جماعات اخريقائلا:(اننا اذا خرجنا لأي غرض لا نولي هاربين ولا نرجع الا اذا حققنا الهدف الذي خرجنا من اجله)
    المصدر: بتول مختار محمد طه
    محمود الانسان (قراءة الايام)
    ص: 101
                  

11-15-2013, 10:36 AM

الشفيع وراق عبد الرحمن
<aالشفيع وراق عبد الرحمن
تاريخ التسجيل: 04-27-2009
مجموع المشاركات: 11406

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    Quote: لقد انفلقت نواة المادة فأحدثت دويا عظيما، و توشك أن تنفلق نواة الدين وسيُسمع لها دوي أعتى، وأعظم، من ذلك الذي أحدثته الذرة حين انفلقت


    الله
    الله

    جينا نسلم يا منصوي
                  

11-15-2013, 11:16 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: الشفيع وراق عبد الرحمن)

    الشفيع/
    بقية من اهلي الوراريق
    ليك التحية..والمحبة
    ودائما مرحب بك هنا او في اي مكان، فللقربي مكانتها المحببة للنفس ولله..



    Quote: توشك أن تنفلق نواة الدين وسيُسمع لها دوي أعتى، وأعظم، من ذلك الذي أحدثته الذرة حين انفلقت


    (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ ( 28 ) إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ( 29 )

    لك مني كل مودة
                  

11-15-2013, 06:27 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    لقد ظللنا نحن الجمهوريين ، ننبه دائما إلى الخطر الذى يتهدد هذه البلاد من مؤامرة الطائفية التى إستغلت ، وتستغل ، الدين فى تضليل هذا الشعب لتسوقه ، معصوب العينين ، بإسم الله ، وبإسم الاسلام ليكون فى خدمة أغراضها الدنيئة .. ولقد ركزنا على تنظيم الاخوان المسلمين ، كذيل للطائفية ، كأسوأ تنظيم إستغل الدين لاغراض الدنيا .. وما هذا المعرض الذى اقمناه وتكرم ناديكم بفتح أبوابه له ، وهو له أهل ، إلا محاولة عملية جاده فى سبيل هذا التنوير الذى نضطلع به لشعبنا العزيز ، وفى سبيل هذا التنبيه الملح ، إلى خطر هذا القبيل المارق..
    لقد طالما تحدثنا عن أن مساجد الله قد أصبحت ملوثة بجهالات رجال عقولهم خربة ، ونفوسهم مريضة .. وهؤلاء الرجال هم اليوم أئمة الناس ومعلموهم الدين .. ولكن حديثنا كان يفتقر الشاهد المحسوس الملموس ، على صدق النذير الذى يسوقه ، فوجدناه اليوم بحريق هذا النادى العتيق ، العزيز ، وجدناه بصورة ستظل نموذجا حيا فى أذهان الناس ، كنذير بما ينتظر هذه الامة ، اذا ما قدر لها أن تحكم بإسم الاسلام ، كما يفهمه هؤلاء الرجال الجهلة ، والمريضو النفوس . إن هذا النموذج البشع الشائه ، يجئ فى الوقت المناسب لينبهن العقلاء لدرء خطر الجهلاء قبل فوات الاوان.. هذا النموذج البشع لن يترك الناس لينسوه ، وذلك ليكون لهم نبراسا ، على ضوئه يدرجون إلى تقويض معاقل الجهل الذى يدبر الخيانة بإسم الاسلام . الطائفية..
                  

11-15-2013, 06:47 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    يجب ان يعلن في الناس بوضوح قاطع، أن المسلمين اليوم ليسوا علي شيء، وانما هم في جاهلية تعيش علي القشور، فأنه مالم يقرر هذا بوضوح، فلن يكون الي ثورة التغيير من سبيل، ذلك بأن ثورة التغيير تكون مهزومة من البداية، اذا كان الناس راضين عن ما هم فيه الأن...
    من كتاب: محمود الانسان - قراءة الايام
    ص: 197
    للدكتورة: بتول مختار محمد طه
                  

11-16-2013, 10:52 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    (هذا باب المرأة، وهو باب نحب ان يدخله الداخلون سجدا،ذلك بأنه يعالج شأنا هو اخطر شئون الارض علي الاطلاق وهو المرأة...
    والمرأة في الارض كالقلب في الجسد، اذا صلحت صلح سائر الارض، واذا فسدت فسد سائرها..
    أن المرأة في حقيقة النظام المتمدن أولي بالعناية من الرجل ان صح ان هناك اولوية بينهما، ذلك بأنه يتأثر بها، اكثر مما يؤثر فيها، وان خيل له غروره غير ذلك.
    وحين تعرف المرأة سبيل المكارم، تنشيء علي سمتها الرجل طفلا، وتحمله علي جادتها زوجا، وتغريه بها في جميع مسالك الحياة، وهو اجنبي عنها...)

    محمود محمد طه
    افتتاحية باب المرأة
    جريدة الجمهورية 1954م
                  

11-16-2013, 05:11 PM

Adel Mohammed Abdulrahman
<aAdel Mohammed Abdulrahman
تاريخ التسجيل: 05-03-2013
مجموع المشاركات: 143

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    التحية لك يا جمال ولضيوفك الكرام
    ساجلس منتظرا المزيد
    متابع
    شكرا لك
                  

11-16-2013, 05:18 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: Adel Mohammed Abdulrahman)

    Quote: التحية لك يا جمال ولضيوفك الكرام
    ساجلس منتظرا المزيد
    متابع
    شكرا لك


    ازيك يا عادل

    مرحب بيك في اي وقت في دوحة الاستاذ
    مودتي
                  

11-16-2013, 05:29 PM

Adel Mohammed Abdulrahman
<aAdel Mohammed Abdulrahman
تاريخ التسجيل: 05-03-2013
مجموع المشاركات: 143

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    التحية لك يا جمال ولضيوفك الكرام
    ساجلس منتظرا المزيد
    متابع
    شكرا لك
                  

11-16-2013, 05:36 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: Adel Mohammed Abdulrahman)


    كان همه الكبير بكل السودانيين في كل انحاء البلاد فقد كان يتابع ويحس بمعاناتهم، وكان حتي عندما يشرب الماء يحمل كوب الماء في يديه وينظر اليه ويقول:( مثل هذا الماء الناس في غرب السودان لايجدونه)
    كتاب: محمود الانسان - قراءة الايام.
    ص 237-238
    الدكتورة / بتول مختار محمد طه

    (عدل بواسطة جمال المنصوري on 11-16-2013, 05:37 PM)

                  

11-17-2013, 08:21 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    "25"


    بالتخلص من عقل المعاش- قل بتهذيب عقل المعاش - نتحرر من الخوف، ونفض الكبت الذي رسبه فينا جهلنا بالبيئة، التي عشنا فيها طوال الحقب السوالف من عمر الحياة على هذا الكوكب‏.‏‏.
    يقول تبارك وتعالى عن الجبال: ((ألم نجعل الأرض مهادا * والجبال أوتادا؟؟)) "أوتادا" ثبت بها الأرض‏.‏‏. وقال تعالى في ذلك: ((وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم، وجعلنا فيها فجاجا سبلا، لعلهم يهتدون))‏.‏‏. وهذا أوضح في تثبيت الله الأرض بالجبال ‏.‏‏. ‏و قد جعل الله العقول في أرض البنية البشرية كالجبال في أرض الكوكب – فهي لتثبيت البنية أيضا‏.‏‏. الجبال هي عقل المعاش‏.‏‏. وقد جاء التشريع، والرسول، والقرآن، من اجل تهذيب عقل المعاش، وتطمينه من الخوف العنصري، الذي هو الأب الشرعي لكل آفات السلوك‏.‏‏.
    ولقد جسد الرسول القرآن فعاشه في جميع حركاته، وسكناته‏.‏‏. فتحرر من المخاوف التي يسوقها عقل المعاش، فكان لا يخاف الرزق، من أين يجيء، وكان ينفق ما يزيد عن حاجته الحاضرة، وكان يأخذ من الدنيا زاد الراكب، وزهد في كل شيء عدا الله ، فتحرر من حب الادخار، وحب السلطة، وحب التعالي على الناس، ومن استرقاق العناصر إياه، فاخلص عبوديته لله: ((قل إن صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي، لله رب العالمين، لا شريك له‏.‏‏. وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين‏.‏))‏.‏‏.
    هكذا كان، ونحن نرفع نموذجه للناس ليهذبوا عقول معاشهم، ويفضوا إلى عقول معادهم على نحو مما فعل ‏.‏‏.

                  

11-17-2013, 04:03 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    هذا أو الطوفان


    (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة .. واعلموا أن الله شديد العقاب)
    صــدق الله العظيم

    غايتان شريفتان وقفنا ، نحن الجمهوريين ، حياتنا ، حرصا عليهما ، وصونا لهما ، وهما الإسلام والسودان .. فقدمنا الإسلام في المستوى العلمي الذي يظفر بحل مشكلات الحياة المعاصرة ، وسعينا لنرعى ما حفظ الله تعالى على هذا الشعب ، من كرايم الأخلاق ، وأصايل الطباع ، ما يجعله وعاء صالحا يحمل الإسلام إلي كافة البشرية المعاصرة ، التي لا مفازة لها ، ولا عزة ، إلا في هذا الدين العظيم ..

    وجاءت قوانين سبتمبر 1983 ، فشوهت الإسلام في نظر الأذكياء من شعبنا ، وفي نظر العالم ، وأساءت إلى سمعة البلاد .. فهذه القوانين مخالفة للشريعة ، ومخالفة للدين ، ومن ذلك أنها أباحت قطع يد السارق من المال العام ، مع أنه في الشريعة ، يعزر ولا يحد لقيام شبهة مشاركته في هذا المال .. بل إن هذه القوانين الجائرة أضافت إلى الحد عقوبة السجن ، وعقوبة الغرامة ، مما يخالف حكمة هذه الشريعة ونصوصها .. هذه القوانين قد أذلت هذا الشعب ، وأهانته ، فلم يجد على يديها سوى السيف ، والسوط ، وهو شعب حقيق بكل صور الإكرام ، والإعزاز .. ثم إن تشاريع الحدود والقصاص لا تقوم إلا على أرضية من التربية الفردية ومن العدالة الاجتماعية ، وهي أرضية غير محققة اليوم ..

    إن هذه القوانين قد هددت وحدة البلاد ، وقسمت هذا الشعب في الشمال والجنوب و ذلك بما أثارته من حساسية دينية كانت من العوامل الأساسية التي أدت إلى تفاقم مشكلة الجنوب .. إن من خطل الرأي أن يزعم أحد أن المسيحي لا يضار بتطبيق الشريعة .. ذلك بأن المسلم في هذه الشريعة وصي على غير المسلم ، بموجب آية السيف ، وآية الجزية .. فحقوقهما غير متساوية .. أما المواطن ، اليوم ، فلا يكفي أن تكون له حرية العبادة وحدها ، وإنما من حقه أن يتمتع بسائر حقوق المواطنة ، وعلي قدم المساواة ، مع كافة المواطنين الآخرين .. إن للمواطنين في الجنوب حقا في بلادهم لا تكفله لهم الشريعة ، وإنما يكفله لهم الإسلام في مستوى أصول القرآن ( السنة ) .. لذلك فنحن نطالب بالآتي :-

    1- نطالب بإلغاء قوانين سبتمبر 1983 ، لتشويهها الإسلام ، ولإذلالها الشعب ، ولتهديدها الوحدة الوطنية..

    2- نطالب بحقن الدماء في الجنوب ، واللجوء إلى الحل السياسي والسلمي ، بدل الحل العسكري. ذلك واجب وطني يتوجب على السلطة ، كما يتوجب على الجنوبيين من حاملي السلاح. فلا بد من الاعتراف الشجاع بأن للجنوب مشكلة ، ثم لا بد من السعي الجاد لحلها ..

    3- نطالب بإتاحة كل فرص التوعية ، والتربية ، لهذا الشعب ، حتى ينبعث فيه الإسلام في مستوى السنة (أصول القرآن) فإن الوقت هو وقت السنة ، لا الشريعة (فروع القرآن) .. قال النبي الكريم صلي الله عليه وسلم : (بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود غريبا ، كما بدأ ، فطوبى للغرباء ‍‍ قالوا: من الغرباء يا رسول الله ؟؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها). بهذا المستوى من البعث الإسلامى تتحقق لهذا الشعب عزته ، وكرامته ، ثم إن في هذا البعث يكمن الحل الحضاري لمشكلة الجنوب ، ولمشكلة الشمال ، معا‍ ‍‍… أما الهوس الديني ، والتفكير الديني المتخلف ، فهما لا يورثان هذا الشعب إلا الفتنة الدينية ، والحرب الأهلية .. هذه نصيحتنا خالصة ، مبرأة ، نسديها ، في عيد الميلاد ، وعيد الاستقلال ، ونرجو أن يوطئ لها الله تعالي أكناف القبول ، وأن يجنب البلاد الفتنة ، ويحفظ استقلالها ووحدتها وأمنها .. وعلي الله قصد السبيل.


    أم درمان
    25 ديسمبر 1984م
    2 ربيع الثاني 1405هـ
    الأخـــــوان الجمهوريون


                  

11-18-2013, 04:54 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: 1- نطالب بإلغاء قوانين سبتمبر 1983 ، لتشويهها الإسلام ، ولإذلالها الشعب ، ولتهديدها الوحدة الوطنية..
                  

11-19-2013, 09:14 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    "26"


    ثم إن الذي لا يهذب، بعبادته على المنهاج النبوي - النموذج الحى - عقل معاشه، فإنه يحتاج إلى العقوبة لتسد ثغرات التربية التي لم تفلح فيها عبادته‏.‏‏. فان لم يتفق له، بمحض الفضل، هذا التهذيب بين العبادة، والعقوبة، فانه قد أضاع حياته الدنيا، وذهب لحياته الأخرى بغير زاد..‏ والدنيا دار مسئولية، ولكنها مؤجلة، والآخرة دار مسئولية، ولكنها مباشرة، وناجزة: ((وفي الآخرة عذاب شديد، ومغفرة من الله، ورضوان‏.‏‏. وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)).. ‏فمن هذب عقل معاشه فجعله عقل معاد بممارسة العبادة وحدها، أو بممارسة العبادة والعقوبة، معا، فقد ذهب إلى الله وله ((مغفرة من الله ورضوان))‏.‏‏. ويقول تعالى عن عقول المعاش التي لم تهذب في مهلة الحياة الدنيا: ((ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولا امتا * يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له، وخشعت الأصـوات للرحمــن، فلا تسمـع إلا همسـا!!))‏.‏‏. وهم لا يتبعون الداعي إلا بعقل‏.‏‏. وهذا هو عقل المعاد، وقد خلصهم الله ، بالعذاب الشديد، من عقول معاشهم التي أهملوا تهذيبها في الحياة الدنيا‏.‏‏. ومن نسف العقول - عقول المعاش - في الآخرة، جاءت حكمة الرجم بالحجارة، حتى يتهشم الرأس، لمن يتورط في الزنا، وهو محصن، أي متزوج، وقد سلفت له تجربة في معاشرة النساء‏.‏‏. فان كان غرّا غير مجرب - بكرا - فانه يجلد مائة جلدة، ليقوي الألم عقله، حتى يسيطر على نفسه، حينما تتهالك على اللذة الحرام‏.‏‏. فلسفة الألم تبدو معقولة في حق البكر، لأنه سيعيش، بعد المائة جلده، لينتفع، في باقي حياته، من التجربة‏.‏‏. ولكن ما بال المحصن الذي يفقد حياته بالرجم؟! ما الذي أفاده؟؟ سيدخل حياته الأخرى، وهو مطهر، قد نسف عقل معاشه هنا، مما يغنيه عن نسفه في الآخرة‏.‏‏. ومعلوم أن عذاب الدنيا قصير، ونعيمها فان‏.‏‏. وعذاب الآخرة أبدي، ونعيمها سرمدي‏.‏‏. ولذلك فقد استيقن هذا أصحاب عقول المعاد، فطلبوا أن يُرجموا ليدخلوا حياتهم الأخرى مطهرين: ماعز، والغامدية، اعترفا للنبي بالزنا، وطلبا أن يطهرا، وقد طهرا‏.‏‏. وقال النبي الكريم عن الغامدية أنها ((قد تابت توبة لو قسمت على أهل الأرض لوسعتهم))‏.‏
                  

11-20-2013, 06:19 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    "27"


    وعقل المعاش هو الذي يخيف الإنسان من الرزق، من أين يجئ؟؟ ويعده الفقر، ويأمره بالسرقة، فيسرق‏.‏‏. ولو كان عقل معاشه مهذبا، حتى أفضى إلى عقـل المعاد، لتحرر من خوف الرزق بعلمه: ((ن الله هو الرزاق)) وبعلمه: ((وعلى الله فليتوكل المتوكلون))‏.‏‏. وهذا العلم هو الذي جعل النبي يدعو ربه: ((اللهم اجعل قوت آل محمد الكفاف))‏.‏‏. لم يكن يخاف ألا يرزقه الله الكفاف، ولكنه كان يخاف الغني الذي يمد لعقل معاشه في الوهم‏.‏‏. ومعلوم أن حاجة الله إلى العباد عقولهم، ومن أجل ذلك خلقهم في نشأة وسط، لا هم بالأقوياء الذين يحلون مشاكلهم الحياتية بعضلاتهم، فتتأخر عقولهم، ولا هم بالضعاف، الرخوين، الذين لا يستطيعون أن ينهضوا لمطلق مناجزة، أو مصاولة‏.‏‏. هذه النشأة الوسط أعانتهم على حل مشاكلهم بعقولهم، وبأيديهم - يخططون بعقولهم، وينفذون بأيديهم خططهم فتتطور عقولهم في المراقي‏.‏‏. والسارق يهمل عقله، ويحاول أن يحل مشكلتـه بيده‏.‏‏. ولما كانت اليد وثيقة الصلة بالعقل فان حكمة الله اقتضت تعطيل اليد لينشط العقل، أو قل: ليتهذب عقل المعاش‏.‏‏. وأكثر من هذا يقال عن قطع الطريق لأنـه محاربة للسلطان، وإخافة للآمنين، وسطو على أموال الناس‏.‏‏. والغرض، وراء كل العقوبات، هو تهذيب عقل المعاش عند المعاقب، أو إرساله للحياة الأخرى وهو مطهر، حين تبلغ العقوبة به اجتثاث حياته‏.‏‏. وإنما شدد في أمر الزنا للمحصن، اكثر مما شدد على السارق، وقاطع الطريق، لان الغريزة الجنسية هي الحياة كلها، ولكن حب الملكية ليس غريزة، وإنما هو التواء للغريزة، سببه الخوف على الرزق الذي يسوله وهم عقل المعاش‏.‏‏. أما حد السكر فهو، كما سبقت إلى ذلك الإشارة، اقل الحدود الخمسة انضباطا‏.‏‏. وهو إنما يقع على السكر، وليس على مجرد الشرب، والحكمة فيه أن الشارب إنما يهرب من واقعه لأنه لا يعجبه، ويغرق عقله بالخمر، ليعيش في دنيا من صنع خياله المريض، وعقله المعطل بالخمر، حتى أن شاعرهم قد قال: -

    فإذا سـكرت فإنني رب الخورنق والسديرْ
    وإذا صحوت فإنني رب الشويهة والبعيـرْ

    فهذا الهروب من الواقع حالة مرضية، والمطلوب من العاقل أن يتواءم مع واقعه، مع إعمال عقله لتغييره للصورة التي يطمح إليها‏.‏‏. فمن أجل كرامة الفكر جاءت العقوبة بالجلد، حتى يرده الألم للواقع، فانه ليس مع وقع الألم فرصة لخيال مريض‏.‏‏. وهكذا تصان مصلحة الفرد، ومصلحة الجماعة، في آن معا، مصلحة الفرد بتهذيب عقل المعاش‏.‏‏. ومصلحة الجماعة بجعل أحد أفرادها فردا منتجا، ونافعا لمجتمعه‏.‏
                  

11-23-2013, 07:46 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    "28"


    هذه هي الحدود‏.‏‏. وهي شديدة الانضباط‏.‏‏. هي دستورية، في قمة الدستورية‏.‏‏. ولقد قلنا إن دستورية القوانين تعني مقدرتها على التوفيق بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة‏.‏‏. وتلي الحدود في هذا المضمار قوانين القصاص‏.‏‏. ولقد قلنا إن القصاص يقوم على المعاوضة - من أتلف شيئا عليه أن يصلحه- عليه أن يعوضه - وهي، بمعنى أوسع، تقوم على أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به‏.‏‏. وهذه قاعدة تربية عظيمة النفع للفرد، وللمجتمع‏.‏‏.
    ولقد قلنا إن تشاريع الحدود يمكن أن تنطوي تحت كلمة القصاص، بمعنى المعاوضة، ذلك بأن الحدود أيضا معاوضة‏.‏‏. وقلنا إن الحدود أشد انضباطا من القصاص، ذلك بأن القصاص يمكن فيه العفو، كما تمكن فيه الدية‏.‏‏. ولكن الحدود إذا بلغت الحاكم، فليس فيها إلا إقامتها‏.‏‏. والقصاص إنما تجيء دستورية قوانينه من مقدرته على الجمع بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة‏.‏‏.
    فمثلا ، من قلع عين إنسان لا بد أن يكون ضعيف التصور لمبلغ الألم الذي يلحقه، بقلع عين أخيه الإنسان، بأخيه الإنسان‏.‏‏. قد يكون ضعف التصور ناتجا من غضب استولى عليه، فأخرجه عــن طوره، وعطل عقله، فلم يسيطر على رعونة نفسه‏.‏‏. وقد يكون ضعف التصــور ناتجا من ضعف عقل المعتدي، ومن قصر خياله، فرأت حكمة التشريع أن تضعه في موضع المعتدى عليه، فتقلع عينه، ليذوق الألم الذي قصّر خياله عن تصوره‏.‏‏. هذه التجربة توقظ عقله، وتخصب خياله، وتحي ضميره- تورثه حياة حية - ولذلك فقد قال، تبارك وتعالي، عن القصاص، وهو يشمل الحدود، كما سلفت الإشارة: ((ولكم في القصاص حياة، يا أولى الألباب ، لعلكم تتقون..))
    ويجب أن يكون واضحا، فان الحدود، والقصاص، لا تقام إلا على خلفية من العدل- العدل الاقتصادي، والعدل السياسي، والعدل الاجتماعي - وإلا على بعث للتربية بإحياء منهاج العبادة، التي تعين الأفراد على أنفسهم، ثم لا تجيء العقوبة، حين تجيء، إلا لتسد ثغرات الممارسة في العبادة، حتى يعان الفرد الذي قصرت به عبادته بالعقوبة ليبلغ مبلغ يقظة العقل، وحياة الضمير، وتوقد الذهن‏.‏
                  

11-24-2013, 04:19 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)




    "29"


    إن الفرد البشري اليوم وارث لكل حياة الجنس البشري، منذ النشأة ، فهو يعيد كل هذه الحياة، منذ حياة حيوان الخلية الواحدة، بين الماء والطين ‏.‏ ولكن في رحم الأم هو يطوي هذه المراحل بسرعة شديدة لأنها موجودة فيه بالإمكان فهي تفـــر نفسها، بمحض الفضل الإلهي، في تسعة اشهر وبضعة أيام‏.‏‏. قال تعالي: ((ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين‏.‏‏.)) فأما القرار المكين هنا فإنما هو رحم الأم‏.‏‏. وأما النطفة هنا فإنما هي ماء الرجل المختلط ببويضة الانثي‏.‏‏. ولقد طوى تبارك وتعالي، في عبارة ((سلالة من طين)) تطور الحياة، منذ نشأت، بين الماء والطين، وإلى أن بلغت مرتبة البشرية ، قال تعالي: ((هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا * إنا خلقنا الإنسان من نطفة، أمشاج نبتليه، فجعلناه سميعا بصيرا * إنا هديناه السبيل، إما شاكرا، وإما كفورا‏.‏‏.)) فالنطفة الأمشاج هنا إنما هي الماء المختلط بالطين‏.‏‏. وهذا مما طوي في عبارة ((من سلالة من طين))‏.‏‏.
    فالفرد البشري اليوم، في الرحم، يعيش كل هذه الأطوار، التي استغرقت دهرا دهيرا، في تسعة اشهر، وبضعة أيام، وذلك بمحض الفضل الإلهي‏.‏ ولقد حفز الخوف الرهيب الحياة في المراقي، حتى بلغت طورها الحاضر، ببروز البشر المعاصرين‏.‏‏. ولقد طويت الإشارة إلى الخوف الرهيب الذي حفز الحياة في مراقيها في عبارة ((نبتليه))‏.‏‏. ولقد طويت المراقي في عبارة ((فجعلناه سميعا بصيرا))‏.‏‏. وفي آيات النشأة البشرية يقول تبارك وتعالي: ((ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة، فخلقنا العلقة مضغة، فخلقنا المضغة عظاما، فكسونا العظام لحما، ثم أنشأناه خلقا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين..))
    فهذه ست حركات يطوي فيها الكائن البشري، في رحم الأم، كحيوان منوي، جميع مراحل الحياة، من لدن الماء، والطين‏.‏‏. وفي الحركة السابعة ((ثم أنشأناه خلقا آخر)) يدخل الكائن البشري، وهو في رحم الأم، مرتبة البشرية، ثم يخرج إلى الحياة طفلا بشرا سويا!! ((فتبارك الله أحسن الخالقين..))
    ثم هو منذ أن يولد، يسير سيرة الفرد البشري الأول الذي اضطر، اضطرارا، ليعيش في مجتمع، وكذلك هدي إلى اختراع المجتمع، منذ ذلك الوقت المبكر‏.‏‏. ثم هو لم يخترعه إلا بعد أن تنازل اضطرارا عن بعض حريته، ليستمتع بباقيها‏.‏‏. وهذا هو الشأن إلى يومنا الحاضر، حيث تقيد حريات أفراد المجتمع بما لا يتعدى على حريات الآخرين‏.‏‏.
    وكلما ترقت المجتمعات، كلما قللت من القيود على الأفراد‏.‏ ومن هذا الاتجاه نشأت الديمقراطية، ونشأت الدساتير، ونشأت القوانين الدستورية‏.‏‏. ولقد قلنا، ونقول مرة أخري، إن القوانين الدستورية هي تلك التي تملك القدرة على التوفيق، في آن معا، بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة‏.‏‏.
    ولقد قررنا، فيما سلف، أن القوانين التي أخذت بداياتها من الأعراف البسيطة، الساذجة، البدائية، التي حولها نشأ المجتمع، بتقييد، أو قل بتنظيم، القوة الجنسية، وبتقييد، أو قل بتنظيم الرغبة في الملكية، قد كانت دستورية بهذا المعنى الوارد أعلاه‏.‏‏.
    نقول هذا مع أن العقوبات التي كانت تترتب على مخالفات هذه الأعراف قد كانت عنيفة، أشد العنف، وأفظعه‏.‏‏. ولكنها، مع ذلك، قد كانت حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة ‏.‏‏. ولكنها فقط في نقطة البداية، حيث نشأة العقل، الذي يقيد نزوة الحيوان فينا‏.‏‏. ولولا نشأة العقل لما دخلنا مرتبة البشرية‏.‏‏. ولولا العقل أيضا لما كان هناك طموح منا لنبلغ مبلغ الحرية الفردية المطلقة، منذ اليوم، وفي أيامنا المقبلة‏.‏‏. وهي أيضا قد كانت، وبنفس القدر، حاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة، التي نحلم بها نحن، منذ اليوم، ونترقب بلوغها، في أيامنا المقبلة‏.‏‏. إن النهايات ظاهرة في البدايات‏.‏‏. ولكن ظهورها يحتاج منـا إلى أعمـال فكر‏.‏‏. إن المعلم واحد - الله ‏.‏‏.



                  

11-26-2013, 05:43 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: .‏أما حد السكر فهو، كما سبقت إلى ذلك الإشارة، اقل الحدود الخمسة انضباطا‏.‏‏. وهو إنما يقع على السكر، وليس على مجرد الشرب، والحكمة فيه أن الشارب إنما يهرب من واقعه لأنه لا يعجبه، ويغرق عقله بالخمر، ليعيش في دنيا من صنع خياله المريض، وعقله المعطل بالخمر، حتى أن شاعرهم قد قال: - فإذا سـكرت فإنني رب الخورنق والسديرْ وإذا صحوت فإنني رب الشويهة والبعيـرْ فهذا الهروب من الواقع حالة مرضية، والمطلوب من العاقل أن يتواءم مع واقعه، مع إعمال عقله لتغييره للصورة التي يطمح إليها‏.‏‏. فمن أجل كرامة الفكر جاءت العقوبة بالجلد، حتى يرده الألم للواقع، فانه ليس مع وقع الألم فرصة لخيال مريض‏.‏‏. وهكذا تصان مصلحة الفرد، ومصلحة الجماعة، في آن معا، مصلحة الفرد بتهذيب عقل المعاش‏.‏‏. ومصلحة الجماعة بجعل أحد أفرادها فردا منتجا، ونافعا لمجتمعه‏
                  

11-27-2013, 02:56 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    بسم الله الرحمن الرحيم

    ((الله يعلم ما تحمل كل أنثى ، و ما تغيض الأرحام ، و ما تزداد .. و كل شئ عنده بمقدار * عالم الغيب ، و الشهادة ، الكبير ، المتعال * سواء منكم: من أسر القول ، و من جهر به .. و من هو مستخف بالليل ، وسارب بالنهار * له معقبات ، من بين يديه ، و من خلفه ، يحفطونه من أمر الله .. إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم .. و إذا أراد الله بقومٍ سوءً فلا مرد له .. و مالهم من دونه من وال))

    صدق الله العظيم

    المقدمـــة

    هذا كتاب عن الثورة الثقافية ، نخرجه للناس ، و نستهدف به إحداث التغيير الجذري ـ في حياة الأفراد والجماعات ، و ذلك عن طريق إعادة التعليم ـ إعادة تعليم المتعلمين ، و غير المتعلمين .. و التغيير الجذري الذي نعنيه هو تغيير لم يسبق له مثيل ، منذ بدء النشأة البشرية .. هو تغيير تدخل به البشرية المعاصرة مرتبة الإنسانية .. و تلك مرتبة يتطلب دخولها قفزة أكبر من تلك التي حدثت لدى دخول الحيوان مرتبة البشرية .. و سيحدث ذلك ، بفضل الله ، ثم بفضل الفكر الصافي.
    و لقد ظللنا نتحدث عن الثورة الفكرية منذ زمن بعيد ، ففي كتاب صدر منا في الخامس و العشرين من مايو عام 1969 ، بعنوان: (لا إله إلا الله) جاء في مقدمته ، عند الكلام عن ثورة أكتوبر: (و المرحلة الثانية من ثورة أكتوبر هي مرحلة الفكر المستحصد ، العاصف ، الذي يتسامى بإرادة التغيير إلى المستوى الذي يملك معه المعرفة بطريقة التغيير .. و هذه تعني هدم الفساد القائم ، ثم بناء الصلاح مكان الفساد .. و هي ما نسميه بالثورة الفكرية .. فإن ثورة أكتوبر لم تمت ، و لا تزال نارها تتضرم ، و لكن غطى عليها ركام من الرماد ، فنحن نريد أن تتولى رياح الفكر العاصف بعثرة هذا الرماد حتى يتسعر ضرام أكتوبر من جديد ، فتحرق نارها الفساد ، ويهدي نورها خطوات الصلاح .. وليس عندنا من سبيل إلى هذه الثورة الفكرية العاصفة غير بعث الكلمة: (لا إله إلا الله) جديدة ، دافئة ، خلاقة في صدور النساء و الرجال ، كما كانت أول العهد بها في القرن السابع الميلادي .. ) الصفحة ثمانية الطبعة الأولى ..
    و من قبل هذا جاء في كتابنا: (أسس دستور السودان) الصادر فى عام 1955 الطبعة الأولى منه ، حديث عن الثورة الفكرية: (بعث "لا إله إلا الله" من جديد لتكون خلاقة في صدور الرجال والنساء ، اليوم كما كانت بالأمس ، و ذلك بدعوة الناس إلى تقليد محمد ، إذ بتقليده يتحقق لنا أمران: أولهما توحيد الأمة ، بعد أن فرقتها الطائفية أيدي سبأ ، و ثانيهما تجديد الدين .. و بتجديد الدين يسمو الخلق ، و يصفو الفكر .. فالثورة الفكرية هي طريقنا الوحيد إلى خلق إرادة التغيير ، و إلى حسن توجيه إرادة التغييرـ التغيير إلى الحكم الصالح ، و هو الحكم الذي يقوم ، في آنٍ واحد ، على ثلاث دعامات: من مساواة إقتصادية ، و مساواة سياسية ، و مساواة إجتماعية. و ذلك هو الحكم الذي يجعل إنجاب الفرد الحر ممكناً .. ثم لا تكون عاقبة قوله ، و لا عمله ، إلا الخير ، و البر ، بالناس و بالأشياء ..) صفحة 80 من الطبعة الثانية الصادرة في نوفمبر 1968..
                  

11-27-2013, 02:59 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    الثورة:

    الثورة ، في معناها العام ، هي الحركة ، الحسية و المعنوية ، من أجل التغيير .. و قد لازم العنف هذه الحركة في جميع أطوار نشوء المجتمع البشري .. و ذلك لأن المجتمع البشري قد نشأ في الغابة .. و كان قانونه قانون الغابة ، الذي لا نزال نعيش في أخريات أيامه .. و قانون الغابة إنما يعطي الحق للقوة .. و فيه القوة تصنع الحق ، و تتقاضاه .. فهي لا تحتاج إلى قانون ينص على حقها .. و لا تحتاج إلى قضاة يقضون لها بذلك الحق .. و إنما هي ، في حد ذاتها ، القانون و القضاء .. و منذ أن بدأت حركة المجتمع في هذا الوضع المهين بدأت الرغبة في التغيير تدب في صدور الضعاف .. و لكن هذه الرغبة لم يكن هناك سبيل إلى إبدائها .. و كانت كلما بدت تجد من العنف ما يضطرها إلى الإختفاء ، و ما يكبتها كبتاً .. و قد أصبح الضعاف ، وهم فريسة القوي ، يحتالون للتغيير إحتيالاً ، بالمراوغة و بالمداهنة ، و بالتملق ، في أغلب الأحيان ، إذ تعييهم القدرة على المناجزة .. ثم هم ، حيث وجدوا للمناجزة سبيلاً ، ناجزوا ..
    و بين الأقوياء ، فيما بينهم ، ثورات عنف ، تتخذ صور الحروب ، لأنها نزاع على السلطة ، أيهم يملك ، و أيهم يسود .. وقد ربى هذا العنف العنيف أفراد المجتمع البشري ، عبر التاريخ ، تربية لم يكن منها بد .. بل أنه ، على التحقيق ، ما كان للقيم البشرية أن تمخض من المستوى الحيواني إلا بفضل الله ، ثم بفضل هذا العنف ... و لقد تصور بعض المفكرين الإجتماعيين أن المجتمع إنما نشأ في صورة شركة تعاقد الناس على إقامتها ، و أسهم كل فرد من أفراد المجتمع بسهم من حريته ليكون رأسمال الشركة. هذه الصورة ، في جملتها ، مقبولة .. و في تفصيلها نظر .. و هذا النظر لم يكن غائباً على المفكرين الإجتماعيين هؤلاء ، و لكنهم أرادوا أن يبسطوا المسألة لتجد طريقها إلى الأذهان .. النظر في التفصيل يظهر أن الضعاف لم ينزلوا عن حريتهم في الإختيار و إنما صودرت حرياتهم بتسلط الأقوياء عليهم و من هذه البداية ، الموغلة في البدائية ، بدأت سلسلات الحروب ، و سلسلات الثورات .. و كانت الحروب سابقة للثورات .. و الفرق بين الثورة و الحرب: أن الحرب صراع بين الأقوياء على إمتلاك الضعاف ، هذا في أغلب صورها ، و الثورة إنتقاض من الضعاف على الأقوياء لإسترداد الحقوق و الإمتيازات التي إستولى عليها الأقوياء ، و رفضوا أن يتنازلوا عنها .. و معلوم أن الطبيعة البشرية فيها الشح ، و الحرص ، و منع ما تملك ، و لذلك فقد كان الأقوياء يواجهون حركات الضعاف بالكبت العنيف ، مما إنتهى بأغلب الثورات إلى الهزيمة ، و التصفية ، والوقيعة بزعمائها .. و هذا ، في حد ذاته ، أكسب الضعاف خبرة ، و مرانة على التنظيم ، و حذراً في التنفيذ ، و عنفاً عنيفاً صحب الفشل ، و صحب النجاح .. حتى لقد تعدى هذا العنف العنيف أعداء الثورات إلى أبنائها .. و لقد أصبح معروفاً عن الثورات أنها ، حين تنتصر على خصومها تأكل أبناءها.
    و في أيامنا الأخيرة هذه أكبر المفلسفين لثورات العنف كارل ماركس .. فكارل ماركس أبو الإشتراكية المطبقة في العالم اليوم ، سواء أكانت سوفيتية ، أم صينية ، أم في أيٍ من الدول التي تسير في فلك أيٍ من هاتين الدولتين ..و هو قد فلسف العنف ، و رفض التطور الوئيد ، الذي يدعو إلى التغيير عن طريق القوانين .. فلم يكن كارل ماركس أول داعية إشتراكي ، و إنما وجد معاصر له و سابق عليه بقليل ، هو روبرت أوين ، الصانع الإنجليزي ، الثري ، المحسن .. فقد كان روبرت أوين هذا أول داعية للإشتراكية الحديثة .. و كان ذلك عام 1820 .. و كان روبرت أوين يؤمن بإمكان تحقيق التحسين الإجتماعي ، و الإقتصادي ، عن طريق الوسائل الإختيارية و الدستورية الوئيدة ، و المستمرة ، التي تجنب الشعوب الشرور التي تسير في ركاب التغييرات الثورية العنيفة ، و بخاصة السيئة الإعداد منها .. و حين كان إصطلاح (الإشتراكية) متداولا في بريطانيا ، بفضل روبرت أوين هذا ، كانت كلمة (الشيوعية) متداولة في فرنسا .. و كلمة (الشيوعية) هذه مشتقة من كلمة لاتينية معناها (عام) أو (مملوك للجميع) .. و لقد إستخدمت في أول الأمر حوالي عام 1835 .. بواسطة الجمعيات الثورية السرية الفرنسية ، التي كانت ترمي إلى قلب الطبقة الوسطى بالعنف ، ثم السيطرة على فرنسا بهدف إنشاء إقتصاد يكون فيه جميع المتاع المنتج مملوكاً للشعب و تكون فيه طبقة العمال هي العنصر الحاكم ..
    و دخل كارل ماركس في الصورة ، و أخذ يدرس ، و يرصد ، و يطور أفكاره على أساس النظريات ، و التطبيقات الإشتراكية ، و الشيوعية المختلفة .. و كانت دراسته هذه في بريطانيا .. و كان يرفض أفكار روبرت أوين ، و يزري بها ، و يصفها بالمثالية .. و يقرر ، في وضوح ، أنك لا تستطيع أن تقنع من أغتصب حقك بالتخلي لك عنه بالوسائل السلمية .. و لذلك فقد فضل إصطلاح الشيوعية ، و إختاره ليصف به أفكاره ، لأن هذا الإصطلاح قد كان مرتبطاً بفكرة تغيير المجتمع بالعنف .. و كان هذا هو رأي كارل ماركس أيضاً .. و كان ماركس يقيم مذهبه على أربعة مبادئ:ـ
    1ـ مجرى التاريخ تتحكم فيه القوى الإقتصادية.
    2ـ التاريخ ما هو الإ سجل لحرب الطبقات.
    3ـ الحكومة ما هي الإ أداة تستخدمها طبقة في إضطهاد طبقة أخرى.
    4 ـ العنف و القوة هما الوسيلتان الوحيدتان لتحقيق أي تغيير أساسي في المجتمع.
    و على هذه المبادئ ، و وفاءً بها ، ظل ماركس ، منذ كتاباته الأولى ، يهاجم بإلحاح التجارب الإشتراكية ، كالتي كان يرعاها روبرت أوين ، و يصفها بأنها غير علمية ، و غير واقعية ، لأن التاريخ كما هو واضح في رأيه ، قد سار على قوانين عامة قاسية ، و أن تغييراً إجتماعياً جوهرياً بغير طريق القوة والعنف لا يمكن أن يتم .. ولهذا فقد سخر بإعتقاد أوين و غيره من الإشتراكيين بإمكان إصلاح إجتماعي عن طريق الزمالة ، و التعاون ، والتطور الوئيد .. و كان يسمي عملهم هذا بالإشتراكية: "المثلى" و يهتم كثيراً بالتفريق بينها و بين مذهبه هو ، و يسمي مذهبه الإشتراكية "العلمية" أو "الشيوعية" ..
    و قد توصل كارل ماركس إلى رأيه هذا عن طريق ملاحظة تطور المجتمع البشري ، و هو يخرج من الغابة إلى المدينة .. و ملاحظته ذكية ، ما في ذلك ريب ، و لكنها خاطئة أيضاً حين ظنت أن مستقبل البشرية يمكن التنبؤ به من رصد ماضيها ، و إستقراء تطور هذا الماضي .. و ذهل ماركس عن حقيقة كبرى ، تلك الحقيقة هي أن حاضر المجتمع البشري ، في أي لحظة من لحظات تطوره ، إنما يصنعه تفاعل و تلاقح بين قوى المستقبل ، و قوى الماضي .. هذه القوى التي تجئ من المستقبل ، هي التي تعين على تطوير الماضي ، و تحفز و توجه ، خطوات التغيير فيه .. هذه القوى توفر على تقريرها الدين ، ذلك الدين الذي رفضه كارك ماركس ، رفضاً تاماً ، و من ههنا تورطت أفكاره في الخطأ . لقد كان روبرت أوين يحلم بعهد لم يكن وقته قد حان ، يومئذ ، و من ههنا فقد كان "مثالياً" كما وصفه ماركس .. .. و كان ماركس يترجم عن وقته أكثر مما يفعل روبرت أوين .. فقد كان حكم الوقت يومئذ يتطلب القوة و العنف معاً .. و لولا أن العنف ليس أصلاً في العلاقات الإنسانية ، و إنما هو مرحلة يتخلص منها الإنسان كلما بعد عهده بعهد الغابة ، و كلما نزل منازل القرب من عهد المدينة ، لولا أن هذا لكان كارل ماركس محقاً كل الإحقاق .. و لقد أصبح تفكير كارل ماركس بسبب هذا الخطأ الكبير ، تفكيرا مرحلياً .. و هو اليوم على عهدنا يمثل حقبة ضرورية في مراحل تطور المجتمع البشري لكي تدخل عهدها الجديد .. إن القوة أصل ، و لكن العنف ليس بأصل .. و لا بد من إخراجه من معادلة التغيير التي صاغها كارل ماركس في النقطة الرابعة من نقط مبادئه التي ذكرناها ، تلك النقطة التي تقول: "العنف و القوة هما الوسيلتان الوحيدتان لتحقيق أي تغيير أساسي في المجتمع" و لقد ذكرنا في كتابنا بإسم: "لا إله إلا الله" الذي صدرت الطبعة الأولى منه يوم 25 مايو 1969 ، في مقدمته ، تحت الكلام عن "ثورة أكتوبر" ما يأتي: ـ (إن ثورة أكتوير ثورة فريدة في التاريخ ، و هي لم تجد تقويمها الصحيح إلى الآن ، لأنها لا تزال قريبة عهد ، فلم تدخل التاريخ بالقدر الكافي الذي يجعل تقويمها تقويماً علمياً ممكناً .. و لقد يكفي أن يقال الآن أنها ثورة فريدة في التاريخ المعاصر تمكن بها شعب أعزل من إسقاط نظام عسكري إستأثر بالسلطة مدى ست سنوات .. ثم كانت ثورة بيضاء ، لم ترق فيها الدماء .. و كانت ، إلى ذلك ، ثورة بغير قائد ، و لا مخطط ، وبغير خطباء ، و لا محمسين للجماهير .. و تم فيها إجماع الشعب السوداني ، رجالاً و نساء ، و أطفالاً ، بشكل منقطع النظير ، فلكأنها ثورة كل فرد من أفراد الشعب تهمه بصورة مباشرة ، و شخصية .. و لقد كانت قوة هذه الثورة في قوة الإجماع الذي قيضه الله لها.
    و لقد كان من جراء قوة هذا الإجماع ، و من فجاءة ظهوره ، أن إنشل تفكير العساكر فلم يلجأوا إلى إستعمال السلاح ، مما قد يفشل الثورة ، أو يجعلها ، إن نجحت ، تنجح على أشلاء ضحايا كثيرين.
    و عندنا أن أكبر قيمة لثورة أكتوبر .. أن الشعب السوداني إستطاع بها أن يدلل على خطأ أساسي في التفكير الماركسي ، مما ورد في عبارة من أهم عبارات كارل ماركس ، في فلسفته ، فيما عرف "بالمادية التاريخية" وتلك العبارة هي قوله: "العنف و القوة هما الوسيلتان الوحيدتان لتحقيق أي تغيير أساسي في المجتمع" فما برهنت عليه ثورة أكتوبر هو أن القوة ضرورية للتغيير ، و لكن العنف ليس ضرورياً .. بل أن القوة المستحصدة ، التامة تلغي العنف تماماً .. فصاحبها في غنى عن إستخدام العنف و خصمها مصروف عن إستتخدام العنف بما يظهر له من عدم جدواه .. و حين تنفصل القوة عن العنف يفتح الباب للبشرية لتفهم معنى جديداً من معاني القوة ، و تلك هي القوة التي تقوم على وحدة الفكر ، و وحدة الشعور ، بين الناس ، بعد أن لبثت البشرية في طوال الحقب لا تعرف من القوة إلا ما يقوم على قوة الساعد و قوة البأس .. و مفهوم القوة بهذا المعنى الأخير ، هو تراث البشرية من عهد الغابة .. عهد الأنياب الزرق ، و المخالب الحمر .. و هذا المفهوم هو الذي ضلل كارل ماركس ، فأعتقد أن مستقبل البشرية سيكون صورة لإمتداد ماضيها ، و غاب عنه أن العنف سيفارق القوة ، بالضرورة ، في مستقبل تطور الإنسان ، حين يصبح الحق هو القوة .
    و مهما يكن من الأمر ، فإن شعب السودان ، في ثورة أكتوبر ، قد كان قوياً بوحدته العاطفية الرائعة ، قوة أغنته هو عن إستخدام العنف ، و شلت يد خصومه عن إستخدام العنف .. و تم بذلك إلغاء العنف من معادلة التغيير الماركسي .. إذ قد تم التغيير بالقوة بغير العنف .. و هذا ، في حد ذاته عمل عظيم و جليل ..
    و ثورة أكتوبر ثورة لم تكتمل بعد .. و إنما هي تقع في مرحلتين نفذت منهما المرحلة الأولى و لا تزال المرحلة الثانية تنتظر ميقاتها . المرحلة الأولى من ثورة أكتوبر كانت مرحلة العاطفة المتسامية ، التي جمعت الشعب على إرادة التغيير ، و كراهية الفساد ، و لكنها لم تكن تملك ، مع إرادة التغيير ، فكرة التغيير حتى تستطيع أن تبني الصلاح ، بعد إزالة الفساد .. من أجل ذلك إنفرط عقد الوحدة بعيد إزالة الفساد ، و أمكن للأحزاب السلفية أن تفرق الشعب ، و أن تضلل سعيه ، حتى وأدت أهداف ثورة أكتوبر تحت ركام من الرماد ، مع مضي الزمن .. و ما كان للأحزاب السلفية أن تبلغ ما أرادت لولا أن الثوار قد بدا لهم أن مهمتهم قد أنجزت بمجرد زوال الحكم العسكري ، و أن وحدة صفهم قد أستنفدت أغراضها.
    و المرحلة الثانية من ثورة أكتوبر هي مرحلة الفكر المستحصد ، العاصف ، الذي يتسامى بإرادة التغيير إلى المستوى الذي يملك معه المعرفة بطريقة التغيير .. و هذه تعني هدم الفساد القائم ، ثم بناء الصلاح مكان الفساد .. و هي ما نسميه بالثورة الفكرية .. فإن ثورة أكتوبر لم تمت ، و لا تزال نارها تتضرم ، و لكن غطى عليها ركام من الرماد .. فنحن نريد أن تتولى رياح الفكر العاصف بعثرة هذا الرماد .. حتى يتسعر ضرام أكتوبر من جديد ، فتحرق نارها الفساد ، ويهدي نورها خطوات الصلاح .. و ليس عندنا من سبيل إلى هذه الثورة الفكرية العاصفة غير بعث الكلمة: " لا إله إلا الله" جديدة ، دافئة ، خلاقة في صدور النساء ، و الرجال ، كما كانت أول العهد بها ، في القرن السابع الميلادي) .. هذا ما جاء في ذلك الكتاب في محاولة لتخليص ثورة أكتوبر من العنف.
                  

11-28-2013, 11:32 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    الثورة الإسلامية الأولى

    إن الثورة حين تكون عنيفة ، إنما تحمل عناصر فنائها في عنفها لأنها لا تملك ، مع العنف ، أن تعتدل ، فلقد وردت كلمة عن المسيح يقول فيها: "من أخذ بالسيف بالسيف يؤخذ" و لكن الثورات لا تملك أن تجد طريقها ميسراً ، حتى تستغنى عن العنف ، ذلك بأن رواسب قانون الغابة ، و أفكار عهد الغابة ، تبرر في نظر المغلوب ، العبارة المأثورة: "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" .. و القوة عندهم هنا ليست كما هي عندنا في العبارات التي إقتبسناها من كتاب "لا إله إلا الله" .. و إنما القوة هنا مرادفة للعنف.
    إن التحول ، والتغيير ، و الثورة ، التي تتم عن طريق الإقناع ، والفكر ، هي التغيير المأمون العواقب ، الثابت ، الذي يطرد كل حين و لا ينتكس .. و لكن محاولة مثل هذه الثورة الفكرية السليمة ، إنما هي محاولة مكتوب عليها الفشل ، إذا جاءت في غير أوانها .. و يمكن القول ، على التحقيق ، بأن التغييرات التي حدثت في المجتمع البشري جمعيها ، قد كانت القوة فيها مدفوعة إلى إستعمال العنف ، لأن المستوي البشري ، في الماضي ، و إلى يوم الناس هذا ، لم يبلغ المستوى الذي يغني القوة عن إستعمال العنف .. و الثورة الإسلامية مثل من أبلغ الأمثلة في التاريخ ، على إضطرار الثائر للجوء إلى العنف ، بعد محاولة طويلة ، و جادة ، في تجنبه .. لقد جاءت الدعوة الإسلامية في القرآن ، تركز على الإقناع ، وتمنع العنف ، بصورة لم يسبق لها مثيل في التاريخ .. يقول تعالى لنبيه: "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن .. إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله ، و هو أعلم بالمهتدين* و إن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به .. و لئن صبرتم لهو خير للصابرين* و أصبر !! و ما صبرك إلا بالله .. و لا تحزن عليهم .. و لاتك في ضيق مما يمكرون * إن الله مع الذين إتقوا و الذين هم محسنون" و يقول تعالى: "و لا تستوي الحسنة و لا السيئة .. إدفع بالتي هي أحسن ، فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم * و ما يلقاها إلا الذين صبروا ، و ما يلقاها إلا ذو حظٍ عظيم" .. و يقول تعالى: "فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر" و يقول تعالى: "لا إكراه في الدين ! ! قد تبين الرشد من الغي" .. قوله " لا إكراه في الدين" منع للعنف واضح .. قوله: "قد تبين الرشد من الغي" دعوة إلى تبيين الحق ، من الباطل ، بلسان الحال أولاً ثم بلسان المقال .. و هي دعوة إلى القوة ـ قوة الخلق ، و قوة الفكرـ اللذين بهما يكون الإقناع .. و يقول تعالى ، في موضع آخر: "و قل الحق من ربكم ، فمن شاء فليؤمن ، و من شاء فليكفر .." و إستمر القرآن على هذا النهج ، يدعو إلى القوة ، و يمنع العنف ، مدى ثلاث عشرة سنة ، يبتغي التغيير عن طريق الإقناع .. و كان المجتمع مجتمعاً عبودياً .. و قد جاءت دعوة القرآن إلى التحرير ، و إلى المساواة بين الناس .. فهي تقول: "ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى" .. و تقول: "كلكم لآدم و آدم من تراب .. إن أكرمكم عند الله أتقاكم" وهي تدعو إلى التوحيد ، و تقول للناس قولوا "لا إله إلا الله" .. و معنى هذه هو القول للمستضعفين و المسترقين .. للعبيد من أمثال بلال و صهيب .. يا بلال !! أنت و سيدك إلهكم واحد !! و أن عندك الفرصة في أن تكون خيراً منه ، إن كنت أتقى منه .. "أن أكرمكم عند الله أتقاكم" .. و لما شعر الأقوياء علي العهد الجاهلي ، و أصحاب الإمتياز ، و ملاك العبيد ، أن هذه الدعوة ستقوض نفوذهم ، و تحرر عبيدهم ، و تهدم القاعدة الإقتصادية عندهم ، وتغير ميزان القيم في مجتمعهم ، قاوموها .. و كعادة دهاء أصحاب النفوذ ، قاوموها بدعوى الدفاع عن آلهة الأجداد ، و دين الآباء .. و قالوا: إن هذا الداعية الجديد يسب آلهتنا ، و يسفه أحلام آبائنا .. و ليست هذه هي الأسباب الحقيقية .. فقد كانت آلهتهم أصناماً من الحجر .. و كانوا هم ، على التحقيق ، أذكى من أن يدافعوا عن هذه الأحجار ، و لكن الأحجار كانت ، في الواقع رمز نفوذهم ، و سيادتهم ، و إمتيازهم على العرب .. فهم إذن إنما كانوا يدافعون عن مصالحهم المادية .. و تفلت ألسنتهم ، الفينة بعد الفينة ، بالسبب الحقيقي لعداوتهم للدعوة الجديدة .. قالوا مرة مثلاً: "أن محمداً يفسد علينا غلماننا" .. لقد قُومت الدعوة الجديدة إلى التغيير ، إذن ، بدوافع من الحرص على الإبقاء على الإمتياز المتوارث .. و لم تنجح حيلة من الحيل في إقناع أعدائها بالتنازل عن إمتلاك رقاب البشر .. و لم يبق إذن إلا أن تلجأ القوة إلى العنف .. و شئ آخر ، فإنه ، حتى المستضعفين ، لم تستطع الدعوة الجديدة أن تكسبهم إلى جانبها ، و ما ذاك إلا لأنهم قد سقطوا فريسة لتضليل أصحاب النفوذ الذين كانوا يستغلون جهلهم ، و يحركون عاطفتهم إذ يتحدثون عن ميراث الآباء ، و الأجداد ، و هم لا يهمهم من ذلك إلا إستمرار نفوذهم .. يقول تعالى في الحكاية عنهم: "أم آتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون؟؟ * بل قالوا: إنا وجدنا آباءنا على أمة ، و إنا على آثارهم مهتدون * و كذلك ، ما أرسلنا ، من قبلك ، في قرية ، من نذير ، إلا قال مترفوها: إنا وجدنا آباءنا على أمة ، و إنا على آثارهم مقتدون * قل: أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم؟؟ قالوا: إنا بما أرسلتم به كافرون" .. و قال تعالى عنهم: " ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات ، و ما في الأرض ، و أسبغ عليكم نعمه ، ظاهرة و باطنة ؟؟ و من الناس من يجادل في الله بغير علم ، و لا هدى ، و لا كتاب منير * و إذا قيل لهم: أتبعوا ما أنزل الله قالوا: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا .. أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير؟؟". ثم إنهم لما قويت معارضتهم للدعوة الجديدة ، التي ترمي إلى التغيير من غير عنف ، تفننوا في تضليل السذج ، و البسطاء ، ليقفوا ضد مصالح أنفسهم ، و أصبح واضحاً أن ليست هناك فرصة للإقناع ، و وجدت الدعوة الجديدة نفسها مضطرة للجوء إلى العنف ، سحبت آيات الإسماح ، و نزل قرآن الجهاد ـ القرأن الذي يأمر القوة بإستعمال العنف .. و قد ظن بعض الناس أن الإسلام لم يستعمل العنف إلا دفاعاً عن النفس .. و إنما ساقهم إلى هذا الخطأ بعض ملابسات التاريخ الإسلامي في نشأته ، و ظنهم أن إستعمال العنف ، من حيث هو ، أمر معيب ، و حرصهم على الدفاع عن الإسلام مما يعتبر نقصاً في حقه ، في إعتبار خصومهم .. و الحق أن سبب لجوء الإسلام إلى السيف إنما يجئ من جهتين ، أولاهما: المقاومة التي لقيها من أصحاب النفوذ و ممن وقعوا تحت تضليلهم ، أو تحت إرهابهم من المستضعفين .. و آخراهما: إستحالة الإقناع في وقت لم تكن العقول فيه مستنيرة بإنتشار التعليم ، و لا القلوب فيه سليمة بتوفر أسباب الأمن .. و إنما بدأ القرآن بتقديم آيات الإسماح ، و بالتركيز عليها ، لكونها الأصل . ثم لما ظهر ، ظهوراً عملياً ، أن الوقت غير مهيأ لتطبيق هذا الأصل ، نزل عنه على حكم الوقت ، و إستبدله بالآيات الفرعية لتكون مرحلة تعد الناس للإرتفاع إلى مستوى الأصول و ذلك بأن يكونوا قادرين على رؤية الحق ، و على التمييز الدقيق بينه ، و بين الباطل .. و يومئذ تكون قوة الحق كافية لإحداث التغيير إلى الأحسن ، بين الأفراد والمجتمعات ، من غير حاجة إلى اللجوء إلى العنف ..
    إن الأصل في اللجوء إلى العنف ، إنما هو مصادرة حرية من يسئ التصرف في إستعمال الحرية .. فإن الناس لم يخلقوا عبثاً ، و إنما خلقوا لحكمة .. هذه الحكمة هي أن يعرفوا الحق ، و أن يلزموا الحق ، وأن يكونوا بالحق أحراراً .. و قد قال الله في تقرير هذا: "و ماخلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزقٍ ، و ما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين" .. فإذا كانت الحكمة من خلق الناس هي أن يعبدوا الله ، ثم أن الله أسبغ عليهم نعمه من جميع أنواعها فكفروا بها ، و عبدوا الحجارة التي ينحتونها بأيديهم ، مهدرين بذلك كرامة عقولهم ، و إنسانيتهم ، فأرسل الله إليهم رسولاً ، يعرفون فيه كمالات الصدق ، و الخلق ، و أنزل عليهم قرآناً معجزاً ، ثم لم يكن ردهم على كل أولئك ، إلا الإصرار على الضلالة ، و الغواية ، والكفر ، فقد دل ذلك على أنهم لا يحسنون التصرف في حريتهم ، و أنهم لا يزالون في حاجة إلى وصاية عليهم تحملهم على الجادة ، و تصادر من حريتهم القدر الزائد عما يطيقون حسن التصرف فيه .. إن سبب العنف ، هو سوء التصرف في ممارسة الحرية من المدعوين ـ سبب إستعمال السيف هو نفسه سبب العقوبة بالنار في الآخرة ، و لذلك فإنه تبارك و تعالى قد قال: "فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر * إلا من تولى و كفر * فيعذبه الله العذاب الأكبر * إن إلينا إيابهم * ثم إن علينا حسابهم *" ففي قوله تعالى: " فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر *" أمر للإسماح بالحرية و منع للتسلط بالقوة ، و حد السلاح .. ثم جاء نسخ النهي عن التسلط في حق من تولى و كفر فقال: "إلا من تولى ، و كفر" .. فكأنه قال .. أما من تولى و كفر فقد جعلنا لك عليه سلطاناً .. هذا يؤخذ من قوله: "فيعذبه الله العذاب الأكبر" .. ففي عبارة "العذاب الأكبر" تنطوي عبارة العذاب الأصغر ، و هو العذاب بالسيف .. و من أوضح الدلائل على ان سبب العنف في الإسلام هو الكفر قوله تعالى: "و قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ، و يكون الدين لله .. فإن إنتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين" .. هذا هو سبب القتال في الإسلام. و لكنه لم يبدأ إلا بعد أن قوي المسلمون بالقدر الكافي ليستطيعوا أن يناجزوا ، و إلا بعد أن أعطى الكافرين الزمن الكافي ليرعووا .. و كل هذا وضع طبيعي ، و منطقي .. و هذا الإمهال هو الذي ضلل من ظنوا أن الإسلام لم يقاتل إلا دفاعاً عن النفس .. قوله: "و قاتلوهم" أمر صريح بالقتال .. قوله: "حتى لا تكون فتنة" غاية صريحة من وراء القتال .. و الفتنة معناها الشرك .. و حتى "يكون الدين لله" أمر صريح أيضاً في سبب القتال .. ثم قال: "فإن إنتهوا" يعني عن الشرك .. قال: "فلا عدوان إلا على الظالمين" عنى بالظالمين الخارجين على القانون ممن دخلوا في ظل الإسلام .. فكأنه أمر بمصادرة حرية من يسئ التصرف في الحرية على مستويين: على مستوى السيف ، و على مستوى القانون . فأما الذين يرفضون الدخول في ظل الإسلام فليس هناك قانون لمصادرة حريتهم التي أساءوا التصرف فيها ، بإصرارهم على الكفر ، إلا قانون الحرب ـ إلا السيف ـ و من ههنا يجئ لجوء القوة إلى العنف .. و المستوى الآخر هو مصادرة حرية الذين يظلمون الناس ، ويعتدون على حقوق الآخرين ، و لكنهم هم قد دخلوا في دعوة الإسلام .. فهؤلاء يقع "العدوان" على حريتهم ، حين أساءوا التصرف فيها ، بالقانون ، لأنهم مذعنون لجملة الأمر ، فلا موجب لقتالهم .. و من ههنا جاء قوله تعالى: " فلا عدوان إلا على الظالمين" ، بعد أن قال: "فإن إنتهوا" .. أقرأ مرة أخرى: "و قاتلوهم حتى لا تكون فتنة و يكون الدين لله ، فإن إنتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين".
    إن الأصل في الإنسان ، كل إنسان إنه حر ، حتى يعجز عن حسن التصرف في حريته ، فإذا عجز صودرت حريته بقانون دستوري .. و غرض القانون ، حين يصادر حرية العاجز ، إنما هو تربيته ليكون كيساً ، فطناً ، قادراً على حسن التصرف في حريته ، في مستأنف أمره .. و هذا هو السبب الذي جعل الإسلام "القرآن" يبدأ بعرض الحرية على الناس في عهده المكي ، و ذلك بإنزال آيات أصول الدين ، ثم بالإستمرار علىذلك ثلاث عشرة سنة .. فلما ظهر ، ظهوراً عملياً ، أن الناس ، بحكم الوقت ، عاجزون عن حسن التصرف في الحرية ، صودرت حريتهم ، بإستبدال آيات الأصول بآيات الفروع التي بها وقعت مصادرة الحريات ، في مستوى السيف للجاحدين ، و في مستوى قانون الوصاية للمؤمنين .. إن الإسلام في عهده الأول ، قد إستعمل السيف كما يستعمل الطبيب المبضع ، لا كما يستعمل الجزار المدية .. فقد وجهت قوته الحكمة و الرحمة ، ما في ذلك ريب ، و لكن قد كانت القوة فيه مقترنة بالعنف ، ما في ذلك ريب أيضاً "يا أيها النبي جاهد الكفار ، و المنافقين ، و أغلظ عليهم ، و مأواهم جهنم وبئس المصير" .. "يأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ، و ليجدوا فيكم غلظة .. و أعلموا أن الله مع المتقين" .. فلكأن تاريخ البشرية ، في جميع صوره الماضية ، قد إقترنت فيه القوة بالعنف ، حتى في الصور الملطفة التي يمثـلها الجهاد في سبيـل الله في الإسلام .. و لكن مستقبل البشرية سيدخله حدث جديد يتمثل في طلاق القوة من العنف .. و هذا هو جوهر دعوتنا ، نحن الجمهوريين ، إلى بعث الإسلام ، ، ببعث "لا إله إلا الله" في مستوى آيات الأصول ، التي كانت ، في عهد الإسلام الأول ، منـسوخة ، و هو أمر قد تحدثنا عنه بإستفاضة في كتابنا: "الرسالة الثانية من الإسلام" .. فليراجع في موضعه.
                  

11-29-2013, 09:02 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    الثورة الإسلامية الثانية:

    ثورة الإسلام الأولى إذن إقترنت فيها القوة بالعنف ، و إن كان عنفها يختلف عن العنف الذي تراد به السيطرة من القوي على الضعيف في غير حكمة نفع يعود على الضعيف ، إلا نفعاً يجئ عن طريق عرضي ، غير مراد من القوى .. و لكنه عنف على أي حال .. و قد حاولنا تبيين ذلك .. و أما ثورة الإسلام الثانية ، التي بها تكون عودته من جديد ، فإنها ثورة تقوم على القوة المبرأة من العنف ، و ذلك بفضل الله ، ثم بفضل حكم الوقت ، حيث أن البشرية قد تقدمت تقدماً كبيراً ، و أصبحت مستطيعة أن ترى الحق ، و أن تتخذ الحق سبيلاً حين تراه .. قال تعالى في حق بعث الرسول: "و ما أرسلناك إلا كافة للناس ، بشيراً و نذيراً ، و لكن أكثر الناس لا يعلمون" .. فالنبي مبعوث بثورة الإسلام الأولى وبثورة الإسلام الثانية .. و هو في كلتيهما بشير ، و نذير ، و لكن حظ البشارة ، في الثورة الأولى ، قد كان قليلاً ، و حظ النذارة كبيراً .. و سيكون حظ البشارة ، في الثورة الثانية ، كبيراً ، وحظ النذارة قليلاً .. إن الإسلام ، في ثورته الأولى ، لم يكن دين تبشير ، و إنما كان دين جهاد .. و لم يكن التبشير به بعد أن شرع الجهاد ليتعدى أمر الدعوة إلى المصحف ، قبل الشروع في القتال .. فقد كان المجاهدون المسلمون إذا لقوا عدوهم لا يبدأونهم بالقتال ، و إنما بدعوتهم إلى الإسلام .. يقولون: أسملوا تكونوا أخواننا .. لكم ما لنا ، و عليكم ما علينا .. فإن هم أبوا عليهم هذه يقولون: أدوا إلينا الجزية ، تعيشوا بيننا ، نحميكم ونحمي معابدكم .. فإن هم أبوا هذه قاتلوهم .. والحكمة وراء أخذ الجزية منهم إنما هي الحرص على الدم البشري ألا يراق إلا لدى الضرورة القصوى .. فإنهم ، حين يدفعون الجزية ، و يعيشون في المجتمع الإسلامي ، إنما يعيشون فترة إنتقال يعرفون خلالها الإسلام ، مطبقاً ، و معاشاً ، في حياة المسلمين .. ويغريهم الحال بالإنتقال من حالة دفع الجزية ، و هي حالة مهانة ، إلى حالة دفع الزكاة ، حيث وجبت ، و هي حالة كرامة .. ذلك لأن مال الزكاة عبادة ، و مال الجزية عقوبة .. لم تكن البشارة ، في ذلك العهد ، تتعدى هذا الحد ، و كانت السيادة للنذارة .. و لذلك فقد جاءت أول آية من آيات البعث ـ بعث النبي ليكون رسولاً ـ جاءت أول آية من آيات الرسالة بالنذارة: "يا أيها المدثر قم فأنذر" .. و من يومئذ جاء تقديم النذارة على البشارة .. و إنما من النذارة جاء إستخدام القوة للعنف. و لقد كانت الثورة الأولى ثورة مرحلية لتعـد الأرض للثورة الثانية ، حيث لا مكان للعنف و إنما هو الإسماح .. وآية الثورة الثانية من كتاب الله: "لا إكراه في الدين .. قد تبين الرشد من الغي" هذه هي آية البشارة .. و قد كانت منـسوخة في عهد النذارة لأنها كانت أكبر من المجتمع يومئذ .. و هي صاحبة الوقت اليوم: "لا إكراه في الدين .. قد تبين الرشد من الغي .. فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد إستمسك بالعروة الوثقى لا إنفصام لها .. والله سميع عليم" قوله تعالى: "لا إكراه في الدين " ، منع للعنف .. قوله: "قد تبين الرشد من الغي" ، تقرير بأن الرشد قد تبين من الغي ، و ذلك بنزول القرآن الموضح لفضائل الإيمان ، و رذائل الكفر .. و هو أيضاً أمر ، و مطالبة بتبيين الرشد من الغي ، و ذلك بأن يطبق الدعاة ما يدعون إليه قبل مباشرتهم هذه الدعوة ، حتى تكون دعوتهم إلى الرشد مبينة بلسان الحال ، قبل لسان المقال .. فقد جرى حديث قدسي إلى عيسى قال فيه ، جل من قائل ، "يا عيسى عظ نفسك ، فإن إتعظت فعظ الناس ، و إلا فاستحي مني" .. و الدعوة بلسان الحال هي أصدق الحديث .. و لا خير في الدعوة بلسان المقال ، إذا لم يكن مصحوباً بلسان الحال ، فإنه وارد عن النبي في هذا الأمر قوله لإبن عمر: "دينك !!دينك !! يابن عمر!!و لا يغرنك ما كان مني لأبويك .. و خذ ممن أستقاموا ، و لا تأخذ ممن قالوا" ..
    و حين لم يكن الإسلام ، في ثورته الأولى دين تبشير ، و إنما كان دين جهاد ، فإنه ، في ثورته الثانية ، دين تبشير ، و لا مكان للسيف فيه ، على الإطلاق .. و الذين يتحدثون عن عودة الإسلام و يتحدثون عن السيف ، يخطئون حقيقة الإسلام ، و يخطئون حكم الوقت ، في آنٍ معاً .. و هم يحسنون ، إلى انفسهم ، ويحسنون إلى الإسلام ، إذا تركوا هذه الدعوة المعوقة ..
                  

11-30-2013, 06:31 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: لقد تحدثنا عن ثورة الإسلام الثانية في كتابنا .. "الرسالة الثانية من الإسلام" .. فالرسالة "الثانية من الإسلام" إنما تعني ما تعنيه "ثورة الإسلام الثانية" فليراجع هذا الكتاب بتـأنٍ ..
    لقد أسلفنا القول بأن النبي مبعوث "بثورة الإسلام الأولى" ، "وبثورة الإسلام الثانية" .. و قلنا أنه في كلتيهما بشير ، و نذير .. و قلنا أن حظ البشارة في الثورة الأولى قد كان قليلاً ، و حظ النذارة كبيراً ، و من ثم جاء السيف .. و قلنا أن حظ البشارة في الثـورة الثانية سيكون كبيراً ، و حظ النذارة قليلاً .. و لن يتعدى حظ النذارة التنفير من الجهل ، و التشجيع على العمل .. و هذا معنى قوله ، من الآية التي تمنع الإكراه ، و التي أوردناها قبل قليل: "فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد إستمسك بالعروة الوثقى ، لا إنفصام لها .. و الله سميع عليم" ..
    والتبشير بالإسلام أمر يتطلب أن يكون المبشر، من سعة العلم بدقائق الإسلام، وبدقائق الأديان، والأفكار، والفلسفات المعاصرة، بحيث يستطيع أن يجري مقارنة تبرز إمتياز الإسلام على كل فلسفة إجتماعية معاصرة، وعلى كل دين، بصورة تقنع العقول الذكية.. وأن يكون من سعة الصدر بحيث لا ينكر على الآخرين حقهم في الرأي .. وأن يكون من حلاوة الشمائل بحيث يألف، و يؤلف من الذين يخالفونه الرأي.. وهذه هي الصفات التي لا تكتسب إلا بالممارسة.. أعني ـ أن يمارس الداعي دعوته في نفسه، وأن يعيشها ـ أعني أن يدعو نفسه أولاً، فإن إستجابت نفسه للدعوة دعا الآخرين.. فإن شر الدعاة هم الوعاظ الذين يقولون مالا يفعلون.. ففي حق هؤلاء وارد شر الوعيد.. قال تعالى "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون* كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون".. ومقت الله شر ما يتعرض له العبد..
    الثورة التي لا تقترن فيها القوة بالعنف إسمها الدقيق "التطور".. وهي، إذ تسمى ثورة، إنما تسمى من قبيل سرعة التغيير الذي يجري بها، فإنه من المألوف أن "التطور" وئيد، وأن "الثورة" سريعة.. وإنما كان التطور وئيدا لأن الذكاء البشري قد كان متخلفاً، وقد كانت العادة هي المسيطرة، والحائلة دون التجديد، بل حتى دون الفضيلة، في بعض الأحيان.. قال تعالى في النعي على العادة: "وإذا فعلوا فاحشة قالوا: وجدنا عليها آباءنا، والله أمرنا بها.. قل إن الله لا يأمر بالفحشاء. أتقولون على الله مالا تعلمون؟؟ * قل أمر ربي بالقسط، وأقيموا وجهكم عند كل مسجد، وأعبدوه، مخلصين له الدين، كما بدأكم تعودون".. والتقدم البشري جميعه إنما هو محاولة أن يقوى الذكاء البشري و يتولى قيادة سفينة التغيير في مدارج التطور المستمر..
                  

12-01-2013, 12:04 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    الثورة الفكرية


    الفكر هو وظيفة حاسة العقل .. ففي حين أن:-
    النظر هو وظيفة العين ..
    و السمع هو وظيفة الأذن ..
    والشم هو وظيفة الأنف ..
    و الذوق هو وظيفة اللسان ..
    و اللمس هو وظيفة اليد ..
    فإن الفكر هو وظيفة العقل .. و العقل هو جماع هذه الحواس الخمس ..
    ففي البدء كان القلب: "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين" و كقشرة تقي القلب ظهر الجسد .. و من الجسد ظهرت الحواس التي ذكرناها أعلاه ، ثم تمركزت ، و بها ظهر العقل .. فالقلب مخدوم ، والجسد ، و العقل ، خادمان و وظيفة العقل الإدراك .. و العقل الحيواني وحدة غير منقسمة .. و هو موظف لتحصيل اللذة .. و هو ، في هذا المستوى ، حظ مشترك بين الحيوان الواطي و الإنسان الرفيع .. و هو ما سمي "بالنفس الأمارة" .. "إن النفس لأمارة بالسوء" .. ثم وقعت القسمة بالتكليف الإجتماعي ، قبل التكليف الشرعي ، و ذلك بدخول أعراف المجتمع لتقيد تصرفات الأفراد .. ثم زادت القسمة وتوكدت بمجئ الشرائع السماوية المتقدمة ، و التي تقوم على التوحيد ، و على الإيمان بالغيب .. و قسمة العقل التي تهمنا هنا إنما هي القسمة في مستوى العباد السالكين الذين دخلوا مرحلة النفس اللوامة .. و لو أن القسمة حصلت قبل ذلك بوقت طويل .. و عن هذه القسمة ورد باطن الآية: "أولم ير الذين كفروا أن السموات و الأرض كانتا رتـقاً ففتـقناهما ؟؟"


                  

12-01-2013, 12:20 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    و معلوم أن ظاهر الآية يتحدث عن السموات ، و الأرض ، في آيات الآفاق .. و الإنقسام الذي حصل إنما هو ظهور اللطيف من الكثيف .. و الفكر إنما هو حركة العقل بين اللطيف و الكثيف .. و بهذه الحركة يقع الإدراك .. و هذه الحركة سريعة ، حساسة .. هي أسرع من حركة العين بالنظر .. و هي لا يستقر لها قرار ، و إنما هي في ذبذبة مستمرة ، و حتى عندما يكون الإنسان نائماً فإنها تتخذ صوراً قد تظهر في الأحلام ، و قد تكون بعيدة من السطح ، مختفية في الأغوار .. و من ثم ، فإن حركتها في الأحلام قد تكون منسية لدى صاحبها .. و هذه القوة التي تتحرك في العقل بين طرفيه ، اللطيف و الكثيف ، و التي بحركتها يكون الفكر إنما هي قوة الذكاء .. و طرفا العقل ، المختلفان إختلاف مقدار ، بين الكثافة و اللطافة ، هما المسميان ، في التعبير الديني ، بالنفس والروح .. و هما نقيضان لدى النظرة السطحية ، ولكنهما شئ واحد لدى التحقيق الدقيق .. و الإختلاف بينهما إنما هو إختلاف في المقدار .. هو كالإختلاف الذي يكون بين الشفرة وحد الشفرة ، كلاهما من مادة واحدة ، و لكن حد الشفرة مسحوبة فيه المادة إلى لطافة جعلته حاداً ، وقاطعاً .. و بندول الفكر ، في حركته ، و ذبذبته المستمرة ، و السريعة ، بين هذين الطرفين المتناقضين ، في ظاهر الأمر ، دائماً يمر بنقطة وسط بينهما .. هذه النقطة الوسط تمثل التفكير المستقيم .. و لكن ، لكثرة ، و لسرعة أضطراب الفكر بين طرفي النقيض ، فإنه لا يكاد ينفق وقتاً في نقطة إستقامة التفكير هذه .. هذه النقطة التي يمر عليها ، وهو لا يكاد يشعر بها ، تقع في خط الإستواء ، و هو خط الإستقامة الذي ورد عندنا في: "أهدنا السراط المستقيم * سراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ، و لا الضالين". "فالمغضوب عليهم" يمثلون طرفاً ، "و الضالين" يمثلون الطرف الآخر من طرفي النقيض .. و لا يكون التفكير سليماً ، و لا مستقيماً و لا مسدداً ، إلا إذا إستطاع أن ينفق وقتاً أطول في نقطة خط الإستواء .. و هذه هي وظيفة التوحيد وهي وظيفة الصلاة .. و هذا التفكير السليم هو التفكير الذي يريده الدين عندما قال تعالى: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم .. و لعلهم يتفكرون" .. و لقد قلنا: أن العلة وراء إرسال الرسول ، و وراء إنزال القرآن ، و تشريع الشريعة ، إنما هو الفكر: "ولعلهم يتفكرون" .. و ليس بالفكر عبرة إن لم يتهذب ، و يتأدب ، بأدب شريعة القرآن ، و بأدب حقيقته .. و أدب الشريعة ينهانا عن العجلة ، و يأمرنا بالصبر .. و هما فيما يأمراننا لا يختلفان إلا إختلاف مقدار .. و سبب العجلة التي تؤوف حياتنا ، و تفكيرنا ، و أخلاقنا ، إنما هو الخوف .. الخوف على الحياة ، و الخوف على الرزق. و لذلك فقد وظف القرآن نفسه لتحريرنا من الخوف ، حتى يستطيع فكرنا أن يطيل مكثه في نقطة خط الإستواء هذه . و لقد تحدثنا عن ذلك عند حديثنا عن وظيفة الصلاة .. فإننا لننتصر على الزمن كلما سيطرنا على حركة الفكر هذه بين الطرفين النقيضين.
                  

12-02-2013, 01:13 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: عند ماركس فإن التوحيد إنما يتم بالصراع بين النقيضين .. و للنقيضين عنده صور كثيرة ، و لكن أكثر ما يهتم بها منها ، هو الوضع الطبقي بين المستغِلين "بكسر الغين" و المستغَلين "بفتح الغين" .. فإن الطبقتين تمثلان نقيضين .. و يقع بين هذين النقيضين صراع ، لابد من العنف فيه ، فتظهر ، نتيجة لهذا الصراع ، طبقة ثالثة موحدة .. ثم لا تلبث هذه الطبقة الموحدة أن يظهر فيها النقيضان .. ثم أن هذين النقيضين لا يلبثان أن يصطرعا بينهما كما جرى لسابقيهما .. و هذا يستمر لغير نهاية ، لأن كل توحيد عنده يحمل عنصر التناقض في ذاته .. و هذا ما أسماه بالصراع الطبقي ، و ما قال عنه في أحد مبادئه الأربعة: "التاريخ ما هو إلا سجل لحرب الطبقات" .. و هذه هي فلسفته في عملية التاريخ التي سماها "المادية التاريخية" .. و لما كانت فكرة الخالق مجحودة عند كارل ماركس فقد تبع ذلك رفض وحدة الوجود .. و من ثم فإن المتناقضين عنده يقومان على إختلاف نوع .. و هذا ما يجعل العنف عنده أصلاً من الأصول .. و هو ، بطبيعة الحال ، أس الخطأ في تفكير ماركس ، مما يجعل الماركسية مرحلية .. و إن كانت هذه المرحلية في غاية الأهمية في تاريخ تطور المجتمع فكرياً ، و إجتماعياً ، و سياسياً ، في القرنين الأخيرين .. الماركسية مرحلية لأنها ، حين قطعت صلتها بالغيب ، عجزت عن إدراك القوة التي تؤثر في تطور الإنسان من خارج المادة .. لقد خدمت الماركسية غرضاً كبيراً و لكنها قد إستنفذت غرضها هذا ، و أخذت تدخل التاريخ .. و هي لن تكون لها في المستقبل غير قيمتها التاريخية هذه .. و هي قيمة كبيرة ، من غير شك ، إذ قد شكلت قنطرة تربط ، ربطاً علمياً ، في مجال الفكر ، ومجال التنفيذ ، بين المادة و الروح .. فهي بذلك ـ أعنى الماركسية ـ قد جعلت عودة الإسلام ، من جديد ممكنة ، و واجبة ..

                  

12-03-2013, 05:02 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: التناقض موجود في الإسلام .. و التوحيد بين المتناقضين هو عمل كلمة التوحيد: "لا إله إلا الله" .. فقد قلنا أن التفكير هو الجولان بين متناقضين ، هما: الروح ، و النفس .. و النفس كثيفة ، مظلمة .. و الروح لطيفة ، مشرقة .. و من هاتين الهيئتين يقوم التناقض بين الروح و النفس. ولكن التوحيد يمنع إختلاف النوع ، و يقول ، إن كل الإختلاف ، بين كل مظاهر الوجود ، إنما هو إختلاف مقدار .. ويقول إن الروح مادة في حالة من الإهتزاز لا تتأثر بها حواسنا ، و أن النفس مادة في حالة من الإهتزاز تتأثر بها حواسنا .. فالإختلاف إذن بين الروح والنفس ، إنما هو إختلاف سرعة الذبذبة بينهما ، و لكن كلتاهما مادة .. و المادة إنما هي طاقة. و هذه الطاقة إنما هي إرادة الخالق الواحد .. و من ههنا فإن التوحيد مقرر مسبقاً ، و ذلك لوحدة العقل الكلي الذي ما الوجود المتعدد المظاهر إلا أثره الملموس . و التوحيد ، الذي نتحدث عنه في الدين ، إنما غرضه ترويض العقل ـ عقل الإنسان ـ على محاكاة ، أو قل تقليد ، العقل الكلي في نزاهته عن الرغبة ، و في عدم ميله مع الهوى .. ذلك لأن الهوى هو آفة التفكير الأساسية .. و قديماً قال أرسطو في تعريف القانون بأنه: "العقل الذي لم يتأثر بالرغبة" ، يعني العقل المحايد .. و تحييد العقل هو عمل الدين ، و وظيفة الصلاة ، و لقد تحدثنا عن ذلك في جملة من كتبنا ..
    هذا ، و أكبر النقيضين في الفكر الإسلامي إنما هما الرب ، والعبد ، و الإختلاف بينها إنما هو إختلاف مقدار ، لأن العبد إنما هو تنزلات الرب من الإطلاق إلى القيد .. و العبد يكدح ليقطع المسافات ـ مسافات بعد الصفات ـ ليعود إلى الإطلاق مرة أخرى ، و هيهات!! ذلك لأن السير في هذا المضمار إنما هو سير سرمدي .. و معلوم عند من أوتوا العلم أنه ، من كل الوجود ، لا يبقى في آخر الأمر ، إلا الرب و العبد .. و بقاؤهما سرمدي. و الحجاب القائم بين الرب و العبد ، و لن ينفك ، إنما هو العقل .. إنما هو الطرف اللطيف من العبد ، و هو العقل .. فبالعقل تقع الزيادة في الترقي ، و به يقع الحجاب .. و العبادة إنما هي محاولة مستمرة لرفع الحجاب و ذلك بتحييد العقل .. و لقد قال ، جل من قائل: "إن كلٍ من في السموات و الأرض إلا آتي الرحمن عبدا * لقد أحصاهم و عدهم عدا * و كلهم آتية يوم القيامةٍ فردا" .. و ليس إتيان العبد الرب بقطع المسافات ، و إنما هو بتقريب الصفات من الصفات .. و من أجل تقريب الصفات من الصفات جاء أمره تعالى "كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب ، و بما كنتم تدرسون" .. و مع أن الصراع بين المتناقضين في الإسلام قائم ، و العنف طرف فيه ، كما قد بينا ، غير أنه ، عندما يعرف العبد ، بفضل الله ، ثم بفضل العبادة ، أن الصراع الذي يقع بينه و بين بيئته الطببيعية والبشرية إنما هو ، في الحقيقة ، صراع بينه وبين ربه ـ إنما هو إعتراض منه على ربه ـ فإنه عندما يعرف ذلك ينساق إلى ترك العنف ، وإلى المسالمة و إلى إحتمال الأذي من الناس ، و كف الأذى عن الناس .. و إنما من هذا المشهد جاءت وصية المسيح: "من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر ، كذلك" و جاءت وصيته: أحبوا أعداءكم !! باركوا لاعنيكم !! وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم !! ويطردونكم !!" .. و لكن حكم الوقت قد جعل وصايا المسيح غير عملية ، و غير ممكنة التطبيق .. و لذلك فإنها ، عملياً و تطبيقياً ، قد كانت منسوخة ، فلم يعشها أحد غيره .. لا !! و لا تلميذه الأكبر ، بطرس!! و لقد جاءت دعوة الإسلام ، في بدء أمره ، على نحو من هذا الإسماح ، و لكن حكم الوقت قد جعلها ، من الناحية العملية و التطبيقية ، غير ممكنة ، و لذلك فقد نسخت وما عاشها ، بعد النبي أحد .. لا !! ولا صاحبه الأكبر أبو بكر الصديق!! و لكن من فضل الله علينا ، و على الناس ، أن نسخها لم يتركنا في فراغ ، و إنما جاء بقرآن فرعي ، عليه قامت المرحلة التي تناسب حكم الوقت ، وتنقل المجتمع ليكون في مستوى تطبيق الوصايا في التشريع ، و تطبيق الإسماح هذا الذي لم يطقه مجتمع الوقت الماضي .. وهذا الصنيع هو الذي جعل الإسلام أكمل من اليهودية ، و من النصرانية .. ذلك لأن آيات فروعه عاملة ، في مستوى القاعدة ، كشريعة للعامة ، في الوقت الذي تظل فيه آيات أصوله ـ آيات الإسماح و التسامح ـ في القمة ، و صايا غير ملزمة لأحد ، و إنما يدخلها من أطاق من باب الندب .. ثم أن الإسلام ، حين تكتمل الدعوة لأصوله ، إنما تكون فروعه عاملة ، في بعض صورها ، كقاعدة لشريعة العامة ، منها يتسامون إلى مراتب العزائم التي تقوم على أصول آياته .. قال تعالى في الأصول والفروع: "والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون * و جزاء سيئة سيئة مثلها .. فمن عفا ، و أصلح فأجره على الله .. إنه لا يحب الظالمين * و لمن إنتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل * إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ، و يبغون في الأرض بغير الحق .. أولئك لهم عذاب أليم * و لمن صبر ، و غفر ، إن ذلك لمن عزم الأمور" .. إن هذا لمن النسق العالي في سياسة النفوس ، و تربيتها ، و التسامي بها إلى القمم المطلوبة .. فإن الإنسان بطبيعته المكتسبة ـ بطيبعته الثانية ـ شكس ، و مفترس ، و معتد .. ويجد الميل في نفسه "لأن يكيل الصاع صاعين" ، كما يقال .. فأنت لا تستطيع أن تطلب إليه من هذا الغور السحيق أن يصعد إلى القمة ، و أن يسمح و لا تستطيع أن تطلب إليه أن يحتمل الأذى ، و أن يكف الأذى .. و لكنك قد تستطيع أن تطلب إليه أن "يكيل الصاع صاعاً" ، بدلاً من صاعين ، بمعنى أن يعتدل ، و أن يكون عادلاً .. تستطيع أن تطلب إليه أن يجزي السيئة بسيئة ، ولا يزيد .. و هو قد يمكنه أن يفهمك ، وقد يمكنه أن يستجيب لدعوتك ، و إن كانت تكلفه شيئاً قد يكون جديداً على نفسه ، و لكنه شئ ممكن ، بقليل من المجهود . و من هذا القبيل جاء قوله تعالى: "وجزاء سيئة سيئة مثلها .. " ومن هنا فإن المقتص لنفسه ممن إعتدى عليه لا يشعر بجرم الخروج عما أراد الله ، و عما يرضى ، و إن كان قد يشعر بأن المزيد من مرضاة الله لا يزال أمامه ، لأنه قد ندب ، و لم يكلف ، إلى العفو .. فإنه تعالى قد قال ، في تمامة الآية: "فمن عفا ، و أصلح ، فأجره على الله" و "عفا و أصلح" هذه تقابل عبارة المسيح حين قال: "أحبوا أعداءكم !! باركوا لاعنيكم !! و صلوا من أجل الذي يسيئون إليكم ، ويطردونكم !!" .. هي في مقابلة هذه .. و هي أكبر من قوله: "من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر كذلك" .. و لكن القرآن قد وضع السلم لتحقيق هذه الغاية الرفيعة ، حين تركها الإنجيل معلقة في الهواء .. ثم تأمل الآية الأخيرة ، التي أوردناها: "و لمن صبر ، و غفر ، إن ذلك لمن عزم الأمور" .. تأملها ملياً ، بعد أن تتأمل الآيات التي سقناها قبلها..
                  

12-07-2013, 06:44 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: إن الإسلام ، إذن ، بفكرة التوحيد ، التي تقوم على وحدة الخالق ، و وحدة الوجود ، و التي تجعل الإختلاف بين المظاهر المتباينة ، و المتعددة ، إنما هو إختلاف مقدار بين مظهرين من الشئ الواحد ، إستطاع أن يسقط العنف في أول الأمر ، و أن يسعى لتحقيق التسامح و المصالحة ، و المحبة في آخر الأمر .. و "الديالكتيك" الذي في إعتبار ماركس ، يقع بين المتناقضين ، و يجري فيه العنف ، هو في الإسلام عند النهايات ، حين يكون المتناقضان العبد والرب ، إنما يتخذ صور الإعتراف ، و الندم على الأخطاء التي وقعت من العبد نحو الرب ، وظهر بها العبد قليل الأدب مع ربه .. هذا "الديالكتيك" يجري عن طريق الإستغفار ، ولا مكانة فيه إذن للعنف .. و لقد تحدثنا عن هذا في كتابنا: "تعلموا كيف تصلون" .. و خلاصة ما يقال هنا أن غرض "الديالكتيك" في الإسلام "إقرأ التوحيد" ، إنما هو إيجاد التناسق ، و التوافق ، و الإنسجام ، و المحبة ، بين المتناقضات .. هو إيجاد ، كل ، موحد ، متسق ، من المظاهر المختلفة في الوجود .. و هذه هي الصفة التي أعطت الإسلام القدرة على التوفيق بين الفرد والجماعة .. التوفيق بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة و حاجة الجماعة إلى العدالة الإجتماعية الشاملة .. هذا في حين عجزت عن هذا التوفيق الماركسية ، و ظنت أن الفرد و الجماعة متناقضان ، و لا تتسق مصلحتاهما في كلٍ منسق متحد أبداً .. و إنما هو الفرد ، أو الجماعة .. فكان أن إهتمت بحقوق الجماعة ، و أهدرت حرية الفرد .. و في هذا العجز يكمن فشل الماركسية ..
                  

12-07-2013, 08:22 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: و بالرغم عن كل ما يقال ضد الماركسية فإن لها أفضالاً لا يمكن التغاضي عن أهميتها ولا يمكن بخسها حقها .. و أيسر هذه الفضائل أنها قد هيأت الفرصة لمجئ ثورة الإسلام الثانية ، التي قلنا أن بها تتصحح المعادلة الماركسية تلك التي تقول: "العنف و القوة هما الوسيلتان الوحيدتان لتحقيق أي تغيير أساسي في المجتمع" ، و إنما يكون تصحيحهما بإسقاط العنف منها .. فإن الله ، تبارك و تعالى ، بمحض فضله ، ثم بفضل إظهاره ماركس في الآونة الأخيرة ، فقد سار الصراع الطبقي بذكاء ، و بعلمية ، جعلت القوة تتقدم وضرورة العنف تقل مما فتح الطريق لإسقاطه من الإعتبار تماماً . أو ، على الأقل ، لحده في نطاق ضيق ، عندما يراد إحداث تغيير في المجتمع .
    و من ههنا ظهور ما يسمى ، في الوقت الأخير ، بالثورات البيضاء ، و هي الثورات التي يحدث بها التغيير من غير إراقة للدماء ، أو بإراقة للدماء تعتبر قليلة ، إذا ما قيست إلي الثورات في الماضي .. ليس معنى هذا أن الأفراد البشريين ، والمجتمعات قد إستغنت عن العنف تماماً ، و لكن معناه أن العنف قد أصبح مستهجناً من كثير من الناس ، مما يوحي بأن وقته قد آذن بزوال ..
                  

12-08-2013, 05:28 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: إن الإنسان المتمدين الذي يعيش على قانون الإنسان ، و يتخلص تماماً من قانون الغابة قد أظلنا عهده .. ونحن ، لنجعل مجيئه ممكناً ، وسريعاً ، إنما نحتاج إلى الدعوة إلى مجتمع سمح تقوم علائقه على قانون الإنسانية ، المتخلصة تماماً من رواسب قانون الغابة .. و هذه هي القوانين الدستورية التي تستمد من الدستور الإنساني "أقرأ الدستور الإسلامي" هذا على أن يكون الإسلام مفهوماً فهماً جديداً قائماً على نسخ آيات الفروع ، و بعث آيات الأصول .. فإنه ليس في آيات الأصول أي أثر لقانون الغابة .. و القانون الدستوري المستمد من هذا الدستور الإنساني هو ذلك القانون الذي يوفق ، في سياق واحد ، بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة ، و حاجة المجتمع إلى العدالة الإجتماعية الشاملة .. و الفرد فيه غاية في ذاته ، و الجماعة أكبر وسائل تحقيقه .. و لما كانت الوسيلة الكاملة طرفاً من الغاية الكاملة فقد وجب أن يكون مجتمعنا كاملاً .. و ليكون مجتمعنا كاملاً: يجب أن يقوم على ثلاث مساويات: المساواة الإقتصادية ، و هي الإشتراكية التي تتطور نحو الشيوعية ، حيث تكون خيرات الأرض مشاعة بين الناس. و المساوة السياسية ، و هي الديمقراطية النيابية التي تتطور نحو الديمقراطية المباشرة .. و المساواة الإجتماعية حيث يكون التزاوج ممكناً بين الرجال و النساء في جميع مستويات المجتمع .. تضاف إلى هذه المساويات الثلاث سماحة الرأي العام .. فقد يجب أن يهذب ، و يعلم الرأي العام بحيث يكون سمحاً ، حراً ، لا يضيق بأنماط الفكر الحر .. ثم أن إعدادنا المجتمع ، في هذا المستوى الرفيع ، لا يعدو أن يكون إعداداً للمسرح الذي يمثل فيه كل فرد دوره الفردي ، بمجهوده الفردي ، لإحراز كمالاته الفردية .. و لإنضاج فرديته التي ينماز بها عن أفراد القطيع .. و لابد لنا من منهاج تربوي ، إذن ، بممارسته يصل الأفراد إلى تحقيق هذه الفردية. هذا المنهاج هو تقليد "قدوة التقليد" ، محمد النبي الأمي ، الذي قال الله تعالى عنه: "قل إن كنتم تحبون الله ، فإتبعوني .. يحببكم الله" .. هذا المنهاج الذي يمارس على اديم أرض مملوءة عدلاً ، و علماً ، و سلاماً ، ومحبة ، هو الذي ينتج "الثورة الفكرية" .. فالثورة الفكرية هي قوة و إستقامة ، و مضاء ، وسرعة إنطلاق الفكر القوي ، يكشف الجهل ، وينفذ إلى دقائق العلم ، و يحرر صاحبه من الخوف ، و يسوقه سوقاً إلى حظيرة المحبة ، و الإنس
                  

12-08-2013, 08:26 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: لثورة الفكررية حرب لا هوادة فيها ، ضد الخرافات ، و الأباطيل ، و الأوهام ـ ضد الجهل في أي صورة من صوره ـ و هي ، من ثم ، إنتصار للأحياء ، و الأشياء .. الثورة الفكرية تجديد للحياة ، في مراقي الكمال ، متخلقة ، في ذلك ، بأخلاق الله ، الذي قال عن نفسه: "كل يوم هو في شأن " .. ثم ، أنه ، سبحانه و تعالى ، لا يشغله شأن عن شأن .. و إنما شأن الله تعالى هو تعليمه لخلقه ، و إظهاره ذاته لهم ليعرفوه .. و إنما شأن الإنسان الكامل هو أن يحسن التلقي عن الله .. و لما كان يوم الله ليس أربعاً و عشرين ساعة ، و إنما هو "زمنية " تجليه تعالى ، و ظهوره لعباده ، فإن هذه "الزمنية " لتدق حتى أنها ، عند التجلي الذاتي ، لتخرج عن أن تكون زمناً .. و هذا هو الذي يوجب على العارف أن ينتصر على الزمن ، و يرتفع إلى مقام الصلة الكبرى ، ذلك المقام المحمود الذي تحقق للنبي ، بمحض فضل الله تعالى ، و في تلك الجمعية الكبرى التي تمت له ليلة المعراج ، والتي قال عنها الله ، تبارك و تعالى: "إذ يغشى السدرة ما يغشى * مازاغ البصر و ماطغى" .. "إذ يغشى السدرة " محمد .. "مايغشى" من التجلي الذاتي على محمد .. "ما زاغ البصر و ما طغي" .. "البصر" الفكر .. "مازاغ" ما إشتغل بالماضي .. "و ماطغى" ، ما إشتغل بالمستقبل .. و معنى هذا أن ذبذبة بندول الفكر قد توقفت .. و معنى هذا أنه قد تم رفع حجاب الفكر ، فأصبح النبي قلباً كله ، أي تمت له الوحدة الذاتية ، في الوحدة الزمانية ، في الوحدة المكانية .. وهو قد عبر عن ذلك فقال: "ليلة عرج بي إنتسخ بصري في بصيرتي فرأيت الله" .. هذا هو المقام الذي توصل إليه "الثورة الفكرية" . و لقد كانت الثورة الفكرية في القرن السابع حظ النبي وحده ، دون سائر أمته .. لم يبلغها أحد سواه .. لا !! و لا أبو بكر !! و ذلك أن النبي قد كان بينهم غريباً .. و لم يكن منهم .. و لم يأتهم من الماضي ، و لا من الحاضر الذي يعيشونه ، و إنما أتاهم من المستقبل .. جاءهم ليسوقهم سوقاً رفيقاً ليكونوا مرحلة إنتقال تنجب أمة المستقبل .. و هذا هو معنى قوله تعالى: "يسبح لله ما في السموات ، و ما في الأرض ، الملك القدوس العزيز الحكيم * هوالذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ، و يزكيهم ، ويعلمهم الكتاب ، و الحكمة ، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين * وآخرين منهم لما يلحقوا بهم .. و هو العزيز الحكيم * ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .. و الله ذو الفضل العظيم " .. "الأميين" هم أمة البعث الأول .. "رسولاً منهم " إشارة إلى بشريتهم ، فهو بشر مثلهم .. "وآخرين منهم لما يلحقوا بهم" إشارة إلى امة البعث الثاني الذين سماهم النبي بالأخوان ، حين سمى أمة البعث الأول بالأصحاب ، و ذلك في حديث الأخوان المشهور ، وقد أوردناه كثيراً في مواضع شتى ، و ما يهمنا منه هنا قوله: "وا شوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد !!" أخذاً من قوله تعالى "و آخرين منهم لما يلحقوا بهم " .. و "لما" تنفي الماضي إلى اللحظة الحاضرة ، و توكد المجئ في المستقبل .. فمن مستوى "الأخوان" رجع النبي ليدرج "الأصحاب" .. من مستوى "المسلمين" رجع ليدرج "المؤمنين" .. فهو وحده قد كان "المسلم" بين "أمة المؤمنين" .. و هو لذلك قد كان طليعة "أمة المسلمين" التي لما تأت بعد ، و التي ، نحن الجمهوريين ، إنما نبشر بها اليوم ، في جميع ما نأتي و ماندع ، من أقوالنا ، و أفعالنا ... . و وسيلتنا إليها هي: "الثورة الفكرية" التي تتحقق ببعث: "لا إله إلا الله" من جديد ، قوية ، خلاقة ، تغير العقول والقلوب . و الطريق إلى بعث "لا إله إلا الله" من جديد هو تجويد تقليد "قدوة التقليد" حتى يفضي بنا تجويد التقليد إلى الإستقلال عن التقليد ـ إلى الأصالة ـ من ههنا جاءت دعوتنا إلى "طريق محمد" .. و جاء إخراجنا في هذا الطريق كتابنا: "طريق محمد" ..
                  

12-11-2013, 08:23 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: لقد قلنا عن "الثورة الفكرية" ما يكفي ، في هذا المقام الضيق .. والحديث عن "الثورة الفكرية" فنونه كثيرة .. و لكن لابد لنا أن نكفكفه هنا .. و لا بد لنا من كلمة أخيرة .. هذه الكلمة الأخيرة هي: أن الفكر الثائر " هو "إكسير الحياة" ، الذي طالما هام به "الفلاسفة " و "العلماء" و "الفنانون" .. الفكر "الثائر" هو الفكر "السائر" إلى أصل الحياة الذي منه صدرت ـ إلى الله في إطلاقه ـ سيراً حثيثاً ، منطلقاً ، لا يلوي على شئ .. سيراً به تتجدد حياة الحي ، في كل جزئية ، من جزئيات الثانية الواحدة .. قال تعالى عن هذا السير: "و من كل شئ خلقنا زوجين .. لعلكم تذكرون * ففروا إلى الله !! إني لكم منه نذير مبين * ولا تجعلوا مع الله إلهاً آخر !! إني لكم منه نذير مبين !!" .. قوله تعالى: " و من كل شئ خلقنا زوجين" إشارة إلى الضدين .. إشارة إلى الطرفين .. إشارة إلى النقيضين .. قوله " لعلكم تذكرون" هذه هي العلة وراء خلق الأزواج . لأن الفكر لم يكن ليستطيع أن يميز ، و أن يدرك لو لا وجود الضدين .. . و بين الضدين تكون ذبذبة الفكر ، من النقيض إلى النقيض .. و لا يكون الفكر مسدداً ، و لا مستقيماً إلا إذا أصاب نقطة إلتقاء الضدين .. و هذا هو التوحيد .. توحيد النقيضين .. و قد أشار إلى هذا التوحيد في الآية الثالثة حيث قال: "و لا تجعلوا مع الله إلهاً آخر !! إني لكم منه نذيرمبين !!" يعني "فروا" ، من كل ماله ضد ، إلى من ليس له ضد .. "فروا" من الأكوان إلى المكون . هذه هي "الثورة الفكرية" التي عنيناها في مقدمة كتابنا: "لا إله إلا الله" الذي صدر في الخامس والعشرين من مايو عام 1969 ، و ذلك حيث قلنا: (و المرحلة الثانية من ثورة أكتوبر هي مرحلة الفكر المستحصد ، العاصف ، الذي يتسامى بإرادة التغيير إلي المستوى الذي يملك معه المعرفة بطريقة التغيير .. و هذه تعني هدم الفساد القائم ، ثم بناء الصلاح مكان الفساد ، و هي مانسميه "بالثورة الفكرية" .. فإن ثورة أكتوبر لم تمت ، ولا تزال نارها تتضرم ، و لكن غطى عليها ركام من الرماد .. فنحن نريد أن تتولى رياح الفكر العاصف بعثرة هذا الرماد ، حتى يتسعر ضرام أكتوبر من جديد ، فتحرق نارها الفساد ، ويهدي نورها خطوات الصلاح .. و ليس عندنا من سبيل إلى هذه "الثورة الفكرية" العاصفة غير بعث الكلمة: "لا إله إلا الله" جديدة ، دافئة ، خلاقة في صدور النساء ، و الرجال ، كما كانت أول العهد بها ، في القرن السابع الميلادي ..)
                  

12-12-2013, 03:30 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    الثورة الثقافية


    "الثورة الثقافية" هي النتيجة المباشرة "للثورة الفكرية".. الثورة الثقافية هي نقطة إلتقاء الفكر بالواقع .. والمقصود هنا بالطبع هو الفكر "الثائر" .. فإذا إلتقى الفكر الثائر بالواقع فإن التغيير هو دائما النتيجة.. ولايمكن إلا أن يكون التغيير سريعاً ، ومع ذلك ، فإنه يجب أن يكون تغييراً بغير عنف .. "فالثورة الثقافية " ، على هذا هي التغيير السريع للأحسن ، من غير عنف .. هي تملك "سرعة" الثورة ، وتبرأ من "عنف" الثورة .. فالثورة الثقافية ، بإيجاز ، هي علم ، وعمل بمقتضى العلم .. وهذا ما به يحصل التغيير ..
    ولما كان الفكر الثائر هو الذي يحدث الثورة الثقافية ـ يحدث تغيير الواقع بصورة سلمية ، وثورية في آنٍ معاً ـ ولما كان الفكر الثوري فكراً دقيقاً ، وأصيلاً ، ونفاذاً ، وسليماً ، فإن تغييره للواقع لا بد أن يبدأ من داخل النفس البشرية .. ذلك بأن أي تغيير يقتصر على الخارج ـ على البيئة البشرية ، والبيئة الطبيعية ـ أعني: المجتمع ، الطبيعة ، لا يكون تغييراً سليماً ، ولا مستقيماً ، ذلك بأن التغيير الخارجي ، إنما هو صورة للداخل ، أعني للنفس البشرية ، فإذا كانت النفس خربة بالأحقاد ، والضغائن ، والعداوات الرعناء ، في كلمة واحدة ، بالجهل ، فإن هذا الخراب يطبع بطابعه التغيير الذي يجري في المجتمع وفي البيئة ..
    لقد كان العرب يعرفون الرجل المثقف بأنه هو الذي يملك محصولاً كبيراً من معرفة تاريخ العرب ، وأنسابهم ، وعاداتهم ، وأشعارهم .. ثم جاء وقت قريب أعتبر فيه المثقف هو الذي يستطيع أن يفهم حين يقرأ الكتاب العلمي ، أو المجلة العلمية ، والكتاب الفني أو المجلة الفنية .. ومهما يكن من الأمر فإننا نعيش الآن في عهد إزدهار العلوم ، والفنون ، والفلسفات البشرية .. وتخرج المطبعة لنا عشرات الآلاف من الكتب الجديدة ، في صنوف المعارف ، كل يوم .. ويعتبر الرجل المثقف عندنا هو الذي يتابع حركة التأليف ، والنشر ، في الكتب والمجلات ، التي تساير آخر تطور العلوم ، والفنون ، ثم يكون له في كل مسألة ، من هذه المسائل ، رأي عتيد .. وآفة الثقافة ، بهذا المدلول ، إنما هي أن المثقف قد يحمل شذرات كثيرة من المعارف من غير أن تتأثر بها أخلاقه ، تأثيراً كبيراً ، ومن غير أن يتحرر بها فكره ، تحريراً كبيراً .. ثم أن الثقافة ، حتى بهذا المدلول الموسوم بالسطحية ، أصبحت تتعرض اليوم لآفة التخصص ، الذي هو سمة العصر الحاضر .. ذلك بأن كثرة العلوم ، وتشعبها في كل فن من فنونها ، قد أصبحت تستحوذ علي نشاط العلماء كله .. فأنت ، من أجل التجويد في الإنتاج ، لا بد لك من أن توقف نشاطك العلمي كله على فرع معين من فروع العلوم ، تتخصص فيه ، ولا تتعداه لغيره .. وأخذت آفات التخصص تظهر ، وتلك هي النظرة الجانبية ، التي تتوفر على شئ واحد ، يستغرقها ، وتحاول إستغراقه ، حتى يصبح الإنسان وكأنه آلة مصممة على إنتاج صنف واحد في صناعة واحدة ..
    جاء في "المنجد" في اللغة قوله (ثقف الرمح: قومه ، وسواه .. . وثقف الولد فتثقف: هذبه ، وعلمه ، فتهذب وعلم .. فهو مثقف ، وهي مثقفة .. وهذا مستعار من ثقف الرمح .. والثقاف آلة تثقف بها الرماح ) قال شاعرهم: ـ
    إنا إذا عض الثـقــاف *برأس صعدتنا لوينا
    نحمي حقيقتنا وبعض*الناس يسـقط بيـن بينا

    والصعدة هي قناة الرمح .. فإذا قطعت من شجرتها وبها إعوجاج ثقفت بالثقاف ، لتكون مستوية ، ومستقيمة .. فإذا إستوت ، واستقامت فهي قناة مثقفة .. وأراد الشاعر بقوله:
    إنا إذا عض الثقـاف برأس صعدتنا لوينا
    أنه هو وقومه شديدو المراس ، لا يلينون لتقويم المقومين ، لأن في خلقهم ، وعورة ، وإباء .. وأبان هذا حين قال:
    نحمي حقيقتنا وبعض * الناس يسقط بين بينا
                  

12-14-2013, 08:08 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    فكلمة "الثقافة" في اللغة العربية كلمة طيبة جداً ، ذلك بأنها تشير إلى التقويم ، والتهذيب .. وهذا أمر يشير إلى الأخلاق .. فلكأن "الثقافة" في اللغة العربية هي "الثقافة" في الدين الإسلامي ، "التقويم" و "التهذيب" ، فإنه ، في الإسلام ، قد قال المعصوم: "الدين المعاملة" وقال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" .. ومكارم الأخلاق هي: حسن التصرف في الحرية الفردية المطلقة .. والحرية الفردية المطلقة هي حظ الرجل ، ذي الفكر الثائر .. الرجل الذي يفكر كما يريد ، ويقول كما يفكر ، ويعمل كما يقول .. ثم يتحمل مسئولية قوله وعمله ، وفق قانون دستوري .. وقد أسلفنا تعريف القانون الدستوري .. وحسن التصرف في الحرية ، إذا كانت في قاعدتها ـ الحرية المقيدة بالقانون ـ أو في قمتها ـ الحرية المقيدة بالأخلاق ـ لا يتأتى إلا إذا تهذب الداخل ، واستقام ، فسلم القلب من مذام الأخلاق ، وصفا العقل من أوضار الأباطيل ، والخرافات .. هذه هي الثقافة .. سلامة القلب ، وصفاء الفكر .. وإنما يتم ذلك بتثقيف الباطن .. ومن الممتع حقاً أن نلاحظ أن القامة البشرية تشبه صعدة الرمح ـ قناة الرمح ـ هي تشبهها في ظاهرها ، وفي باطنها ـ في ظاهرها "الجسم" وفي باطنها "النفس" ولذلك فإن العرب تقول: فلان صلب القناة ، يريدون أنه صعب المراس ، قوي الشكيمة ، شديد الأسر ..
                  

12-17-2013, 12:50 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: الرجال عندنا ثلاثة: الرجل الذي لا يقول ، ولا يعمل ، لأنه يخاف من مسئولية قوله ، وعمله ، وهذا هو العبد .. والرجل الذي يحب أن يقول ، وأن يعمل ، ولكنه يحاول أن يهرب تحت الظلام ، فلايواجه مسئولية قوله ، ولا عمله .. وهذا هو الفوضوي .. والرجل الذي يحب أن يفكر ، وأن يقول ، وأن يعمل ، وهو مستعد دائماً لتحمل مسئولية قوله ، وعمله .. وهذا هو الرجل الحر .. والرجل الحر هو الثمرة الطيبة للثورة الفكرية ، وللثورة الثقافية .. وهو الإبن الشرعي للمجتمع الكامل .. ومع ذلك فإن المجتمع إنما هو من صنع الرجال .. المجتمع أكبر إختراع إخترعه الإنسان .. بيد أن مخترعه مجهول ، ووقت إختراعه أيضاً مجهول .. وذلك لأنه إنما نشأ بغير عمل إرادي موجه لإنشائه .. ونشأ في الماضي السحيق الممعن في السحق .. هو في نشأته أقرب إلى العمل التلقائي العفوي ، منه على العمل المرسوم الموجه .. ولكن الذكاء البشري قد أخذ يتدخل في توجيهه منذ زمن قريب .. فقد جاء كبار الرجال ، وطلائع أحرار البشرية ، دائماً بأفكار التغيير .. فأثروا في تفكير ، وأخلاق ، أفراد المجتمعات .. وأحدثوا ، من ثم ـ من تغيير الأفراد ـ تغييراً كبيراً واسعاً ، وشاملاً في المجتمعات .. وما نعرف ، في التاريخ المعاصر ، ولا في التاريخ القديم ، تغييراً هو في سرعة ، وعمق ، وشمول ، التغيير الذي جرى للمجتمع الجاهلي ، في الجزيرة العربية ، في القرن السابع ، على يدي رسول الإسلام العظيم .. ولقد تحدثنا عن هذا التغيير حديثاً يسيراً فيما أسميناه بثورة الإسلام الأولى ، في هذا الكتاب .. ولكن يهمنا هنا أن نقرر أن تغيير الإسلام للمجتمعات إنما يبدأ بالأفراد .. وهو دائماً يسير بتوكيد على تغيير الأفراد ، وتغيير الجماعات. ولقد يتضح لنا هذا الصنيع جلياً إذا علمنا أن شريعته على مستويين مستوى الفرد ، ومستوى الجماعة .. فأما شريعته في مستوى الفرد فقد عرفت بشريعة العبادات .. وأما شريعته في مستوى الجماعة فقد عرفت بشريعة العادات ـ شريعة المعاملات .. ثم أن النبي الكريم قد قال: "الدين المعاملة " .. وقال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " .. وهو قد علم أن الدين يعاش بوجهين .. وجه يلي الرب ، قانونه العبادة .. ووجه يلي الخلق ، قانونه المعاملة .. وقول المعصوم "الدين المعاملة" شمل هذين الوجهين في سياق واحد .. هو معاملة للرب بصدق العبادة ، وخلوص الضمير ، وحسن التوجه ، وبالتخضع والتذلل ، الذي يوجبه مقام العبد من الرب .. وهو معاملة للخلق ـ جميع الخلق ـ بالصدق ، والنصيحة ، وحب الخير ، وصلاح ذات البين ، في السر ، والعلن.
                  

12-18-2013, 03:20 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    ومطلب التوحيد من العباد توحيد هذين الوجهين .. فكأن العبد ، في خلوته مع ربه ، إنما يتلقى منه صفاء الفكر ، ودقة النظر ، اللذين يستعين بهما علي القدرة على حسن معاملة الناس ـ هو ، لدى خلوته بربه ، بمثابة من يتلقى العلم النظري ، ثم هو لدى إضطرابه في المجتمع ، فإنما يجد الفرصة لتطبيق هذا العلم النظري ، معاملة ، وحسن خلق مع الناس .. فليس عابداً مجوداً من ينفرد بربه في "خلوته " ثم لا تكون له "جلوة " مع الناس .. أو هو ، عندما تكون له الجلوة مع الناس ، لا يلقون منه إلا صنوف الكيد ، من سوء الفعل ، وسوء القول .. وليس أيضاً بعابد من ينصرف عن لقاء ربه في الخلوة إكتفاءً بما يظنه حسن خلق مع الناس في الجلوة .. وإن كان هذا قد يكون خيراً من ذاك ، خيراً من الذي يعبد ويؤذي الناس ، وهو راضٍ عن صنيعه ، لأنه راضٍ عن عبادته .. والخلوة التي نريدها ليست في المغارات ولا في الكهوف ، ولا في الحجرات المغلقة ، ولا هي في الفلوات .. وإنما هي في خلوة الثلث الأخير من الليل: "قم الليل إلا قليلا * نصفه ، أو أنقص منه قليلا * أو زد عليه .. ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا * إن ناشئة الليل هي أشد وطأً وأقوم قيلا" .. والجلوة هي: "إن لك في النهار سبحاً طويلا" .. ففي الخلوة معاملة الرب .. وفي الجلوة معاملة الخلق .. ولم يقل المعصوم "الدين المعاملة" إلا ليؤكد ضرورة حسن خدمة الناس ، وحسن القول للناس ، وحسن الظن بالناس .. وكل هؤلاء لا تتفق للإنسان إلا بإتقان العبادة .. يلاحظ أنه لم يقل "الدين العبادة " .. لأنه قد تكون هناك عبادة بغير حسن معاملة للناس ، وإنما هو قد قال: "الدين المعاملة " .. والعبادة هنا حاضرة ، لأنه لا يمكن أن تكون هناك معاملة للناس في مستوى حسن العمل فيهم ، وحسن القول لهم ، وحسن الظن بهم ، إلا إذا كانت هناك عبادة ، وعبادة صحيحة .. فالوحدة ، إذن ، قائمة ، ولا تنفصم ، بين العبادة والمعاملة .. فمن لا يعبد ، العبادة الصحيحة ، لا يمكن أن يحسن معاملة الناس .. ومن يعبد ، وهو لا يحسن معاملة الناس ، فليس بعابد ، وإن أسهر ليله وأظمأ نهاره .. فما ينبغي أن ينخدع الناس بالمظاهر الكاذبة .. فإن: "الدين المعاملة " ..
                  

12-18-2013, 03:49 AM

السر جميل
<aالسر جميل
تاريخ التسجيل: 05-29-2013
مجموع المشاركات: 721

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    الأخ الرائع جمال المنصوري

    لك من الشكر الجزيل ما يوافي جمال هذا الطرح وعمق الأفكار

    تقبل أكيد إحترامي وحضوري متابعاً
                  

12-18-2013, 04:36 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: السر جميل)

    Quote: الأخ الرائع جمال المنصوري

    لك من الشكر الجزيل ما يوافي جمال هذا الطرح وعمق الأفكار

    تقبل أكيد إحترامي وحضوري متابعاً



    الأخ الجميل جدا / السر جميل
    تهش لك نفسنا، وترحب بك بيننا في اي وقت وكل حين...
    اخي الكريم...
    هذا الطرح مقرونا بعمق الافكار، نابع من ارض السودان، مهد الانسان الاول والأخير، هو الذي يؤكد ان (السودان مركز دائرة الوجود) كما اطلق عليه الاستاذ/ محمود محمد طه... فالفكر عند الاستاذ/ هو اكسير الحياة، وفي نفس الوقت فأن الفكر هو من يحدد مركز دائرة الوجود.. فاذا كان كثير من المتعلمين يرون ان السودانيين غائصون في وحل الجهل والتخلف، فأن الطبيعة الرؤوم علمتنا ان اندر المعادن واصفاها (الماس) يوجد في احلك سوداها.. فالماس الصافي اللامع المدهش القوي اللطيف، مكانه في الاعماق بين اودية الكربون (الفحم).. وكذلك بنو السودان.. فيهم كل عناصر الكمال في انتظار صائغ بارع ليتم نعمته عليهم، ويوفق بين الارادة والرضا بالاسلام لهم دينا.
    اخي / السر
    من لطائف ما كان يصدر عن الاستاذ في شأن بنو السودان، انه كان يري فيهم دائما القدرة علي الكمال، ولكنهم لا يتحركون، ويقرأ فيهم علي الدوام هذه الابيات من الشعر:
    ولم أرى في عيوب الناس عيبًا *** كنقص القادرين على التمام
    باذن الواحد الاحد يتم الله نوره ويسبق عليهم نعمته، ليتبوأوا من الارض حيث يشاؤون، ولو كره المثقفون.
    لك دائما محبتي

    (عدل بواسطة جمال المنصوري on 12-19-2013, 04:58 AM)

                  

12-19-2013, 05:00 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    والوحدة القائمة بين العبادة والمعاملة إنما تجد سندها في النص القرآني الكريم: (إليه يصعد الكلم الطيب ، والعمل الصالح يرفعه) .. و "الكلم الطيب" إنما هو التوحيد .. وهو أيضاً ثمرة التوحيد ـ الفكر الصافي .. "والعمل الصالح" كثير ، يخطؤه العد .. وأعلاه الصلاة .. ثم هو كل معاملة ، حسنة ، توجهها المحبة للأحياء ، والأشياء ، وتضبطها الحكمة .. وإنما كانت الصلاة عملاً صالحاً في القمة لأنها معاملة ، وسياسة ، لنفس المصلي. ثم هي مؤدية إلى حسن المعاملة ، والسياسة للأحياء ، والأشياء .. وذلك لأن بالصلاة يتم السلام مع النفس .. والنفس التي حققت السلام في داخلها لا يمكن إلا أن يلقى الناس منها السلام ، والخير ، والبر والحب .. وفي الحق ، أن كل عمل يعمله الإنسان ، في العبادة ، أو في معاملة الأحياء .. والأشياء ، يترك أثره في نفس عامله ، أول الأمر ، ثم هو يترك أثره في الوجود الخارجي ، آخر الأمر .. والقاعدة في ذلك قوله تعالى: "فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره" وإنما من هنا أصبح ديننا المعاملة .. أصبح ديننا الحياة كلها .. ولقد تعرضنا لشرح هذا في كتابنا "تعلموا كيف تصلون" ، وذلك لدى حديثنا عن حضرتي الصلاة: حضرة الإحرام وحضرة السلام .. ولقد ذكرنا أن أدب حضرتي الصلاة إنما هو في الحضور مع الله .. ولقد تهمنا هنا حضرة السلام .. فالقاعدة ، في حضرة السلام ، التي بها يستجلب الحضور مع الله ، إنما هي عمل الواجب المباشر جهد الإتقان ، ثم محاولة الرضى بالنتيجة .. في حديث المعصوم وارد: "إن الله كتب الإحسان على كل شئ ، فمن ذبح منكم فليشحذ شفرته ، وليجهز على ذبيحته" .. وفي القرآن الكريم يجيء قوله ، جل من قائل: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، جناح فيما طعموا ، إذا ما اتقوا وآمنوا ، وعملوا الصالحات . ثم اتقوا وآمنوا . ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين ..) .. قوله تعالى: "ليس على الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، جناح فيما طعموا .." أراد بهم عامة المؤمنين .. قوله: "وعملوا الصالحات" .. عمل الصالحات عند هؤلاء هو القول باللسان ، والعمل بالجوارح ، في العبادات المفروضة .. واجتناب الحرام ، وأخذ الحلال ، ومن غير إسراف فيه أيضاً .. وهذه هي الشريعة .. والشريعة هي أول منازل السالكين إلى الله . وفي هذا المستوى جاءت المنزلة الأولى من تدرج الآية في منازل السير نحو القرب من الله ، وذلك حين قال "إذا ما اتقوا ، وآمنوا ، وعملوا الصالحات" .. ثم هو قد قال ، تبارك من قائل: "ثم اتقوا ، وآمنوا" .. وهذه منزلة في أول منازل الطريقة .. والطريقة شريعة موكدة .. هي شريعة وزيادة .. ذلك لأنها إنما دخلت في مناطق الورع .. والورع عيشه الكفاف .. وهو لا يجتنب الحرام البين فحسب ، ولكنه قد يتورع حتى عن أخذ الحلال البين .. وهو لا يصلي المكتوبة فحسب ، ولكنه يأخذ نفسه بعزائم النوافل ليرفع بها مكتوبته ، خوفاً عليها ألا تكون في مستوى القبول .. ولم يرد في الآية ، في هذا المقطع ذكر: "وعملوا الصالحات" ولكنه موجود .. وحين يكون عمل الصالحات في مرتبة صاحب الشريعة ، هو العدل بين الناس ، وعدم التعدي عليهم ، فإنه ، في مرتبة صاحب الطريقة ، يتسامى إلى التسامح والعفو .. ثم سار التلقى بالسالك حتى أدت به طريقته الي أول المنازل من حقيقته ، فجاء ذكره في هذا المقطع من الآية بقوله ، جل من قائل: "ثم إتقوا ، وأحسنوا" والإحسان زيادة فى الإيمان ، ينزل بها صاحبها أول منازل اليقين .. ولم يرد ذكر عمل الصالحات هنا أيضاً ولكنه موجود .. فليس فى الدين علم إلا وهو يوجب العمل ..
                  

12-21-2013, 07:28 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    ذلك لأن القاعدة التى جاء النص عليها بقوله ، تبارك وتعالى: "إليه يصعد الكلم الطيب ، والعمل الصالح يرفعه" إنما تطرد ، دائماً ، ولا تتخلف .. فحين يذكر العمل ، فى مثل قوله ، : "إذا ما إتقوا ، وآمنوا ، وعملوا الصالحات" فإنما ذلك ذكر بين .. ولكنه ، حين لا يرد هذا الذكر البين للعمل الصالح ، كما هو الحال فى مثل قوله ، مثلا: "ثم إتقوا وآمنوا" أو فى مثل قوله تعالى: "ثم إتقوا وأحسنوا" أو فى مثل قوله تعالى: "والله يحب المحسنين" فإن “عمل الصالحات” ، دائمًا مقصود .. والغرض من ترك ذكره ههنا إنما الإشارة الى إنطوائه فى “الإيمان” وإلى إنطوائه فى “الإحسان” .. وإنما تلك منازل ، من منازل القرب من الله ، ، تحققها وتحددها درجة التوحيد عند الموحدين .. ومنازل القرب من الله لا حصر لها ، ولكن يمكن الإشارة الى المنازل السبعة ، وهى المعروفة بالصفات النفسية السبع ..وهى ، فى طريق التنزل عن الذات ، أولها الحياة ، ثم العلم ، ثم الإرادة ، ثم القدرة ، ثم السمع ، ثم البصر ، ثم الكلام .. وهى فى طريق المعراج إلى الذات تصعد بالعبد من الكلام نحو الذات ، وأعلى منازلها الحياة ، وترك ذكر عمل الصالحات فى مقاطع الآية المختلفة التى سلفت الإشارة إليها أنما أريد به الإشارة إلى قرب المسافة بين الفكر ، والقول ، والعمل ، والحياة ، كلما أرتقى السالك فى مراقى القرب ..فإن كل الصفات قائمه بالذات ، ومنضوية فيها .. والذات ، فيما يخص العبد ، تنوب عنها ، من الصفات النفسية السبع ، التى ذكرناها ، صفة الحياة .. والمقصود هنا بالحياة إنما هو حظ العبد الكامل منها .. وفى الحياة تنضوي كل الصفات .. وإنما من ههنا جاء ، فى مقطع الآية ، بقوله ، تبارك من قائل: "والله يحب المحسنين" .. "المحسنين" هؤلاء إنما هم الذين أحسنوا عبوديتهم لربهم ، فعاشوا معه فى حضرة عمرت كل جزئيات أوقاتهم ، فأحبهم ليحبوه "يحبهم ويحبونه" .. فسلمت حياتهم من الآفات ، وإطمأنت من الخوف ، وبرئت من شوائب النقص ، فهى تعلم ما تشاء أن تعلم ، وتريد ما تريد أن تريد ، وتقدر على كل ما تريد .. يوصل إلى هذا المقام الإحسان اليسير فى بدء حياة السالك ، ذلك الإحسان الذى أشار إليه المعصوم بقوله: "إن الله كتب الإحسان على كل شئ .. فمن ذبح منكم فليشحذ شفرته ، وليجهز على ذبيحته" .. وهذا الإحسان هو ما أ سميناه فى مواضع شتى: "أ داء الواجب المباشر جهد الإتقان" فأول ما تجب ملاحظته هو أن عليك واجبات ولك حقوقاً .. عليك واجبات نحو ربك ، ونحو نفسك ، ونحو مجتمعك .. ولك حقوق قبل كل هؤلاء ..
                  

12-23-2013, 04:08 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: لك لأن القاعدة التى جاء النص عليها بقوله ، تبارك وتعالى: "إليه يصعد الكلم الطيب ، والعمل الصالح يرفعه" إنما تطرد ، دائماً ، ولا تتخلف .. فحين يذكر العمل ، فى مثل قوله ، : "إذا ما إتقوا ، وآمنوا ، وعملوا الصالحات" فإنما ذلك ذكر بين .. ولكنه ، حين لا يرد هذا الذكر البين للعمل الصالح ، كما هو الحال فى مثل قوله ، مثلا: "ثم إتقوا وآمنوا" أو فى مثل قوله تعالى: "ثم إتقوا وأحسنوا" أو فى مثل قوله تعالى: "والله يحب المحسنين" فإن “عمل الصالحات” ، دائمًا مقصود .. والغرض من ترك ذكره ههنا إنما الإشارة الى إنطوائه فى “الإيمان” وإلى إنطوائه فى “الإحسان” .. وإنما تلك منازل ، من منازل القرب من الله ، ، تحققها وتحددها درجة التوحيد عند الموحدين .. ومنازل القرب من الله لا حصر لها ، ولكن يمكن الإشارة الى المنازل السبعة ، وهى المعروفة بالصفات النفسية السبع ..وهى ، فى طريق التنزل عن الذات ، أولها الحياة ، ثم العلم ، ثم الإرادة ، ثم القدرة ، ثم السمع ، ثم البصر ، ثم الكلام ..
                  

12-24-2013, 10:23 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    والقاعده السليمة ، فى التعامل السليم ، هى أن تفكر فى أداء الواجبات التى عليك ، قبل أن تفكر فى تقاضي الحقوق التى لك .. والواجبات كثيرة ، لا تحصى .. فالواجبات نحو الرب كثيرة ، وبعضها أهم من بعض .. والواجبات نحو النفس كثيرة ، وبعضها أهم من بعض ..والواجبات نحو المجتمع كثيرة ، وبعضها أهم من بعض .. وسيكون عليك أن تقدم أداء الواجب الأهم على أداء الواجب المهم ، سواء أوقعت المقارنة بين هذه الواجبات فى داخل مراتبها التى ذكرناها ـ الواجب نحو الرب ، والواجب نحو النفس ، والواجب نحو الناس¬ ـ كل مرتبة على حدة ، أو وقعت هذه المقارنة بينها فى مراتبها الثلاث مشاعة فى بعضها ، ومتداخلة .. وتقديم أداء الواجب الأهم على أداء الواجب المهم ، هو ما أ سميناه بأداء الواجب المباشر ، أن تؤديه بإتقان ، وبتجويد ، وبإحسان ، وأنت على علم بأن "الله كتب الإحسان على كل شى" .. ثم يبقى عليك بعد ذلك واجب مهم وهو أن تترقب النتيجة وراء أداء واجبك هذا المباشر .. فإن جاءت النتيجة وفق مرضاة نفسك فإن واجبك أن تشكر الله ، وأن ترى المنة منه ، وألا يستخفك البطر .. إن جاءت النتيجة بخلاف ما يرضيك فإن عليك أن تتقبل عناية الله ، وأن تثق فى حكمة تدبيره إياك ، وأن تحمده .. ويجب عليك أن تحفظ قلبك فلا تذهب نفسك حسرات على ما فاتك من الخير ، فيما تزعم لك نفسك ، بتسويل الجهل لها ، أن الخير قد فاتها .. وتقديم الواجب المباشر ، بعد تمييزه ، يحتاج إلى قوة فكر لا تتوفر إلا بالعبادة المجودة .. وإتقان أداء الواجب المباشر يحتاج إلى علم لايتوفر إلا بالتعلم .. ونحن نعيش فى عصر العلم .. ولكل عمل يؤديه الإنسان طريقة علمية ، يمكن أن يؤدى بها ، فتنساق به إلى إتقان الأداء ، وإلى إقتصاد الجهد المبذول فيه ، وإلى توفير النفقة عليه .. كل عمل نعمله ، فى عصرنا هذا ، يجب أن يقوم على علم ، وعلى تخطيط وفق العلم ، وعلى تنفيذ وفق التخطيط . هذه هى الخطة العلمية التى بإتباعها ، فى أثناء أداء عملنا اليومى ، نكون سايرين فى طريق التوحيد الذى هو غرض عبادتنا ، وغرض حياتنا .. فإنك حين تؤدى واجبك فى عملك اليومى وفق علم به ، وتخطيط له وفق هذا العلم ، ثم يجئ تنفيذك إياه وفق هذا التخطيط ، تكون متخلقاَ بأخلاق الله . فإنه ، سبحانه وتعالى ، يخلق "بعلم وإرادة ، وقدرة" فهو بالعلم أحاط بمخلوقاته ، وبالإرادة قد خصص صورة البروز ، وبالقدرة قد أبرزها إلى حيز الوجود .. وقيامك أنت على أداء واجبك بهذه المراتب الثلاث: علم وتخطيط ، وتنفيذ ، يحرز لك وحدة عقلك ، ويدك ، وعينك .. وهذه تسوق مباشرة إلى توحيد القوى المودعة فيك ، والتى بها تكتمل حياتك ، والتى هى غرض العبادة ، الأول والأخير وقد أ شرنا إليها فى مواضع كثيرة .. تلك القوى هى العقل ، والقلب ، والجسد ..
    ويجب أن يكون واضحاًَ فإن عملك فى أداء واجبك بهذه الصورة يجب أن تكون النية فيه خالصة من كل شائبة .. "ألا لله الدين الخالص" ..
                  

12-25-2013, 04:31 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    ونحن ، من أجل الإهتداء إلى تمييز الواجب المباشر ، نقدم: "الثورة الفكرية" .. ومن أجل الإهتداء ألى إتقان أداء الواجب المباشر نقدم: "الثورة الفكرية" و"الثورة الثقافية" .. وستتخذ "الثورة الثقافية" صورة سلسلة من الكتيبات بإسم "تعلموا كيف" .. تبدأ بكتيب "تعلموا كيف تصلون" الذى سيكون بين أيدى القراء قريباً ، إن شاء الله ، ثم تسير إلى غير نهاية ، تقدم كل موضوع من الموضوعات التى يأتيها الآتى ، فى "خلوته" مع ربه ، أو فى "خلوته" مع أهله ـ مع زوجته ـ أو فى "جلوته" مع الآخرين ، بطريقة علمية تتطلب ثلاث المراتب معاً ، وفى آنٍ واحد: العلم الدقيق بالأمر المراد أداؤه ، ثم التخطيط ، وفق هذا العلم ، ثم التنفيذ ، وفق هذا التخطيط .
    "الثورة الفكرية" ، و "الثورة الثقافية" هى الثورة التى تبدأ ، ولكنها لا تنتهى ، على الإطلاق .. هى تبدأ فى هذه الحياة ، وتبدأ عندنا منذ اليوم ، إن شاء الله ، ولكنها لا تنتهى .. هى لا تنتهى لا فى البرزخ ، ولا فى الآخرة ولا فى السرمد . ذلك لأن بها السير إلى الله .. والسير إلى الله إنما هو سرمدى .. فأهل الدنيا ، فى الدنيا ، سائرون إليه .. وأهل البرزخ ، فى البرزخ ، سائرون إليه .. وأهل الجنة ، فى الجنة ، سائرون إليه .. وأهل النار ، فى النار ، سائرون إليه ، فأنه ما من الله بد .. "يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً ، فملاقيه" ذلك وعد غير مكذوب . والسير إلى الله "ثورة فكرية" و "ثورة ثقافية" ، على إختلاف فى ذلك يقع فى المقدار ، ولا يقع فى النوع .
                  

12-28-2013, 09:13 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote:
    الخاتمــة


    أما بعد فهذا كتيب نقدمه بين يدي "الثورة الفكرية" و "الثورة الثقافية" وهو في ذلك دعوة إليهما على بصيرة الدين ، و هدى العلم ـ العلم بالله ، و العلم بالأخرى ، و العلم بالدنيا .. ويجب أن يكون واضحاً فإننا ، نحن السودانيين ، لا تنقصنا المهارة الفنية ، و لا الخبرة العلمية بقدر ما تنقصنا (الأخلاق) .. إن (أزمة) أمتنا الحاضرة هي (أزمة أخلاق) .. و تلك هي أزمة البشرية جمعاء ، على عصرنا الحاضر .. و من أجل ذلك فإن الحاجة الأولى إنما هي للثورة ، تبدأ من الداخل ..
    إن التغيير يجب أن يبدأ من النفس البشرية ، يبدأ من داخل كل نفس ، و هذا هو ما توخيناه هنا . و هذا هو ما من أجله بدأنا سلسلتنا العلمية بكتيب: (تعلموا كيف تصلون) .. يجب أن نبدأ بتغيير أنفسنا ، في دخيلتها ، فإن نحن غيرناها إلى ما هو أحسن أمكن أن نغير ، إلى الأحسن ، غيرنا .. و إلا فلا .. فإن "فاقد الشئ لا يعطيه" ..
    و نحن قد إفتتحنا كتيبنا هذا بآيات من الكتاب الكريم ، جاء فيها قوله ، تبارك من قائل: "له معقبات ، من بين يديه ، و من خلفه ، يحفظونه من أمر الله . إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم .. و إذا أراد الله بقومٍ سوءاً فلا مرد له .. و ما لهم من دونه من وال" .. أقرأ ، و تأمل "إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم" ..
    إن الله هو المسئول أن يتقبل عملنا ، و أن يهدينا ، وأن يهدي بنا ، و أن يجعل حياتنا وقفاً على تعريف خلقه به ، وعلى تحبيبه إلى خلقه .. جميع خلقه ..
    ثم أنه هو المسئول أن ينزل هذا الشعب الطيب أدنى منازل القرب منه ، وأن يجعله طليعة تهدي إلى منازل التشريف و الكرامة بقية الشعوب..
                  

12-29-2013, 07:51 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((30))

    والآن فان الفرد البشري يولد أنانيا، فهو لا يرى أن هناك غيره، بل إنه يرى أنه يجب أن ينفرد بنيل ما يريد‏.‏‏. ثم هو يأخذ في التعلم، قليلا، قليلا، حتى يقيد رغبته برغبة المجتمع من حوله‏.‏‏. وكلما نما، كلما علم، أن حريته مقيدة بحرية الآخرين‏.‏‏.
    ثم هو، إذا بلغ سن الرشد، أصبح واضحا أمامه وجوب تقييد نزواته، وفق العرف، والقانون، وإلا فإنه يتعرض للعقوبة التي تعرض لها الفرد البشري، في أول النشأة، مع الاختلاف طبعا، في عنف العقوبة بين الأمس، واليوم، وذلك بفضل الله، ثم بفضل تطور المجتمع، فالفرد البشري اليوم مولود وهو وارث لتجارب الحياة منذ بدايتها‏.‏‏. ووارث للكبت الذي فرضته الحياة، في المجتمع، على الفرد البشري، منذ بروز البشر من مستوى الحيوان‏.‏‏. ثم إن على الفرد البشري بالإضافة للكبت الموروث، أن يمارس كبتا مكتسبا في حياته بين الميلاد والوفاة‏.‏‏. ولقد كان الكبت دائما بفعل الخوف، ولكن الخوف يقل، ويقظة الضمير تزيد، كلما اقتربنا من عهد كمال الحياة البشرية على هذا الكوكب الذي نعيش فيه، ولقد كان الخوف صديقا، حيث به برزت العقول من الأجساد، ولكن لا بد من التحرر من الخوف من أجل كمال العقول وكمال الأجساد‏.‏‏. لقد كان الخوف صديقا في بداية النشأة، ولكنه قد أصبح عدوا منذ اليوم، حيث أقبلت الحياة البشرية على عهد كمالها‏.‏‏. لقد سار الفرد البشري من مستوى الحيوان إلى مستوى البشر، بفضل الله، ثم بفضل الكبت، الذي به انقسم على نفسه وسيسير من مستوى البشر إلى مستوى الإنسان، بفضل الله، ثم بفضل فضّ الكبت، حيث تتوحد البنية التي انقسمت بفعل الكبت ‏.‏‏.
    إن جميع عصور البشرية، وإلى اليوم، قد تطورت فيها البنية البشرية وهي منقسمة على نفسها‏.‏‏. وهذا ما أسميناه مرحلة: ((الجسد والعقل المتنازعين))‏.‏‏. وستدخل البشرية مرحلة كمالها منذ اليوم، وذلك بفض الكبت، الموروث، والمكتسب، حيث تجيء مرحلة: ((الجسد والعقل المتسقين))‏.‏‏. ويومئذ تدخل البشرية الحاضرة مرحلة الإنسانية، حيث تتم وحدة البنية البشرية، التي عاشت منقسمة على نفسها طوال تاريخها الطويل‏.‏‏.
    ولا يجيء فض الكبت فجأة، وبغير فكر يهدي التطور، كما يظن الماديون، حيث يتحدثون عن تحرير الغرائز، وهم لا يعلمون ما يقولون‏.‏‏. لا بد للفرد اليوم، من أجل تطوره في مضمار وحدة بنيته، من الكبت، المجود، الواعي، ليستطيع، بعد تجويد الكبت، أن يدخل مرحلة فضّ الكبت، بعلم، وبذكاء‏.‏‏.
    إن الكبت المكتسب يجب أن يجيء من قناعة، ومن يقظة ضمير، ومن توقد ذهن، ومن علم بأصل البيئة، التي نعيش فيها- البيئة الطبيعية، والبيئة الاجتماعية – لا أن يجيء من الخوف الذي سلط على أوائلنا، من جراء الجهل‏.‏‏. لقد كان الخوف - كما قررنا - صديقا لأوائلنا، ولكنه، منذ اليوم، هو عدونا، ويجب، بفضل الله، ثم بفضل العلم الجديد بأصل البيئة الطبيعية، والاجتماعية، أن نتحرر منه ‏.‏. وفي مضمار التحرر من الخوف يجيء فض الكبت‏.‏‏.
                  

12-29-2013, 12:34 PM

عبد الحي علي موسى
<aعبد الحي علي موسى
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2929

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    مرور بقصد تعظيم والسلام.
    ولك مني، وللأحياء والأشياء من حولك، آلاف السلام.
                  

12-30-2013, 06:51 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: عبد الحي علي موسى)

    هلا ب(عبدو الحي) ومرحبا
    شرفت الديار
    ربي يزيدك شرف كمان وكمان
                  

12-30-2013, 08:01 AM

Adel Mohammed Abdulrahman
<aAdel Mohammed Abdulrahman
تاريخ التسجيل: 05-03-2013
مجموع المشاركات: 143

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    مادام معاي القمر علي بالي اهل الظاهر ما بهمني مثل من عندياتي
    الاستاذ هو القمر
    ايش الحلاوة دي وايش الادب ده والمحبة دي
    يا جمالللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللل يا منصوري

    (عدل بواسطة Adel Mohammed Abdulrahman on 12-30-2013, 09:30 AM)

                  

12-31-2013, 07:02 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: Adel Mohammed Abdulrahman)

    Quote: مادام معاي القمر علي بالي اهل الظاهر ما بهمني مثل من عندياتي
    الاستاذ هو القمر
    ايش الحلاوة دي وايش الادب ده والمحبة دي
    يا جمالللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللل يا منصوري

    عادل يا (محمد) )(عبد الرحمن)
    سلام جميل لزول جميل
    الله يديم عليك نعمة المحبة..
    وقيل في الحكمة ان الله (محبة)
    لك مني جزيل الود والمحبة

                  

01-04-2014, 03:26 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((31))


    لقد انصب الكبت في أول نشأة المجتمع كما سبق أن قررنا، على القوة الجنسية، وعلى حب التملك‏.‏‏. واليوم فإن الكبت يجب أن ينصب عليهما معا ولكن بعلم، وبقناعة، لا بخوف العقوبة من المجتمع‏.‏‏.
    ولما كان في المرحلة لا بد من مستوى من الخوف، من أجل التحرر من الخوف، فقد وجب توحيد الخوف في مصدر واحد، ريثما يتم التحرر نهائيا من الخوف‏.‏‏. هذا المصدر الواحد إنما هو المعلم الواحد، الذي سير الحياة، من بدايات المادة، في المراقي نحو الكمال‏.‏‏. لقد قلنا لأن المعلم واحد فان النهايات ظاهرة في البدايات، ولكن ظهورها يحتاج منا إلى إعمال فكر‏.‏‏. والآن فإنا نقرر أن دين التوحيد قد كان ظاهرا في دين التعدد، منذ نشأة الدين، عند الفرد البشري، قبل نشأة المجتمع‏.‏‏.
    فقد كان لكل فرد في الأسرة إلهه - للأب، وللأم، وللأبناء البالغين، ولغير البالغين - ولكن آلهتهم جميعا تخضع لإله الأب، كما يخضعون هم جميعا له‏.‏‏. ثم إن الأسرة الواحدة قد نشأت منها أسر جماعة، ترجع إلى رجل واحد، هو جدها‏.‏‏. ولهذه الأسر العديدة رجل حكيم، يأتمرون بأمره، ويذعنون لحكمته، ولإلهه تذعن آلهتهم، كما يذعنون هم له‏.‏‏. وهكذا سار التوحيد‏.‏‏. رجل حكيم، وذكي، يذعن له رجال قبيلته، ونساؤها، ولإلهه تذعن آلهة رجال قبيلته، ونسائها‏.‏‏. ثم إن القبائل تحترب، فيما بينها، فتغلب قبيلة قبيلة، فتذعن القبيلة المغلوبة للقبيلة الغالبة، وتذعن آلهة القبيلة المغلوبة لآلهة القبيلة الغالبة‏.‏‏. وهكذا سار التوحيد‏.‏‏.
    ثم جاء عهد الملوك فتوجت القبائل شيوخها ملوكا عليها، ليحموها وليقودوها إلى النصر على أعدائها الذين ينازعونها الأرض، وينازعونها المرعى ، وينازعونها الماء ، ويشنون عليها الغارات‏.‏‏. فإذا انتصرت قبيلة، بقيادة ملكها، على قبيلة أخرى، بقيادة ملكها، فان الملك المغلوب يذعن للملك الغالب، وتذعن معه، أو تذعن آلهته للآلهة الجديدة، ويتوحد الملك بين القبيلتين، ويتوحد الدين‏.‏‏. وهكذا يسير التوحيد‏.‏‏. ثم تطور عهد الملوك: من ملوك القبائل الرحل، إلى ملوك المدن المسّورة، المحصنة بالقلاع، وتطورت، مع تطور الملوك الآلهة‏.‏‏. وتطورت الممالك، من ممالك المدن، إلى ممالك الدول الكبيرة‏.‏‏. وتطورت الآلهة أيضا حتى جاء عهد الملوك الذين كانوا يرون أنفسهم آلهة، والملوك الذين كانوا يرون أنفسهم أبناء الآلهة، والملوك الذين كانوا يرون أنفسهم ظلالا للآلهة، والملوك الذين كانوا يرون أنفسهم ظلالا لإله واحد‏.‏‏. هكذا يسير التوحيد‏.‏‏.
    ولقد جاء دين التوحيد ، من السماء باتصال الملك جبريل بالبشر المرسلين لتعليم الناس التوحيد، منذ آدم، أبو البشر الحاضرين، وذلك عهد بعيد ، ممعن في البعد، ولكن دائرة دين التوحيد بهذا المستوى - مستوى رسالات السماء - قد كانت ضيقة‏.‏‏. وفي أثناء ذلك لقد خدم عهد الملوك دين التوحيد خدمة جلّى‏.‏‏.
                  

01-05-2014, 04:09 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((32))


    و جاء مؤخرا الملوك الموحدون: ((ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل، من بعد موسى، إذ قالوا لنبي لهم: ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله‏.‏‏. قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا؟؟ قالوا: ومالنا ألاّ نقاتل في سبيل الله، وقد أخرجنا من ديارنا ، وأبنائنا‏.‏‏. فلما كتب عليهم القتال تولوا، إلا قليلا منهم‏.‏‏. والله عليم بالظالمين * وقال لهم نبيهم: إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا‏.‏‏. قالوا: أنّى يكون له الملك علينا، ونحن أحق بالملك منه، ولم يؤت سعة من المال؟؟ قال: إن الله اصطفاه عليكم، وزاده بسطة، في العلم، والجسم، والله يؤتي ملكه من يشاء، والله واسع عليم ‏.‏‏.)) وكان في جند طالوت داوود‏.‏‏. ويقص الله علينا من خبرهم: ((و لما برزوا لجالوت، وجنوده قالوا: ربنا افرغ علينا صبرا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين * فهزموهم، بإذن الله، وقتل داوود جالوت، وآتاه الله الملك، والحكمة، وعلمه مما يشاء‏.‏‏. ولو لا دفع الله الناس، بعضهم ببعض ، لفسدت الأرض‏.‏‏. ولكن الله ذو فضل على العالمين ‏.‏‏.)) وخلف داوود سليمان ابنه، فكان ملكا رسولا‏.‏‏. وانتصر سليمان على بلقيس، ملكة سبأ، فجاءت مذعنة: ((قالت: رب إني ظلمت نفسي، وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين‏.‏‏.)) وكانت هي، وقومها، يعبدون الشمس، فتحولوا لما هزموا، إلى دين التوحيد‏.‏‏. وهكذا يسير التوحيد‏.‏‏.
    واستمر عهد الملوك‏.‏‏. ولماء جاء المسيح، ابن مريم، نبيا عبدا، رفضه اليهود، لأنهم كانوا ينتظرونه نبيا ملكا‏.‏‏. ولقد جاء نبينا، فخير أن يكون نبيا ملكا، أو نبيا عبدا، فاختار أن يكون نبيا عبدا‏.‏‏. فانتصر بذلك للمستضعفين، في الأرض.
    وبدأ عهد الجمهورية، من يومئذ، يدال له من عهد الملكية‏.‏‏. ولكن، لما كان الوقت لا يزال مبكرا لمجيء عهد الجمهورية، مجيئا عمليا، فقد قال نبينا: ((الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تصير ملكا عضوضا ‏.‏‏.))
    وهكذا كانت، على عهد معاوية، وإلى وقت قريب، وفي بعض البلاد الإسلامية، إلى يومنا الحاضر‏.‏‏. وبالثورة الفرنسية، في القرن الثامن عشر، بدأ عهد الجمهورية بصورة، عملية، وجريئة‏.‏‏. ثم جاءت الحرب العالمية الثانية، وبنهايتها اتسع النظام الجمهوري، وتقلص النظام الملكي، في كل الأرض‏.‏‏. لقد جاء عهد الشعوب، وبدأ التاريخ يكتب من جديد وهكذا يسير التوحيد‏.‏‏.
                  

01-06-2014, 02:14 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    ساووا السودانيين فى الفقر
    الى أن يتساووا فى الغنى

    بلادنا تشرف على جنى الثمر

    إن الخط الثوري، الذى لا خيار لنا فى سواه، والذى نقترح على حكومتنا، وعلى شعبنا – على موظفينا، وعمالنا، وتجارنا – أن يختطوه، إنما هو خط يتطّلب الكثير من تغيير عادات صرفنا، وأساليب معيشتنا، وهو طريق يتطّلب أيضا شد الأحزمة، وأخذ النفوس بالعزائم.. ولكننا، مع ذلك، مطمئنون، بأن هذا الحال لن يطول بنا، ذلك بأن بلادنا توشك أن تدخل عهدا من الرخاء يذهب معه كل عناء فى الحياة اليومية.. فها هى مشاريع التنمية تشرف على مراحل إيتاء أكلها، وها هى الأرض يوشك أن تنبجس منها عيون البترول.. ويومها سيزول كثير من الكرب الذى صبر عليه سواد هذا الشعب الطيب العفيف.

    نداءنا للجميع

    إن النداء ليوجه لكل فرد من أفراد شعبنا، ليضعوا مصلحة بلادهم العليا فوق مصالحهم الضيقة العاجلة، بل ليعلموا أن مصلحتهم الخاصة، فى الحقيقة، مرتبطة، أشد الإرتباط، بالمصلحة العامة للبلاد.. بل، أكثر من ذلك!! فإنه، حتى كبار التجار، الذين يسهم بعضهم، شعر أو لم يشعر، مع المعارضة بخلق الضائقة التموينية، إنما هم معرّضون، هم وثرواتهم التى يجمعونها على حساب القوت الضرورى لإخوانهم فى الدين، وفى الوطن، وعلى حساب سيادة وأمن البلاد، إنهم معرّضون، هم وما يجمعون للضياع، إذا ما قوّض هذا النظام!! ذلك بأن بلادنا مستهدفة من الطائفية، ومن وراء الطائفية هى مستهدفة من الإستعمار الجديد – من الشيوعية الدولية.. فإذا ما جاءت الطائفية للحكم، فإن الطريق يصبح ممهدا للشيوعية الدولية لتغرز نظامها فى هذه البلاد، ويومها، لا قضى الله ولا قدّر، لا يفقد هؤلاء التجار ثرواتهم، بل قد يفقدون حياتهم أيضا..

    بلادنا فى حاجة الى كل عقل ويد

    إن بلادنا، فى فقرها هذا، عزيزة بأصالة شعبها، غنية بإمكانات أرضها الثرّة، وسمائها المدرارة، فهى لا تفتقد الاّ جهد، وعرق، بنيها لتصبح، بإذن الله، طليعة للعالم فى كل شىء..
    فلا تجوع إذ يجوع الناس، ولا تبتئس إذ يبتئسون، وإنما هى التى يناط بها أن تمسح من على وجوه الحزانى حزنهم، وتزيل عن المستضعفين ضعفهم، وشقاءهم..
    بلادنا هذه يجب أن يستشعر بنوها، وبناتها، مسؤوليتهم، فى هذه المرحلة الحاسمة.. وعلى المغتربين بخاصة، أو الذين ينتوون الإغتراب، أو الذين يتمنونه، على هؤلاء أن يعلموا أن مكانهم ها هنا، ولا يليق بهم أن يدعوا بلادهم، ويحرموها من مواهبهم، ليهربوا من تحمل مشقة العيش بها جريا وراء الثروة التى يرجونها من إغترابهم.. إن من لا يعي هذا ويلزمه، فلا أسف على ذهابه، ولا حسرة..
                  

01-06-2014, 02:38 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    هذا من ديننا

    إن الخطوات التى نطالب بها المسؤولين، كما نطالب بها سائر أفراد شعبنا، هى ليست بغريبة على تكوين مجتمعنا، ولا هى بغريبة على ديننا، وإنما هى من صميم طبعنا، ومن أصل ديننا.
    إن تيسير معيشة الناس أمر يوليه الإسلام حدّا لا نهاية له، ويعده من أهم وسائله لسوق الناس الى الله، وفى هذا يقو النبى الكريم: (الدنيا مطية الآخرة!!)، ويقول أيضا: (كاد الفقر أن يكون كفرا!!).. وهو قد ظل يدعو، بلسان حاله، وبلسان مقاله، الى التكافل الإجتماعى.. فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ليس منّا من بات شبعان وجاره جائع!!).. وقال عنه أحد الأصحاب: (كنا فى سفر مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: "من كان له فضل مال فليعد به على من لا مال له، ومن كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، ومن كان له فضل ماء فليعد به على من لا ماء له"، فأخذ يعدد الفضول حتى ظننا أن ليس لأحد منّا حق فى الفضل).. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: (ان الأشعريين كانوا إذا أملقوا، أو كانوا على سفر، أتوا بما عندهم من زاد فافترشوا ثوبا، فوضعوه عليه فاقتسموه بالسوية!! أولئك قوم أنا منهم، وهم منى)..
    وقد كان كل هذا منه حضّا، وندّبا، لأمته.. أما هو، فى خاصة نفسه، فقد كان هذا قانونا ملزما به نفسه..
    فأصل الإسلام هو الإشتراكية، ولذلك فإننا، اليوم، عندما ندعو لهذه الخطوات الثورية، فى أمر اقتصادنا، فإنما ندعو الى خطوات قانونية تتطلبها مصلحة بلادنا الحاضرة، وحاجة شعبنا العاجلة، وهى فى نفس الوقت تستقيم مع أصل ديننا..
                  

01-06-2014, 04:55 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    Quote: Abubakr Ahmed Abbas · Elsunny
    سلام يا منصوري، قبل كدا سألت دكتور عبد الله النعيم السؤال التالي ولم أجد عنده الجواب الشافي، أرجو الإجابة عليه، السؤال: يقول الأستاذ محمود في الرسالة الثانية عن رسولها:
    "هو رجل آتاه الله الفهم عنه من القرآن، وأذن له في الكلام"
    داير أفهم كيف تمّ هذا الإذن؟ ما هي وسيلة التواصل بين الله والأستاذ



    اخي الكريم/ ابوبكر احمد عباس
    تحية طيبة
    لتجد الاجابة علي تساؤلك احيلك الي هذا الخيط الذي يناقش تفاصيل التفاصيل عن الفكر الجمهوري بما في ذلك مسألة الذن..
    اتمني ان تجد فيه الاجابة الشافية:
    اخونا / حسين خوجلي.ما عندك الفكرة الجمهورية.
    مع وافر شكري


                  

01-07-2014, 04:10 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((33))


    و الآن فان التوحيد قد بلغ مستوى طيبا جدا يسمح بتطور جديد في مستوى الحياة البشرية به تدخل عهد الإنسانية، الذي ظلت ترقبه، وتحلم به - أو بالأحرى يحلم به طلائعها من أنبياء الحقيقة‏.‏ ولقد رأينا كيف أن العلم المادي، بانفلاق الذرة، قد رد الوجود كله إلى أصل واحد، معلوم الخصائص، مجهول الكنه‏.‏‏. أصل واحد هو قوة - هو طاقة- تدفع، وتجذب، في الفضاء‏.‏‏.
    ولقد اخترنا الحديث عن خط تطوير السلاح، من السلاح الحجري، إلى السلاح النووي، لان الحروب تحفز على التطوير أكثر مما يحفز السلام‏.‏‏. وإلى اليوم، فان الدول، ميزانياتها، تكاد تكون مفتوحة، لتمويل البحوث العلمية التي تطور الأسلحة الرهيبة، ذلك بأن السلام اليوم إنما يقوم على الخوف من الحرب بهذه الأسلحة الرهيبة، التي معها لن يكون هناك منتصر، ومنهزم، كما كانت الحالة بالأسلحة التقليدية، وإنما هو الدمار لكل الحياة‏.‏‏. وبفضل حوافز الحرب جاء تطوير العلم المادي التجريبي للحياة المعاصرة، من جميع وجوهها‏.‏‏. ثم إننا رأينا كيف سار توأم العلم المادي التجريبي- الدين- من التعدد أيضا إلى التوحيد‏.‏‏.
    لقد كان هناك في بدء المسيرة آلهة كثيرة - آلهة بعدّ البشر - ولكن بعض الآلهة مهيمن على بعضها، هيمنة البشر، بعضهم على بعض‏.‏‏.
    ولقد جاءت أديان التوحيد جميعها تحارب آلهة الأصنام، وآلهة العناصر، والأجرام، وآلهة الملوك، أمثال فرعون: ((فحشر فنادى * فقال أنا ربكم الأعلي‏.‏‏.)) حتى تم لها النصر، من حيث التنظير بنزول القرآن‏.‏‏.
    وعندما جاء النبي الكريم بالقرآن في مكة كان في الكعبة، بيت الله الذي بناه أبو الأنبياء، إبراهيم، لعبادة الله وحده، نحو ثلاثمائة وستين صنما‏.‏‏. فقال يا أيها الناس قولوا: ((لا إله إلا الله)) تفلحوا!! فقالوا فيما حكي عنهم القرآن: ((أجعل الآلهة إلها واحدا؟؟ إن هذا لشيء عجاب!!)) ولقد جاء جميع الأنبياء، والرسل، بقولة ((لا إله إلا الله))‏.‏‏. اللفظ واحد، والتحصيل، في الصدور، يختلف - المعنى يتفاوت‏.‏‏.
    في جميع العصور كانت ((لا إله إلا الله)) تعني أن جميع الآلهة باطلة، إلا إلها واحدا، هو الله‏.‏‏. ((لا معبود بحق إلا الله))‏.‏‏. هذا معنى ((لا إله إلا الله)) عندنا، نحن المسلمين ، في القرن السابع‏.‏‏. ذلك بأنه قد كانت هناك آلهة أصناما حسية، فكان هذا المعنى يناسب ذلك الطور، من أطوار المجتمع البشري‏.‏‏.
    أما اليوم فان التوحيد، بمحض الفضل الإلهي، قد ارتفع إلى قامة جديدة، تناسب مجتمع القرن العشرين، الذي طور العلم المادي التجريبي، حتي رد المادة كلها إلى أصل واحد، وحتى بفضل الله، علينا وعلى الناس، طور الآلة في مضمار القوة، والسرعة، والكفاءة، إلى الحد الذي ألغى، أو كاد أن يلغي، الزمان، والمكان‏.‏‏. فوحد بذلك هذا الكوكب الذي نعيش فيه ‏.‏‏.
    إن البشرية اليوم لا تعبد أصناما حسية، كما كان يفعل الناس، في القرن السابع، ولكنها، مع ذلك، تعبد أصناما معنوية، لها عليها سلطان، أقوى من سلطان الأصنام الحسية على عُبَّادها الذين ظلوا لها عاكفين‏.‏‏.
                  

01-08-2014, 03:35 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((34))


    ((اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا‏.‏‏.)) هذا اليوم، هو يوم عرفة، من سنة عشرة للهجرة، وهو يوم حجة الوداع، وقد كان يوم جمعة‏.‏‏. هذه الآية هي آخر من نزل من القرآن‏.‏‏. ولقد لبث النبي بعدها بين الناس، ذي الحجة، ومحرم، وصفر، ثم لحق بالرفيق الأعلى، وكان ذلك يوم 12 ربيع الأول، من السنة الحادية عشرة، من الهجرة المباركة‏.‏‏. لقد كمل يومئذ إنزال القرآن، ولكن لم يكمل بيانه ، ولن يكمل، لأن بيانه عند الله، حيث لا عند: ((ثم إن علينا بيانه))، هكذا قال ربي العظيم، وما على الله بيانه لا يقع الفراغ من بيانه، لأنه مطلق، و ((كل يوم هو في شأن))‏.‏‏. ولقد بين، تبارك وتعالي، لنبيه قدرا عظيما منه، ولكنه نهاه عن تبليغه للأمة: ((نحن معاشر الأنبياء، أُمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم))‏.‏‏. ولقد أرشدنا، تبارك وتعالي، إلى الطريقة التي بها نكون مهيئين لتلقي البيان منه، تبارك وتعالي، فقال: ((واتقوا الله، ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم ‏.‏‏.)) وقال النبي الكريم: ((إنما أنا قاسم، والله يعطي، ومن يرد به الله خيرا يفقهه في الدين ‏.‏‏.)) فالنبي جاء ليعلمنا كيف نتقي الله حتى يعلمنا الله‏.‏‏. فقوله ((إنما أنا قاسم)) يعني أرسلت بالشريعة لأعلمكم كيف تتقون، وأرسلت بالطريقة أيضا لأكون لكم قدوة باتباعها تزيدون في تقواكم لله، فيعلمكم الله، ((والله بكل شيء عليم))‏.‏‏. فهو يعلمكم بقدر استعداد المكان منكم للتعليم ‏.‏ ((و من يرد به الله خيرا يفقهه في الدين))‏.‏‏.
    و اليوم، بفضل الله، ثم بفضل اتباع النبي الكريم، يدخل في الوجود زيادة بيان للقرآن يناسب القرن العشرين، حتى يكون الإسلام، والقرآن ، للناس - جميع الناس - ملاذا، ومفازة ‏.‏‏. إن ((لا إله إلا الله)) اليوم لا تعني: ((لا معبود بحق إلا الله))، وإنما تزيد على ذلك المعني، فتصبح: ((لا فاعل لكبير الأشياء، ولا لصغيرها، إلا الله))‏.‏‏. يقول تعالي: ((وكأينٍ من دابة لا تحمل رزقها، الله يرزقها، وإياكم، وهو السميع العليم * ولئن سألتهم: من خلق السموات، والأرض، ######ر الشمس، والقمر؟؟ ليقولنّ: الله‏.‏‏. فأنّى يؤفكون * الله يبسط الرزق، لمن يشاء من عباده، ويقدر له‏.‏‏. إن الله بكل شيء عليم ‏.‏‏.)) فكأن الناس يردون فعل الأشياء الكبيرة إلى الله، ولكن فعل الأشياء الصغيرة ينسبونه للمخلوقات، من دون الله‏.‏‏. وإنما جاء ذلك لوهم الإرادة التي ورطتنا فيها حركاتنا التلقائية‏.‏‏. نحن نظن أن عندنا إرادة مستقلة، عن الله، سبحانه وتعالي، بها ننفذ الأعمال الصغيرة، التي تتطلبها حياتنا اليومية، في هذه الدنيا، مثل تدبير الرزق، وهو أكبر شيء رسب الخوف في صدورنا، منذ نشأة الحياة، بين الماء، والطين، في سحيق الآماد‏.‏‏.
    ولقد ساق الله لنا هنا الآية الأولى عن الرزق ثم ساق الآية الثانية عن خلق السموات، والأرض، وتسخير الشمس، والقمر‏.‏‏. وساق الآية الثالثة عن الرزق أيضا‏.‏‏. نحن لا دعوى لنا في خلق السموات، والأرض، ولا في تسخير الشمس، والقمر‏.‏‏. هذه لا طاقة لنا بها، فلا دعوى‏.‏‏. ولكن لنا طاقة بتدبير الرزق بالزراعة، وبالتجارة، وباحتراف الحرف المختلفة‏.‏‏. ولذلك فقد تورطنا في الدعوى ههنا‏.‏‏. واستولى علينا عقل المعاش‏.‏‏. وركز فينا خوف الجوع، وخوف الموت بالـجوع، وأمرنا بالبخل، وبالحرص، وبالادخار، وبالعداوة، وبالحرب، وبكل مذام الصفات‏.‏‏. هذه هي الأصنام التي نعبدها اليوم، لا الأصنام الحسية‏.‏‏. لقد كانت الأصنام الحسية، في حينها، رمزا، مجسدا، لهذه المعاني‏.‏‏. كانت الأصنام الحسية رمزا للإرادة البشرية وتسويلاتها المختلفة التي أملاها علينا الجهل، في سحيق الآماد ‏.‏ ولقد جاء تبارك وتعالي، في فاصلة الآية الأولى بقوله: ((وهو السميع العليم))‏.‏‏. وفي فاصلة الآية الثالثة بقوله: ((إن الله بكل شيء عليم)) وجاءت فاصلة الآية المتوسطة بين الآية الأولى، والآية الثالثة، بقوله: ((فأنى يؤفكون؟؟))‏.‏‏. و((يؤفكون)) هنا تعني ((يُصرفون))‏.‏‏. كأنه قال: ((فكيف‏.‏‏. يجهلون؟؟))‏.‏‏. عبر، تبارك وتعالي، في ثلاث الآيات عن العلم، إشارة إلى وجوب الخلاص من وهم الحواس، ووهم العقول التي أملت علينا وهم استقلال الإرادة ‏.‏‏.
    إن صنمنا الأعظم اليوم إنما هو الإرادة البشرية المتوهمة التي تعارض الإرادة الإلهية المحققة‏.‏‏.
                  

01-09-2014, 07:30 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((35))


    الآية العظيمة التي صدرنا بها حديثنا هذا، وهي: ((اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا ‏.‏‏.)) أخطأ في فهمها جميع علماء الإسلام، حين ظنوا أن كل ما يخص الدين قد كمل، وأن ليس هناك أمر مستأنف، يجيء فيما يقبل من الزمان‏.‏‏. والحق إن الدين كله أمامنا‏.‏‏. وانه لمن فضل الله، علينا، وعلى الناس، أن جاءتنا هذه البشارة، بان الله اكمل لنا ديننا، وأتمم علينا نعمته، ورضي لنا الإسلام دينا‏.‏‏.
    معلوم إن الإسلام قد جاءت به جميع الرسالات السماوية، من لدن آدم، وإلى محمد، وقد قال المعصوم: ((خير ما جئت به، أنا والنبيون من قبلي: "لا إله إلا الله"‏.‏))‏.‏‏. اللفظ واحد، والتحصيل يختلف، بين الأمم، وأنبيائها، وبين الأمم، فيما بينها، وبين الأنبياء، فيما بينهم‏.‏‏.
    وأكبر تحصيل، في ذلك، بين الأنبياء، ما قيضه الله، تبارك وتعالي، لنبيه الكريم‏.‏‏.
    وأكبر تحصيل، في ذلك، بين الأمم، ما قيضه الله لأمة نبيه الكريم‏ - أمة المؤمنين .‏‏. فأما عند الأمة المؤمنة -أمة المؤمنين - فقد كانت تعني ((لا إله إلا الله)) ‏.‏ لا معبود بحق إلا الله‏.‏‏. وقد سبق أن قررنا ذلك‏.‏‏. وأما عند النبي، فقد كانت تعني ((لا فاعل، لكبير الأشياء، ولا لصغيرها إلا الله..))
    والدين الذي أشارت إليه الآية السابقة، هو الدين الذي أشارت إليه آية: ((فأقم وجهك للدين حنيفا، فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم‏.‏‏. ولكن اكثر الناس لا يعلمون‏.‏‏.)) هو الفطرة - ((فطرة الله التي فطر الناس عليها))، جميع الناس‏.‏‏. ولقد قال النبي: ((كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه ‏.‏‏.)) وهذه الفطرة لا يقع عليها الكبت، وإنما يقع الكبت على حواشيها - هي في سويداوات القلوب‏.‏‏. ولذلك قال تعالي: ((لا تبديل لخلق الله))‏.‏‏. ولقد سبقت الإشارة إلى الكبت، وقلنا سببه الخوف العنصري، وبه انقسم الإنسان على نفسه، وبهذه القسمة ارتفع فوق مستوى الحيوان، وأخذ الخطوة الأولى في سيره إلى مقام إنسانيته‏.‏‏. وستكون الخطوة الثانية في فضّ الكبت‏.‏‏. وبفضّ الكبت يصل السالك إلى فطرة الله التي فطر الناس عليها، في سويداوات القلوب‏.‏‏.
    ولقد وقع الكبت بين عقل المعاش، وعقل المعاد‏.‏‏. وعقل المعاد هو طبقة العقل التي تلي عقل المعاش فيما بينه وبين سويداء القلب‏.‏ وطبقات العقل سبع، تطابق النفوس السبع، عند أصحابنا السادة الصوفية‏.‏‏. وتطابق أسماء الصفات السبع: الحي، العالم، المريد، القادر، السميع، البصير، المتكلم‏.‏‏. فالحى في سويداء القلوب وهذه - الحياة - هي الفطرة - فطرة الله التي فطر الناس عليها ‏.‏‏.
                  

01-12-2014, 08:12 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((36))


    بالكبت أخذنا أول خطوة في طريق السير إلى مقام إنسانيتنا‏.‏‏. وبفضّ الكبت نصل إليها‏.‏‏. ولقد ذكرنا أن التطور في مضمار البشرية، منذ أن ارتفعت فوق مستوى الحيوانية بالكبت، ظل في نطاق الكبت‏.‏‏. والكبت سببه الخوف‏.‏‏. والخوف سببه الجهل بالبيئة التي نعيش فيها‏.‏‏.
    ولقد قلنا: إن العلم المادي التجريبي قد رد الكون الظاهري - أو قل قد رد المادة إلى أصل واحد، هو الطاقة‏.‏‏. وعندما وصل الدين إلى معنى ((لا إله إلا الله)) بأنه لا فاعل لكبير الأشياء، ولا لصغيرها، إلا الله، فقد رد جميع مظاهر الوجود إلى مظهر واحد، هو - الله - الكون مظهر الله في ذاته - لقد تحققت وحدة الوجود بتضافر العلم المادي، والعلم الروحي‏.‏‏. وأصبحت البيئة القديمة بيئة جديدة‏.‏‏. هي بيئة روحية في مظهر مادي‏.‏‏. وأصبح علينا إذن أن نتواءم معها‏.‏
    ثم إن هناك أمرا آخر تقرره الكلمة: ((لا إله إلا الله))‏.‏‏. هذا الأمر هو أن الوجود واحد، وانه هو خير مطلق، وصرف، ولا مكان للشر فيه، إلا لحكمة تعليمنا نحن .. قال تعالي: ((و من كل شيء خلقنا زوجين، لعلكم تذكرون* ففروا إلى الله‏.‏‏. إني لكم منه نذير مبين))‏.‏‏. "فالإثنينية" مظهر للواحد، وليست أصلا فيه‏.‏‏. والحكمة من الإثنينية أن نتعلم نحن، لأن حواسنا التي تؤدي المعاني إلى عقولنا إثنينية، وكذلك عقولنا‏.‏‏. فنحن إنما نعرف الأشياء بأضدادها - نعرف الظلام، بالنور‏.‏‏. ونعرف البرد، بالحر‏.‏‏. ونعرف الشر، بالخير، وهكذا‏.‏‏.
    لقد دخل الشر في الوجود ليعرّفنا بالخير‏.‏‏. والله خير مطلق‏.‏‏. فإن نحن استطعنا أن نتواءم مع خلقه- نرضى بفعله - لا نرى الشر اطلاقا‏.‏‏. والله تعالى يقول: ((ما يفعل الله بعذابكم، إن شكرتم، وآمنتم، وكان الله شاكرا عليما؟؟))‏.‏‏. وفي الآيتين السابقتين يأمرنا، تبارك وتعالي، أن نفر من الثنائية إلى الوحدة، حيث ينقطع عنا الشر ويبقى الخير وحده‏.‏‏. هذه المعرفة الجديدة للبيئة القديمة هي التي تحررنا من الخوف‏.‏‏. وبالتحرر من الخوف ينفض الكبت الذي رسبه فينا الخوف الذي دفعه إلى قلوبنا الجهل بحقيقة البيئة‏.‏‏.
                  

01-13-2014, 09:18 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((37))


    فطرة الله التي فطر الناس عليها هي ((الحياة))‏.‏‏. هي حياة الإنسان، وما حياة الحيوان إلا الخطوة الأولى في السير إلى حياة الإنسان‏.‏‏. حياة الإنسان عالمة وحياة الحيوان جاهلة‏.‏‏. حياة الإنسان هي الحياة الأخرى، وحياة الحيوان هي الحياة الدنيا‏.‏‏. للحياة الأخرى عقل المعاد، وللحياة الدنيا عقل المعاش، وإنما جاء الدين ليهذب عقل المعاش، حتى يرتفع بنا إلى عقل المعاد‏.‏‏. ولقد ورد في ذلك بعض التفصيل‏.‏‏.
    ولما كانت حياة الإنسان عالمة، كانت أيضا طائعة لله، مؤمنة به: ((الذين آمنوا، ولم يلبسوا إيمانهم بظلم، أولئك لهم الأمن، وهم مهتدون‏.‏‏.)) ولقد قال، تبارك وتعالي، في الحياتين، الحياة الدنيا، والحياة الأخرى: ((و ما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب، وإن الدار الآخرة لهي الحيوان، لو كانوا يعلمون!!)) و"الحيوان" تعني المبالغة في الحياة - تعني الحياة الكاملة‏.‏‏.
    ولقد خلق الإنسان- آدم- على هذه الفطرة - الحياة الكاملة‏.‏‏. ((لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)) وذلك في أعلى الجنان - في الملكوت - عند الله، وترد عنها العبارة القرآنية ((عند مليك مقتدر)) من قوله، تبارك وتعالي: ((إن المتقين في جنات، ونهر * في مقعد صدق، عند مليك مقتدر ‏.‏‏.))‏.‏‏. ثم أنه، من مقام ((أحسن تقويم)) قد رُد إلى ((أسفل سافلين))، وإنما رد بالأمر التكويني‏.‏‏. والأمر التكويني يقوم على حكمة الخلق‏.‏‏. ولقد رد إلى ((أسفل سافلين))، وفي ذاكرته ((أحسن تقويم))، ومن أجل ذلك ظل يحلم بالكمال دائما، ويسعى إلى تحصيله‏.‏‏.
    ولقد قلنا: إن ((أسفل سافلين)) هو مرتبة أدنى التجسيد في عالم الملك - مرتبة ذرة بخار الماء - ذرة غاز الهايدروجين‏.‏‏. ولقد أخذ الإنسان طريقه، في العودة إلى الله، من ذلك التجسيد المهين، وذلك بمحض الفضل الإلهي .. ولقد أنفق في ذلك السير دهرا، دهيرا‏.‏‏. ولقد عبر، تبارك وتعالي، عن ذلك بقوله: ((هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا * إنا خلقنا الإنسان من نطفة، أمشاج، نبتليه‏.‏‏. فجعلناه سميعا بصيرا‏.‏‏.)) وهو إنما لم يكن شيئا مذكورا في ملكوت الله لأنه لم يبلغ أن يكون مكلفا، في ذلك الحين الطويل من الدهر، وإنما كان يتقلب في الحيوات الدنيا - حياة الذر، والهوام، والحيوان‏.‏‏. ثم إنه لما برز فيه العقل أصبح منورا بالعقل من أعلاه، مظلما بالنفس من أسفله‏.‏‏. وظل على ذلك متجاذبا بين الواجب، ويمليــه العقل، وبين الشهوة، وتمليها النفس‏.‏‏. وكان على ذلك أيضا خطاء ‏.‏‏. وجعــل الله، تبارك وتعالى ، كماله في هذه النشأة الخطّاءة‏.‏‏. فهو يخطئ، ويصيب، ويزيد رصيــد صوابه من ممارسة خطئه‏.‏‏. ولقد قال المعصوم: ((إن لم تخطئوا، وتستغفروا، فسيأتي الله بقوم، يخطئون، ويستغفرون، فيغفر لهم ‏.‏‏.)) وعندما نزل آدم الأول - آدم الخليفة - منزلة التكليف، فنبئ، أسكن جنة الملك - جنة الأرض -: ((وقلنا يا آدم اسكن، أنت، وزوجك الجنة، وكُلا منها رغدا حيث شئتما، ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فأزلهما الشيطان عنها، فأخرجهما مما كانا فيه، وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو، ولكم في الأرض مستقر، ومتاع، إلى حين * فتلقى آدم من ربه كلمات، فتاب عليه، إنه هو التواب الرحيم * قلنا اهبطوا منها جميعا، فأما يأتينكم مني هدى، فمن تبع هداي، فلا خوف عليهم، ولا هم يحزنون * والذين كفروا، وكذبوا بآياتنا، أولئك أصحاب النار‏.‏‏. هم فيها خالدون))‏.‏‏.
    ((ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين))‏ هذا أول أمر تشريعي لآدم، بعد الأمر بالعبادة، وهو تنظيم القوة الجنسية‏.‏‏. ولقد كان هذا أول أمر تشريعي لأسلاف آدم عند ظهور العقل، وقبل وفرة العلم‏.‏‏. ولقد وردت إلى ذلك الإشارة عند الحديث عن نشأة المجتمع‏.‏‏. ولقد أُهبط آدم من جنة الأرض بمخالفة هذا الأمر التشريعي‏.‏‏. وهذه الخطيئة قد جُبرت بالاستغفار، وعاد آدم الخليفة إلى الطاعة، والهداية‏.‏‏. قال تعالى في ذلك: ((فتلقي آدم من ربه كلمات، فتاب عليه، إنه هو التواب الرحيم))‏.‏‏. ولقد كانت تلك الكلمات هي قول آدم، وزوجه: ((ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا، وترحمنا، لنكونن من الخاسرين))‏.‏‏.
    لقد أُهبط آدم من جنة الأرض - وذلك، في مستوى من المستويات، رد من ((أحسن تقويم)) إلى ((أسفل سافلين)) كما رد، أو أهبط، بعض ذريته، من بعده، ولا يزال هذا يجري، وسيظل يجري، مع كل خطيئة: ((وذا النون إذ ذهب مغاضبا، فظن أن لن نقدر عليه، فنادى في الظلمات، ألاّ اله إلا أنت، سبحانك، إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له، ونجيناه من الغم، وكذلك ننجي المؤمنين))‏.‏‏.
    وعن قوم سبأ يخبرنا، تبارك وتعالي: ((لقد كان لسبأ، في مساكنهم، آية: جنتان، عن يمين، وشمال، كلوا من رزق ربكم، واشكروا له .. بلدة طيبة، ورب غفور * فأعرضوا، فأرسلنا عليهم سيل العرم، وبدلناهم، بجنتيهم، جنتين ذواتي أكل خمط، وأثل، وشيء من سدر قليل))‏.‏‏.
                  

01-14-2014, 10:48 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((38))

    لقد أُهبط آدم الخليفة من جنة المعاني، في الملكوت، إلى جنة المباني، في الملك، بالأمر التكويني، وعلى الأمر التكويني تقوم حكمة الخلق، ولا تقع، في الأمر التكويني، معصية، فما فيه غير الطاعة‏.‏‏. ثم إن آدم قد أُهبط من جنة الطاعة، حيث الرغد، والوفرة، إلى جنة الشقاء، والضيق، لما عصا الأمر التشريعي، ((ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين))‏.‏‏. وقال تعالى عنه: ((وعصى آدم ربه فغوى))‏.‏‏. وهو إنما عصى لأنه استمع لأمر الشيطان، ونسي أمر ربه: ((فوسوس إليه الشيطان: قال: يا آدم!! هل أدلك على شجرة الخلد، وملك لا يبلي؟؟ * فأكلا منها، فبدت لهما سوآتهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة، وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه، فتاب عليه، وهدى))‏.‏‏. وهو إنما استمع لأمر الشيطان، لأن عقل معاده، قد كان محجوبا بعقل معاشه، وهو عقل يسيطر عليه الخوف العنصري، الساذج، ولذلك فقد طمع في الخلد، والملك الذي لا يبلى‏.‏‏. ولقد سبقت الإشارة إلى عقل المعاد وعقل المعاش‏.‏‏. ((ثم اجتباه ربه، فتاب عليه، وهدى))، هدي عقل معاشه بالتهذيب بالعبادة، وبالعقوبة، ليسير به إلى عقل معاده، حيث يعرف القيم، فيطيع أمر الله، ويعصى أمر الشيطان..
    ولقد قلنا إن المعصية لا تقع في الأمر التكويني، فليس ثمة إلا الطاعة‏.‏‏. وقلنا على الأمر التكويني تقوم حكمة الخلق‏.‏‏. وأما على الأمر التشريعي فتقوم حكمة التعليم‏.‏‏. وفي الأمر التشريعي تقع المعصية، وتقع الطاعة‏.‏‏. الأمر التكويني مسيطر على عالم الملكوت وعلى عالم الملك - على عالم العقول، وعلى عالم الأجساد، على السواء‏.‏‏. ولهيمنة الأمر التكويني، على الأمر التشريعي، فليست هناك معصية، في الحقيقة، وإنما المعصية في الشريعة - في حكم العقل‏.‏‏. وفي هذا سر التسيير، والتخيير، الذي شغل، ولا يزال يشغل، عقول المفكرين، من علماء الدين، ومن علماء الدنيا ‏.‏
    والحكمة وراء المعصية، إنما هي ترويض العقول، لتسير، بالممارسة، من المعصية إلى الطاعة، حتى تصبح مطبوعة على الطاعة، وهي مختارة لها، ومقتنعة بقيمها‏.‏‏. لقد خلق الله، في الملكوت، خلقا مرحليين، وضرب عليهم الطاعة، فهم ((لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون))‏.‏‏. هم بذلك علماء، ولكنهم ليسوا أحرارا‏.‏‏. وخلق الله في الملك خلقا مرحليين، وضرب عليهم المعصية، فهم لا يطيعون ‏.‏‏. أولئك هم الملائكة‏.‏‏. وهؤلاء هم الأبالسة .. وعدم الحرية في أولئك، وهؤلاء إنما هو أمر مرحلي‏.‏‏. ثم إن الله خلق، بين أولئك، وهؤلاء، خلقا هم البشر‏.‏‏. الملائكة عقول بدون شهوة‏.‏‏. والأبالسة شهوة، بدون عقول، والبشر شهوة، رُكِّبت عليها العقول لتسوسها‏.‏‏. وجاء الشرع ليقوي العقول على هذه السياسة، فتسير إلى الطاعة، وهي مدركة، وعالمة، فتكون الحصيلة، العلم، والحرية، وذلك بفضل الله، ثم بفضل كمال النشأة البشرية، التي أعطيت حق: الخطأ‏.‏‏. وبهذه النشأة أصبح سائر البشر أكمل، مآلا، من سائر الملائكة‏.‏‏. ولا يكمل الملائكة، ولا الأبالسة، بأن يكونوا علماء، وأحرارا، حتى يدخلوا في هيكل الإنسان‏.‏‏.
                  

01-14-2014, 11:12 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((39))

    لقد بدأنا هذا البحث بالحديث عن الديمقراطية‏.‏‏. ولقد جاء الحديث عن الديمقراطية، بعد الآية العظيمة، التي صدرنا بها حديثنا هذا، بدون أيّ مقدمة، حتى أني لأظن أن بعض الناس قد يستغرب هذا الأمر‏.‏‏. قلنا أن الديمقراطية إنما هي حكم الشعب ، بواسطة الشعب ، لمصلحة الشعب‏.‏‏. وهذا الحكم إنما هو الحكم الباقي‏.‏‏. وهو حكم لم يجد تطبيقه، إلى اليوم، ولن يجده إلا في الإسلام‏.‏‏. وإنما من أجل تحقيق هذا الحكم العظيم، في واقع الناس، كتبنا هذا الاستقراء لنشأة الحياة، ونشأة المجتمع، ومجيء الأديان، وتعاقبها، حتى جاء دين التوحيد، في المصحف الشريف، الذي رسم خطة العودة إلى الله، في إطلاقه‏.‏‏.
    في الإسلام الديمقراطية هي حق الخطأ‏.‏‏. وحق الخطأ هو كمال النشأة البشرية ، على النشأة الملائكية‏.‏‏. وقد وردت الإشارة إلى ذلك، وقيل، وقتها: إن حق الخطأ يمكّن الإنسان من أن يكون عالما، وحرا، في نفس الأمر‏.‏‏. والحرية وسيلة الحياة‏.‏‏. والعلم وسيلة الحرية‏.‏‏. والحياة وحدها هي الغاية في ذاتها، فأكرم بالحرية من وسيلة، هي طرف، من أعظم غاية - الحياة‏.‏‏.
    ولقد كرم النبي الكريم حق الخطأ، اعظم تكريم، حين قال: ((إن لم تخطئوا وتستغفروا فسيأت الله بقوم يخطئون ويستغفرون فيغفر لهم))‏.‏‏. وذلك لمكان الحرية، في الخطأ، والصواب‏.‏‏. ولمعزة الحرية، عند الله ، قال تعالى لنبيه الكريم: ((و قل: الحق من ربكم، فمن شاء، فليؤمن، ومن شاء فليكفر‏.‏‏. إنا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها، وإن يستغيثوا ، يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه، بئس الشراب، وساءت مرتفقا ‏.‏‏.))
    هذه هي الحرية، وهذا هو ثمنها - المسئولية‏.‏‏. والحرية، في الإسلام، مطلقة، لأنها إنما تتضوع من المطلق‏.‏‏. الحرية، في الإسلام، هي العبودية لله: ((و ما خلقت الجن، والإنس، إلا ليعبدون)) ويقول: ((إن كل من في السموات، والأرض، إلا آت الرحمن عبدا * لقد أحصاهم، وعدهم عدا * وكلهم آتيه، يوم القيامة، فردا)) والعبودية هي أن تنعتق من رقك للعناصر ‏- من رقك للأحياء، والأشياء - أن تنعتق حتى من سيطرة الزمان، والمكان عليك، لتكون عبدا، خالصا لله، لا يشاركه في رقك شيء، على الإطلاق‏.‏‏. ومن ثم قلنا: إن الحرية، في الإسلام، مطلقة، وهي لا تقيد إلا بمقدرة الحر على القيام بحسن التصرف فيها‏.‏‏.
                  

01-14-2014, 07:07 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    Quote: ولقد كرم النبي الكريم حق الخطأ، اعظم تكريم، حين قال: ((إن لم تخطئوا وتستغفروا فسيأت الله بقوم يخطئون ويستغفرون فيغفر لهم))‏.‏‏. وذلك لمكان الحرية، في الخطأ، والصواب‏.‏‏. ولمعزة الحرية، عند الله ، قال تعالى لنبيه الكريم: ((و قل: الحق من ربكم، فمن شاء، فليؤمن، ومن شاء فليكفر‏.‏‏. إنا اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها، وإن يستغيثوا ، يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه، بئس الشراب، وساءت مرتفقا ‏.‏‏.))
                  

01-15-2014, 10:55 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((40))


    إن الفرد البشري، حين قيد نفسه بقيود أعراف المجتمع - طائعا ومكرها - إنما من أجل الحرية قيدها‏.‏‏. كأنه تنازل عن بعض حريته ليستمتع بباقيها، بفضل العيش في المجتمع، والانتفاع بالأمن، والحب، والدفء، الذي يوفره له المجتمع‏.‏‏.
    الديمقراطية هي نظام الحكم، في وقتنا الحاضر، الذي يجب أن يوفر للفرد البشري كل الحرية التي تمكنه من أن يحقق فرديته، التي ينماز بها، عن أفراد القطيع‏.‏‏. وهذه لا تتحقق بمجرد الحرية في الجماعة التي يقوم الحكم الديمقراطي على توفيرها، وإنما تتحقق، بها، وبالمنهاج التعبدي، والتعاملي الذي يسوق الفرد، سوقا فرديا، في طريق الرجعي، إلى الله، تبارك، وتعالي، حيث صدرنا، أول الأمر، في طريق الاغتراب‏.‏‏. ((لقد خلقنا الإنسان، في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا، وعملوا الصالحات، فلهم أجر غير ممنون ‏.‏‏.))‏.‏‏. ((فلهم اجر غير ممنون)) يعني أن حبل العودة لهم من ((أسفل سافلين)) إلى ((أحسن تقويم)) موصول، غير مقطوع‏.‏‏. ذلك هو الإيمان، وعمل الصالحات - منهاج العبادة، والمعاملة‏.‏‏.
    ولقد قلنا: أننا إنما هبطنا من ((أحسن تقويم)) إلى ((أسفل سافلين)) بالمعصية فنحن، إذن، لا نعود إلى ((أحسن تقويم)) إلا بالطاعة - هذا هو قانون المعاوضة.
    لقد قلنا، عند حديثنا عن الفطرة، إن الله فطر الناس على الحياة الكاملة، وقلنا إن الحياة الكاملة عالمة، وهي، من ثم، طائعة لله، لا تعصيه - مسلمة له‏.‏‏. ونقول إن معنى الإسلام: الاستسلام - الطاعة‏.‏‏. قال تعالي، لأمة المؤمنين: ((يا آيها الذين آمنوا!! اتقوا الله، حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون))، أي مستسلمون، طائعون‏.‏‏. ولقد سبقت الإشارة إلى أنه على الأمر التكويني تقوم حكمة الخلق، وأنه ليس، في الأمر التكويني، معصية، فليس ثمة إلا الطاعة، وإنما المعصية في الأمر التشريعي.. ولاشتمال الأمر التكويني، على الأمر التشريعي، فليس هناك معصية، في الحقيقة، وإنما المعصية في الشريعة لحكمة التعليم‏.‏‏. فلكأن الفطرة التي فطر الله الناس عليها إنما هي الطاعة ‏.‏ ‏.‏ وهو، تبارك وتعالي، يقول، في ذلك: ((تسبح له السموات السبع، والأرض، ومن فيهن‏.‏‏. وإن من شيء إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم، إنه كان حليما غفورا ‏.‏‏.)) ولكن لا عبرة بتسبيح غير العقلاء، عند الله، وإنما العبرة، كل العبرة، بتسبيح - قل بطاعة - العقول، ولذلك فانه، تبارك وتعالي، يقول: ((ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله، وهو محسن، واتبع ملة إبراهيم حنيفا، واتخذ الله إبراهيم خليلا؟؟)) ويقول: ((و من يسلم وجهه إلى الله، وهو محسن، فقد استمسك بالعروة الوثقي، وإلى الله عاقبة الامور‏.‏‏.)) وروح هاتين الآيتين في قوله: ((و هو محسن)) يعني يسلم وجهه لله، وهو عاقل، ومدرك، ومختار لهذا الإسلام - هو عالم، وحر، في ذلك التسليم‏.‏‏.
    وفي موضع آخر يقول تبارك وتعالي: ((لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد، من الغي، فمن يكفر بالطاغوت، ويؤمن بالله، فقد استمسك بالعروة الوثقى، لا انفصام لها، والله سميع، عليم))‏.‏‏. والعروة الوثقى هي القرآن‏.‏‏. قاعدته شريعة، وقمته حقيقة‏.‏‏. وهو، بين الشريعة، والحقيقة، موصل إلى الله، ولذلك قال: ((و إلى الله عاقبة الأمور))‏.‏‏. العروة الوثقى هي طرف الحبل الممدود بين الله، والناس، من استمسك به سار إلى الله ‏.‏‏.
                  

01-15-2014, 06:35 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((42))


    الإنسان، من حيث الحجم، لا يذكر، إذا ذكرت الأكوان، ولكنه من حيث القيمة لا يذكر معه شئ، لأنه هو سيد الأكوان‏.‏‏. خلق الله الإنسان بذاته من ذاته، وخلق الله بالإنسان الأكوان‏.‏‏. نفخ الله روحه في الإنسان، ونفخ روح الإنسان في الأكوان‏.‏‏.
    وقال الله ، تبارك وتعالي،((خلقت الإنسان لي وخلقت الأكوان للإنسان))‏.‏‏. وقال تعالي: ((ما وسعني ارضي، ولا سمائي، وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن))‏.‏‏. لقد خلق الله كل شئ بالفتق - فتق النقيض من النقيض - فجاءت المثاني‏.‏‏. قال تعالي: ((ومن كل شئ خلقنا زوجين، لعلكم تذكرون ‏.‏‏.)) ثم حرك بندول فكر الإنسان بين النقيضين ليتعلم، فهو يفهم الضد، بالضد - يفهم الخير، بالشر‏.‏‏. وقال تعالي: ((سبحان الذي خلق الأزواج كلها، مما تنبت الأرض، ومن أنفسهم، ومما لا يعلمون‏.‏‏.))‏.‏‏. وأعلى الأزواج الذات المطلقة والذات المقيدة - حيث قيدت الذات المطلقة نفسها، بمحض الفضل، في مقام الاسم - الله - الإنسان - الذات المحمدية، التي هي أول قابل لتجليات الذات المطلقة‏.‏‏. فتنزل الذات الصرفة المطلقة لمقام الاسم - الله - هو أول الحركة - أول الفتق - أول الزمن - وإن كان زمنا يكاد يلحق بالمطلق‏.‏‏. ثم جاء الفتق الثاني من روح الإنسان إلى نفس الإنسان - من ((أحسن تقويم)) إلى ((أسفل سافلين))‏.‏‏.
    ثم جاءت الفتوق كلها، ذلك بان كل زوجين إنما هما مفتوقان من بعضهما، لتقوم الضدية، وتحدث حركة فكر الإنسان، بين الضدين، فيحصل العلم، ((ومن كل شئ خلقنا زوجين ، لعلكم تذكرون‏.‏‏.))‏.‏ قال، تبارك، وتعالي: ((يا أيها الناس!! اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا، ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به، والأرحام، إن الله كان عليكم رقيبا!!))‏.‏‏.
    فالنفس الواحدة ههنا هي نفسه، تبارك، وتعالي، في المكان الأول، ثم نفس آدم - الإنسان - في المكان الثاني‏.‏‏. وزوج آدم المخلوقة منه هي حواء، وعنها جاءت الإشارة في آية ((يس)) بقوله ((و من أنفسهم))‏.‏‏. وزوج الذات المطلقة، المخلوقة منها، هو آدم، وعنه جاءت الإشارة في آية ((يس)) بقوله: ((ومما لا يعلمون))‏.‏‏. ومن لقاء حواء بزوجها آدم جاء الاستمتاع الجنسي، في علاقة زواج الحقيقة، والشريعة، وجاءت المعارف، وجاءت الذرية، من رجال ونساء‏.‏‏.
    ومن لقاء آدم بزوجه الذات الصرفة جاءت العبودية، وجاءت المعارف‏.‏‏. ومن المعارف رجال ونساء - معارف فكر، ومعارف شعور‏.‏‏. ((سبحان الذي خلق الأزواج كلها، مما تنبت الأرض، ومن أنفسهم، ومما لا يعلمون!!)) وداخل الفتق الثاني - من روح الإنسان، إلى نفس الإنسان - تقع كل العوالم، ما نرى منها، وما لا نرى، وما نعرف منها، وما لا نعرف‏.‏‏. كل العوالم في الإنسان مطوية ولقد قال أحد العارفين في ذلك:
    وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر؟؟
    و هذا هو المعنى الذي أشرنا إليه، عندما قلنا: إن الله تبارك، وتعالي، قد خلق الإنسان بذاته، ثم خلق بالإنسان الاكوان‏.‏
                  

01-16-2014, 05:37 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((41))


    لقد تحدثنا عن التعليم، وقلنا: إنه، في جميع المجتمعات، قد كان محاولة لإعطاء الحى مقدرة على المواءمة بين حياته وبين بيئته‏.‏‏. وقلنا إن المشكلة إنما هي البيئة!! ما هي؟؟ ولقد فهمناها فهما خاطئا‏.‏‏. ولقد ظل هذا الفهم الخاطئ يلازمنا إلى اليوم، وإليه ترجع مشاكل المجتمع البشري برمتها وأخطاء تعليمه، بصورة خاصة‏.‏‏. ولقد قلنا إن العلم المادي التجريبي قد كشف لنا، بانفلاق الذرة، أن المادة، بالصورة التي تألفها حواسنا، وتعرفها عقولنا، ليست هناك، وإنما هي، لدى التحليل الأخير، طاقة، تدفع وتجذب، في الفضاء‏.‏‏. هذه الطاقة معروفة الخصائص، مجهولة الكنه، وليس في طوق العلم المادي أن يعرف كنهها، لا الآن، ولا في المستقبل، بل إنه لا يدعي لنفسه هذه الإمكانية، بل إنه يقرر أنها خارج نطاقه‏.‏‏. هو يقف ههنا ويسلمنا إلى العلم الروحي - توأمه الأكبر - ليسير بنا، أمامه، في رحاب الوادى المقدس‏.‏‏.
    هذا هو موقف العلم المادي التجريبي، بعد أن قطع مراحل التطور البدائية، من التعدد، إلى أن وصل إلى الوحدة‏.‏‏. فما هو موقف العلم الروحي التجريبي، بعد أن قطع مراحل التطور البدائية، من التعدديات، إلى أن وصل إلى الوحدة؟؟ ((كان الله ولا شيء معه‏.‏‏. وهو الآن، على ما عليه كان ‏.‏‏.)) هذا حديث نبوي شريف‏.‏‏. وفي حديث قدسي قال تعالي: ((كنت كنزا مخفيا ، فأحببت أن أُعرف، فخلقت الخلق، فتعرفت إليهم، فبي عرفوني‏.‏‏.)) وأصحابنا الصوفية يقولون: ((ما في الكون إلا الله - ذاته، وأسماؤه، وصفاته، وأفعاله ‏.‏‏.)) وأسماء الله، وصفاته، وأفعاله ،إنما هي تنزلات من ذاته‏.‏‏. وهي لدى التناهي، ذاته‏.‏‏.
    فرجع الأمر إلى صاحب الأمر‏.‏‏. ((ألا له الخلق والأمر))‏.‏‏. ((كنت كنزا مخفيا))، ذاتا، صرفا، مطلقا، فوق العبارة، وفوق الإشارة - فوق الأسماء والصفات‏.‏‏. ((فأحببت أن أُعرف فخلقت الخلق))‏.‏‏. ولقد كانت أول حركة في الخلق تنزل الذات من الصرافة - من الإطلاق إلى القيد - إلى مرتبة الاسم، ((الله))‏.‏‏. وهذه مرتبة الإنسان‏.‏‏. وهي مرتبة ((أحسن تقويم)) التي جاءت الإشارة إليها في قوله، تبارك، وتعالي: ((لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم))‏.‏‏. ولقد خلق الله بالإنسان الأكوان‏.‏‏. فجاء الفتق: (ثم رددناه أسفل سافلين))‏.‏‏. و((أسفل سافلين)) هي أدني، وأوهن، صور التجسيد، هي ذرة بخار الماء - ذرة غاز الهيدروجين، وهي في مركز الأرض‏.‏‏.
    لقد كان الفتق من أعلى عليين إلى أسفل سافلين - من ألطف اللطائف، إلى أكثف الكثائف، فظهر بذلك النقيضان، وتحرك بندول الإنسان، في طريق الرجعي، من ((أسفل سافلين)) إلى ((أحسن تقويم))‏.‏‏. ولقد تحرك بندول الإنسان لأنه، ما في الكون الحادث، إلا الإنسان‏.‏‏. إن الاختلاف بين ((أحسن تقويم)) و((أسفل سافلين)) ليس اختلاف نوع، وإنما هو اختلاف مقدار‏.‏‏. التوحيد يمنع اختلاف النوع أن يدخل في المملكة، فلم يبق إلا اختلاف المقدار‏.‏‏. وعن البندول يقول تبارك، وتعالي: ((الله الذي خلق سبع سماوات، ومن الأرض مثلهن، يتنزل الأمر بينهن، لتعلموا أن الله على كل شئ قدير، وأن الله قد أحاط بكل شئ علما‏.‏))‏.‏ فالنقيضان هنا هما السموات السبع، والأرضين السبع، والبندول الذي يتحرك بين النقيضين - بين اللطيف، والكثيف، هو الأمر - ((يتنزل الأمر بينهن))‏.‏‏. الأمر هو روح الله المنفوخ في الإنسان‏.‏‏. الأمر هو روح الإنسان‏.‏‏. الأمر هو الإنسان حين تتزاوج نفسه مع روحه هذه - حين تتم وحدة بنيته‏.‏‏. قال تعالى عن عيسى بن مريم: ((قال: كذلك!! قال ربك: هو على هين، ولنجعله آية للناس، ورحمة منا‏.‏‏. وكان أمرا مقضيا!!))
                  

01-18-2014, 06:31 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)



    الديباجة ((43))


    وعن فتق الأكوان قال تعالي: ((أو لم ير الذين كفروا، أن السموات، والأرض، كانتا رتقا، ففتقناهما، وجعلنا من الماء كل شئ حي؟؟ أفلا يؤمنون؟؟)) ولكن هل رأى الذين كفروا ((أن السموات، والأرض، كانتا رتقا؟؟)) نعم!! ولا!! وإلا لما جاز السؤال!! ، رأوا، لأنهم كانوا في جرم الإنسان‏.‏‏. وبالإنسان خلقت السموات، والأرض، مرتتقة‏.‏‏. وبالإنسان فتقت‏.‏‏. وهم قد كانوا هناك!! ولم يروا، عندما برزوا، من جرم الإنسان، إلى أجرامهم الخاصة بهم، والتي وقع عليها التكليف الشرعي بالأيمان‏.‏‏. فالحقيقة دائما بين بين، لا هي في النقيض الأيمن، ولا هي في النقيض الأيسر، وإنما هي بينهما، ويمر عليها البندول، وهو في حركته يمنة ويسرة‏.‏‏. بانفتاق السحابة التي كانت مرتتقة برز الكون، بأجرامه التي لا تحصى‏.‏‏. والكون كونان، انفتق أحدهما من الآخر، وفق السنة الإلهية في خلق الزوجين‏.‏‏. الكون الخارجي، والكون الداخلي‏.‏‏. الكون الخارجي هو كون الشموس، والمجرات - كون الشموس الثابتة‏.‏‏. وهي لم تسم ((الثابتة)) لأنها غير متحركة، فما في الكون الحادث إلا متحرك، وإنما سميت ((الثابتة)) لأنها محفوظة النسب، في مواقعها، رغم حركتها الدائبة، حول نفسها، وحول ونحو مركز، هو نفسه، متحرك، يطلب من لا تصح في حقه، الحركة، ولا السكون: ((وإن من شئ إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم!!)) ‏.‏‏. والكون الداخلي هو كون المجموعة الشمسية - وهو جيب صغير جدا، داخل الكون الخارجي‏.‏‏. ولقد كان الكون الخارجي سحابة مرتتقة، فانفتقت، فبرزت، من تلك السحابة، النجوم، والشموس، والمجرات‏.‏‏. ولقد كان الكون الداخلي سحابة مرتتقة، فانفتقت، فبرزت من تلك السحابة شمسنا المعروفة، وبناتها، الكواكب السيارة التسعة - الأرض، والزهرة، وعطارد، والمريخ، والمشتري، وزحل، ويورينص، ونبتون، وبلوتو‏.‏‏. ومن الناحية المادية فان مركز الكون الداخلي الشمس‏.‏‏. ولكن، من الناحية الروحية، فان مركزه الأرض، لأن الأرض هي موطن الإنسان‏.‏‏. والإنسان سيد الأكوان‏.‏‏. وكان القدامى، السذج، البسطاء، الطيبون، يظنون هذا الظن‏.‏‏. فلما تقدم العلم المادي ، وجاء الفلكيون، المحدثون، اكتشفوا أن مركز الكون الداخلي، إنما هو الشمس، وما الأرض إلا كوكب سيار، لا نور له من ذاته، وإنما يستمد نوره من الشمس‏.‏‏. وهذا صحيح في المرحلة‏.‏‏. وعندما يجئ الوقت المعلوم‏.‏‏. عندما تتحد المادة والروح‏.‏‏. فستظهر الأرض الكبرى، من الشمس، وبناتها، ومنها، وأهمها الأرض‏.‏‏. ويومها تنطفئ الشمس، وتبرد، وتنشأ فيها الحياة الأخرى‏.‏‏. وتصبح هذه الأرض الكبرى هي الكون الداخلي، وحولها يدور الكون الخارجي، والجميع يدور حول المطلق، حيث لا حول، يومها يتحقق حلم القدامى السذج، البسطاء، الطيبين، الذين ضحك، من سذاجتهم، الفلكيون، الماديون، المتحذلقون، اليوم‏.‏‏. يومها يصبح الكون الداخلي، والكون الخارجي، مركز الأرض الجديدة، الأرض الكبرى - يصبح المركز المادي، والروحي، واحدا، لأن المادة، والروح، قد زوجتا، فبرزت الوحدة‏.‏‏.
                  

01-21-2014, 03:18 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((44))

    الكون الداخلي صغير جدا‏.‏‏. أبعد كواكبه، من الشمس، كوكب بلوتو‏.‏‏. وهو على بعد 3671 مليون ميل، تقريبا، من الشمس‏.‏‏. وأقرب نجم، من نجوم الكون الخارجي من الشمس، يقع على بعد ‏4.22 سنوات ضوئية‏.‏‏. يعنى أن نوره يصل إلى الشمس في 4.22 سنوات‏.‏‏. فإذا علمنا أن النور يسير بسرعة ‏186282 ميل في الثانية الواحدة، تبين لنا كيف أن الكون الداخلي جيب صغير، داخل الكون الخارجي‏.‏‏. إن الكون الداخلي بمثابة الرحم، من الكون الخارجي‏.‏‏. وفي هذا الرحم تكونت الحياة - حياة الدم واللحم - في الأرض، كما تتكون حياة الأحياء في أرحام الأمهات اليوم‏.‏‏. الكون الداخلي صغير، ومحدود.. ولكن الكون الخارجي غير محدود، وغير متناه، وإنما هو مطلق، لأنه مظهر المطلق ونحن لم نقل أن الكون الداخلي صغير، ومحدود، إلا باعتبار المادة - باعتبار المسافات، وإلا فإنه أهم من الكون الخارجي، بنحو قريب من كون الإنسان - برغم صغر جرمه - أهم من جميـــع الأكوان‏.‏‏. وما دمنا نتحدث عن الأبعاد لتصوير صغر الكون الداخلي، إذا ما قورن، من حيث الحجم، بالكون الخارجي، فلنذكر أن نور القمر يصل إلى الأرض في 1.28 ثانية ((ولقد قطعت مسافة القمر من الأرض بمركبة القمر في أربعة أيام ‏.‏‏.)) فهل نستطيع أن نتصور بعد أقرب نجم إلينا من الكون الخارجي، حين يسافر نوره إلينا، في 4.22 سنوات؟؟ (أقرب نجم يبعد 131228880 ميل) وما هي فرصة الإنسان في السفر في الكون الخارجي؟؟ أو ما سمي بالفضاء الخارجي؟؟ (و الحقيقة ليس هناك فضاء في الكون، وإنما كله معمور بالحياة، ولكنها ليست الحياة التي نعرفها بعقولنا)‏.‏‏. وما دمنا في ذكر القمر، فلنقل إنه، عند الفلكيين، ليس بكوكب من الكواكب السيارة، وإنما هو تابع للأرض والأرض هي الكوكب السيار حول الشمس‏.‏‏. ولكن، من وجهة نظر الدين، فان القمر أهم من جميع الكواكب السيارة، ما خلا الأرض‏.‏‏. وثالوث الأرض، والشمس، والقمر، يرد كثيرا في القرآن‏.‏‏. ولقد ورد ذكر القمر سبعا وعشرين مرة‏.‏‏. وورد ذكر الشمس، ثلاثا وثلاثين مرة‏.‏ وورد ذكر الأرض، من حيث هي، نحو أربعمائة وستون مرة‏.‏‏. ولأهمية الكون الداخلي فان الدين، في المرحلة، ركز عليه كثيرا‏.‏‏. يقول تعالي: ((و لئن سألتهم من خلق السموات والأرض، ######ر الشمس، والقمر، ليقولن الله‏.‏‏. فأنّى يؤفكون؟؟)) ويقول تعالي: ((الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها، ثم استوي على العرش، ######ر الشمس، والقمر، كل يجرى لأجل مسمى، يدبر الأمر، يفصل الآيات، لعلكم بلقاء ربكم توقنون ‏.‏‏.)) قولــه تعالي: ((كل يجــرى لأجل مسمى)) هو ما قلنا عنه: إن الدين ركز، في المرحلة علي، الكون الداخلي، وإلا فان، في عبارة السموات، موجودٌ الكون الخارجي المرئي الآن، وغير المرئي، المعروف الآن، وغير المعروف‏.‏‏. وفي الكون الداخلي، فإن السموات سبع، باعتبار أن الأرض هي المركز‏.‏‏. السماء الأولى القمر، والثانية الزهرة، والثالثة عطارد، والرابعة الشمس، والخامسة المريخ، والسادسة المشتري، والسابعة زحل‏.‏‏. والكواكب السيارة، فوق زحل، وهي ثلاثة، لا تكاد ترى بالعين المجردة‏.‏‏. وعلى عهد العرب ، فان الفلكيين كانوا يعتبرون زحلا أبعد الكواكب‏.‏‏. ولقد قال أبو العلاء المعري، في ذلك:

    زحل أشرف الكواكب دارا من لقاء الردى على ميعاد

    فالسموات السبع هن، الأجرام السبعة، ومداراتها السبعة، قال تعالي، في ذلك: ((ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق، وما كنا، عن الخلق، غافلين ‏.‏‏.)) وإلى هذه الأجرام السبعة وثامنتها الأرض، تشير لدى التجسيد، الأسماء الحسنى الثمانية، وهي: الملك للأرض، والقدوس للقمر، والسلام للزهرة، والمؤمن لعطارد، والمهيمن للشمس، والعزيز للمريخ، والجبار للمشتري، والمتكبر لزحل‏.‏‏. وهذه الأسماء، وجميع الأسماء الحسنى، هي في حق الإنسان، وتتعالى عنها الذات العلية، فهي فوق الأسماء، وفوق الإشارات‏.‏‏. ولأن الكون، من الإنسان، أبرزه الله خارجه ليعلمه به، قال تبارك وتعالي: ((سنريهم آياتنا، في الآفاق، وفي أنفسهم، حتى يتبين لهم أنه الحق‏.‏‏. أولم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد؟؟)) و(أنه الحق)) هنا تعود على الإنسان، ومن ورائه إلى الذات المطلقة، ولكن عندما يصبح الحق حقيقة، وعندما تنقطع العبارة والإشارة..
                  

01-22-2014, 03:59 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((45))

    كل ذرة، من ذرات الكون، أرضه، وسمواته، المرئي منها، وغير المرئي، والمعروف منها، وغير المعروف، له مقابل في بنية الإنسان - قلبه، وجسده، وعقله‏.‏‏. ذلك بأن الله، تبارك، وتعالي، قد خلق الكون على صورة الإنسان، وخلق الإنسان على صورته هو سبحانه وتعالي، ولقد قال المعصوم: ((إن الله خلق آدم على صورته))‏.‏‏. وهذه العلاقة الحميمة هي التي جعلت قوى العبادة في الإنسان تتجه إلى نظائرها في الكون، فعبد الشجر، وعبد الحجر، وعبد النار، وعبد الأجرام السماوية، وعبد الظواهر المختلفة، في البيئة التي تكتنفه‏.‏‏. وأرفع العبادة، لقوى الطبيعة، في طريق التوسل بها إلى خالقها، ما اتفق لإبراهيـم الخليل، حيث يقص علينا الله، تبارك، وتعالي، من خبره: ((و كذلك نري إبراهيم ملكوت السموات، والأرض، وليكون من الموقنين * فلما جنّ عليه الليل رأى كوكبا‏.‏‏. قال هذا ربى!! فلما أفل، قال: لا أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغا، قال: هذا ربى‏.‏‏. فلما أفل، قال: لئن لم يهدني ربى، لأكونن من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة، قال: هذا ربى‏.‏‏. هذا أكبر‏.‏‏. فلما أفلت، قال: يا قومي!! إني برئ مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السموات، والأرض، حنيفا، وما أنا من المشركين))‏.‏‏. وكذلك هداه الله إلى الحق بآيات الآفاق‏.‏‏.
    ((سنريهم آياتنا، في الآفاق، وفي أنفسهم، حتى يتبين لهم انه الحق ‏.‏‏.)) إن الكون هو الإنسان، ولكن الإنسان ليس هو الكون، لأن الإنسان أهم من الكون‏.‏‏. وإن الإنسان هو الله، ولكن الله ليس الإنسان، لأن الله باق - كائن - والإنسان فان - مستمر التكوين‏.‏‏. وهو مستمر التكوين يطلب كينونة الله!! وهيهات!! هيهات!! وإنما حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين، في السرمد، وهذا هو كماله، وليس لكماله نهاية، لأن نهايته إنما هي عند الله، حيث لا عند‏.‏‏. ((وأن إلى ربك المنتهى)) ولا منتهى ‏.‏‏.
    هذا هو الله‏.‏‏. وهذا هو الكون‏.‏‏. نحن من الله، وإلى الله‏.‏‏. والكون منا، وقد خلقه الله لنا ليعيننا، فهو منا، وإلينا‏.‏‏. ولكن الجهل، منذ أول النشأة، وإلى اليوم، قد أوهمنا أننا إنما نعيش في وسط العداوة‏.‏‏. قال شاعرنا، في وقت متأخر جدا، إذا ما قورن ببدء النشأة:

    كأن فجاج الأرض، وهي عريضة لدى الخائف، المطرود كفة، حابل
    يؤتـى إليـه: أن كـل ثنيـة تيممهـا ترمـى إليه بقـاتــل‏.‏‏.

    هذا الخوف الساذج، الفطري، الذي أملاه علينا الجهل، المطبق، في سالف عصورنا، لا يزال يوهمنا بالعداوات، ويغرى بيننا البغضاء، والأحقاد، والضغائن، ويثير الحروب‏.‏‏. وفى تطورنا نحو التحرر من الخوف ننزل المنازل المختلفة، ونعرف، في مستوى من المستويات، كل حين، حقيقة البيئة التي نعيش فيها‏.‏‏.
    ولقد جاء القرآن ليوحد هذا الخوف في الله وحده، ريثما يحررنا، بالعلم، من الخوف العنصرى، الساذج، وحتى من خوف الله‏.‏‏. إقرأوا هذه الآيات، شديدة الدلالة على جهلنا، بالغة الحكمة في علاجنا، من ذلك الجهل‏.‏‏. قال تبارك وتعالى: ((وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات، أو قتل، انقلبتم على أعقابكم؟ ومن ينقلب على عقبيه، فلن يضر الله شيئا، وسيجزى الله الشاكرين * وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله، كتابا مؤجلا، ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها، ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها‏.‏‏. وسنجزي الشاكرين * وكأين من نبى قاتل معه ربيون كثير، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا، وما استكانوا، والله يحب الصابرين * وما كان قولهم إلا أن قالوا: ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين * فآتاهم الله ثواب الدنيا، وحسن ثواب الآخرة، والله يحب المحسنين * يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم، فتنقلبوا خاسرين * بل الله مولاكم، وهو خير الناصرين * سنلقى في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله، ما لم ينزل به سلطانا، ومأواهم النار، وبئس مثوى الظالمين * ولقد صدقكم الله وعده، إذ تحسونهم بإذنه، حتى إذا فشلتم، وتنازعتم في الأمر، وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة، ثم صرفكم عنهم، ليبتليكم، ولقد عفا عنكم، والله ذو فضل على المؤمنين * إذ تصعدون ولا تلوون على أحد، والرسول يدعوكم في أخراكم، فأثابكم غما بغم، لكيلا تحزنوا على ما فاتكم، ولا ما أصابكم، والله خبير بما تعملون * ثم أنزل عليكم، من بعد الغم، أمنة، نعاسا يغشى طائفة منكم، وطائفة قد أهمتهم أنفسهم، يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون: هل لنا من الأمر من شئ؟؟ قل إن الأمر كله لله‏.‏‏. يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك‏.‏‏. يقولون: لو كان لنا من الأمر شئ ما قتلنا ههنا‏.‏‏. قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم، وليبتلى الله ما في صدوركم، وليمحص ما في قلوبكم، والله عليم بذات الصدور * إن الذين تولوا منكم، يوم التقى الجمعان، إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا، ولقد عفا الله عنهم‏.‏‏. إن الله غفور حليم * يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا، وقالوا لإخوانهم، إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى: لو كانوا عندنا ما ماتوا، وما قتلوا، ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم، والله يحي، ويميت، والله بما تعملون بصير * ولئن قتلتم في سبيل الله، أو متم، لمغفرة من الله، ورحمة، خير مما يجمعون * ولئن متم، أو قتلتم، لإلى الله تحشرون * فبما رحمة، من الله، لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب، لانفضوا من حولك، فاعف عنهم، واستغفر لهم، وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله، إن الله يحب المتوكلين * إن ينصركم الله فلا غالب لكم، وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده، وعلى الله فليتوكل المؤمنون))‏.‏‏. ومشكلتنا كلها واردة في قوله تعالى: ((وطائفة قد أهمتهم أنفسهم، يظنون بالله غير الحق، ظن الجاهلية!!)) سبب الخوف جهلنا، وحرصنا على سلامة أنفسنا، حتى لقد ظننا بالله غير الحق‏.‏‏. والآن فان كل وكد الدين هو تحريرنا من الخوف، عن طريق العلم، وعن طريق تسليم أنفسنا لله، فهو أولى بها منا‏.‏‏.
    و إنما من أجل ذلك، كتب علينا أن نقاتل في سبيل نصرة الله، ونصرة الحق، قال تعالى: ((كتب عليكم القتال، وهو كره لكم‏.‏‏. وعسى أن تكرهوا شيئا، وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم، وأنتم لا تعلمون ‏.‏‏.))
                  

01-22-2014, 11:03 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    وإنَّا حين نعتب على إخواننا المصريين، وإخواننا السودانيين، ونستنهض المثقفين إلى واجبهم، [color=#BF0000]لا نفعل ذلك ونحن متضررون من شيء، فنحن موقنون أن الحق ليس له أعداء، وأن من يعادونه يعملون لنصرته، من حيث لا يشعرون، وأن دعوتنا لا يمكن أن يتحمل مسئوليتها كاملة، إلا من اقتنع بها، ولكنا عاتبنا هؤلاء وأولئك لئلا يفوتهم شرف نصرة الحق.. فالحق منصور، منصور.. فقد أظلنا وقته، والتاريخ الذي يكتب هذه الأيام، من جديد، سيسجل كل موقف.. فنحن نبرهم بشرف الدنيا وعز الآخرة ((واجعل لي وزيراً من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري كي نسبحك كثيراً، ونذكرك كثيراً، إنك كنت بنا بصيراً)).
                  

01-23-2014, 04:00 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((46))

    البيئة بيئتان: بيئة طبيعية، من العناصر الصماء، في الأرض، وفي السموات، وبيئة اجتماعية، من جميع الأحياء، من لدن حيوان الخلية الواحدة - سواء أن كانت خلية حيوان، أو خلية نبات‏.‏‏. والبيئة مع ذلك، وحدة متحدة، الاختلاف بين أعلاها، وهو الإنسان، وأسفلها وهو ذرة بخار الماء، إنما هو اختلاف مقدار‏.‏‏. هذا يعنى أن أصغر جزيئات المادة، إنما هي على صورة الإنسان، وهي الإنسان ، في طور من أطوار نموه، نحن لا نعرفه، كما أنا لا نعرف الإنسان، وهو في طور الحيوان المنوي‏.‏‏. نحن لا نعرفه إلا بعد أن يولد، بشرا، بعد مكث تسعة أشهر، وبضعة أيام، في الرحم‏.‏‏. إن البيئة - سواء أكانت طبيعية، أو اجتماعية ،إنما هي مظهر الله العلى‏.‏‏. لقد تنزلت الذات العلية من صرافتها إلى مراتب الأسماء والصفات‏.‏‏. تنزلت إلى مرتبة الاسم (الله) وبهذا الاسم قامت الأسماء والصفات والأفعال‏.‏‏. وأعلى هذه الأسماء: الله، الرحمن، الرحيم‏.‏‏. ثم يجئ ثالوث الأسماء: العالم، المريد، القادر‏.‏‏. وبهذا الثالوث، بصورة ندركها أكثر مما ندرك ثالوث الأسماء الأول، ظهر الخلق - ظهرت البيئة - ونحن، إنما ندرك هذا الثالوث أكثر مما ندرك الثالوث الأول - الله، الرحمن، الرحيم - لأن عندنا فيه مشاركة، أكثر مما عندنا في الثالوث الأول‏.‏‏. فنحن، كل منا، قد خلقه الله عالما، ومريدا، وقادرا، في المستوى الذي يليق بنا‏.‏‏. وإنما برزت البيئة الطبيعية، والاجتماعية، إلى الوجود بهذه الأسماء الثلاثة‏.‏‏. فالله، تبارك، وتعالى، قد أحاط بها علما، وقد خصص الصورة الأولى منها إرادة، وقد جسدها، بالصورة التي تؤثر على حواسنا، وعقلنا، قدرة‏.‏‏. فهو بالعلم أحاط بالمخلوقات، وبالإرادة خصص صورتها المحددة، وبالقدرة أبرز هذه الصورة في عالم الاجساد‏.‏‏.
    هذه صورة خلق الله‏.‏‏. وتشبهها صورة خلق الإنسان‏.‏‏. فالنجار، تكون في عقله صورة للتربيزة التي يريد صنعها - تكون في علمه، بصورة عامة‏.‏‏. فإذا أخذ قلما، وورقة، فرسم ارتفاعها، وأبعاد قرصها، وحجم أرجلها، فقد خصص صورة العلم، بالإرادة‏.‏‏. فإذا أخذ أدوات نجارته، وبدأ في تجهيز أجزاء التربيزة من الخشب الخام الذي في ورشته، إلى أن جمعها على بعضها، فقد أبرز التربيزة، بالقدرة - أحاط بالتربيزة بالعلم، وخصصها بالإرادة، وأبرزها بالقدرة‏.‏‏. هذا هو المعنى المقصود من قول المعصوم: ((إن الله خلق آدم على صورته))‏.‏‏. وقد سبقت إلى ذلك الاشارة‏.‏‏. فالله، تبارك، وتعالى، حي، وعالم، ومريد، وقادر، وسميع، وبصير، ومتكلم‏.‏‏. وهكذا قد جعل الإنسان حيا، وعالما ومريدا، وقادرا، وسميعا، وبصيرا، ومتكلما‏.‏‏. الإنسان يعلم بالعقل، ويريد بالهمة، ويقدر بالعضلات‏.‏‏. ولكن الله، تبارك وتعالى، لا يفعل بالجارحة، وإنما يفعل بالذات‏.‏‏. فهو تبارك، وتعالى، يعلم بذاته، ويريد بذاته، ويقدر بذاته‏.‏‏. وهو قد خلق العالم بثالوث الأسماء – العالم، المريد، القادر‏.‏‏. يمكن أذن أن نقول: إن العالم هو تجسيد علم الله‏.‏‏. يمكن أن نقول: إن العالم هو تجسيد ذات الله، في مستوى التنزل، في منازل القرب، من عقل الإنسان – في مستوى القدرة – وذلك من أجل أن يفهم الإنسان‏.‏‏. ((اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم‏.‏‏.)) علمه بقلم القدرة‏.‏‏. وذلك القلم الذي أبرز المعاني إلى عالم المباني – عالم الأجساد‏.‏‏. تحرك العلم إلى القدرة، وتحركت بينهما، الإرادة‏.‏‏. وما دمنا نتحدث عن الفتق ، بعد الرتق ، في الخلق، فلنواصل تعبيرنا في أمر تنزلات الذات العلية‏.‏‏. فقد كانت الإرادة والقدرة مرتتقتين، في العلم، فانفتق العلم عن القدرة، وهي تمثل النقيض، لأنها في جانب التجسيد، وتحرك البندول - وهو الإرادة - بين العلم والقدرة‏.‏‏. فالإرادة صفة وسطى، من أعلاها العلم، ومن أسفلها القدرة، وهي تمثلهما، كلتيهما، كما يمثل كل وسط، الطرفين الذين يكتنفانه‏.‏‏. وعلى هذا يمكن القول بأن علم الله تبارك وتعالى قد خلق العالم - البيئة الطبيعية والاجتماعية - بالإرادة‏.‏
    البيئة مظهر إرادة الله‏.‏‏. والإرادة "ريدة" والريدة عندنا نحن السودانيين - محبة‏.‏‏. العالم "محبة" والله "محبة" ولم يجعل الله في العالم بغضا وعداوة إلا لحكمة تعليمنا نحن‏.‏ والتعليم يبدأ من الجهل - وكذلك بدأنا نحن بني البشر نعلم من الجهل ونسير بتسيير الله لنا من الظلام إلى النور - من الجهل إلى العلم‏.‏‏. وما خلق الله الظلام إلا لنتعلم نحن بالضد‏.‏‏. قال تعالى: ((ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)) خلق الظلام لنعرف النور، وخلق الشر لنعرف الخير، وعندما نفهم، لا يبقى إلا العلم، ولا يبقى إلا الخير: ((ما يفعل الله بعذابكم، إن شكرتم، وآمنتم‏.‏‏. وكان الله شاكرا عليما‏.‏‏.)) والله هو الذي سيرنا من الجهل إلى العلم ومن الظلام إلى النور: ((الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور‏.‏‏.)) ‏.‏‏. ((ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن اخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور‏.‏‏.))‏.‏‏.
                  

01-25-2014, 10:04 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الديباجة ((47))

    لقد خلق الله تبارك، وتعالى، الإنسان ليكون عالما، وحرا، وحيا، حياة لا موت فيها، وهكذا والاه بالتعليم، وفرض عليه العلم فرضا: ((يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه.‏‏.))‏.‏ أردت أو لم ترد! فإنه ما من ملاقاة الله بد! ولا تكون ملاقاة الله إلا بالعلم‏.‏‏. ولقد خلق لنا الله العالم لنتعلم منه، وفيه‏.‏‏. وقد سيرنا إليه بالعالم - بالبيئة تسييرا‏.‏‏. لقد خلق الله العالم كله مطيعا، ومجبورا على الطاعة‏.‏‏. وخلق الناس وأعطاهم حق المعصية، والطاعة، ليصلوا إلى الطاعة عن طريق العلم، والحرية‏.‏‏. ((ألم تر أن الله يسجد له، من في السموات، ومن في الأرض، والشمس والقمر، والنجوم، والجبال، والشجر، والدواب، وكثير من الناس، وكثير حق عليه العذاب، ومن يهن الله فما له من مكرم، إن الله يفعل ما يشاء؟))‏.‏‏. ((وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب))‏.‏ هذا لمكان الطاعة، والمعصية التي متع الله بها الإنسان‏.‏‏. كل الوجود مسلم لله: ((أفغير دين الله يبغون، وله أسلم من في السموات والأرض، طوعا، وكرها، وإليه يرجعون؟))‏.‏ هذا هو الإسلام العام، يخضع له كل العالم، ولا يشذ عنه شاذ‏.‏‏. هذا هو إسلام الأجساد‏.‏‏. وهناك الإسلام الخاص، وهو إسلام العقول، وفيه تقع المعصية، وتقع الطاعة، ولذلك قال في الآية السابقة، بعد أن ذكر سجود كل شيء لله، قال، عن الناس: ((وكثير من الناس، وكثير حق عليه العذاب)) ، إشارة إلى الطاعة، والمعصية‏.‏‏. وليس للإسلام العام - ليس بالطاعة في الإسلام العام عبرة عند الله - وإنما العبرة بالطاعة في الإسلام الخاص‏.‏ العبرة عنده بالطاعة طوعا، واختيارا، لا كرها واقتسارا‏.‏‏. ((ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله، وهو محسن، واتبع ملة إبراهيم حنيفا، واتخذ الله إبراهيم خليلا؟))‏.‏ وروح الآية في عبارة ((وهو محسن)) أي مختار، ومدرك، لإسلام وجهه لله‏..‏

    محمود محمد طه
    السودان 30/10/1984
                  

01-26-2014, 04:41 PM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)



    بسم الله الرحمن الرحيم
    (ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)
    صدق الله العظيم


    مشكلة الشرق الأوسط

    مقدمة

    إنّ الهزيمة العسكرية التي منيت بها الجيوش العربية في صحراء سيناء في مستهل يونيو الماضى لهى هزيمة لا ضريب لها في تاريخ العرب القديم ولا الحديث .. وبحسبك منها أنّها هزيمة عرّضت العرب لزراية الأعداء، وإشفاق الأصدقاء، وأنت لا تجد بين قرنى زراية العدو وإشفاق الصديق موضع كرامة لنفس الكريم.
    ومع ذلك فان هذه الهزيمة ليست نهاية الدنيا.. انما هى نهاية عهد، وبداية عهد.. هى بداية عهد يدخل به العرب التاريخ الحديث كما دخل أوائلهم التاريخ القديم، وهو مدخل سيؤرخ تحولا في مجرى تطور الحياة البشرية على هذا الكوكب أكبر، بما لا يقاس، من ذلك التحول الذي صحب دخول أوائلهم التاريخ القديم، وذلك قبل ما يشارف الأربعة عشر قرنا من الزمان.
    أنّ العبرة البالغة التي انفرجت عنها أذيال الحرب العالمية الثانية تجد تعبيرها في الحقيقة الكبرى وهى أن القافلة البشرية، في كل صقع من أصقاع هذا الكوكب، قد أقتلعت خيامها، وأخذت في السير، وهى، في كل خطوة من خطوات هذا السير، تصنع التاريخ وتصنعه على هدى جديد، فبعد أن كان التاريخ يمليه في أغلب الأحيان على تلاميذه ومسجليه الملوك، والسلاطين، و######## الجيوش، ودهاقن السياسة، وأرباب الثروة، وهم يتصرفون في مصير الانسان، أصبح يمليه عليهم الآن رجل الشارع العادى، المغمور، وهو يبحث عن كرامة الانسان حيث وجد الانسان.
    والعرب اليوم – شأنهم في ذلك شأن البشرية التي تعمر هذا الكوكب – يقفون في مفترق الطرق.. فهم اما أن يدخلوا التاريخ الجديد بفكر جديد، كما دخل أوائلهم التاريخ بفكر كان على عهدهم جديدا، أو أن يخرجوا من التاريخ، كما خرجت شعوب من قبل، طال عليها الأمد، ففقدت حيويتها، وعجزت عن المواءمة بينها وبين بيئتها.
    انّ الأخطاء العسكرية، والسياسية، والفكرية، التي اتسمت بها مواقف العرب في أعوام 1948، 1956، 1967، اذا اٌخذت في حد ذاتها، تشكل نذيرا خطيرا بسوء المنقلب، ولكنها، لحسن الحظ، لا يمكن أن تؤخذ بمعزل عن السلسلة التي هى حلقة فيها، وهى، في ذلك، حلقة لا تمثل داء الأمّة العربية، وانما تمثل أعراض ذلك الداء.
    وهذه الأخطاء البشعة، التي هى أقرب الى نزوات المراهقين منها الى أفكار الرجال الأسوياء هى التي تدلنا، أبلغ الدلالة، على ان العرب يواجهون اليوم تحدي التاريخ وانهم يقفون بذلك على مفترق الطرق، وليس هناك طويل وقت ليصرف في المحاولات التي لا تتسم بميسم الحذق، والذكاء. فأن علينا ان ندخل التاريخ منذ اليوم كما دخله أوائلنا، أو أن نخـرج من التاريخ، لبقية التاريخ.
    وأوائلنا! هل دخلوا التاريخ كعرب؟؟ كلا! وألف كلا!.. انما دخلوه بعد أن منّ الله عليهم فأصبحوا مسلمين.. وعلمهم الاسلام ما طامن من غلوائهم، ومن اعتزازهم بعنصرهم، فقال: ((الناس لآدم، وآدم من تراب، انّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم)) وقال: ((ليس لعربى فضل على عجمى الا بالتقوى)) وقال: ((يا أيها الناس انّا خلقناكم من ذكر وانثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل، لتعارفوا، انّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم، ان الله عليم خبير)).
    ها هنا أصل الداء! ان العرب يريدون أن يقيسوا قامتهم، كعرب، الى تحديات عصرهم الحاضر، وليس لقامتهم تلك، ههنا، غناء، فان تحديات العصر ارتفعت الى صراع الأفكار والمذاهب، وخلفت وراءها، بأمد بعيد، العنصريات..
    ليت شعرى! متى يخرج العرب من التيه الذي يضربون فيه الآن؟ متى يعلم العرب أنهم مسلمون، وأنّهم ورثة المصحف الشريف، وأنهم، من ثم، أصحاب رسالة كتب الله على نفسه ألا ينجى الانسانية بمفازتها الا بها؟
    انا زعيم بأنّ الهزيمة المنكرة التي تعرضنا لها أخيرا في ميداني الحرب والسياسة انما جاءت بصورة حادة لأن اللّه قد كلمنا بحوادث عام 1948 فلم نفهم، ثم كلمنا بحوادث 1956 فلم نفهم، وها قد كلمنا بحوادث 1967 بصورة بليغة، وفصيحة، واني لأرجو أن نفهم الآن عن ربنا فهما يغنينا عن اعادة كلامه علينا بهذا الاسلوب مرة رابعة.
    وما ينبغى أن نفهمه عن اللّه، من كلامه هذا هو أنّ العرب لن ينتصروا على عدوٍ الا اذا رجعوا اليه تعالى – اذا انتصر الناس بغير طريق الاسلام فان العرب لن ينتصروا بغير طريق الاسلام – ذلك بأنّ الدلائل تدلّ على أنّ موعود اللّه قد دنى، وأظلّ الناس أوانه... موعوده حيث يقول، تبارك من قائل، ((هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى باللّه شهيدا)). وفى وقتنا الحاضر فان الآية التي صدرنا بها هذا السفر تبحث عن ظهـورها، وهى تبحث عن ظهورها عند العرب أولاً، ريثما تبحث عن ظهورها على الأرض كلها، وتلك الآية هى قوله تعالى:
    ((ومن يبتـغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه، وهو، في الآخرة، من الخاسرين)) وقد ابتغى العرب غير الاسلام، والتمسوا النصر عند غير اللّه، فما نجعت حيلة، ولا أسعف صديق، فانقلبـوا في الآخـرة خاسرين، وقـد أنى لهـم أن يفهمـوا، وأن يتعظـوا، وأن يرجعـوا الى دينهـم، والى ربهـم.
    ان اللّه غيور على العرب في القرن العشرين، كما كان غيورا عليهم في القرن السابع، فهو قد حمّلهم رسالة الاسلام يومئذ فلقحوا بها المدنية الفارسية في الشرق، والمدنية الرومانية اليونانية في الغرب، وهو سيحمّلهم رسالة الاسلام اليوم ليلقحوا بها المدنية الشيوعية في الشرق، والمدنية الرأسمالية في الغرب.
    ان العرب سيدخلون التاريخ كما دخله أوائلهم، وبأفضل مما دخله أوائلهم، وهم في يومهم هذا كأمسهم ذاك، لن يدخلوا التاريخ كعرب، وانما سيدخلونه كمسلمين، يحملون رسالة الاسلام – رسالة السلام – الى عالم لا تتجسد حاجته في شئ كما تتجسد في ابتغاء السلام – وهذا العالم هو أيضا يقف اليوم في مفترق الطرق، وليس هناك طويل وقت ليصرف في المحاولات القواصر.. فان أمام الانسانية اليوم احدى اثنتين: اما أن تسلك الطريق الصاعد الى درجات السلام فتعيش عيشة الانسان، أو أن تسلك الطريق الهابط الى دركات الحرب فتعيش عيشة الحيوان، أم هل عساها أن لا تظفر حتى بعيشة الحيوان؟؟
    الهزيمة الأخيرة، رغم بشاعتها، هى هدية اللّه للعرب!! هى نعمة في ثوب نقمة!! سيجد العرب الآن أنفسهم مضطرين ليجلسوا، وليفكروا في أخطائهم الكثيرة، وسيحدثون توبة نصوحا، بها تتم، ان شاء اللّه، رجعتهم الى اللّه، ورضاهم به، وتقبلهم عنايته.. فانه رب ضارّة نافعة، ولو قد خيّر العرب لاختاروا أن ينتصروا على دولة اسرائيل، وأن يلقوا بها في البحر، ونحن نفضل لهم هذه الهزيمة، لان النصر، بالطريقة التي تروقهم، كان سيمد لهم في الضلال، ويباعد بينهم وبين رسالتهم، ويصرف نظرهم عن عدوهم الحق، فان دولة اسرائيل ليست عدوة العرب.. وانما العرب أعداء أنفسهم بما انصرفوا عن اللّه، وبما التمسوا العز والنصر – عند غير اللّه، وبما استطابوا من اضطجاع في مراقد الجهل والغفلة. ومن يدري فقد تكون دولة اسرائيل صديقا في ثياب عدو؟ قد تكون بمثابة الكرباج الذي يوقظ العرب من هذا الغطيط الثقيل الذي لبث أحقابا طوالا؟
    كما قلنا، فان هزائم العرب أمام دولة اسرائيل ليست الداء، وانما هى أعراض الداء.. هى كالألم يشكوه المريض.. فليس الألم هو المرض، وانما هو دلالة عليه.. وكما أنّ الطبيب الماهر لا يسكن الألم بتخدير المريض، الا اذا زاد عن طوق الاحتمال، وانما يسترشد به الى جذور الداء، ليطب له طبا شافيا وافيا، فكذلك نحن، لا نريد أن نخدر الألم، وانما نريد ان نسترشد به الى تشخيص أصل الداء الذي نهك جسم الأمّة العربية طوال هذه الحقب السوالف من تاريخها الطويل.
    ان كتابنا هذا لن يكون، اذن وصفة لدواء يخدر المرض، وانما سيكون، بعون اللّه وتوفيقه، وصفة لدواء يجتث المرض من جذوره. وعند اللّه نلتمس التسديد الى التي هى أقوم، في الفكر، والقول، والعمل.
                  

02-01-2014, 08:38 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الفصل الاول


    صور الأشياء

    هناك ثلاثة أمور لا بد من استيقانها:-
    * أولها أنّ حكم الوقت يقضى على هذه البشرية، التي تعمر هذا الكوكب، في هذا العصـر، أن تتوحّد.
    * وثانيها أن هذه البشرية، لكى تتوحد، لا بد لها من السلام.
    * وثالثها انها، من أجل السلام، لا بدّ لها من المدنية التي تنشر حكم القانون العادل.

    * فأما الأول فلأنّ التقدم التكنولوجى في وسايل نقل الناس، والأشياء، والأخبار، قد ألغى الزمان والمكان، أو كاد، وقد توحد هذا الكوكب، وأصبح أى جزء من أجزائه على مدى ساعات، وتقل هذه الساعات كل يوم جديد. ووحدة هذا الكوكب المكانية تواجه البشرية اليوم ببيئة مكانية جديدة، وهذه المواجهة تشكل تحدّيا على مدى لم يسبق للبشرية أن عرفته في تاريخها الماضى، ذلك أنه مطلوب اليها ان توائم، مواءمة تامّة، بين حياتها وبين بيئتها هذه الجديدة، بأن تحدث وحدة تامّة، تنصهر فيها عناصرها المختلفة، وألوانها المختلفة، وعقائدها المختلفة، ولغاتها المختلفة أيضا، أو، ان عجزت عن ذلك، فقد مضت سنة الأوّلين بالأحياء الذين عجزوا عن أن يوائموا بين حياتهم وبين بيئتهم.
    ان العلم التجريبى الحاضر قد خدم البشرية عل هذا الكوكب خدمات لا تحصى، ولكن هناك خدمة لم نتفطّن، الى الآن، الى حقيقة عظمتها، وتلك هى أنّه باطلاقه للطاقة الذرية، بتفتيته للذرّة، قد لفت نظرنا الى أنّ البيئة التي عاش فيها الأحياء قبلنا، ونعيش فيها نحن اليوم، ليست في حقيقتها ماديّة، وانما هى روحية ذات مظهر مادّى.. بل أنّ المادة كما نعرفها ونألفها، ليست هناك، وانما هى وهم من أوهام الحواس، وعندما ردّها العلم الحديث الى أصولها الاولية أنقلبت الى طاقة تدفع وتجذب في الفضاء، والعلم الحديث قد عرف خصائص هذه الطاقة، ولكنه عجز عن معرفة كنهها، ووقف عند عتبة الكنه عاجزا لا يبدى، ولا يعيد، ولا يدّعى، لانه أحق من يفهـم أن ّ مقامـه عنـد هـذه العتبـة، وأنـه لا يستقيـم، مـع كرامـة نفسـه عنـده، أن يدّعى لها ما لا يكون أبـدا.
    البيئة التي نعيش فيها الآن، اذن، قد برهن العلم المادى التجريبى الحديث نفسه على أنها ليست مادية وانما المادة مظهر لشئ وراء المادة وهذا الشئ الذي وراء المادة يعبّر الاسلام، عن أدنى منازله من المادة، بالروح، أو ان شئت التعبير الحديث، قل بالفكر.. فالبيئة التي نعيش فيها فكرية، تجسدت فيها الأفكار، فاتخذت مظهرا نسميه نحن المادة. ومن ثمّ فالوحدة البشرية التي تطلب البيئة الجديدة الى الانسانية تحقيقها انما سبيلها الفكر.. فالناس يختلفون في اللون، وفى الاقليم، وفى اللغة، وفى العنصر، وفى العقيدة، ولكنّهم، كلهم، يلتقون في العقل. فان الانسان في أدنى مراتبه من منازل الحيوان، قد تميّز عنه بالعقل، وهو لا يدخل حظيرة الانسانية الا به – فيما عدا حالات العلّة الطارئة.. والقول المشهور بأنّ الانسان حيوان ناطق قول لا يروقني فان كل الحيوانات ناطقة، بل أنّ كل الأشياء ناطقة، والقول الذي يروقني حقا هو أنّ الانسان حيوان مفكر.. فليس هناك انسان لا يفكر – في الحالات السوّية – وان كان هناك اناس قليلو التفكير.. وآفة التفكير في شيئين: في قلته وفى التوائه..
    والانسان كحيوان مفكر هو أيضا حيوان كسول في ذلك، فهو لا يريد أن يفكر، وهو ان فكّر انما يجعل فكره خادما لهوى نفسه، ومن ثمّ يجئ التواء تفكيره.. وأندر شئ في الوجود التفكير المستقيم، ذلك بأنّ التفكير المستقيم لا يتبع هوى النفس وانما يحمل هوى النفس على اتباعه، وهو بذلك التزام يطلب مظهره في وحدة القول، ووحدة العمل، وتلك مسئولية لا ينهض بأعبائها غير الرجال، والناس، كل الناس، لا يريدون أن يكونوا رجالا، فهم قد طاب لهم التقلب في مهاد الطفولة، ولن يدرجوا منها الى مناشط الرجولة تحت حوافز أقلّ الحاحا من حوافز التحدي التي تواجههم بها هذه البيئة الكوكبية الجديدة.
    ومفترق الطرق الذي قلنا أنّ البشرية تقف عنده اليوم، انما هو مفترق طريقين، ان أردت الدقّة... هما طريقا الرجولة والطفولة، فان أصرّت البشرية الحاضرة على التشبث بطفولتها فان منطق البيئة الكوكبية الموحّدة الحاضرة سيلفظها، وسيجئ لفظه اياها في صورة انقراضها لتخلى مكانها لفصيلة جديدة تنهض بالتزامات البيئة الجديدة، وان شبت البشرية الحاضرة عن طفولتها، ودرجت في مدارج رجولتها، فانها تكون قد أصبحت فصيلة جديدة يهديها اللّه سبل السلام بسلامة قلوبها وصفاء عقولها – برجولتها.
    * وأما الثاني فان السلام مقدّمة للفكر ونتيجة.. فهو كمقدّمة انما يمليه الخوف من الحرب، وذلك أمر قد توفر الآن، وتوفر بما يكفى، والسلام في هذا المستوى ليس سلاما وانما هو ضرب من الحرب، كأنّ الناس فيه من خوف الحرب في حرب.. وهو مع ذلك، ضروري لنصل الى السلام السليم الذي يكون نتيجة للتفكير المستقيم.
    * واما الثالث فان القانون العادل لا يجئ الا عن التفكير المستقيم، وهو لا يطبق، ولا ينفذ، الا بالعمل وفق التفكير المستقيم، لا يجئ بالتمنّى، وانما يجئ نتيجة العيش وفق منهاج لم يتوفر على تقديمه، في أوجه، فكر، ولا فلسفة، ولا دين، كما توفر الاسلام.
                  

02-03-2014, 03:36 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    الفصل الاول

    صور الأشياء

    هناك ثلاثة أمور لا بد من استيقانها:-
    * أولها أنّ حكم الوقت يقضى على هذه البشرية، التي تعمر هذا الكوكب، في هذا العصـر، أن تتوحّد.
    * وثانيها أن هذه البشرية، لكى تتوحد، لا بد لها من السلام.
    * وثالثها انها، من أجل السلام، لا بدّ لها من المدنية التي تنشر حكم القانون العادل.

    * فأما الأول فلأنّ التقدم التكنولوجى في وسايل نقل الناس، والأشياء، والأخبار، قد ألغى الزمان والمكان، أو كاد، وقد توحد هذا الكوكب، وأصبح أى جزء من أجزائه على مدى ساعات، وتقل هذه الساعات كل يوم جديد. ووحدة هذا الكوكب المكانية تواجه البشرية اليوم ببيئة مكانية جديدة، وهذه المواجهة تشكل تحدّيا على مدى لم يسبق للبشرية أن عرفته في تاريخها الماضى، ذلك أنه مطلوب اليها ان توائم، مواءمة تامّة، بين حياتها وبين بيئتها هذه الجديدة، بأن تحدث وحدة تامّة، تنصهر فيها عناصرها المختلفة، وألوانها المختلفة، وعقائدها المختلفة، ولغاتها المختلفة أيضا، أو، ان عجزت عن ذلك، فقد مضت سنة الأوّلين بالأحياء الذين عجزوا عن أن يوائموا بين حياتهم وبين بيئتهم.
    ان العلم التجريبى الحاضر قد خدم البشرية عل هذا الكوكب خدمات لا تحصى، ولكن هناك خدمة لم نتفطّن، الى الآن، الى حقيقة عظمتها، وتلك هى أنّه باطلاقه للطاقة الذرية، بتفتيته للذرّة، قد لفت نظرنا الى أنّ البيئة التي عاش فيها الأحياء قبلنا، ونعيش فيها نحن اليوم، ليست في حقيقتها ماديّة، وانما هى روحية ذات مظهر مادّى.. بل أنّ المادة كما نعرفها ونألفها، ليست هناك، وانما هى وهم من أوهام الحواس، وعندما ردّها العلم الحديث الى أصولها الاولية أنقلبت الى طاقة تدفع وتجذب في الفضاء، والعلم الحديث قد عرف خصائص هذه الطاقة، ولكنه عجز عن معرفة كنهها، ووقف عند عتبة الكنه عاجزا لا يبدى، ولا يعيد، ولا يدّعى، لانه أحق من يفهـم أن ّ مقامـه عنـد هـذه العتبـة، وأنـه لا يستقيـم، مـع كرامـة نفسـه عنـده، أن يدّعى لها ما لا يكون أبـدا.
    البيئة التي نعيش فيها الآن، اذن، قد برهن العلم المادى التجريبى الحديث نفسه على أنها ليست مادية وانما المادة مظهر لشئ وراء المادة وهذا الشئ الذي وراء المادة يعبّر الاسلام، عن أدنى منازله من المادة، بالروح، أو ان شئت التعبير الحديث، قل بالفكر.. فالبيئة التي نعيش فيها فكرية، تجسدت فيها الأفكار، فاتخذت مظهرا نسميه نحن المادة. ومن ثمّ فالوحدة البشرية التي تطلب البيئة الجديدة الى الانسانية تحقيقها انما سبيلها الفكر.. فالناس يختلفون في اللون، وفى الاقليم، وفى اللغة، وفى العنصر، وفى العقيدة، ولكنّهم، كلهم، يلتقون في العقل. فان الانسان في أدنى مراتبه من منازل الحيوان، قد تميّز عنه بالعقل، وهو لا يدخل حظيرة الانسانية الا به – فيما عدا حالات العلّة الطارئة.. والقول المشهور بأنّ الانسان حيوان ناطق قول لا يروقني فان كل الحيوانات ناطقة، بل أنّ كل الأشياء ناطقة، والقول الذي يروقني حقا هو أنّ الانسان حيوان مفكر.. فليس هناك انسان لا يفكر – في الحالات السوّية – وان كان هناك اناس قليلو التفكير.. وآفة التفكير في شيئين: في قلته وفى التوائه..
    والانسان كحيوان مفكر هو أيضا حيوان كسول في ذلك، فهو لا يريد أن يفكر، وهو ان فكّر انما يجعل فكره خادما لهوى نفسه، ومن ثمّ يجئ التواء تفكيره.. وأندر شئ في الوجود التفكير المستقيم، ذلك بأنّ التفكير المستقيم لا يتبع هوى النفس وانما يحمل هوى النفس على اتباعه، وهو بذلك التزام يطلب مظهره في وحدة القول، ووحدة العمل، وتلك مسئولية لا ينهض بأعبائها غير الرجال، والناس، كل الناس، لا يريدون أن يكونوا رجالا، فهم قد طاب لهم التقلب في مهاد الطفولة، ولن يدرجوا منها الى مناشط الرجولة تحت حوافز أقلّ الحاحا من حوافز التحدي التي تواجههم بها هذه البيئة الكوكبية الجديدة.
    ومفترق الطرق الذي قلنا أنّ البشرية تقف عنده اليوم، انما هو مفترق طريقين، ان أردت الدقّة... هما طريقا الرجولة والطفولة، فان أصرّت البشرية الحاضرة على التشبث بطفولتها فان منطق البيئة الكوكبية الموحّدة الحاضرة سيلفظها، وسيجئ لفظه اياها في صورة انقراضها لتخلى مكانها لفصيلة جديدة تنهض بالتزامات البيئة الجديدة، وان شبت البشرية الحاضرة عن طفولتها، ودرجت في مدارج رجولتها، فانها تكون قد أصبحت فصيلة جديدة يهديها اللّه سبل السلام بسلامة قلوبها وصفاء عقولها – برجولتها.
    * وأما الثاني فان السلام مقدّمة للفكر ونتيجة.. فهو كمقدّمة انما يمليه الخوف من الحرب، وذلك أمر قد توفر الآن، وتوفر بما يكفى، والسلام في هذا المستوى ليس سلاما وانما هو ضرب من الحرب، كأنّ الناس فيه من خوف الحرب في حرب.. وهو مع ذلك، ضروري لنصل الى السلام السليم الذي يكون نتيجة للتفكير المستقيم.
    * واما الثالث فان القانون العادل لا يجئ الا عن التفكير المستقيم، وهو لا يطبق، ولا ينفذ، الا بالعمل وفق التفكير المستقيم، لا يجئ بالتمنّى، وانما يجئ نتيجة العيش وفق منهاج لم يتوفر على تقديمه، في أوجه، فكر، ولا فلسفة، ولا دين، كما توفر الاسلام.

    الوحدة

    وحكم الوقت الذي يقضى على البشرية أن تتوحد في يومنا هذا لا يحتاج ادراكه الى كبير ذكاء، بل أنّ البشرية قد شعرت به، وأخذت تستجيب له بعمل لا ينقصه الحماس، وان نقصته دقّة الادراك، وها قد بلغت البشرية اليوم مرحلة الثنائية، وهى أدنى منازل التعدد من مقام الوحدة، ومن غير أدنى شك ان القافلة البشرية في سيرها الطويل من التعدد الى الوحدة لم تنزل منزلة الثنائية هذه الا في هذه الايام التي تلت الحرب العالمية الثانية. فانه قد خرجت البشرية بعد هذه الحرب منقسمة الى كتلتين اثنتين: الكتلة الشرقية، وهى الدول الشيوعية بزعامة روسيا، والكتلة الغربية، وهى الدول الرأسمالية بزعامة أمريكا وقد برز أخيرا ما سمى بالعالم الثالث، أو دول الحياد الايجابى، ولدى النظرة الأولى قد يشكك الحديث عن العالم الثالث هذا في صحة انقسام العالم الى كتلتين اثنتين، كما سبق أن قررنا، ولكن، اذا دققنا النظر، يظهر لنا جليّا أن ليس هناك عالم ثالث، وليس هناك دول محايدة، بله أن تكون محايدة حيادا ايجابيا.. وما تسمى بدول الحياد الايجابى في طليعتها يوغسلافيا، والهند، ومصر، ونظرة بسيطة تريك أن يوغسلافيا دولة شيوعية صرفة، وأن الهند دولة رأسمالية، وأن مصر أخذت تسير أخيرا في ركب الشيوعية، وأن نظاما واحدا لا يمكن أن يضم هذه الدول، ويصمد للامتحان، حتى في حالة السلام، وأما في حالة الحرب فان دولة في عالم اليوم لا تستطيع أن تقف على الحياد، ثم يحترم الفريقان المتحاربان حيادها، الا اذا كان دخولها الحرب لا يخدم غرضا لا يهمهما، وما هكذا مصر، ولا أى دولة من دول الشرق الأوسط، مثلا.. هذا فيما يخص الحياد، وأما الحياد الايجابى فكيف يكون محايدا حيادا ايجابيا من لا يملك فكرة ايجابية تعصمه عن السير في ركاب الشيوعية كما تفعل يوغسلافيا، أو في ركاب الرأسمالية كما تفعل الهند أو عن الخط ذات الشمال وذات اليمين كما تفعل مصر؟ اذن فالتقرير العلمى الصحيح هو أن العالم قد برز بعد الحرب العالمية الثانية مقسوما الى كتلتين.. ليس هذا فحسب بل أنّ الكتلتين ظلتا على مدى النيف والعشرين سنة الماضية، ولا تزالان، كفرسى رهان، تحاول كل منها بسط نفوذها على العالم بأكمله، ونحن لا نحتاج، في أمر الشيوعية، الى كثير تذكير بهذه المحاولة، ذلك أنّ الشيوعية بطبيعتها دعوة الى ثورة عالمية، ترمى بكل الأساليب التي لديها، لتبسط نفوذها على العالم، وان كانت أساليبها المفضّلة هى الثورة والحرب.
    وأمّا الرأسمالية فهى صاحبة السيطرة الاستعمارية التقليدية المعروفة على العالم، وقد أصبحت سيطرتها تنازع كل يوم، بفضل اللّه، ثمّ بفضل يقظة الشعوب المستعمَرة، والشعوب الأخرى الصغيرة التي لا مطمع لها في استعمار أحد، ولا تحب أن ترى غيرها يستعمر الآخرين، وما من شك أن الصراع بين الكتلتين قد لعب دورا رئيسيا في هزيمة الاستعمار الرأسمالى، وفى اضطراره ليتوارى خلف صور مختلفة تقوم على الحيلة، والخدعة، أكثر مما تقوم على القوّة التي طالما لجأ اليها في الماضى. والناس كثيرا ما يتحدثون عن الاستعمار القديم، والاستعمار الجديد، وهم يعنون بالاستعمار القديم الاستعمار الغربى المباشر، الذي عرف قبل منازعة الشعوب له، وذلك في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ويعنون بالاستعمار الجديد الاستعمار الغربى أيضا، ولكن في الصور التي اضطرته مقاومة الشعوب له أن يتخفى وراءها. وفى الحق أنّ الاستعمار القديم لم يكن جامدا على صورة واحدة وانما كان متطورا وملتمسا للأساليب التي تغنيه عن الاعتماد على القوة دائما، وكل ما يمكن أن يقال هنا هو أنّ تطوره قد كان بطيئا فيما مضى لأنّ المعارضة له من الداخل قد كانت قليلة، وعندما اشتدت المعارضة اضطر هو للاسراع في التماس الثياب التي يستر بها عريه عن أعين الأذكياء من الناس. وقد ظنه بعض الناس، لفرط ما يغير من ثيابه، ويفتن في التغيير، استعمارا جديدا، وما هو بذاك.
    وغرض الاستعمار الغربى الاستغلال الاقتصادى، وقد ظهر قبيل ظهور الآلة، ولكنه قوى وانتشر، وتنظم مع ظهور الثورة الصناعية. ذلك بأنّ الصناعة بالآلة كانت تحتاج المادة الخام وتحتاج المجال لتسويق الادوات المصنوعة، وقد بدأ الاستعمار كعمل تجاري في أسواق مفتوحة، ثمّ الجأته المنافسة الى احتكار الأسواق، فدخل النفوذ السياسي بالحكم المباشر في الميدان، وكان لا بد من أجل بسط النفوذ السياسي من العمل العسكري.
    وهكـذا ظهر الاستعمار وأصبح حملة عسكرية لهزيمة المنافس أو لهزيمة الحكومات الوطنية، ثم حكما سياسيا مباشرا، غرضه تنظيم البلاد المستعمرة لتكون أرضها مزرعة للمادة الخام، وبشريتها سوقا مستهلكة للبضائع المصنوعة. ومع أنّ الاستعمار بدأ بالحملة المسلّحة الا أنّه لم يشأ أن يعتمد على السلاح في طول بقائه، فجنح الى الحيلة، وذلك ببث أفكاره، وتعاليمه، وثقافته، واسلوب حياته، وعاداته بين المستَعمرين، فكأنّه لم يكتف باستعمار الظاهر فأراد أن يزحف الى الباطن، لم يكتف باستعمار الأجساد بتسخيرها بالخوف، فأراد أن يستعمر العقول بتسخيرها بالثقافة، التي تجعل الناس مشدودين اليه، يتخذون حكامه، ومفكريه، أساتذة، ومثلا يحتذى.. وهو لم يكن يعلّم المستعمَرين الا بالقدر الذي يجعلهم مقدّرين لاستاذيته، ومفتونين بأساليب معيشته، ومتعاونين معه لاطالة مدته، ومن لطف اللّه على الناس أن جعل الذين يخرجون الاستعمار من بلادهم هم الذين تعلموا ثقافته، وأفكاره، ولكنهم لم يقفوا في تعلمها عند الحد الذي كان يريد لهم ألا يتعدوه.. ومع ذلك فان فكرة الاستعمار في التركيز على استعمار العقول لم تخطئ تماما، فهم في كل بلد قد خلقوا فريقا ممن قـد استعمروا عقولهم مقيمين على الولاء لسادتهم، وأساتذتهم الذين قد مكّنوا لهم من الخيرات مما جعلهم أجانب عن بني جلدتهم. فالاستعمار القديم يتلوّن ويتفاوت في تلوّنه بين الفتح العسكري والاستعمار الثقافى وبين الحكم السياسي المباشر والحكم عن طريق الحكومات الوطنيات يقوم عليها الذين كان قد استعمر عقولهم، ومن هؤلاء من بلغ استعمار العقول بهم مبلغا جعلهم يحاربون الاستعمار بأقوالهم، ويمكنون له باعمالهم، وهم لا يعلمون. وغرض الاستعمار الغربى من كل هذا التلون انما هو الاستغلال الاقتصادى.. ومع ذلك فان هناك استعمارا جديدا لم يتفطّن له الناس، لأنّهـم لم يعرفوه، ولم يألفوه، وانما هم مشغولون عنه بالاستعمار الغربى، الذي عرفوه وأصابهم منه من الشر ما شغلهم عن كل ما عداه، وما جعلهم لا يصرفون كلمة الاستعمار، حين يسمعونها، الا اليه.. هذا الاستعمار الجديد هو الاستعمار الشيوعى الذي يسعى جاهدا اليوم لبسط نفوذه على العالم.. وهو استعمار يسعى من الوهلة الاولى الى استعمار العقول بأفكار هى غاية في السوء، وغاية في الخطورة، وليس غرضه المباشر الاستغلال الاقتصادى، وانما غرضه المباشر النهى، والأمر، والسيطرة، والاستغلال الاقتصادى يجئ من بعد ذلك بالتبعية.. ويخطئ كثيرا من يظن أنّ المادة هى أقصى ما تطلب النفس البشرية.. ذلك بأنّ التذاذ النفس البشرية بالسلطة يفوق التذاذها بالثروة.. بل أنّ السعى وراء الثراء انما يحفذه ما يكفله الثراء للثري من نفوذ سياسي ومن جاه أدبى ولقد أصاب في هذا الباب الشاعر الذي قال:
    يقولون سعـدُ شكّت الجـن قلبه * ولكنّ سـعـدا لم يبـايع أبا بكرِ
    لقد صبرت عن لذة العيش أنفسُ * وما صبرتْ عن لذة النهى والأمرِ
    ومما لبس أمر الشيوعية على الناس، وأذهلهم عن خطرها تلبسها بالدعوة الى الاشتراكية، والاشتراكية حبيبة الى كل النفوس الحرّة، وما ينبغى أن يعرف بوضوح هو أنّ الشيوعية، ونعني بها هنا الماركسية اللينينية، ليست هى الاشتراكية، وانما هى مدرسة من مدارس الاشتراكية، لها حسناتها وعليها سيّئاتها، والأمر المحقق هو أنّ كارل ماركس لم يكن أوّل اشتراكى، ولن يكون آخر اشتراكى.. والماركسية اللينينية خطأها أكبر من صوابها، وهى اذا ما حللت الى عواملها الأوّلية يتضح أنّها دين ودولة.. فهى تحاول أن تقيـم دولتها، اقتصاديا، على الاشتراكية، وسياسيا، على الدكتاتورية، وان كانت يطيب لها أن تسمى الدكتاتورية، مغالطة، ديمقراطية، ولكن هذا لا ينطلى الا على البسطاء، وهؤلاء لحسن التوفيق، يقلون كل يوم.. وأما دينها فهو انكارها الأديان.. فانها قد اتخذت من انكار الأديان دينا، ومن انكار الالوهية الهاً.. و ماركس ولينين و استالين و ماوتسى تونغ ليسوا آلهة دينها، وانما هم أنبياؤها، ولكنها اولتهم من التقديس ما ألحقهم بالآلهة.. وهذه الردة الى الوثنيات الاوليات هى التي جعلت استعمار الشيوعية لعقول من يتورطون فيها أسوأ، بما لا يقاس، من استعمار الافكار الغربية لعقول من يتعرضون لها.. وليس ههنا مجال حديثنا عن الشيوعية فأن لنا موعدا بذلك صدوركتابناعن ((الاسلام ديمقراطى اشتراكى)) الذي هو الآن تحت الاعداد، وما يهمنا هنا هو التنبيه الى خطر الاستعمار الشيوعى وهو ما يجب ان نصرف له عبارة ((الاستعمار الجديد)) التي نطلقها خطأ اليوم على تلون ((الاستعمار القديم)).
                  

02-05-2014, 07:19 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)

    بالتأكيد سيكون السودان (مركز دائرة الوجود)
    اذا امنا به.. وامنا بانفسنا..
    واستخدمنا عقولنا..
    وتحررنا من سطوة ما كان عليه اباؤنا..
    واقزام ساستنا، الذين اوردونا موارد الذلة..
    بدلا عن موارد العز والكرامة والحرية

                  

02-10-2014, 03:59 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    مشاكل التربية الأساسية فى الشـرق الأوسـط - تعقيب على البروفسير جاك بيرل


    السيد البروفسير جاك بيرل،
    أستاذ علم الإجتماع بجامعة السوربون،
    سيدي البروفسير، تحية..
    وبعد: فلقد سعدت، فيمن سعد، بالإستماع إلى تقديمك الشيق، البارحة، بدار الثقافة، لموضوع ((مشاكل التربية الأساسية في الشرق الأوسط)) ولم يسعفنا الوقت، وقد هاجت الريح، وانهمر المطر، بمناقشة هذا الموضوع الحيوي، مناقشة مستفيضة مما جعل في نفسي منه شيئا أحب أن أسوق بعضه إليك، في هذا الخطاب القصير:
    فلقد ذكرت، ياسيدي البروفسير، أمورا كثيرة هامة، قد أعود إلى مناقشتها في فرصة أخرى، لا سيما إذا تكرم سيدي فنشر على الناس حديثه الموجز، الشيق في تقديم ذلك الموضوع الهام..
    سأتعرض في هذا الخطاب لأمرين، ورد ذكرهما في حديثك: أولهما أمر الإضطراب الذي يلف حياة الأفراد، وحياة الجماعة، في الوقت الحاضر.. وثانيهما التوفيق بين ثقافتين: ثقافة موروثة قديمة، هي، في الغالب الأعم، روحية، أخلاقية.. وثقافة محدثة هي المدنية الغربية الصناعية الآلية.. ويبدو أنك ترد المشكلة الكبرى، في التعليم الأساسي في الشرق الأوسط، إلى صعوبة التوفيق بين هاتين المدنيتين. إني أحب هنا، بكل إحترام أن أقترح على سيدي البروفسير رأيا، قد يبدو غريبا، وهو أن التربية الأساسية هذه لا ترتفع إلى المستوى الذي يواجه مشاكلنا الحقيقية، في الآونة الحاضرة، بل، شر من هذا، أنها تصرفنا عن مشاكلنا الحقيقية..
    غني عن القول أن مشاكل الشرق الأوسط، أو مشاكل أي إقليم آخر، في الوقت الحاضر، لم تعد إقليمية، على نحو ما كان عليه الأمر قبل عشرين، أو ثلاثين سنة، مثلا.. ذلك بأن مشكلة كل إقليم قد أصبحت الآن جزء من المشكلة العالمية، برمتها، فهي لا يمكن حلها في داخل حدود الإقليم الجغرافية وبصرف النظر عن المشكلة الكبرى، وإنما يجب أن تحل مشكلة كل إقليم على أسلوب يتجه في نفس الإتجاه الذي بمواصلته، إلى نهايته، تحل المشكلة العالمية الإنسانية الكبرى.. وهذه المشكلة الإنسانية الكبرى تتلخص في: أن الجنس البشري، في مجموعه مواجه بضرورة المواءمة، بين حياته، وبين بيئته، هذه الجديدة، التي يعيش فيها، على هذا الكوكب، الذي قللت سرعة المواصلات، التي تمخضت عنها المدنية الغربية الصناعية، من سلطان الزمان والمكان فيه، إلى الحد الذي جعله وحدة جغرافية.. فهذه الوحدة الجغرافية تقتضي وحدة فكرية، تكون نتيجتها المباشرة حكومة عالمية تحل مشاكل الدول المختلفة على أساس القانون، كما تحل مشاكل الأفراد في الدولة الواحدة.. وبذلك يتحقق للإنسانية السلام، والرخاء.. وهذه الضرورة التي تواجه الجنس البشري، في جملته، ضرورة ملحة، ومستعجلة، ولا تحتمل تسويفا، ولا إرجاء.. ذلك بأننا نقف اليوم في مفترق الطرق: فإما أن نرتفع في الطريق المؤدي إلى الوحدة العالمية، والحكومة العالمية، وإما أن يحل بنا ما يحل بكل مخلوق حي فشل في المواءمة بين حياته وبين بيئته..
    وهذه الوحدة المطلوبة لحل مشاكل الجنس البشري على هذا الكوكب تحل، في نفس الوقت، مشكلة الفرد البشري، التي وردت الإشارة إليها في حديثك، لأنها توحد بين ذاته الروحية، وذاته المادية، وتخلق منه كلا، متسقا، قادرا على التوفيق بين المظاهر المختلفة، في البيئة الطبيعية التي يعيش فيها، وبذلك تزول الحيرة، والقلق، الذي يلف حياة المجتمع البشري، والفرد البشري، في وقتنا الحاضر..
    إن التعليم الأساسي، لا في الشرق الأوسط وحده، ولكن في العالم أجمع، يجب أن يتجه إلى محو أمية المتعلمين، كما يتجه إلى محو أمية الأميين، وذلك بإعادة تعليم الرجال، والنساء، على هدي جديد، يجعلهم مواطنين، عالميين، صالحين.. أنظر إلى محو الأمية التي جاء بها الإسلام فخرجت محمدا، وأبابكر، وعمر، وأضرابهم، ممن كان بعيد النظر في حل مشاكله، ومشاكل مواطنيه..
    إن الإسلام يمحو الأمية بوحدة الفكر المتجلية في كلمة ((لا إله إلا الله))، وهي كلمة سينبثق نورها، من جديد، فيعيد إلى هذا الكوكب السلام والعدل، والرخاء..
    إن مشكلة المشاكل في التربية الأساسية في الشرق الأوسط هي أن المدنية الغربية بضجيجها، وعجيجيها، قد صرفتنا عما عندنا من جوهر إلى ما عند غيرنا من بهرج.. هذا وتقبل، يا سيدي البروفسير، مزيد إحترامي.

    جريدة السودان الجديد بتاريخ 12/9/1957
                  

02-11-2014, 08:23 AM

جمال المنصوري
<aجمال المنصوري
تاريخ التسجيل: 04-02-2009
مجموع المشاركات: 1258

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان هو مركز دائرة الوجود (Re: جمال المنصوري)


    القرآن ومصطفى محمود والفهم العصرى

    تعالوا إلى كلمة سواء!!
    الله والإنسان – الخوض في أسرار الكون

    عزيزي موسى .. تحية .. وبعد فقد أرسلت إلي صحيفة (أنباء السودان) الغراء الرد على سؤالك الأول، وهأنذا أبعث بالرد على سؤالك الثاني .. يسأل السيد م. ع. أ. الأخ الكريم مصطفى أبوشرف ما هو آت: (أستاذي .. فقد التبس علي الأمر في موضوع قرأته في كتاب (الله والإنسان) للكاتب مصطفى محمود، وقد جاء في فقرة من فقراته ما يلي:- (إن الله الذي لا يحترم عقلا صنعه بيديه يعطيني العذر في ألا أعبده) .. ثم يستطرد السائل فيقول: (ويعلل الكاتب حديثه بحجة أنه أراد بهذه الجملة تحطيم الحجة التي يلجأ إليها الفقهاء للهرب من الجدل .. حجة أن الدين فوق العقل، وأن الله فوق العقل، وأن العقل عاجز، قاصر، عن فض مغاليق الوجود .. ويقول أنه أراد لفت النظر إلى ما في هذه الحجة من تناقض .. فهم، بإساءتهم إلى العقل، يسيئون إلى أشرف ما صنعه الصانع الذي يعبدونه، ويفتحون ثغرة نعتذر بها عن عبادته، ونتمسك بأقوالنا، ومعنا حجة عليهم، وليست لهم .. ثم يستطرد السائل فيقول: (إنني عندما أقرأ هذا الحديث ينتابني الذعر، وتسيطر علي الهواجس، وأرى أن الكاتب، في تعليله، وحديثه، قد فند كل الحجج، وتحدى الدين، ورجاله، لما في كلامه من حقائق .. ولكن الله، في محكم كتابه يقول: (يأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) .. إن الله يأمرنا بألا نبحث في الذات، وما وراء الحياة .. وأريد أن أسأل: (هل أسرار الكون، وما وراء العقل، يمكن أن تخوض العقول للبحث فيه؟؟)
    (هذا هو السؤال .. وقد أوردته برمته حتى يرى القارئ مبلغ الاضطراب الذي في عبارته .. ومهما يكن من أمر، فإن أحدا من الفقهاء، لم يقل: أن العقل لا كرامة له، وأن الله لا يحترم العقل .. بل أن الفقهاء ليقرأون حديث النبي في ذلك، وهو طويل، ويشير إلى أن أول ما خلق الله تعالى العقل، وأنه، تبارك وتعالى، قال: (ما خلقت خلقا هو أكرم علي من العقل) .. والفقهاء يعلمون أن التكليف الشرعي والإجتماعي، الذي بفضله تميز الإنسان عن الحيوان، مداره العقل .. والفقهاء يقولون مع المتنبئ:-
    لولا العقول لكان أدنى ضيــ * *ـــغم أدنى إلى شرف من الإنسان
    فالله، إذن، يحترم العقل، ويكرمه، والفقهاء يعلمون ذلك بالبداهة .. و من هذا العلم البديهي يبدأون .. وإلا لكان اشتغالهم بالفقه لغوا باطلا .. فإذا صح هذا – وهو صحيح – فليس هناك إذن ما يبرر القولة، المتحذلقة، المتعالمة، الجوفاء: (إن الله الذي لا يحترم عقلا صنعه بيديه يعطيني العذر في ألا أعبده) ..
    إن الأمور تلبست على صاحبنا فظن أن العقل لا يكون كريما على الله، محترما عنده، إلا إذا خضع الله، سبحانه وتعالى، للعقل .. يدركه، ويحيط به، ويستنفد معانيه، ويفك مغاليقه .. فهو ينكر على الفقهاء قولهم: (إن الدين فوق العقل، وأن الله فوق العقل، وأن العقل عاجز، قاصر، عن فض مغاليق الوجود ..) ويرى أن هذا القول لا يستقيم مع احترام العقل ..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 3:   <<  1 2 3  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de