العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 11:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-21-2013, 10:56 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!! (Re: محمد عكاشة)

    شكرا يا أستاذ محمد عكاشة على التعزية ولا أراكم الله مكروها في عزيز لديكم.. أهديك مقالا يعود للعام 2008 ولعله العام الذي غادر فيه الفقيد الى خارج السودان ... المقال كأنما كتب اليوم:
    Quote: مما لا شك فيه أن الوصف التفصيلي للأوضاع في السودان اليوم لا تكفيه عدة مقالات طويلة، ناهيك عن مقال صغير، ولكنها محاولة لوصفٍ مقتضب، ربما يكفي لبيان جانب يسير من المعاناة التي يعيشها الشعب السوداني اليوم، ممثلا في أكثريته الفقيرة، علما بأني لا أتحدث هنا عن الأوضاع في مناطق الحرب، كدارفور وأبيي، وغيرهما، حيث تحوَّل المواطنون إلى لاجئين، يعيشون في الخيام، بعد أن قـتل منهم من قتل، وأغتصب من نسائهم من أغتصب، ولا عن مناطق التهميش، حيث لا علاج ولا تعليم ولا خدمات من أي نوع، وإنما أتحدث عن المدن والولايات الأفضل نسبيا، بما فيها ولاية الخرطوم، ثم إني لا أتحدث هنا عن الأوضاع السياسية، بشكل عام، مما قد يعرفه الجميع، ولا عن الأوضاع القانونية والقضائية، التي ربما لا يشعر بأثرها، ولا يهتم لها، سوى الذين تنشأ بينهم نزاعات مدنية أو جنائية، وإنما يقتصر حديثي هنا على أوضاع التعليم، وما بعد التعليم، والصحة، والمعيشة، في ظل التوجهات السياسية والاقتصادية الحالية، ومنها سياسة (التحرير) الاقتصادي، ثم هناك ظاهرة شركة كويست (Quest) إن صح أن هذا هو اسمها
    أوضاع التعليم:
    إذا نظرنا إلى الوضع التعليمي، في السودان، لأبنائنا وبناتنا، فإنه محزن ومزعج، فقد صارت الجامعات كثيرة، ولكنها مزيفة وباهظة التكاليف، في آن ٍمعا، فهي أشبه بشركات تسعى للحصول على أكبر قدرٍ من الربح مقابل إعطاء شهادات للطلاب، بحيث يعتبر الواحد منهم خريجا جامعيا، دون أن تؤهله تأهيلاً حقيقيا، في المجال الذي يدرس فيه، ودون حتى أن تثـقفه تثـقيفا يجعله قادرًا على تعليم نفسه بنفسه، وحتى جامعة الخرطوم العريقة، فقد أفسدوها، بالتعريب، وبالتسييس، وبطرد الأكفاء من الأساتذة، وإحلال الموالين، الخ، فصارت مزيفة كبقية الجامعات الكثيرة التي لا حصر لها.. وأما المدارس الثانوية فهي إمَّا (مدارس خاصة) بتكاليف باهظة، لا يقدر عليها إلا الأثرياء، ومع ذلك غير مضمونة التأهيل، وإمَّا (مدارس حكومية) وهذه لا ينجح من طلابها، نجاحا يؤهله للمنافسة في الجامعات الأقل تكلفة، إلا القليل، وكذلك شأن المدارس الابتدائية.. والمدارس الحكومية هي أيضا ذات تكاليف مزعجة، ولكنها أقلَّ كثيرًا من تكاليف المدارس الخاصة، والغريب أن وزارة التربية والتعليم قد ظلت تصرح بالصحف، من حين إلى آخر، أن التعليم الحكومي في المراحل دون الجامعية مجاني تماما، وأنها لم تفرض أي رسوم، من أي نوع، على الطلاب، بينما يعلم الجميع أن المدارس الحكومية، في الواقع، تفرض رسوما متعددة ومتنوعة على الطلاب
    وكما هو معلوم فإن أهل (الإنقاذ) قد غيروا المراحل التعليمية، فجعلوا فترة المرحلة الابتدائية (8) سنوات، من الصف الأول إلى الثامن، وأسموها (مرحلة الأساس).. وأما مناهج التعليم فقد كانوا في بداية عهدهم قد ألغوا مادتي التاريخ والجغرافيا، في مرحلة الأساس، وابتدعوا بدلا عنهما مادة أسموها (أحوال البلاد والناس) ثم ألغوها، وأدخلوا أسماء أخرى، كبديل لمادة التاريخ، منها (نحن والعالم الإسلامي) و(نحن والعالم المعاصر)، وأما الجغرافيا فلم تعد تدرس إلا في المرحلة الثانوية، كما عمدوا إلى التوسع في دراسة (الفقه الإسلامي)، والخطاب الديني السلفي المتطرف، والمفاهيم النابذة للآخرين، غير المسلمين، والحاضة على قتالهم واضطهادهم وكراهيتهم، كما أدخلوا الحفظ الإلزامي لسور وأجزاء طويلة من القرآن الكريم، وأغلبها من السور المدنية، إن لم تكن كلها، وغير ذلك مما يظنون أنه يخدم أغراضهم السياسية المستقبلية، وباختصار فقد عبثوا بمناهج التعليم كما يشاؤون
    ثم ماذا بعـد التعليم؟؟
    يتخرج كل عام عشرات الآلاف من الخريجين، من تلك الجامعات المزيفة، وهم غير مؤهلين، ثم حتى لو افترضنا جدلا أنهم قد تأهلوا في التخصصات التي درسوها، فلا يتم استيعابهم في وظائف، فليس هناك سياسة تنسق بين الاحتياجات والتعليم والتوظيف، فقليل جدًا منهم من يجد وظيفة هنا أو هناك، وغالبا ما تكون الوظيفة غير ذات صلة بالمجال أو التخصص الذي تخرج فيه، وأحيانا يشترطون في التقديم لبعض الوظائف، (بطاقة خلو طرف) من الخدمة الوطنية الإلزامية، وليس مجرد (إذن تعيين) أو (موافقة على التعيين) فيحرمون بذلك شريحة واسعة من حق التقديم للوظيفة، وأما الأكثرية العظمى من الخريجين فهي لا تجد وظائف مطلقا، ومنهم خريجات وخريجون، فأما الخريجات، فيبقين في البيوت، في انتظار الزواج، وفرص الزواج نفسها ضعيفة، لدى أكثرهن، لأسباب لعل من أبرزها اتساع رقعة الفقر، بمعنى ازدياد عدد الفقراء، وتقلص حجم الطبقة الوسطى، وتركز الثروة في أيدي الأقـلية الثرية، وذلك نتيجة لسياستي (التمكين) و(التحرير) الاقتصادي، فبسياسة (التمكين) حولت (الإنقاذ) جزءًا كبيرًا من الثروة إلى أيدي أقليات معينة، ثم أكملت الباقي بإتباع سياسة (التحرير) الاقتصادي، ومعلوم أن هذا (التحرير) الاقتصادي ليس سوى تعميق وتوسيع وتشديد لنظام الرأسمالية القائم أصلا، وسألقي عليه لمحة سريعة لاحقا في هذا المقال.. وأما الخريجين، الذكور، فمنهم من يبقى عاطلا، عطالة سافرة، ومنهم من يقتحم بعض صور العطالة المقـنــَّعة، كالسمسرة وغيرها، ومنهم من يدخل سوق التجارة، وهذه تحتاج إلى رأس مال، يبدأ به، وإلا فشلت، وأمَّا فرص التأهيل العلمي الحقيقي، ثم التوظيف في نفس المجال، لأبناء الغالبية الفقيرة، من غير ذوي الوساطات، فهي نادرة ندرة الكبريت الأحمر، وربما أندر منه.. ومن الخريجين من يلهث وراء الوساطات، من ذوي العلاقات بالموالين، ومنهم من يبحث عن فرص عمل بالخارج، الخ، الخ، غير أن المشكلة تظل قائمة، ومقيمة، لدى أكثرهم
    الأوضاع الصحية:
    هناك نظام تأمين صحي، نشأ نتيجة لاتباع سياسة (التحرير) الاقتصادي، حيث تترك الخدمات الطبية للقطاع الخاص، مع تحرير الأسعار، فيرتفع سعرها بصورة خيالية، فيعجز عنها المواطنون، فيقدم لهم نظام التأمين الصحي، كبديل، حيث يدفعون مبلغا من دخولهم، بصورة دورية (ربما تكون شهرية أو ربع سنوية، حسب المبلغ) للجهة التي تكفل لهم التأمين الصحي، وعندما يحتاجون للخدمات الطبية، يذهبون إلى مستشفيات وصيدليات معينة، تابعة لجهة التأمين الصحي الذي أشتركوا فيه، وبعد كل هذا لا يجدون علاجا مجانيا، أو شبه مجاني، وإنما تخفض لهم الأسعار نسبيا فقط
    أوضاع المعيشة عمومــًا:
    العديد من الأحياء، وربما أغلب الأحياء، بالعاصمة، لا تضخ إليها مياه صالحة للشرب، في الحنفيات، فكثيرًا ما تجيء المياه معكرة، مليئة بالطين، وأحيانا تجيء صافية في ظاهرها، ولكنها في كل الأحوال لا تستوفي المعايير الطبية للمياه الصالحة للشرب، فأما الأثرياء فيشربون فقط من (مياه الصحة) وهي زجاجات بلاستيكية معبأة تباع في البقالات، فلا يشربون من ماء الحنفيات مطلقا، وأما الغالبية الفقيرة فتشرب مياه الحنفيات، ومنهم من لديه مقاومة طبيعية جيدة في جهازه المناعي فيقاوم أغلب الأمراض المنقولة عبر المياه، ومنهم من يمرض كثيرًا فليجأ إلى التأمين الصحي سالف الذكر.. ورغم عدم صلاحية المياه، فإنها في بعض الأحياء أو في بعض المربعات داخل الأحياء غير متوفرة، فسكان مربع (65) أركويت، مثلا، حيث أقيم، وهو مربع في حي من أحياء قلب العاصمة، وليس من الأطراف المهمشة، لا يحصلون على الماء، حتى لو استخدموا موتورًا كهربائيا لسحب الماء، إلا في الثلث الأخير من الليل، فيملؤون منها الأزيار والبراميل الخ، ثم يستخدمونها بالنهار
    وأما الكهرباء فهي غالية بحيث لا يستطيع الفقراء تركيب مكيف واحد بالبيت لمواجهة حر الصيف الرهيب، لأن المكيف، حتى لو كان من نوع (Cooler) ذي الاستهلاك الأقل للكهرباء، فإنه يستهلك من الكهرباء ما يعجزون عن دفع ثمنه، علمــًا بأن أسطح الغرف وسقوفها هي غالبا من الزنك الذي يضاعف من حرارة الجو ويحولها إلى لهيب لا يطاق، ولستُ أدري لماذا لا يستخدم الناس السقوف الخشبية، ولكن يبدو أنها لا تصلح إلا في مناطق ذات تربة صخرية، مثل أم درمان، وأما النوع الذي يسمى (العقد) من السقوف، فهو مكلف، وأما الخرسانات فهي خاصة بالبناء المسلح ذي الطوابق، الذي يختص به الأثرياء، ملكا أو استئجارًا.. ثم إن الكهرباء، حتى للذين لديهم مكيف بالبيت، كثيرًا ما تقطع في فترة الصيف، فيضطر بعض أثرياء الحي إلى تشغيل المولـِّد الكهربائي (Generator) المثبت في الشارع أمام المنزل، بصوته المزعج الرهيب، فتجتمع على الجيران كهرباء مقطوعة، وحرارة جو رهيبة، كأنها من فيح جهنم، مع أصوات مولدات كهربائية مزعجة، وكذلك الحال بالنسبة للمكاتب في الأسواق وأماكن العمل
    وأما السلع اليومية الضرورية، كالخبز والخضروات والزيت والبصل والسكر واللبن والصابون، الخ الخ، فإن أسعارها مرتفعة بصورة لا يوجد أدنى تناسب بينها وبين الدخول، إلا لدى ذوي الدخول العالية، وهم أقـلية، وأما السلع أو الخدمات الضرورية الأخرى، كالحصول مثلا على نظام انترنت سريع، غير النظام البطيء العادي، ليبحث الخريج فيه عن فرص عمل، أو منح دراسية، أو أي شيء مما يخدم قضية التعليم أو التوظيف لديه، فإن ذلك من رابع المستحيلات، إلا لدى الأثرياء
    أنواع السلع والخدمات:
    لعل من المعلوم أن هناك نوعين من السلع والخدمات: وحيث أن (الخدمة) نفسها تسمى (سلعة)، فلنقل أن هناك نوعين من السلع:
    1) سلع يحتاج إليها الإنسان بطبيعته، سواء كانت ضرورية أو كمالية، وهذه أسميها هنا السلع الحقيقية، أو الايجابية
    2) وسلع لا يحتاج إليها الإنسان بطبيعته، ولكنه قد يشعر بالحاجة إليها إذا خضع لتأثير مؤثر يوهمه بالحاجة إليها، وهذه أسميها هنا السلع الوهمية، أو السلبية
    وبعض السلع الوهمية ممنوع قانونا، مثل المخدرات، وهذه لا تهمني هنا، وإنما يهمني هنا السلع الوهمية المباحة قانونا، ومنها ما هو ضار صحيا، كالسجاير، وبعض المشروبات الغازية، وبعض المعلبات المحفوظة بمواد حافظة ضارة، الخ الخ، ومنها ما هو ضار اجتماعيا، كالسلع التفاخرية والتبذيرية، مثـل (آخر صيحات الموضة) في عالم كذا وكذا، ومنها ما هو ضار ثـقافيا وأخلاقيا، كالسلع الإفسادية والتضليلية، مثـل الأفلام والأغاني الهابطة والمبتذلة، ومثـل السلع التي تتعامل مع المرأة كأنها مجرد (أنثى) لا دور لها في الأسرة وفي المجتمع، ولا قيمة، سوى (الأنوثة والجاذبية) ومن أمثالها أدوات وخدمات المكياج والزينة المبالغ فيها، ومنها ما هو غير ضار صحيا أو ثـقافيا، إلا أن مجرد استهلاك سلعة أو خدمة، بمقابل مادي، دون أن يكون الشخص محتاجا إليها حاجة حقيقية، هو عمل ضار اقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا.. وأحيانا يتم شراء بعض السلع الحقيقية (الايجابية) لغرض آخر وهمي أو سلبي، غير الغرض الأصلي الايجابي منها، كمن يشتري سلعة معينة رغم أنه لا يحتاج إليها، ولكنه يشتريها فقط لمجرد احتمال أن تكون هي السلعة الفائزة بالجائزة، فعندئذٍ تعتبر السلعة وهمية أو سلبية.. ومن السلع الوهمية ايضا الأجهزة التي تكون رديئة الصنع وزهيدة الثمن نسبيا، ثم تحتاج لاحقا إلى قطع غيار، كل فترة، بحيث تكلف في النهاية ثمنا أكبر مما تكلفه السلعة الجيدة من نفس النوع.. ومن السلع ما يكون حقيقيا في حد ذاته، ولكنه يصبح وهميا لارتباطه بنوع خاص من الملحقات، بينما كان من الممكن أن يتعامل مع النوع العادي منها، كبعض أنواع الأجهزة المصممة بحيث لا تتعامل إلا مع نوع معين من المفاتيح أو الأدوات، بحيث أن من يشتريها يضطر إلى شراء مفاتيحها وأدواتها الخاصة، ومن صور الوهمية في السلع أيضا التعدد والتنوع في أشكال وألوان وملحقات واسبيرات الأجهزة التي تؤدي نفس الوظائف، بحيث أن من يشتري الشكل الجديد من الجهاز لا تصلح له أدوات الشكل القديم الموجودة لديه، فيضطر إلى شراء أدوات وملحقات الشكل الجديد الذي اشتراه، وهكذا إلى آخر صور وطرق التفنن والإبداع في وسائل إلزام المستهلك بشراء سلع وخدمات كان في غنىً عنها
    سياسة التحرير الاقتصادي:
    تتمثل سياسة التحرير الاقتصادي فيما يلي:
    1) أن تترك الدولة مسألة انتاج السلع والخدمات، فيما عدا الخدمات السيادية المرتبطة بالدولة كالأمن والدفاع والقضاء، الخ، للقطاع الخاص (الشركات الخاصة)
    2) أن تترك الدولة الشركات الخاصة حرة فيما تنتج من سلع وخدمات، فلا تتدخل الدولة إلا بمنع السلع الممنوعة كالمخدرات، ومراقبة السلع المحتاجة إلى رقابة خاصة كالأدوية، وما إلى ذلك، وفيما عدا ذلك تترك الشركات الخاصة حرة فيما تنتج من سلع وخدمات
    3) أن تترك الدولة الشركات الخاصة حرة فيما تتخذ من وسائل لتوزيع وتسويق ما تنتج من سلع وخدمات
    4) أن تترك الدولة الأسعار حرة فلا يتحكم فيها سوى قانون العرض والطلب
    وحيث أن الشركات الخاصة، كما هو معلوم وبديهي، لا تهمها مصلحة الناس (المستهلكين) ولا تعنيها، ولا تهمها وفرة الانتاج، وعدالة التوزيع، وما إلى ذلك من المعاني والقيم الاقتصادية، وإنما يهمها فقط تحصيل أكبر قدر من الأرباح، فإنها لذلك تتجه تلقائيا إلى تسويق ما تنتج من سلع وخدمات، وليس إلى إنتاج ما يحتاج إليه الناس بطبيعتهم، إلا بالقدر الذي يدخل به في مجال التسويق، فسياستها، في كل مكان، هي العمل على تسويق ما تـنتج، وليس إنتاج ما يُطلب، أو قـل السعي إلى خلق حاجة المستهلك لما تـنتج، بهدف خلق الطلب لما تنتج، وليس إنتاج ما هو مطلوب أصلا، أو ما يحتاجه المستهلك بطبيعته.. ولكي تخلق الطلب فإنها تتجه إلى إيهام المستهلك بحاجته إلى السلعة أو الخدمة التي تقدمها، ومن وسائل التأثير الايهامي الدعايات والإعلانات، التي تـتبارى، وتـتـنافس، وتـتـفـنن، وتبدع، في وسائل ترغيب المستهلك في ما تقدم من سلع وخدمات، حتى أن العديد من الشركات قد صار يقدم جوائز قيمة، كسيارة جديدة مثلا، كل شهر، أو كل أسبوع، بحيث تعطى الجائزة، عن طريق الاقـتراع، لأحد مستهلكي السلعة أو الخدمة التي تقدمها الشركة، مما يجعـل الملايين، ممن لا يحتاجون إلى السلعة أو الخدمة، يشترونها رغم عدم حاجتهم لها، وكل منهم يمني نفسه بأن يكون أحد الفائزين بالجائزة، فتحقق الشركة بذلك أرباحا طائلة، تغطي بجزء يسير منها ثمن الجوائز التي تقدمها، بينما يصير الباقي ربحا صافيا لها.. وحيث أن العديد من منتجات الشركات الخاصة إنما هو سلع وهمية، فإنها إنما تمتص الثروة تدريجيا وعلى المدى الطويل من أيدي الأكثرية المستهلكة إلى أيدي الأقلية المنتجة لتلك السلع
    فإذا كانت الشركات الخاصة محلية، بمعنى أنها تسوق منتجاتها الوهمية في نفس البلد الذي تحمل جنسيته، فإنها تمتص الثروة من أيدي شعبها نفسه، ولكنها تبقيها بالدولة، فهي عندئذٍ لا تفقر الدولة، ولكنها تفقر الشعب، وأما إذا كانت الشركات الخاصة أجنبية، تحمل جنسية دولة أخرى، وتسوق منتجاتها الوهمية عند شعبنا، فإنها عندئذٍ تمتص الثروة من شعبنا ودولتنا، في آن ٍمعا، وتتجه على المدى الطويل إلى إفقار الشعب والدولة معا
    وسياسة (التحرير) الاقتصادي الحالية هي فتح البلد كسوق لكافة الشركات، المحلية والأجنبية، وحيث أن السودان إنما هو قطر مستهلك، أو قل مستورد، بمعنى أنه يستورد ويستهلك من السلع والخدمات أكثر مما ينتج ويصدِّر، فإن سياسة (التحرير) الاقتصادي تتيح للشركات الأجنبية أن تغزوه بمنتجاتها الحقيقية والوهمية مما يؤدي في النهاية وعلى المدى الطويل إلى إفقار الشعب والدولة معا، وتحويل الثروة تدريجيا إلى جهات أجنبية.. ولعل فيما تقدم بعض التوضيح لطرف يسير من سوء وسلبية ما يسمى بالتحرير الاقـتصادي، وهو في الحقيقة ليس تحريرًا اقتصاديا، وإنما هو، على العكس، تسلط اقـتصادي، تمارسه الأقـلية الغنية، على الأكثرية الفقيرة، بينما تقف الدولة متفرجة، فلا تصدر قانونــًا يحمي المستهلكين من تسلط المنتجين عليهم، والإضرار بهم، ونهب أموالهم.. بينما لو كانت الدولة ذات حكومة رشيدة ومسئولة، لأصرت أولا على توعية المستهلكين، ولأصرت ثانيا على وضع قانون يحميهم، ويحافظ على الثروة القومية، وعدالة توزيعها بين المواطنين، وذلك بوضع قيود، على الأقل، على الانتاج ووسائل التوزيع، إن لم يكن على الأسعار، ثم إنها لو كانت أكثر وعيا ورشدًا ومسئولية لتولت هي بنفسها إنتاج السلع والخدمات، بقطاعها العام، ولاتجهت إلى إنتاج السلع والخدمات الحقيقية، الضرورية والكمالية، التي يحتاجها المستهلك بطبيعته، لأنها لا تهدف إلى الربح بقدرما تهدف إلى مصلحة الشعب، وترقيته، وإثـرائه، وترفيهه
    وحيث أن هذا المقال قد طال أكثر مما توقعت فسوف أترك موضوع شركة كويست (Quest) إلى مقال لاحق.. ونواصل بإذن الله

                  

العنوان الكاتب Date
العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!! عبدالله عثمان11-21-13, 06:38 AM
  Re: العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!! عبدالله عثمان11-21-13, 06:41 AM
    Re: العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!! عبدالله عثمان11-21-13, 06:53 AM
      Re: العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!! عبدالله عثمان11-21-13, 06:55 AM
        Re: العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!! محمد عكاشة11-21-13, 06:59 AM
          Re: العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!! عبدالعزيز عثمان11-21-13, 07:04 AM
            Re: العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!! عبدالله عثمان11-22-13, 05:19 AM
          Re: العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!! عبدالله عثمان11-21-13, 10:56 AM
            Re: العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!! محمد أحمد الريح11-21-13, 01:12 PM
              Re: العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!! abas11-21-13, 01:34 PM
              Re: العزيز عبدالله الأمين محمد الفكي: بأي الحجب شمسك قد توارت؟؟!! عبدالله عثمان11-22-13, 11:06 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de