|
|
 هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟
|
لاشك أن كل سوداني تابع باهتمام شديد التطورات الأخيرة التي أدت إلى التحام الفصائل المقاتلة لنظام البشير في جبهة واحدة هي الجبهة الثورية، ولابد أن أملا راود الكثيرين في أن هذا التطور سيؤدي لبدء العد التنازلي السريع لنهاية النظام، وحين استولت الجبهة على أبي كرشولة ودخلت أم روابة كاد البعض أن يرقص فرحا بعد أن شعر أن الأمل أصبح قويا وأن معجزة قد حدثت لتقلب موازين الأمور، وهو أمل سرعان ما خبا بعد انسحاب الجبهة من أبي كرشولة، ومن ثم كان لابد من وقفة لتفحص ما حدث ووزنه بميزان المنطق والعقل والرياضيات وتقييم ماحدث واستنباط ما سيحدث على ضوء الوقائع والحقائق.
القوة العسكرية للجبهة الثورية تستند إلى مكونين أساسيين: الحركات الدارفورية التي اعتادت على القتال في المناطق الصحراوية والجبلية في شمال دارفور معتمدة على العربات ذات الدقع الرباعي المزودة بالرشاشات، وهو أسلوب قتالي سبق استخدامه في الحرب الليبية التشادية وكانت براعة التشاديين فيه كبيرة بحيث أفقدوا الطرف الآخر ميزة تفوقه التسليحي مما أجبره على الإنسحاب وانهاء الحرب. المكون الثاني للجبهة هو الحركة الشعبية التي تمتلك خبرة تمتد لحرب الجنوب التي دارت في بيئة طبيعية مختلفة وباستعمال أسلوب قتالي مختلف تماما عن أسلوب سيارات الدفع الرباعي! وهكذا جمعت الجبهة مدرستين مختلفتين تماما وكانت أبي كرشولة أول اختبار لهذا المزيج هل سينجح أم لا؟
حرب العصابات ضد جيش نظامي تمثل حرب طرف ضعيف جدا من حيث القوة العسكرية ضد خصم قوي جدا، و لعل أبرز مثال لها هو حرب فيتنام، فما هو الشرط الأساسي لنجاح حرب العصابات؟ بكل تأكيد هو القيادة التي تتمتع بالذكاء الخارق، فهل قيادة الجبهة الثورية لها من الذكاء ما يمكنها من شن حرب عصابات تؤدي للانتصار؟ بكل تأكيد الإجابة هي لا، فالمتأمل للمسيرة القتالية للحركات الدارفورية يرى بكل وضوح أداء يشير إلى أن قيادتها قيادة فاشلة تصدى لها أناس ذوي ذكاء محدود وتفكير بسيط و ساذج وبدائي مصحوب باندفاع عاطفي لايعرف الحسابات، أدى في النهابة لتفككها وتشظيها، ولم تفلح حتى في الحصول على تأييد المهشمين من أهل دارفور، ولعبت بها العصبية القبلية التي يفترض بها أن تكون بعيدة كل البعد عنها باعتبار أنها تدعي النضال ضد سيطرة صفوة قبلية نيلية! وبسبب القبلية لم يمكن لقانون الانتخاب الطبيعي الذي يؤدي لصعود الأذكى للقيادة أن يعمل، فانتهى الأمر بهذه الحركات أن تحولت لمجموعات لاتشكل أي تهديد يذكر للنظام.
على أن المشكلة الكبرى هي أن أسلوب القتال بالعربات رباعية الدفع هو أسلوب ذو تكلفة عالية جدا، فاستهلاك العربات رباعية الدفع للوقودشديد، ومدافعها الرشاشة تستهلك كميات هائلة من الذخيرة غالية الثمن ثقيلة الوزن والتي يحتاج نقلها للمزيد من الوقود، وهكذا فإن حرب عصابات بهذا الأسلوب ستؤدي للقضاء على الموارد المالية بسرعة هائلة، السر كله في البنزين غالي الثمن، فهل يمكن الاستمرار بحرب كهذه دون موارد؟ الإجابة بالتأكيد لا، ولاشك أن النظام الليبي السابق كان المورد الأساسي للأموال الهائلة التي تتطلبها سيارات الدفع الرباعي، وفي حين أنه من غير المعروف كم دفع النظام الليبي السابق لهذه الحركات وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة كخطوة انتقامية أخيرة ضد نظام البشير، فيمكننا أن نخمن: إذا كان ذلك الدعم كبيرا لكانت الحركات قد حازت حتى الآن آلاف المركبات المجهزة وهو ما لم يحدث مما يقود للاستنتاج أن ما بقي من تلك الأموال لايكفي سوى لإحداث جعجعة بغير طحين يراد منها الاستمرار لأطول وقت ممكن، وهو مما لاجدوى فيه، وفي نهاية الأمر لابد أن تتحول سيارات الدفع الرباعي بعد نفاد الوقود وقطع الغيار إلى قطع حديد صدئة مالم يستبدل الدعم الليبي السابق بدعم دولة الجنوب، لكن المعادلات التي تحكم الدعم الجنوبي تختلف تماما عن تلك التي كانت تحكم الدعم الليبي السابق!
من ناحية أخرى فطرف الجبهة الثورية العسكري الآخر – الحركة الشعبية – يمكنها أن تستمر في حرب طويلة الأمد ذات تكلفة قليلة وتحتمي بطبيعة جبال النوبة الوعرة لمدة طويلة ـ غير ان ذلك لايشكل سوى استنزاف ضئيل للنظام ولا يترك للحركة أي خيار ما عدا خيار واحد هو التفاوض مع النظام والتصالح معه مقابل تنازلات في نهاية الأمر، ولا يمكن أن يكون إسقاط النظام هو هدف حربها!
الدرس الذي يعرفه الطغاة جيدا هو أن الحروب هي أفضل ما يلهي الشعب عنهم ويطيل عمر حكمهم، لذلك خيار الحرب الطويلة خيار يفرح له النظام الذي سيسعد بعودة الأمور لخانة أوائل التسعينات حين كان الناس يموتون جوعا ومرضا وفقرا دون أي مبالاة بمعاناتهم من جانب النظام!
إن أي طفل بارع في ألعاب الفيديو لابد أنه سيضحك على الطريقة التي تخوض بها الجبهة الثورية حربها ضد النظام، ولو أعطي الفرصة لقيادة ذات الإمكانات التي للجبهة الثورية لكان النظام اليوم يعاني سكرات الموت، لكن يبدو أن عذابا طويلا ينتظر الشعب السوداني بينما تتناطح فوقه تيوس النظام والجبهة الثورية إلى مالا نهاية وكل منهما يتفوق على الآخر في الغباء!
ياله من حلم جميل عشناه لأيام بعد أن خدعنا أنفسنا، فليبشر البشير بطول سلامة، فلا أظن أن الجبهة الثورية لديها من التواضع ما يجعلها تلجأ لاستقدام خبراء فيتناميين ليفكروا لها كيف تهزم النظام بما لديها من قدرات!
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | محمد عثمان الحاج | 06-16-13, 05:52 PM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | عادل البراري | 06-16-13, 06:15 PM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | Osama Mohammed | 06-16-13, 06:29 PM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | عادل البراري | 06-16-13, 07:04 PM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | Mohamed Hamed Ahmed | 06-16-13, 09:25 PM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | محمد أبوجودة | 06-16-13, 11:53 PM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | محمد عثمان الحاج | 06-17-13, 01:45 AM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | محمد عثمان الحاج | 06-17-13, 01:45 AM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | محمد عثمان الحاج | 06-17-13, 01:46 AM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | محمد عثمان الحاج | 06-17-13, 01:48 AM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | عادل البراري | 06-17-13, 08:24 AM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | Elawad Eltayeb | 06-17-13, 03:07 PM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | 7abib_alkul | 06-17-13, 09:00 PM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | الصادق الزين | 06-18-13, 05:58 AM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | محمد عثمان الحاج | 06-18-13, 12:30 PM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | محمد عثمان الحاج | 06-18-13, 12:31 PM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | محمد عثمان الحاج | 06-18-13, 12:33 PM |
| Re: هل تستطيع الجبهة الثورية إسقاط نظام البشير؟ | محمد عثمان الحاج | 06-18-13, 12:34 PM |
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست