|
Re: الأسس القانونية لمصادرة أملاك المستثمر الأجنبي (Re: Mohamed Elboshra)
|
فذلكة تاريخية للمصادرة أو التأميم
في البدء يجب التسليم أن كل دولة لها مطلق الحرية في سن ما تراه من قوانين بموجب نظرية "حق السيادة" على أراضيها ومواطنيها وثرواتها الطبيعية فوق وتحت الأرض بما فيها جرفها القاري، وفي الثلاثة عقود الأخيرة تنازلت الدول كثيراً عن التشدد في إستعمال حق السيادة وبالتالي تساهلت في سن القوانين الجاذبة للمستثمر الأجنبي. ففي التاريخ البعيد والقريب نرى نماذجاً لمصادرة أموال وأملاك الأجانب بموجب إستعمال الدولة لحق السيادة المطلقة على أراضيها وثرواتها القومية. فقد كان كارلوس كالفو الأرجنتيني (1868م) متشدداً في الدعوة لإستعمال الدول الصغرى لحقها السيادي تجاه الدول الكبرى لحماية ثرواتها القومية، وطالب بمنع الدول الكبرى من إستعمال الحماية العسكرية أو الدبلوماسية لإستثمارات مواطنيها في الدول الصغرى. وقد إتضح تشدد كالفو في إستعمال حق السيادة بدعوته أن تقع "الولاية القضائية" في مجال نزاعات الإستثمار الدولي على عاتق قضاء الدولة المقام فيها المشروع الإستثماري لا على كاهل دولة المستثمر الأجنبي، وأن يتم الفصل فيها حسب قوانين الدولة المضيفة، ولكن التطور التاريخي لقوانين الإستثمار تجاوز تلك النظرة القومية الضيقة وأصبحت الدول ترضى بالتحكيم تنازلاً عن الولاية القضائية وذلك رضوخاً لمتطلبات جذب رؤوس الأموال والمستثمرين. تلك المشاعر القومية "المتطرفة" ومصادرة الأملاك الخاصة بالمواطنين والأجانب وجدت رواجًاً في أمريكا اللاتينية وفي روسيا بعد قيام الثورة البلشفية في 1917م، وكذلك تأججت المشاعر القومية في المكسيك في 1926م وقامت بمصادرة إستثمارات الأجانب في نطاق ثورة الإصلاح الزراعي. وقد إرتبط التأميم ومصادرة الإستثمار الأجنبي بمعاداة المستعمر والإحساس بالغبن من قبل الدول الصغرى، وقد إنتقلت تلك المشاعر القومية إلى إيران حيث قام الدكتور مصدق بتأميم النفط في إيران في 1951 مما إضطر الدولتين العظميين آنذاك (بريطانيا وأميركا) إلى تدبير إنقلاب مخابراتي أزاح مُصدَق عن السلطة في 1954م وأتى بالشاه رضا بهلوي حاكماً لطهران. ليس بعيداً عن إيران كانت المشاعر القومية أيضاً متُأَجِجة في مصر حيث قام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس في 1956م وتبعاً لهذا القرار فقد قامت بريطانيا بتجميد كل الممتلكات المصرية في إنجلترا، كما رفض البنك الدولي تمويل خزان السد العالي، كما كان هذا القرار سبباً للعدوان الثلاثي على مصر (بريطانيا، فرنسا واسرائيل). من وجهة نظر كاتب هذا المقال فإن العدوان الثلاثي على مصر وتصاعد الروح القومية المعادية للإستعمار والتي أدت لقيام منظمة دول عدم الإنحياز في 1955م كانت هي السبب الرئيسي لإستصدار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1803 المؤرخ في 14 ديسمبر 1962 والمعنون السيادة الدائمة للدول على مواردها الطبيعية. وبعد أن أقر القرار بحق الشعوب في السيادة على ثرواتها ومواردها لتنمية ورفاه الشعوب نصت في المادة : " (2) ينغي أن يتماشى التنقيب عن تلك الموارد وإنماؤها والتصرف فيها، وكذلك إستيراد رأس المال الأجنبي اللازم لهذه الأغراض، مع القواعد والشروط التي ترى الشعوب والأمم بمطلق حريتها أنها ضرورية أو مستحسنة على صعيد الترخيص بتلك الأنشطة أو تقييدها أو حظرها". ونص القرار في المادة " (4) يتوجب إستناد التأميم أو نزع الملكية أو المصادرة الى أسس وأسباب من المنفعة العامة أو الأمن أو المصلحة القومية، مُسَلمٌ بأرجحيتها على المصالح الفردية أو الخاصة البحتة ، المحلية والأجنبية علي السواء. ويدفع للمالك في مثل هذه الحالات التعويض الملائم، وفقاً للقواعد السارية في الدولة التي تتخذ تلك التدابير ممارسة منها لسيادتها وفقاً للقانون الدولي. ويُراعىَ، حال نشوء أي نزاع حول مسألة التعويض، إستنفاد الطرق القضائية القومية للدولة التي تتخذ تلك التدابير. ويُراعىَ مع ذلك، إذا إتُفِق على ذلك بين الدول ذات السيادة والأطراف المعنيين الآخرين، تسوية النزاع بطريق التحكيم أو القضاء الدولي".
==== يتبع====
|
|
|
|
|
|
|
|
|