فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-29-2024, 00:59 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-01-2012, 09:35 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 (Re: الكيك)



    الجدوى العلمية للأسلمة والتأصيل الأحد, 17 يونيو 2012 11:58

    التحديث الأخير ( الاثنين, 18 يونيو 2012 15:32 ) .
    أ.د التيجاني عبد القادر يتحدث لمقدم البرنامج د. الجيلي علي البشير


    أجرت قناة الشروق الفضائية وضمن برنامجها الأسبوعي مقاربات، سلسلة لقاءات فكرية مع أ.د التيجاني عبد القادر حامد، أستاذ الفكر السياسي الإسلامي بجامعة زايد بالإمارات، حول الأسلمة والتأصيل، والخطاب السياسي للحركات الإسلامية، وتجربة الحركة الإسلامية السودانية.

    واستهل منتج ومقدم البرنامج د. الجيلي علي البشير، الحلقة الأولى من سلسلة حواراته مع المفكر التيجاني بتساؤلات حول المبادئ العامة والمنطلقات الفلسفية للأسلمة والمشتركات بينها والتأصيل, ثم الجدوى العلمية للأسلمة وكسبها ومحصولها الواقعي على الأرض.


    سيرة ذاتية
    البروفيسور: التيجاني عبد القادر حامد
    ولد في منطقة أم دم ولاية شمال كردفان بالسودان العام 1951م
    تخرج في جامعة الخرطوم كلية الآداب شعبة الفلسفة بدرجة الشرف
    نال الماجستير في الفلسفة من جامعة الخرطوم العام 1984م
    نال درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الخرطوم العام 1989م
    متخصص في الفكر السياسي الإسلامي
    عمل أستاذاً للفكر السياسي والدراسات الإسلامية في كل من جامعة الخرطوم والجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا وجامعة العلوم الإسلامية الاجتماعية بالولايات المتحدة.
    عمل مديراً لإدارة التأصيل بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالسودان.
    كان من أبرز القيادات الطلابية في فترة السبعينيات وكان رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم ممثلاً للاتجاه الإسلامي، كما كان عضواً منتخباً في مجلس شورى الحركة الإسلامية لعدد من الدورات.
    نشرت له العديد من المؤلفات والأبحاث والمقالات باللغة العربية والانجليزية من أشهرها:
    أصول الفكر السياسي في القرآن المكي.
    المفهوم القرآني والتنظيم المدني: دراسة في أصول النظام الاجتماعي.
    الإسلام ومشكلة الفقر.
    الإسلام والزنوجة.
    نزاع الإسلاميين في السودان.
    التفسير التأويلي وعلم السياسة: (دراسة في المفهوم القرآني والمتغير السياسي).
    مقدمة في تأصيل المعرفة
    يعمل الآن أستاذاً للفكر السياسي الإسلامي بجامعة زايد بالإمارات العربية المتحدة

    مرحب دكتور التيجاني .. قضايا الأسلمة والتأصيل هي من القضايا التي وجدت حظها من الدراسة لكن دعنا نتساءل ما هو المغزى من دراسات الأسلمة والتأصيل؟!
    قضية الأسلمة والتأصيل لابد لها من خلفية ولو مختصرة قبل أن نعود إلى ما ذكرته من النتائج والثمرات, لا شك أن قضية التأصيل والمعرفة هي قضية مربوطة بسؤال النهضة والتخلف, منذ قرنين من الزمان بدأ المراقبون والقادة والسياسيون يحسون بأن أحوال العالم العربي ومجتمعاتنا الإسلامية والعربية ليست على ما يرام وأننا تأخرنا كثيراً عن ما هو مثلنا من الأمم الأخرى خاصة الأمم الغربية, ولذلك ظل السؤال يتردد في جنبات العالم الإسلامي عن ما هي أسباب هذا التخلف وما هي الطرق التي يمكن أن تؤدي بنا إلى النهضة.

    أ.د التيجاني: لابد من منظومة معرفية شاملة



    لذلك جاءت مسألة إسلامية المعرفة أو سمها مسألة التأصيل في إطار محاولة الإجابة على طرق النهضة الشاملة للأمة الإسلامية والأمة العربية والنقطة الأساسية في هذا الاتجاه هي أن النهضة لا يمكن أن تكون إلا بالمعرفة ثم ترتب على ذلك أن هذه المعرفة لا يمكن أن تكون خليطاً من الأفكار أو قضايا مشتتة لكن لابد أن تكون هناك منظومة معرفية منهجية إذا أردنا أن نبدأ خطوات النهضة فأصبح السؤال كيف يمكن التوصل إلى استخراج أو إلى تكوين منظومة معرفية منهجية.


    واحد من أسئلتنا المطروحة كيف يمكن تكوين هذه المنهجية.. لكن حتى يتم تكوين هذه المنهجية بصورة مرتبة ينبغي أن نتعامل مع مصطلح وهنالك إشكالية فيما يتعلق بالمصطح في قضية الأسلمة والتأصيل. من حيث المصطلح ما هو المصطلح الدقيق الذي ينبغي أن يستخدم في هذه المسألة؟.


    في تقديري إن بداية الحركة هي محاولة تفكيك المصطلح نفسه, المأزق المعرفي الذي نوجد فيه الآن أننا نوجد "مصبوبين" في مصطلحات علمية ومعرفية لم نصنعها نحن, مصطلحات إما تكون من التراث أو من الحضارة الغربية فأول خطوة في حركة التأصيل والأسلمة هي تفكيك المصطلحات الجاهزة لمحاولة الشروع في عملية التفكير ولذلك إذا سميتها عملية تأصيل يقصد بها هذا، أي أنها تبتدع المفاهيم الأساسية التي تكون بمثابة اللبنات التي تؤسس عليها المنظومة العلمية الجديدة.


    مقاطعة: قد يفهم التأصيل العودة للأصل وهذا قد يفهم عند بعض الناس العودة للطرق التقليدية في التعامل مع العلوم كذلك؟
    ينبغي هنا أن نفرق ماذا يقصد بالأصل إذا قصدنا بالأصل القرآن الكريم أي الوحي قرآنا وسنة فهذا أمر لابد منه وهو مرتبط ارتباطاً عضوياً بقضية الأسلمة وقضية التأصيل. أما إذا كنت تقصد بالأصول تراث المسلمين في فهمهم لهذه النصوص فهذا ليس هو المقصود فهي ليست عودة فقط للتراث ليست هي تحصن بالتراث إنما هي عودة إلى أصول الوحي ثم من بعد ذلك النظر في التراث نفسه ثم النظر في التراث الغربي ثم النظر في التجربة الإنسانية عموماً.


    التناصر بين الوحي والكون هل يمكن أن نسميه المنطلقات الفلسفية والفكرية لمشروع الأسلمة والتأصيل؟!
    نحن نؤمن تماماً أن المعرفة لا يمكن أن تقوم على جناح واحد أو على قدم واحدة كأن تقوم على العقل مثلاً من دون الوحي وإنما هذه هي الإضافة الأساسية أن الوحي هو المصدر الأساسي من مصادر المعرفة وكذلك الكون مصدر منه مصادر المعرفة والجمع بين المصدرين ضرورة منهجية وضرورة معرفية.

    "
    القلب فيه جهاز أو هو نفسه جهاز يصلنا بعالم الغيب فيه قدرة اتصال بعالم الغيب وقدرة اتصال بعالم الشهادة
    "
    دكتور في كتاباتك عن قضايا التأصيل أشرت إلى أن هناك عناصر للمعرفة من بينها الوحي والتراث الإسلامي والكون لكن هناك إشارة للقلب المسلم فما هو موقع القلب المسلم من بين عناصر المعرفة؟
    كثير من الدارسين يتكلمون عن العقل والعقلانية لكن عندما تنظر للقرآن تجد فيه حديث متكرر عن القلب, القلب هو مكان التفكر وهو مكان التذكر وهو مكان الإيمان والوعي الحقيقي والعقل هو وظيفة من وظائف القلب وليس العكس.

    الإنسان يعقل بقلبه ويدرك بقلبه, القلب هو مستقر الكليات المعرفية وأيضاً القلب موصول بالروح وموصول بالعالم الغيبي.


    أنا أذهب إلى القول كأنما القلب فيه جهاز أو هو نفسه جهاز يصلنا بعالم الغيب فيه قدرة اتصال بعالم الغيب وقدرة اتصال بعالم الشهادة.

    يتصل بعالم الشهادة وبالكون وبالوجود من خلال الحواس ومن خلال التكوين المادي العادي ويتصل أيضاً بالعالم الغيبي بخاصية خص بها القلب لذلك نعتقد أن الجمع بينهم ضرورة لا شك في ذلك.


    كيفية تمثيل هذه العناصر القرآن والكون والتراث الإنساني والقلب المسلم كيف يمكن أن تمثل لتؤشر إلى مشروع متكامل في قضايا التأصيل؟
    نعود للنقطة الأولى وهي المنظومة المعرفية أو المنظومة العلمية المنهجية هي كلمة المنهج هي نقطة أساسية في هذا الأمر والعلم أيضاً, دعنا نعرف التعريف السائد بين علماء المسلمين للعلم هم يبدأون بفكرة الإدراك. إن العلم هو إدراك عن يقين وإدراك مطابق للواقع عن دليل. فالإنسان لا يكفي أنه يكون متصور لأن هناك فرق بين الإدراك والتصور ولا يكفي أن يكون متخيلاً، ينبغي أن يكون مدركاً وأن يكون الإدراك مطابق للواقع عن دليل, هذه فكرة المنهج الذي نتحدث عنه لا يكفي أن نتحدث عن ظنون أو افتراضات وما يترتب على هذا هو إدراك الحقيقة, حقيقة الواقع وحقيقة الوجود إذا أنت لم تتوفر لك هذه المنهجية الدقيقة والأدلة لا تستطيع أن تدرك الواقع كما هو وهذا هو الذي يربط مسألة إسلامية المعرفة بمسألة النهضة لأن أكبر مشكلة تواجهنا وأكبر عقبة في سبل النهضة أننا لا نستطيع قراءة الواقع بصورة صحيحة.

    مرات كثيرة قد يكون الإنسان مخدوعاً يتوهم أن هذا هو الواقع أو يفترض افتراضات ليست حقيقة فميزة المنهجية المعرفية التي نتحدث عنها أنها تساعدنا مساعدة دقيقة في معرفة الواقع وقراءته ومعرفة الحقيقة وإذا عرفنا الحقيقة نستطيع أن نركب مشروع للنهضة وأن نفهم الفرق بين الكليات والجزئيات وبالتالي نستطيع صنع برامج ومشاريع ونستطيع أن ننشئ علوماً جديدة وفقاً لهذه المنظومة المعرفية وهذه واحدة من ثمرات المنظومة المعرفية التي نتحدث عنها.


    كيف يمكن أن تحدث نهضة علمية عبر مشروع التأصيل في ظل صور ثابتة مثل الصورة اللفظية الشكلية التي تهتم بترصيع الكتب ببعض آيات القرآن الكريم وصورة أخرى صورة اعتذارية خجولة في مقابل النظريات العلمية الحديثة الموجودة كيف يمكن أن نؤسس لمشروع للتأصيل لديه جدوى علمية في ظل مثل هذه الصور الراسخة في الأذهان؟
    المدخل في تقديرنا هو مفردات القرآن الكريم ومفاهيم القرآن الكريم, وليس مصطلحات المفكرين أو المتكلمين سواء كانوا في التراث الإسلامي أو الغربي, وليس الافتراضات الجاهزة أو الظنون، فالمفهوم هو البداية ونضرب مثالاً من الواقع العملي فإن الذين يعملون في مجال البناء يعرفون أن اللبنات أو الطوب لها قالب معين، فهذا القالب هو الذي يتحكم في شكل اللبنة ثم تشكل اللبنة في البناء أو الهندسة فالذي يتحكم في صناعة القالب في مجال المعمار يتحكم في الهندسة بصورة كبيرة.

    نفس الشيء في المجال الفكري الفكر أيضاً له قوالب فالذي يصنع القالب الفكري هو الذي يتحكم في حركة الفكر نحن نريد أن نبدأ من هذه النقطة نريد أننا نعيد تفكيك القوالب الجاهزة ولن نستطيع أن نعيد تفكيك القوالب الجاهزة هذه إلا بالرجوع إلى المفاهيم القرآنية لأن القرآن يزودنا بمفاهيم ما قبل مرحلة المصطلح إذا نستطيع أن نساءل وننتقد المصطلح ونخرج عليه أو نعدله بمفهوم جديد هذا المفهوم الجديد الذي يفتح لنا مكان لنظرية جديدة أو افتراض جديد وهو ما يقربنا للكون لأن المفهوم القرآني مؤشر إلى الكون ومؤشر إلى النفس وإلى المستقبل وإلى الماضي.

    نحن نبدأ بالمفهوم القرآني ونتبع هذه المؤشرات وهي التي تقودنا إلى الكون أو تقودنا إلى الخلفيات العلمية أو تقودنا إلى المآلات العلمية وقد نتبعها بنظريات أو تطبيق إلى غيره ولا نكتفي بالنظرية العلمية أو المقولات العلمية كما هي إنما نسائلها ونعيد ربطها بإحالاتها الأخلاقية وإحالاتها الفلسفية وكذا ولا نكتفي بالمقولات التراثية وإنما نحاكمها بالمفهوم القرآني ونعيد تركيبها بصورة جديدة.


    الآن نحن نبحث عن مشروع للنهضة والتأصيل متى تم حالة الانفصال بالمعرفة في التاريخ الإسلامي وكيف تم ولماذا؟
    الفصل في المعرفة يرجع إلى التاريخ الأوروبي بعد حدوث المشكلة بين المؤسسة الدينية والعلماء لأسباب معروفة لكن في بدايات الإسلام فكرة التوحيد كانت هي الغالبة فكرة أن الوحي والعقل والتجربة يتضافروا ويتحدوا في الوصول للحقيقة كانت هذه الصفة غالبة من صفات الحضارة الإسلامية لأنها حضارة توحيدية توحد بين أصول المعرفة.

    د. الجيلي: كيف يمكن أن تحدث نهضة علمية تأصيلية؟



    وبالعودة لسؤالك أصابنا الانفصال من جراء الاحتكاك بالثقافة الغربية سواء كان في أصولها الإغريقية أو في روافدها في مرحلة النهضة وما بعد النهضة لأنه حصل الفصل العلماني بين العلم والوحي أو بين الدين بصورة كاملة ثم بنيت العلوم الطبيعية ثم على إثرها العلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية كلها بنيت على منظومة الفصل بين الدين والعلوم فصارت علوم علمانية شاملة.


    ونحن في فترة الاستعمار وما بعد الاستعمار انتقل إلينا النموذج الغربي في مجال التعليم وأصبح نموذجاً له جاذبيته وأصبح وله قوته في مقابل النموذج الإسلامي التقليدي الذي توقف العمل به منذ قرون طويلة ولذلك انجذب كثير من المتعلمين لهذا النموذج الآحادي وأهمل النموذج الإسلامي.


    تعبير الأسلمة نفسه قد يوحي بفرض نوع معين من النشاط المعرفي دون الآخر؟
    كلمة فرض كلمة قوية.. أنت في مجال العلم والمعرفة لا تفرض وإنما تستكشف وتبلور وتقترح وتقدم تفاسير, فإذا قدمت تفسير أو افتراض يفسر الظاهرة الاجتماعية أو الاقتصادية بصورة مجدية أو بصورة معقولة والمجتمع العلمي قبل ذلك, فهذا حسن وإذا قدمت افتراضاً أو تفسيراً لم يقبل إما أن التجربة كذبته أو رفضه المجتمع العلمي فسوف يكون مصيره الإهمال أو النسيان فليس هناك مجال لفرض نظرية فقط بالرداء الإسلامي أعني أنها ليست مثل الآراء السياسية تفرض فرضاً إنما هذا عمل علمي يكذب بالتجربة والنقد ويعضد أيضاً بالتجربة والنقد فإذا قبل يكون إضافة وإذا رفض يرفض مثله مثل كل الافتراضات البائدة.


    هل هناك حساسية في التعامل مع مصطلح أسلمة؟ يشير البعض أننا عندما نسمي بعض العلوم علوم إسلامية قد يعني ذلك أن العلوم الأخرى كافرة مثلاً؟
    هنالك حساسيات في هذا المسألة الغربيون مثلاً كل عنوان به مسألة إسلام مشكلة بالنسبة إليهم وكثير من العقلاء في البلاد الإسلامية يرون أنه إن كانت هناك مندوحة أن نتفادى مثل هذه المعارك اللفظية فينبغي أن لا نتطلبها. لكن إذا أنت أصلاً تنتمي إلى الإسلام وتبحث في أصول الإسلام والقرآن الكريم فإذا لم استخدم كلمة إسلامية سأستخدم كلمة قرآنية وإذا كانت كلمة إسلامية تثير حساسية بعض الناس فإن كلمة قرآنية ستثير فيها الرعب أيضاً.


    في تقديري يجب أن لا نستجيب بصورة مطلقة لمثل هذه الحساسيات لكن العبرة بالجدوى لا بالإسم, أي هل هناك جدوى علمية ومنهجية ؟ هل هناك شيء مفيد في تغيير واقعنا المتخلف الذي نعيش فيه؟ فإذا كانت هناك جدوى فلا مشاحة في الأسماء ولا المصطلحات وإن لم تكن هناك جدوى فليس من الحكمة أن نتدثر بالألفاظ والمصلطلحات أن يكون إدعاء كاذب أن ندعي أن لدينا نظرية إسلامية وفي الحقيقة أنه ليست هناك أي نظرية نأتي بغطاء الدين ونستر به وليس هذا هو المقصود، المقصود أن نقدم مجهود علمي حقيقي ليس أمراً سرياً إنما أمر إنساني ليس عمل حزبي ولا مذهبي إنما هو عمل معرفي مفتوح للمسلمين وغير المسلمين ليس هناك كهنوت ولا غموض ولا مصلحة خاصة في هذه الجوانب.


    إذا لم يكن هناك كهنوت ديني يتسلط على رقاب الباحثين, فما هو الذي دفع المسلمين إلي تقطيع المعرفة إلي جذر وعلوم متقطعة؟
    العلم طبعاً لا يأتي من فراغ.. العلم يأتي من علماء وفئات متعلمة والفئات المتعلمة تتكون تكوين علمي في محضن اجتماعي أو محضن سياسي فالعلم لا يكون منفصلاً من حركة الحياة الاجتماعية فعندما تنظر لتاريخ المسلمين السياسي والاجتماعي والاقتصادي تجد أنهم مروا بفترات جذر وتمدد وصراعات مذهبية في الداخل والخارج، هذه الصراعات السياسية والاجتماعية تؤثر علي المؤسسة التعليمية وعلي مناهج التعليم وتؤثر علي تكوين النخب المتعلمة.

    ففي مرحلة من المراحل تجد اهتماماً شديداً بالعقل والعقلانية كما ظهر في الفترة العباسية تحت قيادة المعتزلة. فترة أخرى تجد هيمنة شديدة للنص ورفض متطرف للمذهبية العقلانية بهذه الصورة فيأتي التقطيع مثل التقطيع السياسي الذي أصابنا بتقطيع ومذهبية في المعرفة، فبعض الناس أصبحوا ينظرون بارتياب إلى مسألة العقل والعقلانيين وبعضهم من الجانب الآخر ينظر بارتياب إلى النصوص والنصوصيين فتقطعت فئات المتعلمين والعلماء وتناحرت وبالتالي فقدوا الوحدة وأصبح كل أصحاب فن يتعصبون لفنهم وفقدنا الوحدة العلمية والمنهجية كما فقدنا الوحدة السياسية.


    البعض يشير إلى أن الموقف من الأسلمة يتأرجح إما بين الموقف التقليدي أو الموقف التغريبي الذي يشير للوقوع في أحضان الغرب تماماً أو الموقف النقدي التجديدي فما بين التقليد والتغريب والنقد أين يقع مشروع الأسلمة؟
    مشروع الأسلمة في تقديرنا هو مشروع التوحيد ليس التقليد وليس التغريب وليس ما بين بين.

    "
    مشروع الأسلمة في تقديرنا هو مشروع التوحيد ليس التقليد وليس التغريب وليس ما بين بين
    "
    هو مشروع توحيدي يوحد مصادر المعرفة ويجمع شعاب المعرفة في نسق علمي منطقي منهجي حتى تصل إلى أهدافها.

    وطبعاً عملية التوحيد هذه يرجى لها من الناحية العملية أن توحد بين النخبتين اللتين أشرت إليهما من العلماء والمفكرين.

    نحن نعتقد أن هناك نخبة خيرة لكنها انقطعت في دراسة التراث لغة وتاريخاً وأدبرت عن كل ما هو غربي أو علماني وكذلك من الناحية الأخرى هنالك نخبة أخرى تكونت علمياً في التراث الغربي العلماني وأصبحت تتخندق فيه وتدافع عنه وتضع أطروحاتها وافتراضاتها العلمية كلها في إطار النموذج الغربي العلماني.


    فالذي نريده في عملية الأسلمة والتأصيل أن نجمع بين هاتين النخبتين، نأخذ النخبة التي تعمل في الإطار العلماني ونقربها ونجذبها إلى المفاهيم القرآنية ونكشف لها أن هذا مصدر من مصادر المعرفة يغذي ما لديكم من معارف ويطورها ويقويها.


    ثم من الناحية الأخرى أن نأخذ النخبة التراثية هذه ونقربها ما أمكن من العلوم الاجتماعية والإنسانية التي تكونت في الإطار العلماني لعلنا نقنعهم أن هذه العلوم رغم ما فيها من خلفيات علمانية إلا أنها مصدر من مصادر معرفة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ومعرفة تحليل النصوص ما لا يمكن الاستغناء عنه أو إسقاطه تماماً.

    فإذا استطعنا أن نفعل هذا نستطيع أن نوحد بين فصيلين علميين مهمين في المجتمع ونكون قوينا فكرة توحيد المعرفة التي نتحدث عنها وليس هذا ببعيد.


    هل هو أمر سهل خصوصاً أن هناك صراع بين المعسكر التقليدي ومعسكر الحداثة والتطور؟
    بالنسبة لأصحاب النموذج الغربي والحداثي كنا نظن ونتوهم أن الالتقاء معهم صعب جداً نسبة للصورة السالبة عنهم لدينا, وهم أيضاً لديهم صورة سالبة عن كل ما هو ديني.

    لكن من تجربة علمي لدي بعض الاتصالات والنقاشات مع بعض هؤلاء فإذا شعروا أنك لست مجرد آيديلوجي تريد فرض أيديلوجية أو لست غوغائياً فقط تهتف بالشعارات لكنك علمي واستدلالي يمكن أن يستمعوا إليك لذلك كنت أشير إليهم أن كثير من المفاهيم التي يتحدثون عنها توجد لها أصول في القرآن الكريم مثلاً نظرية العقد الاجتماعي لجون لوك، فأنا أرجع إلى القرآن وأقول نظرية التعاقد هذه اكتشفت في التراث الإسلامي وبنيت عليها مقولات لقرون قبل جون لوك لماذا نصر أن هذا المفهوم

    حديث وماذا يضير الباحث في العلوم الاجتماعية أن يوسع مجال النظر وأن يوسع مصادر المعرفة وأن يضيف بعداً معرفياً جديداً هل هذا خصم على المعرفة أم إضافة لها؟
    إذن إذا قدمت قضية إسلامية المعرفة بهذا المجال فسوف تقرب المسافات بين النموذج الغربي والنموذج العلمي، نحن لا نريد أن نفتعل معركة في غير معترك ولكن نريد أن نبتدئ حواراً وحركة علمية حقيقية ونحاول أن نستكشف هذه المواقع في الجانب الآخر أيضاً النخبة التراثية لابد أن تعدل في موقفها لأننا لا نلبس التراث كما هو لأن التراث أنتج في فترات تاريخية معينة لظروف اجتماعية وسياسية معينة فهو يطرأ عليه ما يطرأ على كل فعل بشري، وبالتالي فلابد أن يوضع في محك النقد والتحليل بأصول النقد العلمي نفسه المنطلق من المفاهيم القرآنية وبالتالي نوسع رحاب المعرفة ليست فقط للمسلمين ولكن مجالها إنساني عام.


    هذه القضية قد تكون ميسورة وسهلة للذين لهم باع طويل فيما يتعلق بمجال البحث والمقاربات ولكن بالنسبة لباحث مسلم في بداية حياته العلمية يدرس التراث الغربي في كل العلوم وبالمقابل يعتقد في الدين الإسلامي وتربى التربية الإسلامية فيحدث فيه هذا الانفصام. كيف يعالج الباحث المسلم هذا التعارض الذي يمكن أن يواجهه؟
    في تقديري لو تعمق الباحث المسلم في التراث الغربي سوف ينجو، لكن المشكلة أن الناس لا يتعمقون في دراسة التراث الغربي فنحن أحياناً نأخذ شكليات الفكر الغربي.

    "
    الفكر الغربي لديه قابلية وقدرة على انتقاد نفسه لأن حركة النقد العلمي في الغرب حركة متقدة
    "
    لأن الفكر الغربي لديه قابلية وقدرة على انتقاد نفسه لأن حركة النقد العلمي في الغرب حركة متقدة فلم يظهر مذهب في الغرب إلا ظهر نقيضه.

    والغرب لم يصل المرحلة العلمية الحالية إلا عن طريق النقد لتراثه والتجاوز حتى في المجال العلمي المحض مثل نظريات الفيزياء نيوتن ومن سبقه ومن لحقه.

    لولا هذه النزعة النقدية الحقيقية لم تحصل قفزات في العلم وكذلك في مجال الاجتماعيات والإنسانيات فهنالك مدارس نقدية قوية هي التي ساعدت في هذا التطور.

    فإن الباحث المسلم إذا تعرض فعلاً لتراث الغرب بهذه الصورة وفهم مراميه وفهم مدارسه النقدية فإنه يعود مطمئناً إلى أن لدينا ما نساهم به مثلنا مثل الآخرين فليس كل ما في تراثنا سيئ وليس كل ما في تراث الغرب جيد وإنما في تراثهم السيئ والجيد وفي تراثنا أيضاً السيء والجيد فتتوحد المعارف الإنسانية بهذه الصورة.


    الدكتور إسماعيل راجي الفاروقي يرى أن مطلوبات الأسلمة والتأصيل تقتضي أن يكون الباحث فيها على دراية وعلم تام بالتراث وأن يكون على دراية بمنتوج الغرب الحديث ثم يكون على درجة من القدرة في المزاوجة بين الإثنين ثم الخروج بمآلات لها علاقة بالتجربة الإسلامية.. هل هذا متاح؟ هل في مقدور الباحث العادي أن يعتكف على معرفة جيدة في التراث ثم إلمام بالنظريات الحديثة في الغرب ثم في قدرة في المزاوجة بين الإثنين؟
    الباحث العادي الفرد لا يستطيع أن يفعل ذلك ولكن القضية ليست قضية باحث فرد مستند إلى حائط لكنها قضية أمة بأكملها. أمة لديها رغبة في النهضة وفي التقدم إذا وجدت هذه الرغبة وهذه الإرادة، وفي هذه الأمة يمكن أن يوجد هذا الباحث لأن الباحث يحتاج إلى سند وحاضنة اجتماعية وحاضنة ثقافية فكرية حتى يستطيع أن يقوم بعملية البحث.


    ولكن هذا فيما يتعلق بالباحث العادي لكن هناك باحثون غير عاديين يستطيعون أن يفعلوا الأفعايل في هذه العملية وهم كثر ولم تتوقف الأمة الإسلامية عن أمثال هؤلاء وكمثال خذ الفاروقي نفسه لم يكن مسنوداً بمؤسسة وخرج من مجتمع وكان فرداً واستطاع أن يخرج بمثل هذه الدعوة الكبيرة وأمثاله موجودون في باكستان وأندونيسيا وفي بقاع كثيرة من العالم لكن ينقصهم التناصر والتوحد وينقصهم التلاقي فنحتاج إلى تكوين شبكات أو منظومات أو مجموعات من الباحثين المسلمين وأظن أن واحدة من ثمرات مجهودات الفاروقي هو المعهد العالمي وكان مقصود به تجميع هذه الخلايا البحثية والذهاب بها إلي غاياتها.


    البعض يعتقد أن الاهتمام بتعريب العلوم جزء من قضايا التأصيل حتى إن بعض الجامعات اتجهت إلى التعريب كلية فهل قضايا التعريب بهذا الشكل تخدم فكرة التأصيل والأسلمة؟
    اللغة العربية لا شك رافد ومصدر أساسي لفهم الوحي لأن الوحي أنزل بلسان عربي فالذي ينقطع عن اللغة العربية ينقطع عن الوحي نسبياً. لا أقول إنه لا يستطيع أن يفهم الوحي إلا باللغة العربية لكن من تمكن في اللغة العربية يمهد الطريق لفهم المصدر الأساسي من مصادر المعرفة، فعملية التعريب ليست فقط عملية مهنية ولا ميكانيكية وإنما هي عملية معرفية وحضارية وتسهم في مثل هذا المشروع.


    ونحن في حديثنا عن إسلامية المعرفة والتأصيل نذهب لخطوة أبعد قليلاً نريد أن نقول إن القرآن الكريم نفسه له لغته الخاصة حتى الذين يحذقون اللغة العربية ليس بالضرورة أنهم يفهمون المفردة القرآنية. القرآن له قاموس خاص ومفردات خاصة لكن اللغة العربية تشير وتوصلنا إلى هذا.


    صحيح أن اللغة العربية مهمة لأنها توصلنا إلى هذا المنبع الهام وإذا عرفنا أسرار اللغة العربية نستطيع أن نكتشف مفاتيح القرآن الكريم وذلك يعيننا في إيجاد المنظومة المعرفية التي نتحدث عنها.


    لكن هناك حديث عن أن بعض العلوم التطبيقية والعلوم الحديثة بعض مصطلحاتها لا توجد لها مقابلات في اللغة العربية وإذا لجأنا إلى التعريب بهذا المعنى قد نقطع الطلاب أو الباحثين عن الثورة العالمية والتواصل والتقاء العلوم في نقاط مشتركة؟
    التعريب لا يقصد به قطع الدارس في اللغة العربية. التعريب هو حذق اللغة العربية بالإضافة لحذق لغات أجنبية أخرى.

    نحن لا نستطيع أن نستغني عن اللغات الأوروبية وغيرها من لغات العلم ولا ننكر أن لغة العلم الآن أصبحت هي ليست اللغة العربية ولكن نريد أن نقوي اللغة العربية إلى جانب اكتساب اللغات الأجنبية بقوة تكون مساوية لمعرفتنا باللغة العربية. لكن للأسف انقطعت الوسائل في مسألة التعريب فضعفت اللغة العربية وضعفت اللغات الأجنبية فلا أحسنت اللغة العربية ولم تحسن اللغات الأجنبية.

    هناك دول كثيرة الآن تدرس أكثر من ثلاث لغات إذا ذهبت مثلاً إلى اليابان يطالبونك بدراسة لغتين أجنبيتين بالإضافة إلى لغتك الأم فأصبحت فكرة الانقطاع إلى لغة واحدة غير مقبولة. فأنا لا أعتقد أن فكرة التعريب يقصد بها الانقطاع عن اللغات الأخرى ولا ينبغي أن يكون هذا طبعاً إذا تحدثنا فقط عن الجانب المهني أما إذا تحدثنا عن الأعماق الحضارية والمعرفية الأخرى فألزم ما يلزمنا أن نلم بلغات العالم الأخرى إذا أمكن ذلك وليس ذلك بالمستحيل.


    لك جهود في مشروع النهضة. وآخرون لهم إسهاماتهم في هذا المشروع هنالك حديث عن أن هذه المساهمات مساهمات فردية في أغلبية وهي لا تعدو أن تكون غيرة على الدين لأنه يعوزها المنهج الواضح الملامح, المتكامل الذي يمكن أن يقدم كنظرية متكاملة في مقابل النظريات الغربية التي تحكمها معايير علمية ومنهجية صارمة؟
    نحن نفرق بين المنهج وبين النظرية. فالمنهج هو الخطوات العلمية الدقيقة التي تتبع للإيصال إلي جزء أو جانب من الحقيقة ولا ندعي أن المنهج الآن جاهز ولكنا نضع المعالم ونشير إلى الثمرات التي يمكن أن ترتب عليه ونحاول أن نجذب الباحثين ونقنعهم أن يشتركوا معنا في إنتاج واستكشاف هذا المنهج.

    أ.د التيجاني: لابد أن نفرق بين المنهج وبين النظرية


    استخدام المنهج هو الذي يقود إلى نقد التراث العلمي القديم ويقود إلى إثبات بعض الجوانب الضعيفة فيه وربما إلى بناء منظومة معرفية جديدة أو نظرية علمية جديدة وطبعاً هذه نواتج تحتاج إلى عمل ومجهود.

    نعم هي مجهودات فردية في كثير من الأحيان لكنها ليست شعارات ولكنه عمل علمي قد يكون متواضعاً بعض الشيء لكنه عمل علمي يعرف ماذا يفعل.


    في ظل المجهودات الفردية ظهرت تجربة المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن كيف تنظر إلى هذه التجربة في ظل تجربة للفكر الإسلامي في الولايات المتحدة الأميركية وسط الفكر الغربي ما هي مساهمات هذه التجربة وكيف تنظر لها؟
    التجربة جيدة في عمومها مثلها مثل كل التجارب البشرية ومما يحمد لها أنها استطاعت أن تستمر إلى فترة طويلة رغم كل الظروف المناوئة والظروف المضادة لها, نحن كثير من المشاريع عندنا في العالم الإسلامي لا يتجاوز عمرها سبع أو تسع سنوات فهي استطاعت بمناورات أن تصمد إلى فترة طويلة، ثانية هي حافظت على المشروع الذي بدأته في جوانبه المختلفة وحاولت بقدر الإمكان تقديم مساهمات علمية عملية.

    وانحصر تقريباً عملها في الفترة الأخيرة في مسألة نشر الكتب العلمية والبحوث وإقامة المؤتمرات أي تحولت من مرحلة التبشير والدعاية للفكرة إلى مرحلة الإنجاز العملي وحاولت أنها تكون وتشكل مجموعات وفرق بحثية في أماكن مختلفة من العالم وترعى مثل هذا النشاط الذي هو الحاضنة التي نتحدث عنها.

    حاولت أن تقوم بدور الحاضنة لتفريخ هذه المجهودات وتجميعها بقدر الإمكان فأصبحت هناك شبكة من العناصر الفعالة في المجالات العلمية المختلفة في كثير من الجامعات إذا ذهبت إلى آسيا أو أوروبا أو الولايات المتحدة تجد أنه فعلاً هناك عناصر مجتهدة ونشيطة تقوم ببعض المجهودات في العمل بتنسيق مع شبكة المعهد العالمي الإسلامي فأنا أعتقد أنها حققت نجاحاً مقدراً في هذا الأمر.


    اغتيال الدكتور إسماعيل الفاروقي هل كان وراءه خطورة هذه التجربة في نقل الفكر الإسلامي في معقل الفكر الغربي؟
    أنا لست متأكداً من حيثيات مقتل الشهيد الفاروقي لكن الذي ينظر في كتاباته وينظرفي الديناميكية والحيوية التي أعطاها لهذا المشروع وينظر في رؤيته الاستراتيجية التي صاحبت هذا المشروع لا يستبعد أن يكون قتل بسببه وهو شخص كرس حياته تماماً لهذا المشروع. والفاروقي كان فعالاً فهو لم يكن فقط مفكراً وإنما مفكر يصل الفكر بالعمل وكان منظماً وكان منظراً وقد أصيب مشروع الأسلمة في مقتل بمقتل الفاروقي رحمه الله ونسأل الله أن يجعل أعماله في ميزان حسناته.


    للمقاربة فقط نحن الآن نتحدث عن أسلمة وتأصيل تستند على الوعي والكون ولكن هل منجزات الغرب التي تمت الآن وفقاً لهذه النهضة العلمية والمعرفية استندت على مشروع له علاقة بالدين؟
    ليس شرطاً للإنسان حتى يكتشف الكون أن يستند على الدين, ومن رحمة ربنا سبحانه وتعالى أن أتاح للناس الفرصة أن يعيشوا ويشعروا بشيء من السعادة على ما فيهم من كفر.

    "
    الاستناد على الدين ليس شرطاً للإنسان حتى يكتشف الكون, ومن رحمة ربنا سبحانه وتعالى أن أتاح للناس الفرصة أن يعيشوا ويشعروا بشيء من السعادة على ما فيهم من كفر
    "
    ولكن لنتحدث بصورة موضوعية، الغربيون نفسهم رغم الكشوفات التي توصلوا إليها بمنهجهم هذا بدأوا يلاحظوا أن المنهج معاب وأن هنالك خلل في المنهج وهناك نقص في مصادر المعرفة.

    وفي بعض المناهج الغربية نفسها وصلت لمرحلة العقم أي توقفت فحاولوا تطعيم المنهج بالنظر إلى حقول معرفية أخرى مثلاً الباحث في علم الاجتماع يكتشف أن علم الاجتماع نضب ليس هناك قضايا أخرى فيحاول أن يطعمه بالنظر في علم الآثار أو الفيزياء أي يقوم بعملية استلاف بالبحث عن مفاهيم جديدة حتى يطور منظومة علمية جديدة.

    فنحن نقول له إذاً لماذا لا تجرب في مصدر آخر، لم تجربه في مصدر منظومة أخرى من المفاهيم الذي هو الوحي فقد يكون هذا هو العنصر المفقود في المنظومة، فإذا اعتراضنا على الغرب ليس أنه لا يمكن أن يصل لاكتشافات لكن اعتراضنا أن الإحالات الفلسفية والأخلاقية والغيبية مفقودة في هذا المنهج، فلو أضيفت لاكتملت المنظومة بصورة أحسن ونتوصل لاكتشافات أعمق مما توصل إليه فهذا رفد وليس رفض.


    تجربة الأسلمة والتأصيل في السودان وأنت كنت مديراً لإدارة التأصيل المعرفي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وهناك كانت مستشارية التأصيل في رئاسة الجمهورية، فكيف تنظر لتجربة الأسلمة والتأصيل في السودان فهل المشروع توقف بعد أن توقفت إدارة التأصيل في وزارة التعليم العالي والمستشارية؟
    لا أدري فأنا كنت في إدارة التأصيل وكانت الإدارة صغيرة وفترتي كانت قصيرة والعمليات التي بدأنا بها كانت عمليات افتتاحية وتبشيرية بالمشروع، ثم من بعد ذلك خرجت عن إدارة التأصيل وخرجت عن السودان وانقطعت عن كل المجهودات التي كانت فلا أدري ماذا فعلت من بعدي إدارة التأصيل بكل أسف ولا يوجد اتصال بينا وبينهم طيلة الفترة الماضية فلا علم لي بهذه المجالات.


    من خلال متابعتك لما يكتب عن الأسلمة والتأصيل في عدد من الدوريات والبحوث هل تشعر أن هنالك تقارب إلى حد ما لبروز هذا المشروع بشكل واقعي على الأرض كتجربة ماثلة يمكن الاستفادة منها قريباً في ظل عقم بعض العلوم الغربية من أن تخلق حالة من الانتفاح الجديد فيما يتعلق باكتشافات أخرى أو مناهج جديدة لطرح المعرفة بأوجه أخرى؟
    لو أجبت بنعم لما كنت صادقاً معك أنا لا أستطيع أن أقول إنه فعلاً توفرت أدبيات علمية كافية نتيجة لهذا العمل فأنا لست راضياً ولكن هذا لا يمنع من القول إن هناك بعض المجهودات رائدة في بعض مجالات هذا العمل يمكن أن يبنى عليها ويمكن أن تطور


    الحركة الإسلامية السودانية وتجربة الإنقاذ الاثنين, 25 يونيو 2012 12:34 التحديث الأخير ( الخميس, 28 يونيو 2012 13:51 ) .
    أ.د التيجاني عبد القادر: المشروع الإسلامي السوداني يحتاج إلى إعادة صياغة
    أجرت قناة "الشروق" الفضائية وضمن برنامجها الأسبوعي "مقاربات"، سلسلة لقاءات فكرية مع أ.د التيجاني عبدالقادر حامد، أستاذ الفكر السياسي الإسلامي بجامعة زايد بالإمارات، حول الأسلمة والتأصيل، والخطاب السياسي للحركات الإسلامية، وتجربة الحركة الإسلامية السودانية.

    ويبتدر د. الجيلي علي البشير منتج ومقدّم البرنامج تقدمته للحلقة الرابعة قائلاً:
    "أُتيح للحركة الإسلامية السودانية فرصة لم تُتح لغيرها من الحركات الإسلامية، فقد وصلت إلى سدة الحكم عبر حكومة الإنقاذ الوطني في يونيو 1989م... فهل نجحت الحركة الإسلامية بعدما وصلت إلى السلطان في تمثيل أيديولوجية الإسلام في السياسة والإدارة والاجتماع والاقتصاد؟


    وهل استطاعت الحركة الإسلامية أن تُنزل شعاراتها الفكرية إلى برنامج عمل يومي، وهل قدمت فرصاً متساوية لمنطق العدل والمواطنة في الخدمات بعيداً عن أمراض خصومها؟


    في هذا الجزء من مراجعة مشروع الحركة الإسلامية السودانية، نقف مع البروفيسور التيجاني عبدالقادر حامد على التطبيق والممارسة من خلال مشروع حكومة الإنقاذ الوطني".


    هل كانت الحركة الإسلامية السودانية مهيأة لتجربة الحكم؟
    كانت مهيأة نسبياً ولم تكن مهيأة بصورة كاملة، وأعتقد أن جزءاً من برنامجها على المستوى النظري لم يكتمل ولم ينضج، وجزءاً من الأطر البشرية والفنية لم تكن مكتملة بصورة كاملة.

    ولكن هكذا تكون الأوضاع السياسية عموماً لا تتاح دائماً الفرصة لأي فريق أن يكتمل في أدواته ويكتمل في كل أطره ثم يستولي على السلطة.


    المبررات التي ساقتها الحركة الإسلامية للقفز على السلطة عبر انقلاب هل يمكن أن تصمد بعد أن جرت مياه كثيرة تحت الجسر؟
    لنكون دقيقين، هذه المبررات ساقتها قيادة الحركة الإسلامية التي كانت تشرف على هذه العمليات.

    لأن قواعد الحركة الإسلامية لم يكن لها رأي في هذه المسألة وطبعاً بعض المبررات سقط الآن بدليل أن الذين كانوا يشرفون على العملية نفسها اعترفوا أن القرار نفسه كان خاطئاً وتابوا واستغفروا عن ذلك، فما أظن أن هناك دلالةً أبلغ من هذا.


    ولكن بالنسبة للدارسين يستطيعون أن يتأملوا الظروف والخلفيات التي قامت فيها حركة الإنقاذ من ظروف داخلية وسياسية وعسكرية من الممكن أن يقال إن القيادة كانت في ظرف قدرت فيه تقدير سياسي معين.

    ورجحت أن هذا هو الخيار الأنسب للسودان أو الخيار الأنسب للحركة الإسلامية واُتخذ القرار وفقاً لهذه المعطيات؛ طبعاً التجربة قد تكذب أو تصدق هذه الافتراضات.


    في كتباتك أشرت إلى أن هناك تصورين مختلفين لمشروع الإنقاذ، لم يتم التعبير عنهما بصورة واضحة ولم تتح الفرصة للنقاش حولهما بصورة مستفيضة... نقف على هذين التصورين؟
    أنا أظن -والله أعلم بالصواب- أن الأمين العام ومجموعة قليلة معه في القيادة كان عندهم تصور للانقلاب ولديهم تصور لما بعده.

    العيب في الرؤية وليس الخطاب فحسب


    لكن الجانب الآخر في المعادلة خاصة العناصر العسكرية التي شاركت في التنفيذ لم تكن لها تصورات مكتملة للعملية وما بعد العملية، لكن اكتملت تصوراتها وبدأت تتحسس وتكتشف مآلات هذا الحدث فيما بعد، وذلك هو الذي أدى إلى التوتر بين الفريقين.


    الإنقاذ بدأت بخطاب مصادم مع القوى الأجنبية ومع القوى الداخلية والمعارضة داخل السودان، هذه المصادمة تنمُّ عن قلة خبرة بالعمل السياسي ومتغيِّرات السياسة العالمية أم أنه كان ضرورياً لإشعار الآخرين أن هذه الدولة لديها خطاب محدد تطرحه بهذه الصورة؟
    الخطاب متصل بالرؤية وبالفكرة الأساسية، فإذا كان هناك عيب في الخطاب يمكن أن يرجع لعيب في الرؤية الابتدائية أصلاً، وأنا أظن أن الأمر كذلك.

    "
    الحدة في خطاب الإنقاذ أول الأمر، سببه حدوث خلط شديد جداً بين العدو الاستراتيجي في تصنيف الإنقاذ للقوى السياسية والأعداء الثانويين
    "
    الرؤية نفسها بها خلل، بمعنى أن الرؤية مهمتها أن تساعدنا في تحديد التناقضات الأساسية في المجتمع وتحديد الخصم الأساسي أو الخصم الثانوي حتى يستطيع السياسي أو التنفيذي أن يوجه خطاباً لكل فئة بالصورة التي تناسبها.

    وأنا أعتقد أن واحدة من أسباب هذه الحدة في خطاب الإنقاذ أول الأمر، أنه حصل خلط شديد جداً بين العدو الاستراتيجي في تصنيف الإنقاذ للقوى السياسية والأعداء الثانويين.

    العدو الاستراتيجي والنقيض الأساسي كان هو الحركة الشعبية المتمردة التي كانت تستولي على أجزاء من البلاد، فوضعها في هذه الحالة وضع منطقي وطبيعي.

    لكن الفئات السياسية الأخرى ما كان ينبغي أن توضع في خانة العدو الاستراتيجي مثلها مثل الحركة الشعبية، وما كان ينبغي أن يوجه لها خطاب، هي خصم ولكن خصم ثانوي والخصومات الثانوية يمكن أن تسوى بخطاب أقل حدة.


    وأنا افتكر، أن حدة الخطاب وقطعيته نتجت عن هذا الخلط، بمعنى أنه اعتبر الخصم الثانوي والعدو الاستراتيجي كلهم في سلة واحدة ووجه عليهم مدفعية واحدة، طبعاً هذه ترتبت عليها خسائر كبيرة.


    هذا ما يتعلَّق بالخطاب الداخلي... ماذا عن الخطاب الخارجي؟
    الحدة في الخطاب الخارجي أيضاً نتيجة لنفس الرؤية لأنها اعتبرت الخارج في خانة واحدة وكله يصب في صالح العدو الاستراتيجي بالتالي ألحق بالعدو الاستراتيجي فلم يميِّز بين قوى كان يمكن أن تكون أقل عدائية لو حيِّدت.

    فالنظر للعالم بهذه الصورة لا ينمُّ عن رؤية فكرية ناضجة وإنما يدل على تعجُّل سياسي، وهذا التعجُّل هو الذي يقود إلى التعثرات في تقييم الآخرين والحكم عليهم وإطلاق الشعارات بصورة حادة.

    وطبعاً هذا سرعان ما ينقلب إلى ضد لأنه بعد قليل تجبرك السياسة أن تتعامل وتعيد التصنيف للثانوي وتدخل في تناقضات سياسية لا أول لها ولا آخر.


    الإجراءات التي أُتخذت في بداية الإنقاذ وسميت بإجراءات التمكين مثل الإحالة للصالح العام والتضييق على الخصوم وإقصاء الآخرين يبدو أنها لم تثر جدلاً أخلاقياً داخل أجهزة الحركة الإسلامية لأنه لم تظهر في ذلك الوقت اعتراضات بارزة عليها من قبل المكاتب المختلفة ومن قبل الأعضاء النافذين؟
    كثير من هذه الممارسات لم تكن معروفة لعضوية الحركة الإسلامية وكثير من هذه الممارسات كانت تقوم بها أجهزة أمنية خاصة لا يستطيع المرء أن يطلع على أنشطتها لكن لا يخفى على أحد أن أول ما تكشفت هذه أثارت كثيراً من التساؤلات وكثيراً من الاعتراضات على مستويات متعددة.

    لكن الظرف أيضاً كان ظرف تعبئة عامة فكثير من الناس ما كان يأبه لمثل هذه الأمور إذا نسبها للهدف العام، وهذا كان خطأ لا شك فيه.

    كان ينبغي أن تكون هناك وقفة أشد قوةً في مثل هذه المخالفات، وفي وقتها لأنه لو وقفت عضوية الحركة وعناصرها المتنفذة والعالمة بهذه الأمور وقفة قوية لسدت الباب منذ البداية.


    انفتاح السودان في ذلك الوقت عبر مشروع الإنقاذ على الحركات الإسلامية الأخرى وايواؤه لعدد كبير من الإسلاميين وتأسيس المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي داخل السودان، كل هذه خطوات البعض كان تقرأها في اتجاه الحركة نحو بسط مشروع إسلامي عالمي، ثم بعد ذلك تم التراجع عن جملة هذه الإجراءات... فهل التراجع كان ثمرة قراءة متأنية لأخطاء سياسية تمت في ذلك الوقت؟
    الانفتاح متفق عليه أن الحركة الإسلامية السودانية قبل الدولة وبعد الدولة كانت تحاول أن تنفتح ما أمكن على الحركة الإسلامية والحركات التحررية حتى في العالم العربي والمحيط الأفريقي باعتبار أن هذا حزام طبيعي تستطيع أن تتناصر وتتقوى به.

    الحركة الإسلامية، لماذا كان الانفتاح ثم التراتجع؟


    لكن التنفيذ لهذه الأمور والتوقيت أيضاً ربما لم يكن موفقاً بالصورة المناسبة.

    ولا تنس أيضاً أن الأجواء الدولية المعادية للسودان عموماً وللحركة الإسلامية ما كانت تسمح بمثل هذا النوع من التلاقي.

    إضافة إلى ذلك في داخل الحركة الإسلامية كان هناك تنافر أيضاً بين الداعين للانفتاح على الحركات التحررية والتناصر بها وبين فريق آخر كان لا يرى أن هناك داعياً وأن المسألة ضررها أكثر من نفعها وتجلب من الغضب الإقليمي والدولي أكثر مما تقوي الحركة، فكان هناك تنافر واختلاف في هذه المسألة أدى إلى إحباط الفكرة.


    جوبهت الإنقاذ في بداياتها بكم كثير من الأزمات؛ حصار اقتصادي، حرب أهلية، تضييق عالمي إلى حدٍّ ما، استطاعات الإنقاذ تجاوز هذه الأزمات... هل هذا دلالة على أنها كانت تنطوي على مشروع سياسي محدد تجاوزت به الأزمات أم أنها هي البركة كما يقول البعض؟
    الفكرة الأساسية من الاستيلاء على الدولة كانت هي أن تتاح لك فرصة لتتصل بالشعب وتحرك في الشعب قوة حقيقية تفسح لها المجال وتتناصر بها.

    فكانت الفكرة أن لا نتكئ -مثلاً- في الدفاع فقط بالدفاع النظامي أو القوة العسكرية النظامية، إنما يوسع مفهوم الدفاع ليتاح للشعب الفرصة للدفاع عن أرضه وكذلك في الاقتصاد والثقافة.

    الفكرة هي أن الدولة تكون أداة لتقوية المجتمع الهدف كان هو خلق وإيجاد أطر اجتماعية قوية وفاعلة تستند عليها الدولة، لأن الدولة أصلاً في السودان بطبيعتها ضعيفة لأسباب موضوعية.

    لذلك كان الهدف أن نعوِّض ضعف الدولة بتقوية المجتمع ليكون سنداً إذا أتت هجمة خارجية أو ضائقة اقتصادية.

    فإذا كان لديك قاعدة اجتماعية قوية يمكنك أن تمتص ذلك، وأظن أن الإنقاذ في سنواتها الأولى نجحت في تحريك قطاعات كبيرة من الشعب وتجد تأييداً في قطاعات كبيرة وكان الأمل كبيراً في الإنقاذ أنها تستطيع تعبر بالسودان من حالة التخلف والفقر إلى حالة أخرى.

    طبعاً هناك عوامل كثيرة لم تدع هذا المشروع أن يستمر.


    في البدايات التعبئة الجهادية والدفع بالشباب والطلاب وقيادات الحركة إلى مناطق العمليات، في ذلك الوقت أدخلت ثقافة جديدة وسط كوادر الحركة الإسلامية... كيف تنظر إلى ثقافة التجييش هذه داخل مؤسسات الحركة وهل كانت لصالح الحركة أم ولَّدت إشكاليات أخرى؟
    في تقديري أن مسألة الدفاع الشعبي وما يتصل به المفهوم الأساسي لم يكن فقط الناحية العسكرية.

    "
    الظروف الضاغطة على السودان حولت فكرة الدفاع الشعبي إلى دفاع عسكري، وهذه مشكلة ولدت مشكلات كثيرة داخل التنظيم
    "
    كان المقصود هو أن يشارك الشباب في مجهودات الدفاع بإمكانات ثقافية وإمكانات معرفية يعطي الدفاع الشعبي الوطني أبعاداً حضارية وثقافية كاملة.

    لكن -وبكل أسف- وللظروف الضاغطة على السودان تحولت فكرة الدفاع الشعبي إلى دفاع عسكري، وهذه مشكلة ولدت مشكلات كثيرة داخل التنظيم.

    فأصبح عناصر كثيرة في التنظيم فيها النزعة لحسم الأمور عن طريق القوة وعن طريق الفعل النظامي المباشر إلى آخره وقلت مساحات الحوار والتسامح مع الآخرين فتمت عسكرة التنظيم في تقديري بطريقة غير مقصودة لأنه كان المقصود توسعة الإطار العسكري ورفده بعناصر متعلمة وثقافية.

    ولكن ما حدث عكس ذلك، طبعاً هذا لا يعني أنه لم تتحقق نجاحات لكن عسكرة التنظيم هذه ظاهرة التنظيم تحول إلى عبارات التنوير وعبارات الضبط والربط ومثلها هذا ما كان ينبغي ولا أعتقد أن هناك فائدة منه.


    تعامل الإنقاذ الخارجي في ذلك الوقت، في بدايات الإنقاذ، ولَّد مشكلات مع عدد كبير من دول الجوار، فأصبحت هناك خصومة واضحة مع دول كانت في الأصل علاقات السودان معها جيدة... فهل هذا نتاج سياسة خارجية غير راشدة أم أنها نوع من الاستعداء على الإنقاذ لأنها تطرح مشروعاً إسلامياً واضح المعالم؟
    هناك حقائق في السياسة الدولية منها أن هناك قوىً عالميةً كبرى علمياً وتكنولوجيا واقتصادياً، ولها هيمنة خاصة بعد سقوط المعسكر الشرقي، وأن هذه الدول الكبرى المهيمنة لها تحالفات إقليمية من خلالها تمرر هذه الهيمنة.

    فأي مشروع معاكس لمشروع الهيمنة الغربية بهذه الصورة سيجد نفسه في مأزق.

    فالسودان في البداية حتى ولو لم يطرح نفسه كمشروع معاكس إلا أنه قرئ بهذه الصورة وعلم من اتجاهاته الأولى أنه اتجاه معاكس، لذلك وجهت عليه كثير من المضايقات الدولية والإقليمية وكان هناك تخوف خاصة من الشعارات التي بدأ بها شعار الأسلمة والعسكرة وشعار التوسع الإقليمي وتصدير الثورة.

    فهذه كلها شعارات كانت ضارة بالمشروع وألَّبت قوى أكثر من قدرة السودان وأكثر من قدرة الحركة الإسلامية.


    هل كان بالإمكان لحكومة الإنقاذ في بداية طرحها أن تخفي وجهها، هل كان يمكن أن تكون هذه الشعارات في السر؟
    أنا أعتقد أن المشكلة الأساسية ليست فقط في الشعارات أو في العداء الخارجي. مشكلة الإنقاذ الحقيقية أنها لم تستطع أن تستوعب الداخل نفسه وتتصالح مع الداخل السوداني بصورة سريعة وفعالة.

    فخصوم الداخل الذين حولتهم الحركة إلى خصوم استراتيجيين هم الذين صاروا المعول الذي تستخدمه القوى الخارجية لضرب الإنقاذ.

    فقوى الخارج لم تفعل شيئاً أكثر من أنها قدمت بعض التسهيلات وبعض الدعومات للقوى السياسية الداخلية التي خرجت من داخل السودان وجيّشت في الشرق وفي الغرب.

    أنا افتكر أن هذه هي النقطة التي ينبغي أن يُسلط عليها الضوء.

    المشكلة هي مشكلة داخلية، مشكلة السلم الداخلي ومشكلة المشاركة السياسية الداخلية والانفتاح على القوى السياسية الداخلية والتعامل معها بصدق ومحاولة جذبها للمشروع.

    فإذا أنت فشلت في التعاون مع القوى الداخلية الوطنية التي يمكن أن تصنف أيضاً قوى إسلامية أيضاً إلى حدٍّ ما، فإذا فشلت في التعامل معها وحوَّلتها لأعداء أساسيين فلماذا تلوم الآخرين.

    "
    الإنقاذ بمثل ما طوت صفحة الأحزاب السياسية طوت صفحة الحركة الإسلامية نفسها التي صعدت بها للحكم
    "

    لم تبادر الإنقاذ أم أن خصوم الداخل أحجموا على المشاركة ورفضوا مبادرات الإنقاذ للتصالح؟
    ينبغي أن نفرِّق بين قيادات الأحزاب وبين جماهير هذه الأحزاب، طبعاً طبيعي أن قيادات الأحزاب إذا أنت أزحتها من الحكم لن يعودوا إليك صاغرين.

    ولكن هناك برامج اجتماعية كثيرة وبرامج ثقافية يمكن أن تستوعب فيها قواعد هذه الأحزاب وتفتح لها المنابر وتكون هي القاعدة العريضة التي تستند عليها الإنقاذ وكسب هذه القواعد أسهل كثيراً من كسب القيادات المحترفة التي كانت على رأسها، وهذا لم يتم بالصورة المطلوبة.

    بالتالي السبب ليس أنها أحجمت لكن في تقديري أن الإنقاذ بمثل ما طوت صفحة الأحزاب السياسية طوت صفحة الحركة الإسلامية نفسها التي صعدت بها للحكم.

    فصار التفاهم مع القواعد الحزبية عن طريق الأجهزة الأمنية والنظامية وليس عن طريق الوسائل السياسية لأنها جمدت الحركة الإسلامية بصورة كاملة وأبطلت فعالياتها وأصبحت الدولة وأجهزتها هي التي تقوم بالعملية السياسية.

    وهذا فشل كبير جداً لا شك في ذلك ولم تترتب عليه النتائج الإيجابية المطلوبة.


    هل كانت القبضة الأمنية مبررة وهل كان مطلوباً هيمنة القيادات الأمنية على مفاصل الدولة في بدايات الإنقاذ هل كان مطلوباً من أجل التمكين والدولة؟
    إذا تكلمنا بوضوح وصراحة أكثر، الإنقاذ كانت إنقلاباً مزدوجاً، إنقلاباً خارجياً على الأحزاب والنظم السياسية والإطاحة بها بصورة كاملة، وإنقلابا داخليا على الحركة الإسلامية نفسها.

    الإنقاذ لم تتصالح مع الداخل السوداني


    فلما أزيحت الحركة الإسلامية أصبح هناك فراغ فمن يسد هذا الفراغ فجيء بالأجهزة الأمنية، ووضع تحت يدها الملف السياسي والملف العسكري والملف الاقتصادي وأصبحت كل الملفات العامة هي ملفات أمنية وانعدمت السياسة لأن السياسة نفسها تحولت لملف أمني.

    السياسيون نفسهم تحولوا إلى أمنيين والاقتصاديين تحولوا إلى أمنيين وفي تقديري هذه أكبر عملية انحراف تحدث في الممارسة في داخل نظام الإنقاذ أن الحركة الإسلامية جمدت وأزيحت وأن المشروع كله تحول إلى مشروع عسكري أمني بمبررات كثيرة بمبررات الضغوط الدولية والتآمر الحزبي ومبررات لا نهاية لها.

    ولكن في تقديري كلها مبررات قائمة على افتراضات وقراءات ممعنة في الخطأ وترتب عليها تطورات أخرى كانت نتيجتها فادحة على الحركة الإسلامية.

    الزكام السياسي، كما أسميته في تجربة الحركة الإسلامية في الحكم، هل بدأ عندما بدد د. الترابي رصيده من التنظيم الحركي في مقابل البشير الذي يمتلك الشوكة العسكرية والذي احتفظ برصيده كاملاً؟
    نعم، أنا أفتكر أن واحدة من النقاط التي لم يتحسب لها د. الترابي، وهو رجل دقيق الحسابات، هي مسألة حل التنظيم والاستغناء عن الحركة الإسلامية والاكتفاء بثقته في المجموعة العسكرية التي قادت معه الإنقلاب، وهو كان يظن أنه يستطيع أن يدحرجها خارج السلطة بصورة سهلة ويستكمل المشروع.

    ولكن كان هذا تقديراً خاطئاً لأن الطرف الآخر كانت له أجندة وتصورات واستطاع أن يسحب بعض عناصر القوة من د. الترابي ويضعف قدراته وإمكاناته، ويوجد له قاعدة بديلة على المستوى القيادي وعلى مستويات وسطى ويستغني عن الترابي وعن الحركة الإسلامية.

    "
    الدولة أصبحت مرجعية نفسها، ليس هناك خطة استراتيجية ولا رؤية ولا أيديولوجية واضحة تسير عليها الدولة، فأصبحت الدولة تتحرك بردود الفعل وهذا قاد إلى ما قاد إليه من مشاكل
    "

    هل كان حل المجلس العسكري للإنقاذ وإحلال القيادة التنظيمية تدريجياً مكانه، صحيحاً؟
    حسب الوثائق التي اطلعت عليها، صحيح هناك من الوثائق التي نشرت فيما بعد تشير إلى أنه كان هناك عهد واتفاق أن ينحل بعد فترة زمنية محددة المجلس العسكري وتتولى قيادة الحركة الإسلامية الإدارة بصورة كاملة.

    لكن ما حدث أظن أنه اختلاف أيضاً في داخل القيادة في مجموعات كانت موالية لـ د. الترابي تحولت للجانب الآخر بالتالي د. الترابي فقد الأغلبية داخل القيادة.

    وتم تثبيت القيادة العسكرية واستؤنف البرنامج بصورة على غير ما كان عليه الاتفاق ودخلنا في مرحلة جديدة ليست هي المرحلة الأولى التي على أساسها أنبرم الأمر وقام الانقلاب بالتالي بدأ الصراع من هذه النقطة.

    وطبعاً ترتب على الصراع ما هو أسوأ منه لأن الإنقاذ تشكلت تدريجياً في أعقاب هذا الصراع، فتحولت من طبيعتها الأولى إلى شكل آخر.

    القبضة الأمنية والقبضة السياسية ترتبت على هذا الصراع، طبعاً المرجعية التي كان يمثلها الأمين العام انزاحت وقلت فأصبحت حركة الدولة منفكة تماماً من المرجعية وأصبحت كأنما الدولة هي مرجعية نفسها ليس هناك خطة استراتيجية ولا رؤية ولا أيديولوجية واضحة تسير عليها الدولة.

    فأصبحت الدولة تتحرك بردود الفعل وهذا قاد إلى ما قاد إليه من مشاكل.


    هناك عوامل قد تكون ساعدت في زيادة حدِّة الصراع أو في الدفع بمعسكر معين إلى مراكز القوى، واحدة من هذه العوامل حادثة محاولة اغتيال د. الترابي في كندا، في العام ألف وتسعمائة اثنان وتسعين... إلى أي حدٍّ أثرت هذه الحادثة على المشهد وإلى بروز تيار أمني معيَّن يحرِّك الأمور ويسعى إلى إزاحة الأمين العام؟
    طبعاً، محاولة إزاحة د. الترابي بدأت قبل زيارته إلى كندا وتصريحاته بأنه لا يخفي دوره في حركة الإنقاذ وأنه هو المحرك الفعلي للعمل السياسي والدبلوماسي وأن هذه القيادات هي واجهات تحرك من الداخل، وهذه كان الترابي لا يخفيها وأي مراقب للوضع كان يراها.


    هل كان الوضع كذلك؟
    نعم، كان الوضع هكذا، كان الترابي فعلاً يحرِّك الملفات بصورة كاملة لكن بالتشاور في بعض الأحيان وبالاتفاق.

    فهي ترتيب لأدوار العسكريين الذين كانوا يقومون بدور الوزراء الذين جيء بهم في تلك الفترة، كانت لهم أدوار، لكن الرؤية الكاملة والبرنامج الأساسي كان في قبضة د. الترابي.

    طبعاً هذا أحدث مضايقات، فعدد منهم حاول أن يخرج من هذا المأزق بشتى الطرق وعبروا عن ذلك باستقالة واحد منهم من مجلس قيادة الثورة.

    ولما ذهب الترابي إلى كندا هو نفسه ذهب مغاضباً وكان يريد أن يثبت أن الإنقاذ لا تستطيع أن تستغني عنه بعلاقاته الدولية وبعلاقاته مع الحركات الإسلامية.

    لكن طبعاً السياسة لا تأتي بالتوقعات فاستطاعت المجموعة المناوئة له أن تضيِّق عليه خاصة في ظروف المرض وما أصيب به فاستتب لها الأمر وقويت داخلياً فأصبح موقف الترابي يضعف تدريجياً إلى أن تمت إزاحته بصورة كاملة.


    جاءت مذكرة العشرة، أيضاً، في ظل الصراع لتصحيح بعض الأوضاع... هل كان يمكن قراءة هذه المذكرة بأنها مذكرة طبيعية تأتي في سياق الإصلاح لو لم تكن هناك صراعات أصلاً محتدة داخل جسم الإنقاذ؟
    نعم، كان يمكن أن تكون مذكرة إصلاحية لأنها اقترحت بعض التعديلات الهيكلية وبعض التعديلات الإدارية والاختصصات، لكنها لم تكن تخلو من الغرض السياسي وهو تحجيم الأمين العام والدعم الذي وجدته بصورة مباشرة من رئيس الدولة يدل على ذلك لولا ذلك كان يمكن أن يكون النقاش حولها هادئاً وموضوعياً.

    د. الجيلي: تساؤل حول مآلات مذكرة العشرة


    لكن، ما كان الفصل بين الإصلاحات الإدارية والأغراض السياسية ممكناً في ذلك الوقت، فبالتالي الترابي فسرها في هذا الإطار وهو محق في ذلك.


    مآلات مذكرة العشرة... هل انتهى الحال بالذين كتبوا هذه المذكرة في نفس المشكلات التي كتبت من أجلها؟
    نعم، إذا كانت المذكرة تعترض على الصلاحيات والمهام التي كان يتمتع بها الأمين العام، فالصلاحيات التي صار يتمتع بها من خلفه مضاعفة عشرة أضعاف.

    وأنا كنت أتوقع من أصحاب المذكرة أن يكتبوا مذكرة أخرى ضد الصلاحيات والمركزية الشديدة التي وضعت في موقع رئيس الجمهورية على وجه الخصوص.

    فالأمين العام ما كان لديه غير أمانة الحركة الإسلامية وشيء من بعض الأمانات في الأقاليم.

    ولكن بعد مذكرة العشرة أصبحت الحركة الإسلامية ورئاسة المؤتمر الوطني ورئاسة القوات المسلحة ورئاسة مجلس الوزراء ورئاسة الدولة كلها أصبحت في يد قيادة واحدة.

    فكيف يستقيم هذا وكيف أن أصحاب المذكرة العشرة ينامون وضميرهم مطمئن كأنه لم يحدث شيء.. هذا تناقض لم أستطع فهمه.


    لحل المَشكل الاقتصادي طرحت الإنقاذ النظام الرأسمالي... هل أوقعها هذا في جدل أخلاقي كونها تتبنى المشروع الإسلامي، وفي نفس الوقت تطبق النظام الرأسمالي في الجوانب الاقتصادية المختلفة، وهل كان هذا مشروعاً جيداً لحل مشكلات الفقر الموجودة السودان؟
    أنت قلت إنها تبنّت النظام الرأسمالي، أنا لست متأكداً من أي نظام اقتصادي تتبناه الإنقاذ.


    نظام الخصخصة؟
    نعم، الخصخصة يمكن أن تسير في هذا الاتجاه... لكن النظام الرأسمالي على علاته لديه فوائد وليس كله شراً، لكن النظام المطبق هذا أنا لا أستطيع وضعه في سياق معين.

    لكنه فعلاً كما تفضلت أقرب إلى النظام الرأسمالي بمعنى أن قوى الإنتاج وفوائد الإنتاج كلها تذهب إلى شريحة صغيرة جداً والقطاع العام كله يكون مساحة للجبايات والضرائب.

    وهذا بالتأكيد لو نَسبته للمنظومة الإسلامية والمذهب الإسلامي في الاقتصاد لا يستقيم بهذه الصورة، إطلاقاً وأنا أعتقد أن هذا واحد من نقاط الضعف الأساسية، لأنه ليس لدينا مفكرون اقتصاديون أصلاً.

    نحن لدينا موظفون اقتصاديون كانوا يعملون في المؤسسات الدولية، ومديرو مصارف، لكن ليس لديهم، أصلاً، رؤية لاقتصاد إسلامي أصيل وتجربة محدودة في المصارف الإسلامية.

    وكذا فيدار الاقتصاد بعقلية شركة ليس أكثر من ذلك ومقاطعات كل مقاطعة تدار بصورة منفصلة ليس هناك نظرة كلية تجمع قطاعات الاقتصاد وتوجه التنمية بصورة واضحة لا توجد نظرية في التنمية نفسها ولا حديث عن التنمية.

    كل ما سألتهم عن التنمية تحدثوا عن الجسور التي أقيمت أشياء متفرقات، لكن رؤية واحدة تنضوي في إطارها كل الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية والاستثمارية لا أراها.


    تجربة الحروب الطويلة مع حركات التمرد والتحرر إلى أي شيء تشير هذه التجربة، إذ هنالك اتهام للإنقاذ بأنها من خلال حروبها مع هذه الحركات عمَّقت الجهوية والعرقية؟
    طبعاً هذه الحروب لم تقم بصورة كاملة، حرب الجنوب الطويلة هذه استراتيجياتنا وتكتيكاتنا صندوق مقفول وحروبنا أيضاً مع الحركات الأخرى كلها صناديق مغلقة لم تقيَّم تقييماً حقيقياً، ولم تستخلص منها التجربة في تقديري بصورة كافية.

    "
    الحركة الإسلامية ضاعت، وضاع الشعب السوداني كله وضاعت مصالحه الحقيقية بسبب هذه الصراعات الرعناء التي لا معنى لها في تقديري
    "
    وطبعاً من ناحية أنها عمقت الجهوية فهي عمقت الجهوية وعمقت ما هو أسوأ من الجهوية طبعاً أنت عندما تقول الحروب فهي لا تتم في الخارج فقط وفي الجبهات العسكرية.

    إنما الحروب تبدأ في العقول والتصورات، فيعني لو في شيء يحتاج للتساؤل هو من أين أتت هذه العقلية الحربية إلى داخل الحركة الإسلامية وكيف أزاحت عقلية السلام وعقلية الانفتاح ولماذا أصبحت قيادات الإنقاذ تنشط في اتجاه هذه الحروب.

    وأنا أستطيع أن أؤكد أن هذه العقلية الحربية وهذه الحروب والإسراع فيها أيضاً شكلت وبدلت شكل النظام السياسي كله.

    وتحول النظام إلى نظام أوتوقراطي لا يقبل الشورى والمصالحة ليس مع الحركات المتمردة بل مع العضوية الطائعة يعني عضويتك في الداخل أصبحت تطبق عليها نفس المنطق الحربي الذي تطبقه على الحركات المتمردة.

    فالحروب انعكست سلباً على أبنية التنظيم الداخلية وعلى طريقة التعامل وعلى مستقبل الحركة الإسلامية بصورة كبيرة جداً وستنتهي بالإنقاذ إلى نقيض ما بدأت به، أي العدو الاستراتيجي يصبح صديقا استراتيجيا والصديق الاستراتيجي يصبح عدوا كذلك.


    المفاصلة التي تمت في الرابع من رمضان وبرز منها مؤتمران، شعبي ووطني، ووصفتها أنت بأنها أخطر الانشقاقات في جسم الحركة الإسلامية ما زال عند البعض آمال بأنها مجرد مسرحية ويوماً ما ستعود المياه إلى مجاريها؟
    أنا أعتقد أن هناك قوة في المؤتمر الوطني وعناصر في المؤتمر الشعبي مصممة على أن لا تتحد الحركة الإسلامية ومصممة على تصفية الحركة الإسلامية بصورتها القديمة كاملة لأني لا أستطيع أن أبرر هذه العداوات بصورة غير هذا.

    وأنت تعلم أن هناك محاولات جرت سراً وجهراً من الداخل ومن الخارج وحاولنا نستقصي كيف أصبح هذا العداء متناقضاً بهذه الصورة.

    فما وجدنا لها أسباب فكرية ظاهرة ولا خلاف أيديولوجي فهو خلاف بدأ في السلطة وانتهى في السلطة بعض القابضين في السلطة يتخندقون فيها يوماً بعد آخر.

    وأيٌّ من ينازعهم في هذا الأمر مستعدون أن يضربوا عليه بيد من حديد والذين فقدوا السلطة أيضاً مجتهدون ليلاً ونهاراً على أنه لا بد أن يستعيدوا السلطة ويبذلوا في سيبل ذلك الغالي والرخيص.

    وضاعت بالتالي الحركة الإسلامية وضاع الشعب السوداني كله وضاعت مصالحه الحقيقية بسبب هذه الصراعات الرعناء التي لا معنى لها في تقديري.


    في نقدك لتجربة الحركة الإسلامية وما كتبته، يتساءل البعض عن تخلي البروفيسور التيجاني عن قناعاته الفكرية بالمشروع الإسلامي؟
    أنا أعتقد أن المشروع الإسلامي يحتاج إلى إعادة صياغة وهناك جوانب أصلاً لم تكن متكتملة تحتاج أن تستكمل، وهناك جوانب أفسدتها الدولة ينبغي أن يعاد النظر فيها، واحد منها هي المسألة الاقتصادية.

    "
    الانحياز للنظام الرأسمالي في السودان ينبغي أن يوقف ويعدل لا يمكن أن تكون الحركة الإسلامية جزئية تضاف للنظام الرأسمالي
    "
    وأنا أفتكر حينما نعيد صياغة البرنامج الإسلامي مرة أخرى يجب أن تكون لدينا رؤية أكثر تحديداً وأكثر دقة للمعضل الاقتصادي.

    ولقضية التنمية نقطة أخرى المشكلة الاجتماعية لا بد أن يكون المشروع مستنداً على قاعدة أو رؤية للتغيير الاجتماعي بصورة مختلفة من الصورة التي بدأنا بها -يعني المكون الاجتماعي- نحن لسنا فقط مجرد حركة سياسية محترفة إنما نحن حركة تغيير اجتماعي فلا بد من إضافة هذا المكون الاجتماعي المهم ورؤيتنا له.

    طبعاً، إضافة إلى ذلك مسألة الدولة نفسها المشروع لا بد أن يحدد نظرية للدولة ماذا نريد أن نفعل بالدولة وما هي العلاقة بين الدولة والمجتمع.

    الحزب نفسه، ما هو الحزب.. وما هو دوره إذا كان حركة إسلامية أو غيره.

    القيادة نفسها كيف تكون هذه المكوِّنات الأساسية للبرنامج الإسلامي ينبغي أن يعاد فيها النظر ويحزف منها ما هو غير صالح وتضاف إليها نقاط أصبحت لازمة وأساسية.

    والانحياز للنظام الرأسمالي هذا ينبغي أن يوقف ويعدل لا يمكن أن تكون الحركة الإسلامية جزئية تضاف للنظام الرأسمالي فلا بد أن يعدل هذا الأمر بصورة كاملة.

    كان انبعاث الحركة الإسلامية في السودان في منتصف القرن الميلادي العشرين قدراً من الله لتجديد أمر الدين وظاهرة استفزتها غازية العقائد الأجنبية فكانت استجابة لتحدياتها وأمدتها روافد الصحوة الإسلامية العالمية فكانت تجاوباً مع دواعيها.

    وإن مسيرة الحركة الإسلامية من بعد ومجاهداتها إنما تطورت انفعالاً بالواقع السوداني وفعلاً فيه، فمهما كانت تعبر عن معاني الدين الأزلية جاءت خصاصئها تحمل شيئاً من مادة التراب السواني وتطوراتها توازي أطوار التاريخ الاجتماعي والثقافي والسياسي لبيئة الحياة العامة في السودان منذ انتصاف القرن الميلادي".


    هذا التوصيف للدكتور حسن عبدالله الترابي أحد رموز الحركة الإسلامية السودانية البارزين لمسارب تكوين الحركة الإسلامية السودانية نضعه اليوم في مقاربات أمام الباحث والمفكر الأكاديمي وأحد رموز الحركة الإسلامية أيضاً البروفيسور التيجاني عبدالقادر حامد لنراجع معه في مقاربات فكر وتنظيم الحركة الإسلامية السودانية.

    الصحوة الإسلامية العالمية هي التي دفعت بهذه التكوينات في مسار الحركة الإسلامية السودانية فكيف تنظر إلى تكوين الحركة الإسلامية في مساربها المختلفة؟
    جدلية الخارج والداخلي في تكوين الحركة الإسلامية السودانية ودعنا نبدأ بالمحلي وأنا أتحدث من زاوية تجربتي الشخصية وانخراطي في الحركة الإسلامية وبدايات تسليكي في هذه الحر كة.

    أنا أعتقد أنه قبل الدخول في الحركة الإسلامية نفسها كانت هناك مؤسسات سودانية محلية ساهمت في تسهيل انخراطنا في الحركة الإسلامية السودانية ومنها مؤسسة الأسرة ثم مؤسسة المدرسة ثم مؤسسة المسجد.

    أنا وكثير من أبناء جيلي الذي انخرط في الحركة الإسلامية السودانية تخرجوا من أسر فيها تدين والتزام ديني فإذن التربية الأولى كان فيها عنصر الالتزام الديني والخلقي بصورة ظاهرة ثم من بعد ذلك المدرسة التي وسعت إطار النظر والمعرفة.

    والمسجد أيضاً كان مؤسسة مهمة في تكويننا وهذه مؤسسات محلية سودانية ساهمت في تهيئة البيئة والمناخ الذي مهد للحركة الإسلامية أن تستقطبنا في ما بعد، ولولا هذا المكون المحلي ما أظن كنا سننتهي للحركة الإسلامية كما بها من تيار الصحوة من الخارج إلى غيره.


    انتقلت بعد ذلك الحركة الإسلامية في تطورها من حركة صفوية محدودة وسط قطاع محدد من الطلاب والمثقفين إلى حركة جماهيرية بعد أكتوبر هل هذا كذلك؟ هل هي فعلاً انتقلت إلى حركة جماهيرية شعبية بعد أكتوبر أم أن هناك في التاريخ ما قبل وبعد أكتوبر؟
    يمكن أن نقول إن أكتوبر حد فاصل في تطور الحركة الإسلامية السودانية وفي حركة السياسة السودانية القومية عموماً لأن أكتوبر كانت ثورة شعبية لافتة للنظر والتفكير وفيها تعبئة شعبية حتى الذين كانوا غافلين عن السياسة وعن الفكر انشغلوا بجو الثورة وانتبهوا.

    أ.د التيجاني: ثورة أكتوبر كانت حداً فاصلاً في تطور الحركة الإسلامية السودانية



    لذلك أكتوبر فتحت الآفاق وفتحت فرصاً من الحريات للعمل العام وفتحت فرصاً للتلاقي بين المتعلمين وبين الجمهور العريض وبين الإسلاميين واليساريين أيضاً في عمل جبهوي إلى آخره.


    وهذا صحيح أتاح فرصة للحركة الإسلامية لأول مرة أن تتذوق طعم العمل الشعبي وتحدياته وتحاول أن تطور في هياكلها وبرامجها حتى تتواءم مع الزخم الشعبي الذي وفرته ثورة أكتوبر ولعلك تعلم أن الأخ الدكتور حسن الترابي هو نفسه نتاج لهذا المناخ وأول ظهوره السياسي كان بفعل ثورة أكتوبر.


    انتشار الحركة وتمركزها وسط المثقفين والطلاب وأساتذة الجامعات هل حرمها من أن تنتشر وسط العامة وأن تقوم بأدوار اجتماعية وسط المجتمع؟
    نعم طبيعي لأن الجانب الذي كان يستهوينا في الحركة الإسلامية هو الجانب الفكري كطلاب وكنا نعتقد أن التحدي الأساسي هو تحد فكري في مناهضة التيارات اليسارية آنذاك والتيار الشيوعي كان له غلبة شديدة وسط المثقفين لذلك كان الاشتغال بالقضية الفكرية والفلسفية كبير جداً وطاغياً على ما عداه من انشغالات.

    لكننا كنا ندرك بصورة غير واضحة أن البرنامج الفكري له ذيول اجتماعية وذيول سياسية إلى آخره لكن لم نبلغ حد أن نستكمل البرنامج في بعده الجماهيري بصورة كاملة.


    وفترة الطلب والشباب هي أقرب إلى المثالية وكنا نتعلق بالمثال الفكري والإسلامي وهذا كان شغلنا الشاغل وندخل في مجادلات مع التيارات السياسية الأخرى ونصوغ هذه الأشواق والمثل في شكل أشعار ومسرح وكتابات صحفية إلى آخره فنجرب هذه الأفكار في الإطار المدرسي المحدود وهذه المرحلة الأولى ولكن مرحلة التمدد الشعبي جاءت في لحظات لاحقة.


    في بدايات تكوين الحركة الإسلامية نشأت في كنف جماعة الإخوان المسلمين ثم انفصلت عنهم هذا الانفصال هل كانت مؤشرات في مرونة وفقه ومنهج الحركة الإسلامية في وقت مبكر على الرغم من أنه ما زالت بعض الحركات منضمة إلى التنظيم العالمي للإخوان؟
    المفارقة التي حدثت هي مفارقة تنظيمية وليست فكرية في المقام الأول ويجب أن نقر بأننا استفدنا من الأدبيات التي وفرها الأخوان المسلمون في مصر وسعت مدى الرؤية بالنسبة لنا في الحركة الإسلامية السودانية.


    فلم يكن هناك إشكال فكري ولكنها إشكالات تنظيمية هل يكون التنظيم السوداني فرعاً من المصري أم تكون هناك خصوصية وهامش للحركة وبالتالي تكون العلاقة علاقة تنسيق وهذا هو المقترح السوداني أن تكون العلاقة علاقة تنسيق لاختلاف البيئات والطروف وليست علاقة مركزية مباشرة وبالتالي حصل الانفصال المعروف لهذه الأسباب.


    أما هل كان هذا مفيداً للجانب السوداني أم مضراً فأعتقد أن فيه بعض الفوائد وفيه بعض الضرر.

    الفائدة أن الاستقلال والحرية تتيح لك الفرصة للتجريب وللعكوف على البيئة المباشرة السودانية ودراستها أكثر من التعلق بالأفق العالمي وبالمثال وهذا ما جعل سودنة الفكر والبرنامج الإخواني بصورة مناسبة تتلائم مع البيئة وهذا كان لابد منه وضرورياً تحت تنظيم مركزي عالمي لا يتسنى في تقديرنا أن تتم هذه العمليات.

    لكن الجانب السالب منه موجود أن من الصعب أن حركة إسلامية أياً كانت تستطيع أن تنهض بأعباء البناء الإسلامي والمقاومة الإسلامية بصورة منفردة وبصورة منعزلة، التنظيمات الأخرى تمثل عمقاً ورافداً ودعماً أساسياً لابد منه فكان ممكن يحصل نوع من التناصر وكان يمكن أن تستفيد الحركة الإسلامية أكثر فأنا لا أعتقد أن انفصال الحركة الإسلامية كان كله إيجابياً.


    في مسيرة الحركة الإسلامية من جماعة الإخوان إلى جبهة الميثاق إلى الجبهة الإسلامية القومية إلى المؤتمر الوطني كيف تنظر إلى هذا التطور هل هو مظهر من مظاهر انشقاقات داخل الحركة أم أنه تطور طبيعي لابد منه لتستوعب الحركة الإسلامية في مسيرتها الجوانب الشعبية الكبيرة؟
    الفكرة الأساسية للحركة الإسلامية أنك تقوم بتكوين عناصر إسلامية وتتوخى أنها تكون استوعبت الفكرة التي تدعو إليها بصورة جيدة ثم تنفتح بهذه العناصر الإسلامية على قطاعات أوسع حتى يكون لديها تأثير أوسع على المجتمع ثم دائرة بعد دائرة حتى تصل لكل المجتمع.


    وطبعاً النتيجة المنطقية لهذا العمل إذا كنت تعمل في العمل العام أنك تبحث عن حلفاء يؤيدون الخط الفكري العام أو يتفقون معك في الرؤية السياسية العامة وليس بالضرورة يتفقون معك في الأطر التنظيمية التوسع عن طريق البحث عن حلفاء ومناصرين وغيره هو الذي اقتضى أن تغير الحركة الإسلامية في مواعينها التنظيمية وأدواتها حتى تتواءم مع القوى الاجتماعية الأخرى.


    ففي فترة الأخوان المسلمين الأولى ما كان من الممكن أن تجد حلفاء يدخلون معك في التنظيم فوسعت الأطر وجاءت فكرة جبهة الميثاق الإسلامي حتى تضم كيانات أوسع وتكون إطاراً لتحالفات ثم وسعت مرة أخرى في فكرة الجبهة القومية الإسلامية.


    فالفكرة من حيث المبدأ والنظر الاستراتجي سليمة لا إشكال فيها ولكن طبيعي أن كل تحول في كل مرحلة يؤدي إلى انقسامات داخلية إذا تحولنا من تنظيم الأخوان المسلمين إلى الميثاق الإسلامي فهذا يؤدي إلى انقسام، أي ما من تحالف خارجي إلا ويصاحبه انقسام داخلي وفي مراحل لاحقة حصلت هذه الانقسامات وهي نتيجة للتحالفات لأن بعض الناس يعتقدون أنه كلما وسعت الإطار ضعف المحتوى.

    "
    الحركة الإسلامية وضعت استراتيجية طويلة المدى واحد من أركانها أنه يمكن الدخول في تفاهم جزئي مؤقت مع نظام نميري لأن الظروف لا تسمح بغير ذلك
    "

    تجربة الحركة الإسلامية مع نظام نميري دخلتها الحركة الإسلامية في ذلك الوقت اتفاقاً مع الجبهة الوطنية ثم خرجت الأحزاب الأخرى واستمرت الحركة الإسلامية مع نظام نميري، البعض يعتقد أن استمرارها نوع من التكتيك البراغماتي في عالم السياسة.. كيف ترى هذه التجربة؟
    قبل تعامل الحركة الإسلامية مع نميري ينبغي أن ننظر لتعامل الحركة الإسلامية في داخل الجبهة الوطنية نفسها، الحركة الإسلامية بعد فشل الانقلابات المتكررة ضد نظام نميري وآخرها الانقلاب العسكري في عام ستة وسبعين وما حدث فيه من مواجهات وخذلان وفشل.

    الحركة الإسلامية قيمت الوضع وانتهت إلى نتيجة أنها الأصوب لها أن تعمل في العمل السياسي بصورة مستقلة عن الأحزاب السياسية لأن هذا التحالف لم يكن ناجحاً بكل المقاييس بل كان ضاراً هذا قبل الدخول مع نميري في تحالف.


    والتحالف مع نميري كان وفقاً لاستراتيجية وخطة وجزءاً من الاستراتيجية أن التعامل في داخل الجبهة الوطنية استنفد أغراضه فلذلك كان لابد أن نحدد خياراتنا بصورة مستقلة لذلك عندما دخلنا في تحالف كان ظاهره أن الجبهة الوطنية كلها دخلت في تحالف مع نميري لكن الجبهة الوطنية دخلت في تحالفات منفردة مع نظام نميري وكل كان له هدف، كانت هي تحالفات مستقلة وتقديرات حزبية مستقلة.


    فالحركة الإسلامية وضعت استراتيجية طويلة المدى واحد من أركانها أنه يمكن الدخول في تفاهم جزئي مؤقت مع نظام نميري لأن الظروف لا تسمح بغير ذلك والحركة لم تكن في وضع يمكنها من اقتلاع النظام بصورة كاملة ولم يكن وارداً في ذلك الوقت أن نظام النميري سوف يطبق تشريعات إسلامية ولم يكن متوقعاً منه ولم يكن هدف الحركة الإسلامية حقيقة أن تطبق تشريعات إسلامية أو نظاماً إسلامياً من خلال نظام نميري.


    ولذلك يرى بروفسير عبد الله علي إبراهيم ما كان للحركة الإسلامية أن تسير في خط الموافقة على تطبيق التشريعات الإسلامية في قوانين سبتمبر وكان الأفضل لها اتخاذ نفس الموقف الذي اتخذته القوى الأخرى ولأن ذلك لم يكن أصلاً مطروحاً في برنامج الحركة الاسلامية؟
    هذا صحيح لم يكن مطروحاً ولكن الحركة الإسلامية حشرت في زاوية ضيقة في هذه المسألة وهي حاولت أن تعترض على بعض الأشياء ولكن لم يكن ميسوراً الاعتراض الكامل على مبدأ تطبيق الشريعة الإسلامية.

    وإلا فسيبدو الأمر مضحكاً إذا أنت أصلاً تقوم على الشعار الإسلامي والمبادئ الإسلامية فكيف ترفض تطبيق الشريعة الإسلامية والبرنامج الإسلامي إذا أتى من غيرك فيتصور أنك إما تطبق الشريعة أنت وإذا طبقها غيرك أنت تقول لا فكان الوضع فيه مآزق من هذه الناحية.


    فالحركة الإسلامية قبلت مسايرة النظام على مضض وعلى أمل أنه يمكن إصلاح البرنامج الذي دخل فيه الرئيس النميري على مهل ويمكن تلافي بعض القصور فيه لكن أفتكر ذلك كان تقديراً سياسياً غير صائب لم يكن في صالح الحركة ولم يكن في صالح المشروع الإسلامي نفسه.


    لأن هذا التطبيق وما صاحبته من بعض المثالب انعكس سلباً على صورة النظام الإسلامي وأصبح منسوباً له وكلما تحدث الناس عن إمكانية برنامج إسلامي يقفز إلى الأذهان أن الإسلام هو قطع الأيادي وكذا وأصبحت نقطة غير جيدة في مسيرة الحركة الإسلامية.


    إذا كان في ذلك الوقت ما يلي هذه التطبيقات من وزارات وغيرها محسوباً على الحركة الإسلامية بصورة عامة فمن الذي رتب لنميري هذه التشريعات بهذه الصورة التي أصبحت خصماً على البرنامج الإسلامي ككل؟
    كان لنميري مستشاروه وأعوانه وهم أسماء معروفة في الحياة السياسية السودانية من غير الحركة الإسلامية ومن غير مسؤولي الحركة وقرارات التشريعات نميري كان يصدرها ولا تمر على الحركة الإسلامية من قريب أو بعيد.


    بل في بعض الأحيان أمين الحركة الإسلامية مع أنه كان مستشاراً له إلا أنه كان يوصي مستشاريه الأخص أن لا تمرر التشريعات على الترابي وكان هناك احتكاكات داخلية.

    لم تكن هناك شورى كاملة أو ثقة متكاملة وإنما جاءت على صيغة المباغتة للحركة وللشعب السوداني وعلى الطريقة العسكرية والمباغتة جزء من العمل العسكري.


    بعد الديمقراطية الثالثة أصبحت الحركة الإسلامية في المعارضة صفوة من النواب داخل البرلمان أتوا عبر دوائر الخريجين، هذه التجربة إلى أي درجة ساهمت في تكوين قيادات للحركة الإسلامية؟
    على المستوى الشعبي ساعدت لأنها أتاحت فرصة إعلامية وفرصة للتلاقي والتمثيل النيابي لا بأس بها ويمكن فرصة للتجربة السياسية بصورة معقولة.


    لكن على المستوى التشريعي أو على مستوى إنضاج البرنامج الإسلامي نفسه ورفده بتجربة سياسية برلمانية ما كانت لها حصيلة.


    لأنه في تقديري البرلمان نفسه كان الانشغال بالقضية السياسية والمماحكات السياسية والخلافات والأزمات السياسية فيه أكثر من العمل التشريعي الجاد لإخراج برامج حزبية أو قومية.


    فهي كانت إهداراً للوقت بصورة كاملة ولم يكن لديها مردود كبير على الحركة الإسلامية.


    دخلت الحركة الإسلامية القومية الانتخابات بمشروع أبرز ما فيه الحكم اللامركزي وقضية الجنوب هل ما تم طرحه في ذلك الوقت من برنامج الحركة الإسلامية هل كان هو فعلاً رؤية الحركة الإسلامية لمعالجة مشكلة الحكم أم أن ذلك كان برنامجاً للانتخابات فقط؟
    مسألة اللامركزية قضية ثابتة عند الحركة الإسلامية منذ فترة سابقة وكانت الحركة تدرك أن السودان ليس من الحكمة أن يحكم بالصورة المركزية القابضة وكلما توزعت السلطات على الولايات والأقاليم كان ذلك أوسع بالنسبة للإدارة.


    وبالنسبة للسودان وكذلك قضية الجنوب كانت ثابتة في برنامج الحركة الإسلامية منذ زمن بعيد مثل اللامركزية والاثنان مرتبطان ببعض والفكرة كانت أن يعطى الجنوبيون إدارة إقليمية أو حكماً ذاتياً أو فيدرالية واسعة فتقضي على هذه المشكلة بصورة معقولة في إطار السودان الموحد.


    واحدة من الأشياء التي تحسب على الحركة الإسلامية وجود الدكتور حسن عبدالله الترابي على قيادة الحركة لفترة طويلة من الزمان وتشبه في ذلك بالأحزاب التقليدية الأخرى ويعتقد البعض أن وجود الترابي لهذه الفترة الطويلة سد الباب أمام تفريخ قيادات لديها القدرات إذا ما غاب الدكتور الترابي لأي سبب من الأسباب عن المشهد السياسي.. هل ترى أن ذلك صحيحاً؟
    شأن الترابي في هذا شأن كل الآباء التأسيسيين للحركات الاجتماعية والسياسية فوجوده يكون ملازماً لوجود الحركة لفترة طويلة شيء طبيعي وهو أمر ملاحظ في كثير من الحركات.


    لكن كثيراً من الدارسين للحركات الاجتماعية والسياسية يقولون إن الحركة لن تبلغ مرحلة النضج والرشد إلا بتنحي الآباء التأسيسيين لتتاح فرصة لأجيال أخرى تتعاقب في القيادة جيلاً بعد جيل وتجربة بعد تجربة فإذا طال أمد الجيل التأسيسي يضر بتطور الحركة الطبيعي أياً كانت الحركة.


    وأنا لا أقول إن قلة ظهور قيادات بديلة السبب الأساسي فيه شخصية الترابي ولكن هناك عوامل أخرى ووجوده أيضاً من ضمن العوامل.


    إذاً ما هو العامل الذي حجب ظهور قيادات أخرى؟
    الظروف السياسية التي تعمل فيها الحركة الإسلامية أنت لا تستطيع أن تبرز قائداً مثل حسن الترابي بين عشية وضحاها، فالقيادة تحتاج لمواصفات معينة فإذا وجد قائد تنطبق فيه هذه المواصفات ويلبي متطلبات المرحلة فلن يكون تغييره من الحكمة في شيء خاصة إذا كانت الحركة تمر بظروف سياسية فيها قهر واضطهاد ومطاردة فأنت لا تغير الحصان الرابح في منتصف المعركة.

    د. الجيلي: لماذا انحصرت القيادة في الترابي؟



    فالترابي كان هو حصان الحركة الإسلامية الرابح لفترة طويلة عطاء فكرياً وقدرة تنظيمية فلم تكن هناك دواع سياسية أو منطقية ملحة لتغييره يضاف إلى ذلك أن الحركة الإسلامية كانت إلى حد ما حركة أنداد، أي إدارتها ووصفها القيادي متقاربان من بعض.


    وكان هناك قدر من الشورى في تغيير القيادة وكانت هناك آجال محددة لتجديد الثقة في الأمين العام فترة بعد فترة. فكانت كل هذه الضوابط كافية لظهور بعض القيادات ولكن دون التفريط في القدرات القيادية التي توفرت للدكتور الترابي وهذا كان تقديراً معقولاً لكنه إذا تجاوز مداه يمكن أن ينقلب لشيء آخر.


    الاتهام للحركة الإسلامية بأنها ضعيفة في ما يتعلق بمسائل البناء الفكري وأن مساهمة عضويتها بصورة عامة في ما يتعلق بالمساهمات الفكرية هي أيضاً مساهمات ضعيفة؟
    الأمور نسبية.. ضعيفة نسبة إلى ماذا؟ فإذا نسبنا الحركة الإسلامية إلى أحزاب سودانية كانت أكبر منها وأسبق تأريخياً هناك أحزاب تأسست منذ القرن الماضي فلما تقارن كسبها الفكري وعطاءها بكسب الحركة الإسلامية وعطاءها تجد الحركة الإسلامية نسبيا متقدمة إن لم تكن مساوية لهذه الأحزاب.


    أما إذا كان القصد ننسب الكسب الفكري للحركة الإسلامية بالحركة اليسارية على وجه الخصوص فالحركة اليسارية هي جزء من مدرسة فكرية امتدت قروناً في التاريخ الأوروبي وتجربة سياسية عميقة ومؤسسات كانت ترفدها وبالتالي كانت هناك كوادر فكرية وثقافية مدربة وكانت هناك عواصم تساعد في هذا المد وفي هذا التثقيف, الحركة الإسلامية كانت تتحرك وظهرها لا يستند إلى شيء.


    ولا حتى التاريخ الإسلامي الطويل؟
    التاريخ الإسلامي الطويل كان نفسه مشكلة.


    فالحركة الإسلامية تريد أن تصلح التراث الإسلامي وتعدل فيه فكانت مجهودات بدون أن يكون فيها معينات حقيقية من مؤسسات لها قوة دفع كبيرة في هذا المجال، هذا ليس اعتذاراً ولكنه تفسير لهذه الظاهرة.


    ولكن أنا لا أنكر أن ما كان يتوقع من عطاء فكري للحركة الإسلامية أكبر مما هو موجود وهذا عيب وقصور كبير ينبغي للحركة الإسلامية أن تتفاداه إذا كان للحركة الإسلامية وجود وأنا أعتقد أن مما يضعف عطاء الحركة الإسلامية هو ضعفها في المجال الفكري وليس في المجالات الأخرى.


    كذلك يشير البعض إلى أن تركيز الحركة الإسلامية على قضايا التربية يرجع إلى سيطرة القيادات التقليدية بالحركة وأن هذا التركيز كان خصماً على جوانب أخرى كان يمكن أن تجد فيها الحركة حظاً وظهوراً أفضل؟
    أصدقك القول أني كنت أذهب هذا المذهب وكنت أظن أن التركيز على الجانب التربوي أضاع جوانب أخرى لكن حينما تعيد النظر تقول يا ليت أن التركيز على الجانب التربوي كان أكثر من ذلك.


    لأنني ألاحظ في الآونة الأخيرة أننا أوتينا من قبل النقص في هذا الجانب، فواحدة من المشكلات التي تنقص البرنامج الإسلامي ليس فقط المكون الفكري وإنما المكون الأخلاقي أيضاً.


    فالتربية هي تربية على مثل وقيم أخلاقية وترسيخها في نفس الفرد والجماعات طبعاً قديماً كان الانتقاد أن المكون التربوي أخذ أكثر مما يستحق لكن حينما اتسعت الحركة الإسلامية اكتشفنا أن المشكلة هي مشكلة تربية وأخلاق لم تكتمل بصورة كافية.


    طبعاً على خلاف كيف تتحق التربية فبعض الناس يرى أن التربية يمكن أن تتم وسط المعمعة أثناء العمل والعملية، لكن لو كان هناك تكوين تربوي وأخلاقي قوي يصاحب أيضاً في مرحلة العمل والانطلاق بمقومات تربوية أخرى.


    هل كان للحركة الإسلامية السودانية رؤية واضحة في ما يتعلق بتعاطيها مع قضايا تكاد تكون ذات خصوصية في المجتمع السوداني مثل القضية الجهوية والعنصرية والقبلية؟
    كان هناك أفكار مستبطنة في أذهان كثير من العاملين في الحركة الإسلامية تتعلق بمسألة العدالة الاجتماعية بمعنى أن كثيراً من القياديين والعاملين في الحركة يؤمنون أن القضية الأم التي جعلتنا ننضوي تحت الحركة الإسلامية هي مسألة العدالة الاجتماعية وما يتصل بها.

    "
    بعض قيادات الحركة الإسلامية غاب عنها البعد الاجتماعي في ما بعد فأصبحوا يتعاملون بالجوانب القانونية للدولة والتشريعات والجوانب السياسية
    "
    وأقصد بالعدالة الاجتماعية أن الشرائح الضعيفة في المجتمع والشرائح المهمشة ينبغي أن يفسح لها مجال في التعبير وفي قسمة الثروة والسلطة.


    وكان هذه أفكار مضمرة لكن في تقديري لم يعبر عنها في أدبيات الحركة الإسلامية بصورة كافية وهذه مشكلة لأن الناس يحكمون عليك بالمكتوب والمنشور.

    فالحركة لم تعبر عن البعد والعمق الاجتماعي لبرنامجها السياسي فظهر وجهها السياسي والقانوني لكن ضمر واختفى عمقها الاجتماعي أي القضية الاجتماعية بما فيها من التكوينات القبلية وغيرها لم تبرز في بياننا بصورة كافية.

    وأنا أخشى أيضاً أن أقول إن هذا الضمور ترتب عليه أن بعض قيادات الحركة الإسلامية غاب عنها هذا البعد في ما بعد فأصبحوا يتعاملون بالجوانب القانونية للدولة والتشريعات والجوانب السياسية لكن غفلوا تماماً عن العمق والبعد الاجتماعي لمسألة السياسة السودانية وهذا مضر ومعيب جداً.


    في ما يتعلق بقدرتها على التعبير هل كان للحركة القدرة على التعبير عن قضايا مثل الحريات وحقوق الإنسان وغيرها بمثل ما كانت تعبر عنه التيارات اليسارية مثلاً؟
    كنا نعبر عن قضية الحرية والعدل والديمقراطية حينما كنا في المعارضة, سنوات طويلة كنا نتحدث عن الحريات والعدالة وطيلة فترة نميري كان هذا هو الشعار.

    لكن بكل أسف في المراحل اللاحقة حينما تحولنا من المعارضة إلى مرحلة الحكم توارت هذه الشعارات وضعفت بعض الشيء وطغت قضايا أخرى وهذه واحدة من سلبيات الحركة الإسلامية ليس هناك اتساق بين مرحلة المعارضة ومرحلة الدولة.


    قضية المرأة أيضاً هي من القضايا التي تشغل تجارب الحركات الإسلامية في الفكر والتنظير هل خطاب الحركة الإسلامية في ما يتعلق بقضية المرأة كان خطاباً يستند على معطيات ثابتة ومحددة أم أنه كان يأتي في ظل الصراع مع اليساريين؟
    لا.. كان هناك نظر عميق في مسألة المرأة وكانت هناك قناعة عميقة أن يكون للمرأة دور داخل الحركة الإسلامية وداخل المجتمع ولفترة طويلة نحن طيلة عملنا في داخل الجامعات والطلاب كنا نولي اهتماماً شديداً لمسألة المرأة.


    ليس فقط مضاهاة للحركة اليسارية صحيح أن الحركة اليسارية كان لها وجود أسبق وكانت منافساً في هذا المجال ولكنا أيضاً كان لنا قناعة أن المرأة المسلمة يجب أن تخرج من القوقعة وتكون لها مشاركة داخل الحركة.


    وهناك نظرة في التراث والفكر الإسلامي ومحاولة تأصيل لهذا الجانب وصدرت بعض الإصدارات في هذا الجانب وكنا متقدمين نسبياً في هذه المسألة مقارنة برصفائنا في المحيط العربي والإسلامي.


    تجربة البنوك الإسلامية يرى البعض أنها أدخلت الحركة في بعد استثماري ربحي تجاري في وقت كان يجب أن تهتم فيه الحركة بقضايا مثل الفقر في المجتمع؟
    هما قضيتان.. ليس قضية معالجة الفقر فقط ولكن معالجة قضية الفقر في التنظيم الإسلامي نفسه.


    فأنت حتى تحل مشكلة الفقر في المجتمع محتاج إلى تنظيم وإدارات ولابد أن يكون لديك تمويل لهذه العمليات فالاثنتان مرتبطتان ببعض.


    فكانت معضلة الحركة الإسلامية هي كيفية تمويل النشاط الإسلامي نفسه وكما هو معلوم عضوية الحركة معظمها من الطبقات الفقيرة وأبناء الفقراء فكان الذي يضغط على التفكير كيفية إيجاد مؤسسات مالية أو مصارف تستطيع أن تغطي هذا الجانب من العمل وهو جانب مهم جداً.


    فكرة المصارف الإسلامية لم تنشئها الحركة الإسلامية ولكن الحركة تبنتها وعدد كبير من عناصر الحركة استوعبوا في هذه المؤسسات.


    وأنا لا أعتقد أن الحركة الإسلامية خططت لإدارة هذه المصارف بصورة كاملة لكن كانت تظن أنها يمكن أن تستفيد بصورة غير مباشرة من حركة البنوك الإسلامية وتستفيد بصورة مباشرة بإيضاح النموذج الإسلامي الاقتصادي نفسه أكثر من فوائد مادية أو فوائد وظيفية.


    والدور الذي كان منوطاً بعناصر الحركة الإسلامية في المصارف الإسلامية هو تمتين واستكشاف النموذج الاقتصادي وتجربته لمرحلة الدولة لكن بكل أسف اتجهت الأنظار إلى مسألة التمويل والأموال والتخديم ونسي النموذج المصرفي.


    لذلك في تقديري أن التجربة لم تنجح من الناحية النظرية في تمتين أركان النموذج الإسلامي نفسه ولم تنجح من الناحية العملية في أنها تقوي المجتمع السوداني.

    فأصبحت كأنها مصارف أو مؤسسات ملحقة بالنظام الرأسمالي الإقليمي أو العالمي بصورة عادية فلم يتغير النظام ولم يكن له مردود كبير على تغيير واقع الشعب السوداني.


    قضية الهامش والمركز كانت واضحة في أدبيات اليسار ولديهم رؤى في كيفية التعامل معها هل كانت هذه القضية كذلك واضحة لدى الحركة الإسلامية؟
    طبعاً نحن عناصر الحركة الإسلامية نفسها أبناء الهامش وأبناء المهمشين, وإذا نظرت لعضوية الحركة الإسلامية الغالبة هي أتت من الهامش ولم تأت من المركز.

    "
    مسألة الهامش هي انعكاس لغياب العدالة الاجتماعية وغياب التنمية المتوازنة بين المركز والهامش ويجب أن يكون لها مكان مركزي في برنامج الحركة الإسلامية
    "
    وكانت قضيتنا أن نصل للمركز حتى نعيد تشكيل الأحزاب السياسية ونعيد تشكيل الدولة السودانية حتى نحل قضية الهامش والمركز عن طريق إجراءات قانونية وكذا.

    لكن الذي حدث أننا شيئاً فشيئاً تحولنا نحن للمركز ولم يتغير الهامش بالصورة المطلوبة.


    وأنت ذكرت الحركة اليسارية, الحركة اليسارية اهتمامها بالهامش جاء متأخراً في فترة معينة من تاريخ السودان.

    وإذا نظرت لأدبيات الحزب الشيوعي في الستينات لم يكن يطرح قضية الهامش ولكن في الفترة الأخيرة فترة نميري وما بعدها طرح مسألة الهامش بصورة قوية.


    وطبعاً هذه قضية ما تزال مطروحة وأنا أعتقد أن الحركة الإسلامية ينبغي أن يتأكد لعضويتها وقيادتها أن هذه القضية هي قضية محورية وينبغي أن تكون محورية في برنامجنا ومشروعنا الإسلامي إذا كان تبقى شيء من هذا المشروع.


    لأن مربط العمل الإسلامي يقوم حول مسألة العدالة الاجتماعية ومسألة الهامش هي انعكاس لغياب العدالة الاجتماعية وغياب التنمية المتوازنة بين المركز والهامش ويجب أن يكون لها مكان مركزي في برنامج الحركة الإسلامية. طبعاً هناك فرق بين ما ينبغي وما هو كائن.


    بروف التجاني لك مسيرة طويلة بالحركة الإسلامية وعاصرت تطورات مختلفة داخل الحركة هل كانت شعارات مثل الشورى والديمقراطية وتداول الأدوار يتم تطبيقها داخل الحركة بشكل يشير للنموذج الإسلامي الحقيقي؟
    كانت هناك اجتهادات قبل مرحلة الدولة كنا نحاول قدر الإمكان أن نمارس قدراً كبيراً من الشورى لأن أصلاً التنظيم الإسلامي تنظيم طوعي وحر ونحن دخلنا في هذه الحركة الإسلامية بحر إرادتنا وبطوعنا.

    وكلنا كنا زملاء وأنداداً فلا يوجد إنسان له فضل على الآخر ولا هناك بيت مؤسس والبيوت الأخرى تابعة له لا توجد علاقة تبعية وإنما كانت العلاقة علاقة ندية وزمالة.


    وبالتالي طبيعي أن تكون العلاقات كلها قائمة على الشورى والمساواة وعلى المشاركة في تحديد ملامح البرنامج وأهدافه فهذا هو سر قوة الحركة الإسلامية في فتراتها الأولى.

    ولكن طبعاً بدأ يضعف هذا في داخل الحركة الإسلامية وهو الذي ترتبت عليه المشاكل والانشقاقات.

    أنا أعتقد أن معظم الانشقاقات التي حدثت تعود إلى أنه أصبحت تبرز تكتلات داخل الحركة الإسلامية ومراكز قوى وقيادات وشيء من هذا القبيل وتضعف الشورى فطبيعي أن تتحول الشورى إلى شعار وتتحول إلى شكل هذا ما يصيب كثيراً من التنظيمات.


    في المسيرة الطويلة للحركة الإسلامية قبل الحكم تعرضت للكثير من التحديات السياسية والاجتماعية هل كانت مدركة لحجم التحيات والعقبات وهل كان لديها رؤية واضحة للتعامل معها؟
    من الصعب في العمل السياسي أن يكون لديك مسودة لكل ما يأتي بالمستقبل هذا غير ممكن لا للحركة الإسلامية ولا غيرها لأن السياسة فيها تطورات ومفاجآت تقع عليك، فطبيعي أنك تستجيب لهذه الظروف.


    ولكن هذا لا يمنع أن تكون هناك موجهات استراتيجية وخطوط مبدئية توجه العمل السياسي فإذا تحدثنا عن هذا نعم الحركة الإسلامية في معظم الأحيان كان لها موجهات سياسية وخطوط استراتيجية تخفت وتعلو في بعض الأحيان وتتغير.


    لكن كان هناك خريطة خاصة بعد عام خمسة وسبعين الحركة الإسلامية أصبحت أكثر نضجاً ولها رؤى كثيرة.

    لكن المشكلة أي رؤية وهل هذه الرؤية هي فعلاً الرؤية السديدة وهي المطلوبة وبنيت على قراءة واقعية وحقيقية للواقع واستشراف للمستقبل هذا موضع سؤال.

    وقولنا أن هناك رؤية لا يعني أنها بالضرورة رؤية مكتملة وكافية وشافية.


    علاقة الحركة الإسلامية بالحركات الإسلامية الأخرى كيف تنظر إليها وما الذي يميز الحركة الإسلامية السودانية عن بقية الحركات؟
    الحركات الإسلامية الأخرى نشأت في ظروف مختلفة بعض الشيء وتعرضت لضغوط واضطهادات لم تتعرض لها الحركة الإسلامية في السودان.


    نحن صحيح تعرضنا لمضايقات ولكن عندما نقارن مضايقاتنا تحت نظام نميري بالمضايقات التي تعرض لها الأخوان المسلمين في ظل النظم الأخرى نحمد الله على هذا.


    هل هذا يرجع إلى خصوصية المجتمع السوداني؟
    أعتقد ذلك يرجع إلى خصوصية المجتمع السوداني والثقافة السودانية المتسامحة لذلك نحن نشأنا أحراراً إلى فترة طويلة ولم نصب بعقد نفسية ولا أحقاد عميقة بداخل المجتمع، وهذا الانفتاح كان المرجو أن يبلغ مداه.


    فالحركة السودانية حركة منفتحة تستطيع أن تنفتح على المجتمع السوداني بفئاته المختلفة ولا تحدث هذه التوترات الحادة التي حدثت أخيراً بعد التجربة.


    كثير من الناس يستغربون أن الحركة السودانية المنفتحة التي أنجبها مجتمع سوداني متسامح منفتح كيف تحولت إلى هذه الصورة القاهرة بعض الشيء في بعض الظروف.


    "يرى الدكتور جاسم سلطان الباحث والمفكر القطري أن مشكلة الحركات الإسلامية أنها اتخذت خطاباً أيدولوجيا استعلائياً وليس خطاباً يلتصق بالواقع.


    "هذا الخطاب تلخصه عناوين مثل الخلافة الإسلامية, عزة الاسلام, الدين والدولة وهذا الخطاب أدى لعزل الحركات عن واقعها ومحيطها الذي تعيش فيه، فالإنسان البسيط لا ينشغل بالخلافة الإسلامية بقدر ما يهمه توفير الخبز أو الدواء.


    فهل هذا عين ما يراه الدكتور التيجاني عبد القادر حامد المفكر والأكاديمي السوداني وهو يراجع معنا في مقاربات تجارب الحركات الإسلامية من حيث المنهج والفكر والتطور".


    كيف تنظر لمناهج التغيير في الحركات الإسلامية؟
    الحركات الإسلامية التي نتحدث عنها متعددة ومتنوعة من حيث الموقع الجغرافي والأوضاع الاجتماعية والخلفيات السياسية، لكن هناك قواسم مشتركة تجمع بين هذه الحركات.

    "
    الحركات الإسلامية تحاول في غالبها خلق قواعد اقتصادية أو اجتماعية تحسباً لفترة تنفسح فيها الحريات وتكون فيها منافسة انتخابية
    "
    وأحد هذه القواسم المشتركة أنها كلها تؤمن بما يسمونه شمولية الإسلام بمعنى أن الإسلام نظام شامل للحياة ويؤمنوا بأهمية الدولة الإسلامية.

    وكذلك أيضاً من القواسم المشتركة بين هذه الحركات أن معظم قياداتها من الطبقة الوسطى وتلقوا تعليمهم في المدارس والمؤسسات التعليمية الحديثة وإن كان أتباع هذه الحركات ليسوا بالضرورة كلهم من الطبقة الوسطى.

    وما يمكن أن يسمى قاسم مشترك بين هذه الحركات أنها كلها تعرضت في فترة من تاريخها لشيء من الاضطهاد والمعاداة الشديدة من النظم السياسية المحلية ومن القوى المحلية.


    هذه القواسم المشتركة بين الحركات أثرت على برامجها ورؤيتها.

    وأنا أعتقد أن هناك قواسم مشتركة بين برامج الحركات أيضاً ومن هذه القواسم أن معظم هذه الحركات تبدأ بالشعار والتعبئة الشعبية على أساس هذا الشعار كما تفضلت وذكرت.


    يرفعوا شعار الدستور الإسلامي أو الشريعة الإسلامية أو الخلافة وهذا شعار حبيب إلى نفوس الجماهير المسلمة وتبدأ تعبئة شعبية على هذا الأساس.


    ثانياً شيء آخر مشترك إذا وجدت بعض هذه الحركات متسع من الحرية تقوم بإنشاء بعض المؤسسات الإسلامية سواء في مجال المصارف الإسلامية أو المدارس أو المستشفيات أو الجمعيات الخيرية والطوعية.

    هذا هو المجال الذي يسمح به عادة في بعض الدول فهذه السمة ظاهرة.


    شيء ثالث أن الحركات تحاول خلق قواعد اقتصادية أو اجتماعية تحسباً لفترة تنفسح فيها الحريات وتكون فيها منافسة انتخابية.

    والشيء الرابع أن معظم أو كل هذه الحركات تعتبر الدولة آلة أساسية في إحداث التغيير الاجتماعي وكل هذه العمليات توجه نحو الاستيلاء على الدولة باعتبار أن ذلك سيمكنها من تنفيذ البرنامج الإسلامي.


    الدولة في تجارب الحركات الإسلامية بين تجربة الخلافة الراشدة وبين الدولة الحديثة الفارق وأثره على تجربة الحركات الإسلامية وعلى تفكير الإسلاميين؟
    بين الخلافة الراشدة والتاريخ الحديث حدثت تطورات سياسية وتاريخية هامة لكن فترة الخلافة الراشدة هي النموذج الذي جسد معظم القيم الإسلامية وبالتالي معظم الحركات الإسلامية تحاول أن تستهدي بفكرة الخلافة الراشدة، لكن إسقاط تجربة الخلافة الراشدة على الواقع المعاصر من الصعوبة بمكان.

    أ.د التيجاني: الحديث عن الدولة في فكر الحركات الإسلامية ومناهجها أصبح حديث مضخم جداً



    دائماً في الفكر السياسي الإسلامي تخلى الناس قليلا عن فكرة الخلافة نفسها لعوامل وظروف مختلفة, فالحديث ليس عن استعادة الخلافة في الوقت الراهن وإنما الحديث عن دولة من واقع التجزئة والانقسامات التي وقعت في العالم الإسلامي.


    فالحديث عن الدولة في فكر الحركات الإسلامية ومناهجها أصبح حديث مضخم جداً وهم يعتبرون أن الدولة هي مربط الفرس وبداية التغيير وهذا فيه شيء من الغرابة لأن في الفكر الشيعي مفهوم أنهم يضخمون فكرة الإمامة لأنهم يعتبرون الإمامة والإمام ركن من أركان الدين نفسه.


    لكن في الفكر السني الإمامة ما هي إلا مجرد باب من أبواب الفقه والدولة بالتالي هي وسيلة وأداة ليست بالضرورة هي الوسيلة الوحيدة.


    لديك حديث أن الدولة الآن دولة إدارة وليست دولة إمامة ويعتقد البعض أن حديثك به شيء من العلمانية؟
    أنا استهديت بالتراث السني ولو قلت إن الدولة غير ذلك لذهبت لموقف أن الدولة ركن من أركان الدين وأنا استبعدت أن تكون الدولة ركن من أركان الدين، الدولة إنما هي وسيلة من الوسائل واستهديت هذا من الفكر السني.


    الدولة هي وسيلة وإدارة وهي منظومة مؤسسات سياسية وعسكرية واقتصادية إلى آخره والذي يقوم على الدولة هو أجير على الأمة وهذا ترتيب مهم لأن الدولة في الإسلام تحت الأمة.


    فالترتيب هو الكتاب ثم الأمة ثم الدولة لا يجوز لنا أن نضع الدولة فوق الأمة وهذا يعني أن الذي يقوم على الدولة هو مستأجر أو هو نائب أو وكيل من قبل الأمة وهذا مهم لأنه يتيح لنا مجالاً لمفهوم تبادل السلطة ومفهوم المحاسبة ومفهوم الإقالة أما إذا قلنا بغير ذلك فستكون إشكالية.


    البعض يفهم أن الحديث عن دولة إدارة يفهم منه كأنه تخلى عن فكرة دولة الخلافة الراشدة أو الدولة بمضامين إسلامية وكأنما هو تخلى عن الشعار الأساسي في فقه الحركات الإسلامية؟
    نحن لا ينبغي أن نستخدم لفظ العلمانية كوسيلة للترهيب الفكري والتخويف. يجب أن نأخذ الأمور بصورة طبيعية فهناك حيز ومساحة في ترتيب شؤون الدنيا يشترك فيها العلماني والمسلم وأصحاب الديانات الأخرى.


    لأن الدولة قائمة بترتيب شؤون الدنيا طبعاً نحن عندما نقول دولة إسلامية فالذي يقوم على ترتيبها يستهدي بالمبادئ والقيم الإسلامية لكن هذا لا يعني أن هناك شيء خاص في إدارة هذه الدولة أو هو يمتاز بخصائص معينة.


    الإدارة هي الإدارة يديرها بنفس الطريقة التي يديرها بها العلمانيون والناس الآخرون هي ترتيب شؤون الدنيا ومعاش العباد والعدل بينهم وهذه أمور إدارية لا إشكال فيها.


    الحركات الإسلامية بصورة عامة كيف تعاطت مع قضايا المجتمع مثل قضية القبلية والجهوية والعنصرية؟
    الحركات الإسلامية تبدأ بمسألة التنظيم وطبعاً أول ما تبدأ تريد أن تبني تنظيم خاص لعضوية خاصة فهذا يشغلك عن الجمهور العريض لأن الحركات مبنية على رؤية هي أن الجمهور العريض كله لا يصلح.


    إنما تختار عناصر من الجمهور العريض ثم تسلكها في تنظيم معين ثم تعرضها لعمليات تنشئة أو تربية لتكون هي العناصر المنتقاة الصالحة التي تقوم بعملية التغيير الاجتماعي فيما بعد.


    هل هي فكرة سليمة؟
    هذه الفكرة ليست سليمة بصورة مطلقة إنما هي وسيلة من الوسائل لكن الانقطاع فيها سوف يؤدي للانقطاع عن العمق الجماهيري لأنه قد ينشغل الناس بالتنظيم فترة طويلة وبمشاكله فينقطعوا به عن العودة إلى الجماهير.


    فتصبح الحركات الإسلامية منشغلة بنفسها وهياكلها الداخلية وعضويتها وقد يتطور الأمر إلى أن تصبح هي نفسها قبيلة جديدة.


    وهذه واحدة من المشاكل التي تواجه الكثير من الحركات أنها تتحول إلى حركة نخبوية وصفوية ومشغولة بهياكلها الداخلية وبكياناتها أكثر من انشغالها بالقضايا الأساسية التي تشغل الجماهير.


    تعاني المجتمعات العربية والإسلامية من ثالوث الجهل والفقر والمرض وعندما تطرح الحركات الإسلامية نفسها كحركات للتغير ينبغي أن تهتم بهذا الثالوث هل هناك في فقه الحركات الإسلامية وأدبياتها ما يعالج مثل هذه القضايا بشكل واضح ومنهجي وعملي؟.
    أنا أشرت إلى أن بعض الحركات الإسلامية لها اهتمامات اجتماعية تحاول أن تنزل أفكارها إلى برامج اجتماعية وتنشئ بعض المؤسسات ذات الطبيعة الاجتماعية التي توجه إلى خدمة الجماهير فيما يتعلق بمسائل التعليم والفقر.

    "
    بعض الحركات الإسلامية لها برامج اجتماعية ولكن هذا التوجه وهذه الخدمات ليست خدمات اجتماعية بريئة من الكسب السياسي
    "
    ولكن هذا التوجه وهذه الخدمات ليست خدمات اجتماعية بريئة من الكسب السياسي وهذا ما يقدح في هذا العمل.


    أول ما تضع برنامج اجتماعي له غايات سياسية قريبة تبدأ عملية العزل والفرز وتنصرف من مواجهة المشاكل الحقيقية إلى التفكير في الكسب السياسي.

    فالبرنامج لا يكون الغرض منه مكافحة المرض أو إحداث التنمية المحلية بصورة مباشرة إنما الغرض منه هو كسب قاعدة جماهيرية لمرحلة من المراحل كالانتخابات ومثلها.


    لم تنجو من هذه التجربة في تقديري إلا حركات مثل حركة حزب الله في لبنان وإذا عملت مقارنة تجد هناك تميز بين برامج الحركة الإسلامية الاجتماعية والبرامج الاجتماعية التي يؤديها حزب الله.

    الذي يقول إن برامجه الاجتماعية بيضاء أي بمعنى أنها ليست بغرض التوظيف أو الكسب السياسي وإنما هي برامج بغرض إحداث تنمية محلية حقيقية للذي معهم في الجماعة ولمن هو ليس معهم في الجماعة.

    وطبعاً لأسباب خاصة حزب الله اختار أن ينفتح بهذه الصورة وافتكر أن هذا نجاح يذكر له لأنه طبعاً المواجهة الحقيقية للتنمية ولقضايا الفقر والجهل بصورة حقيقية وصادقة هو الذي يكسبك الجماهير على المدى البعيد وليس توظيف هذه المؤسسات لهدف سياسي قريب.

    وهذا فرق بينهم وبين الحركات الإسلامية سواء عندنا في السودان أو حركة حماس في فلسطين أو حركات أخرى في باكستان تلاحظ أن عندها مؤسسات وخدمات لكن الهدف منها هدف قريب هو الكسب السياسي أكثر من مواجهة القضايا الأساسية.

    لذلك ظلت القضايا الأساسية موجودة ومؤجلة رغم أن الحركات الإسلامية لها عقود من الزمان وإذا سألت أصحاب الحركات الإسلامية يقولوا إن هذه قضايا دولة ليست قضايا حركة ونحن مضطهدين ومطاردين وهذا ما نستطيعه.


    وهذا صحيح جزئياً لكن الصحيح أيضاً أن الحركات الإسلامية تؤجل النظر في هذه القضايا إلى مرحلة الدولة أو مرحلة ما بعد الدولة التي قد لا يصلوا إليه أو إذا وصلوا إليها ليس بالضرورة أن تكون دولة متجهة لهذه القضايا لأن الدولة أحياناً تستولد قضايا أخرى.


    في بعض الأحيان قد يكون السبب لعدم الاهتمام بهذا الثالوث قد يرجع إلى تكوين الحركات الإسلامية نفسها لأنها حركات صفوية ولذلك لم تكن في الغالب من غالبية الشعوب ولذلك القائمين على أمرها كانوا صفويين اتجهوا لمعالجة قضايا لا تهم المجتمعات الشعبية؟
    إذا نظرت للحركات الاجتماعية في التاريخ الإنساني عموماً وحركات الإصلاح الذين قاموا بها كانوا صفويين معظمهم كانوا من الطبقة الوسطى أو الطبقة فوق الوسطى.


    ليس بالضرورة أن يكون الإنسان من الطبقة المسحوقة حتى يشعر بآلامها ليس هناك من بأس أن تكون قيادات الحركات الإسلامية من هذه الطبقات لكن تحس بهذه المسائل وتحاول حلها، المشكلة ليست فقط التكوين الاجتماعي لكن يمكن التكوين العلمي والتكوين السياسي.

    التكوين العلمي صحيح فيه هذه الناحية الصفوية وفيه تعلق بالمثال الذي ذكرناه خاصة الذين اتخرجوا في الدراسات الشرعية تعلقهم بالمثال وأشواقهم له أكثر من تعلقهم بالواقع ومعرفتهم بالمثل والأفكار أكثر من معرفتهم بالواقع.


    ثانياً التكوين السياسي نفسه التكوين التنظيمي يؤطر الإنسان كثيراً ويشغله كثيراً بحيث لا يكون لديه متسع للتجاوب مع بعض القضايا الأخرى المحلية وحتى القضايا الإنسانية.


    نزعة التسيس الزائدة في تجربة الحركات الإسلامية هل سببها المباشر هو احتكاكها مع تيارات أخرى دخلت معها في صراع أم أن هناك أسباب أخرى؟
    جزء منها متصل بالرؤية العامة للحركات الإسلامية بمعنى أنهم يعتبرون أن الفريضة الناقصة أو الفريضة الغائبة في المنظومة كلها هي الجانب السياسي منذ سقوط الخلافة وسقوط الدولة الإسلامية والثغرة التي تحتاج إلى معالجة هي الثغرة السياسية لذلك وجهوا طاقات واهتمامات شديدة للجانب السياسي.

    السبب الآخر هو أيضاً الضغوط السياسية والأمنية الهائلة التي تعيش فيها معظم الحركات الإسلامية فما تركت لهم خياراً غير الاشتغال بالسياسة فإذا أنت كنت محاصر أو معتقل من نظام سياسي قابض وقاهر فماذا تستطيع أن تفعل غير أنك تحول كل طاقتك الذهنية والنفسية لمقاومة هذا النظام.


    بالتالي طغى الجانب السياسي وهذا ليس بالأمر الحميد هناك حركات سياسية أخرى كثيرة في العالم غير الإسلامي وتعرضت لضغوط سياسية وتعرضت لكذا لكن ذلك لم يمنعها من تكوين برنامج ذي قاعدة اجتماعية وذو أبعاد ثقافية فكرية هامة فهذه نقطة تحتاج فعلاً إلى تفسير.


    نقطة أخيرة فيما يتعلق بقضايا الاجتماعية هناك ضعف بائن في تجارب الحركات الإسلامية في الاهتمام بالفقراء؟
    ليس كلها، هناك بعض الحركات الإسلامية في فترة سابقة لديها إحساس بهذه المسألة وحاولت تقوم ببعض المعالجات.

    وإذا نظرنا الآن إلى بعض الحركات التي استطاعت أن تحقق بعض النجاحات مثل الحركات الإسلامية في تركيا ظاهر أن هذه الحركات لديها إحساس بالمسألة الاجتماعية ومسألة الفقر والتنمية بصورة كبيرة.


    وإذا نظرنا حتى للحركة الإسلامية في مصر لديها هذا وصحيح أنه ليس بنفس النسبة التي توليها للجوانب السياسية والجوانب الأخرى مسألة الفقر عموماً صحيح أنها لم تجد الاهتمام الذي تستحقه في برامج الحركات الإسلامية في تقديري.


    الحركات الإسلامية أنتجت مشروعات للتجديد في مقابل تحديات الواقع فهل كانت هذه المشروعات علي قدر التحديات وهل أجابت على أسئلة الواقع مع التباين في مشروعات الحركة الإسلامية على مستوى العالم العربي والإسلامي؟
    هذا سؤال جيد ولكنه صعب بعض الشيء لأنه لا نستطيع الحكم على تجارب كل الحركات الإسلامية بصيغة واحدة ونقول على العموم نعم استطاعت الكثير من الحركات الإسلامية أن تنتج برامج تستجيب فيها لبعض تحديات الواقع.


    "
    واحدة من أهم التحديات التي تواجه هذه الحركات أن هناك فجوة كبيرة بين المجتمع والقوى الاجتماعية المسلمة وبين الدولة الحديثة
    " وطبعاً لمعرفة هذه البرامج وجدواها نحتاج لنظرة للتحديات نفسها التي تجابه هذه الحركات الإسلامية.


    وفي تقديري أن واحدة من أهم التحديات التي تواجه هذه الحركات أن هناك فجوة كبيرة بين المجتمع والقوى الاجتماعية المسلمة وبين الدولة الحديثة.


    وكان واحد من التحديات كيف يمكن إخراج هذه الجماهير المسلمة المهمشة لفترات طويلة، من هوامش الحياة وإدراجها في الحياة العامة حتى تشارك بصورة حقيقية في صناعة واقعية.


    لأن قولنا أن هناك حركة إسلامية أو قيادة لا ينبغي بأي حال أن يلغي دور الجماهير.


    وواحد من التحديات كيف نستطيع أن نخرج هذه الجماهير ونبني لها قدرات حتى تشارك مشاركة حقيقية في صناعة مستقبلها وفي تحقيق أهدافها.


    والتحدي الآخر هو كيفية الوصول للسلطة أو الوصول للدولة وكيفية بلورة رؤية ونظرية للدولة نفسها ككيان.


    طبعاً أنت لا يكفي أن تقول إنك تريد أن تستولي على الدولة ولكن يجب أن تجيب على أسئلة أخرى ما هي طبيعة الدولة ورؤيتك للدولة على افتراض أنك تمكنت من الاستيلاء على هذه الدولة.


    ثانياً ماذا عسى أن تفعل هذه الدولة كمشروعات ما هو الدور المناط بهذه الدولة حتى تستطيع أن تكتمل المشروعات التي تتحدث عنها وفي تقديري هذا واحد من نقاط ضعف الحركات الإسلامية.


    لم تكن مهيأة لتصورات كاملة عن مشروع الدولة في برامجها؟
    صحيح لم تكن لديها نظرية متكاملة عن طبيعة الدولة وعن الوظيفة التي يمكن أن تؤديها والمشكلات التي يمكن أن تفرزها.

    مقاربات: هل الحركات الإسلامية كانت مهيأة لمشروع الدولة؟



    طبعاً هناك نظريات في تاريخ الفكر السياسي الحديث كثيرة عن الدولة وهناك نظريات غالبة في الفكر الغربي.


    أنا أخشى أن أقول أن كثير من الحركات الإسلامية استندت على هذه الأفكار والنظريات الجاهزة في الدولة ثم اعتمدتها في برامجها الإسلامية.


    لم تكن هناك اجتهادات خاصة للحركات الإسلامية في مقولة الدولة رغم بعض الاجتهادات هل هذا يعني أنه لم يكن لديها اجتهادات في نظرية الدولة؟
    الاجتهادات في نظرية الدولة في تاريخنا الإسلامي توقفت منذ زمن طويل، لدينا نظريتين، نظرية الإمامة في التراث الشيعي، ونظرية الوكالة في التراث السني ونظرية الخلافة.


    نظرية الإمامة الحركات التي تعمل في الإطار السني لا تهتدي بها نظرية الخلافة وأصبحت نظرية تاريخية وأثبتت قصوراً وفشلاً في كثير من الجوانب فلا يمكن أن يستهدى بها كثيراً، نظرية الوكالة هي نفس النظرية الليبرالية الغربية السائدة في العالم الغربي.


    هناك نظرية أخرى مهمة جداً تسربت إلى فكر الحركات الإسلامية بطريقة لا شعورية في تقديري وهي النظرية الماركسية في الدولة وهذه نظرية على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة.


    ومفادها أن ماركس لاحظ إلى مركزية الدولة في النظام الرأسمالي الغربي وأعتقد أنه لا يمكن إحداث تغيير اجتماعي حقيقي إلا بانتزاع هذه الدولة من القوى البرجوازية وتسليمها إلى القوى العاملة التي تقوم من بعد بتشكيل مستقبلها بصورة جديدة ثم تتلاشى الدولة.


    وهذه النظرية عليها ملاحظات كثيرة حتى في التجربة الماركسية نفسها ولكنها بصورة ما تسربت إلى داخل فكر الحركات الإسلامية.


    في كل فكر الحركات الإسلامية أم حركات بعينها؟
    أعتقد أن الحركة الإسلامية في مصر والحركة الإسلامية في السودان وحركات أخرى فكرة مركزية الدولة هذه لها مكان في تفكيرهم وبالتالي ضرورة الاستحواذ على الدولة وهذا أمر في درجة عالية من الأهمية والخطورة.


    لأنك أول ما تفكر أن شروط التغيير مربوطة بالاستيلاء على جهاز الدولة بالتالي كل العمليات الأخرى والمشاريع سوف تكون لاحقة إلى هذه الفكرة المحورية.


    طبعاً أنا لا اعترض على الدولة من حيث هي والاستيلاء على الدولة لكن السؤال ماذا يحدث بعد الاستيلاء على الدولة.


    حتى ولو لم يكن الاستيلاء بالطرق المشروعة؟ هل هناك في تجارب الحركات الإسلامية طريق مشروع للوصول إلى الدولة؟
    طبعاً الطريق الذي يتحدث عنه دائماً يمر من خلال الجماهير لابد أن يكون هناك تفويض ورضا شعبي ويكون هناك مشروعية شعبية من خلالها يتم الاستيلاء على الدولة.


    ثانياً بعد الاستيلاء على الدولة النظرية تفترض أن تعود السلطة إلى الجماهير نفسها ويكون الهدف من الدولة هو تقوية القدرات الجماهيرية وهذا يستقيم مع الفكر الإسلامي.


    لأن النظرية الإسلامية ترى أن المجتمع أهم من الدولة وتقوية المجتمع أهم من تقوية مؤسسات الدولة وينبغي إذا وصلنا إلى الدولة تستخدم الدولة لتقوية قدرات المجتمع المختلفة حتى يستطيع أن يقوم بكل أعبائه في النهضة الحضارية.


    تضخم مقولة الدولة في فكر الإسلاميين هل هو طبيعي أم هي حالة مرضية كما يقول البعض؟
    لا نقول هي حالة مرضية لكن في بعض الأحيان حالة اضطرارية لأن العمل السياسي والعمل الاجتماعي يقود بعضه إلى بعض.


    فأنت إذا دخلت في طريق محاولة الاستيلاء على الدولة وتعظيم المؤسسات فإن الدولة لها منطقها الداخلي ومقتضياتها السياسية.


    فالدولة نفسها تجبرك على أن تفكر بطريقة الدولة وبطريقة المؤسسات.


    فأنا أعتقد أن الدولة كما أن الإنسان أو السياسي يحاول أن يشكل الدولة، أيضاً تجد في كثير من الذين دخلوا في هذه التجربة شكلتهم الدولة بدلاً أن يقوموا بتشكيلها وعدلت رؤاهم بدل أن يقوموا في إعادة هيكلة الدولة.


    وهذا هو مأزق كثير من الحركات الإسلامية التي وصلت إلى مرحلة الدولة وهو المأزق الذي ينتظر التي لم تصل لمرحلة الدولة.


    قيم مثل قيم الحريات وحقوق الإنسان وتداول السلطة في تجارب الحركات التي لم تصل وفي تجارب الحركات التي أتيح لها أن تطبق مشروعها على أرض الواقع هل ترى هذه القيم بارزة في تجارب الإسلاميين؟
    طبعاً قيمة تبادل السلطة وقيمة الحرية جربت في مرحلة ما قبل الدولة والنتائج لم تكن باهرة بأي حال من الأحوال لأن التنظيمات الإسلامية في داخلها تعثرت فيها فكرة تبادل السلطة.


    وطبعاً أمير الجماعة أصبح مثل الخليفة العباسي لا يتخلى ولا يتحول من قيادة الحركة إلا بالموت الطبيعي أو الانقلابات والمؤامرات الداخلية وهذه تجربة غير مشجعة.


    فإذا أنت لم تستطع أن تبسط الحرية والشورى وتبادل السلطة في داخل التنظيم الإسلامي فكيف يتسنى لك أن تفعل ذلك حين تتولى الدولة الكبرى وهذه واحدة من التحديات الحقيقية.


    فالحركات الإسلامية مطالبة أن تثبت أن القيم الإسلامية قيمة العدل وقيمة الحرية والشفافية وتبادل السلطة هذه القيم الراقية مطالبة هذه الحركات أن تخرج لنا نماذج عملية واقعية في داخل التنظيمات الإسلامية نفسها ثم من بعد ذلك تتوطد ثقة الجماهير بها.


    من أين تسرب هذا.. الاستمرار في فترة طويلة في قيادة تنظيمات إسلامية، محددة من أين تسرب إلي فكر الحركات الإسلامية هل من التيارات التقليدية التي تحتك بها هذه الحركات في دول معينة أم من أين؟
    هناك خيط من التراث الإسلامي السابق في فكرة لا نقيل ولا نستقيل في أن الإنسان الذي ينال الثقة يستمر إلى أن يجد سبب يسحب منه الثقة.


    وهناك خيط آخر من التراث الإسلامي أيضاً هو المحافظة والخوف من الفتن والنزاع فلا تنازع أهل الأمر في هذه الأمور.


    وهناك خيط آخر من المجتمعات الإسلامية أنها في عمومها مجتمعات محافظة. وهناك جزء آخر عملي أن القيادة في ظروف ما قبل الدولة لها تكلفة ولها ثمن ولها تضحيات.


    فالناس لا يتحمسون لها كثيراً فمن تصدى لها يترك لأن ليس لديها نواتج سعيدة بالتالي ليس هناك حماس شديد للتصدي والمنافسة للقيادة فترة ما قبل الدولة.


    يمكن فترة ما بعد الدولة أمر مختلف لذلك يترك من يصير أميراً أو مسؤولاً للجماعة إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.


    وهذه الأسباب في تقديرنا التي أدت لعدم وجود تبادل للسلطة لأنه ليس هناك سلطة بصورة حقيقية يتنافس فيها الناس ولا شيء مغري بل بالعكس هناك تضحيات ومشاكل شديدة مما جعل الجماعة تركن إلى من يتحمل هذه الأعباء وهذه المسؤولية ولا ينافسوه.


    بعض الحركات الإسلامية حاولت أن تصل إلى الحكم عن طريق الممارسات الواقعية التي يحكمها ظرف اليوم مثل تجربة الإسلاميين في الجزائر وفي فلسطين حاولت أن تصل للحكم عن طريق صناديق الاقتراع لكن تم وأد التجربتين، الحديث الآن عن مرونة في فكر الحركات الإسلامية في التعامل مع مفاهيم الديمقراطية وغيرها هل السبب ما تم لوأد في تجربتي حماس والجبهة الإسلامية في الجزائر أم أن هناك أسباب دفعت الحركات الإسلامية إلي أن يكون خطابها مرناً بعد الشيء؟
    طبعاً الجزائر لها خصوصية لأن الجزائر هي الحديقة الخلفية لقوى أوروبية لا تريد للجزائر أي انعتاق بعيد عنها وكذلك فلسطين هي منطقة لصراع دولي معقد جداً.

    "
    الوصول للسلطة عن طريق القهر والإكراه سيبرز سلسلة أخرى من سلسلات القهر والهيمنة والإكراه
    "
    فبالتالي أي محاولة وجود حركة إسلامية أو حركة ديمقراطية حرة تكون مرتبطة بمصالح دولية وتعقيدات خارجية كثيرة بالتالي تحبط هذا عامل خارجي.


    وهناك عامل آخر داخلي أنك عندما تتحدث عن الدولة لابد أن تتحدث عن القوى الاجتماعية المستفيدة من هذه الدولة.


    في تقديري كثير من الحركات الإسلامية تنظر للدولة كأنها جهاز سلطوي قانوني فقط، وتنسى القوى الاجتماعية ذات المصالح القوية في قيام هذه الدولة وسقوطها.

    فإذا أنت تريد أن تستولي على هذه الدولة لابد أن تحدث تفاهمات ما مع القوى الاجتماعية الحقيقية التي تسيطر على الاقتصاد وعلى التجارة وعلى عوامل الإنتاج، فالدولة فقط بنية فوقية.


    لهذا فإذا كان هناك مرونة فهي ليست فقط على المستوى السياسي أو القانوني أو الشعار وإنما المرونة في التصالح والتحالفات والتراضي الذي يتم بين الحركات الإسلامية وبين القوى الاجتماعية الحقيقية المتنفذة.


    فإذا استطاعت حركة حماس أن تحدث مثل هذا أو استطاعت حركة في الجزائر أن تحدث مثل هذا التصالح تستطيع أن تصل إلى الدولة.


    والتخوف ليس فقط من القوى الخارجية لكن التخوف أيضاً من رأس المال القوى الرأسمالية البرجوازية الداخلية.


    فإذا وجدت حركة إسلامية متزنة تستطيع أن تتحالف وتطمئن أصحاب المصالح بأنها حينما تصل إلى الدولة لن تضر بمصالحهم فسوف يمهد لها الطرق إلى الحكم.


    لكن السؤال هل سوف تظل حركة إسلامية أم تتحول هي نفسها إلى عنصر من عناصر القوى الرأسمالية هذا تحدٍ كبير.


    هل يفرق كثيراً أن تصل الحركة إلى السلطة عن طريق صناديق الاقتراع أو عن طريق انقلاب عسكري؟
    نعم أعتقد يفرق لأن الوصول للسلطة عن طريق القهر والإكراه سيبرز سلسلة أخرى من سلسلات القهر والهيمنة والإكراه.


    حتى لو طرحت الحركة لاحقاً مشروعها الإسلامي؟
    لن تستطيع أن تبرز مشروعها الإسلامي لأنها ستدخل نفسها في شبكة من المسائل الأمنية ومسائل التأمين وتحاول تسد فجوة عدم الثقة بينها وبين الذين لم يفوضوها وهذه تستهلك طاقات كثيرة.


    زيادة على هذا أنا أعتقد أن الذي يستولي على السلطة بالقوة والقهر هو نفسه سايكلوجيا يتغير يصعب عليه أن يعود إلى مرحلة التراضي.


    لكن إذا حدث ذلك وهي حالات قليلة فيكون هذا هو الأوفق لأننا لو استطعنا أن نجد مسوق لأي عمل إنقلابي في داخل الفكر الإسلامي فالمسوق هو النتائج التي تترتب عليه.


    فإذا الإنسان استولى وأخذ الدولة بالغلبة وفعل بها إحساناً وعاد بها إلى أصحاب الشورى الحقيقيين فهذا قد يكفر عن ذلك.


    لكن الذي نراه واقعاً أن الذي يستولى على الدولة عنوة وقهراً لن يعود بها بسهولة إلا أن تؤخذ منه عنوة ويدخلنا في سلسلة استخدام القوة والقهر داخل النظام السياسي بالتالي تحدث تمزقات كثيرة داخل المجتمع بسبب هذا.


    هناك الآن تجربة للحكم الإسلامي في إيران مسنودة بالفكر الشيعي وهناك تجربة إسلامية في تركيا البعض يعتقد أنها مسنودة إلى حد على علمانية لها علاقة بالغرب هناك تجربة في السودان للحركة الإسلامية في الحكم أقرب إلى الإسلام السني هل تنظر إلى هذه الحركات إلى أنها تستفيد من تجارب بعض، هل بينهما خيط مشترك؟
    أنا لست متأكداً ما إذا كان هناك فعلاً شيء من تنسيق أو تناغم بين هذه الحركات لكن الذي أراه أن كل هذه الحركات تسير على طريق التجربة والخطأ إلى حد كبير بما فيها الحركة في إيران.


    رغم أن الإيرانيين في مجال التنظير وفي مجال الفلسفة أبعد باعاً لكن السياسة لا تستطيع أن تضبطها على ضوابط نظرية ففيها مجال كبير للتجربة والخطأ.


    فأنا لا أرى أن هناك تنسيق كامل ولست متأكد ما إذا كانت هناك استفادة مشتركة بين هذه الحركات ويا ليت ذلك يتم.


    هل ذلك ممكن ومتاح على رغم الاختلاف الفكري في هذه الحركات؟
    يمكن أن يحدث ذلك لأن السياسة في عالمنا الحاضر لا تقوم على الانفراد ولا تقوم على الإقليمية الضيقة أو القطرية ولكن العالم كله يتسع ويسعى لإيجاد تحالفات وإيجاد نقاط مشتركة وتبادل منافع إلى آخره.

    أ.د التيجاني: السياسة الإقليمية والدولية لا تسمح بالتنسيق بين الحركات الإسلامية الحاكمة



    فالدول التي أشرت إليها يمكن أن تمتد بينها اتصالات وتقوم بينها أنواع من الاشتراك والتعاون إذا توفرت.


    لكن لا تنسى أن السياسة الإقليمية والسياسة الدولية لا تسمح في كل الأحيان أن يتم تنسيق حقيقي ووثيق بين الحركات الإسلامية سواء كان في إيران والسودان أو في السودان وتركيا.


    ما يسمى الآن بالربيع العربي هناك حديث أن الحركات الإسلامية كان لديها دور في حركة الجماهير في الوصول إلى هذه النتائج الآن هل هذا تم بوعي من هذه الحركات أم أنها اختطفت ظرفاً تاريخياً معيناً وقفزت على المشهد السياسي؟
    لا أعتقد أن الحركات قفزت، لكن السبب الذي أوجد لها دور أنها كانت حركات مقهورة في داخل هذه النظم مثل ليبيا ومصر، تجد أن الحركات الإسلامية كانت في المعارضة وكانت في السجون وكانت على هامش الحياة.


    والنظام الذي أطيح به كانت جل قوته مركزة على ضرب وتصفية هذه الحركات، ويركز ليلاً ونهاراً على أن هذه الحركات هي البعبع الذي ينبغي أن يزاح إلى آخره.


    فالحركات استفادت جماهيرياً من هذا الزخم لا نستطيع أن نقول إنها صنعت الثورات بصورة كاملة لكن نستطيع أن نقول إنها شاركت في كثير من الأحيان مشاركة فعالة في إنجاح هذه الثورات.


    هل سيترتب على ذلك دور لهذه الحركات في مستقبل الأيام؟ كيف تنظر إلى أدوارها الآن بعد اكتمال المشهد بوصول الحركات الإسلامية في بعضها إلى البرلمان في بعضها يرشح الآن نفسه للرئاسة؟
    بالتأكيد هذه تدخل في إطار مأزق ما بعد الدولة وهو يمكن تلخيصه في ثلاث أو أربع نقاط أساسية.

    "
    الحركة الإسلامية إذا وصلت للدولة فإنهم مطالبين بالبرنامج التنموي الذي يستوعب البطالة ويحرك المصانع والمزارع ومن أين تحصل على التمويل اللازم
    "
    النقطة الأولى أن هذه الحركات إذا توصلت إلى مرحلة الدولة أو شاركت مشاركة فعالة فماذا يفعل أو ماذا يحدث في مجال النظام السابق كيف تتعامل مع ما يسمى بالفلول، ففي بعض الدول النظام السابق ليس مجرد شخصيات أو أفراد إنما هو نظام قائم كان مستمر لفترة طويلة.


    وكيف تتعامل مع النظام الدبلوماسي والعسكري، كيفية تفكيك النظام البائد وإقامة نظام جديد، هذا تحدٍ لبناء دولة بصورة جديدة وقيم جديدة هذه مسألة في غاية الصعوبة الجماهير ستحكم عليك بنجاح وفشلك في هذا.


    النقطة الثانية التنمية الاقتصادية ومسألة الفقر ما هو البرنامج العملي هذه الجماهير التي خرجت وثارت هي جماهير مطحونة بالفقر والتهميش والجهل هم يريدوا أن يكون هناك برنامج واضح يغير هذه الحالة، برنامج تنموي.


    وإذا وصلت الحركة الإسلامية فإنهم مطالبين بالبرنامج التنموي الذي يستوعب البطالة ويحرك المصانع والمزارع ومن أين تحصل على التمويل اللازم.


    النقطة الثالثة والخطيرة في تقديري هي العلاقات الدولية وخاصة فيما يتعلق بالقوى الغربية المهيمنة والتحالف الغربي الإسرائيلي.


    طبعاً طالما هي حركات إسلامية فستطرح مباشرة مسألة فلسطين ومسألة إسرائيل فكيف تتعامل مع هذه القضية.


    وهذا تحالف عسكري أمني تقني قوي جداً فهل تستجيب عن طريق التعبئة والجهاد أم تستجيب عن طريق الهدنة والتطبيع أم أن هناك طريقاً ثالثاً تستطيع أن تسلكه الحركات الإسلامية لمواجهة هذه القوى، فهذه تحديات في غاية الصعوبة.


    بالإضافة إلى تحديات بناء الدولة الحديثة نفسها وكيف تكون علاقاتها مع المجتمع وماذا تفعل مع القوى الرأسمالية الموجودة هل تتحول لنظام رأسمالي وتعتمد تخصيص المؤسسات وتخصيص الدولة نفسها أم تصبح دولة قطاع عام تقوي ذراع الدولة.


    طبعاً إذا ذهبنا في اتجاه النظام الرأسمالي فما هو الداعي للثورة أصلاً وأين يوجد الشعار الإسلامي وإذا قلنا بالرجوع إلى مسألة الحكومة المركزية القوية وتدعيم القطاع العام وبناء التعليم فمن أين تحصل على التمويل اللازم لهذه العمليات هذه معضلات كثيرة.


    الغرب يتهم الحركات الإسلامية أنها في بعض الأحيان كانت محضن لتفريخ الإرهاب والعنف كيف تتعامل هذه الحركات مع هذه النظرة الغربية؟
    أنا لا أعتقد أن التعامل مع هذه الاتهامات يكون بالإنكار والرفض فالآخر سيظل يتهمنا بالإرهاب وسيظل يتهم الحركات الإسلامية بالأصولية إلى آخره.


    لكن الرد الحقيقي أن نطور نقداً داخلياً ذاتياً بصورة صحية ونعترف أنه فعلاً في داخل المجتمعات الإسلامية وفي داخل الفكر الإسلامي هناك خمائر تولد هذا النوع من التفكير المتطرف وهذا النوع من النزعة الاقصائية موجود في داخل تراثنا.


    فلابد أن نطور قدرات نقدية تستطيع أن تقضي فعلاً على سمات التطرف والغلو في داخل المجتمعات نفسها لأن التطرف ليس خطراً على الغرب فحسب إنما هو خطر على المسلمين والمجتمعات الإسلامية.


    وأنا ألاحظ أن الحركات الإسلامية حين يأتي الكلام عن التطرف والإرهاب تغض الطرف وهذا لا يفيد.


    فينبغي أن يكون للحركات الإسلامية خط واضح فهناك أشياء ينبغي أن لا نقر بها تماماً سواء كانت ارتكبت جرائم ضد الغرب أم لم ترتكب.


    فنحن لا نقبل التطرف والتفسير الشكلي والحرفي للدين والتحدث باسم الاسلام بهذه الصورة.






    شبكة الشروق
                  

العنوان الكاتب Date
فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-20-12, 11:33 AM
  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-20-12, 11:37 AM
    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-20-12, 11:41 AM
      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-20-12, 11:46 AM
        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 Deng07-20-12, 05:31 PM
          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-20-12, 09:16 PM
            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-20-12, 11:17 PM
              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-21-12, 10:44 AM
                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-22-12, 06:16 AM
                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-25-12, 06:38 AM
                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-25-12, 05:53 PM
                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-26-12, 10:16 AM
                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-26-12, 05:16 PM
                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-26-12, 05:42 PM
                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-28-12, 03:10 PM
                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-29-12, 09:47 AM
                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-29-12, 05:44 PM
                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-29-12, 05:44 PM
                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك07-31-12, 08:31 AM
                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-02-12, 10:30 AM
                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-03-12, 10:23 PM
                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-05-12, 10:54 AM
                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-06-12, 05:31 PM
                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-07-12, 07:25 AM
                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-08-12, 07:13 AM
                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-08-12, 05:34 PM
                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-08-12, 10:21 PM
                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-09-12, 09:16 AM
                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-09-12, 05:50 PM
                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-09-12, 05:55 PM
                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-13-12, 05:21 PM
                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-13-12, 06:52 PM
                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-13-12, 06:52 PM
                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-15-12, 07:16 AM
                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-15-12, 06:40 PM
                                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-15-12, 10:33 PM
                                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-16-12, 05:27 PM
                                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-16-12, 10:03 PM
                                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-16-12, 11:05 PM
                                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-17-12, 07:59 PM
                                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-17-12, 09:33 PM
                                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-22-12, 04:44 PM
                                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-23-12, 11:08 AM
                                                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-26-12, 06:53 AM
                                                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-26-12, 07:04 AM
                                                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-27-12, 04:57 AM
                                                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك08-30-12, 05:26 AM
                                                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-02-12, 08:41 AM
                                                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-03-12, 10:18 AM
                                                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-05-12, 05:48 AM
                                                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-06-12, 08:54 AM
                                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-09-12, 04:56 AM
                                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-09-12, 06:27 AM
                                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-09-12, 06:44 AM
                                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-09-12, 10:12 AM
                                                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-10-12, 06:57 AM
                                                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-11-12, 05:16 AM
                                                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-12-12, 11:23 AM
                                                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-16-12, 06:32 AM
                                                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-16-12, 10:28 AM
                                                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-17-12, 05:06 AM
                                                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-18-12, 06:31 AM
                                                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-23-12, 08:05 AM
                                                                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-24-12, 05:59 AM
                                                                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-25-12, 10:20 AM
                                                                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-27-12, 05:29 AM
                                                                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك09-27-12, 10:28 AM
                                                                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-01-12, 05:51 AM
                                                                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-01-12, 09:35 AM
                                                                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-02-12, 08:56 AM
                                                                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-02-12, 10:42 AM
                                                                                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-03-12, 06:13 AM
                                                                                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-04-12, 06:57 AM
                                                                                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-07-12, 05:47 AM
                                                                                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-08-12, 06:11 AM
                                                                                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-10-12, 06:46 AM
                                                                                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-10-12, 08:26 AM
                                                                                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-14-12, 09:01 AM
                                                                                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-14-12, 10:33 AM
                                                                                                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-17-12, 05:41 AM
                                                                                                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-18-12, 10:27 AM
                                                                                                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-21-12, 06:56 AM
                                                                                                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-23-12, 06:43 AM
                                                                                                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك10-24-12, 06:04 AM
                                                                                                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-10-12, 08:37 PM
                                                                                                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-19-12, 09:30 AM
                                                                                                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-20-12, 06:10 AM
                                                                                                                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-20-12, 09:13 AM
                                                                                                                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-21-12, 05:36 AM
                                                                                                                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-25-12, 05:45 AM
                                                                                                                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-25-12, 06:32 AM
                                                                                                                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-25-12, 08:02 AM
                                                                                                                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-26-12, 09:00 AM
                                                                                                                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-26-12, 11:24 AM
                                                                                                                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-27-12, 06:23 AM
                                                                                                                                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-27-12, 11:28 AM
                                                                                                                                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-28-12, 07:44 AM
                                                                                                                                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-28-12, 11:08 AM
                                                                                                                                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك11-29-12, 04:29 AM
                                                                                                                                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك12-04-12, 05:51 AM
                                                                                                                                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ....بين اخوان السودان 2+2012 الكيك12-04-12, 07:38 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de