صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 12:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-06-2012, 11:22 AM

Mohamed Abdelgaleel
<aMohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 10415

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! (Re: طارق ميرغني)

    الأستاذ أحمد الأمين .. تحياتي لك ولزوار خيط الغناء والموسيقى في السودان
    وشكرا لكي أخي أحمد على بشرى صدور الجزء الثاني فعلى الغناء والموسيقى
    غالب (الإتكال) لاستعادة عافية وطن شالت نعامته .

    أدناه نص محاضرة الإستاذ معاوية حسن ياسين في أمسية الرابطة الرياضية الصالحية، تلك المحاضرة
    التي فتحت أبوابا لم تغلق وربما لن .. ولمعلومية القراء فهذا النص لا يمثل كل الصورة ولكنه المتاح
    في هذه اللحظة فقد رفدته في تلك الأمسية صور ومقاطع غنائية أشرف علىها بإقتدار الأستاذ المخرج
    محمد ياسين، بالإضافة لخروج يضيف عن النص كلما رأى المحاضر ذلك، هذا بالإضافة إلى تعليقات
    الحضور ومداخلاتهم وردود المحاضر عليها ..
    أستأذن الأستاذ معاوية أن أنزل هذا النص هنا لا سيما وأن الجزء الثاني قد صدر .. وهذا عمل يستحق
    أن يطلع عليها الناس في بلدي بلد التاريخ ما دمنا حزانى .. فإلى المحاضرة:

    انعكاسات صراع الهوية
    في الغناء السوداني
    تأليف وإعداد وإخراج: معاوية يس

    الغناء السوداني، في مسيرته، وسموَّ نجمه، وأفوله، ليس سوى مرآةٍ عاكسةٍ، تَنمُّ عن مسيرة حياة السودانيين في طلعتها وهبوطها، تقدُّمِها وتراجِعها، علوَّها وانحطاطها. وهي، بَعْدُ، مقولة كلاسيكية، قد يُنكرها كثيرون، ولا يأبهون لها، لكنها بدهيَّة وحقيقة لا مناص من الإقرار بها. وإذا أراد المرء شواهدَ لها من الماضي، فلربما لم ير كثيرون أوجهاً للمقارنة، بسبب تباعد الأزمان، وتواترِ الأجيال، وتداولِ الأيامِ والأحداث. لكننا لن نجدَ مثالاً خيراً من زمننا الذي فينا هذا. فمع انحطاط الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية لشعوب الأمة السودانية، انحط الفن في جميع مناحيه، غناءً وشعراً وموسيقىً وتشكيلاً.
    وقد لا يكون التراجع بسبب ضحالة الآفاق الاجتماعية، والسياسات الإدارية والتنفيذية المدمَّرة، وانتشارِ حالات الفساد، والتجرؤِ على المال العمومي، والاستئثِار بالثروة والسلطة في آن معاً، بل قد يُعزى أحياناً إلى الموتٍ، الذي هو حقٌّ بيد اللهِ العظيمِ وحدَه. ففي سنة اثنتي عشرة وألفين التي انتصفت لتوها، غيبّ الموت أعياناً وكواكب ملأوا ساحة الفن والغناء نشيداً ونغماً ووصفاً مُعْجِزَاً. فقد رحل هذا العام المطربون زيدان إبراهيم والأمين عبدالغفار ومحمد وردي ومحمد كرم الله ونادر خضر. وانتقل إلى بَرْزَخِ العالم الآخر الشعراء سيد أحمد الحردلو، وزميلنا الصحافي زين العابدين أحمد محمد ومحمد الحسن سالم حميد. عليهم جميعاً رحمةُ الله ورضوانُه.
    فأمَّا بَعْدُ،
    فقد كانت ساحةُ الغناء السوداني في فترة تكوُّنٍ وتشكُّلٍ، حين اندلعت معركة تحديد هوية الأدب السوداني في الساحة الثقافية. وكان نفرٌ من الرعيل الأول من أدبائنا قد بدأوا سجالاً حول هوية الأدب السوداني في ثلاثينات القرن العشرين. وحاول الشاعر الأديب حمزة الملك طمبل تأسيس مذهب في شأن الهوية، وسط خضمِّ تياراتٍ تسيَّدها اتجاه الشاعرين محمد سعيد العباسي وعبدالله محمد عمر البنا لتأكيد عروبة السودان. وانضم إلى الجدل الفكري الصاخب الدكتور سعد الدين فوزي، والرئيس محمد أحمد محجوب الذي دعا في مقالاته التي جُمعت في كتابه «نحوُ الغد» إلى ما سَّماه «أدباً قومياً صحيحاً».
    كان الغناء يتشكل آنذاك. فقد خرج لتوَّه من رحم أغنية الطمبور والدوبيت، وأنجب في مطلع العشرينات أغنية «حقيبة الفن»، وهي بالطبعِ تسميةٌ مصطنعةٌ، ليس ثمةَ ما يبررُها، وكان الأحرى أن تسمى «الأغنيةَ الحديثةَ»، لأنها تستوعب في جلبابِها الوسيعِ جميعَ أشكالِ الغناءِ التي تلتها، بما فيها الأغنيةُ المعاصرةُ التي تسودُ عصرَنا الحاضر. ولم تكن المستوياتُ التعليميةُ لشعراءِ تلك الحقبةِ بذاتِ المستوى التعليميِّ للشعراءِ والأدباءِ الذين افترعوا معركةَ الهُويةِ السودانية. حتى من تلقى من أولئك الشعراءِ درساً في أعرقِ المدارس العليا في السودان، وهي كليةُ غردون التذكارية – جامعةُ الخرطوم حالياً – مثل الشاعرِ المغني خليل أفندي فرح بدري، لم يتعمقوا بهذا الشأنِ في أطروحاتِهم الشعريةِ الغنائية. ولا ينتقصُ ذلك شيئاً من مساهماتِهم في توطيدِ عُرَى وحدة الأمة السودانية، من خلالِ الغناءِ واستلهام التراث.
    في عام 1940 أنشأ الاستعمارُ البريطانيُّ إذاعةَ «هنا أم درمان»، لخدمة أهداف الحلفاء الغربيين في الحرب العالمية الثانية. واستهدف بوجه الخصوص رفعَ معنوياتِ القواتِ السودانيةِ التي دافعت عن أريتريا وليبيا، ضد الغزو الإيطالي الألماني. وقام بغالبية تلك المهمة في بدايتِها عميدُ الغناء السوداني الفنان الرائد الحاج محمد أحمد سرور، الذي اجتهد بتقديمِ مؤلفاتٍ من الدوبيت وشعرِ الحقيبة، تخاطب المكوَّناتِ العاطفيةَ لدى الجنديِّ السودانيِّ، من مدحٍ لشجاعتِه، وتَغَنًّ بحماستِه، وتمجيدٍ لانتمائِه السودانيِّ. ولعلّ الأشهرَ من غناءِ الحاج سرور آنذاك أغنيتُه أو أنشودتُه «يا رجال الحدود». ويصلُ فيها إلى ذِرْوَةِ دعوتِه إلى هيمنةِ العرقِ السودانيِّ بقوله: «لو قالوا سودانية سود ليس السواد عيب لليسود»، بمعنى أن السوادَ ليس عيباً، وإنما هم خُلقوا سودانيين ليسودوا!
    والواقعُ أن عقديْ الثلاثينات والأربعينات شهدا ظهورَ عددٍ من الأغنياتِ الوطنية، لكنها لم تمسْ قضيةَ الهُوية من قريبٍ ولا بعيدٍ. وفي ما إذا اشُتمّ منها طرقٌ على مسألةِ الهُوية، فهو تناولٌ غيرُ متعمقٍ، وربما كان ذلك بسبب عدمِ تجذُّرِ مسألةِ الهُويةِ السودانيةِ في ظلِّ الاستعمارِ البريطاني. وانحصرت محاولاتُ ذيْنك العقديْن في التأكيدِ على الانتماءِ إلى الترابِ والوطنِ، وكلِّ ما من شأنِه أن يزيدَ التعلُّقَ بهما.
    ومن أمثلةِ ذلك أغنيةُ الشاعر عبدالقادر تلودي التي تغنى بها فضل المولى زنقار... سوداني الجُّوَّة وجداني بريدو...

    وفي الحقبة نفسها شغلَ الشاعر عبيد عبد النور الساحةَ بقصيدته: يا أم ضفاير قودي الرسن واهتفي فليحيا الوطن.. وقصيدة يوسف مصطفى التني: في الفؤاد ترعاه العناية. ومن الرموز المهمةِ فيها، للتعلقِ بالانتماءِ إلى الوطن، المعهُد العلمُّي الذي رأى فتيانُ ذاك الجيل ضرورَةَ التمسكِ به ودعمهِ في وجه التوسعِ المدرسي العلماني، من قِبل حكومةِ السودان البريطانية.
    وحتى بُعَيْدَ انطلاق بثِّ إذاعةِ «هنا أم درمان» في عام 1940، ظل الغناءُ الوطنيُّ يُعظَّم قيمةَ الانتماءِ إلى الوطن، الجغرافيا والأخلاق والطباع والتوادّ بين الناس، من دون عنايةٍ بما إذا كان هؤلاء الناس عرباً، أم أفارقةً، أم سودانيين فحسب. ولعلّ من أغنيات تلك الحقبة الشهيرات «وطن الجدود» للشاعر محمد عوض الكريم القرشي، وأداء الفنان عثمان الشفيع.


    ومن بين أغنيات تلك الفترة الحسان أنشودة «صَهْ يا كنار» للشاعر محمود أبوبكر الشهير بالنسر، من تلحين وأداء إسماعيل عبدالمعين. ومع أنها رأت النور في سنة 1936، إلا ان بدء البث الإذاعي زادها شهرة وانتشاراً.
    وفي حين هي إلى دواعي العروبةِ أقربُ، بتركيزِها على قيمِ الشجاعةِ والجودِ وأصالةِ الانتماء، خصوصاً أنها منظومةٌ بعربيةٍ شديدةِ الفصاحة، حتى أن الغالبيةَ لا يحيطون بألفاظِها ومعاني مفرداتِها. وكان من حسنِ حظَّ أجيالِنا أنها كانت تُفْرَضُ علينا في المدرسةِ الابتدائيةِ ضمنَ المحفوظات التي كنا نؤديها في ليالي يومِ الآباء وعيد الاستقلال وغيرِها من المناسبات.

    سعى نظامُ الرئيسِ الراحلِ جعفر نميري، على استحياءٍ، في عامِ ثمانين وتسعِمائةٍ وألف إلى إحياءِ معاني تلك الأنشودةِ، من خلالِ دعوةِ كبارِ المُطربين إلى أدائِها ضمنَ ليالي مهرجانِ الثقافة، بعدما راجت في أجهزةِ الإعلام ثقافةُ التغني للفرد، الرئيسِ القائد، «أبوكم مين، نميري. قائدكم مين؟ نميري/ حبيب الشعب يا نميري»..
    وسعى الشاعر الملحن المغني عبد الكريم عبد العزيز الكابلي إلى ترسيخِ صورةٍ نغميةٍ لأنشودةِ «صه يا كنار» بأن أداها «دويتو» مع زميله أبي عركي البخيت.
    لكن محاولتَهما ضاعت وسْطَ زحامِ المشاريع الثقافية المتضاربةِ التي حاول نظامُ الرئيس نميري تطبيقَها، وسط تقلباتِه ذات اليمين واليسار والوسط، من دون هَدْىٍ.
    والواقع أن التصادم بين دعاة العروبة والأفريقانية ظل ملتهباً ولكنه بلا دوِيّ، ليس لسببٍ بنظري سوى افتقارِ مقاتلي الدعوتيْن إلى أدواتِ التنظيرِ الفكري، وتأطيرِ مواقِفِهم، وتأصيلِ أفكارِهم. وهم معذورون في ذلك، وحَسْبُك من الأعذار قلةُ الحيلةِ التعليمية، وضآلةُ ما على أرففِ مكتبةِ الدراسات السودانية من كتب وأبحاث تعين على توسعةِ المدارك، وشحذ الأفكار.
    ومن ذلك التصادمِ غيرِ المدوي قيامُ عددٍ من المطربين المُحدَثين بتوظيفِ الإيقاعاتِ السودانيةِ الخالصةِ، في أغنياتٍ حضريةٍ رسخت مفهومَ أغنيةِ وسْطِ السودان، وبالتالي مفهومَ وجودِ جنسٍ سودانيٍّ متفردٍ بخصائصَ، تتكاملُ مكوناتُه، على رغمِ تعدُّدِها وتداخلِها. وفي هذا الإطار تنبغي الإشارةُ إلى محاولات محمد وردي الرائدة إلى توظيف إيقاع منطقة الشايقية بتنوعاتِه كافةً، إذ تغنّى بأغنية «الريلة» في ذاتِ الإيقاع، على رغم عدمِ انتمائِه إلى إثنيةِ إيقاعِ «الدليب». وتغنى به لاحقاً في «بنحب من بلدنا» و»بسيماتك»، و»النخلة». وذهب غرباً لتأكيد وحدة الانتماء على رغم التنوع والتعدد، فلّحن أغنيته الكبيرة «وردة صبية» في إيقاع المردوم. واستخدم الإيقاع نفسه في أغنية «وديان الريد» للشاعر عبدالله الكاظم. واقتبس كثيراً من خصائص البوليفونية والهارمونية الفطرية التي يتسم بها غناءُ الدينكا في أغنيتي «جميلة ومستحيلة» و»أقابلك».
    أما إيقاعُ الدلوكة الشائعُ في غالبيةِ أرجاءِ السودانِ القديم، فقد كان الوسيلةَ المفضلةَ لدى كثيرٍ من المطربين لتأكيدِ الانتماءِ إلى ما تمكنُ تسميتُه وجداناً سودانياً، لا غَلَبَةَ فيه لمكوِّنٍ عربيٍّ ولا إفريقيٍّ. كما أن كثيراً من المطربين لجأوا إلى التغني في إيقاع «التُّمْ تُمْ» الذي يدعي غالبيتهم وباحثون كثر انتماءَه الخالصَ إلى الثقافةِ الغنائيةِ السودانية، بإشارةٍ خاصةٍ إلى ممارسات المغنيات في أحياء «الرديف» (وهي الأحياء التي خُصِّصت للجنود المسرَّحين من قوة دفاع السوداني بعدما وضعت الحربُ العالميةُ الثانيةُ أوزارَها). ولكن كثيرين يفضلون الذهاب إلى أن اتصال أولئك الجنود بضباطهم الإنكليز، جعلهم يتجهون إلى سودنةِ كثيرِ من الغناءِ والإيقاعات التي كانوا يستمعون إليها لدى ضباطهم، وإلاّ فما سرُّ وجود إيقاعٍ غربيٍّ شائعٍ باسم Tom – Tom، وهناك أيضاً إيقاع آخر باسم Tom – Tom Tom-! بل أشرتُ في بحثٍ لي إلى أن «الدلوكة» نفسها، ثمةَ مؤشراتٌ تدل على أنها ربما كانت آسيويةً أصلاً، وربما جاءت من الهند أو أفغانستان، بل تعرف في الهند باسم «الدهلة» (Duhule)، وهي تسمية عندنا في السودان لإحدى مراحل الغناء سبقت الحقيبة، من غناء العقديْن الأول والثاني من القرن العشرين.
    وخلاصةُ ما يسعني قولَه في هذا الشأن، من دون تلجيجٍ أو ادعاءٍ، أن عدمَ وجودِ تأهيلٍ ثقافيٍّ وتعليمي كافٍ وسط المطربين خلال العقود التالية لبدء بث الإذاعة السودانية، جعل كثيرين منهم يُقَدِّمون ما قدموه على سبيل المصادفة أو الجهل بخبايا المسائل، وبالتالي عدم الوعي الكامل بخوض معركة تحسب ضمن معارك ترسيخ الهوية الوطنية السودانية، ولذلك قلت إنه تصادمٌ غيرُ مُدَوًّ.
    إبان الستينات اصطفقت أمواجُ بحرِ سؤالِ الهُويَّةِ. في ساحة الثقافة، النقدِ والشعرِ، برز روادُ مدرسةِ الغابة والصحراء. صدرت قصيدة الشاعر الدكتور محمد عبد الحي «العودة إلى سنار». وجاءت قصائد السفير محمد المكي إبراهيم، وأشعار ومقالات النور عثمان أبكر. وهبّ السفير الشاعر صلاح أحمد إبراهيم معترضاً على اتجاه الإرتماء في حضن الغابة والصحراء. وانحاز شعراء وأدباء إلى إفريقانية السودان وَحْدَها، رافضين الانتماء إلى العروبة.
    ومن أسف أن معركة الهوية لم تجد أصداء تذكر في الساحة الغنائية، سوى ما تناوله الفنان الكبير بحكم ثقافته وبحثه القلق عن هوية، الفنان محمد وردي، وبدرجةٍ ثانيةٍ أقّل، الفنان عبدالكريم الكابلي.
    كان كابلي – بحكم صلته الوثيقة بعدد من المثقفين والشعراء، خصوصاً الحسين الحسن وصديق مدثر وعبدالمجيد حاج الأمين ومحمد المهدي المجذوب.
    قارئاً ومطلعاً وعلى دراية بجوانب مسألة الهوية. ولذلك كان سباقاً إلى دخول الساحة الغنائية في عام 1960 بأغنيته «أنشودة لآسيا وإفريقيا» للشاعر تاج السر الحسن
    صحيح أن الأنشودة لقيت قبولاً كبيراً، وذيوعاً كتب لها الخلود والبقاء، لكنها بالطبع سعت إلى استيعاب مسائل التحرر من الاستعمار، والتضامن بين شعوب آسيا وإفريقيا، أكثرَ من سعيها إلى التماس إجابةٍ عن سؤال هوية السودان الذي بدا لوهلةٍ في عام خمسة وخمسين أنه أعفى نفسه من تلك الإجابة بانضمامه إلى حركة عدم الانحياز، في مؤتمر باندونغ الشهير.
    في عام 1961 زار السودان الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، وكان الرئيس الفريق إبراهيم باشا عبود في استقباله. ولما كان كابلي معجباً أيَّما إعجابٍ بعبد الناصر، وهو إعجاب يتقاسمه مع صديقه الشاعر أبو آمنة حامد، فقد سارع إلى تقديم أنشودة «جمال العربي»، في محاولة للم شمل السودانيين بالعرب، وإن عادت بهم على استحياء إلى إفريقيا من خلال إشارةٍ عابرةٍ إلى نضالات جومو كينياتا في كينيا، قبل سنتين فحسب من استقلال كينيا عن بريطانيا.
    يقول الشاعر أبو آمنة حامد في قصيدته «جمال العربي»:
    والتقــت نــهــضتـُـــنـــــــا بالعربِ
    يوم صافَحَــنَــا جمالُ العربيٍ
    أنت يا ناصر في قلبي هنا
    لست بالضيفِ ولا المغتربِ
    التقى أبو آمنة حامد وكابلي في عشق عبد الناصر، والإيمان بالقومية العربية. لكنها ليست قومية صارخة كتلك التي انتهت بإنجاب حزب البعث العربي الذي كان شعاره «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة». صحيح أن أبا آمنة وكابلي دَعَوَا صلاح الدين الأيوبي ليشهد «بعثَنَا في لقاء القائد المنتصر»، وأعلنا الأُخُوَّة بين الخرطوم والقاهرة، وطلبا من القائد المصري أحمد عرابي أن يَقْدِمَ ويباركَ لحظةً «ساقها المهديُّ رمزاً للنضال»... بعد ذلك كلَّه وبإيقاعٍ مختلفٍ يتغنيان بشجاعة الزعيم الكيني الراحل جومو كينيتا.. غضبةً تزأرُ في قلب العرين... نحن في أعيادنا نذكره.. قائداً حراً وعزماً لا يلين .. ثم يعرَّجان على نضالات الرئيس الراحل أحمد بن بيلا، وانتفاضات الجزائر، والصبايا المناضلات، رفيقات جميلة بوحريد، وجميلة نفسِها.
    ويعودان في نهاية الأنشودة إلى يوم التقت نهضتنا بالعرب... يوم صَافَحَنَا جمالُ العربي»... ويتلاعب كابلي بالنحوِ فيجعل الفاعل مفعولاً به، قائلاً والتقت نهضتنا بالعرب/ يوم صافَحنْاَ جمالَ العربي»..
    بيد أن مسيرة كابلي تتابعت بعد ذلك لتؤكد عروبة السودان، وفصاحة اللسان السوداني، والعودة غنائياً إلى أشعار المتنبئ وأبي فراس الحمداني وعليًّ بن الجهم وعباس محمود العقاد.
    ليس ذلك فحسب، إذ إن كابلي ذهب في مذهبه العروبي حدَّ التخلي عن السّلّم الخماسي الذي هو الطابَعُ الفِطري للموسيقى الغنائية السودانية، لم تكتسبه اكتساباً في ما نعلم، وإنما وُجد فطرياً في كل من يولد في الرقعة الجغرافية المسماة السودان. ومن كَسْبِه في هذا الاتجاه أغنيتُه «أخي إنا سنحيا» التي لحنها الموسيقار المصري علي إسماعيل، وهي مسجلة لدى كل من الإذاعتين السودانية والمصرية:
    بل إن وقفةَ الكابلي مع أمة العرب من خلال الأنشودة التي لحنها له الموسيقار المصري علي إسماعيل لم تَكْفِهِ لتأكيد الهوية العروبية للسودان، فقد زاد عليها في أواسط السبعين من القرن الماضي مقتطفاتٍ من قصيدتين من أشهر عيون الشعر العربي، ألّفِ بينهما في عنايةِ شاعرٍ، وذوقِ فنانٍ، وهما قصيدةُ شاعرِ العصر العباسي ابنِ النبيه:
    أمــاناً أيُّها القمرُ المُـــــطِـــــــــلُّ
    عــلى جـفـنـيـك أســيــافٌ تُـــسَـــــلُّ
    يزيدُ جــــمالُ وجـــهِك كلَّ يــــــومٍ
    ولـي جسدٌ يذوبُ ويــضمـحلُّ
    وما عَرَف السُّقامُ طريقَ جسمي
    ولكنْ دَلُّ منْ أهوى يَــــدِلُّ
    وقصيدةُ شاعرِ العصر الأندلسي ابنِ هانئ الأندلسي:
    فَــتَكَاتُ طَرْفكِ أم سيوفُ أبــــــيــــــكِ
    وكؤوسُ خمرٍ أم مَراشـــــــــــفُ فيكِ
    يا بنتَ ذا السّيفِ الطّويلِ نِجادُهُ
    أكــــــــذا يـــــــــــجوزُ الحُكمُ في نَــــادِيكِ
    وعمد الكابلي إلى تلحين مقتطفاتِه منهما وأدائِها على مجرى السلمِ السباعيِّ الشائعِ في الغناء الشرقي العربي، في أقوى تظاهرةٍ غنائية سودانية غيرِ مسبوقةٍ لتأكيد الهويةِ العروبية الخالصة للسودان. ومن عجبٍ أن هاتين القصيدتين تغنت بإحداهما سيدةُ الغناء العربي كوكبُ الشرق أمُّ كلثوم، فيما تغنى بالأخرى فنانُ العرب محمد عبده.
    وربما قد سلفتْ إشارةٌ منذ قليل إلى أن الكابلي بدأ خطه العروبي، بانتقاء قصائدَ منظومةً بالفصحى للتغني بها، وفي مقدَّمها عصماءُ أبي فراس الحمداني «أراك عصيَّ الدَّمعِ شيمتُك الصبرُ». وأعجبني في ما تغنى به منها من أبيات قدرتُه على الانتقاء الجيد، وإن كنت أعجب منه كيف أسقط الأبيات اللاتي ربما كتبن الشهرةَ والذيوعَ للقصيدة على رغم تكامل أبياتها التي تشكل وحدة فنية متكاملة متناسقة، كقول الشاعر:
    سَيَذْكُرُني قَوْمي إذا جَــــدّ جــــدّهُمْ
    وفي الليلة ِالظلماءِ يُفتقدُ البدرُ
    بل ما ضَرَّه لو كان ضَمّن ما انتقاهُ للغناء بيتيْ أبي فراس الشهيرين اللذين صارا عنواناً للفخر بالقومية العربية:
    وَنَحْنُ أُنَاسٌ لا تَــــوَسُّطَ عِنْدَنَا
    لَنَا الصّدرُ، دُونَ العالَمينَ أو القَبـــرُ
    أعزُّ بني الدنيا وأعلى ذوي العــلا
    وَأكرَمُ مَن فَوقَ الترَابِ وَلا فَــــخْرُ
    والحديث يطول في هذا الشأن، ولكنه – في أيّة حالٍ- ليس موضوعَنا.

    وقد يفسر ذلك جانباً من افتتانه برائعة الشاعر علي محمود طه «الجندول» التي أسَرَتْ مسامعنا بصوت أمير الطرب العربي الأستاذ محمد عبد الوهاب.
    بعد نحو سنتين من أنشودة أبي آمنة حامد وكابلي، خرج الفنان الصاعد حديثاً آنذاك محمد وردي بأول ملحمة في تاريخ الغناء السوداني.. ملحمة «يقظة شعب» التي نظمها الشاعر مرسى صالح سراج. وهي على رغم تركيزها على تأكيد هوية سودانية تستند إلى الانتماء الجغرافي والتشعبات التاريخية، كتخليد النهر الذي هام ليستلهم فِكْراً، ومتابعته بتقديس وإجلال في كل تثنياته، إلا أن «يقظة شعب» حاولت أيضاً المصالحة بين المكونات العرقية لشعوب السودان...
    وما لبث محمد وردي أن غيرّ رأيَه في حكاية التصالح العروبي – الإفريقاني، ليقدِّم بعد نحو عام، مِن نظم الشاعر إسماعيل حسن، أنشودة «أنا إفريقي حر»:
    وانساق الشاعر الممثل السر أحمد قدور، وهو من قبيلة عربية معروفة في شمال السودان، وراء الإفريقانية فنسب نفسه إلى السودان، لكنه نسب الإنسان َالسودانيَّ إلى إفريقيا، في قصيدة تغنى بها الفنان إبراهيم الكاشف «أنا أفريقي أنا سوداني.. أرض الخير إفريقيا مكاني»...
    ولم يقتصرْ تيارُ الإفريقانية على تجارب وردي وإسماعيل حسن والسر قدور وحدَهم، فقد قاده منذ وقت مبكر الشاعر محي الدين فارس بقصيدته العصماء «لن أحيد» التي ابتكر لها الفنان حسن خليفة العطبراوي لحناً عذباً وقوياً.
    وساهم في ذلك التيار الغنائي القاضي الشاعر الطيب محمد سعيد العباسي بفريدته «يا فتاتي» التي لحنها وتغنى بها الفنان الطيب عبدالله.
    ولم يمنع ذلك من استمرار التيار العروبي الغنائي في ترسيخ وإعلاء المكون العربي للشخصية السودانية، فقد شهدت سنوات الخمسين والستين من القرن العشرين شلالاً هادراً من الأغنيات العربية الفصحى: القبلة السكرى لحسين بارزعة وعثمان حسين، اللقاء الأول لقرشي محمد حسن وعثمان حسين، أنشودة الجن للتجاني يوسف بشير وسيد خليفة، يا نديماً وفينوس لعوض حسن أحمد وعبدالعزيز محمد داود، ليل وكأس وشفاه لحسين عثمان منصور وسيد خليفة، أجراس المعبد لحسين عثمان منصور وعبدالعزيز محمد داود، أيها الساقي لابن المعتز والتاج مصطفى، وإني أعتذر وأكاد لا أصدق للحسين الحسن وعبدالكريم الكابلي.
    بيد أن الفنان محمد وردي رأى بعد فترة قصيرة من ه######## بالانتماء الافريقاني، العودة إلى توازن يضمن انسجام المكونين المذكورين في الشخصية السودانية، مع استمرار التغني بغلبة المكان والجغرافيا والتاريخ. فقد تقدم فجأة بأطروحة أبي آمنة حامد التي تُؤْثِرُ سودانية السودان من دون اعتبار لمكونات شخصية مواطنه، وهي الأغنية التطوافية الملحمة «بنحب من بلدنا ما برّة البلد... سودانية تهوى عاشق ود بلد».
    وهي ملحمة آسرة تتخذ جمال المرأة وسيلة لتأكيد الانتماء وتمجيد هوية السودان المتصالحةِ مقوماتُها. تبدأ التطواف من حلفا القديمة... إلى كريمة التي كانت صباياها يتجملّن بالشلوخ.. إلى طوكر حيث توجد أحلى هدندوية، مروراً بشندي العظيمة حيث «تلقى بنات جعل».. و»واحدات في المتمة زي لون العسل».. وصولاً إلى حسناوات رفاعة، وعبوراً إلى «لوزة القطن اليانعة» في «قلب الجزيرة» مدينة واد مدني. ومن هناك إلى دار حمر والبقارة، حيث الجميلة التي «نحميها بسيوفنا»، وانتهاء بفاتنة ساحرة في جوبا «تسلم ليْ عيونها».
    وتثير هذه الملحمة الغنائية إشارات عدّة، لعل أبرز ما استوقفني منها تشديد الشاعر والمغني على أن ثمة شيئاً «سودانياً» يتميز به «السوداني»! ليس شيئاً ملموساً، ولا ملمحاً محدداً، بل هو ما وصف به أبو آمنة حامد الفتاة السودانية بأنها «سودانية مية المية في ذوقها وطباعها» .
    وهو أيضاً ما نلمحه في قوله عن بناتنا «الليهن قلوبنا وفيهم صفاتنا... الكامنات في روحنا العايشات في ذاتنا». والسوداني- بحسب قصيدة أبي آمنة حامد- لا بد أن يكون وارثاً لـ «جينات» السودانية، فهو يخاطب فتياتنا بقوله: «الوارثات جدودهن في الجود والشجاعة». وتأخذه العزة بالنفس حد قصر الجمال على بناتنا من دون سائر نساء العالمين. أليس هو القائل: «مين في الدنيا ديّ أحلى من بناتنا»؟! بل إن بناتِنا معجزاتٌ في الجمال منذ مولدِهن! أما تراه يقولُ: «الوارثات جدودهن في الجود والشجاعة/ البيظهر جمالهن من زمن الرضاعة»! ولعله من الجدير بالتأمل أن تقرأ ذلك في ضوء النزعة التعظيمية المبالِغة التي ننظر بها إلى أنفسنا: نحن الأفصح من العرب، ونحن الأنظف والأنقى والأكثر فهماً والأفضل وغيرُ ذلك. أليس في ذلك المنحى ما قد يزيدُ ورطةَ الهٌوية تأزُّماً؟ الرأي ما تروْن.
    وحين اندلعت ثورة الشعب العظيم في أكتوبر 1964، رأى وردي ضرورة العمل على ترسيخ مفهوم الغابة والصحراء، باعتباره أفضل الخيارات المتاحة لتحقيق التصالح المنشود مع الذات والغير.
    ولم يكن في الأفق أكثر سطوعاً من شمس تيار الغابة والصحراء، خصوصاً أشعار محمد المكي إبراهيم. هكذا جاء نشيد أكتوبر الأخضر الذي يعلن فيه وردي انضمامه الصريح إلى هذه المدرسة الفكرية، التي بدا أنها أوجدت تهيئة فكرية وثقافية للهوية الفطرية المتساكنة التي اهتدى إليها شعراء الثلاثينات والأريعينات والخمسينات. والدليل أن عبارة «الغابة الصحراء» ترد في الأداء المُرسل الذي يستهل به وردي النشيد:
    اسمك الظافرُ ينمو
    في جبينِ الشعبِ إيماناً وبشرى
    وعلى الغابةِ والصحراءِ
    يلتفُّ وشاحا
    وبأيدينا توَّهجتَ ضياءً وسلاحا
    وفي الفترة نفسها استعان وردي بالشاعر المثير للجدل صلاح أحمد إبراهيم الذي بدا أول الأمر مستجيباً لنداء الغابة والصحراء ، لكنه سرعان ما انتقده في مقال شهير رداً على مقالة لرائد ذلك التيار الشاعر النور عثمان أبكر. وجاء التعاون الثاني بين وردي وصلاح في أنشودة «ثوار أكتوبر» التي صورت السودان ممدود الذراعين للعرب والأفارقة من دون حسس...
    أذكر أني أجريت حديثاً صحافياً مع وردي في لندن سنة 1992، وكنّا احتفلنا لتوَّنا ببلوغه 60 عاماً من العمر، وبإطلاق أول توزيع أوركسترالي لأغنياته منذ تسجيل أغنية الود في عام 1970، وهو شريط «سافر بالسلامة» الذي قام بتوزيعه وتنفيذه الأخ الفنان يوسف الموصلي، وسألته في ذلك الحديث الذي نشرته صحيفة «الحياة» عن مسألة الهوية، فألفيته تحوّل من «الغابة والصحراء» إلى «السودانوية».
    صحيح أن الهُوَّيَّة مسألةٌ مُشْكِلَةٌ من المنظور الثقافي والفكري. لكنها لم تكن كذلك لدى غالبية سكان السودان في الحقب المتتالية حتى بُعيد استقلال السودان. ولأن الانصهار بين المكوَّنيْن العربي والإفريقي للشخصية السودانية تم من دون غصبٍ وقهرٍ، من خلال تبادلِ المنافعِ بين الوافدين العرب والسكانِ الأصليين، في بلادِ النوبة والبجا، فإن الفطرةَ السليمةَ كانت تدفع السكانَ إلى تصالحٍ مع الذات على أساسِ افريقانية السودان وعروبته في آن معاً، من دون استعلاء أيًّ من هذين المقومَّين، أحدِهما على الآخر. وهو ما رَكَنَتْ إليه الأغنيات الوطنية في عصر «حقيبة الفن»، من تشديد على سودانية السودان، واعتزاز بالجنس السوداني، وهو ما يعني ضمناً وجود جنس لا هو عربي، ولا هو إفريقي، بل هو سوداني، بوجدانٍ لا نظير له إلا على أرض السودان.
    آمن وردي حقاً بأن الحديث عن هوية سودانية أحادية الأصل مستحيل. وهو بالطبع اختصارٌ وقفزٌ فوق عدد كبير من المسائل الملغومة: هل عرب السودان هم سلالة عرقية ممتدة من عرب الجاهلية؟ وهل الافريقانية أو الزنوجة انتماء عرقي أم مكاني جغرافي؟ وهل تقدمُ المعالجةُ الماركسية لمسألة الهوية الإجابةَ الشافيةَ المنشودة؟
    غير بعيد من ذلك، في سنة تسعٍ وستين وتسعمائة وألف، قرر محمد وردي أن الحل لا هو بالإفريقانية الحرة، ولا هو بالمزواجةِ بين العروبة والإفريقانية. وهجر انتماءه ذاك إلى تيارِ الغابةِ والصحراء، واتجه نحو القومية العربية لا يرى سواها حلاً لمشكلة الهوية، خصوصاً أنها في هذا الظرف على وجه التحديد ارتبطت بالإرادة السياسية، ممثلةً في نظام ثورة مايو، إبان تحالفه بين الرئيس نميري والحزب الشيوعي السوداني والقوميين العرب، وتهيأ للنظام آنذاك- بعين مغمضة- أن الوحدة بين السودان وليبيا ومصر ستفتح الأفق أمام دولة قومية عربية عملاقة، من دون أن يسأل نفسه أين وكيف سيكون موقع العنصر الإفريقي في هذه الدولة المتخيلة. هكذا صدح وردي لأمة عربية واحدة، ذات تاريخ واحد، بل صدح للمرة الأولى في حياته، ولعلها الأخيرة، للرئيس نميري، مثلما هتف باسم عبد الناصر ومعمر القذافي وياسر عرفات... هل هي رِدّةٌ تتحمل وزرَها ضغوط الحزب على وردي؟ أم هو يأس الفنان المثقف ولما تكن حرب العام 1955 وضعت أوزارها بعد؟ أم هو أحد أشياء السودانيين غير المفهومة؟
    بعد فترة الستينات تضاءل الاهتمام بالغابة والصحراء، وإن بقي إيمان أقطابها ومنظريها بجدواها ومنطقيتها، وخلال سنوات السبعين، انشغل محمد وردي بالنضال ضد نظام الرئيس جعفر نميري، وزادته سنوات المنفى الاختياري الأول نأياً عن معالجات مسألة الهوية. وكانت سنوات الثمانين فترة ثورةٍ وحضًّ على إعادة الإعمار تطلبت معالجاتٍ معينةً للانتماء الوطني والمكاني، بدلاً من التلجيج في إشكالات الهوية.
    وشهدت فترة الرئيس جعفر محمد نميري التي امتدت من 1969 إلى 1985 محاولة يائسة لحسم مسألة الهوية غنائياً من خلال الإكثار من بث أنشودة «أنا سوداني أنا» للشاعر محمد عثمان عبدالرحيم، من ألحان وأداء الفنان حسن خليفة العطبراوي. وقد تجرأت فوصفتها بأنها محاولة يائسة، لأنها – على رغم عذوبة اللحن، وجودة السبك الشعري، ووزن القافية وحرارة الإيقاع – جيّرت السودان للعرب.
    أيــــــهـــــا النــــــاس نحن من نَـــفَــــرٍ
    عمّروا الأرضَ حيث ما قَطَنُوا
    نـــــــزحـــــــــوا لا لــــيظـــلـــــمـــــــوا أحداً
    ولا لاضـــــــــطـــــــهـــــــاد من أَمِـــنُــــوا
    وكــــــــــثـــــــيــــــــرون في صــــــــــدورهمُ
    تـــتـــــنـــــــــزّى الأحـــــــقـــــــــــادُ والإحنُ
    دوحة العُــــــــــربِ أصــلــــــهــــــا كرمٌ
    وإلى العُـــــــــرْبِ تُــــــنْــــسَـبُ الفِطَنُ
    الغريبُ العجيبُ أنه يُصرُّ على أن النسلَ العربيَّ الفَطِنَ نزح إلى أرض السودان، بأرومته وأنسابه الكريمة، لكنه لم يأت قط على ذكر أهل البلاد الأصليين! ولأن الأنشودة من كُثْر سماعنا وتردادنا لها، أو بالأحرى إسماعِنا لها إلى درجةِ التحفيظ، أضحت في أذهاننا مقدسةً تقديساً يضعها فوق النقد، وربما اكتفى كثيرون منّا بسماع مطلعها الذي يتردد بعد كل مقطع من مقاطعها «أنا سوداني أنا»، غير متريثين، أو غاضين الطرفَ عن بقية أبياتها المنحازة بشكل صريح إلى المكون العربي للهوية السودانية.

    جاء متأخراً جداً خلال تلك الحقبة الفنان أبو عركي البخيت ليلجَ سجالَ الهوية، على رغم مرور ذلك السجال بفترة خمولٍ وكُموُنٍ، عقب التسوية السلمية للحرب الأهلية الأولى. بدأ أبو عركي إسهامه في المسألة بتلحين وأداء القصيدة الأكثر شهرة لـ محمد المكي إبراهيم «بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت»
    الله يا خلاسية
    يا حانةً مفروشةً بالرمل
    يا مكحولة العينين
    يا مجدولةً من شَعْر أغنيَّة
    يا وردةً باللون مسقيَّة
    بعضُ الرحيق أنا
    والبرتقالةُ أنتِ
    يا مملوءة الساقيْن
    أطفالاً خِلاَسِيَّين
    يا بعضَ زنجيَّة
    وبعضَ عربيَّة
    وكل أقوالي أمام الله

    ولجأ أبو عركي أيضاً إلى الأب الروحي لتيار الغابة والصحراء الشاعر الفحل محمد المهدي المجذوب الذي لم يَدَّعِ قط انتماءً لذلك التيار، لكنه أثرَّ في مؤسسيه، بدعوته الصارخة إلى سودانية الأشياء، والإيغال في اعتناق الافريقانية. وقد اختار أبوعركي أن يلحنَ ويُودَّيَ قصيدة المجذوب الشهيرة «السيرة»، ذاتِ المشاهد والمعاني والصور التي لا وجود لها إلا في السودان المعروف جغرافياً.
    البُـنَـياَّتُ في ضِرامِ «الدَّلاليكِ»
    تَـــــسَـــــــــــــــــتّــــَرنَ فِـتــنــــــــــةً وانبهارا
    مِنْ عيونٍ تَلَفَّتَ الكُحلُ فيهنَّ
    وأصغى هُــــنــــــيـــهــــــــةً ثم طـــارا
    نحن جــــئـــــــــــنـــــــــا إليكِ يا أمَّها
    الليلةَ بالزّين والعدِيلِ المُــنَـــقَّى
    ... إلى أن يقول الشاعر المجذوب:
    أنـــــــــــــا أهـــــــواك يا بلادي ما
    وَاليْتُ غرباً ولا تبدَّلْتُ شرقا

    تولّى المجذوب رئاسة وعضوية لجنة النصوص الشعرية بالإذاعة السودانية سنواتٍ عدةً. وهو شاعر «أوبريت المولد» التي لحنها وأداها الفنان عبد الكريم الكابلي في عام 1960. وأثار جدلاً بإعلانه منذ أربعينات القرن العشرين وَعْيَهُ بالمكوَّنين الزنجي والعربي في الشخصية السودانية. ومن ذلك بيته الأشهر:
    عندي من الزَّنْج أعراقٌ مُعَانِدةٌ
    وإنْ تَشَدَّق في إنـــشاديَ العَرَبُ
    غير أن علاقة المجذوب بالغابة والصحراء ملتبسةٌ حقاً. وهو – في أيَّتِما حالٍ – ليس موضوعَنا.
    كان الفنان محمد وردي مفكراً بمواصفات فنان بوهيمي وفوضوي. فهو ماركسي، لكنه لا يطيق أن تكبله أصفاد الانتماء الحزبي، وهو من أنصار «الغابة والصحراء»، لكنه لا يريد أن يتحمل أيَّ مسؤولية عن إخفاقات ذلك التيار. حين التقيته في لندن سنة 1992. وأجريت معه الحوار الذي أشرت إليه، رأى فيه أن حلَّ مشكلة الهُوِّيَّةِ يكمن في «الفصل الكلي بين الدين والسياسة، واعتبار الدينِ لله، والسودانِ لجميع السودانيين. لو تحقق ذلك، لن، تطلَّ مشكلة الهُوية من جديد ».
    وقال: «كان قدرُ السودان وواقعُه الجغرافي أن يكون عربياً إفريقياً. ولا ينبغي إضعاف العروبة على حساب الزنوجة، أو العكس».
    وسألته: هل هناك نسيج متفرد وسط الأمم والشعوب يمكن ان يُسمى سودانياً صرفاً؟ هل هناك حقاً «سودانيزم» كما يقول بعض مثقفي البلاد؟ فأجاب: «نعم، هناك شيء خاص ينفرد به السودانيون». وطفق وردي يتحدث لي عن إيمانه بـ «السودانوية» التي ابتدعها الدكتور أحمد الطيب زين العابدين في عام ثمانين.
    وبعد؛
    فإن صراع الهوية السودانية ظل يضطرمُ ويفورُ، ثم يخمد حيناً ليتجدد بركانه… منذ أمد بعيد. ولم تكن «الغابة والصحراء» سوى إحدى تجلياته الأكثر توازناً، فقد عارضتها جماعة «أبادماك»، وهو إله نوبي، رأت ضرورة مناهضة دعوة الدكتور محمد عبدالحي إلى «العودة إلى سنار» بالعودة إلى مروري التي «تمثل ذروة تجليات الحضارة السودانية. وفي الثمانينات ظهر مصطلح «السودانوية» (SUDANISM) الذي هو في حقيقته تعزيز لمفهوم «الغابة والصحراء»، بشكل موسع، في استيعابه للمؤثرات الأخرى في الشخصية السودانية.
    وثمة من ينكرون أصلاً حقيقة وجود مشكلة هوية، مثل الدكتور منصور خالد الذي يعتبرها مشكلة مفتعلة لتحقيق غاياتٍ ومكاسبَ آنيةٍ. وهي بالطبع إشارة ذكية إلى ما حققته جماعات سياسية من التعلق بجدال الهوية. وقد كان منصور نفسُه طرفاً في ذلك. فقد كان أبرز فعاليات النظام الذي اعترف في يونيو 1969 بتعددية السودان،

    وحق أقوامه في أن تكون لهم ثقافاتهم ولغاتهم ولهجاتهم. وانحاز بعد انشقاقه عن الرئيس نميري إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان التي انتزعت من كل فصائل الشماليين حقَّ تقرير المصير، لتنفذَ بنودَها الخاصةَ التي انتهت بتشطيرِ السودان في يوليو 2011، ,هو من دون شك تاريخ مفصلي في وقائع معركة الهوية السودانية.
    ومهما يكن، فإذا كان دويُّ «الغابة والصحراء» أدى إلى تساكنٍ وتثاقفٍ فكريًّ، قاد إلى تسوية الحرب الأهلية – بشكل أو آخر – في عام 1972؛ فقد انهار السلم الأهلي مرة أخرى في عام 1983. وها هو ذا ينهار مجدداً منذ العام 2011 بانفصال الجنوب، وهو أظهرُ تجليات محاولات فرض نظرة أَحادية للهوية السودانية. فهل سيكتب للغناء السوداني أن يساهم في سجالات فكرية كبيرة بتلك الأهمية في زمن تُلعلع فيه أصوات المغنين والمغنيات: قنبلة... راجل المرا حلو حلاة... الخدار في الناس الطوال.. الريد بقى حسابات... بريد الطبنجات... يطرشني ما سمعتو؟!! أم أن الزمن الجاي كما قالت مغنية هذا الجيل هو زمن «الجيكسي»... و»حريقة في البايركسي؟

    (عدل بواسطة Mohamed Abdelgaleel on 10-11-2012, 12:55 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد09-30-12, 01:44 PM
  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد09-30-12, 02:19 PM
    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد09-30-12, 03:46 PM
      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد09-30-12, 04:21 PM
        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! بله محمد الفاضل09-30-12, 04:35 PM
          Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! محمد الكامل عبد الحليم09-30-12, 08:33 PM
            Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد10-01-12, 05:30 PM
  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Adil Osman10-01-12, 10:29 PM
  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Elmosley10-02-12, 03:48 AM
    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد10-02-12, 10:32 AM
      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! عزيز10-02-12, 10:52 AM
        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! الليندي10-02-12, 01:06 PM
          Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد10-03-12, 11:57 AM
            Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Mohamed Abdelgaleel10-03-12, 02:17 PM
              Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد10-04-12, 10:31 AM
                Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد10-04-12, 11:32 AM
                  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Mohamed Abdelgaleel10-04-12, 11:51 AM
                    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! طارق ميرغني10-04-12, 09:31 PM
                      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Mohamed Abdelgaleel10-06-12, 11:22 AM
                        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد10-13-12, 10:54 AM
                          Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد10-15-12, 10:38 AM
                            Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد10-20-12, 10:56 AM
                              Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد10-25-12, 01:40 PM
                                Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد10-27-12, 11:04 AM
                                  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد10-29-12, 11:29 AM
                                    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد10-31-12, 01:24 PM
                                      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-03-12, 11:43 AM
                                        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! عبيد الطيب11-03-12, 01:04 PM
                                          Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-04-12, 04:07 PM
                                            Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-05-12, 02:57 PM
                                              Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Elmosley11-05-12, 04:56 PM
                                                Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-05-12, 07:32 PM
                                                  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Elmosley11-05-12, 09:11 PM
                                                    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-06-12, 06:05 PM
                                                      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Elmosley11-06-12, 09:49 PM
                                                        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-07-12, 06:09 PM
                                                          Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Elmosley11-07-12, 07:06 PM
                                                            Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Elmosley11-07-12, 08:06 PM
                                                              Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-07-12, 08:26 PM
                                                                Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-10-12, 02:12 PM
                                                                  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-12-12, 11:41 AM
                                                                  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Elmosley11-13-12, 05:50 PM
                                                                    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-14-12, 01:54 PM
                                                                      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Elmosley11-14-12, 04:50 PM
                                                                        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-17-12, 01:31 PM
                                                                          Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-19-12, 11:44 AM
                                                                            Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Mohamed Abdelgaleel11-19-12, 01:24 PM
                                                                              Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-24-12, 11:45 AM
                                                                                Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-27-12, 12:10 PM
                                                                                  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد11-29-12, 01:32 PM
                                                                                    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد12-12-12, 01:40 PM
                                                                                      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد12-18-12, 11:43 AM
                                                                                        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد12-20-12, 11:30 AM
                                                                                          Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد12-29-12, 11:36 AM
                                                                                            Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد12-29-12, 03:30 PM
                                                                                              Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! عماد شمت12-30-12, 01:15 AM
                                                                                                Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد12-30-12, 03:33 PM
                                                                                                  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! عماد شمت01-01-13, 01:04 AM
                                                                                                    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! محمد سنى دفع الله01-01-13, 05:30 AM
                                                                                                      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! محمد عوض السيد01-01-13, 05:28 PM
                                                                                                        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-02-13, 11:33 AM
                                                                                                          Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-05-13, 11:51 AM
                                                                                                            Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Mohamed Abdelgaleel01-05-13, 12:54 PM
                                                                                                              Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-06-13, 03:58 PM
                                                                                                                Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-08-13, 11:49 AM
                                                                                                                  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-10-13, 11:40 AM
                                                                                                                    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! عبيد الطيب01-10-13, 01:16 PM
                                                                                                                      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-10-13, 06:12 PM
                                                                                                                        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-12-13, 11:56 AM
                                                                                                                          Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! عبيد الطيب01-12-13, 01:38 PM
                                                                                                                            Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-19-13, 12:03 PM
                                                                                                                              Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-19-13, 05:09 PM
                                                                                                                                Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-22-13, 11:34 AM
                                                                                                                                  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! عبيد الطيب01-22-13, 12:02 PM
                                                                                                                                    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-26-13, 11:41 AM
                                                                                                                                      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-26-13, 04:01 PM
                                                                                                                                        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! عبيد الطيب01-26-13, 05:50 PM
                                                                                                                                          Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-27-13, 03:17 PM
                                                                                                                                            Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! عبدالكريم الامين احمد01-27-13, 07:07 PM
                                                                                                                                              Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-29-13, 11:52 AM
                                                                                                                                                Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد01-31-13, 11:50 AM
                                                                                                                                                  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! محمد الكامل عبد الحليم02-02-13, 12:59 PM
                                                                                                                                                    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-02-13, 04:49 PM
                                                                                                                                                      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! محمد الكامل عبد الحليم02-02-13, 05:13 PM
                                                                                                                                                        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-02-13, 05:29 PM
                                                                                                                                                          Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-05-13, 12:03 PM
                                                                                                                                                            Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! عبدالأله زمراوي02-05-13, 01:38 PM
                                                                                                                                                              Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-05-13, 02:39 PM
                                                                                                                                                                Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-05-13, 03:04 PM
                                                                                                                                                                  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-07-13, 12:20 PM
                                                                                                                                                                    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-09-13, 11:50 AM
                                                                                                                                                                      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-12-13, 11:24 AM
                                                                                                                                                                        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-14-13, 11:23 AM
                                                                                                                                                                          Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-16-13, 12:08 PM
                                                                                                                                                                            Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-19-13, 02:24 PM
                                                                                                                                                                              Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-21-13, 12:36 PM
                                                                                                                                                                                Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Elmosley02-21-13, 01:23 PM
                                                                                                                                                                                  Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-21-13, 05:27 PM
                                                                                                                                                                                    Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Elmosley02-21-13, 06:50 PM
                                                                                                                                                                                      Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! احمد الامين احمد02-21-13, 07:52 PM
                                                                                                                                                                                        Re: صدور الجزء 2 من تأريخ الغناء والموسيقى بالسودان لمعاوية يس !!!!! Elmosley02-21-13, 08:31 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de