|
|
 ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع ..
|
الجيرتيق .. السوميت .. المشهرا ..
كم كانت فرحتنا ونحن في مقتبل العمر عندما نسمع عن مناسبة ولادة في القرية مستحضرين ذلك اليوم الذي كنا نرافق فيه اخواتنا وامهاتنا الى النيل وهو اليوم السابع من الولادة عندما يأخذون بعض المقتنيات من منزل الولادة ويتم غسلها في النيل وأخذ عينة من المياه لوضعها تحت سرير الام ولا بأس ايضاً من أخذ بعض المياه من المناطق العميقة من النيل لمسحه على جسد الطفل خاصة اذا كان المولود ذكراً .. ويبدو ان هذه الممارسات كانت موروثة من ايام الديانة المسيحية ولها علاقة بعادة التعميد بالغطس ومازال اسم السيد الغطاس يتردد في الكنائس الشرقية حتى اليوم كرتبة كنسية .. ومنذ عهد ما قبل الديانات فإن النوبة تتأصل فيهم خاصية التأمل في هذا الكون الواسع والطبيعة من حولهم فقد كان لهم اعتقاد بأن هناك قوى شريرة تتربص بهم فكان من جراء ذلك نشوء السحر كأحد نتائج هذا التأمل والتفكير في عالم اللامحسوس وقيل ان نبي الله موسى عليه سلام قد بعث فيهم لمحاربة السحر .. ومن آثار هذا الموروث ما يسمى ( الكبس ) وبالنوبية ( مشهرا ) وهي نتاج القوى الشريرة ولدرئها كانت تستخدم بعض التعاويذ مثل ( السوميت ) أصلها بالنوبية ( سومت ) وكذلك الجريتق وبالنوبية (جيرتي ) وكان اكثر انواع الخرز اهمية في هذه المجموعة هي ( الجعرانة ) وبالدنقلاوية (دورانج) وتسمى ايضا ( تين باب ) وتكون في شكل خنفساء والحكمة من اختيار هذا الشكل الخنفسائي لأن محيطها الخارجي يشبه مخطط القلب وهنا يتضح عمق المعني والرمز الايماني المتصل بالقلب وهذه دلالة على أن النوبة لم يتخذوا شكل الخنفساء عبثاً أو بدون مدلول وشكل الخنفساء موجود في الجداريات النوبية كما ورد لدى الكثير من الباحثين في التراث النوبي .. وكان هذا النوع من الخرز لا يوجد إلا في مناطق الاثرية كالدفوفة في كرمة حيث مهد الحضارة الكوشية واذكر اننا كنا نخرج في مجموعات للبحث عن هذا النوع من الخرز لننال بها رضا الامهات وإعجاب الاخوات ومن وجد واحدة منها كان يزف وكأنه فتى القبيلة الأول أما باقي انواع الخرز فهو (الكوفري) ويطلق على كل شيء قديم وتاريخي بما فيه آبار المياه القديمة (مترات) .. أما تلك المشغولات النحاسية المستديرة وهي في الغالب كانت عملات ومصكوكات تجلب من مصر ثم تضاف اليها زوائد لتعليقها حول الرقبة بالحرير الاحمر .. وتسمى هذه المجموعة ( هافيد ) وهي محرفة من كلمة العربية ( حفاظ ) ويقصد به حفظ المرء من الشرور وقد تطور هذا الرمز من المثلثات المعكوسة ابان الديانة اليهودية الى الصليب في العهد المسيحي ثم شكل الهلال في العهد الاسلامي ومازال هذا الهلال يزين جباه العرسان والاطفال عند الختان .. وتأملوا معي في شعر هذا النوبي البارع خليل فرح في اغنية عزة ( نشابي للنجوم وانا ضافر الهلال ) أتي بها خليل لرمزية الديانات السماوية التي اعتنقها النوبيون .. وفي اغنية اخرى يقول ( صافية كالدينار ) والدينار كان أيضاً من حلي الزينة الذي كان يتدلى على جباه الفتيات .. رحمك الله يا خليل وانت توثق لهذه الرموز الجمالية ..
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
فاالكلمة تتركب .. دور ... آنج .. وتضاف كلمة آنج عندما تكون الحالة صفة دائمة .. دورآنج بالعربية تكون ( زاحف او من الزواحف ) ..
وكان أهلنا يعتقدون ان هذه المجسمات الصغيرة التي كانت تنشر حول الدفوفة في كرمة او الدفوفة الثانية أعلى مشروع البرقيق .. أن هذه الخرزات تحبو أو تزحف بين الدفوفتين .. وهي في شكل خنفساء وهذه الخرزة كانت لها قيمة كبيرة جداً في السابق وكانت نادرة الوجود .. وفي جلسة مع عالم الاثار شارلي بونيه في استراحة البرقيق عند مكتب الزراعة .. وهذه الاستراحة كانت لمستر لانق مؤسس مشروع البرقيق وقرية البرقيق وهو اسكلندي احب المنطقة واهلها .. كنا سوياً هناك وأنا اعمل معلماً بمدرسة البرقيق الثانوية العامة في بداية السبعينات .. وكنت قد أخذت الخرزة خفية من الوالدة لأعرضها على شارلي واعرف هويتها ولا بد لي من إرجاعها في نفس المكان لأنها كانت تعتبر من القداسات عند الوالدة .. ثم قادني بعد ذلك الى داخل الاستراحة وفتح صندوقاً خشبياً به كمية من هذا النوع من الخرز .. وهذه أول مرة يبادر فيها شارلي بعرض شيء من مقتناياته علينا .. وشرح لي بأنه هذه الخرزات كانت من أدوات الزينة وهي موجوده في الدفوفة وحولها .. وشرح لي المادة التي صنع منها الخرز ولكني لم استوعب كلامه بدقه ولأنني كنت في مقتبل العمر ولم يكن أهتمامي بذات القيمة اليوم .. وكان تواصلنا اكثر معه لأنه كان متواضعاً واحب اهلنا في البرقيق وكرمة وعموم النوبة كثيراً ثم اننا كنا احياناً نتباهى بأننا نستطيع الحديث الى الخواجات .. وما كان اكثرهم في تلك الايام ..
قادم بالمزيد
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
شكرا على عبدالوهاب
على هذا السرد التاريخي في حياة امتنا النوبية
| Quote: كنا نرافق فيه اخواتنا وامهاتنا الى النيل وهو اليوم السابع من الولادة عندما يأخذون بعض المقتنيات من منزل الولادة ويتم غسلها في النيل وأخذ عينة من المياه لوضعها تحت سرير الام ولا بأس ايضاً من أخذ بعض المياه من المناطق العميقة من النيل لمسحه على جسد الطفل خاصة اذا كان المولود ذكراً .. ويبدو ان هذه الممارسات كانت موروثة من ايام الديانة المسيحية ولها علاقة بعادة التعميد بالغطس |
وعند الولادة كانوا يضعون صحنا نحاسيا يسمى (السلم) بكسر السكين وفتح اللام تحت سرير المرأة النفساء حيث يملؤنها بالماء ويضع بداخلها فاسا لدرء الحسد على المولود ويسمى (المشاهرة).
وشكرا
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
أذكر تلك الدعوات والنداءات التي كنا نسمعها من امهاتنا ونحن صغار وعلى شاطيء النيل كن يقفن في رهبة ووقار تام وتتقدم احداهن نحو الماء وترمي بالذرة البيضاء وهي الذرة البلدية ( مريه دوق دوق ) قبل ان يخرب حكومة النميري هذه الفصيلة من الذرة وجاء بدلاً منها بما يسمي ( بمايو) .. وبعد إلقاء هذه الحبات من الذرة البيضاء يتم رش الحليب في الماء مع نداءات :
مريم قو .. مريومه قو ..
اسي نتو انقليس ...
ماريا ومريم تدل على التأثير المسيحي .. ولكن هنا توقفت عن كلمة ( انقليس ) ربما يقصد بها الملائكة Angles او ملائكة البحر ، ولكن هناك كانت زاحفة صغيرة تشبه الثعبان ولكنها اصغر ربما هي من فصيلة الديدان كانت تظهر في منطقة تخزين الحبوب والتمور ( القوسيبة وتوابعها ) واحسب أن هذا الزاحف كان يتغذي من ديدان التمر .. وكان يطلق عليها ( انقليس ) وكنا نلاحظ ان امهاتنا يتفاءلن كثيراً عن رؤية هذا الزاحف العجيب والملون بأكثر من لون .. وعند بحثي عن كلمة انقليس في القاموس في وقت سابق وجدت انها مسمى لسمكة زاهية الالوان تعيش في الاعماق وبها خاصية الجمال والتفرد ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: أيوب خليل)
|
شكرا على هذا التاريخ الجميل والسرد
عشنا كل هذه الطقوس لكنها الان فى طور "الاندثار "
ربما الكتابة عنها تقيها الزوال
بالمناسبة كان فى شاب فى القاهرة اصدر كتاب باللغة النوبية ....وهو معنى بتاريخ النوبة والعادات والتقاليد
توفى الشاب الكان من حلفا كما اتذكر "قبل اكتر من عشرين سنة "
كان مشرفا على الكتاب مجموعة من النوبيين منهم السيدة الفاضلة سعاد ابراهيم احمد
والاستاذ على عقمان محمد صالح
هذا الكتاب اتمنى ان نجده ونسلط الضوء عليه
لانه يحكى عن كل هذا التاريخ ايضا
شكرا لك
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: عبدالأله زمراوي)
|
ياسلام شاعرنا الكبير .. زمراوي ..
جيت شايل معاك النيل والنخيل والدفوفة وكرمة وتاريخ ..
قباب شيخ زمراوي .. وتميه وميرينتو وكرمه ساب واباسييه دوكي ... لا استيطع ان اعدد واحدد هذا الجمال ..
شاعرنا المجيد أشكرك كثير وانت ترفع اسمنا فوق في المنابر ..
يا سلام ايام البرقيق ومدرسة والبرقيق ..
تعرف شاعرنا المنطقة اجمل بقعة في الكون ولا بديل .. واشوفك مشبت عملت سياحة جميلة في كرمة ..
أكيد انشعتك الدفوفة والبلد والطيبة ..
ما عارف نقوليك ايه .. نحن نكن لك الكثير من الحب والتقدير ..
شاعرنا ..
نحاول ان ننقل بعض الاشياء التي توقد ذاكرتنا في هذه الغربة الجافة ..
تعرف يا مزراوي الحكاوي دي تنزل الكولسترول والسكر .. هي احسن علاج في الغربة .. أن تستحضر الوطن بكل معانية بزمانه وتاريخه وشخوصه .. وتعايشه في كل مكان ..
احلى حاجة الواحد يكون شايل الوطن في كل ذرات جسمه ( انا أقصد منطقتنا ) مع انه الكلام ده خطر في سودانيز اولا ين نحن متعودين في منتديات النوبة الوطن بتعريف آخر ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
ومن الموروثات والعادات التي كانت سائدة في الزمن الماضي والتي تدخل ضمن تكوين ثقافة وسلوك الانسان في المنطقة هو التشاؤم والتفاؤل .. والغريب ان محور هذه العملية كانت مرتبطة بالطيور والحيوانات .. ولأن السفر كان من ثقافة أهلنا بسبب محدودية الارض الزراعية والجروف وقرب الصحراء وإنعدام الامطار وصعوبة التوسع الزراعي .. فقد ضاقت ارض السواقي بأهلها وبنوع من الايثار والتضحية كان يتم التنازل عن منتج الارض للاخ الاكبر ويهاجر باقي شباب الاسرة الى حيث الرزق فلذا تجد معظم مكونات المدن السودانية واساس المجتمعات فيها من اهل الشمال وهذه الصفة موجودة في معظم مدن السودان .. فتجد احياء بإسم الدناقلة والمحس في المدن السودانية المعروفة .. ولصعوبة التواصل والاتصالات في ذلك الزمان وربما أيضاً تكون هذه الممارسة موروثة من عهد غزوات النوبة التي امتدت الى مصر العليا ولاطفاء حرقة انتظار وعودة الغائب اذا كان إبناً او زوجاً او حبيباً لجأ الناس الى وسيلة غريبة هو التفاؤل بنوع معين من الطيور فهناك طائر يسمى (قلو كاب ) في حجم العصفور أو اكبر منه قليلاً لونه داكن واكثر سواداً عند رأس أليف يتنقل داخل الاحواش والنخيل القريبة من المنازل أو التي بداخلها وعند منتصف النهار وقت القيلولة يغرد بصوت غريب .. فيتفاءل الامهات والاخوات بالخير .. لا بد ان هناك قادم من المهاجر .. كل واحدة تترجم الحالة حسب رغبتها فتلك تنتظر عريساً وهذه تنتظر عزيزاً أو اخاً او ابناً او زرجاً .. فيردون على الطائر بعبارات مثل ( هيرون ..) وبالعربية (خير) فيعتبرون هذا الطائر من الطيور الجنة .. فكان صيدها أوقذفها بالحجارة ممنوعاً .. وبعد ساعات تجهيز الفطور عندما يكون المطبخ خالياً تأتي هذه الطيور لتأكل فتات الكسرة وبقايا الطعم في المطبخ دون زجر ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: عبدالأله زمراوي)
|
زمراوي اننقا ..
شاعرنا .. لقد اثرت الشجون وهيجت الذكريات
وانت البارع في الرسم بالكلمات ..
استاذنا .. حضرت هنا لأفتح كوة صغيرة اطل من خلالها على جيل لم يعايش تلك العادات والتقاليد والموروثات ..
جئت لأطفيء بعض نيران الذكريات المتقدة في دواخلي .. ونحن هنا في مجاهل الغربة لا نعرف حدوداً لها ..
لست متخصصاً لكي احدد ما اقوم به هل هو توثيق او خواطر او اندياح ..لا اعرف .
فقط اجنهاد مقل .. يريد ان يشارك بمعرفة وذكريات محدودة في عوالم المعرفة الواسعة .. لننقل عن هؤلاء الذين رسموا طريق السلم والمعايشة والقيم والنوابت للوطن ..
لك التحية ولاسلوبك الفخيم الذي اصابني برهبة ...
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
ومن الموروثات والعادات التي كانت سائدة في الزمن الماضي والتي تدخل ضمن تكوين ثقافة وسلوك الانسان في المنطقة هو التشاؤم والتفاؤل .. والغريب ان محور هذه العملية كانت مرتبطة بالطيور والحيوانات .. ولأن السفر كان من ثقافة أهلنا بسبب محدودية الارض الزراعية والجروف وقرب الصحراء وإنعدام الامطار وصعوبة التوسع الزراعي .. فقد ضاقت ارض السواقي بأهلها وبنوع من الايثار والتضحية كان يتم التنازل عن منتج الارض للاخ الاكبر ويهاجر باقي شباب الاسرة الى حيث الرزق فلذا تجد معظم مكونات المدن السودانية واساس المجتمعات فيها من اهل الشمال وهذه الصفة موجودة في معظم مدن السودان .. فتجد احياء بإسم الدناقلة والمحس في المدن السودانية المعروفة .. ولصعوبة التواصل والاتصالات في ذلك الزمان وربما أيضاً تكون هذه الممارسة موروثة من عهد غزوات النوبة التي امتدت الى مصر العليا ولاطفاء حرقة انتظار وعودة الغائب اذا كان إبناً او زوجاً او حبيباً لجأ الناس الى وسيلة غريبة هو التفاؤل بنوع معين من الطيور فهناك طائر يسمى (قلو كاب ) في حجم العصفور أو اكبر منه قليلاً لونه داكن واكثر سواداً عند رأس أليف يتنقل داخل الاحواش والنخيل القريبة من المنازل أو التي بداخلها وعند منتصف النهار وقت القيلولة يغرد بصوت غريب .. فيتفاءل الامهات والاخوات بالخير .. لا بد ان هناك قادم من المهاجر .. كل واحدة تترجم الحالة حسب رغبتها فتلك تنتظر عريساً وهذه تنتظر عزيزاً أو اخاً او ابناً او زرجاً .. فيردون على الطائر بعبارات مثل ( هيرون ..) وبالعربية (خير) فيعتبرون هذا الطائر من الطيور الجنة .. فكان صيدها أوقذفها بالحجارة ممنوعاً .. وبعد ساعات تجهيز الفطور عندما يكون المطبخ خالياً تأتي هذه الطيور لتأكل فتات الكسرة وبقايا الطعم في المطبخ دون زجر ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
Quote: ناصر اننقا ..
ما أجمل ان يوشح الشخص اسمه برمز في قامة المحس ..
ما سي .. مسكاقمي ..
يشرفنا ان نكون معكم في هذا الفضاء الواسع ..
ناصر اننقا .. جينا هنا عشان نكون اضافة ننقل بعض ما يجهله الناس عنا
شكراً ناصر اننقا ..
وليك التحية والتقدير ..
حلفا ويرا ... سكوت ويرا ... محس ويرا ... دنقلا ويرا .. نوبا ويرا .. |
الف مرحب بك اخى على فى حوش بكرى انت تنقل لنا التراث النوبى الجميل
ـــــــــــــــــــــ
بالمناسبة انت من اى منطقة ؟ من كرمة والبرقيقة ولا من مشو
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: ناصر المحسى)
|
ناصر أننقا ..
أنا من جزيرة ارتقاشا .. وهي جزيرة تمتد داخل النيل من ققصاد ارقو او بالاحرى من ( قصر الشاعر والاديب النوبي حمرة الملك طميل ) وحتى رأس سلنارتي ..
من الشرق ارقو ، البرقيق ، كرمة البلد .. ومن الغرب مشو والحفير .. وفي نهاية ارتقاشا .. تقع جزيرة عبدالله نارتي وهي تفصل بين ارتقاشا وسلنارتي على رأس بدين ..
كل دارستنا كانت في البرقيق الاولية والاميرية الوسطى ( التي كانت تجمع فيها طلاب تسع مدارس من سمت حتى البرقيق ) ثم دنقلا الثانوية ومعهد المعلمين في امدرمان
ناصر أننقا .. نحن في حدود المحس والدناقلة نجيد ( الدنقلاوية والمحسية ) اجادة تامة وبعمق وطبعاً مكاننا البرقيق ( ارتقاشا شرق ) أول مرة ازور فيها العاصمة وعمري اكثر من عشرون عام .
زي ما قال وردي رحمه الله من ضواحي الدنيا جيت على رحالي .. مشكلتي اللغة العامية او العاصمية .. زي ماقال وردي مع حسين خوجلي .. نحن كنا ندرس لغة العربية لكل السودان لكننا لا نجيد التحدث بالعامية ..
عندي بوست تاني بهناك ( عن العاشوراء .. )
ناصر اننقا .. جيت هنا عشان انشر ما استطيع من التراث النوبي .. لأن الملعب هنا واسع .. ما زي المنتديات النوبية محصورة في اهلنا فقط ..
تاني تحياتي ليك .. وخلي اسمك كده موشح بالمحسي ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
عوض امبس ..
ووو عوض جاه الرسول ..
حقيقة زمراوري ده زول جميل وشاعر رائع بختكم انتو في قطر سمعتوا ليه وعبداللطيف سيداحمد شاعر نوبي رائع ومتمكن جداً ..
سوف أحكي لك اسطورة طائر ( قلوكاب) عند الوبيين ..
كان النوبة في السابق يهتمون بالاناث اكثر .. وكما ورد في التاريخ انهم كانوا يورثون ابن الاخت في الحكم والزعامة ..
وكانت الكنداكات هن القادة في السياسة والحكم ..
وبدخول الاسلام تمت المعادلة رغم ان هذه الاهمية موجوده حتى اليوم في مجتمعنا .. وعلى مستوى السودان اقل الناس تعدداً للزوجات هم النوبة .. لأن المرأة النوبية شاطرة .. في نظافة البيت حتى الحوش وخارج الحوش وبالمناسبة قبل فترة قرأت في جريدة عن صحفي ذهب الى احدى قرى حلفا الجديدة فأعجبه منظر نظافة البيوت والشارع أمام البيوت .. فكتب بإندهاش وبالصور عن درجة النظافة وهي ممارسة عادية للمرأة النوبية لأن البيت هو عنوانها .. وبعدين طباخة ماهرة جداً .. وتأثير مصر ( مش مصر اليوم مصر زمان ابام الملك ) تأثيره واضح جداً على المطبخ النوبي .. العيش بالفرن .. المحشي .. طبخة الملوخية المفرومة .. الطبيخ المسبك .. وتعرف ان تتزين وتتجمل بدون اسفاف ..
نرجع لقصة طائر ( القلو كاب ) .. وتقول الاسطورة أن النساء يتفاءلن بقدوم هذا الطائر الى البيت .. لأن مجموعة من النساء أستغربن من تعدد الزوجات .. وطالبن بالمساواة مع الرجل .. وقاموا بكتابة رسالة الى احد علماء الدين وارسلوا هذا الطائر لحمل الرسالة والعودة بالرد .. وكان فحوى الرسالة ان النساء يردن تعدد الازواج للمساواة مع الرجل .. ولكن المرسال حتى يومنا هذا لم يأت بالرد .. وهذه الاسطورة هي التي تبرر سبب اهتمام امهاتنا واخواتنا بطائر ( قلوكاب ) ..
عوض امبس والى ان يرجع القلوكاب بهذه الاخبار .. سوف ننتظر ..
وقد ورد اسم هذا الطائر في كثير من الغناء والاشعار النوبية .. وهذا الشاعر الجميل نوري سعيد علي يقول ( قلوكاب وج وجو تيكي .. قونجي تيقرو مرسالقي ) الترجمة كما ن ( يقول الشاعر عندما نسمع صوت القلوكاب ننتظر عودة مرسال بفارق الصبر )
وبعدين تعال شوف الشاعر الحلفاوي الجميل سليمان عبدالجليل شاعر يا حليل الراحو بيقول ( وين شفو طيرو وجوجو في أمل ) احساس واحد بين دنقلا وحلفاوي نوري عبر بالدنقلاوية وسليمان عبدالجليل عبر بالعربية واجاد كما حمد الريح المحسي ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
كان أهلنا يعتبرون الزينة بدون مناسبة نوع من قلة الادب .. يعني لا يمكن للمراة ان تتكحل وتتزين وتتعطر وزجها مسافر .. حتى إذا الزوج مقيم معها فلا يمكن لها ان تتزين بدون مناسبة ولو تزينت لا تبالغ في الزينة.. أما الفتاة والعزباء كانت ممنوعة من الزينة إلا صابون الغسيل العادي .. فهذا السلوك ربما به تداخل القيم والموروثات .. وزينة المرأة وجمالها هي الشعر وكانت المرأة التي تملك الشعر الجميل والطويل هي سيدة الموقف وكانت تتعمد كشف شعرها امام اخواتها وتهزها يميناً ويساراً وهذه الحركة تسمى ( كالاويد ) Kalaweed وكان يطلق عليها عبارة ( Kalawa ) وهي كانت صفة غير حميدة خاصة اذا كان على مرأى من الرجل .. والشعر كان يعطر بأغصان السدر او الكويد بالنوبية ويضاف اليه بعض العطور واجمل انواع المشاطة كانت ( كوكي شير ) وهي المشاطة الدقيقة ( Koki sheer ) والمساير ( اور نوقول oor nogol ) المموجه كانت احلاها والموج ( Arriah ) يضفي جمالاً وإذا بالغت كانت تضع ( توكة ) بين تلك التموجات وتوزعها بطريقة رائعة ومنسجمة .. والمتدلية من المساير كانت احياناً تلف خلف الاذن بطريقة اقرب لوضع النظارة حالياً وهذه الحركة كانت تكشف عن جزء كبير من الوجه وكذلك الشلوخ الجميلة .. وكانت الشفاه تدق وتلون بالرماد وبعض الادوية المحلية لتكتسب اللون الاسود وأي جمال خاصة إذا كانت المرأة قمحاوية اللون ( الليه ) ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
وفي الاساس النوبيات تقاطيعهن جميلة جداً من حيث الانف والعيون والشفاه والفم تلاحظ ان فيها دقة وجمال ( سبحان الله ) .. هذا في الاصل ولكن ربما للمرض وسوء التغذية او العمل الشاق الغير المناط بالاناث يحدث نوع من الارتباك لهذا الجمال الموروث .. و في اي مناسبة وخاصة الولادة والاعراس كان يتم تحضير ( الزيت المعطر ) دس نوميل .. وهي عبارة مجموعة من المكونات بالاضافة الى الدلكة وبالنوبية (بوكريه ) وهذه الخلطة نوبية بالكامل اورثها لكل الوطن لأن اساس تركيبها القمح وكان القمح حكراً على الشمال .. وكان النساء يجدن فرصتهن في مثل هذه المناسبات وخاصة مناسبة الولادة لعمل الدلكة والعطر .. والرجال في ذلك الوقت كانوا يعشقون المكتنزات من النساء .. وكان بعضهن من ذوات المستويات العليا يتعمدن عمل بعض العصائد والنشويات الكثيفة من الدقيق واللبن لزيادة اوزانهن .. أما الغالبية العظمي فعمل السواقي ومساعدة الازواج كانت ضرورة قصوى لذا لم يكن لهن اوزان ثقيلة في الغالب ولكن كنت ترى فيهن رشاقة الغزلان التي تدفع من اجلها الملايين في ايامنا هذه ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
الدبله مع الوقية :
الغريب ان الدبلة تختلف عن الدبلة الحالية التي تلبس في اليد وكانت الدبلة توضع في الانف عبارة عن حلقة صغيرة تربط الفتحة او الفراغ بين البداية والنهاية بخرزة مشهورة مازالت موجوده حتى اليوم وتلبس كحواشي للذهب وتسمى (تيلة ) بالدنقلاوية ولا اعرف مسمى لها بالعربية .. والدبلة هي حلقة صغيرة دائرة في حجم ربع الريال الحالي ومثل الدبلةالتي تلبس في الاصبع .. والدبلة غير الزمام ويختلف عنه قليلاً لأن الزمام كان واصلاً بين الاذن والانف . وكذلك القشة وهي عبارة قطعة صغيرة في نجمة توضع على سطح الانف وتربط من الداخل .. وحالياً توجد القشة ولكن عن طريق اللصق وانتشرت مرة اخرى بعد ان انقرضت ولكن بطريقة حديثة .. واصلها قدم الهند ..
.
الوقية .. دهب الوقية وهي صيغة وزنها تقريباً اوقية او يباع هكذا وغالباً ما يقصد به ( العكش ) او (الهكش) كما يسميه اهلنا .. وهي عبارة عن شكل هلال يعلق في مكان القرط في الاذن وهكش الوقية كانت تلبس بالجوز في كل اذن ( يعني اثنين في كل اذن ) او في المجموع اربعة قطع ( كل قطعة ربع وقية ) وكي لا يتدلى طرف الاذن الى الاسفل كان يربط من فوق الرأس بحرير احمر وكان ذلك امعاناً في الترف ولزوم البهرجة .. حيث كان النساء يتعمدن برمي الثوب من الرأس حتى تظهر العكشات امام الناس ويعرف الناس قدرها وكمية الزينة عندها .. وهذا كان يدل ان وزجها مغترب في مصر واقصد مصر قبل عبدالناصر ايام الملك فاورق وقبله يعني عهد الخديوية وكل هذه المصوغات كانت تجلب من مصر .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: ناصر المحسى)
|
ناصر اننقا ..
ما سي أشيري .. هكير في ..
الشاعر والملحن محمد عبدالوهاب هو اخي الاصغر ..
يا ناصر نحن جبلنا على حب التراث النوبي .. من صغرنا ونحن عيونا على الدفوفة والاثار الكوشي ..
هو مبسوط في البلد .. وعنده اغاني كثيرة .. ونشاطه متواصل .. وعنده كتاب تم تدشينه ( تربال في مزرعة مسفر ) عن ذكرياته في السعودية ..
تحياتي ليك ناصر اننقا ..
اخوي ناصر سوف نواصل في هذا الكوة بقدر ما نستطيع لاثراء الفكر النوبي ..
وبعدين كما تنسى في شباب كان تكوينهم خارج المنطقة النوبية أو هم صغار السن ..الخ
ناصر اننقا .. لقد وجدت الكثير من التشجيع عبر الهاتف النوبيين المنتشرين حول العالم ..
الظاهر يا ناصر ناسنا اتوزعوا حول العالم ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي سيد همد)
|
على اننقا .. الغربة عملت فينا عمايل .. وكفي ان يطفيء احدنا قيظ هذه الغربة بالذكريات ..
علي اننقا .. بعض الاسماء تعجك تحب اصحابها وتجلهم قبل ان تراهم او تتحدث اليهم .. همد ( يا سلام ) أصالة وتاريخ وكما محدد ولا يحتاج الى سؤال .. من اين ؟ ومن ؟
على طول العراقة والانتماء ..
خلينا نوثق شوية لاصلنا واهلنا ونوبتنا ..
هيرووو قوو .. ووو همد اننقا
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
شونووق بالمحسبة ،، سوركا بالدنقلاوية ...
في الغالب ( شونووق) بالمحسية او ( سوركا) بالدنقلاوية وهي المحفظة التي كانت تعلق على الرقبة وتتدلى الى اسفل البطن .. ولكن ما معنى الكلمة ( شو) معناها الخطاب او الورق المكتوب ( نووق ) معناها المحفظة او المكان الآمن للحفظ .. ونفس المسمى بالدنقلاوية (سور) هو الورق المكتوب ايضاً إذا خطاب او غيره من تعاويذ الدينية و(كا) بمعنى المنزل او مكان الحفظ . ولأننا أمة عرفنا الكتابة من زمن بعيد فكانت الطقوس الدينية التي تكتب في الاوراق في شكل تعاويذ تمثل نوع القداسة والحماية الجسدية من كل شر قادم وهي البراءات الكنسية وقصاصات من الطلاسم وعندما جاء الاسلام تمت اسلمة هذه الممارسة واصبح سلوكاً لدى الكثيرين .. وصار منها انواع تقلد بها الاطفال في كل مراحل العمر بل كان من الثوابت من مرحلة الرضاعة حتى الدخول الى المدرسة ..
والشيء الآخر هو ان أهلنا عرفوا العملة النقدية من زمن بعيد .. وكانت وفرة النقد بفضل القرب من مصر وقد جلب اجدادنا النقود ( دنانير والجنيهات الذهبية والريال المجيدي ) هو السبب في استخدام ( شونووق ) .. وكانت هذه المحفظة مقسمة جزء للنقود جزء للجنيهات الذهبية جزء للتعاويذ واحياناً كانت الحبوبة تستخدم جزء منها لتخزين ( التمباك الاخضر والجردقة ) لزوم الكيف .
سنواصل التأصيل ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
كانت الخاصية المثالية للفتاة هي أن تكون مكتنزة الجسد .. ناهدة الصدر .. وكانت الامهات في السابق يحرصن على زواج ابنائهن من تلك الخيارات .. لأنها دليل صحة وأنها سوف تأتي بأبناء من ذوي البنية الجسدية القوية وهي المطلوبة في ذلك الزمان لمواجهة المشاق في اعمال السواقي من تركيبها وردم جداولها وتناول اخشابها التي كانت تصنف من الاثقال مثل (ديمر الساقية ) والحلقة الكبيرة الصغيرة ... الخ . فقد برع شاعرنا الحردلو وفقيد الامة والتاريخ والسودان والبشرية والفن وردي رحمه الله .. فلم يكن اختيار الشاعر المغني عشوائياً ولكن أتى هذا الابداع من مخزونهم اللاشعوري من حكاوي الحبوبات والامهات وقد سمعوا همس الامهات زمان مع بعضهن في اختيار الزوجة المثالية . كثيرون ممن لا يدركون هذا يقرأوون الحردلو ووردي بسطيحة وغرائزية :
يا بنت يا نهيداتا يادوب قايميين
شاليين تخا ورخا
شاليين بنين وبنات
أن هذه الانثى هي رمزية سبب القوة والسواعد التي تخرج خيرات الارض .. هي الام هي الرضاعة هي الحليب هي الصحة هي العافية وهذا صدر الذي هام به هؤلاء صعاليك الشعر من اصحاب الوصف الحسي كان عند سيدأحمد الحردلو ووردي هو ذلك الرمز (شايلين تخا ورخا .. شيايلن بنين وبنات ) فهذه الفتاة هي أم الغد التي سوف تنجب الرجال الاشداء من رضاعة ذلك الثدي الممتليء بالخير والعافية لأن القوة الجسدية للتربال هي الاهم في سبيل توفير الخير والنماء .. فالساقية كانت كل اعمالها تحتاج الى قوة جسدية هائلة لصيانتها وتحريك مكوناتها من الاخشاب الضخمة وفي ممارسة الزراعة ومقاومة الفيضان وكانت تلك الانثى هي الزوجة النموذجية التي تبحث عنها الام لولدها من وسط بنات العائلة على الاعتبار ان الام هي الجينة الاساسية التي تورث ابنائها كل التفاصيل الظاهرة.. فكل من قرأ لهؤلاء سوف يبحث أن اصل تلك الرموز والاحداث ومنها يدخل في دائرة الادب النوبي ومن ثم البحث في اعماق هذه الحضارة .. فشاعر والمغني من حاضنة واحدة .. شخوصاً وسلوكاً حتى لو اختلف اللسان قليلاً
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: Mohamed Hamed Ahmed)
|
استاذي محمد حامد احمد ..
كلماتك وسام توشحه واتباهي به .. أخي الكريم ..
يا سلام يا محمد كثر الله من امثالك ..
استاذي محمد .. هكذا نريد ان نظهر تراثنا وفي قالب سردي سلس ليكون مقبول للقاريء ..
بعدين حرام هذه القيم تضيع بدون توثيق ..
نعم هنالك الجداريات والاثارات باقية وستبقى ولكن الممارسات والعادات والتقاليد التي رسخت الكثير من القيم في مجتمعنا لا بد من أن أصلها .
مداخلتك سوف تدفعني إلى المزيد والمزيد ..
أخي محمد أنا من جزيرة نائية في وسط ( ارتقاشا ) لم نأت الى المدينة إلا بعد ان بلغنا من العمر مراحل .. وعشان كده نريد ان نفرغ هذا المخزون ..
وسوف أواصل ان شاء الله ..
تاني بشكرك كتير .. يا رائع ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: عوض جاه الرسول)
|
عوض امبس ..
أنا كل يوم بمشى الاستراحة الفنية التي جلبتها لنا ..
لكن المشكلة أنا في مكتب والواجد عندما صاحب العمل بالسماعة ( ......... )
عوض بالله حاول اثراء البوست ذاك بكل جديد .. عشان نكون متابعين ..
أنا مشكلتي ما بعرف اتعامل مع التكنولوجيا .. زول تربال جيت من ارتقاشا راس للسعودية ..
حاولت اعمل .. لنك ..رابط لكن ما عرفت ..
هيروو تيق ووو أواد امبس .. عشان حرف الضاد ما في النوبية ..
تحياتي ثاني وثالث والف مرة
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
استاذ على
واصل سردك النوبى العالى ونحن نتابع باعجاب اسلوبك الرصين... والحديث عن العادات النوبية ذو شجون ... اسكاليه وعدة الساقية ترانتاريه...فاشيه ... سورقاديه... أرقادى... أرقادي نس... قوروندى... تكم... ألس ...توريه... قاما... تيريب... أشمان ألى... ميتار... نوج... والاكلات النوبية... تركينج... سو... نوى... كابيد... كابا نرى... إيتير ... إيتير ديسى... بوجى... أريج... ميشى... أنقيسى... كلمات كثيرة ووراء كل كلمة ذكرى... واصل تنقيبك الجميل في التراث النوبى..
الاستاذة سلمى الشيخ سلامة يبدو انها سألت عن الدكتور مختار خليل كبارة رحمه الله والذى اول كتاب عن كيف تتحدث باللغة النوبية وتوفى في عام 1979 في نفس اليوم الذى أكمل فيه مسودة الكتاب وقام مركز الدراسات النوبية والتوثيق بقيادة الاستاذة الكبيرة الكنداكة الأخيرة سعاد ابراهيم احمد متعها الله بالصحة وطول العمر...
واصل... نحن متابعين يا استاذ على...
نورالدين منان / نورى جليلة
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: ناصر المحسى)
|
ناصر اننقا .. إنت خلي بالك زينا كده عايش بجسدك في المهجر .. ناصر انت زول جميل واشعر انك تحمل الوطن بين جنبيك ( الوطن اقصد هناك أهلنا في البلد ) أحس إنك تعايش الذكريات وتستحضر القرية والنيل والنخيل والسواقي .. انت عارف يا ناصر الصورة ديك رجعتني سنين طويلة جداً .. بعدين نحن لمن صغار كان في عملة اسمها ( البوتاب ) حاجة زي ما تقول المليم كنا نشاهدها فقط ولكن لم نكن نتحصل عليها .. لأن التعريفة كانت مبلغ بالنسبة لنا في الصغر .. ومصدر دخلنا كان من التمر .. نجمع التمر ونذهب الى الدكان كل حلة فيها دكان واحد صغير ومحدد .. والغريبة أن التاجر كان يعرف اذا التمر المسروق لأن هناك النخيل وانواع التمور معروفة بالاسماء يعني لا يمكن لي آخذ من تمر الغير لبيعه في السوق .. وهنا كانت تسود اهمية القيمة والاخلاق فوق الكسب المادي مع ان النظرية تقول ( ان السوق بدون اخلاق وكسب فقط ) اذا التمر مسروق كان التاجر يأخذ تمرك ولا يعطيك مقابله شيء بل تتعرض للسؤال والجلد من التاجر نفسه ويرسل التمر الى صاحبه .. ومثل هذه التربية هي غرست الامانة في أهلنا حتى البسطاء منهم ..
ناصر اننقا .. سوف نأتي بالكثير إن شاء الله .. ومشاركاتك تثير الذكرى وتقودني الى ما كان غائباً عني .. واخيرأً تقبل تحيات الاخ محمد عبدالوهاب هو لسع كده ليبرالي ( بيني وبينك )
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: Mannan)
|
الدبلوماسي الرائع منان جليلة .. أثناء محاضرة في جمعية قسطل في جدة بالمناسبة هنا نحن ونوبة مصر موحدين .. وكانت عن المرأة النوبية تناولت إفتخارك بإسم والدتك كمثل عن أهمية المراة وقميمتها في حياة اهلنا وكذلك الاستاذة سعاد آشا (علي سبيل الاعتزاز بالام ) .. منان آننقا .. فلسفة الساقية كانت مهمة في حياتنا فهي التي علمتنا الحدود ( الكيل ) وعلمتنا التراتب الوظيفي او الهيكل التنظمي ( السمد ، التربال ، بينتود ، أروتي ) تماماً مثل اي شركة حديثة اليوم وهذه قيمة تدفع الى احترام المؤهلات والمعرفة .. بالاضافة الى تعريف الحدود والمياه الاقليمية لكل ساقية حتى الفضاء بين السواقي بمعنى أننا لم نكن نرمي حجراً على نخلة في الساقية الاخرى لأن الفضاء ملكهم وليس لنا حق في ذلك .. هذه الثقافة علمتنا التصرف الحضاري وعدم الاعتداء على الغير .. وترويض الحيوان لصالح الانسان يعني بقرتين فقط للمحراث والساقية توفر طعام لأكثر من 150 بني آدم وفي مناطق اخرى يملك الشخص الف بقرة ويموت جوعاً لأن عدم تطويع الحيوان اقتصادياً او نفعياً يقرب الحيوان من المشاركة في تقرير مصير الشخص وعدم مراعاة الحيازات والمزارع والحواكير فتنشأ مشاكل لا حد لها .. ومثل هذا الاستقرار والممارسات الحضارية هي التي جلبت لنا الامن الطبيعي في الشخصية والمجتمع عموماً .. بالله انشروا هذه الثقافة في المنابر في الخارجية .. وخاصة قصة الحدود .
عافيلقو .. الدبلوماسي الكبير .. وأنا تشرفت كثيراً عندما شاركتني بهذه الكلمات الرائعة .. هناك بوست آخر عن العاشوراء عند النوبة نرجو منك ان تضيف إلينا شيئاً هناك ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
النوبي الجميل ابونبيل .. وجدت تعليقك اسفل الشاشة في تعليقات القراء ( فيسبوك) .. تحياتي ليك .. شايف عندك الفنانين النوبيين ( كبوش ، ومكي ، وشنان ، محمد عبدالرحمن ) .. لقد اثار ذكرياتي محمد عبدالرحمن .. هذا الرجل كان تسيد الغناء النوبي لفترة طويلة من ابوفاطمة لحد دنقلا .. بعد أن سيطر حسين لالا لفترة طويلة على الغناء حكراً له .. ثم كان محمد عوض من بدين .. ولكن محمد عبدالرحمن ظهر بالعود وباللبس الانيق لأنه هو ذاته كان وسيم ويرافقه اخاه الاصغر منه جمال وكان يغني أغاني وردي بالنوبية وغطى جزء كبير من النشاط الفني في المنطقة .. إلى أن ظهر القنبلة صاحب الصوت الجميل وفنان الشباب الاول والشابات كمان .. ( كان زول ابيض كده ووسيم ) نصر توفيق ( رحمه الله ) وهو من نفس منطقة محمد عبدالرحمن ( تمبس عشكان ابوفاطمة ) ولم يجد في فنان في المنطقة مثلما وجده نصر توفيق من رواج تماماً كمان ابراهيم عوض في امدرمان .. كان صوت وصورة ولحن وحضور ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
نواصل عن النوبيات وهنا بعض الخواطر :
عازة ..النوبية الصابرة
داخل بيت الجد الكبير وفي غرفة مفردة تسكن عمتنا (عازة ) وقد جاء هذا المسمى بفضل احد افراد عائلتنا وكان قد احضر من مصر اسطوانة في الاربعينات وبها اغنية ( عزة ) للفنان الرائع خليل فرح وقيل أن أهل القرية كلهم كانوا يجتمعون حول هذا الجهاز العجيب ليلاً وحقيقة ان لغة خليل لم تكن مفهمومة لديهم الا اسم ( عزة ) الذي انتشر في ارجاء جزيرتنا ونجد ان معظم مسمى (عازة) هن من مواليد ذلك الزمان .. ( عازة ) كانت على درجة من الجمال بمقاييس تلك الفترة بلونها القمحي وشلوخها الرائع على الخدين و( مسايرها ) المسترسلة .. تزوجت من ابن عمها الذي سافر الى مصر كعادة ذلك الزمان حيث السواقي والارض الضيقة كانت لا تسع كل العائلة وخاصة في الجزر فكان الناس يفضلون السفر ويتركون الارض للاخ الاكبر ليزرعها ويكون المنتج لكل افراد العائلة في بيت الجد .. فالعمة ( عازة ) كانت تقوم بكل واجبات البيت الكبير ، تشرف على تربية الصغار وترعى زوجات الابناء عند الولادة وتتزعم المناسبات العائلية وتقوم بجزء مقدر من اعمال الساقية .. ولكن اكبر إهتمامها كان ينصب على اسراب الدجاج المنتشرة في فضاء المنزل والتي سوف تكون ولائم ووجبات دسمة عند قدوم زوجها من مصر .. غاب عمنا في مهاجر مصر لسنوات طويلة تاركاً (عازة) مع العائلة وهي صابرة ومحتسبة لم تشكو يوماً لأحد وفي المقابل لم تبدي بالظاهر اي شعور بالحنين او الشوق الى زوجها ولكن في قرارة نفسها تذوب شوقاً وهياماً لأنها في آخر المطاف انسانة لها احساس طبيعي كباقي البشر ولكن هي عفة المرأة النوبية وسموها النفسي والخلقي هو ما يمنعها من البوح بتلك الاحاسيس كما ان نمط التربية الاجتماعية للاناث في مجتمعاتنا تضع خطوط حمراء وقانون للعيب لا يمكن ان يتخطاها احد
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
في احدى المرات القليلة سمعت أن عمنا قد ارسل طرداً الى ( عازة ) وتجمعنا امام غرفتها وجاءت متأبطة تلك لفافة وكلنا شوق لمعرفة محتواها أما بالنسبة لها فكان مغزى هذه الهدية معنوية وتدل انها مازالت في ذاكرة ذلك الحبيب البعيد الذي غاب وطال غيابه.. فككت (عازة) اوصال الطرد فكان بداخله ثوب اسود ( كرب سادة) موضة ذلك الزمان وقطع من الصابون العادي والمعطر ( ابو ريحة ) وجلابية مصرية وكانت تسمى ( الغزلي ) انتاج غزل المحلة وكان زياً معتاداً لدى الذكور من اهلنا وكتلة صلبة من السكر ( الراس ) .. لم تدم فرحة عازة طويلاً لأنها استدركت ان الاهم هو الحبيب الغائب ورجعت الى حزنها النبيل وصبرها الذي لا يقدر عليه إلا امثالها من العفيفات الطاهرات .. مرت السنين كبرت عازة واصابها اليأس ومازالت صامدة لا تشكو ولا تتذمر ظاهراً ولكن مازال في أعماقها شوق ووفاء للغائب .. كان يوماً سعيداً عندما حضر عمنا بعد السنين وتواترت الاخبار من شرق النيل وتجمعنا في الضفة الغربية في انتظار وصول مركب السعد التي تقله .. انزوت عمتنا عازة في ركن واختفت عن الانظار لتتزين ببعض ما عندها من مقتنيات وخرجت من مخبأها بمسايرها المتموجة التي تتدلى حتى صدرها ويبدو وجهها كالقمر في ظلمة ثوب الكرب الاسود .. هذه عازة التي لم تكن تتزين ابداً منذ سفر عريسها .. ها هي اليوم على استحياء تبدي بعض زينتها .. استقر عمنا نهائياً في البلد ولكن بعد ان اكل منه الدهر وشرب وانجبت عازة ولدها الوحيد عوض الذي صار عوناً وركيزة لهم ولم تنجنب بعده لأن العمر تقدم بها بعد قضت جله في انتظار الزوج المهاجر .. عازة نموذج للمرأة الوفية التي لم تشكو ولم تتبرم رغم غياب زوجها لسنين طويلة .. فدمتي عمتي عازة رمزاً للطهر وتجسيداً للمجتمع النوبي الذي يتحكم فيه القيم والاخلاق وقبلهما قانون العيب .. هيروو ..وو .. آسا ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: Emad Khairy)
|
وووو ... عماد امبس ..
أنا بيعجبي اسلوبك الفخيم في التعليق ..
إنت لغتك مستواها عالي جداً ..
عماد أميس .. صحيح كلامك .. على ضفتي النيل من النوبة المصريين الى حدود الدناقلة .. نحن عبارة عن نسخ مكررة ..
نفس الملامح نفس وضع البيوت نفس النشاط حتى الفطور والغداء والعشاء والزي والام والحبوبة والاخت والاب والاخ .. الخ
كلنا عبارة عن نسخ متكررة ..
بالله شوف عمتنا عازة ديك .. في كل قرية كانت هناك نسخة مطابقة منها ..
تحياتي عماد ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
سويدية شقراء في قريتي ..
لا أدري كيف جاءت هذه السويدية الى مستشفى قريتنا (البرقيق ) في اقصى الشمال ، لماذا تترك واحدة من اجمل بلاد العالم وأرقى المجتمعات تقدماً ورفاهية لتعيش في ضواحي الدنيا حيث الحر القائظ والاتربة وحشرة النتما والعقارب .. ليس تقليلاً من شأن قريتي ارتقاشا شرق ولكن مقارنة بالسويد فإن أرقى احياء عاصمتنا بالنسبة لمدينة مثل (استوكهولم) يبدو كالسكن العشوائي .. .. أما مارقريت فمنذ مجيئها الى قريتنا كرست نفسها في خدمة اطفالنا داخل عنابر المستشفى المتهالك ليلاً ونهاراً بدون مواعيد أو ساعات عمل محددة تجلب الدواء والمساعدات من المنظمات الاوربية . لم يقتصر نشاطها داخل اسوار المستشفى بل إمتدت بعلاقاتها الاجتماعية ووطدت عرى الصداقة والمعرفة مع كل سكان القرية ، شاهدتها يوماً في منزلنا بالقرب من والدتي على حافة العنقريب يتبادلن الحديث رغم صعوبة لغة التخاطب بينهن فهن من فصيلة الاعاجم إلا ان مارقريت كانت تفهم بعض الكلمات الدنقلاوية ولاحظت أن تركيزها كان على اسراب الدجاج بصحبة ذلك الديك المميز ذو الشعر الذهبي وقد نال هذا الديك اعجابها مما دعاني في لحظة تجلي ان اهديها هذا الطائر الجميل ولكنها اعتذرت بكل رقة لأنها لا تريد ان يفارق هذا ديك عائلته .. عندها أدركت القيمة الانسانية عند هذه السويدية التي تركت نعيم اهلها وجاءت تعيش وسط هذه البيئة القاسية .. ثم نهضت تودع والدتي واصطحبتها الى باب الحوش بعد أن أنهالت عليها الوالدة بالدعوات بالبيت السعيد والحياة الرغدة والصحة والعافية والبنين والبنات وهي تتوسل بالفقرا والمشايخ ( الشيخ منور.. وسيدي الحسن ) وفي إعتقادها ان كل الناس مسلمون في هذه الدنيا فالمقياس عندها هي القيم والمثل وحسن السلوك .. وعند عتبة ذلك الباب العتيق وجدت (الولي ) فهو ممن يطلق عليهم الزهاد ومن سليل عائلة اشتهرت بالتصوف ، طويل القامة ، غائرالعنين ، نحيف الجسد .. يعتقد اهلنا انه من أولياء الله ويتفاءلون بمقدمه ويتبارون في ارضائه وإطعامه .. وكان دائماً ما يتقمص شخصية الطبيب ويضع حبلاً حول عنقه ليحاكي به سماعة الطبيب ، وقد اكتشفت انه في وجد وهيام خفي بهذه السويدية .. وكان رهيف الاحساس يحب الجمال وينظم أغاني الحب والعشق ويترنم بها كلما شاهد إحدى نساء القرية ولكن مارقريت ارتقت بذوقه من الوله والهيام ببنات القرية الى عالم الشقراوات .. وأثناء مداعبتها بعض الاطفال في الشارع ألقت بالتحية على (الولي) الذي كاد أن يذوب من شدة الوجد واختفي صوته الهادر وصار حشرجة مكبوته وجحظت عيناه الغائرتان وأتكأ على جزع الشجرة هو يتابع بنظراته خطوات هذه الشقراء الساحرة .. وما إن ابتعدنا قليلا عن (الولي) حتى رفع عقيرته بالغناء وصار يشدو بالدوبيت المعروف من ثراث الشاعر الشعبي عبدالسيد شرشورة (يا بنوت أللقية .. اللابسة الشف مع الوقية ) وظل يرددها حتى اختفت مارقريت بين أزقة الحي وصدى صوت الولي يتبعها ، وما زلت استحضر بعض نغمات ذلك الولي وأترنم به في خلوتي ، لقد مضى ذلك الزمن الجميل بكل رموزه .. وها هي الايام تقذف بنا الى غياهب الغربة ، فقد رجعت مارقريت من حيث اتت ورحل الولي عن هذه الدنيا الى رحمة مولاه .. أما والدتي فما زالت مارقريت عالقة في ذهنها ورغم هذا التواصل ومحاولات مارقريت المتكررة معها لم تستطيع النطق بإسمها وكانت تناديها (مسوودا) وهي الجميلة بالعربية ، فكلما رأت شقراء في التلفزيون تجزم أن لها صلة قربى بمارقريت ...
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
هكذا كانت أمي تتعامل مع مارقريت السويدية ..
لأنها كانت ترى مارقريت تقدم خدمات في غاية الوفاء والتضحية للاطفال ..
لم تكن تتقزز من وضع الاطفال ولم تكن تنفر منهم ..
كنت ألاحظ ان هناك توافق سلوكي وقيمي وانساني طبيعي يمثل قاسماً مشتركاً بين والدتي ومارقريت رغم عدم التواصل اللغوي إلا بمفردات قليلة جداً .. لأن والدتي أعجمية اللسان ومارقريب كذلك .. ولكنها كانت تردد بعض المفردات النوبية ( كالتحية .. ونعم .. ولا .... الخ ) وأجمل هدية كانت الوالدة تقدمها لها هي البيض وخاصة في فصل الشتاء .. لاحظت مرة أن والدتي جربت البيض امامها في اناء مملوء بالماء لفرز البيض الجيد من الفاسد .. فكانت دهشتها كبيرة بهذه الممارسات وكنت اشاهدها تذهب الى حيث ( الزير ) وتأتي بالماء وتقوم بهذه العملية بنفسها ..
لقد استنتجت من تجرية مارقريت ان هناك سلوك انساني يمثل القاسم المشترك بين البشر ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: محمد على طه الملك)
|
محمد امبس ..
انت زول عميق وتجعلني اتعمق خلف سطورك ..
كيف لا نتطابق وكل شيء في حياتنا متشابه من حلفا الى ما بعد كريمة ..
محمد اميس اشعر ان هناك وحدة شعور ووحدة احساس ووحدة قراءاة لكل تفاصيل الحياة بين أهلنا مهما كانت المسافات والازمان ..
هناك تواصل وجاذبية صامتة ( شيء ما ) يمكن للعلم ان يكتشفه في وقت ما ..
تحياتي لك اخي .. وانت صاحب حرف جميل ومداخلات ذكية ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
عم توفيق ريس المركب وحقوق المرأة
عمنا توفيق ( رحمه الله ) لم يكن رجلاً عادياً في حياة اهلنا من سكان جزيرة ارتقاشا وكان إسمه مقترناً بمركب التعاون (المشرع) التي تقل الناس بين ضفتي النهر عدة مرات في اليوم وهي المهنة الوحيدة التي خدم فيها طوال عمره المديد .. واكثر ما إشتهر به الرجل هو شدة تعامله مع الجنس الآخر ، خاصة وان طبيعة مهنته كانت تضعه في مواجهة يومية مع النساء .. يبدو ان حرص عمنا توفيق على اولويات السلامة والانضابط يتخطى أي نظرية أخرى تدعو الى الرومانسية والرقة .. وتكونت لديه قناعة مسلمة أن الاثني لا بد ان يتعامل معها الرجل ( بالعين الحمرا) ونجح تماماً في ضبط ايقاع عمله والسيطرة الكاملة على مرتادي المركب وخاصة من الاناث .. ولم يلاحظ على الرجل ان تعامل معهن ولو لمرة واحدة برفق او النعومة لأنها اصلاً غير واردة في قاموسه على الاطلاق وأجزم انه لم يسمع حتى بالحديث الشريف (رفقاً بالقوارير ).. وعلى النقيض كان رواويس المراكب السفرية (بيليك) ممن اشتهروا بالرقة والحنين والطنابير وأغاني الغزل الجميلة والتشبب بالفتيات وكانت لهم معجبات في كل الموانيء التي يرسون فيها ينتظرن تلك المواعيد في شوق وهيام .. فالمراة عند عمنا توفيق هي المرأة دون اعتبار لأي مقياس آخر ، وقد أقسمت لي احدي خالاتي أنها خلال عمرها المديد لم ترى يوماً هذا الرجل بوجه مبتسم مع النساء ناهيك عن تبادل حديث الود او اي نوع من المزاح المباح .. ولكن لم تنطلي هذه النظرية على كل النساء لأن منهن من يتمتعن بقوة الشخصية والحضور الطاغي مثل الخالة (اليسا) التي كانت تنبري للدفاع عن اخواتها من جور الريس الاستبدادي توفيق وتضع حداً لتطاوله حتى ينزوي خلف السارية هرباً من المواجهة مما يتيح الفرصة لأمهاتنا واخواتنا الجلوس في اريحية تامة في الجزء المخصص لهن ويتمهلن في الدخول والخروج من المركب والريس توفيق يكاد ينفطر من الغيظ ، ويشفي غليله في لفة التبغ ( القمشا ) وهو ينفث دخانها بعصبية .. وفي الغالب فإن نظرة المجتمع للرجل والاعتراف به كعضو فعال كان يتوقف على مدى قوته في السيطرة على من حوله من الجنس الآخر فكان يتحاشى ان يرافق زوجته او اخواته أو والدته في الطريق العام ناهيك عن ذكر اسمائهن خارج نطاق الاسرة والاهل .. وحتى في مرحلة الطفولة وفي المدارس الاولية كنا نصاب بالحرج عند ابراز شهادة الميلاد لأن اسم الام فقرة اساسية فيها .. كل ذلك تحاشياً من لقب ( إنجيلا ) وهي كلمة دنقلاوية تطلق على الرجل كثير الجلوس والاستماع الى النساء والانقياد لهن ولها معاني ومدلولات اوسع .. رحم الله عمنا توفيق الذي لو عاش ورأى هذا الزمن العجيب عهد سيادة المرأة والـ ( انجيلا ) ولو سمع تلك الضجة التي تثار عن حقوق المرأة لأنتحر من سارية مركبه .. أما الخالة ( إليسا) أطال الله في عمرها فهي المرأة القوية أخت الرجال التي تنال الاحترام والتقديرمن الجميع .. لأنها تتدخل في حدود الفضيلة وقوامة المجتمع وتدافع عن حقها دون ابتذال او خروج عن الخطوط الحمراء ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
على ذكر الخالة أليسا تذكرت انها كانت ضابطة الايقاع والمشرفة على المناسبات بل كانت توقف كل متهتك عند حده مهما كان .. كان جرئية واخت رجال .. وبسيرتها تذكرت مراسم الزواج الزمان ولأنها كان تقوم بدور ( المشاطة ) فقد اثارت سيرتها الشجون :
لم يكن من الصعب في ذلك الزمان اختيار العروس فهي غالباً ما تكون من دائرة الأهل القريب والبعيد .. ويبدأ الاستعداد بنفير اللياسة .. والنوبيات لهن باع طويل ومعرفة بالديكور وتنظيم ونقش الجدران والملاحظ ان بعض النقوش موروثة من الزخارف النوبية وموجودة في الجداريات الأثرية الى يومنا هذا .. ثم يبدأ عزل العروس في منزل قريب .. ولأن الزينة بالنسبة للفتاة كانت ممنوعة بالمطلق .. فكان تجهيز العروس يمتد الى أيام طويلة .. حيث تأتي زميلاتها من حدب وصوب ويتجمعن حولها وتأتي المشاطة وهي غالباً ما تكون إمرأة ذات شخصية قوية تتحدث بدون حواجز او خطوط حمراء ويمكنها ان تخوض في كل التفاصيل الخاصة جداً ويمكن ان تشرح للعروس كيف تواجه عريسها في الليلة الاولى وتلقنها كل ما يصلح من اقوال وممارسات تلك الليلة .. ويكاد باقي الجمع من فتيات يذبن خجلاً .. ثم كان عادة غريبة جداً تعتبر من عناصر المكياج وهي اضافة الشعر المستعار عن طريق المشاطة .. ورغم ان نوبيات شعورهن مسترسلة إلا أن هذه الممارسة كانت بمثابة الموضة في تلك الايام وكانت عبارة خيوط من الشعر في شكل حزم موجودة في الاسواق وتسمى ( جورسيه ) وتنغيم الاسم يدل على أنه ربما كلمة فرنسيه .. ويستمر هذا المعسكر المغلق لفترة طويلة الى يأتي يوم العقد ثم توجه العريس الى منزل العروس في الثلث الاخير من الليل .. عندها يتم إرجاع العروس الى منزلها بكل خفاء وبسرية تامة ..
سنواصل ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
على ذكر الخالة أليسا تذكرت انها كانت ضابطة الايقاع والمشرفة على المناسبات بل كانت توقف كل متهتك عند حده مهما كان .. كان جرئية واخت رجال .. وبسيرتها تذكرت مراسم الزواج الزمان ولأنها كان تقوم بدور ( المشاطة ) فقد اثارت سيرتها الشجون :
لم يكن من الصعب في ذلك الزمان اختيار العروس فهي غالباً ما تكون من دائرة الأهل القريب والبعيد .. ويبدأ الاستعداد بنفير اللياسة .. والنوبيات لهن باع طويل ومعرفة بالديكور وتنظيم ونقش الجدران والملاحظ ان بعض النقوش موروثة من الزخارف النوبية وموجودة في الجداريات الأثرية الى يومنا هذا .. ثم يبدأ عزل العروس في منزل قريب .. ولأن الزينة بالنسبة للفتاة كانت ممنوعة بالمطلق .. فكان تجهيز العروس يمتد الى أيام طويلة .. حيث تأتي زميلاتها من حدب وصوب ويتجمعن حولها وتأتي المشاطة وهي غالباً ما تكون إمرأة ذات شخصية قوية تتحدث بدون حواجز او خطوط حمراء ويمكنها ان تخوض في كل التفاصيل الخاصة جداً ويمكن ان تشرح للعروس كيف تواجه عريسها في الليلة الاولى وتلقنها كل ما يصلح من اقوال وممارسات تلك الليلة .. ويكاد باقي الجمع من فتيات يذبن خجلاً .. ثم كان عادة غريبة جداً تعتبر من عناصر المكياج وهي اضافة الشعر المستعار عن طريق المشاطة .. ورغم ان نوبيات شعورهن مسترسلة إلا أن هذه الممارسة كانت بمثابة الموضة في تلك الايام وكانت عبارة خيوط من الشعر في شكل حزم موجودة في الاسواق وتسمى ( جورسيه ) وتنغيم الاسم يدل على أنه ربما كلمة فرنسيه .. ويستمر هذا المعسكر المغلق لفترة طويلة الى يأتي يوم العقد ثم توجه العريس الى منزل العروس في الثلث الاخير من الليل .. عندها يتم إرجاع العروس الى منزلها بكل خفاء وبسرية تامة ..
سنواصل ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
وهذه الخاطرة نموذج لجدة نوبية ربما تكون صورة متكررة في كل القرى والمناطق ..
يو.. فافا .. الحبوبة ..
اذكر جدتي (يو فافا) كانت نحلية الجسم قاسية القسمات رزينة الكلمات لا تبتسم كثيراً تتحدث بمقدار معين .. الجميع يحترمونها او بالاحرى يتهيبون منها ولا فرق عندها بين الذكور والاناث من ابنائها وزوجاتهم وكانت مميزة حتى في مظهرها الخارجي وزيها الخاص الذي هو اشبه بالجلابية الرجالية منه الى فستان النساء .. كان فستاناً فضفاضاً مركب من قطعتين جزء علوي وسفلي متساوي العرض .. لأنها كانت مستوية الجسد بدون تضاريس خالي تماماً من الدهون والشحوم فقط عظم مكسو بجلد فقد فعل فيها الدهر الافاعيل رغم انني سمعت انها كانت من اجمل النساء في شبابها ولكن هو حكم الزمن الذي يبلي كل شيء فلا علاج لمفاعيله .. لم تكن تلتف بالثوب كما هي العادة ، بل كانت تستخدمه مثل (الطرحة) او تكومه فوق رأسها وكأنها تحمل لفافة ملابس .. وكان الاكثر غرابة تلك الجيوب الكبيرة الواسعة في طرفي الفستان والتي كانت تسع مفتاح غرفتها ( الكوشر) وفي الجيب الاخر كيس التمباك ( تمباك القعب الاخضر مع الجردقة ) وبالدنقلاوية (تمباك دسييه ) وكانت تستخدم التمباك أحياناً كوسيلة استفزاز تلجأ اليه عندما تغضب او تستاء من امر ما .. تخرج كيس التمباك وتملأ فمها ثم تقذف معها بحبة الجردقة وعندها كنت اسمع فرقعة تكسير حبات ( الجردقة ) كتعبير استفزازي او عدم اكثراث بالمتحدث .. أما عماتي ووالدتي فقد كانت تصيبهم الرهبة في حضورها فهي لم تكن تكف عن الانتقاد المتواصل واجزم انني لم اسمع منها كلمة شكر أو اطراء لاحداهن مهما بلغن من الاتقان والالتزام خاصة وان سطوتها على الاناث كانت اكبر أقوى .. وما كان يثير دهشتي احياناً عندما اراها تنفرد مع ذاتها وتخلع فستانها الفضفاض إلا من تلك القطعة الملتفة حول خصرها والمتدلية حتى الركبة من (توب الزراق ) وهذه الربطة بالدنقلاوية تسمى ( سجَا ) وهي جالسة في وسط السرير بشعرها الابيض المنكوش وصدرها الضامر المغطى بشكبة من العروق والشرايين البارزة تقلب في اشياء تأخذها من صندوق ( السحارة ) التي احضرها جدنا من مصر ومحفور عليها اسمه بخط جميل .. وعندما تقترب من هذا الصندوق كانت تعلو وجهها النحيل تعابير غريبة خليط من الحزن والابتسامة وخروج تام من سياق شخصيتها المعهودة .. وكأنها تستحضر ذلك الماضي الجميل من حياتها وايام شبابها .. عندها أدركت لماذا لم تكن تتنازل يوماً عن مفتاح ( السحارة) لأحد حتى لو كان أقرب الناس اليها .. كنت اشاهدها تفتح ادراج ( السحارة ) وتخرج بعض خصل الحرير وانواع من خرز السوميت ومقتنايات اخرى مثل الريال المصرى القديم ( المشاهرة ) تلهب بها ذاكرتها وتقلبها بين يديها المعروقتين .. من معايشة ذلك الحدث عرفت ان جدتي رغم شخصيتها القوية وسطوتها إلا انها تتمتع بعاطفة جياشة وحب مكنون وقلب ينبض بالرقة .. مرت الايام وتغير الزمان وانتقل الناس شرقاً وغرباً وبقيت هي لوحدها في بيت جدي ومعها ذكرياتها وتتناوب على خدمتها بناتها وحفيداتها وفي يوم حر قائظ جلست الى جانبها وهي كعادتها بدون اي ملابس إلا من تلك الـ ( سجا ) التي تستر عورتها فطلبت منها ان تذهب معنا للاقامة في منزلنا لأنها تحتاج الى رعاية اكثر خاصة وان حفيداتها اصبحن في المدارس ولم يعد احد يتفرغ لها .. ولكنها رفضت واصرت ان تبقى هناك حتى تفارق هذه الدنيا ورغم كل الاغراءات والالحاح رفضت (يو فافا) كل توسلاتي .. وامعاناُ في الرفض تحركت نحو ( السحارة ) لتفتحها وتقلب مقتنياتها ، عندها تأكدت أنها لا تريد فراق مرتع الصبا وبؤرة الذكريات وكأنها تتذكر في تلك اللحظة يوم زفافها ويوم وضوعها الاول وايام عودة جدنا من مهاجره في ( مصر ) واستسلمت لهذا الواقع قاطعاً الوعد على ان اوفر لها كل معينات الحياة من دون اخراجها من هذا الحلم الجميل فتركتها في عالمها لتجتر ذكرياتها .. ولكني ايقنت ان المرأة من انبل المخلوقات لأن وفاءها من غير حدود او حواجز وقد تجسد ذلك في تجربة جدتي وفاءاً واخلاصاً .. ومن الخطأ ان يظن احداً منا ان هؤلاء بدون احساس او عواطف او ذكريات حتى نقذف بهن في ركن من اركان المنزل وكأنهن في انتظار اليوم الموعود .. الى رحمة الله .. ووو .. يو فافا ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
القمح البلدي .. وقراصة التركينج
جميع الشواهد تدل أن النوبة كانت لديهم معرفة تامة بفنون زراعة القمح ويظهر ذلك جلياً من خلال الصور والحفريات على الجداريات الاثرية التي وجدت على متداد ممالك النوبة القديمة حتى داخل الحدود المصرية الحالية .. ومازال القمح يمثل قيمة غذائية وإقتصادية بالنسبة لأهلنا ، فكان لابد من الاهتمام به على أعلى مستوى خاصة وان زراعة القمح تأتي في موسم هاديء ومثالي بعد الفيضان وكل العوامل الطبيعية تكون مهيئة ومتاحة للمزارع بعد ان يكون قد جمع محصول التمر واستراح من وعثاء الفيضانات التي تمثل اجازة اجبارية ( جاد الحال) للمزارعين وعائلاتهم ليكونوا جاهزين ذهنياً وبدنياً للموسم الزراعي الشتوي وهو الاهم .. وقد اكتسب القمح اهمية خاصة لدى اهلنا لمعرفتهم بالقيمة الغذائية لهذا المحصول وفوائده التي لا تحصى وهذه حقائق مكتسبة نتيجة لخبرات متراكمة وموروثات من الاجداد الذين تميزوا بالحكمة والمعرفة .. واذكر أن اباءنا رحمهم الله كانوا لا يحبذون غير أكل القمح وكانوا يعتبرون أن الذرة هي خبزالفقراء رغم أن الذرة في منطقتنا كانت من اجود الانواع وفي مواسم الرخاء كانوا يقدمونها كغذاء للحيوانات خاصة الحمير ذات السلالات المميزة ومن رواياتهم أن كثرة أكل الذرة تسبب امراض وبالتحديد نوع من المرض كان يطلق عليه ( سوفور Sofor ) وهو الهزال او الانيميا وسوء التغذية وكان الشخص المصاب بهذا المرض يميل النحافة المفرطة وإنتفاخ في البطن وجحوظ في العينين وكان من المعيب ان يقال ( فلان مصاب بالسوفور) .. ومن معتقداتهم ايضاً ان أكل الذرة بكثرة يجلب انواع من القمل والطفيليات البيضاء التي تصيب شعر الرأس ( كيد Keed ) او ما يسمى ( صواب) بالعربية وكان استخدام الكسرة يقتصر على المصابين بالتخمة ( وتاب) بعد ان يضاف اليها قليل من الماء والشمار ويسمى ( إسين كل ) او ( كسرة بالموية ) وهو بمثابة الدايت حالياً .. ولأن زراعة الذرة تأتي مع موسم الفيضانات لم يكن أهلنا يتحمسون لها إلا تلك الانواع التي تسمى ( موقود ) وقد انقرضت حالياً وكانت مقاومة لمياه الفيضان بسيقانها الطويلة والسميكة ولسماكتها كانت تحصد داخل المياه وبفؤوس صغيرة حادة الطرف وفي الغالب كانت تستخدم فقط كغذاء للحيوانات .. ومن أجمل انواع الذرة منظراً وجمالاً وأنفعها علفاً هي نوع ( الديابي ) وقد شبه بها الفنان محمد وردي محبوبته وجدائل شعرها بعبارة ( ديابي مريه ) .. لأن اوراق الذرة البلدية كانت عريضة وتتدلى كذنب الحصان .. رحمك الله ياوردي .. كيف لاحظت هذا الجمال ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
نموذج المرأة الخلصة لزوجها ..
عمتي عزة .. نموذج لوفاء المرأة
كانت على درجة من الجمال بمقاييس تلك الفترة بلونها القمحي وشلوخها الرائع على الخدين و مسايرها المسترسلة .. تزوجت من ابن عمها الذي سافر الى مصر كعادة ذلك الزمان حيث السواقي والارض الضيقة كانت لا تسع كل العائلة وخاصة في الجزر فكان الناس يفضلون السفر ويتركون الارض للاخ الاكبر ليزرعها ويكون المنتج لكل افراد العائلة في بيت الجد .. فالعمة ( عازة ) كانت تقوم بكل واجبات البيت الكبير ، تشرف على تربية الصغار وترعى زوجات الابناء عند الولادة وتتزعم المناسبات العائلية وتقوم بجزء مقدر من اعمال الساقية .. ولكن اكبر إهتمامها كان ينصب على اسراب الدجاج المنتشرة في فضاء المنزل والتي سوف تكون ولائم ووجبات دسمة عند قدوم زوجها من مصر .. غاب عمنا في مهاجر مصر لسنوات طويلة تاركاً (عازة) مع العائلة وهي صابرة ومحتسبة لم تشكو يوماً لأحد وفي المقابل لم تبدي ظاهرياً اي شعور بالحنين او الشوق الى زوجها ولكن في قرارة نفسها تذوب شوقاً وهياماً لأنها في آخر المطاف أنثى لها احساس طبيعي كباقي البشر ولكن هي عفة المرأة النوبية وسموها النفسي والخلقي ما يمنعها من البوح بتلك الاحاسيس كما ان نمط التربية الاجتماعية للاناث في مجتمعاتنا تضع خطوط حمراء وقانون للعيب لا يمكن ان يتخطاها أحد . في احدى المرات القليلة سمعت أن عمنا قد ارسل طرداً الى ( عازة ) وتجمعنا امام غرفتها وجاءت متأبطة تلك لفافة وكلنا شوق لمعرفة محتواها أما بالنسبة لها فكان مغزى هذه الهدية معنوية وتدل انها مازالت في ذاكرة ذلك الحبيب البعيد الذي غاب وطال غيابه.. فظلت (عازة) تقلب محتويات الطرد من ( كرب سادة أسود) موضة ذلك الزمان صابون معطر( ابو ريحة ) وجلابية مصرية وكانت تسمى ( الغزلي ) وكان زياً معتاداً لدى الذكور من اهلنا .. لم تدم فرحة عازة طويلاً لأنها استدركت ان الاهم هو الحبيب الغائب وعادت الى حزنها النبيل وصبرها الذي لا يقدر عليه إلا امثالها من العفيفات الطاهرات .. مرت السنين كبرت عازة واصابها اليأس ومازالت صامدة لا تشكو ولا تتذمر ولكن مازال في أعماقها شوق ووفاء للغائب .. كان يوماً سعيداً عندما حضر عمنا بعد السنين وتواترت الاخبار من شرق النيل وتجمعنا في الضفة الغربية في انتظار وصول مركب السعد التي تقله .. انزوت عمتنا عازة في ركن واختفت عن الانظار لتتزين ببعض ما عندها من مقتنيات وخرجت من مخبأها بمسايرها المتموجة التي تتدلى حتى صدرها ويبدو وجهها كالقمر في ظلمة ثوب الكرب الاسود .. هذه عازة التي لم تكن تتزين ابداً منذ سفر عريسها .. ها هي اليوم على استحياء تبدي بعض زينتها .. استقر عمنا نهائياً في البلد ولكن بعد ان اكل منه الدهر وشرب وانجبت عازة ولدها الوحيد عوض الذي صار عوناً وركيزة لهم ولم تنجنب بعده لأن العمر تقدم بها بعد قضت جله في انتظار الزوج المهاجر .. عازة نموذج للمرأة الوفية التي لم تشكو ولم تتبرم رغم غياب زوجها لسنين طويلة .. فدمتي عمتي عازة رمزاً للطهر وتجسيداً للمجتمع النوبي الذي يتحكم فيه القيم والاخلاق وقبلهما قانون العيب .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
 Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: Sharif Nasirladeen)
|
الله الله الله...
يا أستاذي الجليل...
لقد حلّقت بنا في عمق التأريخ القريب البعيد العبِق الرائع الجميل. تعرفت علي الانسانة مرقريت السويدية عن قرب عندما سافرت معها مرة من الخرطوم للبرقيق ونعمت بصحبتها وقد كانت كالقديسات تقوم علي خدمات الأهل من أرقو لحد ابي فاطمة ومن كوبان ويدين غربا حتي ارتقاشة ومشو والحفير... اين بالله هذي الملاك الطاهر الان؟
وكنت مثلك مولعا ببعض الشخصيات كصبري الخطاط الذي قدم من اسرائيل واستقر جوارنا بكرمة الساب وقسم صاحب اول مكتبة جرايد بالبرقيق وجمعة جاد صاحب الحنجرة الذهبية وهو يغني بالعود ويقول لونك اسمراني لا سوداني لا لا لونك أفريقي يا ملك الزمانِ...
ولا انسي دفعتنا عبد اللطيف عبد الغني او وردي الصغير الذي لم ينس تلك الايام الرائعة و كثيرون سنأتي علي ذكرهم ان شاء الله..
لك التحايا وكامل كامل الاحترام يا استاذ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: احمد سيد احمد)
|
أخي احمد وبالنوبية ( أهمد امبس )
زول الجميل أحمد .. لا يهم كنت في الكلاكلة أو اي بقع في المهجر .. المهم انت تحمل الوطن بين جنباتك .. لتخفف عن كاهلك وعثاء الاغتراب الداخلي والخارجي طالما أنت بهذا العمق من الاصالة وتجمع مثل هذه الصور فالباقي ليس ذات أهمية .. وصورة معبرة جداً ..
أهمد امبس .. انظر الى ذلك التربال وتأمل فيه جيداً تشعر بأنه هاديء وواثق بنفسه وكل هذه الدلائل تظهر من سمات الرجل وكلنا عشنا مثل هذه الصورة كواقع ايام الحصاد .. ولأنه يوم الحصاد فهو يتناول الشاي بكل روية وحتى ابناءه الصغار حوله وملاحظ ان حصاده وفير نسبة لعدد الحمير في النوريق .. وفي مثل هذا اليوم يكون المزارع في قمة الاحساس بالذات والتفوق والاطمئنان لأنه وفر قوت السنة لأهله وعائلته الممتدة ووفر مصاريف ابنائه في مراحل التعليم المختلفة وهذا التربال المتواضع يقدم رسالة خير للوطن والانسانية ويجهد ويتعب من أجل العيش الكريم وبناء مستقبل ابنائه .. (فالفروسية عندما تقاس بكمية الانتاج وليس هناك مقياس آخر ) تأمل السكون والثقة لأنه جزء من هذه الارض التي يجلس عليها .. ويتكيء على تلك النخيل التي تبدو في الافق وأحسب ان الوقت في اواخر ( شهر امشير ) عندما تتوقف الرياح الشمالية وتهب نسمات عليلة ويكون الجو معتدلاً حتى في منتصف النهار وهو موسم الحصاد الشتوى وبداية لقاح النخيل وفي هذه الفترة يكون اهلنا في روح معنوية عالية وفي بعض الرخاء المادي من بيع المحصول الشتوي ..
ملاحظة تربال (( وفي هذا الشهر الذي تهب فيه النسائم الباردة نسبياً يقال ان المزارع يسمع صوت حفيف القمح الجاهز للحصاد وهو في سريره ليلاً وكأنه الموسيقى ويطرب له وينام على هذه الموسيقى ويصحو عليها .. ))
أهمد امبس .. لك التحية وشكراً على هذه الصورة المؤثرة .. معليش اطلت عليك ولكن هذه الصورة ثابته ومكررة في كل القرى وعلى ضفاف النيل ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: عبدالأله زمراوي)
|
شاعرنا عبدالاله زمراوي .. وينك اننقا .. حفيد الشيخ الولي .. زمراوي انت تجيب حاجات كده تصرع الواحد .. شوف سماحة اهلنا كيف .. صبري اليهودي الهارب من النازية .. يجي كمان يشلخ مطارق على خدوده ويعيش وسطنا وزرية جميلة أنا درست ولده في البرقيق الثانوية العامة .. وشوف مارقريب السويدية تجي من إستكهولم وتعيش معنا في ضواحي الدنيا .. جمعة جاد الله يرحمه .. كانت لنا معه صولات وجولات وكان غنى ولحن أجمل اغانيه من كلمات الشاعر النوبي طبق ابن مشو البار وكان وقتها في الثانوي تماماً مثل حميد واغنيته زنوبه .. جمعة كان غنى أجمل اغانيه ( كل يوم إر مسن بود كيتوكن ) ..
شيخنا وشاعرنا الكبير تحية لك وانت تحمل كرمة الى كل جنبات الكون وعلى كل المنابر .. كرمة التاريخ والجغرافيا والانسان والجمال قريب ما شي هناك عشان اتمدد شوية مع ونسات ولمات الناظر عبدالفتاح مسكن وباقي الجماعة ... ان شاء الله ..
التحية ليك مليون ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
الصورة التي جلبها اخونا احمد سيداحمد ( سيدأحمنتود ) او ود سيداحمد .. اثارث الكثير من الذكريات ربما سوف ادور كثيراً في محور هذه الصورة المعبرة والتي من خلالها سوف استحضر بعض الذكريات الجميلة . لأنني كما ذكرت لكم هي نفس الشخوص والأمكنة ومناطقنا متشابهة في تفاصيل الحياة ونسخ متكررة من بعضها .. أتخيل هذا التربال هو والدي تماماً نفس الجلسة وطريقة شرب الشاي وربما ( التريمس الشاي ) هذا الاختراع الذي احدث ثورة في عالم الترابلة لأن الشاي الساخن كان مهم جداً بالنسبة للتربال .. قبل ايجاد مثل هذه الحافظات ( التيرمس ) كانت زوجة التربال تأتي بالشاي في ( براد ) صغير داكن اللون من الخارج وفي صحن عليه القليل من التراب لتستطيع حمل براد الشاي الساخن دون أذى .. وعندما تأتي الى الساقية كانت توقد النار وتسخن الشاي للمرة الثانية .. وأهلنا كانوا يحبون الشاي الشديد السواد او المركز ( تقيل ) .. نعم أخي سيداحمدنتود ( ود سيداحمد ) هذه صورة تجسد ذلك الزمان الجميل .. أبام النوريق فكان نوعان من ( النورج ) بمقعد خشبي وقاطعات من الحديد تجرها الثيران .. وكان مثل هذا ( النورج ) ملك لشخص معين يقوم بتأجيره حسب نصيب معروف وهو الاحدث في ذلك الزمان .. وبعض الناس كانوا يلجأون الى نوريق بالحمير إذا كان المحصول أقل والمساحات المزروعة قليلة او اذا طالت قائمة الانتظار في الحصول النورج .. وأكثر الحمير معاناة هو ذلك الذي بالداخل او القريب من خشب الارتكاز لأنه ضابط الايقاع ويتحرك في مساحة ضيقة جداً وبصعوبة بالغة تسبب له متاعب جسدية عالية .. ولكن المزارع ايضاً كان يعرف تلك المعاناة ويرفع من مكافأة الحمار الضابط في عليقة ونوع الغذاء ولهذا الحيوان فضل كبير على حياة اهلنا ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
شاعرنا الكبير زمراوي اثار بعض الشجون :
حكايات عن شارلي بونيه عالم الاثار الذي عاش في قريبتنا ..
في السابق كان ينظر الى الدفوفة انها منطقة مهجورة تروى عنها حكايات واساطير غريبة وان سكانها من الجن وهي تجلب الاذى واللعنة لمن يقترب منها .. وتقول الاسطورة ان الدفوفة كانت داخل كرمة ومسكونة من قبل سيدة شريرة اسمها ( فاطنة دفوفة ) .. ولأنها تمادت في ايذاء جيرانها فقد وجدت ذات صباح مسكنها خارج نطاق القرية واصبحت معزولة تماماً عن كرمة .. وظلت هذه الاسطورة تثير الرعب في نفس كل من يقترب من الدفوفة .. حتى جاءها العالم السويسري ( شارل بونيه ) مكتشف آثار الكوشيين .. وعرف الناس ان هذه الاثار هي عزهم ومجدهم وانهم ابناء أقوام ساهموا بالعلم والمعرفة في بناء الحضارة الانسانية .. وتغيرت نظرة الناس تجاه الدفوفة كما إزداد احترامهم وتقديرهم للبعثات الاوربية .. ونشأ نوع من التواصل والتقارب بين اهلنا واعضاء هذه البعثات وخاصة مدير اعمال الحملة وهو استكلندي الجنسية ( جون ) .. لقد اندمج جون في مجتمع قريتنا بصورة تدعو للدهشة يجالس الناس يتبادل معهم الاحاديث وكان يجيد العربية افضل من كثير من أهلنا .. وبحكم عمله في تجهيز المواد التموينية للحملة فقد كان في تعامل مباشر مع بائعات البيض والدجاج في سوق البرقيق ( كمبو السوق ) مما جعل علاقة بينه وبين أهلنا وثيقة جداً .. كنت أراقب ( جون ) وهو يساوم في اسعار الدجاج ويدخل يديه بين ريشها ليتأكد من حجمها ووزنها وتسمع منه عبارات مثل ( يفتح الله ) ومن خلفه عمنا ( ود بشير ) مرافقه الخاص وهو يحمل اناء مملوء بالماء لتجربة البيض وفرز الصالح والطالح منه وعندما يشتد النقاش والمساومة بين جون والباعة ينفجر عمنا ( ود بشير ) في نوبة من الضحك حتى تظهر نواجذه الصدأة من آثار ( التمباك ) بل ويتعدى ذلك احياناً للعب دور الوسيط غير النزيه لصالح الخواجة جون مما يعرضه الى مواجهة من بائعات البيض .. وكان جون يلفت الانظار بمجرد دخوله الى السوق بقامته الفارعة ونظارته السوداء وزيه المميز ( عراقي وسروال ) وكان كثير الاعجاب بالمنتجات الزارعية التي تجلب الى سوق البرقيق من مزارع اخواننا الصعايدة في منطقة امبابة بوادي الخليل وخاصة الخضروات الشتوية مثل ( الجزر والبنجر ) جازماً ان هذه النوعية من الخضار من حيث الجودة والطعم غير متوفرة في اي مكان آخر الا في سوق البرقيق .. لم يقتصر اجتماعيات جون على السوق فقط ولكن امتدت لجلسات الانس في القرية وله مناظرات مع ( محمد مركب ) وهو من اشهر مساعدي اللواري في المنطقة وكان ( مركب ) يطلق الكلام على عواهنه لأنه غالباً ما كان خارج الوعي بفعل اشياء يستخدمها .. واكثر ما يثير جون عندما يتحدث ( مركب ) عن المجتمع البريطاني حسب مفهمومة المتواضع وعالمه الخاص ويكرر جملته المعهودة ( يا جون .. قالوا في بلدكم .. مافي بوليس .. والواحد بيعمل على كيفو ) وينهض جون ثائراً وكأنه اصيب في كرامة بلده ويأتي دورنا لنشرح لجون مؤهلات ( مركب ) ومستوى فهمه واداركه للحياة .. عندها يبتسم الرجل ويربت على كتف ( مركب ) التائه في عالمه اللامحدود .. لم يكن جون يتحفظ في تناول الوجبات المحلية وكان يحبذ تناول الفول وقراصة الدمعة ولكن مشكلته كانت تكمن في طريقة الاكل التي تبدو وكأنه يخوض معركة حقيقية ومواجهة بكلتا يديه .. هكذا دخل جون في قلوب اهلنا كما كان يدخل بيوتنا ويحضر المناسبات .. وأكثر ما كان يستمتع به هو حضوره جلسات ليالي الشتاء مع ( مركب ) وشلته وهم متحلقون حول مدفأة النار وسط الغرفة .. ولا مانع لديه من تناول قرعة من الدكاي او النبيذ المعتق .. ثم متعة المشاركة في ثرثرة ( مركب ) الذي لا تنقطع سلسلة حكاياته .. فطابت الاقامة للخواجة جون بيننا الى ان غادر المنطقة مخلفاً أجمل الذكريات التي مازال صداها في العمق وأكاد أستحضر تلك العبارة التي كان يرددها دائما ( مركب قال .. النار فاكهة الشتاء ) .. حقاً كان جون فاكهة ذلك المجتمع البسيط ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
ياسلام يا استاذنا على....ما كنت قايل الصورة دي حتفعل فيك كل هذه الافاعيل.....لو كنت عارف كدا كنت نزلتها ليك من زمان
في صورة تاني في بيت جدنا...وهي برضو اجزم انها صورة متطابقة في اغلب البيوت النوبية
في نص الحوش الواسع وبالقرب من حيطة الجيران.....شجرة نيم وجنبها الطرمبة اليدوية ...خليني انزليك الصورة
واسف لو قعد اخرج ليك عن السياق بتاع البوست اعفي لي
Uploaded with ImageShack.us
بتذكر برضو في التمنينات كنا بنمشي البلد كان في برج حمام كبير
وفي الاوضه في قوسيبه كبيرة للبلح والفول والقمح
وفي الفرن بتاع الطين البعملو فيهو القرقوش
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
علي عبدالوهاب لك خالص حبي وأشواقي
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اشوف فى شخصك احلامى
الفصل الأول
كعادته كل يوم كان يحكي لنا عن أمجاد المماليك النوبية كما حكا لنا عن أسماء كثيرة وعادات لا زالت موجودة في عصرنا هذا أسماء لبعض الآلات الزراعية وبعض الأسماء لأشياء كثيرة كان يقول أن هذه الأسماء أسماء نوبية مثل الآربل والكويق والكوريك والمنجل والكرديك والسلبة والآشميك وأسماء كثيرة تتداول ما بين أهل الشمال كما حكا لنا عن بعض العادات عند اهل السودان ذات المدلول النوبية منها ما هو سائد حتى اليوم و منها ما كان سائدا حتى وقت قريب كل الجرتق من العادات المتأصلة فى المجتمع السودانى و يحرص كل من يهمه أمر العريس و العروس على حضوره بل يعتقد الكثير أنه لا يكتمل الزواج إلا بجرتقة العرسان فى ليلة الدخلة و قبل الدخلة الفعلية جلبا للفال الحسن, و فى الغالب تحتفظ والدة العريس او جدتة (الحبوبه) بالجرتق و المكون من الحريرة و الهلال و العقد و الخاتم , هل تمعنتم فى شكل الخاتم؟؟ أو فاروصة الخاتم على وجه الدقة؟؟ انها من حجر ملون (كهرمان فى الغالب)نحت على شكل خنفساء(جعران) و بنفس الاسلوب الذى كان ينحت به النوبين جعارينهم , وكان النوبين يعتقدون بأن الجعران يجلب الحظ الحسن لذلك حرصوا على نحته على خواتمهم , بل الاصل فى خاتم الزواج هو عادة نوبية قديمة تناقلتها الامم من بعدهم و يرمز لاستمرار الحياة الزوجية.
عريسنا ورد البحر كسر جرايد النخل
عادة الاغتسال فى النيل فى الختان و الزواج ماهى ألا تيمنا بهذا النهر الختان الفرعونى لا يحتاج إلى كثير وهو منتشر فى كل الشمال السودان (وجنوب مصر)
المريسه متجذر فى الموروث الثقافى السودانى بمسمياتها و انواعها المختلفه من مريسه, و بغو, و كجومورو, و بقنيه, والشربوت
وفي الموت مثلا طقس الجنازة البرش وبعضهم القرمصيص ويقطعجريد النخيل ويوضع على يمين ويسار الميت ومن ثم بعد الدفن توضع كل واحد او تغرس مع شاهد القبر وعند النوبين وضع هدهد ميت في رواكيبهم يقولون ان الهدهد الميت هذا يطرد ملك الموت
مثل الهواليق يشبه الي حد كبير برج المراقبه وهي عباره عن راكوبه من طابقين تمتد منها عدة حبال علي طول الحقل قمح اوذره وهذه الحبال يربط بها كشاكيش في مسافات متقاربه تحدث اصوات طارده الطيور والحشرات بعد هز الحبال ويطلق عليها ف الشماليه الحاحايه
مثل حديث دار بين يحيى وحبوبة قالت يايحيى قوم تاكى الكبد وجر الشرو سولك فيهو ######ى وشيل الكشر ختو فوق الدقل وتعال اندومس
تاكي00 اغلق الباب الكبد000 هو باب خشب مصنوع من الحراز
الشرو000 هو لسان مفتح الباب ######ى000 تامين الباب
الكشر000 هو مفتح الباب الدقل000 هوعتبة الباب وتعال اندومسى000 تعال نوم
وأسماء كثيرة تتداول ما بين أهل الشمال هذه الأسماء أسماء نوبية مثل
النوريق :هو حصاد الفول والقمح والانقاية : هى قطعت الارض والتقئ : هي الساحة التي يتم فيها نوريق المحصول والضريي : وهو فرز التبن عن البذور الفول ودوليق :هو الفول اوالقمح المتناثر
والدونكا :هو المطبخ والقاطوع : هو الغرفة
واللقدابة : البرنده والتتقة : باب التتقة: باب الزريبة بتاعت البهائم
الكاويق000ورق المنقة او اوراق اي نبات ناشف
الكمتر000 بقايا جذور النجيلة الناشفة
الكرر000 قطع ساق النخيل الناشفة(الفلق الصغيرة)
الكشر000 هو المفتح
الكبد او الباب المصنوع من خشب الحراز
العمرة : طبق الكسرة
مثل المرابنات : ثلاث شعب من العيدان للسعن
البرمة : القلة حقت حفرة الدخان
الاوّر : عبّارة الموية
الكونشبر : قفة التراب
الاسناق : (عمود النص) عود حراز عشان خفيف حق المحراث
التميمى ( البلى الحوام) حبل اشميق فى رقبة الحمار لا مؤاخذة او رجله
تجم : قفلة
البقل-هو حررت الظهيرة والسام - هو الجدار اوالحائط
البشانتيق البرش....برش السعف والبروس : القصب قبل مايشيل القندول
قُلاّفة : درابة وتِمبل : القوز العالى
مثل إسلانج : النير فى الساقيه الذى يوضع على عُنقى الثورين .
وإلقنين : الحُفره التى تملأ منها ########يس الساقيه بالماء .
وآلس : حبل قوى تربط عليه ال########يس فى الساقيه لجذب الماء
وإلوين : حبل الساقيه . وأوُر : البربخ فى الساقيه . وأور يلف أو يدور
الغرض الحقيقي من البحث فهو يعطي الفرصة لمزيد من التفكر والتدقيق للمسميات الكونية وعلاقتها مع اللغة المروية والنوبية .
يجب علينا دراسة اللغات جلها حتي نجد القواسم المشتركة من ثم التعرف علي اللغة الاولي التي لا اعتقد ان ثمة مجموعة قبلية تقتنيها وتتحدث بها كليا.
هنالك أسماء كثيرة ومرادفات وبعدة لغات يمكن تأويلها أو إرجاعها إلى اللغة المروية والنوبية .
اهداء لكي تعم الفائدة على الجميع نافذة على التاريخ مملكة كوش
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
حكايات عن شارلي بونيه عالم الاثار الذي عاش في قريبتنا ..
في السابق كان ينظر الى الدفوفة انها منطقة مهجورة تروى عنها حكايات واساطير غريبة وان سكانها من الجن وهي تجلب الاذى واللعنة لمن يقترب منها .. وتقول الاسطورة ان الدفوفة كانت داخل كرمة ومسكونة من قبل سيدة شريرة اسمها ( فاطنة دفوفة ) .. ولأنها تمادت في ايذاء جيرانها فقد وجدت ذات صباح مسكنها خارج نطاق القرية واصبحت معزولة تماماً عن كرمة .. وظلت هذه الاسطورة تثير الرعب في نفس كل من يقترب من الدفوفة .. حتى جاءها العالم السويسري ( شارل بونيه ) مكتشف آثار الكوشيين .. وعرف الناس ان هذه الاثار هي عزهم ومجدهم وانهم ابناء أقوام ساهموا بالعلم والمعرفة في بناء الحضارة الانسانية .. وتغيرت نظرة الناس تجاه الدفوفة كما إزداد احترامهم وتقديرهم للبعثات الاوربية .. ونشأ نوع من التواصل والتقارب بين اهلنا واعضاء هذه البعثات وخاصة مدير اعمال الحملة وهو استكلندي الجنسية ( جون ) .. لقد اندمج جون في مجتمع قريتنا بصورة تدعو للدهشة يجالس الناس يتبادل معهم الاحاديث وكان يجيد العربية افضل من كثير من أهلنا .. وبحكم عمله في تجهيز المواد التموينية للحملة فقد كان في تعامل مباشر مع بائعات البيض والدجاج في سوق البرقيق ( كمبو السوق ) مما جعل علاقة بينه وبين أهلنا وثيقة جداً .. كنت أراقب ( جون ) وهو يساوم في اسعار الدجاج ويدخل يديه بين ريشها ليتأكد من حجمها ووزنها وتسمع منه عبارات مثل ( يفتح الله ) ومن خلفه عمنا ( ود بشير ) مرافقه الخاص وهو يحمل اناء مملوء بالماء لتجربة البيض وفرز الصالح والطالح منه وعندما يشتد النقاش والمساومة بين جون والباعة ينفجر عمنا ( ود بشير ) في نوبة من الضحك حتى تظهر نواجذه الصدأة من آثار ( التمباك ) بل ويتعدى ذلك احياناً للعب دور الوسيط غير النزيه لصالح الخواجة جون مما يعرضه الى مواجهة من بائعات البيض .. وكان جون يلفت الانظار بمجرد دخوله الى السوق بقامته الفارعة ونظارته السوداء وزيه المميز ( عراقي وسروال ) وكان كثير الاعجاب بالمنتجات الزارعية التي تجلب الى سوق البرقيق من مزارع اخواننا الصعايدة في منطقة امبابة بوادي الخليل وخاصة الخضروات الشتوية مثل ( الجزر والبنجر ) جازماً ان هذه النوعية من الخضار من حيث الجودة والطعم غير متوفرة في اي مكان آخر الا في سوق البرقيق .. لم يقتصر اجتماعيات جون على السوق فقط ولكن امتدت لجلسات الانس في القرية وله مناظرات مع ( محمد مركب ) وهو من اشهر مساعدي اللواري في المنطقة وكان ( مركب ) يطلق الكلام على عواهنه لأنه غالباً ما كان خارج الوعي بفعل اشياء يستخدمها .. واكثر ما يثير جون عندما يتحدث ( مركب ) عن المجتمع البريطاني حسب مفهمومة المتواضع وعالمه الخاص ويكرر جملته المعهودة ( يا جون .. قالوا في بلدكم .. مافي بوليس .. والواحد بيعمل على كيفو ) وينهض جون ثائراً وكأنه اصيب في كرامة بلده ويأتي دورنا لنشرح لجون مؤهلات ( مركب ) ومستوى فهمه واداركه للحياة .. عندها يبتسم الرجل ويربت على كتف ( مركب ) التائه في عالمه اللامحدود .. لم يكن جون يتحفظ في تناول الوجبات المحلية وكان يحبذ تناول الفول وقراصة الدمعة ولكن مشكلته كانت تكمن في طريقة الاكل التي تبدو وكأنه يخوض معركة حقيقية ومواجهة بكلتا يديه .. هكذا دخل جون في قلوب اهلنا كما كان يدخل بيوتنا ويحضر المناسبات .. وأكثر ما كان يستمتع به هو حضوره جلسات ليالي الشتاء مع ( مركب ) وشلته وهم متحلقون حول مدفأة النار وسط الغرفة .. ولا مانع لديه من تناول قرعة من الدكاي او النبيذ المعتق .. ثم متعة المشاركة في ثرثرة ( مركب ) الذي لا تنقطع سلسلة حكاياته .. فطابت الاقامة للخواجة جون بيننا الى ان غادر المنطقة مخلفاً أجمل الذكريات التي مازال صداها في العمق وأكاد أستحضر تلك العبارة التي كان يرددها دائما ( مركب قال .. النار فاكهة الشتاء ) .. حقاً كان جون فاكهة ذلك المجتمع البسيط ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
إكمالاً للخواطر اعلاه ..
كان أهلنا يعتقدون ان الخواجات يأتون فقط لنهب الذهب من الدفوفة .. ولكن تواصل شارلي بونيه مع الأهالي في المنطقة .. ووجوده الدائم بين عامة الناس خاصة المتفرغين في نقل الاخبار وتأليفها من أمثال عمنا محمد مركب وكان من الشخصيات المؤثرة ..دائم الجلوس في مقاهي البرقيق ويلتف حوله الناس لسماع حكاويه .. ولأول مرة أحضر نقاش علمي بين محمد مركب والخواجة جون .. وشارلي بونيه يبتسم للحديث الذي يدور بين الاسكتلندي وعمنا مركب .. فكان مثار النقاش .. قد بدأ عندما قال عمنا مركب ( يا جون .. أخي إنتو تعبانين ساكت .. الخواجات الشطار .. حفروا بالغرب بعد حفير مشو ووجدوا ديسك محراث من الذهب الخالص ) ولأول مرة أعرف أن الخواجات جادون جداً وخاصة مستر جون لأنه لم يأخذ عمنا مركب ( على قد عقله ) وأراد ان يثبت له أن المحراث بصورته الحالية لم يكن موجوداً في ذلك الزمان .. وحاولت أن أهدأه باللغة الانجليزية.. ولكن بلغ عضب جون درجة عاليه .. وبدلاً ان يقول قبل الاسلام .. ظل يردد ( قبل محمد ) عدة مرات .. وهنا تدخل شارلي وشرح لمركب أن الآثار والمعلومة والحقيقة أغلى من الذهب ودعاه الى الاستراحة ليرى تلك الاثار .. وأخذت عمي مركب الى هناك ( في استراحة الحكومة ) وهي بناية في غابة الجمال اسسها الاسكتلندي ( مستر لانق ) مؤسس مشروع البرقيق في الاربعنيات وبها كل لوزام الضيافة وغفير خاص .. ولكنها ذهبت آن أدراج الرياح ككل مثيلاتها .. المهم ذهبنا أنا وعمي مركب الى هناك وإستضافه شارلي بونيه وفتح له الصناديق التي تحتوي على بعض الآثارات وشاهد مركب محتوياتها فكانت عبارة عن حجارة وقطع من الفخار وعظام بشر . أسقط في يد عمي مركب ( بالله الجوطة دي كلها عشان الحاجات دي ) وبمرور الزمن عرف عمي مركب قيمة تلك الاشياء .. وبدأ يحكي قصص الاجداد .. ( يا اخي ناسنا ديل زمان دخلوا ودقو المصريين ... الخ ) حتى بدأ يتطاول على اخواننا الصعايده في سوق البرقيق .. وهكذا إستطاع شارلي بونيه أن يجند عمي مركب كوسيلة إلاعلام ناجعة للترويج لنشر حب الاثار والمحافظة عليها ..
سنواصل
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
( صور من حياة القرية .. زمان)
لم تغب عن ذاكرتي يوماً صور ومشاهد تلك الحياة البسيطة التي كنا نعيشها ونحن في مقتبل العمر نركض خلال المنافذ الضيقة بين بيوت القرية وطرقها المزدحمة براكبي الحمير العائدين الى بيوتهم من المزارع محملين ظهور دوابهم بالقصب والقش وقربة الحليب ( السعن ) معلقة في يد كل منهم وهي رحلة العودة اليومية من الساقية الى البيت .. وتحت ظلال الاشجار المنتشرة داخل بيوت القرية تجمعات النساء وهن منهمكات في ثرثرتهن المعتادة رغم انشغالهن بضفائر السعف .. وبين فراغات الجلسة والارجل الممدة مساحات للاطفال منهم من اخذه النوم في سبات عميق غير مبال بمجموعات الذباب التي تهيم على وجهه أما الاخرون فقد انهمكوا في مطاردة اسراب الدجاج وصغارها لابقائها في منطقة الامان كي لا تقع فريسة للصقور التي تتحين الفرصة لاختطافها متى وجدت الفرصة السانحة .. وهذا منظر شاب مفتول العضلات ممتليء بالهمة النشاط يتسلق النخلة بخفة ورشاقة .. وتلك فتاة تمشى الهوينا تحمل على رأسها صفحية الماء لتسقي شتول النخيل تأكيداً على استمرار هذا الفيض من الخير والنماء دون انقطاع .. والصوت النشاز الوحيد هو عمنا محمد الذي قدم من مصر واستقر نهائياً في القرية لظروف خاصة منعته من السفر والترحال .. وقد كنت الاحظ ان لديه احساس المجبر على الحياة في القرية وكان يبدو ذلك من خلال تعامله مع هذا المجتمع بنوع من التعالي والفوقية وكأنه من كوكب آخر اكثر تقدماً ومعرفة عن الاخرين وتتجلى تلك الشوفينية عندما يتكلم العربية بلكنة مصرية يتباهى بها بين اخوانه ويلعن اليوم الذي جاء به من سرايا الخديوي الى هذه القرية التي تبدو له وكأنها ساحة مقابر ورغم كل هذا لم يكن احداً يستهجن ما يبدر من عمنا محمد بل على العكس فقد كان محبوباً من الجميع وكل تصرفاته مقبولة وتصنف ضمن السخرية البريئة والفكاهة عند اهلنا وغالباً ما كانت تنتهي بجملة ( مصري درويش ) .. أما جدنا عباس والذي عرف عنه الهدوء والحكمة فهو ( سمد ) الساقية وحكيم القوم يخرج من بيته الى حيث جنينة النخيل الخاصة به تتوسطها ( راكوبة ) بسرير بالقرب منها ( زير ) الماء الذي لم نتجرأ يوماً ان ننال شربة منه لأن المنطقة كانت محظورة تماماً على الاطفال .. وعلى طول الطريق من منزله الى (الجنينة) لم تكن زوجته تفارقه لحظة .. تمشى على قدر خطاه ليس جنباً الى جنب بل كانت دائماً خلفه بمسافة معينة وهذا دليل على الاحترام والتقدير للزوج .. لقد اشتهرا بالوفاء والحب لبعضهما لدرجة ان جدنا عباس اذا كان راكباً فإنه يضبط ايقاع خطوات حماره حتى تكون بمحاذاة الحاجة ستنا .. واستمرت حياتهما على هذا المنوال من الصدق والوفاء كنموذج للعلاقات الانسانية السامية الى أن توفى جدنا عباس رحمه الله .. واصبحت جدتنا ستنا تعاني الوحدة .. وذبل جسدها القوي وانتقلت لتقيم في بيت ابنها واثناء زياراتي لها كانت تستعطف ابنها بأن يرجعها الى بيتها القديم وهي تتحدث بحسرة وألم رغم ان جميع وسائل الراحة متاحه لها في بيت ابنها ولكن ليست الحياة فقط مرقداً وثيراً وطعاماً وملبساً .. لقد تجلت لي حقائق من تجربة الحاجة ستنا أن لهؤلاء ذكريات متراكمة يستحضرونها في لحظات الخواء العاطفي وشعرت ان هذه الجدة تريد ان تعيش ذاكرة المكان لتستحضر محطات من ماضيها الجميل لأن لها ذكرى في كل ركن من اركان بيتها من يوم زفافها حتى وفاة زوجها .. فمن الخطأ ان نعتبر ان هؤلاء قد خرجوا من نطاق التاريخ ونحصرهم في ركن من اركان البيت خالي من كل المعاني إلا من سجادة صلاة او دعوات بحسن الختام وكأننا نرسم في اذهانهم صورة من انتهى دوره في الحياة وينتظر قطار الموت .. لم استطيع ان افارق ( الحاجة ستنا ) إلا بعد أن اسهبت في الحديث عن جدنا عباس وهي تشوح في الفضاء بيديها المعروقتين .. وسكتت عن مواصلة الحديث وبدأت تدعو لي تارة وتشكو من ضجيج احفادها تارة اخرى وتوسدت يدها وتمددت في جزء من السرير وطلبت مني أن اغطيها بثوبها الابيض لتريح جسدها النحيل قليلاً ثم ودعتها بقبلة على رأسها وتركتها تستمتع بذكرياتها .. وغادرت المكان وأنا اردد لن يعود ذلك الزمان الجميل ابداً ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
القمح البلدي .. وقراصة التركينج
جميع الشواهد تدل أن النوبة كانت لديهم معرفة تامة بفنون زراعة القمح ويظهر ذلك جلياً من خلال الصور والحفريات على الجداريات الاثرية التي وجدت على متداد ممالك النوبة القديمة حتى داخل الحدود المصرية الحالية .. ومازال القمح يمثل قيمة غذائية وإقتصادية بالنسبة لأهلنا ، فكان لابد من الاهتمام به على أعلى مستوى خاصة وان زراعة القمح تأتي في موسم هاديء ومثالي بعد الفيضان وكل العوامل الطبيعية تكون مهيئة ومتاحة للمزارع بعد ان يكون قد جمع محصول التمر واستراح من وعثاء الفيضانات التي تمثل اجازة اجبارية ( جاد الحال) للمزارعين وعائلاتهم ليكونوا جاهزين ذهنياً وبدنياً للموسم الزراعي الشتوي وهو الاهم .. وقد اكتسب القمح اهمية خاصة لدى اهلنا لمعرفتهم بالقيمة الغذائية لهذا المحصول وفوائده التي لا تحصى وهذه حقائق مكتسبة نتيجة لخبرات متراكمة وموروثات من الاجداد الذين تميزوا بالحكمة والمعرفة .. واذكر أن اباءنا رحمهم الله كانوا لا يحبذون غير أكل القمح وكانوا يعتبرون أن الذرة هي خبزالفقراء رغم أن الذرة في منطقتنا كانت من اجود الانواع وفي مواسم الرخاء كانوا يقدمونها كغذاء للحيوانات خاصة الحمير ذات السلالات المميزة ومن رواياتهم أن كثرة أكل الذرة تسبب امراض وبالتحديد نوع من المرض كان يطلق عليه ( سوفور Sofor ) وهو الهزال او الانيميا وسوء التغذية وكان الشخص المصاب بهذا المرض يميل النحافة المفرطة وإنتفاخ في البطن وجحوظ في العينين وكان من المعيب ان يقال ( فلان مصاب بالسوفور) .. ومن معتقداتهم ايضاً ان أكل الذرة بكثرة يجلب انواع من القمل والطفيليات البيضاء التي تصيب شعر الرأس ( كيد Keed ) او ما يسمى ( صواب) بالعربية وكان استخدام الكسرة يقتصر على المصابين بالتخمة ( وتاب) بعد ان يضاف اليها قليل من الماء والشمار ويسمى ( إسين كل ) او ( كسرة بالموية ) وهو بمثابة الدايت حالياً .. ولأن زراعة الذرة تأتي مع موسم الفيضانات لم يكن أهلنا يتحمسون لها إلا تلك الانواع التي تسمى ( موقود ) وقد انقرضت حالياً وكانت مقاومة لمياه الفيضان بسيقانها الطويلة والسميكة ولسماكتها كانت تحصد داخل المياه وبفؤوس صغيرة حادة الطرف وفي الغالب كانت تستخدم فقط كغذاء للحيوانات .. ومن أجمل انواع الذرة منظراً وجمالاً وأنفعها علفاً هي نوع ( الديابي ) وقد شبه بها الفنان محمد وردي محبوبته في اغنية ( ديابي مريه ) .. أما القمح فقد طرأ عليه تغييرات شكلاً ونوعاً بعد أن تلاعبوا به في المعامل وتم تغيير النوع الذي كان معروفاً لدينا بالقمح ( البلدي ) بسنبلته الكبيرة وحبه المميز بكبر الحجم والممتليء بمادة بيضاء كاللبن لدرجة اننا كنا نشويه على الجمر ونأكله تماماً كالذرة الشامية ( قنقريه) وكانت مزارع القمح البلدي تميل الى الخضرة الدائمة تتماوج فيها القمح وتنحني لثقل السنبلة وتسمع حفيفها مع نسمات شهر ( امشير ) ويقال ان المزارع كان يتمايل طرباً عندما يسمع تلك الموسيقى المنبعثة من مزرعته وهو مستلقي على سريره في ليالي الشتاء .. وقد تبدل نوع القمح وضاعت تلك الجينة الموروثه من عصر الممالك النوبية بحجة التطوير وبدأت دخول انواع غريبة من القمح مع عهد حكومة مايو حيث بدأت بتقاوي ( القمح الامريكي ) .. ومازالت في الذاكرة طعم رقائق القمح البلدي ( انجاويد ) باللبن الرائب بالثوم والفلفل والقراصة ( بالتركينج ) .. فالقمح كان ومازال هو سيد الطعام ولكن مع تغيير واضح في النكهة والمذاق ورحم الله ذلك الزمان .. ولأننا أول من عرف القمح فقد اظهرت امهاتنا براعة فائقة في استخراج الكثير من عجين القمح مثل انواع الكعك والخبائز والرغيف الشمسي والمعجنات وكذلك مواد التجميل مثل ( البوكريه ) او الدلكة وغيرها من المزيلات ومنها انطلقت هذه الثقافة الى كل انحاء الوطن ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
حبوبتي فافا ..
لم يكن هناك وقتاً متاحاً للركض واللعب إلا عند القيلولة تحت ظلال غابات النخيل الكثيفة التي تغطي كل القرية حتى الفضاءات والازقة بين بيوت وكانت هذه الظلال تمثل لنا مرتعاً خصباً لممارسة كل انواع الشغب والصخب مما كان يسبب الضجر والازعاج لكبارنا وهم في اتكاءة القيلولة بعد عناء دوام الصباح في الساقية وبالدنقلاوية ( فجر تاتي ) .. واستحضر هنا صورة الشاعر النوبي العظيم خليل فرح وهو يصف طفولته في صيصاب خلال رائعته عزه ( عزة ما نسيت جنة بلال .. وملعب الشباب تحت الظلال ) ويقصد بها مرتع صباه بين جنائن نخيل بلال بيرم في صاي .. ما أشبه الحياة على امتداد النوبة وكأن الزمان والمكان لا اختلاف بينهما.. وكما كان خليل في ( بلال إكي ) كنا نحن نمارس هوايات الصبا في ( سواري مار ) ولم يكن يردعنا او يحد من تحركنا اللامحدود إلا حبوبة فاطمة ( فافا ) تلك المرأة ذات الشخصية المميزة والحضورالقوي والتي كانت تسكن وحيدة في بيتها او بالاحرى غرفة لا يحدها سور .. وعندما ترتفع وتيرة اللعب والضجيج والصراخ كانت تطل علينا بطولها الفارع ولونها الاسمر الداكن وبظهورها كنا ننزوي الى داخل الازقة او نختبيء خلف سيقان النخيل ثم تعود الى داخل غرفتها لتتمدد في ذلك العنقريب الذي يبدو اصغر كثيراً من امتداد ارجلها المغبرة .. ودارت الايام وتفتحت مداركنا واصبحنا نستوعب ما يجري حولنا وعندها فقط عرفنا ان لهذه المرأة دور اساسي في مجتعنا بل هي سيدة المواقف والمناسبات الكبيرة تشرف على جميع مناسبات الافراح وخاصة في مجال تجهيز الوجبات .. حيث يتم استدعاءها الى مكان المناسبة قبل يوم او يومين لتحضير المواد الاولية وتتولى الاشراف على مجموعة النساء التي تقوم بتجهيز المواد مثل تقطيع البصل وطحن البامية الجافة ( الويكة ) ومراقبة العشرات من النساء المدعوات لنفير العواسة داخل الحوش وتشرف كذلك على عملية ذبح الثور او العجل وتراقب الوضع بصرامة ووعي حتى لا يقوم الشباب بتهريب اللحم الى مواضع اخرى ولمآرب مختلفة .. وعند بداية مراسم الطبخ في ساعات الصباح الاولى كانت تقوم بتوزيع السيدات على القدور كل واحدة حسب اتقانها لنوعية الطبيخ .. فهذه سيدة (الكمونية ) والمعروف عن هذه الطبخة انها واحدة من اصعب الطبخات والتي لا تجيدها إلا المرأة ذات المهارة العالية والذوق الرفيع في الطبخ .. وتلك سيدة (الفاصوليا) أما أمهرهن صناعة فهي المرأة التي تشرف على طبخ قدر ( الويكة ) وفي ذلك الوقت كانت الطبخة تختلف حيث يتم خلط (الويكة) بما يسمى بـ (إيلين قاريد) وبالعربية ( الجريش ) او القمح المجروش بالرحى ( الرحاية ) وهي بمثابة خلطة سرية تتم بين طحين البامية وجريش القمح مما يجعل لها طعم آخر ومذاق مميز .. وأكاد أستحضر شخصيتها تماماً وهي تقوم بتذوق عينة من كل قدر وتبدي ملاحظاتها بكل حزم وجدية ولا تقتصر نفوذها على المطبخ فقط بل تمتد لتشمل نقطة توزيع اللحم المحمر والارز وهي من الاطعمة ذات القيمة والتميز في ذلك الزمان .. والغريب في الامر ان مهمة توزيع الارز واللحم المحمر كان يشرف عليها الرجال وليس ببعيد عن ذهني ( عوض بهارة ) رحمه الله الذي كان يقوم بعمل لفائف من رقاق القمح بداخله كمية من الازر واللحم وبقدر معين ومعلوم ويتم ارسالها الى المرأة التي لم تحضر المناسبة لعذر معين وتكون قد دفعت مايسمي ( كسييه ) اقصاها عشرة قروش وادناها سبعة قروش في كشف الدفعيات كمشاركة منها .. وكانت هذه لفافة تسمى ( كتيه ) بتشديد التاء .. أما الارز واللحم المحمر فكان لا يشاهد إلا في المناسبات .. وكنا ننتظر رجوع امهاتنا بتلك اللفائف ( كتيه ) ومن ثم بتوزيعها علينا بقدر ما تحمله اطراف الاصابع مع مراعاة أن للذكر مثل حظ الانثيين .. رحم الله الحاجة فاطمة ولقبها ( سولون برو ) .. ورحم الله ذلك المجتمع الذي كان كل فرد فيه يعي دوره تماماً ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ذكريات تربال نوبي في الغربة .. سرد توثيقي .. خواطر لمشاركة الجميع (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
دخول التكنولوجيا الى منطقتنا .. أيام عبود ..
البداية الحقيقية للبرقيق بدأت مع المشروع الزراعي وقد اسسه مستر لانق الاستكندي ونقل اليها نفحة الريف الانجليزي في معمار غريب وجميل وهو الذي يمثل مدخل البرقيق بعد انشاء المشروع الزراعي في الاربعينات من القرن الماضي بدأت هذه القرية تتمدد شمالاً وجنوباً وكانت المدرسة الاولية والاميرية في الخمسينات وقد جلب مشروع البرقيق النماء والخير والعمران لكل المنطقة ولا اعرف كيف بنى هؤلاء تلك الصروح الضخمة والطلمبات التي كانت تعمل بالفحم الحجري وذلك الجدول الضخم الممتد من النيل حتى اعماق الصحراء في زمن كانت المعرفة والمعدات محدودة ورفض اهلنا في ارتقاشا نداءات الخواجة مسترلانق لتمليك الاراضي لهم ورفضوا والخروج من الجزيرة بل اخبروا الخواجة أن شرق النيل فقط لدفن الموتى ولكن اصابتهم الحسرة لاحقاً ولازالوا في غياهب الندم لتفريطهم أرض الحواشات ولو انهم امتلكوا المخططات السكنية فجاء الموظفون والعمال من مختلف انحاء الوطن فكونوا مجتمعات خاصة بهم فكان الجمال المجلوب والحسان من الاثنيات الاخرى من خارج المنطقة فأنشأوا احياء مثل حلة الزراعة والبيارة ، فجادت قريحة العشاق بالغناء لهن وخاصة من اصحاب الطنابير أشهرهم شيخ العرب ادريس الطنبراوي:
فارق البيارة خلى ناس حيارى .. كومر الزراعة شالت النعناعة .. تنكسر ضراعة .. الله لي والليلة .. وفي بداية الستينات دبت الحركة في اوصال القرية مرة أخرى حيث عشرات العمال والعربات ومعدات البناء إنه بداية بناء المستشفى واتذكر تماماً كيف تم تركيب ورش النجارة والبناء والبلاط واكثر ما كان يشد انتباهنا ذلك المصنع الذي كان ينتج البلاط ( مربعات ) ويشغله عمنا الذي اطلق عليه علي بلاط والغريب ان المصنع كان يعمل بطريقة يدوية وينتج أنواعاً من البلاط الملون مازالت تزين ارضيات المستشفى وعمنا لا يعير اي انتباه لوجودنا بل يستمتع بجودة عمله وهو يترنم بصوته الجميل أغنية الفنان وردي ( بيني وبينك والايام ) وبالفعل كانت نقلة نوعية وصدمة حضارية لأهلنا آنذاك اذكر يوم الافتتاح وقد حضره الحاكم العسكري للمديرية في أعياد الثورة في 17 نوفمبر وفي ذلك اليوم سمح للناس بالتجول داخل المباني وقد انبهر اهلنا بالمعدات الطبية وخاصة غرفة العمليات وذلك السرير الذي يعلو ويهبط على مقاس الطبيب حسب التحكم بالقدم والذي ظهر لنا وكأنه من العجائب الدنيا السبع وبدأت مرحلة العلاج فكان احد عمامنا من اوائل المرضى الذين دخلوا المستشفى وهو في حالة اغماء تام لمدة يوم كامل وبعد أن اخذ العلاج واستفاق من غيبوبته قفز من السرير الى خارج المستشفى راكضاً وعيناه جاحظتان من الخوف وعندما سؤاله عن السبب اجاب ( اكيف انام في بيت بدون مرق) لأن المستشفى كان سقفه مغلف من الداخل بالاسبستوس ظن عمنا أن هذا السقف بدون دعائم وبدا له أنه سوف ينهار على رأسه ورفض الرجوع الى المستشفى ثم كانت المشكلة في عربة الاسعاف والتي اعتبرها اهلنا وكأنها طائر الشؤم وأينما ظهرت كانت تقابل بالاستعاذه والتشاؤم بل ان بعضهم كان يتجرأ بقفذها بالحجارة لأنها كانت مرتبطة في اذهانهم بذكرى المرض والموت أما في جانب الحراك الترفيهي والثقافي فكانت تلك البعثات الفنية التي تأتي من الدامر عاصمة المديرية عربات مكتوب عليها وزارة الاستعلامات والعمل وكان مبتغانا الاول والاخير هي عربات السينما المتجولة ومعظم افلامها لقطات من نكات تورالجر) التي لم نكن نفهم منها الا القليل لأن الممثلين كانت لغتهم العامية سريعة جداً ويصعب علينا فهمها ولكن اللقطة التي لا انساها هي زيارة الفريق ابراهيم عبود لقصر الامبرطور هيلاس لاسي في اديس ابابا والمعروف أن رمز الامبرطور هو اسد يهوذا وتم تصويره وهو يتجول في مربطه امام القصر وفي قمة اندماج المشاهدين مع منظر الاسد اقتربت الصورة وهذا الوحش فاغر فمه وبدا لنا وكأن الاسد متجه نحونا حقيقة فعم الصراخ والفوضى المكان واختلط الحابل بالنابل وهرب الجمع من الصف الاول كبارهم وصغارهم ولاخراج الناس من دائرة التركيز العالي الى الواقع الحقيقي تم ايقاف الفيلم ثم تشغيله مرة اخرى رحم الله الفريق ابراهيم عبود واعضاء حكومته .. صدق اهلنا في حلفا (( ضعيناك .. وضعنا وراك .. ياعبود ))
| |
|
|
|
|
|
|
| |
علي عبدالوهاب عثمان
Emad Khairy
Medhat Osman
Zomrawi Alweli
مصعب محمد عثمان
أيوب خليل
سلمى الشيخ سلامة
عمار محمد ادريس
ناصر المحسى
علي سيد همد
Mohamed Hamed Ahmed
Mannan
محمد على طه الملك
Sharif Nasirladeen
احمد سيد احمد
يحي ابن عوف
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست