أمس يؤرخ برحيل التشكيلية والباحثة السودانية د. بقيع بدوى محمد !!

Quote: تعتبر أعمال الإبرة فى منطقة ام درمان من الظواهر الفولكورية التى أزدهرت ولقيت رواجا هائلا منذ فترة المهدية وحتى الأربعينات من القرن العشرين . وهذه الفترة شهدت الإحتلال البريطانى للسودان وماله من سلبيات فى الحياة السودانية عامة ووضع المرأة بصفة خاصة .فأعمال الإبرة كانت من المنتجات المنزلية التى أسهمت بها المراة إسهاما فاعلا فى الحياة الإقتصادية والإجتماعية والثقافية . وأعمال الإبرة كغيرها من الأعمال اليدوية لم تحظ بقدر كاف من الدراسة من جانب الفولكوريين والباحثين فى مجالات لصيقة الصلة بالفولكور ،وحتى الستينات من القرن العشرين لم يلق الجانب المادى للثقافة ( ماتريل كلشر ) الإهتمام الذى لقيته الأنماط الفولكورية الاخرى كالاداب ،الموسيقى والعادات والتقاليد .وعليه فأهمية هذه الدراسة تكمن فى أنها الأولى من نوعها فى تسليط الضوء على ظاهرة أعمال الإبرة فى منطقة ام درمان . وقد عنيت الدراسة بالنواحى التأريخية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية والتى بدورها أطرت وساعدت على ظهور تلك الظاهرة الفولكورية . وأعمال الإبرة فى منطقة ام درمان عرفت بانها من الأعمال التى أرتبطت بالمرأة ونشاطاتها ولقد أختصت المراة بهذه المهارة لما تتميز به من دقة فى الصنع تتطلب صبرا يتوفر لدي المرأة على وجه العموم .ومن خلال هذا الكتاب يتضح مدى إستطاعة المرأة فى ام درمان أن تبدع فى هذا المجال ،مدللة على قدرتها الخلاقة المشبعة بالتراث والمرتبطة به . فمواضيع الخياطة تركزت فى بعض الأعمال التي ارتبطت بالزي القومي كالطاقية ومصاحباتها العمة والمناديل . فقد عنى هذا الكتاب بالوضع الوظيفى للطاقية ،خاصة الناحية التشكيلية للطاقية، وذلك لأن خياطة الطاقية زاخرة بالغرز والزخارف والالوان التى ارتبطت بالموروث الذى يعكس تقافة الجماعة . وأعمال الإبرة كغيرها من الأعمال قد أثرت دون شك على الحركة التشكيلية الشعبية والتى تعتبر مصدر إلهام لعدد من الفنانين التشكيليين المعاصرين فى السودان. فالمتتبع للحركة التشكيلية المعاصرة فى السودان يجد ان هنالك تيارا قد عنى بالتراث ووظفه لخدمته ومن رواده الفنانان إبراهيم الصلحي واحمد محمد شبرين . فقد أستخدما الأنماط التراثية فى أعمالهما الفنية ورجعا إلى الموروث المخزون فى ذاكرتيهما بما تشبعل وتشربا به ، فجاءت أعمالهما معبرة عن ذاتيهما والتى سميت ب ( مدرسة الخرطوم ) وهذا التواصل لللتراث يؤكد أن الموروث مستمر وغن أختلفت صوره و وسائله ، ويمكن أن يظهر فى اوجه الثقافة المتعددة ويحتفظ بخصائصه مع التغيير والملاءمة وهو يعني فى حقيقته هوية الجماعة وثقافتها )

المصدر :
د. محمد ، بقيع بدوى :
التشكيل فى اعمال الإبرة في ام درمان الفرة 1885-1940 (كتاب )
دار جامعة الخرطوم للنشر 2008
صفحتى 11- 12

الفنان إبراهيم الصلحى من ذات البيئة الجغرافية التى انتجت تشكيليين سودانيين كبار
مثل الراحلة د. بقيع بدوى والأستاذة عائشة سالم عمر ( ماما عشة ) والاستاذة سعدية الصلحي وغيرهم