سودو الصفحات فاروق كدوده راااااح

Quote: التاريخ: الجمعة 28 ديسمبر 2007م، 19 ذو الحجة 1428هـ العدد 3694 كمال حسن بخيت صباح الخير فاروق كدودة.. وداعاً أيها الرجل النبيل نزل علينا الخبر كالصاعقة.. نحن أصدقاء وأحباب الدكتور فاروق كدودة، هذا الفارس النبيل.. والرجل صاحب القلب الكبير. د. فاروق كدودة.. رجل من طراز خاص.. جاء من أرض بلاد النوبة.. ودرس في موسكو.. وتخصص في الاقتصاد.. علَّه يجد العلاج لاقتصاد بلاده. فاروق كدودة.. لم يتخل عن قناعاته والمبدأ الذي آمن به وعشقه.. فاروق كدودة لم يكن متعصباً لقناعاته.. لكنه كان مقتنعاً بها.. كان يؤمن بالحوار.. ويحلم بالتحول الديمقراطي والسلام. كان فاروق كدودة محبوباً من كل ألوان الطيف السياسي.. وكان سودانياً حتى النخاع.. وكذلك نوبياً حتى النخاع.. فاروق كان رجلاً كريماً وأصيلاً.. بيته مفتوح للأحباب كما هو قلبه كذلك. لم أر فاروق غاضباً يوماً واحداً.. حتى في أصعب المواقف التي تعرض لها. علاقتي توثقت به عن طريق أخي وصديقي كمال الجزولي.. الذي تربط بينهما العقيدة والهدف والوسيلة السلمية والمحبة الخالصة. فاروق كدودة.. كان يحمل في صدره قلب طفل.. كان متسامحاً حتى مع الذين لم يكونوا متسامحين معه.. كان رجلاً ساخراً.. على كل ما حوله.. وكان ذكياً.. ولماحاً ومخلصاً.. لوطنه ولشعبه ولرفاقه. كان ديمقراطياً حقيقياً.. يقبل الرأي الآخر ولا يزعجه أي طنين حوله وحول مواقفه.. واثقاً من نفسه. كان ريحانة للمجالس.. وعطراً للأحباب. فاروق كدودة رحل بلا استئذان. ورحيله يشكل فاجعة كبيرة لأهله وأسرته وأحبابه ورفاقه فقد كان ركناً أساسياً من أركان المجتمع الديمقراطي والمجتمع السوداني كله. فاروق كدودة فقد كبير لكل من يعرفه.. فقد لوطنه ولأهله ولحزبه. وفاروق كدودة كنت قريباً منه.. رجل يحب وطنه.. وملئ بالأمل والتفاؤل بمستقبل بلاده.. كا ن رجلاً يحب الحياة ومطمئناً للغاية أن غداً ستشرق الشمس ثانية. كان طيباً كالحقول والمطر.. وكان يحترم الجميع.. ولا يعرف قاموسه كلمة لا، إلا في الموقف الذي يتطلب أن يقول لا. وفاروق كدودة.. رجل من نسيج خاص وعنوان للرجل المبدئي.. وكان عالماً في تخصصه.. ومتفهماً في قضايا وطنه السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية، وكان متواضعاً تواضع العلماء.. وكان آخر من يقول رأيه في أية جلسة حوار، وهذا سلوك من سلوك العلماء.. والعارفين. لم أسمع يوماً أحداً يتحدث عنه بسوء.. حتى الذين يخالفونه الرأي. ذهبنا سوياً قبل (5) سنوات لدعوة وجهها القنصل المصري الاسبق في فندق المريديان لطعام إفطار رمضان الذي اعتاد أن يقيمه سنوياً.. ودخلنا قاعة الفندق التي امتلأت بكل ألوان الطيف السياسي ووجدنا طاولة يجلس عليها شخصان يرتديان الزي الوطني جلسنا معهما وعرفت أحدهما.. جلس بجوار هذا الرجل الراحل فاروق كدودة.. وبدأ هجوماً على الحكومة من العيار الثقيل.. وكان الرجل ينظر لي وهو يبتسم وبسمات الرجل جعلت الراحل فاروق يزيد من العيار.. بعدها دخلنا صالة الطعام لنحضر الطعام. وجلسنا على الطاولة من جديد وجاء الرجل بطعامه كذلك ومعه زميله وكان معنا الدكتور الباقر أحمد عبدالله وعلى الفور قلت لصديقي الدكتور فاروق كدودة يا دكتور.. هذا الرجل الذي يجلس بجوارك هو اللواء (آنذاك) صلاح قوش مدير الأمن والمخابرات فضحك فاروق وقال لي اخرب بيتك ليه ماقلت لي من الأول.. قام الفريق صلاح وعانقه.. وقال له يبدو أن الكبر قد أصابك.. كيف تنساني وأنت جارنا ومنزلكم بجوار الجهاز واعتقلت كذا مرة وحققت معك. ضحك فاروق وحوَّل الحديث الى نكتة. نسأل الله لفقيدنا الرحمة والمغفرة.. وأن يسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.. والعزاء موصول لأسرته ولقيادة حزبه