الأستاذ محمود محمد طه: هذا مغتسلٌ باردٌ وشراب

Quote: الداب نفسو من نفسو قصّر ترجمة سودانية لأبيات أبي العلا (ولا هطلت عليّ ولا بأرضي سحائب ليس تنتظم البلادا وقد استشهد بها الأستاذ ذات مرة هذه الأبيات ..) ======= رباه هل لك ان تريني ما هو النعيم وما هو الجحيم؟؟ نعم بني فلندلف لذينك البابين!! دلفا معا لأولى الغرف فرأى الإبن رجالا تغور منهم الأعين تضورا والإنهاك باد يكاد يقضي عليهم والجو مثقل بأنين يتفطر معه الفؤاد هلعا .. يحدق الإبن في وسط الغرفة فاذا بمنضدة يتحلق حولها عجاف القوم أولئك وقد توسطها إناء تفوح منه روائح مرق شهي .. يمعن النظر فإذا بالقوم قد ثبتت ملاعق طويلة، أطول من أيديهم، ثبتت على الأيادي والجوعي يحاولون عبثا أن يبلغون بها فاغر الأفواه فلا يستطيعون .. بينما الإبن مستغرق في تأمل هذا، قطع عليه الرب حبل تأمله قائلا: ها أنت قد رأيت الجحيم بني، فلنر معا النعيم الان ثم دلفا الى باب مجاور... من العتبات يشم الإبن ذات رائحة شهي المرق ويرى ذات الملاعق وقد ثبتت على الأيادي ولكن للرائي ان يرى، وبوضوح، أن الوجوه هنا تكسوها نضرة النعيم والجو مفعم بحبور وسرور لا تخطئهما عين .. يسارع الإبن ناظرا لوجه الرب متسائلا: كأنه ذات الشيء الذي رأيت ثم ليس هو بعد!! هل لك على أن تدلني ما هذا؟؟!! الأمر جد بسيط يا بني، يجيب الرب .. في الجحيم رأيت القوم وقد انشغل كل منهم بنفسه فما طائلا بلغ ولكن هنا في النعيم قد أخذ كل منهم يطعم بملعقته الطويلة هذه أخاه الذي يقابله فنعموا جميعا ...