. جاءتني أبنتي هذا الصباح و حزن الدنيا يملأ وجهها .. وبصوت أرهقه البكاء قالت لي: مس بيرل يا بابا ... ثم صمتت لا حول و لا قوة إلا بالله .. مس بيرل لورانس؟ ... الموت حق
كانت سنة واحدة قضاها أولادي بالمدرسة العالمية النموذجية الإنجليزية بالخرطوم The International Standard English School ( http://iseseducation.net/sudasite/)
فعرفناها: أمريكية الجنسية . متزوجة من سوداني (المهندس غندور) حضرت معه للحياة بالسودان و عملت مديرة للمدرسة. مسلمة متمسكة بجوهر الدين و مظهره معا. وترتدي الحجاب. دخلت قلوبنا بمجرد أن دخلنا مكتبها لأول مرة. إستقبلتنا ببشاشة وحميمية لا تشبه الأمريكان فحببت المدرسة إلينا من خلال شخصها. و عرفتنا علي بناتها الأثنتين: سلسبيل و زلزبيل. تركت مدينتها أعظم مدن العالم (نيويورك) و إستبدلتها بالخرطوم. ما كانت هجرتها رحلة للبحث عن جذور إفريقية قديمة ولكنها كانت قد إختارت رفقة زوجها و بيئة مسلمة فيها تربي بناتها. رحلت من جوار ميدان تايمز إسكوير لتجاور الساحة الخضراء راضية و قانعة. كنا خلال ذلك العام نلتقيها كثيرا و توطدت علاقتنا بها وخاصة علاقة إبنتنا بإبنتها سلسبيل. كانت كمديرة للمدرسة دائما حاضرة و مستعدة لكل تساؤلات الآباء و أستفساراتهم و كانت بجانب الإدارة تدرس اللغة الإنجليزية بلكنتها الأمريكية التي يحبها الطلاب. إستقطبت أكفأ المعلمين للمدرسة و بينهم أمريكي أبيض إلتقته في أمريكا وجدت عنده حب للمعرفة و الترحال فدعته للعمل بالسودان. كانت نشطة كأنها صبية صغيرة. متشبعة بكل إيجابيات الخواجات و تغيب عنها سلبياتهم. تجتمع عندها قوة الشخصية جنبا إلي جنب مع حياء أنثوي ينسجم مع ما ترتدينه من حجاب. تكثر من قول (إن شاء الله) و لكنها تفي بكل وعودها و إلتزاماتها كأنها تريد إثبات براءة الإسلام من الخمول و الكسل و الإستهتار و عدم النظام الذي إرتبط بنا كمسلمين. كانت مثلنا سمراء .... تجيد صناعة الملاح و تحب الملوخية وتفاخر بسودانيتها و لكنها لا تضيع و قتها في المجاملات و الثرثرة في مجالس النساء. تعطي معظم وقتها للعمل ولبناتها ولبيتها. كثيرا ما تمكث حتي ساعات متأخرة في المدرسة تنجهز مهامها و تؤدئ واجباتها اليومية. كنا نفضل زيارتها بعد ساعات الدوام لمتابعة سير الأولاد في دراستهم. و كنا دائما نجد معها (سلسبيل) و (زلزبيل). تحب بناتها بجنون ولا تدللهم. تناقشهم ولا تنهرهم. توجههم ولا تقهرهم. كان أسلوبها في التربية يثير إعجاب كل من يتقرب منها و يتعرف عليها، تربيتها لبناتها و لأولادنا الطلاب عندها في المدرسة.
وغادرنا السودان إنقطع نواصلنا معها إلا من إتصالات متباعدة زمنيا و لكنها متقابرة وجدانيا بين إبنتتنا و بنتها سلسبيل عبر الفيسبوك.
قالت لي إبنتي : مس بيرل جاءت نيويورك قبل شهرين لتتعالج من سرطان الثدي.
و بالأمس رحلت في هدؤ
اللهم أرحمها و أغفر لها وزد في حسناتها بقدرما قدمت في دنياها. اللهم إنا نسألك أن تنزلها مع الصديقين و الشهداء اللهم أحفظ بناتها وصبرهم علي فقدها ووفقهم في حياتهم و أعنهم علي تحمل المصيبة و علي التمسك بما ربتهم عليه من فضائل وسلوك و تمسك بالعقيدة اللهم صبر زوجها و أعنه وعوضه فقدها في بناته و كل العزاء لأسرتها و معارفها و لطلابها و لأولياء أمورهم الذين بلا شك قد فجعهم الخبر مثلما فعل بنا ولا حول ولا قوة إلا بالله
(عدل بواسطة خالد الأيوبي on 12-04-2012, 07:38 PM) (عدل بواسطة خالد الأيوبي on 12-04-2012, 07:49 PM) (عدل بواسطة خالد الأيوبي on 12-04-2012, 09:05 PM)
العنوان
الكاتب
Date
في ذمة الله . مســـز بيرل ..... مع الصديقين و الشهداء إن شاء الله
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
خالد الأيوبي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست