***ونـسـة مـع عـلـي عـبـد القـيـوم***

Quote: تضاريس 70 على عبدالقيوم .. من ترى أنطق الحجر؟ بشرى الفاضل [email protected] بهذه القصيدة ختم الشاعر ديوانه ـ أفضل كلمة ديوان على عبارة مجموعة شعرية ـ.وبعنوان هذه القصيدة "من ترى انطق الحجر؟" أصدر أصدقاء على عبدالقيوم في الدوحة كتاباً في ذكراه أشرف على تحريره الأستاذ إسماعيل الفحيل. قسم على قصائد الديوان إلى ثلاثة أجزاء هي "جرداق للمطر" و"ضائع يبحث عن ضائعة" و"الموت فوق صدرها".وأخرج قصيدتي "تعلة المقل" فجعلها مدخلاً ومن "انطق الحجر؟" فجعلها خاتمة من هذا التقسيم. وقد راقني هذا التبويب.حفل كتاب على هذا بالمراثي : "شيخي" عن المجذوب و"أختي"ـ ولابد ان الشاعر قد خص بها شقيقته الراحلة حواء عبدالقيوم التي ماتت في ريعان الصبا وقد أظهرت نبوغاً في الثانوية حدثت كاتب المقال عنه بعض زميلاتها وقتها وهن يتحسرن على وفاتها المباغتةـ و "لماذا جرى ما جرى" في ذكرى الشاعر عبدالرحيم أبي ذكرى و "قمر السلام" بكائية على المك و"السماني" عن ذلك الشاب الذي أحرق نفسه احتجاجاً بمدني و"من يعزي فيك من" وهو أيضاً يرثي الزمن ويرثي حال الوطن. لكن بكاء على يختلف عن البكاء .إنه ينزف بالصور الشعرية وهذا في نظري أخطر أنواع النزيف. فعلى لا يفضفض. قصائده تظهر ذلك .على يتأوه ولذا فالشعر كان يكوى وجدانه كياً .ولعل هذا هو الذي أودى بحياته باكراً. داء على عبدالقيوم المزمن هو الشعر المحتبس بالداخل أما المرض الخبيث الذي طوى صفحة وجهه البهية على عجل فكان عرضاً لذلك المرض الأول. في عام 1981م جاء الراحل على المك ذات صباح إلى مكتب الشاعر بالخرطوم كي يبثه فرحه بقصيدة "الاختيار"تلك التي افتتحها الشاعر بقوله جرؤت على الذي جرؤت عليه الريح في ترحالها العاتي واختتمها بما أوحى به عنوانها أتهرب أم تموت وأنت أصغرهم ؟! أتهرب أم تموت ولست آخرهم؟! أتهرب أم تموت؟ لم ينس على عبدالقيوم هذه المساندة الصباحية والإحتفاء بالشعر والشعراء وهي من أبرز صفات الراحل على المك فضمنها عبدالقيوم في قصيدة قمر السلام ـ بكائية على المك حيث قال: ها أنذا أنادم قمراً سابحاً في فضاء السديم أحييك يا صاحبي مثلما جئتني في بواكير ذاك الصباح جئتني وابتسامتك المخملية تجلو ثناياك تشملني برعايتك الباسقة : يا لها من قصيدة! (لم أكن قد رأيت القصيدة منشورة بعد) جئت يا صاحبي تتأبط منشرحاً باقة من زهور مودتك الصادقة وقصيدتي "الاختيار" وتداعبني أيها المتدثر بالشعر هل أنت صوفي هذا الزمان ؟ سيقتلك العشق هلا استخرت المنايا؟ وتضحك .. يندهش البعض من حولنا أنت صاحبهم أجمعين كيف تأتي حفياً بشعري إلى مكتبي؟ وهمً يحسبون فؤادي حجر! هكذا بضربات ماهرة ومباشرة يقدم لنا على عبدالقيوم بعضاً من روح على المك لمن يعرفونه ويكشف عن رأي علي المك في علاقة على عبدالقيوم بالشعر ذاك الذي سيقتله.ويكشف عن الحالة الشعورية للشاعر الضنين يقطر شهد الشعر الداخلي على أصحابه ورفقته: وهمُ يحسبون فؤادي حجر! ويستطرد على عبدالقيوم في الكشف بضرباته الماهرة عن شخصية و سريرة على المك: مزاحك ينعش حتى موات المكاتب يا صاحبي ثم تسألني فجاة ... لغة الحزم تطغى: ماذا ستفعل بالشعر أين دواوينك السابقة؟ يا صديق الخليل ويا أرحم الناس بالمبدعين لماذا تدللنا هكذا؟ وهكذا لو يعلمون فلا يحتاج الشاعر إلا إلى مثل هذه الزيارات الصباحية لأن الشعر يحتاج إلى المعزة وهي معزة يضن بها الوطن. من القصائد التي تشدني إليها في ديوان الخيل والحواجز وما يشدني فيه كثير قصيدة " الطفلة التي نعشقها ولا تعرفنا"التي كتبها الشاعر في فبراير من عام 1969م كان لقاؤنا تحت مظلة من النجوم الباهتة ما بين أشجار عقيمة مقوسة حيث تجهم الفضاء "إثر ضحكة خليعة لم تكتمل" وانهار فوق ساقه زماننا المغفل الثمل وانكسرت ، ولم تعد صالحة لحرفة سوى التسول الذليل والنفاق وحينما كاشفه أبناؤه اليتامى بخزيهم في كبريائه وفي وعوده القديمة انهار فوق ساقه السليمة "فاكتملت معالم الجريمة"! وأفرج الفضاء عن ضحكته الخليعة \وانهارت الأحلام والرؤى البديعة.. هكذا كان لقاء الذات الشاعرة بأصحابه ورفاق دربه حيث سبحوا معاً : كان علينا أن نختار أن نقطع البحار سابحين ،