الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 12:19 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.احمد القرشي عبدالرحمن مهدى(AhmedalQurashi)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-17-2012, 03:12 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    الأدب الشعبي في دار الريح

    كتب: خالد الشيخ حاج محمود
    أهداني الاستاذ الباحث/ محمد التجاني عمر قش – الذي يقيم بالسعودية بعضاً مما كتبه عن الشعر الشعبي بدار الريح و هي المنطقة التي تقع في شمال كردفان وكانت في السابق تسمى بمركز بحري كردفان حيث يقطنها الابالة والغنامة والزراع وغيرهم، وقد احسن الاستاذ محمد التجاني التحليل في هذا الجانب خاصة وهو من اهالي تلك المنطقة والتي اشتهر انسانها بالترحال والتجوال والعيش في الفيافي شأنه شأن الانسان العربي عبر التاريخ لاسيما وان الشاعر العربي او الشاعرة لا تروق لهما حياة المدن والقرى وانما يفضلان العيش في الخيام بعيداً عن صخب المدينة وبهرجها، وقد ذكرت كتب الادب العربي قصة ميسون الكلابية التي قالت: لبيت تخفق الارواح فيه احب إلىّ من قصر منيف
    ولبس عباءة وتقر عيني احب إلىّ من لبس الشفوف
    وأكل كُسيرة في كسر بيتي احب إلىّ من اكل الرغيف
    واصوات الرياح بكل فجٍ احب إلىّ من نقر الدفوف
    و######ٌ ينبح الطراق دوني احب إلىّ من قطٍ أليف
    وبكرٌ يتبع الاظعان صعب احب إلىّ من بغل زفوف
    وذلك عندما تزوجها معاوية بن أبي سفيان وجاء بها لتعيش في قصور الخلافة في دمشق وشبيه بهذا قول البدوية من دار حامد:
    بيت القش ما بضاري ساكت بشتن حالي
    دايرالي شقالي على سيسة الجبالي
    ويرى الباحث عبد الغفار محمد احمد بأن الادب الشعبي عند قبائل دار حامد على انواع عديدة منها (الاغاني القديمة واغاني المناحة والجالسة والجراري والدابو والتوية والدوبيت وريقه وغيرها) ولكن المنطقة فيها صور شعبية أخرى كما اوردها الباحث عبد الباقي تمساح حيث يوجد (الشقليب) وهو من فقرات السيرة ويختلف عنها بأنه لايتضمن ايقاع الدلوكة او الطمبور لذلك هو اقرب للعرضة الخليجية رغماً عن احتوائه على اغاني النساء حيث يشترك فيه قريبات العريس المتزوجات وامه والحبوبات والخالات فيمدحن العريس ومن أمثلة غنائه:
    كنز الحجلها رطن خاتنه للحارات إن جن
    كان السيف أبى هزّ على بقناعي في الدوسه أم عجاج بتنبر الواعي
    كذلك يوجد (عرض الفال) وفيه تقف أم العروس أو الحكامة لمدح العريس في مراسيم (الضريرة) وهي خضاب خاص مصحوب بطقوس العديل والزين، ولكن دار حامد يضيفون له مدح العريس أو اهله ومثال ذلك ما ورد مدحاً على أحد احفاد الشيخ تمساح المشهور بـ(أبو عشة):
    أسد الغابة الدفة بقرعها جدك أبو أم عشى الدارة بدفعها
    سيد الخادم الكاشفة مقنعها أمسك دربه هو رايته ارفعها
    وكت أبوك يركب على الدوريك سيد القدح الكبير بعشي الضيوف في البيت
    سيد الهاج دا ماصع ودي مربيت شولك يوم مرق هدد العاديك
    وقت أبوك راكب على بشاريه مردوم فرشه كل الخلوق تطويه
    بحر المالح الحمر للضيفان تمساح أدبرة المابمرقو عوام
    أنت أسد ما خِرّيف ضان أبو طينة حجر ما بدقو فيها برام
    أبو زاداً عسل للزملاء والضيفان أبو جيباً تقيل للطالب والعشمان
    كما يوجد (الدوباي) وهو من صور الغناء الشعبي وإن إختلف نمّه عن الدوبيت حيث يتناوله الشبان في المشرع، و يتبادلون فيه الاشعار أثناء جر الدلو فيصبح ذلك بمثابة تسرية تعينهم على تحمل العناء وهو موشح يقال في كورال جماعي من الشبان كمثل القول البديع:
    يا الله لينا ولي الدلو كفتير جماعتك اربعة نشلو الدلو واترابعو
    يا الله لينا ولي الدلو الليلة أم جريس جات طابقه الضما
    بسقيها بي دبل العصا بسقيها كان الدم جرى
    يا الله لينا ولي الدلو ذنبي على الفتل الرشا ذنبي على القطعو وحتا
    (ام جريس: البقرة ، طابقه الضما بمعنى شديدة العطش، القطعو وحتا أي صانع الدلو).
    ويوجد أيضاً (الدابو) وهو أقصر من الدوبيت بحراً حيث يتناوله الرجال في جلساتهم الخاصة بالافراح بإعتباره غناءً يختلف عن الدوبيت وتقترب نمته من نمّة الجراري ويرتجل إرتجالاً ومن أشهر شعرائه (الشيخ أمبدة سيماوي وإبنه العمدة تمساح)، ويقال بعيداً عن الأضواء الاحتفالية كمثل القول الجميل:
    ما رغاي بي ملامه ما ملاي لي حزامه
    لحق البي عوامة سبق الكاظمة لجامها
    قارض الشوك بي سنك والكرباج وا جنك
    سوي دي وكفى منك سجم عرباً راجنك
    أما الدوبيت والذي يسمى بـ(الحاردلو) يوجد عندهم أيضاً من أشهر شعرائه (ود ام سياله وقناوي ودليبة وتمساح ام بدة و ود جبر الدار وشيخ جامع على التوم) في منطقة الكبابيش) و غيرهم ومن ذلك الدوبيت البديع قول الشاعر تمساح ام بدة:
    أكلت عيشها من ناس حوه جاتهن حابية وام كشكوش تحاكي البوه
    أبوك مسكت السيف كتير شن سوا تلي الروبة يا حورية سيبي العوه
    أما المسدار فهو اطول بحراً من الدوبيت سيما وفيه وصف أكثر ومفصل للمناطق والبنات ويوجد الكثير من شعرائه بدار الريح منهم الشاعر الفحل (جامع على التوم) والذي أورد شعراً صادقاً في مسداره عندما مات جمله قال فيه:
    يا شيخ العرب ماجانا خبراَ شوم خبر تيسي المعي ام بشار بهيج وبزوم
    غراره ام قدود غشاشة ما بتدوم شالت الدومتو هتاف شني في الخرتوم
    شالت البلحق الصيد الوقف لي دوم شالت الحر مأصل من نعم دلدوم
    وهلا ودوبا ود ناقة النمير سلوم وأصلك من عنانيف شيخنا ود التوم
    عليك طنيت وسويت نبحة المجحوم ويبكنك بنات دورن وحوالي عموم
    فقدنك بنات الحوي وأم قدوم ويبكوك الرجال في ام سنطة والحروم
    ويبكيك ود جودة يا الفي الجمال معدوم وعزايتك لا بتدخل الضل ولا بتنوم
    قدر مولاي حكم الواحد القيوم ود إبل الملوك مما رقد ما بقوم
    وأنّي إن فرشت عليك ما أظن اكــون مليوم
    أما الجراري في منطقة دار الريح فهو سلطان الأدب الشعبي، حيث يوجد التقيل
    والخفبف والمتوسط بين الأبالة والغنامة، لاحظ قول الكباشية الذي أورده الباحث الاستاذ محمد التجاني: سدر المامنكبا حطم بي عقاله وتبا
    مسك السكه وخبا على الريفدورهن هبا
    وكذلك تقول الشاعرة أم كلتوم بنت الشريف وهي شنقيطية الأصل وأمها من دار حامد: ما حشاش كتافي وما هو الدوب متلافي
    هاجم الجدي الغافي بسر الفيــــافي
    ويقال الجراري في مواقف الكرم والشجاعة التي يقدسها البدوي ويحرص على ترجمتها لعمل محسوس خاصة اكرام الضيف كما ان الشجاعة تعتبر من القيم النبيلة لهم فلا مكانة ل######## لذلك عندما يفر الشخص من ساحة القتال يجد التقريع والسخرية كقول احداهن كانت معجبة بشاب ولكنه تولى عند القتال فقالت:
    يوم الصقير فوق حام سويت جري النعام الليد أخو أم زمام من كشكشو لاقام
    وعلى العكس تماماً يجد الشجاع المدح من الحكامات لاحظ القول الحماسي:
    أبو حوه أرخي الدير ودي السلام للخير الدود أبو حجيل عفارم عليك بالحيل
    وقد يجئ المدح للزوج عندما ينشق بإبله حيث وصفت احداهن زوجها بالنخيل إذ قالت: يا شدرة النخيل شايلة العمار تقيل نبقى حمامة نطير نلحق جدي الريل
    وللعشق مساحة في جراري دار الريح فقد تظل العشيقة مساهرة لم يزر الكرى طرفها المسهد بل ترغب أديم السماء عندما تختفى نجومٌ وتظهر أخرى خاصة وقد رحل عشيقها الذي تصفه بالمسك المسخ الارباح حيث تقارن ذلك المسك بالارياح المعروفة في الريف كـ(المجموع) وغيره ولأنها لاتعرف مستحضرات باريس ولا منتجات الشبراويشي لذلك قالت:
    ديك نجوم صباح طالعات مع البواح فتيل المسك فاح دي المسخ الارياح
    وتظل العشيقات على العهد رغماً عن التقاليد التي ربما تقف حائلاً بين قلبين مفعمان بالأحاسيس النبيلة والسامية ولأنها لاترى في حبها ما يشين لذلك قالت:
    جلدك حرير سيتان يا خدرة القيزان ما مننكرك يا فلان كان رصو فوقي الزان
    ويتناول الجراري عند الكبابيش الوصف والتصوير لاسيما جمال الطبيعة المستمد من صميم البيئة ودائماً يجئ ذلك مع هطول الامطار فتخرج الكلمات الطرية
    والندية كالقول الجميل:
    شوف الغربك كلو جاب نسامن حلو توق ناس راهب طلو فوق الزاغ من ضلو
    ويكون للوسيلة وهي الجمل حظها من التناول حيث أن هجينها الاشقر اللون يشبه في سرعته واندفاعه القمري الظمآن عندما يرد نبعاً للماء فتقول:
    الأشقر قام شارد حاكا القمري الوارد هجم الدكه مطارد عاني أم نفساً بارد
    ولأن منطقة دار الريح شهدت في سالف الزمان الكثير من المغارات والحروب كشأن الحياة العشائرية في كل ربوع السودان لذلك كان للحماسة دورها في تلك المنطقة فنشأ تبعاً لذلك أدب الحماسة الشعبي والذي وصفه وأبدع في نقله الدكتور (عبد الله على ابراهيم) في كتابه (فرسان كنجرت) لاسيما ما تناولته الشاعرات كمثل الشاعرة (بت مازن) والتي سخرت من حلف النوراب ودار حامد من خلال بكائها على الفارس (هلال ود بخيت) والذي قتله بني جرار في كجمر فقالت:
    من راس الجبيل ندلى نتصابه من ود ام فروخ صادتني كبكابه
    حت خيل الغزايا الحيلها توابه نوراب القبول حاسبني جلابه
    من نترة حسين ريلاً دخل غابه
    فوق التور هلال اتحربس الخيال كم يا هلال على أبو باشه شديتو
    الداير الأهل قدمتو عديته والداير القعاد سكنتو خليتو
    والداير الحدارة أشبعتو ارويتو واديتني جمل في ابلي هديتو
    واديتني رحل في بيتي وقيتو ومبدوع الزمان لي الجارو سويتو
    القتو صحيح يا ابو فاطني حقيتو يا هلال ود بخيت سيفاً دخل بيتو
    وكذلك فعلت (حواء بت تندل) عندما بكت أحد الفرسان يسمى (جاروط) فقالت:
    نبكي سبع بكيات ما هن كتير نبكي على تمساح شيخاً مدير
    واللانبكي على جاروط فارس الدمير واللانبكي على بتي قلب السرير
    واللانبكي على نقارتي أم حس كبير واللانبكي على دبروه وجع القمير
    واللانبكي على جملي سمح الهدير
    لكل ذلك كانت دار الريح وماتزال موطناً للادب الشعبي لاسيما وأنها منطقة محفوفةً بالبهاء والجمال وحقاً هي كما وصفها الشاعر الشعبي بقوله:
    دار الريح تاريها مشتول المنقه فيها بشيل الجوز بسقيها وبحاحي الطير ما يجيها
    براك يا طير الوادي براك شن قلّ رقادي بشيل الليل سقادي وبحاكي الطير في الوادي





                  

11-17-2012, 11:32 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: وناتى لبيت القصيد : فأ نظر يا رعاك الله الى - ضمر (بضم الضاد)خلقة مو من قل معاش ضائغات - اى ان هذا
    الهزال الذى فى خصورهن خلقة ربانيه و ليس من اثر الجوع او قل المرعى ، ويذكرنى هذا بقول العبادى فى قصيدة جدى
    العزاز بالبيت الذى يقول:
    الخصرو هضيم لاجوع لا ضيم خاتى عضيم الما نضيم ,,


    العزيز / صديق الموج

    سلامات

    مالك عاوز ترجعنا للحقيبة ، عليك الله شوف ابوصلاح قال في الخصر شنو

    قلبي لا يسلاك ولا يطيق نكران .... بين شاهد جفني البى الدموع وكران
    درعك البتقمز بالوضيب عكران ....والضمير الميل صاحي أم سكران

    والدروع هي الأرداف والوضيب هو الشعر ..أراد ابوصلاح أن يقول إن الشعر يغطى الأرداف ..
    وابوصلاح دائما يتهم الخصر بشرب الخمر نسبة لكثرة تمايله وميسانه ولدانته قال في أغنية يا حمام ورق الخدود ...
    فيدي ساءلك عن أمور ..... ميلة الخصر الضمور
    في اهتزاز طول العمر .....صاحي أم شارب خمور
    أما في أغنية العيون النوركن بجهرا فلقد ارجع ابوصلاح نحول الخصر إلى الصدر والذي برا ذلك الخصر ...
    عالي صدرك لي خصرك برا .... فيهو جوز رمان جلّ البرا
    الخطيبة وردفـــك منبرا ..... الشعور البسطل عنبرا

    وكلمة برا من كلمة ( برّاة أو مبراة) استعملها شعراء الحقيبة كثيرا قال محمد بشير عتيق في أغنية جسمي المنحول ....
    جسمي المنحول براه جفاك يا مليح الزى

    أما ابوصلاح فلقد استعملها أيضا في أغنية الدلال والغرام عيوني ....
    الضمير قالي خبروني ...الصدر والردف بروني
    بالتقل كادوا يبتروني ..... ديسه حاجبنى ما بتر ونى

    وشعراء الحقيبة دائما يجعلون الخصر رقيقا ونحيفا ونحيلا وللتدليل واثبات هذه الحقيقة يبالغون في التشبيه فتارة يلبسون الخصر خاتما أو جبيرة اوسوارا وتكون هذه الأشياء أوسع من مقاسه (أو كما قال صلاح احمد إبراهيم ..كلما قلت صغيرا وكان الخصر اصغر).. فأبو صلاح في أغنية فريع البانه المن نسمه (الأغنية الوحيدة لابوصلاح والتي لحنها سرور وسجلها على الاسطوانات بالربابه سنة 1927 بشير الرباطابى كما سجلها بالشتم بابكر ودالسافل وللإذاعة تم تسجيلها بواسطة الثنائي المبدع ميرغنى المأمون واحمد حسن جمعه) قال ابوصلاح ...

    رق وسطك خاتم ما بزنده ...... وصديرك قايد والديس جنده
    كفيلك قلع من عـنــــــــده .......وأكتافك فوقه يا روحي بستنده

    الخاتم الصغير أوسع واكبر من الخصر أما النهود فلقد جعلها ابوصلاح قائدة للجنود والجيش عنده هو ضفائر الشعر الكثيف، أما الأرداف فلقد برزت من هذا الخصر لتجعل منها الأكتاف متكاءا لها عند الرقص وذلك للين وليونة ورقة ولدانة الخصر وكل من شاهد رقيص الرقبة قديما يتذكر بعض النساء يضعن أكتـافـهن على أردافهن ... وفى هذه الأغنية يظهر تأثر ابوصلاح بثقافة الحرب العالمية الأولى واستخدامه لمفرداتها ومصطلحاتها العسكرية خاصة وان هذه الأغنية قيلت في بداية العشرينات ....
    في أغنية إن ورد بروايحك بسام خصر ملهمة ابوصلاح اقل نحافة من خصر تلك التي في أغنية فريع البانه حيث هنا جعل مقياسه العاج الذي تلبسه الفتاة في رجلها أو في يدها وقال ابوصلاح يمكن لفردة العاج هذه أن تكون حزاما أو زنارا لها ...

    حكمه خصرك مائع ولزام ..... حتى فردة عاجك بتلبسه حزام
    كيف ضهيرك يجبر ما دام ..... لان ورق واشرف على الإعدام
    في الدروع متقصص وهدام .... والكفيل الواقف لي رفعه خدام

    والجميل في هذا الوصف انه شبه الخصر بالإنسان المريض والذي خفّ وزنه ونحل جسمه واشرف على الموت وان هذا الخصر لايمكن أبدا أن يجبر مادام لان ولدن ورق واشرف على الموت ... أما الكفل فلقد جعل له ابوصلاح وظيفة وهى خدمة الخصر وتثبيته والعمل على رفعه كل ما مال وانثنى وارتمى على الأرداف .
    أغنية إن ورد بروايحك بسام استمعت إليها من الفنان حسن الأمين في دار الغناء الشعبي بامدرمان في إحدى المنتديات التي كنا نقيمها في بداية التسعينات وهى من الاغانى المجارية لأغنية فريع البانه المن نسمة وكذلك استمعت لأغنية بزغ مجلي للشاعر ودالرضى من الفنان حسن الأمين في نفس المنتدى ولقد غير كلمة بزغ إلى كلمة سطع بحكم قرب كلمة بزغ في النطق من بصق فاستحسنت منه ذلك
    .
    أما في أغنية من مناظر الحفلة الجميلة التي تغنى بها الفنان على الشايقى قال ابوصلاح إن الزمام إذا ادخل في الخصر فانه الخصر يجول في داخله بمعنى إن الزمام قطره اكبر من قطر الخصر ..

    يا صدير المهره الكحيلـــه ..... بى غرامك غنى الحمام
    ما الضمير ابوخصرات نحيله .... في حذوذه يجول الذمام

    ومن الأوصاف الجميلة للخصر فلقد أطلقه ابوصلاح في أغنية يا ظبي رامه والتي سجلها الفنان إبراهيم عبدالجليل حيث قال إن الخصر عبارة عن قبضة يد ولكنه غير معبور بمعنى إن تقديرهم لمحيط الخصر كان عن طريق النظر والملاحظة فقط و ليس بعبار قبضة اليد حيث لم يلمس خصرها إنسان ويقصد ابوصلاح من هذا الوصف إلباس ملهمته ثوب العفة والطهارة ..

    ليك خصر قبضة غير معبور .... ليك وريد باهى وليك صدير متبور
    قلبي عارفه معاك في نعيم وحبور ... بس مناي الراح أصله ما مخبور

    ومن الصور الجميلة لوصف الخصر كان في أغنية سبعة أم لونا غامق الخضار(سبعة في الحروف الأبجدية تقابل الحرف ز وابوصلاح يقصد اسم زينب) حيث قال ابوصلاح إن خصر محبوبته قيراط بالعبار والقيراط معيار وزنى صغير جدا ووزن الخاتم يكون أكثر من قيراط من الذهب ...

    عندي اختيار ....... بى لماك اخضر من دون ابار
    يقلع صدرك وزاد انتبار
    وضهيرك قيراط بالعبار
    والابار هنا يقصد بها الابار التي تستعمل في دق الشفاه قال العبادى في أغنية شوف محاسن حسن الطبيعة ...

    دون فصادة سواك الهك ..... والابار ما لمسن شفاهك

    وابوصلاح أراد أن يقول إن لون شفاه ملهمته اخضر من دون أن تدق بالابار..






                  

11-17-2012, 02:56 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: لاستاذ احمد القرشى شكرا ليك كتييير هل بامكانك زيارتى فى هذا البوست واثراءه مع كل الود والاحترام محتاجين باحثين فى التاريخ


    شكرا عزيوي بجاوي

    وأرجو من القراء زيارة البوست التوثيقي الهام عن قبائل البجة والمرفق

    رابطه في مداخلة بجاوي السابقة

    وشكر جزيلا

                  

11-17-2012, 07:56 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    الدوبيت عند الحمر

    كتب: خالد الشيخ حاج محمود

    عندما تمردت قبيلة حمر على حاكم كردفان التركي محمد سعيد باشا وعصيت أوامره كتب لهم مهدداً ( إلى عرب أفندينا عاصين الحكومة المتمردين معانا اتنين من حمر ابراهيم بك المليح وعبد الرحيم سالم أبو دقل، بوصول هذا الخطاب الى حمد فتين تور البقر وابراهيم الأعور قليل النظر وأبو القاسم تويس تقر مقطوع النظر تحضروا إلينا مائة واربعون خروفاً مولد كبابيش أوعى التقر ومائة واربعون بطة عسل لا قرير ولا نحل إلا أبو زمبور تكبروا بالغوسة من الشدر ومائة واربعون اردب غلال يقوم على البراق في رأس الحجر قطعنا ليكم ستة في وش الشهر إذا مهديكم ظهر ظهر وإذا مهديكم ما ظهر المورتين يدوي في فرشاية زي المطر وآتوا بأولادكم وأنزلوا كِم البحر) فما كان من حمر إلا أن ناجروا ذلك الحاكم وكتبوا له الرد الآتي: (للمفسد الطاغية الجدو أبو جهل إمامنا ظهر وقولكم بطل وشركنا مقجوج لليلة ما نبل نقولوا ليكم أف تقوموا تبر تبر زي مقام دارفور بالبكر)، ولأن قبيلة حمر عرفت بالفراسة وشدة القتال لذلك ظهر العديد من الفرسان بها منهم (بكر ود حمدوك) بود بنده ويسمى بـ( فارس الرحمن) ويقال بأنه أول من قاد الخيل في القبيلة وقد قتل في حرب العقال بين حمر والكبابيش فرثته إحدى الحمريات بقولها: (بكر ود حمدوك أبوعمراً مسبل تعاير الموت أبو دماً على ضهر الجواد دايوك). وكذلك من الفرسان (دلم ود عشاي) الذي يسمى بالـ(التور الكلالي) وفيه قيل: (الشعبة الترز الشوك والشوك يوالي) وهنالك أيضاً فارس النواجات (قريب ود مورو) كما يوجد فرسان الغريسية (عبد السلام ود الرضي وسالم ود أبو دقل) والاخير هجر فرسه أثناء المعركة حتى لا تهرب، كما يوجد الفرسان (بليلة درب التج من النواجات و اسماعيل النعاس من الطرادات والمك ود أبو قليب من الغريسية والنور محمد أبو مكينة أمه أم دور بت سالم أبو دقل هذا الى جانب مكي أبو المليح زعيم الحمر وغيرهم ) وللحمر أكلات شعبية اشتهروا بها كالبجبجي والتي تصنع من حب البطيخ بعد سحنه وتصفية ماؤه وجعله في شكل عصيدة بعدما يغلى بالنار، أما البازينه فهي اكلة شعبية تصنع من لبن الضأن الوالد بعد خلطها بدقيق الدخن وتمليحها بلبن ضأن آخر، وأم ظماطه تجهر بماء البطيخ لأيام ثم يصنع منها ملاح يسمى بأم ظماطه ، أما أكلة (أم حليبين) فهي لبن يخلط بالدقيق ويصنع في شكل قراصة مخلوطة بالسمن واللبن ويتناول الرعاة عادة (أم دفانة) و (أم بليلو) والاخيرة هي عبارة عن حب بطيخ عليه دخن يغلى في النار ويشتت فيه الارز والسكر وفيها قيل ( ام بليلو حلو وعسلا والبطيخ روقه ومهلا)، ونتيجة للنظام العشائري العتيد للحمر ظهرت الكثير من الأشعار التي لا تصاحبها حركات راقصة إلى جانب الدوبيت والجالسة ولكنها كادت ان تتلاشى ومنها (أغاني القطار) التي يرددها الناس في حفلات الافراح عند الاستعراض بركوب الجمال والخيول وذلك حسب افادة الباحث (محمد احمد ابراهيم) ومن غناء القطار مثلاً التي تتغني عادة بها النساء:
    ركب هقاش وطلق هقاش يا مطر الرشاش يا غالي مندسك من الناس
    كذلك يوجد غناء الحداء أو الندية والذي يقال عندما تسير الجمال وهي تحمل حملاً ثقيلاً لمسافات طويلة مما يستدعي تشجيعها على السير بغناء مؤثر يصبح لها بمثابة تسرية مثل القول الجميل:
    جبد اللبب لي فوق سمح طوقه يومه بالنهار يندار مسخ علي سوقه
    وكذلك يوجد غناء التهليل والتشريف عند ختان الانجال و أغاني البلل عند بداية احتفالات الفرح ومن غنائها الجميل قولهن:
    يا شديرة البشم ما برعنك غنم إلا الصيد والنعم
    أما الدوبيت فهو واسع الانتشار في كل بقاع السودان و قد برز فيه الكثير من الشعراء وخاصة في البادية الشرقية كالحاردلو والذي اعتقل وسجن بام درمان مع عدد من اخوانه واهله بأمر الخليفة عبد الله ، لمعارضته لنظام الخليفة بعد وفاة المهدي ، وقد كتب شعراً خالداً في ذلك الموقف وعندما عين الخليفة عبد الله (عبد الإله أحمد أبو سن) وكيلاً لقبيلة الشكرية في كسلا إتخذ عبد الإله أخاه الحاردلو نائباً وكان عامل الخليفة في تلك الفترة (حامد على) ورغم ما أصاب الشكرية من أذى وتجريد وسجن في عهد المهدية إلا أن الحاردلو كان يقدر الامام المهدي ويعترف له بفضله قائداً عزيزاً قوياً فهو القائل:
    كان المهدي داك ولداً قدل فوق عزة
    حت ود البصير سوانا في طيظ وزة
    وتأثراً بالشاعر الحاردلو اصبح الدوبيت في دار الريح وبادية كردفان يسمى بـ(الحاردلو)، خاصة عندما انتشر في البادية الغربية ووجد حياتهم أساسها المهلة بأعتبارهم أبالة لا سيما وأن الدوبيت يوجد أينما وجد الأبالة لذلك ظهر الدوبيت كفن رائد عند الحمر رغماً عن إختلاف الحياة و البيئة بينهم وأهل البطانة ولكن الشكل البنائي للدوبيت عند الحمر نجده في ثلاثة أو اربعة اشطار وأحياناً خمسة وربما يزيد عنها، ومن نظم الدوبيت على الاربعة اشطار مثلاً قول شاعر الدوبيت المشهور (احمد ود ام بده) :
    ود ام بده زول شاعر بتاع دوبيت
    واصلو الغنوة يعمل فيها عشرين بيت
    انا عارف الشئ المسكني ومنو ما إتداويت
    سببو الشايلة شنطة وطرحة الجورجيت
    وقد يجئ النظم على ثلاثة أشطار مثل القول البديع:
    أنا سميتك سلام إسم السلام حقيته
    تسلم لي يا الوجه الجمال ضميته
    إيدك تقرب فرقات الفدغي المكجر بيته
    ويكون الدوبيت من خمسة أشطار في حالات قليلة كمثل نظم الشاعر احمد ود ام بده حينما قال: ياحليل كردفان لامن خريفا يشيل
    وفيها يخدر المعلاب والقمبيل
    فيها بنات رقابن زي رقاب الريل
    عيونن زي نجوم الليل
    وشعرهن زي سبيب الخيل
    ويري الاستاذ الباحث (دوليب محمود دوليب) بأن الحمر عرفوا الدوبيت بعد دخولهم للسودان عن طريق تونس واستقرارهم في الاول بدارفور طلباً للماء والكلأ ثم استقروا بكردفان واستوطنوا بها، ولكن بعض الباحثين يرون ان الدوبيت انتقل لأبالة كردفان بعد الثورة المهدية إبان إقامتهم بأم درمان وتواصلهم مع قبائل البطانة التي كانت تقيم في احياء ام درمان القديمة.
    والدوبيت عند الحمر على عدة انواع وظواهر كما يقول الباحث (دوليب محمود) منها (المراسلة) وذلك حينما يرسل احدهم مساجلة ويطلب من الآخر الرد عليها كمثل قول الشاعر ابراهيم جمعة والذي طلب من صديقه ابراهيم الفاتح دوليب الرد عندما قال: يا ود الفاتح أخوي من بلد البطانة ليك رسالة
    كيف حال البلد وزولي المأصل حالا
    لف الفريق تلقى نجم العيون بتلالا
    وجيب لي ريقو العسيل في حواله
    وجاء رد صاحبه بالقول:
    لقيت فاطر البريق يشلع بياض من سنو
    شوق وحنان كل العباد راجنو
    زولك يوم قام فات البعيد لاحقنو
    خفه ودلال خلى الفريق وناسو الكبار يجنو
    وربما تأخذ المراسلة صفة المناظرة بمعنى شكل اللغز والامتحان وبالتالي تكون تحدي مما يجعل الامر يحتاج لسرعة التفكير والبديهه وقد تتطور تلك المجادعة فتصبح دعوة للمبارزة خاصة عندما تأخذ شكل التفاخر والاعتزار بالجمل والصاحبة كما توجد ظاهرة أقرب للمجادعة تسمى (المعاقبة أو المشايلة) وهي تعني المشاركة في القاء الدوبيت وتختلف عن المجادعة لانها تحمل روح المشاركة والمآنسة فقط وذلك مثلما جرى بين الشعراء حنفي و عمر الشيخ و دوليب محمود حينما ارسل لهم حنفي قوله البديع:
    كان داير الجمال بلد المجانيين لفّ
    تلقى الرأس الجميل أب قوماً تقيل ما بخفّ
    نظرت لي نظرة براءة وعفة
    قلبي نسيتا بين حدقات العيون والشفة
    وجاء رد الشاعر عمر الشيخ:
    كان داير الجمال بلد الكبابيش دور
    تلقى أبو نهداً بي البلوزة مكور
    نظرت لي بنظرة هول قلبي نسيتا بين حدقات العيون متصور
    ورد عليه دوليب محمود بقوله:
    كان داير الجمال دار حمر بلد الجمال والروقه
    تلقى الديس الغلب سيدو ومصدف قر فوقا
    نظرت لي بي نظرة قبلي السحاب الشال العقيل بي بروقه
    نسيت قلبي هناك بين حدقات العيون محروقه
    كما يوجد عند الحمر الدوبيت القصصي وهو صور قصصية وربما يصل نظمة لستة أشطار ويوجد أيضاً دوبيت المطابقة أو المرادفة وذلك بأن يردد المغنى نفس المعنى مرتين اوثلاثة مع تغيير القافية فقط. وأحياناً تتغير شطرة واحدة وتبقى بقية الابيات على تلك الطريقة ولأن الدوبيت استوعب اغراض الشعر العربي لذلك يغلب على نظمه الجانب الغزلي في المرأة كما يوجد عنصر آخر معها هو الجمل وذلك لان الدوبيت ارتبط بالبادية مما يجعل الجمال الصهب مع المفازات البعيدة والترحال هي المغذية له خاصة وان الدوبيت هو أدب الهمباته والسراجة، فالدوبيت للهمباتي رفيق حياة و أنيس بإعتباره عاملاً نفسياً مشجعاً له كما يرى الباحث (محمد احمد ابراهيم) لاحظ قول الهمباتي:
    الولد الما بلوك المرة وبحمل الحارة
    ما بقدر بسوق ناقة العيال الداره
    يوم التجيك التارة حكمها بجرس ونارها ام شلوب الحاره
    وقد يتناول الدوبيت عند الحمر بعض الجوانب الاجتماعية كما كتب الشاعر احمد ام بده ، عند شاهد هول خريف عام 2007م الذي هدم المنازل بحي حسيب بمدينة الأبيض حينها قال:
    خريف ألفين وسبعة خريف نزولو عجيب
    الضحوية ما بتفر لحدي الشمس ما تغيب
    أنا من ولدوني ولامن راسي سوى الشيب
    ما شفت ضرر زي الحصل في حسيب
    ولكون الدوبيت ملازماً للمسدار و بأعتبار الاخير هو الحنين للمنطقة والمحبوبة بعد الغربة الطويلة في شكل مرسال شفوي يعني السرعة للمقصود كما يقول الاستاذ دوليب ، لذلك شهدت منطقة حمر الكثير من المسادير مثل مسدار البلوم للشاعر دوليب محمود والذي قال فيه:
    تعال يا بلوم وشوف حالي شن سويت
    صامت سنين مربط مقفل علىّ البيت
    لمو الدكاتره وقالوا أني جنيت
    حتي إسيمي السموني بيهو نسيت
    اشتهر العديد من شعراء الدوبيت بحمر منهم (محمد موسى واحمد ود على ويوسف شامي وعبد القادر صالح وسليمان ام بده و احمد عدريب واحمد سلامه ومحمد مسلم ومحمد حمد الله وآدم ابيض وحميدة ود مفرح ويوسف الطاهر واحمد ود ام بده وابراهيم الفاتح وابراهيم جمعة ودوليب محمود وغيرهم) وذلك رغماً عن تحول الاسفار من ظهور الجمال للعربات كوسيلة جديدة إلا أن الدوبيت ما زال يسجل وجوداً كاملاً ويسحر الجميع ببوادي ومدن كردفان.

                  

11-18-2012, 04:51 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    الجالسة عند الحمر

    كتب: خالد الشيخ حاج محمود
    ورد بالخطأ في مقالي السابق (الكدنداية) بأن قائد حرب العقال من جانب حمر كان موسى أبو النعيم ولكن الصحيح هو (مكي أبو المليح) ، ويعود سبب قيام تلك الحرب بين الحمر والكبابيش (لقتلة أبو تابر) وسلب إبله وهو من الحمر وذلك إلى جانب أن هنالك حوادث (نهيض) بين القبيلتين كانت آنذاك، وقد ورد في مرجع (ملامح من تراث حمر الشعبي) من إعداد (محمد احمد ابراهيم)، بأن أحد فرسان الكبابيش يدعى (شطيطة أبو عجوب) قال لشيخ الكبابيش قبل الحرب معترضاً (يا شيخ العرب حمر ديل في دارهم ونحن في دارنا لا شربوا مانا ولا شقوا وادينا ولا قتلوا جدينا) فعارضه شيخ الكبابيش بقوله (يا رقيقيم ما رقمت) أي انه متحيز لحمر متهماً له بأنه حمري الاصل تحول للكبابيش بعد (كتلة أبو تابر)، فقال شطيطة (جيداً مرقتوني من حمر يا ناس، حمر عرباً عزاز ما هم رخاس فرسان أم حنك الزرقهم غطاس فوقهم أبو المليح المخرز القراش يهرد الكبد ويخفس على الفشفاش طردوا العرب وشالوا النحاس) كما يقال بأن أحدى نساء الكبابيش أخذت تبكي متحسرة بعد حرب العقال فقالت:
    دي أبو المليح المابتقدروا عفارا
    خليتو الكبير بي كمة وبي ستارا
    خليتو الصغير الفي برامه مومجارا
    خليتو البهم داسنّه في كرارا
    خليتو البنات الكيف بصل بارا
    لي بت أم بحر خلاها تتجارا
    وتتفق كل مدونات النسب تقريباً على أن حمر من قبائل جهينة اولاد عبد الله الجهني وهناك من ينسبهم لبني تميم وآخرون يرون بأنهم مزيج من بنى أمية وبني عباس وعنج وأشراف وفور، كما ان ماكمايكل في كتابه (العرب في السودان) يرى بأن حمر أصلاً هم اولاد الاحمر بن معاوية بن سليم أبو شايل التميمي، وفقرة أخرى تقول التمامية (أصل الحاج منعم) من بنى أمية والغشيمات جعليين (عباسية) وبني بدر بديرية والتيايسه عنج والدقاقيم بعضهم حسينية أشراف وبعضهم من بني أمية وفيهم بعض الفور، كما يرى ماكمايكل بأن حمر هم اولاد درك ولد حسن المعارك سيما وأن أبناء درك هم حمر وحمران وتقول مخطوطة أخرى من كتاب ماكمايل بأن حمر هم أولاد أحمد الاجضم ود عبد الله الجهني.
    ولكن دخول حمر للسودان متفق عليه تماماً و الراجح أنه كان عن طريق شمال افريقيا رغم أن الغريسية يرون بأن دخولهم كان عبر النيل باعتبارهم هاجروا من اليمن خاصة وأن اصولهم من حمير وكانت هجرتهم تلك في عهد الحجاج بن يوسف في النصف الثاني من القرن السابع وسكنوا حول كسلا ثم هاجروا لدارفور، أما عن استقرارهم تقول الروايات الشعبية بأنهم عندما استقروا بـ(وداي) وجدوا البلاد غفاراً ويباباً لذلك فضلوا العودة لاسيما وقد كان لهم زعيمان (سالم تريشو) و (ابو تابر) حيث اختلفا في الرأي وذلك عندما اخترح تريشو مسارهم جنوباً طلباً للماء من الوديان والنيل فيما رأى أبو تابر المسير شرقاً مع حملهم للقرب لاحضار الماء ولذلك سار كل زعيم في طريقه ولكن ابو تابر عندما وصل شرق كردفان عطش قومه وماتوا وقد عرف ذلك تاريخياً بـ(هيفة ابو تابر) وقد قضى الكبابيش على ما تبقى من قوم ابو تابر الشيئ الذي عجل بقيام حرب العقال، وكانت حرب المعاليا هى اول حرب لهم تحت قيادة زعيمهم (مكي ابو المليح) والتي وقعت بشق الجواد في (ارتو والريل)، ولكن الاستاذ الباحث (دوليب محمود دوليب)، يرى بان حرب الغرطاس كانت بين حمر والمعاليا في عام 1765م حيث كان قائد حمر فيها هو (سالم تريشو) واسباب قيامها يعود لتحريض من سلطان الفور حسين ويعود السبب لوجود منهل ماء بمنطقة تسمى الغرطاس والتي كانت تحت سيطرة المعاليا وعندما اراد الحمر ورود ذلك المنهل طلب منهم المعاليا دفع (خمسين ناقة) في كل ورود للماء، ولما شق عليهم الأمر قامت الحرب بينهم والتي انتصر فيها الحمر، وبعد وفاة ابي المليح بدأت اقسام القبيلة تتنازع على الزعامة مما جعل الغريسية يطالبون بزعامة فارسهم (عبد الرحيم سالم ابو دقل) والذي كان محارباً شجاعاً وكريماً لا سيما وقد كان دور والده في حرب العقال بائناً لذلك رقى أبو دقل بواسطة عبد القادر باشا علماً بأنه كان من زعماء حمر الذين عملوا مع المهدية وساهم في سقوط مدينة بارا في يناير 1883م في يد قوات المهدية وذلك عندما سقطت (حاميتي كنجي واربعجي بلك هجانة)، ومن فروع قبيلة حمر (الغريسية والطرادات وبنى بدر والغشيمات و النواجات والجخيسات والصبيحات والصبحة والجلدة والخوازمة واولاد عامر واولاد شظوان واولاد ساري واولاد صبيح والتيايسة والشماعين والمعاركة والممانعة والخريسات و الوايلية وعيال سحاية وعيال ابوزيد والشعيبات والجمعانية وعيال مرزوق واولاد برعاص وغيرهم)، وفي عام 1898م بعد معركة كرري قتل زعيمهم (منصور محمد الشيخ) في ظروف غامضة وذلك بعد عودة القبائل لمناطقها حيث كانت هنالك مجموعات تقطع الطريق على بعض بما يسمى بـ(النهيض) وشهدت المنطقة مغارة من حمر على الرزيقات عند مرورهم بمنطقة حمر، وبعد المفاوضات عاهدهم الرزيقات بتسليمهم الخيل والسلاح في الصباح ولكن الامر لم ينفذ بل تفرق جمع حمر عن منصور و الذي وافق على تلك المعاهدة وتركوه وحده في منطقة تسمى (ام رقتي) والتي لقى فيها حتفه عام 1898م ويؤيد ذلك ما ورد في الجالسة التي هجت الذين تفرقوا من حوله عندما قيل فيها :
    دقاقيم والعساكره ولدة الحصول الشيب والشباب قالوا له ود منصور
    قاعدين في قفاه بتتقاطعوا بالزور بي الكضب الكتير فوق التراب محشور
    وبعد المهدية وعودة الفارس ابو دقل ومجموعته للمنطقة كان للحمر نظام اداري من ثلاثة نظارات مستقلة هي: (نظارة عبد الرحيم ابو دقل على الغريسية ، وحمد بيه على الدقاقيم ، وابراهيم المليح على العساكرة) وبحلول عام 1905م توفى حمد بيه ، وخلفه (محمد ابو جلوف) اما العساكرة انتخبوا اسماعيل محمد الشيخ المشهور بـ(قراض القش) ناظراً لهم وفي عام 1928م جاء اختيار منعم منصور محمد الشيخ ناظراً لعموم حمر بما فيهم الدقاقيم والغريسية والعساكر كما تم تعيين محمد عبد الرحيم ابو دقل ناظراً للغريسية.
    ونتيجة لتنامي السلطة العشائرية لزعماء وقيادات القبيلة تطورت الجالسة وبدأت في الازدهار خاصة وانها من تراث الابالة الاصيل.
    و اغاني الجالسة عبارة عن قصائد على نهج القصائد في الشعر العربي التقليدي
    والتي ربما تطول وتشارف المائه بيت او تزيد وقد تقصر لعشرة ابيات او اشطار متحدة القافية وذلك حسبما يرى الباحث محمد احمد ابراهيم في مرجعه( ملامح من تراث حمر الشعبي) ولكن طريقة ادائها تختلف عن كثير من الاغنيات الشعبية لحمر التي يتبادلها القوم في الجلسات لذلك اشتق اسمها من الجلسة ، وتوجد بكثرة في ليالي الافراح عندما يجلس القوم للشراب بعد ذهاب جزء كبير من الليل فيبدأون في تعاطي اغاني الجالسة في ود وبهجة وهي من غناء الكبار وذلك ربما لانهم غير آهل للالعاب الحركية كالجراري والتوية والهسيس التي يؤديها الشباب، ويلجأ الكبار لاغاني الجالسة التي لاتكلف احدهم اكثر من الالقاء أوالاستماء وتبادل عبارات الابتهاج وصيحات الاعجاب بالاغنية.
    وتتناول الجالسة الغزل والوصف والهجاء والذم والمدح والفخر والوصف وتعتمد على المجادعة مثلما يحدث في الدوبيت خاصة عندما يكون في الجلسة اكثر من شاعر ويكون الحوار حول موضوع محدد، وربما يكون هنالك جانباً من الطعن الخفي والرد البليغ ولكن المهم في الجالسة التنافس حول البقاء داخل حلقتها لاطول مدة ، كما توجد فيها ظاهرة الكشف وعدم التحفظ في الالفاظ بمعنى انها مباشرة وتحتوى على جراءة في التعبير لاتوجد في كثير من الاغنيات الشعبية الاخرى، ويعود ذلك للحالة التي تعتري شعرائها حيث الخمر التي تجعل النفوس في قمة الانتعاش وتوجد ظاهرة الاستطراد بحيث إذا شبه الشاعر الفتاة بالبِكرة مثلاً يستمر في وصف البكرة لفترة طويلة ثم يعود ويشبهها بالريل وذلك مثلما ورد في الجالسة التي تقول:
    عانس ناس دويح الفوق عقالها تنين يا ام سيداً سرب بيتها نجم الدين
    تشبع في الضرير باكر جمالها يبين تجار الريف تمانية الجوها منقرنين
    السماني جي طقاها بي خمسين وتاج الدين حرن قال التجار باردين
    دون تاجراً جعيص ما بعرّضك مسكين إت يا عنكوليبة الطليح مزروعة فوق الطين
    ساموكِ المفالسة فوق سوق الدلم فارشين أم فصاً بشتروه بالقرش مع الملين
    ويرى الباحث (دوليب محمود) بأن الجالسة أساساً انتقلت من الكبابيش لدار حمر بفعل التداخل بينهما، وهي تناول مشكار الزعماء ورجال الادارة الاهلية.
    وتأتي في شكل مربعات أقرب للدوبيت ولكت تنغيمها أقرب للتوية ومن غنائها الجميل الذي يصف الزعماء مثلاً:
    داير عودة لي بلد الزعيم دوليب ** تلقى خريفاً عماها وسماها عجيب
    داير ركبة في ضهر العواتي النيب ** بدور شوفة فريق المادرج فوق جيب
    داير عودة لي بلد البداوي الجن ** تلقى خريفاً عماها ورعدها برن
    داير شوفة الحور اللباسن سن ** وداير رشفة من الحوارها بطن
    والجالسة لطول ليلها الذي يصبح مثل طول ليلة الفراق لذلك توجد الطويلة والتي من غنائها الجميل والبديع:
    العين سيكو جابا الحاج من بيت الله والحاجب تلاتين يوماً بعدهن هلالاً هل
    كان فك الشعر مضمون يغطي الصرة وكان كشمت قلنا برقاً يحرق الحلة
    ولكن توجد أيضاً الجالسة المشكلة وغالباً ما تتناول الغزل ووصف البنات وذلك مثل القول الجميل فيها:
    أول مرة سمرية وخدرتك فاقعة عيونك موية الرهود الواقعة
    أتي أكل أم لد للجوف الناقعة كشمت قلنا برقاً في حشاه جاتنا الصاقعة
    ولأن الجالسة من أساسياتها الصراحة شأنها شأن اغلب تراث الابالة الذي يعتمد على المفردة البسيطة المعني والمدلول مثلما يكون في الجراري والذي يعتمد على تلك الصفة، لاحظ قول حكامة الجراري:
    ما بشدوك يالحوري إلا لامر ضروري*إيه فرقك من اللوري غير الجاز والبوري
    وأحياناً يخاطب الجراري الوجدان في قالب تورية ظريف وشفيف كالقول البديع من الحكامة:
    الكركدى الخفيف ما بطّلع مصاريف ** عايزالي توب رهيف من بهم الخريف
    وعادة ما يتقدم أغاني الجالسة شطران يرددهما الحاضرون مع المغني على شكل كورس ويسمونها (الصلاه) وحينما يبدأ مغني الجالسة يقول للحاضرين (شدّوا معاي الصلا) أي رددوا معي ابيات المقدمة لحين ثم ينخرط هو بعدها في اداء اغانيات الجالسة الطويلة وبعد انتهائه يبدأ الجماعة في ترديد البيتين وذلك مثلما جاء في جالسة سليمان اميده:
    ست الكجروه بي خيشة وبي ستاره من شينة المعاها ام دغمة تتضارا
    ايدك مطرق الوادي التشلخ ماه ضميرك طي حجاباُ سيده نقرشه وخطاها الخ..
    وعندما يصبح الليل طفلاً يحبو ينضب معين الجالسة ويعود الجميع لمنازلهم على مخدات الطرب والحلم الجميل.

                  

11-18-2012, 07:32 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: ذلك حسبما يرى الباحث محمد احمد ابراهيم في مرجعه( ملامح من تراث حمر الشعبي) ولكن طريقة ادائها تختلف عن كثير من الاغنيات الشعبية لحمر التي يتبادلها القوم في الجلسات لذلك اشتق اسمها من الجلسة ، وتوجد بكثرة في ليالي الافراح عندما يجلس القوم للشراب بعد ذهاب جزء كبير من الليل فيبدأون في تعاطي اغاني الجالسة في ود وبهجة وهي من غناء الكبار وذلك ربما لانهم غير آهل للالعاب الحركية كالجراري والتوية والهسيس التي يؤديها الشباب، ويلجأ الكبار لاغاني الجالسة التي لاتكلف احدهم اكثر من الالقاء أوالاستماء وتبادل عبارات الابتهاج وصيحات الاعجاب بالاغنية
    Quote: ويرى الباحث (دوليب محمود) بأن الجالسة أساساً انتقلت من الكبابيش لدار حمر بفعل التداخل بينهما، وهي تناول مشكار الزعماء ورجال الادارة الاهلية.


    الدكتور القرشي والاستاذ خالد لكم محبتي وللمتداخلين جميعا
    وشعر الجالسة يكون خفيفا ويختلف عن الدوبيت في طريقة النظم والسَّبك وليس في المناسبات كما ذكر الاستاذين الباحثين خالد الشيخ ودوليب وليست تسميته من المجالسة او الأُنس كما ذكروا وأنما تسميته من ركوب الجالسة وهي احدي جانبي السرج والبادية عندما تقول(فلان راكب جالسة) اي علي سرجه فقط بدون زاد وعفش وغالبا راكب( الجالسة) يكون مُراده أو وجهته قريبا خلاف من تكون وجهته بعيده سوف يَعُد العُدة من زاد وماء وفرش .........الخ وحسب رأي ان شعر الجالسة هو أدب وموروث قبيلة بني جرار وقد أنتقل للكبابيش من بني جرار أيام مسكنهم جميعا بوادي المقدم والصافية وكجمر ومن اشهر شعرائهم الفارس جلي ابو فاطمة ووالد الفارس موسي ود جلي الشهير قال جلي يخاطب ابنه موسي ويحثه علي حرب النوراب
    يا أبو سيفاً كتَّلُو لي السَّن
    ويا ابو مُهراً لبَّسُو لي القّن
    يا دَخَّال علي الحمِّي أُم بخوراً بَن
    عجَّل يا رباع خيل ناس كرادِم جَن
    ويقول فارس بني جرار كورينا عندما كان في الرمق الأخير وله شقيقة اسمها أُم بلينة يحبها:
    ود السلام أدُّوهو أم بلينة
    أن دارَت الرَّحيل دانولها أبو سنينة
    وإن دارت اللَّبن أحلْبولها بارينا
    وأن دارت الزواج أدُّوها دُخرينا
    وأن قالت مِنُوَّي الوَقَع قولُولها كورينا
    ثم شاعرة بني جرار الشهيرة حواء بت مازِن تمدح الفارس حمد ود منزول عند إنتصاره علي النوراب في معركة كجمر
    فِرساني الشِّويَّه الصَّادفو الهيَّه
    الجابو النَّصُر يا يُمَّه جيد ليَّا
    ودمنزول حَرَن في العوق أبو ليَّا
    سالم مَرمَتو ؤ شدَّا علي حويَّه
    وشيخ بي إيدُو كَرَب رهطو وبقي فتيَّه
    ما قُلت ما بتفِز يا العُرضي أبو النيَّه
    وقالو لي الزبير رَحْرَح بقي حديَّه
    وشعر الجالسة يكون خفيفا ويختلف عن الدوبيت في طريقة النظم والسَّبك وليس في المناسبات كما ذكر الاستاذين الباحثين خالد الشيخ ودوليب وليست تسميته من المجالسة او الأُنس كما ذكروا وأنما تسميته من ركوب الجالسة وهي احدي جانبي السرج والبادية عندما تقول(فلان راكب جالسة) اي علي سرجه فقط بدون زاد وعفش وغالبا راكب( الجالسة) يكون مُراده أو وجهته قريبا خلاف من تكون وجهته بعيده سوف يَعُد العُدة من زاد وماء وفرش .........الخ وهذه درة من شعر الجالسة الجميل للراحل الشيخ موسي علي التوم
    رَاقْ السِحَاب روَّق رِدَم
    ومن الصعيد جَنْ العِجَم
    راعي البقر راعي الغنم
    وإتهَوَّل الطَمْبارِي هَم
    كَم يا أم سوالِف ؤ كم ؤكَم
    يا النَّزْرة قطاّعة العشَم
    حَدَباتْهَا ما فِيهِنْ مَجَمْ
    جَدْيَة ومَرَاقْدِك في السَلَم
    رُقَّابة قَنْدُولْهَا إنْبَرَم
    بَكْرَة رَشِيد في امَّات كَزَم
    خَلبوسة في وادِي البَشَم
    ضَرْبِك علي الشَّرْشُوف سَهَم
    كَتَبك شِرَاع عَضَبِك عَلَم
    يا نَارِي هِبِّي اللّيل قَسَم
    وين الزِّلال سمح النَّغَم
    عسل النحل حِلْو الطَّعَم
    جرعتها بِداوي السَّقَم
    سَالْكَة عِيوب خلَّاقْهَا تَم
    والله كان فَرَّه ؤبَسَم
    شَرْطَنْ تقول تَرْميلْها دَم
    جزء من مقال نشرته سابقا بالصحف
                  

11-18-2012, 10:06 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    Quote:
    الدكتور القرشي والاستاذ خالد لكم محبتي وللمتداخلين جميعا
    وشعر الجالسة يكون خفيفا ويختلف عن الدوبيت في طريقة النظم والسَّبك وليس في المناسبات كما ذكر الاستاذين الباحثين خالد الشيخ ودوليب وليست تسميته من المجالسة او الأُنس كما ذكروا وأنما تسميته من ركوب الجالسة وهي احدي جانبي السرج والبادية عندما تقول(فلان راكب جالسة) اي علي سرجه فقط بدون زاد وعفش وغالبا راكب( الجالسة) يكون مُراده أو وجهته قريبا خلاف من تكون وجهته بعيده سوف يَعُد العُدة من زاد وماء وفرش .........الخ وحسب رأي ان شعر الجالسة هو أدب وموروث قبيلة بني جرار وقد أنتقل للكبابيش من بني جرار أيام مسكنهم جميعا بوادي المقدم والصافية وكجمر


    الأخ العزيز / عبيد الطيب

    سلامات

    افتقدك البوست والقراء في اليومين الماضيين

    ونشكرك على هذا الشرح الكافي والوافي

    وهذه معلومات من شخص ملم بكل صغيرة وكبيرة من ثقافة وارث قبائل كردفان

    ودائما في انتظار ما تكتب

    مودتي

                  

11-18-2012, 12:26 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    الوايــــــو
    من تراث الحمر


    كتب: خالد الشيخ حاج محمود
    أسُرجت الخيول وسال الفرح اكليلاً و تغنى العندليب على البشام فحيى للأحبة بالسلامة والسلام من خلال مناسبة عقد زواج كريمة عزيزنا عبد الرحيم يس بمدينة الأبيض قبل اسبوعين سيما وان تلك المناسبة جمعت العديد من ابناء مدينة النهود والذين خفوا لتلبية تلك الدعوة ومن خلالها تعرفت على أخٍ عزيز قرأ ما كتبته سابقاً عن تراث الحمر وأورد ملاحظة جديرة بالإهتمام حيث قال انه يخشى أن يندثر بعض التراث كالـ(الوايو) مثلاً ولكي نحافظ على التراث والموروث الشعبي وخاصة الغنائي منه نورد جانباً من تراث وتاريخ قبيلة حمر والتي بلغت أوج عظمتها ومنعتها في عهد زعيمها مكي أبو المليح في منتصف القرن التاسع عشر وقد ذكر آنسور أنه وجد حمر في مارس 1875م في أم بادر والتي كانت مصيفهم الرئيسي حيث كانوا يوردون عشرة آلاف بعيراً يومياً للشرب وكان معهم من القبائل المجانين وبني حمران (لعلهم بني عمران) وكان الحمر آنذاك من أغني القبائل البدوية بحساب أن فريقهم كانت به ألف خيمة وكانوا يتنقلون بين أم بادر ودارفور وجنوباً لكردفان ومن مظاهر قوتهم في ذلك الزمان كما أورد الاستاذ محمد احمد ابراهيم في كتابه القيم (ملامح من تراث حمر الشعبي) قال بأن ألف حصان رافقت مصطفى باشا في حملة استكشاف النوبة عام 1847م وما يؤكد أن أم بادر كانت مصيفهم قول الشاعرة (حنانة بت شيخ أحمد ود عبد الرحمن) من منطقة أم قوزين بدار الكبابيش وهي شاعرة أغنية أم قجة والتي تغني بها المطرب ابن النهود الاستاذ صديق عباس وذلك حينما قالت:
    عدّن بيكي شواقر وفاتن بيكي ام بادر يا ربي الظاهر قادر دمعي اللج بوادر
    يا الكملتي ام بادر ويا الفلستي التاجر وكم كاتلالك راجل في الوادي المتكاجر
    لذلك يعتبر مكي أبو المليح قائد حمر الاول وزعيمهم الذي استطاع توحيدهم وجعلهم قوة مهابة كما يقول شاعرهم أبو غزالة في مدح أبو المليح:
    ديوانو يوم عمر مالمّ في شديره شوفته للمشايخ باقيه بهديله
    يا ساق أربد شن علمك بالدروب ديله شن جابك للدابي تتوطى في ضيله
    مكي أبو المليح لي ديمه يا حليله
    ولكن ابو المليح عندما توفى عام 1870م خلفه على زعامة الحمر ابن اخيه محمد الشيخ اسماعيل، ورغماً عن التشابه الواضح في العادات والتقاليد لقبائل الحمر إلا أن الاختلاف في بعض الجوانب كان واضحاً وبيناً حتى في فروع القبيلة نفسها وذلك وفقاً لمناطقها المختلفة وتغيير ظروف الحياة والمجتمع والمفاهيم الشئ الذي ادى لتغيير النظرة العامة وأفقها العاطفي وفقاً للعمل بالعطاء والمادة مما سوغ للتخلي عن قدر كبير من مميزات الحمر التقليدية ويعود ذلك لأسباب عدة نذكر منها ظروف الحياة المعيشية المستبدلة بناءاً على علاقات مع مجتمعات جديدة وكذلك تفتح مجتمع الحمر على عالم آخر لادراك حقائق جذبت البعض إليه بقوة هذا الى جانب التدخل المباشر في النظم السائدة وذلك بإخضاعها وتطويعها للنظام العام للمجتمع السوداني بحكم القانون وممارسة الدولة لواجباتها العامة كما يوجد سبب سايكولوجي مرده النظرة للعادات والتقاليد باعتبارها من الماضي مما جعل المجتمع يقبل نحو مفاهيم جديدة يعتبرها أكثر تحضراً دون التفكير في تطويع التقاليد القديمة للحياة الحديثة ولكن كل ما حدث من تغيير كان لأسباب غير مباشرة ولا شعورية كما يرى الاستاذ الباحث محمد احمد ابراهيم لذا كان لتكوين نفسية الحمر العاطفية وشعورهم المرهف أثراً كبيراً على تلك العادات والتقاليد والتي تبدأ من المهد إلى اللحد بمعني من الولادة والزيانة والطهارة والزواج والمأتم كجزء واحد ولعلاقتها بدورة حياة الانسان ومن ثم تجئ بعدها العادات العامة وقيم النظام الأهلي مثل الصلح والضيافة والنفير والفزع والضرا والجودية كمثل قول الشاعر دوليب محمود في فزعة:
    طار الخبر في الأورد من دليلاً دلّ داك ختف القرجة وداك خنق أم سير وانسل
    ما ليلاً طويل اسود عقاب والدرب شايل اليمين لي بره
    الروح في شان الاله تنصره والبجيك من الله ما فيهو مضره
    أما زيارة الاولياء والشلوخ ووشم الشفة السفلى فهي من اهتمامهم الشعبي هذا إلى جانب عادات هامة منها مجلس الاجاويد والوادي واحكام ثابتة مثل الدم والفلقة والدية وغيرها كما تناول مجتمعهم جوانب القصص الشعبية كالاحاجي والامثال والحكم والمأثورات الشعبية بل يصل الامر لتناول حكم وامثال ابو زيد الهلالي والاشعار الغنائية والاغاني والرقصات الشعبية من سكان الريف و البدو والتي تعني الكثير في مجال الترويح عن النفس والترفيه والاجتماع والمؤانسة والابتهاج وخاصة في الافراح وربما يمارسها عدداً كبيراً في الليالي العادية والمقمرة وبدون مناسبة أحياناً وذلك حسب افادة الاستاذ الباحث دوليب محمود دوليب والذي جمع الكثير من التراث الغنائي الشعبي خاصة وان هنالك انواعاً وألواناً مختلفة لتلك الفنون الغنائية والتي تؤدى جماعياً من الشبان والشابات ومن فنونهم تلك الجراري والعنقالي واللبادة والكدنداية وعجيلة والهسيس والطمبور والجالسة والوايو والذي كاد أن يصبح أثراً بعد عين خاصة وأنه من الفنون التي يؤديها كبار السن وهو من ضروب الجراري التي تطورت عند الحمر على عدة أنواع وأشكال فالمتتبع مثلاً لغناء الشاعرة والمعنية بلدوسة بت بنداس شاعرة وملحنة ومؤدية أغنية (أندريا) يلحظ أهتمامها بكافة ضروب الجراري ومنها الحرد والذي تقول فيه:
    يا خشمي جر النم وأحكي على الأصم
    القيح وكتم في الكبده عمل دم
    جملك كبيراً همبريب و ابلك محاجين الدريب
    هلك عرباً ماهم عريب وشالوا ضحى ختو في القليب
    (القليب) جبل في دار حمر، أما الجراري العوالي فقد قالت فيه الشاعرة بلدوسة:
    أمك ربدة وادي وأبوك مجلوب من غادي
    الشرق الوسما قلادي تحتا الفروه وبدادي
    وفي الجراري السيار قالت المغنية بلدوسة أيضاً:
    الليلة يا القرض المرين شطه ضربت ليها عين
    في بيتهم متيسر من ضيق أمسك درب أبوك منا لاتضيق
    كما غنت الحكامة بلدوسة الجراري الخفيف كمثل قولها البديع:
    لي وكيل النيابة مرحب حبابا نديك اجابه سكني ما تابا
    من قمت وتبيت حرسوني البيت بي دمعتي بكيت اسفانه ما قريت
    الباخرة شاحنة شيك بي سكة الكويت
    البارح نحلم بيك من جده عاني البيت
    أما الجراري الذي واكب التطور بمعنى الجراري الحديث فقد قالت فيه الشاعرة بلدوسة الكثير كمثل قولها:
    الحشرة الفوق القش يا يمة لا نتمنى ليها التش يا يمة لا
    أني مندق على جرس يا يمة لا دي جيزة ولا غش يا يمة لا
    توب زهرة الخليج يا يمة لا بنشيله يوم العيد يا يمة لا
    نغترب لي بعيد يا يمة لا من العراق صعيد يا يمة لا
    ولأن الحماسة لها وقع في نفوس الشاعرات والمغنيات لاسيما وأن ادواتها وايقاعاتها موجودة في تلك البوادي ومنها بالطبع طبل النحاس لذلك كتبت بلدوسة على ايقاع الجراري التقيل فقالت:
    عز الولية اخوان يا يمة لا لي ركوب الخيل فرسان يا يمة لا
    يوم قعّد ام نيشان يا يمة لا اجوادهم بارك قام يا يمة لا
    النيسان ابو مرايات يا يمة لا وحلان تلات ساعات يا يمةلا
    ساعة المغارة الجات يا يمة لا مرق بدون صاجات يا يمة لا
    كما استلهمت من بهاء الطبيعة مفردة جميلة والخريف يغرق الارض بالعين الهاطل فقالت: بنكبر السعات ومنزع بي الشكشاك
    انجرن يا حبيبات في عديد ابو نعمات
    وفي الكربتة كنمط أساسي من الجراري قالت الشاعرة بلدوسة:
    الموية الفي الرهيد ما فيها رد الصيد
    كيف حالك يا الوليد من السجون والقيد
    كل ذلك البهاء والهناء يؤدى في مناطق حمر من مغنيات شعبيات خاصة وان الجراري هو القالب الشعبي الاصيل لقبائل الابالة والغنامة لذا ابتدعت عقلية الحمر انماطاً عديدة كانت سائرة في مداره تماماً وان كان هنالك اختلافاً في تفاصيل بعضها كالوايو مثلاً والذي هو من ضروب الجراري ويعني الحنين وماضي الذكريات حيث يتغني به الكبار في السن من باب السربعة في الجراري ايقاعاً وعلى ضربة واحدة بالأيدي ويتوسط مجموعة الوايو الرئيس وهو المغني ويختلف عن الجراري الذي تقوم النساء فيه بالغناء وتأتي من خلف المغني مجموعة في شكل دائري ويكون الغناء فيه تحاورياً وليس تبادلياً أما الصفقة فتأتي مترادفة خاصة عندما تقوم الفتيات بإشعال الحماسة في البداية بالزغاريد مما يجعل والدة العروس تقوم برش الحضور بالريحة وأحياناً تفعل ذلك والدة العريس وتسمى تلك العادة بالفال او الجيار والوايو في طريقة أدائه يشبه غناء الهداي (مغني آلة أم كيكي) خاصة حينما يغني بصوت حنين ويتميز غناء الوايو بالوزن المدرج في المعنى والقافية الموحدة ويوجد في مناطق عديدة من حمر منها (عديد عبد الرازق وأم قفلة وظيطة و الوكيل وعيال تورو وغبيش والكول والخوي وغيرها)، ومن غنائه الذي يطرب النفوس ويسحر الالباب كما يقول الباحث الاستاذ دوليب محمود دوليب- نورد ماتغنى به المغني اسماعيل حامد الغريسي من منطقة الخوي إذ قال:
    الزول الجميل لاقيتا فوق السوق يعنج فوق ضفيراتا ويعدل الطايوق
    أبو زريق ختف فارتا عليها شفوق رقيقاً من وسط والايد عليها تحوق
    السنان بيضة التقول قوق قوق عينيها تتلفت تديك معاني الشوق
    قبلي وشيهو فوق الحدود بي فوق واتعطر مداهو شايل الحواجب روق
    ويواصل المغني الشعبي اسماعيل غنائه الجميل مع رقص الفتيات وصفقة الشبان المنتظمة وحينما تبلغ منه الحماسة مبلغاً عظيماً يقول:
    الصدير جبيل العالي هبهب عطاهو عشوق
    والخشيم ودع الفريق فوقا العسيلة بروق
    الرقيبة قزاز نازل السبيب مرتوق
    معتق ريقا من النفخ بي الطوق الكفيل يتمايل هز القبيل في السوق
    وعندما يطرب الجميع في تلك الحلقة الدائرية يورد المعني اسماعيل جانياً من النديهة للفقراء والصالحين وذلك عكس الجراري والذي يبدأ بالنديهة كمثل ماورد في أغنية اندريا والذي تستفتح بالقول البديع:
    يا الفقراء يالحراس خاتاكم فوق الراس حلاوة القرطاس الفي الخشيم تنماص
    لكن في الوايو تتوسط النديهة كمثل غناء المغني اسماعيل حامد الغريسي الذي يقول:
    يا جدي حمد أبو الساري يا ساكن الخوي ملحوق
    يا ابو ماطي الرقيق ويا قكي زروق تكتبولا حجب بخرات معاها عروق
    دِي واقع البارح مابتاكل الهايموق تقيفو ليها جميع وقفه جلب في السوق
    تختار فينا الأدرع الواقوق باقي العقب بتشتشو بي نار الغرام محروق
    نارك لظى وجحيمك دافر الحشا المردوق شوفتك شفا ان شاء الله العلي يفوق
    قليبي من هواك يروق يشيل نار الهوى ومن حشاكي يضوق
    ويكون رقص الشابات في الوايو خارج الدائرة اما الكرير من الشبان فيأتي في شكل همهمة ومن الذين اشتهروا بغناء الوايو في دار حمر جمعة ابراهيم بنداس في منطقة الشراتي وحاج الطاهر في الزرنخ واسماعيل حامد في الخوي وغيرهم ولكن للأسف فإن ذلك الغناء الجميل في طريقه للإنقراض خاصة وأن المؤدين له من كبار السن مما يعني انقطاع تواصل الاجيال عن ذلك النمط الغنائي البديع لذا نرسل رسالة هامة وعاجلة للمتهمين بالجانب الثقافي خاصة التراثي بضرورة التنقيب وحفظ ذلك الموروث الثقافي الأصيل من خلال مواعين الثقافة والاعلام ويا حبذا لو انشئت قناة تراثية لأن التراث هو ذاكرة الامة بحساب أنه الماضي يحادث الحاضر عن المستقبل فلله در الشعراء والشاعرات والمغنين والمغنيات وهم يؤلفون ويغنون تلك المفردات القيمة والاصلية التي تأسر القلوب وتخلب الألباب كمثل قول الشاعر الفحل الفضل مساعد الفضل في الحماسة:
    سمنك بنات القبة صقر الدم جدك خال أبوك كان للقبيلة لزم
    ساعة الشوف بشوف سيفك يضاير الكم غنوك في التلاتة صفقة وقصيدة ونم
    ولكن كيف السبيل لحفظ ذلك التراث الشفاهي الذي يحمل في طياته الكثير...

                  

11-18-2012, 01:04 PM

محمد التجاني عمر قش
<aمحمد التجاني عمر قش
تاريخ التسجيل: 10-22-2012
مجموع المشاركات: 501

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    أولا أشكر الأستاذ والأخ العزيز خالد الشيخ والشكر موصول للدكتور القرشي على تناول هذا الموضوع المحبب إلى النفس والذي لم يعد للتسلية فقط بل هو موضوع ملح يصب في خانة تكوين الهوية الوطنية السوداني، ولذلك يسعدني أن أشارك ببعض فصول كتابي الذي أشار إليه الأستاذ خالد وهو بعنوان ( الشعر الشعبي في دار الريح) والذي أتوقع أن ينشر في خلال الشهور القليلة القادمة بإذن الله تعالى:
    مدلولات مسمى دار الريح
    لا يخفى مدلول كلمة ( دار ) على أحد ، ولكن عند قراءتك أو سماعك لكلمة (دار الريح ) أرجو ألا يتبادر إلى خيالك : موطن الرياح ، لا يا رعاك الله ، بل لكلمة (الريح ) بالراء المشددة المكسورة وبالياء المثناة من تحت والحاء المهملة ــــ دلالة أخرى في شمال كردفان ؛ فالرِّيح يدل على أحد الاتجاهات الأربعة ، وهو اتجاه الشمال ، كما يسمون اتجاه الجنوب باسم (الصعيد ) ، فالاتجاهات المتعارف عليها عندنا هي : الشرق والغرب والريح والصعيد . وتسمية الشمال باسم (الريح) مرتبط بالرياح ، فالرياح جمع مفرده ( ريح) كما أن له اتصالا أيضا بفصول السنة ؛ وتكاد فصول السنة هناك تنحصر في فصلي الشتاء والصيف ، والشتاء يستغرق غالبية شهور السنة ، ويكون اتجاه الرياح فيه من الشمال إلى الجنوب ، ولغلبة الرياح الشمالية على الجنوبية في الجزء الشمالي لكردفان ، سُميت تلك المناطق بمنطقة ( دار الريح ) فتحول مدلول تلك الكلمة ليعطي ذاك المكان الذي يقع في الجزء الشمالي لاقليم كردفان ، فإذا كنت في مدينة الأبيض ـــ مثلا ـــ وسمعت أحدهم يقول : (جايي من جيهة دار الريح ، أو ماشي دارالريح ، فاعرف أنه يعني قرية من قري تلك المنطقة ( دميرة أو شرشار أو القاعة أو ام سعدون أو المزروب أو سودري أو حمرة الشيخ ) بل أن موقف العربات ( اللواري ) المتوجهة من الأبيض إلى تلك المناطق وما جاورها يحمل اسم ( موقف دار الريح ) .
    إذاً يطلق مسمى دار الريح على المنطقة التي تقع في الجزء الشمالي من ولاية شمال كردفان الآن؛ وهي تشمل محافظتي بارا و سودري (بجميع محلياتها) وتمتد من غرب أم درمان حتى تخوم دارفور غرباً و من حدود الولاية الشمالية إلى جنوب كردفان و يسكنها خليط من القبائل العربية مثل دار حامد و الكبابيش و الكواهلة و المجانين و الهواوير و غيرهم؛ مع وجود بعض العناصر الأخرى في القطاع الجبلي الذي يفصل بين منطقتي دار حامد و الكبابيش؛ و هذه الجبال مأهولة بمجموعة من الدواليب في جبال أبو حديد و أم درق و الحرازة ، بينما نجد كاجا و كتول إلى الغرب في المنطقة شرقي سودري. وفي المدن والقرى هنالك مجموعات من القبائل التي جاءت أصلاً من الشمال منهم الشايقية والجعليين والدناقلة والركابية والجوابرة. هذه المنطقة هي شبه صحراوية في الغالب و يوجد بها بعض الأودية الكبيرة التي تسيل في موسم الخريف مثل وادي الملك و وادي المقدم و وادي هور و أبو تبر و المخنزر و هناك أودية صغيرة كثيرة . كما توجد بها منطقة الخيران ذات المياه الوفيرة مما جعل السكان يمارسون سبل كسب عيش متنوعة مثل رعي الإبل و الغنم والأبقار ، و الزراعة المطرية و المروية خاصةً في منطقة حوض بارا. و يوجد بها أيضاً بعض موارد المياه الكبيرة مثل العاديك و البشيري و الجمامة و أم بادر و غيرها من المناطق التي تكثر فيها مياه الآبار و مياه الأمطار " الميع" و قد ورد ذكر هذه المناطق في شعرهم أيضاً و من ذلك قول الحكامة التاية بت زمل:
    يا سيد مية وخمسين دار
    كان دُرتْ العيش أم ضبان مع أبو حجار
    و كان دُرتْ الملح القاعات مع شرشار
    و كان دُرتْ المويه العاديك بلا محفار
    و هنا إشارة أيضاً إلى تعدد مصادر الدخل و سبل كسب العيش في دار الريح التي تنتج حتى الملح في القاعة و شرشار و مناطق العطرون في بادية الكبابيش وكل هذا التنوع قد أثر في الإنتاج الأدبي و الفني في هذه المنطقة المتفردة. و الشاهد هنا " العاديك بلا محفار" وهي كناية عن قرب الماء من سطح الأرض. يقول الشريف زين العادين قي إشارة واضحة لأودية دار الريح و الغرب عموماً:
    في غروبك ؛ ربوع خصبة وتبر مبهول
    وديان من عقيق ، مغسولة مطر وسيول
    وكثبان تابة ، بطرّز حواشي سهول
    تجود بالكركدي، وصمغ الهشاب والفول
    وتدى القنقليس، طول الشهور والحول
    و منذ وقت مبكر في القرن الرابع عشر الميلادي بدأت القبائل العربية البدوية تنتشر من مصر و شمال أفريقيا عبر صحراء بيوضة و الصحراء الكبرى و دار فور إلى شمال كردفان و صاحب ذلك اختلاط كبير مع السكان الأصليين و مع بعض العناصر البربرية التي قدمت من شمال أفريقيا و قد أدت الهجرة العربية في بعض الحالات إلى تحرك سكان المنطقة جنوبا نحو الجبال و المناطق الداخلية الأخرى.و بمرور الزمن تحول الجزء الشمالي من كردفان إلى منطقة عربية بالكامل و ذلك لأن طبيعة المنطقة توائم سكنى الإنسان العربي لكونها منطقة صحراوية أو شبه صحراوية و استطاع العرب تربية أعداد كبيرة من الإبل و الأغنام مما ساعدهم على بسط سيطرتهم إما بالتفوق الاقتصادي _إن صح التعبير_ أو تميزهم الثقافي إذ كانوا قوما أهل حضارة و دين ( انظر قبائل شمال كردفان ووسطها للكاتب ماكمايكل - ترجمة محمد التجاني عمر- و كتاب هجرات الهلاليين لإبراهيم إسحاق). و من الأشياء التي أدت إلى انتشار العرب تقبل كثير من السكان الأصليين للدين الإسلامي و بالتالي اللغة العربية و لذلك لم يعد العربي يشعر بأنه غريب في تلك الديار. و ثمة أمر آخر يرتبط بالوجود العربي في شمال كردفان و وسطها هو أن أجزاء من دارفور و شمال كردفان كانت تسمى ( بر السودان و فزارة) مما يدل على وجود قديم لفزارة في تلك المنطقة بيد أن معظم القبائل العربية هناك تنسب إلى جهينة و هذا يشير إلى أن جهينة و فزارة ربما تكونان قد تحالفتا و تقاربت منازلهما بحيث أصبح من الصعب التمييز بينها في شمال كردفان و وسطها و تدريجيا بدأ اسم جهينة ينتشر و تنتسب لها كثير من القبائل ذات الأصول التي تختلف تماما عن جهينة. و عموما نستطيع القول إن مجموعات من العرب توطنت في دار الريح بشمال كردفان و صارت لها ديار هناك دون أن يقوم لها كيان سياسي أو سلطان يوحدها و لذلك ظلت ترتبط رباطا وثيقا بدارفور و من بعدها سنار. و قد وصل العرب إلى دار الريح من عدة منافذ و طرق أهمها و أولها هو الطريق الشمالي من مصر عبر دنقلا و صحراء بيوضة بمحاذاة النيل من الضفة الغربية؛ و الطريق الثاني هو المنفذ الغربي عبر شمال أفريقيا و خاصة تونس و منها إلى الصحراء الكبرى و شمال دار فور وصولا إلى دار الريح. و بالتأكيد جاءت بعض الهجرات عن الطريق الشرق من جنوب الجزيرة العربية و واصلت سيرها حتى عبرت النيل الأبيض و من ثم انتشرت في كردفان و منها دار الريح. و نظراً لتشابه المناخ في هذه المنطقة مع شبه جزيرة العرب و موائمته لحياة الإنسان العربي التي جبل عليها من حب الترحال و التنقل فقد كان لذلك التشابه أثر كبير في هجرة العرب نحو هذه المنطقة و استقرارهم بها و لذلك ظلت القبائل في دار الريح إما بدوية أو شبه بدوية؛ و بعد اختلاطهم بالسكان الأصليين و البربر من شمال إفريقيا أضطر بعض منهم للتخلي عن رعي الإبل و لجأوا للعمل بالزراعة و أحيانا رعي الأبقار في جنوبي هذه المنطقة. هذا بالإضافة إلى ما تتمتع به شمال كردفان أو دار الريح تحديدا من عوامل جذب أخرى مثل فرص التجارة و الرعي و الزراعة و غيرها من الحرف وبالتالي صارت قبلة لكثير من المجموعات التي قدمت من دنقلا و من شمال السودان عموما و صار لها شأن عظيم في المنطقة كالدواليب في الحرازة و خرسي و غيرهم مثل الجوابرة في أسحف و البشيري و بارا. و من المجموعات التي هاجرت إلى كردفان و عملت بالتجارة الركابية الذين لهم وجود فاعل في كل من الأبيض و بارا و أم بادر و سودري و في كل بوادي شمال كردفان و قراها. و ثمة أثر لهؤلاء هو نشر نوع من التمدن أو قل المدنية من حيث الملبس و المأكل و إدخال أدوات و آلات الزراعة مثل الساقية و الشادوف و محاصيل لم تكن معروفة لدى أهل شمال كردفان. و لذلك يمكننا القول إن شمال كردفان ( دار الريح) هي سودان مصغر بل قل إفريقيا صغيرة حيث أقامت بها أعداد كبيرة من سكان غرب إفريقيا الذين وصلوها إما في طريقهم للحج أو طلبا للرزق و بدورهم تزاوجوا مع السكان و نشروا شيئا من ثقافتهم من أمثال الشيخ عمرو الفوتي؛ و قد كان من بينهم العلماء الشناقيط الذين أثروا الحياة العلمية و نشروا المذهب المالكي في شمال كردفان و أشتهر منهم نفر كثير مثل الشريف محمد عمر و الشيخ حماه الله والشريف عبد المنعم في أم سعدون و الشريف محمد السالك و قد أسهم أحفادهم من بعد بقدر كبير في النشاط الأدبي و الشعر كما سيظهر لاحقاً؛ و قد أدخل بعض هؤلاء التصوف في دار الريح كما فعل الشيخ محمد ود دوليب في خرسي و الشريف عبد المنعم في أم سعدون الشريف و أنعكس ذلك حتما في الشعر في دار الريح و قامت على يد هؤلاء الرجال مراكز دينية كبيرة أثرت أيضا في نشر المعرفة و رفع الجهل عن الناس كما كانت أماكن تجمع لكل مكونات المجتمع و ساعد ذلك على تجانسها و اختلاطها و تواصلها و أسهم ذلك كله في تنوع أغراض الشعر و مفرداته و أنواعه. و مع هذا كله تظل القبيلة هي الوحدة الاجتماعية الأولى في بادية شمال كردفان نظراً لأن طبيعة المنطقة أغرت كثيراً من السكان و ألزمتهم البقاء في أماكنهم التاريخية و لذلك ظل الكثيرون من أبناء القبائل يمارسون نفس الحرف التي كان يقوم بها أجدادهم مثل الرعي و الزراعة المطرية المتنقلة. وقد أحدث الوجود العربي _إن صح التعبير_ تحولاً كبيراً في المنطقة من حيث التركيبة السكانية و سبل كسب العيش و الآداب و الفنون . فقد أصبحت العربية لغة التخاطب بين كل المجموعات و نتج عن ذلك أدب و فن مفرداته و أوزانه و مواضيعه عربية و إيقاعاته أفريقية أو قل سودانية مثل الجراري و الدوبيت و الهسيس و التوية و الدهلي و الجالسة و غيرها من أشكال التراث. و أصبحت كل القيم الاجتماعية عربية إسلامية و تركت بعض القبائل الناطقة بغير العربية لهجاتها المحلية و صارت تتحدث باللسان العربي و مثال على ذلك زغاوة كجمر و النوبة في أبو حديد و أم درق و كاجا و كتول و غيرها. و يجمع بين كل هذه المجموعات الآن هو وحدة اللهجة العربية و تشابه أنماط التراث بدرجة كبيرة.و قد أثر هذا الاختلاط و التنوع على اللغة العربية الفصيحة هناك لما دخلها من مفردات جديدة و تغير مخارج بعض الحروف و نطق بعض الكلمات و نتج عن ذلك أدب و تراث وشعر هو أقرب في بنائه و مفرداته و أغراضه و مواضيعه إلى اللغة العربية منها للهجات المحلية التي لم تعد مستخدمة أبداً و ذلك لأن اللغة العربية كانت أكثر و أعمق أثراً على غيرها من اللهجات المحلية. فكثير من المفردات في دار الريح موغلة جداً في الفصاحة حتى أنك لا تكاد تجدها إلا في معاجم اللغة ( عون الشريف قاسم_ قاموس اللهجة العامية في السودان). و هي في الغالب لهجة بسيطة ترتبط ارتباطا وثيقا بالبادية ونجد فيها الإمالة كما هو الحال لدى الكبابيش و الهوا وير و سكان الجبال الشمالية و نجد التسكين في مناطق دار حامد و المجانين ؛ و بعض اللهجات في دار الريح خاصة في منطقة الجليدات و المعاقلة و العريفية في جنوب دار حامد تشبه لهجة دار حمر إلى حد كبير نظرا لقرب المكان و تبادل المنافع و هي لهجة عربية صرفة. و في ذلك يقول الأستاذ حسن نجيله في كتابه ذكرياتي في البادية ما يلي" إذا أتيح لك الاستماع إلى هذه الألفاظ ، أو رأيتهم يبدلون الحروف على غير ما تعهد، فلا تعجل عليهم باللوم، و إنما اتهم نفسك بالعجمة أولاً، و عد إلى كتب اللغة و استفتها تنبئك باليقين".
    و قد ورد مسمى دار الريح في كثير من الشعر الشعبي في هذه المنطقة ومن المشهور جدا قول الشاعرة من الجراري:
    دار الريح تاريها
    مشتولة المنقا فيها
    نشيل الجوز نسقيها
    و نحاحي الطير ما يجيها


    و قول أحد شعراء الدوبيت، الذي يسمى بالحاردلو في دار الريح:
    دار الريح بقت مسمومه
    ما بتنشق برا أم عشرة و رجال مصمومه.
    و قد تسمى دار الريح أحيانا بالسافل و في ذلك تقول الكباشية:
    جقله الطن حوارك
    عقدوا الشوره رجالك
    كان الغرب ما شالك
    شيلي السافل دارك
    و جقلة هي الإبل التي تكثر مسمياتها في هذه المنطقة وذلك لأن معظم سكان دار الريح من رعاة الإبل. و مثال آخر على ذكر اسم دار الريح قول الشاعرة ضوة بت عبد الزين التي تقول:
    درب السافل جبده
    بنشف دم الكبده
    أخير الزارع لقده
    يحاحي الطير ما ينقده
    و كلمة "اللقد" تطلق على مناطق الزراعة في أماكن تجمع المياه بعد انحسارها عنها في الشتاء ولعل هذه الكلمة نوبية الأصل وزراعة اللقد تشبه الري بالحياض في الشمالية.
                  

11-18-2012, 07:08 PM

الطيب شيقوق
<aالطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: محمد التجاني عمر قش)

    اخي محمد التجاني

    شكرا لهذا السرد الشيق والعمق المعرفي المتميز عن ديار الريح

    فوالله وجدت نفسي منساقا من البداية وحتى نهاية المداخلة

    ملاحظ وردت كلمة العاديك ، فالعاديك عند اهلنا هو النيل الازرق
    ودار الريح عندنا في الوسط هي دار سافل وهذا ما بينه الحاردلو في ابيات شعره التي وردت في سياق المداخلة


    التعديل لخطأ سهوا في وردت

    (عدل بواسطة الطيب شيقوق on 11-19-2012, 11:44 AM)

                  

11-18-2012, 09:31 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: الطيب شيقوق)

    Quote: ولذلك يسعدني أن أشارك ببعض فصول كتابي الذي أشار إليه الأستاذ خالد وهو بعنوان ( الشعر الشعبي في دار الريح) والذي أتوقع أن ينشر في خلال الشهور القليلة القادمة بإذن الله تعالى:
    مدلولات مسمى دار الريح


    الأستاذ الباحث / محمد التجاني عمر قش

    سلامات

    أهلا ومرحبا بك في سوداتيزاونلاين ، انضمامك لهذا المنبر مكسب كبير

    للقراء والمهتمين بالتراث والثقافة السودانية

    ونشكر الباشمهندس بكري أبوبكر على هذه الهدية القيمة ، فلقد كفانا

    تعب ومشقة البحث عن مقالاتك في المواقع الالكترونية الاخرى

    فنحن نقرا كل ما تكتب عزيزي محمد في هذه الأسافير

    وفي انتظار كتابك والذي سيكون اضافة نوعية للمكتبة السودانية ومرجعا مهما للمهتمين بالادب الشعبي في كردفان

    واصل عزيزي محمد ونحن في انتظارك دوما

    ولك كل الود والتقدير



                  

11-19-2012, 04:58 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    من تراث الحمر
    الكدنداية



    كتب: خالد الشيخ حاج محمود
    يرى بعض المؤرخين والباحثين بأن الحمر ينتسبون للعدنانيين بحساب أنهم من القرشيين وقد وفدوا للسودان عن طريق المغرب العربي كدعاة ورعاة يحملون بيدهم (المصحف والسيف) وجاء استقرارهم في مناطقهم تلك حوالي عام 1685م وذلك بعد شرائهم الارض من سلاطين دارفور حيث يقيمون في غرب كردفان بين خطي عرض 11 و 14 شمالاً و 27 و 29 جنوباً وتحدهم من الشمال دار الريح ممثلة في محليتي (سودري وغرب بارا) وجنوباً يحدون بالفولة والدلنج وشرقاً يجاورن محلية شيكان وغرباً تحدهم دارفور والصحراء وكانت اقامتهم أولاً في كتم علماً بأن قبيلة حمر تنقسم لعساكر ودقاقييم ويتفرعون لبطون عديدة منهم الغريسية والغشيمات وبنو بدر والطرادات ويحترفون تربية الابل وسعاية الضأن والماعز كما يزرعون الفول السوداني وحب البطيخ والدخن وأشجار التبلدي الكبيرة التي يخزنون فيها الماء لمواحهة فصل الصيف، ولأن الحياة في سالف الزمان كانت تعتمد على العشائرية لذلك من الطبيعي أن تكون هنالك مغارات بين القبائل لذلك اورد الدكتور عبد الله على ابراهيم في كتابه( فرسان كنجرت) بان ثمة قصور بارز في الكتابة التي سجلت مراحل الصراع الختامي بين حمر والكبابيش في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والذي انتهي بظفر حمر حيث اورد (شقير) بأن حرب العقال بين حمر والكبابيش كانت في عهد حكمدارية موسى باشا حوالي عام 1863-1865م وذلك في مشيخة فضل الله ود سالم على الكبابيش وموسى ود النعيم على حمر وقد اشتهرت بحرب العقال لان كلا الفريقين جمع رجاله واولاده في ساحة الحرب وعقل الابل وعول على النصر أو الموت ويقول شقير بإنتصار حمر بعدما غنموا نحاس الكبابيش و اموالهم، وقد كانت المعركة عام 1864م في منطقة تسمى (عقال أم روس) التي تقع شرق أم بادر ولان الإقتتال والاستعداد يوجد تراثاً عريضاً تبعاً للحياة التي تعتمد على قيم النظام الأهلي كالنفير والضرى والفزع والجودية وغيرها، وبالتالي يكون الغناء والرقص والحكم والامثال والمأثورات الشعبية وكل ما يحتويه التراث الشعبي الغنائي والمادي متاحاً.
    ويعتمد الحمر ميقاتاً على السنة القمرية والتي تبدأ بما يسمى بالنطح وهو أول الصيف (حوالي 21 أبريل) ويجئ بعده بالتسلسل (البطين والترية والنتره والطرفه والجبهه والتي تمثل نهاية الخريف) اما فصل الربيع عندهم فهو (الدرت) ويكون شهر رجب بمثابة الفأل الحسن حيث يقيمون فيه الزواج والافراح ويسمى بشهر (المعراج) وفيه يتم وسم البهائم وخاصة يوم 27رجب، ولكن اجمل معراجهم ماكان يوم السبت حيث ينشدون فيه غناءً جميلاً عندما يضعون الوسم على صفحة البهائم فيقولون (يا سبت النور تبين علينا تدور) وعندما يكون اول الرشاش والذي يسمى بـ(نوء الحوت) يقولون في مطره (إذا بل ضهر الارنب يكون الخريف هيلا) بمعنى مطر غزير، (أما البطين فهو بطن برج الحمل والنطح من الحمل) والتريه عندهم لاتغيب إلا يوم الاحد وربما الاربعاء والجمعة وغالباً ما يكون غيابها يومي 17 و18/مايو ويقولون في ذلك (كان غابت غدير أي بلا ماء) (وإن طلعت خدير بمعنى ماء كثير) ولان المرأة تمثل لهم الفأل الحسن لذلك يقولون فيها شعراً:
    المرأة أم اتنين جزيرة بين بحرين وأم زين فروة ضأن ماكلاها عتة
    الحية هي والميتة أتت
    أشتهر الحمر بالجراري وهو اربعة أشكال عندهم (سربعة ، كربته، طبيق ، خبه)
    السربعة تعني السرعة والجري الشديد عند الجمل كقولهم:
    كل ما نشوفك قليبي يزيد يوم سريع البشاري عدّا بعيد
    أما الكربته فهى أخف من السربعة و يقولون فيها:
    كربت عاني الدكه وجاب خبر القبيل من الفريق انفكا
    والطبيق أخف من الكربته وغالباً ما يكون على الجمل أبو ضهر ومن غنائه الجميل: طبق عاني القبيل فوق الفريق راجينا
    فات الصباح دقش الليل اتوسد تبلدي الاضليم وادينا
    آه لو شوفتو العذاب وكت السمح نفح البخور بادينا
    أما الخبه فهي أخف من الكربته بمعنى فيها الهدوء مثل قولهم الشائع:
    خبا وعانا الدرب في مشيهو ورد ناس القبيل في الدكه تب عانيهو
    بحلف باليمين شوقاً للمرق كبس الجمال واديهو
    جمر الغرام كان شبا منو الفي الحياة بخليهو
    وتوجد عندهم التوية وكلمة توية أساساً تعني (التاية) بمعنى الشجرة الظليلة التي اختارها العرب الرحل للمقيل ووضع لوازمهم، لذلك يقولون في التوية...
    تايتنا كبيرة و ضليلة لقطنا الهشاب يا فليلا
    أم العروس جيناك تحت شدرتنا الهبيلا
    ومن تراثهم أيضاً الوايو وهو جزء من الجراري يؤديه الجميع جالسين على الأرض ويبدأ الغناء فيه بمشكار البنات ويتواصل حتي يصل لمشكار الابل والفراسة وغيرها ومن غناء الوايو الجميل:
    الزول الجميل لاقيتا فوق السوق يعنج فوق ضفيراتا ويعدل الطايوق
    أبو زريق خطف فارتا عليها شفوق رقيقة من وسط والايد عليها تحوق
    السنان بيضة التقول قوق قوق
    يا أبو ماطي الرقيق ويا فكي زروق دي واقع البارح ما بتاكل الهيموق
    تقيفوا ليها جمعياً وفقة جلب في السوق تتخيري فيها الأدرع الوافوق
    أما الكدنداية فهي من تراث الحمر حيث يكون فيها الإيقاع وسيط بين التقيل والخفيف ولايوجد فيها كرير ولكن فيها رزم في الارض مثل الخبط والرقص فيها بالرقبة للمرأة ويتم ذلك عندما يطلع لها الرجل ويقوم بعمل الرزمي وذلك حسب افادة الباحث الاستاذ (موسى شبخ الربع) والصفقة فيها مخبوطة بمعنى ضربة واحدة ما فيها تشكيل وتؤدى عادة في العصر عند الافراح كالزواج والختان وخلافه ومن غنائها الجميل:
    كدنداية كدنداية كل زول بي رايَ سكر بي مليم وشاي بي عشراية
    إت نص كباية وأنا نص كباية نشرب نكب رتت رتت في البداية والنهاية
    والإيقاع في الكدنداية يجئ على مشية الحاشي والرقص على طريقة حن الناقة مثل قولهم: حني يا ناقة الشقيري دو الزول بلا ريده قلبي أبوه
    ويقول الباحث الأديب (دوليب محمود دوليب) بان الكدنداية رقصة جماعية يلعبها
    الكبار والصغار في الافراح والمناسبات السعيدة ويبدأ الغناء بالتشريفة وهي مثل السيرة والتي تؤدى عند خروج العريس في العصر فيقولون فيها:
    الجمرة وقعت في الحِزة الزول بلا أهلا شن عزه
    الحلوة تمشي زي الوزه حلاتا عندنا بنعزا
    أولاد حمر في حِزه عدونا بنأدبو بي القده
    نحنا باب اللوم بنسده واخونا الضعيف بنمده
    نحنا فارسنا بنعده لي اليوم الصعيب والشده
    نحنا موشحين بي العِزه وجبل الداير بنهزا
    وغناء الكدنداية يتناول قضايا المجتمع الخاصة والعامة وهي جزء من الجراري ولكنها على أشكال متعددة منها الجادة والتي تعنى بالتراث والقبائل والعادات الموروثة من غنائها مثلاً:
    يا أرنب الكنيتة يا حرامية الليلة وين مبيتة
    مبيتة في الكنيتة شايلة الريد خيته
    كما توجد الكدنداية الهزلية ومحورها اللهو الهزل ولكن الصفقة تكون فيها سريعة مع النهاية مثل قولهم:
    شحنن وقامن الخوي يا ابو زوتك تحن علىّ
    شحنن وقامن النهود يا ابو زوتك اللوري كسر عمود
    وفي الكدنداية الهزلية يغني الشبان الشطر الاول وتكمل الفتيات عجز البيت (مثل العصاية في الحقيبة) ويقول الأستاذ (دوليب محمود) بأن الكدنداية فيها نحنحة كرير وهي مثل (الجمل جاري وسيده بدوبي ليه) وتكون الصفقة طوالي ولكنها سريعة مثل كسرة الاغنية والرقص فيها يقوم به الرجال والنساء.
    ومن غناء الكدنداية الجادة الطويلة:
    يا برير الصالح طلقوني امبارح ابوي السارح طلقوني امبارح
    طلقوني امبارح عرسي فيهو مصالح
    كما تتناول الكدنداية أغراض الغزل والهجاء والمدح والذم ومن غنائها في الذم:
    الشايب دي شوفو دروبا ضبحت ليه ديك وقيلت في الراكوبة
    رماني بي غنما وعذبني بي كلاما و طلقني بي مركوبـــــــا
    وقد تتناول الكنداية الغزل ويجئ غنائها رمزياً في قالب تورية مثل الغناء الجميل:
    نايمة في نومي والله جاني خبر فرع الليمون جرّ سقى البقر
    ما تعذبوني لو قلتو شر وما تكلموني لو قلبي اندشر
    يا ديك بالله كرّ من هاني وهناك تر يا وليد تعالنا ما تنصر تلقى الريدة شوقاً بحر
    ولي قدام ليك حجر
    وقد تتناول الكدنداية الغناء للمناطق مثل الاغنية الجميلة:
    كردفان يا حليلا دار حمر يا حليلا أم روابة الليلة فيها القيلة
    هوي يا عجيلة بخور وصندل شيلة
    شوفوا عروسو سمحة وقمحة ومن دبي الشيلة
    عروسو سمحة وقمحة مهراً شرد من حيلا
    السيرة بالشبرية نسيبتو تكفي المية عملولو حفلة قوية والدخلة تكون الليلة
    الاضية الخدرة فطورنا فيها جزرة غبيش منتظراها غدانا فيها بكرة
    مجرور من بكرة عشانا فيها عجيلة
    كما تتناول الكدنداية الزراعة و الحصاد عندما ينطلق الفرح والسرور وسط الزراع و اهل البوادي فيعبرون عن ذلك بالغناء الجميل فيقولون:
    زرعي بور جنكبتا ما حشيتا جرجرني بار لميتا ما دقيتا
    يا خرابي الجابني في بيتا الرأي كمل شايبي ما نسيتا
    جابوا وختوا وليدي ما لقيتا لموهو وشروهو الجاني ما ابيتا
    بس يا اخواني وروني شنو السويتا
    ولأن الكنداية تؤلف من النساء والرجال سوياً وتؤدى بواسطتهم لذلك يكون الجميع في قمة الطرب والشوق وهي من تراث دار حمر الاصيل الذي يطرب الوجدان ويجعل الجميع في نشوة تطالع عزة بلادنا التي وصفها المرحوم الاديب الشريف زين العابدين الهندي حينما قال:
    عِزّك من قديم محسوب جدود وأحفاد عمروكِ الرجال تيلاد قصاد تيلاد
    زرعوك بالسلاليك ومنجل الحصّاد جرنك في التقى تمتم قرافه وزاد



                  

11-19-2012, 08:21 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote:
    ملاحظ وردت كلمة العاديك ، فالعاديك عند اهلنا هو النيل الازرق
    ودار الريح عندنا في الوسط هي دار سافل وهذا ما بينه الحاردلو في ابيات شعره التي وردت في سياق المداخلة


    الأخ العزيز / الطيب شيقوق

    سلامات

    وأيضا كلمة سافل تستعمل في بعض مناطق كردفان

    وبقصد بها الشمال او دار الريح وأظن ان القبائل الشمالية

    المهاجرة الى كردفان أدخلت معها هذه الكلمة ، وهنالك فنان سوداني مشهور

    من منطقة الجعليين نسب الى السافل وهو بابكر ود السافل وهو فنان كبير وصوته جميل

    ويغني بالشتم والدلوكه ومن اشهر اغانيه من فريع البان وسيده وسكر نقع وامن الفي الضمير

    ولقد لاحظت انه في بعض مناطق سلطنة عمان يستعلمون كلمة علاية وسفالة

    مثل علاية ابرا وسفالة ابرا ( ابرا مدينة بسلطنة عمان ) ويقصد بالعلاية والسفالة اتجاه الجنوب والشمال

    بل هذه الكلمات مكتوبة على لافتات البلدية بتلك المناطق .

    شكرا عزيزي الطيب شيقوق وفي انتظار االاستاذ محمد التجاني عمر قش لمزيد من االمعلومات




    (عدل بواسطة Ahmed al Qurashi on 11-19-2012, 11:48 AM)
    (عدل بواسطة Ahmed al Qurashi on 11-19-2012, 11:49 AM)

                  

11-19-2012, 11:20 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: المرأة أم اتنين جزيرة بين بحرين وأم زين فروة ضأن ماكلاها عتة
    الحية هي والميتة أتت


    هذه لم تُكن من ثقافة قبائل كردفان ولكنها ادخلها شيوخهم المتصوفة وهو علم عندهم ويسمونه (الصَّقط) اي العدد وكما يقول الراحل المقيم الشيخ البرعي
    (بي التَّهليل صقِط أو جردو والألفية نومو تجردو ) اي الذكر بكلمة التوحيد عددا (حبه ثم حيه..........) صقط او بالجرد وهو تحريك السبحة بدون عدد اي بالتقدير ولا يكون اكثر من 3 الي 5
    والصَّقط عملية حسابية تبدأ بحروف
    (أبجد - هوز -حُطي ...................الخ) وكل حرف يحمل رقم حسابي فيجمعون حروف اسم المرأة واسم خطيبها ثم يجمعون ويطروح ويقسمون ولا ادري بعد ذلك لكنهم يقولون هذه أم ستة فروة وماكلاها العتّة.......... الخ و ولكن اهل بوادي الغرب عامة يتفاءلون بالزواج في شهور معينة ويكرهونه في بعض الشهور وخاصة الويحيد يا ود شيقوق وكذلك يفعلون مع النِّجوم مثلا الزواج في الوقت الذي يظهر فيه نجم (النعام أو النعايم) يقولون:-
    النعايم العيال بهايم والبنات فهايم وإتَّ راقد وسعدك قايم......!
    وبعض القبائل مثل بني جرار وكواهلة الغرب لا تتم سيرة العريس الاّ بالليل و بعد طلوع نجم الرَّيدة ولكن اجمل ما سمِعت وقرأت في أدب النجوم أو بما يسمي (العِيَن)هو مسدار النِّجوم للشاعر الضَّخَم ود شوراني
    اما العاديك أسم منطقة بمحافظة بارا تتبع لنظارة وامارة اهلنا قبيلة دار حامد ولكن كواهلة الغرب عندما هاجروا من النيل الازرق استقروا بمنطقة الخيران ودمروا بهذه المنطقة اولا ولذا سموها العاديك ثم رحلوا منها واستقروا بمنطقة أم بادر
    في مرة من المرات زرنا الشيخ عبد الرحيم البرعي وقبل ان نغادر سأله احد الحاضرين الدُّعاء فرفع يديه قائلا
    اللّهمّ جنب بلدنا الشرور واحفظها شرقا وغربا صعيدا وسافلا أعجبتني اللفته الجميلة حيث لم يقل جنوبا وانما صعيدا ولم يقل شمالا وانما سافلا
    لكم محبتي

    (عدل بواسطة عبيد الطيب on 11-19-2012, 11:29 AM)

                  

11-19-2012, 07:41 PM

الطيب شيقوق
<aالطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    Quote: ولكن اهل بوادي الغرب عامة يتفاءلون بالزواج في شهور معينة ويكرهونه في بعض الشهور وخاصة الويحيد يا ود شيقوق


    بالحيل يا العبيد وكان امي الحاجة زهرة بت موسى حتى سفري منها يوم الاحد ما بتباركو

    Quote: اما العاديك أسم منطقة بمحافظة بارا تتبع لنظارة وامارة اهلنا قبيلة دار حامد ولكن كواهلة الغرب عندما هاجروا من النيل الازرق استقروا بمنطقة الخيران ودمروا بهذه المنطقة اولا ولذا سموها العاديك


    اكيد - يا العبيد اخوي - كلمة العاديك انتقل بها الكواهلة الذين كانوا يسكنون في اواسط السودان

    واطلاق كلمةعاديك على الجمامة كما وردت سابقا كناية على كثرة المياه النابعة من عيون الجمام
                  

11-20-2012, 05:04 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: الطيب شيقوق)

    العنقالي عند الابالة والغنامة

    كتب/ خالد الشيخ حاج محمود

    إتصل بي من الأمارات صديقي الدكتور سمير وداعة والذي أشاد بشدو الأستاذة الفنانة ناسي عجاج بأغنية (أندريا) خاصة التسجيل الأخير للأغنية في سبتمبر 2011م، وقال بأنه لاحظ أن المطربة الشابة عدلت في مفردات الأغنية والكرير المصاحب لها كما سألني الصديق العزيز عن الفرق بين الجراري والعنقالي لذلك حرصت بالأمس على مشاهدة التسجيل الأخير لنانسي عجاج والذي اشار إليه محدثي ولاحظت بالفعل التعديل في المفردات واضافة بعض المقاطع للاغنية والتي سبق أن كتبت عن شاعرة أغنية أندريا ومغنيتها بلدوسة بنت بنداس والتي سجلت الأغنية لرسالة كردفان في السبعينات من القرن الماضي بواسطة الاعلامي الأستاذ الراحل عوض محمداني مصطفى الذي كان يعد تلك الرسالة ويقدمها للاذاعة السودانية، أما عن الفرق بين الجراري والعنقالي كسؤال أخي العزيز دكتور سمير وداعة أقول بأن العنقالي هو أحد فروع الجراري وإن كان سريع الإيقاع وفيه إمتياز مع ضرب الأرجل والذي يتوافق مع صفقة الأيادى ومرادفة الحمحمة النوعية ذات السرعة والإنخفاض طي الرقصة المتبادلة مع الكرير بإعتباره من أنواع مصبات الجراري الأربعة وهي (السربعة والكربته والطبيق والخبة) حيث أن السربعة تعني السرعة والجري الشديد عند الجمل اتساقاً مع القول البين:
    كل ما نشوفك قليبي يزيد يوم سريع البشاري عدى بعيد
    أما الكربتة فهي أخف من السربعة ويقولون فيها:
    كربت عاني الدكه وجاب خبر القبيل من الفريق انفكا
    والطبيق أخف من الكربتة وغالباً ما يكون على ظهر الجمال ومن غنائه الجميل:
    طبق عاني القبيل فوق الفريق راجينا
    فات الصباح دقش الليل اتوسد تبلدي الإضليم وادينا
    آه لو شفتو العذاب وكت السمح نفح البخور بادينا

    أما الخبة فهي أخف من الكربتة لأن ايقاعها فيه الهدوء والمهلة لاحظ ما قيل في بعض مقاطعها:
    خبه وعنا الدرب في مشيهو ورد ناس القبيل في الدكه تب عانيهو
    بحلف بي اليمين شوقاً للمرق كبس الجمال واديهو
    جمر الغرام كان شبا منو الفي الحياة بخليهو
    ولأن ايقاع الكربتة يشبه تأرجح مشية الجمل مع الرقصة الخفيفة لذلك أصبح العنقالي على طريقة الكربته لاسيما وأن العنقلة تعني المرادفة عند ركوب الجمال حيث يصطحب الشاب عشيقته عند ركوبه على الجمل وربما أخته أحياناً الشئ يجعل الجمال تكربت في مشيها والعنقالي يوجد عند الحمر وفي دار حامد يسمى بالحنبيلي والذي يعني الحمّ بي – أي الحام وطاف بالسهد والخيال في مرتع الغفر كما يقول الاستاذ الباحث (دوليب محمود دوليب) المهتم بالتراث الشعبي ، وينفرد الحنبيلي بتناوب ضرب الأرجل والأيدي والإيقاع فيه يكون رزماً ونعني به خطوات الراقصة في الحلقة والتي تتوافق مع ضربات أرجل الكرارين وبسرعة خفيفة طي الشبال الذي يقع على أحدهم ويرتفع الإيقاع بما يسمى بالحماس وذلك بهدف تشجيع الشباب لبعضهم وكذلك الفتيات يشجعن بعضهن بشبال الراقصة العائدة من دائرة الكرير إلى صف الصفقة الحماسية ومن ثم الإنخراط في الغناء مرة أخرى كما يتفرد الحنبيلي بالحمحمة التي تخرج من الحناجر بشكل الثنائية في الكرير (من اثنين يقودون المجموعة) وذلك عكس الجراري والذي تكون فيه الحمحمة فردية ويتسق كرير الرزم مع مفردات سريعة الإيقاع جميلة المنظر والمخبر من ناحية الالحان والمعاني كقول الشاعرة المغنية بلدوسة بت بنداس:
    الموية الفي الرهيد تسقي الحمام والصيد
    يا سكر الجنيد حرمان براك الريد
    الموية الفي الرهيد ما فيها رد الصيد
    كيف حالك يا الوليد من السجون والقيد
    ومن غناء العنقالي الهفهاف بدار حمر قول إحدى الحكامات في وصف اندريا:
    الوادي الإضلم دي اندريا درب أم حنين جات بيه اندريا
    كان عمرك بخلان بيه اندريا هاك عمري أخطر بيه اندريا

    وكذلك قول الحكامة المغنية (الزينة بت مريود) من غبيش والتي قالت:
    ريدك دريب وحنان شوقك علىّ ما بان
    شوق الريد طربان سكونا في جريبان
    أما الاستاذ الباحث (محمد احمد ابراهيم) يقول بأن العنقالي قريب الشبه من الجراري لذلك الراجح بأنه مشتق منه حيث أن أغنيات العنقالي تتكون من أربعة أشطر قصيرة متحدة الوزن والقافية تؤديها النسوة مع توقيعات الصفقة المنتظمة ويقوم الشبان بالكرير لترقص الفتيات وذلك مثلما في الجراري تماماً، ولكن الاختلاف الظاهر بين الجراري والعنقالي يكون في الالحان وتوقيعات الصفقة بحساب أن لحن وموسيقى العنقالي أسرع من الجراري كما أن لحن العنقالي يتغير بكثرة مقارنة بالجراري ناهيك أن العنقالي تضاف إليه بعض الكلمات لضرورة اللحن كلزمة موسيقية مما يجعله يشبه الجراري في تلك الخاصية وربما تتكرر الشطرات فيه لنفس الغرض كما هو في قول مغنية العنقالي:
    أهلي الكبار جوني قالوا بهرجوني
    مرضي لي تومي
    وتررد المجموعة مع المغنية:
    مرضي لي تومي قبلانة بي لومي
    قبلانة بي لومي
    ومع مزن العين الهاطل تتحرك كوامن العشق خاصة عندما يبتعد الشبان عن عشيقاتهم بسبب الماء والمرعى حيث ينشغل الجميع بفصل الخريف عنوان الحياة بتلك البوادي لذلك شدت مغنية العنقالي بكلمات شجية معبرة عن حالها:
    توب البوبلين الجار
    ما بحمل الدبار حي يا ناري
    مزن الخريف الشال
    مزن الخريف الشال
    فتردد المجموعة ككورس: مزن الخريف الشال
    في جوفي طالق النار حي يا ناري

    في جوفي طالق النار
    ( حي يا ناري) لزمة موسيقية لحفظ الإيقاع والزمن)
    علماً بأن غناء العنقالي يشبه طريقة (الشيالين) في الحقيبة حينما يقومون بترديد عصاية الأغنية وقد تجئ اللزمة تعظيماً وإجلالاً حسب الإعتقاد عندهم لذلك كثيراً ما ورد اسم الجلالة كلزمة (مثل غناء احدى حكامات الحمر):
    الرملة الدقاقة يا الله فيها الحمام قاقا يا الله
    يا روحي المشتاقة يا الله للفارق ما لاقا يا الله
    ويرى الاستاذ محمد احمد ابراهيم بأن الكرير في العنقالي يختلف قليلاً عن الجراري فإلى جانب التمويجات الصوتية نجدهم في العنقالي يضمنون (الكرير) بعض الكلمات المنظومة لاسيما في غرب وجنوب غرب دار حمر ومن ذلك الكرير مثلاً ما تغنت به احدىحكامات الحمر عندما قالت:
    سهينا سهينا يا أم قايدة سهينا
    ( كرير)
    سهينا سهينا للزول البيضا عينه
    (كرير)
    سهينا سهينا لي صفرة الجبينا
    ( أم قايدة بمعني أم عنق) وقد تكون الكلمات المنظومة في العنقالي أكثر تماسكاً كما ورد في الاغنية التالية:
    حمن البرقال الصفقة بي البرقال
    نملاكن بي المشكار مريت بي الحلال
    كافة بقول كرار سويتو لي حمار
    (البرقال يعنى توقيعات الصفقة ومنها البرقلة) ومن غناء العنقالي الجميل والذي يطرب الدواخل ما تغنت به الفنانة الرائعة ( الشيكة بت محمود) من دار حمر خاصة وقد صحبها كرارين حرفاء على أداء المهمة مثل أغنيتها الرائعة (الفتيل الفي الغرطاس) والتي استهلتها بقولها:
    إنجري يا الميقاس الفتيل الفي الغرطاس
    لداخل الفن يا ناس تجارة في خماس
    دي الخديري بت الناس سلبتي الدين خلاس
    يا دهيبة ناس عباس
    انجري يا أم ضمير كلام الناس كتير
    نرجاكي ولا نسير أم عيوناً فناجيل
    أم سنوناً زي الجير
    ما تهبي يا هبوب خلي الحمامة تروق
    قلبي البقي شفوق للمنقة الفي الغروب
    ( الميقاس نوع من العطور) بيد أن العنقالي يوجد في مناطق شمال وغرب كردفان فقط وله العديد من الحكامات ذوات الخبرة في الغناء واللحن المصحوب بالرقص إلى جانب مجموعة من الكرارين ومن أولئك الحكامات والشاعرات على سبيل المثال لا الحصر بمنطقة حمر( قسم الله بت بورة بقرية رغيوة غرب عيال بخيت وحواء بت حمدان ود تيراب من قرية أبو عاقلة والزينة بت مريود من غبيش وهنالك آمنة أحمد مهدي قريب من قرية عدريبة) أما الكرارين فهم كثر وعلى قفا من يشيل بالمنطقة ومنهم ( ابراهيم جمعة بنداس من فاصول و ود أم شمرو من قرية ظيطة (دار السلام) ريفي النهود وحسين الجق) كما يوجد بمنطقة دار حامد الحنبيلي والذي يشبه العنقالي عند الحمر ولايختلف عنه في شئ سوى أن العنقالي يبدأ بالكرير فيما يؤدى كرير الحنبيلي في منتصف الاغنية، وذلك ما فعلته بالضبط الفنانة الشابة نانسي عجاج في أغنية أندريا حيث بدأت الاغنية استهلالاً بالكرير ومن ثم صدحت الفنانة نانسي بالغناء فأحدثت النشوة والطرب خاصة وقد كان الايقاع بديعاً لذلك صار العنقالي عنواناً للغناء الجميل في دار حمر ودار حامد حيث سحرت مفردات غنامة دار حامد المهتمين بالتراث الشعبي وخاصة الاغنية الشعبية (الوادي الزينة) سيما بعض المقاطع التي تقول:
    القوقاي حاكيتو ونجم الليل عديتو
    حليل ليمكم بي وكيتو قطعتو الريد جافيتو
    قالوا الزرقن نيله طول الليل صاب عينه
    قالوا الوادي الزينة يتمايط وزينــة
    وكثيراً ما عكس الحنبيلي ألواناً مختلفة عن حياة أولئك البدو فهنالك أغنيات تفيض بالرقة والحنان في سذاجة محببة ومن المعروف لدى كل من عاش ردحاً من الزمان في الريف وفي ربوع كردفان أن البدوية إذا أحبت تحب بقوة وعنف وفي صدق وطيبة لاحظ قول أحدى البدويات من دار حامد وهي تصف عشيقاً لايدرك مدى حبها له فقالت:
    زارعنو في الباجه واطاتو درابه
    دمعتي الكبابه ما بتدروا أسبابه
    زارعنو في الباجه واطاتو درابه
    السلوك البي رقابه في نومي فرابه
    (السلوك تعني القصب الريان) فالتحية للذين يحرقون طاقاتهم في صمت ليبددوا من حولنا دياجير الجهل المطبقة ويحيلوا الظلام لنورٍ يشع مع الفجر في قوة واصرار وعنفوان لايعرف الخور يماثل قوة وصلابة الشاعر الفحل الراحل محمد عثمان محمد صالح (كجراي) صاحب ديوان (الصمت والرماد) والذي أكد في الزمن السالف بأنه سيظل ورفاقه هنالك في أعماق (الريف الأسيان) إذ يصارعون الجهل وينتصرون عليه بقوله:
    في قلب الريف الأسيان
    فضحايا الليل هنا أبداً
    تدمي أعماق الإنسان
    لا عذر لنا
    فالليل هنا
    يبين مرهوب خاتل
    وظلام مسموم قاتل
    حتماً سيموت إذا شئنا
    أجل سيموت ما دام الشاعر كجراي ورفاقه حملوا الأمانة واوقدوا المشاعل رغم الأعاصير الهوج والأنواء تلك الامانة التي أبت أن تحملها السموات والأرض والجبال. لله درهم فهم على كل حال من الأخيار..



                  

11-20-2012, 08:01 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: كزيمة الدابو دايف وقرنو يادوب مارِقْ
    ورقابة تري وتامن فصوصك زارِقْ
    لونك زي صفا السويتي شف ومطارِق ْ
    حسابي معاكي اصبح دين قيامة وفارِقْ


    Quote: طلع وجه أم سماح وأنا حظى غايب نجمو
    رجع لى جن قديم ناهم الحبر لى رجمو
    طريت الدابو فرهد وعمرو مازى حجمو
    ولسانى إنفكــا نـــم كايس طريقة لجمو


    Quote: ولجمو صعيب لسان الفارق المهدولة
    نجمو الغاب زمن راجى الطلوع من طولا
    نضمو برصّو رص بى كلّمتو المعزولة
    وبعد داك كـــلّــّو قصـــّــر من سماح الزولة


    Quote: الخلاني ارجع لي ليالي غرامك
    قوامك واحتشامك وابتسامك وشامك
    يا ست ريدي يا الزعلك محلي كلامك
    انظري في قضيتي الطوَّلت قدامك


    ربنا يحفظك يا عبيد الطيب

    استمتعت بهذه الأبيات الجميلة والممتعة والمعبرة

    قرأت المقال مرة ثاتية صباح اليوم ، أرجو منك ان تزيدنا من أشعار الدوبيت في بادية الكبابيش

    ولك كل الود والتقدير

    (عدل بواسطة Ahmed al Qurashi on 11-20-2012, 08:06 AM)

                  

11-20-2012, 08:26 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: استمتعت بهذه الأبيات الجميلة والممتعة والمعبرة

    قرأتها المقال مرة ثاتية صباح اليوم ، أرجو منك ان تزيدنا من أشعر الدوبي في بادية الكبابيش

    ولك كل الود والتقدير

    دكتور القرشي لك محبتي وللمتداخلين جميعا هذا المقال مهداه لكم جميعا نشرته بسودانايل وببعض الصحف


    شَنفَرا الكبابيش وتور العُمَاصْ وجراب الذكريات عبيد الطيب (ودالمقدم)

    اشاشي اشاشي حين تُرعدُ السَّواري المُدْجنات
    وتُرسل دعاشا مُضمخا بنوَّار أشجاركم الوارفات
    وأشوم بِروقها فأعرف مَناهِل امطارها الهاطلات
    وأسرِجُ بعيري وأُدلجُ ليلا لأنَّ فؤادي للجمال عاشقة
    وأُوقِنُ أنَّها في عُمق البوادي وفوق الروابي وعند التلال
    وأسمعُ هديل الطيور وخرير الجداول بماءٍ نميرٍ زلال
    وقد اكتسي الوادي وقف السَّنافِ (بعُشبٍ طريٍّ ثوبا وشال)
    وحين تُزقزقُ عصافير روحي بذيَّاك العَبق
    تقوقي القماري وتعزف لحنا طِيوري الناشقة
    والليلُ طويلٌ وانا مُقمِرٌ والبرقُ العباديُّ يُومِضُ و(الهمبريب والواوير) مضمخان بروائح الصندل و(الكبريت) والرَّيحان والقيصوم يغازلان العزاري والجِرابُ مملوءٌ بالذكرياتِ والقلبُ مُتكٌئٌ عليها والعود احمد إن بقي العمر و لم تثقُب قوارض الاغتراب والهجرة الجراب ولولا الذكريات لم تكن الاشجان ولا تعلقت بسويداواتها القلوب
    قصيبة الزَّارع البدََّر مسك عَربُونها
    وجي لي خلاسها واندَبَكَت عرب زابونها
    قالب أُم شُنْبُك الخطُّو الشِّعب في قرونها
    بتين لي الحَي ألاقيها ؤ أشوف مَضمُونها
    هنا وصف حبيبته بالبندقية (أم شُنْبُك)و قرونها تكون وسطها (ضبانة) النيشان والشِّعب هي عصا لها قرنين وتُشبَل معها أُخري وتربط بعناية ودقه ويُبرَي اسفلها وتوضع فيها فوهة ومقدمة البندقية لتُسهِّل دقة التصويب
    مادّا أم شِعبة جاها المو خريف مِتقَحِّط
    وصبَّ القبلي والإشبوب نزل مِشَّحِّط
    إت كَم جَفَّلتي عِمصاً بي الهَكاعة بِنَحِّط
    وسِيدك بي أم مِحيجين الرقاقة بِمَحِّط
    ما اجملكم ايها البَدو المستشفين من كل شئ جمالا كما يقول جَمَّاع هذه لوحة ذاهية وتحديدا في مراعي (الجِزو) تلال وسهول خضراء ملء البَّصر وامطار تهطل بغزارة واشابيبها تُشَكِّل لوحة من ألوان قوس قزح في خطوط عموديه ومستقيمة والإبل ترعي وتختلط مع اسراب الجآذر و حين تكون الإبل في اعالي التلال تُرْقِلُ لوحدها إيخادا او إيحافا طربا وتنزلُ الي السهول(الهَكاعة) حيث تجد اسراب ابقار الوحش تتقاتل وتتناطح فيما بينها (تنحِّط) ثم يأتي صاحبها ويصطاد ببندقيته (أم مِحيجين) ما يريده من الغزلان والابقار
    صيداً دُودَرُو النوَّّاشي ؤ غِلِب في كَسِعتو
    زايع راسو من ضَرْب السَّريعي نَزعْتُو
    ضَرَبْتُو خِطيتو نيشاني أنْزَرق بي تِحْتُو
    ؤعُقبان ليهو رصَّاص اُم مِحيجِين بِعْتُو
    وكنتُ مُولعاً بالقَنص مع صديقيَّ المعلِّمَيْن والموجِّهَيْن بإدارية حمرة الشيخ الاستاذ محمد طه (ود ابودرق)والاستاذ حامد ود(ابوزيق) حيّاهم الغمام الأربدِ وسقاهم الضَّحَوي العوير وما اروع القنص في السهول والبراري واستنشاق الهمبريب ومطاردة الغُزلان حين تكون السماء مُلبدة بالسُّحب وتُحيض الغيوم علي الافق فتقينا لسعات الشمس الحارقة والصيد يحتاج لمهارة ودربة كقوة الملاحظة والفراسة وتقدير المسافات ورباطة الجأش واحيانا تتعلم كيف ان تمشي (دابَّا) أو ان تجري لمسافات بعيدة متخذا الاشجار ساترا وكانت لي وصاحبيّ طريقة ممتعة في صيد الغزلان بالليل اولا صنعنا لنا بطارية سعتها ثمانية احجار واتخذنا (لمبات) العجلة مصباحا لها ثم نُدلج ليلا ويكون القمر هاديا لنا حتي نقطع مسافات بعيده وحين يودعنا القمر ويتلاشي في الأُفق يكون الهزيع الاخير من الليل ونكون قد وصلنا مراتع الصيد ومكان (مََصنِّها) مراحها ونُحكِمُ الزراد علي جِمالنا حتي لا تَرغي فيسمع بُِغامها الصيد فيهرب وحتي لا تدسَع بجِرِّتها فتملأ ملابسنا ،فننيخ مطايانا علي معلمٍ بارز نكون حددناه سابقا وننزل التاية ونَشبُل متاعنا من ماء وزاد علي رؤوس الاشجار ونفترق وتبدأ التمثيلية ومسرحها الوهاد والتلال وشاشتها الليل البهيم وانارتها مصباحنا وأبطالها نحن والذئاب احيانا وابن آوي وحين نُضئ المصباح نعرف كيف نُفرِّق مابين عيون المها وعيون وحوش القفار حيث الاخيرة تُشكِّل بريقا احمر اللون كالجمرة فنعرفه ذئبا او ثعلبا أو ابا الحصين (دود القريد) أو حتي أُم عامرٍ(الضبع) وعندما يقع ضوء (بطاريتنا) علي أعين الغزال تقف الغزال مشدودة حيث انها تفقد بصرها ويجذبها الضوء كالمغنطيس تماما وانت تكون تهيأت تماما حيث تضع البطارية تحت فوهة البندقية (الماسورة) دون احداث اي صوت حتي حركة الرجلين تكون متحكما فيها حيث لاتضع رجلك علي عود او عصاة وتنكسر تحت اقدامك وتحدث صوتا وكذلك ان تأتي الي الغزلان من الجهة المعاكسة لهبوب الرياح حتي لا تشم ريحك فتهرب وعندما تصل بالقرب منك تصطادها (بالخرتوش) وقبل بذوق الفجر نعود ادراجنا الي (التاية) ونبدأ في السلخ وشواء الكباد ومطايب اللحم ، وذات شتاء والبرد لا يأتي إلاّ في وقت السَّحر توغلنا بعيدا في الشمال الغربي وكانت توجد مناوشات سابقة مع بعض قبائل دارفور وكانت المنطقة مملوءة بعصابات النهب المسلح القادمين من الحدود التشادية وعند وقت الضُحي وقد وصلنا الي اعالي تلةٍ ونريد ان ننزل تحتها علي السهل فبرق لاعيننا وميض حديدٍ وحين لاحت منّا إلتفاتةٌ رأينا تَحتنا سلاحٌ مُتكئٌ علي اخشابه (السِّيبة)والي جانبه رجُلين الأول اخذ بندقيتة (الجيم 4) وأشر لنا بيده أن لا نَصِله ثم أحْكَم العُمامة علي وجهه تماما ولم تظهر الا عينيه ثم تَبَنا بيده تعبيرا:- بأنَّ غير مُرحَب بكم وألْووا مقود مطيّكم صوب وجهتنا. فألتفتُ صوب الاستاذ أبودرق فقال: (مافي مساحة تاني فدعونا نصلهم وليكُن ما يكون) وهنا تذكرت خريدة ود وقيع الله ورددّتُّ مقاطع منها وخاصة هذا المقطع (أخوكي ؤ أخو ابوكي واخو خالي –
    وأخو ود أب درق تور العُماص زولي)
    وحين وصلنا بالقُرب منهما صاح احدهم :- (دي زولك ود المقدم اللّفندي الحلَّاني من المُشكلة لي زمان)
    أنِخنا المطايا وسلمنا علي صاحبنا ولكن الآخر حمل بندقيته وذهب بعيدا وكان الوقتُ بعد بذوق الشمس بقليلٍ وهم من صعاليك البادية وكان احدهم وقتئذٍ مطلوبا لأجهزة الامن والشرطة ودُهشنا ثلاثتنا عندما وجدنا بجانبهم وعلي حبال نبات الحنظل الممتدة مُلقا أربعة عشر غزالا وإثنين من طائر الحُبار وهو من أطيب الطيور وسائر الحيوان لحماً ، وجميعها أصطادها هذا الشَّنْفَره الشَّقي الهارب في أقل من دقائق معدودة ومن مسافة بعيدة وكان مضرب الأمثال في دقة التصويب ،هل تدرون ماذا فعلوا ..! ككرم الصعاليك الجِبلِّي تركوها كلها إكراما لنا وذهبوا الي شأنهم وبالرغم أنني كنت أُفَضِّل مقابلة الشَّنْفَري الاخر وأنّ إزالة اللِّثام والقناع من وجهه أحبُّ اليّ من الصّيد وحين تعذّر ذلك، حملنا صيدنا الوفير وعرجنا علي رِهيد الصّيد فطاب لنا المقيلُ علي ظلال اشجاره الوارفة وعلي الشِّواء وكاسات الشاي الاخضر ولكن هذا (الكاليت) الذي لم يألفنا ولم يُسلِّم علينا ولم يأمَنّا علي حياته كان هذا ديدنه الي أن مات مقتولا أمّا رفيقه وتنيده الآخر توطدت علاقتي به حيث كنا نتعارف سابقا وبدأ يزورني بالمدرسة وكنت وحدي فأمتعني بأنسه وقصصه التي كالخيال ومقامراته المُدهشة واتحفني بخُلقه وجمال روحه وسماحة نفسه وكرمه الحاتمي ونشاطه وخفت ظله واشياءه المرتبة ترتيبا دقيقا وإقتناءه لها بدقة فائقة وكان ماهرا في عزف المِزمار (الزُمبارة) وكنت حين يعزفها واستمع الي معزوفة (بنات الرّيل جفََلَن من المقيل جَفَلن)أو (عبد القادر لي جملنا -من الهيل لي جملنا) وحين ينقرش علي صوت بت بلة(هبر بي الهايلو أُم جَقر – ؤ قطع رِدِّيت البقر) وَيْ كأن َّ مزمارة يتكلّم وحين يعزف مقطوعة الرفيق (يا البزُّور حليل البلة- زولاً رفيق البلة –ؤ بفرج الضيق البلة) ويبدع في عزفها ويتفنن يصمُت الكون طربا وحتي طيور الروابي الصادحة تقف ساكنة وأري الدموع تسيل علي خَدِي صاحبي وفي الحال يُسرج بعيره ويمتطيه ويغادرني دون استئذان ويودعني في صمتٍ وبنظرةٍ لا تشبه الا وقت الغروب ولا يعود الا بعد أيَّام وكثيرا كنت استحضر قول الراحل الدوش :-
    (مخلوق بسيط من شوق وغَمْ) فقد كان صاحبي كذلك(خلُّو بينكم وبين رنين الضحكة صرخة)
    وكان ايضا ماهراً في فنون الشِّواء وفي صنع المَرق وإدام الثريد وملاح (التقلية) واخذت منه بعض مهارات الطبخ والقليل من مهارة التصويب ولكنه رحل لا ادري هل رجع الي منطقة الوخايم أم توغل حتي تشاد أم ابتلعته الوهاد والسهول وعتامير الصحراء واصبح شَنْفَرا ثاني أو عروة بن الورد وسبب البين والفراق كما يقولون لقد عشق ابنة عمه واحبها لدرجة الجنون وتعلق ووله بها وكان ريدهم من الرّيد (اللَّصَم) وكانت هي ممشوقة القوام كالخيزران واديمها كرمال الصحاري ورغامها اما عنقها كجيد الغزال وفي انفها شموخ وكبرياء وعيونها قادر الله من سوادها (كملاقي ) القطران وحواجبها كحباكة الخياط او قل مُدهشة عين ترنو وسنونها كغُرر الغمام اما شعرها او قل ديسها كسُدفة الليل المُجِنِّ أما خصرها فهو كحجاب المتصوفة وحين تقدل تتبعها العيون وتجاريها القلوب وتشرئبُّ الاعناق فخطوها كخطو طائري القمري والحمام وحين تتحدُّث بالنضمي الدقاق والذي هو اقرب الي الهمس كرزاز المطر بل اري الندي يتساقط علي الخدين ولكن عمه (المسنوح)اراد أن يزوجها غير فخطفها صاحبي بليلٍ ولم يُردفها علي بعيره ولكنه أجلسها بجانبه علي سَرْج بعيره وطوقها بيده اليُمني تاركا ليده اليسري مِقود البعير وكأني أراها حين تنفدع علي ظهرها بقوامها اللّادن سادلة جديلتيها علي زند صاحبي وهي ترنو اليه بحميمية وتنظر اليَّ بِطَرف عينها الحَور وكأنها تستشفَّني وتُردِّد بلسان البادية:-
    (ود أعمِّي وصباح خيري ؤضَرَايا سيد روحي ؤجَمَل شيلي ؤمُقْنَع غِطايا)
    ثم يبادلها النظر صاحبي ويضُمها من خصرها الي جواره وكأنه اراد قول نزار قباني:-
    فيا رياح صَفِّقِي
    ويا نجوم حَدِّقي...
    ومادام مشدُودا الي صدري فماذا أتَّقي..!
    وعرَّجا عليّ للسلام والوداع الاخير...! ومنذ ذلك الزمان والي ان غادرت البلاد مهاجرا والي يومنا هذا لم اسمع له خبرا ولكن كلما اعود الي الديار واعرج الي ربوع أُنسنا وكلمااُحدّق نحو المغيب والشفق تُحدثني نفسي بأننا سنلتقي..!لأنني احببته وعشقته بل (غويتو غي) بلغة اهل البادية لأنه من الذين (ترايمهم) الرّوح والي الان اري جبينه حين تومض البروق وأسْمَعُ صوته حين توشوش الاشجار وأشُمُّ ريحه حين يضوع دِعاش المطر ولقد دونت منه الكثير من الدوبيت فقد كان شاعرا مُجيدا ويحفظ كثيرا من أدب البادية وموروثها ولكنه كحمَّاد الراوية لا يهتم لمن الشِّعر واحيانا يقرضه هووينسبه للآخرين:-
    قبيل ما كُنتَ مِتْجانِسلِك
    وخايفك يا أم صوادق ها النِّسيمة تَقِسْمِك
    ياقمر السَّبعتين والنور بِبُق من جِسمِك
    من اللّام ؤحَرف الدَّال معظَّم إسْمِك
    وكان إسمها دار السّلام
    عنقك باهي دقسة ؤكَحلي ضامِر هافك
    (ؤديسك) كابي مو شَنشُون مغطي أكتافِك
    الرَّيم البِِفك بعد الهِجُوع عَسَّافِك
    قطر إسنا البِشيل ألْبِل رحيل عَطَّافِك
    داير لي ابو كفته وتمانين طلقة
    وداير لي بِشاريَّاً بياكل العلقة
    وداير ليَّ فوق بلد المسانيح مرقة
    وأسوق سوقاً ضراع ذندية مو سوق سرقة
    إن داير مرقة فوق أُمات وسيماً بيِّن
    أطلع فوق قِناف واحداً نِصيبأً هَيِّن
    بتلقا اللَّزرّق الجاتِم تقول مِطيِّن
    وخوفي تِخجِّل الدَّقسة أم حديثاً ليِّن
    وجه الكَزمة في البردة أم ندايات رابِط
    ؤسنَّانِك غُرر واحداً بقوم مِتْنّابط
    إن وقفت وإن مَشَت فوق البَنَنَّت ظابط
    سماح ؤدماج ؤ روقة دم ؤنفساً هابط
    أللّيلة الصّعيد شال وانْكَتَفْ برَّاقو
    والفرع لُولَتو الزِّيفة ؤكَرَسْ نَقْناَقُو
    تري الليل إتَّلت ؤهَجَعُو المساهرين راقُو
    ؤحَن قلب المِشارِف لي بلود عُشَّاقُو
    فوق العِرْكِي زينب بت مهلَّف طايفي
    ولي بزُّورنا الفّز والرَّكَز هي شايفي
    بت عرباً عِزاز مِن الدّوبال مي خايفي
    ؤ رَشْرَش عينها كيف ضَرْب العصا المِسَّايفي
    (أقيف هني يابخيت الحال ؤشكيتك علي الله. يا تَخَرب اصبحت حياتك كلها قِتال ؤ دُبال) حتي عندما تصف رشرش عيون بت مَهلّف تصفها بالضرب والقتال أيوجد في العالمين احدا وصف رشرش العيون بضرب العصا نعم أذا شاهدت احدا مفلوقا وتحديدا في جبهته سوف تتذوّق المعني...!
    أظنك يا صديقي رَضعتَ خندريسا من روحانية الدوش لأنَّ هذا الشاعر الظاهرة و المتفرِّد الراحل الطيب الدّوش وصف الفرح بالرجل (الخدرانة) حيث قال :-
    (كِبْرَت كُراعي من الفرح ...نُص في الأرِض ..نُص في النِّعال)
    وبالرجوع الي جِد صديقي محمد طه فأبو دَرق كان فارساً مشهورا من النوراب حتي نجد ان احمد ودوقيع الله الصَّواردي تنبّر به عندما صَد جيوش الأنصار وكانت نسيبته تسعي في طُماح ابنتها منه وتزويجها لابناء خؤولتها وعندما رأته صاحت قائلة:- (عاين ليهو كيف جي يتطاول ويتقاصر كيفِن) فقال راجزاً:-
    أني يوم ود عسالة كَشحي ما شُفتي
    بَطُرْد الخيل ؤأَجِي بَمشي علي حالِي
    لا فزيتَ لا دبيتَ لا اتقاصَرتَ من طُولي
    أني أخوكي واخو خُوكِي وأخوهِويرِم واخو زولي
    ؤأَخُو القَلَبَن كِفُوفْهِن يوت بِدَعّّنِّي
    ؤأخو النَاهْمَات حِويلي لي سبب موتي
    ؤأخو ود أب درق تور العُماص زولي
    ؤشَبشُوباً بَصُرْ الجمْرة في عيني
    أني ما تِبعتك زمن يوماً قَميت حسّي
    وما فارقْت عَلِي وفارقْت بنات أُمِّي
    وفارقت عيال درمة الخارِبين طَبعي
    أني مَشَربك صقر الخلا ؤ رفاقتي عارفني
    ؤأني الغالي والرخيس فيهُن حَشرت إيدي
    ؤ هَمبُول البِدَبِّرني ؤيِدِس عيبي
    كان حِجَّة مَديني تبقي لي غيري
    ما أنْدي ؤ أحيض الدَم مع مَرَتي
    ؤبي اللِّيد اليسار ياكلَن بنات دوري
    ؤ أم عِزين تِقول ليهِن بَجِز قَرني
    هذه درة من درر الدوبيت اوردها العلامة البروفسير عبد الله في ديوان النوراب (ود عسالة احد قادة الانصار- ولقد كان احد احفاذه صديقا حميما للزعيم الراحل الشيخ المُر ولقد اهدي للمُر حصانا اصيلا شموسا كان محط الأنظار، والهويرم من النوراب ولقد فارق الشاعر اهله الصّواردة وجوار عيال درمة اولاد عوض السيد من النوراب وكاتب هذه السطور جاورهم ايضا عندما كان معلما بمدرستهم العامرة وقتئذٍ وعرفت ان الصواردي كان صادقا حين قال :-
    (وفارقت عيال درمة الخاربين طبعي)
    فهم والحق يُقال قومٌ دُهاة ومن أفصح الناس واحلاهم معشرا وإن جاورتهم يدعمونك ظالما او مظلوما وكثيرا كان يزورني بالمدرسة العم صالح ود ابوقرين والدليل الاعرج والشاعر الرائع محمد ود مهلف والحديث ذو شجون .الشيخ الراحل الحاج علي سالم كان دمث الاخلاق شهما متواضعا انيقا في هندامه ومميزا في جِماله التي يمتطيها وذات شتاء كان عائدا من رحلة الجزو برفقة صديقه وابن عمه ود مهلف العوض سيدي وفي الطريق اراد الشيخ أن يمازح ويُجادع ابن عمه وكانت قبيلة ود مهلف تقطُن (وتدمر )بشرق منطقة اُم سنطة وجنوب قلعة (النويقة) فقال الشيخ مخاطبا ود مهلّف: (شفت الغناي قال شنو.) (لا قال شنو يا شيخ العرب) فقال حاج علي قال:-
    عَنْقُور النِّويقة أليلة شُوفتو جميلة
    بي صعيدو ؤ صباح أُم سنطة نازلة قبيلة
    تُفّاح البلد تِسْلاتْنَا بيهو قليلة
    وفي شان الطويل عُنْقو ؤ بِسُك التيلة
    العتمور هي التلال واليوم منظرها جميل لماذ؟! لان حطوا ونزلوا وضُربت بجوارها خيام بادية حسانها جميلات وإننا لا نتغزّل كثيرا في عزاري البوادي (تفاح البلد تسلاتنا بيهو قليلة) لاننا نهوي ونعشق واحدة عنقها طويل ومزرودٌ بالحُلي (في شان الطويل عُنقو ؤ بسك التيلة) فاراد ودمهلف أن يرد علي ابن عمه ولكنه استعمل حيله ودهاءه فقال مخاطبا حاج علي :-( لكن الجمل ما وجبتو واديتو حقو) ليرد الشيخ:(إت موغالبك) (فيقول ود مهلف ادينا الأمان ) فيقول الشيخ :(أديتك ياهو) فيمسك ود مهلف ارومته ويصمُت هنيهة ثم يتنحنح قائلا:-
    مَطْلُوق من رِشاش تِتْرَبَّا
    ؤ حَبَسْت الخَلفة من مطر الضّراع ما ضبَّا
    في الخَط صادرك مَحَزُوم طريقك خَبَّا
    ؤهجَّام دِكَّة البادية أُم نِحاساً دَبَّا
    يا لروعتك يا ودمهلف ويا لجمال استهلالك حيث بعيره لم يُسْرج منذ الرِّشاش حتي اصبح يَقْرع الناقة اللُّقح وعند هطول عينة الضّراع وهي اخر عين الصيف، الرمَّالون اذا صادرك محزوم ومعه طريق مارق يقولون حتما سوف تسافر وصاحبي الشَّنْفَرة علمني حتي (الرّمل) (هجّام دكّة البادية أُم نحاساً دبَّا) وهذا هو سر البديهة
    قلبن كفوفهن في الدعاء ويتمنين موته – حِويلي فكي - العُماص أسراب من الابقار ويكون ثورها واضحا وسطها-الشبشوب الفارس- قميت حسي اي ضيعت سُمعتي –همبول-كلمة للتحدي والهمبول ثوب بالي كانت النساء تضعه امام البيت ليلا او يُوضع في المزرعة لطرد الطير او جلد عجل ويوضع بداخله عود ويُوضَع للبقرة التي مات عِجلها (مُتلاب) مديني اي مدينة وهي زوجته –كانت النساء في السابق اذا جلب احد اقاربهن العار يأكُلْن باليد اليُسري- أم عزين من أولاد عوض السيد وكانت مضرب مثل في الدَّلَع –القرن الشَّعَر والكبابيش تسمي شعر المرأة القرن أو القرون واذا حلفت المرأة تقول( قريني دي يتوسدو....) وهذا من فصاحتهم وهي كلمةعربية
    اوكما يقول صاحب العينية سويد بن عامر:-
    وقرونا سابقات عللتها ريح مسكٍ ذي فَنع
    وايضا يُطلق علي شعر المرأة ( الوضيب ) وكما يقول الشاعر الرائع حنفي:-
    فطيمة الدَّارتَن صَيْ صَايدَن بي مِحيلة
    واني اسباب مرضي ها العين الكستها كَحِيلة
    مَشاف عيني (وضِيبْها) مِدَفِّقاهو نجيلة
    وأف من عَرطماً بتنوني فوقو نَحِيلة
    وتسمي الكبابيش شَعَر المرأة ايضا (الدّيس) وكما يقول الشاعرالمُمبدِع ود المُر عندما كان مدرساً بمنطقة سودري:-
    كَجَّنت سودري ؤكَجَّنت حت تَدْرِيسها
    وكجَّنت شوفت الزَّولة القِصيِّر (دِيسْها)
    الجاهلة المتل عزف الكمنجة حديسها
    كان قبَّلتَ بكتُل بي الغبينة عريسها
    وتُطلِق الكبابيش علي شعر المرأة ايضا (الكُربيل)وكما يقول الشاعر الرائع حنفي:-
    أخو (الكُربيلها) نازل فوق كـتوفها مُدَفَّق
    هيلك من قديم العِزَّة ما بِتَتلَفَّق
    بَخت المالي بيك إيدو ؤمعاك بِترَفَّق
    تنَّاي السيوف راجع حديدها مصَفَّق
    ولقد كان صديقي (الشَّنْفَرَا) من تنَّايين السِّيوف وختاما نهديكم عيدية بادية
    مِتل صافي الحليب قلب العبيد الطيِّب
    ؤمِتْصَالِح مع نفسوا ؤمِسامح لي الفَسِل والطيِّب
    الخلاني اهوِّم ؤأتكلَّم براي وحتي راسي مِشَيِّب
    بَزِرْنا الفكَّ مُشْهَادو وكمان عاقِل كُبارنا مِغيِّب
    هاجرت لي سُترت الحال بعيد مِتجوِّل
    ؤخلّيت الصِّغار بي واريا قُلْت ما بَطوِّل
    الخلَّاني يا خِلَّايا من النوم بقوم مِتهوِّل
    مُكاجرة الكُبار والبلد الغَنِي ؤمِتسَوِّل
    عبيد الطيب (ودالمقدم) بادية الكبابيش -عتامير نجد 23-10-2012
                  

11-20-2012, 06:03 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    Quote: فطيمة الدَّارتَن صَيْ صَايدَن بي مِحيلة
    واني اسباب مرضي ها العين الكستها كَحِيلة
    مَشاف عيني (وضِيبْها) مِدَفِّقاهو نجيلة
    وأف من عَرطماً بتنوني فوقو نَحِيلة


    شعراء الحقيبة ايضا يطلقون على الشعر الوضيب عزيزي عبيد الطيب

    قال خليل افندي فرح ..

    البنـان خضيب والقـوام رطيـب
    والوريد الباهـى محَّـق الوضيـب

    وقال الشيخ محمد ود الرضي ...

    الوضيب طولو نص متر .... والوريد ماهو منبتر
    فاقله ضامره الضهير فتر .... والنغيم سكرا كتر

    مودتي

    (عدل بواسطة Ahmed al Qurashi on 11-20-2012, 08:26 PM)

                  

11-21-2012, 05:36 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    اللباده عند الحمر
    كتب: خالد الشيخ حاج محمود
    وسط قوة العساكرة الكبرى التي تمتد من غبيش حتى الدم جمد والتي كانت في السابق مركزاً لسلطة (ابراهيم ود المليح) رحل ناظر عموم حمر (الشيخ منعم منصور) لصقع الجمل وذلك حتى يتسنى له ادراة نظامه العشائري بطريقة سهلة حيث تم تعيين محمد الشيخ ناظراً للعساكرة في المنطقة الشرقية بخماس، كما عين (محمد عبد الرحيم أبو دقل) ناظراً على الشمال الشرقي بشق الحافضة والطليح وذلك وفق ما ورد في مرجع (ملامح من تراث حمر الشعبي ،اعداد محمد احمد ابراهيم)، ولكن أعيد النظر في نظام العمد حيث تم تجميعهم في عموديات ادارية أكبر في عام 1929م و أطلق عليها إسم (الشراتي) وأصبح شراتي حمر هم (الزين صالح واحمد عديل و بخاري على و سلام الطاهر ومحمد احمد الكرسني وابراهيم المدير و النعيم جقران ومحمد مراد وعثمان أبو أم فضالي وأحمد أبو أم فضالي وحامد حمد كرجة وجاسر دفع الله ودوليب عبد الرحيم و النيل عبد الرحيم ومحمد آدم دود المعايا وغيش قادم وعبد القادر منعم منصور وخمسين فضيلي وأحمد السانية ومنصور احمد ثابت ومحمد على أبو دكة و حامد عبد الساتر وأحمد مصطفى أبو رنات وحماد عبد الكريم والطاهر المرضي ومنصور ابو مستور ومحمود بخاري)، ولكن نظام الشراتي صفى فى عهد حكومة مايو عام 1970م وبقى فقط شراتي الرحل، ووفقاً لذلك النظام العشائري التليد المحكوم بقيم النظام الأهلي الذي اطاره وجوهره الموروث الشعبي العريض وفق الحكمة والمأثورات الشعبية وغيرها التي شملتها حياة الحمر وأصبحت هداية ونبراساً لمجالس الصلح والنفير والضرا والجودية والحياة الاجتماعية التي تحكمها العادات والتقاليد، حيث ان الشلوخ مثلاً لا تعتبر من عادات الحمر وإنما نقلوها متأثرين بغيرهم وتوجد فقط عند النساء وهي شلوخ ثلاثة على الخد وإن كانت عمودية مثلما وصفها الشاعر (احمد محمد النيل) عندما استحسن شلوخ محبوبته قال:
    شلخك دوديوه للدمعة تتدلى بيه قلم كوبيه الغالي عند كاتبيه
    كما توجد عندهم بعض الشلوخ الاخرى مثل (النقرابي ودرب الطير) اما وشم الشفة والذي يوجد في جميع القبائل البدوية ما عدا بعض قبائل كردفان (كالكبابيش والكواهلة والشنابلة) فهو يوجد عند الحمر وذلك بوشم الشفة السفلى وفق ما جاء في (ملامح من تراث حمر) ويؤكد ذلك قول الشاعر (حميدة ود فرح) عندما قال:
    إن جات عديلة وإن مشت رتيله وإن جلست معاك حاكماً وظيفته كبيرة
    عاد بشوف الشلوفة زرقا نجيلة الصدير مردف تيلة لوش قلبي وانقطع جنزيرة
    ولاختلاف الفرح بين المدن والقرى حيث ان القرى فيها تجميع اكبر للناس عكس المدن لذلك يتم اعلان الزواج قبل فترة معقولة عندما يتجمع الاقرباء والجيران ويبدأ الزواج بما يعرف بـ(السهار) ومن ثم يتجمع الناس في صباح الغد انتظاراً لعقد القران بواسطة (الفكي) عند الضحى بعد دفع المهر ثم تتوالى الالعاب والرقصات وغناء الدوبيت والجالسة وغيرها ويتم اكرام وفادة الضيوف بذبح الخرفان والابل ويبقى العريس حتى اليوم السابع ومن بعدها يخرج للناس وتتم رحولة الزوجة من منزل اهلها بعد مرور سنة أو أكثر، بعد ما يقوم والدها بتحميل جمل القراف بالعيش وكذلك يفعل أخوانها وأعمامها ويتم ترحيلها على هودج (شبرية) بعد تزيين الهودج بالمنسوجات والمصنوعات المرصعة بالخرز والودع وريش النعام والاجراس بزينتها التي تتدلى على جانبي الهودج وتقوم الفتيات بالغناء مع مسيرالهودج بكل اعتزاز حيث يقلن:
    مدّيتي يالرقاشة وشيلك عن القياسه وأبوك يعيش ليكي راسه
    أمك مـــــاها الهجـــوم النجمة الفاجّة النجــوم
    سانة الموس للخشوم
    ووفقاً لتلك الافراح التي تسعد الناس في دار حمر خاصة وأن هنالك أشعار غنائية يصاحبها رقص مثل (الجراري والعنقالي وام هجو والكدنداية والهسيس والتويه واللباده) فاللباده من تراث حمر القديم والاصيل كما يرى الباحث (محمد احمد ابراهيم) حيث يتم الاداء فيها بطريقة مشتركة بين الفتيان والفتيات ولكل منهم دوره واغانيه و تختلف أغاني النساء فيها عن أغاني الرجال إذ تبدأ البنات الصفقة المنتظمة بإيقاع خاص أثقل من تصفيق الجراري والهسيس، وتكون هنالك تصفيقتان كل خمس ثواني بينما يحدث ذلك في الجراري خمس مرات، وأثناء الصفقة المنتظمة يبدأن أغانيات اللبادة التي تتكون من ثلاثة أشطار أثنان قصيران وثالث أطول مثل الاغنية الرائعة:
    بنات أهلنا
    جاكن جواب اقرنه
    منشيل الريح منشوف خي شمنه
    ويجئ دور الشبان وفناني اللبادة أثناء الصفقة وغناء البنات المتواصل حينما يبدأون دخول الحلقة للمشاركة بالغناء وفقاً لأغانيهم الخاصة وأثناء غنائهم تبدأ الفتيات الرقص بالرقبة على توقيعات الصفقة وكلمات ولحن المغنيين بصورة رائعة، ويسكت الجميع لاستماع المغني حينها تقف الفتيات عن الغناء وتستمر عملية الصفقة المنتظمة متمشية مع غناء الشبان ورقص البنات داخل الحلقة، وعادة تكون أغاني الشبان في المقدمة من شطرين قصيرين يرددهما المغني ومن خلفه تردد مجموعة في شكل (كورس) علماً بان غناء الشبان يأتي في أشطار موحدة الوزن والقافية تطول وربما تقصر ومن غنائهم مثلاً:
    الخديري النظام زي ده جرى توبك توطى عليه
    لي يومين ننسم من التراب ننجم
    القالو لي شغلك دم قلت ليهم موها دم ساكت زيادة هم
    وهكذا يتكرر الغناء مصحوباً بالرقص ويكون تبادلي بين الفتيان والفتيات ، أما الاغراض التي تتناولها اللبادة فهي تستوعب كافة الاغراض وظواهر الحياة لاسيما وصف المرأة والتغني بجمالها كما تتناول مدح الأصدقاء والكرماء والهجاء ومن شعرائها المشهورين بحمر (محمد ود حمدوك وأحمد حماد المعركي ومحيميد وود أبسلب وغيرهم).
    ولكن اللبادة للأسف في طريقها للانقراض والزوال بسبب أن شعرائها وصلوا لمرحلة الشيخوخة خاصة وان اهتمام الشباب بها قليلاً ويسمى الشعراء الذين ينظمونها (بالمياقنة) بمعنى الشبان الظرفاء وهم مثل (الهدايين عند البقارة) حيث يتسابق الناس لاكرامهم، ولكن الاستاذ الباحث (دوليب محمود دوليب) يرى بأن اللبادة من اغنيات الجراري في قالب السربعة الطويلة وفيها كرير يؤدى من الأولاد وخاصة في الطويلة وهي من أغاني الحنين ذات الوتر الرنان الذي تؤدى به اغنيات (المناحة) حيث يؤدي الكبار أغنيات اللبادة على طريقة مختلفة عن الشبان، لا سيما وانهم يغنون للضحوي بمعنى أنهم يشبهون المطر بالخير والفال و يتمنون نزوله ولا يعيرون وصف البنات والغزل فيهن أي اهتمام ، ومن غناء لبادة الكبار مثلاً قول الشاعر دوليب محمود:
    حباب أم رويق سالت سحاب فيهو الفــرج برضــينا
    حباب أم رويق هبّيبتا جات بالخـــريف تسقيــنـا
    وحباب أم رويق يوم رملنا البلاد نزلـت قبيــل علي واديـنا
    حباب أم رويق ست الجمال جـات مـن الـودي بتنـادي
    حباب ام رويق فيها الخدار هش الأرض فارد الحبل مدادي
    وآ شوقي لي أهلي شوق البعيد طفر دمعي زاد العلي في زادي
    وهنالك لبادة تؤدى على طريقة المنوال مثل قول الشاعر دوليب محمود أيضاً:
    حنين ام زين على بلداً وقف بعيد شوقا
    وصوت قمريه قوقا هناك فات الفريع فوقا
    أتماوج على الوديان دافر الشوق بي ذوقا
    جناها فات العش صفق جنيحاتا راجي ملحوقا
    درب الريد أنقلب دعوات معشوقاً لاقي معشوقا
    وتؤدى اللبادة عندما يكون مجتمع القرية في راكوبة (حاحاية) بمعنى تكون الراكوبة مفتوحة يأتيها الهواء من كل صوب وجانب، وعادة تكون لبادة الكبار عند الخريف (الرشاش)، ولكن غناء الشبان في اللبادة يكون رمزي سببه الحرمان من تحقيق أهداف الزواج، أما غناء البنات عادة مايتناول الرشاش والخريف والهواء العليل والطبيعة وكل موشحات الجمال وذلك وفقاً لافادة الباحث (دوليب محمود)، واحياناً تكون اللبادة متجانسة بين الأولاد والبنات بمعنى (مجاراة) مثل قول الشبان مثلاً :
    أبو زريق المرق من بيتا قدر ما نشوفا المزاج تميتا
    ويجئ الرد من احدى الفتيات بقولها:
    أبو زريق وطاتا مسافله قدر ما نشوفا زي قزاز الحافله
    ويرد أحد الشبان بقوله:
    أبو زريق عيونا بروق قدر ما نشوفا نقول سقوني عروق
    وتتختم المجايلة فتاة بقولها:
    أبو زريق وطاتا رشاش قدر ما نشوفا عيوني عليها طشاش
    ومن لبادة الشباب قولهم:
    قام لينا شباب تب ما حصل قديمو عديل خشيمو ظهر
    العيون سيكو وجيهو قمر عمر اطناشر نهيدو عبر
    رقيق الكف خويط التر
    ويقول الباحث دوليب بأن الرقص في اللبادة يتم في داخل الدائرة والتي تكون في حالة دوران بمعنى عندما يدور الكرارين تلف البنات عكسهم ويقمن بأداء الشبال والذي تقطع له الفتاة الرقصة ويأتي ذلك بهزة معينة وخطوة محكومة، ويتتابع الرقص مع الشبال في خطوات متوافقة، ولكن لبادة الكبار أساسها المجادعة وتؤدى عند حلول الخريف والافراح مثل الزواج والرحولة والتي فيها الحنية ولهفة الفراق، ويقوم الناس فيها بالإهداء للعروس.
    كما أن اللبادة تتناول ذم كل ما يأتي بفعل قبيح مثل الهروب من ساحة القتال والمعارك ويجئ الذم من النساء كمثل قولهن:
    من قالوا فزّ شدر الزرقا انهزّ
    دبداب كرعيهو بابور المانيا رزّ
    وغناء اللبادة يجعل الفرح كبيراً في نفوس الحاضرين لاسيما وانه ينسرب للدواخل كما ينسرب الجراري الحمبيلي خاصة وأن ما يجمع اللبادة والحمبيلي هو الشوق والحنين الذي يسري بصاحبه مما يجعل الوجدان في ولهّ وشوق، لاحظ الغناء الذي ورد في الحمبيلي:
    بسمع حس كركابه الطاير في سحابا
    جيداً جيت يا يابا دليلم وارد دابا
    ناس أم حمّد جابهم ونسمع حس كلابهم
    عقدوا الشور تيرابهم عدوا الليل قلابهم
    وكل ما نخشاه ان تصبح اللبادة أثراً بعد عين لذا نرجو من المهتمين بالتراث جمعها لانها موروث شعبي اصيل وجميل.


                  

11-21-2012, 09:41 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: وقد يأتي الشعر الحواري حزناً على فقد السعية كما حدث للشاعر خميس ود بخيت على من منطقة حمرة الوز عندما اشترى دجاجة من منطقة أبوحراز بمحلية شيكان وصادف بنات اخواته فأرسل معهن تلك الدجاجة لقريته (أم تورو) بهدف ان تصبح منتجة في مقبل الايام و بعد عودته للقرية سأل عن دجاجته فقيل له أنها ماتت بسبب سم الفأر فأصابه حزناً جعله ينفس عن نفسه بقوله:
    يا رب العباد يا الله يا ستار تستر كل عيب ما تفضح الاسرار
    وصلى على الرسول الخاتم المختار المكتولة سيدا رجل غريب في الدار
    وفرشنا تمانية يوم وضيوفنا جونا كتار واحدين دار ام بخيت واحدين بني جرار
    من الفرجة ميتين من جمل لي حمار من الكوكيتي مية ومية من شرشار
    سراجاب المرخ ميتين سلاحم نار أهل أم قصة هملوا زرعهم صقار
    أهل أم شروا جايين واغلبهم ناس تار غليان ابو عسل من تنه لي ابو حجار
    وكتين زعلوا بلحيل جونا بي جرار من الحمره باصين من السدر دفار
    من جبل أولياء الخزانا ماهو كنار تلاتين بوكسي فضل السيد ملاها خدار
    التوم ناظر الكبابيش جانا من سنار عشانا قطع زيارة عطبرة وكجبار
    اتبرع لينا بي مليار وتلاتة ليالي علوي ورابعن دفار
    من الصافية ناس فازير وناس فزار من الربده ناس عمسيب وناس ابو نار
    من بلداً بدري كان سلطانا على دينار بلداً مرفعيبا يجيكا ماشي نهار
    جانا المرضي جانا الدخري ود حقار هارون زكريا اسحاق ابكر بكار
    سلفاكير رسل لينا نايبو مشار ووزيرة الصحة قامت لي تقيم الاضرار
    والتعويض يكون بالين والدولار
    الملك عبد الله قال هذا الكلام ماصار ليش ام تورو عايزة الاقتصاد ينهار
    برميل النفط يصبح بي تلات دولار ورسل لينا عشرة مهندسين مهار
    قال بين ام حراز وام تورو يبقى مطار ورئيس الصين رصد احوالنا بي الاقمار
    ورسل لينا طيارات بدون طيار يضربن ويرجعن ما يمسكن رادار
    سفيرنا الفي ادس و سفيرنا الفي داكار وجنوب افريقيا بونس ايرس وبونس آر
    شجبوا الحادث المأساوي بي استنكار
    اوباما استدعى حاج عيد بي كلاماً حار قال ام تورو فيها ارهاب واستعمار
    نحن مخابراتنا بجيبن الاخبار وتقاريرنا المصورة ماشايه ليل ونهار
    عارفين بن لادن لي بلدكم زار وعارفنو اجتمع مع كافة النظار
    وكون خليتين للقاعدة في تندار وعاش متخفي سبعة شهور ركوبو حمار


    الصدفة وحدها جعلتني والاستاذ خالد الشيخ نلتقي بالشاعر خميس ود بخيت

    حيث طلبت من الأخ خالد الشيخ ان نذهب معا الى خزان المديرية بالابيض لاتقاط بعض الصور

    لمناظره الجميلة وهنالك التقينا بشرطي يحرس الخزان وبحمل في يده كرباجا وتجاذبنا اطراف الحديث

    فأنشد لنا قصيدة حوارية عن كلــب أشتكته امراة فأنشد له الأخ خالد الشيخ قصيدة الدجاجة فتفأجنا انه شاعر قصيدة

    الدجاجة وتعجب هو وفرح أيضا عندما استمع الى قصيدته من الاستاذ خالد الشيخ ولدي صورة لهذا الشاعر الجميل

    سانزلها ان شاء الله في المداخلات القادمة واليكم مرة اخرى قصيدة الكلــب لمزيد من الاستمتاع وهي

    أيضاً كما ذكر الاستاذ خالد الشيخ قصيدة حوارية في ك ل ب اشتكته امرأة تدعى نفيسة للقاضي بدعوى أنه سرق حلتها وعندما وجد ود بخيت ال ك ل ب محبوساً في حمرة الوز
    سأله عن السبب الذي جاء به من عديد الفراعنة فقال جئت متهما واعترف ال ك ل ب بالسرقة وإن لم تكن السرقة من اغراضه وإنما كان الامر نكاية في نفيسة
    والتي سبقت أن ضربته بساطور كاد أن يقضي عليه مما جعل ود بخيت يؤلف شعراً حوارياً قال في بعض مقاطعه:
    أصلي جيت باري البيوت المن زمان بغشاها بيت مرجان وبيت محجوب وبيت ناس طه
    لقيتم يهرجوا في القربة الغراب شقاها مصابح بله الليلة الحبة ما بلقاها
    نطيت البيوت البي صباح لي الخور شفت نفيسة غطت جرها المكسور
    أنا ما سراق لكن سيد تار بقيت مجبور هي داك الليلي ماها ضارباني بي الساطور
    شفت نفيسة مرقت طاقة ناس ام بلة بعد غطت براما ونومت عبد الله
    وقالت لي آمنة اخوك كان حس ما يدلى عرفتها تاني ما بتفكر عليها الحلة
    هم كيف امبارح كرموا ضابحينلهم لي ناس الصحن المكفي داك ما بلقى تحتو الراس
    حفا كان لقيتو ماكان براهو خلاص وماكان دربي عقبان غلب القصاص
    لكن مابلقاهو عارف سعدي ديمة بنوم وكمان على العلىّ صابحني زولاَ شوم
    أخير بي الراحة أشيل حلة نفيسة وأقوم جدي موصيني قال لي ماترتا لي الحروم
    شلت الحلة قت اخير اكدها غادي هني كان سمعتني بتفرج فيّ كلاب البادي
    مشيت بعيد عاد يا نفيسة حاسدي حسادي منضفة شيطها لا عن رقعة الحدادي
    خليتها قبلها قت والله ما اصددها كان ما عندي عقبان لفتا قاصدا
    كان على ود بخيت شهرين ما يسددها ولي قلباً يقول لي عوجها وقددا
    قطعت الوادي فوق قبلي ديار مرجان لقيت لي رمة ما بغشاها كان شبعان
    وكان لا شوية بالع لي ابوجرعان اسوي شنو ما أخير من الرجوع قمحان
    نفيسة موجعا الجر الامس خسرتو دي تالت مرة جابت لي امر كسرتو
    واتلموا اجوادنا لكن انا طرف الحديث ودرتو وشيخ المجلس انا لي ايام معضي بقرتو
                  

11-21-2012, 11:12 AM

محمد التجاني عمر قش
<aمحمد التجاني عمر قش
تاريخ التسجيل: 10-22-2012
مجموع المشاركات: 501

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    دكتور قرشي
    الأخ العزيز شيقوق
    وجميع المتداخلين


    لكم الشكر على فتح الملف الذي يحتاج لجهد أكثر من فرد ومؤسسة لما له من أهمية كبرى خاصة في هذا العصر حيث أصبح الشعر الشعبي والتراث تلقى اهتماما متزايد من المهتمين والمتابعين.

    أخي الطيب شيقوق
    العاديك هو مشرع بدارحامد وهو يقع شمال بارا في منطقة الخيران التي تمتد شمال بارا مرورا بالبشيري وهو مشرع أيضاً وحتى أم رماد بالقرب من منطقة شرشار وهي عبارة عن واحات يكثر فيها الماءولا يزيد عمق البئر عن 3 أمتار او ينقص احيانا والماء بها عذب وقد سمي العاديك بهذا الاسم لفورة المياه فيه وتشبيها له بالنيل الأزرق. أما دار الريح فهي كما اشرت تعني المنطقة الواقعة شمال الأبيض وحتى تخوم الصحراء الكبرى ونحن في دار الريح عندما نستخدم كلمة السافل نعني بها الشمال عموما.


    هذه مشاركة عما يعرف بالشيوم:


    فقدتحدث شعراء دار الريح أيضاَ عن الشيوم الذي هو الركوب إلى ديار الحبيب ومن أحسن ما سمعت في هذا المجال قول جمعة ود حاج آدم ود التام الذي يقول:
    الجمامة نطيتها وكتول في شمالك
    جاك دو الغفارات والقسيم فوق بالك
    من الدايرو تعبت والوكت بوبالك
    بعيد لا الليلة بلد البشهور حاسبالك
    ويقول مخاطباً جمله:

    أمك ريرة مو أم شطراً كبير متحيَّّن
    معشوق ناس أبوك عند القبايل بيَّّن
    ها الساع روَّق لينا يا الجارد مصاعك ليَّّن
    كريبة الديفه قدامها الفجاج ما هيّّن
    ويقول شاعرنا الكبير أبو الطيب في ذات السياق:
    ديك قلعة الغرة شرفت برا من واديها
    يا ود الفرُق كيعانها خب دانيها
    على أم ضحكاً بَسِم ما بنسمع صهليها
    وزرنا المولى والرشاش المكسح فيها
    ويقول:
    بعد ما أخر المزروب وعقب أم سّره
    رقله يهوّل الشاعر البوصِِّف كله
    هرعاً شاغله البراق تكاجر ضله
    داك محبسها يا شعتيب عريس أم قله
    أما شعتيب فهو الجمل الوافر الجسم وأم قلة كناية عن الناقة السمينة ذات السنام وعريس هنا بمعنى فحل ويقال ذلك كثيراً عن الجمل تكريماً له.
    ومن أمتع ما قيل في الغزل هذه المربوعة للشاعر عبد الرحيم أبو شناح:
    الداير المجالات يمشي ود أب شام
    يلقى أم درعة ديفة الروقلن قدّام
    كفلاً خلقه ما زايدنه بهدّام
    عندها سلطة تحكم مادة الإعدام
    ود أب شام مكان بعينه، تكمن فيه محبوبته التي يصفها بأنها من بنات البقر الوحشي، كما أنها ذات أرداف طبيعية ليست مصنوعة وهي في ذات الوقت قاسية على محبيها وعشاقها ولها أحكام قد تصل إلى حد القتل مما يلقونه من صد ونفور من جانبها. ويقول عمر قيرميط في النسيب:
    رحلوبا البخات ختوبا فوق دوباي
    كربو الفردتين جدعو اللبب بجاي
    كنانة أمها الما جالست دغاي
    قصارة الطويل ليل الشتا المغاي
    هذا المربّع من باب النسيب ففرق المحبوب ورحيله، وتحسّر الشاعر على ذلك ظاهر في مفردات وعبارات هذا المربّع والشاعر هنا يفصّل ويكثَف وصفه لكيفية الترّحل في الشطر
    الثاني إذ إن " الفردة واللبب " هي من أدوات شد الرحل على البعير ومحبوبته التي شطّت ونأت عنه لا تفارق دارها البتة ولا تجالس السفهاء أما أنسها مع عشيقها فجميل جميل ولكنه قصير حتى إذا ما أتاها في ليلة شاتية – وما أطول ليل الشتاء- يجدها قصيرة لا تمتعه في المؤانسة معها. ويقول جراد علي جراد الذي ورث الشعر كابراً عن كابر:
    المتبور قديمه ولبسوه الترلين
    نقول رحلوبه من كردفان على وين
    لونه الأسمراني وخاتف اللونين
    بوليس نجدته ألمانياً كلامه رطين
    و يقول أيضا في النسيب:
    يوم الرحيل الشيَل
    أصبحت محروق حشا بالرماد نتكيّل
    خدرة جلدك الضحوي المزرقن نيّل
    السبعات خِتنُه ومن سموم ما قيّل
    ومن أروع وأشهر ما قيل في الشيوم أبيات شيخ العرب الحاردلو التي يقول فيها:
    كَـمْ شَويم لَهِنْ وكتاً عُـدالْ أَيـامِي
    شَيخ الأَتبراوي ومَاشي فِيهو كَلامِي
    بالغيبْ والبيَانْ مـا بطُـلَّها الغَنامِي
    دِي قِسيتْ عَلىْ ناساً كُبارْ ومَسامِي
    وهكذا حال العشاق دائماً يتضورون ألماً للفراق ويسكبون الدموع ويصورون ذلك الحدث كأنه نهاية الدنيا ولا يزالون يعانون الشقاء حتى يعود الحبيب إلى الديار ويعطّر لياليهم بحلو الأنس ودفء القرب وفيض المودة والحنان. ونلاحظ ذلك في كل أنواع الشعر العربي في السودان ولا يخلو منه ديوان شعر أبداً.
                  

11-21-2012, 11:15 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: لمناظره الجميلة وهنالك التقينا بشرطي يحرس الخزان وبحمل في يده كرباجا وتجاذبنا اطراف الحديث

    فأنشد لنا قصيدة حوارية عن كلــب أشتكته امراة فأنشد له الأخ خالد الشيخ قصيدة الدجاجة فتفأجنا انه شاعر قصيدة

    الدجاجة وتعجب هو وفرح أيضا عندما استمع الى قصيدته من الاستاذ خالد الشيخ ولدي صورة لهذا الشاعر الجميل

    سانزلها ان شاء الله في المداخلات القادمة واليكم مرة اخرى قصيدة الكلــب لمزيد من الاستمتاع وهي

    أيضاً كما ذكر الاستاذ خالد الشيخ قصيدة حوارية في ك ل ب اشتكته امرأة تدعى نفيسة للقاضي بدعوى أنه سرق حلتها وعندما وجد ود بخيت ال ك ل ب محبوساً في حمرة الوز
    سأله عن السبب الذي جاء به من عديد الفراعنة فقال جئت متهما واعترف ال ك ل ب بالسرقة وإن لم تكن السرقة من اغراضه وإنما كان الامر نكاية في نفيسة


    الدكتور القرشي لك محبتي هذا جزء من مقال جميل للشاعر والكاتب حنفي حاج الطيب عبارة عن محاورة بين الشاعر بلل ود الزايد الكباشي و######ه حربي

    كتب حنفي حاج الطيب

    بلل ود زايد يعرف كيف يطوًع الشعر فبسهله الممتنع وضع رَجُلاً بقامة ( المر) على محك النخوه لينتزع بقــَرته من بين فكًّي الأسد بأبيات نفذت مباشرة الى قلب الشيخ والحديث عن هذا الشاعر يطول لولا أننا نتكلم عن أدب (الدامشيك)
    ففى مسرحية حربى التى مطلعها

    (حَرْبِى) الحــِسّــو طالع بــِره
    أمسى الليل وشَنكت بى القبايل فــَرَه
    فيهو سياسة مضمون عيل إدفق الحــَله
    ضالع مالو خاف طِقــَنو ناس ( أم بله ) ؟
    ويرد حربى :
    (أم بــَلَّــه) ما طقتنى
    هديتْ فى العجوزْ الما بتنوم هلكتنى
    رفعت راسها بى تحت الهِـِدِمْ شافتنى
    والله يعيقها فى سعن اللبن غلتنى

    ويقول ود زايد ناصحاً حربى

    أحسن ليك عــُقــُبْ ما تـــْجــَلــِّـقْ
    وضيلـَك سوط عريسْ ماسْكْ الفريقْ بــِتْحــَلــِّقْ
    كلْ ما ليله طالِع ليك عــَضَلْ مــِتسلــِّقْ
    وخايف ليكا تصبِح فى الحبل مِتْعــَلــِّقْ

    إلا أن حربى لاينوى إستبانه النصح حتى ، شارعاً فى فرز معيشته ومعفياً صاحبه من أى أعباء .

    كان عندك وَفــِـر خليهو تالا عيالك
    وحقى بجيبو من الغادى والببقالـَك

    فى هذا الحوار الطريف استوقفتنى وأضحكتنى كثيراً حالة ( ود العبيد ) فقد ذكر حربى أنه غافل المذكور مستغلاً لحظه انشغاله بالوضوء ليأتى على كاس (أم دغــَبوبه ) الذى وضعه بجانبه ريثما ينتهى من صلاته فكيف بستقيم هذا ؟

    لقيتْ ود العبيد بــِتوضَّا
    وقَبِّال ما يــِتــِم كاسْ المَريسه إنــْلــَقّــا
    فال لى جوزتو تعالى شوفى الشّــقَه
    مجحوم ناس ( بلل ) شرِبْ المَصَفَى ونــَقا

    لم يكن ود العبيد وحده فهناك صانع وعاصر ومعتصر ففى إفادات حربى أيضاً أنه فى احدى طلعاته الاستكشافية بالعصر شاهد بت العبيد تقوم بصنعها فى النار فهل تنوى تعاطيها ؟ فالمؤكد انها لم تكن تتاجر فيها

    عِصِير ( بت العبيد ) قعدَتْ تــِطَــَقْطِــِقْ فيها
    و ما شافتى وَكْتى الجيت أنــُقْ باريها
    قلت ليها الليله بترقدى ولا بتقعدى بتحرسيها
    غــَزًّة ضيلى شـّرطاَ عيل أخَشِّم فيها
                  

11-21-2012, 11:01 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)


    من تراث الغنامة
    الرّبه والتنتنه

    كتب: خالد الشيخ حاج محمود
    من يطالع قصيدة الشاعر عبد الله عبد الرحمن (الطبيعة في السودان) والتي من ضمن أبياتها:
    كم للطبيعة في السودان من فتن وكم لأطيارها من سحرٍ وألحانِ
    هناك في كردفان أي متسعٍ للطرف في بارا أو أرض خيران
    حيث البداوة في أحلى مناظرها والأبلُ طالعة ما بين كثبان
    والضأن والمعز والانعام تابعة مواقع الغيث قطعاناً لقطعانِ
    والخدُ لم تجر موس في جوانبه والجيد من حسنه عن زينة غان
    من يطالع ذلك يدرك قيمة قصيدة الشاعر البدوي والتي افتتحها بقوله:
    يا با الحش موكارنا وما ربوبو صغارنا*نركب نلوي حكارنا فوق أب دومة قارنه
    ويتفق قول ذلك البدوي مع الحكمة والمأثور الشعبي (البدوي ابن بيئته وحرفته) خاصة وأن الزول (بونسو غرضو) ولان حياة الأبالة بكردفان تباينت بين رعاية الأبل وسعاية الضأن والماعز وبعض الأبقار لذلك عندما تحول بعضهم من حياة الظعينة والمرحال للاستقرار كتب احد شعرائهم بهوى الميل القلبي مربع شعري قال فيه:
    سمح الضأن في الجلبه وسمحة ام زور في الحلبه
    جقلة أم صوفةً قلبه عليها الروح منسلبه
    ولعل الشاعر فضل الإبل لأنها تعني له حياة المرحال والتي أساسها المهله لاسيما وان حبل المهله يربط ويفضل وعلى ذات الطريقة والمنوال كتبت حكامة الاباله قصيدة سيارة قالت فيها:
    داك براقاً رايح ما بزقي الضوايح
    مال الدنيا الرايح كتر بي النوايح
    شن وداك يا جاهل لي الدرب الما ساهل
    شوف الدود القاهر عدى ليلو مساهر
    ولأن التراث هو الماضي يحادث الحاضر عن المستقبل بإعتباره متجدداً ومتنقلاً بالتلاقح الفكري والتواصل الثقافي بين الشعوب ناهيك عن الاثنيات في الوطن الواحد ومثلما تطور الدوبيت فأصبح دابو ودوباي و تطورت التوية فصارت جالسة ووفقاً لذلك التطور ظهرت الربه أبان الثمانيات من القرن الماضي عندما ضرب الجفاف ربوع السودان ونتيجة لنزوح قبائل الغنامة والاباله لاطراف المدن الكبرى وخاصة مدينة الأبيض واقامتهم في أحياء (دار السلام و الشريف والله كريم) والتي تقطنها بعض العناصر ذات الاصول الافريقية كـالـ(الفلاته – الدينكا والنوبه) والتي عرف عنها الاهتمام بالديسكو الغربي من خلال الافراح التي يقيمونها لذلك ابتدعت عقلية غنامة كردفان (الربه) والربه لغةً تعني المخلوط مثل قولنا (الزير رُبّ) عندما يصبح ماؤه عكراً، ولكن الربه كإيقاع شعبي وتراثي تعني المشاركة الجماعية في الأفراح كالزواح والختان والمناسبات الاجتماعية السعيدة في مجالس الأهل والأصدقاء وتجئ المشاركة فيها من الرجال والنساء وخاصة في الرقص المشترك بينهما، لذلك يرى الاستاذ حسين محمود – مسئول الفرق الشعبية بفرقة فنون كردفان بأن الربه هي رقصٌ مشترك بين الشبان والفتيات وفق الايقاع من ناحية السرعة والبطء حيث تستعمل دلوكتان احداهما تكون بمثابة نورمل جيتار والاخرى بييز جيتار بمعني (ناقر وخالف)، أما الأستاذ الباحث موسى شيخ الربع يرى بأن الربه أساساً توجد في إيقاع النُوبَه عند القادرية بأسم (المربوبه المحكرة) وذلك لأن النوبه عندهم يتقدمها الشُعَار أي (المادحين) وتأتي هي من الخلف وتكون الطاسات مربوبه على ايقاع السيار.
    وعلى كل الربه على الايقاع (عشرة بلدي) أي (المصموطي) لذلك الراجح أن فكرة الربه جاءت من الصعيد المصري خاصة وقد شاهدت بعض الاغنيات بمحافظة أسوان في النادي النوبي على ذلك الإيقاع ومن تلك الاغنيات التي حُفرت في ذاكرتي وحفظت بعض مقاطعها من مغنيتهم المشهورة (ماريا بمبان):
    مصري بلدنا بلد سواح فيها الحبايب تتفسح
    وكذلك الاغنية التي تؤدى على الايقاع عشرة بلدي في رائعة الكاتب نجيب محفوظ (بين القصرين):
    أحمد يا عمر با تبصش للقمر أنا ألعب ميه غيرك بالبيضه والحجر
    وما يقوي زعمي ذلك أن بعض القبائل التي هاجرت لكردفان جاءت من الصعيد المصري كالهواره التي جاءت من قنا وسوهاج خاصة ويوجد عندهم غناء الربه والتي لاتعني الايقاع السريع الذي يضرب على الدلوكتين فقط ولا حتى الرقص الذي يجئ وفقاً لذلك الإيقاع وأنما هي صورة متكاملة تؤدى بواسطة فنانات شعبيات وربما فتيات وحكامات، ويصحب الغناء في الربه الصفقة والزغاريد والشيالين وطق الكوراك كما ان الرقص يتم في حلقتين دائريتين حيث يكون الشبان في الدائرة الكبيرة والتي يدورن فيها مثل لفة (الفات سبعة لفات) وداخل حلقة الشباب توجد حلقة الفتيات في شكل دائري والايقاع الغالب في الربه يشبه إيقاع (الكربت) وعندما يحدث الإنتشاء أثناء رقص الشبان يعبرون عن ذلك (بالبرقلة) وهي صفقة مقطوعة حيث يخرجون من الصف ويعودون إليه مرة أخرى مثلما يحدث في عرضة الجعليين. والفلسفة في وجود دائرة البنات داخل دائرة الشباب تعني أنهم غطاء للفتيات وذلك اتساقاً مع القول الشعبي(غطي قدحك). والغناء في الربه كله مشكار للعريس والحبيب وربما يكون فيه لوم وعتاب خاصة وأن مفردات الأغنية مباشرة وتؤلف في اللحظة والحين وقد يستدعي الامر أن تكون الاغنيات في شكل تورية ولكنها رسائل تناقش قضايا محددة ولأن الإيقاع ناقص في الزمن مثل (التم تم) -لذلك يصبح الرقص هو التعبير الغالب علماً بان الربه توجد عند قبائل البديرية والشويحات والجلابه الهواره والداجو والجوامعة وبعض قبائل دار حامد، ومن نماذج غنائها الواضح والمباشر في العشق :
    محلب الخيران شتلو شباب بلدنا بريه بسحرو
    فريع البان قالوا لي عيان الالم بقي لي صمام
    بسيب أهلي بسكن ام درمان الالم بقي لي صمام

    وقد يجئ غناء الربه مصحوباً بتورية وبخطاب غير مباشر كغناء احدى الحكامات:
    هلالنا هلا وصبرنا قل الله يا حبايبنا
    فرشاحه بلد اوصافا جنّة
    وعندما يصيب الزوجة او العشيقة نوعاً من الإحباط تصل بها الجرأة ان تكتب كلمات تنفس بها عن ذلك ويجئ النظم على ايقاع الربه فتقول:
    وينو عريسكم انا منتظراه صبري قلة
    جابو لي الدش الدش البتزلق
    حلفت نتطلق من عرس العولق
    أمي قالت لي ما تزوري حلايب
    الاخدر الرايق شغال في الضرايب
    أمي قالت لي زوري شيخ موسى
    الدبلة منقوشة عريسنا في الكوشه
    ونتيجة للارتباط الوثيق بين الاغنيات الشعبية والاغنيات التي تؤدى بالآلات الموسيقية لذلك تم تأليف بعض القصائد الشعبية من الحكامات على إيقاع الربه وقام بعض المطربين بأدائها مثل الفنان الرائع ابراهيم عبد السلام والذي غنى على ايقاع الربه اغنية (ود العوض) ومن بعض مقاطعها:
    ود العوض الدهب غلاه لا يا عيال ما تزعلو
    جيبو المال للبسواه ود العوض الدهب غلا
    وانا مالي بيهو الذوق والجمال الله اداني ليه
    من البلد جاني الخبر قالوا الحبيب والله جي
    يا يمة بالعندو أقبلي المال الكتير ما كل شئ
    يا يمة لاتحسبي ولا تبالغي
    والربه تؤدى بعد العصر وعلى طريقتين (سايرين و مضخة) وإن كانت مفردات قصائدها ضعيفة من الناحية اللغوية والنحوية والبلاغية وذلك لانها تؤلف آنياً في لحظة الفرح ، وبعد الربه تؤدي التنتنه والتي خرجت فكرتها من النقرزان الذي جاء محمولاً مع القبائل العربية التي جاءت من الصعيد المصري كالجعافرة والهواره والعبابده ، والنقرزان هو (النقر على الزان) وهو مثل ايقاع البالمبو واساساً النقرزان يضرب على النوبه حيث تؤخذ القصبة وتضرب على وجه النوبه الآخر لتعطي رنه وذلك عند الطرق الصوفية ولكن عند الطريقة القادرية يدقوها مخلوفة بدون قشة باليد الشمال، والتنتنه تؤدى عندما تقوم المرأة بأعداد القهوة وذلك بدق البن والذي عندما اصبح غالي الثمن قامت الحكامات بدق عيال التمر والعيش والقنقليس عوضاً عنه، ولأن اعداد الجبنة اساسه الفاقه لذلك تقوم المرأة بأستعمال الفندق والفناجيل والملاعق والصواني كثقافة مادية حيث تشكل تلك الأواني آلات موسيقية وهناك جرس يحدث أثناء دق البن يسمى بالـ(التنتنه) وفكرة الجرس تلك عربية جاءت مع ايقاع المدائح خاصة وان الصاجات والمثلث موجودة عند المصرين حيث يحدث النحاس ذلك الجرس والتنتنه للبن بين (الهون والمدق) وربما يكون الهون من النحاس او الخشب في شكل فندك صغير ولكل ضاربة للتنتنه فنونها في الايقاع وذلك للفت نظر رواد القهوه وضرب الفناجيل بقصد الرواج والكيف العام للقهوة خاصة مع رائحة البن التي تحدث النشوة وسط من يتعاطونه ومن غناء التنتنه الجميل:
    يا توبي المخرم أنا بشيلو بتبلم الحمصانة تتكــلم
    يا الصندل العودي البطل غروضي أنا شاحدة مولاي يبلغني مقصودي
    كذلك من غناء التنتنه الجميل الذي يطرب الدواخل قول احداهن:
    البن البن تنتنو يلا يا شباب أرقصوا
    الجلابية كده بس البديرية الحلا والغلا
    جبنة التنتنه ما احلاها جبنه في القلوب معناها
    دقيناها في العصرية دقيناها ماها شويه
    جبنة البت المقلية خلت القلوب مجلية
    تؤدي الربه والتنتنه لجمع الناس وذلك قبل وضع (الحنة المسروقة) في الزواج (بمعني الحنة التي تؤدى قبل مواعيدها)، ومن طقوس الزواج التي تؤدى أيضاً قطع الفرع بواسطة العريس وذلك اعتقاداً يعني معرفة قوة العريس وتعتبر الربه والتنتنه من ثقافة وتراث الغنامة بكردفان وذلك حينما يجتمع الناس في ساحة الفرح ويكونوا في لحظة النشوة والطرب الجميل.


                  

11-22-2012, 05:02 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: الداير المجالات يمشي ود أب شام
    يلقى أم درعة ديفة الروقلن قدّام
    كفلاً خلقه ما زايدنه بهدّام
    عندها سلطة تحكم مادة الإعدام


    الأخ العزيز الأستاذ / محمد التجاني عمر قش

    سلامات

    أشكرك كثيرا على حضورك وإضافتك الجميلة لهذا البوست

    واتمنى تواصل معنا حتى نعكس تراث تلك المناطق في هذه الاسافير

    أذكر من أبيات الدوبيت التي تتحدث عن سلطة المحبوبة وقوة شخصيتها وتأثيرها هذه الابيات ...

    اتنين وأربعين اسمك وراء وقدام
    والهضليم يا أم خد كساك بقى ليك اردام
    رأس الدولة طايع يبقى ليك خدام
    وان خالف أوامرك حكمه بالإعدام

    وكذلك هذه الابيات من الدوبيت كنت احقظها منذ أن كنت في مدرسة خورطقت الثانوية ..

    العين سيكو والسنان بروق الساري
    والحاجب هلال وقتين السماء جالى
    السبب الخلانى اعشق النميم طوالى
    من الأكمل الثانوي وامتحن العالي
    انت عندك ســـلطة واســكيل عالي
    عندك مـــادة تحــكم بالقتل طــوالى

    لك كل الود عزيزي محمد


                  

11-22-2012, 01:00 PM

محمد التجاني عمر قش
<aمحمد التجاني عمر قش
تاريخ التسجيل: 10-22-2012
مجموع المشاركات: 501

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    واصلوا هذا الإبداع يا شباب ونحن معكم:


    جانا خبيرهم لايح
    شرابهم بالصفايح
    داك براقا لايح
    بسقي الرق الضايح

    الليلة أم سنطة خفيفه
    وارداها أم بوح العيفه
    سياد الفز بي ليفه
    طردوا البطلق زيفه
                  

11-23-2012, 07:27 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: محمد التجاني عمر قش)

    من تراث الغنامة
    أم صلبونج

    كتب: خالد الشيخ حاج محمود
    كنا نحسب ان التصاهر الانساني والتمازج الثقافي والتوافق الاجتماعي سيفضي لوحدة جاذبة ولكن خاب فألنا وظننا لأن يد الساسة والسياسة كانت اطول من كل مشترك في بلدنا فحدث إرتخاء في حبال الصوت القومية رجح كفة الانفصال وجعل باقي البلد في تشظي، ولكن الامل ان يحدث التواصل الاجتماعي خيار التعايش السلمي وقبول الآخر بين شطري الوطن لا سيما وأن هنالك (نوبة تعربوا وعرب تنوبوا ومسيرية تدنككوا و دينكا تمسوروا) كما يقول ويردد ذلك دوماً الاستاذ الاديب محمد عثمان (الحلاج) ولعل سبل كسب العيش والحياة الاجتماعية ظلت هي المعيار الذي يرجح تلك الخيارات فالمتتبع لحياة المهاجرين من العرب الأبالة يلحظ ان بعضهم تحول لحرفة رعي الضأن فاصبحوا من الغنامة وذلك رغماً عن أنهم جاءوا محمولين على ظهور الابل ويكفي أن نشير للامير (ادريس بن قيس) والذي هاجر للسودان بعد خراب العراق في عام 656هـ على يد التتار الشئ الذي دفع بالخليفة العباسي المعتصم بالله التسليم مع بعض اولاده وثلاثة الاف من سادة بغداد واعيانها ولكن هولاكو هجم عليهم بجيشه فقتلهم جميعاً وكان ذلك حدثاً جللاً أن يقتل كل هؤلاء الاسرى وينهي بفعله تلك الخلافة العباسية في بغداد وحينها لم يجد الامير ادريس بُداً من الفرار للسودان والاقامة بمنطقة الخيران شمال شرق مدينة بارا كما اورد ذلك المؤرخ (الطاهر فحل)، حيث جاء ابن قيس على ظهر الابل ولكن سرعان ما استقر بكردفان من خلال مملكة اسسها واصبح احفاده يحترفون الزراعة ورعي الضأن وبالتالي التقى المهاجرون بسكان السودان من (نوبة وفونج وبجه وبرابرة وباريه وبرون وقمز وتنجر وتورا وشلك ودينكاونوير وداجو وهمج وعنج) وكانت ارض السودان هي البوتقة التي تم فيها انصهارهم مع اولئك العرب كلياً وجزئياً فخرجت منهم قبائل السودان الآن وهي خمسمائة وثمانية عشر كما اورد ذلك المؤرخ احمد عبد الله آدم في كتابه وقد ورد ذلك في مرجع الكاتب الريح حماد (الجوامعة وكردفان) حيث مثل اولئك السودان بشكله ونهجه وارثه الحضاري بين الامم ومن هذا الكيان خرجت كردفان بابنائها وبايقاعها الشعبي الشفاهي الذي يتنقل بآليات عديدة منها التأثير الثقافي والقرب الجغرافي والتواصل الاجتماعي و المحبة العامة للابداع حينما يتسرب للمجتمعات البدوية والحضرية المتشابهه خاصة عند اهل القرى والبادية لانهم اكثر حرصاً على الإرث والموروث الشعبي العريض لا سيما وان حياتهم طابعها الترتيب فهي مجندرة بطبيعتها كما يرى الدكتور الاديب عبد الله اسماعيل، حيث وسائل كسب العيش والنشاط الاقتصادي اساسها الجماعية لذلك تجئ الدلالات الاجتماعية ومنها الافراح في قالب جماعي بدون تعقيد لانهم يحسنون ادارة الوقت عند العمل والترفيه والراحة ووفقاً لتلك الجماعية تظهر نكهه كردفان والتي مصدرها قيم النظام الاجتماعي (الضرا ، النفير، الفزع، الورود للماء ، والغناء) لذا يكون الايقاع تبادلي بين الرجل والمرأة كما في (الجراري والتوية وام صلبونج والطمبور والكدنداية والهسيس) وغيرها من ثقافة الابالة وكذلك يكون (الدرملي والمردوم والكرن) عند البقاره والنوبة مما يحدث تواصل نوعي خاصة وان البدوي يسير حياته المرعى والمرحال ويصبح الركيزة الاساسية التي يعتمد عليها ويترنم بها كقول البقاري:
    نجن مقيلنا شدر مو كوزي بالقشيش باننا وسعايتنا بنات حميرة
    اللبن في البخس شايلنا
    صبينا بكاتل الفيل أبو دندنه وشرابنا لبن بالعسل خالطنا
    ويكون التفاخر جزء من الاعتزاز بالحرفة كقول الحازمي:
    ماشين في ضلال شدرنا نفجغ في بعر بقرنا بلا الدود والمرفعين ما في زول بسألنا
    كان تبعونا ما بلمسوا ضهـــــــرنا وكــــان قابلونا مـا بحملوا سدرنا
    لذلك انتقلت ام صلبونج من قبيلة البديرية لغنامة كردفان من الحمر والشويحات وبعض الجوامعة بسبب المشترك الذي يجمعهم في وسائل كسب العيش والجانب الاجتماعي خاصة وان البديرية والشويحات والجوامعة يجمعهم جد واحد هو الامير العباسي (ادريس بن قيس) و(الصلبجة) كما يرى الباحث موسى شيخ الربع هي (النط) لأعلى بحيث يرتفع الشخص في القفزة فنقول (صلبونج) ولكن الباحث دوليب محمود يرى بأن الصلبجة تعني التنشيط فيما يرى الاستاذان حسين محمود و احمد حسين حمد النيل بأن أصل ام صلبونج يعود لحرفة رعي الماعز عندما تقبض الفرع لكي تأكل من أعلى لذلك تحاكي ام صلبونج حركة رعي الماعز وهي مثل صفقة الطمبور وان كان بها ايقاعان هما (سايرين) و (راحات) الاول يكون فيه الضرب مستمراً مثل السيرة والثاني يتم فيه الضرب ثلاثة مرات متتابعة يجئ بعدها النط ويتم ختمها برجوع النساء للغناء وذلك قبل وقوف الجميع في حلقة الغناء وتؤدى ام صلبونج بمجموعة مشتركة من الشباب والشابات لاتتجاوز العشرين فرداً ولكن ليس فيها رقص وانما صفقة وغناء تبادلي يأتي في قالب عاطفي وحماسي مع وجود (لزمة) لحفظ الزمن وتؤدى في الافراح والمواسم والمناسبات الاجتماعية ومن غنائها الجميل عند البديرية المقاطع التي تتردد دائماً في الافراح:
    هوي يا سواق خلي بالك المنديل وقع بي شمالك
    هوي يا عيال بلشو الطواقي الفنيلة شبكة والقميص نايلون والهواء شايلو
    ويكون ايقاع الصفقة واحد عندما تقوم النساء بالغناء بمصاحبة الشبان والشابات في شكل كورس مشكل وربما يردد المقطع عشرة مرات وتخرج في الختام كسرة من صدور الشبان مثل الزمة تحدث ازيزاً وصوتاً جميلاً غرضها الحماسة ويكون الزمن منسجم بين حركتي الارجل والايادي في وقفة دائرية مثل لفة (الفات الفات سبعة لفات) وتتوسط الفتيات الدائرة حينما يكون الضرب تتابعي ويأتي الكورس خلفهن والفرق بين سايرين وام راحات ان الاخيرة يتم فيها الضرب ثم يرتاح الضارب ويجئ بعده آخر لسد الفرقة ومن غنائها الجميل ماشاهدته قبل يومين برفقة الصحفي (عمر ود ابو كر) بحي الناظر بمدينة الابيض وكان الاداء بمصاحبة مجموعة من الشبان منهم (عوض حسين وعبد الله الطيب وجمعة يعقوب ومحمد يعقوب سلم وضي النور ابراهيم واحمد حسن كجار) مع مجموعة من الشابات بقرية زقلونا اود ابو كر واذكر بعض المقاطع من ذلك الغناء الجميل:
    داك بريريق صعيد زقلونا حماني النوم حماني النوم
    القمرة ما تغيبي خليني ازور حبيبي خليني ازور
    يا يمة يا ناري بشيل الجردل بسقي خداري بشيل الجردل
    ولكن ما جادت به قريحة الاديب عوض حسن باشوك كان بديعاً عندما اسمعنا مفرداتٍ رائعةٍ:
    قندول سلولو الزايم الحب ليهو رشايم
    الزول لو فارق تومو أخير الموت الدايم
    ام العروس جيناكي بالشيلة كرمبلين وترقال وترفيرا
    أنا أنا كرب السادة
    عصير المنقة الفي قزازو رايق الساعة تمت
    سيبوني الساعة تمت فضلن دقايق
    وربما تؤدى ام صلبونج عند البديرية ترحيباً بأحد الضيوف كما حدث بالنسية لي ويكون ذلك في المدى، أما الحمر فأم صلبونج من رقصاتهم وايقاعاتهم الشعبية التي انتقلت اليهم من البديرية وتسمى برقصة (النط) ويشترك فيها الشبان والفتيات وهي عبارة عن رقص منتظم يؤديه المشتركان على وزن التصفيق حتى يبلغ بهما التعب فيفسحا المجال لاثنين غيرهما ويرى الباحث دوليب محمود بأن ام صلبونج رقصة شعبية ذات ايقاع ثنائي مع قفزات ونطة عالية تؤدى في موسم الحصاد والافراح والمناسبات ذات الحماس الطاغي وتتفرد بالحركة الجماعية في دائرة متحركة ويقول بأن اسمها جاء من اظهار (كفل المرأة) الذي يعجب العشاق و الشعراء ويؤكد ذلك ماجاء في الاغنية الشعبية:
    يا أم كفلاً زي الرحل ويا المهرة الخايضة الوحل
    مسجونك ماليهو حل طال هجرو وطال بيهو المحل
    كما ان العشيق في الزمن الماضي كان يعرف مكان محبوبته عندما تستحم في الخلاء مستترة بالاشجار فيتشتت الماء عند الكفل وبقدر بعثرة الماء يحدد مكانها باعتباره ملماً بحجم ذلك الكفل واستدارته. ويتم ختام ام صلبونج مبادلة بين الطرفين بايقاع سريع وفي الضربة الاخيرة تكون التفريقة وهي كرقصة شعبية منقولة للحمر تشبه (ام هاجو) عند البقاره و (الرقيقة) عند قبائل دار حامد، ومن غناءها الجميل عند الحمر قولهم:
    ود خالتي آهيا ضبح التور آهيا في خماس آهيا سير القاش آهيا
    غنيمه وماش آهيا سير القاش آهيا
    لاحظ اللزمة الموسيقية (آهيا) وتكون الصفقة دائماً هي القاسم المشترك، ومن المقاطع الجميلة أيضاً قولهم:
    بقاره جوه سكنو توتو توتو توتو وين ودو
    دار حامد جبتو بقارة جوه سكنو توتو
    (توتو منطقة مراحيل شمال شرق الفولة) وفي حالة الكسرة بالتخفيف يقولون في الاغنية (آية آية سكنو البردية) والبردية منطقة دون توتو وهي منطقة مراحيل ونشوق وسيار علماً بأن تلك الاغنية تعطي النغمة الاصلية في منطقة العرب الرحل (بقاره) وتأصل للتراث والمعني المتبادل بين الكلمة والمنطقة ولعل ارتباط قبائل الغنامة مع بعضها في التصاهر والتعايش والتداخل في العادات والتقاليد والمراعى ساهم في نقل اصل التعارف والتمازج البيئي وفق علاقة متكاملة بين انسان المدينة وريفها خاصة وان المصير واحد والحياة فيها الكثير من المشترك لذلك تؤدى ام صلبونج في مناطق عديدة بحمر منها (عديد الحر وعبد الرازق وعيال بخيت وام ناله وعريس وام جداده والصقع وغبيش) كما تؤدى (ام هاجو) في منطقة المراحيل الشرقية( بالمجلد وبابنوسه وام بطيخ والميرم وام رواكيب)، ويكمن الاختلاف بين ام صلبونج وام هاجو في المعنى والحماسة سيما مع اختلاف حركة الحيوان بين الضأن والماعز والبقر، ولكن ام صلبونج تؤدى في كل مناطق البديرية بشمال كردفان باعتبارها من تراثهم وثقافتهم الاصيلة وما يحقق لها الاستمرار والريادة ان اسلوب حياتهم يعتمد على العاطفة والحماسة الطاغية كمثل قول الشاعر: وراها تحن الجعرة وبي العانسيك منضفرة
    خبيرك عبَّ السفرة و توجه بيكي الصحراء
    يا ام شوشة متزالفة عندك دية مخالفة
    حس الجيم في الضالفة يعيط لي تريلو ويوالف
    فإن كانت القبائل في بلادنا على ذلك المنوال وفق التواصل التراثي والثقافي فلماذا لايصبح خيار التعايش وقبول الآخر هو الغالب في وطن يموج بالصراعات الاثنية والجهوية احسب ان الثقافة جديرة بخلق ذلك الوفاق والوئام ولكن من يحس الساسة وأهل السياسة وكل ما نخشاه ان نستبين النصح ضحى الغد.



                  

11-24-2012, 05:53 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    واواي الوناقيب والدهاريب
    كتب: خالد الشيخ حاج محمود
    كان لوقوف السلطان على دينار مع أعداء الحلفاء (تركيا وألمانيا و النمسا والمجر ) وامتناعه عن دفع الجزية السنوية أثره على الحكومة وشخص السردار والذي اصدر امراً بتكوين حملة سريعة الانتشار تتحمل هجير الصحراء ورمالها للقضاء على السلطان على دينار وذلك في 10/فبراير /1916م وكان من بين تلك الوحدات السريعة التحرك (البطارية المكسيم الجمالي الخصوصية السريعة) وأوكلت قيادة الحملة للقائمقام (هدلستون بك) قائد عام الهجانة ومعه مجموعة من الضباط منهم الاميرالاي (كلي بك) قومندان عام التجريدة والسواري والقائمقام (لتل بك) والصاغول (محمود أفندي حافظ) والقائمقام (اسبنكس ومنس بيك وهني بك وجليز بك ورسلي بيك) ، وذلك حسب ما ورد في كتاب ( فتح دارفور ) للكاتب البكباشي حسن قنديل ، وكان المطلوب من الحملة التحرك من بارا صوب دارفور عن طريق شبوهه للقضاء على ابناء المجانين حلفاء السلطان على دينار لاسيما وأن سلاطين دارفور كانوا قد اعفوهم من دفع الطلبة لأنهم من الاشراف وحملة القرآن حيث كانت حلال المجانين تسمى بحلال (الجاه) كماأن الانجليز لم ينسوا قتلهم لنائب سردار مديرية كردفان (عثمان كوداري) في بداية العهد التركي عام 1821م وذلك عندما عزم على أخذ الطلبة منهم بالقوة خاصة وقد كرروا نفس المشهد مع الانجليز في عام 1914م مما جعل هدلستون يصر على القضاء عليهم حتى يسهل طريقه لدارفور ولكن شيخهم جمعة سهل كان حكيماً إذ حجب دمهم بعد اجتماعه مع هدلستون ببارا والتزامه بدفع الطلبة في العام القادم وقد كانت (115جنيه) وذلك حسب افادة الشيخ احمد محمد جمعة سهل – عميد اسرة الناظر جمعة سهل وكبير المجانين والذي استقبلنا في منزله العامر خلال هذا الاسبوع وكان ذلك بحضور مولانا جابر البشير الحسن والاستاذ/محمد عثمان الحلاج – ولعل الناظر جمعة سهل قد اقنع (المرفعيب ابو حجل وهي كنية هدلستون) بأن حربه للمجانين سوف تخسره بعض القوة كما التزم له بكتم سر تحرك القوة عن السلطان، والجدير بالذكر أن المجانين من قبائل البكرية أبناء محمد بن أبي بكر الصديق خاصة وأن البكرية في السودان ينتسبون لمحمد وشقيقه عبد الرحمن بن أبي بكر (صريع الغواني) ويسمى ابناء عبد الرحمن بالزنارخة أي (المشايخة) الذين هاجروا من زرنيخ بمصر عام 1001هـ ودخلوا للحلفاية وفيهم قيل: (أولاد سيدي بوبكري لا فيهم سفيه لامكري) أما اولاد محمد فمنهم المسلمية والمجانين بحساب أنهم أبناء (سليط ومسلط) حيث أنجب الاول المجانين فيما أنجب الثاني المسلمية والتي كانت عاصمتهم (أم ضبان) كما دخل المجانين للسودان عن طريق المغرب وقد سموا فيها بـ(الأقلال) ثم ارتحلوا لديار شنقيط ومنها الى ليبيا مع ابناء عمومتهم (الورفلي) وهم ######## الثورة الليبية اليوم واستقر جد المجانين في منطقة (وادي مجينين) شمال غرب طرابلس، وكان استقرارهم الاول بالسودان في جبل ميدوب في مكان يسمى (بيبي) ومنه تحولوا لمنطقة (تكه) جنوب غرب ام كداده حيث جاوروا (المراريت) و حاددوا (البرقد) ومن ثم فتحوا شبوهه في كردفان والتي كانت تتبع لدارفور وبعدها حضروا مع الامير محمد ود احمد بمالهم وعتادهم واقاموا ابان الثورة المهدية في منطقة حي العرب بأم درمان في (حوش ود بليلة) والذي كان عمدة عليهم آنذاك ومنزله في مكان بالقرب من نادي الهلال وكانت تجاورهم بعض قبائل كردفان ودارفور والبطانة في حي العرضة (مكان عرضة الخيول) وفي حي الموردة و الذي سمى بالاسم لأنه كان مورداً للحطب ومكاناً لشراب الابل، كما هاجرت مجموعة من المجانين واقامت بالقلابات في دوكه بالقرب من القضارف وفي (دارعقيل) بالنيل الازرق إلى جانب اقامة بعضهم في قرى (كارجقل) التابعة لكوستي وهناك عمودية لهم في الهشابة ود المراد ريفي بارا، وبعد شبوهه أقاموا بجبل (النويقة) بالقرب من إيد النبيق، ولكنهم بعد معركة كرري هاجروا بقيادة ناظرهم جمعة سهل لمنطقة المزروب عام 1902م والمزروب اسمها اساساً (رهيد الخيل) حيث يوجد ذلك الرهد غرب حلة يوسف جمع الله مربع (3) إذ توجد شجرة طندب وبئر سانية عميقة ولأن ذلك الرهد كان مزروباً بالشوك لذلك سميت المنطقة بالمزروب كما هاجرت مجموعة من المجانين لمنطقة الضلايل منهم (المساعيد والعيادية واولاد محمد ورحمان) و سميت بذلك الاسم لوجود الشجر الظليل بها و قد قيل في ذلك:
    (لو مشيت الضلايل المن هناكي لا صغيراً ببكي ولا جدادة بتكاكي)
    وقد قام النيل ود سهل شقيق الناظر جمعة بحفر آبار في منطقة الصنقر وتنقسم قبيلة المجانين لإحدى عشر فرعاً هم (أولاد ماضي و طيبو و اولاد رومية والحميدية وأولاد محمد و أولاد فضالة والغدينات والحيادرة والعيايدة وأولاد مساعد والمساعيد) علماً بأن آل سهل من طيبو كما يوجد بعض المساعيد في صحراء سيناء هذا الى جانب وجود بعضهم بالنيل الازرق، وكان خطيب هو أول عمدة لهم جاء من بعده (ود بليلة) والذي خلفه (لبن) ثم محمد على (الاخيضر) وجميعهم كانوا تحت ادارة السلطة العشائرية بسودري ولكن عندما اصبح الشيخ جمعة سهل ناظراً عليهم عام 1917م تبع محلية بارا عام 1934م و خلفه ابنه الشيخ جابر و جاء بعده شقيقه الحبيب والذي خلفه الحاج جابر جمعة سهل والذي توفى في العام الماضي ونصب الامير سليمان جابر جمعة سهل ناظراً على قبيلة المجانين قبل عدة أشهر، ومن علمائهم (الشيخ آدم السالك والعوض الحبيب ومحمد ود كدام وابراهيم خمسين والشيخ على ابو ام حيران ومحمد عشموق) وكذلك الشيخ مشاور جمعة سهل والذي كان أول من ثنى الاستقلال من داخل البرلمان وهو من اوائل النواب الذين فازوا بالتزكية في الانتخابات الاولى على مبادئ الحزب الوطني الاتحادي الذي كان يقوده الزعيم الازهري.
    وبسبب هجرة المجانين للعاصمة ابان حكم المهدية واتصالهم بقبائل البطانة اخذوا جانباً من تراث البطانة الشعبي العريق خاصة الدوبيت والمسدار وطوروا فيه حتى يخال للمستمع بأنهم يتنفسون الدوبيت لذلك عرفت منطقتهم عند الباحثين والمهتمين والشعراء بالبطانة الغربية ولعل ديوان الشاعر عمر الشيخ محمد رباح (واواي الوناقيب) والذي حوى مجموعة من قصائد الدوبيت في الطبيعة والابل في بادية كردفان يؤكد تلك الحقيقة سيما وان الشاعر من فرع العيادية احد بطون قبيلة المجانين والذين عرفوا بالنبوغ في ذلك المجال حيث يظهر الديوان جانباً من انماط الدوبيت الشعرية السائدة في منطقة بحري كردفان والتي يجارونها بالانماط الغنائية كالجالسة والكاره والجراري والتويه والهسيس والدادرو والغناء المصاحب للدلوكه ام كوع والشتامه، ولان سيرة الشاعر عمر حافلة بالتنقل والترحال والذي يجعل الشاعر يرسل مربعاته ومساديره لذلك استقل عمر واستأثر على سابقيه في بوادي كردفان حيث تلمس موضوعاً واحداً هو اشبه بالمسدار كما اشار بذلك الاديب الباحث (الامين البدوي كاكوم) ويتضح ذلك في القسم الاول والذي جاء جله في الطبيعة كما خص الخريف بالنصيب الاوفر من التوصيف كمثل قوله: عمس كردفان مطراً تقيل مو ناحل
    وبادرة القناف ظلت تحاكي الساحل
    طبيعتك فجرت شعر الكبار وفطاحل
    كيف سرب الجراد ضحويكي اصبح راحل
    لذلك تذكرت وأنا اطالع الديوان قول شاعر البطانة:
    يا عبد الله برق القبلة طلع مذره وذكرني العفيفة اللإشارات نذره
    المتبور وآهنى من القطيف والبذره وخلي جناني زي ملهوف قبائل عذره
    ولعلي لا انسى المساجلة التي جاءت رداً على ذلك المربع من شاعر البطانة أيضاً: يا شيخ أحمد المن عند النصف منجزره
    تمشي متتاتية من تقل الوضيب منفزره
    مما فرهدت بأشاوي ما منعزره
    دعجة وفي لونها أيضاً خضره
    ولأن البرق من اشارات الجمال والتي تنسرب للدواخل بدون استئذان لذلك خرجت مربعات الشاعر عمر الشيخ يكسوها والجمال والالق والحضور كما في مربعه الذي قال فيه: براق الصعيد جاب الدعاش اخبارو
    بي ريحة الحويل وشجراً فتق نوارو
    كل ما رف أنا هان قلبي زاد نوسارو
    قرب للأنيس يمرق غميص اسرارو
    ولعل ذلك يشبه المربع الذي احتفى بالبرق الوامض والذي كتب من شاعر بمنطقة البطانة حيث قال: برقاً بلوح عدل القلب فجاجوا
    يضحك باسموا زود للبلد لجاجوا
    ظبياً صدى رجع بي القماح قجاجوا
    أزكي نشوقوا مال الزبنوا حجاجوا
    وعندما هب النسيم العليل مع برق الصباح الباكر قوقا القمري مع الغصون واصبح الشاعر عمر كالدّر المصون يحكي في مساجلة بين الانقيب (راعي الإبل) والقمري حيث قال:
    يا بروق الصباح الغايصه أملن وسوقن
    في القيع والقفاري القحطه بالليل فوقن
    نسيمكن هب وزاد قلب المتيم شوقاً
    واواي الوناقيب والقماري القوقن
    وسرعان ما ينتقل الشاعر عمر الشيخ لوصف بريد الحبان (القمري) فيذكرنا بالغربة والتي تحدث الوله والعشق حينما يقول:
    يا قمرية الفرع البلولح مالك
    إت مساهرة وأنا هان قلبي ليكي مشارك
    هجعي ونومي كان ما شلعن أوركاك
    دهاريباً نطر عسافها في ليل هالك
    (الدهيريب هي رياح الخريف العاتية) والتي لها واواي يشبه نغم الانقيب ويتفق ذلك الوصف مع ماذكره الشاعر محمد عمر الاحدب شاعر (جدي الريل) في قصيدة فيحاء قال فيها:
    القمري الفي الغصون قوقا كشم قابلني بي طوقا
    ولكون الناقة هي وسيلة ووسيطة الادب الشعبي دوماً وخاصة في الدوبيت والمسادير لذلك انتقل الشاعر بوصفه لتلك الوسيلة والتي تطوي فجاج الأرض وتحدث كل ذلك البهاء والهناء لذا قال الشاعر عمر الشيخ:
    داجه الناقة في مرعاها والضحوي البسوق في الدفره ما خلاها
    للشجر المحنى فروعه قليناها شعلوبة الزقية الخضرة نقيناهـــا
    كما لم ينسى الشاعر وطنه الصغير المزروب خاصة وأن للأوطان في دم كل حر يد سلفت ودينٌ مستحق وإن جاء ذلك الوصف ملئ بالشفقة والخوف التي احدثها العطش بمنطقته فقال:
    المزروب عطش يا رب تفرج همو
    والعد قط من ملئ الصفايح جمو
    دايرين سيله جرقل وابعراقيب لمو
    وكرتوب الجران لي بكره ما انصم فمو
    لذلك تذكرت قول حكامة الجراري والتي تذكر عداً صوح واصبح ناضباً إذ تقول: سيد أم كونيباً باني إتقل لي الوراني
    قامت أم زور قنعاني من عد السماني
    تب العد ما اشناه سار موسى وخلاه
    يالحاسبين لي ضماه كسولكم سولي براه
    تب العد اتصوح فيه الفقري اتسوح
    أخير أم عجلاً بوح ولا الواوه وروح
    ولم ينسى الشاعر الفذ عمر الشيخ أن يذكر كردفان ملهمة الادباء والشعراء حيث خصها في مواضع عديدة خاصة وقد لبست حلة زاهية في فصل الخريف فقال:
    في كردفان جانا الخريف بي وفره
    لا كوراك ولا ناساً مساهرين غفره
    إلبل فيلت ما شلنا مبرك جفره
    مرعاها الهداب فتحلو زهرات صفره
    ويواصل في و صف كردفان فيقول:
    ارح لي كردفان خلي القعاد في الديم
    اطلع في القناف شم الدعاش والريم
    تلقى مبردات سعن ام كماش بركيم
    تشفى براك غير حقنة ودرب وحكيم
    على كل دل ديوان (واواي الوناقيب) على مقدرة الشاعر عمر الشيخ خاصة في جانب الخيال والصورة والجودة والاتقان مما يشير بأن الشاعر غير عادي كغيره من الشعراء القوميين ولا شك انه تثقف مع صور الادب العربي كما ان شعره يصدر عن عقلية مدهشة ويفيض عن ينبوع متدفق وخيال خصب يضعه في مصاف كبير الشعراء القوميين خاصة وان في عالمه الشعري من الكنوز ما لايقعد به عن الروعة والابداع فالتحية والتقدير له كما نأمل ان نستمتع بباقي دواوينه التي تحوي الغزل والشجاعة والوطن والشعر الاجتماعي والتي اشار إليها في مقدمة ديوانه والشكر لمجلس شورى المجانين بالعاصمة الذي تكفل بطباعة ورعاية وتوزيع الديوان كما علمت والتحية لأهل كردفان قاطبة وسكان دار الريح خاصة والذي حياهم الاديب الشريف زين العابدين الهندي في اوبريت سودانية بقوله: ومن مليط مكربت شاقي دار الريح نازل بارا ام فتنـــه بتسر وتريح
    وإتياسر على التياره صوتها بصيح ونوخ تقلي في السهل الكبير وفسيح




                  

11-24-2012, 07:58 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: الشتامه، ولان سيرة الشاعر عمر حافلة بالتنقل والترحال والذي يجعل الشاعر يرسل مربعاته ومساديره لذلك استقل عمر واستأثر على سابقيه في بوادي كردفان حيث تلمس موضوعاً واحداً هو اشبه بالمسدار كما اشار بذلك الاديب الباحث (الامين البدوي كاكوم) ويتضح ذلك في القسم الاول والذي جاء جله في الطبيعة كما خص الخريف بالنصيب الاوفر من التوصيف

    الدكتور القرشي حياك الباري والتحية والتقدير عبرك للاستاذ خالد الشيخ وللشاعر الرائع المتفرد جدا استاذ الاجيال عمر الشيخ هذا الرجل مع شعره وإلمامه
    بالموروث الشعبي ايضا صاحب ادب رفيع واخلاق عاليه جد اوهذا يعرفه كل زملائه الاساتذه واصدقاءه وتلاميذه فحياه الغمام والتحية للاستاذ الاديب الاريب
    الامين البدوي ود كاكوم وللدكتور الاديب السفير خالد فرح الذي كتب عدة مقالات عن ديوان الشاعر عمر الشيخ (واواي الاناقيب) ولكن لشعراء كردفان مسادير في غاية
    الروعة والجمال مثل مسدار القمرية للشاعرين الرائعين علي شيخ ودالمر وحنفي حاج الطيب ومسدار العركي لحنفي ومسدار عيون الصيد لود المرومسدار دعتورة ومسدار ابو روبة ومسدار اللوري وكلها لعمنا الشيخ جامع ومسادير الريافة وهو أدب لا يقل روعة عن ادب الهمباتة ولقد كتبت عن بعضها عدة مقالات بسودانايل وبعض الصحف وكذلك الاخ حنفي بجريدة الوان واليكم هذا الرابط
    http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/3...-09-13-19-22-13.html
                  

11-24-2012, 01:01 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    من رحلة النِّشُوق الي رحلة الجزو في بوادي الكبابيش ..
    بقلم: عبيد الطيب (ودالمقدم)


    وصلت انعام ومجموعات (وحاروك) مرحات من الابل من الجنوب بعد نهاية رحلة النشوق والشوقارة بقيادة الدليل الكباشي النورابي محمد ود صالح (اللّعَرَج) الي مخارف ومراعي شق ابو روبة وسهول المخرّق ووادي الملّوَّي المكتظة باشجار المعراب والقفل وهي في طريقها الي الشمال والشمال الغربي او بما يعرف برحلة الجزو ، احْكَم الدليل الخرّيت حاج اللّعَرَج عِقال ابله حين لاح ولمع لناظره برقٌ عباديّ وشامه ان تكون امطاره هطلت علي تلال دباب القفل ووادي مجرور وسهله المنبسط وعند وقت (العتَّام) السحر ايقظ الاناقيب لحلب اللُّقَح والشوايل والتي ايضا لم تهجع الليل كله ولم تتركهم ينامون بحنينها (وقرواحها) حيث هبّت لها الرياح الشمالية الغربية ودعاشها المضمّخ برائحة نوَّار اشجار المعراب والسَّمُروحشائش واعشاب الدرمة والخشين والسّعَدان حتي جعلها تمشي علي ركبتيها وتسارق النظر وتمد عنقها وتتاوق وتكثر الحنين والرزمي او كما يصفها الشاعر الاموي الصمّة القشيري:-
    وحنّت قلوصي اخر الليل حنّة فيا روعة ما راع قلبي حنينها
    فقلت لها حنِّي فكل قرينة مفارقها لابُدَّ يوما قرينها
    وقلت لها حنِّي رويدا فانني وايَّاك يُخْفِي عَوْلةٌ سَفِينها
    وفي الصباح الباكر لاح لناظرهم سحابا مزجي و هرعا مسرعا من الجنوب الي الشمال كأنه خيام بدوٍ نُصبت علي تلال عالية وقبل ان يسرجوا مطيهم ويفكوا عقال النوق ويأزنوا بالرحيل وقف الهرع الراحل مثل طابور تمام شرطة المرور ثم صار ركاما واتحيَّن وهطل ثم انسكب واندفق بغزارة لا توصف الا بانه (الضحوي العوير)
    فهذه عينة النترة ومطرها الغزير واشابيبها التي حين تلوح بطرف الافق تكون كمشاط الغواني في بوادي الغرب فنزل ماءُها من القناف والعلو فسالت الخيران والوديان مسرعة نحو المناهل حاملة معها في اعماقها (الهشوم) الاشجار اليابسة ولقد ابدع الحاذق الماهر حنفي حاج الطيب حين قال:-
    الوادي المِجَرِّف عرقو بِلْحيل ضاري
    جاب هشُّوم مَكنّت ماشي كنُّو لواري
    بي العربية محتاج لي تالاتة كباري
    قطعوهو الضّعنهُن في الرحيل مِتباري
    وبعد شراب الغبوق الحليب والشاي النّاعم (ابوكتحة) وكما وصفه شيخ الدوبيت عمنا الشيخ جامع علي التوم
    نشيل التاية فوق زَمْلَن عواتي غلاد
    ويبقا غدانا ابو كتحة ولبنهن زاد
    صاح الدليل : الرحيل الرحيل وعندما خاطبه احد (رباعته) رفاقه بأن امامنا سهل طويل ومقفر ومجدب فيرد الحاج بحزم :-هذه المسافات سهلٌ ان تجتازها سفينة الصحراء بكل يسر ألم تسمعوا ما قالته الحكامة ابنة العم حفيدة الدليل كاروشة حين خاطبتني قائلة:
    اخو الدّغْسَة وكَحْلِي
    ؤ شُكْرِك بتلامِحْلِي
    اصبح طاب الرّحْلِي
    وقال قدّامهِن مَحْلِي
    ثم خاطبهم قائلا:- ربيعكم الذي بجاوركم دليل بركة الشيخ المر فرج الله ود عبد الرحمن لا تجعلوه ان يسبقنا بالرحيل فهو القائل:
    ما بِتَنقَدْرِي يا شَرْمة بلا اللِّتنين
    كملتي المراديخ والمترَّك زين
    الجبل المدقِّن قالو مَمْحول شين
    وفِكْرِك يا أم قراديف ننجَدِع بي وين!؟
    امتطي الدليل بعيره وهوفي نشوة وسعادة يسابق الريح ويريد ان ترعي ابله (عضاوة) العشب ووضع انقيب الخير والبشارة يده علي صدره وشدي وغني وقوقا للعيس فزادت في مشيها وهي تَغُذُّ السير نحو افق عريض وتحت اقدامها الخافور والقيصوم والندي علي رؤوس عُشْب قشة (ابوجفنة) ابو القدح يترك خدوش وجروح علي مناسمها ومرافقها ولكنها لا تعيره انتباها لان املها ومرادها ان تجد الجواديل التي تشبه في خضرتها ونضارتها (زيق الفراد) او كما وصفها شيخ الدوبيت عمنا شيخ جامع علي التوم:-
    اجب الدعوة يا الساّجدلّك العُبّاد
    جادول ممّرس في شوفتو زيق فرَّاد
    عاقرو بليلة فوق الفي رقا البولاد
    والشيخ قسم الله ساقلو البكر ابو لبّاد
    وسالم نازلو بي راموس ابو التيلاد
    يارب يا مجيب لي دعوة النشّاد
    تجمع لي بيهن وبي علي الاجواد
    ونرجع تاني نمشي جزونا ابو غرّاد
    والحاج الدليل يكون علي ميمنتها مرة ثم علي ميسرتها مرة اخري حسب مسار المرحال ونترك الوصف لشاعرنا علي الشيخ (ود المُر) في مسدار السّافل حين كبة القمرية الزوقة من شرمة ام صرار:-
    اهلك درّّبوا الجُبْخَانِي
    ودايرا تِنَاطْرِي بلد الدَّرْمة والسَّعَدانِي
    مو بي خَاطري افارْ قِك يا أُم علويَنْ باني
    رب العزة يجمع بي الشَّمِلْ عُقبَاني (ودالمُر)
    وفي رحلة الجزو المتطلبات والتجهيزات تطرأ عليها بعض التغيرات حيث لا اسواق بمنطقة الجزو فيجب الاعداد الجيد والتجهيز المحكم وخاصة الملح- الشاي- ومتطلبات البرد حيث يكون شديدا و قارصا وكل ما كان البرد شديدا كلما طال مكوث الرعاة بمراعي الجزو الخصبة وسهولها الممتدة
    والقمرية تخاطب الابل قائلة:- لقد تجهزوا اصحابك واعدوا العدة واصبحت تحنّي وتنظري وتتشرفي وتتاوقي الي مراعي الجزو الخصبة حيث عشب الدرمة والسعدان ولم يكن بمرادي ان افارقك يا زات السناب العالي ولكنني ابتهل الي ربي ليجمع الشتيتين مرة اخري
    وريسك قال ضُروعك زاد
    ولفح ام تَاج علي ود أَلْبِلْ الشَّرَّاد
    يا عَانْس الرشيد يا سمحة المُمْداد
    في وداعة الكريم اني راجعة لي اللّقَّاد (ودالمر)
    وهنا نجد القمرية (كبت الزوقة) وفارقت الناقة لانها لا تستطيع ان تطير عكس الرياح وهي تردد مع ابراهيم بن صور الكاتب:-
    باتت تشوقني برجع حنينها وازيدها شوقا برجع حنيني
    نضوين مغتربين بين تهامة طويا الضلوع علي هويً مكنون
    لو سُئلَتْ عنها القلوص لأخبرت عن مستقر صبابة وشجون
    ولعلك عزيزي القاري تتخيل ان حياة الرعاة ورحليهم يكون عفويا ودون تخطيط وهذا لعمري خطأ كبير لان البدو دقيقين في كل شئ اولا نجد ان في الاسرة رب الاسرة هو الوالد وهو المسؤول عن الاسرة مسؤولية مباشرة ثم لاولاده ادوار مختلفة يقومون بها فزيد مسؤول عن ادارة الابل وعبيد عن ادارة الضأن واخر للبقر و....الخ فلذ نجد رئيس مراح الابل يقوم بكل المهمات الصعبة هو الذي اذا سرق له بعير ان يفزع به ويموت دونه او يرجعه الي مراحه ويكون تحت امرة الدليل او الرئيس ثلاثة او اربعة اشخاص يساعدونه في رعي الابل حسب عدد ابله فالجمال الزكور والابل العشار يكون معها واحد او اثنين والابل اللُّقح (الخلفات) يكون معها اثنين رجل كبير واللنقيب وهو اصغرهم واشقاهم حيث يقوم بالحلب والصّر وينام اخرهم لان فواق الابل ياتي قبيل الفجر (العتّام) وهنا تخاطب القمرية الناقة قائلة:- ان صاحبك قال ان ضروعك هي زادنا وهذا صحيحا لان رعاة الابل في رحلة الجزو يعيشون علي حليب الابل ولبنها (القارص) فقط لا ذرة ولاقمح ولا .... وقليلٌ من قديد الصيد والجآذر ولفح ام تاج اي حمل السلاح وام تاج للبندقية اي علقها علي سرج البعير والملاحظ يري ان القمرية تتغزل في الناقة بوصفها بالعانس وعانس الرشيد وهو الدليل المهتم بها وتتحسر بعد ان تودعها بانها راجعة الي المزارع (اللقّّاد) وهي المزارع التي تكون علي الوديان وتكون مسوَّرة باغصان اشجار الكتر او السيّال
    خلاس إتْوجَهَت سافِلْها
    وما بِتْسُوقو الا الحلوة مِسَبلها
    حربي وجندي والجيم في الشِعَب تا كلها
    ودامج قلبو كان جات حَارَّتِكْ بِدْبِلْها (ودالمر)
    لقد اتجهت الابل الي السافل او الشمال (الجزو) وكلمة سافل عربية فصيحة ولم تأخذ معها الا الدليل الذي يجعل روحه فداء لابلة (حلوتو اي روحه) شوف الحكامة التي عيرت ابن عمها عندما تخازل عن نصرة ابن عمه الذي قُتل دفاعا عن ابله:-
    يا الخَازي حلوة الرُّوح
    وسَوِّيلْهَا كوز ما اتروح
    وما اعظمها من نصيحة للجبناء فالاجل محتوم وياتيك الموت حتي ان ادخلت روحك في علبة (كوز)
    رحلت وخّّرَت ناس سِلِّي
    وبي دباب القفل جات يا زعم مِنْهَلِّي
    قطعت وادي مجرور الحنينها بِسَلِّي
    وعند أُمَّات لَعَايِت تَقَّلوها ادلِّي (ودالمر)
    ثم رحلت الابل وجعلت وراءها اضاة سِلِّي وهي بمنطقة الميدوب ووصلت دباب القفل وهي بداية مراعي الجزو (والقفل) نوع من الشجر وجات يا زعم تطلق للاعجاب ومنهلَّي اي متفرقة ومسرعة في السير ثم قطعت وادي مجرور الحنينها بسلِّي اي يفرح ويطرب وهي الابل وعند مرعي امات لعايت (تقلوها) اي اوقفوا رحيلها وانزلوا (التاية)
    كتَّالة كليب وابو زيد
    وناقة العزة جيابة الطرب والريد
    ما بِتتباري كان سَوَّت رحيل الكيد
    ومن ناس عنز وتيس نزلت بحيري الصيد (ودالمر)
    كتّالة كليب اي الابل هي التي قتل بسببها كليب وائل بن ربيعة بن الحارث التغلبي قتله غدرا جسّاس وهوالقائل :-
    وان لقوح جارهم ستغدو علي الاقوام غدوة بالرواح
    وتضحي بينهم لحما عبيطا يُقسِّمه المقسّم بالقداح
    ولعمري الي الان عندنا ببادية الكبابيش يقسّم لحم الابل بالقداح او بالكوم
    وايضا الابل قتلت فارس بني هلال المشهور ابو زيد الهلالي وحكي لي احد المعمرين طرفة جميلة ان ابوزيد الهلالي زات شتاء قارس ضرب موعدا مع محبوبته واتته في المكان والزمان المحددين وتحمل معها صحن من الدِّلْكة وكان ابو زيد جالس تحت شجرة تبلدي وكان الليل مُقْمِر فلاحظ ابو زيد ان تحت الشدرة ظلٌّ لانسان فعرف بفراسته ان بن عمه وغريمه دياب علي راس اغصان الشجرة فاخذ صحن الدلة والتهمه وصاح قائلا للفتاة (بارك الله فيك عشيتيني) وقد كنت جائعا وارجع اليها صحنها وذهبت الي سبيلها . والابل هي رمز العزة والفخر وهي التي تجلب المدح والعشق وتجعل صاحبها محط نظرالحسان وما اروع بشير ود ابو فطين الدويحي حين يصف المشهد
    ألْبِل ديلا عَدَّادْهِن تَمَلي معَلَّقْ
    وألْبِلْ في دِروبْهِن دي كِتِل ودي مفَلَّق
    ألْبِلْ ديلا كِيرهِن بي البهايم جَلَّق
    وألْبِل ليهن أم راجِل بِقَت تتطلَّقْ
    تملي معلّق اي دوام هي راحلة وفي دربهن هذا ميت وهذا مفلّق اي ضرب علي راسه-كيرهن اي فحلهن –جلّق اي يتجول والكبابيش يسمون المرأة التي ترفض زوجها (طامح)
    ما بتتباري اي لا يستطيع اي حيوان اي يجاري سيرها ومن منطقة عنزة وتيس وصلت الي بحير الصيد وهو من المناطق الخصبة ويكثر فيه الصيد بكل انواعه
    تقَّلَت في الزِّرَد قول يا عَفُو وهبَّاب
    وكونيبها إنْعَرَش وقفت سراتها جراب
    يا الباعْجِك بلالي وحِمْيَتِك نوراب
    اهلك لَفُّو قانصين قالو لي ابو حراب (ودالمر)
    ثم مكثت اياما في مراعي الزّرد حيث ينعدم الناموس والباعوض والذباب حتي امتلأ (كونيبها) سنابها واصبحت سراتها كالجراب المملوء -يا الوسمك( الباعج ) وهو وسم قبيلة النوراب التي ينتمي لها الشاعر والذين يحمونك هم النوراب واصحابك اتجهوا للقنص لبقر الوحش
    رعَّاية السَّمُر والشَّاوْ ْ
    ورماية الشِّبَك قالت عَضِي كِويع باوْ
    ارَحْ يا سِيدِي كان دايْرِين عَفُو اللّجْزَاوْ
    ربَّاي لي المَرَبَّعْ وبسمِّن الحَشَّاو (ودالمر)ْ
    وصف الابل بانها ترعي اشجار السمر واشجار الشّاو وما اروع طقاق توية حين يصف رعي الابل للاشجار :-
    ام زور الشُّوحة وطويلة
    وام خبيرةً كيف الجبيرة
    حجّانة الشدرة الضليلة
    ام فرعاً ردّم خضيرة
    تَرْخِي العرقوب تمَّقيلا
    ووصفها بانها تأتي بالفتن (رماية الشِّبك) وانها تريد مراعي منطقة كويع باو وهو علي الحدود التشادية
    علي ناس العِريجة حَدَرْتِي
    واهلك صابرو وبقا بالِك المُرمتِّي
    ما بَقّيتِي في بكان العَضَاوة سَدَرتِي
    وحلّاك الله من وقعة زراعة بَرْتِي (ودالمر)
    ثم توغلت حتي مراعي العريجة وهنا اهلها (صابرو) اي مكثوا طويلا والمرمتي اي اخر الجزو وهذا ما جعل شاعرنا الراحل صاحب الحنجرة الذهبية بخيت ود عبدالمولي ان يدعو الله ان يأتي بالسموم الحارقة التي تعجل بعودتهم الي المدامر بل حتي تمني لابله الخداج (الطراح) (الزلاج) من اجل لقيا الحبيبة
    يا مولايا تحصل حَرِّي
    سمومها تِزَلَّجْ العَزَبَة العَلُوهَا مِسَرِّي
    يِرُوحَنْ مِنّنَا لوكْتَنْ حِوَار ما يِضَلِّي
    وعَشَان ما نِشُوف خِلقة المَنْ وسِط مِنْزَرِّي
    وقالت لها القمرية ان ربنا (حلاك) من مزارع البرتي التي تنتشر في الجنوب حيث رحلة النشوق
    تمَّت كم شهر في السافِل البِعَنو
    ونامت الصيف حَكَمْ اصلو الحكايي شنو
    رَوْيان دونكي ود ريد قول خفيرو منو
    ادم ود سعيد وبريمة ود تِجُّو (ودالمر)
    ومن شدة شوق القمرية للابل تخابطها قائلة:- لقد مكثتي شهورا كثيرة بالسافل الي ان حل وقت الصيف ثم تبشرها بان دونكي الكاتب محمد ريد مملوء بالماء ومن خفراءه ادم ود سعيد وهو من امهر عازفي الزمبّارة وبريمة ود تجو وهو الذي زكره البروفسير عبد الله في فرسان كنجرت
    الحاضة وغريدة وخاطرة والكَنتوش
    بيهن طفتي يا ناقة الرباع ام شُوش
    حرسك كلو جيم فور اوعا من خرطوش
    ودريد حاتي ما تسقي ام عبل بي قروش (ودالمر)
    (الحاضة وغريدة والكنتوش) اسماء مراعي بالجزو- ثم تطلب من ود ريد ان يسقيها مجانا (ام عبل ) اي كناية عن شحمها وهي دوائر تتركها الابل علي رجلينها وذيلها (وعراقيبها) من البول والعبس وهي كلمة قديمة تستعملها قبيلة جهينة قيل ان كورينا فارس بني جرار المشهور مرة بجهني يغني:-
    (الناقة عَبَّلتْ لي دارها قَبَّلتْ فرسانها تيران إنْجَّلتْ وفزارة من الدّار جَلَت) فصاح كورينا السلام عليكم فصاح الجهني ساجعا وقد عرف كورينا : وا خرابي عضامي تنصّلَتْ
    وين يا ناقة وين ناقة
    وجِيدَنْ جِيتي لي بلد البِكجرو الطاقة
    يا رعَّاية الجَرْح الخِشينو دِقاقة
    من فارَقْتِك اني لي رِبعَتِك مٌشتاقة (ودالمر)
    وعندما وصلت الابل (الناقة) الي الديار قابلتها القمرية مُبتهجة وفرحة تشدو وتغرد وتقوقي (وين ياناقة) وتهتف بكل اريحية وشوق (جيدن جيتي) وهي لعمري اقوي تعبير من كلمة سلامتك لتحية القادمين من السفر ثم تخاطبها معترفة بانها منذ فراقها عزبتها الاشواق - والجرح يقصد به السهل المُخْضَر والخِشين هو نبات من نباتات مراعي الجزو و دقاقة اي صغيرا زُكرت كثيرا في الاشعار السودانية وما اروع عزاري الحمراء حين يشدون ويتغنين بي
    الرملة الحراقة
    والخضرة الدقاقة
    اني ياروحي مشتاقة
    لي السافر ما لاقة
    وختماما بمناسبة زوقة القمرية من الابل وطُماح المرأة لزوجها من اجل الابل نقول:-
    اما ان الاوان لسياسي بلادي ان يكبوا الزوقة!؟ واما ان الاوان للشعب السوداني ان يطمح السياسيين؟!
    عبيد الطيب (ودالمقدم) بادية الكبابيش




                  

11-24-2012, 08:20 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    الأستاذ العزيز / محمد التجاني عمر قش

    سلامات

    أسمح لي أن انشر هذا المقال الجميل والتوثيقي في هذا البوست حتى نعم الفائدة

    كتب الاستاذ محمد التجاني عمر قش

    حتى التراث الكردفاني مهمل!
    داك سحاباً دفّنْ
    تحته بروقاً رفّنْ
    ركب الدرفّن
    يحي المات و مكفّن
    " ضوة بت عبد الزين"
    ترسم هذه الأبيات الرائعة صورة متكاملة لبيئة التراث في شمال كردفان إذ الحديث هنا عن موسم الخريف و ما يعنيه من ترحال أو "نشوق" أصحاب الإبل و ما يصاحب ذلك من فراق للأحبة و تشويق للذين يتخلفون عن تلك الرحلة الممتعة مما جعل هذه الشاعرة الفذة تدعي بأن "ركب الدرفن يحي المات و مكفن" لما يحيط بذلك الركب من روعة و جمال بدوي خالص.نقول هذا لأن الحديث عن التراث هو في المقام الأول حديث عن الهوية و المجتمع الذي يمثله؛ و هو ليس مجرد كلام للتسلية و الطرب بل يمثل مكونات نفسية و اجتماعية ذات دلالات عميقة تشمل الشعر والغناء و الإيقاعات و الثقافة و اللغة و التأريخ و القيم بكل ما تحمل الكلمة من معنى. وقد يتوسع معنى التراث ليضم في طياته أشياء مثل الزي و الأطعمة و الأواني ولذلك نجد أن الدول التي تعنى بتراثها تقيم مهرجانات و متاحف بل و كليات و معاهد عليا حتى تحافظ على تراثها و تبقيه حياً في نفوس الناس من أجل ربط الأجيال المتعاقبة بموروثها الثقافي أو بالأحرى ربط الناس بماضيهم لينير لهم طريق الحاضر و المستقبل ببث و نشر القيم الإيجابية .إنّ ما جعلني أكتب في هذا الموضوع هو ما أراه من إهمال قد يكون متعمداً للتراث الكردفاني الأصيل خاصة في جانب الشعر و الغناء من قبل أجهزة الإعلام إذ عرضت كل أقاليم السودان بضاعتها من الفن و التراث و الرقصات الشعبية إلا كردفان، و خاصة شمالها، فقد ظل تراثها بعيداً عن الإعلام إلا النذر القليل مما نجده أو نسمعه من حلقات تبث عبر الأثير من القنوات الفضائية وأحياناً الإذاعة و الصحف. و لعل القارئ الكريم يعلم أن هذه المنطقة تحفل بتراث يمتع بكثير من الإبداع و الأصالة و هو يمثل امتداداً طبيعياً لما نجده من أنماط التراث في كثير من مناطق السودان المختلفة لأن كردفان تمثل سودان مصغّر تجمعت فيه كل القبائل من الشمال و الغرب و الوسط و تمازجت و اختلطت حتى أنتجت لنا هذا الذي نسميه التراث الكردفاني. عموماً،هنالك تياران من التراث الكردفاني الغنائي والفني هما تحديداً تراث البقارة الذي يمثله إيقاع المردوم لدى المسيرية و الحوازمة وهذا قد نقله لنا نفر من الإخوة في فرقة فنون كردفان على رأسهم الدكتور عبد القادر سالم حتى أصبح إيقاع المردوم معروفاً و رائجاً و مقبولاً لدى كثير من المهتمين بالتراث. و في الجانب الآخر نجد تراث الأبالة الذي يمثله إيقاع الجراري بتسمياته المختلفة و هو يوجد لدى قبائل كثيرة تمتد من ديار الكبابيش شمالاً مروراً بدار حامد و المجانين وحتى دار حمر. و قد استطاع بعض أعضاء فرقة فنون كردفان تقديم نماذج جيدة منه ولكنه لم يحظ بالذات القدر من الذيوع مثل المردوم؛ ذلك لأن الأخوة أمثال عبد الرحمن عبد الله و صديق عباس وأمبلينا السنوسي لم يهتموا بالأمر بالقدر المطلوب و اكتفوا بحسن الأداء الصوتي دون تطوير التجربة و الاهتمام بها كرسالة فنية مثلما فعل عبد القادر سالم. و لهذا عندما صدحت معجزة الفن السوداني نانسي عجاج بأغنية ( أندريا) من تراث دار حمر بغرب كردفان انتبه النقاد إلى قادم جديد كأنهم لم يسمعوا به من قبل و أنبرى كثير منهم يحلل و يشرح المفردات و كتبت مقالات كثيرة لهذا السبب.
    لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي جعل التراث الكردفاني غريباً على أذن المستمع؟ هل هي اللهجة أم هي أمور ثقافية أخرى؟ أم أن ذلك يعود لتقصير الإعلام أو الجهات المسئولة عن الثقافة في كردفان؟
    إن الشعر الغنائي في شمال كردفان بالذات يمتاز بقوة المفردة و تعدد الإيقاعات التي ربما تصل إلى ستة عشر إيقاعاً كلها مأخوذة من مشية البعير و لذلك فهو يمتلك قدرة عالية جداً على التطريب ؛ وبالإضافة إلى ذلك فإن مواضيع هذا الشعر لا تختلف كثيراً عن تلك التي نجدها مثلاً في أغنية أم درمان أو غناء الجعليين و البطانة؛ كما أنها لا تبعد كثيراً في بعض جوانبها عن طنبور الشايقية خاصة إذا وضعنا في الاعتبار غناء الطنبور لدى أهلنا البديرية و الجوامعة وأغاني الدلوكة في منطقة بارا و البشيري و دميرة و غيرها حيث توجد مجموعات كبيرة من القبائل و المجموعات التي تنحدر أصولها من الشمال مثل الجوابرة و الركابية و الجعليين و الدناقلة. ومن الطريف أن سرور ذكر أنه في عام 1921 عندما أضرب الطنبارة في أم درمان عن إحياء ليلة تاجر يدعى بشير الشيخ،وقع سرور في حرج كبير ولكنه تدارك الموقف عندما سمع مجموعة من أهل كردفان" دار حامد و حمر" يؤدون بعضاً من أغاني الجراري فأعجب بطريقتهم في الأداء و استعان بهم في بعض الحفلات و كادت تلك الحادثة أن تغير تأريخ ومسارالغناء في أمدرمان ليصبح على إيقاع الجراري الكردفاني الصرف حتى أن الشاعر إبراهيم العبادي قد نظم أغنيته المشهورة التي يقول فيها:
    ببكي ووبنوح وبصيح للشوفتن بتريح
    فرع النقا المميح منو المسك بفيح
    وكتين صباحو يبيح بلبل قلوبنا يصيح
    و لحنت على إيقاع الجراري ويلاحظ أن كلماتها لا تختلف كثيراً عن مفردات الجراري ولذلك يعد العبادي من شعراء الأبالة ولكن لا ندري لماذا لم يستمر هذا الاتجاه! المهم الآن هنالك التفاتة للفن الكردفاني يمثلها ما اشرنا أليه من أداء نانسي عجاج المتميز لأغنية أندريا و أداء الأستاذ سيف الجامعة لأغنية كردفانية لا تقل روعة و تطريباً وهذا يعني أن مطربو الوسط قد تنبهوا أخيراً لكنوز التراث الكردفاني ولعلهم بتحفونا بمزيد منه في مقبل الأيام. و نحن بدورنا نناشد المسئولين عن الشأن الثقافي الإبداعي في الولاية أن يولوا هذا الجانب مزيداً من الاهتمام لأنه لا يقل إلحاحاً عن التنمية ولعلهم قد شاهدوا ما فعلت ولاية البحر الأحمر و نهر النيل من إبراز لتراثهم بطريقة جذبت اهتمام كثير من المعنيين بالأمر. و نقول للأديب الأريب و الوزير الرائع الأخ سموأل خلف الله هل لنا أن نطمع في " ليالي أب قبة" الفنية على غرار ليالي أم در والثغر حتى نعيد لتراث كردفان شيئاً من الحيوية و الرونق.
    أخيراً تأملوا معي هذه الأبيات من الجراري لتروا روعة هذا الفن:
    أمك ولدت جابت
    في خلة ما أصابت
    بيكرتك شربت لابت
    تحت النجمة الغابت
    محمد التجاني عمر قش- الرياض



                  

11-25-2012, 05:25 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: هنا هو إقتراح بطبع هذه المقالات فى كتاب يكون فى متناول الآلاف فى الداخل والخارج فهل من مثنى لهذا الإقتراح وبخاصة الإخوة والأخوات عمدة المنبر العام ....كلاكما انت والأستاذ خالد تستحقان التكريم


    أستاذنا الجليل الموسيقار / أنس العاقب

    تحية وحترام وتقدير

    سعيد جدا بحضورك الانيق لهذا البوست ومداخلتك الرائعة

    والتي أسعدتني وشرفتني ، فمشاركتك أضافت لهذا البوست مزيدا من الاهمية والآلق

    وحملتنا مسئولية التوثيق للتراث السوداني وخاصة في الأقاليم

    وأشكرك على الفكرة الرائعة لطبع هذه المقالات في شكل كتاب ، وفعلا تستحق

    هذه المقالات ان تنشر للجميع مطبوعة في كتاب

    لك التحية والمودة أستاذي الكبير أنس العاقب



                  

11-25-2012, 10:58 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: حتى التراث الكردفاني مهمل!
    داك سحاباً دفّنْ
    تحته بروقاً رفّنْ
    ركب الدرفّن
    يحي المات و مكفّن
    " ضوة بت عبد الزين"

    شوف السحاب دفَّن اي ادني خط الأفُق بعيدا جدا وتحته بروقأً رفَّن اي لمعن او شلعن وسرعة وميضه كحركة العين عندما نقول رفت عيني
    والدَّرفَّن تذكرني بالأستاذ الامين البدوي ود (كاكوم)عندما قال مازحاً :- (مادام ناس اللغة عندهم جمع تكسير برضو ناس البادية عندهم جمع تفجيخ )
    زي درفَّن بززَّر- نسوَّن - حررَّم -عككَّز -حممَّر-غزلَّن...الخ
    الرَّكب البجيك دردور
    تراحة مو بزُّور
    شِقِّي العَلَيْ منصور
    ؤشِق العدو مكسور

    وما اجمل رَكب اللَّحاقة وركب اهل ام زور وما اروع عبد السيد
    كان سألوني من حالة سروح النَّاقة
    بقول ليهُن سفيها وبي الدِّيار جلاقة
    معارض سيدها دايماً لي الخطر بشاقة
    ؤ بشوف ديدانها ركباً كلَّهُن بنداقة
    لكم محبتي جميعا

    (عدل بواسطة عبيد الطيب on 11-25-2012, 11:01 AM)

                  

11-26-2012, 08:21 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    Quote: وعندما هب النسيم العليل مع برق الصباح الباكر قوقا القمري مع الغصون واصبح الشاعر عمر كالدّر المصون يحكي في مساجلة بين الانقيب (راعي الإبل) والقمري حيث قال:
    يا بروق الصباح الغايصه أملن وسوقن
    في القيع والقفاري القحطه بالليل فوقن
    نسيمكن هب وزاد قلب المتيم شوقاً
    واواي الوناقيب والقماري القوقن

    رَحَلَت مع الابالة حتي وصلنا الي ديار الرزيقات وما اجمل الاجابة حين تكون شعرا
    مَا تْلومني يا الغنَّاي
    وكان بي هوِّي ما بتعدا من ها خَلاَيْ
    الدّار اصبحت جَايْحِي ؤ بريت أم رَاي
    نجعت معاها شان اتْعلَّم الواواي
    حين لام الشاعر القمرية علي رحيلها دون وداعه ونعتها (بعديمة الزوق) لترد عليه القمرية قائلة: لا تلمني ايها الشاعر لاني ان كان بارادتي سوف لا اغادر دياري مطلقا ولكن عند رحيل الابل (ام راي) اصبحت الديار قبيحة ولذا نشَقْت معها واريد ان اتعلم واوي انقيبها ولقد صدق الرائع حافظ عباس محمد نور حين قال :- والله انحنا مع الطيور المابتعرق ليها خرطة ولا في ايدها جواز سفر ولكن القمرية هنا خرطتها مظعان الابالة وواواي البزر وجواز سفرها تغريدها
    الدار اصبحت جَايْحِي وملوك مُو فيها
    وأم زور علَّقت ناجعي ؤ رَزَم حاشِيها
    قُمْتَ معاها بارياها ؤمَسِكْت التِيها
    وفي دَوْ الهشاب واويت مع راعيها
    الدار صارت قبيحة لان الابل (ام زور) تأهبت للرحيل واقلقني حنين فصامها ولذلك ودون ارادتي صحبتها وفي اشجار الهشاب اغرد مع واواي اصحابها
    لي دار المساليت مدَّت
    ؤ ورَدَت با بنوسة وفي الحفاير دّقَت
    اني مبارياها وين ما علَّقَت واتْعَدَّت
    ؤمِن واواي انيقبها الكبيدة إنْشَقَّت
    ثم ياتي وصف حركتها ورحليها واسماء المراعي والبلدان التي رحلت اليها واوصاف ساكنيها حيث تقول :-ذهبنا الي دار المساليت ثم وردنا بابنوسة وفي حفايرها انشأنا احواضنا للشراب والمعطن وكل ما ترحل الابل الي ديار اخري اكون معها ولا افارقها ولأن واواي انقيبها آلم قلبي وأدما كبدي
    دَمَرت معاها في الخزّان
    ؤمشينا بِلُود اهلها بطيِّعُوا التيران
    حِوارك طَن وسيدك علَّق ام نيشان
    بتين يا أم قُلَّة نرجع لي العرب عُقْبَان
    ثم دمرنا في خزان ودعة حيث اهلها يمتطون الثيران وتحن النوق (حوارك طّن) من الطنين (جقلة الطَّنَّ حِوارك عقدوا الشّورة رِجالك ) وصاحبها يحمل سلاحة ولكن هنا تحن القمرية وتشتاق الي ديارها لتسأل الناقة الي متي نرجع لديارنا واهلنا يا(ام قُلَّة) بقاف مضمومة ولام مشددة ؟من اسماء الابل
    قبل ما قلت اقوم كلمتها أم كُزامة
    مادين الصعيد قلت ليها اني وشَرَّامة
    ماتتوصوا عُقبي معاكم الحكّامة
    خليت البلومة وبِت اعمي حمامة
    وهنا القمرية تخبر الشاعر قائلة:-قبل رحيلي اخبرت ام كزامة وهي الفتاة الجميلة والكُزامة هي عرطمها أو الشِّفاه حين تكون متجانسة مع الأنف والاسنان اخبرتها باني سوف ارحل جنوبا مع الابالة ولكي لا تفتقدي تغريدي وشدوي تركت الحكامة وطائر البلوم وابنة عمي الحمامة
    خليت البلومة والقديل والحُوَّة
    ؤنجَعْتَ مع بنات شرمي وسعاية القُوّة
    دخلنا بلد زغاوة وناس جديري وكوّة
    ورِعِينا عَضَاوة القوز والدواخل الجوّة
    ايضا تركت طائر القديل والبلوم وطائر الحوة وهم رهطي وعشيرتي ونجعت مع شرمة وهي الابل وتوقلنا حتي دار زغاوة منطقة جديري وكوة فهنالك المراعي الخصبة ورعينا حتي دواخل المزارع وهي لعمري اخصبها
    الخزان واللِّضيّة وناس بياض ولقاوة
    دمرنا هناك اني وجَقْلة ؤرِعينا عَضَاوة
    فرَّت ؤ دَجَّت أم زور في الهشاب تتحاوا
    واني قوقيت واللِّنقيب حَزَمها ؤ واوا
    دمرنا ايضا في منطقة الخزان والاضية وبياض ولقاوة حيث المراعي الخصبة وتفرقت الابل حول شجر الهشاب وانا اغرد واللنقيب يواوي بصوته الجميل لتتجمع ابله
    اني وجَبَّادة الشايل البَرم عِلّيفو
    نجعنا حَلالِي من بلد البِضَوِّي شِنيفو
    قَعُوي سَقَّاي ابو دَكنة المِحَمِّر قيفُو
    يسألني الله واواي اللَّنقّب كيفو
    ثم تقول القمرية هي وجبادة الشايل البرم وهي طريقة رعي الابل تسحب الشجر سحبا شال البرم اي ثمار الاشجار نجعنا حلالي وهي للحسرة من بلد ذات الزمام وصوت ضفادع (قعوي) ابودكنة و هي منطقة الرهد بكردفان وبها ترعة كبيرة جدا يملأها خور ابو حبل الشهير ونعيق الضفادع كصوت اللنقيب ومن هنا ارسل التحايا الزاكيات لمنطقة الرهد وقاطنيها وحياها الغمام الاربد والعارض الغادي ولي فيها ذكريات وشآ بيب الرحمة تتنزل علي قبر الراحل المقيم الناظر الطيب هارون فقد كان نسيج وحده
    بحر جانقي البعيد شرمة ام صِرار مدَّتْلُو
    وسيدها تَمَلِّي هوي وناس الجِبال بتكتلو
    نجعت معاها هَبَّارة المَمَنَّعْ فَتْلُو
    والحِمْدِ لله انعَم سافِلها ورَجَعَتْلُو
    وتوقلت الابل حتي وصلت بحر جانقي واحيانا تحصل مناوشات بين اهلها وسكان الجبال والحمد لله انعمت ديارنا ورجعنا بسلامتنا
    لِقَت قَفَلْ المَخَرَّق ؤفَرَّت
    ؤ سَوّيت عشي وأم زور لي الحِوَيِّر دَرَّت
    من دار الصعيد اني والسَّراتها إنْزرَّت
    ربنا جابنا قُبَّال السموم ما حَرَّت
    وهنا اي في الشمال المراعي اكثر خصوبة حيث السهول ممتدة والتلال وتنعدم المزارع واشجار جناين الهشاب وينعدم الباعوض والناموس ولقد وجدت الابل اشجار السِّعات والمعراب (القفل) والمعراب والقفل صنف واحد من الأشجار لكن للمعراب ساق وتفرقت في المرعي بعد ان كانت تتحاوي في الهشاب والقمرية وجدت الامان حيث اتخذت عشها علي شجر المعراب والكتر بعد ان كان علي السروج والحوايا وام زور اي الناقة درَّت الحليب لصغارها والحمد لله ان رجعت ومعشوقتي الناقة قبل ان تهب السموم الحارقة
    طلبت حَمر كولة وهَرْمَة
    دارت تَلْوِي في العاطفة وسروح الدَرْمَة
    ما بقدر بطير عكس الهبوب يا شرمة
    معاكي سلامة واني منك بقيت مِنْكَرْمة
    اتجهت الابل شمالا صوب رحلة الجزو الشهيرة وهي في اقصي الشمال والشمال الغربي عند تلال حمر كولة وهرمة وتيقا لانها تريد ترعي نبات وعشب العاطفة والدرمة ليكفيها الاستغناء عن شرب الماء(عميلة التأكسُد) وهنا سوف يكون فراقنا لانني لا استطيع ان اطير عكس الرياح حيث لا يوجد الماء وفي وداعة ربنا وحفظه ونأسف اذا تاخرت عن الرحيل معك (منكرمة) اي متأخرة فهذه حال الجفرافيا والتضاريس ولنا عودة في المُسدار الثاني
    عبيد الطيب (ودالمقدم) بادية الكبابيش
    منقول من سودانبل
                  

11-26-2012, 06:05 PM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    Quote: ولأن الجالسة من أساسياتها الصراحة شأنها شأن اغلب تراث الابالة الذي يعتمد على المفردة البسيطة المعني والمدلول مثلما يكون في الجراري والذي يعتمد على تلك الصفة،


    وهذه من أروع اغاني الجالسة للشاعر محمد احمد حاج الطيب(أبو البرعي)
    عبلوجة الرَّشيد المو هو هايِنْهَا
    فرَّت لي الزِّرَد رجعت مَوَاطِنْهَا
    ؤ وَرَدت في الحريق حيضانها قارِنْهَا
    ديفة أُم نايط الجَفَلَن روايِنْهَا
    قاجَّة قُرُونْهَا والصيَّاد مِباينْهَ
    مَرَّات تِنْدَرِق مرَّات بِعايِنْهَا
    ؤ لَمْبَة سودري البَقَّن رتَايِنْهَا
    ؤ قالب أُو شُومْبُك البوليسها صايِنْهَا
    ؤ بي الوَلَع الرِّقاق شاحِن كمايِنْهَا
    بِت عَربأً عِزاز والجار مِدَايِنْهَا
    ما بِصُّر وجِهْهَا تِشُوف غبايِنْهَا
    ؤ بشاشة وشَّهَا توريك بَطَايِنْهَا
                  

12-04-2012, 10:27 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    اعتذر للقراء والمتداخلين للغياب في الفترة الماضية

    وذلك بسبب السفر الى السودان وان شاء الله ساواصل هذا البوست

    من مدينة الابيض ومعي الاستاذ خالد الشيخ حاج محمود ، وفي انتظار المزيد

    من المشاركات من الاخ عبيد الطيب والاخ محمد التجاني عمر قش

    ولكم كل الود والتقدير

                  

12-05-2012, 07:16 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    من أغنيات التراث
    أنا ليهم بجر كـــــــلام


    كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
    لولا إرادة الله والحلف القوي الذي كان بين الأمين ود مسمار شيخ العبدلاب ومحمد أبولكيلك كبير الهمج ووزير الفونج لقضى (أياسو) ملك الحبشة على الدولة السنارية في عام 1744م خاصة حينما زحف بجيش كبير للقضاء على تلك السلطنة المترنحة آنذاك، وما أن عبر جيش ود مسمار النيل الازرق حتى لحق به مسانداً جيش أمير الفور (خميس) وفي موقع عرف بالتكينة بالقرب من الدندر دارت حرب ضروس انتهت بنصر حاسم لجيوش السودان وهزيمة ساحقة للغازي اياسو مما جعل الشاعرة رابحة بت ناصر من العبدلاب تمجد ود مسمار بقولها:
    الليلة النجم طرف السماء هدموا الجرى نسيبتو والبقيف سجموا
    الصف التقيل شيخ اللمين رجموا عزرائيل سلام الله وغشى غنموا
    ولكن هل تسلم الجرة في كل مرة وقد أصاب الوهن والضعف الدولة السنارية كما أن القائد الألباني محمد على باشا تولى السلطة في مصر عام 1805م واتجه للانفصال عن الدولة العثمانية وبالتالي طمع في غزو السودان لدوافع سياسية واقتصادية وعسكرية لذلك بدأ في جمع المعلومات الضرورية عن تلك المملكة من خلال بعثة تجسس ارسلها لسنار عام 1813م أخفى حقيقتها تماماً حيث كان هدفه معرفة قوة الدولة وتحسس مواقع ضعفها ولكنه أظهر مطالبه بطرد المماليك من شمال السودان كما خدع ملك سنار بإرساله هدايا فاخرة له، وهكذا شرع الباشا محمد على في تكوين حملة قوامها اربعة آلاف من الجنود ومعها ألفين من التبع بقيادة ابنه (اسماعيل) محملة بالاسلحة الحديثة صحبها ثلاثة من خيرة العلماء الذين يفتون في المذاهب الثلاثة (المالكي – الحنفي – الشافعي) وذلك لضمان اقناع الناس بأن هدف الحملة لم يكن اغتصاباً ولا احتلالاً وإنما دينياً وهو الخضوع لجلالة السلطان أمير المؤمنين وخليفة المسلمين بتركيا لذلك دخلت الحملة دون مقاومة تذكر منطقة دنقلا حيث استسلم لها بعض المماليك وفروا لشندي ولكن في كورتي حدثت مقاومة حقيقية وعنيفة من قبل الشايقية بيد أن الغزاة انتصروا بفضل السلاح الناري والعدة والعتاد الحربي وما أن وصلت الحملة لبربر حتى استسلم الملك نصر الدين وكذلك فعل القائد (موسى ود حجل) ملك الرباطاب وشيخ عرب الحسانية مما عجل بإستسلام المك نمر ومن ثم واصلت الحملة حتى وصلت الحلفاية والتي استسلم ملكها (ناصر ود الامين) وقد قام اسماعيل باشا بإصطحاب (الامين ود ناصر والمك نمر والمك مساعد) لسنار خوفاً من المقاومة والتمرد عليه وفي تلك الاثناء كانت سنار مسرحاً لاحداث مؤسفة حيث كان عليها الملك الشاب (بادي السادس) ولكن السلطة الحقيقة كانت في يد وزيره (محمد ود عدلان) والذي حاول تنظيم الصفوف للدفاع عن سنار بل أرسل خطاب للغازي اسماعيل باشا قال فيه (لايغرنك النصر على الجعليين والشايقية فنحن الملوك وهم الرعية أما علمت أن سنار محروسة ومحمية بصوارم قواطع هندية وجياد جرد أدهمية ورجال صابرين على القتال بكرة وعشية) وقد ورد ذلك في كتاب (مظاهر الحضارة في دولة الفونج) للدكتور بابكر فضل المولى كما قام ود عدلان بمخاطبة سلطان الفور آنذاك (عبد الرحمن الرشيد) لتوحيد المقاومة ولكن جهوده لم تثمر حيث اغتيل بوساطة ابن عمه (حسن ود رجب) الشئ الذي عجل بخروج الملك بادي السادس مستسلماً في 13يونيو 1821م وموقعاً على تنازل عن جميع سلطانه لخليفة المسلمين بالقسطنطينية كان ذلك بمثابة نهاية الحكم لدولة الفونج الاسلامية وخضوع وسط البلاد للحكم التركي والذي بدأ قوياً ولكن سرعان ما ظهر عليه الوهن والانحلال خاصة مع عودة غردون باشا حاكماً عاماً للسودان عام 1877م والذي واجه مشاكل عدة وعديدة منها القلاقل التي كانت في دارفور بين السلطان والضباط المصريين من جانب ومن سليمان الزبير ود رحمة من جانب آخر مما جعل غردون يسافر لدارفور لحل تلك الاشكالات كما قام بمحاربة تجارة الرقيق التي تم حظرها في عام 1877م وكذلك تأزمت الأمور بالحبشة ونشبت حروب في الاستوائية لذلك لم يجد غردون الوقت لمجابهه الاشكالات الادارية فعمت الفوضى، لاسيما حينما تدهورت صحته وعاد للقاهرة عام 1879م فخلفه (رؤوف باشا) في عام 1880م حاكماً على السودان والذي في عهده ساءت الامور الادارية وحل الفقر والخراب بربوع البلاد بل حدث الاحتراب والشقاق بين بعض القبائل بسبب الصراعات العشائرية في الثروة والارض ولم تكن الحاميات العسكرية قوية حتى تحفظ الأمن حيث انفرط العقد و النظام وما ساعد على ذلك ان الحاكم رؤوف باشا كان ينفذ سياسة (فرق تسد) وعلى تلك الخلفية نشب صراعاً عشائرياً بين (العوضية) و(عائلة فرح) بمنطقة ( أم مغد) حسب افادة الباحث والمؤرخ الاستاذ (على ابوزيد بابكر البخيت) حفيد الفارس وعمدة ام مغد في عهد الاتراك (البخيت ود بابكر) علماً بأن العوضية ينتسبون أصلاً للشيخ سلمان الشيخ محمد ياسر المشهور بـ(سلمان العوضي) والذي ولد وعاش في عهد الاتراك وتعتبر ولاية نهر النيل هي مقره الأساسي وإن كان من المعمرين الذين عاشوا زهاء المائة وخمسين عاماً قضى منها فترة خمسين سنة بالمدينة المنورة ومن ثم عاش بمنطقة بربر قبل استقراره بمنطقة التراجمة شمال مدينة شندي والتي تزوج فيها وانجب ابنه الوحيد (بدر) (جد البادراب) وحينما توفى دفن في الجوير بالقرب من المتمة وإليه ينتسب عمدة الجوير (حسن بشير على ضبعة) المشهور في منطقة الجوير بـ(الحسن ود ضبعة) والذي ولد في عام 1877م بالجوير حيث يقيم أهله العوضية في تلك المنطقة من السيال وحتى كمير الجارالاب ولأنه كان مصلحاً اجتماعياً و كريماً وشهماً وعابداً حافظاً للقرآن والعلوم الاسلامية لذلك كان قدوة يحتكم إليه الناس في الملمات والصعاب بل اصبح عمدة للجوير خلفاً لأخيه عبد الله وحينما ذاع صيت الحسن ود ضبعة غنت له الفنانة المشهورة بالمنطقة (حميراء ام قلب) اغنية (سيد محكر الديوان) والتي استهلتها بذكر اسمه فقالت:
    سيد محكر الديوان ثابت يا ابو قلب تقابة لي النيران مين متل الحسن ...الخ
    وفي منتصف الحكم التركي للسودان هاجر (عبد الله الدسيس) حفيد سلمان العوضي من منطقة الجوير لمنطقة بالقرب من مسيد (ود عيسى) ومجاورة لمنطقة المسعودية التي أسسها (مسعود ود عبد الله بن محمد) من ذرية جابر بن عبد الله الأنصاري كما أورد ذلك الاستاذ (جابرعبد الله معروف) في كتابه القيم (الجوابرة والانصار الخزرج بالسودان)، على كل كانت تلك المنطقة التي هاجر لها عبد الله الدسيس آنذاك غابة سنط ولكنه عمرها بالزراعة بعد حفره للآبار واقامة ساقية زرع فيها (عيش المقد) ولأن الأرض كانت بكراً لذلك أنتجت كمية معتبرة من المحصول مما جعل الناس يقولون ماشين لأم مقد ولكن الاسم تحور فصار ( أم مغد) بالغين (بدلاً عن القاف) حيث يقيم بالمنطقة اليوم مجموعة من الاهالي منهم (العوضية و الدويحية وآل رحمه ورفاعه والعبابدة والمحس) وتتبع المنطقة ادارياً للكاملين والمسيد ومن شيوخها المشهورين العالم الشيخ (محمد على ابوقرون) صاحب القبة بالمنطقة، والذي كان عالماً عارفاً في العلوم الدينية وخلفه ابنه محمد على والد شيخ موسى ابوقرون، كما أن عمدة المنطقة اليوم هو (عبد الوهاب عمر مصطفى) والذي يتبع لسلطة (احمد عمر مصطفى) ناظر محكمة العمد بمسيد ود عيسى، وفي نهاية العهد التركي أصبح البخيت ود بابكر ضحوي- عمدة على المنطقة التي تمتد فيها سلطته من بتري حتى الكاملين وقد خلفه ابنه محمد احمد وفي حوالي عام 1880م نشب صراعاً بين العوضية وعائلة فرح الذين يقيمون حول أم مغد وذلك بسبب الأراضي لاسيما وقد كانت السلطة التركية ضعيفة بمركز الكاملين مما تسبب في صدام وقتال بين الطرفين حيث حشد العمدة البخيت بابكر ضحوي أهله وابناء عمومته وكذلك فعل الطرف الآخر وحينها شاهدت الشاعرة (زينب بابكر عبد الله الشوبلي) تلك العركة وهي ابنة عم البخيت بإعتبار أن ضحوي والشوبلي هما أشقاء وقد سمى ضحوي بذلك الاسم لأنه كان كريماً كالمطر الذي يصب في الضحى لذا قالت فيه الشاعرة زينب:
    خالي ماهو اللين الكجر خالي الضحوي الغاش الحجر
    وكذلك مدحت البخيت حينما استبسل في تلك العركة بقولها:
    اللدروع كفات حلال القبيض يوم السلاح صافات
    تسلم يا ابو عروض وتلزم البجن صافات
    لي المابي لي عجبوني تيراني يا الشادين قفاي أنا مطرقا لساني
    كما وصفت أشقاء البخيت الذين استبسلوا في تلك العركة وكانوا كالديدان وهم (أبوزيد وموسى ومحمد وعبد المجيد وعامر وعبد الدائم والطيب) حيث قالت الشاعرة زينب ممجدة اقدامهم وشجاعتهم:
    أنا ليهم بجر كلام دخلوها وصقيرا حام
    ولا قرقر ملأ للوسادة برنو وشال لي مكادة
    (مكادة هي الحبشة) ، وتواصل الشاعرة ألقها بقولها البديع:
    ديل جنيات النداده سيدي الدار في السيادة
    والله قرقر فوق لي الدرب وربط الهوي والشرق
    كدي ميزولنا الضرب ديل جنياتنا ما بتنغلب
    عبد الدائم شقَ سيرو من ولدوهو الشكره هيلو
    الخصيم ما بكيلو صوتو بيهجل قبيلو
    سم أب درق البصقع جدري القيعة البفقع
    ولا صوتاً مانع بردع الطيب في شطارتو مبدع
    سم أبو درق الجدادي تكل الجدري البعادي
    لي الخصيم ضربو بآزي موسى المر الحجازي
    والله عامر سوقك مبدر مجرجر توبك مسبل
    الطيب للشر مبدر مو التكل المجدر
    عبد الدائم معاهو اخوانو طافوا البلاء في بكانو
    خصماهو قنعو قامو الصف العامر زحامو
    هو مستعد لي لطامو
    أنا نميت جبت قلبو فشلوا القالوا قصوا دربو
    زي السندالة قلبو
    أنا غنيت جبت غناكم يا البينين هوي براكم
    البدوركم تراكم جلق الطير لي غداكم
    الصف العامر رجاكم اتباشروا لي بلاكم
    واركزوا زينب وراكم
    جروا لي مرة سوطكم وروني الليلة صوتكم
    واتباشروا الله فوقكم
    الجدير بالذكر أن الشاعرة زينب بابكر الشوبلي ألفت أيضاً قصيدة (البازل بابكر) في جدها بابكر ضحوي والتي تغني بها مجموعة من المطربين منهم الاستاذ المرحوم (بادي محمد الطيب) وغيره ، كما ان البخيت ود بابكر عندما اظهر جانباً من الاقدام امام قوة الجهادية التي اغتصبت مجموعة من الابقار خاصة شقيقته الشاعرة (النّور بت بابكر) وقام بصد تلك القوة وارجاع الابقار لها مما جعلها تمدحه بقصيدة اصبحت من الأغنيات المشهورة التي تغني بها الفنان الراحل (خلف الله حمد) أغنية (ماحرسوا الجري) والتي سوف اتناولها في العدد القادم، كما تغنى الفنان خلف الله حمد أيضاً بأغنية (أنا ليهم بجر كلام) ومن ثم أصبحت مشاعة وملك عام للمطربين المخضرمين والمجايليين بإعتبارها من اغنيات التراث القومي، فلله در تلك الشاعرة المجيدة (زينب بابكر عبد الله الشوبلي) وهي تنشر الفرح والحماسة في ربوع بلادنا وقد شمخ أبناء عمومتها وكانوا أبطالاً كمثل البطل محمود ود بساطي احد ضباط قوة دفاع السودان والذي منحه الحكم الثنائي رتبة بك لشجاعته واقدامه في الحرب العالمية الثانية مما جعل شقيقته آمنة تمدحه بقولها:
    أبوك بساطي القبيل تبراهو الشعبة والجنزير
    غير خالد ماليك تنين وعرش دود الاربعين
    السيل بوبا يا الفوتك مو دحين






                  

12-05-2012, 12:03 PM

محمد التجاني عمر قش
<aمحمد التجاني عمر قش
تاريخ التسجيل: 10-22-2012
مجموع المشاركات: 501

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    الغرب يترافف كلو
    جاب نساما حلو
    عديد ناس راهب طلو
    علي البجفل من ضلو


    مغرِب وين ماشي
    جيب أم حنين قاسي
    الدفتر فوق راسي
    إلا القلم مافي


    جقلة الضيم ما يضلك
    جبال القيقر هلّك
    سيدك يوم بحضرلك
    بي دم روحه بحلك


    واصل يا ود القرشي هذا الإبداع الدافق وفقك الله وأطربك كما أطربتنا

    قش
                  

12-05-2012, 12:26 PM

محمد التجاني عمر قش
<aمحمد التجاني عمر قش
تاريخ التسجيل: 10-22-2012
مجموع المشاركات: 501

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: محمد التجاني عمر قش)

    من شعر ود أم سيالة(دوبيت)



    حِجيرْ جبَره أَبُوي مَرَاكِب سَبْعَه شَالَنُّو جَن كاتَّاتْ
    وجَــوز الوز رَطَــن في غُــرَّة المـوجاتْ
    يا حِجيرْ جَبْرَه أَبـوي مـَـوز الجَنَايـِــن فاتْ
    وجُروح الكَـبْده متباريه ودَمِيــها شَتَـــاتْ



    حِجير جـبره أبوي الليله أَقِيف و اتْشَمّرْ
    ليْ نخل الرَوبو جَرْجَرْ شال ثمار واتعمّرْ
    مــكْلوف دُنْقُـلا الخَلاَّ القَلِبْ يتهمّــرْ
    أَخَدَر لونو أَدْعَجْ ومِن فُؤادو مَضَمَّــرْ
                  

12-05-2012, 03:03 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: محمد التجاني عمر قش)

    أعزيك أخي محمد التجاني عمر قش

    في وفاة كنز الدوبيت الفنان والشاعر ود ام سياله

    واتمنى ان توثق لهذا الشاعر الكبير

    له الرحمة والمغفرة



                  

12-06-2012, 06:56 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    الأخوة دكتور القرشي والاستاذ خالد لكم التحايا افتقدكم البوست في الايام الماضية مع اني سويت (نحالتين تلاتة) لكن بعد ذلك اخذوني
    ناس ابان عقال بعيدا .....!
    ما دام انت في ابو قبة فحل الديوم دي مُسيال درت للاستاذ خالد
    يا طير مشيت بديك جواب مكتوب
    سلِّم لي بلل ؤ أُمْحُمَّد الشبشوب
    الهدَّايهُن رقد من يمَّهُن مغلوب
    قوم اركب تعال شوف مرعي ناس (حيدوب)
    في القش البحبَّنُّو النفوس مرغوب
    دشرهن عزَّلُو ؤ مسك العضاوة بِلوب
    والتّيس العلي اُم زانوق تِعلِّي الرُّوب
    اصبح عيل إحشِّر منهن مضروب
    اصبر يوم نجيبهن ليك متل الطوب
    ؤ قلبك كان يجيك من أم جرورة إتُّوب
    عمنا الدليل الراحل موسي ود محمد ود عبدالله شقيق التريح راوي فرسان كنجرت
    ويا استاذ خالد هو والد الاستاذ بلو موسي معاك بالأبيض ارجو ان توثق منه لوالده لأنه من اروع الشعراء خاصة في غنا الجالسة وبجيكم صاد
    محبتي للجميع
                  

12-06-2012, 11:31 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    من أغنيات التراث
    فارس الحديد الحمي



    كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
    أصبح السودان رقماً يتردد بين الشعوب والأمم بعد معركة شيكان والتي كانت قاصمة الظهر للاستعمار التركي بالبلاد ومن ثم جاءت الوفود من كل البقاع مهنئة ومباركة ومؤيدة للإمام المهدي لذلك تعتبر شيكان نقطة تحول رئيسية في مسار الثورة المهدية إذ عمل الامام المهدي على الاتصال بقيادات القبائل والمشائخ والطرق الدينية وكان السيد المكي ابن الشيخ اسماعيل الولي أول المؤيدين له بل كان همزة الوصل بينه والزعماء والأعيان حيث انضم نفر كريم للثورة المهدية بمدينة الابيض مثل الياس باشا امبرير ، كما كان لمنشورات المهدي دورها الكبير وما ساعد على ذلك صفات المهدي الشخصية والقيادية وامتلاكه لكاريزما أثرت على الجماعات والافراد وقد وصفه سلاطين باشا بقوله (هو رجل قوي البنية طويل القامة عريض الكتفين ضخم الرأس يلفت النظر إليه بعينين عسليتين براقتين تحف بوجهه لحية حالكة السواد وتميزه ثلاث فصائد قبلية مائلة، دائم الابتسامة)، أما طريقته في إدارة المعارك فإنه كان يعتلي ظهر ناقته ويسير بها خلف الجيش حتى يصبح على مرأي من العدو بعدها تتقدم رايته حسب المخطط بينه وبين قادته، وقد لخص الكردفاني إدارته للمعارك نقلاً عنه فقال (في حالة الحرابة اكون خلف أصحابي وعند الفزعة أكون وسط الجيش وفي حال التوجه لأي موقع أكون خلفهم لأن نظري لهم خيراً من نظرهم لي) ، لذلك عندما استولى المهدي على الأبيض أصبح خطراً ماثلاً للاستعمار لأنه لاشك سوف يزحف لاسترداد الخرطوم مما استدعى ارسال حملة كبيرة بقيادة الجنرال هكس باشا ونائبه القائد العام علاء الدين حكمدار السودان آنذاك ورئيس الاركان فرك هار والكابتن هرلث من هيئة الأركان وعباس باشا سكرتير حكمدار السودان و ميخائيل ناصف مترجم وسكرتير القائد العام وكان قوام الحملة عشرين ألفاً من البشر والدواب مما قلل من سرعة تحركها حيث كانت الدويم منطقة الانطلاق عبر طريق الرهد الأبيض وكان أول حدث جلل في نقطة شات هو هروب الامباشي (أبو الفارس سليمان) بجمل سريع ومعه ذخيرته وسلاحه خاصة و هو على علم بحال الحملة واشكالاتها واختلاف ########ها وانضم للمهدي بكرفان مما جعل المهدي يعين الأمراء الثلاثة (ابو قرجة وعبد الحليم مساعد وعمر الياس) في قوة قوامها ثلاثة آلاف مقاتل لمناوشة الحملة ولكن العبء الاكبر وقع على الأمير حمدان أبو عنجة قائد الجهادية من خلال ادارته لمعركة اعتراضية بعد اصداره اوامراً للقادة (فضل المولى صابون – الزاكي طمل – النور عنقرة ) برشق المربع الحربي لهكس دون توقف و قد اشتهرت تلك الليلة (بليلة حمدان) والتي وصفها المحلل العسكري والباحث العقيد (محمد سليمان احمد) في تحليله لمعركة شيكان بأنها كانت معزوفة لحن ما قبل الختام لأنها كانت يوم الاحد الرابع من نوفمبر عام 1883م، حيث أن أصداء نيران الجهادية ترددت في جنبات زريبة هكس بغابة شيكان مما أوضح بجلاء مصير تلك الحملة وأجلها المحتوم إذ تلاشت آمال الجنرال في النصر او النجاة مع اسدال الظلام عن تلك الليلة فكانت الهزيمة في نهار الأثنين 5/نوفمبر/1883م واغتيال الجنرال هكس ومعه قوته البالغة ثلاثة عشر ألف جندياً فيما خسرت قوات المهدية مائتين قتيلاً فقط لذلك كان للجهادية الدور الكبير في حسم معركة شيكان مع آخرين وبإنتهاء المعركة انتقل المهدي من مرحلة الدفاع للهجوم ويمم شطره صوب الخرطوم كما أشار شيخ شعراء كردفان قاسم عثمان بريمة في اوبريت شيكان بقوله:
    نضفوا كردفان والله أكبر دوت شدوا الصافنات قدامٌ صقورهم خوت
    وصولوا البقعة وكتين البنادق عوت عاسوا عوسهم تمام امانة الحراب ما سوت
    سجل التاريخ حكايتو بين القصر والخيمة وكانت ليلة حارة واليوم وجب فخيمه
    شبعت صقورا وقدلت ام مارخيمه وكانت الجثة في القصر والرأس في باب الخيمه
    ومن حظ (هكس وغردون) العاثر أن اوقعهما القدر امام قوة شعب مجاهد عرف بالثبات في المحاصة كما وصفته (بنونة بت محمد ود نمر) حينما رثت عمارة ود المك فقالت:
    في الديوان دخل ما هو العرور البوص للسردار نتر ودا الجواب مخصوص
    إيدك وابل أم برقاً بشيل حرقوص يا ضراب عراطم الدندنه أم عركوس
    ولكن سرعان ما ترنحت الثورة المهدية بعد وفاة الامام المهدي في 22/يونيو/1885م، خاصة وقد احاطت بخلفه الخليفة عبد الله العديد من الاشكالات و الخلافات حيث تفاقمت الامور مع هزيمة جيش عثمان دقنة من الاحباش عام 1885م كما نشب تمرد في الغرب مع انتشار السنوسية في شمال افريقيا ولكن جيش الخليفة عاد بقوة وهزم الاحباش في (قندار) وقتل الملك (يوحنا) نجاشي الاحباش في القلابات ومن ثم تفرغ الخليفة لغزو مصر في عام 1889م بجيش إسندت قيادته للامير عبد الرحمن النجومي والذي التحم في 3/أغسطس من نفس العام مع جيش السردار (قرانفيل) في توشكي واستشهد ود النجومي مع ألف ومائتين من رجاله وأسر أربعة آلاف من محاربيه ولكن الدولة المهدية احاطت بها مشاكل عديدة من تفشي للامراض وتوقف للزراعة فحلت المجاعات وانفرط تبعاً لذلك عقد الامن والنظام فتحولت بعض القوات النظامية للسلب، وفي حوالي عام 1890م هجمت قوة من الجهادية على منطقة (أم مغد) التي أسسها (عبد الله الدسيس) وليس (الدفيس) (كما ورد خطأً في مقالي السابق)، وكانت تلك الهجمة بقصد السلب وحينها كانت الحراسة في تلك الليلة على عمدة المنطقة (البخيت و د بابكر ضحوي) حيث قام الجهادية بنهب مجموعة من الأبقار خاصة شقيقته الشاعرة الميرم (النّور بت بابكر ضحوي) والتي هبت لديوان شقيقها (البخيت) مخاطبة له بقولها: (إت مصنقر راقد وأنا بقري كتلن) فما كان منه إلا أن شد حصانه لوحده وكانت هي من خلفه تحمل عودين وسرعان ما لحق البخيت بالقوة الغاشمة بالقرب من منطقة ألتي ودخل معهم في عركة كبيرة في بداية النزال حتى ضرب في وجهه وعندما وصل النبأ إلى القرية شمر أشقاء البخيت وأبناء عمومته واهله العوضية عن سواعدهم ولحق فزعهم بالقوة الباغية والتي هزموها تماماً وقاموا بإرجاع الابقار لزريبة الشاعرة النّور بعد لطام حقيقي وفداءِ عظيم سالت فيه الدمار ركب، مما حرك احاسيس ووجدان الشاعرة (النّور بت بابكر ضحوي) والتي كانت مزهوة بالنصر والفال فألفت قصيدة رائعة وصفت فيها بسالة البخيت وفرسان منطقتها و ذلك حسب افادة مجموعة من الباحثين بالمنطقة منهم المؤرخ الباحث (على ابوزيد بابكر البخيت) حفيد البخيت ود بابكر والاستاذ عوض الله فضل السيد احمد عوض الكريم وكلاهما من منطقة ام مغد، وأصبحت تلك القصيدة من أغنيات التراث الشعبي المشهورة ومن اغنيات الحماسة التراثية الذائعة الصيت خاصة حينما تغني بها الفنان الكبير الراحل (خلف الله حمد) وهي اغنية (فارس الحديد الحمي) والتي استهلتها النّور بقولها:
    ما حرسو الجري وصدرك موشح بالدمي ما بخاف فارس الحديد الحمي
    يا فارس الالوف الأت كفيتن وكبست الدروع وشلعت خوداتن
    فارسنا البخيت التم شكراتن وصديت الخيول وقمحت ركباتن
    ما بخاف فارس الحديد الحمي
    من قومة الجهل الخوف ولا قسمو ومتبون في المحاص وفي الدود كتر عشمو
    بدخل فوق بكاناً النحاس خلف شتمو وركز البخيت الفال والنصر ختمو
    من قومة الجهل الخوف ولاكارو والهوي والشرق اتصنطو افعالو
    العوق اب صفوف قالوا البخيت شالو مضروب في الوجن ولا جاني بي شمالو
    ما بخاف فارس الحديد الحمي
    (العوق اب صفوف هم مجموعة من الفرسان يركبون الخيول دفعة واحدة و مضروب في الوجن تعني انه مضروب من الامام وليس الخلف بمعنى أنه لم يهرب وإنما ثبت في العركة)، وتواصل الشاعرة النّور بت بابكر مفرداتها الحماسية والقوية في مدحها للبخيت ورفاقه فتقول:
    ماحضروا معاك اخوانك الصلاط وقمزوا الخط على خيلاً بجن غايرات
    بدخل في بكانن حرابو منشبكات وجي مرهون على جفونو الدمي سايلات
    ماحضروا معاك أخوانك الديدان وقمزوا الخط على خيلاً بجن ريقان
    وكت الشوف بشوف صدرك يزم دلهان سوالم جهاد همزة وعلى وعثمان
    ما بخاف فارس الحديد الحمي ..الخ
    ولأن منطقة أم مغد تعتبر من المناطق الرائدة لذلك اشتهرت بالعديد من الاغنيات التراثية سواء ان كانت من الشاعرة النّور بت بابكر ضحوي أم من ابنة عمها (زينب بابكر عبد الله الشوبلي) والتي ألفت قصيدة (البازل بابكر) في جدها بابكر ضحوي المشهور في المنطقة بالكرم والشجاعة والتي أصبحت من اغنيات التراث المشهورة حيث قالت في بعض مفرداتها:
    بجر القول والشكر لي البازل بابكر
    يا بنية جري الكلام لي الأسد الما بنضام
    ضيفو ما نبشو قام أبوي قدحو سبق الكلام
    يا بنية جري القدح للأسد الما انفضح
    ومما قايم قرح بحر المالح طمح
    ولكن لايستغرب ذلك العطاء والكرم من البازل بابكر فهو من منطقة انجبت الشيخ مضوي ابن الفكي الامام ود عبد الله من ذرية شيخ موسى أبو قرين والذي ولد بأم مغد و نشأ بين ابنائه من العلماء والصالحين في مسيد أجداده الذي كان عامراً بالذكر والخلاوى في طيبة (أم برام) على مقربة من أم مغد حيث أخذ الطريق القادري عن الشيخ عوض الجيد (تور عفينه) هو والشيخ (محمد ود بدر) وكانا اخوين في الطريق وهو أول من نقل المسيد من طيبة ام برام لأم مغد وبنى مسيداً مكون من خلوة ومسجد و مضيفة وزاوية للاذكار وقد توفى قبل الشيخ العبيد ود بدر بسنتين عن عمر ناهز المائه وعشر سنة ودفن بأم مغد ومن احفاده الشيخ محمد على والذي ولد بأم مغد عام 1263هـ ودرس القرآن الكريم بسنار عاصمة مملكة الفونج حينئذ، وسلك الطريق القادري على يد الشيخ محمد ود بدر ثم تعلم من الشيخ ابراهيم بالنيل الأبيض ومن ثم استلم امامة الجامع مع شقيقه ابراهيم وقاما برعاية آثار أبيهما الفكي مضوي في التعليم والأمانة والإرشاد وبعد مائه عام أي في حوالي 1946م توفى الشيخ محمد على وخلفه ابنه موسى ثم توفى الشيخ ابراهيم في عام 1952م ولعل ذلك المعين الطيب لم ينضب وانما تواصل الالهام الادبي لشاعرات المنطقة حيث ورثت النّور بت بابكر ضحوي حفيدتها (النّور بت عبد الرحمن ود موسى) والتي كانت شاعرة مجيدة في منتصف القرن الماضي وقد تجلت وابدعت في قصيدتها المشهورة التي ألفتها عندما تعرض احد أبناء منطقة الجريف للغرق بأم مغد فأصابها الحزن عليه لاسيما وقد كان على وشك الزواج حيث حضر للمنطقة لتقديم الدعوة لأهله باعتبار أن أمه من منطقة أم مغد مما حدا بالشاعرة النّور بت عبد الرحمن ود موسى أن تؤلف مناحة حزينة قالت فيها:
    الوليد الضيف غرقتنو كيف
    وجيبو لي هدومو الراقدة فوق القيف
    وآ سواد أمو الأهلو في الجريف
    بنات عمو جن من كبار لي صغار
    وحزنانات عليه مليانات غبار
    وشالن الليل بكى لامن جي النهار
    تلك الأغنية التراثية الرائعة تغنى بها الفنان مصطفى مضوي فزادها ألقاً وجمالاً في الثمانينات من القرن الماضي.
    لله در شاعرات بلادنا اللاتي ألهبن الحماس والشعور وحفظن القيم ومكارم الاخلاق في بلد ظل على الدوام يمثل الغدوة الحسنة للامم والشعوب الاخرى وإن جار عليه الزمان ولكنه في النهاية سيكون خنجراً للاعداء والغاصبين كقول الشاعر:
    لما الليل الظالم طول
    قلنا نعيد الماضي الأول
    ماضي جدودنا الهزموا الباغي
    وهدوا قلاع الظلم الطاغي
    ولكن كل ما نخشاه أن تدور فتنة ببلادنا فلا نجد سبيلاً لإخمادها فنصبح في حيرة كحيرة الخليفة الراحل (محمد ود دوليب) شيخ الطريقة التجانية والذي عبر عن تلك الفتنة في منظومته التي ألفها عام 1113هـ وقال في بعض مقاطعها:
    فتن السودان سبع بلا مرا فهذه منها وشرها يرى
    بالرمز (زمع ثم افتد) كان يرى بها خراب يبتدى


                  

12-06-2012, 11:33 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    من أغنيات التراث
    فارس الحديد الحمي



    كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
    أصبح السودان رقماً يتردد بين الشعوب والأمم بعد معركة شيكان والتي كانت قاصمة الظهر للاستعمار التركي بالبلاد ومن ثم جاءت الوفود من كل البقاع مهنئة ومباركة ومؤيدة للإمام المهدي لذلك تعتبر شيكان نقطة تحول رئيسية في مسار الثورة المهدية إذ عمل الامام المهدي على الاتصال بقيادات القبائل والمشائخ والطرق الدينية وكان السيد المكي ابن الشيخ اسماعيل الولي أول المؤيدين له بل كان همزة الوصل بينه والزعماء والأعيان حيث انضم نفر كريم للثورة المهدية بمدينة الابيض مثل الياس باشا امبرير ، كما كان لمنشورات المهدي دورها الكبير وما ساعد على ذلك صفات المهدي الشخصية والقيادية وامتلاكه لكاريزما أثرت على الجماعات والافراد وقد وصفه سلاطين باشا بقوله (هو رجل قوي البنية طويل القامة عريض الكتفين ضخم الرأس يلفت النظر إليه بعينين عسليتين براقتين تحف بوجهه لحية حالكة السواد وتميزه ثلاث فصائد قبلية مائلة، دائم الابتسامة)، أما طريقته في إدارة المعارك فإنه كان يعتلي ظهر ناقته ويسير بها خلف الجيش حتى يصبح على مرأي من العدو بعدها تتقدم رايته حسب المخطط بينه وبين قادته، وقد لخص الكردفاني إدارته للمعارك نقلاً عنه فقال (في حالة الحرابة اكون خلف أصحابي وعند الفزعة أكون وسط الجيش وفي حال التوجه لأي موقع أكون خلفهم لأن نظري لهم خيراً من نظرهم لي) ، لذلك عندما استولى المهدي على الأبيض أصبح خطراً ماثلاً للاستعمار لأنه لاشك سوف يزحف لاسترداد الخرطوم مما استدعى ارسال حملة كبيرة بقيادة الجنرال هكس باشا ونائبه القائد العام علاء الدين حكمدار السودان آنذاك ورئيس الاركان فرك هار والكابتن هرلث من هيئة الأركان وعباس باشا سكرتير حكمدار السودان و ميخائيل ناصف مترجم وسكرتير القائد العام وكان قوام الحملة عشرين ألفاً من البشر والدواب مما قلل من سرعة تحركها حيث كانت الدويم منطقة الانطلاق عبر طريق الرهد الأبيض وكان أول حدث جلل في نقطة شات هو هروب الامباشي (أبو الفارس سليمان) بجمل سريع ومعه ذخيرته وسلاحه خاصة و هو على علم بحال الحملة واشكالاتها واختلاف ########ها وانضم للمهدي بكرفان مما جعل المهدي يعين الأمراء الثلاثة (ابو قرجة وعبد الحليم مساعد وعمر الياس) في قوة قوامها ثلاثة آلاف مقاتل لمناوشة الحملة ولكن العبء الاكبر وقع على الأمير حمدان أبو عنجة قائد الجهادية من خلال ادارته لمعركة اعتراضية بعد اصداره اوامراً للقادة (فضل المولى صابون – الزاكي طمل – النور عنقرة ) برشق المربع الحربي لهكس دون توقف و قد اشتهرت تلك الليلة (بليلة حمدان) والتي وصفها المحلل العسكري والباحث العقيد (محمد سليمان احمد) في تحليله لمعركة شيكان بأنها كانت معزوفة لحن ما قبل الختام لأنها كانت يوم الاحد الرابع من نوفمبر عام 1883م، حيث أن أصداء نيران الجهادية ترددت في جنبات زريبة هكس بغابة شيكان مما أوضح بجلاء مصير تلك الحملة وأجلها المحتوم إذ تلاشت آمال الجنرال في النصر او النجاة مع اسدال الظلام عن تلك الليلة فكانت الهزيمة في نهار الأثنين 5/نوفمبر/1883م واغتيال الجنرال هكس ومعه قوته البالغة ثلاثة عشر ألف جندياً فيما خسرت قوات المهدية مائتين قتيلاً فقط لذلك كان للجهادية الدور الكبير في حسم معركة شيكان مع آخرين وبإنتهاء المعركة انتقل المهدي من مرحلة الدفاع للهجوم ويمم شطره صوب الخرطوم كما أشار شيخ شعراء كردفان قاسم عثمان بريمة في اوبريت شيكان بقوله:
    نضفوا كردفان والله أكبر دوت شدوا الصافنات قدامٌ صقورهم خوت
    وصولوا البقعة وكتين البنادق عوت عاسوا عوسهم تمام امانة الحراب ما سوت
    سجل التاريخ حكايتو بين القصر والخيمة وكانت ليلة حارة واليوم وجب فخيمه
    شبعت صقورا وقدلت ام مارخيمه وكانت الجثة في القصر والرأس في باب الخيمه
    ومن حظ (هكس وغردون) العاثر أن اوقعهما القدر امام قوة شعب مجاهد عرف بالثبات في المحاصة كما وصفته (بنونة بت محمد ود نمر) حينما رثت عمارة ود المك فقالت:
    في الديوان دخل ما هو العرور البوص للسردار نتر ودا الجواب مخصوص
    إيدك وابل أم برقاً بشيل حرقوص يا ضراب عراطم الدندنه أم عركوس
    ولكن سرعان ما ترنحت الثورة المهدية بعد وفاة الامام المهدي في 22/يونيو/1885م، خاصة وقد احاطت بخلفه الخليفة عبد الله العديد من الاشكالات و الخلافات حيث تفاقمت الامور مع هزيمة جيش عثمان دقنة من الاحباش عام 1885م كما نشب تمرد في الغرب مع انتشار السنوسية في شمال افريقيا ولكن جيش الخليفة عاد بقوة وهزم الاحباش في (قندار) وقتل الملك (يوحنا) نجاشي الاحباش في القلابات ومن ثم تفرغ الخليفة لغزو مصر في عام 1889م بجيش إسندت قيادته للامير عبد الرحمن النجومي والذي التحم في 3/أغسطس من نفس العام مع جيش السردار (قرانفيل) في توشكي واستشهد ود النجومي مع ألف ومائتين من رجاله وأسر أربعة آلاف من محاربيه ولكن الدولة المهدية احاطت بها مشاكل عديدة من تفشي للامراض وتوقف للزراعة فحلت المجاعات وانفرط تبعاً لذلك عقد الامن والنظام فتحولت بعض القوات النظامية للسلب، وفي حوالي عام 1890م هجمت قوة من الجهادية على منطقة (أم مغد) التي أسسها (عبد الله الدسيس) وليس (الدفيس) (كما ورد خطأً في مقالي السابق)، وكانت تلك الهجمة بقصد السلب وحينها كانت الحراسة في تلك الليلة على عمدة المنطقة (البخيت و د بابكر ضحوي) حيث قام الجهادية بنهب مجموعة من الأبقار خاصة شقيقته الشاعرة الميرم (النّور بت بابكر ضحوي) والتي هبت لديوان شقيقها (البخيت) مخاطبة له بقولها: (إت مصنقر راقد وأنا بقري كتلن) فما كان منه إلا أن شد حصانه لوحده وكانت هي من خلفه تحمل عودين وسرعان ما لحق البخيت بالقوة الغاشمة بالقرب من منطقة ألتي ودخل معهم في عركة كبيرة في بداية النزال حتى ضرب في وجهه وعندما وصل النبأ إلى القرية شمر أشقاء البخيت وأبناء عمومته واهله العوضية عن سواعدهم ولحق فزعهم بالقوة الباغية والتي هزموها تماماً وقاموا بإرجاع الابقار لزريبة الشاعرة النّور بعد لطام حقيقي وفداءِ عظيم سالت فيه الدمار ركب، مما حرك احاسيس ووجدان الشاعرة (النّور بت بابكر ضحوي) والتي كانت مزهوة بالنصر والفال فألفت قصيدة رائعة وصفت فيها بسالة البخيت وفرسان منطقتها و ذلك حسب افادة مجموعة من الباحثين بالمنطقة منهم المؤرخ الباحث (على ابوزيد بابكر البخيت) حفيد البخيت ود بابكر والاستاذ عوض الله فضل السيد احمد عوض الكريم وكلاهما من منطقة ام مغد، وأصبحت تلك القصيدة من أغنيات التراث الشعبي المشهورة ومن اغنيات الحماسة التراثية الذائعة الصيت خاصة حينما تغني بها الفنان الكبير الراحل (خلف الله حمد) وهي اغنية (فارس الحديد الحمي) والتي استهلتها النّور بقولها:
    ما حرسو الجري وصدرك موشح بالدمي ما بخاف فارس الحديد الحمي
    يا فارس الالوف الأت كفيتن وكبست الدروع وشلعت خوداتن
    فارسنا البخيت التم شكراتن وصديت الخيول وقمحت ركباتن
    ما بخاف فارس الحديد الحمي
    من قومة الجهل الخوف ولا قسمو ومتبون في المحاص وفي الدود كتر عشمو
    بدخل فوق بكاناً النحاس خلف شتمو وركز البخيت الفال والنصر ختمو
    من قومة الجهل الخوف ولاكارو والهوي والشرق اتصنطو افعالو
    العوق اب صفوف قالوا البخيت شالو مضروب في الوجن ولا جاني بي شمالو
    ما بخاف فارس الحديد الحمي
    (العوق اب صفوف هم مجموعة من الفرسان يركبون الخيول دفعة واحدة و مضروب في الوجن تعني انه مضروب من الامام وليس الخلف بمعنى أنه لم يهرب وإنما ثبت في العركة)، وتواصل الشاعرة النّور بت بابكر مفرداتها الحماسية والقوية في مدحها للبخيت ورفاقه فتقول:
    ماحضروا معاك اخوانك الصلاط وقمزوا الخط على خيلاً بجن غايرات
    بدخل في بكانن حرابو منشبكات وجي مرهون على جفونو الدمي سايلات
    ماحضروا معاك أخوانك الديدان وقمزوا الخط على خيلاً بجن ريقان
    وكت الشوف بشوف صدرك يزم دلهان سوالم جهاد همزة وعلى وعثمان
    ما بخاف فارس الحديد الحمي ..الخ
    ولأن منطقة أم مغد تعتبر من المناطق الرائدة لذلك اشتهرت بالعديد من الاغنيات التراثية سواء ان كانت من الشاعرة النّور بت بابكر ضحوي أم من ابنة عمها (زينب بابكر عبد الله الشوبلي) والتي ألفت قصيدة (البازل بابكر) في جدها بابكر ضحوي المشهور في المنطقة بالكرم والشجاعة والتي أصبحت من اغنيات التراث المشهورة حيث قالت في بعض مفرداتها:
    بجر القول والشكر لي البازل بابكر
    يا بنية جري الكلام لي الأسد الما بنضام
    ضيفو ما نبشو قام أبوي قدحو سبق الكلام
    يا بنية جري القدح للأسد الما انفضح
    ومما قايم قرح بحر المالح طمح
    ولكن لايستغرب ذلك العطاء والكرم من البازل بابكر فهو من منطقة انجبت الشيخ مضوي ابن الفكي الامام ود عبد الله من ذرية شيخ موسى أبو قرين والذي ولد بأم مغد و نشأ بين ابنائه من العلماء والصالحين في مسيد أجداده الذي كان عامراً بالذكر والخلاوى في طيبة (أم برام) على مقربة من أم مغد حيث أخذ الطريق القادري عن الشيخ عوض الجيد (تور عفينه) هو والشيخ (محمد ود بدر) وكانا اخوين في الطريق وهو أول من نقل المسيد من طيبة ام برام لأم مغد وبنى مسيداً مكون من خلوة ومسجد و مضيفة وزاوية للاذكار وقد توفى قبل الشيخ العبيد ود بدر بسنتين عن عمر ناهز المائه وعشر سنة ودفن بأم مغد ومن احفاده الشيخ محمد على والذي ولد بأم مغد عام 1263هـ ودرس القرآن الكريم بسنار عاصمة مملكة الفونج حينئذ، وسلك الطريق القادري على يد الشيخ محمد ود بدر ثم تعلم من الشيخ ابراهيم بالنيل الأبيض ومن ثم استلم امامة الجامع مع شقيقه ابراهيم وقاما برعاية آثار أبيهما الفكي مضوي في التعليم والأمانة والإرشاد وبعد مائه عام أي في حوالي 1946م توفى الشيخ محمد على وخلفه ابنه موسى ثم توفى الشيخ ابراهيم في عام 1952م ولعل ذلك المعين الطيب لم ينضب وانما تواصل الالهام الادبي لشاعرات المنطقة حيث ورثت النّور بت بابكر ضحوي حفيدتها (النّور بت عبد الرحمن ود موسى) والتي كانت شاعرة مجيدة في منتصف القرن الماضي وقد تجلت وابدعت في قصيدتها المشهورة التي ألفتها عندما تعرض احد أبناء منطقة الجريف للغرق بأم مغد فأصابها الحزن عليه لاسيما وقد كان على وشك الزواج حيث حضر للمنطقة لتقديم الدعوة لأهله باعتبار أن أمه من منطقة أم مغد مما حدا بالشاعرة النّور بت عبد الرحمن ود موسى أن تؤلف مناحة حزينة قالت فيها:
    الوليد الضيف غرقتنو كيف
    وجيبو لي هدومو الراقدة فوق القيف
    وآ سواد أمو الأهلو في الجريف
    بنات عمو جن من كبار لي صغار
    وحزنانات عليه مليانات غبار
    وشالن الليل بكى لامن جي النهار
    تلك الأغنية التراثية الرائعة تغنى بها الفنان مصطفى مضوي فزادها ألقاً وجمالاً في الثمانينات من القرن الماضي.
    لله در شاعرات بلادنا اللاتي ألهبن الحماس والشعور وحفظن القيم ومكارم الاخلاق في بلد ظل على الدوام يمثل الغدوة الحسنة للامم والشعوب الاخرى وإن جار عليه الزمان ولكنه في النهاية سيكون خنجراً للاعداء والغاصبين كقول الشاعر:
    لما الليل الظالم طول
    قلنا نعيد الماضي الأول
    ماضي جدودنا الهزموا الباغي
    وهدوا قلاع الظلم الطاغي
    ولكن كل ما نخشاه أن تدور فتنة ببلادنا فلا نجد سبيلاً لإخمادها فنصبح في حيرة كحيرة الخليفة الراحل (محمد ود دوليب) شيخ الطريقة التجانية والذي عبر عن تلك الفتنة في منظومته التي ألفها عام 1113هـ وقال في بعض مقاطعها:
    فتن السودان سبع بلا مرا فهذه منها وشرها يرى
    بالرمز (زمع ثم افتد) كان يرى بها خراب يبتدى


                  

12-06-2012, 10:36 AM

هاشم محمد الحسن عبدالله
<aهاشم محمد الحسن عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-10-2009
مجموع المشاركات: 1989

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    الاخ العزيز الدكتور احمد القرشى ، خالص التحيات لك ولاسرتك الكريمة ، ومشتاقين والله لابداعك، والواقع كان هناك تبادل خواطر بيننا فلقد كان فى بالى أن أثير هذا الامر عبر المنبر بالتنسيق معك، فالاخ خالد الشيخ بجانب ماتربطنى به من أواصر القرابة والمصاهرة الا أنه يظل مبدعا سودانيا نموذجيا ، لم يجد قدره من الاعلام لابراز مجهوداته الضخمة فى خدمة تراث الأغنية السودانية وبذل كثير من الجهد والمال فى سبيل ذلك مضحيا بكثير من الفرص التجارية المتاحة له ليغوص فى التراث ويستخرج هذه الدرر الثمينة، وحسب علمى فأن لديه الآلاف المذكرات hgj,edrdm لكثير من الاغانى السودانية والكردفانية بصفة خاصة، ولابد من نشر هذا الانتاج والعمل الضخم الممتد خلال سنوات فالكثيرون يجهلونه، وللأسف هناك من دعاة معرفة التراث وبحورها يخضون فى هذا الامر دونما المام ودراسة وجهد مبذول، وهناك ياأحمد من يسرق مجهودات خالد وينسبه لشخصه ، وهذه سرقة واضحة واعدار لكل قوانين الملكية الفكرية .

    أننى أقترح ان تقوم جهة معينة بطبع تراث خالد ومخططاته العديدة وان تخضع أيضا للتحليل والدراسة من المختصين قبل طباعتها ونشرها، لأنها تسعى لاحقاق كثير من الحقوق الأدبية والفنية لكثير من مبدعى وطنى العزيز، آمل ياأحمد ان تسعى بعلاقتك الطيبة بالمهندس بكرى للنظر فى المساعدة فى هذا الامر ، مع خالص الود لك .

    (عدل بواسطة هاشم محمد الحسن عبدالله on 12-06-2012, 03:04 PM)

                  

12-06-2012, 11:13 AM

محمد التجاني عمر قش
<aمحمد التجاني عمر قش
تاريخ التسجيل: 10-22-2012
مجموع المشاركات: 501

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: هاشم محمد الحسن عبدالله)

    خواطر ونقيب بين النشوغ والدمر

    ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادٍ وحولي أذخر وجليل
    وهل أردن يوماً مياه مجنة وهل تبدون لي شامة وطفيل
    " شاعر جاهلي"
    عندما أحاول الكتابة عن شمال كردفان، فإنها تقترن في ذهني بأرض البطانة، وتقفز إلى الذاكرة خواطر الطفولة والصبا الباكر،وتظل أبداً حية في الأعماق؛ لأنها تعبق بصدى أوائل ستينات القرن الماضي فأحن إلى ريرة وأم بادر على حدٍ سواء لشدة ما بينهما من تشابه في كثير من الأحوال والظروف والتداعيات الوجدانية، حتى لا يمكن الحديث عن إحداهما دون ذكر الأخرى.ولذلك أذكر روعة الطبيعة ورونقها أيام الخريف، وذلك السحاب المتراكم فيهفو الفؤاد إلى حدثين هما أجمل ما في حياة البادية: النشوغ والدمر. فالشوق إلى المكان مرتبط بالزمان ارتبطاً وجدانياً، فكل منا يميل إلى استرجاع الماضي زماناً ومكاناً بدافع الحنين والتشوق إليه والتغني به وبأمجاد أهله الراحلين، وتذكر الماضي بتفاصيله وشخوصه وأماكنه،لأنه تجسيد لرؤيته في الحياة، وتجسيد للصراع الذاتي أو الداخلي بين الشخص وواقعه في الزمن الحاضر، ولذلك فإن الحنين إلى الماضي يُعد من أكثر الظواهر النفسية شيوعاً بين الكثير من البشر.هذه الأيام أعاني من هذه الظاهرة، وقد زاد الأمر عن كونه تفكيراً عابراً وحنيناً طبيعياً، بل كلما تذكرتُ الماضي استحضرت معه كل متعلقاته بحسرة، وأنا هنا في هضبة نجد وسط جزيرة العرب،بينما تعيش مشاعري بين ربوع كردفان والبطانة. ففي مثل هذه الأيام من كل عام تزدان بوادي شمال كردفان وغيرها من سهول السودان في البطانة بأبهى الحلل، بعد أن تجود عليها السماء بوابل أو طل فتغطي الخضرة كثبانها، وتسيل أوديتها و يعم الفرح والسرور وتشرئب الأرواح والقلوب إلى الرحيل في الظعائن المرتحلات وتمد البدويات أطنابهن في تلك الربوع في منظر هو غاية في الجمال والروعة ونحن هنا في ديار الغربة تعود بنا الذاكرة إلى تلك المشاهد والأزمنة كلما حان وقت الخريف في سوداننا الحبيب رغم ضنك العيش وتبدل الأحوال والناس. فمن منا لم يتصل هاتفياً في هذه الأيام ليسأل عن الخريف والمطر،أقول هذا و بخاطري قول البدوية من ديار الكبابيش:
    من طيرة أم بشار
    جانا السلف قطار
    إتلموا يا عمَار
    فرق الموالف حار
    و"أم بشار"،كما هو معلوم، هي أول سحب تظهر في السماء مع بداية فصل الخريف ويسميها بعض أهل البادية " صفيحات الغُزُل" لأنها غالباً ما تكون سحب حمراء متفرقة، وهي ذات دلالة خاصة إذ يستعد بعدها الرعاة للرحيل وهذا ما تخشاه هذه البدوية لأنه يعني لها فراق الأحبة من زوج وإخوة وقد يغيبون عنها فترة من الزمن. وهذا الترحال وما يصاحبه من حركة دءوب وانتقال من مكان إلى آخر هو ما جعل الكاتب والمربي الكبير حسن نجيلة يعشق بادية الكبابيش ولذلك فإنّ من يقرأ كتابه ذائع الصيت " ذكرياتي في البادية" لا يملك إلا أن يتمنى أن يعيش تلك الحياة البدوية التي صرنا نخشى عليها من أن تنالها عوامل التغيير نظراً لتغير معطيات كثيرة منها ما يتعلق بالمناخ ومنها ما هو مرتبط بالنشاط البشري والمستجدات التي طرأت على حياة الناس في الآونة الأخيرة.
    تهب على الديار هذه الأيام نسمات الخريف الذي ربما بدأ مبكراً هذا العام، فقد جادت السماء بمطر غزير روى مناطق متفرقة في كافة أرجاء البلاد وصارت الخلائق من إنس وحيوان تنظر إلى آثار رحمة الله شاكرة وحامدة. فهذا مزارع يعد أرضه للزراعة، وأصحاب المواشي الآن يستعدون لأيام هي أحلى ما في حياة البداوة والرعي حيث ترتع الأنعام في أرض الله الواسعة وتخضر الأرض ويمتلأ الضرع،ويتغير الحال من بؤس وشقاء وسموم إلى خضرة ونسيم عليل وروعة لا يضاهيها جمال. وإزاء هذا الحال تعود بي الذاكرة إلى أماكن وأزمان قد تطول، وتقفز إلى الذهن صور وخواطر تعبق بذكريات الصبا الباكر، حيث الطفولة في بوادي شمال كردفان وقراها التي نَحِنُ إليها كما تحن الإبل إلى المعطن. أذكر فيها خضرة الطبيعة عندما يكسو الأرض بساط سندسي أخضراء فاقع لونه يسر الناظرين، ويظللها سحاب متراكم ترى الودق يخرج من خلاله، ويلوح من بين ثناياه وميض برق غائر المزن خلب يأخذ الألباب بسحره الآسر، والنجيمات الخجولة تمد أعناقها من بين طيات السحاب كلما كانت الفرصة مواتية ليلاً.
    وعقب في القبله لاح حرقوص خلقلو سحابا
    لا هلال لا نجم بقت الأرض دهرابا
    صبح سيلها ناحر الأرض مسيلو سرابا
    وناقصة الحفاير إتقرنن دبابا
    وقبيل الظهر تظهر في كبد السماء غيمة راحلة، فتحجب ضوء الشمس فتظل تحاول إرسال أشعتها ولكن يحول دونها الغمام مكوناً شيئاً من الظل وتزداد الطبيعة ألقاً ورونقا،ً ونجري نحن الصغار وراء " أب ضليل" لا نعرف الكلل ولا الملل:
    برق القبلة شال شالت معاه بروق
    ختتلو أم رويق عمّ السحاب من فوق
    العفرت رحل يبكي ويسوي القوق
    والضحوي أتردف ليلو ونهـارو يسوق
    أحياناً تجود السماء بقطرات الماء ليلاً وتبلل رؤوس النبات بحبيبات الندى في الصباح الباكر،وحينئذ تفوح رائحة "الدعاش" والبرم من أشجار الهشاب والكتر والسدر واللعوت والسيال والمعراب ومن نبات الفِليّة، والريحان، والعيشوبة، والمرحبيب أو "الإذخر"، ويداعب النسيم زهرات مختلفاً ألوانها بين صفرة وحمرة وبنفسج، وهي تتمايل طرباً مع حركات الفراشات ورقصاتها فوق ذلك البساط الأخضر الممتد إلى ما لا نهاية.
    الشدر المدلهم طَبل وأصبح جار
    والباشندي فاح في روبة الكتّار
    الخلفة القبيل رقت من المسدار
    قلبت صوفه بت للضلع كسار
    وقد تلوح في الأفق البعيد ظعائن مرتحلات ترن أجراسها كأنها موسيقى روحية تربط الماضي بالحاضر، وقد تطل حسناء من هودجها المزركش بشتى أنواع وأدوات الزينة البدوية الخلابة، يتهادى بها بعيرها وكأنهما يشتركان في الإحساس بروعة الترحال، وسط ذلك الركب الذي يتقدمه فارس يحمله جمل نجيب يسير وراء إبله، تقرأ في سمته الوقور علامات الرضا والسعادة بما وهبه الله من نعم مستفيضة فماء وخضرة ووجه حسن وأنعام كثيرة.
    أنا عقلي طار وطشا
    ورا المراح النشا
    المشايات وراه ناس عشا
    ست السوار أب نقشا
    بأحلى العطور مترشا
                  

12-07-2012, 08:54 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: محمد التجاني عمر قش)

    Quote:
    الأخوة دكتور القرشي والاستاذ خالد لكم التحايا افتقدكم البوست في الايام الماضية مع اني سويت (نحالتين تلاتة) لكن بعد ذلك اخذوني
    ناس ابان عقال بعيدا .....!


    الأخ العزيز / عبيد الطيب

    سلامات

    أشكرك على رعاية البوست في وقت غيابي

    وحقيقة ان دخول سودانيزاونلاين في السودان مزعج جدا حيث

    يجتاج الى بروكسي حتى تسطيع تصفحها وكل ذلك بسبب حجبها بواسطة الهيئة العامة للاتصالات

    وان شاء الله سنواصل معكم هذا الملف

    ولك كل الود والتقدير


                  

12-08-2012, 02:07 AM

حامد الغبشاوي
<aحامد الغبشاوي
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    سلامات
    عزيزي د/ أحمد القرشي
    نورت البلد بوجودك
    لك التحية وللأخ خالد الشيخ
    علي المجهودات الجبار
    لتوثيق أغاني التراث
    متعكم الله بالصحه والعافية
    ومزيدا من التقدم
    مع خالص التحايا
                  

12-11-2012, 02:10 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: حامد الغبشاوي)

    Quote:
    أننى أقترح ان تقوم جهة معينة بطبع تراث خالد ومخططاته العديدة وان تخضع أيضا للتحليل والدراسة من المختصين قبل طباعتها ونشرها، لأنها تسعى لاحقاق كثير من الحقوق الأدبية والفنية لكثير من مبدعى وطنى العزيز، آمل ياأحمد ان تسعى بعلاقتك الطيبة بالمهندس بكرى للنظر فى المساعدة فى هذا الامر


    شكرا عزيزي هاشم محمد الحسن على هذا الاقتراح

    ولقد تحدثت كثيرا مع الاخ خالد الشيخ في هذا الامر

    ولقد قال ان هنالك جهات كثيرة وعدته بالطبع

    وان شاء الله سترى هذه المقالات النور قريبا في شكل كتاب

    لك كل الود عزيزي هاشم وتقبل تحيات الاخ خالد الشيخ

                  

12-12-2012, 10:47 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    من أغنيات التراث
    كـالو العاط في سماه




    كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
    الكواهلة قبيلة عربية المنبع سودانية المصب لها امتداد شاسع في ارجاء شمال افريقيا وغربها مثل (ليبيا وموريتانيا وتشاد والنيجر ومالي) وتنتسب القبيلة إلى بني كاهل بحساب أنهم احفاد محمد كاهل بن عامر ود عبد الله ابن الزبير بن العوام والذي تزوج من اربع نسوة وولد منهن ثلاثة عشر ابناً وبنتاً حيث انجبت الحضرية حمد جد الاحامدة وانجبت عازة بنت عفان اربعة ابناء هم ابرق واسود وبدران وخليفة إلى جانب بنتاً واحدة ويعتبر أبرق هو جد الكواملة والكامالاب والبراقنة والكميلاب والمرغوماب والحسنات و المحمدية اما أسود فقد انجب (رشيد وقلاب) فيما ينسب لرشيد العميراب والبعيراب والضمضناب، ولقلاب ينتسب الكردماب والحلالاب كما ينتسب الشراعنة و المايدية والكرتان والبدارنة لبدران، أما هلال فذريته الحمران و قداح أولاده عكير وصلاح الاحمر وينتسب الحمدانية والعميرية والكرامية والجلالية واللبابيس وعكير وعقيم للاحمر، أما صلاح فذرية كبيرة منها القراية والشدايدة والفوايدة والسعودية والكواملة فيما ينسب لمعقور القريشاب والسلاطنة والمحمداب والنوراب والرميتاب والحسانية والجميلية والدليقاب والعرواب والضنضناب والغزلاب، وقد انجب صلاح ايضاً من زوجته التي تنتمي للفونج ثلاثة أبناء هو (رتيم وعمارة و بشارة) حيث ينسب لرتيم الوايلية والجلالية والباقية والمطارفة والخلايف ولكن عمارة ذريته بمكة والمدينة فيما ينتسب لبشارة البشاريين والبجه والبهكر والبهكروس والمساليت والسودانية والبرخ وذلك إلى جانب اولاده الخمسة وهم (سعيد ونفيد وزياد وعباد و خلبوس) وإلى نفيد ينتسب النفيدية أما سعيد فهو جد بني أسد بجبال الصعيد كما أن زياد هو جد الزيادية والزوايدة وإلى عباد ينتسب العبابدة بالريف السوداني ويذكر (ماكمايكل) رواية اخرى تذكر كل هؤلاء وتضيف إليهم (هدى وباجة) ولكن المؤكد ان الكواهلة ينتسبون لعرب الشمال مثلهم كمثل الجعليين وجاء دخولهم للسودان عن طريق البحر الاحمر ومصر في القرن الرابع عشر الميلادي وكان استقرارهم اولاً بمنطقة البجة ومن ثم نزحوا للبطانة والجزيرة وكردفان ونهر عطبرة والنيلين (الازرق والابيض) كما اقامت مجموعة منهم بجبال تقلي واسهموا في تأسيس مملكتها العريقة وقد اورد الاستاذ خالد احمد عبد الباسط جوانباً من إرث وتاريخ قبيلة الكواهلة الضاربة في جذور التاريخ متناولاً فروعها واماكن استقرارها حيث اشار لاستقرار القريشاب (بالشكابة و قنب) وسائر قرى البحر، فيما استوطن النوراب ود النور أما الشدايدة والمطارفة فقد اقاموا في (الخور والبيلاوي) كما اقام (السلاطنة والمحمدية) في (ام عصبة وروينا) واستوطن (الروف والحسانية والحسنات) في (الشريف مختار) واقام السعودية في (اركويت والعقدة و جبر ودشنان) وهاجر (الكمالاب والكميلاب) لـ(مقبول والقضيضيم) وأقام (الوايلية والجلالية) في (عسير) و قطن (الفوايدة) منطقة (الكمر وعزيزات) أما الاحامدة فقد استوطنوا (الكٌجر) وهاجر (الباقية) لـ(ود المبارك و ود المعاك) واستوطن ابناء (عائس) منطقة (الرهد ود عواد و أم حنقوقة و العطيفة) وما جاورهما واسسوا نظارة وعمودية في تلك المنطقة ولا يزال صدى قعقعة السيوف ودوي النحاس يأخذ بألباب شيوخهم وشبابهم ويؤكد إرثهم التليد وماضيهم المجيد الذي يضاهي قول الشاعر:
    الليلة الصعيد أمست بروقو تلاطع وأب غلفقة البجادع بالحجار مو باتع
    يوم ضرب أب حقيق والحديد القاطع أمسى الطير فوق عقد أب قنافذ راتع
    ومن أعيان الكواهلة الشيخ عبد الباقي النيل عبود (جبل اللقمة) والفكي بقادي وابنه ابراهيم ولكن زعيمهم هو الناظر عبد الله ود جاد الله ود بليلو المشهور بـ(كسار قلم ماكميك) والذي عزل من نظارة الكواهلة عام 1910م و آلت النظارة بعده في كردفان لآل الاعيسر ومن مشايخهم المرحوم الشيخ محمد فضل الله الاعيسر المشهور بـ(الهرديمي) ومعلوم بأن الشيخ جاد الله ود بليلو كان قد بايع الامام المهدي في قدير ومن ثم عينه الامام المهدي أميراً لأمراء الكواهلة وكان تحت إمرته ستة أمراء آخرين هم ( احمد عبد القادر الملقب بـ(الاعيسر) من البراقنة و طه ود الفكي ، وعطيرينة من العبابدة وفضل الله التوم من الخلايفة و الغزايا وعوض السيد طواقي من البراقنة دار بحر، وحمد ود الفكي من البراقنة البقيراب) وعندما نادى مؤذن الجهاد بالهجرة للعاصمة بغرض انهاء الاستعمار التركي للبلاد والقبض على الحاكم العام (غردون باشا) لبى الكواهلة النداء و هاجروا من منطقتي الخيران ببارا و ام بادر لنصرة الامام المهدي واستقروا في حي العرب وحي البوستة بأم درمان ولم يعودوا لكردفان إلا بعد معركتي كرري وأم دبيكرات، حيث لازم الامير جاد الله ود بليلو الخليفة عبد الله في معركة ام دبيكرات ولكن بعد هزيمة الخليفة عبد الله تنازل الامير جاد الله عن سلطته لابنه عبد الله وجاء ذلك متزامناً مع خضوع البلاد للاستعمار الثنائي في مطلع العام 1899م بيد أن الامير عبد الله كان معارضاً في الخفاء للسلطة الاستعمارية كوالده تماماً ويؤكد ذلك حمايته لقوافل السلطان على دينار التي كانت تمر عبر طريق الاربعين وذلك بإتفاق سري بينه والسلطان بل قام بإرسال قافلة محملة بالعتاد والمؤن من منطقة الخيران ببارا للسلطان على دينار بالفاشر قادها سلمان ابو غندور والد الضابط المعروف (مزمل سلمان غندور) كما دعم الامير عبد الله صديقه البطل (عبد القادر ود حبوبة) بمجموعة من الفرسان مناصراً له في معركة (الكتفية) المشهورة بمنطقة الحلاويين عام 1908م ، وعندما استقر الامير عبد الله بأضى جاد الله التي تقع بالقرب من أم بادر قام بتهريب عبد الباقي ود حبوبة شقيق البطل عبد القادر لمنطقة الشقلة التي تقع بالقرب من مدينة بارا وتتبع ادارياً لمركز بحري كردفان وحينها كان مفتش ذلك المركز هو مستر ماكمايكل والذي خلف المستر ( كندي كوك) وعندما علم ماكمايكل بخبر عبد الباقي ود حبوبة لاسيما بعد زعزعته للامن بمنطقة الشقلة وجعلها منطقة مقاومة حقيقية للسلطة الاستعمارية وأخذه لبعض المؤن والاسلحة كغنائم مما جعل مستر ماكمايكل يرسل تجريدة في عام 1909م بقيادة اليوزباشا عبد الله جبريل للقبض على عبد القادر ود حبوبة وبالفعل جئ بود حبوبة (م######شاً) لمدينة بارا (عاصمة مركز بحري كردفان) وحينما بدأت التحريات ثبت بأن عبد الله ود جاد الله ضالعاً في إخفاء عبد الباقي بتلك المنطقة و لعل ذلك هو السبب الرئيسي لخلق جفوة بين مستر مايكمايل والامير عبد الله ود جاد الله وعلى خلفية تلك الاحداث صدر القرار بتبعية بعض قبائل الكواهلة لادارة ناظر الكبابيش (السير على التوم) وطلب من ناظر الكواهلة عبد الله جاد الله الحضور لمركز بحري كردفان بمدينة بارا للتوقيع على تنفيذ القرار وبعد حضوره للمركز قام بكسر قلم ماكمايكل بدلاً عن التوقيع على تنفيذ القرار وكان ذلك امام شجرة (اللبخ) المشهورة بمدينة بارا مما أثار حفيظة مستر ماكمايكل فقام على الفور بعزل الامير عبد الله ود جاد الله من أمارة الكواهلة بحيثيات ملفقة بدعوى اختلاسه مبالغاً من ضريبة القطعان والتي تقع مسئوليتها المباشرة على النظار ومن ثم نفى الناظر عبد الله ود جاد الله للدويم وكان ذلك في عام 1910م ، ولكنه سرعان ما استقر بالجزيرة أبا ملازماً للامام السيد عبد الرحمن المهدي بل تزوج كريمته (أم سلمة) والتي انجبت (شريف و رحمة) ومن زوجاته الاخريات (أم نعيم فضل المولى) والدة (بشرى وأم سلمة وفاطمة بت على من الحسانية) ، كما تزوج السيد عبد الرحمن المهدي كريمته السيدة (سكينة) وهي والدة السيد احمد عبد الرحمن المهدي، وكان ارتباط عبد الله ود جاد الله بأسرة الامام عبد الرحمن كبيراً وعظيماً إذ ظل ملازماً للسيد عبد الرحمن بعقيدة راسخة كعقيدة الشاعر ود ابراهيم من الجبلاب والذي مدح السيد عبد الر حمن المهدي بقصيدة عصماء قال في بعض مقاطعها:
    حباب ابن الامام الحرر السودان أهلاً بيك يا ود فارس الميدان
    ود الكان يحارب بالسيوف عيدان ود الكان يجلو للصدا والران
    يا شمس الحقيقة الزي هلال رمضان بإشارتك نموت يا سيدي موت الضأن
    وما ان سمعت حكامة الكواهلة وشاعرتهم (مستورة بت كوكو) بكسر قلم ماكمايكل وبسالة وشجاعة الناظر عبد الله ود جاد الله حتى ألفت قصيدة استهلتها بقولها:
    شدولو وركب فوق أصماً وحشي رايو مكملو وكلامو ما هبشي
    أديتكم أمانة متقنعة وتمشي عا########ي الأمانة ضيف الهجعة بتعشي
    ما ضاربو الهشوش ولداً قبيل منسي عكليكاً كبير ماكميك جنى هيكسي
    وإنفعالاً مع الموقف الوطني والبطولي لعبد الله ود جاد الله والذي أصبح حديث الركبان خاصة بعد كسره لقلم ماكمايكل تبارى الشعراء والشاعرات في تمجيده ومن أولئك الشاعرة المجيدة (آمنة بت فرج الله) بمنطقة الخيران التي تقع غرب مدينة بارا حيث ألفت قصيدة معبرة عن الموقف تماماً وارسلت كلمات قوية قالت فيها:
    كالو العاط في سماه مزاحو شين
    أجروا يا الشايلين جناه
    صقر الجو اللحو عاينو ليهو كيف بسو
    داير حتة من الكلو من اخوان أم فدو
    صقر الجو اللحو قال ما باكل اللحم
    إلا أخوان أم ختم النحرة أولاد عم
    في جريهو ورهسيهو اتبرد حتى ريشو
    يا جنيات الزول ده ميسو..الخ
    ولأن تلك الاغنية التراثية كانت تتردد بصوت كروان اغنيات الحماسة والتراث بمنطقة بارا (بابكر عبد الله) المشهور بـ(بابكر ود نوبة) وذلك بمصاحبة (خميسة ودريدقة) لذلك ازدانت جمالاً وبهاءاً بصوته الشجي والقوي بإيقاع الدلوكة من خلال حفلات السيرة التي يصدح فيها و يجعل الجميع في نشوة الحماسة والطرب، علماً بأن أول من صدح بالأغنية لم يكن ود نوبة وإنما هي الفنانة الشعبية بالمنطقة (أم بتوتو) ومن ثم تغنت بالاغنية (التومة البرين) ثم (ام بارود) و(الرحمة مكي) ببارا وعندما ذاع صيت الاغنية بمركز بحري كردفان ودار الريح تغنت بها (أم نعيم بت المدير ود جودة) من البشيري بمنطقة الخيران واحة الجمال بكردفان، واصبحت من اغنيات التراث الخالدة وغدت تماثل البهاء في ربوع بلادنا وتشمخ مفرداتها في كبرياء كشموخ البطل عبد الله ود جاد الله ود بليلو وأهله الكواهلة والذين وصفهم الشاعر المجيد الراحل الشريف زين العابدين الهندي في اوبريت سودانية حينما قال:
    فيك أسد العرين رب العراك والدوس
    وفيك ريل الودى البي نالو راتع يجوس
    وفيك فهود وفيك نمور وفيك طاووس
    وفيك صقر الكواهلة العينو كالفانوس
    وفي نيلك عشاري يشيل من الجاقوس

                  

12-13-2012, 09:57 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    [Bالمندعوسي عند الهواره
    كتب الأستاذ / خالد الشيخ حاج محمود
    هنالك علاقة تجارية ربطتني مع أبناء الهواره بقنا وسوهاج المصرية أبان تصديري للإبل خاصة وأن تلك المدن بها اسواقاً رائجة في تجارة الابل مما جعلني ابحث عن ذلك التاريخ كما اعتمدت على مصادر ومراجع عديدة منها: (تاريخ الحلفايا للدكتور عون الشريف) و(أصول العرب للطاهر فحل) و(طبقات ود ضيف الله) و(القبائل العربية في كردفان لماكمايكل) و(وثيقة نسب الهواره للشيخ دفع الله المصري) و(سيرة القاضي عربي للأستاذ حسن الصلحي) و(إنارة عن قبيلة الهواره للاستاذ موسى شيخ الربع) وغيرها من المراجع والمصادر الاخرى.
    ولكن الثابت والمؤكد ان الهواره اثنان وسبعون فرعاً في السودان وهي قبيلة نشات عقب وفاة الحسين بن على في كربلاء حيث نفى عبد الله بن زياد والي العراق الموالي للخليفة يزيد بن معاوية ما تبقى من ابناء الحسين الى مصر ومعهم عمهم محمد بن الحنفية تحسباً للفتنة.
    وكان اشهر من نفوا عبد الله بن محمد بن الحنفية والذي لقب بهواره كناية عن التهور وحدة الطبع. وفي العهد العباسي قويت شكيمة الهواره في دول المغرب في عهد المرابطين ويوسف بن تاشفين.
    ويرى ماكمايكل بأن الهواره اتحدوا مع قبيلة زناتة من الصعيد المصري في حربٍ ضد البربر في المغرب العربي ونزحوا للسودان بأسم الهواوير واختلطوا بسكان الجبال البحرية النوبة وسموا بالجلابة الهواره الذين احترفوا التجارة ونشروا العلوم الدينية بقيادة حاج عيسى ود محمود صاحب الجبل المشهور(بجبل عيسى) غرب الأبيض.
    واستقر جزء منهم بالشمالية ودار الريح واحترفوا الرعي وزراعة النخيل بالشمالية، أما عون الشريف فهو يرى بأنهم نزحوا من المغرب الى مصر بقيادة محمد بن عبد الله الفاطمي ويقول د.عون بأن الأمير برقوق قبل توليه السلطة بعامين حوالي 1380م أنزلهم منطقة الصعيد بهدف حماية جنوب مصر من غارات الكنوز لذلك اشتهر الهواره بمصر ومنهم أولاد على السعداي وعليوة والبلابيش والسماعية و الوشيشاب والهمامية وأشهر عوائلهم اولاد أبو دومة ويقطنون قنا وسوهاج وأسيوط والمنيا والفيوم والنحيره والصمدية وبني سويف ودراو وحتى الاسكندربة بها أسرة الشيخ رجوعة وجاء دخلوهم الى السودان عبر ثلاثة مجموعات من مصر والمغرب وتونس.
    المجموعة الاولى اسمها الهنوناب بالحلفايا والثانية جدهم ود البرد جاءوا الى الحلفا ومنها الى ام روابة التي تركوا فيها شاع الدين ابن موسى ود البرد ومعه مجموعة من ابناء شقيقه محمد العدوي واقاموا بأم رسوه ريفي ام روابة وذهب هارون بن شاع الدين الى جبال تقلي واتجه أبناء ود البرد الخمسة الى الأبيض والتي بقي فيها الشيخ محمد البشير المشهور بالضكير وهو من كبار العلماء انتدبه ود الطريفي لتعليم الفقه بخلاوى العركيين ومعه مجموعة من المشايخة منهم الشيخ فرح ود تكتوك وود اونسه والعبطي وسافر شيخ موسى ود البرد لدارفور وترك فيهم ابناءوه الثلاثة العلماء (منير وشعير ونمرو) وهناك مأثورة عن أولاد ود البرد (بركة أولاد ود البرد السلسلة المتبعة) علماً بأن أبناء شعير ود البرد أقاموا بالأضية وفي غرب كردفان في غبيش وابو زبد وبابنوسة والفولة.
    أما الضكيراب فقد جاء اسمهم بسبب كرمهم وشهامتهم ومعظمهم قضاة وعلماء بالأبيض وفي كادقلي أقاموا في جبل اسمه حلة الفقراء كما ذهبوا للتنقيب عن الذهب في جبال بني شيبون وينتشرون بريفي ام روابة في منطقة نافع الهواره وخرج منهم الطوقية واقامت منهم مجموعة في ربك وعسلاية وتندلتي ودارفور والجزيرة أبا (آل دقناوي)، ومن اعلام الضكيراب القاضي عربي الذي درس على يد ود عماري المغربي في عهد السلطان محمد الفضل عام 1768م وعندما عاد ود عماري من كردفان لدارفور قالوا له من تركت لنا قال تلميذي النجيب القاضي عربي الذي اصبح مستشار للفتوى الشرعية لممالك تمبوكتو ووداي بغرب افريقيا وجاء تنصيبه اماماً للفتوى بوثيقة أمام المقدوم فحواها (البسانكم الارض من الجامع لحمرة ام جنيحات) بمعني من جامع الأبيض وحتى شجرة تبلدي تقع جنوب شرق مطار الأبيض حسب افادة الاستاذ موسى شيخ الربع، وجاءت تسمية ود البرد كما يقول الباحثون لشيئين أحدهما ان شيخ موسى برد العلماء في المناظرة بمعنى فاقهم كما هنالك قولاً شائعاً بأن ابناء ود البرد كانت بشرتهم بيضاء مثل برد الأمطار، أما آخر مجموعة من الهواره جاءت للسودان من قنا عبر صحراء بيوضة واستقرت بدنقلا ومن ثم زحفت لكردفان في ثلاث مجموعات منهم:
    مجموعة حاج عيسى ابو محمود عبد المطلب والثانية مجموعة شقيقه همام والثالثة مجموعة شقيقه احمد الخبير حيث مكث همام بالكبابيش وهو جد الهواوير حرفتهم رعي الأبل، وقال ناظرهم آدم حسن نمر (الهواره قبيلة جلد نمر) واقام حاج عيسى بجبله غرب الأبيض وعاد أحمد الخبير لمصر و أبناء حاج عيسى ستة هم عبد الله ومنصور وحميد الجبار وحامد لقومتي ومحمد الكامل ومحمد ابو منانا.
    وقد صحح مولانا دفع الله المصري نسب الحاج عيسى والذي كان محفوظاً في حجاب مغلف بورق فضة ويعتبر ابو منانا اكبر ابناء حاج عيسى وقد سمّي بأبي منانا لأنه عندما انجب ابنته الاولى بعد ثلاثة عشر ابناً قال ولدت لنا منانا..
    ومن ابنائه اولاد عبد الرحمن واختلط احفاده بقبيلة حمدان التي تقطن بالقرب من مدينة بارا ويوجد بعض الهواره في فشودة وام عسيلة ومغيسيبة والتقور ومن اشهر ابنائهم احمد حسين الامام ، (أمين عام حكومة شمال كردفان) وقد اشتهر احفاد ود عيسى وخاصة ابناء ابو منانا بإيقاع الأرضوه كموروث شعبي اصيل حملوه معهم وطوروه خاصة وأن أي قبيلة لها قيادة إدارية وواجهات دينية وموروث شعبي ونشاط اجتماعي واقتصادي لان الخلق صناديق مغلقة يفتح بينهم التفاهم.
    وللهواره عادات مشتركة مع القبائل كالشلوخ التي توجد في ثلاثة خطوط عرضية على الخدين عند النساء وكذلك شلوخ طولية (111) اما الرجال يشلخون منذ صغرهم (11) وتسمى مطارق النضارات، واحفاد ابو منانا يشلخون سلم راجل. وللهواره وسم للحيوان (قلايد)، ولهم نظام أهلي عمدة وشيخ وناظر في بعض قبائلهم مثل نظارة اولاد همام الهواوير ومكوكية الهواره ونظارة الحلفه، ولهم زعماء روحيين يسمى المفرد منهم (كير الهواره) ومن قياداتهم الروحية هجو البندراوي، وأولاد بيومي في الحلفايا والشيخ محمد موسى ود حسيب في ام دوم واولاد البرد والقاضي عربي بالأبيض وفي الجانب التراثي ارتبطوا بأبالة كردفان لذلك أدوا تراث الخف والابالة( الجراري، الجالسة، التويا...الخ) كما ارتبطوا بأيقاع البقاره (درملي، مردوم، هداي، جرداق،...الخ) وفي الشمالية ارتبطوا بأيقاع الدليب والطمبور ومن المؤدين له ابنهم النعام آدم (من الهواوير) وشقيقه محمود.
    ولأن الهواره جاءوا من الاندلس عندما هاجروا لها عام 1092م ولهم أسر في طليطلة يسموا بأسرة ذوالنون، والتي اصبحت اليوم مدينة توليد الاسبانية وذلك أبان قيام حكم الطوائف التي اسسها الظافر بن ذو النون ، وجاء دخلوهم الى السودان بأسم الهواره المغاربة الشرفه وذلك عبر طريق ليبيا واستقروا في بني هلبة وعد الفرسان وبعد اختلاطهم بأحفاد ود عيسى وابناء محمد ود ابو منانا نقلوا معهم غناءً حرفوه من التراث الاندلسي يسمى(المندعوسي) وهو في قالب موشحات مثل الاغنية البديعة:
    لومي لومي لومي حسرتي يا قومي
    من الجار في يومي
    حسرتي في هواي هو الجاب لي شقاي
    هذه هي الحكاية واسمعوا يا قومي
    هذا الايقاع والغناء يشبه القناوي عندهم والذي جاء عبر الجزائر لاحظ الغناء في القناوي:
    ليلة ليلة ليلة الليلة يا ليل ** ليلة ليلة الله يا ليل
    لما الليل جنّ ناس ليلى دابن جنّ
    نايرات الوجن راكبات في الهِجن
    عقلي من شافن جن هو زاتوا طار وجن
    في بحورن لججن
    لي نيرانوا اججن وبي حكمهن انسجن
    والقناوي يؤدى فى شكل مديح مثل العديل والزين علماً بان البنية تؤدى بالطارات في السودان وفي الجزائر تؤدي بالقمبري وهو اشبه بالجيتار النورمل خاصة وهنالك غناء للهواره بالجزائر تغنت به نوره الجزائرية:
    غني لي وطني وابشر وازور سيدي الهواري
    يؤدى المندعوسي بأصوات الحلق مثل الكرير وان كان ايقاعه مختلفاً عن الجراري والرقص فيه بالرقبة مع وجود صفقة وكورس وهو اقرب للجابودي في الشمالية ويقدم ذلك الغناء في الافراح كالزواج والختان وكل مجامع الفرح الغامرة باللهفة والشوق والطرب.
    على كلٍ جاء الهواره الى السودان يحملون معهم بشائر الدعوة الاسلامية والثقافة العربية والموروث الشعبي الاصيل والنظام الاجتماعي القويم وفق النظام الاهلي المتين بدعائمه الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.





                  

02-14-2013, 05:13 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    من الأغنيات التراثية
    دار الريح طاريها


    كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
    برفقة أخوان المكارم زمرة (الزعيم مالك نقد الله مالك والاخوال عثمان مكي وسيد محمد قيلي وابن زانوق امبدة محمد تمساح سيماوي وصديقي الاستاذ الاديب الباحث محمد عثمان الحلاج ورفيقنا وطبيقنا في العمل الثقافي الاديب الباحث موسى شيخ الربع) غادرنا الأبيض في عز الهجير والصيف قبل خمسة أشهر تقريباً طالبين القرب من دار الريح القريبة و درة دار حامد (القاعة) لهدف ساميٍ ونبيل هو رتق النسيج الاجتماعي وإزالة الإحتقان بين أهلنا الفراحنة (المعالي وأولاد دقروب) رافعين الشعار الخالد والعرف السامي والحكمة البالغة (الناس شركاء في ثلاثة الماء والنار والكلأ) لذلك هان علينا أن يتفرق شمل الفراحنة بسبب حفير ماء قد يصبح ماؤه غوراً في فترة الصيف ومع مفرق الحبتين إن لم تمطر السماء وتجود عليهم بالماء الزلال، تعلمنا من خلال تلك الرفقة المأمونة والرحلة المصونة (أن لا شقة بين أبناء الفرع الواحد) ناهيك عن القبيلة الواحدة وبالتالي الأرض وخيراتها ملكٌ على الشيوع لذا جاء حكم الأجاويد مقبولاً لأنه كان محايداً وغارساً للمحنة في أرضٍ كريمة مخططة ومسورة بالمحنة، كانت حكمة الاستاذ العمدة محمد نور ادريس حاضرة وصبر شيخ حمدان ماثلاً امام الجميع كتاج ورتاج كما تجلى الكرم في أسمى معانيه من أهالي المنطقة ناس خميس فاجوم وأهل القاعة وشرشار وأولاد دقروب بل من كل أهل المنطقة وكان عنوان الرحلة اسمه (سيد قيلي) ما نامت له عينٌ ولا غمض له جفن وهو يطوي اليباب بعربته كطي السحاب ويجعل المستحيل واقعاً، عدنا وما خاب رجاؤنا في الحل وكنا قريري العين هانيها هكذا كان أهل دار حامد (كرم وتقدير واحترام) تعلمنا من تلك الرفقة حكم الجودية وكل قيم النظام الأهلي والذي لو قدر له أن يسود البلاد والعباد لنفع وجاد وعم القرى والحضر ولأصبح قول ود الرضي حقيقة وليس خيالاً (البدر الخفا الانجاف اليوم شرف الرجاف) ولما غدت خريطة السودان الجغرافية التي كانت تملأ سبورة الفصل في سالف الزمان اليوم اضغاث احلام وبعدما صارت كالقربة تسقط بعض الماء على الأرض البور البلقع وتخرج الذهب والمعادن ولا ندري أهي من أثقال الأرض عندما يقول الانسان مالها أم أن ذلك من خير الله الباسط على العباد ، على كل كانت رحلة دار حامد عبرة ادركت فيها المعنى الحقيقي لقول الشاعر الشنقيطي (احمد ابو سنينة) الذي طالما اقام ببادية الكبابيش ردحاً من الزمان وهو يصف حكمة شيخ العرب محمد على التوم المر بل عرفت كيف تقرع صفات الحلم بالجهل في مجالس الحكماء فتتوافق مع ما سطره ابو سنينة شعراً بليغاً ورصيناً:
    ودار بشيرٍ هل بها بات سامر أم انفض منها سامرٌ وتوزعوا
    وبيت حماه الله للهوي واسعٌ وأوسع منه الوقت والصدر ارحب
    واحمد منصور خليلي ومالك حبيبي لكل منهم في فؤادي موضع
    وهل عامرٌ من بعدنا دار عامرٍ بحيث وفود القوم تأتي وترجع
    ومن جاور النوراب عز مكانه وكان له منهم ملاذٌ ومفزع
    إذا اجتمعوا بالمر يوم المشورة رأيت صفات الحلم بالجهل تقرع
    ترى أقوياء الناس للمر خضع ولكنه للجار والضيف يخضع
    (بشير هو جدنا المرحوم بشير ابو جيب تاجر الابل المشهور في السودان وحماه الله هو الشريف الشنقيطي بالمنطقة ومالك هو التاجر بمنطقة ام بارد الراحل عمنا مالك محمد مالك وكذلك التاجر جدنا احمد منصور مكاوي). دار حامد هم عنصر قبلي مركب كما يرى السير هارولد ماكمايكل في كتابه (قبائل شمال ووسط كردفان) ويشمل ذلك العنصر مجموعات سكانية عديدة منها (الفراحنة – الهبابين- المرامرة – النواهية – أولاد أقوي- الطريفية – الجليدات – المجانين وغيرهم) هذا العقد الفريد تجمع بحكم الدم والمصاهرة والمواطنة التي ارساها جدهم عبد الله الجهني ومن بعده احفاده معالي بن سهل ومازن وسليط وسلطان وحامد وحماد وذبيان وسفيان وصارم ودهمش والنعيم والسلسلة ممتدة حتى اليوم، لكن حامداً عندما جاء من الشمال طلب نصيحة ابو زيد الهلالي فيما يخص المكان الذي يجب ان يستقر به فأشار له الهلالي بالسكنى في منطقة الخيران بقوله ( ان منطقة الخيران مركز سلاطي ومجر بواطي) بمعنى ان هذه الارض اختارها الحكام لأنها غنية بالماء حيث الحوض الجوفي الذي يمتد عبرها لذلك غادر حامد وشقيقه حماد منطقة (أم دخن) التي تقع على مشارف مدينة الفاشر وحلا بمنطقة دار حامد الحالية شمال غرب بارا حيث تزوج من جبل ميدوب (فرحانة) جدة الفراحنة والهبابين كما تزوج من قبيلة البديات امرأة اسمها ( حدية) وهي والدة المرامرة وتزوج أيضاً (أم كساوين) وهي امرأة جاءت من بغداد يقال بأن حامد وجدها تحمل طفلاً صغيراً في كردفان أو دارفور فتزوجها كما أن هنالك زعم بأنه وجدها في صعيد مصر وعندما انجبت إبناً أصبح جداً (للبغادة) في اشارة لبغداد ، أما حماد شقيق حامد فهو جد أولاد أقوي ويقول البعض ان الجليدات هم نتاج لزواج حامد من احدى النساء بالمنطقة كما يقال بأن أول من حمل النحاس بعد وفاة حامد هو ابنه (محمد مرمار) جد المرامرة الملقب بـ(كريلو) ، ومن ثم انتقل النحاس لاحفاد عبد الحميد الثلاثة وهم ( النور ومراغة ويوسف) والاخير هو جد أبناء عايف عمد أولاد أقوي الحاليين علماً بأن أولاد أقوي وحتى عهد يوسف كانوا أقوياء بما يكفي لمقاومة الاحتجاجات المطالبة بالنحاس كما اورد السير ماكمايكل ولكن في تلك الاونة وقف الفراحنة والهبابيين والمرامرة جميعاً في مواجهة يوسف وانكروا حقوقه في حيازة النحاس بل نصبوا شيخ الهبابيين (امبدة ود سيماوي) باعتباره أغنى وأقوى شيخ في حلفهم لذلك عقدوا عليه العزم وحملوه نحاس القبيلة مما جعل المرامرة واولاد اقوي ينشقون عن ذلك الحلف لمدة من الزمن وحينها كان المرامرة تحت زعامة قائدهم (أبيض ود حمدوك) وبالتالي اصبح سيماوي شيخاً لكل قبائل دار حامد مع نهاية الحكم التركي ثم صار اميراً في الدولة المهدية تحت قيادة المهدي ومن بعده الخليفة عبد الله إلى ان توفى عام 1891م بدارفور، وفي عام 1906م حصل شيخ المجانيين على نحاسٍ لأهله وبالتالي صارت له سلطة على قبيلته واصبحت منطقة دار حامد تمثل له السكنى والمقام، كما اشتهر شيخ الفراحنة (عمر قش) بكرمه والذي لم ينقطع بوجود ابنائه من بعده الراحل (التجاني واحفاده صديق و عيسى التجاني) لذا كان الشيخ عمر قش أميراً في المهدية خلفاً لسيماوي امبدة بعد وفاته كما كان ( زريقة على) اميراً آخر من امراء الفراحنة في المهدية، كل هذا الإرث لقبيلة دار حامد جسد روح التوافق بينهم باعتبارهم متصالحين مع انفسهم أولاً وبالتالي مع القبائل الاخرى المتعايشة معهم بمركز بحري كردفان ودار الريح، وظهرت فنونهم في الافراح والمواسم لأنهم اصلاً ابالة اصبحوا غنامة مع دواعي الاستقرار وبالتالي رقت حواشيهم واصبحت مفرداتهم جزلة وايقاعاتهم طروبة فخرج الجراري عندهم كفن شعبي أصيل يطرب الدواخل ويشجي الوجدان كقول الحكامة: يا والدة دقيني وفي دقك اهديني
    حنجور الوزيني سماحته تعميني
    كما أورد الباحث الاديب الاستاذ مكي الاعيسر جوانباً صادقة للادب الشعبي بدار حامد منها القول الباذخ للشاعر تمساح امبدة:
    أبوك مسكت السبق كتير في بارا تلي الروبة لي المتبورة بي الخوجالة
    أبوك مسكت السبق كتير شن سوا تلي الروبة يا الحورية خلي العوة
    غير ان الاستاذ الفنان المخضرم صلاح محمد حسن قدم نماذجاً صادقة للغناء الشعبي والتراثي بمنطقة دار حامد سيما وهو يمت بصلة القربى لهم باعتبار ان والده من منطقة البشاريين بالسعاتة شمبول وهي تقع في منطقة دار حامد أما والدته فهي بنت العمدة بدوي رمضان (عمدة الارباع) بالأبيض، حيث ولد الفنان صلاح بالأبيض في أوائل الخمسينيات وعمل في الحقل الطبي مساعداً طبياً مع زملائه (حسن ابو شراء وبكر احمد على ومحمد عبد الله كوبا واحمد مريخة وعبد الله ابو البشر ومختار سيد احمد وغيرهم)، وكان مستشفى الابيض آنذاك عامراً بالأطباء أمثال (محمد احمد جحا وكاشان و ابو سلب وبشير ارباب ) وفي منطقة السعاتة لمع نجم الشاعر حامد عوض حامد – قريب الاستاذ صلاح محمد حسن- والذي جاد على الاستاذ عبد الرحمن عبد الله بأغنية (ري الخزامة):
    إنت يا ري الخزامة يا جدياً شاغلنا يامة
    يا حبيب ما شاف ندامة يا دعاش حق الوسامة
    يا جدياً وردو غبى يا فريع تريان محبة
    انت يا الشوتال وجبة يا منى كل الاحبة
    ما كفاك يا تومي والله شوف صديراً موجو علا
    لو هناك يرضيهو حالي بس خاف يا تومي الله
    وعلى ذات النهج سار الشاعر الابالي الرائع (ابراهيم جمعة) قائلاً:
    بشوفك لي مجافي وبرقك شالع مد
    يا الرهيد السرفك ند بسألك ايه الجد
    قبال ما كنت حنين وسحابك طبعو معين
    وكت بتدور بتخاصم خافض طرفك لين
    لماحة وبرقك عين لوح فوق شبالا
    رهطاً حزك زين تشيل الروح مرحالا
    على الوديان متدلي رقيق فصيص النالا
    اريت الناس تتجازى زي ناس عما وخالا
    مفردة النالة التي وردت في المقاطع أعلاه كان يترنم بها (محمد العباس لخمة) احد ظرفاء مدينة بارا وهو يقول ( يا ظبية النالة وفي القلوب ملالة وعيني جافية النوم)، كما تغنى الاستاذ صلاح محمد الحسن بالعديد من الاغنيات مع ظهوره في فرقة فنون كردفان وفي سماء مدينة الابيض الحالمة بالحالم سبانا والوارفة بحدائق البانجديد ومن تلك الاغنيات المشهورة اغنية (بقيت تمر بينا) وهي من كلمات الشاعر المهندس احمد حسين كباشي ومن الحان وغناء صلاح و ذلك قبل ان يشدو بها المطرب الكروان (النور الجيلاني) كما لحن الاستاذ صلاح وغنى اغنية (عيون البنفسج) لشاعر الوطن الكبير (اسحق الحلنقي):
    ابكي يا عيون البنفسج ابكي بدموع الندى
    قولي للغيمة المسافرة راحلة بي الشوق في المدى
    شمعة الريدة اللي كانت في ديارنا معبدة
    هب ريح في عز ضياءها وانطفى الروح البدى
    وأيضاً تغنى الاستاذ صلاح بأغنية (كباشي كان برضى) كلمات الشاعرة الراحلة (حبيبة بت حمدان) ولكن المفاجأة ان الاستاذ بلوم الغرب الفنان عبد الرحمن عبد الله اهدى الاستاذ صلاح من كلماته والحانه اغنية (المنديل) كعربون صداقة بينهما: منديلي هل تذكر ليلة القمر ضوى يوم كنا بناجي الريدة سوا سوا
    منديلي يا معطر هدية أعز حبيب لونك يسحرني ويسكرني قبل الطيب
    كما تغنى الاستاذ صلاح بأغنية (راقصين التويا) كلمات الشاعر السر المقدم وكان ذلك في سبيعنات القرن الماضي واخيراً شكل ثنائية مع الشاعرة الهفهافة الاستاذة (اخلاص محجوب جميل) وغنى لها العديد من الاغنيات التراثية والوطنية منها الاغنية (أرض الجنوب) والتي تقول بعض مفرداتها:
    أنت يا أرض الجنوب حباكي ربك بالجمال
    أنت يا جنة أرضنا ليكي شادين الرحال
    يا الله يا احباب تعالوا يا الله نادوا على الشباب
    نبقى عشرة على بلادنا ونبقى عشرة على التراب
    نمسك الطورية نزرع ونمشي لي طق الهشاب
    تاني نرجع لي دروسنا ونمسك اللوح والكتاب
    غير ان الاغنية التي اشتهر بها الاستاذ صلاح هي اغنية (دار الريح طاريها) والتي اهدتها له شاعرتها (التاية بت زمل) حينما التقت به في دونكي طيبة بمنطقة دار حامد فغناها على ايقاع السيرة وبخف الابالة أي على ايقاع الجراري المتوسط ومن ثم حفظها ابناء كردفان وصارت عنواناً لدار الريح ومن مفرداتها الجميلة قول شاعريتها:
    دار الريح طاريها مشتول المنقة فيها
    بشيل الجوز بزقيها بحاحي الطير ما يجيها
    الرقيق ضي اللمبة ساجننا ما ذنبه
    خلوني نقيل جنبه ولا فوق ضل البرندة
    جقلة أم ضهراً ميله أم ضيلاً بي خنتيله
    جن واردات الليلة زي بنوت السيرة
    براك يا طير الوادي براك شن قل رقادي
    نقول انحاكي الرادي نشيل الليل سقادي
    رميت الخت قابلني بشاير خيرك جني
    كل ما نقولا نغني جروحك ما بخلني
    كل ما قت نناني حسرك ما خلاني
    أعمل أيه يا اخواني دا الموزون قباني
    التوب الما منهدَ ولا بنشال في عجة
    كل ما قت اترجى نارك تاخد وجة
    (أم ضيلاً بي خنتيلة يعنى به مخلفات (بعر) أي شبعانة والخت هو الرمل والودع أما القباني فهو الميزان الدقيق الذي يستعمله متحصلي القبانة والعشور و العجة من العجاج والغبار) ، وفي الختام التحية للفنان الرائع صلاح محمد حسن وهو يتغنى بأغنيات الأبالة والغنامة ويسمع صوته ابتداءاً من رسالة المديريات التي كان يعدها ويقدمها الاعلامي الراحل الاستاذ عوض محمداني والتقدير للذين وثقوا لتراث الابالة من الاساتذة الاجلاء أمثال الراحل ميرغني عبد الرحمن يس و استاذ الاجيال مكي احمد على الاعيسر والذي اهداني بعضاً من مؤلفاته منها (أضواء على قريض البدويات الرعابيب) و(البلاغة في شعر الحقيبة) ومن المتوقع أن تنشر تلك الدرر في صحيفة السوداني في مقبل الايام وبواسطة الجنرال.







                  

03-12-2013, 03:22 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    حليل موسى اللرجال خوصة

    كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
    كان عقال الحنيك هو البداية الدرامية لملحمة الصراع المحتدم بين بني جرار والكبابيش بهدف السيطرة على جزء من الدار الراهنة للكبابيش بشمال كردفان – وقد اتصلت حلقات الصراع وان تخلله جنوح للسلم من بعد عقال الحنيك فغطت شيخة محمد ود الساني (1804-1811م) وسالم فضل الله (1817-1833م) في الكبابيش وشيخة جلي وابنه موسى في بني جرار الى قبيل الفتح التركي لكردفان عام 1821م كما ورد ذلك في كتاب الدكتور المؤرخ (عبد الله على ابراهيم – فرسان كنجرت) احتلت مدينة كجمر مركزاً دامياً في المرحلة الأولى للصراع وتقول احدى الروايات بأن دار حامد قد دخلت في اتون العراك فطلبت سند الكبابيش على بني جرار وانتهت تلك الجولة بخسران الكبابيش ودار حامد وقتل هلال ود بخيت النورابي بعد تخاذل كبير من الشيخ سالم ود فضل الله والزبير ابو النية بينما ابلى حمد ود منزول الجراري البلاء الحسن ولكن سرعان ما عاد الكبابيش بالحول وأوقعوا الهزيمة ببني جرار وحازوا على كجمر كما اتفقت أغلب الروايات الشفاهية مع كتابة (باركنز) بأن نهاية الوجود الجراري في كردفان قد جاء أثر موقعتين بارزتين الأولى هي عقال قرين (الجبل الصغير) جلي وهو موضع شمالي المرخ ومبعث الحرب هو كتلة (بلل وعياله) حيث خرج بلل و أبناؤه في أثر جمال فأوقع بني جرار بهم وقتلوهم وعندما حمل بني جرار خبر مقتل بلل لشيخهم جلي وبخهم على ذلك وطفق ينتظر خيل الثأر وكان بفريق بني جرار (ود ام النصر النفيدي) والذي تعاهد مع جلي على اخباره بقدوم الكبابيش إن رآهم قبله وبالفعل التقى الجمعان فانتصر الكبابيش وقتل شيخ بني جرار (جلي) ومعه حسب الله ود جلي واحمد الحريرين أخ جلي مما جعل بني جرار يتجهون صوب دارفور بعد عقال القرين بحثاً عن حليف ليثأروا من الكبابيش فقصد موسى ود جلي الزيادية وشيخهم (بخيت ود قبلة) واطلعهم على سطوة الكبابيش وثرائهم وعلى ضيعه شأنهم وقلة حيلتهم واستقر الأمر بقتال الكبابيش فكانت عقال (التمامي) وهو موضع غربي حمرة الوز بحول الموقعة السابقة (1815) وفي تلك الموقعة نال ود ام النصر النفيدي مقتلاً من موسى ود جلي والذي حمله حصانه الى بني جرار بعد ظفر الكبابيش بمعركة (عقال التمامي) كما يرى (باركنز) ذلك وقد أيده في الرأي الدكتور عبد الله على ابراهيم- وبعد تلك المعركة خلد الكبابيش للراحة والهدوء وانقطع دابر بني جرار عن كردفان ونجوعهم لدارفور عدا نفرٌ بقى مع الكبابيش. وقد منحت الجرارية بت مازن على الفارس موسى ود جلي بقولها:
    ان كتلوك النفيدية محور على قلبي
    وان كتلوك العزاز دايوك على قرني
    (الدايوك نبات طيب الريحة يعمل في قرن المرأة ويلصق بخصلتها)
    شغل فارس بني جرار موسى ود جلي الالباب وتحدث الناس بسيرته وشجاعته واقدامه الكبير ومن تلك السير ما جرى بينه وبين يوسف ( سنينات) احد شيوخ أبناء عمومته الشكرية حيث رحب يوسف بموسى ود جلي وقومه عندما حلوا بمنطقة الشكرية وذلك بهدف الدمر ويقال بأن يوسف سنينات قال لأحد أعوانه (روح جيب سبعة ابكار لا ضاقن زر ولا عقال ضيفها لي بني جرار واديهم حفائر يشربوا منها في الصيف واجعل ليهم شقة يكونوا فيها رباعه معنا حتى يشربوا ويدمروا فيها) ، غير أن الحفائر نضب ماؤها فأصبحت البهائم ترجع في عد الشكرية مما جعل احد اعوان يوسف يقوم بقتل بكرة خاصة ببني جرار فحدث قتال جراء ذلك بين الرجل وصاحب البكرة وشاع خبر ان احد أعداء سنينات (كتل بت ام فريعات والتي تحسب بخمسة واربعين حبوبات تيلاد) الجدير بالذكر ان بت ام فريعات مقصود بها احدى البكار الحرة لدى يوسف سنينات غير أن موسى ود جلي قال لهم (يا اخوانا يوسف ضيفني بي سبعة ابكار ما تمسكوا في بكرة واحدة) فجاء ردهم لموسى (انت اتغربت في دار القبائل واصبحت خواف) ونفى موسى ذلك الخوف عن نفسه بقوله (السبب البلومني مع سنينات شنو) فقالوا له (إلا تسوق زوجته) (آمنة بت حسان) وبالفعل استجاب لطلبهم و ذهب إليها واجرى معها حواراً جعلها توافق على الذهاب معه بل رحبت به في بداية الحوار بقولها:
    حباب موسى يا صباح الخير أبو وجها قمر ما ببدلوك بالغير
    جيتو قادين سير لكن اتفضلوا على المنازل ديل
    وجاء رد موسى ود جلي:
    نحنا ما جينا ضيفان أكل وشراب الدنيا أولها خراب وآخرها خراب
    وما شفنا الصقر في عشه بتدلى غراب
    كما قال لها: (نحنا جينا نسوقوكي يا تمشي معانا يا نقطع راسك) مما جعلها تذعن لأمر الرحيل معهم وبعد عودة زوجها سنينات علم بالخبر الأكيد وفزع للأمر وعند الصباح قال ود جلي لقومه (الفارس الفازع ده مرتو برجعها خلوني نشيل الشكرة نعيدها له) ولكن قومه قالوا له (داير تخاف) فيما أنشد أحد فرسان سنينات بعضاً من المقاطع الحماسية وحينها كان يوسف سنينات مقبلاً نحو داره:
    يا با الغرابة ساقوا آمنة وقاموا الشكرية وين فاتوا الشكرية ما بنلاموا
    جاهم موسى رافع راسو متل الهاموا خلاهم حفايا وبالدروب يتراموا
    وجاء رد يوسف سنينات:
    شوف الزول ما أشنى كلامو داني للبعض فوق لجامو
    وكم فرطقت جمهور العرب وعجامو
    ومن ثم دار حديث بين بت حسان وود جلي حيث قالت آمنة:
    ما تغشك الخليق والدروشة المتلمة ما بصدوني منك يا نقيع السمة
    كان جاك البستر العورة وبكشف الضلمة حات شكرك وقف والليلة يومك تم
    وسرعان ما بدأ القتال فشاعت فرسة ود جلي (لأنه خان الأمانة) وكانت منطقة تقلي مكان ذلك العراك حيث تبارز موسى ويوسف سنينات على الأرض وقال يوسف لقومه (الضئ في بيتك ما بتكتلو نكتل فارس القبيلة ود جلي) ولكن كما يقول الباحث المؤرخ محمد السماني محمد من منطقة (أبو زينة) شرق بارا ومن قبيلة بني جرار بأن ذلك القتال انتهى بإرجاع آمنة بت حسان لأهلها وبالتالي حقن الدم إلا أن الباحثة الحاجة فاطمة بت الصافي (والدة الدكتور الراحل الضو مختار) قالت بأن موسى ود جلي طعن بحربتين من احد حاشية يوسف اشتهر برمى الرماح بعدما خاطب ذلك الشخص يوسف بقوله( الوكت تم يا سيدي الزول اتعدى الحدود وأنت قلت ما بتكتل ضئ قبيلته خليني نرميه بالحربة كان نجا تكون ليه عار وكان مات تكون ليه تار) وبالفعل رماه بحربتين احداهما تحت الكلية والاخرى في فم المعدة غير أنه لم يمت وتم نقله لكجمر والتي توفى بها، وقد أيد ذلك الرأي الاساتذة الباحثين (الطيب محمد الطيب في صور شعبية و موسى شيخ الربع والشريف احمد حماه الله الشنقيطي) ولكن الراجح ان موسى ود جلي قتله النفيدي (ود ام النصر) في عركة (عقال التمامي) ويؤكد ذلك ما قالته (بت مازن) وهي تعير ود ام النصر بقولها:
    عانها النفيدي ممكن الرخسه غور فوق رفيقه الما عطاه مفسه
    جرو السلسل البتوط في مرسه الخوف قسمو عيل موسى ما حرسه
    عانها النفيدي ما أكعبه وما اشناه غور فوق رفيقه الما عرف جازه
    كان مقتل ود جلي أمراً عظيماً إذ شق خبر موته على أهله وشقيقته المنفلة بت جلي والتي عبرت عن ذلك بقولها:
    دا موسى المافي أصبى منو أعوادو ما بتنوا
    يوم جبدوا الحراب منو اتبسم وبرم شنبو
    وقال أنا موسى يا حليل موسى
    ومع تلك اللزمة الموسيقية (يا حليل موسى) كانت رائعة المنفلة بت جلي وهي تشدو ممنحة بقصيدتها (يا حليل موسى) والتي قالت فيها:
    أبكنوا يا سهيل ومهيل ود أمي يا سرير وبرير
    ود أمي يا صباح الخير
    بكايتك ما بتنوم الليل وزاملتك بركت للشيل
    خربانة الدنيا دار الميل
    يوم جانا المهر مجلوب فوق ضهرو السرج مقلوب
    أبكن يا بنات حي ووب على موسى الوسدوه الطوب
    حليل موسى يا حليل موسى حليل موسى اللرجال خوصة
    هو نمر وأبوه دود قرقر وأمو جاموسة وسيفو لاحوسه
    حليل موسى ما باكل الملاح أخدر ولا بشرب الخمر يسكر
    عجب عيني يوم ركب دفر طلع صيطو شال بنات بربر
    حليل موسى ويا حليلو اليوم حليل حوشو القرقرو البعشوم
    أما مفردة (شال بنات بربر) فربما تعني أن افادة الباحث محمد رحمه لي غير صحيحة حينما أفاد بأن اغنية حليل موسى اختلطت مع أغنية قيلت في فارس الجعليين ببربر (موسى ود ابو حجل) والدته هي بت (المك ابو لكيلك) وكان ذلك الفارس قد استشهد في توشكي ابان الثورة المهدية مما جعل احدى الحكامات تؤلف فيه قصيدة حزينة قالت فيها: حليل موسى الراكب الطويل وافزر
    وحليل موسى ما باكل الملاح اخدر
    ابكنو يا بنات بربر
    حليل موسى رقد الصفوف والطوب
    يوم جانا الجواد مجلوب
    ابكنو يا بنات عرقوب
    ولكن العزاء ان اغنيات التراث تتنقل من منطقة لأخرى ويتم استعارة بعض مفرداتها وادخالها في اغنيات تراثية بمنطقة اخرى لا سيما وان (كتلة ود جلي) سبقت استشهاد موسى ابو حجل التي كانت كما اوضحنا بتوشكي على مشارف الحدود المصرية مما يستحيل معها عودة الحصان وهو مجلوب، كما ان الاغنية اشارت لكلمة (شال) والتي تعني (شيل) خاصة وان بربر كانت ملتقى طرق آنذاك كما أن قوافل الحج تمر بها في طريقها للحجاز ومفردة (شال وشيل) كثيرة في الادب الشعبي ومن ذلك قول احدى حكامات الابالة:
    وادي الزوم سيل وزينو قام قيل
    قالو المريود شيل من اب تبر ميل
    كما يقول الشاعر الراحل قاسم عثمان بريمة:
    ما دام براقا شال طرف قطع شك الأبيض خرف
    وكذلك يقول شاعر الحقيبة ابراهيم العبادي في (عازة الفراق بي طال):
    طريت برق الفويطر الشال وسال دمعي البكب وشال
    كمل صبري ومنامي انشال لبس من ناري عمة وشال
    يا عازة الفراق بي طال
    أغنية (حليل موسى) تغنى بها فنان الشرق (آدم شاش) من خلال برنامج (الربوع) وهو صاحب الاغنية المشهورة (فنجان جبنة بي شمالو) كما تغنى بمناحة ود جلي أيضاً الفنان الرائع (مصطفى مضوي) غير أن الاغنية بلغت شأناً كبيراً وشأواً عظيماً حينما تغنى بها كروان التراث الاستاذ الفنان الأديب عبد الكريم الكابلي فأكسبها ألقاً وجمالاً و أصبحت عنواناً لقليعة ود جلي التي تقع في البطانة الغربية على تخوم (عد المرخ) وبالقرب من حمرة الوز وبالحق فإن الاغنية تعتبر من اغنيات المناحة الشامخة في ربوع بلادنا باعتبارها من المراثي الصادقة والشفيقة إذن التحية والتقدير للشاعرة الشعبية (المنفلة بت جلي) ولشقيقها فارس بني جرار (موسى ود جلي) الذي ابلى بلاءً صادقاً في الدفاع عن أهله وعشيرته (البدّو الحواية النار) ولم يهتم اطلاقاً بالقول الزائع الصيت و الشائع (الجود يفقر والاقدام قتال) ..

                  

03-12-2013, 05:44 PM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: وكذلك يقول شاعر الحقيبة ابراهيم العبادي في (عازة الفراق بي طال):
    طريت برق الفويطر الشال وسال دمعي البكب وشال
    كمل صبري ومنامي انشال لبس من ناري عمة وشال
    يا عازة الفراق بي طال


    هل كان العبادي سابق الشيخ هاشم عبد المحمود أم شيخ هاشم سبقه
    لأن للشيخ هاشم مديح وشعر رائع ويشبه الحقيبة

    التحية والمحبة ليك يا دكتور القرشي وللأخ الأستاذ خالد الشيخ الذي اصبح للريف والبادية
    كالبرق العبادي ويا دكتور اخبره بأن اهل الريف والبادية يقدرون ويثمنون مجهوده الجبار في التوثيق

    لك وله محبتي
                  

03-12-2013, 07:31 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    Quote: هل كان العبادي سابق الشيخ هاشم عبد المحمود أم شيخ هاشم سبقه
    لأن للشيخ هاشم مديح وشعر رائع ويشبه الحقيبة


    الأخ العزيز / عبيد الطيب

    سلامات

    وشكرا لحضورك البهي

    حسب علمي ان الشيخ هاشم عبدالمحمود جارى شعراء الحقيبة وهم أكبر منه عمرا وحينما أنشد شعراء الحقيبة

    قصائدهم كان الشيخ هاشم عبدالمحمود صغيرا وهو من مواليد سنة 1909

    ولقد جارى الشيخ هاشم شعراء الحقيبة في عدة اغاني مثل سيد عبدالعزيز في اغنية أقيس محاسنك بمن والمساح في انت بدر السما في صفاك

    وعبدالرحمن الريح في الزهور صاحية وأنت نائم

    لك كل الود والتقدير


                  

03-21-2013, 07:07 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    من الأغنيات الرائدة مطـــر الـــرشاش

    كتب الأستاذ / خالد الشيخ حاج محمود
    كلما غرب شاعر ويمم وجهه شطر دار الريح ووصل للوادي البقوقي دباسو ( وادى الملك ) والذى وصفه الشاعر/ محمد شريف العباسي بقوله
    الوادى البقوقي دباسو فارقناه قمريه وبلومو وناسو
    أبو رقبة البعيد اكتافو من خراسو وعندى مقامو أفضل من فريق بى ناسو
    حتى تحركت أحاسيس ذلك الشاعر بسبب الأنتقال المكاني والوجداني لخياله كما حدث للشاعر حمزه الملك طمبل والذى عندما أقام فى كوخ صغير فى جبال الصناقر التى تقع علي مشارف مركز سودرى وغالب تلك الصعاب والمتاعب وكان حوله عدداً من الرجال والجمال والجنود جاءوا لمحاربة الجراد الصحراوى ورغم صنك الحياة فى ذلك الكوخ إلا أن الشاعر حمزة تجمل بالطبيعة الفيحاء وانشد من وحي ذلك الجمال قصيدة أصبحت حديث الركبان بالمنطقة .
    الشمس خلف الجبال غابت ولاح الهلال
    والكون فى العين أمسي حقيقة كالـــــــخيال
    كأنما كل شئ مكون من ظــــــلال
    وفوق كوخى طيور وخلف كوخي غزال
    وحول كوخي نبات من حسكنيت ونـــــال
    وغرب كوخى واد نما عليه الســـــــــيال
    وقد أنيخت جمال لتستريح الــــــــجمال
    هكذا هي دار الريح التى فك طلاسمها الشاعر الشاعر الشعبي عندما قال
    دار الريح تاريها مشتول المنقة فيها
    بشيل الجوز بزقيها وبحاحي الطير ما يجيها
    وحتى حكامات دار الريح أدركهن ذلك الإحساس فكتبن من وحيه مفردات قيمه مثلما فعلت الحكامه / حميده عبد الله شاعرة الليله والليله دار أم بادر يا حليلا ولا سيما عندما استهلت قصيدتها بقولها
    الليله والليله دار أم بادر يا حليلا بدور زولي
    زولاً سرب سربه وخت الجبال غربا أدوني لي شربه وخلوني النقص دربا
    من هذا الفضاء الكبير وعبر الإلهام الحقيقي كتب الشاعر المخضرم / محمد عبد الله ابكر رائعته ( مطر الرشاش الرشه ) بعدما تشبع بحب دار الريح والتى كان يطوفها ويتطوفها أسبوعيا وهو يرى سرب الرهو كأنه سرب حمام حول وأدى أبو زعيمه وأم خروع مما شكل لديه لوحة جماليه صورها بقلمه وهو علي ظهر العربه (الميركورى ) حيث قال:-
    سرب الرهو طاير كأنو سرب حمام
    الريح ديارو اترشت البندر سكونوا حرام
    عد أم خروع لا تنساه لا تقول أتأخرت
    أبو زعيمه داك زوروا نزلنا فى أم سنطه
    ياسايق الحديد دوسو ولا ترتا بي حالوا
    لو أنكسر عجلو أسبيرو فى بدالو
    لو القدر جانا يلقانا ابطالوا
    ولا عجب أن يكتب الشاعر تلك الكلمات المعبرة لأنه سليل أسره مشبعه بالفن والأدب حيث ان شقيقته من أمه هي الفنانه الشعبيه المشهورة الرحمه مكي والتى كانت تقيم بمنطقة الدومة بأم درمان ولقبت (برحمه الدومه ) ووالدة الشاعر هي زينب أحمد عوض الله وقد غنت الرحمة الكثير من الأغنيات الحماسية منها الوافر ضراعو .
    الوافر ضراعو أمنتو الرسول مأمون الوداعة برد دار أبوك
    غني يالهويده وجرى النم علي جريت القصيدة
    شال السوط عرض قال أخو الفريده أنترو يا جنيات ميس أخوى بعيده
    غني الرحمة قالت ياقشاش دموعي والرجافه سالت وقت الصيح وقع والفرسان أن جالت نادو لي حسن تومي الحرابة دارت .
    ومن اغنيات الرحمه المشهورة ايضاً .
    يا مسافر فراقك لي صعيب من بعدك حياتي كيف تطيب
    ولد الشاعر / محمد عبد الله أبكر بالطويشه فى غرب السودان عام 1945م وكان والده يعمل بدونكيها وسرعان ما نقل لإم روابه وود عشانه حيث درس ابنه / محمد الأوليه بالمدينتين ولكنه سافر لمدينة امادى بالجنوب وهناك حن الشاعر محمد لإمه وأرسل أول قصيدة كتبها لشقيقته أم سيل قال فيها
    يا أم سيل كيف العمل ودرب الوصال أنا شفتو انقفل
    وليكم شوقي طال
    يا أم سيل يا رطب النخل صابني الهزال وانا جسمي إنتحل
    وصار حالي حال
    وبعد عودته من الجنوب عَرفه صديقه الأستاذ الأديب / النور صالح حميده بشعراء الحقيبه سيد عبد العزيز وحدباي لا سيما وان الأخير كان زميلاً لوالده بدونكي أم روابه وقد اسر له الشاعر حدباي بسر ظل فى خاطره عندما قال له ( أى كلام تريد أن تقوله شعراً ترنم به ) كما كان يفعل حدباي ويترنم بقوله الرائع والبديع .
    العجب تيها وفى دروعا كابي حرتيها شكلها قيافا ونهيداتها برتكان يافا
    (حرتيها بمعني شعرها ) واصل الشاعر محمد عبد الله تعليمه بالمعهد العلمي ولظروف قاهرة لم يستمر فيه وعمل جندياً بالشرطة والجيش والسجون ضمن الفرقة الموسيقية ثم عمل فني تطعيم بهيئة الصحة العالمية قبل أن يختم مسيرته الوظيفية كاتباً بالأسواق والدوانكي .
    وفى خريف عام 1970م سافر الشاعر محمد عبد الله مع شقيقة عوض الذى اشتهر بعوض برنجي لأنه كان يعمل موزعاً لسجاير البرنجى فى منطقة دار الريح بعربة شركة البرنجي وعندما وصلا عد ام خروع التى تقع غرب مدينة سودرى وكان العد مليئاً بالماء والمنطقة محفوفة بشجر السيال الذى تشتت منه النوار الأصفر مما استهوى الشاعر ونسي ان هنالك أبيار تشكل خطراً علي حياة الناس عند الغفلة وما أن اخذ الشاعر ماءً من زمزميه العربة وذهب لمشاهدة النوار الأصفر حتى سمع هاتفاً من فتاة تنادى عليه بصوت عالي (يا وليد أعمل حسابك ما تقع فى البئر) عندها رجع الشاعر وشاهد تلك الفتاة التى كانت جميلة وتركب علي حمار مسروج وقد عاجلته بطلب فوري حيث قالت له أن شقيقها مريض وتريد إسعافه بمدينة سودري وقد وافق علي طلبها وفعلاً اصطحبوه معهم وفى سودرى أقاموا أسبوعين بهدف توزيع السجاير ولكن صورة الفتاة ومروءتها لم تفارق مخيلة الشاعر وعندما عاد الشاعر محمد للأبيض تحركت عواطفه بسبب الشجن والمحبة والحزن الإيجابي فكتب رائعته مطر الرشاش الرشة
    مطر الرشاش الرشة فى دار كردفان الهشة
    أنا عقلي راح وطشه ورى المراح النشه
    الوراه سايرات ناس عشه
    بت التلب أبو كشه أخت النمور الساكنة فوق الخشة
    جات لابسه السوار أبو نقشه بي أحلي العطور مترشة
    زينة البنات يا عشه رحماك بي عقيلي الطشه
    حالفين يمين يا عشه ما نضوق للنوم هبشه
    لوما حنيتي يا عشه ست البكيره الغبشة
    وعندما استمع الفنان التجاني حسين للقصيدة عرضها علي المرحوم / الفنان إبراهيم موسي أبا والذى رغماً عن إعجابه بها الا أنه قال أنها تصلح تماماً مع الفنان صديق عباس لأن إيقاعها علي طريقة الجرارى سيما وقد اشتهر الفنان صديق بأداء أغنيات علي إيقاع الجرارى مثل أغنيته المشهورة أم قجه .
    جافت بيك أم قجه وطالت بيك المدة
    الزول أبو سنن فضه مالوا السلام ما برده
    جافت بيك حنانه لي بلد الرطانة الزول الفر قو أذانا حالف ما يطرانا
    أبو ورقاتن جالن وأبو دماتن سألن
    عنزة السيس يتبارن شالن قلبي وسارن
    قام الفنان / صديق عباس بتلحين الأغنية وتقديمها فى أمسية من خلال مسرح فرقة فنون كردفان بحضور الأساتذة / عوض موسي وعوض محمداني كما قام الأستاذ / عوض محمداني بتقديم الأغنية من خلال برنامج رسالة كردفان الإذاعية فى فقرة من إشعارهم ووجدت صدى كبير وكانت بمثابة تشكيل ثنائية بين الشاعر محمد عبد الله والأستاذ/ الفنان صديق عباس والذى تغني بأغنية اتلموا يا كباري من نفس الشاعر ومن مفردات الأغنية الجميلة .
    أتلموا يا كباري وشاوروا ألرمالي
    بشوف الخيرة مالي أتحيرت أفكاري فى أجمل الحواري
    يا طير يا خدارى يا ألبي العلي دارى
    سلم علي البر يدو فوق الحلة جاري
    أنا بركب اللوارى وبتابع القمارى
    بزور الحاج اللين عشان الشاغل بالي
    الرقصوه إجباري وزيرتو جات تبارى
    تشاشي لي وتظلل من السموم تضاري
    لاحظ أن عيون الناس أكبر من السموم لذلك نقول أن العيون حارة أى ساحرة والوزيرة هنا تغطي تلك العيون وتصبح كالظل الذى يزيل السموم خاصة وأن هنالك أغنية تقول:-
    ( لولا ناري من دموعي كنت حرقت ولولا دموعي من ناري كنت غرقت).
    وقد أصبحت تلك الفتاة التى تناولتها أغنية مطر الرشاش الرشة شريكه لحياة الشاعر ومحور إلهامه كما يقول هو وحقاً صدق الأديب والسياسي الشريف زين العابدين الهندي عندما وصف دار الريح من خلال أوبريت سودانية حينما قال .
    من مليط مكربت شاقي دار الريح نازل بارا أم فتنه بتسر وتريح
    وأتيا سر علي التياره صوتها يصيح ونوخ تقلي فى السهل الكبير وفيسح
    لذلك ظلت الأغنية البدوية الرائعة .
    يا طبيق ألريحه والريده ليك صحيحة
    وأنت كان جافيت كلمني بالنصيحة
    ظلت مصدراً لإعجاب الأستاذ / حسن نجيله لما فيها من صدق يهز المشاعر فترقص القلوب معه طرباً وهي تشدو فى جزل ومرح وترقص علي أنغامها حيوية الشباب ونضرة الصبا وزهو الجمال


                  

03-23-2013, 05:17 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    السينما والسكة حديد في فحل الديوم

    كتب/ خالد الشيخ حاج محمود
    اتخذ سالزبري كما هو عهده موقفاً صلباً تجاه الخديوي والسلطان ورفض الاحتجاجات الفرنسية لذلك بدأت حملة (سير هربرت كتشنر والذي خلف قرانفيل كسردار) توغلها جنوباً في يونيو 1896م لاسيما بعد فتكها لجيش المهدية في فركة، وبحلول سبتمبر تم احتلال دنقلا والدبة وكورتي ومروي وأصبح أسرى المهدية في معية جيش كتشنر وفي شهر مايو 1897م وصل خط سكة حديد كتشنر إلى كرمة ومن ثم قرر الجنرال كتشنر مد الخط من حلفا إلى أبو حمد عبر الصحراء على أن تواصل الحملة طريقها بالبواخر عن طريق النيل، لذلك ساهم خط السكة حديد في النصر الذي حققه كتشنر على قوات المهدية بالرغم من بسالتها في الدفاع عن البلاد والتي سقطت للأسف في فجر 2سبتمبر 1898م بعد معركة ضروس في جبال كرري أبلى فيها الانصار بلاءً حسناً، وبعد يومين عبر كتشنر النيل للخرطوم ورفع العلمين البريطاني والمصري على سارية القصر الجمهوري وذلك حسبما ورد في كتاب ماكمايكل (السودان)، لذا كان من الطبيعي أن يسعى الاستعمار لمد خطوط السكة حديد لكافة أرجاء السودان حيث وصلت السكة حديد لمدينة الأبيض في يوم 28/فبراير/1912م في عهد مدير مديرية كردفان (مستر كندي كوك) والذي أقام احتفالاً كبيراً شرفه جمع من الضيوف والقيادات والاعيان وعهد لمستر جيلان مفتش مركز الأبيض اعداد البرنامج فتفتحت قريحته وقام بدعوة مجموعة كبيرة من كافة أنحاء البلاد، بل قام بعرض أول فيلم سينمائي في السودان بمحطة سكة حديد الأبيض متزامناً مع وصول القطار للمدينة في يوم 28/فبراير/1912م وكان ذلك الفيلم عن زيارة الملك جورج الخامس لميناء بورتسودان في يناير 1912م وحينها كان في طريق عودته من الهند ويؤكد ذلك ما أورده المخرج السينمائي ابراهيم شداد من خلال تصفحه لمذكرات السير سايمز والذي أوضح بجلاء ماهية الأمر خاصة السرعة التي أنجز بها الفيلم حيث لم تتعدى الفترة الشهر ما بين بورتسودان والأبيض ولندن. الجدير بالذكر أن الشيوخ و الاعيان الذين تم تصويرهم في الفيلم مع الملك جورج كانوا حضوراً عند تدشين العرض بمدينة الأبيض والتي أصبحت مع وصول السكة حديد مدينة تجارية هامة مربوطة بجل أنحاء البلاد شرقاً ووسطاً وشمالاً كما أن الاستعمار الثنائي كان مهتماً بالسكة حديد ويؤكد ذلك قوة شرطتها التي كانت أكبر من قوة الشرطة العامة لاسيما في عهد مدير السكة حديد المستر هيلارد في العشرينات من القرن الماض والذي كان ينوب عنه المهندس محمد فضل والد الطبيب الراحل فيصل محمد فضل الذي عمل بمستشفى الأبيض كما أن مأمور السكة حديد كان أكبر سلطة ودرجة من مفتش أي مركز بالبلاد مما يؤكد اهتمام السلطة بالسكة حديد حتى صارت تشكل وجدان الأدباء والشعراء وفقاً لهيبتها ودقتها وهي تمثل الناقل الوطني الهام لذلك تبارى الأدباء في الاحتفاء بها وجعلها محوراً لقصائدهم وملاحمهم الأدبية كما فعل الشاعر الراحل محمد عوض الكريم القرشي من خلال رائعته(القطار المر) التي يقول في بعض مقاطعها:
    القطار المر فيهو مر حبيبي ليه علىّ ما مر ونلت مقصودي
    في الرصيف مستني وفي الثواني بحاسب إمتى يظهر نوره الليهو ديمة مراقب
    ألقى فيهو هناي ويلقى فيّ هناه وننسجم في هنانا الكون بي محبوبي
    الأشرجي تراه الإشارة أداه نزلوا السنفور لي مروره براه
    القطار يتهادى حل في وادينا السلامة سلامة يلا أنزل بينا
    ما مهلنا دقيقة وطار بي محبوبي
    و وفاءاً من جماعة الفيلم السوداني بمناسبة مرور مائه عام على هذه الذكرى العظيمة يشرف مدينة الأبيض غداً الأساتذة المخرجين السينمائين الطيب مهدي الطاهر ومنار الحلو لتقديم عروض سينمائية وندوة بدار رابطة شباب من أجل شيكان جوار محطة السكة حديد في احتفال بهيج اعده أولئك الشباب الطموح برعاية كريمة من الأديب والمثقف العضوي الاستاذ محمد عثمان الحلاج وشخصي علماً بأن الاستاذ الحلاج هو مؤسس نادي السينما بمدينة الأبيض عام 1977م ومعه مجموعة من الاساتذة منهم يوسف عوض الباري وحافظ محمد محمود ومحمد خليل جيب الله والراحل عمر الجيلي شيخ محمد (روما) ورحمة محمد رحمة والراحل الباشمهندس محمد ابراهيم الخليل والحاج الوقيع وموسى شيخ الربع وألبرتو مودونيسي وكوزموس اسبادافيتشي وهما من الطليان كانا أساتذة ضمن مدارس كمبوني الأبيض، هذا إلى جانب دور المجلس الثقافي البريطاني وأثره الكبير على المهتمين بالسينما في الأبيض من خلال اهتمام القائمين على أمره الأساتذة (حامد موسى مراهد وسيف الدين وعصمت عبد الوهاب واسماعيل) ولقد لعبت السيدة سيغريد كاهلي السويدية زوجة السفير الالماني دوراً كبيراً في ربط نادي السينما الأبيض بمعهد جوتة الألماني الذي كان يديره دكتور وولف والاستاذة ( مأمون الباقر وحسين توتو) كما ربطتهم بالملحق الثقافي الفرنسي (مسيو باترس ماري) والذي قدم محاضرة عن العلاقات السودانية الفرنسية بمدينة الأبيض، كما زارت السيدة سيغريد مدينة الأبيض وقدمت العديد من الهدايا للمدارس الثانوية للبنات كالخرائط الجغرافية، ويجئ اهتمام نادي السينما بالمركز الثقافي الفرنسي بالأبيض لعلمهم بأن بداية السينما كانت فرنسية من خلال السينما الصامتة التي كانت بوساطة الأخوة لوميير ويذكر رواد النادي الدور الكبير للاساتذة (حيدر احمد على والهادي عبد الرسول) لاشرافهما على العروض السينمائية للمركز الفرنسي، كما كان لوجود سينما كردفان التي أسسها خليل عكاشة وكرياكو هرمز عام 1940م أثرها العظيم على محبي السينما وكذلك سينما عروس الرمال والتي تمتلكها شركة السينما السودانية ومجموعة من المساهمين هم السادة (محمد احمد سنهوري وشقيقه ابراهيم سنهوري و السنوسي حسين النعيم ومحمد الريح الأمين سنهوري وكرياكو هرمز وعلى بلدو) والتي تم افتتاحها في 16/مارس/1955م بوساطة مدير مديرية كردفان آنذاك مكاوي سليمان أكرت وهو أول من سودن تلك الوظيفة وقد شاهد الرواد العديد من الافلام الراقية عبر شاشة هاتين المؤسستين كما كان مقر مؤسسة الدولة للسينما شرق جامعة الخرطوم ويشرف على ادارتها الاديب الراحل البروفسور على المك، ومن تلك الافلام الرائعة التي ارتبطت بذاكرة رواد السينما فيلم ( امرأتان) والذي لعبت دور البطولة فيه صوفيا لورين وفيلم (زهرة الشمس) وفيلم (الحرب والسلام) للروائي العالمي الروسي (تولستوي) و فيلم (الهروب الكبير) والذي لعب فيه دور البطولة استيف ماكوين والفيلم الهندي الزائع الصيت (من أجل أبنائي) وكذلك فيلم (زوربا اليوناني) للروائي كازانيسكي واخراج كوستا غرافس وبطولة أنتوني كوين والممثلة اليونانية المبدعة ايرين باباس ، وفيلم (أكثر من معجزة) للمثل العالمي عمر الشريف وفيلم ( زد) موسيقى ثيو ذراكس وبطولة إيف مونتان وميلينا ميركوري والتي أصبحت وزيرة الحضارة في اليونان بعد زوال الحكم العسكري بها وقد أحدث الفيلم ضجة عالمية بسبب منافحته للانظمة الديكتاتورية. كما قام نادي السينما بالأبيض بقيادة الاستاذ محمد عثمان الحلاج بعرض مجموعة من الافلام الراقية بالمركز الثقافي البريطاني ومكتبة البلدية ودار جريدة كردفان وقاعة مدارس كمبوني مثل فيلم (بنوكيو) و فيلم (سارق الدراجة) و تحكي تلك الافلام عن الواقعية الجديدة في ايطاليا إذ تجوب الكاميرا الحواري و الازقة والميادين وكذلك قام الملحق الاعلامي بسفارة اليابان الاستاذ طه عبيد بمد نادي السينما بالعديد من الافلام كفيلم (الساموراي السبعة) للمخرج الياباني العبقري (اكيرا كيرا ساوا) واسمه يعني باللغة العربية (الأرض المخضرة التي في منتصف الحقل)، كما شاهد رواد نادي السينما بالأبيض فيلم (المدرعة بونتمكين) للمخرج العالمي الروسي (سيرجي آيزنشتاين)، و ساهم الاساتذة البرتو وكوزموس بترجمة العديد من الافلام لإجادتهما التحدث بثمانية لغات عالمية وكذلك عرض نادي السينما مجموعة من الافلام السودانية منها (انتزاع الكهرمان) بطولة الممثلة الالمانية الجميلة (ترانزهيل) والاخراج السينمائي للفنان التشكيلي حسين شريف وأنشاد الفنان المبدع الراحل عبد العزيز محمد داؤد والذي ترنم برائعة ابن الفارض:
    شربنا على ذكر الحبيب مدامة سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم
    هي الشمس والبدر كأساً لها يديرها هلال وكم يبدو إذا مزجت نجم
    فلولا سناها ما اهتديت لحانها ولولا شذاها لما تخيلها الوهم
    كما شاهد الرواد فيلم (ظار) للمخرج السينمائي الشاعرالكبير الراحل على عبد القيوم والذي تغني برائعته الاستاذ المبدع الراحل محمد وردي:
    أي المشانق لم نزلزل بالثبات وقارها
    أي الاناشيد السماويات لم نشدد بأعراس الجديد بشاشة أورتارها
    وشاهد الرواد أيضاً فيلم (جمل) الذي ينبئ عن جمل العصارة وصبره للمخرج السينمائي الرائع ابن بارا ام لبخ ابراهيم حامد شداد كذلك قدم نادي السينما الكثير من العروض السينمائية الرياضية بالأندية المختلفة وبمدينة بارا كما عرضت بالمدارس مجموعة من افلام التحريك للاطفال مثل فيلم (أميرة الثلوج) لكاتب قصص الاطفال العالمي هانز اندرسون و شهد النادي العديد من المحاضرات والندوات الثقافية لاسيما وقد جمع العديد من المثقفين منهم على سبيل المثال مولانا القاضي الفاضل حسن خليفة والدكتور الراحل حافظ الزين شداد والاستاذ فضل عمر فضل وشقيقه الاستاذ ميرغني وكان هنالك تبادل للكتب السينمائية بين الاستاذ حافظ حاج محمود والاستاذ الحلاج من ضمنها فيلم الزمن الصعب ( وسينما الحب) و(السينما عندما تقول لا) للناقد المصري الكبير (رؤوف توفيق) كما يذكر الرواد المحاضرة القيمة التي قدمها الاستاذ الحلاج بفرقة فنون كردفان والتي حضرها جمع غفير وكانت بعنوان (حول عرس الزين والساموراي) و قدمت منظمة ايد النيل للتنمية الريفية فيلم (عود بت اللحو تصوط بيهو الكسرة وتوقد بيهو الضو) من سيناريو واخراج الاستاذ الحلاج موسيقى الاستاذ الموسيقار حافظ عبد الرحمن مختار وقد تناول الدور المتعاظم للمعلمات بالريف وكذلك اخرج الاستاذ الحلاج فيلم تجريبي بإسم (دقن الباشا) مع منظمة الساحل البريطانية. ووفقاً لهذا الاحساس العالي وبسبب جور الزمان على السينما والسكة حديد استشعر المبدعون أهمية هذه المناسبة التأريخية خاصة وان الشعراء ظلوا يلهجون بالثناء لكل الوسائط ابتداءاً من الحمام الزاجل والجمال والخيول والبغال وحتى للواري و البواخر والقطارات وماكتبه الشاعر ناصر قاسم عثمان عن السكة حديد يؤكد تلك المناصرة حينما قال:
    بدور يا ناس أحكي الايام وارجع بيكو لماضي بعيد
    في سيرة جميلة وزمناً كان بحن يا ناس وبقولوا بعيد
    آه يا شوق من ديك أيام أريتو زمانا يجيبا يعيد
    نغني معاه نقول ونعيد والله زمان يا قطار الشوق
    والله زمان يا السكة حديد
    على قول حدباي فيها البلور وبنات سمحات زي الغزلان
    سودان العز الفيهو جياد ملان بالعافية والبركات
    ليه ما يعود من تاني قطار الشوق وتلف وتدور تاني العجلات
    وفي الختام التحية للاساتذة الطيب مهدي ومنار الحلو والدكتور الرائع الناقد السينمائي محمد مصطفى الامين والناقدة السينمائية سعدية عبد الرحيم الخليفة والمخرج السينمائي عبد الرحمن نجدي والمخرج السينمائي سليمان محمد ابراهيم والاستاذ المخرج السينمائي ابراهيم شداد والمصور السينمائي الهادي احمد ابراهيم وأبو السينما السودانية الاستاذ الخير هاشم والمخرج الكبير الاستاذ جاد الله جبارة والاستاذ المخرج انور هاشم والاستاذ الناقد السينمائي خليل عكاشة والمخرج الكبير الاستاذ الرشيد مهدي بعطبرة ولكل جماعة الفيلم السينمائي والتقدير لرابطة شباب من اجل شيكان و للوجيه عادل بكش والانحناءة للاستاذ الرائع الحلاج ولمعتمد محلية شيكان الاستاذ فتح الرحمن عوض الكريم ولكل المحتفين والمشرفين للبرنامج لاسيما أسرة السكة حديد بالأبيض والعزاء موصول لأهل بلادنا في رحيل عملاق الفن الرائع الاستاذ محمد وردي والذي كثيراً ما ركب قطار الابيض حاملاً لواء الفن الجميل ونذكر بأنه كان يحضر في أيام الخريف بالقطار إلى كردفان وقد لحن في مدينة أم روابة رائعته (نور العين) له الرحمة والمغفرة والدعوات الصادقة والتي نتوسل بها لرب العزة والجلالة ونقول في ذلك كما قال شاعر دار الريح الاستاذ الوسيلة عبد الرحمن في بكائيته:
    أمشي قول ليه يا المرسال للزول المشى وماجاي
    ودعناك بالدعوات وظللنا نناجي يا مولاي
    وبعدك بحت الاصوات وخنق بالعبرة حلق الناي
    لا الجراري ولا الطمبور ولا لمة الحردلو
    قول ليهو أمست تسعد الدوباي



                  

03-24-2013, 05:36 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    من جيل الرواد
    الشاعر/ حميدة أبو عشر


    كتب: خالد الشيخ حاج محمود
    عندما زار شاعر العصر الحديث نزار قباني مدينة الأبيض عام 1969م بدعوة من جريدة كردفان لصاحبها الاستاذ المرحوم (الفاتح النور)، قال في نادي الخريجين ( يسعدني أن ألتقى بالأبيض عروس الرمال التي تحمل كل نقاء الصحراء وكرمها وعنفوانها كما يسعدني أن ألتقي بأهلها الطيبين في هذه الأمسية الشعرية لأقدم لهم بعض ما في جعبتي مثلما قدمت في الخرطوم من الأشعار لقد وجدت الشعب السوداني ذواقاً ومثقفاً ثقافة عالية وأعجبني في السودانيين حبهم للشعر لقد كنت بالأمس في معهد تدريب المعلمات فرأيت الناس يتدلون من الأشجار كعناقيد العنب وأمس الأول بفرقة فنون كردفان شاهدت فلكوركم الشعبي وغناءكم الجميل خاصة عندما صدح مغنيكم بالأغنية الجميلة:
    وداعاً روضتي الغناء وداعاً معبدي القدسي
    طويت الماضي في قلبي وعشت على صدى الذكرى
    وهذا الدمع قد ينبي بظلم المهجة الحيرى
    لقد علمت أن شاعرها معكم بهذه المدينة الفيحاء وأسمه (حميدة أبو عشر) ، والله هي من أفضل القصائد التي سمعتها في الشعر الغنائي إن لم تكن من أعظم القصائد التي كتبت في العصر الحديث، أبدأ الآن بالقصائد العاطفية ثم أغوص في منطقة الحرائق) ولعل منطقة الحرائق عند نزار قباني تجيش بأعظم المواقف النضالية والقصائد الوطنية التي كتبها الشاعر في درب النضال كمثل قوله:
    متى يا صاحبي تفهم أيا جملاً من الصحراء لم يلجم
    قد أكل الجدري منك اليد والمعصم
    إن كانت تلك افادة صاحب الاعمال الشعرية الكاملة (نزار قباني) وشهادته عن الشاعر حميدة أبو عشر والتي أرسلها عبر دولة وصولة الشعر في عروس الرمال فلما ظلت سيرة أبو عشر حبيسة الآلات والانغام الموسيقية فقط وذلك رغماً عن أنها غمرت القرى وعمت والمدن والحضر فلماذا لم يجد التكريم اللائق وخاصة من أهل كردفان التي اصبحت مقامه ومدفنه كما قال لي أحد الأصدقاء من منطقة أبو عشر والذي وجه لنا لوماً عفيفاً وشفيفاً نأمل أن نتداركه بالإحسان واكرام اسرته التي تقيم في حي العشر بمدينة الابيض اليوم، ولما كان أضعف الاحسان عندي تناول سيرته العطرة التي يعلمها القاصي والداني. لذلك أقول بأن الشاعر حميدة ولد في عام 1914م بالخرطوم في منطقة بالقرب من سباق الخيل وذلك بعد هجرة والده (احمد عثمان البشير مكي ساعد أزرق من منطقة أبو عشر التي توجد بها قبة جده لوالده) للعاصمة القومية وكان قبلها قد تزوج من آمنة بت وهب والدها العصملي من محس توتي وكان يقيم بمنطقة الجميعاب بالكاملين فانجبت له (الامين ومحمد ) والذي كنيّ بـ(حميدة) كشأن أهل الجزيرة الذين يسمون (محمداً بحميدة)، أما والده فهو أحمد عثمان فهو من البديرية الدهمشية من دبة الفقراء بدنقلا وإن كانت والدته جعلية من فرع (سمرة وسميرة) الذين نزحوا للجزيرة، حيث تلقى حميدة تعليمه الاول بخلاوى أبو عشر وحفظ القرآن في باكورته حيث لم يتجاوز عمره التاسعة ومن ثم درس المرحلة الاولية بالخرطوم واستمر في تعليمه حتى وصل للمعهد العلمي بأم درمان ولكنه فصل بسبب نشاطه السياسي الواضح والمعلن وحينها كان يذهب لأشهر المنتديات بأم درمان (منتدى الشيخ الطيب السراج) الذي كان له رواد كثيرون يأتون للإستمتاع بالعلم في اللغة العربية والأدب حيث كان يتردد على منزل شيخ السراج مجموعة من الشعراء والعلماء والمطربين منهم على سبيل المثال الفنان عبد العزيز داؤود وحميدة ابو عشر مما جعلهم يستفيدون كثيراً من ذلك المنتدى وخاصة في النطق الصحيح للغة العربية ومخارجها لا سيما وأن شيخ السراج كان شديد النقد للذين يتحدثون اللغة العامية بأخطائها الكثيرة مما اكسب الشاعر حميدة معرفة بضروب اللغة وفنونها وبعد فصله من المعهد العلمي ألتحق بالاشغال (أسطى بناء) ولكن والده الحقه بالمدرسة الانجيلية لكي يواصل مسيرته التعليمية وعندما قالت معلمة المدرسة (لما صلب المسيح) عارضها حميدة بقوله (بل رفع إلى السماء الأعلى) مما جعلها تخبر مدير المدرسة بأن ذلك الطالب جاء من مدارس اسلامية بل اشترطت فصله مقابل مواصلتها التدريس وبالفعل تم رفده فعاد لحرفة البناء مرة أخرى من خلال عمله في تشييد مدرسة حنتوب الجميلة في الاربعينات في القرن الماضي والتي صقلت تجربته وزادت حصيلته الادبية واللغوية وكان لمسرح المدرسة العريقة أثره على الشاعر وعندما عاد للعاصمة كتب بلوعة الفراق رائعته (وداعاً روضتي الغناء) والتي يقول في بعض مقاطعها:
    لماذا الهجر يا حبي لماذا دهرنا ضنى وشبع روحي باليأس
    وداعاً روضتي الغناء وداعاً معبدي القدسي
    نسيت الماضي يا ليلي مواضي الحب والطهر
    نسيت ليلة إذ كنا نفدي النفس بالنفس
    أظل أردد الشكوى لما لاقيت من وجدي
    حبيب الروح لا أقوى على حمل الهوى وحدي
    ولما لم اجد سلوى كسرت ابريقي والدن
    سكبت على الثرى كأسي وعشت على صدى الذكرى
    وقد كانت تلك القصيدة عربوناً لصداقة جمعت بين شاعرها والشاعر الكبير مأمور سجن الأبيض (مبارك المغربي) حيث اصبحا صديقين وكانا كروح واحدة في جسدين لذلك ألف الشاعر مبارك المغربي قصيدته ( حولٌ يحول) والتي تشبه قصيدة (روضتي الغناء) سيما في بعض أبياتها التي يقول فيها:
    يا أيها الجاني علىّ بهجره يهنيكا إخلاصي وصدق شمائلي
    يلتف من حولي الرفاق كأنهم عقد تنظم من نضيد خلاخلي
    هم يسمعون لعاشقٍ يشدو لهم في غبطة كالجازل
    لو أنهم علموا دخيلة نفسه لبكوا عليه بكاءُ أمٍ ثاكل
    أين المنى البراق أين عهودنا بل أين ميثاق اللقاء العادل
    أنا دفنت منايّ في شرخٍ ودفنت احلامي فعم تساؤلي
    والصبر أقسى ما يكون من امرءٍ يهفو لشئ ليس في المتناول
    يا سائلاً عني بعيد فراقه أما سمعت قصائدي وملاحمي
    فليشقى هذا القلب في تهيامه وليحظى بالنوم العميق عوازلي
    بعد عودة حميدة للعاصمة من حنتوب التحق بنقابة عمال السودان التي كانت تحت قيادة الزعيم (محمد السيد سلام) وشارك في اضراب الحريات الشهير عام 1953م والذي كان بمثابة الشرارة الاولى للاستقلال الشئ الذي جعل السلطات الانجليزية تعلن محاكمته بالخرطوم وعندما تصدى الاستاذ المحامي محمد احمد محجوب للدفاع عنه رفضت السلطات ذلك وحكم عليه بالسجن سنتين يقضيهما بمدينة الابيض وبالفعل ارسلت السلطات الشاويش (احمد جبران) لاحضاره لسجن مدينة الابيض (م######شاً بالقيد نمرة عشرة) والذي يتعامل به مع عتادة المجرمين ولكن جبران اعجب به عندما شاهد الناس يجلونه ويقدرونه من خلال محطات السكة حديد التي كانوا يعبرونها وخاصة في محطة ود مدني مما جعله يسأل عن ذلك السجين لأنه لم يرى في حياته مجرماً يجله الناس، وعندما علم بأن حميدة من المناضلين الشرفاء أحبه واكرم وفادته وفك عنه القيد و اصبح يشاركه الطعام والسمر طوال الرحلة وقام لاحقاً بتزويجه من ابنة اخيه محمد جبران والتي تسمى بـ(سعدية الجبور) وهي من المسيرية الحمر من منطقة كيلك والدها من خلفاء الطريقة الختمية وقد انجبت له (آمنة و هدى والامين وابتسام وفائزة) ولكن رغماً عن اعتقال ابو عشر بسجن الابيض إلا ان السلطات تحفظت عليه بجبل (طرة) بالقرب من البانجديد التي تقع جنوب الابيض وذلك حتى لاينقل تلك الثورة للمثقفين والادباء بكردفان، لذلك استوعب ابو عشر للعمل بمباني سجن الابيض الكبير وقام بتشييد العديد من السجون بكردفان في (النهود والرهد والفولة وكلوقي وبارا) ، وعندما رفعت حكومة الزعيم الازهري عام 1953م شعارها المشهور (التحرير قبل التعمير) والذي صاغه بمهارة وبراءة الاستاذ يحي الفضلي وزير الشئون الاجتماعية آنذاك، تعرضت تلك الحكومة لضغوط من قبل الجبهة المعادية للاستعمار حيث ظهرت المطالب النقابية التي كانت تتقدم بها الهيئات والاتحادات مما جعل (السيد سلام) يتقدم بمذكرة للحكومة في مارس 1954م وقعت عليها كل قيادات العمال وايدها السجين حميدة ابو عشر وذلك رغماً عن أنه من أعضاء حزب الأشقاء وكان لتجاهل الحكومة لتلك المذكرة بسبب إنشاغلها بمسائل أهم كالسودنة والجلاء وتصفية الحكم الثنائي أثره على العلاقة بين الشاعر حميدة وحزبه فكتب قصيدته الرائعة (ظلموني الاحبة) والتي غناها الفنان عثمان حسين ، وهي رمزية قصد بها ظلموني الأشقاء والتي تقول بعض مقاطعها الغنائية:

    ظلموني الأحبة في شرع المحبة
    الاحباب تجنوا في الاحكام جاروا بي قيود المحبة
    ملكوني وتوارو لي عيني ابكوا
    ظلموني وتشكوا في اخلاصي شكو
    اخلاص قلبي ظاهر للحرقوه حب
    كما كتب حميدة رائعته الجميلة (غضبك جميل زي بسمتك) والتي تغنى بها صديقه الكروان عبد الحميد يوسف وهي من أوائل الاغنيات التي وضع لها سلم موسيقي بعد الحقيبة وعندما سأل الدكتور الاديب عبد الله اسماعيل شاعرها عن سر تلك الاغنية التي جمعت الأضداد قال حميدة (الحسن يظهر حسنه الضد) لذلك ضمت القصيدة بعض الابيات الجميلة لاحظ بعض مفرداتها:
    عجباً تكون قاسي ووديع على كل حال شكلك بديع
    درت وجفيت وجفاك مريع يا آية المعنى الرفيع
    نظرة عيون لي محنتي سحر الجمال في مقلتك
    حكم الغرام بتذللي وحكم الجمال بتدللك
    الاشتياق والاحتراق والوجد لي والابتسام والانسجام والحسن لك
    على كل حال شكلك بديع غضبك جميل زي بسمتك
    وعندما ذهب الأسطى الشاعر حميدة ابو عشر لتشييد سجن كلوقي شاهد فتاة (خواجية) مما جعل شيطان الشعر يتملكه فقال:
    رنا فرمى من اعينٍ نجل غرير طرير رشيق الخطوي والمقل
    رشيق الخطى لدن معاطفه كأنما يمشي على وقعٍ من الوتر
    فالحب حبٌ وإن شتت مذاهبنا فهو أسمى من الأنساب والنحل
    وعندما زاره الفنان حسن عطية بمنزله ذات يومٍ أهداه قصيدته (محبوبي لاقاني وبي بسمة حياني)، وكان لانسجام حميدة مع مجتمع عروس الرمال أثره البالغ على الحركة الادبية بالمدينة حيث انضم لجمعية شعراء الحقيبة التي كان يرأسها محمد الحسن قدري ومن بعدها لرابطة أصدقاء الكلمة بالابيض وفي الثمانينات من القرن الماضي سافر لمدينة ود مدني ضمن البعثة التي شاركت في مهرجان الثقافة الاول في معية مجموعة من حملة الثقافة والآداب بالولاية منهم الأساتذة ( محمد عثمان الحلاج والدكتور عبد الله سماعيل وعبد الرحمن رضوان ومهدي السيد على والشاعر قاسم عثمان والمطرب عبد القادر سالم وعبد القيوم ابو شاية والموسيقار المرحوم جمعة جابر والدكتور عبد الله الصديق والاداري عبد الله ادريس) ، حيث قام الكابتن والاداري عباس سليمان (خال الاستاذ الحلاج) بإكرامهم والاحتفاء بهم ومن خلال مسرح الجزيرة قدم أبو عشر قصيدته (وداعاً روضتي الغناء) كما قدم وفد كردفان برنامجه والذي بدأ بقصيدة الدكتور عبد الله اسماعيل (وا شوقاً على بلدي) التي اجاد تقديمها الدكتور هيثم عبد الله الصديق مما جعل الشاعر حميدة يقول لشاعرها عبد الله اسماعيل (بأن قصيدته تلك فيها خياطة بالحرير) كما قدم الاستاذ الحلاج مسرحية (الرجل الآلي) ومن طرائف تلك المسرحية قيام مخرجها الاستاذ الحلاج بإستلاف عنقريب من بيت عذابة مجاور للمسرح حتى يتسنى له تقديمها على خشبة المسرح كما قام الفنان سبت وهو من الانقسنا بغناء اغنية (هليمة) ولكن بعد عودة البعثة من مدني أصاب المرض الشاعر حميدة ابو عشر الشئ الذي جعل ادارة البعثة بقيادة الحلاج ورفاقه تتصل بحاكم كردفان آنذاك المرحوم الفاتح بشارة والذي تكرم بعلاجه في العاصمة على نفقة حكومة كردفان وبالفعل كتب له الشفاء على يد النطاس الماهر الجراح عثمان عوض الله ولكن في منتصف التسعينات أصاب النحول والهزال جسد الشاعر حميدة ابو عشر ورغماً عن ذلك لم يستسلم وإنما مضى في مسيرته القاصدة بحور الابداع ويكفي انه عندما توفى في عام 1995م كان يقرأ ديوان أبو العتاهية (حسب افادة ابنته هدى). لقد كان حميدة هادي الطباع ميال للقراءة والاطلاع سكوتاً ولكنه إن تحدث أعجز ، في روحه جذوة للنضال حيث يحكى بأنه في شجرة البرش بسوق حي أمير بالأبيض قال لأصدقائه (الاستعمار مرق ولكن قعد يجرجر في ضيلو). رحم الله الشاعر حميدة أبو عشر فهو في قلوبنا باقٍ عندما تفنى الجسوم وتبقى الرسوم وحتماً سيظل فينا كقول الشريف زين العابدين الهندي عندما تجمل بوصف طليعة المبدعين فقال:
    يا ود الرضي القلبو انقطع نصين ترى العبادي ماسك الدابي بي الايدين
    وود الريح الشارك عتيق جيلين داك الامي والمساح عريس أم زين
    مع أبو صلاح ونور الكهربائي الزين وفيك الحاج سرور غني الفراق لي متين
    وما عارف المفارق قدمو ماش لي وين ويا عازة الفارق طال بي وكلو حنين







                  

05-10-2013, 06:45 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    في ذكرى الكروان
    بابكر ود نوبة


    كتب: خالد الشيخ حاج محمود
    ثمانية عشر عاماً مضت على رحيل الكروان وفنان التراث الشعبي الأول بمنطقة بحري كردفان ومحلية بارا بابكر عبد الله محمد احمد المشهور بـ(بابكر ود نوبة) والذي توفى لرحمة مولاه بمدينة بارا في يوم 16/يوليو/1993م بعدما اصابه داء (السرطان) فعجل برحيله، لذلك حزن عليه أهل المنطقة خاصة وقد ساهم في تشكيل وجدانهم من خلال أماسي الأفراح والليالي الملاح ويكفيه فخراً ما قاله عنه أحد الفطاحلة وهو المرحوم الباحث الطيب محمد الطيب وذلك من خلال برنامجه الشهير (صور شعبية) عندما قال: (بابكر وبابُكِر حفظوا تراث السودان القومي) في إشارة واضحة (لبابكر ود السافل وبابكر ود نوبة) كما أن الشاعر الكبير سيد عبد العزيز عندما زار مدينة بارا برفقة أصدقائه الشعراء (قاسم عثمان وحدباي والأمي) ورئيس رابطة شعراء الحقيبة الوجيه محمد الحسن قدري إحتفل بهم أهلها وكان ذلك في وجود ابنائهم الشاعر (عثمان خالد) والمطرب بابكر ود نوبة والذي غني في بداية البرنامج أغنية (قائد الأسطول) من نظم الشاعر (سيد عبد العزيز) الشئ الذي جعل الشاعر سيد عبد العزيز يعلق بقوله (والله حقو ناس الحقيبة يتركوها لك.. ولكن قول لي انت انصاري ولا شنو) فضحك الجميع ولعل ذلك يؤكد الحديث الذي سبق أن ذكره الجنرال الاستاذ أحمد طه عندما قال بأن المقصود بقائد الأسطول هو السيد عبد الرحمن المهدي وذلك حسبما سمعه من شاعر الاغنية سيد عبد العزيز ، لاسيما وان افادة الجنرال تتفق مع بعض المفردات الواردة في الأغنية:
    يا قائد الاسطول تخضع لك الفرسان يا ذو الفخار والطول ارحم بني الإنسان
    يا تري من تخضع له الفرسان سوى السيد عبد الرحمن المهدي (طيب الله ثراه)، كما ان الاستاذة اسماعيل خورشيد و احمد عثمان عيسى عندما حضروا لعرض مسرحية (عروس في المطار) استقبلهم أهل بارا بعندليبهم الشعبي (بابكر ود نوبة) وعندما استمع الاستاذ خورشيد لود نوبة أعجب بصوته القوي وقال بأن قوة صوته تلك تجئ مباشرة بعد صوت الفنان الكبير الحاج محمد احمد سرور "عراب الاغنية السودانية" ، وقد حكى رواية قال فيها (بأن المرحوم سرور عندما كان يغني في أبوروف يسمع صوته في شمبات) وكذلك كان ود نوبة عندما يغني في البكراوية يسمع صوته في الركابية، علماً بان ود نوبة كان يؤدي بمصاحبة كورس فني وبايقاع الدلوكة. وهو من جهة والده من الجوامعة الطريفية الذين يقطنون بمنطقة البيضاء ريفي ام روابة ويلتقون مع الجوامعة في جدهم (جامع بن سعد الفريد بن مسمار بن سرار) وذلك رغماً عن مولده بمدينة بارا عام 1930م، أما والدته فهي بتول عباس محمد كوكو وهي من (الجابرية القنابرة) وإن لقبت بـ(نوبة) وكانت زائرة صحية تطوف كل أصقاع دار الريح و عرفت بالشجاعة والاقدام من خلال ركوبها على ظهر الخيول والجمال خاصة في المناسبات السعيدة بل كانت ترتب للسوط عندما تبلغ منها الحماسة مبلغاً عظيماً مع غناء ابنها بابكر واحياناً تقوم بضرب الصبيان بالسوط وذلك حينما كان للبطان والسوط أثره الكبير على أهل تلك البوادي لذلك كانت مهابة عند المسئولين ويحكى بأن الرئيس نميري عندما زار مدينة بارا بعد انقلاب هاشم العطا عام 1971م وكان هنالك بعض ابناء بارا في الاعتقال بدعوى مساندتهم للشيوعين قالت له نوبة (يا رئيس رامنك بالنجمة أم ضنب) فقال لها (ماذا تقصدي) فقالت (أولادنا ديل محبوسين لاكتر من ستة شهور بالاشتباه والله نيمنا دا ما فاتوه) فقال لها النميري (والله لا ادري عنهم حاجة ولكن بمشيئة الله يطلق سراحهم اليوم من السجن) وبالفعل تم ذلك، إلى جانب أن نوبة امتازت بصوت عذب وجميل في شبابها لذلك ورث ابنها بابكر منها جمال الصوت وحسن التطريب ويذكر المخضرمون بأنها كانت تؤدي بعض الاغنيات الحماسية وخاصة اغنيات المقاومة كمثل الاغنية التي تقول في مطلعها:
    يا نصراني يا خملة ويا مرحاكة الرملة
    أما أشقاء الفنان بابكر فهم المرحوم/ محمد المشهور بـ(حنين) الذي كان له لوري تجاري كما ان شقيقته هي المرحومة مرضية والتي كانت معلمة ومن رائدات العمل النسوي، وقد تلقى بابكر تعليمه الاولي بمدرسة بارا الغربية ومن ثم عمل شرطياً و تحول للعمل في مكافحة الجراد الصحراوي مما اكسبه علاقة اجتماعية رائدة مع اهل دار الريح ولكن الغناء أخذه من كل تلك الحرف خاصة وأن مدينة بارا كانت محطاً لمقاومة الاستعمار حيث شهدت حدثين هامين أحدهما كسر مكمايكل مفتش مركز بحري كردفان في عام 1912م بواسطة ناظر الكواهلة آنذاك (عبد الله ود جاد الله) وما تبع ذلك من إعجاب عبرت عنه الحكامة (مستورة بت كوكو) في رائعتها (عشميق الأصم) والتي غنتها الحكامة( فاطمة بت فرج الله) بمنطقة الخيران وذلك قبل ان يصدح بالاغنية كروان التراث بابكر ود نوبة في الخمسينات من القرن الماضي فيزيدها ألقاً وشهرة ومن ثم تغنى بها المطربون في بلادنا ومنهم صديق متولى ولعلها كانت من الاغنيات الخالدة في وجداننا خاصة وهي تأصل لمقاومة الاستعمار لاسيما عندما قالت شاعرتها:
    شدو لو ركب فوق اصهباً مربيك الهوج والشرق مرقن يعاينن ليك
    العاقر تقول بلدي وبسمي عليك يا عيد الضحية البفتحولو البيت
    رايو مكملوا كسر قلم ماكميك
    وثانيهما حادثة حرق العلم بمدينة بارا والذي كان حدثاً عظيماً عام 1948م تم بقيادة مجموعة من شباب بارا، حيث قاموا بإنزال العلم الانجليزي وحرقه مما اضطر الانجليز سحب العلم المصري والقبض على اولئك الشباب ولكن المدينة بقيت ثلاثة أيام بلا علم يرمز للحكم الثنائي ومن ثم تم احضار علم انجليزي ورفع معه العلم المصري ولكن الحادثة كسرت حاجز الخوف عند الناس مما حدا بالحكامة (حميدة عبد الله) أن تؤلف قصيدة معبرة فيها عن كراهيتها لمفتش المركز (مستر بن) لأنه سجن زوجها بسبب عدم دفعه للطلبة فقالت:
    شان أخر البرن ودوه لي السجن إنشاء الله مستر بن باكر يصودوا الجن
    مما جعل الشاعر مكي مجمر يتلقف تلك الروح ويكتب قصيدة قال فيها:
    مستر بن مرتك شينة بس كان راجل أنزل لينا
    كما كان للحركة الوطنية دورها في إشعال فتيل المقاومة بمدينة بارا حيث تبارت مجموعة الاتحاديين والاستقلاليين والشيوعيين في تقديم نموذج للنضال الحي فضاق المستعمر ذرعاً مما اضاف قيمة معنوية للمدينة و انعكس ذلك على الثقافة والغناء بمدينة بارا حيث شهدت نقلة لاغنيات التم تم بواسطة الموهوب على بشارة وكذلك كان الفنان الانيق محمد محجوب كما كان للحركة الكشفية اثرها الكبير على ذلك الابداع حيث برز جيل الكشافين ومنهم ابراهيم بركية ومحمد بخيت أرن وأمين الفاضل شداد ومحمد مهدي وحامد محمد حامد ومكي احمد دوليب وعطا المنان المستريح وعلى معروف وكان ذلك في حوالي عام 1941م وتزامن ذلك مع تأسيس نادي بحري كردفان الذي كانت تؤدى فيه لعبة التنس الى جانب تقديمه لبعض الخدمات الاجتماعية كالبناء والتعمير واطفاء الحرائق واقامة المخيمات الشبابية ودعم التعليم والاسهام في مؤتمر الخريجين ، كما كان لتكوين اندية الصبيان ببارا اثرها البالغ حيث كان المطرب محمد محجوب مرشداً لتك الاندية بل قام بتكوين فرق موسيقية هذا الى جانب وجود مجموعة مقدرة من المطربين والمطربات مثل (ود النور وام بارود والتومة البرين والرحمة محمد نور والنحل صباح الخير وأم بتوتو وبت المدير) ويذكر الناس لأم بارود اغنيتها الرائعة في وصف الحاج جديد عندما تقول:
    يا بولاد الحديد وانت المرض الشديد وحقيت النبأ يا جديد
    هذا إلى جانب شاعرات أخريات من أسر بارا منهن (الضمير بت قفة و آمنة بت مكاوي والحكامة بحر النيل حكامة النور عنقرة) كما ان المنطقة زارتها مجموعة من المطربات منهن (عائشة كرن) والتي تغنت بأغنية (عروسك الأرباب) إذ قالت: الليلة طاري التومة يا خليل متين القومة
    عروسك الارباب ومهرك في السحاب تتشاب
    كما غنت أيضاً رائعتها (الكوراك يوم ضرب) والتي اصبح يتغني بها ود نوبة من بعدها وتقول الاغنية:
    الكوراك يوم ضرب حسب البروق بنشاف
    الخيل روقوهن وشجعوا الخواف
    أما المطربة الرحمة مكي (رحمة الدومة) فقد غنت قصيدة للاداري (عامر بشير فوراوي) الذي كان بمنطقة بارا في الثلاثينيات من القرن الماضي وقام بالقبض على عتاة الهمباتة (كرة وقنفود) بمنطقة (أب تبر) فقالت فيه:
    بشكر تلباً كبير هوي يا ليلة حكاية عامر ودبشير
    فيما غنت المطربة الكبيرة النحل صباح الخير بعض روائعها بالمنطقة كمثل قولها:
    مرقوا الروبة الظليلة الملاك ما شاف متيلا
    يابا الشيخ زندا خلاص خلاص قلبي أنملأ شالن جوز الكلو ختنو في محل الفدا
    ومن أغانيها التي كانت تعجب الناس أيضاً:
    يا أم كفلاً زي الرحل ويا المهرة الخايضه الوحل
    مسجونك ما ليهو حل طال هجرو وطال بيهو المحل
    جوز عينيك فنجال وراق واتحكم جلس الزراق
    من لحظك نوم عيني انسرق وطول شعرك ليلة الفراق
    يا ام وشاً تامي الملاح ويا أم خداً في الضلمة لاح
    يا أم رمشاً زي السلاح ويا ام وصفاً حير صلاح
    (صلاح هو ابو صلاح شاعر الحقيبة المشهور)
    لذلك وجد الفنان الشعبي ود نوبة أرضية صلبة وقف عليها وفات كل اقرانه من المطربين والمطربات وكان ذلك بمساعدة كورسه المكون من (خميس ودريدقة) أولاً ثم صاحبه كورس آخر مكون من الثلاثي (ود الهجين ومحمد مبروك كنين والجزولي) حيث غنى في بداية ظهوره في الخمسينات اغنيات الحماسة التي كانت سائدة آنذاك كمثل اغنية حسان الزبير التي كتبها للشيخ (عبده عمر قش) عندما صدق له بنظارة الفراحنة تحت ادارة ناظر دار حامد ولكن الامر تعطل مما جعل الشاعر يعبر عن ذلك بقوله:
    توري الما تور بقر يا كوكبي الضواي
    كم اصلح دقون كانت لا فهم لا رأي
    توري الما تور دواس توري الفي الخرطوم كايسلو ناس
    وكذلك غني ود نوبة اغنية حكامة كجمر:
    الباجا عربانا القيد والسجن لي ضوينا ما هانا
    الزول العظيم شانا
    ومن اغنيات الحماسة التي غناها ود نوبة اغنية (اخوان الرضية):
    مرقوا اخوان الرضية وتكلوا الحوية فوق الحوية
    مرق أب ايداً سخية بدي الكتير ما بدي الشوية
    الكوراك يوم ضرب الحلة تتصنت ما بطرا الاضينة الامو تتقنت
    يا أولاد العجوز الامكم عقرت احرتو الكف جميع الدنيا شن خلت
    كما غنى للشاعرة بحر النيل" حكامة النور عنقرة اغنية (احمر عين هوشوه) والتي قالتها في بسالة النور عنقرة حين (كتلة اسحف) عام 1881م:
    يا ناري لي المابقدروه احمر عين هوشوه
    احمر عين هز فيكم جرح الضحى وشاف جريكم
    من شايبكم لي صبيكم كان جريتو الموت راجيكم
    وأيضاً غنى اغنية (كالو العاط في سماه) من نظم الشاعرة عائشة بت بدوي في مدح زوجها الفارس( محمود ود احمد) أحد ######## حاميتي (كنجي واربعجي بلك) ببارا ومن امراء المهدية حيث قالت فيه:
    كالو العاط في سماه مزاحو شين أجروا يا الشايلين جناه
    في دهسيه ورهسيه اتبرد حتى ريشو يا جنيات الزول دا ميسو
    ولم يغفل بابكر الغناء لدار حامد حيث غنى من مفردات الحكامة حواء بت تندل (كاسر يا جرو الخلا ابو ساجور) كما غنى لفارس الجوامعة حميدة ود بابكر من تأليف الشاعر (بت ود كيفو) أغنية (عجبي حميدة) والتي تقول مفرداتها:
    الزول بدور عجبي حميدة ساتر عرضو ما ناسيهو ...الخ
    وقد تناول بابكر بعض الاغنيات العاطفية مثل الاغنية التي تشجي وتطرب القلوب:
    الجنين نور جافانا ليه طول يا حبيب
    الجنين نور ما طبعك الاول ناظر بحري بالاول يا حبيب
    أما رائعته التي كان يؤديها وهو ممسك بآلة الدلوكة فقد كانت تعجب الناس وهي اغنية (السفر راجينا فراق الليلة قاسي علينا يا ناس)، وعندما يغادر ود نوبة في رحلته لمحاربة الجراد الصحاري في دار الريح كان يستمتع بالجراري الجميل من قبائل الكبابيش ودار حامد وخاصة رباعية الجراري التي كان يترنم بها دوماً:
    شولك سادر تابر ومهرك بدبل قادر
    جوز ام قوف كان حاضر بخرب سوق ام بادر
    وغنى بابكر الكثير من أغنيات التراث القومي منها (ابو زينب لي انا وخال فاطنة وعجبوني الليلة جو) وغيرها وكان يؤدي اغنيات الحقيبة بطريقة جميلة وبديعة، على كل كان بابكر شجاعاً ومجاملاً وانيقاً كما كان فارساً يثبت عند الصعاب وعندما زاع صيته انضم لفرقة فنون كردفان عام 1962م وطاف معهم كل ارجاء السودان من خلال مهرجان المديريات التسعة. فلله در تلك المدينة الفاضلة (بارا) التي صنعت الفطاحلة وجمعت الظرفاء والأدباء والمطربين فهي صورة في قصيدة شاعرها ابراهيم ادريس حينما قال:
    يا بارا لو تتذكري بهجة عيال (عبد الودود)
    العاشوا بي صدق الشعور وطيبة نفوس فايتة الحدود
    رحم الله بابكر عبد الله (ودنوبة) وجعل الجنة متقلبه ومثواه.



                  

05-12-2013, 04:22 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: شولك سادر تابر
    ومهرك بدبل قادر
    جوز ام قوف كان حاضر
    بخرب سوق ام بادر


    التحية والتجلة لك دكتور القرشي
    والسلاااااااام والمحبة مو صول للأستاذ خالد الشيخ
    لتخليده وتوثيقه وحفره العميق في التراث
    والمقال الأخير إضاءة كبيرة لكثير من أغاني الموروث

    الشّول هي الإبل
    "بشوف مظعانك عرَّد
    نامْت المجحوم برَّد
    الشّول حزمو مزرَّد
    والري كمبليت ورَّد"

    وكثيرا ما نجد عذاري البوادي يتفاخرن "بشول" أزواجهنّ او أخوانهنّ

    "ما بنشرب عسّيلي
    وما بنلبس حميري
    الداير دقش أُمّيلي
    يمشي يوارد خيري"
    سادر من السدور اي شربت إبله في مُشرع أم بادر وسدرت
    تابرة اي رويانة نقول البعير تابر اي رويان وهو دليل علي ان معطنه جيد
    "حيلك شدُّو يا العرنوطي عدَّك تابر
    أفرك إيدكا وخَّر لي عتامير جابر
    تري البهم البسوِّي الفصه ليهو قنابر
    نزل توتال فريق ناس ليلي كان ماك خابر
    "العد هي الأبار وهنا عندما قال "عدّك تابر" يقصد بها صفاح او كلي البعير
    اي رويان
    وعكسها نقول الإبل شرابها "غُل" اي لم يكن شرابها جيد إما لقلة الماء
    او لأن فلاتها ومكان سدورها ردئ مما ينعكس علي شرابها ونعرف البعير التابر من البعير "الغال"
    بكلي البعير فالبعير الذي شرابها غير جيد تتحرك الكلي ويقلون "بترج"
    " يا قطاعة الفجِّي
    شرابك غُل بترجِّي
    لمحت البرق بتعجّي
    ودايرة البيهو تدجِّي"

    نِدُق الحوض فجر وإنْبدِّر الميراد
    ؤقبل القّلَّة تبقالهِن هِلاع ؤقداد
    ونَرتاح من هِموم الدّونكي واللَّعداد
    ؤربِّي يشبِّع العين المساهرة رقاد

    محبتي ودمت سمحا

    (عدل بواسطة عبيد الطيب on 05-12-2013, 09:22 AM)

                  

05-12-2013, 09:12 AM

التيجاني عبد الباقي

تاريخ التسجيل: 04-28-2010
مجموع المشاركات: 1485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    Quote:

    كتب: خالد الشيخ حاج محمود
    عندما زار شاعر العصر الحديث نزار قباني مدينة الأبيض عام 1969م بدعوة من جريدة كردفان لصاحبها الاستاذ المرحوم (الفاتح النور)، قال في نادي الخريجين ( يسعدني أن ألتقى بالأبيض عروس الرمال التي تحمل كل نقاء الصحراء وكرمها وعنفوانها كما يسعدني أن ألتقي بأهلها الطيبين في هذه الأمسية الشعرية لأقدم لهم بعض ما في جعبتي مثلما قدمت في الخرطوم من الأشعار لقد وجدت الشعب السوداني ذواقاً ومثقفاً ثقافة عالية وأعجبني في السودانيين حبهم للشعر لقد كنت بالأمس في معهد تدريب المعلمات فرأيت الناس يتدلون من الأشجار كعناقيد العنب وأمس الأول بفرقة فنون كردفان شاهدت فلكوركم الشعبي وغناءكم الجميل خاصة عندما صدح مغنيكم بالأغنية الجميلة:
    وداعاً روضتي الغناء وداعاً معبدي القدسي
    طويت الماضي في قلبي وعشت على صدى الذكرى
    وهذا الدمع قد ينبي بظلم المهجة الحيرى



    لك التقدير اخي د. القرشي علي هذا السفر الجميل في تناول التراث عبر استاذنا خالد الشيخ حاج محمود ومقالاته الرائعة
    اما شهادة نزار قباني في تراث بلادي .. ذلك حديث فاق الثريا
    لك الود
    تيجاني


    واصل ونتابع
                  

05-12-2013, 08:13 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: التيجاني عبد الباقي)

    Quote: "بشوف مظعانك عرَّد
    نامْت المجحوم برَّد
    الشّول حزمو مزرَّد
    والري كمبليت ورَّد"


    لك التحية عزيزي عبيد الطيب وسعيد جدا بحضورك

    كلمة كمبليت هل يقصد بها complete ؟

    هنالك مناطق حول امبادر سميت على العد مثل عديد مويه جوار وادي ام بادر ( ام دبيب)

    وعديد الفرش و عديد دردق الذي قال في واديه الشاعر يوسف عبدالماجد الشهير بكريت

    حباني المعاي فيدوني عندي مسائل بالشئ الحصل حين جانا دردق سايل
    أسمح خدرة العين أم سحاباً شايل ولا البرتكان الهاد فريعو ومايل

    لك كل الود عزيزي عبيد الطيب ودوما في انتظارك





                  

05-13-2013, 08:08 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: كلمة كمبليت هل يقصد بها complete ؟

    هنالك مناطق حول امبادر سميت على العد مثل عديد مويه جوار وادي ام بادر ( ام دبيب)

    وعديد الفرش و عديد دردق الذي قال في واديه الشاعر يوسف عبدالماجد الشهير بكريت

    حباني المعاي فيدوني عندي مسائل
    بالشئ الحصل حين جانا دردق سايل
    أسمح خدرة العين أم سحاباً شايل
    ولا البرتكان الهاد فريعو ومايل


    نعم تعني ذلك اي أنّ الري ورد جميعه او كله
    وهي لشاعرة الزعيم المُر الأولي فرحتنا بت الفكي التي تقول في نشوق الزعيم

    يا مفتاح السجر
    والكازاك ماتجر
    بشوف مظعانك كجر
    وفوق طروم الحجر

    "طروم جبل بين مخارف قبيلة ميدوب والكبابيش والزيادية

    ايضا من اغاني الحماسة لفرحتنا وهي تخاطب نحاس الكبابيش
    "أسيادك وأسياد عزازة
    يعجبوك يوم البرازة
    ولي الخصيم كي وغيازة
    وكراعهم ماها فزازة.....
    رحم الله الشاعر الرقيق الشفيف عمنا يوسف عبد الماجد

    ودي أهديها ليك وللأستاذ خالد الشيخ ومناسبتها هطلت علينا أمطار غزيرة
    وخرجنا نستنشق الدعاش مما ذاد الشرف او الشوق للديار وكتبتها سريعا لم اكن شاعرا
    ولكنني احيانا بعافر معافرة والمفتاح هو الصديق الرائع منصور

    أمِس دُغشية يا المفتاح مطرةً رشَّتْ
    ودعاشةً فايحة شاشت لي الرِّويحة ونشَّتْ
    معالق قلبي بشويش غافلتها وخشَّتْ
    وسلوك الرَّيد نقرتها ووين شبكتي الطشَّتْ
    ********************************
    البرق البِولْوِل قِبلي يرسُم ويمحه
    شان ما يشيلُّو من فرَّت فِويطْرِك لمحه
    مع الدُّغشية سارق وجاب دعاشةً جمحه
    قلبي الغاوي شارف وشاشا ليك يا السمحه

    محبتي ودمت سمحا

    (عدل بواسطة عبيد الطيب on 05-13-2013, 09:35 AM)

                  

05-13-2013, 09:07 AM

التيجاني عبد الباقي

تاريخ التسجيل: 04-28-2010
مجموع المشاركات: 1485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    Quote:

    ولي الخصيم كي وغيازة




    ود الطيب كلامك عجب

    مع التقدير
                  

05-13-2013, 09:44 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: التيجاني عبد الباقي)

    الأخ التجاني عبد الباقي لك المحبة ودي هدي ليك
    Quote: بوادي الكبابيش ..تيس إبن الرُّومي و"قش" نافع"العاول" عبيد الطيب "ودالمقدم"

    مدخل دوبيت:
    "ستّات ريدنا من تالاهِن الهوي ضارب
    وجاب عسَّاف بخورا طلقنُّو مغارب
    ستَّات اللّكيك والمنزل المتقارب
    دارهن جبدة ليّا ولي طويل الغارب"
    (1)
    كنت معلما ببوادي الكبابيش وتحديدا بمدرسة " أبو بسمة" ، حيث وادي جميل ينحدر من سلسة جبال الحتّان التي خلدها شعرا شيخنا العباسي
    يابرق طالع رُبا الحمرا وزهرتها واسق المنازل غيداقا فغيداقا

    وان مررت على الحتّان حي به من المناشط قيصوما وطبّاقا

    ومن اذا سمعوا من نحونا خبرا والليل داج اقاموا الليل إيراقا

    إنّا محيوك يا أيّام ذي سلمٍ وإن جنى القلب من ذكراك أعلاقا
    ويرفده وادي "حمورة"ووادي عنقور "النويقة"وإيد"السّيال"
    وهي الوديان التي تسابق فيها إثنان من عشاق رمالها فألفيّا باب الشعر ولم يقد لأحدهما قميص .. محمد شريف العباسي و علي سالم علي التوم
    قال الأول:
    "الوادي الغزير شِقلو وغديرو مسرَّف
    "ياريت إن قبيل بيهو الزمان ما عرَّف
    الضَّيب العلي راس القلع بتكرَّف
    رزم وإتشابا لي ليم الغروب بتشرَّف"
    ****************************
    وقال الثّاني:-
    "عنقور النويقة اللَّيلة شوفتو جميلة
    بي صباحو وصعيد لي أُم سنطة نازلة قبيلة
    تُفَّاح البلد تِسلاتْنَا بيهو قليلة
    في شان الطويل عُنقو وبِسُك التَّيلة"
    (2)
    وعلي مشارف الوادي ضُربت خيام مدرسة البدو الرُحَّل وبجوارها فرقان مشايخي العلماء "الشناقيط"، حياهم الغمام الأربد، وبجوارهم إمتدت طنائب بيوت فرقان عرب الكبابيش، وعذاراهم اللائي إتخذن من رغام الصحاري أديما، ومن دُرع جآذره عنقا وجيدا، ومن نيران تلالها التي تشبُّ في العُلو أنفة وشموخا ومن ندوة سحابة أُم بشارها وضوحا وفالا،حتي ومضت بروق شعراءها أمثال فضل ود زايد ومحمد المرغوب ومعلي ود هذلول وبخيت ود عبدالمولي فأرسلت دعاشا من الدوبيت الرّاقي حيث يقول الأول
    "يا عانس الرّشيد الطّارد البرَّاق
    موسها حلاقة قلبي معدِّما العلَّاق
    ندوة وشوفها قبَّال الخريف ما ساق
    ولابسه كنيبو دايرة تكمِّل العشَّاق
    **********************
    وما أروع الثاني حين يقول:-
    "سُلطانة بنات ما تضلِّي
    فوقهن ظاهرة كيف نار السنَّاف بِتلِّي
    العانس السيدها فوق كوفات عقر ناس سلِّي
    بمتِّل ليكي يا الدّارسة القوانين حلِّي"
    والمقطع الأخير"بمتِّل ليكي" قد تعرف روعته عندما تجد حسناء في عمق أضاة "العريد" ربطت "سدرانتها" وشبلت قرونها التي داعبتها الرياح، تملأ سعنها وقربتها ،وحين تسألها عن إسمها تجيبك بكل عفوية :
    إسمي ..... "الهمَّل جمل القيد"
    هيِّن لي الفهيم وقاسي ليك ياوليد"
    أي ترك بعيره يرعي لوحده دون أن يتعقبه لأمان المنطقة لخلوها من السرقات مما يعني ان إسمها آمنة
    ويا لجمال الثالث عندما رد للذي قال أن"أُم عروض" فقدت رونقها وحسنها
    "يا فضل الله ما قُلت أُم عروض إتشنَّت
    تقول في دورها ما ولداً معاها بننَّت
    إنتظرت عصير وقفت معاهن غنَّت
    بت اللَّدْرع السامعيلها نقرة وقنَّت"
    ومذهل ود "الصُّرَّة" أي رابعهم حين يقول:-
    "العرب الفي ملمَّات الدروب السَّاهلي
    جينا الليلة شُفناهن كبيرة وجاهلي
    مشيتاً روقة ما ها المستخفِّي وراحلي
    جلدا فيها كيف ريع الوطاه المِتماحْلِي"
    وذات أصيل عرّجتُ علي أحد مشايخي الشناقيط للسَّلام وتناول كأس او كاسين من الشَّاي الأخضر كما يحلو لهم
    "ثاني الكؤوس من الكرام عادة جري بها عكس اللِّئام"
    لفت نظري تيس جميل ينبُّ ويصيح ، والوقت رشاش وهو وقت لقاح الماعز ،واللطيف في الأمر بالرغم من جفاف الرِّشاش إلاّ ان نسمات الجنوب (الدِّعَاش) تفعل فعل الطّلح والفياجرا علي الماعز والضأن، فتجعلها مسعورة بالشَّبق، حتي ان الأتياس بنبيبها (صياحها) تستضيف المُدْلجين ليلا كالكلاب النوابِح او كما يقول طَرفة :-
    ملك النّهار ولعبه بفحولةٍ يَعلُونه بالّليل عَلْو الأ تيسِ
    فقلت للشيخ :- أاشتريتُ لك تيسا جديدا؟
    ليأتي رده سريعا قائلا:-
    "يقصِّر عمير التّيس ويقصِّر عمير صاحبه ويقصِّر عمير الشّاعر إبن الرُومي"
    فقلت:- مان الله..! لما؟ وهي من لهجة الشناقيط للتعجب
    فقال : -" باعني إيّاه مقصُور العُمر " الكباشي المتَّاوي" بثمن كثير ووجدته خدعني ، فتيسه ينبُّ ،لكنه كالعنِّين لا يعشر المعيز
    فقلت :- عرفت لماذا دعوت علي التّيس وعلي الكباشي الذي باعك التيس ولكن لماذا إبن الرومي ؟!
    فضحك الشيخ حتي بانت نواجذه وقال:- ألم تعرف ماذا قال إبن الرومي
    فقلت :- لا فقال :- ويْ كأنه يخاطبني حين قال:-
    عكست أمري الخطوب فعنزي حائل أبدا وتيسي حلُوب
    فضحكت كثيرا وقلت له:- إن كان لك عزاء ففي تيس أُم عزين
    فقال:- وما تيس أُم عزين ، فقلت:-
    ذهب نائب الرئيس اللواء الزبير محمد صالح الي منطقة الرباطاب ، وكان معه احد أبنائهم فسأل الزبير الرباطاب عن ثورة الإنقاذ ، ليرد أحد شيخوهم قائلا:- "الإنقاذ تشبه تيس اُم عزين، فسأل الزبير أحدهم عن تيس أُم عزين
    فضحك شيخ الرباطاب كثيرا وأخبره:-
    "أن تيس أُم عزين جابو يِعشِّر الماعز قعد يرضع فيها"
    ومن حالة الإنقاذ التي تشبه وقت الرِّشاش أيقنت صدق العرب حين قالت قديما :-
    " إستعنز التّيسُ وإستتيست العنزُ اي تحاول أن تظهر فحولتها ، والحديث ذو شجون ، صديقي فضل الله ود الناظر رزق بمولودة أسماها "نون"، وأخبرني أن أحد خؤولتها أهداها عنز، من أصايل معيز "سعيد المز" وفي وقت "الدَّرت" ولدت العنز توأم إناث مما جعل صاحبنا "عجاك" يتهرب ويتماطل في تسليمها فأرسلت له هذه الغنوة ،عبارة عن "عرضحال"، لعلاقتي ا########دة "بعجاك" حيث جمعتنا مدينة الأبيض "فحل الديوم" سنة "جفيِّف عُمر" ولنا فيها ذكريات فقلت لعجاك:-
    "فعلتك قصّة يا عجاك حكاية لغْزْ
    مرّات تمشي مرّة تطير تحاكي الوز
    إتَّ خاف غشاكَ كدمُولها السَّمِح والجَز
    ولاّ ولدت تاومت جابت البعامي الفَز
    ولاّ سمنت دارتت شفت ضيلها مغزوز قز
    بتْ العِز دفيعتها أُم كنب ماها عنز
    ويا ناقر تبيدي الفي العريس الهز
    يا أبو حنيفة خال نون أصلو بالغ ؤشز
    وفي الباقيلي ظلطة وادي قاطع التَّبرة عادم النَّز
    ما جبت ضلعة يا خَيْ أُم قرينا نز
    وغنايا عليكّ لوم أخوان موهو نبّز
    أُم ربش الحٌرَّة من ماعيز سعيد المّز
    براك دافعها والله إنكنت ملذوذ لذ "
    (3)
    بعد أن ضحك شيخي كثيرا، سألني قائلا:- أيسمون الرباطاب بناتهم بأٌم عزين؟ كنت أحسبُ أن إسم معزّة وأُم عِزين محصورا في الكبابيش ، وبدوري أسأل :-هل تنبّه البروفسير عبدالله علي إبراهيم لمدلول هذا الإسم في أبحاثه القيّمة؟ والكبابيش يقولون، كانوا بشرق "العفّاض" قبل مجيئهم لوادي المقدم ولكردفان ، وللبروفسير كتابين رائعين عن موروث وتراث القبيلتين ، ولقد شاهدت سماحة البروف أمس القريب، و في يوم عيد الأُم "جار سوطويقدل" بسوق "باب شريف" بمدينة جدة العتيقة ، وكن معي عذاري من بوادي الكبابيش فأنشدن قائلات:-
    "بِتْقدَّل الحريف
    في جدّة باب شريف "
    وكان ود "شقتت" يبحث لأُم نفل ست روحه وست الدَّبارة والبصارة الراحلة الحاجة "جمال بت أحمد ودحمد الإزيرقابي" عن توب زراق أسود "بالح" كما وصفته هي ،رحم الله أُمّك وأمِّي وأم كل السمحين يا عبدالله وأعجبني حسن ظنّها بك وشخصي مثلها وأهديك مربوعة من رثاء والدتي
    "حتّ القمري فات راحل حزين قوقايو
    والوادي البشيل علّيفو شاط سقَّايو
    والفرع البميح متَّاكي جف نونايو
    ودمَّاع العبيد سُقواً ملص وكَّايو"
    *السقَّاي هي الخيران الصغيرة التي ترفد الوادي ،و"النوناي" عندما يحمل الغصن الندي ويتمايس مع الرياح يصدر صوتا وصفيرا يسمي "النوناي"
    "ألّليلة الصّعيد شال وإتخلف برَّاقو
    والفرع لولتو الزّيفة وكرس نقْناقو
    تري اللَّيل إتَّلتْ وهجعوا المساهرين راقو
    ؤحنْ قلب المِشارف لي بلود عُشَّاقُو"
    والسُقا إناء من الجلد أكبر من القربه و"الوكّاي" هو ما يُربط به فاهه
    (4)
    السحّارون واصحاب الوصف الشّافي منتشرون في كل بوادي السودان ولكن اهلنا الرباطاب هم اصحاب الحظ الأوفر وأكثر "السحارين" وصفا وسرعة بديهة، عندنا في بوادي الكبابيش موجودين ايضا ولقد اورد البروف عبدالله في كتابه "فرسان كنجرت"
    "وا عيني يومة العيص زفرني
    دزَّاني فوق الشوك عصرني
    ؤوقعْلِي في جابراً نطرني
    وناظرني في حاجبي وسحرني
    ولحَّاني كيف الفرع مسرني"
    اي سحره احدهم وا عيني اي وقعت في عين العدو والعيص هو الجمل الفحل وزفرني اي كرهني،وقعت علي صاحب عين شريرة "سحَّار" فرَّق بيني وبين الشيخ فضل الله ود سالم "البيه" بعد ما كنت من اهل وده ولحَّاني اي مسرني وقشرني وهي من لحاء الشجر، قيل غنّا الفضل ود مقابل الشنبلي فوق الشيخ فضل الله ود سالم "البيه"
    "أم عُلوان الصّعيد التمشي تِتْداعي
    طيَّع كردفان ؤبالو في رُفاعة
    ويوم شال الدُّوان خطّاه علي كراعه
    قطع سير الحِجاب الباقي في ضراعه "
    وعندما قال المقطع الأخير "قطع سير الحجاب الباقي في ضراعه" رد الشيخ فضل الله قائلا :-
    "إت يا ود مقابل قبلك تسحر في ، دي غناهو كعب نادو شبت" وشبت كان شاعر الشيخ "أم علوان " اي الفيل و"الدُّوان" هي برم المريسة الكبيرة.
    كنت مولعا بهؤلاء الناس اي اصحاب الردود السريعة ، و في إحدي السنين جاورني عبدالله ود مطر ومحمد ود مطر ابناء صاحب الأستاذ حسن نجيلة ذلكم الفتي الذي كان ظريفا وصاحب طُرفة وكان استاذنا حسن نجيلة يمازحه كثيرا ويستلطفه حتي كان يردِّد
    "سلام الله يا مطر عليها وليس عليك يا مطر السَّلام"
    "وفي إحدي الليالي السود أطاح بعير بمحمد ود مطر وإنكسرت رجليه وحوضه، وصار له عصاتان كبيرتان يتوكأ عليهما، وإذا اراد أن يجلس او يتبول يرمي العصاتين ويجلس بصورة مضحكة ، وفي ليل صيفٍ مقمر لمحه إبن اخيه عبدالله وصاح مخاطبني قائلا:-
    "الخرااااااابل شوف عمِّي محمد نزل العصا وقعد مو كيف "الكارو النزلو منها الحديد" ضحكت كثيرا واخبرت عمه محمد ودمطر وكان إبن اخيه"اجقر" اي سنونه الاماميات من تحت منكسرات وعندما يتحدث يخرج لسانه فصاح قائلا:-
    " إنت شوفو يبلحض في خشيمو كيفن ولسانو مارقو كيف الفويرة التمرق وتدخل من الجُحر"
    والكبابيش يعتقدون كثيرا بالعين ويتجنبون اهلها وإذا عرفوا أن احدا اصابته عين سحّار يبخرونه باللُّبان "الضكر" او يخلطون القرض مع حجر الشَّب وما أروع الشاعر "معلي ود هذلول" الجراري حين يصف محبوبته قائلا:-
    "بت النَّاس عديلة وكَحْلِي
    وليكي المولي يا القالبِك جديّة مَحْلِي
    يا الضّارباني في جوّه الورايد النّحْرِي
    ويا أم فرّا بجاوزوبو القرض لي السَّحري"
    والمقطع الأخير شبه "فرّها" اي بسمتها بحجر الشَّب وهو الذي يخلطونه مع "القرض" بزور شجر السَّنط ويبخرون به الذي اصابته العين ، وعن بسمة أو فرّت "فويطرهن قلتُ ذات خريف والبرق العبّادي يومض :-
    "البرق البِولْوِل قِبلي يرسُم ويمحه
    شان ما يشيلُّو من فرَّت فِويطْرِك لمحه
    مع الدُّغشية سارق وجاب دعاشةً جمحه
    قلبي الغاوي شارف وشاشا ليك يا السمحه "
    علَّق أحد أبناء البادية علي حديث دكتور نافع قائلا:-
    "الزول دي مالو فسِل و كلامو شين ومسيخ كيف القش "العاول"
    ضحكت حتي إستلقيت وقلت له لم أجد في العالمين أحدا وصف حديث نافع بهذه الدِّقة ،والعشب "العاول" يا رعاكم الله هو الذي مرّ عليه الحول من عام أول "عمن أوّل" وهطلت عليه الأمطار وصار لونه أسودا وتأكله النِّعم وسائر البهائم إذا لم تجد غيره من العشب، وما أقبح لؤم الحال حين يتملك أحدهم الوهم و"الوحم" ، قيل قديما وقف جدي علي سطحٍ ، فمرَّ به ذئبٌ فأقبل الجدي يشتمه، فقال الذئب: لست تشتمني وإنما يشتمني المكان الذي تحصنت به!
    "حذار الأحاديث التي يوم غيِّها عقدن بأعناق الرجال المخازيا"
    في أيّام مفاصلة الإنقاذ أو الحركة الإسلامية زارنا بالبادية الدكتور الترابي ووالي ولاية شمال كُردفان ووقتئذٍ كان الأستاذ السنوسي، ولقد جمعوا لهم مقطوعين الطاري كل البدو بحجة سوف تقام "زينة" بحمرة الشيخ وهي سباق الهجن ، ولقد إصطفّ أكثر من أربعمائة بعير من الشّوح العنانيف ومن نجائب النّوق المهرية وعلي "ضروتها" "صبيّن" زهر الوجوه لا يعرفون الدكتور حسن ولم يسمعوا به حتي، وأظن دكتور الترابي حين رأي هذا المنظر"راسو كبر" لأنه عندما رجع وحصلت المفاصلة أصبح "يتنبّر" وليته يدري أن حصيلة الحركة الإسلامية ببوادي الغرب والي يومنا هذا لا تتعدّي أصابع اليد، ومما أحزنني كثيرا حين حصلت المفاصلة إستعنز كل أبناء الحركة من شمال كردفان حين إستئسد عليهم المرحوم مجذوب الخليفة وفعل بهم مالم يفعله "الشَّنبلي" بأضاة كجمرالشهيرة حين صار "يجرُّ " صوطه بعد أن علم أن "صقور السّرح" "عيال حيلة"رحلوا للغرب البعيد وليت كانت الشّاعرة "بت مازن" الجرارية حاضرة"
    "كجْمر سلام عليكي حوّاء حاييكي
    بعد ماكنت بي فرسانك وبي صناديكي
    كم سلف المجاقني تبّر سقي فيكي
    بقيتي بي ببصلك وبي سواقيكي
    وحت .... بي السوط قدل فيكي"
    والغريب في الأمر ان أمين امانة الحكومة والحركة وقتئذٍ كان من "كجمر" وكان مأخوذا بتجليّات الدفاع الشّعبي ، لكنه صمت أمام مجذوب بل والجميع "همدوا همدة قرين قبّال
    وبذقو التوبة شوفة الشيخ بقت ليهم زوال"
    ولكن الذي أشفي غليلي كما يقول إبن شداد، فارس الحوبة وقتئذٍ الأستاذ بلوه موسي "ابو فاطنة" حين أنبري للمجذوب وأخبره بأنّهم عيال قبائل وهم أحرار في قناعاتهم ، ولقد أعجبتني "كنجرت" أستاذ بلوه مما جعلني أُردِّد مع "حواء بت مازن الجرارية"
    "يا فارس عفيتك من كليمة الرِّد
    لبسك دنقلو فوق اللّحوق بِتْشِد
    يا دكّام قباح خيلا بجَن لي العِد
    أملس ما بجيك كل ليلة جرحو مِجِد"
    وعندما قدّم دكتور حسن كلمته أمام أهل البادية بحمرة الشّيخ ،رأيت أحد البدو "يفجُّ " الناس ويدخل وحين وصل محازاتي لكذني بيده وصاح قائلا:-
    " ها ناس الزول الجنَّن المجاقنة أيّاهو الشّايب أبو نعلاتاً بيض دي"
    و"المجاقنة من مجقني" وكان يقصد السيّدين السيّد الإمام الصادق والحسيب النسيب السيّد المرغني
    (5)
    أثناء غيابي من البادية ،هام أحد الأصدقاء وتعلّق فؤاده ببدوية ، وطلب منها صورة ،عباره عن عربون او جعلها طنيبة لبيته الذي عبثت به رياح الرّيد، ولكنها رفضت بطبع البادية وعناد الرّيل ، ليذهب لصديقه الشاعر حنفي حاج الطيب ويخبره القصة فيرسل له حنفي هذه الروائع من الدوبيت:-
    "ما مفروض إسيبك يا أُم سوادق لاكِن
    كان العِز بدوم كان إنكتب لي سواكِن
    بعد ما كنت متملِّك فؤادي وساكن
    بقت نظرات عيونك ما بتحرِّك ساكن"
    **********************
    حاربتينا زي حرب المطر لي حرازنا
    وبي دربك خلاس كملت تنوكة جازنا
    يا الفي غُنانا سلمناكي من ممتاذنا
    ليه الصورة تبخلي بيها لي اُستاذنا
    *************************
    يا البسّامة حكمك ظالِم
    و أصلو الريدة يا ست السباتة مظالم
    يا البت العيونك شفت فيها عوالم
    ليه الصورة ما بتديها استاذ سالم
    **********************
    (6)
    في إحدي السنين "الشوايل" والليالي البيض وصل إلينا مُرسال الفال من فرقان "أُم بطيطيخات" معلنا عُرس أحد الأصدقاء وكانت السيرة او زفة العريس ساعة بالجمال والدواب الأخري من فرقان العريس الي فرقان العروس ولقد لفت نظر البادية او ناس السيرة وقتئذٍ ثلاثة اشياء الأول جمال احدي عذاري البادية، وأطلق عليها من يومها كُنية "الهوابة"، لجمالها وقوامها الممشوق، وعنقها الشّارف ، والثاني بعير الشاعر علي الشيخ "ود المُر). جمل مزيون من العنانيف الشّوح ،أبيض اللّون ، وكوعه "شارد"، "وجنقو" أفدع، اسمه ود كسلا تيمنا لأمه التي اهداها أحد رجالات الإدارة الأهلية، من مدينة كسلا للزعيم المُر، والثالث "بندقية" الصديق علي حمد علي التوم"السير" ،ماركة (جيم 3) ولقد أبدع الشعراء في وصف الحسناء (الهوابة) ،خاصة الصديق الجميل الأستاذ سالم موسي (ابو الكنينة)، وانا لوحدي استمع لكاسيت للشاعر الصديق حنفي حاج الطيب، واستمتعت بأغاني الهوابة وتذكرت أيّام الشقا وشقّت العود وافراح البادية قال الشاعر حنفي حاج الطيب:-
    "جيم علي ود حمد في الحفلة والكسلاوي
    ديل البشبهو البت العزلها الرّاوي
    بنوتنا القبيل دايما قمرهن ضاوي
    الهوابة جات خلّت عجاجهن لاوي "
    ******************
    "بعد ما إتلبْسَن ظهرت لهن هوابة
    وقول يا كافي خلتهن وحوش في غابة
    بكيرة اليوم مباعها محرِّم السبابة
    عيل لي البكري تمشي يسوِّي ليها كتابة "
    ***********************
    (هوابة اي الغزال وشبهها بها لجمالها- السبّابة اي "الكبسنجية"
    البكري شيخ من المتصوفة وهنا يعني من جمالها سوف تصيبها العيون وينبغي لها الذهاب للشيخ البكري ليحجبها ويحجبها من الحجاب والتمائم
    "الضهرية عمرت وجي الدَّباس متحبِّك
    وجات وزينة خلّت غزلهن مشبِّك
    يا بكيرة الهلالي النم بواقع خبّك
    وحوّيناكي من العين يدارقك ربِّك "
    *********************
    *في وقت الظهر يخرجن العذاري للشّدو و الرقص واللائي شبههن بطائر البلوم وشبه الحسناء بطائر الوزين لأنها حاذقة ومبدعة في رقص الجراري، هلموا إليّا لنشاهد هذه اللوحة، التي رسمها البدوي محمد ود حامد الكباشي لإحدي الحسان وهي ترقص علي إيقاع غنا الجراري:-
    "رقصت والخلوق منلمِّي
    ومن عين الحسود ينجيها شافع اللِّمّي
    حنجور البقدِّس ما غطس فوق ألْمِي
    وفندوك البردِّس سيدو ما بشيل عمّي"
    نرجع للشاعر حنفي والهوابة:-
    "بنات أُم سنطة يا سالم سماحْهِن أخربو
    والهوّاب كسحهن وبطّلن في دربو
    جيم السير بحاكيكي السّمح في ضربو
    ولينا الحق جمالك تاني نتفاخربو"
    ********************
    "المضمونة والعنقالي ما بِتْجالْسُو
    كيفتينا كيف زي البحكمو مَجَالْسُو
    بنات الحفلة لا بسات من ضهبهن خَالصُو
    جاتهن سادة ساكت طلعتهن فَالْصُو"
    ******************
    "شيخ جامع بقول مَلتْ القبيلة عجاج
    وسالم موسي واحمد لبسوها التّاج
    بناتنا الكيف عِيار ألف البِوِج لجَّاج
    وأنا في رأيي ينسحباً بدون إحراج"
    ***********************
    (7)
    عام الجفاف او ليلة "السَّو" ،كما يطلق عليها أهل البادية، خدش حياء البادية "بعاعيت" الكتابة و"بروز" الصحافة ، وتجرأوا حتي نعتوها بغير المألوف، فكان العزاء روايات الأديب الراحل الطيب صالح، فكان (سعيد عشا البايتات) الضّل الرهين لكل رجال البادية، وكانت "بت العريبي" الفنجرية أُم نفل دُخري عذاري البادية، وقريبا من عام الجفاف أيضا سمعته يتحدث في لقاء إذاعي لا أتذكر جيدا هل كان "مع البي بي سي" أم "مونت كارلو" ولكنه تحدث عن البادية الغربية وقال أنها تركت اثرا علي نشأته، لذا كان للراحل الأستاذ الطيب دين مشبول في عنق البادية يبقي سرمدا ويتعذر سداده ، وهذه المربوعات كتبتها عند رحيله بعفوية البدوي وسماحة البادية
    "طوق وتيلة ورمَّاي وشُبَّال من سوميت الدّوبيت نشبلها في رويحة
    الراحل المقيم الأديب الأريب الأستاذ الطيب صالح"
    "مِتل هرع الصباح رحل الجميل الطيّب
    زولاً نسمة ذي ريحة الدِّعاشة حبيِّب
    ترايمو الرُّوح مسامح لي الفسِل والطيّب
    ؤما خان بلدو يوم عاقل كُبارنا مغيِّب"
    ***********************
    "رحل الطيِّب الطيّب ؤسمح النّافلة
    رحل الرُّوحو لي توب المحامد رافلة
    رحل الطيَّع الكلمة الشَّرودة ؤجافلة
    ؤرحل السِّيرتو بي الخير والمحاسن حافلة"
    ************************
    "رحل دُخري البلد الكان طنيبة البيت
    رزين في طبعو موالفشّار بقول سوّيت
    عرفوك العجم قمرا طلع ضوّيت
    وعمرك كلُّو ما أتفسَّلت قلت أَبيت "
    (رحم الله الطيب الصالح ، فقد حاز المجد كلــه ، وقد زعم احد ابطاله ان نفســه حدثته بالمجد ، فزجــرها ) ..
    بادية الكبابيش 14-4-2013
    المراجع -فرسان كنجرت للدكتور عبدالله علي إبراهيم
    جواهر الأدب لأحمد الهاشمي
                  

05-13-2013, 04:36 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: عبيد الطيب)

    Quote:
    لك التقدير اخي د. القرشي علي هذا السفر الجميل في تناول التراث عبر استاذنا خالد الشيخ حاج محمود ومقالاته الرائعة
    اما شهادة نزار قباني في تراث بلادي .. ذلك حديث فاق الثريا


    الأخ العزيز / التجاني عبدالباقي

    سلامات

    شكرا جزيلا على كلماتك الطيبة والانيقة

    وسعيد جدا بحضورك ومتابعنك لهذا البوست

    لك كل الود والتقدير

    * هل انت التجاني ابن الأستاذ عبدالباقي محمد أطال الله عمره

    مودتي وتقديري


                  

06-28-2013, 04:44 PM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    Quote: أمِس دُغشية يا المفتاح مطرةً رشَّتْ
    ودعاشةً فايحة شاشت لي الرِّويحة ونشَّتْ
    معالق قلبي بشويش غافلتها وخشَّتْ
    وسلوك الرَّيد نقرتها ووين شبكتي الطشَّتْ
    ********************************
    البرق البِولْوِل قِبلي يرسُم ويمحه
    شان ما يشيلُّو من فرَّت فِويطْرِك لمحه
    مع الدُّغشية سارق وجاب دعاشةً جمحه
    قلبي الغاوي شارف وشاشا ليك يا السمحه


    تسلم عزيزي عبيد الطيب
                  

06-29-2013, 05:32 AM

Ahmed al Qurashi
<aAhmed al Qurashi
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 4263

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الشيخ حاج محمود والتوثيق لأغاني التراث (Re: Ahmed al Qurashi)

    من رواد الأدب السوداني
    المهندس/ ميمان ( 1-2)


    كتب: خالد الشيخ حاج محمود
    اورد الاستاذ/ محجوب عمر باشري في كتابه القيم (رواد الفكر السوداني) بأن تيارات التجديد في الفكر السوداني بدأت تتلاقى مع رياح النهضة في مصر والتي تبلورت بعد الثورة المصرية عام 1919م وتمازجت مع عقابيل الثورة السودانية التي فجرها على عبد اللطيف ورفاقه في عام 1924م ، خاصة وأن الثورات الشعبية لاتموت ولاتجهض وإن حاولت السلطات إخمادها فبعد الثورة المصرية أستقام جيل طه حسين وهيكل والعقاد والمازني ومنصور فهمي والشيخ على عبد الرازق، كما نشأ بعد ثورة 1924م بالسودان جيل عرفات محمد عبد الله و المحجوب والعشري ويوسف مصطفى التني ومرضي محمد خير وغيرهم، حيث كان كل واحد منهم ينفرد بخاصية هي (شخصيته وفكره) ومنهم جاء ذلك النسيج الذي أوضح طريق التحديث في الفكر السوداني وبالتالي لم يكن (مرضي محمد خير المرضي عبد القادر الضو) والذي لقب بـ(ميمان) شاعراً فقط وإنما كان شعره بداية التجديد في الشعر السوداني حيث ولد قبل ثورة ود حبوبة بعام أي عام 1907م بمدينة الخرطوم بالقرب من منزل (داؤود اسكندر) وهو من جهة والده ينتسب لقبيلة الشويحات بحساب أن جده هو عبد القادر الضو عبد الحميد بن سليمان بن محمد نافع بن نجم بن محمد أبو هيبة بن موسى بن عيسى بن نجم محمد خاتمي القمر بن عبد الرحمن ابو الشيح (جد الشويحات) وشقيق محمد البدري (جد البديرية) وتتواصل سلسلة النسب حتى تصل لضواب بن محمد الجميل بن سمرة بن سرار جد عموم العباسيين بالسودان بن كردم بن أبي الديس بن قضاعة بن عبد الله الحرقان بن محمد مسرور بن ابراهيم جعل بن الأمير إدريس بن قيس بن قصاص بن كرب بن حرب بن عدنان بن هاطل بن ياطل بن ذي الكلاع بن سعد الأزور بن محمد القرشي بن الفضل بن عبد الله بن العباس (عم رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، وجاءت هجرة الشويحات لكردفان كما يقول الجنرال العظيم اللواء الطيب المرضي عن طريق جبل شويح بالقرب من الدويم وكان السلطان بادي قد أرسل تجريدة للقضاء عليهم في تلك المعركة التي قادهم فيها الامير سرار ولكنهم هزموا من قوات السلطان بادي هزيمة نكراء كما أقام الشويحات في عدة مناطق بالسودان منها ولاية نهر النيل حيث سكنوا شندي والتي هي (ساندي) بلغة الفور و أقاموا بالمتمة وتعني (حكم تم) أيضاً بلغة الفور، علماً بأن الامير أبكر على دينار أمه شويحية وقد أنجبت بنتاً أسمها علوية، هذا إلى جانب هجرة مجموعة منهم لمنطقة هلبة الشويحات في عام 1923م وفي الشمالية استوطنوا دنقلا العجوز والتي بها جامع باسمهم تقام فيه صلاة الجمعة راتبةً، وتوجد مجموعة منهم في مناطق أمتقو ورومي البكري وأم بكول والغابة والدبة، وفي ولاية نهر النيل أقاموا بشندي والمتمة والمحمية و سقادي كما استوطنوا بمناطق الهلبة والجزيرة أبا وبعض القرى التي تجاوز الثلاثين قرية وذلك في النيل الأبيض، أما في ولاية سنار فقد أقاموا في مزيقيلة والحاج عبد الله ولكن يعتبر وجودهم في كردفان أكثر لاسيما مدينة الأبيض وضواحيها في المنطقة الشمالية والشمالية الغربية كأم عشيرة وام هجيليج وأم نالة ورهيوة كما سكنوا في أبوزبد وقليصة بغرب كردفان، وفي جنوب كردفان أقاموا في كريكيجة والتي توجد بها عموديات مشتركة بينهم و كنانة ومن فروع الشويحات (أولاد نجم وأولاد حدربي وأولاد موسى و أولاد نوار و أولاد جودات والديكناب والمعيناب والعيادقة والحديداب وأولاد عيتق وعتيق) ويقال بأن الهاشماب ينتسبون للشويحات علماً بأن الشويحات من اوائل الذين أوقدوا نار القرآن ودعموا الثورة المهدية حيث استشهد الأمير دفع الله الشويحي جد الاستاذ محمد على المرضي في حروبات الثورة المهدية وكان من حفظة القرآن ومن قياداتهم المشهورة بكردفان العمدة سليمان الزاكي وهو أحد أمراء الشويحات في المهدية وقد عرف بالذكاء الخارق وذلك رغماً عن أنه أمي، وفيما بعد أصبح عمدة لمدينة الأبيض في عهد الانجليز حيث كانت الابيض آنذاك تقسم لأربعة أرباع يقوم على كل ربع فيها (شيخ) وهم (حسن أبّو ونايل عثمان وابراهيم فشيك وعمر التني)، ولكن العمدة سليمان الزاكي تواثق مع مستر(جيلان) مدير المديرية آنذاك بأن تصبح الأبيض بعد و فاته بندراً وبالفعل تم ذلك حين وفاته عام 1933م ومن قيادات الشويحات على سبيل المثال اللواء الطيب المرضي المثقف العضوي وحاكم أقليم دارفور في عهد حكومة مايو وكذلك الاستاذ المحامي محمد على المرضي وزير العدل السابق والامير الاستاذ المرحوم بشير الشريف والمعتمد الهمام المرحوم الطاهر سليمان والاستاذة (مكاوي المرضي نائب الملحق الثقافي في واشنطن سابقاً والمثقف فتح الرحمن عباس والضو محمد المرضي الذي كان مديراً للإسكان الشعبي بالعاصمة القومية والمرضي محمد المرضي أمين المكتبة العامة بالأبيض والاداري النابه أبوبكر محمد سليمان و المرحوم فتح الرحمن المرضي سكرتير مريخ التبلدي سابقاً والدكتور الاداري عبد القادر أبو القاسم ومولانا دفع الله الرضي نائب رئيس القضاء سابقاً و الصحفي حسن الرضي وأشقاءه (صديق ومكاوي) وعبد القادر المرضي الاداري بسكر كنانه و الشاعر مصطفى ود المأمور والدكتور الطبيب سيف الدين حسن صديق وأشقاءه الموسيقار يوسف وقريب الله الذي تخصص في الطباعة ببريطانيا كما يوجد النوابغ أبناء اللواء الطيب المرضي (د.حسام وهشام وطلال وحاتم ومروان) والسلسلة تتواصل لمحمد سليمان الطاهر والشاب الوجيه (ابن الوز عوام) سليمان الطاهر والزهرات الدكتورة الهام حسن صديق والدكتورة هويدا النور مكي الاستاذة فاطمة على يوسف وغيرهن ولاننسى أبناء الامير بشير الشريف (أسلم ومصعب وانس ومحمد) ولاننسى لاعب الكرة الماهر الكابت صلاح الرفاعي والاداري الرياضي عبد المطلب عبد المتعال ورجل الأعمال عبد الله شيخ الدين ) والقائمة تطول في تتبع خطى أولئك النوابغ والاعلام.
    ولأن أبناء نجم عرفوا بالنبوغ والذكاء لذلك شع المهندس الاديب مرضي محمد خير (ميمان) وأصبح كالكوكب السيار حيث نشأ في أسرة ربها عامل قارئ وكان والده صفيفاً في مطبعة (سودان ستار) بل عمل مصححاً بها بالرغم من أنه خريج خلوة وكان مرتبه آنذاك لايقل عن الخمسين جنيهاً بالقديم أما والدته فهي جعلية قريبة ناظر الجعليين (ابراهيم فرح) ومن أقربائه كما يشير بذلك الكاتب محجوب عمر باشري، على أحمد الامين المشهور بـ(علي حاجيه) وهو أول من اتصل بالفكر الماركسي الاشتراكي وتعرف عليه ليكون ترياقاً لصرف المثقفين السودانيين نحو الالتفاف حول حركة اللواء الأبيض وكان لحاجبه صديقاً يونانياً عمل لفترة أستاذاً للفلسفة في جامعة أثينا وطورد في بلاده فلجأ إلى السودان لذلك تفتح ميمان على قراءة رأس المال والبيان الإشتراكي خاصة وقد درس كل مراحله بالخرطوم وعندما التحق بكلية غردون اختار دراسة الهندسة وتعرف فيها بالمحجوب والتني ومعاوية نور ونظم الشعر على نسق جديد حيث اعجب بخليل شيبوب وتأثر بالشاعرين (امروء القيس وعمرو بن ابي ربيعة) كما اطلع على دوواين الشاعر المصري عبد الرحمن شكري خاصة وأن دفعته في الكلية اهتمت بالآداب والثقافة حيث انشأوا جمعية الهاشماب الادبية وكان من ابرز اعضائها محمد زكي مصطفى والدكتور عبد الحليم محمد ومعاوية نور وعوض الله مرسال ومحمد عشري الصديق وشقيقه عبد الله ومرضي محمد خير ويوسف مصطفى التني ومحمد احمد محجوب، و تعرفت تلك الجمعية على المفكرين الغربين والكتاب والشعراء وتابعت مسيرة الثقافة الحديثة سيما ما ينشر في السياسة الاسبوعية والبلاغ الاسبوعي ومجلة الهلال والمقتطف والعصور كما ركزت تلك المجموعة على قراءة المجلات الفكرية الانجليزية ولكن تفرقت بهم السبل حيث هجر المحجوب الهندسة للقانون ومنه للسياسة فيما تحول التني من الهندسة للجيش ثم للخدمة المدنية والدبلوماسية أما محمد عشري الصديق فقد ترك العمل في مجال الهندسة وعمل مترجماً ثم صجفياً وضابطاً في الجيش بل اصبح في نهاية المطاف محاسباً يعمل في مراجعة حسابات التجار ولكن ميمان هو الوحيد الذي لزم الهندسة حتى وفاته وما يربطهم جميعاً أنهم كتبوا في صحف النهضة والفجر وكان كل واحد منهم يطري عمل الآخر ويشيد به، لذلك يعتقدون أنهم من مدرسة واحدة وإن كان شعر ميمان مختلفاً عن تأثير المحجوب والتني وأحمد شوقي والعقاد، وفي مجاله العلمي قام المهندس ميمان بتشييد العديد من المنارات التعليمية بكردفان منها مدرسة الأبيض الوسطى بنات (كلية التربية حالياً) وغيرها. ولكن الشعر عنده هو رؤى وظلال ودحض للغة و تسام بالزمن فالزمن عنده مطلق وإن أستيقظ تذكر الأشياء والأحداث لذلك كان أشبه بتيتوس أمير كروان الذي نفى نفسه من بيئته المظلمة ليسوح في العالم فوجد العالم أكثر غرابة وصعوبة من البيئة التي خرج عنها، هذا التأرجح بين العالم المحسوس والمجهول هو الذي أطلق روح الشعر عند ميمان لذلك نجده أحياناً يخرج عن الأوزان والبحور في شعره وذلك حسبما يرى الكاتب محجوب عمر باشري في كتابه (رواد الفكر السوداني).
    وفي مدينة الابيض التقى المهندس الأديب ميمان بصديقه المهندس الشاعر ابراهيم عمر الامين وكانت بينهم مساجلات عديدة منها قصيدة (التوبة) والتي كتبها ميمان وارسلها لصديقه المهندس ابراهيم حيث قال في بعض مقاطعها البديعة:
    إني حزمت اليوم أمري سفهاً عليك وقفت عمري
    أنت التي سكبت لظاها في دمي وسعت بخمري
    وأريتني فتن الهوى جيشاً يلذ لديه أسري
    وحجبت عني كل ضوء ساحر وشغلت فكري
    وجذبتني حتي كأن الله لم يلهفك غيري
    شعري تدنس روحه ماكان أفسق فيك شعري
    قلبي تمرغ في الرغام ولم يكن منها لعمري
    طرفي تفلت حائراً أين الضياء الحلو يسري
    ماكان حبك لي سوى دنيا آثام فيه أسري
    أين التي كانت يداعب شعرها كفي وشعري
    أين التي كانت يناغي خدها خدي وثغري
    أين التي كانت لصدري بلسماً إن ضاق صدري
    أين التي كانت لعمري سرها المخبوء سري
    أين التي كانت لوكري حلية لو جئت وكري
    أين التي كانت هناءة ليلتي وضياء فجري
    أين التي كانت مثالاً للأنوثة حين عري
    ذهبت لغيري لم تكن يوماً تبيع الحب غيري
    سأتوب يا بنت الهوى قبل الطهارة هن عذري
    واتوب يا بنت الهوى ماذا عليك حزمت أمري
    ورجعت من دنيا الغواية والهوى يكفيك عذري
    فلئن جعلتَ الدعر أجرك قد جعلتِ الطهر أجري
    قبري تهيأ في الهوى فتلمسي قبراً كقبري
    ولكن صاحبه المهندس الاديب ابراهيم عمر الامين قدم له قصيدة فيحاء بعنوان (الرجعة) قال في بعض أبياتها:
    طوفت في دنيا الرشاد فلم يطب فيها مقري
    فرجعت يا بنت الهوى لضلالتي وقديم أمري
    ورجعت با بنت الهوى لما ندمت وعيل صبري
    كالطير عاد لوكره قد عدت أنشد فيك وكري
    أنتي التي حركت في قلبي الهوى فانقاد شعري
    أنتي التي أعلنتِ أمري للورى وهتكت ستري
    مجدت حسنك في قصيدٍ صغت فيه دمي وفكري
    هو شكر حسنك إذا صوّر وهو إذ توحين شكري
    وخلقت عذرك في المجون لأنه بابٌ لعذري
    أنا قد رجعت بسيرتي الأولى و كل قديم أمري
    ورجعت أقضي عند محراب الهوى أيام عمري
    هيأت مهدك في الفؤاد فهيئي في الصدر قبري
    رحم الله الشاعر الموهوب مرضي محمد خير (ميمان) والذي توفى في ريعان شبابه عام 1954م خاصة وقد خرج من بيئة مسكونة بالادب ومحفوفة بالعلم والطموح و مشهورة بالذكاء كمثل قول الشاعر محمد محمد صالح بركية:
    يا حليلا عروس الرمال منبع الإلهام والكمال
    في الرديف يتقدل غزال والشويحات منهل جمال
    لذا كان ميمان شاعر الشاعر بمعنى أنه ينظم الشعر من أجل الشعر خاصة وقد أخترق الآفاق وقرأ الشعر الصوفي وأفتتن بإبن عربي وابن الفارض وبالأخص في قصائده الخمرية ولياليه مثل قصيدته (مومس) والتي يقول فيها ميمان:
    يا سكارى من افاويق الهوى غصصاً تسقون من اثمال ثمل
    من ثغور حركتها نشوة اثمت في المهد من اغراء نذل
    علمتكم كيف تهوون الى دركها المغمور في أسفل سفل
    التحية والتقدير للأساتذة الأجلاء (محمد عثمان الحلاج و فتح الرحمن عباس و سليمان الطاهر) الذين كانوا معي قبل عدة أيام في زيارة اللواء الطيب المرضي- الذي يعتبر في رأي ذاكرة تاريخ كردفان والسودان ولاسيما وهو قائد الطابور الذي سلم مديرية كردفان عند السودنة للإداري مكاوي سليمان أكرت وذلك في الخمسينات من القرن الماضي.. ونواصل

                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 2:   <<  1 2  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de