الحزن فى الاغنية السودانية -الجزء الاول - الدموع التى تبلل اغانى الحقيبة وتطفئ نار العشاق

Quote: فإذا به رجل بسيط متواضع لطيف حلو الحديث مرح متبسط لا يتعالي ولا يتكبر ... أفهمته مهمتي فرحب بي ولم أبارحه إلا وقد توطدت الصداقة بيننا وأطلعته على بعض أشعاري فجاملني بقوله: هذا شعر جيد فلماذا لا تحاول تقديمه للمطربين؟ أجبته : ليست لي أي صلة بأي منهم وأنا لا أعتقد أن مطربا كبيرا يقدم على غناء كلمات شاعر مجهول . قال : هذا شئ يمكن علاجه ولكن أفضل أن تنظم شعرا يتمشى مع روح الأغاني الحديثة إذ يبدو أنك نظمت هذه الأشعار بروح إقليميه ساذجه ... قلت فعلا : قال على كل أنا واثق أنك تستطيع تقديم أشعار تعبر عن ثقافتك العالية وأن على استعداد أن أتردد معك على المطبعة لأعاونك على مراجعة البروفات ومن ثم تتاح لنا فرص كثيرة لنتناقش فيما ستنظمه وانا واثق انه سيكون أكثر نضجا ودقة فشكرته وانصرفت وقد توطدت بيننا صداقة حميمة . شمرت عن ساعدي بجد وطفقت أنسخ القصائد وأرتبها ثم ادفع بها إلى المطبعة التي سرعان ما دارت عجلتها وبدأت تطبع البروفات وقد بر المرحوم صالح بوعده فظل يتردد عليّ باستمرار ويعاونني في التنسيق والمراجعة وكنا دائما نقصد إلى غرفتي بعد إنجاز مهمتنا فنتحدث عن الشعر والشعراء والمطربين ... وفي سياق الحديث سألني عن الجديد في شعري فأطلعته على قصيدة ( قسيم الريد لّي جود ... بالطيف يا أخا البدري) والتي غناها بعد ذلك الفنان خضر بشير فناقشنا أبياتها بيتا بيتا وكان حكمه النهائي إنها جيدة ثم تسال أتريد مني أن أقدمها نيابة عنك لكرومه ؟ ولكن قلت له لا فأنا في وسعي نظم خير منها وأنت تعرف إن لكل مطرب كبير مستوى معين وليست هذه القصيدة في مستوى ما يتغنى به كرومه فأمهلني قليلا " قال لكن أنت على حق ولكن لدى فكرة لا سيما والفرصة سانحة أمامك .. قلت اى فرصة ؟ قال : كلفني احد المعجبين والذي سيتم زواجه بعد أيام أن انظم له قصيدة بمناسبة زواجه أهنئه فيها وأشيد بروعة حفلات زواجه متمنيا له دوام العز والسعادة ..كما كلفني أن أوازن بينه وبين غريمه الذي كان ينافسه في حب خطيبته " وقد تبسط في شرح كل ما هو مطلوب ذكره في أبيات الأغنية ... وهذه العادة كانت متبعة حين ذاك ...ثم قوله باستعداده التنازل لي عن هذه الفرصة فيقدمها إلى كرومه فيغنيها....ثم قال : بعد ذلك سيقبل منك كل ما تقدمه بعد اقتناعه بجودة شعرك لا سيما وأنا سأقدم له هذه القصيدة على أنها من نظمى أنا وما أن يغنيها وتنجح حتى أصارحه بالحقيقة فيدرك انك شاعر أصيل وثق انه هو الذي سيسعى إليك لتزوده بغيرها..