الحزن فى الاغنية السودانية -الجزء الاول - الدموع التى تبلل اغانى الحقيبة وتطفئ نار العشاق

Quote: ترددت كثيرا لتهيبي اقتحام هذه التجربة التي لم يسبق لي ممارستها ولقلة تغلغلي في وسط الاغانى وشعرائها ولكنهم الحوا فتوكلت على الله فأقدمت على القيام بهذه المهمة ممنيا نفسي بالشهرة عن طريق تعرفي على الشعراء وكبار المطربين ...كان أول من قابلت المرحوم مصطفى بطران الذي رحب بالمشروع وسلمني لفوره عدة اغانى جديدة من نظمه أشهرها الأغنية الخالدة ( يادمعة الشوق كبي ) وقد كان من الظرف والنبل بحيث عرض علىّ تطوعه بالقيام بمهمة التعارف بيني وبين كبار الشعراء فتعرفت على الشاعرين الكبيرين المرحوم سيد عبدالعزيز وعبيد عبدالرحمن أطال الله عمره ..وسرعان ما حصلت من كل منهما على احدث قصائده ...ثم بقى ما كنت أتصوره الشق الشاق من المهمة إلا وهو التعرف على المرحوم صالح عبدالسيد فقد كان يومذاك يصمد بمفرده في مواجهة جميع شعراء امدرمان والى جانبهم الأستاذ بطران من الخرطوم بحري إذ كان غزير الإنتاج مما مكنه أن يغطى بإنتاجه كل الاغانى التي ينتجها الأساتذة عبيد وسيد والعبادى والعمرابى وبطران وودالرضى لا في العدد وحسب بل وفى الجودة وسرعة الانتشار أيضا .. صحيح كان يسانده بعض الشعراء كالأستاذ عمر البنا ولكن الجمهور لم يحس أبدا بمساندة اى شاعر لأبى صلاح وذلك لشدة ما عرفوا عن مقدرته وإبداعه ومع أن على رأس من يغنون للشعراء المرحوم محمد احمد سرور وهو أشهر مطربي السودان إلا أن تعاون كرومه مع أبى صلاح جعل اغانى ابوصلاح تنتشر بسرعة البرق ..والواقع إن الحاج سرور عميد الفن والمطرب العذب الصوت الأمين برهان ونجم الحفلات الساطع المرحوم كرومه كانوا يمثلون ثلاثتهم فريقا واحدا وكانت تربطهم مع بعض أواصر متينة ولكن الشقاق دب بينهم فانفصلوا عن بعضهم وسرعان ما أحتضن أبو صلاح كرومه فقدما أشهر وأجمل الأغاني ... لهذا كنت أخشى ألا يتعاون أبو صلاح معي أولا لمكانته السامية التي كان يحتلها وقتذاك في محيط الأغاني ثانيا لاستعانتي بسيد وعبيد وبطران قبله ... ثالثا لأن أغانيه كانت منتشرة بصورة لا ألومه معها إذا رأى أنها في غير حوجة إلى مزيد من الانتشار ولكن كم كانت دهشتي وذهولي عندما قابلته وأنا شبه واثق أنى سأقابل شاعر يتسم بالغطرسة والغرور ...