محمد الاسباط: التعامل كان اكتر من ممتاز

Quote: مشروع قانون جهاز الأمن والمخابرات الوطني"2" أوضحنا في المقال السابق مآخذنا علي مشروع القانون وفي نقاط محددة وطالبنا بإتاحة الفرصة للنقاش والحوار قبل إقرار القانون بواسطة المجلس بالإجماع ألسكوتي بعد انسحاب كتلة الحركة الشعبية ولكن الحكومة ماضية في أقرار القانون بشكله الحالي وفي اللقاء الذي انعقد بقاعة الزبير ووصف بالساخن تحدث فيه أقطاب الحكومة من القانونيين وعلي رأسهم الأستاذ/ سبدرات وزير العدل والأستاذة /بدرية سليمان رئيسة اللجنة القانونية بالمجلس والأستاذ/ غازي سليمان القيادي بالحركة الشعبية وقدموا مرافعات لإقرار القانون ونحن إذ نأسف أن تكون مرافعات أساتذتنا بهذه الضحالة ، كل تحدث عن المخاطر المحدقة بالبلاد مما يتطلب وجود جهاز للأمن يتمتع بصلاحيات واسعة وركزوا جميعا علي سلطة الاعتقال فغياب هذه السلطة يعني تجريد الجهاز من أهم أدوات عمله ، كنا نظن وان بعض الظن إثم أن الجهاز وحده هو الذي يعتقد ذلك ولكن ثبت لنا بما لا يدع مجالا للشك أن الحكومة كلها تؤمن بذلك وهذا أمر عجيب متى كان الاعتقال السياسي لأي فترة قصيرة أو طويلة حال دون وقوع جرائم أو اخترق أمني ، السيد وزير العدل قال بعضمة لسانه متعجباً ( ماذا يعمل جهاز الأمن الخارجي إذا وجد أجنبي مشتبه به ولم يكن لديه سلطة الاعتقال والمساءلة ) هكذا قال وزير العدل ...... ونحن لا نتعجب من هذا القول رغم ما فيه من جهل مطبق بالقانون لان الأمور في بلادنا أصبحت في هرج ومرج ، سيدي الوزير لو انك اطلعت علي قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م لو جدت الإجابة علي تسألك ، الأجنبي هذا أما انه دخل البلاد بطريقة غير مشروعة فيتخذ إجراءات علي هذا الأساسي بواسطة الشرطة . أما أن كان هذا الأجنبي يشتبه فيه انه يحتمل أن يأتي فعلا يضر بالأمن الوطني وكل الجرائم المتعلقة بالأمن الوطني وفقا للقانون الجنائي يجوز القبض فيه بدون أمر وبالتالي يستطيع الجهاز أن يقبض علي هذا الأجنبي ويسلمه للشرطة وهذا إجراء احترازي وقائي ، أما الأستاذة/ بدرية فقد أوضحت أن الحركة الشعبية تحفظت علي الاعتقال وحجز الأموال والحصانة والتفتيش وإنها تستنكر بشدة لهذه الاعتراضات ونحن لا نملك إلا أن نشكر الحركة الشعبية علي موقفها المتسق مع الدستور ومع حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتحول الديمقراطي المفارقة هنا آن الحركة الشعبية التي كانت حركة مسلحة وثورية ولم تمض في الحكم سوي أربع سنوات فقط وقدمت إليها من الغابة استوعبت أمور الحكم وضرورة التحول الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية كأساس للحكم الراشد بينما نجد المؤتمر الوطني وبعد عشرين عاما من الحكم والتسلط علي رقاب العباد مازال في المربع الأول وتتشبث بالسلطات التي لا تنسق مع الدستور الذي اقسموا علي احترمه وحسن تطبيقه وانه لقسم لو تعلمون عظيم. أما استأذنا /غازي سليمان ( القيادي بالحركة الشعبية جناح المؤتمر الوطني ) فقد أتي بكلام غير مسبوق مستنكراً أن تحصر صلاحيات الجهاز في جمع المعلومات قائلا وكيف يجمعها وهل يذهب إلي ( فكي في الحاج يوسف ) ويقول له كدي شوف لي غازي دا قاعد يعمل شنو ) وأضاف غازي أمام دهشة الجميع لابد أن يقوم الجهاز باعتقال الأشخاص درعاً لإيقاع البلد في فوضي وأكدّ غازي انه في خندق مع الجهاز ، نقول لاستأذنا لعلك غير مواكب لما يجري في البلاد لم يعد ( الفكي ) يرتاد إطراف العاصمة كما تظن دخل الفكي في الإحياء الراقية الرياض ، الطائف ، قاردن سيتي ، كافوري وحي المطار وهلمجرا........ بل تحول إلي سلاح خطير يدرء الخطر عن البلاد والعباد والله سبحانه وتعالي قادر علي أن يضع سره في أضعف خلقه . ولكن الحيرة في كلام استأذنا ما علاقة الاعتقال السياسي بجمع المعلومات لعله يقصد أن المعتقل يفضي بإسرار ما كان له أن يفعل ذلك إلاّ بالاعتقال والتعذيب وهل ما يفضي به يشكل تهديدا للأمن القومي . الأستاذ /غازي قال انه اعتقل ثمانية عشرمرة وان هذه الاعتقالات كانت ضرورية لحماية الأمن القومي وان ما أفضي به غازي خلال هذه الاعتقالات كانت ضرورية لمنع جرائم كانت تهدد الأمن القومي !!! لا نستطيع أن ندعي أن غازي لا يفهم في الأمن القومي ولكن الرجل قد فارق النضال والقي بعصاه وأنس إلي جانب السلطة متمسكا بأهدابها فليذهب التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان إلي الجحيم فهنيئا له ، غازي الذي خالف حزبه فلم ينسحب حين انسحبت كتلته يعلن أن في خندق مع الجهاز ليس لا ن الجهاز في جانب الحق ولا حبا فيه بطبيعة الحال ولكن السلطة وما إدراك ما السلطة وكل إناء ينضح بما فيه كلنا مع الجهاز في خندق أن التزم القانون وبعض الشر اهون من بعض لم يقف غازي عند هذا الحد بل ذهب إلي أن التحول الديمقراطي يمس سيادة البلاد لذلك فهو يرفضه وهذا ما لم يقله حتى دهاقنة المؤتمر الوطني من أمثال نافع علي نافع ...........أما الخبراء العسكريون من أمثال العميد "م" حسن بيومي واللواء الهادي بشري فنحن نعذرهم ولا نري ضرورة لمناقشتهم في أرائهم لان الطبع يغلب التطبع وان المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقي ..........مصيبتنا في هذه البلاد افتقارنا إلي خبراء يعتزون بآرائهم والي علماء عاملون مخلصون لا يخشون في الله لومة لائم . فلنكمل ملاحظاتنا حول مشروع القانون ، المادة "52" حصانات الأعضاء والمتعاونين هذه المادة تطورت عكسياً بالمقارنة مع المادة السابقة الخاصة بالحصانات وهي مادة مستحدثة في هذا المشروع ونصه كالأتي [لا يعتبر جريمة أي فعل يصدر من أي عضو في الجهاز بحسن نية أثناء أو بسبب أداء أعمال وظيفته أو القيام بأي واجب مفروض عليه أو عن فعل صادر منه بموجب أي سلطة مخولة أو ممنوحة له بمقتضي هذا القانون أو أي قانون آخر ساري المفعول أو لائحة أو أوامر صادرة بموجب أي منها علي ان يكون ذلك الفعل في حدود الإعمال أو الواجبات المفروضة عليه وفق السلطة المخولة له بموجب هذا القانون] هذا النص غريب الوجه في مضمونه وفي موقعه في هذا القانون،هنالك نص في القانون الجنائي لسنة 1991م المادة "11" [ لا يعد الفعل جريمة إذا وقع من شخص ملزم بالقيام به أو مخول له القيام به بحكم القانون أو بموجب أمر مشروع صادر من السلطة المختصة أو كان يعتقد بحسن نية إنه ملزم به أو مخول له القيام به]والقصد من هذه المادة هو أداء الواجب و استعمال الحق وذلك لحماية الموظفين العموميين من بعض الأفعال التي تقع منهم أثناء تنفيذ مهامهم وقد صيغت المادة بصورة محكمة فيما يختص الأوامر واشترطت المشروعية أي أن يكون الأمر الصادر إليه أمر مشروع وأن تكون صادرة من سلطة مختصة ومثال ذلك الشرطي الذي يقوم بتنفيذ أمر قبض صادر إليه من المحكمة أو النيابة فإذا ارتكب هذا الشرطي فعل فلا يعد جريمة مادام هذا الفعل مخول له القيام به وأن يكون بحسن النية . أما المادة في مشروع القانون فتتحدث عن أوامر أ و لائحة واغفلت عن مشروعية ذلك . وبما أن القانون الدولي الإنساني المصادق عليه من حكومة السودان لا يعتد بأي أوامر أو تعليمات صادرة من السلطة إذا كانت هذه الأوامر والتعليمات مخالفة للقانون الدولي الإنساني صفوة القول أن الجهاز لا يحتاج لهذه المادة التي سوف تثير كثير من المشاكل في حال إقرارها . المادة في القانون الجنائي تحمي أي موظف عام في هذا الإطار .............. الفقرة "3" من المادة "52" هي نفسها في القانون القديم ماعدا الجزء الاخير و نصها [ مع عدم الإخلال بإحكام هذا القانون ودون المساس بأي حق في التعويض في مواجهة الجهاز لا يجوز اتخاذ أي إجراءات مدنية أو جنائية ضد العضو أو المتعاون إلاّ بموافقة المدير ، ويجب علي المدير إعطاء هذه الموافقة متى أتضح أن موضوع المساءلة غير متصل بالعمل الرسمي ، علي أن تكون محاكمة أي عضو أو متعاون أمام محكمة جنائية سرية أثناء الخدمة أو بعد انتهائها فيما يقع منه من فعل ]الفقرة الأخيرة من هذه المادة تلغي السلطات التقديرية للمحاكم في سرية المحاكمات لان الأصل علنية المحاكمات ويجوز للمحكمة حسب تقديرها أن تأمر بالسرية كنص المادة "133" من قانون الإجراءات الجنائية [ تجري المحاكمات بصورة علنية في أي مرحلة من المحاكمة منع الجمهورية بصفة عامة أو أي شخص من الحضور أو البقاء في الجلسة متى اقتضت ذلك طبيعة إجراءات المحاكمة ونظامها] وان ما جري عليه العمل في محاكمنا ان الطرف الذي يري أن تكون المحاكمة غير علنية ان يتقدم بطلبه للمحكمة ومن ثم تقرر المحكمة علي ضوء ذلك علنية المحكمة من عدمها ، أما أن تلزم قانون الأمن المحاكم بسرية محاكمة عضو الجهاز في الخدمة أو بعدها ، هذه الحماية لا يتمتع بها حتى رئيس الجمهورية وبطبيعة الحال فان رئيس الجمهورية يملك من المعلومات السرية ما لا يملكه عضو الجهاز هذه الفقرة تتعارض مع الدستور فيجب حذفها تماماً سلمنا بالحصانة الجنائية لعضو الجهاز ودائما يلجأ المشرع إلي أسباغ هذه الحصانة في القضايا الجنائية فطبيعة عمل الشرطة مثلاً تقتضي إلاّ يتبع الإجراءات الجنائية العادية في مواجهة المنتسبين إليها إلاّ بعد الحصول علي الإذن اللازم من الجهة التي تملك الإذن ، الجديد في هذه المادة وهذا غير مسبوق أيضا الحصانة المدنية أي أنك لا تستطيع أن تقاضي عضو الجهاز مدنيا إلاّ بإذن وينتفي أي مبرر لهذه الحصانة المدنية باعتبار أن المقاضاة المدنية لا تؤدي إلي تعطيل العضو من عمله ويمكن أن يظهر عنهما ممثلون قانونيون أو وكيل , مثلا إذا استأجر منك عضو الجهاز منزلك لسكنه أو لأي عمل مرتبط بعمله بالجهاز وعجز عن سداد الأجرة فلا تستطيع مقاضاته إلاّ بإذن من مدير الجهاز . هذه الحصانة لا يتمتع بها حتى رئيس الجمهورية المسئول الأول في البلاد والقائد العام و الاعلي لكل القوات النظامية المادة "20" من قانون مخصصات شاغلي المناصب الدستورية التنفيذية والتشريعية وامتيازاتهم وحصاناتهم لسنة 2001م [ لا يجوز القبض علي رئيس الجمهورية أو أي من نائبيه أو رئيس المجلس الوطني أو تفتيش شخصه أو مسكنه أو مكان عمله أو اتخاذ أي إجراءات جنائية أخري ضده إلا بعد الحصول علي إذن يصدره المجلس الوطني بقرار من نصف أعضاءه ] فكيف لأعضاء الجهاز التمتع بهذه الحصانة من دون غيرهم من المسئولين حتى القوات المسلحة والشرطة لا تملك هذه الحصانة فمهما عظم دور الجهاز فلا اعتقد أنه يسمو علي دور رئيس الجمهورية ، أشترطت المادة موافقة مدير الجهاز فماذا يكون الحال إذا لم يوافق ؟ لا يوجد في هذا القانون ما يفيد وجود سلطة اعلي يمكن اللجوء إليها ولا فترة محددة للحصول علي هذه الموافقة .......في القوانين السابقة حتى في زمن مايو يحدد القانون جهة اعلي يلجأ إليها طالب الإذن في حالة رفض المدير إعطاء هذا الإذن وفي حالتنا هذه يمكن أن يكون الجهة الاعلي رئيس الجمهورية مثلا باعتباره المسئول المباشر من الجهاز أو أن يحدد فترة شهر مثلا من تقديم الطلب فإذا لم يرد المدير أو رفض الإذن فيمكن اللجوء للقضاء مباشرة خلي هذا القانون من كل ذلك ونحن نسأل ثنائي الحكومات سبدارت وبدرية وكانا لاعبين أساسيين في مايو وفي إقرار قانون أمن مايو مالكم اغفلتم عن هذا الأمر علي أهميته؟ أم فات عليكما عفواً نحن نذكركم والذكري تنفع المؤمنين هذه الحصانة وبهذه الصورة تجعلنا تحت رحمة المجتمع الدولي الذي يراقبنا من الداخل والخارج وستستمر الإدانات للبلاد في كل المحافل الدولية فيما يختص بحقوق الإنسان ومعاناتنا من هذه الناحية في الفترة السابقة كانت جديرة لتفادي مثل هذه الأخطاء القاتلة . نقترح أن تبقي علي الحصانة الجنائية وأن يعطي شهراً للمدير للموافقة و إلاّ يلجأ المجني عليه أو المضرور للنيابة مباشرة . من الملاحظات الأخرى نجد أن المادة "6" من مشروع القانون تتحدث عن الخاضعون لأحكام هذا القانون وذكر من ضمنهم في الفقرة "5" [ أي شخص آخر يكون متهما للاشتراك مع أي عضو في الجهاز بارتكاب جريمة وفقا لأحكام هذا القانون ] تبعا لا يجوز بأية حال من الأحوال مثول مدنيين لا علاقة لهم بالجهاز أمام محاكم الجهاز والجرائم المشتركة ايا كانت طبيعتها يمكن الفصل بين المتهمين وأن الجرائم في هذا القانون هي نفسها في قانون العقوبات ماعدا الجرائم الخاصة بأفراد الجهاز فهذه الفقرة يجب إلغاءها وإلاّ لساقت كثير من المدنيين إلي محاكم الجهاز والتي تفتقر غالبا إلي المعايير الدولية للمحاكمات العادلة نقطة أخيرة نختم بها الملاحظات هذه وهي متعلقة بالاعتقال السياسي ففي حالة إعطاء سلطة الاعتقال للجهاز فأن المعتقل يجب أن يكون تحت حراسة الشرطة وفي السجون المعروفة والمعلومة هذه نقطة جوهرية فمنذ أن تدخل الجهاز في الاعتقالات والحراسات انتهكت حقوق دستورية كثيرة للمعتقلين بجانب أن إدارة السجون سلطة محصورة علي الشرطة وحدها . وفقا للدستور المادة "149"[ تنشأ علي المستوي القومي وعلي مستوي جنوب السودان والولايات خدمة للسجون ويحدد القانون مهامها وشروط خدمتها ] وقانون تنظيم السجون ومعاملة النزلاء لسنة 1992م المادة "3" [ مع مراعاة أحكام قانون الشرطة لسنة 1991م يطبق هذا القانون علي شرطة السجون والإصلاح وعلي أي فئة آخري يصدر بشأنها أمر من الوزير ] ويقصد بأي فئة أي من الشرطة نفسها . بمعني أن هذه السلطة حصريا علي الشرطة ، معاملة المسجون ليست بالأمر الحين ، تحتاج إلي تدريب نظري وعملي و إلاّ لما كانت هنالك كلية لشرطة السجون بإلاضافة إلي وجود باحثيين اجتماعيين ونفسانيين لديهم المقدرة والدراية في التعامل مع المسجون أما أفراد الجهاز الذي يقومون بعمل السجون يفتقرون إلي كل ذلك وأن حقوق المسجون منتهكة وتبعا لهذه المعاملة القاسية تعرض كثيرون لاختلالات نفسية وعقلية فظيعة فبالتالي أن أجيز المشروع بصورته الحالية متضمنا سلطة الاعتقال فيجب أن يكون المعتقل تحت هيمنة وسيطرة قوات السجون دون غيرها . تحدث مدير الجهاز في لقاءه بقادة الصحافة عن عدد المعتقلين لدي الجهاز وبغض النظر عن الأرقام فقد ذكر سيادته أن هنالك معتقلين أجانب امضوا فترات طويلة في السجن ونحن نضيف أن هنالك آخرين سودانيين امضوا بالاعتقال فترات تجاوز أقصي مدة مسموح بها قانونا وبغض النظر عن التهم أو الاشتباه التي بموجبها تم اعتقالهم فأن بقاءهم لفترات تجاوز القانون فيه انتهاك للدستور والقوانين فوجب أطلاق سراحهم فواً وبما إننا معنيون بحقوق الإنسان نطلب من السيد/ وزير العدل فتح تحقيق في هذا الأمر ونحن علي استعداد لمساعدته في ذلك يجب أن يلتزم الجميع بالقانون ايا كان هذا القانون فسيادة حكم القانون ليس كلاماً للاستهلاك الأهل بلغت اللهم فاشهد. بارود صندل رجب المحامي