هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 07:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-10-2012, 04:10 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم



    شيبــــــون

    عبد الله علي إبراهيم

    (9)
    شيبون: كان بدري عليك


    حاولت في سلسلة مقالاتي عن المرحوم محمد عبد الرحمن شيبون(1930-1961)، التي اختمها اليوم، فك ارتباط مأثرته ومأساة انتحاره عن تدوين وتأويل صديقه المرحوم صلاح أحمد إبراهيم لهما. فقد نفث صلاح في عرض محنة شيبون غضبته هو نفسه على الحزب الشيوعي وعلى أستاذنا عبد الخالق محجوب. فقد قال إن شيبون هو ضحية من ضحايا أستاذنا. وأستاذنا عند صلاح واحداً من ستالينيي (جمع ستالين) المناطق الحارة. وقد كان أكثر همي في هذه المقالات أن نحصل على علم أفضل بمحنة شيبون مما علمنا صلاح منذ أن نظمه في قصيدة "أنانسي" في ديوانه "غضبة الهبباي" الصادر في 1965. وقد حاولت رد هذه المحنة إلى البيئة السياسية والاجتماعية التي اكتنفت حياته القصيرة. وهي بيئة التفرغ للعمل ضمن الحلقة القائدة للحزب الشيوعي. وقد سميت هذه البيئة ب "الأفندي المضاد" جرياً وراء مصطلح صكه الشيخ حسن الترابي في لقاء لي معه عام 1996. فمعظم هؤلاء المتفرغين كانوا ممن جهزوهم للعمل في دواوين الدولة بأجر مرغوب معلوم ولكنهم اختاروا طوعاً وظيفة أخري يهدمون بها هذه الدولة ليبنونها علي نهج يخدم مصالح كادحي السودان. وهذه الهمة هي ما وصفه الإنجليز ب "النشاط الهدام".

    ومما يؤسف له أن وقائع ومتاعب وخسائر هذه الحلقة المتفرغة محاطة بكتمان رفاقي حال دون وضعها تحت مجهر النقد والتقويم. فحتى المتفرغين الذين خرجوا على الحزب غالباً ما دسوا ضيقهم بشروط حياتهم المستحيلة وتحدثوا عن مسائل العقيدة والتكتيك وهلمجرا. فلا أحد يريد أن يطلع الناس على خفايا خيبته في الوظيفة التي اختارها يوماً بحماسة وتفاؤل. وهذا الستار المسدل على شقاء الأفندي المضاد إهمال مرموق لأمية (في لغة الكهرباء) الحزب التي عليها مداره ووهجه. فحلقة متفرغة الحزب في وسط دائرة العمل القيادي. ولا يصلح إلا بها. وقد فسدت كل مناقشات تطوير الحزب لما قصر الحزب دون تنمية منهج لتقويم وتصويب هذه الحلقة المتميزة في منظومة القيادة. ووقع هذا الإهمال في شكم هذه الحلقة حتى بعد أن شكي بعض من خاض تجربة التفرغ بالصوت الجهير. فقد كتب الأستاذ احمد علي بقادي عن نواقص حياة التفرغ كلمة شجاعة في كتابه "صحافة بالسياسة" (1971مايو). ولا حياة لمن تنادي.

    فقد تفرغ بقادي للعمل كصحفي بجريدة الميدان الشيوعية في خمسينات القرن الماضي بعد هروبه من مصر التي تلقى بها بعض التعليم الجامعي. وكان أجره الشهري من الصحيفة عشرة جنيهات. ورأينا بالمقارنة أن مرتب الزميل حمري، ناظر المدرسة الأولية، كان 35 جنيهاً لوقتها. (قال المرحوم أحمد خير أن مرتبه في عام 1925 حين تخرج من الكلية كان 8 جنيهات. أي أن مرتب شبه الخريج بقادي بجريدة الميدان لم يزد بعد مرور ربع قرن سوى جنيهان ) وكان كل محرر بالميدان يقبض 25 قرشاً يومياً لحوائج اليوم الملحة. وزاد بقادي أنه كان يستنفد الماهية بالسلفيات قبل يوم الصرف الذي هو في علم الغيب. وقال إن من عجز عن تدبير سكن من المحررين بات في مكاتب الميدان.

    ووجد بقادي كما وجدت أنا لاحقاً في السبعينات أن المتفرغ متروك في أكثر معاشه وكل معينات إزجاء فراغه للأصدقاء. فقد بليت ملابس بقادي فاعتصم بالبيت لأن الجريدة اعتذرت عن كسائه. ولامه رفاقه في اجتماع لا حق علي فشله في توسيع دائرة الأصدقاء من حوله لعونه في حلحلة أزماته الشخصية. ولم يكن بوسع بقادي حسب قوله بناء هذه العلاقات في زحمة عمل يبدأ صباحاً وينتهي في منتصف الليل. و قال إنه هدد بالاستقالة من جريدة لا توفر له ملابسه الضرورية. واستجابوا له غير أنهم "صروها" له كبرجوازي متعال متمرد وعنيد. وابتلى بقادي بهذا الشح والكدر في مؤسسة الميدان الحزبية التي ربما كانت الأفضل دخلاً بفضل دبارة زميلنا المرحوم سمير جرجس كما كتبت في نعيه منذ أشهر. وقد أتيحت لي فرصة التعبير عن فساد إسناد المتفرغ على بند الأصدقاء في حلقة انعقدت لمناقشة متاعب العمل القيادي بسجن زالنجي عام 1972. وقلت أن هذا الإسناد تفريط في الأفندي المضاد ( وهو استثمار حساس ونادر) الذي نريد له أن يخرج من عوالم الأفندية، التي شق عليها عصا الطاعة، ليرتاد شواغل الكادحين الذين خرج لنصرتهم. علماً بأن التفرغ لعمل الحزب لم يقتصر لا علي طبقة الأفندية ولا علي الرجال. فقد كان في حلقة المتفرغين جماعة من ذوي الأصول العمالية مثل المرحوم محمد محمود الشايقي. كما تفرغت الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم منذ منتصف الخمسينات لعمل النساء. ولما ترك الحزب الأفندي المضاد في ذمة غيره كان الأحمل لتبعة الأفندي المضاد هو الكادر الأغزر في الأهل والأصدقاء بالعاصمة. ولم يكن لشيبون، الفتى الكردفاني الشاعري الرؤى، سبيلاً إلي تدبير حاله بمقتضى أعراف الحزب للأفندي المضاد مثله.

    كان المنزل بحي البوستة بأم درمان الذي سكنه شيبون مع متفرغين حزبيين آخرين هو بيت الداء. فقد كان بؤرة لقعدات ليلية شبه يومية. ولم يبدأ المنزل كذلك بل تردى في عادة الأنس شيئاً فشيئاً. فقد كان يتنادى إليه الرفاق والأصدقاء للسمر والشرب كما جرت سنة شباب المدن آنذاك. فحتى غير الشاربين كانوا يؤمون هذه الملذات المسائية لتفريج هم والخوض في الشأن السياسي. وللقعدة فرسان ليل هم غير فرسان النهار من أمثال شيبون. فإن تعمق النقاش وأوغل في "ساس يسوس" علي يد أمثال شيبون قال سادن القعدة: "أها عاوزين تقلبوها اجتماع. إنتو ما بتشبعوا اجتماعات". فالقعدة ساحة لأبن النكتة، الفلفلة، صاحب الطرفة، وخفيف الروح. وهي أيضاً موضع للتحلل من بعض العقائد طلباً للطرافة. فقد سمعت فيها من يقول إنه ماركسي إلا أنه لا يعتقد في حقوق العوين والعبيد. هكذا بالحرف. وهي أخيراً معرض للنعرات القبلية النيلية التي تطفو مع أبخرة المشروب. وهذه النعرات مادة أنس جاذب حتى للإخوان المسلمين ممن لا يجتمعون في قعدات مثل الرفاق. فقد وجدت المرحوم مبارك قسم الله، القيادي الإسلامي المعروف، يشكو مر الشكوى من إخوانه في الله الذين يسمرون بحديث الجاهلية عن مكارم الجعليين والشايقية. وهي مكارم يزدردها ازدراداً من لم يكن من هذه الأصول البهية من أمثال شيبون الكردفاني. وكان مبارك إذا سئل عن أصله قال إنه "بلالي" نسبة إلى سيدنا بلال.

    القعدة تقليد بندري وطني أوفى دراسته المرحوم حسن نجيلة في كتابه "ملامح من المجتمع السوداني". وقد أخذ اليسار بأنس القعدة عن جيل 1924 والخريجين. وتوسع الجيل اليساري فيها حتى كادت أن تصبح حياة موازية لحياة الحزب نفسه. وقد تنبه أستاذنا عبد الخالق إلى مخاطر هذه الحياة الثانية فأشار في تقرير للجنة المركزية صدر في 1963 بعنوان "إصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير" إلى ما ينجم منها من عادات تنعكس سلباً على الحزب. وجاء في التقرير أن الجماهير لا تستمع إلى من لا تحترمه. وقال إن بيننا الثرثارين ومن يستفزون مشاعر الناس الدينية ومن انزلقوا في السكر والعربدة. وقد أقاموا بأفعالهم هذه حاجزاً بينهم وبين الجماهير. ونبه التقرير إلي خصلة "استثقال" الناس والرفاق بغير ذنب جنوه وسمي ذلك فردية برجوازية صغيرة تبني الأحكام طيشاً علي النزوات.

    ويقع أكثر هذا الاستثقال بالطبع في بيئة القعدة ثم يستشري إلى غيرها. وربما كان شيبون ضحية لمثل هذا الاستثقال المجاني. فلم يكن فيما يبدو ممن يستلطفه سوى الفطن. فقد قال الأستاذ عبد الوهاب سليمان إن الشقة بين شيبون والآخرين كانت واسعة. وكان لا يقبل تبخيس الناس في مجلسه لأنه يعتقد أن الناس كلهم، وإن طال الزمن، أهل لهذا الجمال الذي ينبت علي ضفاف الماركسية والزمالة التي كان قد نشدها في الحزب. والمعلوم أن القعدة لا تكتمل إلا بالقطيعة التي هي "عنكوليب أو قصب سكر" الونسة. وللأفندية عبارة في هذا المعني هي "النفتحلك فايلو." وكان شيبون صعب الاستئناس. فقد كان لماحاً بعيد النظر جريئاً علي نطاح حتى ما تواضع عليه رفاقه الثوريون. فقد سبق أن رأيناه يهزأ بانقسام الأدباء إلي مدارس بما فيها الواقعية الاشتراكية العزيزة عند الشيوعيين ويقول لزملائه قولة في معنى مراد حمزة الملك طنبل :"أبدعوا وكفي." والواضح في كلمته أنه كره لجاج الرفاق عن الشاعر صلاح عبد الصبور وعقيدتهم فيه وقال لهم "دعكم من عبد الصبور ومن عبد الزمار." رجل بهذه الجراءة علي المعلوم بالضرورة من ثقافة اليسار في زمنه لا بد أنه كان قليل الرفقة.

    الواضح أن عنان نفس شيبون بدأ في التراخي بين جغرافيا هذه الفوضى. وزاد من سوء الأمر بعض عادات شيبون. فقد لاحظ من احتكوا به أنه نوؤم. فقد يستغرقه النوم اليومين والثلاثة بلا انقطاع. وأفرط في الشراب. ومؤكد أن هذا الإيغال زاد الطين بلة. وقد أخذ بعض الشيوعيين ذلك عليه ثم أهملوه أو ضايقوه. ووجد هؤلاء في تهافته سبباً للقول انه "زول شعر ساكت". أي أنه لم يخلق لمهمة الأشغال الشاقة، الأفندي المضاد. وهناك من قال أنه "مجنون". و نصحته قيادة الحزب بترك التفرغ كما مر من قبل. وفعل شيبون ذلك مكرهاً لا بطل.

    قال نلسون مانديلا إن النضال، مثل الرياح الهوج، يترك خرائب في أثره. وشيبون رسم جميل حزين. وتحميل أستاذنا عبد الخالق دمه كما فعل صلاح احمد إبراهيم حيلة عاجزة. فهي شخصنة للأمر (كما نقول الآن) نكتفي من غنيمتها بتذنيب أوسم رجالنا قاطبة. وتحجب مثل هذه الشخصنة وجه القضايا في حين تكشف عن وجه المذنبين. ومن قضايا محنة شيبون العالقة هي كيف يترقى العمل القيادي بالحزب الشيوعي ليثبت قلب مثله على الإيمان بقضية الكادحين التي نذر لها نفسه. وهي قضية لا أعرف من أحسن تعريفها مثل أستاذنا عبد الخالق حين ظل يلح أن الأصل في أزمة الحزب هي في التناقض بين نفوذ الحزب الواسع وتوقعات غمار الناس منه وبين بدائية العمل القيادي فيه. وهو تخلف طال وأعول. وغاب هذا التلخيص الرشيق لأزمة العمل الثوري عن أفواج شباب التقدميين المتلاحقة. ولما غاب عنهم رأس الخيط هذا كان احتطابهم للإصلاح احتطاب ليل. فقد رمت جماعة "حق" في طلبها الإصلاح بالماركسية نفسها، وجازف آخرون بالهرب من سفينة الشيوعيين إلي الحركة الشعبية وغيرها، ولا زال هناك من يعتقد أن أزمة الحزب هو العجوز القاعدة بره: نقد والتجاني وآخرون ممن حجبوا الشباب عن مواقع القيادة. وترتب على ذلك أن راحت طاقة إصلاح حركة المستضعفين هدرا.

    طوال كتابتي لهذه الكلمة الطويلة عن حياة شيبون القصيرة العذبة كان يتردد على خاطري مقطع من أغنية "كان بدري عليك" للمرحوم عمر احمد. مات في ريعانه أيضاً. ولم أصدق سمعي حين قال لي الأستاذ عبد الوهاب سليمان أن المرحوم عمر أحمد كان يتردد علي قعدة الرفاق بمنزل حي البوستة. وكان صوته قد بدأ في الطرطرة بعد إشراقه في الصبا. ولا بد أنه غني للقعدة "كان بدري عليك" مراراً وتكرارا" فقد كانت شبه وحيدته. وكانت الأغنية علي كل لسان حتى قيل إنه إنما كان ينعى نفسه بها قبل رحيله الفطير. إنسان جميل آخر غرد في السحر ورحل في الأصيل. وكان بدري عليه.

    رحم الله أموات التقدميين السودانيين الذين كانوا، برغم عثراتهم الكبيرة وألوان شقاقهم المؤذية، اجتهاداً كثيفاً باسلاً غير مسبوق في مصائر وأشواق خلق الله المساكين: "ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما ما كانا يحذران."

                  

08-10-2012, 04:18 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    قرأت هذا المقال فور صدوره ضمن سلسلة متميزة عن الراحل شيبون ، ولكنى أعجبت بهذه الحلقة بالذات ، لماذا?
    فهذا ما سوف اعالجه هنا كلما توفر الوقت ، وقد وجدت المقالة صدفة وانا ابحث فى قوقل عن كتاب (إصلاح الخطا وسط الجماهير ) للشهيد المرحوم
    عبد الخالق محجوب التى كان قد صاغها مع بدايات ستينات القرن الماضى
                  

08-10-2012, 04:38 PM

osama fadlalla
<aosama fadlalla
تاريخ التسجيل: 04-26-2010
مجموع المشاركات: 857

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    شكراخونا طلعت على اشراكنامعك هذه المتعة
    ومتابعين معاك
                  

08-11-2012, 03:37 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: osama fadlalla)

    شكرا اسامة على المتابعة
    لى عودة للمقال الفخيم بما يستحق انشاء الله
                  

08-11-2012, 08:03 AM

عوض محمد احمد

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 5566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    طلعت
    سلام

    للاسف كل العيوب التى ذكرها ع ع ابراهيم موجودة بصورة متطابقة فى كل احزاب اليسار العريض حتى تلك التى نشات
    باخرة و كان امامها تجربة الحزب الشيوعى و لم تنظر اليها و لم تستفيد منها مثل تجربة حزب التحالف و تجربة حق
    فالكل فى الهم سواء و لا يملك احد ترف اعتلاء منصة الاستاذية لوحده و القاء الدروس على الاخرين بما فيهم كاتب المال نفسه فى تجاربه السياسية اللاحقة
    لهذا فالمطلوب هو النظر اليهابصورة شاملة (اخشى ان يتخذها البعض تكاءة لبدء موجة شتائم ضد الحزب الشيوعى
    كما جرت الاعراف الردئية فى هذا المنبر)
    كما نرجو الا يكون النظر لهذه العيوب بمعزل عن علاقتها بخصائص الشخصية السودانية عموما (منطمة سياسيا ام لا)
    خصوصا شخصية المثقف السودانى. فغلبة عنصر (البداوة) لحد ما يؤثر فى الجميع و يجعلنا عصيين على (التنظيم)
    كما نرجو مراعاة (فروق الوقت) فالاستاذ الكبير يتحدث عن الستينات
                  

08-11-2012, 08:03 AM

عوض محمد احمد

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 5566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    طلعت
    سلام

    للاسف كل العيوب التى ذكرها ع ع ابراهيم موجودة بصورة متطابقة فى كل احزاب اليسار العريض حتى تلك التى نشات
    باخرة و كان امامها تجربة الحزب الشيوعى و لم تنظر اليها و لم تستفيد منها مثل تجربة حزب التحالف و تجربة حق
    فالكل فى الهم سواء و لا يملك احد ترف اعتلاء منصة الاستاذية لوحده و القاء الدروس على الاخرين بما فيهم كاتب المال نفسه فى تجاربه السياسية اللاحقة
    لهذا فالمطلوب هو النظر اليهابصورة شاملة (اخشى ان يتخذها البعض تكاءة لبدء موجة شتائم ضد الحزب الشيوعى
    كما جرت الاعراف الردئية فى هذا المنبر)
    كما نرجو الا يكون النظر لهذه العيوب بمعزل عن علاقتها بخصائص الشخصية السودانية عموما (منطمة سياسيا ام لا)
    خصوصا شخصية المثقف السودانى. فغلبة عنصر (البداوة) لحد ما يؤثر فى الجميع و يجعلنا عصيين على (التنظيم)
    كما نرجو مراعاة (فروق الوقت) فالاستاذ الكبير يتحدث عن الستينات
                  

08-11-2012, 12:25 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عوض محمد احمد)

    Quote: طلعت
    سلام

    للاسف كل العيوب التى ذكرها ع ع ابراهيم موجودة بصورة متطابقة فى كل احزاب اليسار العريض حتى تلك التى نشات
    باخرة و كان امامها تجربة الحزب الشيوعى و لم تنظر اليها و لم تستفيد منها مثل تجربة حزب التحالف و تجربة حق
    فالكل فى الهم سواء و لا يملك احد ترف اعتلاء منصة الاستاذية لوحده و القاء الدروس على الاخرين بما فيهم كاتب المال نفسه فى تجاربه السياسية اللاحقة
    لهذا فالمطلوب هو النظر اليهابصورة شاملة (اخشى ان يتخذها البعض تكاءة لبدء موجة شتائم ضد الحزب الشيوعى
    كما جرت الاعراف الردئية فى هذا المنبر)
    كما نرجو الا يكون النظر لهذه العيوب بمعزل عن علاقتها بخصائص الشخصية السودانية عموما (منطمة سياسيا ام لا)
    خصوصا شخصية المثقف السودانى. فغلبة عنصر (البداوة) لحد ما يؤثر فى الجميع و يجعلنا عصيين على (التنظيم)
    كما نرجو مراعاة (فروق الوقت) فالاستاذ الكبير يتحدث عن الستينات


    شكرا يا عوض على هذه المداخلة الراقية والتى حفرت دون شك الى مستوى العمق المطلوب المتعلق بضرورة ان تعمل كل القوى الوطنية والديمقراطية خاصة قوى اليسار على تقييم الاداء السياسى من اجل تجويده لكسب العقول والقلوب معا .. نهاية الخمسينات وبداية الستينات ارتبطت بتطورات كبيرة فى مفهوم الهوية وثقافة السودان ، وهى الفترة التى شهد الفن الغنائى الطير المهاجر للمرحوم صلاح احمد ابراهيم اضافة الى عدد كبير من الاغنيات التى ساهمت فى تشكيل الوجدان القومى ..
    هناك اغنية شهيرة للراحل المقيم وردى تقول بعض كلماتهاما معناه:
    سل عنى طيور الروابى
    سلها تجبك باننى قد بثثتها كل ما بى
    فصاغت الوجد لحنا ووقعته ببابى
    حينما قام المرحوم عبد الخالق محجوب بصياغة وجدانه المتعلق بصيرورة حزبه الشيوعى الى قوى سياسية واجتماعية كبرى ووقعه فى وثيقة (إصلاح الخطأ بين الجماهير) كان دون شك واحدا من طيور الروابى الاصيلة وبكل جدارة.. لكن مع متغيرات العصر صارت هناك ضرورة ملحة الى إعادة صياغة الوثيقة بحيث تستوعب تلك المتغيرات لتمنحها روح جديدة .. اعادة التوقيع والصياغة سوف تزيل كثيرا من التناقضات عن الوثيقة الاصل
    اصبحت المسألة من مطلوبات المرحلة بعد وصولنا الى المازق السياسى الحالى وهى مهمة يمكن ان يطلع بها افراد او مؤسسات حزبية ممن ينتمون الى اليسار الديمقراطى العريض ..
    اعود

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 08-11-2012, 12:43 PM)
    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 08-11-2012, 12:43 PM)

                  

08-12-2012, 12:54 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    Quote: كان المنزل بحي البوستة بأم درمان الذي سكنه شيبون مع متفرغين حزبيين آخرين هو بيت الداء. فقد كان بؤرة لقعدات ليلية شبه يومية. ولم يبدأ المنزل كذلك بل تردى في عادة الأنس شيئاً فشيئاً. فقد كان يتنادى إليه الرفاق والأصدقاء للسمر والشرب كما جرت سنة شباب المدن آنذاك. فحتى غير الشاربين كانوا يؤمون هذه الملذات المسائية لتفريج هم والخوض في الشأن السياسي. وللقعدة فرسان ليل هم غير فرسان النهار من أمثال شيبون. فإن تعمق النقاش وأوغل في "ساس يسوس" علي يد أمثال شيبون قال سادن القعدة: "أها عاوزين تقلبوها اجتماع. إنتو ما بتشبعوا اجتماعات". فالقعدة ساحة لأبن النكتة، الفلفلة، صاحب الطرفة، وخفيف الروح. وهي أيضاً موضع للتحلل من بعض العقائد طلباً للطرافة. فقد سمعت فيها من يقول إنه ماركسي إلا أنه لا يعتقد في حقوق العوين والعبيد. هكذا بالحرف. وهي أخيراً معرض للنعرات القبلية النيلية التي تطفو مع أبخرة المشروب. وهذه النعرات مادة أنس جاذب حتى للإخوان المسلمين ممن لا يجتمعون في قعدات مثل الرفاق. فقد وجدت المرحوم مبارك قسم الله، القيادي الإسلامي المعروف، يشكو مر الشكوى من إخوانه في الله الذين يسمرون بحديث الجاهلية عن مكارم الجعليين والشايقية. وهي مكارم يزدردها ازدراداً من لم يكن من هذه الأصول البهية من أمثال شيبون الكردفاني. وكان مبارك إذا سئل عن أصله قال إنه "بلالي" نسبة إلى سيدنا بلال.


    فى ثنايا المقال عدد من القضايا المهمة .. فى شأن قضية الهوية مثلا لاحظ ع ع ابراهيم كاتب المقال ان التعالى والعنصرية لبعض المكون السودانى على الاخر يتم بنفس الدرجة والعمق لا تختلف فى ذلك ردهات الحزب الشيوعى عن الحركة الاسلاموية!!!!
    وهذا من الاشياء التى تؤكد ان انتشار الاخيرة واضمحلال الاول لا علاقة له بالتعامل مع القضايا الحقيقية
    القعدات والشلليات عند بعض اهل اليسار اضر بحركتهم ضرر كبير وهو شىء كانت تعمل على استثماره دائما الحركة الاسلاموية التى استفادت من المظهر السلوكى والقبول العام ..
    اعود
                  

08-12-2012, 03:26 PM

عوض محمد احمد

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 5566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    Quote: القعدات والشلليات عند بعض اهل اليسار اضر بحركتهم ضرر كبير وهو شىء كانت تعمل على استثماره دائما الحركة الاسلاموية التى استفادت من المظهر السلوكى والقبول العام ..


    طلعت
    سلام

    احسنت كثيرا بعبارة (اهل اليسار)
    فالداء الذى وصفه الاستاذ ابراهيم يصيب كل مكونات اليسار و لا تنجومنه ايضا التيارات اليبرالية
    الشللية و ما ينتج عنها من انغلاق و تقوقع و ربما تعال على الجماهير نتج عنه مخلوق غريب: يتمثل فى اعجاب متناه ببطولات اليسار و ادبه و شخوصه من غير ان يترتب على هذا انعكاس على شعبية احزاب اليسار متمثلا فى طلبات
    العضوية او التصويت لمرشحيه فى الانتخابات. فى الوقت الذى ترى فيه الحركة الاتحادية و هى فى حالة شبه مهادنة
    للانظمة الدكتاتورية و لا تقارن تضحياتها بتضحيات اليسار اقرب لفبول الجماهير (لا اعنى الجمهور الطائفى فهو فى
    حالة (تعاقد) مع شيوخهم انما اقصد جمهور المدن و الطبقة الوسطى
                  

08-12-2012, 07:00 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عوض محمد احمد)

    مداخلة ذات صلة بالموضوع فى الرابط ادناه:

    خالد فتحي : محجوب شريف.. الشاي في حياته وترانيمه.

    حينما بدأنا فى تاسيس حركة حق وقد كنت وقتها مسؤولا تنظيميا عن فرع كندا ، استلمت من المرحوم الخاتم عدلان عليه رحمة الله خطابا من الداخل كان قد صاغه الاستاذ الحاج وراق والمرحوم الاستاذ نزار ايوب واخرين ممن عكفوا على تأسيس الحركة فى الداخل آنذاك .
    كان ضمن ما لفت نظرى فى الورقة اعتراضهم الشديد على اسم الحركة الذى كان (حركة القوى السودانية الجديدة حق) واوصوا بتغيير الاسم الى الاسم الحالى وهو (حركة القوى الجديدة الديمقراطية حق)، الاعتراض كان وجيها جدا وتلخص فى ضرورة ابعاد كلمة سودانية عن الاسم لانها فى حقيقة الامر ذات حمولة سالبة حيث تعبر عن (إغتراب مستبطن) ونبهوا الى ان عضوية وقيادة الحزب الشيوعى حريصة جدا على ايراد مفردة سودانية فى نهاية الاسم ليكون الحزب الشيوعى (السودانى) بدلا عن الحزب الشيوعى حاف كدة!!
    تم لهم ما ارادوا وتغير الاسم فى المؤتمر الاول للحركة الذى كان قد عقد فى اوائل العام 1996م بمدينة اسمرا .
    جئت بهذا الحديث لاذكر القراء والقارئات فى هذا البوست ان شاعر الشعب محجوب شريف الذى وجد قبولا وانتشارا واسعا لم يجده حزبه الشيوعى ، كان يتمنى غير ذلك بكل تاكيد، اى انه كان يحب ان يرى حزبه ينتشر، مثلما كان يتمنى الايقاع الشعبى الخفيف لاغنية (السنبلاية) لتشهيل انتشار الاغنية مثلما انتشرت اغنية القمر بوبا واخريات ولكن امر الايقاع استعصى حتى على عبقرية الراحل المقيم وردى كما جاء فى المقال الرائع بعاليه!!
    قضية قبول الحزب الشيوعى فى المجتمع السودانى قضية اثارت وما زالت تثير كثيرا من الجدل ، ولكن من الواضح ان تاثيرها كان وما يزال كبيرا جدا على الحزب الشيوعى، فالاحساس بالغربة ما زال طاغيا فى اوساط الشيوعيين، وهو احساس لعبت الحركة الاسلاموية فيه دورا كبيرا، وضاعفته، منذ ايام قضية حل الحزب الشيوعى فى اواسط ستينات القرن الماضى.
    كان هذا الهم (هم القبول) والانزعاج واضحا حتى عند المرحوم الاستاذ عبد الخالق محجوب فى التارجح بين اسم (الحزب الشيوعى) او(الحزب الاشتراكى) الذى تكون نواته وركيزته الحلقات الماركسية اضافة الى القوى الحديثة، وقضية مؤتمر الجريف الشهير فى النصف الثانى من الستينات ما زالت غير بعيدة عن الاذهان .وكان قد كتب ناقدا بشدة تسيب بعض (الزملاء) وادمانهم قعدات السكر (شراب العرقى وليس الشاى) وسط الاحياء ضمن اطار اصلاح الخطأ وسط الجماهير..
    شاعر الشعب محجوب شريف ليس بعيدا عن جوهر هذا النقد و (معافرة قضية القبول المعقدة هذه) ولذلك كان ايراد الشاى والاكثار منه تعبيرا قويا عن هاجس إستبطان الإغتراب ، فشراب الشاى فى وسط السودان وغربه والقهوة فى شرقه تعد من الطقوس التى اتسمت بالترابط الاسرى family values والقبول العام لدرجة الحميمية.
    جدير ذكره ان القهوة فى الغرب لم تنال القبول الا بعد ان تم( تعميدها) بواسطة البابا كليمنت الثامن Clement V111 فى القرن السادس عشر ، اى انه باركها كمشروب مسيحى على رؤوس الاشهاد بعد ان كانت يطلق عليها خمر الشيطان wine of the devil بحكم ان التجار العرب هم من احتكروا تجارتها فى العالم القديم بين مناطق انتاجها فى اثيوبيا ومناطق الاستهلاك !
    ثم حظيت القهوة دون غيرها من المكيفات الاخرى psychoactive substance بالقبول الشعبى فى امريكا لانها ارتبطت بحروب الاستقلال فى القرن الثامن عشر خاصة بعد ان هاجم الاستقلاليون سفن الشاى ذات الاسعار المنخفضة والمنافسة القوية فى ميناء بالتيمور او بوسطن، لا اذكر بالضبط ،لان ارباحها كانت تعود للامبراطورية البريطانية وابادوها فى حادثة شهيرة . ربما اصبحت بعدها القهوة ترمز الى البطولة المرتبطة بالنضال من اجل الإستقلال فى امريكا بعد ان كانت تعتبر خمر الشيطان على اثر الحروب الصليبية فى العالم القديم وقبيل عصر النهضة الاوروبية!
    بينما قل شرب الشاى الذى اصبح رمز للخونة من المخلصين للتاج البريطانى ، انتشرت القهوة ثم واصلت انتشارها فى كل شمال امريكا ربما لانها اصبحت ثقافة عامة، او ربما لان تأثير الكافيين Caffeine يعد اقوى من تاثير الشاى theophylline
    المؤتمر الخامس كان مخيبا للأمال فى تقديرى لانه لم يواجه القضايا الاساسية للحزب وقد كان من اهمها معالجة الاحساس بالاغتراب الذى سببه الاسم
    إضافة لقضايا البرنامج وعلى راسها قضية الديمقراطية !
    لك وللاسرة اطيب الامنيات مقدما بحلول عيد الفطر المبارك
                  

08-12-2012, 07:22 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)



    عزيزاتى القارئات واعزائى القراء
    وصلتنى الرسالة التالية من الاخ د. عبد الله على ابراهيم
    انشرها للاهمية ثم اواصل بعد ذلك ملاحظاتى حول المقال والرسالة
    فاليكم الرسالة:



    عزيزي طلعت،



    شكراً لإنتخابك مقالي وعنايتك وصحبك به:



    أردت دفعاً بالنقاش حول تطوير شغل الثوريين من كل شاكلة بين الشعب أن اضع أمامكم مقالين نشرتهما ب"الراي العام" نحو 2009 تعليقاً على حوار أداره الأستاذ ضياء الدين البلال مع الرفيق المرحوم محمد إبراهيم نقد. والمقالان اقتصرا على حديثه عن أدوات العمل السري في الحزب الشيوعي

    وفي تعليقي استعدت تبادلاً للراي جرى بيني وبين الرفيق الراحل في الدهليز الشيوعي بعد واقعة هجمة الجبهة الوطنية على نظام نميري في 1976. وكنت كتبت رسالة إلى الرفيق أعرض عليه تجربتي متشرداً بعد فقداني لموقعي السري بسبب تلك الأحداث. وسيجد القاريء رد نقد على رسالتي. وأردت بذلك توسيع النظر في الحياة تحت الأرض للحزب التي قلت في المقال الذي انتخيه الزميل طلعت إنها بيت الداء لأنها التي تشكل الملكة القيادية للحزب فإن فسدت فسد العمل كله.

    أكرر شكري لطلعت وللقراء والخير أردنا.





    الجزء الثالث والرابع من تعليقي على آراء اذاعها الرفيق الراحل نقد في "أحاديث الخلوة والجلوة" لضياء البلال:

    3 ) ما بيني وبين الزميل نقد: نطحاً كنطح وليام أندريا (سبتمبر 1976)





    لمس السيد محمد إبراهيم نقد، زعيم الحزب الشيوعي، في أحاديثه للأستاذ ضياء الدين البلال بهذه الصحيفة لمساً طفيفاً حياة حزبه تحت الأرض. وقوام هذه الحياة تأمين قواعد لإخفاء كادر الحزب ومعداته وأرشيفه وما يتصل بذلك من سبل حماية الكادر بالتنكر أو الوثائق الثبوتية المزورة. فمثلاً قال نقد إنه قضى كل سنوات اختفائه يرتدي جلابية ويلتفح عمة رغم توفر كل الوسائل لتغيير ما به تغييراً كبيراً. فهو لم يحتج لأكثر من ذلك حتى أنه لم يطلق لحيته خداعاً لمن تعقبوه.

    وبرغم شهرة الحزب التي فاقت الآفاق في إحسان الحياة تحت الأرض إلا إنني كنت شديد النقد لمنهج الحزب (أو خلوه من المنهج) حيال المسألة خلال تفرغي للعمل فيه ما بين 1970-1978 متخفياً وغير متخف. وقد يستغرب لذلك شيوعيون أشاوس فسروا خروجي من التفرغ بأنني أديب أو كاتب يجرح مر التخفي خدوده. وقالوا ما كان ينبغي أن يزج به في غيهب الإختفاء. وهذا حسن تخلص من المسألة لا نظراً فيها. وما علموا أني خريج مدرسة الحاجة أم هانيء زوجة الوالد بعقيدتها الغراء في "الدبارة". فعمل الإنسان عندها دبير فيجاز وغير دبير فيرذل. فربتني وقد رفعت الزانة رفعاً. فلم يكن إحسان الشيوعيين للتخفي نتيجة دبارة.كان في أفضل أحواله "سردبة".

    وبلغ شاغل قواعد العمل السري عندي حداً كتبت بتأثيره خطاباً للزميل عبد الرحمن، وهو نقد، عن ذلك الشاغل بعد هجمة قوات الجبهة الوطنية القوية على حكومة نميري في أغسطس 1976. وما أوحى لي هذا الخطاب أنني كنت فقدت الدار التي أوتني شهوراً بمدينة الثورة من جراء عمليات التفتيش واسعة النطاق التي جرت بعد هزيمة قوات الجبهة الوطنية. وتشردت. وهبَّ لنجدتي نفر منهم خدن الروح كمال الجزولي. ولابد هو ذاكر ذلك اليوم المطير في أم درمان والفتى الشهم الذي فتح بيته لا ينبس ببنت قلق (رعاك الله يا جمصي). وقلبت مع كمال خيارات مبيتي لأيام وليال تأتي. ومن أهم ما خرجت به من محنتي ضرورة التنكر لأنه لو كنت متنكراً لما خشيت الأسرة الكريمة التي استضافتني ثم تحامتني أن يعثر الأمن عليّ صدفة لأنني ورهطي لم نكن مقصودين بتلك الحملات. ولسيدة البيت طرفة عن هذه المفارقة أحكيها في وقت آخر.

    كانت رسالتي هذه بعض ما كنت اتبادله بصورة راتبة مع الزميل نقد في شأن جبهات العمل الموكولة إليّ. وكان يعقب الخطاب والرد لقاء مبيت نفضفض فيه بشأن الناس والكون. وقد تصادف أنني احتفظت بهذه الرسائل في زمن كانت الأوراق تباد إذا كشكش الريح. بل وجدت أنني لم احتفظ برد نقد فحسب بل بأصل رسالتي إليه. وأنشرهما هنا بتطفل مناسب وتحوير شفقة بالقاريء. ومن أرادها كما هي لشغل توثيقي فليراسلني. وسيجد القارىء أنني وقعت باسم "بدوي" وهو اسمي الحركي. وسأنشر في المرة القادمة رد الزميل نقد.



    عزيزيي عبد الرحمن

    تحية طيبة

    هذه افكار عنت لي وقد لا يسمح الوقت أو جدول الأسبقيات باستقصائها ولذا أفضي بها إليك آملاً في اتساع وقتكم وصدركم.

    قواعد العمل السري: كنت دائماً من أنصار أن يكون السؤال في البحث عنها واستخدامها هو: إلى أي طبقة اجتماعية ينتمي صاحب هذه الإمكانية (للعمل السري) أو تلك؟ كان هذا اعتباري المقدم (والأسبقية بالطبع للطبقة العاملة) في ترتيب حياتنا السرية من غير أن يعني هذا استبعاد إمكانيات الطبقات الاجتماعية الأخرى من غير الطبقة العاملة. فمن رائي أن استقرار قواعد عملنا السرية يطّرد كلما غلب إيواء هذه الطبقة للثوريين ومعداتهم على القوى الاجتماعية الأخرى. ليس لدي إحصائية ولكن الواضح أننا الآن، كادراً وإمكانيات، في كنف البرجوازية الصغيرة، التي تبنينا على صورتها من التوجس، المبالغة، الانتقال من الإهمال إلى الفزع الخ) طالما كنا نستوطن عالمها بيتاً وفكراً. وأخطر ما في ذلك كله أننا حين ننشد استقرار أدواتنا نجد أنفسنا نتوجه إلى الفئة الاجتماعية التي سداها ولحمتها "الذبذبة". ولهذا يصبح استقرارنا السري مثل إقامة سندباد القصيرة على السمكة الهائلة التي حسبها جزيرة فلم تصمد لأول اختبار حين اشعل ناراً يتدفأ بها (هامش: في هذا صدي من قول المهدي عليه السلام إنني أوقدت ناراً وأريد أن أتدفأ بها) أو يطهو عليها.

    مثل ذلك السؤال عن الطبقة وقواعد العمل السري سيٌحَسِن أيضاً من منهجنا في فحص الإمكانيات حتى لو لم تكن بين الطبقة العاملة. فالزملاء الآن يمنحوننا "غطاءات" من دائرة علاقاتهم الاجتماعية (أصدقاء أو أهل) لا السياسية.

    هذا أفضل مدخل عندي إلى ما نسميه "الولوج بأدواتنا السرية عميقاً وباستمرار مع تطورات العمل السياسي". إذا توقفنا دون السؤال الذي أثرته عن الطبقة والمخبأ فسنحول المسألة إلى مسألة فنية "افعل هذا وأترك هذا" ومناشدات تتكرر. متى بدأنا بسؤال الطبقة والمخبأ سندخل سياسياً على المسألة.

    الصدفة: شعرت قبل أيام بخطورة ما نكتب عن الضربات لقواعد الحزب السرية. كنت مع زميل شاب اختلف إلى منزلهم حيناً بعد آخر. جرى توجس أثناء وجودي قادته إمراة سيئة التقدير زعمت أن عين الأمن على البيت. جاء الزميل الشاب وأخطرناه بما جرى. خرج ثم عاد مذعوراً بعد أن استمع إلى المرأة الحاذقة برغم سوء تقديرها. ناقشته أنا إن كان بوسعه اختبار تقدير المرأة حول الخطر على البيت بوجودي بشكل مستقل وبالطرق المألوفة. وجدته متمسكاً بشيء واحد: إنه لا يستطيع إجراء تحر مستقل، ولا جدوى من ذلك فانتصارات الأمن، حسب قوله، كلها تأتي بالصدفة التي لا نملك لها مرداً. ورأيت كأنه يطالبني بالتحوط للصدفة، وهذا فوق طاقة آدمي. عرفت أن الزميل كان قد فرغ لتوه من قراءة "الطريق" (مجلة منظمة الحزب الشيوعي بمديرية الخرطوم السرية) المخصصة للضربات التي وقعت للحزب مؤخراً. وعَلِق منها بنفسه شيء. وأخشي أن يتحول تنوير مثل تنوير "الطريق" عن مثل هذه الضربات إلى نسج خرافات تضفي الأساطير على أجهزة الأمن مثل "الجهاز الصاعق بالصدفة" على غرار ال one-eyed man ( الجبار ذو العين الواحدة). وقد احتاج إلى قراءة "الطريق" مرة أخرى لأعرف توازن منطقها بخصوص الضربات الأخيرة وهل يؤدي إلى وضع الصدفة خارج الواقع وقوانينه ويحجب قدرتنا على التعرف عليها أم أنه يوطنها في ذلك الواقع ويصبح مقدرواً على معرفة خطرها.

    في هذا السياق قرأت ملفاً عن التعذيب في مجلة التايم. دائماً يأتيني الخاطر بأنهم يريدون تخليد سطوة جهاز المخابرات كجهاز في الدولة الحديثة بحيث لا يملك معه السكان المدنيون حولاً ولا قوة. إنهم الآن معجبون بشكل خفي بالسافاك (الأمن الإيراني في عهد الشاه) ودينا (الإسرائيلي) ويخوفون الناس منهما بقصص كفاءتهم وطول يدهم أكثر من إدانتهما.

    حذر ماركس في السابق من استخذاء المدنيين تجاه العسكريين، وعاب على المدنيين تصرفهم دائماً وكأنهم غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم. وبالنسبة لجهاز الأمن والمخابرات يصح نفس التحذير. وأول معالم الصحة السياسية في هذا الشأن أن تسعى الحركة السياسية المعارضة إلى معرفة الجهاز ودخائله كتشكيلة اجتماعية-اقتصادية، لا كشيء لا يأتيه الباطل ولا ينفذ إليه العقل ولا يحيط بحركته محيط. أضرب لك أمثلة لما نريد أن نعرفه عن جهاز الأمن.

    @ من أمتع الجلسات الأخيرة تلك التي قضيتها مع شاب ناضج جاء بنظرات فطرية عن عناصر الأمن بضاحية بريف أم درمان. وقال إن طاقم الأمن القائد هناك ينتمي إلى أسرة العمدة التي فقدت سلطانها الرسمي كجزء من الإدارة الأهلية وراحت تتوسل للجاه بالالتحام بأجهزة الدولة الضاربة كيفما اتفق. وقال إن الأهالي يقولون لأفراد ذلك الطاقم : "إنكم ثورة مضادة وضد مايو ذاتها ولكن تعوضون عن فقد".

    @ ما الذي يجري في حلة (. . .) ببحري الآن؟ مما لدي من معلومات أنه تتجه للعمل بالأمن الآن عناصر تتكون من 1) أسرة انشغلت في الماضي بأمهات الأمور حين كانت الحلة مسرحاً للمسائل الصغيرة و"الاستفادات" من ابن الحلة المتنفذ في الحكومة 2) أولاد "السراري". هل من وراء التحاق هؤلاء العناصر بالجهاز الآن أسف على ما مضى سواء في الحظ أو المنبت؟

    @ من المعلومات العامة رواج عنصر الطاعمين في الجهاز. ويتضح الآن عالمياً دور هذا العنصر في عمليات التعذيب ذات الطابع الجنسي القح.

    @ بجهاز الأمن صراع بين المدنيين والعسكريين. أجحفت اتجاهات عسكرة الجهاز بالجامعيين المدنيين في مقابل ضباط الجيش المنتدبين. والأخيرون يرفضون التحول بفايل خدمتهم للجهاز بشكل نهائي لأن الأمور غير مستتبة. وهناك روح معنوي هابط يبحث المدنيون من جرائه الهجرة والانتداب للخليج مثل رصفائهم من صغار البرجوازيين طلباً للثراء وبعداً عن المصائب.

    أعتقد أن هذه خطوط عامة. هل نستطيع تنمية اتجاه لدراسة أجهزة الأمن لنكون على بينة من قدراتها فلا نهول ونخاف من تهويلنا ذاته؟

    التنكر: طرحت الأحداث الأخيرة (1976 أي ما عرف بحادث المرتزقة) ضرورة التنكر وتزييف الوثائق. ناقشت هذا مع زميلين واتفقا (برغم أني تحدثت إلى كل منهما على انفراد) أن أفضل ما أفعله هو أن أشلخ نفسي. والحق إنني لا اريد أن أضيف تشويهاً أخر لوجهي (بعد الصلع). فسنخرج يوماً للنور من مخابئنا وسنعاني من عدم القبول (أي أن يقال مشلخ ما بندورو). المهم، بعد الاعتذار عن الاستطراد، كيف نحمل العقلية المعادية للتنكر في حزبنا للإقتناع بأن وجودنا السري واستمراره يعتمد عليه. الظروف الموضوعية الداعية للتنكر واضحة فكيف سنحمل ذواتنا هذا المحمل الصعب. ولا يخفى عائد التنكر المجزي على كامل عملية التخفي والتأمين في المحصلة النهائية.

    التلقائية.شاء ظرفي أن أطوف على أكثر من زميل أثناء الأيام الملتهبة للأحداث. عموماً لا حظت أن الزملاء، وفيهم قادة فروع في الأحياء، مستسلمون للكسل في انتظار "البيان-الخط" من مركز الحزب بينما الأحياء تغلي وتفور بالتبليغ والتبليغ على الهوية، المضايقات، نهب المنازل، التحرش، صفقة النسوان "قليلات العقل" والأطفال الملتاثين لقوات الأمن والجيش وهم يعتدون على المعتقلين في الفسحات إلخ. ألم يكن بمقدور فرع للحزب أن يجتمع ويتبادل المعلومات ويتبنى خطة صغيرة لتهدئة الخواطر والحث على عدم التبليغ على الهوية، وحماية الأسر (بالذات الإرترية) من الإعتداءات ال######ة والسرقات؟ ألم يكن بوسع فروعنا إدارة هذه الحملة وسط السكان وبالسكان؟ لقد رصدت بعض مظاهر مقاومة الغوغائية الرسمية والشعبية في كلمة كتبتها لجريدة "الميدان" (السرية بالطبع التي كنت محرراً فيها) ولا بد أن يثني الواحد على الجهود المقدرة لبعض الناس والتي بلغت حد الاستشهاد كما عند الشاب الرائع الموهوب وليم أندريا.

    وهذا مربط الفرس في التلقائية. إن أي قراءة مستأنية وعميقة لبيان الحزب الداخلي أو الجماهيري لن تعوض ما فقدناه نتيجة لعدم تحركنا بتلقائية لمحاصرة الغوغائية. لقد انكسرت الجرة ونحتاج إلى زمن وعاطفة وعقل كبير لرأب الصدع. لقد نٌهبت أملاك بعض العزابة (من أهل الغرب عامة) لدى اعتقالهم وعادوا بأسى هائل بعد الاعتقال والبطش. كان أكثر ما هزهم النهب لا التعذيب، النهب من قبل الجيران (يا أمة الإسلام!). اقترح شاب أن يجمع لهم الأهالي شيئاً من المال. لا أعرف ما حصل للاقتراح. ولكنه اقتراح لا بأس به وخليق بفرع حزب شيوعي.

    هذا حصاد طواف متعسر. ارجو أن يكون ذا نفع. مع تحياتي.

    بدوي

    3) نقد وأنا: لا يعرف الشوق إلا من يكابده

    وعدت القارئ بنشر رد السيد محمد إبراهيم نقد ( الرفيق عبد الرحمن)، على رسالتي إليه التي نشرتها يوم الأربعاء الماضي. وكنت كتبتها بعد واقعة 2 يوليو 1976 التي هجمت فيها الجبهة الوطنية المعارضة بقواتها من ليبيا في ما عرف ب "حركة المرتزقة". وقد شردتني إجراءات نظام النميري الأمنية بعد هزيمة "المرتزقة" من مخبئي الذي لزمته شهوراً. فلم يعد أهل الدار مطمئنين إلى صحة تأميني في ظرف كَردنة الأحياء ومنع التجول والتفتيش عن المرتزقة وغيرهم في كل دار. وقد حدث واقتحموا الدار التي استضافتني ولم يلتقطوني لأنهم كانوا يبحثون عن نمط صوره لهم هاجسهم الأمني المنفلت. وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا. يا كافي يا شافي. وأزعج ذلك بالطبع الأسرة المضيفة. وتنقلت في مواضع عدة واجتمعت برفاق كثيرين. وكتبت لنقد عن هذه التجربة وصحبت ذلك بنظرات عَنّت لي عن تحسين أدوات عملنا السري.

    وخلال ما كنت أعد هذه المقالة للنشر قرأت في منبر "السودانيزأونلاين" بالشبكة كلمة من قلم حاذق "جَوّطه" الشيوعيون طويلاً يصف نقد بأنه "متعطل متبطل" وأنه متعطل منذ 55 سنة وأضاف "يا كافي البلا". و"حزنت جد" عملاً بقول الدوش. وكنا آخر مرة سمعنا عن عطالة قادة الشيوعيين من نميري وصحبه خلال محاكمات الشجرة بعد هزيمة انقلاب 19 يوليو. فقد سئل أستاذنا عبد الخالق عن مصادر عيشه الذي وصفوه بالهناءة وهو عاطل أزلي. وكاتب الكلمة عن تبطل نقد من المعجبين بعد الخالق. فشنو السوا تفرغ عبد الخالق شغل وتفرغ نقد عطالة! وقد قضيت نحو عقد من عمري متفرغاً بالحزب الشيوعي، أو عاطلاً لو شئت، و"لا يعرف (هذا) الشوق إلا من يكابده".

    لست أفضل من يدافع عن نقد. يكفي أنني تركت ناراً أوقدتها لأتدفأ بها خلال نبطشيته أو نوبته في عبارة حلوة للأمريكان. ولكن تفرغه لقضيتة كل صباه وشبابه وكهولته وشيخوخته يٌكَلِب شعرة الجلد مهما كان الرأي في مسألته أو في إدارته لها. فللروعة أشراط متى استوفت حقت. ولو. وأرجو أن تكون هذه الرسائل المتبادلة بيني وبين نقد، التي نفضت عنها غبار ثلاثين عاماً، نافذة يري فيه شاتم نقد وغيره ما يسهر عليه متفرغو حركة ما لتبليغ قضيتهم وكسب الأفئدة والعقول لا "هنضبتها أو هنظبتها". وأريد أن أتوسل بهذه الكتابات لشاتم نقد بحق مابيننا وهو كثير (وكان ينبغي أن يكون أكثر فأكثر والعشم ما يزال) أن يطلب صفح نقد.





    12-9-1976

    عزيزي بدوي (عبد الله علي إبراهيم)

    تسلمت رسالتك غير المؤرخة، يبدو أنها في أغسطس. تأخر الرد لأن قضاياها أٌثيرت من زاوية أحوجتني لبعض التفكير قبل الرد عليها، رغم اتفاقي المبدئي معها، وكان لا بد من استشارة بعض ذوي الرأي والخبرة في تلك القضايا.

    التوجه بعملنا السري، أدوات وعقلية وممارسة، نحو الطبقة العاملة سليم. وقد راجعت مع محمد علي (اسم حركي) وضع بعض أجهزتنا فوجدنا أن العنصر العمالي فيها موجود ويسير نحو الأحسن، وليس له الغلبة. بعض الأجهزة بحكم وظيفتها بعيدة عن امكانيات العمال. مثلاً السكن: بيت العامل العادي لا يحتمل مستوى تأمين عميق وسيكون نقل العامل لمنزل أوسع ليتمكن من تأمين كادرنا مثار تساؤل. كذلك وجود العنصر العمالي في ترحيل الكادر من مكان إلى آخر محدود لشح السيارات بيدهم.

    أَفيد أن نواصل الصيغة كما طرحتها اللجنة المركزية بعد الردة (أي عودة نميري في 22 يوليو 1971) وفقاً لمؤشرات المؤتمر الرابع للحزب: التركيز على الطبقة العاملة وكسب طلائعها لصف الحزب، أن نصبح الحزب الأول وسط الطبقة العاملة، أن يتحسن تركيب الحزب وهيئاته القيادية عمالياً. ومن هنا نتوجه للميدان المحدد وهو العمل السري.

    لكن علينا أن لا ننسى أننا نتعامل مع شيوعيين ينحدرون من البرجوازية الصغيرة، ولديهم إمكانيات أوسع من امكانيات العمال. المشكلة كما عبرت عنها: "مثل هذا السؤال سيحسن أيضاً من منهجنا في فحص الامكانيات حتى لو لم تكن من الطبقة العاملة. فالزملاء يمنحوننا الآن غطاءات من دائرة علاقاتهم الاجتماعية، بالمعنى، لا السياسية". مع ملاحظة عامل الثقة الذي تدعمه العلاقات الاجتماعية.

    الصدفة: مجلة الطريق (الناطقة باسم منظمة الحزب الشيوعي بمديرية الخرطوم) انتقدت القدرية في العمل السري باللفظ. فهم الزميل الذي تحدثت إليه وخاف من ضربة صدفة تقع لبيته خاطيء. لكن مجرد التقاطه ألا نترك شئياً للصدفة يمثل انتقالاً من حال إلى حال. بالمراس سيتعلم. وهذه مشكلتنا كما أشارت دورة يونيو (1976؟) للجنة المركزية في ضعف التعبئة ووحدة الفكر والإرادة والعمل وخطر الاجتهاد الذاتي. لو ان مجلة "الطريق" خضعت لمناقشة في فرع الحزب بحي الزميل لاستبان آفاق أرحب لما التقطه من المجلة.

    جهاز الأمن، التعذيب، تكوين جهاز الأمن الاجتماعي: اتفق معك تماماً في أهمية دراسة الجهاز من هذه الجهة. ولنبدأها معاً. تجربتي الطويلة علمتني أن لا شيء يحبط تقدم الفكر في الحزب في السودان مثل المطالبة بدراسات دون المشاركة فيها، وأن المبادرة والريادة هي التي تفتح الطريق. ولنبدأ على النحو التالي:

    أ) تطور جهاز الأمن تاريخياً: بعد الفتح حتى 1924، 24 إلى 36 وهو تاريخ قيام مؤتمر الخريجين، 36 إلى 46 وهو عهد الحركة السياسية الوطنية والحرب العالمية الثانية، 56 إلى 58 وهو عهد الاستقلال ثم انقلاب عبود من 1959 إلى 1964. ثم من 64 إلى 69 وهو عهد بداية الجهاز الحديث. تلك مقدمة وأمثلة بسيطة.

    مايو 69 إلى يوليو 76: التطورات النوعية للجهاز بدخول عناصر حديثة من اليسار والشباب بفكر وإيدلوجية بررت العمل بالجهاز بالماركسية وتناصر ذلك مع وفود الخبرة الأمنية الأجنبية من مصر والسوفيات والمانيا الشرقية إضافة لرصيد قديم لكل من المانيا الغربية وانجلترا وأمريكا.

    ب) التكوين الاجتماعي للجهاز وخلفيته السياسية: نقدم للناس لمحة مركزة تفتح عيونهم على نثار الحقائق والمعلومات التي يعايشونها أكثر منا. ويستوجب ذلك مني ومنك أن نجمع المعلومات بالاجتهاد الفردي. أي محاولة لإقحام لجان واجتماعات مصيرها معروف.

    ج) التعذيب: نبدأ بما هو متوفر. إذا عرف الإنسان تفاصيل ما ينتظره من خطر قَلَّ خوفه وازدادت قدرته على التحمل والمقاومة. لدينا معلومات عن معسكر دبك بالخرطوم بحري عن عام 1970 وأعمال التعذيب والذين ماتوا سوف نصدره في منشور. تسلمنا المعلومات في مايو هذا العام وتأخرنا في إصدارها لنتأكد من كل التفاصيل. ونجمع كذلك ما تم بعد 2 يوليو وأيضاً وقائع تعذيب الشيوعيين منذ يوليو 1971. ونصحب ذلك بتلخيص لما حوته جريدة التايم الأمريكية عن التعذيب. ونبدأ طرح القضية في الميدان ونواصل ونطلب من القراء مدنا بتفاصيل ومعلومات ما يعرفونه بدقة. نحصر أسماء الذين شاركوا في التعذيب. ونقدم الموضوع باعتباره جبهة من جبهات وحدة المعارضة الشعبية. ونرسل حصيلة ما نجمع للخارج لتغذية حركة عالمية معارضة للتعذيب في السودان. ونجمع معلومات عن التعذيب في الجنوب أيام التمرد حتى كمين مقتل السيد وليام دينق في 1968. ونشير في الصدد للتجربة المصرية فننصح بقراءة كتاب "شيوعيون وناصريون" وما ينشر من معلومات عن التعذيب في الصحف المصرية. لنبدأ بأن تكون افتتاحية جريدة الميدان السرية لشهر أكتوبر خاصة بهذا الأمر. وأكتوبر ثورة الديمقراطية وتصفية الديكتاتورية العسكرية فنٌذَكر بتعذيب الزميل حسنين حسن في الأبيض بالنفخ وتعذيب شيوعيين في عطبرة وكيف أثارت الرأي العام. أما عن الآن فنركز على ما قاله ماركس فنرسخ بين الناس أن لهم قدرات للمقاومة.

    د-التنكر: وقف عقلي عاجزاً عن حل هذه المعضلة منذ أن اختفيت لأول مرة عام 1959. الشلوخ والعمليات الجراحية فيما أعلم لم تنفذ إلا عند منظمة بادر في المانيا ومجرمي حرب هتلر الذين لاذوا بأمريكا الجنوبية. لكنها وسيلة مستخدمة على كل حال. مع فارق أن الشلوخ في مثل عمرك لا تبرأ سريعاً. سيكون مفيداً أن تواصل طرح الموضوع مع الشباب. ربما كانت منطلقاتي ذاتية وضيقة. لكني أرى أن الأمر كله رهين بمدى قدرات الزميل المختفي ومدى سعة حيلته) resourceful (لأن المختفي عندنا هو الكادر القائد ولم نلجأ لإخفاء مستو عادي من الزملاء. مرة أخرى أكرر أنني لا استطيع الإسهام بشيء في هذه القضية. لهذا لا أثيرها كثيراً عملاً بمبدأ لا تكلف الآخرين بما لا تستطيع أنت أن تنجز. تتبقى إمكانية المكياج المؤقت. الفنانون أدرى ويبدو أن مسالة الباروكة مثلها مثل الدرداقة يتحدث عنها الجميع ولا ينفذها أحد (الدرداقة هي طباعة بطريقة غاية في البدائية كان الحزب ينصح بها كإمكانية متاحة لكل فرع أراد ان يستقل بمطبوعاته).

    ه) التلقائية: ما تطلبه ليس تلقائية. أنت تطالب بموقف شعبي متكامل ضد السلطة معبراً عنه في مواجهة الغوغائية. لو كنت مسئولاً لفرع الحزب لما تصرفت بغير ما تصرف الزملاء: تأمين ما لدينا من قوى وأدوات ووثائق وتوصيل رأي الحزب في الموقف لكل الناس. والتأكد جيداً أن لا أترك أي خيط يزج بالحزب في الصراع العسكري الفوقي وملحقاته. فالمسألة لم تكن مجرد التمايز السياسي، بل الجسدي أيضاً للحزب وقوى الحزب. فالثاني من يوليو 1976 لحظة سياسية لا تتكرر وقبلها كانت حركة المرحوم حسن حسين في 5-9-1975 لأن أي تحرك لا يقف عند حد الخطوة المحددة. التلقائية كانت أن يبتعد الناس، كل الناس، عن تلك المعركة العسكرية. وليس صدفة أن كان ذلك مسلك الجميع. وصفك للموقف أن الجرة انكسرت فيه رغبة ذاتية أقرب للغضب النبيل منه لتقدير وضع الحركة الشعبية في مجموعها، وما يتفرع عنها هنا وهناك من مواقف مثل مقاومة الغوغائية. بعد حركة حسن حسين طلبنا من الناس رفض أي حظر للتجول وتحدي كل أمر به. وكان استعداد الناس في ذلك المستوى. في 2 يوليو (المرتزقة) اختلف الأمر جداً. الآن بدأ الناس يفيقون من المفاجأة وهول ما حدث من مجازر. إذا استطعنا أن نراكم لديهم وعياً وتنظيماً سوف يختلف رد الفعل مستقبلاً. فكل تحركنا يتجه للانتقال بالناس لتخطي قهر السلطة الجسدي والقانوني، بما في ذلك عملنا معهم للمطالبة بالغاء تلك القوانين ووقف القهر الجسدي.

    قرأت ما كتبته في الميدان (السرية) وأرى أن تتوسع فيه بما يدفع الشباب في كل حي لحماية أمن وحقوق المواطنين مع المواطنين وبالمواطنين. أعيد إليك رسالتك لتأخذ منها ما نبدأ به الدراسة. وبعد العيد نلتقي لنواصل مناقشة ما أوجزناه. ولك التحية. عبد الرحمن.



                  

08-13-2012, 00:27 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    Quote: احسنت كثيرا بعبارة (اهل اليسار)
    فالداء الذى وصفه الاستاذ ابراهيم يصيب كل مكونات اليسار و لا تنجومنه ايضا التيارات اليبرالية
    الشللية و ما ينتج عنها من انغلاق و تقوقع و ربما تعال على الجماهير نتج عنه مخلوق غريب: يتمثل فى اعجاب متناه ببطولات اليسار و ادبه و شخوصه من غير ان يترتب على هذا انعكاس على شعبية احزاب اليسار متمثلا فى طلبات
    العضوية او التصويت لمرشحيه فى الانتخابات. فى الوقت الذى ترى فيه الحركة الاتحادية و هى فى حالة شبه مهادنة
    للانظمة الدكتاتورية و لا تقارن تضحياتها بتضحيات اليسار اقرب لفبول الجماهير (لا اعنى الجمهور الطائفى فهو فى
    حالة (تعاقد) مع شيوخهم انما اقصد جمهور المدن و الطبقة الوسطى


    إضافة مهمة يا عوض
    شكرا ليك
                  

08-13-2012, 00:45 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    اخى طلعت

    سلامات

    Quote: فى الوقت الذى ترى فيه الحركة الاتحادية و هى فى حالة شبه مهادنة
    للانظمة الدكتاتورية و لا تقارن تضحياتها بتضحيات اليسار اقرب لفبول الجماهير (لا اعنى الجمهور الطائفى فهو فى
    حالة (تعاقد) مع شيوخهم انما اقصد جمهور المدن و الطبقة الوسطى
    ملاحظة صديقى عوض تحتاج لتحليل عميق لواقع الطبقه الوسطى السودانيه فى المدن السودانيه الان.
    مع ودى تقديرى
                  

08-13-2012, 09:49 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: Elmoiz Abunura)

    شكرا يا ابو ابونورة
    التحية لك وللاسرةالكريمة
    وكل عام وانتم بخير مقدما
    وارجو ان تبقى معنا للاستفادة من ملاحظاتك القيمة
                  

08-13-2012, 12:51 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)



    التفرغ حل وأزمة


    الأكرم : الكاتب : طلعت الطيب
    تحية طيبة أن انتقيت هذا المقال الذي خاض في الحالة الاجتماعية للمتفرغين للعمل الحزبي أو " الأفندي المضاد " ، وكان شيبون واحداً من الذين مستهم خيبة التفرغ .
    ما الحاجة للتفرغ وسريته :
    إني أرى أن ليس في السودان مؤسسات ترعى حق الراي أو حق الاجتماع و حق تكوين الأحزاب أو المنظمات أو حتى منظمات العمل الأهلي ، دون أن يكون منظار جهاز الأمن عليها بعداوة . لأنها تتحدث عن تغيير النظام . ولم يكن العمل السري منذ عشرينات القرن الماضي إلا محاولة لكسر هيبة أن يكون هنالك تنظيماً سرياً يعادل جهاز الأمن أو ما أسميه ( جهاز أمن مضاد ) . وأن تكون له مؤسساته وجهازه الفني ، ويسهم بسهم وافر في رفد ( جهاز الأمن الحكومي ) بأفراد أو جماعات يعملون من الداخل لمصلحة ( جهاز الأمن المضاد )

    لم تكن بلادنا في تاريخها إلا بعيدة عن أجهزة الدول المتحضرة التي توفر للبشر والجماعات حرية تنظيماتها الأهلية وحراكها الجماهيري . فالنظم الدكتاتورية تعتمد أجهزة أمن باطشة ، لا تترك أمر من أمور النقابات أو الجمعيات أو منظمات العمل أو المنظمات الإنسانية دون أن تدونها في معاجمها ( عمل مضاد للدولة ) . ومن هنا تقوم بحملة تطهير تهدف القبض والتعذيب لأولئك ، وأخذ المعلومات حول التركيب الهرمي للأحزاب والتنظيمات وقوائم المنتمين لها ليسهل القضاء عليها .
    فقد كان الإنكليز عندما يقبضون على من يعمل ضدهم بشنقه في الأسواق العامة ، وهي ممارسة كانت في دول المستعمرات وليست في الدول المُستَعْمِرة .
    هنالك سؤال :
    هل من الممكن تكوين جهاز أمن حزبي مضاد دون انتهاج منهاج التفرغ ؟
    من هم المفرغين وتكويناتهم ومرجعيتهم الاجتماعية والطبقية ؟
    أليس هنالك فصيل يسمونه ( البرجوازي الذي انسلخ عن طبقته ) ؟! . ما دوره المزدوج في تكوين رصيد للحزب الشيوعي من أناس ليس لهم القدرة على الخروج من طبقتهم ؟
    إن العمل السري الحزبي يحتاج لنظام وتقنية أكثر من احتياجه لمتفرغين . وقد سألني أحد الأصدقاء عن تصالح الحزب الشيوعي مع مجتمعه :
    فقال :

    لماذا يختفي الكادر الحزبي ؟ أليس هنالك من وسيلة ليتصالح الحزب مع مجتمعه ، فيستغنى عن التفرغ ؟ . وما الكسب الذي جناه الشيوعيون أو غيرهم من التفرغ ، فقد جاءت الديمقراطية الثالثة ولم يكسبهم العمل الحزبي تحت الضوء كثير شيء ! . بل أن العيب دائماً ينسبونه للدكتاتورية !.

    عموماً لسنا في صدد الحديث عن منهجية حزب وطرقه في الحياة وسط الناس ، فهو أمر يخصه ، ولكن للرائي من الخارج يرى أن التفرغ بتاريخه الطويل لم يكسب الحزب الشيوعي جماهيراً تذكر .

    عموماً أرى الموضوع ضخم وقد تطرق البروفيسور عبد الله علي إبراهيم إلى الكثير من الجوانب التي تكشف المراحل الثقافية التي لما تزل هي عقبات في طريق تطوير اليسار بصورة عامة . وهنالك وفق تاريخ حياتنا الجامعية في سبعينات القرن الماضي كنا نشهد قيم عفا عليها الزمان ( العب عب والمرة مرة ) وتلك رؤى خارج التكوينات الحزبية كلها وليس اليسار وحده .

    والآن نشهد العودة المتعاظمة للعرقية والجهوية التي اشاعها القابضون على السلطة اليوم ، وتنازعوا السلطة وفرقت بينهم القبلية والجهوية وأعاقت مشروعهم الإقصائي، فكتبت فئة منهم ( الكتاب الأسود ) . ولسوء الحظ استجاب كثيرون على الدعوة العرقية ودغدغت مشاعرهم ، فتم تغليف صراع المدن والأرياف بأنه صراع عرقي مناطقي ، وكسبت الإنقاذ أن استجاب الجميع لخديعتها ، وتم تمزيق الأحزاب والتنظيمات إلى فتات عرقي جهوي ، ليسهل القضاء عليه .

    وموضوع ( القعدات ) هي مسألة لها أكثر من حد ، فقد كانت لقاءات مثقفين منذ عشرينات القرن الماضي ، وقد أسهمت في تطوير فن الشعر والغناء والحركة الوطنية ، فقد كان خليل فرح قامة وطنية وشعرية وفنية ، لم يكن يغني في المناسبات والأفراح ، كان مجاله ( القعدات ) . ولكن أن تكون القعدات بالصورة السالبة ، دعك من مشروباتها ( الشاي أو القهوة أو الخمر ) فهو أمر يهدم أكثر مما يبني ، ولم تسلم القعدات من سوالب متنوعة ، كما لم تسلم من إدارة حوارات متقدمة لم يكن من سبيل لطرقها .

    تحياتي للبروفيسور عبد الله وجميع المتداخلين والمتداخلات ، وأن يكون المبحث في صلب الموضوع ، وألا يصبح مجرد تناول مضاد لأحزاب اليسار أو الأحزاب المعارضة . ولكم شكري

    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 08-13-2012, 12:52 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 08-13-2012, 12:55 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 08-13-2012, 12:56 PM)

                  

08-14-2012, 07:41 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    ملف جدير بالاهتمام لثقل ما فيه من معلومات عن دقائق حياة لما تزل آثارها حية بيننا
                  

08-14-2012, 08:09 AM

أبو ساندرا
<aأبو ساندرا
تاريخ التسجيل: 02-26-2003
مجموع المشاركات: 15493

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    بوست دسم جدآ
    مافي طريقة معاه هسع مع الجوع والعطش والخرم
    لكن ح اتسحر به بعدين
    شكرآ يا طلعت
                  

08-15-2012, 06:56 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: أبو ساندرا)





    عزيزي طلعت



    أرجو أن أعتذر بأنني أتأخر ولكن لا أغيب فحصاني غير جراي. واشكر لك وللزملاء الذين اختاروا التوقف عند مقالي عن شيبون وملحقاته وروأ فيه معن يستصحب لفهم مسائل العمل الثوري. وهم قلة نبيلة: اسامة فضل الله، والمعز ابو نورة وعوض محمد أحمد وابو ساندرا. وسأقتصر في التعليق على عبارة عزيزنا شقليني التي طرقت موضوع التفرغ ومشاكله بصورة مباشرة.













    الجيل الذي اخترع الشعب

    عبد الله علي إبراهيم

    بالطبع أتفق معك يا شقليني ان التفرغ هو حل وأزمة. إنه مثل كل المؤسسات والوسائط إن لم "نلجمه" فسد. ويبدو أن تداولنا السلبي عن التفرغ على أيامنا هذه نذير بأن ما ما نراه من التفرغ والمتفرغين مزعج نوعاً ما.

    @ لا أدري لماذا حصرت التفرغ في وجوبه لحزب يواجه نظاماً أمنياً. اي أن المتفرغين هم "الأمن المضاد" الحكومة التي خرجت لتنال من الأحزاب فجيشت أجهزة أمنها. اتفق معك أن بعض المتفرغين تخصصوا في الأمن المضاد. مثلاً: مكتب الرقابة المركزي وابرز قياداته الشيوعية محمد أحمد سليمان وهو تجربة غير موفقة. ولكن متفرغي الحزب أتوا من سبل مختلفة وبخبرات متنوعة. منهم التنظيمي والجماهيري والسري (ماكينات واتصالات) وثقافي. وقيادة الحزب الحالية تنظيمية صرف (يوسف، سليمان، صديق، عبد الحميد، الشفيع) وقل الجماهيري (نقد) ولأعرف متفرغاً فكريا سوى اجتهادات السر بابو.

    @ورايتك رتبت على فرضية أن التفرغ وليد عنفوان أمن النظم المستبدة سؤالك: " هل من الممكن تكوين جهاز أمن حزبي مضاد دون انتهاج منهاج التفرغ؟".

    وهذا حصر للتفرغ في تخصص الأمن. وفيه تضييق للواسع.

    @ ثم رايتك تقرن التفرغ بالسرية. والسرية ليست شرط ووجوب للتفرغ. ولكنها شرط كدح واستقواء. فالحزب، كأي مؤسسة، سيكون له متفرغون في سره وجهره. بل لربما أربى متفرغو الجهر على متفرغي السر. سينشأ فيه متفرغو الانتخابات والنشر والتقنيات والمؤسسات التجارية وغيرها

    @ لا اجد ما أتفق معك فيه أكثر من إخضاع ثقافة التفرغ واجتماعيته (المنشأ الاجتماعي، الكنف الطبقي الذي يأويه، سلطان التنوير بالحث على الكتابة للنشر ليتحرر هو نفسه قبل الآخرين من عقابيل مجد القبيلة وسوء الظن في الآخر). ورسالتي إلى نقد ذاؤبة في مثل هذا الاخضاع.

    @ سألت Lلماذا يختفي الكادر الحزبي ؟ أليس هنالك من وسيلة ليتصالح الحزب مع مجتمعه فيستغنى عن التفرغ ؟) نظن نحن الذين تفرغنا أننا تفرغنا لتغيير المجتمع من فرط تصالحنا مع حقيقة أن ذلك التغيير قد أزف. وددت لو اعتنينا أكثر بكتاب كامل محجوب "تلك الأيام" أو على محمد بشير عن الحركة النقابية والعمالية أو ما ينشر من ذكريات لحسن سلامة لنرى كيف كان المجتمع بستصرخ صفوة منه لتنهض بالتغيير الاجتماعي على رأس قواه الحية. وقد ترامى المتفرغون من شباب الحزب ممن بالكاد أكملوا الثانوي وغيرهم بين العمال كالفراشات عند نار الشعب. وزكيت دراسة جيل الأربعينات والخمسينات اليساري بأنه الذي اخترع الشعب.

    @المتفرغ قسيس الجماعة و الحزب. وهو يأتي بصور شتى حتى في الهيئات التي نظنها في منتهى التصالح مع المجتمع. فبعض صوره في "الخليفة" و"المقدم" و"راس المية". فهولاء المثقفون التقليديون متفرغون بالكامل ل"الخدمة". والخدمة هي زبدة التفرغ.

    أنشر أدناه عرضي لكتابي كامل محجوب وعلى محمد بشير وكلمة عن حسن سلامة طلباً للفائدة.



    الجيل الذي " اخترع " الشعب

    وقع جيل صفوة الأربعينات من المتعلمين اليساريين بالذات بـ "قد قفة" التأرخة للفكر السوداني حين أهملنا ذكر مساهمته المخصوصة وأدمجناه جبرةً بصفوة الثلاثينات أو تخلصنا منه عجالى إلى تعبيرات جيل الستينات الفصيحة . وجيل صفوة الأربعينات عندي أخطر وأهم . فهو الذي "اخترع" الشعب في حين برعت صفوة الثلاثينات والستينات في خطاب الهوية تمضغه في حلقاتها الذكية المثقفة . فقد جعلت صفوة الأربعينات همها تحويل أهل السودان من رعايا للنظار في القبائل والمشائخ في الطرق إلى مواطنين في مجتمع حضري مدني قوامه النقابة والاتحاد والنادي الرياضي الثقافي والزاوية .. إلخ .

    نبهني إلى خطر جيل الأربعينات اليساري كتاب الأستاذ كامل محجوب المعنون "تلك الأيام" . وكان كامل قد تفرغ في عام 1952 للعمل الشيوعي بين مزارعي الجزيرة حتى أنشأ بينهم ، بفضل طليعة شعبية من المزارعين من أمثال المرحوم الأمين محمد الأمين ، اتحاد المزارعين المعروف . وكانت الإدارة الاستعمارية قد بخلت به وماطلت في الاعتراف به حتى اضطرها حزم حركة المزارعين وثباتها . ولم يكن خروج كامل بثقافته لتثوير غِمار الناس في 1952 هو خروجه الأول . فلم يبدأ كامل ماركسياً . فقد بدأ إسلامياً في حلقة سرية كرهت نضال "أفندية الخريجين" الصفوي وقررت أن تمد جسورها للشعب الحق من مزارعين ورعاة . فاستأجرت هذه الجماعة الإسلامية ساقية في منطقة جنوب كوستي في عام 1942 لتكون حلقة الوصل بين المتعلم والشعب . وقد تفرغ كامل للعمل في الساقية وهو بالكاد تخرج من المدرسة الوسطى . وكان للساقية حمار يركبه أهلها المتعلمون إلى سوق كوستي يبيعون حصادهم من الطماطم والبصل ويشترون حاجاتهم من سكر وشاي . وكان أهل المنطقة من الرعاة يستغربون لأولاد المدن الذين رضوا العيش بينهم على شظف ومكابدة .

    لم تصمد "يوتوبيا" كامل ورفاقه الإسلاميين . فقد كان دخلهم من الساقية محدوداً ولم يكن عون الأصدقاء في كوستي وأم درمان ، على سخائهم به ، بكافٍ ، فتلاشت هذه البؤرة الثورية غير أنها تجددت عند كامل في طوره الماركسي الذي بدأ بالتحاقه بالحركة السودانية للتحرر الوطني الشيوعية عام 1946 حتى تفرع بالحزب الشيوعي عام 1952 . وقد بعثه الحزب ليكمل على نهج الماركسية المهمة التي بدأها عام 1942 وهو في عداد الإسلاميين . وقد نجحت مهمة كامل هذه المرة نجاحاً منقطع النظير . وهكذا ظلت ساقية كامل مدورة بغض النظر عن تداوله بين العقائد السياسية .

    توقفت عند قصة ساقية كامل هذه ملياً وأخذتني أخذاً . تساءلت عن معدن هذا الحلم المؤرق والشاغل الغلاّب الذي اعتمل في كامل وجيله فأخرج علينا هذا الشعب الذي أصبح حقيقة ماكرة من حقائق السياسة في بلدنا . وتساءلت كيف شقت هذه الفئة القليلة عصا الطاعة على جيل سبقهم في مؤتمر الخريجين ، تفرق أفراده أيدي سبأ حين انحل المؤتمر ، وقبلوا أن يبلغوا الشعب لا كفاحاً بل عن طريق الطائفتين الرئيسيتين : الختمية والأنصار . قرأت كلمة لفاروق أحمد إبراهيم في أحد أعداد مجلة الشيوعي يتفكر فيها أيامه تلك أيضاً ووجدت فيها نفس كيمياء الجيل : كسر الصفوية بالشعب . وقرأت نفس المعنى في ذكريات للمعلم المرحوم شورة . وعاج الأمر إلى كلمة قالها أستاذنا عبدالخالق في دفاعه أمام المحكمة العسكرية على عهد حكم الفريق عبود . فقد مسك بقرون هذه الكيمياء حين فضح العوالم الشجاعة الذكية التي تنقدح في واعية الشباب وممارسته حين يلقى نظرية ثورة مستقيمة مثل الماركسية .

    ربما يعرف البعض أن الرفيق المرحوم يوسف عبدالمجيد "كمرات" عاد بالساقية الحلم والشوق إلى الشعب حين اختلف مع الحزب الشيوعي عام 1963 وظن بالحزب الرخاوة ونضال المدينة المجلوب بنظرية ونظرية . فبعد تأسيس كمرات والمرحوم الشامي للحزب الشيوعي ، القيادة الثورية ، مضى كمرات إلى جهة سنار وأنشأ مشروعاً زراعياً انتهزه جسراً إلى فقراء المزارعين والعمال الزراعيين . وتلك قصة أخرى آمل أن يجد من يكتبها .

    كلما قرأت عن حيوات أفراد هذا الجيل اليساري الأربعيني تمحنت كيف يوصف هؤلاء الزهاد من طالبي الحق والحقيقة وأنصار المساكين بدارج الشتيمة والتبكيت الذي يكال للصفوة السودانية بواسطة الصفوة السودانية ؟ كيف يوصف بالفشل من قطع دراسته أو ترك وظيفته ليبني للشعب منارات للوعي ومعالم على طريق "الوجود المغاير" الذي رنا إليه التيجاني يوسف بشير ؟ وكيف يوصف بالأنانية من كان مثل كامل محجوب راتبه 50 جنيهاً من عمله كضابط لاتحاد المزارعين يتبرع به كله لحزبه ولدى سفره لمصر يتبرع له زملاؤه بـ 40 جنيهاً ويفصّـل له زميل آخر بدلة .

    ولعل أبلغ دقائق الكتاب تلك اللحظة التي التقى فيها كامل ، كضابط لاتحاد مزارعي الجزيرة ، بوفد من مزارعي مشروع أم هانيء بالنيل الأبيض الذين جاءوا يطلبون نصح
    ودعم اتحاد مزارعي الجزيرة في شأن من مظالمهم . وسرعان ما تعرف بعض أعضاء وفد أم هانئ على كامل الذي جاءهم "درفوناً" أجيراً سياسياً بساقية الجماعة الإسلامية . من أين يتسرب الفشل إلى أمثال كامل ممن ظلت ساقيتهم مدورة ؟



    علي محمد بشير (رحمه الله) وجيله اليساري

    عبد الله على إبراهيم

    نعت جريدة الميدان اليوم (1 يوليو) المرحوم السيد علي محمد بشير العضو المؤسس لهيئة شئون العمال (1947) التي صارت نقابة عمال السكة الحديد فيما بعد. وقد تسنم رئاستها في الستينات. وكان قد ترك الحزب الشيوعي في منتصف الخمسينات بعد جدل مفتوح حول استقلالية الحركة النقابية ودور الحزب الشيوعي فيها. ثم ترشح في 1958 نائباً عن الوطني الاتحادي في عطبرة وفاز. ثم صار معلماً بالتدريب المهني بالخرطوم وعاد للسكة الحديد موظفاً بقسم خدمات مستخدمي السكة الحديد حتى تقاعد على المعاش وانتقل للسكن بالحاج يوسف منذ سنتين أو نحوه. وظل يجادل في الصحف عن افكاره النقابية بشجاعة اتصف بها الرجل ونال الأذى من جرائها. وقد ترك علي كل هذا التاريخ في كتاب حسن عنوانه "من تاريخ الحركة النقابية في السودان". وقد استعنت بكتابه مرة ما لإلقاء الضوء على المسارب التي خرج منها جيله اليساري العمالي وغير العمالي الأول ومنظماتهم التي شادوها من أجل الكادحين. وأعيد نشر هذا المقال في هذا اليوم الحزين الذي فقدت فيه الطبقة العاملة أسداً هصوراً وخادماً مطيعاً شديداً شجاعاً. رحمك الله يا علي وجعل الجنة مثواك لما أفضت من روحك وكرمها على ربعك غمار الناس وعزاء عطبرة فأمبكول الأولى والثانية فقد انطفأ سراج وهاج من شموسك الغراء. فإلى المقال القديم:

    لو قرأت كتاب "من تاريخ الحركة النقابية في السودان" للسيد على محمد بشير، رئيس نقابة السكة حديد الأسبق والنائب البرلماني عن مدينة عطبرة، لن تجد للشيوعيين النقابيين أثراً في يوم 27-4-1946 الذي بذرت فيه جماعة من العمال تيراب هيئة شئون العمال السابقة لنقابة عمال السكة الحديد. فلم يكن بينهم لا قاسم ولا الشفيع ولا الحاج عبد الرحمن ولا الجزولي سعيد ولا عمنا الرفيق محجوب على النقابي العجوز. ولم يكن حزبهم نفسه (حستو) إلا نطفة. فمن سهر علي هذه البذرة حقاً جماعة من شباب خريجي الصنائع فيهم علي محمد بشير (20 عاماً) من تلاميذ السيد أحمد مجذوب الموظف بالسكة الحديد.

    ففي سياق تزايد الوعي الثقافي والسياسي بفضل هبة مؤتمر الخريجين تقدم أحمد مجذوب لدار خريجي مدرسة الصنائع بالمدينة (تأسست في 1933) لتقديم دروس اللغة العربية وآدابها للرغبين من أعضائها. وانتظم فصل أحمد من 1945 إلى 1946. وانشقت الأرض عن بذرة النقابة في هذا الفصل في مساء الإثنين 22-4-1946. فلم ينعقد الفصل أصلاً في ذلك المساء لأن المدينة كانت في شغل بموت المرحوم ميرغني فرج، الحداد بورشة العمرة، بعد إصابة عمل مؤسفة. وساء العمال موته سمبلة: لا طبيب ولا إسعاف ولا مسئول. ولم يكن طلاب فصل الدار أكثر العمال حزناً بل كانوا جماعة بوسعها التفكير في ما يمكن عمله من أجل ميرغني فرج والعمال قاطبة. فتفاكرت هذه الجماعة مساء ذلك اليوم في الدار وانتهت إلى تكوين لجنة ممثلة لكل الورش لترفع مذكرة احتجاج وتكون بمثابة لجنة تمهيدية لهيئة ترعى مصالح العمال. وقد كان وخرجت نقابة عمال السكة الحديد المعروفة من بين ثنايا هذه الملابسات.

    لم يكن فصل أحمد مجذوب مجرد فصل لتلقي العلوم. فهو في وصف على محمد بشير له خلية سياسية نائمة. فقد كان أحمد يعلمهم الخطابة وإلقاء الشعر يعدهم ربما ليوم كريهة ومنبر لقيادة العمال على مستويات مختلفة. وانعقدت بين طلابه رابطة زمالية خاصة. ومن أعجب ما قاله المؤلف إنهم نظموا رحلات ترفيهية إلى مناطق في شرق وشمال المدينة وإنهم كانوا يخبون في طوابير شبه عسكرية. وزاد بأنهم كأنما كانوا يريدون بذلك تفريغ شحنات حماسية لا يدرون لها سبباً.

    لم تقتصر هذه الشحنة السياسية المٌعِذِبة الغامضة على علي محمد بشير ورفاق فصله. فهي شحنة تلقاك في حياة شباب الجيل الذي فَتَّحَت الحرب العالمية الثانية (1936-1945) عيونه على حقائق الاستعمار والوطنية والشوق إلى الحرية الذي غرسه مؤتمر الخريجين. ولهذه الشحنة محتوي عصبي إلى جانب محتواها الذهني لم نخضعه للدرس بعد. فسنجد مشابه لطابور على محمد بشير شبه العسكري من جهة توتر الجسد في سيرة من سنعرض لهم من أبناء جيله. فسنراهم انفعلت أجسادهم نفسها تريد الانغماس في المغامرة الصعبة التي استولت عوالمها على ذهن أصحابها. وهذا أرق يسبق الممارسة وربما وصفناه ب "التوتر الخلاق" بشيء من التعديل لعبارة مارتن لوثر كينق. وهو توتر وضع معظم هؤلاء الشباب المصابين به على عتبة استعداد يكاد يكون فطرياً لتقبل أول دعوة من الشيوعيين لينخرط في صفوفهم بفدائية عجيبة. وهكذا أصبح على محمد بشير شيوعياً.

    وجدت هذا التوتر الخلاق في سيرة الزميل تاج السر حسن آدم (1925- ) النقابي الشيوعي. فقد تخرج من مدرسة الصنائع عام 1940 وعمل بورشة العمرة بالسكة حديد بعطبرة. وكان عضواً بشباب مؤتمر الخريجين. واشترك في مظاهرة في 1948 التي أراد بها العمال منع مستر مادن مدير المديرية الشمالية من حضور ليلة المولد الخاتمة عند جامع عطبرة العتيق. فما أعلن المعلن وصول المدير للساحة حتى هتف العمال "يسقط الاستعمار وعاش وفد مؤتمر الخريجين". وهو الوفد الذي ذهب إلى مصر ليطالب بتمثيل السودانيين في مفاوضات دولتي الحكم الثنائي. وحصر العمال المدير فلم يجد منفذاً للخروج إلا من باب المسجد مشتملاً على عباءة. فاعتقل البوليس تاج السر ضمن جمهرة وحوكم بثلاثة أشهر بسجن الدامر. ومن أطرف ما يدل على طاقة تاج السر المتوترة في عداء الاستعمار هو قبضه بأصبع مستر مادن حين زارهم بعد اعتقالهم. فقد صوب المدير أصبعه نحو تاج السر فقبض تاج السر عليه حتى حله السجانة منه بإطراحه أرضاً ثم أوقعوا عليه جزاء قضاء 7 ايام حبساً إنفرادياً بزنازين الإعدام. ولم يدر تاج السر أنه كان مثل على محمد بشير على العتبة الشيوعية. فقد دعاه قاسم امين عام 1948 للإنتماء للشيوعيين ففعل في رحلة امتدت وأخذته حرفياً إلى يامبيو البعيدة مندوباً عن اتحاد نقابات العمال لبناء قواعد نقابية في الإقليم في نحو 1954.

    ولن تجد للتوتر الخلاق مثلاً كمثل الأستاذ كامل محجوب في صباه وشبابه مما رواه في كتابه "تلك الأيام، الجزء الأول". لقد اكتسب أرق الفكر والجسد عند كامل ثوباً درامياً عجيباً. جاء كامل من بلدته البركل لأم درمان ليلتحق بوسطى الأحفاد في نحو 1940 . ولم يهجر القرية إلا بعد نظمه أغنية ذاعت في قريته بالاشتراك مع زميله جعفر الحسن يحتج فيها على جملة من المظالم من الإنجليز والتجار والإدارة الأهلية: : "عاد دا ظلماً ما بتقبل". انتظم كامل محجوب وهو بثانية وسطى في جماعة سرية معادية للاستعمار دينية المنهج. وضمت الجماعة كلاً من الرشيد الطاهر وجعفر الحسن وأحمد الزبير رشيد وأبو عبيدة الخليفة. وكانت تجتمع في الخلاء مثل اللقاء الذي عقدته عند جبل كرري وشرح زعيمها شيخ الدين جبريل، المدرس بالأحفاد، الموقعة التي دارت بين المهدية وجيش الغزو الإنجليزي عند الجبل من نص كتاب "حرب النهر" لتشرشل. وكانت الجماعة تدرب أعضاءها على تحمل المشاق بالسير الطويل على الأقدام كأن يلفون العاصمة المثلثة لفاً من أم درمان إلى الخرطوم فبحري فعودة إلى أم درمان. وكان قيام الجماعة صدى من نشاط مؤتمر الخريجين ولكنها استبعدت الأفندية كقوة مؤهلة لنيل الاستقلال والتزمت بتحرير السودان بكفاح مسلح للرعاة والمزارعين.

    وسعت الجماعة لبدء صلتها بالمزارعين بذهاب فريق منها لكوستي فأقام مزرعة بساقية وقطية تكون معبراً لهم للمزارعين. وتفرغ كامل للعمل بالساقية. وحكى عن هذه الواقعة قصصاً يستعجب المرء بها لبأس هؤلاء الصبية وعزيمتهم. فقد كان دليل كامل القادم من الخرطوم على أنه بلغ القطية الصحيحة وجود ديوان المتنبئ بها. وزرعوا الطماطم في المزرعة وباعوه بسوق كوستي على حمار لهم. وواجه كامل يوماً ثعباناً شديداً غليظاً فتجمد من الخلعة فتركه الثعبان ولكن ليس بغير الالتفات مرة بعد أخرى ليتأكد أن كاملاً لايبيت له شراً. وقال كامل: "كان منظره وهو يبتعد عني جميلاً حقاً." واختلط كامل وصحبه بالمزارعين وبثوا بينهم وعياً بالقضية الوطنية وقد تفهموا حسن نية الفريق الزائر وأعجبهم تفانيهم لغرضهم.

    وكانت طاقة كامل للنضال غير عادية. فلما زار مفتش أم درمان مدرسة الأحفاد في 1942 ، وكامل بالرابعة وسطى، حرض زملاءه ان لا يقفوا له متى حضر. فلما لم يستجيبوا له قرر أن يظل جالساً كالسيف وحده لدى دخول المفتش مهما كان. واقترب المدرس الأستاذ محمد فضل المولى منه يسأله الوقوف فقال له إنه لن يقف لهذا ال######. فغطى المدرس اللبيب على سوءته بقوله: "إذا كنت مريضاً قابلني بعد الحصة لتذهب للطبيب." ولم يصمد مشروع ساقية كوستي فتفرق الجمع وعمل كامل لوقت قصير موظفاً بالنيل الأبيض مع الجيش البريطاني الذي كان يمد خطاً حديدياً بين ربك والجبلين. وهو خط يحفظ للإنجليز مهرباً متى حزبتهم الحرب التي كانت على أشدها في 1943. فعاد كامل إلى أم درمان والتحق بمدرسة البوستة ثم تركها مشمئزاً من هوان الوظيفة في ظل دولة للاستعمار. فالتحق بقسم مسائي بكلية الأقباط كان افتتحه الأستاذ محمد عشري الصديق. وكان القسم ناقصاً فأحتج كامل ورفاقه وهتفوا "يسقط ابونا حنا" مدير الكلية.

    وبلغ كامل من أرق الفكر والجسد مبلغاً شهد فيه كل مظاهرة وحرض عليها. وسماه السيد هريدي عضو محكمة مدينة أم درمان "الزبون" من فرط تكرار مثوله أمامهم مخالفاً للمواد 105 (إثارة الكراهية ضد الحكومة) و127 أ (إثارة الشغب). وقال كامل إنهم خرجوا في مظاهرة وطنية ضخمة تضامناً مع طلاب ومصر وعمالها بعد حادثة كبري عباس في 1945 التي استشهد فيها طلاب مناوئون لحكومة مصرية مستبدة. ولما مرت المظاهرة أمام جريدة سودان ستار للفت النظر وقف صاحبها الأستاذ بشير محمد سعيد منفعلاً وخطب في المتظاهرين معبراً عن استيائه لسلوكهم. ثم اشترك كامل في مظاهرة توديع وفد السودان للقاهرة ليطالب باشتراك السودانيين في مفاوضات مصر وانجلترا حول مصير بلدهم. وأفضى به كل ذلك ليكون عضواً في اتحاد طلاب العاصمة الذي كان فيهم عبد القيوم محمد سعد وأحمد محمد خير وآدم ابو سنينية وحبيب مدثر وحسين عثمان منصور والطاهر عبد الباسط وآخرين. ففصلوه من مدرسة الأقباط من جراء هذا النشاط فألتحق بأهلية ام درمان الثانوية.

    وضع هذا التوتر الخلاق كاملاً ، كما قال كامل نفسه، على أعتاب اليسار. كان من الشيوعية قاب قوسين أو أدنى. فقد أعطاه آدم أبو سنينة كتاب "الأم" لمكسيم جوركي فتجاوب مع بطل الرواية، بافل، المناضل ضد القيصرية ومن أجل الطبقة العاملة. فكامل مثل بافل في كراهية الظلم والظالمين: "دا ظلماً ما بتقبل". وتوالت عليه كتب ماركسية تدوالها الشباب اليساري بالسر آنذاك منها البيان الشيوعي. وبلغ من تأثره بها أن لخصها على جريدته الحائطية بالمدرسة اسمها "الملخص". وكانت هذه بداية مشوار شيوعي طويل امتد من 1946 حتى 1959 اصبح فيه عضواً باللجنة المركزية والمكتب اليساسي للحزب الشيوعي. وعمل متفرغاً وقائداً بمديرية النيل الأزرق الحزبية منذ 1952 ففتح فيها جبهة العمل النقابي والسياسي بين مزارعي الجزيرة على خلفيات كان بدأها الأستاذ حسن سلامة. وكانت لحظة مجده حقاًً (ومجد الحركة النقابية والاجتماعية السودانية بأسرها) هي تلك التي جاء فيها بجموع المزارعين في 29 ديسمبر 1953 إلى ساحة المولد بميدان عبد المنعم ليفرضوا اتحادهم على الحكومة المتلجلجة.

    يوحي الشيوعيون بأنهم جاءوا مع نقابة عمال السكة حديد في صندوقها كما يقال. وهذا غير دقيق ولا مفيد. فهو يغمط حقاً مستحقاً لمؤتمر الخريجين فيها جاء تفصيله في كتاب السيد الطيب حسن عن تاريخ النقابة وكتاب السفير خليفة عباس العبيد عن أيامه بعطبرة. ومتى انفصلت النقابة عن مؤتمر الخريجين بدت مجرد انفعال تنظيمي عضلي خلا من الاستثمار الثقافي والبلاغي والخطابي التربوي لأمثال أحمد مجذوب وآخرين. وصفوة القول عن مساهمة الشيوعيين الحقة في حركة الكادحين السودانية أنها لما بلغت مبلغ التوتر الخلاق بعد الحرب العالمية الثانية سهروا عليها وميزوها وشهلوها. وهذا "بعض الوعي" الذي عناه أستاذنا عبد الخالق حين قال له الجلادون ماذا قدمت للسودان. وقد استشمته طلائع العمال كما رأينا فاقبلت عليه لضبط إيقاع أرق الفكر مع أرق الجسد.





    حسن سلامة الخاتي الملامة



    قلت للرفيق يونس الدسوقي في القاهرة إنني ربما قدمت محاضرة عن الزميل حسن سلامة متى قدمت للخرطوم. صمت هوناً وقال: "حسن سلامة الخاتي الملامة." وصمت مرة ثانية. وهذا بعض ما قلته عن هذا الإنسان الوسيم في محاضرة محضورة بدار صحيفة المشاهد نظمها عزيزنا الشاعر شابو ورابطة الكتاب السودانيين. فلهم والحضور من قدامى الأصدقاء والمحاربين معزتي.

    كان ميلاده بحي العباسية بأم درمان في 1924 لوالد مهندس من خريجي غردون. واتاح عمل الوالد بمصلحة المساحة كثير الترحال لحسن أن يري بقاعاً شتى في السودان. وتربى حسن بحي العصاصير الواقع بين شارعي مكي وأبي روف. وغشي الخلوة واقتصر تعليمه على أولية الأحفاد.

    بدأ بالالتحاق بالأخوان المسلمين نحو عام 1939 بدعوة من صادق عبد الله عبد الماجد ومحمد فاضل التقلاوي وعوض عمر من أصدقائه ونفر منهم بعد اجتماعين أو ثلاثة لفرط عنايتهم بالعلم الديني بدلاً من استخدام المستحصل منه لحرب المستعمربن. وهذه عقيدة في الممارسة التي تأخذ من التربية حظاً ولا تجعلها محطة انتظار طويلة لا يعرف أحد متي تنتهي ليبدأ النضال لتغيير الواقع. واتجه حسن ينشط في الجمعيات الأدبية ما بين 1941-1943 حيث المحاضرات ( يلقيها محمد أحمد محجوب عن الحرب العالمية الأولى ووزير الثقافة العراقي عن النازية) وحلقات محو الأمية وتعليم الإنجليزية. وقد تمخض نشاطهم عن قيام المكتبة لوطنية بدار المرحوم عبيد عبد النور على ميدان البوستة. وكانت الدار تحتشد بالحضور حتى تفيض إلى شارع الشنقيطي تسمع عبر المكبرات للمحاضرين. ثم صار عضواً بحزب الأشقاء بحكم علاقته الوثيقة بأعضائه الذين كانوا أصلاً أعضاء الجمعية الأدبية لحي السوق أي جيرانه. ثم انقسم بين جماعة (عبد الرحيم شداد وسنجاوي ومحي الدين البرير) على الأشقاء بسبب من ميكافيلية المرحوم يحي الفضلي "الذي لا يتورع عن اقتاص أي فرصة في اي إتجاه وبأية سيلة." وكون مع المنشقين حزب الأحرار الإتحاديين. ولم يحظ الحزب بحظ معلوم في عملية الدمج التي تمت للكتل الإتحادية في لقاءات مصر التي رعاها محمد نجيب في 1952. ورد حسن سلامة ذلك إلى بروز اتجاههم اليساري. وقد تمثلت هذه الطاقة الجذرية في صحيفة (الأحرار) الإسبوعية (1943-1944) التي كان صاحب رخصتها المرحوم سنجاوي بينما كان حسن سلامة عقلها المدبر. وكان حسن الطاهر زروق، عضو الأحرار، أحد كتابها. وكذلك أحمد عبد الله المغربي وحسن محمد الأمين وعوض عبد الرازق وكاتب القصة طه عبد الرحمن. وكانت تطبع 3 ألف نسخة تنفد لوقتها. وكان لهذه الطاقة اليسارية وجودها أيضاً بين الأشقاء مثل حسن أبو جبل وخضر عمر وحسن أبو الحسن وميرغني علي مصطفي. يرد حسن سلامه خروجه من الأحرار إلى تنامي السخط على مواقف الأحزاب من القضية الوطنية. وقد غذي فيه هذا السخط أحمد محمد خير وعفان (على أنه لم يكن يساري الميول) وحسن أبو جبل.

    جرى اتفاق بين الحزب الشيوعي والأشقاء على بداية نشاط سياسي بين المزارعين. والتزم الأشقاء بتوفير السكن لحسن سلامة المبعوث من الحزب لهذه الغاية. ولم يوف الأشقاء بإلتزامهم ولقي سلامة العنت بما في ذلك المبيت في دار الأشقاء والاستيقاظ مبكراً حتى لا يكتشف والترحل سراً وسيراً على الأقدام. وقد ركز سلامة العمل على بحث قضايا المزارعين وتسليط الضوء عليها بدلاً من المسائل الفلسفية. وعليه فقد توافر على دراسة مجال نشاطهم من حيث جغرافيته واقتصاده وتكويناته القبلية والطائفية. وبنى الحزب جسوراً للمزارعين بواسطة كادر مجند من بين مفتشي الغيط والعمال الزراعيين والمدرسين. وترك حسن الجزيرة "منقولاً" إلى كردفان ودارفور في نحو آخر 1955 ليقود عمل الحزب بهما. وخلفه بالجزيرة الأستاذ كامل محجوب.

    لما كان مسوؤلاً عن منطقتي دارفور وكردفان اجتمع في أبي جبيهة بجبال النوبة بجماعة من الرعاة. ورأي احدهم من قبيلة الحوازمة يفك صرة في أمتعته ويخرج له منها جريدة "اللواء الأحمر" الشيوعية. واتضح أنه أمي اشتراها من أحدى القري. وقال إنه يفهم بعضها حين يقرأها له قاريء والذي لا يفهمه يعافر فيه ويجتهد.

    كان يقضي مدة سجن بسجن الأبيض في 1953. واتفق مع زملائه للتفرق بين المساجين لأكتساب معارف. وتداخل حسن مع جماعة من الهمباتة ومنهم كباشي اسمه العوني. وكان يضرب الرمل وقال إنه لم يضرب الرمل يوماً وخاب وإنه لا يسرق قبل استخارة الرمل. وسأل العوني حسن سلامة عن سبب دخوله السجن وشرح له حسن دعوتهم الوطنية والعدلية الاجتماعية. فسأله عما أعد لذلك من رباط الخيل والسلاح. فلما أجاب حسن أنه لا يملك منها شيئاً قال العوني: يا حسن النار بتقوم من وين؟ حسن: لا أعرف. العوني: هل حدث أن شبت النار من وسط الموقع؟ حسن: لا اعرف. العوني: يا حسن يا خوي النار بتقوم من الأطراف دحين يا خوي إنتو قاعدين في الوسط ومكربين نصكم وتمدو ايدكم للحيطة تلقوا الموية وتلقوا النور، فهل ديل راجيهم يسووا ليك ثورة؟ يا حسن يا خوي احسن تخلي الكلام الفارغ البتعمل فيهو دا. أنا بمرق من السجن وتعال لي في الكبابيش والله ان داير عمدة بسويك وان داير تبقي تاجر رقيق أنا بسرق ليك إنت بيع. والبتدني ليه ادني ليه. وإن داير تبقي تاجر ساكت أنا بديك راسمال وعلي ضمانتي والله البرشك باللبن ارشو بالدم. وقال له أن لديه 5 جمال عند مأمور المركز ليست داخلة في السرقة التي دخل السجن من أجلها وصودرت عن طريق الخطأ. قال إنه سيأخذ جمله منها ويهبه البقية. وطلب منه أن يقبل الهبة لأنهم لا يسرقون من المسكين بل من صاحب الحق وأنه يصرف من مما يسرق لإعالة أسر من المساكين. وقد جاء العوني يوماً إلى منزل سلامة بأم درمان حسب وصف تلقاه منه في السجن. وقال حسن إن خطة الهمباتي كانت هي خطة الحزب آنذاك الذي دعا إلى الكفاح المسلح لهزيمة الاستعمار. وعلى هدي كلمة الهمباته رفع حسن سلامة تقريراً إلى الحزب عن فتح جبهة الأرياف. وبعد تداول التقرير استدعاه عبد الخالق وطلب منه أن يكون مسوؤلاً عن مديريتي كردفان ودارفور. ومما اغراه بهذا التكليف أنه عمل بالأبيض موظفاً. وقد بتي التنظيم بين الرحل بما يطابق حياتهم وقال إنه وجد "عند اولئك القوم استعداداً غريباً للتعاطي التلقائي مع الفكر الشيوعي لأن نمط حياتهم كان منسوجاً من قماشته."

    قال حسن إنه كان بجبال النوبة يوم جاء اليها المرحوم يوسف عبدالمجيد، الشهير بكمرات (الرفيق بالفرنسية) ولم يزل طالباً. مر يوسف بقبيلة الغلفان وقد تجمعت فرق منها لبناء راكوبة كبيرة مساحتها عشرات الكيلومترات بمناسبة قدوم المرحوم عبد الله خليل، رئيس الوزراء، للمنطقة. فأبلغ سلامة بالواقعة فذهبا وأخذا معهما أحد شباب الغلفان ويدعى حامد عبد الله لتعبئة واسعة بين الأهالي ضد هذه السخرة. خاطب سلامة ورفيقاه الفرق الغلفانية بحضور ناظرها كنده كربوس وطلبوا منهم الانصراف لأن عبد الله خليل لا يستحق أن يبنوا له منزلة بالسخرة. وكان لحديثهم فعل السحر فرمي كل منهم ما بيده وانصرفوا هاتفين بحياة حزب الحرية. وكانوا يعلمون أنهم شيوعيون. ولما بلغوا الدلنج تم القبض عليهم وأرسل لهم الحزب محامين شابين هما المنشاوي وعلي الطويل. وقد التحما مع مفتش المركز حول فساد مطلب الحكومة من مواطنيها. ولما رأت الحكومة أن القضية خاسرة حاولت قتلها وأطلقت سراح الثلاثة. ورفض سلامة ورفاقة أن يطلق سراحهم قبل أن يلغى قانون السخرة. وقد فعل مدير المديرية ذلك بعد حملة قادها الشيوعيون في ليال سياسية في الابيض وكادوقلي والدلنج وأبي جبيهة لوقف بناء منازل الحكومة عن طريق السخرة. وطرحت الحكومة يوماً عطاءاً لبناء ما ودفع سلامة تاجرين لتقديم عطاءاتهما فإذا رسى العطاء لأحدهما استخدم أبناء النوبة بالأجر. وهذا ما حدث بالفعل. وقد فتحت هذه السياسة الأبواب مشرعة لنفوذ الحزب وسموا الحزب حزب الحرية. والتفت الحزب إلى ضريبة الدقنية فألغاها. وقصدوا الغاء ضريبة القطعان غير أنهم نجحوا في تخفيضها لا غير. وتم عن طريق هذا النشاط تجنيد 9 من المشائخ والعمد والنظار في صفوف الحزب الشيوعي. ولم يتخل أي من هؤلاء عن أنصاريته مع ذلك.

    وللحديث بقية نتوسع فيها يوماً قريباُ.




                  

08-16-2012, 11:37 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    اعلاه مساهمة مميزة من د ع ع ابراهيم
    اعود انشاء الله لهذا البوست
                  

08-17-2012, 05:16 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)




    *
    ولوليام أندرية تحية



    الشكر الجزيل للبروفيسور عبد الله علي إبراهيم
    فهذا النثير مختبئ في كتب متناثرة ، حقيقة بتسجيل الحياة التاريخية الاجتماعية ، بديلاً عن تاريخ الحكام
    الذي أوجع الكتب والأسفار التاريخية بكتابات عن خائبين دون التفات إلى الأبطال الحقيقيين دون أن نجد لذلك موطناً في المراجع . وسوف نعود لحديث التفرغ في سانحة مناسبة ، وبالفعل ليس التفرغ مرتبط بالسرية ، ولكن دوام سلطة البطش هي التي غيبت أن يكون الحزب بالعاملين فيه متفرغين عياناً جهاراً . وأن الحزب الشيوعي على سبيل المثال قد ترك أمر إعاشة المتفرغين للأصدقاء ، في حين كان الحزب الشيوعي الفرنسي قد أقام مؤسسات اقتصادية لخدمة الحزب . وهو الأمر الذي جربه الإخوان المسلمون في كل البقاع ليتوفر المال لإعاشة الحزب ومتفرغيه .
    تحية للبروفيسور عبد الله وكل اضياف الملف . ونشيد بأنه فتح أبواباً ظلت مواربة ، عن معاناة الأحزاب والمتفرغين والحياة السرية في وطن كالسودان . واللهب الذي عايشه المختفين أيام محن انقلاب 1975 وانقلاب 1976 ، وقد كان التاريخ مدوناً بايدي السلطة ، التي اغتال فيها الجيش عام 1976 في أثناء التفتيش في البيوت على الفنان المتعدد المواهب " وليم أندرية " . ليست السرقة وحدها بل القتل ، ويذهب القتلة للتكريم ، ومعهم بدلات الاستعداد !!!!!

    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 08-17-2012, 07:39 PM)

                  

08-17-2012, 08:11 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    سلامات ياطلعت والمتداخلين الاكارم
    قرات الخيط عن بكرة ابيه. وظلت براعة
    د. عبد الله ونباهتك وزوارك تقودني الي حيث تحتسبون
    ولا تحتسبون في شان التفرغ عند الجمهو ريين
    وفي شان انعكاسات تجربة الحزب الشيوعي
    في هذا الخصوص علي بعض قيادات
    حق والحركة الشعبية وعلاقة ذلك بما الت اليه الامور في
    كليهما.

    ارجو ان يتيسر لي الوقت وان تسعفني الهمة في المساهمة
    في هذا الحوار الهادف العميق.
                  

08-18-2012, 01:08 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: Haydar Badawi Sadig)



    المداخلة (3)



    الأحزاب وصراع السلطة



    تحية للبروفيسور عبد الله علي إبراهيم

    والتحية لطلعت الطيب لهذه البادرة ، وذاك التنادي للحوار الفكري الخلاق . وهي شعلة تضيء في زمن صعب . شاع فيه " الجهل النشط " ، الذي أحدث احتراقاً في جسد الصفوة بفكر قديم ، لم يتم رفده بدماء فكرية جديدة ، وصارت الأهداف عند ايديولوجيته غاية تُبرر أية وسيلة ، مثلما قفزت الخيل عند التتار على الكتب لعبور النهر . القوة هي الوسيلة لأي شيء !
    من هنا أثمن كثيراً طرائق حوار البروفيسور عبد الله ونهجه بالصبر على التعقيد حتى تتحلل القضية إلى عناصرها الأولية .
    نبدأ من قضية التفرغ والسرية . بالفعل التفرغ ليس مرتبط بالسرية ، ولكنا عرفنا النظم الدكتاتورية في حكم السودان . وقد ألغت شرعية الأحزاب والنقابات والجمعيات الحرة لأنها تراها تحمل شعار " إسقاط النظام ". وهو شعار يخلق درجة من الرعب لدى الحكام ، بل يقلق منامهم . لأن السلطة مأخوذة بالغدر والمكر والخديعة . ويخافون سقوطها ومن ثم المحاسبة . وهم لا يريدون المحاسبة . بل ينتهجون نسيان الماضي والعفو . بل استلوا عبارة " عفا الله عما سلف " وهي قضية أصلها الصيد مع الإحرام ، لتكون ايقونة للعفو عن خرق الدستور وقتل الأنفس ، وشن الحروب التطهيرية ضد المواطنين بأية ذريعة !.
    *
    من هنا كانت السلطة تهاب المنظمات الأهلية لأنها قادرة على خلق راي عام ، وخروج الجماهير إلى الشارع . ومن ثم خلخلة السلطة واركانها الأمنية . وتبدأ ذريعة أن الجماهير تخرج لتخريب الممتلكات ! . ويتوقف احتمال توقف الحياة بالعصيان من أجهزة الدولة ، حين يتم تحييد آلة البطش ، كما شهدنا في مصر . ولكن لذلك ثمن باهظ كما في سوريا لأن الأجهزة تمت أدلجتها . ودامت المجازر .
    *
    من هنا نعود لقضية تكوين الأحزاب وهيكلتها وضرورة التفرغ للعمل التنظيمي والجماهيري والإعلامي والاجتماعي والفكري ، والأمني الذي تحدثنا عنه في مقالنا السابق وأسميناه " الأمن المضاد " . فكانت النظم الدكتاتورية تقف بالمرصاد لأي حراك جماهيري ، فهي تتهيب الجماهير ، بل وترى التجمع الطبيعي للأفراد مخالفة للقوانين . والحراك يتطلب تصديق الدولة ، والتصديق رهين موافقة الدولة . في حين أن التجمع السلمي هو حق دستوري وفق ما ننقله من دستور 2005 ساري المفعول بالإذعان لأن الموقعين عليه هما ( المؤتمر الإسلامي ) من جهة و ( الحركة الشعبية ) من جهة أخرى وكلاهما خرقا الدستور وحملا السلاح ، ولم يستفتيا الشعوب السودانية في امر السلطة أو الدستور:
    الباب الثاني: وثيقـــة الحقــوق
    ماهية وثيقة الحقوق

    27ـ (1) تكون وثيقة الحقوق عهداً بين كافة أهل السودان، وبينهم وبين حكوماتهم على كل مستوى، والتزاماً من جانبهم بأن يحترموا حقوق الإنسان والحريات الأساسية المضمنة في هذا الدستور وأن يعملوا على ترقيتها؛ وتعتبر حجر الأساس للعدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية في السودان.
    (2) تحمى الدولة هذه الوثيقة وتعززها وتضمنها وتنفذها.
    (3) تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءً لا يتجزأ من هذه الوثيقة.
    (4) تنظم التشريعات الحقوق والحريات المضمنة فى هذه الوثيقة ولا تصادرها أو تنتقص منها.
    الحياة والكرامة الإنسانية
    28ـ لكل إنسان حق أصيل في الحياة والكرامة والسلامة الشخصية, ويحمي القانون هذا الحق، ولا يجوز حرمان أي إنسان من الحياة تعسفاً.
    الحرية الشخصية
    29ـ لكل شخص الحق في الحرية والأمان، ولا يجوز إخضاع أحد للقبض أو الحبس، ولا يجوز حرمانه من حريته أو تقييدها إلا لأسباب ووفقاً لإجراءات يحددها القانون.
    31ـ الناس سواسية أمام القانون, ولهم الحق في التمتع بحماية القانون دون تمييز بينهم بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الُلغة أو العقيدة الدينية أو الرأي السياسي أو الأصل العرقي.
    32ـ (1) تكفل الدولة للرجال والنساء الحق المتساوي في التمتع بكل الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية بما فيها الحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي والمزايا الوظيفية الأخرى.
    حرية التعبير والإعلام
    39ـ (1) لكل مواطن حق لا يُقيد في حرية التعبير وتلقي ونشر المعلومات والمطبوعات والوصول إلى الصحافة دون مساس بالنظام والسلامة والأخلاق العامة، وذلك وفقاً لما يحدده القانون.
    (2) تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي.
    (3) تلتزم كافة وسائل الإعلام بأخلاق المهنة وبعدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة للعنف أو الحرب.
    حرية التجمع والتنظيم
    40ـ (1) يُكفل الحق في التجمع السلمي، ولكل فرد الحق في حرية التنظيم مع آخرين، بما في ذلك الحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية أو الانضمام إليها حمايةً لمصالحه.
    *
    (2) ينظم القانون تكوين وتسجيل الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية وفقاً لما يتطلبه المجتمع الديمقراطي.
    (3) لا يحق لأي تنظيم أن يعمل كحزب سياسي علي المستوى القومي أو مستوى جنوب السودان أو المستوى الولائي ما لم يكن لديه:ـ
    (أ) عضوية مفتوحة لأي سوداني بغض النظر عن الدين أو الأصل العرقي أو مكان الميلاد،
    (ب) برنامج لا يتعارض مع نصوص هذا الدستور،
    (ج) قيادة ومؤسسات منتخبة ديمقراطياً،
    (د) مصادر تمويل شفافة ومعلنة.
    انتهت النصوص المقتطفة من الدستور .

    *
    وبما أن الدولة التي يحكمها التنظيم الإسلامي ، لا تطبق نصوص الدستور ، وظلت قوانينها ضد الديمقراطية كما هي ، ولم تجبرها الاتفاقيات على التنازل عن القبضة الدكتاتورية للدولة ومفاصل الحكم .
    نعود لقضية الأحزاب وحرية عملها المفقودة ، والتجسس المباح عليها من الجهات الأمنية في الدولة ، واعتقال المنتمين لتلك الأحزاب بدون مبررات ، ولمدد غير معرفة ، وربما التعذيب ، والتصفية البدنية ، بكل وحشية الدولة الدكتاتورية الباطشة لكل الخصوم .
    من تلك يصبح العمل الحزبي ، وبالتالي كل مناشط الأحزاب هي أهداف أمنية مشروعة للحيلولة دون أن تكون للأحزاب حرية للحركة أو صلة بالجماهير . وبالتالي إعلام الأحزاب ومالها وتفرغ كوادرها هي أهداف مشروعة بواسطة القوانين الجائرة ، والسلطات غير المحدودة الممنوحةلأجهزة الأمن لاجتثاث جذور الأحزاب ،أو تركيعها ذليلة للمشاركة الصورية فيما يسمونه " حكومة الوحدة الوطنية " !
    وسوف نتطرق للصراع وتحليله في المرة القادمة
    *
    الصراع وتحليله:

    التفرغ للعمل الحزبي سواء كان علنياً كما في الديمقراطيات المتقدمة أو سرياً كما في النظم الدكتاتورية هو حق منتهك من قبل الدولة وسلطاتها الأمنية والبوليسية . ولا تعترف الدولة بتلك التنظيمات أو الأحزاب . ولكن في ذات الوقت يحتاج الحزب إلى بناء تنظيمي مؤسسي وصلة بينه وبين جماهيره ، ويحتاج الإعلام والصحف والتنقل والاجتماع وتفرغ كادره كاملاً ، وفي ظروف سرية استثنائية في ظل النظام الدكتاتوري الحاكم . وذلك يحتاج للمال . والمال من تبرعات الأفراد هي مصادر ضعيفة لن تُمكن الحزب أي حزب من أن ينهض بالوفاء بإلتزاماته وتطوير كوادره وجماهيره ووسائل العمل .إلا أن يكون هناك مصدر آخر .
    وينهض سؤال هام :

    إذا نجح الحزب ونما بين جماهيره ، أتراه يمتلك القوة ؟
    من هنا يتم طرح القضية الكبرى وهي قضية الوسائل الديمقراطية للوصول إلى السلطة والبقاء فيها ، والتبادل السلمي لها . وتصبح لها القوة الفعلية حين يكون النظام والسلطة قد اعتمد الطريق الديمقراطي . وبدونه لا تصبح القوة في يد الأحزاب . وهذا غير متوفر في السودان حالياً . وقد استخدمت السلطة الدكتاتورية في جنوب السودان وفي شماله مال الدولة لصرفه على الانتخابات المزورة التي تمت في السودان .

    إذن ما هو وضع الصراع ؟

    هل الجماهير وحشدها قوة؟ .
    إنها قوة مدنية في ظل النظم الديمقراطية . وحشدها في غلبة ظاهرة بالنضال السلمي ربما صارت قوة كما تم في أكتوبر لأن أذرع الدولة الباطشة وقفت الحيادأو انحازت للجماهير . وتلك حالة تتم وفق حشد جماهيري يعوق الحياة العامة وينذر بالعصيان المدني ، وتوقف أجهزة الدولة . ولكن عسف النظام وتلوث يديه بالدم والتهديدات بالمحاكم الدولية وبالقصاص ، لن يترك مجالاً لتكرار نماذج أكتوبر أو ابريل ، وسوف تغوص العصبة الحاكمة في مستنقع الدم ، ولها تجارب في إعدامات رمضان ، وفي قتل الطلاب بالمئات في العليفون أيام الخدمة الإلزامية ، وقتل الطلاب من الجامعات فرادى ، واغتصاب وتعذيب وخلافه .

    وتلك حالة تستوجب النظر في وسائل جديدة لاستعادة القوة لدى الأحزاب ، قوة لا تنفع معها المظاهرات أو المناشير أو القنوات الحرة التي يدعو لها كثير من المعارضين . بل وسائل جديدة لإعادة لتوازن للقوى الأهلية في الدولة ومؤسساتها . وذلك يتطلب قدرة أمنية وقدرة انضباط وقدرة امتلاك أسباب القوة ، التي يقوم بها المتفرغون وأتباعهم . وتلك يراها النظام الحاكم نُذر شؤم. وقد انتفضت الأطراف بالسلاح لإعادة هذا التوازن المفقود ، والذي له مخاطره من اليأس ومحاذيره من أن يقود لتفتيت السودان من أطرافه. و لكن أعادت تلك القوة المسلحة توازن القوى مع الدولة الحاكمة والأطراف . وكانت المفاوضات طريق اقتسام السلطة .
    فهل هو الطريق الوحيد ؟
    ونواصل

    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 08-18-2012, 07:26 AM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 08-18-2012, 08:10 AM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 08-18-2012, 08:15 AM)

                  

08-18-2012, 07:32 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)


    ملف يتعين أن يكون عالياً
                  

08-18-2012, 09:19 PM

Haydar Badawi Sadig
<aHaydar Badawi Sadig
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 8270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    نعم، عزيزي عبد الله هذا
    Quote: ملف يتعين أن يكون عالياً
                  

08-18-2012, 11:57 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: Haydar Badawi Sadig)

    التحية للاجلاء
    الاستاذ عبد الرحمن ابوساندرا
    الاستاذ عبد الله الشقلينى
    د. حيدر بدوى
    وشكرا للمساهمات الغنية والمرور الكريم
    و (حتما نعود)
                  

08-19-2012, 03:20 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)



    رسالة اخرى من د. عبد الله على ابراهيم

    --------------------------------------------------------------------------------


    عزيزي



    عيدكم مبارك.




    وهذه من باب اللي يحب النبي يزق





    الأعزاء،

    عيدكم سعيد

    تجدني ممنوناً لمن وجدوا في كلماتي أعلاه وجهاً للنفع وسبباً للتفكير في مثيلاتها من التجارب على ضوء ما جاء فيها. وأشكر للدكتور حيدر بدوي الصادق إطلالته ووعده أن يقارب التجربة الجمهورية في التفرغ بالتجربة الشيوعية.

    لم يكمل الشقليني ما عن له من حديث. ولكن اتفقت معه في أن ما نحن بصدده من تغيير للسودان جديد وجذري أكبر من ثورتي أكتوبر وأبريل. وحذرت من قوله مع ذلك إن الإنقاذ جعلت آليات الثورتين غير ذات موضوع بالنظر إلى فظاظاتها المعلومة. وحتى يكتمل للشقليني خاطره وودت أن نستصحب ماركس في واحد من أميز كتبه "الثامن عشر من برومير" الذي تركته في السودان لأجده لدى قدومي أمريكا كتاباً مقرراً في نظريات علم الاجتماع. واقتطف منه مفهومه للعلاقة القائمة بين العمل الثوري الراهن والعمل الثوري التاريخي وكيف يستدعي الأولى الثانية بطريقة تستحق تدقيقنا في درسها لأنه ما فككنا نصل بين ثورتنا القادمة وسابقاتها. وسحبت من المقتطف إشارات ماركس الأوربية والفرنسية العيانية لنحلص إلى النظرية.









    Men make their own history, but they do not make it as they please; they do not make it under self-selected circumstances, but under circumstances existing already, given and transmitted from the past. The tradition of all dead generations weighs like a nightmare on the brains of the living. And just as they seem to be occupied with revolutionizing themselves and things, creating something that did not exist before, precisely in such epochs of revolutionary crisis they anxiously conjure up the spirits of the past to their service, borrowing from them names, battle slogans, and costumes in order to present this new scene in world history in time-honored disguise and borrowed language. . . In like manner, the beginner who has learned a new language always translates it back into his mother tongue, but he assimilates the spirit of the new language and expresses himself freely in it only when he moves in it without recalling the old and when he forgets his native tongue. . . Thus the awakening of the dead in those revolutions served the purpose of glorifying the new struggles, not of parodying the old; of magnifying the given task in the imagination, not recoiling from its solution in reality; of finding once more the spirit of revolution, not making its ghost walk again.

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 08-21-2012, 09:34 PM)

                  

08-19-2012, 04:18 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)



    المداخلة (4)

    نشكر البروفيسور عبد الله علي إبراهيم ،فقد رفد ما هو جدير بالإطلاع ، والنظر إليه مع التدقيق ، وفيه وضوح حول العلاقة
    الجدلية بين القديم والجديد في تراث العمل الجماهيري .وقبل أن استكمل الفكرة التي طرحت ، أنقل مقالاً يتناول ذات الموضوع
    من زاوية ترفد الملف . أردت أن تكون سابقة قبل استكمال الراي الذي قدمت بعضه .
    مع شكري للأستاذ / طلعت الطيب وكافة أضياف الملف والمشاركين
    وكل عام وأنتم بألف خير
    Quote:
    دور الأمن والإعلام في السياسة في السودان .. بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن
    السبت, 18 آب/أغسطس 2012

    يلعب الأمن و الإعلام دوران مؤثران في السياسة في ظل نظام الإنقاذ, رغم أن الدور الكبير يقع علي عاتق الأمن, باعتبار أن النظام قائم علي نظام الحزب الواحد, و عدم الاعتراف بالأخر, إلا إذا كان الأخر يدور في فلك الحزب القائد, كما تفعله أحزاب التوالي, و التي تعتبر هي مجموعات انشقت من أحزابها الرئيسية, في ظرف تاريخ محدد, كان الهدف منه تأمين سلامة النظام القائم, و في نفس الوقت أضعاف الأحزاب الرئيسية, التي كانت قائمة قبل الانقلاب, و هي سياسية دائما تحدث في ظل النظم الديكتاتورية, و الانقلابات العسكرية, و لكن استمرارها مرهون ببقاء النظام و تغيير سياساته, و مادام إن القائمين علي النظام لم تتغير نظرتهم السياسية و متمسكين بنظام الحزب الواحد, سيظل يلعب الأمن الدور الرئيسي في السياسة في السودان, و أيضا يلعب الإعلام دورا مكملا للدور الأمني, و هي سياسة تكاملية و لكنها ليست في مصلحة النظام علي المدى القصير و الطويل, و لكن لا مفر للنظام إلا أن يعطي صلاحيات كبيرة للأمن, بهدف تأمين النظام من الأخر, و الأمن ليس لديه خيار سوي أن يمارس القمع, باعتبارها الأداة الوحيدة المتاحة أن يمارسها, و أية خيار أخر غير القمع, لا يتم إلا إذا تغيرت سياسة النظام في الزحف نحو الديمقراطية, و التخلي عن نظام الحزب الواحد.
    إذن يلعب الأمن الدور الرئيسي في حماية النظام و ليس الدولة, لأنه لا ينظر للدولة إلا بنظرة النظام, باعتبار إن النظام قد تماهى في الدولة, أي عدم الفصل بين مؤسسات الدولة عن الحزب الحاكم, و هي السياسة المطبقة في كل نظم الحزب الواحد, و هذه السياسة لا تخلق استقرارا سياسيا في الدولة, بل هي تتسبب في تحديات سياسة كبيرة, لا تكون محدودة بحدود الدولة القائمة, أنما تخرج خارج تلك الحدود, و البحث عن تحالفات بهدف فك الارتباط القائم بين الحزب الحاكم و الدولة, نتيجة لآن النظام باستخدامه الأدوات الدولة لا يترك للمعارضة خيارا, سوي البحث عن أدوات فاعلة لفك هذا الارتباط و لا تجده إلا في الخارج, الأمر الذي يعظم دور الأمن في الصراع السياسي, و لا يلعب الأمن هذا الدور بخياره أنما فرضته عليه سياسة النظام, و هي سياسة ترمي بظلالها السلبية علي الحزب الحاكم, و في نفس الوقت علي المؤسسة الأمنية و التي بممارساتها القمعية سوف ترتبط ارتباطا كليا بالنظام.
    في الجانب الأخر, نجد إن الإعلام يعتبر الأداة الثانية في حماية النظام, باعتبار أنه يلعب دورا مهما في خلق الرأي العام, و التعبئة الجماهيرية, و لكي يؤدي الإعلام هذا الدور, استطاع النظام أن يغير كل الطاقم الإعلامي في المؤسسات الإعلامية, لكي ترتبط بالنظام و سياساته, و بالتالي هناك برمجة إعلامية لا يستطيع الإعلام الخروج عنها, و هو دور مكمل لما تقوم به المؤسسة الأمنية, و هذه السياسة لا تعطي مساحة لكي يتطور الدور الإعلام لكي يقدم مبادرات تساعد علي عملية السلام, و الاستقرار في السودان, لآن مساحة الحرية المتوفرة لا تسمح بذلك, و سيظل تطور الإعلام مرهون بتطور العملية السياسية, و هي عملية لا تتم بمبادرة من النظام أنما تتم عندما تتغير موازين القوة في المجتمع, و اعتقد إن النظام الأمني و الإعلامي القائمين يدفعان في تغيير موازين القوة من خارج الأدوات المتوفرة الآن, و هذا ما كان قد حدث في كل من مصر و تونس.
    و هنا أتحدث عن الإعلام الرسمي الذي يعرف حدود حركته, و هي حركة محدودة لا يستطيع تجاوزها, أما الإعلام الأخر و خاصة الصحافة الخاصة, رغم الهامش الضعيف المتوفر من الحرية, و لكنه أيضا مهدد من قبل المؤسسة الأمنية و التي كما ذكرت ليس لديها خيار سوي أن تمارس القمع أن كان علي الأفراد أو الصحافة, باعتبار أنها الأداة الوحيدة المتوفرة لها و لا تتردد في ممارستها, هذه السياسة العامة لحزب الدولة, لا تعطي حتى للمؤسسة الأمنية أن تقدم مبادرات, بحكم المعلومات المتوفرة لها و قدرتها علي تحليلها, لذلك ينحصر دورها فقط في حماية النظام.
    إن التغييرات التي يحدثها النظام في قمة الأجهزة الأمنية أو الإعلامية, هي تغييرات لا تحدث تغييرا في سياسات تلك المؤسسات, لآن التغيير يحدث عندما يحدث تغيير في ساسة الحزب الحاكم, و هذه أيضا لن تحدث إلا في ظل التحديات التي يشعر النظام أنه يتهدد في بقائه, أو من خلال تغيير موازين القوة في المجتمع, و هي التي للأسف يراهن عليها النظام, منذ انقلابه عام 1989, عندما طلب الرئيس من القوي الأخرى, إذا أرادت السلطة عليها حمل السلاح, و هي الحروب التي تفجرت في كل أقاليم السودان, ثم أدخلت لاعب جديد هو المحكمة الجنائية الدولية, و سيظل لاعبين خارجيين يدخلون الحلبة السودانية, مادام النظام يرفض أية حلول سياسية تؤدي إلي قيام نظام تعددي ديمقراطي و ليس صوري كما ترغب قيادة الإنقاذ, هذا الوضع هو الذي يجعل الأمن و الإعلام المحورين الرئيسيين اللذان لا يستطيع أن يستغني عنهما النظام.
    فتغير وزير الإعلام إن كان من الحزب الحاكم أو من أحزاب التوالي لا يستطيع أن يغير شيئا في السياسة القائمة, فالحزب يعتقد أنه قد استطاع أن يغير كل الكادر الإعلام الذي يستطيع أن يطبق السياسة التي يرغب فيها النظام, و بالتالي إذا تغير الوزير, أو لم يتغير لا يستطيع أن يحدث جديدا أنما هي بعض التصريحات و الوعود التي يطلقها و هو يعرف لا يستطيع أن ينفذها, لآن العملية ليس في يد السيد الوزير أنما هي عملية تحتاج لتغيير شامل في العقلية الحاكمة, و هي عقلية ظلت تحكم السودان أكثر من عقدين دون أية تغيير غير أنها تضيق الخناق علي النظام و في نفس الوقت أدت إلي كل الفشل السياسي و الاقتصادي القائم الآن, فالسيد وزير الإعلام ليس في يده ما يمكن أن يقدمه, و في نفس الوقت أن المؤسسة الأمنية أيضا لا تستطيع أن تغير في سياستها الراهنة, لآن النظام لم يجعل لها غير خيار واحدا, و بالتالي يتكامل دور المؤسستين الأمنية و الإعلامية في حماية النظام و ليس الدولة, هذا الفهم هو الذي يغيب الأخر في عقلية المؤسستين باعتبار إن الأخر هو عدو متربص بالنظام و يجب محاصرته و قمعه, و هو فهم يعقد العملية السياسية و يزيد من التحديات و لا يجعل هناك سبيلا لاستقرار السلام في السودان و نسأل الله يجنبنا شرور أنفسنا.


    zainsalih abdelrahman [[email protected]]
    http://webcache.googleusercontent.com/search?...-08-18-08-41-22.html

    *
                  

08-19-2012, 11:37 AM

قيقراوي
<aقيقراوي
تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 10380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    الا
    Quote:
    رحم الله أموات التقدميين السودانيين الذين كانوا، برغم عثراتهم الكبيرة وألوان شقاقهم المؤذية، اجتهاداً كثيفاً باسلاً غير مسبوق في مصائر وأشواق خلق الله المساكين

























    ------------

    كل عام و الجميع بخير .. والبلد
                  

08-19-2012, 02:06 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: قيقراوي)

    تحايا طيبة لك يا طلعت، وللعزيز الكاتب عبد الله علي إبراهيم، والعيد مبارك عليكما مقدماً، والتحايا موصولة لكل المشاركين في هذا البوست، وكل عام والجميع بخير
    يبدو أنّ هذه الكتابة الجميلة لعبد الله قد لمست فيك وتراً يا طلعت، لكن إن كنت تراها من الكتابات أبو اتنين دفرنش لعبد الله، فبالوسع تعيين كتابات أخرى لعبد الله نفسه من أبو أربعة وأربعين دفرنش.
    وتعليقي هذا أقصد به عنونتك لهذه المقالة بكونها من أجمل وأفضل الكتابات لعبد الله. وهو كاتب مَحَرَّق في إطار الكتابة ذاتها، وبخصوص المكتوب بنلقى محل نداوسو في المحتوى.
    أمّا هذه الكتابة الماثلة أمامنا فتقل عن قطرة من بحر تجويد الكتابة عند عبد الله، وهي فعلاً عامرة بالتفكير والثراء والجمال "وليها جِوِي" كما هو أحسن المديح بالعمق على لسان أهلك البدو، يضحك نهاركما
    حقيقة ما دفعني للتداخل هو مطاردات شخصية لي لما يمكن أن يقوم به دماغ البشري من تهيئات ربما، أو من توليفات في روايات أُخر، المهم أوقفتني هذ الآية التالية من استدلال الأستاذ عبد الله بها
    وحيّرتني الكيفية التي رسمها بها الدكتور واضعاً تثنية غريبة في آخر الآية.. هنا
    Quote: رحم الله أموات التقدميين السودانيين الذين كانوا، برغم عثراتهم الكبيرة وألوان شقاقهم المؤذية، اجتهاداً كثيفاً باسلاً غير مسبوق في مصائر وأشواق خلق الله المساكين:
    "ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما ما كانا يحذران."


    بينما يقرأ عاصم ومعظم القراء هكذا
    (ونمكِّن لهم في الأرض ونُري فرعونَ وهامانَ وجنودَهما منهم ما كانوا يحذرون) القصص، الآية رقم (6).

    وهناك قارئان وهما الكسائي وحمزة قرأا هذه الآية بجعل فرعون وهامان والجنود في محل فاعل للفعل (يرى) بدلاً عن (نُري)، هكذا
    (ونُمَكِّن لهم في الأرضِ ويَرى فرعونُ وهامانُ وجُنُودُهُمَا منهم ما كانوا يحذرون) القصص، الآية رقم (6).

    ونلاحظ أنّه لا تبديل في (منهم) وكذلك (ما كانوا يحذرون) على الإطلاق، فهي على صيغة الجمع لا المثنى كما يقرأها القراء كلهم.
    من أين أتى الجمع؟ فرعون + هامان + الجنود = جمع
    وبالتالي فهناك أربع روايات بهذه الطريقة التي جلبتُها أعلاه، فمعلوم أنّه في "الشهير" من القراءات لكل قارئ راويتان، فهي بذلك عشر قراءات في عشرين رواية.
    وعليه فقد روى بهذه الطريقة الدوري عن الكسائي، وكذلك أبي الحارث عن الكسائي، كما روى خلاد عن حمزة في مسألة الفاعل فقط، لأنه يقرأ الأرض بطريقته المعروفة، وكذلك في الفعل يرى.
    ومعه الراوية الثاني خلف عن حمزة كذلك مع الإبقاء على طريقة حمزة ايضاً في مدخل الآية.
    قلتُ ربما هناك قراءة شاذة بذلك، فعدتُ إلى مُحْتَسَب أبي الفتح عثمان بن جِنِي، فما وجدتُ شيئاً هناك أيضاً.
    المهم، كيف يجري العقل البشري مثل هذه التبديلات العجيبة، ما الآلية؟

    والعيد مبارك عليكم أجمعين
    • المداخلة أرسلت ليلا وطاف عليها طائف لا ندري ممّن!
                  

08-19-2012, 07:20 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: محسن خالد)



    ونثمن لملاحظة الكاتب : محسن خالد بشأن الآية فقد وردت في المصاحف بالنص الذي ذكره . ويشكر على التصحيح :

    {4} وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ{5} وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ{6}


                  

08-19-2012, 02:05 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)


    المداخلة (5)
    الشكر للبروفيسور عبد الله وللأكرم : طلعت الطيب على حفزنا أن نكتب مساهمة في موضوع شائك ومعقد .

    المقال الثاني :

    نعود للملف :
    الأحزاب الطائفية
    التفرغ للنشاط الحزبي وسريته في حالات الدكتاتورية
    آلية الصراع السياسي بين الأحزاب والسلطة الدكتاتورية ، واللعب بالقوى .
    (1)
    في حالة غياب الديمقراطية ومؤسسات الشفافية وفصل السلطات التشريعية من القضائية ومن التنفيذية ، يصبح النشاط الحزبي مغامرة محفوفة بالمخاطر . لأن العمل الحزبي مع السرية تقف حائلاً دون تطوير العمل الجماهيري . ونما لعلمنا من عدد من المصادر أن الأجهزة الأمنية السودانية تستهلك حوالي 70% من دخل الدولة . لذا يكون من المنطقي في ظل النظم الدكتاتورية تسلل أفراد الأمن إلى مؤسسات الأحزاب ، للتجسس عليها وكشف اسرارها من اجتماعات وقائمة الكوادر ووسائل الحزب وإعلامه ومقاره وأمواله ..الخ . ومن ثم يصبح من الطبيعي انقسام الأحزاب هدفاً من أهداف الأجهزة الأمنية . ويكون الهدف الرئيس أن ينقسم كل حزب إلى مجموعة من الأحزاب الصغيرة المتنافرة ، وتعمل ضد بعضها . وتلك من وسائل وأذرعة القوة الأمنية لهزيمة الأحزاب .
    (2)
    إن العمل المجاهيري يصبح في تلك الظروف محفوفاً بالمخاطر . كما أن الأمن المضاد ايضاً يسهم في تحجيم العمل الجماهيري ، فيصبح الحزب أمني الانضباط في حين من المفترض أن يكون منتشراً بين جماهيريه ، ومتلمس لأحوالها ليحقق أهدافها .
    (3)
    إن الأحزاب التي نتحدث عنها هي أحزاب لها كل اسس تكوين الأحزاب ، وهي غير تلك الأحزاب الطائفية ، لأن الأخيرة تلتبس فيها الانتماء الطائفي بالحزبي ، لأن الانتماء الطائفي مرتبط بمؤسس الطائفة أو سلالته ، وهي محبة مريدين ليست لها علاقة بالحزب كنشاط له أهدافه وبرامجه . وتلك الأحزاب تختلف عما أشرنا إليه من التكوين العصري للأحزاب ذات الأهداف والبرنامج والأسس والتكوين . ونماذجه ( طائفة الأنصار ) و ( طائفة الختمية ). هنا تختلط مفاهيم الحزب بمفاهيم الطائفة . وفي انتماء الطائفتين المذكورتين هنالك ارتباط بالدين كمكون من مكونات تلك الأحزاب ، باي تصور كان " تجديد إسلامي أو تسامح إسلامي أو أي شكل من أشكال الأحزاب الدينية .
    (4)
    من هنا نتحدث عن الفروق بين الأحزاب الطائفية وبين الأحزاب الأخرى ، والفروق بينها ز فسنجد أن ليس هنالك من فروق بينها وبين برامج الإنقاذ ، فكلا الحزبين ( الأمة ) و( الاتحادي الديمقراطي ) لهما برنامج الاسلام السياسي ، ويختلفون في المقادير بينها وبين الحكم الدكتاتوري القائم في السودان . ومن هنا فإن قربهما من الفكر الديني الذي يهدف للحكم يجعل الفروق بينها فروق مصالح وليست فروق برامج حزبية . فقد اعتمدت الأحزاب الطائفية على الانتماء الطائفي للجماهير ، فكانت الديمقراطية المطبقة في السودان تسمح لها بالوصول للسلطة ، لذا فهي تحرس عليها لأنها السبيل لعودتها للسلطة ، وليس إيماناً بالديمقراطية . لذا تصبح الأحزاب الطائفية على درجة من القرب من النظام الحاكم في السودان منهاجاً وتوجهاً ، وتبقى الفروق فروق بين المصالح بين الزعامات والفوائد التي يجنيها الحزب الطائفي من السلطة .
    (5)
    أما الأحزاب غير الطائفية ، ذات البرامج والأهداف غير الدينية أو الحركات هي مجموعات أهلية لها رؤاها . والاختلاف بينها من اختلاف البشر وثقافاتهم ومصالحهم الطبقية . وتعدد مناهجهم تكشف طرائق نظرهم لكيف يكون الحكم السياسي في وطنهم ، وكيف يتم تقسيم السلطة والثروة والعدالة وحكم القانون .
    لدينا منظومة من المعلومات حول تسوية الصراعات للكاتبان " ماكس ايه " و " إيجرت وويندي فالزون " ولهما نهجهما في النظر لتعريف وإدارة الصراع وتحليله ومن بعد ذلك حسمه . فيه تلميحات عن أساليب الصراع وفهم أسبابه وكيفية الوصل للحلول الإيجابية للصراع:
    (6)
    الحياة مشحونة باحتمالات الخلاف ، وتتكون الصراعات لأنه ليس هنالك ما يكفي مما يريده الجميع . والصراعات تنشأ بسبب المال والخدمات والسلطة والممتلكات وغير ذلك .الصراع يحدث في البيت والعمل وبين الأشخاص وفرق العمل والجماعات والقبائل والعشائر والدول والأمم . والصراع يحدث في كل وقت وفي كل مكان . وحيثما وُجد الناس وُجد الصراع . لذا يجب تعلم مهارات التوحد مع الآخر والإصغاء له والشعور بالحميمية تجاهه والموازنة بين الحاجات العاطفية والتفكير العقلاني . إن كنت تمتلك السلطة والنفوذ ، يصبح القهر وإكراه الآخرين قضية سهلة ، ولكنها لا تحقق النجاح في المدى البعيد . وإن كان الصراع حتمياً فيتعين فهمه ، ثم التفكير في طرق تسويته والاستفادة الايجابية منه .
    (7)
    تعريف الصراع : (أ)
    يحدث الصراع بين طرفان أو أكثر . أحدهما عادة يمتلك قدراً أكبر من القوة . ويؤكد أن لديه الحق في الاحتفاظ بأحد المصادر المحدودة ( الأشياء غير المتاحة للجميع ) وفي اتخاذ إجراء وإحباط الأطراف الأخرى .
    يمكن أن يحدث الصراع بين أكثر من طرفين .
    لو امتلك أحد المتصارعين قوة مطلقة ، فسوف يقوم بتسوية الصراع بدون تفاوض . لأن صاحب القوة يصبح صاحب الحق ويحصل على ما يريد .
    إذا تعلق الأمر بالمصادر غير المحدودة ( الأشياء المتاحة للجميع ) كالهواء الذي نتنفسه ، فلن يكون هنالك صراع ، ولكن عادة إذا ما أصبح للشيء سعر ، فمن الممكن أن ينشب حوله الصراع .
    كل من الطرفين يستطيع إحباط متطلبات الاخر . وإن لم يكن ذلك مستطاعاً فلن يكون هنالك صراعاً من الأساس .
    تعريف الصراع : (ب)
    طرفان أو أكثر يريدان السيطرة على مصدر محدود .
    كلا الطرفين يعتقد أن سيطرته على هذا المصدر أمر مشروع .
    اعتماد كل طرف على الاخر ، فكل منهما في حاجة للآخر .
    ليست هنالك فروق ضخمة في القوة بين الطرفين .
    فوائد الصراع :
    الصراع يعزز النمو والتطور من خلال تعلم التغلب على التحديات .
    الصراع يعزز الابتكار والإبداعية ، لأن أطراف الصراع يقترحون التغلب على الخلافات بين الأطراف .
    الصراع يعزز الفهم المتبادل للقيم والطموحات والثقافات المختلفة .
    الصراع يعزز التغير والتقدم الاجتماعي ، لأن المجتمع يتغير ويتطور .
    الصراع يعزز عملية التجديد والتفكير والتأمل في مواجهة وجهات النظر .
    التأثيرات الضارة للصراع :
    مستويات أعلى من التوتر بين الأطراف المتصارعة .
    انتاجية أقل ، بتحول المصادر والجهود إلى الصراع
    تدني مستوى العلاقات والترابط بين الأشخاص .
    وقت الصراع مستقطع من الوقت لأمور تكون أكثر أهمية .
    يتم اتخاذ قرارات غير مناسبة في المواقف المختلفة بين الأطراف .
    المكانة والذات تصبحان أكثر أهمية من العقل والواقع .
    إمكانية الكلفة الزائدة لتغطية تكلفة التحضير للتفاوض ووقت التفاوض أو التحكيم وربما الكلفة القانونية .
    (8)
    النتائج المحتملة الأربع للصراع :
    نتيجة موجبة +2 = الطرف (أ) (+1 )والطرف (ب) (+1) ، يشعران بالرضا وتسوية الصراع .
    نتيجة صفر = الطرف (أ) يشعر بالرضا (+1) ولكن الطرف (ب) يشعر بالاستياء (-1).
    الحصيلة صفر = الطرف (أ) يشعر بالاستياء (-1) ولكن الطرف (ب) يشعر بالرضا (+1) .
    النتيجة -2 = الطرف (أ) لا يشعر بالرضا (-1) وكذلك الطرف (ب) والصراع مستمر
    أنواع الصراعات :
    (أ) شخصية :
    الصدامات الأيديولوجية
    الصدامات المتعلقة بالنزعات : المغالاة في مقابل الاعتدال .
    الصدامات العمرية : الشباب في مقابل الكبار .
    الصدامات القيمية : المحافظة في مقابل التحررية .
    (ب)متعلقة بالمؤسسات :
    الاتحادات ضد الإدارة
    المنافسة داخل المؤسسات
    المنافسة بين المسئولين التنفيذيين وصراع المناصب
    (ج) فنية / داخل فرق العمل :
    أقسام تتصارع فيما بينها داخل المؤسسة
    (د) قومية :
    الصدام على الثروة : الفقراء ضد الأغنياء
    الحروب الأهلية .
    (د) دولية :
    الحرب الباردة
    الحرب ضد الإرهاب
    حرب الدول
    (9)
    طرق تسوية الصراعات :
    التركيز على القوة :
    عادة ما يفوز الطرف الأكثر قوة ، وكما قلنا صاحب القوة يصبح صاحب الحق وهذا هو موقف فائز/ خاسر ، ولكن يظل الصراع قائماً لأن الخاسر يشعر بالاستياء . أما إذا كان الطرفان متساويان وهي موقف خاسر / خاسر فينتج كارثة من الصراع وهو ما تم بشأن ( المؤتمر والحركة الشعبية ) حيث لا يحقق أي من الطرفين مكاسب .
    التركيز على الحقوق :
    في هذه الحالة تخضع القرارات للمتطلبات القانونية ، أو الثقافة الزائدة لدى الطرفين المتنازعين ، ويكمن الوصول لاتفاق ما ، ولكنه لا يضمن تسوية الصراع ، وبعد اتخاذ القرار يمكن أن يظل الطرفان على حالهم من عدم الرضا ( وهو ما تم في نيفاشا ) .
    (ج) التركيز على المصالح المشتركة :
    لأن كلا الطرفين المتصارعين يعتمد على الاخر ، عليهما أن يستمرا في التعايش معاً ، فإن الاتفاق الذي يتم التوصل غليه من خلال إدراك المصالح المشتركة ، يمكن أن يؤدي للتوصل لحل مرض للطرفين في اغلب الحيان . وهذه علامة الحل حقيقي للصراع .
    (10)
    مستويات الصراع :
    يبدأ من : الضيق ويصعد إلى الانزعاج ثم إلى الغضب ثم في نهايته إلى العنف .
    الضيق : المشكلات أو الصعوبات ليست خطيرة ولكن تم تجاهلها .
    الانزعاج : المشكلات تجلب إحباطاً متزايداً ويبدأ التوتر في التزايد وتتوقع صعوبات .
    الغضب : المشكلات تجلب مشاعر وأحاسيس قوية بالظلم والعداوة . ويبدأ التعبير عن الاعتراضات بشكل انفعالي .
    العنف : يُعتقد أن الموقف الذي تم اتخاذه مبرر تماماً . يصبح الثأر والانتقام همل الشغل الشاغل ، وتصبح هناك حاجة للفوز ، بغض النظر عن التكلفة . والحاجة ليتكبد الطرف الاخر الخسارة . ويتم التعبير عن الاعتراضات بشكل مادي ويتطور للعنف .
    (11)
    الختام :
    ليس من السهل البقاء في موقف الضعيف ، والإحساس بعدم القدرة على فرض الواقع الديمقراطي على النظام أو السلطة مع غياب الشراكة والحرية والعدالة . هذا ما قاد مباشرة إلى تصريح رأس الدولة أول أيام الانقاذ ، بأن من يريد أن يصارعنا أن يحمل السلاح مثلما حملناه نحن :( الزارعنا غير الله اليجي يقلعنا ) . لقد وصلت الصراعات إلى حدود العنف والتقتيل والتصفية العرقية ، وقد لجأت بعض أطراف المعارضة للنظام إلى قوة السلاح ، في حين بقيت الأحزاب الطائفية في المعارضة السلمية والمشاركة في الحكم والسلطة بقدر قوتها في المفاوضة . وتحولت الحركات ذات القوة العسكرية وأنجزت اختراقاً حقيقياً لمراكز القوة في السلطة ، واستطاعت الحركات في الأطراف أن تكون لها بواسطة السلاح القوة على مقارعة النظام بوسائله . وأحدث ذلك إعادة توازن للقوى ، بل خرجت بعض الحركات بتوازن قوى مع النظام الحاكم في حين أنها لا تملك جماهير تعادل تلك القوة التي اكتسبتها بالسلاح على الأرض .
    وبقيت الأحزاب التي تتصارع سلمياً ، قيد السيطرة الأمنية للنظام والتدجين . وهي تراوح مكانها من الضعف ولم تحقق شيئاً . إضافة إلى أنها تختلف برامجها عن برنامج النظام الحاكم أو الأحزاب الطائفية . والأحزاب الطائفية تقبل الذلة والمسكنة إن توفرت لها المصلحة . ولكنها لن ترض بحالها لأن النظام الديمقراطي يفسح لها المجال في المشاركة الحقيقية في السلطة كند .
    من هنا يتعين قيام الأحزاب بالخطو الواسع ، والتغيير الدراماتيكي في المفاهيم وفي الوسائل من أجل استعادة توازن القوى بين الذين لديهم غلبة الجماهير ، وليست لديهم القوة المسلحة لمنازلة النظام وأجهزته . فليست الحركة الجماهيرية بقادرة على إسقاط نظام دكتاتوري وصل بمقاومة الآخر إلى إراقة الدماء ، وليس لمقاومته حدود ، فمعظم قادته تطلبهم محكمة الجنايات الدولية ، وليس لديها فسحة للتنازل عن الحكم سلمياً .

    هنالك دعابة قديمة تقول ( أين يجلس الرجل الذي طوله حوالي مترين ويزيد وزنه عن مائة وعشرين كيلو جرام ويحمل مدفعاً رشاشاً في عربة قطار مزدحمة ؟ .الإجابة هي : ( في أي مكان يريده ) .

    *
                  

08-19-2012, 07:11 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    الاستاذ قيقراوى
    الاستاذ الكاتب محسن خالد
    الشكر والتحية على المرور والتداخل
    شكرا يا استاذ عبد الله على المداخلات عالية القيمة
    اشكرك كذلك على المشاركات المتعددة والغنية اثناء فترات غيابى عنه
    واعود لمواصلة الكتابة والتعليق باذن الله
                  

08-20-2012, 10:11 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)




    ملف يتعين أن يكون عالياً


                  

08-20-2012, 07:17 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    اعتذر عن الغياب المؤقت لظروف العمل والعيد معا
    شكرا مرة ثانية للاستاذ عبد الله الشقلينى للاضافات المميز






    ----------------------------------------------------------------

    We teach people how to treat us by what we are willing to tolerate.
    "Progress is impossible without change, and those who cannot change their minds cannot change anything" Albert Einstein
                  

08-20-2012, 08:32 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)
                  

08-20-2012, 08:47 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    فى المقال اعلاه كتب د عبد الله على ابراهيم ان جماعة حق فى سعيها للاصلاح قد رمت بالماركسية نفسها ، وهو محل نظر لسببين اولهما ان جماعة حق غير معنية اصلا بمسألة الماركسية، انما طالب بذلك الخاتم عدلان ونفر ممن خرجوا عن الحزب الشيوعى ليؤسسوا جق مثل المرحوم خالد الكد والحاج وراق واخرين ، اما ثانيهما ، فإن النقد نفسه الذى وجه للحزب الشيوعى من قبل هذه المجموعة كان حول غياب الديمقراطية الحزبية وضرورة الرمى بالنسخة اللينينية من الماركسية وليس الماركسية نفسها لان الماركسية نفسها ونظرية الصراع conflict theory بشكل عام ضرورية ضمن تعدد المناظير فى فهم الظواهر الاجتماعية والسياسية المعقدة .
    اما مسألة غياب الديمقراطية الحزبية فقد كتب المرحوم الخاتم فى آن اوان التغيير) ما يلى:


    Quote: المركزية الديمقراطية ...داء الحزب العضال :

    العوامل التى عددناها ، والتى اعاقت نمو الحزب ، ذات طابع خارجى ، برانى . اى انها تختص اساسا بعلاقة الحزب بالمجتمع ، او الطبقات او الفئات المختلفة . ولكن ثمة عقبة ذاتية ، داخل الحزب الشيوعى ذاته ، تعيق نموه وتحبط تطوّره . وهى تتمثل فى المبدأ التنظيمى الذى يحكم حياته الداخلية والمسمى - المركزية الديمقراطية -..فسيادة هذا المبدأ التنظيمى هى المسؤولة عن عقم حياة الحزب الداخلية ، وضيقه فى الرأى ، وتبرمه باستقلال الفرد ونمو شخصيته المستقلة ، وتوخيه للطاعة المطلقة
    فى كوادره واعتبارها شرطا اساسيا للترقى الحزبى . وهى المسؤولة عن ظهور الشيخوخة المبكرة فى هيئات الحزب القيادية.
    وعلى كثرة ما قيل فى هذا المبدأ من مدائح ، وما دبج فى الدفاع عنه من مقالات وكتب ، فان الحجج التى تسنده لا تخرج عن اثنين:
    ١- ضمان وحدة الحزب والوقوف فى وجه اية محاولات تكتلية وسحقها فى مهدها .
    ٢- اقامة نظام طاعة حديدى يزعم انه يرتفع بفعالية الحزب الى الدرجة القسوى.
    واذا افترضنا ان مبدأ المركزية الديمقراطية يؤدى بالفعل الى تحقيق هذين الهدفين، فانه يحققهما فى راينا ، بثمن فادح يملى علينا الاقلاع عن تبنى هذا المبدأ . ولو سلمنا جدلا بان المركزية المطلقة كان لها ما يبررها فى بداية القرن فى بلد مثل روسيا ، فانها حاليا قد فقدت اى مبرر تاريخى. ويبدو لنا ان الذى فكر فى الجمع بين المركزية والديمقراطية قد اتخذ الاولى كنقطة انطلاق واضاف اليها الثانية كمسوغ لقبولها ليس غير . وذلك لسبب بسيط وهو ان الديمقراطية تحتوى على مركزيتها الخاصة . فخضوع الاقلية لرأى الاغلبية مبدأ ديمقراطى معروف ، يضمن وحدة المنظمة المعنية ويجسد ارادتها . يضاف اليه مبدأ التمثيل الذى يؤدى نفس المهمة على المستويات الاعلى فالاعلى . وتكمل البناء الديمقراطى وترتقى بالفعالية الحزبية ، مبادىء اخرى صاغتها الافكار السياسية عبر القرون. مثل التوزيع الافقى للسلطة الحزبية، التخصص ، الاعتبارات الفئوية والجغرافية ، العرقية والقومية، المؤتمرات المنتظمة الصحافة الحزبية ..الخ .
    وبما تشيعه الديمقراطية الحزبية من رضى عام وسط الحزب وهيئاته ، فانها ترفع فعاليته الى الحد الاقصى . وهكذا فان وحدة الحزب وفعاليته يمكن ضمانها باعتماد الديمقراطية وحدها كمبدأ تنظيمى.
    ان ممارسات الاحزاب الشيوعية تشهد ان الديمقراطية قد تمت التضحية بها على الدوام لصالح مخدومتها المبجلة : المركزية المطلقة . فعلى مستوى الحزب ، صارت القيادات العليا تفرض هيمنتها الكلية على كل عضويتها وتحتفظ لنفسها بسلطات تظل تتسع باستمرار، وتتطور فى اثناء ذلك آليات تنظيمية تسحق كل نزعة مستقلة.
    وعلى مستوى الطبقة العاملة، وبفضل نفس المبدأ ، تحولت المؤسسات التى انشاتها لخدمتها الى مؤسسات سيدة ، ومتعالية عليها . وعلى مستوى المجتمع ككل ، صارت السياسات البيروقراطية متنزلة من سماوات السلطة اوامر الهية لا تقبل الاخذ او الرد.
    ان المركزية الديمقراطية هى مبدا الحماية المطلقة للقيادة فى مواجهة قاعدتها . فعندما تصل القيادة الى مراكزها السماوية عن طريق اليات المركزية الديمقراطية فان شيئا اقل من زلزال لن يزيحها من اماكنها . هذا مع الاعتبار الكافى لكون ممثليها كافراد يمكن ان يزيحوا عن طريق الموت او العجز الكلى ، او التآمر.
    وحتى لا نتهم بالتحامل على المركزية الديمقراطية ، دعونا ناخذها فى صورتها المثالية ، ونفترض ان التنظيم القائم على اساسها قد طبق تطبيقا كاملا .فهيئاته من القاعدة الى القمة منتخبة ، ويسود فيها مبدأ خضوع الاقلية لرأى الاغلبية ، وتخضع الهيئات الدنيا للعليا ، وتعقد مؤتمرات الحزب بصورة منتظمة ، وتقرر برامجه ولوائحه فى هذه المؤتمرات ، وتصدر مجلاته الداخلية تحمل آراء مختلفة ومتصارعة لاعضائه ، وتصدر مجلاته وصحفه الجماهيرية لتحمل تصوراته الموحدة الى الشعب. هل ينتفى حينها طغيان القيادة واستئثارها بصلاحيات شبه مطلقة؟
    اعتقد ان الاجابة بالنفى . وذلك لسبب محدد هو ان اجراءات انتخاب اللجنة المركزية ، وكل الهيئات القيادية التابعة لها هى اجراءات غير ديمقراطية. فاللجنة المركزية السابقة ، او مكتبها السياسى بالاحرى ، هى التى تقدم قائمة الترشيحات للجنة المركزية الجديدة. وما دامت هذه القائمة هى القائمة الوحيدة فانها ستفوز فى جميع الحالات . وفى ضوء القانون اللائحى بمنع التكتل والاتصالات الجانبية، فانه من المستحيل عمليا تبلور اية مجموعة ، بمعزل عن المجموعة القائدة ، تستطيع ان تقدم قائمة بديلة. ويبقى من حق الافراد اذا احتملوا الهمهمات الساخرة والنظرات القاسية ، ان يتقدموا بترشيحات فردية ، حظها من النجاح يكاد يكون صفرا. ولكن حتى اذا فازت فانها لا تؤثر على تركيبة القيادة . ولا يبقى امام المعارضين للترشيحات الجديدة سوى الامتناع عن التصويت وهو حق العاجز، الذى لا يقدم ولا يؤخر وبمجرد انتخاب اللجنة المركزية فان هيئات الحزب القيادية كلها يكون امرها قد حسم . واللجنة المركزية ، والمكتب السياسى، والهيئات المحيطة بهما ، هى التى تحدد سياسات الحزب ، ومواقفه العملية ، وهى التى تحكمه حكما صارما.
    ويتم التركيز دائما على ان اجازة البرنامج السياسى هى الامر الاهم . وان العضوية عندما تجيز ذلك البرنامج فانما ترسم للقيادة اتجاهها ، وتحدد لها دورها . وهذا صحيح نظريا . ولكن عمومية البرنامج نفسه ، تسمح بسياسات وتفسيرات متعددة، وربما متناقضة. ولذلك لا يمكن الاحتجاج به . وما يقال عن الوحدة حول البرنامج ، يقال لصحة اكبر حول وحدة الايديولوجية .
    وعندما تستند القيادة الى مبدأ خضوع الهيئات الدنيا الى الهيئات العليا فانها ستتمكن من فرض رأيها على مجموع الحزب حتى اذا كانت كل الهيئات الدنيا تعارض هذا الرأى . واذا كان هذا المبدأ هاما لفعالية اى تنظيم سياسى فان الضمانات الكفيلة بعدم طغيان القيادة لم توضع مطلقا.
    وغالبا ما لا تخضع الوثائق التى يخرج بها المؤتمر لحوار جدى قبل المؤتمر او اثناء انعقاده. فوثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية على سبيل المثال تمت قراءتها على الاعضاء اثناء المؤتمر الرابع ، وهى كتاب . وتمت تعبئة الحزب حولها بعد انفضاض المؤتمر واستمرت التعبئة لاكثر من عام.


    نخلص الى ان الحزب القائم على المركزية الديمقراطية كما اثبتت تجارب الاحزاب الشيوعية دون استثناء، هو حزب غير ديمقراطى . واذا كانت ثمة ديمقراطية داخله ، فهى من نصيب القيادة وحدها ، فى حين تتجه المركزية الى اخضاع القاعدة وتأديب المارقين.
    ان المبادرة فى مثل هذا الحزب تأتى دوما من القيادة وحدها . ويصبح التلقى والتنفيذ هو القدر الذى لا مفر منه بالنسبة للقاعدة. فالمركزية المطلقة هى الاداة الفعالة لخلق قاعدة سلبية ، عديمة الارادة ، مغتربة داخل حزبها الذى جاء ليجتث الاغتراب من المجتمع ، وممزقة لا تدرى ماذا تفعل - ولا نعدو الحق اذا قلنا ان العلاقة بين القيادة والقاعدة دائما مأزومة ومريضة. فالقيادة دائما تنزل رؤيتها فى شكل توجيهات ، وتتوقع من القاعدة ان ترفع لها الشواهد والبراهين التى تؤكد لها صحّة تلك التوجيهات وتقمع وتحجب ما عداها . وان القاعدة تنتظر راى -الحزب - فى كل صغيرة وكبيرة ، معتقدة ان الحزب هو هيئاته القيادية. وبين هذه وتلك ، يوجد الجهاز الحزبى المتخصص فى تنزيل التوجيهات ورفع التأكيدات.
    وبالتدريج ، وبفعل هذه الالية ، وبفعل الدوافع والنوازع الانسانية ، البالغة التعقيد ، وبفعل تأثيرات السلطة الحزبية ، او السلطات السياسية اذا وجدت ، يتحول رأى الحزب وتوجيهاته الى اوامر اتوقراطية غير قابلة للمراجعة. وتتحول تاكيدات القاعدة الى مديح وثناء وتأليه وعبادة . فعبادة الفرد ليست سوى عبادة القيادة. وليست سوى الثمرة السامة للمركزية الديمقراطية. واذا كانت تخلق على مستوى القيادة ، طغاة قساة القلوب، مثل ستالين وشاوشيسكو، او تسمح لهم بالصعود ، فانها على مستوى القواعد تخلق جيشا كاملا من المداحين، والكذابين ، وماسحى الجوخ والمزيفين والمزيفين والمزيفين. وهؤلاء هم الذين سيحتلون تدريجيا اهم الوظائف الحزبية ، ويفرضون سيطرتهم الكاملة على جهازالحزب ، ويسخرونه فى عمليات القمع القاسية ، وعمليات الافتراء الخبيثة والتى يوجهونها ضد اشرف وانظف العناصر الحزبية هذه العناصر التى تستفزهم استفزازا لا يحتمل بمحض نبلها واستقامتها وصدقها واستماتتها فى الدفاع عن القضية النبيلة التى انشأ الحزب اساسا من اجلها. وهنا يصبح الحزب مريضا مرضا لا شفاء منه ، مغتربا عن ذاته ، وعن رسالته ، وعن مجتمعه. وبدلا عن ان يكون منفذا للمجتمع يتحول الى خطر ماحف يهدده . انه يغرق بالكامل فى مرحلة انحطاطه ولن يشفى الا باستئصال تام لاورامه الخبيثة.
    ويمكن للحزب ان يقاوم هذه الاتجاهات التى اشرنا اليها ، من جهة التعبير عن نفسها بالكامل ، ما دام فى صفوف المعارضة، ولكنه لا يستطيع مقاومتها مطلقا اذا استولى على السلطة . وتجربة الاحزاب الشيوعية فيما كان يعرف بالمعسكر الاشتراكى خير شاهد على ذلك . فالظاهرة الستالينية هى القاعدة وليست الاستثناء فى جميع هذه التجارب. وبانتقال الحزب الى السلطة ينتقل مبدا المركزية ليشمل المجتمع ككل . وتنتقل ظواهرها السالبة من حيزها الحزبى المحدود الى الحيز الوطنى العام . كما انها تصبح اكثر تفاقما وعمقا وعقما ايضا.


    ( ان منع تكوين الاقلية ، ومأساة الرأى الاخر ،ومصادرة الديمقراطية ، وانشاء بنية سايكولوجية متينة لدى عضو الحزب تخشى الاختلاف والاستقلال والتميّز خشيتها للمرض ، هى ظواهر كفيلة باحباط وسحق تطور اى حزب او منظمة . ولا غرو ، فذلك يمثل الالغاء العملى لفعلية قانون التناقض الماركسى والذى هو القوّة الدافعة لكل تطوّر. فهذا القانون القائم على وحدة وصراع الاضداد قد ابطل فعله داخل الحزب بالتركيز وحيد الجانب - المرضى احيانا - على الوحدة على حساب الصراع. وانه لمن المفارقات الاليمة فى تاريخ الفكر السياسى والتنظيمى ان يبادر الداعون الى نظرية ما ، والمؤمنون بصحّتها وصوابها ، الى الغاء جوهرها حينما يشرعون فى تطبيقها . خاصة وان تلك النظرية تصر على وحدة الفكر والتطبيق، وتعتقد ان حقيقتها لا تتكشّف الاّ فى وحدتها . للاسف الشديد فان هذا هو بالضبط ما حدث بل ان اكثر ما يثير القيادات الحزبية ويفجّر غضبها هو القدح فى مبدأالمركزية الديمقراطية الذى ادى الى كل هذه النتائج السالبة . ولا يحدث هذا الا لان هذا المبدأ يتعلق بالسلطة الحزبية وبحماية المواقع القيادية.




    أعود للاستشهاد بنصوص المرحوم الخاتم حول أهمية الماركسية كمنظور perspective
                  

08-20-2012, 08:58 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    وجاء فى ورقة المرحوم الخاتم فيما يخص تصوراته لاصلاح الحزب الشيوعى ما يلى:

    Quote: - لقد تكون الحزب الشيوعى على خلفية من الرؤى الشاملة ، وعلى ايمان عميق بعملية ثورية واحدة تحدد مصائر البشرية جمعاء ، وعلى المسؤولية الاخلاقية النبيلة تجاه الانسانية كلها وخاصة كادحيها . وغالبا ما ينسى الكثيرون أن الهدف النهائى للماركسية هو الانسان . ليس الطبقة ولا الحزب ولا الدولة . بل الانسان الفرد ، المتحرر من كل هذه المؤسسات المشار اليها ، باعتبارها قيودا خارجية على فعاليته الانسانية الحرة ، التى يجب ان يسمح لها بالتطور تطورا غير محدود . ان هذا الهدف النهائى المتمثل فى التحرر الانسانى الشامل ، سيبقى على الدوام حافزا للمسيرة الانسانية ، ومفجرا للطاقات البشرية ، ودافعا لتخطى الانسان لذاته وواقعه . ولكن وسائل الوصول الى ذلك الهدف النهائى ستختلف على الدوام . بل ان الانسانية ستتوقف فى كل محطة هامة من مسيرتها الصاعدة ، لتعيد النظر فى الوسائل التى اعتمدتها بالامس . وستتبنى وسائل اكثر تقدما اصبح استخدامها ممكنا بفضل المسافة التى قطعت ، والمعارف التى تراكمت . وهذا ما عبرنا عنه بأن كل لحظة من لحظات الانسانية أصبحت لحظة تنظير . ولذلك فان اضفاء اية قيمة مطلقة على الوسائل ليصبح مسألة غير علمية - كما ان الاهداف نفسها ، الانسانية من حيث الجوهر ، سيتم تعميقها وتوسيعها وتوضيحها .
    لقد تمت صياغة المشروع الماركسى بالتركيز على لحظة التعميم النظرى . والعكس ذلك فى الفكر والممارسة معا . وكان ذلك على حساب الخصوصية ، الامر الذى أصاب الممارسة الثورية بأضرار فادحة . وتمّ التركيز على الاهداف النهائية ، على حساب الاهداف الجزئية كوسائل فقط ، مع انها تشتمل على غائيتها الخاصة ، والتى لا يمكن الوصول الى غاية نهائية - ان كان ثمة شىء كهذا - بدونها .
    وقد عومل البشر أنفسهم كوسائل فقط فى كثير من لحظات التاريخ المأساوية ، مع أن كانط كان قد حذر من ذلك قبل ماركس بكثير .
    وقد أستبان الآن مدى التعقيد الذى ينطوى عليه المجتمع الانسانى المعاصر . ومدى التعقيد الذى تنطوى عليه عملية تحريره . مما يجعل التركيز على خصوصية الجماعة البشرية ، الموجودة فى هذا القطر او ذاك ، فى هذه القارة او تلك ، والبالغة مستوى معينا من تطور القوى المنتجة ، ومن قوانين الاجتماع ، وموروثات الثقافة ، أمرا لازما لصياغة اى برنامج سياسى او مشروع للنهضة . كما ان التركيز على الجزئى ، وعلى الاهداف المرحلية يصبح من مقتضيات النظرة العلمية ذاتها . وقد اوضحنا ان كل ذلك لا يتم على حساب المشروع الانسانى العام ، ولا على حساب الاجيال القادمة . بل العكس يضعها على قاعدة ارفع من التطور الانسانى . ويرفع عنها عبء الوصاية التى يصوغ لها مسبقا شروط حياتها ، مع انها اكثر قدرة من هؤلاء الاوصياء . هذه الاعتبارات تملى علينا النزول من سماوات الثورة العالمية ، ومآلات الانسان النهائية ، الى الاحتياجات الماثلة لشعبنا ،ومجتمعنا ، فى هذه اللحظة من التاريخ ، وفى هذه البقعة من الارض .


    ٩- ان الحزب الذى يتوق اليه شعبنا هو حزب القوى الحية فى المجتمع من منتجين بأدمغتهم وأيديهم ، ومن رأسماليين مرتبطين بالانتاج والوطن ، ومن أقليات قومية ودينية وثقافية ، فى قوة اجتماعية كبرى تواجه التخلف بكل أشكاله ، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ، وتواجه المجاعة وسوء التغذية ، ونسبة وفيات الاطفال المأساوية ، والسكن العشوائى وانعدام المياه والدواء ، وتخلف التعليم وتدنى الثقافة ، ورداءة المواصلات ، وبؤس وبدائية الكساء ، وتخلف قوانين الاحوال الشخصية ، ودونية المرأة . قوة اجتماعية كبرى تغادر الامس السياسى الى المجرى العميق للسياسة السودانية ، والمجتمع السودانى . قوة تصل السلطة وتبنى نظاما ديمقراطيا معززا ووطيدا . قوة اجتماعية كبرى ، وحزب سياسى حديث وتقدمى . يتحدث لغة الشعب ، ويأخذ من كل انجازات العصر.


    ١٠- وكما هو واضح فان هذا الحزب لن يكون حزبا شيوعيا لأنه لا يتبنى موقفا أيديولوجيا متكاملا ازاء الكون ، ولا يبشر بمرحلة معينة يتوقف عندها المجتمع البشرى ، ولا يرمى الى اعادة صياغة المجتمع وفق مخطط نظرى شمولى . وهو ليس حزبا اشتراكيا اذا كانت الاشتراكية هى الملكية العامة لوسائل الانتاج ، مفهومة بأنها ملكية الدولة . انه حزب للعدالة الاجتماعية والتى هى مقولة عامة لها وجهها الاقتصادى والاجتماعى والسياسى ، وهى الجهد المدروس لرفع المظالم . اى انها مقولة مفتوحة ، تعطى فى كل منعطف معنى محددا . انها تتعامل مع المجتمع كتكوين معقد ، مداخل العدالة اليه متعددة ، وليس مدخلا واحدا . ان العدالة الاقتصادية هامة واساسية ، ولكن أهميتها وأساسيتها لا تقلل من أهمية وأساسية الجوانب الاخرى . كما ان حل التناقضات الاقتصادية ، أو بعضها لا يؤدى بصورة تلقائية أو بسيطة لحل التناقضات الاخرى .


    ١١ - ان اقامة هذاالحزب تتم بمبادرتنا ، وانطلاقا من كل انجازاتنا واستفادة من كل قوانا ، مع التشاور الواسع مع كل العناصر الوطنية والتقدمية والديمقراطية والمثقفة . ان الانتماء الى مثل هذا الحزب سيكون ميسورا لكل انسانا مستنير سياسيا . وسيكون بالفعل (اتحادا اختياريا لمناضلين شرفاء واعين). اى انهم سيحتفظون ازاءه بقدر وافر من الحريات الخاصة والشخصية ، فالانتماء اليه ليس نوعا من العبودية ، وليس بيعا للنفس . وهذا لا يضعف روح الانتماء ، بل بالعكس يقويها . فالحزب الذى يحفظ لاعضائه حقوقهم وكرامتهم هو الحزب الجدير بتفانيهم . هذا التفانى الذى يمكن ان يصل الى درجة التضحية بالنفس ، ان الانسان ليقبل الموت من اجل المبادىء التى يمثلها الحزب ، طالما ظلت هذه المبادىء تمثل بالنسبة له قناعات شخصية راسخة وطالما ظل ينعم داخله بكرامة موفورة ، وحقوق مرعية ، وفى نفس الوقت ، فهو يستطيع ان يتركه دون ان تلاحقه اللعنات وتختلق له العيوب ، وتنبش من طيات الذاكرة . الطبيعة الاختيارية لهذا الاتحاد ستتحول من نص لائحى مجمد الى ممارسة يومية . بل ان المرء ، يتطلع الى ذلك اليوم الذى تقيم فيه الهيئة الحزبية المعنية حفل شاى بهيج لاولئك الذين قرروا التقاعد او الخروج من الحزب ، تعدد فيه انجازاتهم ، ويشيعوا فيه بدعوات النجاح فى مقبل ايامهم ، كما يعدد فيه اولئك المتقاعدون والخارجون التجارب التى استفادوها من الحزب ، والخدمات التى قدمها لهم ، والعلاقات والصداقات والاعمال المشتركة التى يمكن ان يؤدوها مع الحزب . هذه ممارسة تحدث فى كل مؤسسة متحضرة . وستنتهى بالتالى ظواهر السجال المرير والVendetta التى غالبا ما تحدث بين الحزب والخارجين عليه.
                  

08-21-2012, 07:14 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)



    المداخلة (6)

    من ورقة الخاتم عدلان آن أوان التغيير :


    Quote: إن أزمة المشروع الماركسي تتمثل في هذه النقطة بالذات. فقد راهن هذا المشروع على حصان بدأ جامحا ولكنه أصيب بالوهن في منتصف الطريق. ولعله سيكون من المفيد أن نتذكر أن تعلق ماركس بالبروليتاريا كان في أساسه تعلقا رومانسيا، لفتى لم يتعد العشرين إلا قليلا عندما كان يبحث عن العدالة المطلقة، فاستعار دون أن يعي مفهوم المسيح المخلص، وأصبغه على طبقة أثارت شفقته، واستفز شفاؤها حسه العميق بالعدالة. وقد ظل ماركس في سن نضجه وشيخوخته، أمينا أمانة مدهشة، لمشروع كان قد صاغه في صباه. إن الذي يقرأ نصوصه حول العمال الفرنسيين، والعمال المهاجرين الألمان "الذين يشع النبل من أجسادهم" سيدرك بسهولة ما يرمي إليه. وإن المطلع على أعمال ماركس لن يجد في ترشيحه للبروليتاريا لقيادة التأريخ الإنساني سوى أسباب واهية.


    وثيقة آن آوان التغيير!! للأستاذ الراحل الخاتم عدلان

    *
    الأكرم : طلعت الطيب
    تحية طيبة وود كثير

    أنا أعتقد بأنك ذهبت بالملف بعيداً عن قضايا الأحزاب والتفرغ وهو موضوع البروفيسور عبد الله علي إبراهيم .
    وقد سبق أن ساهمنا في ملف عن ( آن أوان التغيير ) وأن العبارة المقتطفة أعلاه من ورقة الخاتم عن ماركس فيها إجحاف كبير بفيلسوف
    كماركس وقد سبق أن تحاورنا حول الموضوع من قبل .وأنا أعتقد بأن المقتطفات التي نقلتها عن الخاتم تذهب بعيداً عن الملف الذي يتناول قضايا
    حيوية أخرى .
    لذا أنا أتوقع دراستك عن المقال موضوع الملف .

    تقبل ودي ومحبتي .

    *
                  

08-21-2012, 10:09 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    عزيزى الاستاذ عبد الله
    التحية والتقدير
    فعلا موضوع التفرغ مهم ولكن المقال طرح عدد من القضايا
    انا اتيت بموضوع رمى ناس حق للماركسية الذى اثاره المقال لاننى حريص على ملامسة جميع القضايا ذات الشأن فى المقال.
    غرضى توضيح مسألة مهمة لا علاقة لها بصحة نقد المرحوم الخاتم للماركسية من عدمه،ولكن لتصحيح معلومة مفادها ان هذا النقد لم يقل ان الماركسية قد استنفزت اغراضها .. بل ان افكار ماركس يمكن الاستفادة منها كمنظور ضمن فكرة تبنى تعدد المناظير فى التعامل مع الواقع..
    من المهم توضيح معلومة مهمة مفادها ان المرحوم الخاتم لم يرفض الماركسية وانما رفض النسخة اللينينية منها وماديتها التاريخية التى صاغت موقفا نهائيا من التاريخ والانسان!
    لو كان ما طرحته هو مدى صحة نقد بعض قيادات حق للماركسية نكون فعلا خرجنا من موضوع البوست .
    على اية حال اعتقد اننى استوفيت هذه النقطة حقها وبصدد التعرض لموضوع اخر مهم اضافة الى موضوع التفرغ وهو موضوع القعدات واشكالياته خاصة وسط اهل اليسار..وهى مشاكل لا تقود فقط الى ازمة القبول، بل تتعداها الى ما هو اعظم فى اعاقة قوى اليسار

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 08-21-2012, 10:11 AM)

                  

08-21-2012, 11:01 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    العزيز عبد الله
    مساهمة اخيرة فى هذا الموضوع وهى ان ماركس الوارد فى (آن اوان التغيير) هو المرتبط بالنسخة اللينينية، ويلاحظ ان نقد المرحوم الخاتم للماركسية اللينينية اما ان يتم مباشرة، او بالاكتفاء بمفردة ماركسية مع الاشارة الى (شىء من لوازم الماركسية اللينينية، مثل الاشارة الى احد ملامح المادية التاريخية المرتبطة بها) مثل ترشيح العمال لقيادة التاريخ اوموقفها من التصورات الدينية بإعتبارها مجرد بناء فوقى!
    من الامثلةالتى وردت فى (آن اوان التغيير) للمرحوم الخاتم عدلان التى تؤكد ما ذهبت اليه، اضافة الى اقتباسك الخاص بوهن فرس الماركسية ما يلى:

    Quote: قيام الحزب على أساس الماركسية اللِّينينية ، يتطلـَّب من المرء ليـكون عضــواً من أعضائه ، أن يتوصـَّل لِـتَبـَـنِّي موقف فلسفي متكامل من الوجود . موقف يصف نفسه بأنّه استــوعب أعظم مــا توصلت إليه البشرية في مجالات و حقول العلم و الفلسفة و الاقتصاد و الاجتماع و الثقافة، و تخطاها تخطيا جدليا. إن مثل ذلك الانتماء لم يكن في متناول الأغلبية الساحقة من شعبنا، لا تاريخيا و لا معرفيا. و هو ليس في متناولها الآن أو في المستقبل المنظور. و أنه لطموح غير عقلاني أن نحاول بناء حزب من الفلاسفة في مجتمع أمي.

    الموقف الفلسفي المادي للماركسية، و الذي لا يمكن التوفيق بينه و بين التصورات الدينية حول الكون و الخلق إلا بمعجزة، قد سهل مهمة أعدائه في إنشاء حائط أصم بينه و بين أغلبية الشعب. إن تركيز القوى التقليدية و الرجعية، بمكر و خبث على هذا الجانب، قد وضع عقبات كئود بين الحزب و الجماهير، و ذلك في وسط اجتماعي يمثل الدين نسيجه المعرفي، و القيمي و الأخلاقي، و قد تعرض الحزب لحملات بالغة العنف و الفظاظة، اعتمدت على الترويج الخبيث لمواقف عملية مزعومة، يقفها ضد الدين، و قد تصدى الحزب بفعالية لا تنكر في التصدي لتلك الحملات، و لكن المأساة التي صاغها التاريخ، و طوق بها الحزب، هي أن الأغلبية الساحقة من الجماهير كانت تقف خارج دائرة البث الفعال التي يغطيها الحزب بأقواله و أفعاله، سواء بفعل الأمية السياسية و الثقافية، أو العزلة الجغرافية، أو محدودية أداة البث ذاتها. هذا في الوقت الذي كان خطاب القوى الرجعية و اصلا لكل أقسام الجماهير، ولكل أنحاء القطر. و تستطيع أن تقول أن جيل المؤسسين و على رأسهم عبد الخالق محجوب، كان واعيا تماما بهذا الضعف الخطير في صلة الحزب بوطنه، و بشعبه، و بواقعه. و قد أشار عبد الخالق محجوب في حسرة، إلى أن الحزب ما يزال غريبا فكريا عن المجتمع، إذا كان في استطاعة القوى الرجعية أن تحاصره و تحله بالاستناد إلى حادثة مشبوهة، كحادثة معهد المعلمين العالي عام 1965، و التي فجرها طالب صغير، باع نفسه و ضميره، و استغلتها قوى لم تتعامل مع الدين إلا كذريعة لتحقيق مرام سياسية و معادية للديمقراطية و التقدم.

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 08-21-2012, 11:51 AM)

                  

08-22-2012, 05:33 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)


    تحية مجدداً للأستاذ / طلعت الطيب
    ولجميع المشاركين

                  

08-23-2012, 02:41 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    أدناه مساهمة من الاخ د عبد اللة على ابراهيم:

    عزيزي طلعت

    أرجو أن تطلع من لبوا دعوتك لتقويم مقالي على ما عن لي عن جدلهم ولهم خالص تقديري







    الأعزاء،

    أنا من رأي الشقليني أن طلعت عاد بنا إلى نقاش لم نفرغ منه في يوم مضى حول مدى تمسك المرحوم الخاتم عدلان بالماركسية. وكان ذلك في بوست ثار حول مقالي الذي قومت فيه كتاب الخاتم "آن أوان التغيير" (1996). وأعتقد أنني أوفيت فيه خروج الخاتم من-على الماركسية بصورة أدخل في سائر منظومته الفكرية بما تجاوز الاستشهادات الموضعية التي يتمسك بها طلعت ويبدو الخاتم فيها حسن الظن بالماركسية. وهو حسن ظن خليق بكل متعلق بالمعرفة لا مثل الذي يأتي من ماركسي ملتزم بها غير مستعبد لها. وسأنشر كلمتي التي رددت بها على طلعت في إصراره على ماركسية الخاتم (ناقص اللينينية) برغم تحذير الشقليني بأنني ربما "شتتت" البوست.

    ما أعتقد أنه مفيد في وجهة البوست، الذي فهمت من طلعت والشقليني أنه عن آليات الحزب التقدمي، أن أدلي بكلمة عجلى عن رأي الخاتم في مبدأ "المركزية الديمقراطية" الذي ينظم علاقة القاعدة والقيادة في الحزب الشيوعي. وهو يعتقد أن هذا المبدأ مقتل الحزب لأن المركزية غلبت على الديمقراطية. فضحى الحزب بالديمقراطية لصالح مخدومتها المركزية أو كما قال.

    لاحظت أمرين في عبارة طلعت عن الخاتم:

    1- إن الخاتم يتكلم عن "المركزية المطلقة" ويكيل لها العيب كيلاً. فيقول إن المركزية المطبقة في الحزب الشيوعي مطلقة وتحمي القيادة في مواجهة القاعدة بصورة مطلقة. وأنا اتفق معه هنا بالطبع. و بالطبع لا أحد بتحدث عن سيادة المركزية المطلقة في الحزب الطليعي. فالمبدأ التنظيمي المنشود هو المركزية الديمقراطية. وقد أعدت تعريفها ل"تنظيفها" من لغو المركزية وبجاحتها. فقد كانت تُعرف في أدب الحزب ب"خضوع الأقلية لرأى الأغلبية" و "خضوع الهيئات الدنيا للهيئات العليا" مع احتفاظ الجماعتين الخاضعتين برأيهما. فعدلت ذلك إلى "تنزل الأقلية عن رأيها لرأي الأغلبية". "تنزل" أرشق وأسخى.

    2- من رأي الخاتم مع ذلك أن المركزية الديمقراطية تفضي إلى الاستبداد حتى لو طبقناها بصورة مثالية. وعدّد تلك الصور المثالية ومن بينها صدور صحف الحزب ومجلاته الجماهيرية لتحمل تصوراته الموحدة للشعب. ولا أدري لم جعل الخاتم صدور صحف جماهيرية للحزب "تحمل تصوراته الموحدة" جانباً من جوانب المركزية الديمقراطية. فمنذ الثمانينات دعوت إلى أن لا تُصدِر الأحزاب، والشيوعي منها بصورة خاصة، صحفاً أو مجلات جماهيرية. فلسان الحال هذه هي أقرب الطرق إلى تغول المركز على التبليغ للجمهور في الحزب. فالقاعدة أن يكون رئيس تحرير تلك الصحف من مركز الحزب تخضع به ل"رقابة" المركز في حركاتها وسكناتها. وعليه فمتى تنزلت الأقلية عن رأيها صار ذلك يوم موتها السريري لأن "لسان الحال" لن تسمح بنشر ما يطعن في خط الحزب المعتمد مما يكتبه أفراد تلك الأقلية. ودعوت إلى أن تضرب الأحزاب عن إصدار صحف لسان الحال جملة واحدة وأن تشجع أهل الرأي والمال فيها ومن حولها لإصدار صحف ومجلات ترعى حرمة حرية التعبير ولا رقيب عليها سوى الإحسان. وزدت بأن قلت إن الصحف التي خدمت قضية التقدم كما لم تخدمها الميدان هما صحيفتا :الصراحة" و"الأيام" لأن محرريهما كانا صحفيين لا كادراً سياسياً مغلول اليد. بل وكانت "الميدان"، وفي مسألة العلاقة بمن تركوا الحزب، سيفاً ستالينياً مصلتاً على الرقاب. فقد أفسدت صفحتها الأدبية في آخر الخمسينات علاقتنا مع صلاح أحمد إبراهيم فوق ما هي عليه. وأعتذر محررها بآخرة لصلاح عن سوء عبارته. ثم لما حاولت انصاف صلاح في 1965 بعد صدور ديوانه "غضبة الهبباي" في مقالات بالميدان أوقف التحرير نشرها حتى استنجدت بأستاذنا عبد الخالق محجوب فرد الأمر إلى نصابه بحكمته المعروفة. وكتبت في آخر الثمانينات أستنكر على الميدان نعي المرحوم على بوب بشمول كل أبنائه ما عدا المرحوم بابكر الذي كان ترك الحزب في انقسام 1970. ولاحظت فقط بالأمس أن الميدان نعت ابن خال لحسن الجزولي ونسيب لمحجوب شريف ونسيت (أو أهملت) ذكر كمال الجزولي. وهذا سوء خلق قديم مع الموت وفرز بشع بين مستحقي العزاء.

    كانت فكرتي من وراء نزع الحزب من تكليف إصدار الصحافة المسماة حزبية أن أجرد مركزه من بعض "أسنانه" التي يعض بها ويمكن لنفسه من الحزب. ولذا لم أر سبباً لرمي الخاتم لمبدأ المركزية الديمقرطية في سلة المهملات طالما لم نفكر بصورة متأنية في السبل التي يتغول بها المركز على الديمقراطية. وهو خلاف موقف الخاتم الذي يعتقد أن صدور الصحيفة الحزبية هي المثال في التطبيق الحرفي للديمقراطية المركزية. فالخاتم يزود المركز بآلية للاستبداد طائعاً مختاراً ثم يشكو من تغوله على الديمقراطية. والعاجز من لا يستبد. وكان الأحوط أن ننظر في أسباب استقواء المركز على القاعدة قبل أن نقرر بصورة فطيرة أن نلقي بالطفل مع ماء الغسيل. فالمركزية الديمقراطية وسيلة فطرية كما أوحى الخاتم نفسه لوحدة الإرادة.

    أنا شاكر لمحسن خالد المحسن تفضله بالمرور من هنا. وبالطبع لا أريد دفع الخطأ الإملائي في الآية عن المستضعفين وتمكين سبحانه وتعالى لهم في الأرض. ويبدو أن تحوطي بالحصول على النص القرآني السديد خذلني هذه المرة أيضاً. فصرت متى أردت إيراد آية قرآنية قوقلتها وأخذت بالصورة التي بدت لي أنها "مصحفية" اي أنها مصورة عن مصحف. ولا أدري في هذه المرة كيف صارت "يحذرون" "يحذران". وعدت أقوقل الآية ب "يحذران" لأعرف مصدر الخطأ فإذا بقوقل يصوبني قبل البحث. فأنظر عاقبة الخطائين!

    إنني ممتن لمحسن ان رأى أن لي مقالات أفضل معنى وعبارة مما أختار طلعت. ومن قيل له سمين قال آمين. ولكن الجمال في عين الرائي. والجمال عندي عند طلعت كما أراد. فله محبتنا.

    أنا سعيد بما يحاوله الشقليني من التفكير من جديد في الحزب كأداة لا غنى عنها في التغيير. وهو يفعل ذلك بغير مسلمات ولا مراهنات. وودت مع ذلك أن يفضفض نوعاً ما في بعض ما أجمل وأن يبلغ بخاطرته إلى أقصاها. ومن ذلك:

    1-لماذ يبدو مبتئساً من جدوى العمل السري للحزب الطليعي في مقاومة الإنقاذ. فهو يرى أن ذلك الشغل تحت الأرض محفوف بالمخاطر. فالأمن المضاد، وهو توقي الحزب من بطش النظام بتدابير أمنية خاصة به، يطبعه بالانضباط الأمني فيحجم شغل الحزب المفروض أن يكون جماهيرياً.

    2-ويسجل للهامش نجاحه رغم قلة العدد في فرض نفسه على الإنقاذ التي طالعتهم الخلا فطالعوها وأدموها. وهو من الجهة الأخرى جانح إلى اليأس من أن تغير الجماهير الكثيرة النظام سلمياً.

    3- وددت لو استكمل بالبيان نظرته عن وجوب أن تغير الأحزاب غير الطائفية في المفاهيم والوسائل لتسترد لتوازن لمن له الجماهير ( اي تلك الأخزاب) على من له القوة المسلحة. فما سبق من النقاط "تقوم وتقع" على مطلبه من الأحزاب أن تغير المفاهيم والوسائل. فمتى فعلت صار بالإمكان معرفة إن كان بوسع الحزب أن يدير نشاطاً تحت الأرض بغير ان يفقد وشائجه الحية مع الجماهير. كما سيُعين توسيع الخاطرة في التقدير الأدق في تعيين التكتيك المناسب للمهمة: هل نعتمد الانتفاضة، النضال المسلح، أم المساومة.

    التفكير في الحزب، كأداة للتغيير، هو بداية تحري هلال الثورة. فالحزب هو صمام أمان العزيمة التي لا بد من تفاؤلها قبل وقوع التغيير.
                  

08-23-2012, 09:46 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)




    المداخلة (7)

    الشكر الجزيل للبروفيسور عبد الله علي إبراهيم وللأستاذ / طلعت الطيب
    والشكر لكل المشاركين في هذا الحوار الثري ، وتناول موضوعات عالية الخطر ، تناولاً جدياً . والولوج للمسألة السودانية وتعقيد الحياة السياسية مع قفل تام وإغلاق لكل منافذ الهواء وتجديد الدماء ، وتداول السلطة بين بشر لا يرغبون التقاعد الإجباري حتى لبنيهم الذين هم من اصلابهم أو صلب التنظيم الذي تمسكوا بقدرته على الانضباط والقبض على مفاصل السلطة حتى لو كانت خسراناً مُبيناً على الدولة التي تمزقت أو الشعوب التي تشتت .
    وسوف أعود عندما استريح من بعض المتاعب لبعض التفصيل الذي يمنح الرؤيا ملامح واقعية .
    ونواصل

    *
                  

08-24-2012, 11:07 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)







    خير استراحة لهذا الملف : صه يا كنار
    كم كانت الوطنية محبة لا أول لها ولا آخر
    وتلك هي القدوة
    *
                  

08-24-2012, 11:43 AM

قيقراوي
<aقيقراوي
تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 10380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    سلامات للجميع

    Quote:
    أنا من رأي الشقليني أن طلعت عاد بنا إلى نقاش لم نفرغ منه في يوم مضى حول مدى تمسك المرحوم الخاتم عدلان بالماركسية. وكان ذلك في بوست ثار حول مقالي الذي قومت فيه كتاب الخاتم "آن أوان التغيير" (1996). وأعتقد أنني أوفيت فيه خروج الخاتم من-على الماركسية بصورة أدخل في سائر منظومته الفكرية بما تجاوز الاستشهادات الموضعية التي يتمسك بها طلعت ويبدو الخاتم فيها حسن الظن بالماركسية. وهو حسن ظن خليق بكل متعلق بالمعرفة لا مثل الذي يأتي من ماركسي ملتزم بها غير مستعبد لها.

    وانا من رأي طلعت .. وازيد اني (احس) بماركسية الراحل الخاتم عدلان في كل كتاباته .. ومات ماركسياً عتيد!
    ولا مشاحة بصريح الاقوال من جنس (تخريد الماركسية) وخلافو .. دا كلام ساي، ونلزم الراحل المقيم بما التزم به [خاصة وأن تلك النظرية تصر على وحدة الفكر والتطبيق، وتعتقد أن حقيقتها لا تتكشف إلا في وحدتهما]

    وهاكم الفقرة كاملة:

    Quote:

    إن منع تكوين الديمقراطية، ومسايسة الرأي الآخر، ومصادرة الديمقراطية، وإنشاء بنية سيكولوجية متينة لدي عضو الحزب، تخشى الاختلاف، والاستقلال والتميز خشيتها للمرض، هي ظواهر كفيلة بإحباط وسحق تطور أي حزب أو منظمة. ولا غرو، فذلك يمثل الإلغاء العملي لفعالية قانون التناقض الماركسي والذي هو القوة الدافعة لكل تطور. فهذا القانون القائم على وحدة وصراع الأضداد قد أبطل فعله داخل الحزب بالتركيز الوحيد الجانب – المرضي أحيانا- على الوحدة، وعلى حساب الصراع. وأنه لمن المفارقات الأليمة في تأريخ الفكر السياسي والتنظيمي أن يبادر الداعون إلى نظرية ما، والمؤمنون بصحتها وصوابها، إلى إلغاء جوهرها حينما يشرعون في تطبيقها. خاصة وأن تلك النظرية تصر على وحدة الفكر والتطبيق، وتعتقد أن حقيقتها لا تتكشف إلا في وحدتهما. وللأسف الشديد فإن هذا هو بالضبط ما حدث، بل أن أكثر ما يثير القيادات الحزبية ويفجر غضبها هو القدح في مبدأ المركزية الديمقراطية الذي أدى إلى كل هذه النتائج السالبة. ولا يحدث هذا إلا لأن هذا المبدأ يتعلق بالسلطة الحزبية وبحماية المواقع القيادية.


















    ---------

    هي الماركسية دي كيفنها؟
    انا غايتو شايفو ماركسي
    المافي شنو تاني؟
                  

08-24-2012, 05:03 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)



    المداخلة (8 )
    تحية لشركاء الملف : بروفيسور عبد الله علي إبراهيم والأستاذ / طلعت الطيب
    أولاً :
    نعم لم يكتمل الأمر ولم ينته الختام . هنالك بالفعل إجمال في حاجة لتفصيل . ولولا الأضواء الوهاجة هنا وهناك ما استطعنا أن نكتب . وثباً نقفز وكأن الحياة عجولة تنقضي . فكم من قائل " إن الزمان كفيل بفعل كل شيء " . ولكن الإنسان أيضاً هو صانع مصيره .
    عندما تحدثنا على أن موازين القوى في النظم الديمقراطية المستقرة تعتمد البرامج المتنوعة وقبول ورضا المنتمين للحزب . وأن القوة تكمن في الجماهير ، شرائح أو طبقات يخدمهم الحزب . ويرغب من خلال برنامجه أن يسير بالدولة ويتقدم بها . وهو لا يدعي أنه البرنامج الأوحد أو الممثل الأبدي ز فهنالك شركاء في الوطن لهم انتماءاتهم وأحزابهم وبرامجهم . والتبادل السلمي للسلطة ليست مقولة لا أساس لها من الواقع ، بل هنالك ممارسة ديمقراطية وخصومة بيضاء . وصراع نبيل . كل يخدم وطنه ويخدم المنتمين إلى حزبه . وهو صراع فيه من له الشراكة في السلطة التنفيذية ومنهم من له شراكة في السلطة التشريعية . وفصل السلطات نص دستوري وتتبعه القوانين . وهنالك قيم عدلية صارت من الحقوق الواجبة على البشر . ووثائق حقوق الإنسان والتمييز الايجابي لصالح المرأة والطفل والعجزة وأصحاب الاحتياجات الخاصة ليست محض اختيار . بل أوجب واجبات الايمان بالديمقراطية . تأتي العدالة والشفافية والمؤسسية نظاماً لكل مؤسسات الدولة والقطاع الخاص أو المشترك . والأرض وثرواتها شراكة بين جميع المواطنين والمواطنات . ليست هنالك فروق بسبب الجنس أو اللون أو اللغة أو العقيدة أو الطبقة أو المناطق . كما أن الحقوق المتساوية بين البشر ثوابت لا يغيرها دستور ولا أغلبية . فهي سقف لا يمكن الهبوط به في النظم الديمقراطية :
    ثانياً :
    الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :
    الديباجة
    لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم.
    ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني، وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة.
    ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.
    ولما كان من الجوهري تعزيز تنمية العلاقات الودية بين الدول،
    ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدماً وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح.
    ولما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالتعاون مع الأمم المتحدة على ضمان اطراد مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها.
    ولما كان للإدراك العام لهذه الحقوق والحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام بهذا التعهد.
    فإن الجمعية العامة تنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة، قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطانها.
    المادة 1.
    يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
    المادة 2.
    لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.
    المادة 3.
    لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه.
    المادة 4.
    لايجوز استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما.
    المادة 5.
    لايعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة.
    المادة 6.
    لكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية.
    المادة 7.
    كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا.
    المادة 8.
    لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون.
    المادة 9.
    لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً.
    المادة 10.
    لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه.
    المادة 11.
    ( 1 ) كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه.
    ( 2 ) لا يدان أي شخص من جراء أداة عمل أو الامتناع عن أداة عمل إلا إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكاب كذلك لا توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب الجريمة.
    المادة 12.
    لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات.
    المادة 13.
    ( 1 ) لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
    ( 2 ) يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه.
    المادة 14.
    ( 1 ) لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد.
    ( 2 ) لا ينتفع بهذا الحق من قدم للمحاكمة في جرائم غير سياسية أو لأعمال تناقض أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.
    المادة 15.
    ( 1 ) لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
    ( 2 ) لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها.
    المادة 16.
    ( 1 ) للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله.
    ( 2 ) لا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كاملاً لا إكراه فيه.
    ( 3 ) الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
    المادة 17.
    ( 1 ) لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
    ( 2 ) لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً.
    المادة 18.
    لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.
    المادة 19.
    لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.
    المادة 20.
    ( 1 ) لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية.
    ( 2 ) لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما.
    المادة 21.
    ( 1 ) لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً.
    ( 2 ) لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة في البلاد.
    ( 3 ) إن إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت.
    المادة 22.
    لكل شخص بصفته عضواً في المجتمع الحق في الضمانة الاجتماعية وفي أن تحقق بوساطة المجهود القومي والتعاون الدولي وبما يتفق ونظم كل دولة ومواردها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي لاغنى عنها لكرامته وللنمو الحر لشخصيته.
    المادة 23.
    ( 1 ) لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة.
    ( 2 ) لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجر متساو للعمل.
    ( 3 ) لكل فرد يقوم بعمل الحق في أجر عادل مرض يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان تضاف إليه، عند اللزوم، وسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
    ( 4 ) لكل شخص الحق في أن ينشئ وينضم إلى نقابات حماية لمصلحته
    المادة 24.
    لكل شخص الحق في الراحة، وفي أوقات الفراغ، ولاسيما في تحديد معقول لساعات العمل وفي عطلات دورية بأجر.
    المادة 25.
    ( 1 ) لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.
    ( 2 ) للأمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين، وينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية سواء أكانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي أو بطريقة غير شرعية.
    المادة 26.
    ( 1 ) لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزامياً وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة.
    ( 2 ) يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملاً، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وإلى زيادة مجهود الأمم المتحدة لحفظ السلام.
    ( 3 ) للآباء الحق الأول في اختيار نوع تربية أولادهم.
    المادة 27.
    ( 1 ) لكل فرد الحق في أن يشترك اشتراكاً حراً في حياة المجتمع الثقافي وفي الاستمتاع بالفنون والمساهمة في التقدم العلمي والاستفادة من نتائجه.
    ( 2 ) لكل فرد الحق في حماية المصالح الأدبية والمادية المترتبة على إنتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني.
    المادة 28.
    لكل فرد الحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققاً تاما.
    المادة 29.
    ( 1 ) على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نمواً حراُ كاملاً.
    ( 2 ) يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي.
    ( 3 ) لا يصح بحال من الأحوال أن تمارس هذه الحقوق ممارسة تتناقض مع أغراض الأمم المتحدة ومبادئها.
    المادة 30.
    ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه.
    ثالثاً:
    عندما تحدثنا عن قعود الأحزاب غير الطائفية من أن تنهض ، حاولنا أن نجلي إمكانية كل حزب ومكانته بين أتباعه في ميزان لنقارن بينه وبين الذين تسللوا إلى السلطة بليل ، وأمسكوا بقواها العسكرية والاقتصادية وقسموها فيئاً بين اتباعهم . ولم يكن للآخرين نصيب . فالحركة الإسلامية لم تر لها شريكاً في الوطن . فالوطن تحول إلى مملكة تتبع لهم . والوطنية تحولت لانتماء إلى تنظيمهم . تجربة الإسلام ممسكاً السلطة، هو هدف يبذلون من أجله كل غال ورخيص . تجربة يعضون عليها بالنواجذ . وليس للآخرين شيء . ومن هنا كانت الدكتاتورية هي الإرث الثقيل الذي ورثته الحركة الإسلامية بكل قبائلها وعشائرها وأفخاذها . ودكت الأنظمة بدل تطويرها . وعم الفساد كل مناحي الحياة . ليس من تداول للسلطة ، بل واقع القبض على السلطة لتدوم إلى الأبد وسائلها العنف . وقد قال قائل في أول ايامهم :
    في مواجهة الآية الكريمة :
    {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران26
    ( إن الله قد عزنا ولن يذلنا )
    لم تترك الإنقاذ من سبيل القوة الباطشة إلا اتخذته . لا يهمها الجماهير ، فكما جاءت بالقوة والخداع ، تذهب بالقوة . والحال قد استدعي الشعار القديم " ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ".
    عندما استدعينا الدعابة القديمة التي تقول :
    ( أين يجلس الرجل الذي طوله حوالي مترين ويزيد وزنه عن مائة وعشرين كيلو جرام ويحمل مدفعاً رشاشاً في عربة قطار مزدحمة ؟ .الإجابة هي : في أي مكان يريده.)
    فإننا نعني أنه يتعين على الأحزاب غير الطائفية إعادة النظر في أساليبها ومناهجها ، الاستراتيجية والتكتيك . فقد أصبحت للقوة أكثر من خيار . فالخيار السلمي والتظاهر والإضراب والعصيان المدني ، هي وسائل الأنظمة الديمقراطية المتحضرة . وذكرنا أن الإنقاذ لم تترك باباً للسلطة الشمولية إلا طرقته . فقد ارتبط قادتها بالمحاكم الجنائية الدولية . وهم بمنأى عنها باستخدامهم السلطة ساتراً وقائياً. ولن تتنازل عنه . ولذا من الضروري انتهاج طريقاً آخر لاسترداد الديمقراطية وهو طرق القوة المسلحة . ليست الحركة الجماهيرية المحمية بالقوات النظامية ،لأن الأخيرة فقدت الحيدة المؤسسية . وصارت تتبع المنظمة الإسلامية . وها هي العولمة أعطت الحركة الجماهيرية زخمها . فجاءت الاتصالات وسيلة ميسورة في كل أرجاء البلاد . أما الإنترنيت وأتباعه من الفيس بوك والتويتر فلم تزل وسيلة صفوة الصفوة . ففي مصر عشرة ملايين من المتعاملين مع الإنترنيت ، وفي السودان بضعة آلاف لم تدخل أية قائمة للإحصاء . والانهيار للدولة ومؤسساتها لا يسمح بصبر العاجزين .

    وسنواصل في تنوع مصادر القوى المتوفرة .
    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 08-24-2012, 05:12 PM)

                  

08-24-2012, 06:12 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)
                  

08-24-2012, 07:31 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    مساهمة أخرى من د. عبد الله على ابراهيم ذو الانتاج الجيد والوفير حفظه الله:
    ------------------------------------------------------------

    عزيزي طلعت



    طيه مقالان أعيد نشرهما لأنهما استوفيا فكرتي عن وجوب امتناع الأحزاب عن إصدار صحف

    تكون بمثابة لسان حالها. وقد أجملت الفكرة في كلمتي السابقة وأعود هنا لشيء من أُسسها. فالصحيفة الحزبية هي لسان حال" مركز الحزب لا الحزب

    وعضوية الحزب مجرد قراء أو جمهور أخيذ اي (كابتف

    والقصد من حجب الحزب عن الصحافة هو تقليم أظافر المركز من وسيط يفرط به خطه على الأقلية التي لم يتفق لها وتنزلت



    لرأي الأغلبية واحتفظت بحقها في إقناع تلك الأغلبية

    بما تراه ولو طال الزمن. ومتى ما تواضعنا على خطط ل"تحجيم" المركز لم نحتج للكفر بمبدأ المركزية الديمقراطية الذي لا مهرب منه لوخدة الإرادة في نهضة ثورية محفوفة بالمخاطر.

    فبمثل خطط تحجيم المركز كالتي نحاول هنا سنسترد الديمقراطية للمبدأ وننعم بمركزية رصينة





    عبد الله





    .

    عن صناعة المركزية الديمقراطية




    عبدالله علي إبراهيم

    كانت قد سألتني الأستاذة رباح الصادق أن أشارك بورقة في ندوة نظمها حزب الأمة عن الصحافة الحزبية التي أسميها صحافة لسان الحال من فرط سوء ظني بها. وقد اكتنفتني مشاغل منعتني من المساهمة في ندوة رباح. وآثرت أن انشر بعض كتابات سلفت لي عن بؤس صحافة لسان الحال، الله لا عادها. نشرت في مقال الأسبوع الماضي كلمة عن بؤس "الراية"، لسان حال الجبهة الإسلامية القومية، وكيف تحولت إلى حرفة قياس الرأي العام غير مأذونة لكي تزين الأمر لحزبها. وأعود هنا إلى مقال نشرته في جريدة الخرطوم (9-10-1988) عن بؤس الميدان، لسان حال الشيوعيين، تأخذها العزة بالإثم وتتعالى على التصويب لأن لها من القراء ما لن يسألونها على ما قالت برهانا. وكلمة برافدا في الروسية هي "الحقيقة". وكان ذلك اسم الصحيفة لسان الحزب الشيوعي السوفيتي. وكان للدولة السوفيتية صحيفة اسمها "أزفستيا" ومعناها "الخبر". وقد كانت الجريدتان مضرب المثل في تقيد صحيفة لسان الحال بلجام هيئات إصدارهما حتى ذاع بين الروس أن لا أزفستيا في البرافدا ولا برافدا في الأزفستيا. فألى المقال القديم:



    عن صحيفة لسان الحال: لا برافدا في الميدان



    من أكبر مصادر الخبر والمعلومات الصحفية الحزبية هي الحزب نفسه. والحزب ككل وأعضاؤه غير محايدون تجاه الوقائع والأخبار. وهذا باب قد تدخل منه أغلاط وعجلة وسوء تقدير وشظايا مصلح تؤذي الأداء الصحفي في الصميم. وصمام الأمان المؤكد في هذه الحالة أن تتقيد الصحيفة بمقاييس عليا صارمة في المهنة وشرفها. وهذه المقاييس لن تمنع نفاذ القدر مع ذلك وأن لطفته بمنع الندامة.

    نشرت جريدة "السياسة" بتاريخ 27-9-1988 إعلاناً من قسم الإعلان بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي يوضح فيه ما جاء بجريدة "الميدان" بتاريخ 17-8-1988 تحت عنوان: "شركة أجنبية تسعى لشراء كل الحديد الخردة في السودان". وخبر الميدان (ومصدري هنا هو بيان الوزرة التوضيحي) يشير بإصبع الاتهام إلى وزارة المالية لبيعها كل الحديد الخردة في السودان بثمن بخس لشركة ما في صفقة كان من ورائها شخص مقرب للسيد وزير المالية. وقالت الميدان إن مكافأة هذا الشخص المقرب من الشركة، إن تمت الصفقة، مبلغ 100 ألف دولار علاوة على دولارين كي كل طن حديد مباع.

    اضطرت وزارة المالية لإصدار هذا البيان التوضيحي لأنه، وبعد نشر الميدان هذه المعلومات (التي وصفها الإعلان بأنها خاطئة)، أرسلت الوزارة المعلومات الصحيحة للجريدة إلا أن التصحيح لم ينشر ولم يتم نفي الخبر إلى الآن. وأورد إعلان وزارة المالية خمس نقاط في تفنيد خبر الميدان. ولابد من الإشادة هنا باعتدال صياغة الإعلان واقتصاده في العبارة ونبرة الثقة التي سادته. ولم أجد في البيان-الإعلان تلك النبرة البيروقراطية الحرامية المذعورة المضطربة الملئية بالتبرير التي كرهتني في توضيحات الحكومة ودفاعها عن نفسها. وقد أسعدني أن وزارة المالية لم تلجأ إلى القضاء ولم تلوح به لرد اعتبارها مما وقع لها من إشانة سمعة من قبل الميدان. ففي اكتفاء الوزارة بالتوضيح احترام كبير لعقل القارئ وكف عن إزعاج القضاء. فالأفضل في مثل هذه المسائل أن يكون سباق بين الفرقاء لكسب القارئ المواطن لا لاستصدار حكم من القضاء.

    انتظرت من جانبي أن تصدر الميدان توضيحاً مضاداً تدافع فيه عن مصداقيتها أو اعتذاراً أو أي شئ يدل علي حساسيتها بالمسألة الأخلاقية التي تنطوي عليها هذه الواقعة. ولم أوفق إلى شئ للأسف. من نافلة القول تقرير أن الميدان قد أخلت بالعرف الصحفي إخلالا عظيماً. فالعرف يقتضيها، إن تلقت تكذيباً لخبر أذاعته، أن تنشر التكذيب في نفس الموضع الذي نشر فيه الخبر المكذوب. وأكثر ما أزعجني تجاهل الميدان وزارة المالية مرتين. مرة بعدم نشرها المعلومات المغايرة التي تلقتها من الوزارة. ومرة بعد اعتبارها تلم المعلومات حتى حين نشرت كإعلان في صحيفة أخرى. فليس صعباً الاستنتاج هنا أن الميدان لم تكذب فحسب بل أنها إما معجبة بأكاذيبها أو مستكبرة.

    قرأت لرئيس تحرير الميدان كلمة جيدة أو اكثر عن ضرورة تقيد الصحافة والصحفيين بميثاق شرف. وأنا لا اعتقد أنه كان يقول في كلماته غير ما يعني. فقد لمست عن كثب ضيقه بصحافة الاتحاد الاشتراكي (الصورة المتطرفة لصحف لسان الحال) وتأملاته عن كيف تستقيم لنا صحافة مؤتمنة على الحقيقة. وأعرف أنه حاول حتى في الميدان السرية المحاصرة أن يتقيد بتدقيق أخباره. فليس السرية، كما كان يقول، بسبب تلجأ معه الميدان إلى الكذب في حين تدمغ نظام نميري حقائق سوئه الكثير. ولذا استغربت "طناشه" لتوضيحات وزارة المالية لأن ذلك لا يشبه قناعاته المذاعة . كما يهدم من الجهة الأخرى مناعة الميدان ضد الأخبار غير المتثبت منها التي يأتي بها أهل الثقة.

    لا اعتقد أن إحباط الميدان لمسعى وزارة المالية لتوضيح الحقيقة (البرافدا) مما يمكن أن يمر بغير مؤاخذة. فأنا، كمواطن، لا أحب أن يكذب علي أحد. ويؤذيني اكثر فأكثر أن لا يجد ذلك الأحد في نفسه الشجاعة الأدبية لتصويب نفسه متى ما توفرت له الفرصة. فإن لم يفعل كان ذلك عتواً كبيرا. وأنا كدافع ضرائب لا أحب أن أرى الميدان تبدد المال العام في إعلانات توضيحية اضطرت لها وزارة المالية اضطراراً لأن الميدان لم تلتزم بقواعد مرعية في أخلاق الخبر الصحفي. وربما قال قائل: " بقت على الميدان؟" أقول : " أي والله. فإذا بدأت الميدان هذا التبديد فحينئذ جاطت". وعبرة "حينئذ جاطت" من تراث المرحوم الزميل الشيخ رحمة الله. على الأقل هكذا عودتنا الميدان أن نفكر في رسالتها ورسالة حزبها. وكدافع ضريبة أسال وزير المالية أن يسترجع من الميدان قيمة الإعلان الذي نشرته وزارته على نصف صفحة من جريدة السياسة. وبقية الأمر محول إلى نقابة الصحفيين، قسم أخلاق المهنة.







    هامش:

    "حينئذ جاطت" من مأثورات صديقنا المرحوم الشيخ رحمة الله قالها في ملابسات إضراب مفتوح لطلاب جامعة الخرطوم عام 1963. وكان الشيخ عضواً بلجنة اتحاد الطلاب. وأوفدته اللجنة التنفيذية إلى مدينة مدني ليثبت الطلاب على الإضراب. وحين بلغ المدينة قال له طالب إن بعض الطلاب أنهوا الإضراب وركبوا بص الخواجة لكي يعودوا إلى مقاعد الدرس. فقال الشيخ على الفور: "حينئذ جاطت!". وبلاغة العبارة في أن الشيخ والجبهة الديمقراطية، التي يمثلها، كانا ضد هذا الإضراب بصورة مبدئية والتزما به نزولاً عند رأي الطلاب. وانتهز الشيخ أول مظهر لتهافت الإضراب لكي يشمت منه.

    وهذا هو المقال الأقدم الذي اشرت له:



    جريدة الراية: قياس الرأي العام أم صناعته!

    أنا قارئ مواظب لجريدة (الراية) لسان حال الجبهة الإسلامية القومية. والحق أنني لا أعدل بها جريدة في مقام التحقيقات. فأنا معجب بحضورها الكثيف في الكرمك والجنوب والشمالية المصابة بغض النظر عن اتفاقي أو اختلافي مع وجهات تحقيقها. وأقرأ في (الراية) لمحمد طه محمد أحمد وأتمنى عليه أن يعتني اكثر بحسه بالغلابة ومفارقات الغنى والفقر وبؤس الحاكمين. فإن فعل فأغلب ظني أنه سيكتب كلاماً مختلفاً جداً. أما "نجمي المفضل" في الجريدة فهو العبيد مروح إذا سال من قلمه شذي البادية العربية السودانية العبيق. وتمنيت أن أقرأ له عنها في غير (الراية) ايضاً ليذيع قلمه الخطار. وأقرأ لأحمد سليمان بغير كبير حماس.فأنا ممن يعتقد أن الكتابة "شبكة" مع أوجاع التاريخ الخاص لا الهروب منها. وأنتظر منه أن يأتي ذلك اليوم الذي يكف فيه عن إعادة إنتاج محفوظاته الأخيرة من كتب التراث ليسلس أسلوبه الخاص. وهكذا. يزعجني مؤخراً في (الراية) بابها المخصص لقياس الرأي العام الذي تحرره وحدة استطلاع الرأي العام بها. وهو باب تطرح فيه (الراية) أسئلة على عينة عشوائية حول مسألة ما ثم تحصي استجابات العينة وتبوبها في شكل رسم بياني في اسفل صفحتها الأولى. والمسائل التي تثيرها الراية بعضها هموم عامة وبعضها مما تحرص على ترفيعه ليصبح هماً عاماً مثل مدى مقبولية أحمد سليمان مرشح الجبهة الإسلامية القومية لرئاسة الجمعية التأسيسية أو مدى قبول الناس لقرار معتمد العاصمة القومية وعضو الجبهة بإحالة المدير التنفيذي لمنطقة الخرطوم. وغالباً ما جاءت نتائج قياس الرأي لصالح الموقف الرسمي للجبهة الإسلامية. فالذين أيدوا القانون الجنائي كتحول حضاري هم 75% من العينة مقابل 25% هم المعارضون. أما الذين أيدوا قرار المعتمد بإيقاف المدير الإداري فهم 6،68 من العينة بينما كان غير المؤيدين هم 5، 28 % (لاحظ الكسور العشرية المقنعة). وهناك أيضاً ممتنعون عن الإجابة. وقس على ذلك.

    أعتقد أن أقصى ما تفعله "الراية" ببابها لاستطلاع الرأي هو صناعة الرأي لا قياسه. ف"الراية"، لسان حال الجبهة الإسلامية القومية، ليست محايدة حيال الرأي لتقع لها مصداقية قياسه. والمعلوم أن قياس الرأي مما تطلع به جهة مستقلة أو مهنية تحترفه احترافاً. فمثل هذه الجهات لا تنشر "حاصل ضرب" قياس عينتها العشوائية فحسب كما تفعل الراية بل تحلل عينتها وفق تكوينها الطبقي والإقليمي والجنسي والعمري والعقدي وهلمجرا ليقف القارئ على خلفية وخطر ومؤشرات قياس الرأي. وتوضح تلك الجهات أيضا إجراءاتها من مثل كيف اهتدت على العينة العشوائية، وهل استخدمت التلفون أو بطاقات الأسئلة للوصول إلى أفراد العينة. وأهم من ذلك كله فإن إجراءات وتحليل نتائج أجهزة قياس الرأي مفتوحة لمراجعة الشاك والباحث. ومع ذلك يرتاب الكثيرون في جدوى هذه القياسات وفي سدادها.

    يؤسفني القول أن "تورط" الراية في قياس الرأي خلق صحفي هابط. فالراية غير محايدة تجاه الرأي لتكل لنفسها قياس الرأي قياساً ذا مصداقية. وقد فاجأتنا بإنشاء وحدتها لقياس الرأي بإجراءاتها وتحليلاتها السرية والتي لا تخرج منها غير النتائج السارة للجبهة الإسلامية. وهذه مخاتلة وضرب تحت الحزام.

    شكوت بالأمس من في هذا الباب من صحافتنا التي لا تقيم وزناً لأجهزة المعلومات. أشكو اليوم من مبتذلي هذه الأجهزة. وقال المتنبئ بيتاً لا استحضر صيغته يسأل متى يأتي اليوم الذي لا يشكو شعره فيه ولا يتألم . . . متى؟ أسال في هذا المقام نقابة الصحفيين، قسم أخلاق المهنة، لتنظر في مشروعية ومنهج وأخلاقية أداء وحدة استطلاع الرأي العام بجريدة الراية، وأن تنور الرأي العام عن أي خرق حادث لمثل المهنة وأخلاقها في تلك الوحدة. حاشية: سأترك للأستاذ عبد الوهاب موسى (كان المرحوم يفعل ذلك في صحيفة الخرطوم التي ضمتنا معاً في آخر الثمانينات) تصميم رسم بياني للصاعد والهابط في أداء وحدة استطلاع الرأي العام في جريدة الراية. فقد استغربت دائماً كيف يهتدي الأستاذ عبد الوهاب إلى تلك النتائج الصحيحة من غير جهد استطلاعي حقيقي.



                  

08-24-2012, 08:07 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)




    المداخلة (10) عن تاريخ الأحزاب الطائفية:


    ثلاثية الماضي والحاضر والمستقبل (1): مهدأة لشباب الانتفاضة .. بقلم: د. حيدر إبراهيم عليالسبت, 04 آب/أغسطس 2012
    * أهرب يا إبني فإن الماضي يلاحقك!

    * أنصحك بقتل الأب الروحي والفكري قبل أن تخط أي حرف في كتاب الحياة الجديد.
    *سوف تغمرك (الديناصورات) في بيانات التأييد أو الشجب والإدانة؛ثم يدوخونك في كرنفالات توقيع المواثيق. يمارسون هواية ميثاق جديد لكل صباح جديد دون أن يكلفوا أنفسهم بالإجابة علي السؤال: ماذا فعلوا بميثاق الأمس؟
    * لا يحق لجيلنا الذي أضاع الاستقلال والوطن الواحد وانتفاضتين شعبيتين : أكتوبر 1964 وابريل1985،أن ينظّر لثورة أو انتفاضة الشباب الحالية؛بسبب الشيخوخة والفشل المتكرر والنرجسية.بينما هؤلاء الشباب
    يقدمون دماءهم وحريتهم قرابين تضحية.

    المتن

    من أهم قوانين الثورة: لا حركة ثورية بلا نظرية ثورية،ولكن تكتمل الفرضية بالقول: ولا نظرية ثورية بلا نقد ثوري جذري.لذلك،ظللت أرد علي أي دعوة للمشاركة في الكيانات والتنظيمات الجديدة، بضرورة أن تكون البداية الصحيحة الممهدة للتأسيس عقد مؤتمر يخصص تماما للنقد والنقد الذاتي.
    ويدور كله حول سؤال:لماذا فشلت التجارب السابقة؟ وماهي ضمانات وآليات عدم تكرار الاخطاء؟ ولأن العقل السوداني -عموما- ممانعا ومقاوما للنقد،وبوجه أخص العقل النخبوي؛يتم تجاهل مثل هذه الدعوات. فهي تعطل سرعة إشهار التنظيم، وتؤخر اصحابه من قيادة الثورة التي تنتظرهم علي منحني التاريخ. ولذلك، كل الذي يدور الآن محاولات لاجترار الزمن وتكرار التجارب أو بالأصح تجريب المجرّب وبالتأكيد ستحل عليه الندامة.
    تقع مهام الثورات أو التغيير في المجتمعات والدول النامية علي عاتق النخب.ويعود ذلك إلي غياب طبقات اجتماعية قوية وإلي مستوي وعي الجماهير. ويقدم (نهرو) وصفا دقيقا الخال بلاده وحالنا ايضا،في رد لسؤال من (محمد حسنين هيكل): كيف تقوم الهند من أحوالها التي كنا نعرفها الي المستقبل الذي يحلم به شعبها؟ وكان رده:- " أمامنا خيار واحد.الهند اربعمائة مليون انسان(تضاعفوا الآن 3 مرات)-..... وفي هذه الكتلة الكبيرة 10% من القادرين علي المستقبل أي 40 مليونا من المواطنين,ومن الضروري أن تتحول هذه الاقلية في المستقبل الي رافعة تحمل الكتلة الكبيرة غير الجاهزة الي أعلي."ثم يؤكد قائلا:-"...أن مصير الهند معلق بالمعجزة،إما أن تستطيع القلة أن تكون رافعة للكتلة وإما أن تهوي الكتلة علي رأس القلة وتسحقها، وتكون مأساة الهند".(الاهرام21/5/2012).أي الخيارين حدث في السودان؟أما في الهند،فيدل تطورها علي أن القلة أو النخبة قد تحملت دور الرافعة بنجاح وشجاعة.
    وهذه هي البداية الصحيحة،لذلك نستهل بالسؤال المحوري:- ماهي الكتلة الاجتماعية الرافعة في الحالة السودانية؟ لم يكن السودان استثناءا فقد عرف نخبة أو طليعة تحملت المسؤولية الوطنية وشكلت مشروع ضمير لشعبها.وانفردت بصفة:القوى الحديثة أو الجديدة تمييزا للقوى التقليدية ذات الغلبة العددية شعبيا في مجتمع متخلف وراكد اجتماعيا.وكانت جمعية (اللواء الأبيض) ثم(حركة اللواء الأبيض)هي البداية الرائدة.والأخيرة ضمت المتعلمين والمهنيين وصغار الموظفين والتجار،وادخلت لأول مرة في تاريخ البلاد أسلوب المظاهرات السلمية التي نشهدها الآن.واستغل زعماء الحركة:علي عبداللطيف وعبيد حاج الأمين، موكب جنازة اليوزباشي عبدالخالق حسن،مأمور أم درمان،وحولوه لأول مظاهرة في 19 يونيو1924.وردد المتظاهرون هتافات :تحيا مصر!نكاية في البريطانيين.ورغم قرار الحكومة منع التجمهر والتظاهر،إلا أن المظاهرات عمت كل مدن السودان الكبرى خلال العام.بل، في 27 نوفمبر 1924حدث الصدام المسلح ضد البريطانيين الذي قاده عبدالفضيل الماظ ورفاقه من الضباط.
    احست القوى التقليدية بخطر ظهور قوى جديدة تهدد مصالحها،فتصدت مبكرا لمحاربتها قبل المستعمرين أنفسهم.ففي 10يونيو1924،اجتمع في منزل السيد عبدالرحمن المهدي،الزعماء الدينين التقليديين،وبعض كبار الموظفين العموميين،وكبار التجار والأعيان،وزعماء القبائل والشيوخ المعروفين.ووقعت هذه المجموعة علي رسالة موجهة للحاكم العام عرفت باسم(سفٌر الولاء).أعلنوا فيها ولاءهم باعتبار "أنهم هم الشخصيات البارزة للحركة الوطنية السودانية،المستنيرون والمؤهلون لابداء الرأي."والأخطر ما في السفر قرارهم:" اختيار انجلترا لكي تكون وصية علي السودان...لتعمل علي تطويره حتي يصل الي مرتبة الحكم الذاتي".ووصل بهم الأمر الي حد مطالبة بريطانيا بتمثيل السودانيين في مفاوضتها حول السودان مع حكومة الوفد المصرية.
    وحين اندلعت المظاهرات أدانها الموالون للإنجليز، وكلفوا حسين شريف، صاحب صحيفة (الحضارة) المعبرة عن فكرهم وخطهم السياسي بإفحامهم. وكتب في عدد يوم25 يونيو1924 يقول بأنه كان يتعين علي جمعية اللواء الابيض أن تعلم بأن البلاد قد اهينت لما تظاهر أصغر وأوضع رجالها دون أن يكون لهم مركز في المجتمع بأنهم المتصدرون والمعبرون عن رأي الأمة.وإن الزوبعة التي أثارها الدهماء قد أزعجت التجار ورجال الاعمال.وواصل داعيا" جميع المناضلين الحقيقيين بأن يستأصلوا شافة أولاد الشوارع (شذاذ الآفاق؟!) الموالين لمصر للقضاء علي تطلعاتهم الكاذبة حتي لا يصبحوا أبطالا وطنيين."ويسقط(شريف) في عنصرية بغيضة،حين يكتب:"إنها لأمة ########ة تلك التي يقودها أمثال علي عبداللطيف(...)وذلك أن الشعب ينقسم إلي قبائل وبطون وعشائر،ولكل منها رئيس أو زعيم أو شيخ،وهؤلاء هم أصحاب الحق في الحديث عن البلاد(...) من هو علي عبداللطيف الذي أصبح مشهورا حديثا،وإلي أيّ قبيلة ينتسب؟"(للتفاصيل راجع:جعفر محمد علي بخيت:الإدارة البريطانية والحركة الوطنية في السودان،الطبعة الثانية،1987،ص60-65).وردّ عليهم الشاعر صالح عبدالقادر بقصيدة ساخطة،تقول:-

    ألا ياهند قولي أو أجيزي رجال الشرع أضحوا كالمعيز
    ألا ليت اللّحى كانت حشيشا فتعلفها خيول الإنكليز
    اخمدت أول حركة قوى حديثة بتعاون الإستعمار والقوى الرجعية.وصارت هذه مهمة القوى التقليدية بعد خروج الاستعمار التي كررتها خاصة بعد ثورة21 أكتوبر1964 حين دخلت ميليشيات القوى الرجعية واسقطت حكومة جبهة الهيئات بأسنة الرماح.وكانت المأساة الحقيقية كانت قدرة الطائفية الدينية والقبلية علي تدجين القوى وإدخالها في قفاطينها الا من رحم ربك.وبدأت النخبة أو الطليعة المثقفة أو أصحاب المثل العليا-كما يسميهم (المحجوب). والذي يؤرخ لمحاولات المثقفين الذين اتجهوا نحو الأدب ،فتكونت جماعة الفجر وجماعة اصدقاء مدني. فالاولي اوجدت مدرسة في الادب لها طابعها الخاص ونفخت في بوق الحركة الوطنية مرات ودوت صيحتها موفقة في كثير من ميادين الحياة.اما الثانية فقد تمخضت في احدي جلساتها عن فكرة مؤتمرنا العتيد وفكرة المهرجان الادبي. وعاونتها مجلة الفجر ونادي خريجين ام درمان. (كتاب: الحركة الفكرية في السودان الي اين تتجه؟الخرطوم،1941،ص46).

    أن الفترة من ثورة1924 حتي سنة 1938هي بداية التحرر والإنطلاق نحو الحرية الفكرية والسياسية، والتجديد في الأدب . ويفصّل(المحجوب) "...وأخذنا نكافح الحزبية الدينية وندعو الخريجين ليتحرروا من قيودها ويكونوا جبهة وطنية تعمل لمصلحة البلاد وتحقيق الآمال،وأخذت تلك النواة التي تركتها في مدني وكنت تتوقع أن تحدث حدثا جليلا في البلاد تنمو وتترعرع،وشقت طريقها إلي نادي وادمدني في ثوب جماعة أدبية،إلي ان استفحل أمرها فخرجت علي الناس في إحدي محاضراتها بفكرة:مؤتمر الخريجين العام".(موت دنيا،الطبعة الثانية،ص136).
    أما من (مدني) فقد جاء الصوت قويا وواضحا ليحدد موقف النخبة من الطائفية مبينا طبيعتها ووسائل مقاومتها.يكتب (أحمد خير)عن الدور المتوقع للنخبة أو أصحاب المثل العليا من الجيل الحديث، معتبرا تأسيس أول نادي للخريجين (وليس مؤتمرا) في صيف1918 بام درمان. ويري في هذا الحدث بداية المعركة بين القيادة الشعبية المتعلمة مقابل الزعماء الدينين أو الحركة الصوفية-كما أسماها في البداية. واستهل الفصل الخاص بتاريخ هذا الصراع ببيت الشعر القائل:
    وما ضرت العلياء الا عمائم تساوم فينا وهي فينا سوائم

    وقد كان (أحمد خير) يعلق آمالا عراضا علي هذه الحركة،رغم أنه بعد أكثر من ربع قرن من الزمان،بدا متشككا.فقد كانت ملئية بالوعود والطموحات لدرجة مقارنتها بارهاصات عصر النهضة في أوربا.ويكتب عن الظاهرة :-"...يلحظ في ثناياها أغراض دعوة الطليعة من أحرار الفكر الذين انبثوا في أرجاء أوربا وأحدثوا تلك الثورة الفكرية التي مهدت السبيل لحركة الإصلاح الديني؛وما تلاها من انقلابات وحروب وثورات قفزت بالمجتمع الأوربي من ظلمات القرون الوسطي الي نور الحضارة الحديثة".(كفاح جيل،الطبعة الثالثة، 1991،ص21). ويثبّت نجاحات الخريجين في البداية حين يقول:-"ولقد خاض الجيل معركة حامية لتحرير الفكر من أوهام الخرافة وقطع شوطا ملحوظا في هذا السبيل وقضي علي نفوذ الارستقراطية الدينية،أو كاد". (ص185). ولعله يقصد أن هذا الانتصار قد تم في اوساط اجزاء واسعة من الجيل الحديث وليس المجتمع السوداني ككل.
    وفي نفس أجواء تصاعد المعركة ضد الطائفية والرجعية،يصدر(عرفات محمد عبدالله) مجلة (الفجر)في 2يونيو1934. ويكتب من البداية بأن صحيفته تقوم (بنشر نور المعرفة وقشع سحب الجهالة) ويضيف بانها (تستمد مبدأها وصفتها من اسمها الذي اسميناها به، وآمالنا وطيدة في أنها ستكون فجراً صادقاً يتلوه صبح وضاح، ونهار مشرق. تتشر لسعة شمسه الشافية فتقضي على جراثيم الجهل والحقد والعصبية والتأخر والجمود. وتبعث فينا وفي ابنائنا واحفادنا روحاً جديدة).ولعبت (الفجر) دورا تنويريا هاما ولكنها توقفت عام1935 بوفاة صاحبها ولم تفلح محاولة احيائها.
    من تناقضات التاريخ السوداني تزامن قيام مؤتمر الخريجين1938 وهم الذين آلوا علي انفسهم هزيمة الطائفية والرجعية الدينية،مع تحالف الطائفية والخريجين. ويصف (سامي سالم) ببراعة هذا التحول:-"...كانت لحظة الهروب من مؤتمر الخريجين الي أحضان الطائفية هي اللحظة التي وقّع فيها المثقف السوداني ضك إنهياره،وقد تكلل مشروع الهرب بالخيبة التي لا زالت مستمرة الآثار،إنها اللحظة التي قطعت الطريق علي المشروع العلماني في الحياة السودانية وفتحت الباب أمام النفوذ الديني الذي تسترت به الطائفية". (مجلة الدستور اللندنية،25/9/1989ص47).

    ******
    نتوقف هنا هذه المرة وسنواصل،ولكن بعد هذا المقطع من رباعيات
    الشاعر(صلاح جاهين):-

    ولدي نصحتك لما صوتي اتنبح
    ما تخفش من جني ولا من شبح
    وان هب فيك عفريت قتيل إساله
    ما دافعش ليه عن نفسه يوم ما اندبح
    عجبي!

    ونواصل
    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 08-24-2012, 08:09 PM)

                  

08-25-2012, 10:46 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)



    المداخلة (11) :


    القوة في زمن الدكتاتورية


    التحية مجدداً للبروفيسور عبد الله والأستاذ / طلعت مصطفى
    (1)
    عندما ننظر الكون من علٍ ، نجد أننا نتفق مع الدكتور جابر عصور في كتابه ( النقد الأدبي والهوية الثقافية ) ص 21
    ( إننا اصبحنا نعيش زمن الأصوليات : الأصولية الأولى:
    تتحدث عن عالم ديمقراطي جديد ، وتسعى إلى أن تكون شرطي العالم الذي يبحث عما يزيد ثرواته على حساب الضحايا الذين يخادعهم بضرورات الإصلاح ، ولحديث في منطقتنا عن شرق أوسط جديد ، أو عن فوضى خلاقة . والهدف الحقيقي هو الإبقاء على المصالح ومضاعفتها ، واحتكار العوائد النفطية وحماية مصادرها من اي خطر محتمل ، ويلزم عن ذلك التحالف مع أنظمة استبدادية لا علاقة لها بالديمقراطية ، ولا تعرف سوى الإتِّباع الثقافي والتبعية الاقتصادية السياسية لحماتها فتتحدث عن وحدة عالم جديد .
    أما الأصولية الثانية فتتحدث عن وحدة العالم الجديد ، يعيد الخلافة ويفرض وجود الدولة الدينية التي ترفرف أعلامها على كل انحاء الكرة الأرضية ، يستوي في ذلك أن يكون الأعلام تابعة لهذا المذهب أو ذاك . فالأهم أنها أعلام الإسلام الأصولي الذي ينبغي أن يعود إلى سابق عهده ، ويفرض هيمنته على كل ما حوله ، حسب قواعد متشابهة تؤكد التعصب لا التسامح ، الصوت الواحد لا التعدد ، التوحيد القسري لا التنوع الخلاق ، الإجماع القمعي لا حق الإختلاف أو الخروج على الجماعة ، معاداة الدولة المدنية واستبدال الدولة الدينية بها ...الماضي هو الإطار المرجعي الأوحد ، ولا مانع من الاستعانة بالآلات والتقنيات التي ابتدعها الشيطان الأكبر وحلفائه لتدمير العالم وتحويله إلى أنقاض ، يبنى عليها عالم اليوتوبيا الخاص بالأصولية الدينية المنسوبة زيفاً إلى الإسلام .
    دولنا لم تزال تزرع التعصب أكثر من التسامح ، وتثمر طبائع الاستبداد ولا تعترف بالاختلاف أو التنوع أو التعدد أو التجريب أو الحداثة الفكرية وما بعدها ، فأقطارها أقرب للإتباع الثقافي والتبعية الاقتصادية والسياسية منها إلى الإبداع والاجتهاد الفكري والعلمي أو الاستقلال السياسي والاقتصادي الذي اصبح من أحلام الماضي التي ذابت تحت شمس العولمة الحارقة .)
    (2)
    في هذا المناخ الذي يشيع الأصولية ، فنحن أمام أنموذجاً أصولياً في الممارسة السياسية والاقتصادية . انكبوا على مؤسسات الدولة على ما بها من مآخذ وأهالوا عليها التراب . هدموا ما بقي من مؤسسات لإعادة إنتاج الخلافة وانهزم المشروع . وبقيت منظمة تعيش على ثروات البشر والأرض بكل عشوائية الفساد وساسة الحوزة .
    *
    بالنظر إلى هذين الأصوليين ، نجد أصولية العولمة تشتري المواد الخام بأبخس الأثمان ، وتنشر بضائها المتوحشة فتقضي على الصناعات في الدول النامية . ونجد الأصولية الدينية مستهلكة تعيد حركة العالم إلى الوراء ، ليس لها في العلم والفكر والصناعة من شيء .من هذه الوحوش الكاسرة يتعين للأحزاب أن تجد لها مكاناً وسط هذه النقائض . أن تأخذ بالحرية والديمقراطية وتطوير الفكر والصناعة ، وأن تكون لها هوياتها الثقافية تعيش وتتطور دون حجر أو قسوة الدكتاتورية .
    هنالك مقولة مشهورة توضح أن( 20% من سكان العالم يملكون 80% من ثروات الدنيا ) وهذا يكشف الفقر المستمر والغنى الفاحش ، فأين هي العدالة .
    من المهم لأي من الأحزاب المعرفة الدقيقة ببيئات السودان المتنوعة ، بشر وأرض وموارد وثقافة متنوعة . وأن يتعلموا كيف يمكن النهوض بتلك المجتمعات المتنوعة التي ترزح في الجهل والمرض والفقر ، ومن مواردها الخاصة . لأن المعرفة هي كنز ليصبح الحزب لاعباً في أرضه وجماهيره كما يقول أصحاب الرياضة .
    (3)
    القوة :
    كتب ماوتسي تونغ : السياسة هي سياسة دون سفك دماء والحرب هي سياسة دامية
    ما هي القوة التي تصارع الدكتاتورية التي تريد من خصومها منازلتها بالسلاح . وصارت للحركات في الأطراف السبل لاغتناء القوة . فدول الجوار والتداخل بين العشائر والقبائل وسيلة لاقتناء السلاح . ويقال إن في غرب السودان أكثر من أربعة ملايين قطعة سلاح !! . هؤلاء امتلكوا القدرة على اجبار الدولة الدكتاتورية على المفاوضة ، وفي تلك المعارك ضاع الوطن من الاستراتيجية ، والجميع على استعداد لتفتيت السودان من الأطراف مع ديمومة توازن القوى . وما الجنوب إلا الأول .
    للقوى أشكال جديدة ومتجددة . وكم من تنظيم خرق كل التراث . وشيد من قوة السلاح ميزة لاختراق التوازن ، بغض النظر عن الجماهير . ثقلها أم لا . وعرفنا التنظيمات التي ضربت عرض الحائط بحقوق الإنسان والبشر . وشرعت في التفجير والتقتيل لا تعرف جانٍ من المجنى عليه . عبرت توازن القوى وأحدثت شرخاً كبيراً في كل النظم ، الديمقراطية أو الدكتاتورية . فهي تنظيمات دينية متطرفة .

    الخيارات المتوفرة :
    أولاً
    القوة المسلحة تقتضي الدعم من خلال مناطق رخوة في الجوار ، ودعم أجنبي كما هو معروف حين كان الدعم لجنوب السودان وحركات دار فور ، وقد كشف وزير الأمن الإسرائيلي " ليفي دختر " علاقة إسرائيل بجنوب السودان والحركات في غرب البلاد ، وكذلك أمريكا ويوغندا وتشاد وليبيا وأثيوبيا . لكل غرضه ، والنتيجة الاستعانة بالقوة وقبول شروط الداعمين . وتعني القدوم من الأطراف ، ووسيلة الدولة هي القذف المدمر للقرى بالطائرات كما يحدث في جبال النوبة اليوم !! .
    ثانياً:
    غزو القوات المسلحة التي استباحها التنظيم الحاكم ، وهو أمر بعيد المنال بعد أن صار منظمة تابعة للحركة الإسلامية
    ثالثاً :
    حرب التفجيرات والاغتيالات ، وهي غريبة على السودانيين . ولكنها وسيلة حققت منها حركات كثر في العالم الوجود الاستراتيجي والقدرة على الجلوس والتفاوض مع الدكتاتوريين قسراً بسبب قوة القتل . وهي قوة غاشمة . لا تعرف البرئ من المذنب . لا تحفل بحقوق الإنسان ولا حماية المدنيين .
    رابعاً :
    التحالف مع الحركات المسلحة ، لكن تجربة ( الحركة الشعبية ) أثبتت أن الحركات سوف تتسلق إلى أغراضها صاعدة على دعم الأحزاب . وتلك مخاطرة ذاقت الأحزاب التي ائتلفت مع الحركة الشعبية ، وتركتها الأخيرة في العراء ، لا حول لها ولا قوة !.
    ونواصل
    *
                  

08-25-2012, 04:27 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: وانا من رأي طلعت .. وازيد اني (احس) بماركسية الراحل الخاتم عدلان في كل كتاباته .. ومات ماركسياً عتيد!
    ولا مشاحة بصريح الاقوال من جنس (تخريد الماركسية) وخلافو .. دا كلام ساي، ونلزم الراحل المقيم بما التزم به [خاصة وأن تلك النظرية تصر على وحدة الفكر والتطبيق، وتعتقد أن حقيقتها لا تتكشف إلا في وحدتهما]


    سلام يا قيقا
    وشكرا
    الفرق بين الماركسية كمنظور والماركسية اللينينية شاسع لان الاخيرة تعتمد مبدأ الجوهرانية essentialism وهو مبدأ فلسفى مميت ولا يختلف عن الاسلام السياسى لانه وضع حوهر الخير والحق والجمال فى الطبقة وممثلها (الحزب)!!
    ولم يهتم كثيرا بالديمقراطية على اعتبار ان الطبقة العاملة وحزبها قادران على احقاق الحق وتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية،التى طال شوق البشرية اليها منذ فجر التاريخ .
    وهو شىء شبيه بموقف حركة الاسلام السياسى من احتكار الخير وإختزاله فى الذات وتجريد الاخر منه.
    مفهوم المادية التاريخية تجسيد للجوهرانيةالتى تتعارض مع الرقابة والشفافية التى توفرها التعددية الديمقراطية والتداول السلمى للسلطة السياسية ومسألة فصل السلطات ، وهو ايضا شبيه بمفهوم الشريعة ذلك المفهوم الذى تمت صياغته فى عهد التدوين اى بعيد القرن الثانى الهجرى والذى اصبح مناقضا لقضايا العصر والمقاصد الكلية للاسلام فى زماننا هذا.اما الماركسية كمنظور فشىء مختلف اذ لا غنى عنها للناشط السياسى المنصف والجاد فى اى مجهود اصلاحى سياسى واجتماعى، لان وضع التحليل الطبقى فى الاعتبار مسألة اساسية فى مجل الرؤى الاصلاحية.
    الانحياز للفقراء وتوفير فرص الحياة الكريمة لهم او لهن مبدأ دينى وانسانى عظيم.
                  

08-25-2012, 04:47 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    Quote: إن منع تكوين الديمقراطية، ومسايسة الرأي الآخر، ومصادرة الديمقراطية، وإنشاء بنية سيكولوجية متينة لدي عضو الحزب، تخشى الاختلاف، والاستقلال والتميز خشيتها للمرض، هي ظواهر كفيلة بإحباط وسحق تطور أي حزب أو منظمة. ولا غرو، فذلك يمثل الإلغاء العملي لفعالية قانون التناقض الماركسي والذي هو القوة الدافعة لكل تطور. فهذا القانون القائم على وحدة وصراع الأضداد قد أبطل فعله داخل الحزب بالتركيز الوحيد الجانب – المرضي أحيانا- على الوحدة، وعلى حساب الصراع. وأنه لمن المفارقات الأليمة في تأريخ الفكر السياسي والتنظيمي أن يبادر الداعون إلى نظرية ما، والمؤمنون بصحتها وصوابها، إلى إلغاء جوهرها حينما يشرعون في تطبيقها. خاصة وأن تلك النظرية تصر على وحدة الفكر والتطبيق، وتعتقد أن حقيقتها لا تتكشف إلا في وحدتهما. وللأسف الشديد فإن هذا هو بالضبط ما حدث، بل أن أكثر ما يثير القيادات الحزبية ويفجر غضبها هو القدح في مبدأ المركزية الديمقراطية الذي أدى إلى كل هذه النتائج السالبة. ولا يحدث هذا إلا لأن هذا المبدأ يتعلق بالسلطة الحزبية وبحماية المواقع القيادية.


    كذلك يا قيقراوى كان المرحوم الخاتم قد كتب ايضا فى هذا الشأن المتعلق بضرورة إعتماد تعدد المناظير بدلا عن الماركسية اللينينة، ما معناه انه لا يدعو الى نبش قبر ماركس وذر عظامه للريح بعد حرقها كما فعل العباسيون مع الامويين ، ولكنه طالب بإعادة دفنه على جنبيه بتواضع مع بقية علماء الفلسفة والاجتماع .
    تعدد المناظير ومفهوم التعددية الديمقراطية اصبحا من المفاهيم الشائعة ذات السمعة الطيبة فى عصرنا بدليل ان الحزب الشيوعى فى مؤتمره الخامس والاخير كان قد وثق لضرورة ان يتبنى الحزب تعدد المناظير بما فى ذلك المذهب البراجماتى .. لكن مصيبة الحزب الشيوعى انه ظل يحاول الجمع بين المتناقضات منذ عقود ، فهو من ناحية لم يقدم نقدا للماركسية اللينينية يفيد بتخليه عنها، بل ظل يمارس الاستهبال السياسى فى محاولات التوفيق بين الماركسية اللينينة من ناحية وتعدد المناظير من ناحية ثانية!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
    رغم ان التخلى عن الماركسية اللينينية يعنى دفع استحقاق كبير يتعلق بمراجعة كل تاريخ الحزب ، الا انه فى النهاية يعد تضحية عظيمة يستحقها هذا الشعب الطيب.
    أعود كما وعدت لمناقشة قضية اخرى مهمة طرحت فى ثنايا مقال د عبد الله على ابراهيم
    لكن لا يفوتنى ان اسجل صوت شكر للاستاذ عبد الله الشقلينى على رفده للبوست بعدد من المداخلات القيمة

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 08-25-2012, 04:51 PM)

                  

08-26-2012, 01:09 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    ليظل الملف عالياً
                  

08-27-2012, 00:45 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    Quote: القوة في زمن الدكتاتورية
                  

08-27-2012, 10:09 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    ادناه مشاركة جديدة من د عبد الله على ابراهيم:

    -----------------------------

    عزيزي طلعت

    هذه عبارات عنت لي في ما قرأت مؤخراً في بوستكم الكريم.



    أولاً:

    أتابع خاطرات الشقليني. وتوقفت عند قوله: "غزو القوات المسلحة التي استباحها التنظيم الحاكم ، وهو أمر بعيد المنال بعد أن صار منظمة تابعة للحركة الإسلامية ." لو ترك لي الشقليني كتابة هذه العبارة لوضعت الجيش في موضع الحركة الإسلامية والحركة الإسلامية موضع الجيش. فبعد تجربة الثورة في مصر صح أن نستأنف النقاش عن الجيش والحكم وطبيعة الدولة.



    ثانياً:

    أسعدني دخول قيقراوي في المناقشة على أنه عاد بنا مثل طلعت إلى نصوص منتخبة من الخاتم فيها ما نهض عندهم على ماركسية الخاتم وتمسكه بها حتى رحل في طريق الأولين. وودت لو نظر، كطلعت، إلى ما أبعد من شواهد نصوص المرحوم إلى المآخذ على تلك النصوص نفسها كما فعلت في دراستي الجامعة لكتابه "آن أوان التغيير". فلو ظللنا نقف في محطة نصوصه في حين تحركنا منها إلى نقد تلك النصوص . . . فاتنا القطار. وسيفقد النقاش مغزاه لأنه يرتد دائماً إلى الخندق الأول ولأنه لا يتجدد بالنظر إلى السياق المقارن للنص. فقد عالجت في نقدي لكتاب الخاتم كيف دار الخاتم في إبطال الماركسية في حيز مبطلين آخرين للماركسية كبار معروفين. فأعتمد عليهم وأستعان بهم وأسرف في النقل عنهم. وبأشباهها تعرف الأشياء.

    وقد سبق لي التنبيه على وجوب إخضاع نصوص الخاتم لما اكتنفها من نقد. فبهذا وحده تصفو لمن يريد ماركسية الخاتم أو يعدل رأيه فيها. وأعيد ما كتبته في ما مضى في تشديدي على أن لا ندور حول نص أو آخر عن ماركسية الخاتم وأن نقرأها في ضوء ما استجد من نقد لها.

    وهاكم كلمتي القديمة موجهة إلى منصور المفتاح وكان قد نقل مقالتي إلى سودانيزأونلاين.

    عزيزي منصور المفتاح،
    أنا سعيد بعرضك كلمتي (الخاتم عدلان: آن آوان الماركسية" على زملائك في سودانيزأونلاين. وأنا مدين لك يا منصور بالذب عنها بوجهة الغلاة حتى هجروها وبقى ما يمكث في الأرض. ورأيت انتهاز سانحة صفو جو المناقشة بعد عكر لأحيّ من ذهبوا إلى لب المسألة لا لبابها. وبالطبع الشقليني خدني الذي النصوص من خلفه وبين يديه متى أطل. ثم محمد عبد الجليل وعاصم فقيري وطلعت الطيب وعبد اللطيف حسن علي وبدر الدين أحمد موسى وأحمد الأمين أحمد ومحمد النعيم وعاطف مكاوي.

    أريد هنا أن أعقب على ما جاء عند طلعت الطيب. فكأنه يريد طي المناقشة كلها بحسبان ان الخاتم لم يرم "طوبة" ماركس وإنما هجر "رجز لينين" عنه. فلو كان الحال كذلك لما تناطحنا مع الخاتم في المسألة. ولقلنا له دينه في الماركسية ولنا دين. والماركسية شتى مثل كل العقائد. وساء ذكر نسخة لينين منها حتى أضحت مجافاته عادة أو موضة مع ما أكنه للرجل من تقدير كبير. ووقفت بخلال كتابة كلمتي هذه على مقالات لسلافوج زيزيك وهو مفكر من سلوفاك قال أننا ". كِتلنا" في الرجل. و هو مفكر راديكالي كبير كثير التآليف وكتب في "القارديان" وتحدث في "الجزيرة" الإنجليزية عن ثورة تونس ومصر حديثاً صريحاً. وبعض حديثه على اليوتيوب.

    القول بأن الخاتم لم يرم طوبة الماركسية وإنما قصد إصلاح الحزب لاغير لا يخدم غرض ورقتي وهو أن نتقلد مسؤولية حيال ماركس طالما كنا ماركسيين. ولا تعني هذه المسؤولية أن نتزواج معه كاثوليكياً وعقدياً. ولكن متى رمينا طوبته مثل الخاتم كان ذلك على بينة. وينطبق هذا على كل من استصوب فكراً ومنهجاً ما وتعلق بهما. ينبطق على من اعتقد في الوجودية أو البنائية. بل والإسلامية. وقصدي من ذلك أن يكون اعتناق الواحد منا لمنظومة فكرية ما حرية وأن يكون رمي طوبتها حرية غراء وشرط الحرية إدراك ضرورة هجرها فوق حيثيات. وأهمية هذه الجدية في اعتناق المباديء في ألا يكون الفكر "عدي من وشك" وساحة للعك والانتهازية. وأن نتحصن بتلك الجدية من خبط العشواء. فقد استغربت لعادل عبد العاطي يحصي سوءآت الاشتراكية في التطبيق (وهي كثيرة) ثم لا يطرف له جفن يسمي حزبه ب"الليبرالي". والليبرالية التي خرج الاستعمار من معطفها سفكت الدماء. وما أدراك ما الاستعمار. فهذه الخفة في التنقل من مبدأ إلى آخر ما كانت لتقع لو أخذنا المباديء مأخذ جد ودرس وتحقيق في اعتناقنا لها وفي هجراننا لها معاً.

    الخاتم رمى طوبة ماركس ولم يبق منه إلا العفو وهو ما يبقى من كل تقليد ثقافي. صارت الماركسية عنده مجرد إرث نستفيد منها ككل إرث إنساني. وخص الخاتم بالذكر نفعها من جهة منهجها في دراسة الواقع الملموس. وقال الخاتم في استقالته وآخرين إن الماركسية لم تٌنف نفياً كاملاً لاحتوائها على أفكار عميقة وصالحة لفهم ظواهر المجتمع البشري. وهذا هو العفو لمن سبق أن كانت الماركسية مصباحه في الدياجي.

    سيضيع الأثر في الماء من قول طلعت إن الخاتم لم يقصد إلى تشليع الماركسية بل اللينينة بصورة رئيسية في مناقشته لإصلاح الحزب. وبعض هذا صحيح ربما في رد الخاتم مفهوم "الديمقراطية المركزية" للبلشفية وتراثها القيصري. ولكن الخاتم لم يدرأ الشبهات (شبهة استغنائه عن ماركس) لاحتجاجه بمبطل عتيد للماركسية مثل " آلان توفلر" في معرض مؤاخذته للنظرية من باب إصلاح الحزب. وكان هذا موضوع نقدنا. فإن قبل الخاتم توفلر (مرجعه الذي لا غيره على علاته لدحض الماركسية)كما فعل "وزر وزره". فتوفلر مبطل للماركسية على المفتشر وبالذات من جهة تحليلها لمصائر الصرع الطبقي في الرأسمالية. فبأخذ الخاتم عن توفلر، وبصورة لم يشرك معه أحدا، انتسب إلى تقليد "نهاية الماركسية". ولهذا تجشمتُ قراءة "آن أوان التغيير" على ضوء كتاب "ماركس الإسفيري" (للدكتور نيك داير-وزيفورد الصادر في 1999 عن جامعة إلينوي للنشر) في محاولة لكتابة تاريخ ثقافي استنطق فيه نص الخاتم ومرجعياته.

    وحتى حين عالج الخاتم إصلاح الحزب لم تسلم جرة الماركسية. فإن نظرت إلى استقالته وآخرين من الحزب تجد الخاتم يرد نواقص الحزب ونواقضه إلى ماركسية لينينة وغير لينين. فقد توصل هو ورفاقه إلى "أن المشروع الماركسي للتغيير الاجتماعي قد انهار تماماً" بالنظر إلى تطورات تعاظمت منذ الخمسينات. فهو لا يريد للحزب أن تكون الطبقة العاملة قاعدته ومرجعيته. فحزب للطبقة العاملة حديث خرافة لفساد نبؤة الماركسية عن الأدوار التي رتبتها للبروليتاريا في مشروعها. فتلك التطورات لم تستقطب القوى الاجتنماعية كما قضت الماركسية: برجوازيا بوجه بروليتاريا. بل جاءت تلك التطورات بالنقيض المباشر لتصور الماركسية. ". فلا البروليتاريا اختارت الثورة، و لا البرجوازية اختارت المواجهة حتى الموت . . . بل وجدت الطبقتان وسائل "للمساومة التأريخية" لم تمنع خصومتهما من إعادة صياغة مجتمعات الراسمالية "بصورة لا تستوعبها التبسيطات الماركسية". ثم واصل الخاتم لا يترك شاردة ولا واردة من توفلر.

    من عرف الخاتم عرف علو دراميته في التعبير. ولما قرأت عبارته في استقالته وآخرين عن الطريقة المثلي للتعامل مع ماركس-الماركسية قلت ذلك الخاتم الناطق: "إننا لا نريد أن نضع ماركس على رأسه، كما قال إنه فعل مع هيجل، بل نريد فقط أن نضعهما معا، على جنبيهما، شأن كل الموتى". ثم اتضح لي أنها تعريب شبه حرفي لعبارة توفلر من ""تحول القوة" (صفحة 413 من طبعة الأصل الإنجليزية).

    من أميز ما سمعت تعليقاً على مقالي قول أحدهم عن ما إذا كان الحزب يعتني بالتحصيل الماركسي لكادره المتفرغ أم أن ذلك من المتروكات. من تجربتي: لا.

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 08-27-2012, 10:11 AM)

                  

08-27-2012, 05:19 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)


    نثمن مداخلة البروفيسور عبد الله علي إبراهيم
    فقد أثرت الملف بحق

                  

08-28-2012, 03:03 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    ونواصل ...
                  

08-29-2012, 11:09 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    ة
                  

08-29-2012, 07:39 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)




    المداخلة (12)

    مقابلة مع عضوة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني الدكتورة سعاد إبراهيم أحمد ترى إسقاط النظام عن طريق الإنتفاضة الشعبية :

    Quote: س: الحكومة السودانية تقول انه لن يكون هنالك ربيع عربي في السودان باعتبار انه مرّ بالسودان في العام 1989. ما هو تعليقك؟

    ج: هذا افتراء! الاذاعة مثلا تصر ان تأتي بربيع عبد العاطي الذي يعلق في اليوم عشرة مرات، هو الذي يعقب وهو الذي يتحدث عن السياسة، ومن وقت لآخر يأتون بأحد المعارضين أو شخص لا ينتمي للنظام لكن هذا نادر.

    الحكومة تمني نفسها وتعتقد انها احسن حكومة مرت على السودان، ويعتبرون ان الشعب يقف معهم ويرددون هذا الكلام على الرغم من انهم يعلمون انه ليس حقيقة.

    هذا لا يعني ان المعارضة منظمة وموحده فمثلا نحن موجودون في المعارضة لكننا غير متحمسين لأن نغير السلطة عبر البندقية، هناك الخرطوم، لان من يحمل من يقول نتعارك معهم لنزيحهم وهناك من يقول بالتفاوض ونحن بين هذين الخيارين لسنا مع الكفاح المسلح عبر الحرب وغزو السلاح سيفرض رأيه عليك في نهاية الأمر فنحن مع التغيير السياسي.

    س: ولكن بعض اقطاب النظام يقولون انهم سيعملون على اسقاط النظام حتى ولو عملوا مع الحركات المسلحة طالما انها حركات وطنية سودانية لديها مطالب ولكن ينظر بعد ذلك في الكيفية التي يتم بها ذلك؟

    ج: هذه هي ازمة السودان. نحن كان لدينا تجربة (مجد) في التجمع الديمقراطي، والصادق المهدي خرج ووقع اتفاق جيبوتي مع النظام وبعد ذلك مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية، خرجت قوات المعارضة وبدأت في تحرير بعض مناطق السودان واتفقوا مع بعض القيادات التقليدية هناك.

    الكفاح المسلح يعطي المسلحين سلطة فوق سلطة السياسيين وذلك بسبب حملهم للسلاح، والتغيير لكي يكون مستداماً لابد ان يكون سياسياً، لذلك لا اقبل أن تأتي قوة مسلحة لتغزو الخرطوم، لأن ذلك يعني أنك اخذت السلطة السياسية وتجاهلت التظاهرات التي في الأحياء وأعطيت ثمرتها لفئة مسلحة.

    المسلحين يعملون على مجاملة بعضهم، وتوحيد المعارضة ليست قضية سهلة وذلك لأنها تشرذمت مثل ما تشرذم السودان، الآن ورغم ان النوبيون في الشمال مسالمين لكن هنالك فئة تدعو الى حمل السلاح لمقاتلة النظام.

    س: لكنه مازال مجرد حديث لا يوجد في الشمال من يحمل سلاح الآن؟

    ج: توجد الان مجموعات صغيرة، تحمل السلاح لكن لأن النوبيين لم يستجيبوا بعد، فهي لم تكبر.

    س: هل في رأيك اذا حصلت الاستجابة سوف تكون هنالك حركة مسلحة في الشمال؟

    ج: انا اعتقد انه ليس سهل ان تكون هناك حركة مسلحة في الشمال.

    الميدان

    س: هل تعتقدين ان الوضع السياسي في السودان انتهت فيه فكرة الحوار السلمي وهل اصبحت لغة السلاح هي الاعلى؟

    ج: لا، نحن ندعو الى الانتفاضة الشعبية، ونعتقد ان كل مواطن يحتج من اجل الصحة والتعليم والعلاج من احيائهم ويخرجون الى المظاهرات ويواجهون النظام وتم اعتقالهم وسجنهم وتعذيبهم وفصلهم من وظائفهم، هنا يتولد التراكم ويسقط النظام.

    يجب الاعتماد على القوة الشعبية فالتجمع لن يستطيع ان يخلف قوى قاعدية.

    المهم ان النظام انهزم شعبياً، فالمواطنين واعون ان صحتهم معرضة للخطر وان تعليمهم معرض للخطر والمعيشة معرضة للزوال، فالناس لا تجد عمل.

    مازلنا نعول على اتساع حركة المعارضة الشعبية والخروج في كل حي هنا وهناك، وسوف يأتي يوم ويتم التنسيق فيما بينهم، ويخلقوا قوى، وهذا رهين بان يقود الحزب الشيوعي تنظيمه للمواجهات ولضمان الاستمرارية كي لا تكون حركة تقوم اليوم وتنام غداً.

    س: ما هو الاساس الذين تعمل عليه المعارضة لإسقاط النظام؟ هل هو الاقتصاد؟ ام هناك مداخل اخرى؟

    ج: الاساس هي السياسات، والتي يعتبر الجانب الاقتصادي مهم جداً فيها، وجانب الحريات ايضا مهم لانتزاع حقوق اقتصادية وحقوق سياسية، ولهذا موضوع تحرير المرأة بالنسبة لنا مهم جداً والمرأة خرجت وأصبحت تحتج.

    سعاد إبراهيم أحمد، القيادية بالحزب الشيوعي: السخط وحده لا يولد الثورة،
                  

08-29-2012, 07:54 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)



    المداخلة (13)

    نشكر البروفيسور وصاحب الملف الأستاذ / طلعت الطيب ،
    ونعود لملاحظة البروفيسور عبد الله حول خواطرنا بشأن القوات المسلحة السودانية وانتهاء حيدتها :

    Quote: أولاً:

    أتابع خاطرات الشقليني. وتوقفت عند قوله: "غزو القوات المسلحة التي استباحها التنظيم الحاكم ، وهو أمر بعيد المنال بعد أن صار منظمة تابعة للحركة الإسلامية ." لو ترك لي الشقليني كتابة هذه العبارة لوضعت الجيش في موضع الحركة الإسلامية والحركة الإسلامية موضع الجيش. فبعد تجربة الثورة في مصر صح أن نستأنف النقاش عن الجيش والحكم وطبيعة الدولة.



    عند كتابتي خيار القوات المسلحة ، هو إشراكها في تغيير النظام ، وهذا التغيير قد أفلت شمسه بسبب هيمنة االحركة الإسلامية ، ومن بعد انقلابها تم القبول في قوات الشرطة والأمن والجيش من خلال معايير الحركة الإسلامية ، وفقدت تلك القوى حيدتها ونزاهة توجهها . تم تقليم أسنان الجيش ، وفقدت القوات المسلحة قوتها السابقة ، وتحولت قوات الأمن والشرطة إلى القوة البديلة . وقد أثبت اتجاه الإنقاذ في مقاومة ما تسمى بـ " غزوة أم درمان " فقد تم استبعاد القوات المسلحة تماماً من محاربة القوة التي قامت بالغزو .
    والقوات النظامية في السودان لا تشبه القوات المسلحة في مصر ، فتلك قوات مسلحة حرفية ، ومؤسسة على قدر من الحيدة والكفاءة ، ولا تشابه القوات المسلحة في السودان في وضعها الراهن .

    ونواصل
    *
                  

08-29-2012, 11:38 PM

قيقراوي
<aقيقراوي
تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 10380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    شكرًا يا طلعت
    ومليون شكر لأستاذنا بروف عبدالله
    متعك الله بالعافية .. افادنا بعلمك
                  

08-30-2012, 02:46 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: قيقراوي)

    (كلكم مجانين ودكتور عبدالله قدامكم إنكم ترطنون هيروغلافيك)
    الله يحفظكم ويشفى بكم أمراض السودان فأنا كما الفيتورى
    أحدق بلا وجه وأرقص بلا سيقان فوق فوق فى سماء الأرواح
    لا بثرى الأشباح فى ديمومة جذبة باقيه فدقوا نوبة الفكر واضربوها
    ضربا لترن ونئن الله الله الله الحى الدائم.

    لكم السلام جميعا



    منصور
                  

08-30-2012, 07:49 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: munswor almophtah)

    Quote: كلكم مجانين ودكتور عبدالله قدامكم إنكم ترطنون هيروغلافيك)
    الله يحفظكم ويشفى بكم أمراض السودان فأنا كما الفيتورى
    أحدق بلا وجه وأرقص بلا سيقان فوق فوق فى سماء الأرواح
    لا بثرى الأشباح فى ديمومة جذبة باقيه فدقوا نوبة الفكر واضربوها
    ضربا لترن ونئن الله الله الله الحى الدائم.

    لكم السلام جميعا



    منصور



    نرد على كتابة صديقنا الصدوق الأستاذ المنصور بالهدية :





    أصحى يا جميل .. شوف جمال الليل
    وأسمع البلبل ولهجتو الفصحى
    *
                  

08-30-2012, 08:39 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    العزيزات والاعزاء
    وصلتنى هذه المساهمة من د عبد الله على ابراهيم:



    إلى الأعزاء

    أود لو نعود إلى أمر "الحزب" في مصطلحه العمومي كتحالف إختياري لغاية. سألتني صحفية عن قريب إن كنت أطمع في تكوين حزب سياسي. فعبرت له عن ذعري من تكوين حزب بعد ابتلائي بحزب الشيوعيين. وقد استغربت دائماً كيف أن هذا التحالف الطوعي صار قيداً على الجسد والعقل. ليس من بؤس في أعضائه. يبدو أن العاهة في الحزب كحالة اجتماعية. ولأن الشيوعيين الأكثر استعمالاً للحزب ساء صيتهم. وأعرض عليكم بعض مخاوفي من الارتباط بحزب كما فضفضت عنها إلى الصحفية بأمل لا أن نأخذ الحزب، كاداة لا مهرب منها لوحدة الإرادة الطليعية، بغير روية وتفكير.



    *لماذا لم يفكر الدكتور في تكوين حزب طالما أنك صاحب دعوة وسبق أن ترشحت لرئاسة الجمهورية ؟

    الحزب ككيان سياسي مشكلة. فبعد تجربة الحزب الشيوعي لابد أن أفكر قبل إرتكاب انتماء حزبي آخر. الحزب سلطان جائر أعفينا أنفسنا من التفكير في شروره لأنه اقترن بحرية التعبير والتنظيم. إنه حالة طائفية بصورة او أخرى حتى في افضل الديمقراطيات. أحاول منذ مدة التفكير في حزب بلا أنياب بعد فجيعتي في جهاز الحزب الشيوعي. مثلاً كتبت عن وجوب ألا يصدر الحزب جريدة لسان حال لأنها من آليات سيطرة المركز على الأعضاء. أعجبني اقتراح لعادل عبد العاطي أن يكون التحقيق مع عضو الحزب على خرقه للوائح تنظيمه بواسطة لجنة من خارج الحزب كله لتحقيق العدالة. أريد حزباً للاعضاء لا للمركز. عند الشيوعيين مثلاً تقديس للمركز ويعيش كادر المركز كصغار اللآلهة وإن خفّت موازينهم. ومن قرأ كيف استقبل رفاق ما في مدينة إقليمة يوماً ما السر مكي كمندوب للمركز عرف كيف صار المركز مجمع آلهة. بالطبع الحزب أعلى درجات حرية التعبير والتنظيم ولكن ينبغي أن ننشئه حذرين من أنه ربما أضر بتلك الحرية في داخله وحوله.



    *هل تفكر في آلية أخرى ؟

    نعم. أنا تحدثت خلال الانتخابات عن منظمة سميتها (القائمة الوطنية للنهضة، قون) وفكرتها أنها مما يعرف بالحركة الاجتماعية يقع نفعها مباشرة للناس من مثل ما تقوم بها الجماعات الإسلامية في المساجد ولكنها أوسع نطاقاً. مثلاً سيكون للقائمة جماعة متطوعة من خبراء البذور. فإذا نشأت مشكلة مثل التي كانت بين المزارعين والبنك الزراعي أو غيره تدخل هؤلاء الخبراء وأدلوا بقول مختص يعين على وضع النقاش الوطني حول المسألة في ماعونه. وسيكون لها أطباء ومحامون يخدمون الكادحين في وجوه متاعبهم المختلفة حريصين ألا تُضيع الدولة الفصيحة حقوق المستضعفين. المحامون في قون ليسوا فرعاً في القائمة كفرع الحزب بل طاقة سياسية مهنية مبذولة للناس بشكل مباشر. فقون شبكة أفقية وليس حزباً رأسياً بأمين عام وكرادلة وكهنة. ويكثر الحديث هذه الأيام عن الحركة الاجتماعية في الأدب السياسي للتغيير. فهي طالعة للخدمة لا للتخطيط السياسي لخدمة تأتي في المستقبل. ولا يمنع بالطبع هذا من أن تنشغل بالتفكير في المستقبل. نريد بمثل هذه الحركة الاجتماعية أن نقرب الشقة بين الخدمة والناس. فالأطباء عندنا صاروا تدريجياً مخلوقات ليست منا في جاه تجارة الصحة. وكذلك المحامون في تجارة العدل.



    *.يبدو أنك أجريت مراجعات فيما يخص التجربة الحزبية ؟

    لم يكن لمثلي ترف التفكير في إنشاء الحزب كيفما اتفق: أعمل حزب وتوكل على الله. من ذاق عضة الدبيب خاف من مجر الحبل. ولا بد من بعد أزمة الأحزاب المتطاولة أن يكون تكوين الحزب نفسه موضوع مراجعة وتفكير مختلف.
                  

08-31-2012, 08:21 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)





    المداخلة (14)
    نبدأ بتحية البروفيسور عبد الله والأستاذ / طلعت الطيب بهذه " النفرة " التي وجهتنا إلى إعادة النظر اليومية فيما نكتب ،
    ونكسر جلال " التابو " في المصطلحات التي تتقبلها العقول كمسلمات . وأن نحاول من خلال الملف الثري أن نعيد الكتابة من جديد .

    Quote: *.يبدو أنك أجريت مراجعات فيما يخص التجربة الحزبية ؟
    رد البروفيسور :
    لم يكن لمثلي ترف التفكير في إنشاء الحزب كيفما اتفق: أعمل حزب وتوكل على الله. من ذاق عضة الدبيب خاف من مجر الحبل. ولا بد من بعد أزمة الأحزاب المتطاولة أن يكون تكوين الحزب نفسه موضوع مراجعة وتفكير مختلف.


    Quote: وقد سبق أن أدلى البروفيسور عبد الله مما سبق من مداخلات :
    التفكير في الحزب، كأداة للتغيير، هو بداية تحري هلال الثورة. فالحزب هو صمام أمان العزيمة التي لا بد من تفاؤلها قبل وقوع التغيير.


    يبدو أن محاذير الدخول في لُجج الأحزاب وكهوفها هو أول الخوف من تنظيمات الجماعة . ومصطلح " الجماعة " عند التنظيمات الإسلامية رهبة وخيفة من ثقل التنظيم الذي جعل من الجماعة قوة قابضة ليس على الاقتصاد ،بل قابضة على الأرواح .
    نحن في حاجة لطرح مصطلح " الحزب " على طاولة التشريح . فالمنظمات الخيرية في القانون المصري يتعين ألا تعمل في السياسة المباشرة ، وهو الذي تقوم به التنظيمات الإسلامية في مصر ، وقبلها في السودان عند الدخول للمجتمعات من مدخل الدعم الخيري في الغذاء والعلاج ، وهو ما استخدمته الحركة الإسلامية قبل التجهيز لانتخاب " حسن الترابي " في دائرة الصحافة أيام الديمقراطية الثالثة . وكيف مهدت الحركة الاسلامية لترشيح الترابي بدعم منظماتها الخيرية من خلف كافة المواثيق !!
    نعود لتعقيد الحزب وآلية الانصياع لأوامره :
    - يوجد راي الإجماع : وهو رأي يتكثف عن اقتناع الجميع بدون استثناء .
    - يوجد رأي الثلثين وهو المتيسر ، ولكنه يقمط حق الثلث في أن ينصاع
    - وتوجد الأغلبية ( %50+1) ، وهي الأغلبية الصغرى ، وفيها ينصاع 49% للبقية في الرأي
    - ويوجد مصطلح قام بنجره الإسلاميين ( أهل الحلّ والعقد ) والذي يعني وصاية القلة للقيام بالأمر .!!!
    - وهنالك مجلس شورى الجماعة ، وهو مثال لما سوف تفعله الحركة الإسلامية في السودان في نوفمبر القادم ! ، وقبله وبعده سطوة أصحاب السلطان !!!
    - ..... والكثير الذي يعيب التقييد برأي الجماعة ، فالفرد المقهور هو الذي سوف يبتلع موسى الانصياع . !!!
    وأرى أن الحزب بما أنه يخطط للجماعة ، وينوب عن الجماعة في التنظيم والتدريب والعمل اليومي الثقافي والاقتصادي والإعلامي ...ألخ ، فهو يقف ضد الإبداع وضد المبدعين . فالقدرة على خلق الفكرة النيرة ، لا ينجزها الجماعة ، بل ينجزها الذهن الفردي الخلاق . وتلك أزمة الحزب الكامنة في دكتاتوريته الناشئة أو المكتملة .
    فكيف يا تُرى يرى المبدعون ( بداية تحري هلال الثورة ) كما تفضل البروفيسور ؟؟

    *
                  

09-01-2012, 12:49 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    نقوم برفع الملف لأهميته
                  

09-01-2012, 09:14 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    شكرا يا استاذ عبد الله على رفع البوست والمشاركة العميقة
    اعود فى اقرب فرصة انشاء الله للتعليق خاصة مداخلة د عبد الله على ابراهيم الاخيرة لانها تنطوى على افكار عظيمة
                  

09-01-2012, 10:44 PM

الهادي هباني
<aالهادي هباني
تاريخ التسجيل: 06-17-2008
مجموع المشاركات: 2807

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    تحياتي أستاذ طلعت علي هذا البوست الجميل و تحياتي للمتداخلين و المتابعين ،،،
    ،،،،
    ما عرفته عن سيرة رحيل المناضل شيبون أنه قد فارق الدنيا و هو علي رأس
    عمله كمعلم في مدرسة رفاعة الوسطي للبنات و هو في الحصاحيصا قادما بالبنطون
    من رفاعة و برفقته والدته المرحومة الحاجة جمعية و أخته أسماء عبد الرحمن
    شيبون الزوجة الثانية للأستاذ ميرغني الفحيل و هم في طريقهم للأبيض ،،،
    كان أن نزلت الرفقة الكريمة بأحد لكوندات الحصاحيصا ،،، و قد غاب الراحل
    لفترة طويلة عن الرفقة داخل اللكوندا في الحمام و كان أن فجعت شقيقته أسماء
    عندما تفقدته و وجدته مشنوقا بعمامته داخل الحمام ،،،
    هذه قصة لحظة رحيله بإختصار شديد يشهد عليها أهله و أقربائه ،،، و هم أي
    أهله أفادوا و لا زالوا عند موقفهم بأنه قد عاش معلما في الوسطي و رحل عن
    الدنيا و هو معلما في مدرسة رفاعة الوسطي للبنات فأرجو أن يفيدنا الأستاذ
    عبد الله علي إبراهيم في هذا الشأن ،،،
    حكي لي أحد أقاربه المطلعين عن سيرة الرجل و قد كان (أي قريبه) طفلا لم
    يتجاوز السابعة من العمر و قد كان الرجل قبل أيام من رحيله ممسكا بيده
    و هو يتناول بعض أنواع الحلوي المحببة للأطفال آنذاك معاتبا له بأن مثل
    هذه الحلوي ضارة بالصحة و الأسنان و نصحه بأن كان و لابد له من تناول الحلوي
    أن يتناول منها (حلاوة دربس) لأنها لا تؤثر كثيرا علي الأسنان ،،،

    تحياتي و تقديري و مودتي
                  

09-02-2012, 11:20 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: الهادي هباني)



    المداخلة (15)

    التحية مجدداً للأستاذ طلعت الطيب وعبره للبروفيسور عبدالله ‘لي إبراهيم وكافة مشاركي الملف الذين أسهموا في واحد من أميز الحوارات الثقافية ،
    من خلال الجديدة في التناول ، والمراجعية في تنوع المصادر . وجميعها نظرت لأمر الحزب والمتفرغين والسلطة تعقيد العلاقة بين المقف والسطة
    من جهة والعلاقة بين المقف والحزب ، أياً كان هذا الحزب .وبين المبدعين والمؤسسات الطوعية كلأحزاب أو المؤسسات الرسمية كأجهزة الدولة ، أو المجتمع ككل .وقد كانت سيرة المبدع المثقف شيبون صورة من صور عدم توافق المبدع مع حزبه أو مجتمعه وتوجد نماذج صادحة من أمثال " معاوية محمد نور " الذي رسف في أغلاله محبوساً بين الجدران حتى وفاته ، ومنهم الشاعر " إدريس محمد جماع " وهو خروج المبدع وهروبه من دنيا الواقع
    عندما يشتد الحصار عليه . وقد حدث مثل ذلك لدى أستاذنا الدكتور سيد أحمد عبد الله ، الذي صارت حياته في مجتمعه قضية مستحيلة انتهت به في أقصى لجة الكآبة حين رحيله . ولم يكن لتلك النماذج علاقة بحزب أوسلطة،ولكنهافي ظل الوجود في مجتمعٍ ، لم يتمكن المبدع فيه من التصالح مع واقع هذا المجتمع .


    تحية ونواصل
                  

09-03-2012, 01:24 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    الرسالة التالية من د ع ع ابراهيم كان قد ارسل معها صورة يظهر فيها كثيف شعر الرأس (خنفس) لزوم التخفى ايام الشباب والعمل تحت الارض فى الحزب الشيوعى
    حاولت تحميل الصورة فى المنبر العام ولكنى فشلت ربما لاشكال ما بها .. اخيرا قررت ارسال رسالة الى الاخ بكرى ابو بكر عله يستطيع المساعدة.
    نص رسالة الدكتور :

    الأعزاء

    أرى أن شقليني يردنا إلى موضوعة الحزب بعد أن شرقنا وغربنا كما هو غير مستنكر. فالحزب عند الشيوعيين خاصة صار فوق اللمس "ممنوع الاقتراب أو التصوير" مع أنني لم أر من شوى الحزب نقداً مثل عبدالخالق. أنظر فقط نقده الموفق لسيرة نضاله تحت ديكاتورية عبود. قال عن ذلك الجهد الخارق إنه مع ذلك إثاري. ولم يقل بذلك تبخيساً بل لكي لا نكرره فنبوا بخسران كإنتفاضة 1985 والتي لم تأت بعد. وبالطبع السبب معروف. فالحزب صار آخر قلاع الماركسية في السودان بعد أن كبدها الخصوم الويلات. فصار الحديث عن الحزب حتى من الحادب يوسوس للشيوعيين إنه ربما أراد بهم شراً.

    أتمى أن اعود للمسألة وخاصة حول وثيقة أعتقد أنها من أميز ما كتب عبد الخالق "قضايا ما بعد المؤتمر الرابع" (1968) التي أحققها للنشر. ولكني أرغب أن اشرككم في كيف طبقت فكرتي عن أن نبتدع في سبل التخفي المار ذكرها. وربما ألهمني في ذلك كتاب "الخبز والنبيذ" للكاتب الإيطالي إقنازيو سليوني الذي صور شيوعياً مدسوساً في ثوب قسيس. فحاولت في منتصف السبعينات أن اتخفي في صورة خنفس. واستخرجت بطاقة عضوية بالاتحاد الاشتراكي من ام درمان. وكانت هذه محاولة لكي يطمئن من أخفوني أن الأمن لن يتعرف عليّ مصادفة وأنه قد يضل عن شخصي بالوهم.

    واحكي في مناسبة أخرى ما قاله نقد عني حين رآني. وما أسعدني مثل ما أسعدتني كاعب رأتني أمتطي سيارة فشاغلتني بأحلى الكلام.



    يا بنت عشرين والأيام مقبلة
                  

09-04-2012, 01:59 AM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18728

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)


    عبد الله علي إبراهيم: خنفس تحت الأرض
                  

09-04-2012, 10:42 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: بكرى ابوبكر)

    شكرا الهادى هبانى على المرور والمشاركة
    الشكر ايضا لصاحب الحوش المهندس بكرى ابو بكر لرفع الصورة
                  

09-04-2012, 09:25 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    مشاركة اخرى خفيفة الدم من دع ع ابراهيم هذا نصها:
    ------------------------------------------
    الاخ الهادي هباني:

    شكراً على سؤالك عن مصرع شيبون.

    هناك روايتان متداولتان عن ذلك المصرع الفرق الكبير بينهما هو: هل كانت أسرته حضوراً في الحصاحيصا حين قُضي الأمر؟ أخذت أنا بالرواية القائلة بوجودها في مبدأ شغلي ثم التقيت بضابط شرطة الحصاحيصا الذي حقق في الواقعة وأخذت بقوله إن شبيون ترك أسرته في رفاعة ليلقى ربه في رفاعة.

    إذا رغبت أو غيرك قراءة حكاية شيبون كاملة فأرسل بريدك لأن المخطوطة جاهزة لتنشر في سلسلة كاتب الشونة التي أتولى نشرها احتساباً.



    أما الأخ شقليني فد جدد جراح الدكتور المعماري الفذ والأديب الذواقة سيد أحمد عبد الله. وكنت عرفته من خلال طالبه المعماري المطبوع يحي محمد صالح. وأسفت لما أعتراه ولم احضر ذلك. وكان لنا أنس.

    وددت أن أعرض عليكم العلاقة بين حزبنا والمثقف بصورة إيجابية لتكتمل الصورة: العافية والباثولجي. وأنقل هنا من تلخيص قديم لي لفقرة المثقف في الحزب من مخطوطة "قضايا ما بعد المؤتمر الرابع" (1968) الذي خطه أستاذنا عبد الخالق كتقرير لدورة من دورات اللجنة المركزية. وفي هذه الفقرة التعبير الباكر لأستاذنا عن وجوب تنشئتنا ل"المثقف العضوي" في دلالته لأنطونيو قرامشي كما بينت في مواضع أخرى قد أورد بعضها لاحقاً.

    هاكم التلخيص والكتاب صدر عن دار عزة بغير تحرير للأسف.

    الحزب الشيوعي والمثقفين :

    قدمت الوثيقة لهذه المسألة بإقرار لحقيقة تعرض بلادنا لتيارات فكرية كثيرة منها ما يعمد لتشويه الماركسية . إن لهذه التيارات مراكز استقبال في الحزب والحركة والجماهيرية في بلد تغلب فيه البرجوزاية الصغيرة التي تبسط قضايا الصراع الطبقي وتنأى عن العمل الصبور وتعجز عن القيادة لتشتتهها . إن الحزب ملزم بالتصدي لهذه التيارات بالماركسية ، وأن لا يحول دون ذلك ما قد يلمسه فيها من عزلة عن النشاط العملي أو أن يتعامل معها وكأنه مايزال يواجه القضايا التي واجهت الرعيل الأول من الماركسيين .

    وتخلص الوثيقة في تطويرها لمواجهة المؤتمر الرابع حول المثقفين إلى ما يلي :

    · نواجه في مسألة عمل الحزب مع المثقفين قضايا نوعية تختلف عن تلك التي واجهها الرعيل الأول منهم والذي اقتضته ظروف نشأة الحزب وإلحاح النشاط العملي لكي يضع نفسه كمنبر للعمل السياسي .

    · أن نحيط بالميزات التي تلتصق بهذه الفئة ( عادتهم ، وطرق تفكيرهم ) . وأن يتحلى الحزب بسعة الصدر في التدرج بها إلى مواقع الماركسية وضد أتجاهاتها الفردية . والمحور في ذلك التطبيق السليم للمركزية الديمقراطية واطلاق الحرية الفكرية الثورية (في اطار البرنامج ، واللائحة ، والماركسية ) .

    · أن نبتكر أسسا جديدة لترقي المثقفين في حزبنا وأن لا يثار في وجه هذا الترقي الاعتراض التقليدي عن عدم مساهمة هذا المثقف أو ذاك في النشاط العملي . فالحركة الثورية بحاجة لهم كمثقفين ، ولحزبنا الخبرة و---- التي تمكنه من منحهم الصفات الثورية عبر الصراع الايدلوجي والنشاط العملي.

    شكراً لمن تكرموا بإحياء البوست بعد موات. ولبكري الذي أعادني إلى حلاوة قديمة بالصورة أعلاه.
                  

09-04-2012, 10:19 PM

الهادي هباني
<aالهادي هباني
تاريخ التسجيل: 06-17-2008
مجموع المشاركات: 2807

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    Quote: الاخ الهادي هباني:

    شكراً على سؤالك عن مصرع شيبون.

    هناك روايتان متداولتان عن ذلك المصرع الفرق الكبير بينهما هو: هل كانت أسرته حضوراً في
    الحصاحيصا حين قُضي الأمر؟ أخذت أنا بالرواية القائلة بوجودها في مبدأ شغلي ثم التقيت بضابط
    شرطة الحصاحيصا الذي حقق في الواقعة وأخذت بقوله إن شبيون ترك أسرته في رفاعة ليلقى ربه
    في رفاعة.
    إذا رغبت أو غيرك قراءة حكاية شيبون كاملة فأرسل بريدك لأن المخطوطة جاهزة لتنشر في سلسلة
    كاتب الشونة التي أتولى نشرها احتساباً.


    ألف شكر أستاذ عبد الله علي إهتمامك و ردك و تجدني في أشد الشوق للإطلاع علي أي حكاية من حكايات
    شيبون فما يربطني بهذه الذكري "دم و لحم" ،،، و "الزواج كما يقولون قسمة و نصيب" فقد أنعم
    الله عليَّ بهذا النصيب الذي أحمد الله عليه إيمانا و إحتسابا فلن ينال المرؤ في هذه الفانية غير
    نصيبه أو كما يقول أهلنا من شمال الوادي (تجري جري الوحوش و غير رزقك ما بتحوش) ،،،
    فنصيبي أن أكون ضمن محيط الأهل و الأحباب الذين لا تغيب ذكري راحلنا العزيز عنهم و منهم من يتابع
    هذا البوست و ما كتبته في سيرة الراحل من قبل ،،،
    مشهد حكاية رحيله لا تهم كثيرا و هم شهود علي ما ذكرته و أيدتني فيه أنت قبل ضابط الشرطة فهم من
    بكوا عليه و دفنوه و أقاموا عليه العزاء ،،،
    ما يهم في الأمر و هو جوهر سؤألي لك يتلخص في أن الراحل عاش معلما و رحل عن الدنيا و هو معلما
    بمدرسة رفاعة المتوسطة للبنات حسب رواية الأهل المقربون و يبدو أن لديهم رواية أخري تختلف عن
    رواية التفرغ التي رويتها لنا ضمن ذكرياتك عن بيت حي البوستة بإم درمان ،،، ما مدي صحة ذلك ؟؟؟
    و لأي مدي يمكن أن تساعدنا بحكم كونك أحد الذين عاشوا تلك الحقبة في فهم هذا الأمر ،،،
    مع خالص الود و التقدير ،،،
    أرجو أن تراسلني علي العنوان [email protected]
                  

09-04-2012, 11:07 PM

قيقراوي
<aقيقراوي
تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 10380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    Quote: شكراً لمن تكرموا بإحياء البوست بعد موات. ولبكري الذي أعادني إلى حلاوة قديمة بالصورة أعلاه.






















    ----------

    قصة الكاعب الحساء .. و(عهد جيرون)، ذكرتني قصة تنسب للمرحوم ابو داؤد ..

    اب داود مرة سايق عربيتو، ملّحت معاو (مزّة) -براندوق الايام دي- فحب يخفف دمو ..
    شغل شريط بتاعو هو همسلف، وبابتسمة منتصرة كدا سألها عنرأيها في الفنان ..
    فردت بكلمة وااااحدة : حمار
    كضب الشينة وسأل متوسل السلوى في ضعف اضانو، لا امكانيتو الدونجوانية
    فكررتها بحزم وحسم يليقين: حماااااااار!!!
    حك فرملة طوالي، ونزل فتح ليها الباب، وبحزم مضاد سالها:
    اها تنزلي براك، ول اجي ارفسك!؟



    ايييييه زمن!!!

    قد كان لي فيك قبل هذا اليوم هواً اطيعه .. وحديث ذو افانين!

    ياخ دا بوست فنان عديل كدا
    يديك الف عافية يا بروف ... ياخي
                  

09-05-2012, 11:04 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: قيقراوي)


    الشكر لأضياف الملف والبروفيسور عبد الله والأستاذ / طلعت الطيب :
    لم يمت الملف ما دام في الكأس باقٍ . والسُقيا من الصبوح لما تزل
    *
                  

09-06-2012, 02:26 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)




    الأعزاء

    شكراً لقيقراوي نقلاً عن أبوداؤد الذي كان الفنان الوحيد الذي يعرفه الوالد لانه اشتغل معه مجولجياً بالسكة الحديد يوماً ما. وما احتاج موضوعي إلى "رفس" ولا "رفث". كان مجرد "تست" للإساتيل.

    شقليني وسائركم متى جاءت سيرة الكاتب أو المثقف والحزب صورتم الأول كضحية للثاني. فالمثقف ضعيف بإطلاق والحزب قوي بإطلاق ولو لم يشفق الحزب بالمثقف تهافت وتخطفته الدروب الموحشة. وأخشى بهذا الفهم أن نعفي المثقف في الحزب من تبعة القوة في الحق وشق طريق للثقافة، بأدواتها وقيمها وشمولها، في شغل الحزب. وبعبارة من عيسى الحلو "تثقيف السياسة". وهي مهمة لا يهش لها كادر المنابر والتنظيم ويقاومها بأساليب "حكم العادة". وقد رأينا استاذنا عبد الخالق في "قضايا ما بعد المؤتمر الرابع" يبشر بهذا المثقف ويرهن ميلاده بشروط جديدة ومبتكرة في كابينة القيادة الشيوعية.

    لا أطيل. وأعيد نشر ما سبق لي نشره من مقاومتي لاستهتار الحزب بصلاح أحمد إبراهيم بعد صدور ديوانه غضبة "الهبباي". صادرت الميدان المقال الثالث من عرضي النقدي له. وكان بوسعي أن أعود من النكسة أجرجر الأذيال أشكو لطوب الأرض من الحزب الفعلتو والتركتو. ولكن، وبوجود عبد الخالق وثقتي في حسه القيادي، خضت معركة لاسترداد المقال لتثقيف السياسة في الحزب. ووجدت في عبد الخالق نصيراً قوياً وضع الأمور في نصابها كما سترون. وكثيراً ما قلت إذا كان عبد الخالق قد احسن إليّ كعضو بالحزب فقد أحسنت إليه كقيادي وعرضت عليه أمهات الأمور التي تختبر ملكته الريادية وتجمرها. وربما أحسنا النظر إلى مسألة المثقف والحزب بأن نبدأ برد "agency " إلى المثقف فلا هو ضحية ولا الحزب سعلوة وإنما هي علاقة تتشكل من صراع عادة ما تهيبه المثقف ولوى ذيله لا يلوي على شيء سوى الشكية لأب إيداً قوية.



    مقـدمة

    أصدر الشاعر المرحوم صلاح أحمد إبراهيم ديوانه "غضبة الهبباي" عام 1965 . والديوان باب فريد في علم حفريات ثقافة الشعب وفي فن محبته والغناء الصوفي فيه . غير أنه ساءنا في اليسار آنذاك أن يهجو الشاعر في مقدمة الديوان وفي قصيدة "أنانسي" منه الوجوه الكريمة من الشيوعيين : المرحوم عمر مصطفى المكي وأستاذنا عبدالخالق محجوب . وهذا أثر مما اعتقد صلاح من أن حجب بطاقة الحزب عنه في 1958 أو نحوه ، وملابساتها ، وقالها وقيلها ، تحامل كبير . وظل الأمر غصة بحلق صلاح أبداً . وقد أحزنني دائماً أن هذه الحادثة المؤسفة أفسدت على صلاح المراعي البكر في الخيال والثقافة والفحولة في حب الشعب التي ما تبينت في إنسان مثل صلاح إلى يومنا هذا . وكسر نفسي دائماً أن أرى صلاح يعوج عن هذه اللطائف والدقائق والسياحات الفذة ليزبد ويرغي وحيداً مكسوفاً أسيفاً على تلك الحادثة القديمة .

    وبدأت نذر حملة تسفيه الديوان تسفيهاً اشتهر عن الشيوعيين يسلقون مايكرهون بألسنة حداد : ستالينية وغير ستالينية . وابتدر الحملة الأستاذ عبدالرحمن عبدالرحيم الوسيلة ، رحمه الله وأحسن إليه ، بمقال ليس به وقار النقد ولكنه غاية في التهزئة والتنكيد . وتطوعت أنا ، وكنت أحرر صفحة الأدب بجريدة الميدان الشيوعية ، بالكتابة عن الديوان في محاولة إلى رد الأمر نصابه في الأدب ونقده . فقد كنا من جيل في اليسار نحسن الظن بصلاح ، ونحبه ، ونصطفيه ، ونستعين بقده الرشيق في الثقافة السودانية لنباهي به أمم الأخوان المسلمين . وكتبت كلمة من حلقات ثلاث توقفت الميدان عن نشرها بعد نشر الحلقة الثانية منها .
    ولما يئست من خير "الميدان" ، ورأيت عيبها في خاصة أمر الحرية التي تعرفها لفظاً دون معنى ، "وقعت" على أستاذنا عبدالخالق أبثه شكاتي من طغمة الميدان . واستمع أستاذنا إلى شكاتي بذكاء وأريحية وخلق . وراجع أسرة "الميدان" واتفق معها على معاودة نشر كلماتي ، وقد حصل ، وقد ذيَّـل المقال الثاني بهذه البطاقة من تحرير الميدان عن "سياسة" النشر الأدبي في جريدة الميدان . وبدا لي أن الكلمة من صنع أستاذنا عبدالخالق نفسه .

    وننشرها هنا للتاريخ . وهي عندي أيضاً معروف سياسي كبير أسداه لي أستاذنا عبدالخالق الذي قد يستغرب بعض الناس لماذا لا يرد اسمه في ما أكتب إلا مسبوقاً بـ "أستاذنا"

    أولئــك آبـائـي ....... البيــت

    في غضبة صلاح وفي حِلْم عبدالخالق

    قلت أقص عليكم هنا واقعتي مع المرحومين أستاذنا عبدالخالق محجوب والشاعر صلاح أحمد إبراهيم وجريدة "الميدان" طالما كنا آخذين في حديثنا هذا منذ حين عن صلاح الشاعر وتبخيس جريدة "الميدان" لأدبه وشخصه في عهد "إدارة" الأستاذ أحمد علي بقادي للثقافة على صفحاتها في آخر الخمسينات . وهي واقعة اسْـتَمِتُ فيها دفاعاً عن حرية التعبير أصالة عن نفسي ونيابة عن صلاح . ونعوذ بالله من تزكية النفس وإن بدا أحياناً أنها شر لابد منه . وكان صلاح قد نشر ديوانه "غضبة الهبباي" عقب ثورة أكتوبر 1964 وهو الديوان الذي نكأ حفيظة الشيوعيين عليه . فلم يقبل الشيوعيون بالطبع أن يشبه أستاذنا عبدالخالق – راشد – بـ "أنانسي" وهو من أحاديث خرافة أهل غانا عن وطواط ذكي ، ولبق ، ومخاتل ، ومتآمر، وانتهازي . ولم يسعد الشيوعيون أيضاً لوصفه للمرحوم عمر مصطفى المكي بـ "الانتهازية" التي قال أنها متمكنة منه تمكن شلوخه . وكانت شلوخ المرحوم عمر مطارق تؤطر بأناقة لوجهه الذي قل أن لا يكون منفعلاً .

    كان للشيوعيون بعد أكتوبر مهابة وصولة وسلطان. ولذا سرعان ما تجمعت سُحب الهجمة على صلاح بمقالة كتبها المرحوم عبدالرحمن عبدالرحيم الوسيلة ، رحمه الله وأحسن إليه وإلى ذريته بقدر شدوه للوطنية والعدل والحرية على منابر الجبهة المعادية للاستعمار وبقدر ذوقه في تعريب شكسبير . ومع ذلك كانت مقالته جافية لا موضوع لها غير التريقة وجر الشكل لا غير . وكان عنوانها " الهايكو السوداني" سخرية من مقاطع شعرية في الديوان رتبها صلاح على تفاصيل " الهايكو الياباني" الذي هو بحر من بحور الشعر الياباني أو هو جنس من أجناسه .

    ورأيت أن كلمة المرحوم الوسيلة كانت محض تحامل وأنها أثر من إحن خصومات مضت . ولم تكن تلك الخصومة هي شاغل جيلنا من شباب الستينات . وكان جيلنا يحب صلاحاً جداً فوق حاجز البغضاء المتبادلة الذي ترسب عن حالة فصله عن الحزب في 1958 أو نحوه وحملات جريدة "الميدان" ، و"جردات" بقادي التي فصلناها في حديث مضى عن قريب . أذكر أن صلاحاً كان يأتي من غانا ، التي درَّس فيها اللغة العربية في المعهد اليساري للدراسات الأفريقية الذي أنشأه الرئيس كوامي نكروما ، في العطلات فنغشى داره ، وندعوه إلى الحديث من على منبر جمعية الثقافة الوطنية : منبر الجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم . وكان لا يتلعثم في قبول المجئ إلى الجامعة تلعثم آخرين ممن لم يرغبوا أن يُشاهدوا في وكر لمعارضة النظام الحاكم . وكان صلاح – "دقر يا عين" يشرفنا جداً نحن معشر اليساريين . إذا تحدث في الثقافة السودانية كان حديثه حديث العارف ذي النسب فيها من لدن جده المؤرخ محمد عبدالرحيم مؤلف نفثات اليراع . وإذا تحدث عن ثقافة العالم شفى العطاش منا يومذاك وله نسب فيها من لدن " قمة الأولمب" . وكانت أكثر سعادتنا به أنه يُخزي الأخوان المسلمين لأنه يجمع بين الأصالة والحداثة ، كما كان يقال ، بلباقة ، وقوة عارضة ، ونفاذ يفسد كل حجةٍ عن ريفية الأصالة التي كانت صورتها عند الأخوان على شاكلة "تموت تخليه" . وكان صلاح عودنا الذي نعجمه نرمي به الخصم ، فنصيبه في مقتل . كان مثقفاً بمعنى جهادي : من ثَقَّفَ العود ، أي براه ، أي جعله سنيناً كالنصل .

    ولم نكن نستشعر حرجاً من هذا الود لصلاح . فمن جهة لم يكن من الشيوعيين من يسد مسده في حاجتنا له في محافل الجامعة ومعركة الثقافة فيها . ومن جهة أخرى كانت وثيقة "إصلاح الخطأ في العمل الجماهيري"، التي خطها أستاذنا عبدالخالق محجوب في تلك الأيام ، قد "حللت" لنا مواددة أمثال صلاح وغيرهم ممن كان الشيوعيون في فقه اعتدالهم قد وصفوهم بـ "المُنْفَنِسين" أي الذين تراخت ظهورهم وأصلابهم من حمل المبادئ والرسالة (ويا أهل الحي هل سأقرأ هذه الوثيقة اللماحة مرة أخرى قبل الممات ؟ هل من فتىً يعيرني إياها فيكسب ثواباً، وقراتها الحمد لله) .

    كنت أشرف على صفحة "الميدان" الأدبية حين نشر المرحوم الوسيلة كلمته الهازئة وأحسبها إما نشرت في غير الصفحة أو بغير أذني لأنني لم أرها إلا وهي مطبوعة . ورأيت بسالفة صلاح علينا في رطش (رابطة الطلبة الشيوعيين) وجمعية الثقافة الوطنية ، ومهراً لإعجابي العظيم بديوانه "غضبة الهبباي" واحتراماً لذهني وإنسانيتي أن أكتب عن الديوان بما يرضي هذه الخاطرات والالتزامات جميعاً . وكتبت مقالة من ثلاث حلقات استسخفت فيها ، مع تفهمي للدوافع ، ثأرية صلاح الناشزة وجفاء عبارته بحق أستاذنا عبدالخالق والمرحوم عمر غير أني أعلنت الحب على صلاح بغير مواربة وعلناً ، وفي "الميدان" ، حباً لبطره السمح بالشعب ولخاطره السمح بفقراء الشعب وحباً لفيض سحره وفحولة لغته . ولم تعجب هذه "الهرطقة" أسرة تحرير الميدان فكفت عن النشر منذ الحلقة الثانية . وبقيت أسبوعاً ثم آخراً انتظر "الميدان" أن تعود إلى صوابها عن هذه الجردة ضد حرية التعبير ، ولم تفعل . فالتمست موعداً مع أستاذنا عبدالخالق ، واتخذت سبيلي إليه في الموعد في مكتبه بمركز الحزب المقابل لنادي العمال بالخرطوم . وحملت له شكاتي من الرفاق في "الميدان" . واستمع إليّ أستاذنا بسليقة عذبة وبمسئولية غيورة ولما فرغت قال لي إنه يُفرِّق بين صلاح الشيوعي السابق وصلاح الشاعر . فالذي صح باللائحة في فصله عن الحزب لا يصح في تقويم عطائه الأدبي. وصدق الرجل عندي . فقد سئل يوماً في الستينات أيَّ الأغاني أحب إلى نفسه فقال : "الطير المهاجر" . التي هي من كلمات صلاح أحمد إبراهيم وغناء محمد وردي وكانت لها شنة ورنة على أيامنا تلك وأحسبها ما تزال . وواصل أستاذنا الحديث قائلاً إن الفن عند الحزب صحصح وقفار ومهاجر مجهولة لا يصح أن نبدأ بزعم معرفتنا لسكناتها وحركاتها . وأفضل السبل عنده أن نفتح فيها باب الاجتهاد : فلا ناقد رسمياً حزبياً ولا خطة نقدية حزبية ولا مدرسة أدبية حزبية . ووعدني أن يعالج المسألة مع رفاقه ليرفع قلم الرقيب والحجر عن المقالات الملعونة . وصدق الرجل فقد نُشر المقال الثاني بتاريخ الجمعة الجامعة الموافق الخامس من نوفمبر 1965 وقد ذيلته حاشية من تحرير الميدان عن المنهج الذي حدثني عنه أستاذنا في اجتماعنا السابق . والذي يقرأ الحاشية سيعرف أنها من وحي وصياغة أستاذنا فأسلوبها هو أسلوب عبدالخالق الخالق الناطق . وسأنشرها في هذا الباب في أسبوعنا القادم .

    ذكر لي هذه الوقفة عند ثغر حرية التعبير أخي الشاعر المُجيد مصطفى سند في بابه "مراجعات أدبية" بجريدة السودان الحديث بكلمة حياني بها (16/1996) لدى زيارتي للسودان عام 1996 . وهي كلمة وريفة عذبة من سنخ ما قال فيه الدكتور عبدالله الطيب "الإنسان كثير بأخيه" . سألت الله لك العافية دائماً يا سند وأطربني مزاجك الشم الذي لم تعكره الحادثات كما عكرت أمزجة ولم تلوثه العارضات كما لوثت عقول . وقاك الشعر يارجل . لقد تباطأت في عرفان ودك كثيراً . وقال أهلنا : "شد واتباطأ يا خيراً آتا ياشراً فاتا". ودعوت الله ان يكون في تأخيري خيراً : جاء الخير وذهب الشر، وكان الشر زهوقا.


    عبد الله على إبراهيم
                  

09-06-2012, 02:41 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    أستاذنا عبد الله على ابراهيم
    تحياتى القلبية
    ياخ انا ممتن جدا لمشاركتك هنا
    ولك جزيل الشكر والمحبة والتقدير
    اطال الله ايامك ومتعك بالصحة والعافية
                  

09-06-2012, 11:20 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    Quote: قلت أقص عليكم هنا واقعتي مع المرحومين أستاذنا عبدالخالق محجوب والشاعر صلاح أحمد إبراهيم وجريدة "الميدان" طالما كنا آخذين في حديثنا هذا منذ حين عن صلاح الشاعر وتبخيس جريدة "الميدان" لأدبه وشخصه في عهد "إدارة" الأستاذ أحمد علي بقادي للثقافة على صفحاتها في آخر الخمسينات . وهي واقعة اسْـتَمِتُ فيها دفاعاً عن حرية التعبير أصالة عن نفسي ونيابة عن صلاح . ونعوذ بالله من تزكية النفس وإن بدا أحياناً أنها شر لابد منه . وكان صلاح قد نشر ديوانه "غضبة الهبباي" عقب ثورة أكتوبر 1964 وهو الديوان الذي نكأ حفيظة الشيوعيين عليه . فلم يقبل الشيوعيون بالطبع أن يشبه أستاذنا عبدالخالق – راشد – بـ "أنانسي" وهو من أحاديث خرافة أهل غانا عن وطواط ذكي ، ولبق ، ومخاتل ، ومتآمر، وانتهازي . ولم يسعد الشيوعيون أيضاً لوصفه للمرحوم عمر مصطفى المكي بـ "الانتهازية" التي قال أنها متمكنة منه تمكن شلوخه . وكانت شلوخ المرحوم عمر مطارق تؤطر بأناقة لوجهه الذي قل أن لا يكون منفعلاً .

    كان للشيوعيون بعد أكتوبر مهابة وصولة وسلطان. ولذا سرعان ما تجمعت سُحب الهجمة على صلاح بمقالة كتبها المرحوم عبدالرحمن عبدالرحيم الوسيلة ، رحمه الله وأحسن إليه وإلى ذريته بقدر شدوه للوطنية والعدل والحرية على منابر الجبهة المعادية للاستعمار وبقدر ذوقه في تعريب شكسبير . ومع ذلك كانت مقالته جافية لا موضوع لها غير التريقة وجر الشكل لا غير . وكان عنوانها " الهايكو السوداني" سخرية من مقاطع شعرية في الديوان رتبها صلاح على تفاصيل " الهايكو الياباني" الذي هو بحر من بحور الشعر الياباني أو هو جنس من أجناسه .

    ورأيت أن كلمة المرحوم الوسيلة كانت محض تحامل وأنها أثر من إحن خصومات مضت . ولم تكن تلك الخصومة هي شاغل جيلنا من شباب الستينات . وكان جيلنا يحب صلاحاً جداً فوق حاجز البغضاء المتبادلة الذي ترسب عن حالة فصله عن الحزب في 1958 أو نحوه وحملات جريدة "الميدان" ، و"جردات" بقادي التي فصلناها في حديث مضى عن قريب . أذكر أن صلاحاً كان يأتي من غانا ، التي درَّس فيها اللغة العربية في المعهد اليساري للدراسات الأفريقية الذي أنشأه الرئيس كوامي نكروما ، في العطلات فنغشى داره ، وندعوه إلى الحديث من على منبر جمعية الثقافة الوطنية : منبر الجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم . وكان لا يتلعثم في قبول المجئ إلى الجامعة تلعثم آخرين ممن لم يرغبوا أن يُشاهدوا في وكر لمعارضة النظام الحاكم . وكان صلاح – "دقر يا عين" يشرفنا جداً نحن معشر اليساريين . إذا تحدث في الثقافة السودانية كان حديثه حديث العارف ذي النسب فيها من لدن جده المؤرخ محمد عبدالرحيم مؤلف نفثات اليراع . وإذا تحدث عن ثقافة العالم شفى العطاش منا يومذاك وله نسب فيها من لدن " قمة الأولمب" . وكانت أكثر سعادتنا به أنه يُخزي الأخوان المسلمين لأنه يجمع بين الأصالة والحداثة ، كما كان يقال ، بلباقة ، وقوة عارضة ، ونفاذ يفسد كل حجةٍ عن ريفية الأصالة التي كانت صورتها عند الأخوان على شاكلة "تموت تخليه" . وكان صلاح عودنا الذي نعجمه نرمي به الخصم ، فنصيبه في مقتل . كان مثقفاً بمعنى جهادي : من ثَقَّفَ العود ، أي براه ، أي جعله سنيناً كالنصل .

    ولم نكن نستشعر حرجاً من هذا الود لصلاح . فمن جهة لم يكن من الشيوعيين من يسد مسده في حاجتنا له في محافل الجامعة ومعركة الثقافة فيها . ومن جهة أخرى كانت وثيقة "إصلاح الخطأ في العمل الجماهيري"، التي خطها أستاذنا عبدالخالق محجوب في تلك الأيام ، قد "حللت" لنا مواددة أمثال صلاح وغيرهم ممن كان الشيوعيون في فقه اعتدالهم قد وصفوهم بـ "المُنْفَنِسين" أي الذين تراخت ظهورهم وأصلابهم من حمل المبادئ والرسالة (ويا أهل الحي هل سأقرأ هذه الوثيقة اللماحة مرة أخرى قبل الممات ؟ هل من فتىً يعيرني إياها فيكسب ثواباً، وقراتها الحمد لله) .

    كنت أشرف على صفحة "الميدان" الأدبية حين نشر المرحوم الوسيلة كلمته الهازئة وأحسبها إما نشرت في غير الصفحة أو بغير أذني لأنني لم أرها إلا وهي مطبوعة . ورأيت بسالفة صلاح علينا في رطش (رابطة الطلبة الشيوعيين) وجمعية الثقافة الوطنية ، ومهراً لإعجابي العظيم بديوانه "غضبة الهبباي" واحتراماً لذهني وإنسانيتي أن أكتب عن الديوان بما يرضي هذه الخاطرات والالتزامات جميعاً . وكتبت مقالة من ثلاث حلقات استسخفت فيها ، مع تفهمي للدوافع ، ثأرية صلاح الناشزة وجفاء عبارته بحق أستاذنا عبدالخالق والمرحوم عمر غير أني أعلنت الحب على صلاح بغير مواربة وعلناً ، وفي "الميدان" ، حباً لبطره السمح بالشعب ولخاطره السمح بفقراء الشعب وحباً لفيض سحره وفحولة لغته . ولم تعجب هذه "الهرطقة" أسرة تحرير الميدان فكفت عن النشر منذ الحلقة الثانية . وبقيت أسبوعاً ثم آخراً انتظر "الميدان" أن تعود إلى صوابها عن هذه الجردة ضد حرية التعبير ، ولم تفعل . فالتمست موعداً مع أستاذنا عبدالخالق ، واتخذت سبيلي إليه في الموعد في مكتبه بمركز الحزب المقابل لنادي العمال بالخرطوم . وحملت له شكاتي من الرفاق في "الميدان" . واستمع إليّ أستاذنا بسليقة عذبة وبمسئولية غيورة ولما فرغت قال لي إنه يُفرِّق بين صلاح الشيوعي السابق وصلاح الشاعر . فالذي صح باللائحة في فصله عن الحزب لا يصح في تقويم عطائه الأدبي. وصدق الرجل عندي . فقد سئل يوماً في الستينات أيَّ الأغاني أحب إلى نفسه فقال : "الطير المهاجر" . التي هي من كلمات صلاح أحمد إبراهيم وغناء محمد وردي وكانت لها شنة ورنة على أيامنا تلك وأحسبها ما تزال . وواصل أستاذنا الحديث قائلاً إن الفن عند الحزب صحصح وقفار ومهاجر مجهولة لا يصح أن نبدأ بزعم معرفتنا لسكناتها وحركاتها . وأفضل السبل عنده أن نفتح فيها باب الاجتهاد : فلا ناقد رسمياً حزبياً ولا خطة نقدية حزبية ولا مدرسة أدبية حزبية . ووعدني أن يعالج المسألة مع رفاقه ليرفع قلم الرقيب والحجر عن المقالات الملعونة . وصدق الرجل فقد نُشر المقال الثاني بتاريخ الجمعة الجامعة الموافق الخامس من نوفمبر 1965 وقد ذيلته حاشية من تحرير الميدان عن المنهج الذي حدثني عنه أستاذنا في اجتماعنا السابق . والذي يقرأ الحاشية سيعرف أنها من وحي وصياغة أستاذنا فأسلوبها هو أسلوب عبدالخالق الخالق الناطق . وسأنشرها في هذا الباب في أسبوعنا القادم .
                  

09-06-2012, 03:52 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)



    وعلى الخدين نورٌ يتكسر
    من قصائد الشاعر صلاح أحمد إبراهيم ..
    لعلنا نُكسر ثقل خزائن الفِكر على أكتافنا وعيوننا القارئة
    براح الغناء والشعر ، نتلمس عذوبة النفوس عندما تصفو .

    التحية مجدداً للبروفيسور عبد الله علي إبراهيم أن جعل للملف رونقاً ،
    وللتاريخ عبقاً ، ولروائح الماضي وطيبها :
    ونلامس الفأل في قصيدة " الهادي آدم "

    و غداً تأتلق الجنة أنهاراً و ظلا
    و غداً ننسى فلا نأسى على ماضٍ تولى
    وغداً نزهوا فلا نعرف للغيب محلا
    و غداً للحاضر الساجد نحيا ليس...إلا
    قد يكون الغيب حُلواً
    إنما الحاضر أحلى


    .


                  

09-07-2012, 11:31 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)
                  

09-07-2012, 08:21 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)



    المداخلة (16)

    لما نزل ننعم بمثل هذا الأريج ، الذي " فاح طيب ريّاهُ على ميت الهوى أحياهُ "
    الشكر الجزيل للأستاذ " طلعت الطيب " والشكر ايضاً للأستاذ" عبيد الطيب - ود المقدم " ، ونحن نشرب من كأسه الكافور التي خصنا به في مقاله الأخير . والشكر الجزيل للبروفيسور عبد الله علي إبراهيم "، وهو قد برّنا بتلك الأزاهير وأشواكها في الزمان القديم مُجدداً حاجة المثقفين والمفكرين والمبدعين لتكن القضية بينهم وبين السياسي واضحة .
    علاقة الثقافة بالبيئة هي التي اغتالت الدكتور مصطفى سعيد في رواية " موسم الهجرة إلى الشمال" ، واغتالت أيضاً صديقنا وأستاذنا الراحل الدكتور " سيد أحمد عبد الله " . أذكر أنني زرته مرة وهو بالمستشفى في غرفة مخصصة له وكان يودُّني كثيراً ، فبيننا فلاح في أرض الفنون وتربتها البِكر لم يزل تراودنا أطيافه . سأكتب عنه حين يحوم طائر السعد على رأسي ، لا ليأكل ، بل ليعينني أن أجلس في معبد الذكرى أُناجيه ملياً .قال لي دون مبررات كافية :

    ( لقد بلغتُ الخمسين ، ألا ترى أنه يكفي ؟ ) !!.

    (1)
    نعود لعلاقة المبدع بالسياسي من كتابات " صلاح أحمد إبراهيم " حول الخصومة والجدل مع " عمر مصطفى المكي " :
    نقطف من كتابة " صلاح أحمد إبراهيم " :
    ( «لكي تتعلم كيف تحب عليك أن تتعلم كيف تكره».
    «لوسن»
    فهم في منامي، وهم في قيامي ، وهم في اضطرابي، وهم في السكون وهم في دمي ، في رؤى ألمي في شبا قلمي، في الغناء في اللحون اليهم دعائي ، وفيهم رجائي ، ومحض ولائي ، وفرط الحنين وسربال شعري ، وبلبال صدري ، وسري وجهري ، وزيني وشين، أعاتبهم للذي يعرفون وما هو فيهم ولا يعرفون ..
    «غضبة الهبباى» )

    *
    ( فبالنسبة لي لم تكن الكتابة ولا يمكن لها أن تكون فيما عدا خلسات محفوظة متعة جمالية بحتة، بل عوضاً عن ذلك استمراراً مؤلماً ومستوحشاً لنضال. أما عن المصائب ونواقص التعبير عن الذات التي على ان اصطرع معها من حين لحين، فإنها تنبثق لا من عدم اعتبار لقواعد الكتابة الجيدة، بل من ضمير مستمر خلال عكوفه على ابراء جراح خفية معينة ربما لم يكن بالإمكان إبراؤها في الإلحاح على احترام تماسكه. فكون المرء مخلصاً لا يكفي كما هو واضح إذا أراد المرء أن يكون صادقاً.. انتهى.ويتساءلون، ولكن لماذا يحيلها صلاح الى قضية شخصية ضد عبد الخالق شخصياً؟ يقول العلم في الانجيل «ويل لكم أيها الكتبة والفرييسيون المراءون لأنكم تغلقون ملكوت السموات أمام الناس فلا تدخلون ولا تدعون الناس الداخلون يدخلون، وستنالون دونة أعظم لأنكم لعلة تطيلون صلواتكم.لأنكم تشبهون قبوراً مبيضة تظهر من الخارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام أموات.)
    (2)
    نعود لعلاقة المثقف أو المفكر- رغم الفارق بينهما - بالسياسي . أو بوجه آخر المثقف المبدع وعلاقتهما بالسياسي . وأقتبس مما أورده الدكتور " عبد السلام المسدي " في سِفره " نحو وعي ثقافي جديد " ، علنا نستظل من لهيب المبدعين في لظى السياسة والسياسيين بمرشد في الطريق المحفوف بمخاطر الأسئلة وأشجارها ، وهو ما أوردته في مقالي "دكتور المسدي وإنصاف المثقف والمفكر " :
    ( حرية الرأي صرح لا يقوم بنفسه ، وإنما هو كالبناء لا يستقيم إلا بعماد مركزي متين : إن حرية الرأي معمار قائم بغيره ، هذا الغير هو ببساطة متناهية " الأمن النفسي " . فما لم يرسخ في وعي المثقف وفي لاوعيه أنه متمتع بطمأنينة روحية وأنه مكفول بسكينة نفسية ، وأنه محاط بتوازن شعوري ، وأنه كذلك محروس بوئام حميمي وإكرام عاطفي ، فإن آلياته الذهنية ترتبك . وخوالجه الفكرية تضطرم ، وحوافزه التأملية تتعثر فتتعاضل وتنتكس . هذه الحقيقة هي أم الحقائق الشاملة على مسرح الكون الجديد .)
    *
    ( قبل حرية الرأي وبعد حرية الرأي ، المثقف في اوطاننا في أمسّ الحاجة وأشدها إلى أن نكفل له براءة التأويل ، ومنتهى مرماه أن نكف عن تصيده بشباك الظاهر والباطن . وأن نقفل بالأقفال الحديدية وإلى الأبد ، محاكم المقاضاة بالنوايا ومحاكم التفتيش بالمقاصد . ولماذا لا يكون بين المثقفين والحاكمين عهد صريح جلي ؛ فعلى افتراض أن الكلام قد يحتمل ظاهراً وقد يحتمل باطناً ، ليكن احتكامنا إلى الدستور الإنساني المطلق ، وهذا نصه : دلالة النص ملزمة لصاحب النص ، ودلالة التأويل ملزمة لمن قام بالتأويل : أنا حر فأنا أتكلم ، وأنت حر فأنت تتأول . وكلامي غير ملزم إياك ، وتأويلك غير ملزم إياي .)
    *
    ( إن حرية الرأي لا يقتلها شيء مثلما يقتلها الخوف من سوء التأويل . وإن الفكر الحر لا يُطفئ شعلته شيء مثلما تطفئه الرقابة الذاتية المتولدة من ذلك الخوف . ولكن الخوف سرطاني بطبعه ، تتناسل خلاياه وتتكاثر دون توازن أو اعتدال : فالخوف يولد الريبة ، والريبة تولد الذعر ، والذعر يفقد المرء ثقته بنفسه .وعندئذ يتزعزع الذهن الذي هو ورشة صناعة الأفكار ، فلا تأتي المواليد إلا مشوهة في خلقتها ، عرجاء في مشيتها ، كسيحة في جلستها وانتصابها . ويكون الخاسر الأول هو المثقف . ولكن الخاسر الأكبر سيكون بلا أدنى ريب ، هو السياسي منذ حطم بيده عماد بيته .)
    (3)
    ليس من السهل المراوحة بين" صفا " المثقف " ومروة " السياسي دون أن تشتبك الرؤى ، ويحتدم الصراع . والقضية ليست في واقعة بعينها ، ولكنها متجددة بأوجه متعددة ومتنوعة . ولعل النماذج تستدعي نظرات جديدة في مسألة قديمة ظلت بلا حل .

    ونواصل
    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 09-07-2012, 08:48 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 09-07-2012, 08:49 PM)
    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 09-07-2012, 08:53 PM)

                  

09-08-2012, 06:13 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1801

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)

    لا تستهويني سياسة الخراب والسراب (والهَبُّود الازرق) ودباغة اساطينها لاديم البلاد وجلود العباد ولا احزاب العفار والكجار ولعبة غميدة السياسة لانني لا استطيع ان "اسردب" كما يقول بروفسير عبدالله علي ابراهيم ولكن الذي اعرفه جيدا عند جدب الحروف وجفافها وعندما تكون مَدامِر الكتابة مُمْحِلةٌ وقاحلة ابدأ بثلاثة اشياء الاولي ارحلُ وانشقُ جنوبا بحثا عن شوقارة يَرْتَعُ فيها عقلي و تستأنس بها روحي فاجدها في عتامير وتلال ومراعي وسهول بروفسير عبدالله علي ابراهيم والمهندس عبدالله الشقليني الممتدة ووديانهم الوارفة الظلال وحروفهم وجروفهم الخضراء فيطيب المَقَامُ وترتاح النفس وتعود عصافير ذهني بعد هجرتها وتقوقي قمريَّات روحي بعد ان كانت مشبوبة القُوقاي فمحبتي لهم لانهم اثملوا روحي برحيق ازهارهم الشذية وامتناني لهم لتزويدهم ذهني وعقلي بالمعرفة والمهارة والدربة ودعواتي ليراعهم بمداد نورٍ وابداع ابدي ولشخصهم بدوام العافية مع راحة البال( جزء من كلمة كتبتها بسودانايل )

    والشكر لصاحب هذا البوست الاستاذ طلعت الطيب ولكل المتداخلين لانفقه كثيرا في اعلاه ولكن استفدنا الكثير الكثير وتعلمنا الكثير منها ادب الكتابة والحوار والطرح الموضوعي واللغة الراقية الرصينة لكم التجلة والسلام
                  

09-08-2012, 11:01 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبيد الطيب)

    الاخ عبيد الطيب
    لك التحية والتجلة على المرور والتعليق المشجع
    ادناه مساهمة وصلتنى بالامس من الدكتور:













    عزيزي طلعت،

    أشكر المفتاح وشقليني وقيقراوي وكلكم على رغبتكم لاستدامة هذا البست حياً إلى حين.

    وتجدون أدناه ما أتصل بحديث عبد الخالق والمثق في الحزب الشيوعي







    المثقف والحزب: ديفيد وقولياس

    كنت وصفت ما وقع بيني والحزب الشيوعي بصدد تقييم "غضبة الهبباي" لصلاح أحمد إبراهيم في 1965. فقد صادروا نقدي له في جريدة "الميدان" لأنه ما أتفق معهم في رأيهم السلبي الشديد في صلاح. فذهبت لاستاذنا عبد الخالق أشكو له ظلم الرفاق. فأجتمع بالقيادة في السكرتارية المركزية وأعادوا نشر مقالاتي بالجريدة. وقدموا لذلك بكلمة ننشرها أدناه حول منهج الحزب الشيوعي حيال الأدب وحريته.

    كلما قرأت هذه المذكرة الغنية تذكرت الأنثربولوجي مالنوفسكي. ذكر مرة قرية نشر عنها دراسة ما. فقال: لم تكن موجودة حتى صنعتها. وهكذا لم تكن هذه المذكرة برحابتها موجودة كنهج نترسمه لولاي.

    عبد الخالق محجوب: حتى لو كان "غضبة الهبباي" عملاً سياسياً فهو لم يتخذ أبغض وسيلة له



    الميدان الجمعة 5 نوفمبر 1965

    هذه الصفحة من الميدان خُصصت للأدب بفروعه المختلفة. والبعض يظن أنها مثل الصفحات الأخرى تعبر عن رأي الحزب الشيوعي بطريقة غير مباشرة. ومثل هذا الاعتقاد يجانب الحق إذ أن ميدان الأدب لا يُسَخر في السياسة بطريقة مباشرة. بل هو يؤثر عليها ويتفاعل معها بطرق غير مباشرة. والخَلق الأدبي الذي يدخل ميدان السياسة المباشرة يتخلى عن طبيعته كأداة للتعبير عن الإنسان ويستحيل إلى طبيعة أخرى. إننا نرحب بكل خلق أدبي يمت إلى الحقيقة بصلة، ويغني تجارب الإنسان وهو يعاتق حقائق العالم ويضيء جوانبه بقيم الجمال، التي ترفعه أبداً إلى ولوج أبواب المعرفة، ويؤدي في النهاية إلى حرية الإنسان الذي يعلو على الحاجة ولا تعلو عليه، ويتحرر من الخوف الناتج عن قصور إدراكه لنفسه ولما حوله من مظاهر الحياة الاجتماعية والطبيعية.

    وطالما كان هذا ديدننا فإننا في هذه الصفحة نرحب بجدية الأديب في خلقه وابتداعه لأنه لا مكان للخلق والإبداع دون تلك الحرية التي تقرب الإنسان من الحقيقة، وتفتح أعينه في دهشة لقيم الجمال. ولهذا فإن المقارنة بين رأي الحزب الشيوعي في السياسة ورأيه في الأدب مقارنة خاطئة لا مكان لها وضارة بنمو الأدب التقدمي في بلادنا.

    لقد فهم بعض المواطنين أن المقالات التي تنشر في هذه الصفحة، قدحاً أومدحاً، في ديوان الأستاذ صلاح أحمد إبراهيم "غضبة الهبباي" تعبر عن رأي الحزب الشيوعي. وهذاخطأ ومجافاة للحقيقة. لقد آثرنا دائماً، وفي حدود ملامسة الحقيقة، أن نترك فرصة واسعة لحرية كتابنا في ميدانيّ المضمون والشكل. كما فضلنا دائماً أن تدور مناقشاتنا حرة وعفيفة في هذه الصفحة حتى تستطيع أن تبرز، في وسط الزحام المليء بالأقزام، الملتحفين ثوب الأدب، الشخصيات الأمينة على هذه القضية الإنسانية الكبرى، والملتزمة أمانة الكلمة التي تنوء تحت أعبائها الجبال. وليس كحرية الأدب وسيلة للوصول إلى هذه النتيجة العظيمة.

    إن الحياة الأدبية تواجه في بلادنا تيارات عاتية من التقليد والنقل الأعمى للتعبيرات المريضة التي تصيب الإنسان المريض في عالم اليوم، وهو جاهل بكنه القوانين الاجتماعية التي تثير الفزع، وتسحق الفرد، وتعمي بصيرته، حتى يسير كالأعشى في متاهات الضياع. والأديب السوداني الذي يرغب في خدمة الحقيقة ما زال في أول الطريق لأنه لم يكتشف مقومات الإنسان ومصادر معرفته عبر التاريخ. ولهذا فنحن نُسخر هذه الصفحة في محاولة متواضعة ليخدم الغرضين. تصد أولاً الآثار الواردة من الخارج، والتي تعبر عن صرخات اليأس في مجتمع أصيب بالمرض، وأصبح (؟) اليوم أو الغد حتى لا يفسد علينا حياتنا الروحية: تصدها بالنقد والدراسة ولا تقفل الأبواب دونها بالأمر. وتساهم ثانياً في اكتشاف الإنسان السوداني حتى تنفجر منابع معرفته فتشمل الإنتاج الأدبي بدفئها فيستحيل صادقاً ونافعاً. ولكل الغرضين فإن صفحتنا تؤثر الحرية التي لا تقيدها غير الحقيقة.

    إن ديوان الأستاذ صلاح أحمد إبراهيم ليس عملاً سياسياً في جملته بل هو عملاً فنياً. وحتى لو كان عملاً سياسياً فهو لم يتخذ أبغض وسيلة له. فإن الافتراق الذي وقع بين الحزب الشيوعي والأستاذ صلاح عام 1958 لم يكن لاختلاف سياسي بل لأسباب اخرى تتعلق بنطمه وشروط عضويته. لقد فارق الأستاذ صلاح الحزب ليس بوصفه أديباً ولا بسبب إنتاحه الأدبي. ولكن فارقه بصفته مواطناً أداته في خدمة الجماعة النشاط السياسي المباشر، وشتان بين هذا وذاك. فلنقصر الحديث فلا داع لنبش الماضي.

    ولهذا فإن هذه الصفحة تقيم ديوان هذا الشاعر بإعتباره عملاً فنياً في نهاية الأمر. تنظر أولاً في صلاحيته كعمل فني بجودة الأداة وفي شكله. وعندما يدخل من هذا الباب العريض، الذي لا يدخله إلا الخلق الأدبي الجيد، ننظر ثانياً في مقدار إثرائه لحركة التقدم ولنمو الحياة. هذا هو طريقنا وإذا فهم غيره فلا لوم علينا.
                  

09-08-2012, 01:11 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: طلعت الطيب)



    المداخلة (17)

    تحية للبروفيسور عبد الله أن أحاطنا بعناية الملاحقة للموضوع استيفاء لاكتمال الصورة كاملة ، والتحية للأستاذ " عبيد الطيب" على هذا النثير المبدع الذي خط به مقاله الثري ، والتحية للأستاذ " طلعت الطيب " وأحبائنا من شركاء الملف .
    (1)
    مقتطف من مقدمة " الميدان " حول النقد الأدبي " مما أورده البروفيسور عبد الله :
    (والخَلق الأدبي الذي يدخل ميدان السياسة المباشرة يتخلى عن طبيعته كأداة للتعبير عن الإنسان ويستحيل إلى طبيعة أخرى.)
    (2)
    رغم أن المقطتف لا يخل بسرد فكرة الحزب في المقدمة التي مهدت لسلسلة النقد الأدبي لنصوص الكاتب الشاعر "
    صلاح أحمد إبراهيم " ، فإني أختلف في رؤاي حول النص الوارد أعلاه ، فالخلق الأدبي أو العمل الإبداعي جسد حي ، ولا أعتقد أنه يكتفي بأن يكون ( أداة تعبير ) فاللغة الأدبية المكتوبة في شقها الإبداعي كائن حي ، وليست وسيلة تعبير فحسب ، يمكننا أن نتصور الخلق الأدبي أول ايامه في التاريخ وسيلة تعبير ، ولكنها الآن جسد إبداعي له قوانينه وأدواته وأهدافه الإنسانية الكبرى ، وليس الإبداع أداة تعبير وفق ما أرى . مع كامل احترامنا للظرف التاريخي الذي كُتبت فيه مقدمة " الميدان " أو زمانها .
    (3)
    أتفق مع مقولة دكتور عبد السلام المسدي :
    يقين قاطع أن احتياج الثقافي إلى السياسي هو احتياج ضرورة، واحتياج السياسي إلى الثقافي هو احتياج بقاء .

    *
                  

09-09-2012, 03:17 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)


    إلى العُلا

    *
                  

09-10-2012, 05:01 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: هنا واحد من أجمل وأفضل مقالات د عبد الله على إبراهيم (Re: عبدالله الشقليني)

    المثقف والمفكر ننتظر إدباعهما في العمل العام بمنظماته جميعاً .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de