خطبة جمعة شذاذ الافاق مع الدعاء الكامل ( ذوالنون جعفر)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 08:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-06-2012, 06:51 AM

abdelrahim abayazid
<aabdelrahim abayazid
تاريخ التسجيل: 06-19-2003
مجموع المشاركات: 4521

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خطبة جمعة شذاذ الافاق مع الدعاء الكامل ( ذوالنون جعفر)

    هدية بركة الجمعة الجامعة
    خطبة الجمعة (خطاب ديني قديم)


    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الواحد القهار وصلى الله على سيدنا محمد الرسول الهادي الآمين وآله الأطهار. أما بعد فالحمد لله حمداً كثيراً الذي رضي لنا أن لا نعبد إلا إياه وأن نتبع رسالة نبيه ورسوله محمد بن عبدالله (ص) وان نسترشد بسيرته ومن وآلاه، وقد ألمت ببلادنا النوازل من ذنوبنا وأخطاءنا وتراكم سيئات أعمالنا، نتوب إلى الله تعالى منها ونسأله الرحمة والمغفرة ونرجوه التوفيق والسداد في تركها: حب الأموال والتكاثر طمعاً وقناعة عن كل خير، وذا مفتاح للكبائر ومعول للشيطان، وقد ورد في سنن الترمزي عن رفاعة بن رافع الأنصاري (رض)عن النبي الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (( التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق)) ولا يستطيع أحد الفجور على الناس إلا بسكوت الناس نفسهم عن قول الحق، وتركهم مواجهة التاجر أو السلطان الجائر، تركنا الجور يرعي في مصالحنا، والظلم ينهش في مجتمعنا ومستقبلنا من نهشه في حاضرنا ويومنا، كل يمنى نفسه بالنجاة منفرداً، بعيداً عن أهله وجيرانه، حتى تبددت جدوى التجارة وكسدت وبارت عملية الإغتراب وأقفرت أموالها، رضينا التطفيف بإبخاس قيمة العمل المثمر وتعظيم قيمة الأرباح يأكل ذممنا، مفسحين المجال بذا التطفيف لأن نتعامل بالربا أهل الغني وهم 1% من المجتمع يتحكمون طاغين في حياة الفقير عملاً ودخلاً وعيشة والفقراء 99% من الناس، فإضطربت الأمور في كل العهود السياسية سواء اكانت وسطاً أو كانت غالية يحكمها الغلاة والمتعصبين فآتى منا ومن تناقضاتنا حكامنا الذين تولوا أمرنا بقوة السلاح الناري والسجون والسلاح الإعلامي وقاموا بإلقاء أيدي العدل (العلم بتاريخ تكون قيم الأشياء والنفع بها، والحساب الدقيق لفوائدها ومضارها عاجلة وآجلة، والرحمة في تقديرها لمصلحة الضعيف والمضطهد، والقسط في حساب خيرها وشرها وتوزعه بين أنواع الأشياء والأمور وتوزعها الإجتماعي في الأزمان الحاضر منها والقادم وفي الفئات الكثيرة المستضعفة التي تشكل سواد الناس والمجتمع) ألقى الحكام ومواليهم أيادي العدل في تهلكة السوق والخصخصة ودين الأنا.. فزاد تفرق أمر مجتمعنا، وخارت قوانا، وتقطعت أرحامنا، ومزقت بلادنا وطمع فينا من لايطمع. وأكل الفقر والجوع فينا ولم يشبع مستنا البأساء والضراء والمأساة والعلة الفاشية.

    ولكن نجد في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا أسوة حسنة أن نخرج أنفسنا من هذا الضيم، ونخلص نفوسنا من هذا الإثم: أن نستقيم أحاداً وجماعات بإشهار الحق على من ظلمنا وقتلنا وشردنا وعذبنا ونهب أموالنا وأقعد أطفالنا، وأذل شبابنا ولم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا وقطع علينا طريق تقدمنا وفتح للظلم والفساد في حياتنا ألف باب فجعل بملكه أعزة أهلنا -أباءاً وأمهات- أذلة، ناشراً الفظاظة والغلظة والضلال، محولاً إيماننا نقوداً في حسابه بصفقات أصلها ومعناها الفجور والسحت والربا، لا أصل لها في إلا في شريعة الشيطان أو في دستور العدوان، فقد مزقوا ديننا ودنيتنا بآلات حادة من الزور والجور والفظاظة والفحش والكذب وغلظة القلب. واطبقوا علينا ظلمات من فوقها ظلمات.

    لرد هذا الظلم تسطع فينا آية دعوة سيدنا ذوالنون (ع) إذ نَادَى فِي الظُّلُمَاتِ: ((أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)) 87 الانبياء فإذ أطبقت عليناالظلمات من شرورنا وسيئات أعمالناآن لنا أن نتوب إلى الله قولاً وعملاً بأن نستقيم إستقامة ظاهرة، جاهرة عنوانها بيان الحق الظاهر في الشارع العام وتبيينه من الظلم العام الجاثم علينا، وبيان الحق العام لأهل السودان واضح ظاهر مجسد في نبض وهتاف الكالين من عمل يدهم، والمساكين المستضعفين الذين همشوا وأُخرجوا من ديارهم بحرائق دانات الحروب وحملات التهجير والإبادة أو بحرائق المظالم القومية في غلاء الضرائب والأسعار وإنخفاض الأجور. هذا البيان والتبيين يمثل إنصافاً لمسؤوليتنا في إعمار الأرض وحقنا في أن نعيش متعاونين على البر والتقوى بفضيلة وتراحم.


    كانت رحلة النبي صلى الله عليه وسلم لتبليغ وتثبيت دعوة الإسلام ولم تزل منارة كبرى تهدي المؤمنين في ظلمات التفكير والعمل التي كانت مدلهمة على الناس والأرض الحرام إذ إستوعبت الدعوة النضرة حينذاك مآثر دعوات الأنبياء والرسل السالفة بل واشجت ما عاصرها من دعاوى الأفذاذ والحكماء، ففيها تجد تفكر سيدنا أبراهيم(ع) في منطق الكون وأطوار علاماته الكبرى أخذها مجزأة شمساً وقمراً ثم فلسفته في تفكيك الأسس الفكرية للأصنام ثم حكمة تحطيمها، والهجرة من ظلماتها وجاهليتها التي تغبى سنن الكون وموازين الحياة الحرة الفاضلة. كذلك إحتوت دعوة الإسلام الملامح الكبرى لقوة سيدنا داؤود(ع) وحكمة سيدنا سليمان(ع) في جمع الله إليه الكتاب والحكم والنبوة، وفي دعوة الإسلام مواقف شبيهة وعظات من المظالم والدسائس التي تعرض لها سيدنا يعقوب (ع) من بنيه وآله وتلك التي أخرج الله منها سيدنا يوسف بن يعقوب (ع) وفي دعوة الإسلام تواشج مع حس موسى (ع) بالظلم الواقع على جماعته المهمشة بما فيها من يهود وكوشيين وقول موسى لفرعون ثم تحديه المسالم لسحرته ثم خروجه من مظالم ذلك العهد وفرعونه وكلامه مع الذات العلية حيث ثبته الله وهو الضعيف بينما إندكت الجبال. كذلك في دعوة الإسلام وتبليغ النبي إياها بالحكمة والموعظة الحسنة الجوهر المتين في مسالمة عيسى عليه السلام الناس ومحاولته جمعهم أجمعين بحقائق الدين ومحبة الآخرين وبث السرور في نفوس المقهورين المعذبين في الأرض. وقد أثمرت كل هذه الحكم والممهدات شجرة الإسلام الطيبة حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته مسجداً جامعاً لكل هذه الدعوات، ومكة لما فيها من علوم وحكم وعظات، وقبلةً لما فيها من خيرات، فكان للأمة الرحمة المهداة والحكمة المزجاة والبلاغة الفصحاء والعدالة السمحاء، إن ترك الحكام جوهر دينه الرحمن الرحيم وسنن تعاملاته وألوان حكمتها وطيب مقاصدها فسدت موازينهم وأحكامهم .


    ولعل من أهم معجزات دعوة الإسلام في ثقافة العرب يومذاك أن أصبحت القوة والسيوف آخر ما يطلع رداً للمظالم أو تثبيتاً لحقوق الجماع، حيث ألتزم المسلمين تسوية خلافاتهم برد الأمر إلى الله ورسوله متعاملين بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والإحتكام لكتاب الفصل وأولى الأمر وأهل الحل والعقد، فلا قوة ولا سيف إلا ما ندر جهة الخصوم الأشداء الطغاة اللئام وفقط رداً لعدوان قوة أثيم على النفس والولد، وعلى البيت والمال والدين، كان هذا التأخير لإستعمال القوة هو التغير الكبير في منظومة الحياة البدوية فقد كانت السيوف في الجاهلية سفيهة خرقاء أسهل تناولاً للرؤوس وأمضى إلى الأعناق بلا دين ولا عقل يشكمها، فكانت أول ما يخرج عادة في التعامل بين الأفراد المتناشجين والمتناقضين المختلفي المصالح.. لعل لهذا السبب كثرة حروب الجاهلية وطول أمادها بين القبائل أو الشرذام وقد تستمر عشرات الأعوام وتنتهي بفداء مالي مخلوط ببعض كلام وسلام لحين تجدد الحرب مرة أخرى بحادث أو بحديث، ومن ويلات تلك التشرذمات في القرى أن ضُربت على العرب بسيوف تفرقهم وتشتتهم، صنوف الذلة والمسكنة والقبوع في الصحراء بين ممالك الفرس والروم والحبش، وزادت الإبالة طغثاأن أُستضعف أحادهم وكياناتهم بإيلاف قريش والإيلاف تسمية للشراكة الغزيرة والشركة الكبرى وبها إجتمع أثرياء قريش أهل الربا والزيادة في المال حاكمين مكة التي كانت تحكم القرى المتاخمة لها والطرق والمصالح العابرة لها،أبقوها في ظلم مكين حتى عيروا الناس والمسلمين الاوائل أنهم فقراء صعاليك سفهاء شذاذ آفاق. و((إِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ)) 13 سورة البقرة. والسفيه هو المفرط الذي لا رأي منه لأنه بلا أدب أو عقل إجتماعي معين يلزمه حدودا،َ ولا أفق له في تنظيم المجتمع يبلغه رحولاً. اما حكام اليوم فهم كقريش الأمس يرون الناس سفهاء ونوع إيمانهم سفيه!

    وحكام اليوم بلا عقل ولا هدى ولا كتاب منير يضيعون القيم الكبرى في تاريخ الأديان وتاريخ الإسلام إذ اهدروا بالقمع حق التفكر الإبراهيمي وأهدروا بالخوار والضعف والنفاق مع الأعداء بيت القوة في حكم سيدنا داؤود(ع)، وولغوا بالعنف مع رعيتهم فضيعوا حكمة سيدنا سليمان (ع) ولم يزلوا يكذبون بالإنقاذ والعدل والحرية والإسلام والسلام ويتحرون في أقوالهم الكذب حتى إجتمعت الأمة على كذبهم مناقضين بكذبهم العظة من سيرة سيدنا يعقوب (ع) وقد كانت كل آلامه من كذب أبناءه وقومه عليه، كما ضيع حكامنا بسحتهم وسفههم وفسادهم ورشاهم سيرة نبي الله يوسف القوي الأمين، أما كل ما نهي عنه كليم الله موسى فقد وقعوا فيه بل وألقوا فيه أيديهم: فسكتوا عن الظلم، وسبوا أهل الحل والعقد وأغلظوا على الشعب وسكتوا عن فراعين دنياهم وبنوكهم، بل تماهوا مع فرعون إذ خرجوا بجيوشهم يتعقبون الذين ظلموهم وأخرجوهم من ديارهم بغير حق، ولم يقف تماههم في هذا الحد بل تماهوا مع أعداء المسيح عيسى بن مريم (ع) إذ ينشرون في أرض الوطن وبيوت الجيران الكراهية والحروب بدلاً من المسرة والسلام ويؤججون الثارات وفتنها بدل الحلم والعفو والسلام!!؟ وبهذا كله نقضوا عرى الإسلام وحطموا علامات حكمته وتطورها من عهد أبراهيم عليه السلام وإلى عهد النبي الخاتم سيد المرسلين، ولم يكن نقض الحُكام لدعوة الإسلام الكبرى التي تتالى فيها الأنبياء والرسل فحسب بل نقضوا أيضاً دعوة الإسلام في ذاتها المحمدية فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحمل سيفاً ليصير حاكماً ولم يقم للحكم المشانق أو بيوت التعذيب أو يتجسس على الناس ولم يمنع الناس النقاش بل القرءآن الكريم كتاب الله تعالى أورد حجج أبليس واضحة كاملة ضد ما إختاره الله، ولم يمنع نشر رأيه في قلب آياته. وأورد حجج الرافضين للأنبياء لم يمنعها أو يسنسرها. ومع كثرة أعداءه فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع على الناس سوطاً للحكم والطغيان، ولم يأذي الناس بنار أو دخان أو كلام ليبقى حاكماً أو سلطاناً إلى حين وفاته، بل شمخ النبي (ص) في الأمة بصفاته الحسنة الصدق والتواضع والحكمة، ولم يضع بينه وبين الناس جداراً أو حجاباً أو إستكبر عليهم بشيء أو علامة في مسكنه، أو ملبسه أو ركوبه، بل كان مقره مسجداً مفتوحاً وكان تجواله مبسوطاً للناس في الأسواق، وكان عليه الصلاة والسلام يربط بطنه ليشبع قومه، ثم يبكي الليل طالباً العفو والمغفرة، وهو من هو، عاش وهو الغنى بسيط الحال إلى أن مات ودرعه مرهون، وهو صاحب الدين الأعظم والرسالة الكاملة صلى الله عليه وسلم، وقد كان وهو ملء السمع والبصر والأفئدة وقد دنت له الدنيا مشرقاً مغرباً، كان إنسانا لم يتخذ لنفسه ملبساً شنفاً أو قصراً أو أثاثاً وثيراً، ولم يركب المطهمات والفارهات المظللات أو المعسجدات، ولم يتخذ عربة أو سفينة رئاسية، بل أكثر معاشه يقضيه بنفسه يمشي على رجليه أو يركب حمارا بلاركاب ولا سرج، فأين حكامنا من سنته هذه؟ إن طلبها الناس في حكامنا ردوا عليهم: شذاذ آفاق!؟

    الأفق الكريم هو أفق العبودية وإيمان السفهاء الذي نبذته قريش فبإذن ربه تعالى قام جبريل عليه السلام بتخيير النبي الأمين (ص) أن يكون نبياً ملكاً على الناس أو يكون نبياً عبداً لله فإختار سيدنا محمد (ص) بسموءه العبودية، وعايرته به قريش ورفضت إيمانه قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء منا ؟ بينما الآن بعيداً عن زمانه (ص) يذهب الحكام إلى المُلك بقوة السلاح ويدافعون عن وجودهم فيه بالمظالم صغيرة وكبيرة: بداية من الكذب والقسم الكذوب وليس نهاية بقتل النفوس، وقطع الأرزاق، وإسكات الإنتقادات، ودفع الرشى وشراء الذمم، والسكوت على الفساد، بل وتشجيعه، وعهر المواثيق والإتفاقات، وإطلاق "التوالي" بين السيف والمال والتحزب والجاه، غير إشعال الفتن، وإزكاء النزاعات والحروب في داخل البلاد وخارجها، وسفه الخبرات وتبذير الأموال، ((إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً )) (27 الإسراء) وكان صلى الله عليه وسلم بسيط الملبس والمعاش، قليل الكلام، مستمعاً أكثر منه متكلماً، يكتفي بالحديث وهو الخطيب الاعظم، ماشياً أكثر منه راكباً وقد فتحت له المشارق والمغارب يصرف أمورها فكان الرحمة المهداة رسولاً مبشراً ونذيراً ناصحاً وموجهاً ومدبراً لا ملكاً آمراً ذو تاج وصولجان ولم يكن صلى الله عليه وسلم حاكماً منفرداً متغطرساً شاتماً الناس في كدحهم أو بؤسهم وقلة زادهم التي تسبب فيها عليهم هؤلاء الحكام الملوك، معاذ الله أن يكون رسول الله سفيهاً لاغياً بالشتم والإساءات والقول الفاحش، فقد كان حضوره حكمة ودين، وحديثه أدب وعلم.

    أما حكامنا فترى الألوف تتبختر لهم ويتبخترون لها في قصور ممنوعة وفي أركان محروسة وفي منصات مرفوعة وفي ميادين مملؤة، ومساجد مزخرفة وقصور مزينة بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلو مقامه وسموء مكانته بين الناس كما جاء في الأثر: ((ينهي أقاربه وصحابته الأقربين والأبعدين عن القيام إليه صلى الله عليه وسلم، وكان في مهنة أهله يساعدهم حتى يحين وقت الصلاة فيقوم إليها، وكان يحلب الشاة، ويخيط النعال، ويُرقع الثوب، ويأكل مع خادمه، ويشتري الشيء من السوق بنفسه، ويحمله بيديه، ويبدأ من يقابله بالسلام ويصافحه، ولا يفرق في ذلك بين صغير وكبير أو أسود وأحمر أو حر وعبد، وكان صلى الله عليه وسلم لا يتميز على أصحابه، بل يشاركهم العمل ما قل منه وما كثر)) فأنظروا الآن ما يفعله حكامنا الذين قالوا إنهم يقتدون به:


    حيلتهم في تحقيق أمور الرعية هي البغي والغي والكذب الصراح، ودأبهم النفاق في المواقف الحاسمة: بداية من وعودهم بإرجاع حقوق المفصولين عسفاً وعددهم مئأت آلاف ووعودهم بإنصاف وتعويض ضحايا بيوت التعذيب التي صرحوا بها، ونافحوا عنها وإلى الغدر بثوار رمضان، وليس نهاية بالأكاذيب الكبرى عن حرمة التعامل مع الحركات المسلحة، وضبط السوق والأسعار، ونأكل مما نزرع، بينما مياه الشرب اليوم مستوردة الى السودان!! والبلاد ككل شذر مذر أولها محتل من حلايب وشلاتين وأرقين إلى جبل العوينات، وأخرها مقطوع، وشمالها مُغرق، ووسطها مخنوق، وشرقها مهضوم مبيوع، وغربها مُتلف محروق، ميزان خيرات البلاد مطفف حيث تأتي 80% من الخيرات الواردة للدولة من الريف بينما تصرف حكومتها على ذات الريف المظلوم 20% فقط من جملة الصرف العام وهي تنفقه بالضبط على حكامها لا تعليم ولا صحة لأهل الإقليم، حكامها وتجارها سيان، فبأي آلا ربكما تكذبان؟

    أما في شؤون الدولة السودانية في العالم فأنظر التلكوء عن حقوق البلاد في مناطق حلايب وأرقين وشلاتين والعوينات وأنظر النفاق مع كل الدول المجاورة للسودان ضد الصديق قبل العدو، ونفاقهم الصريح في حرب الكويت -العراق ، ثم محاولة إغتيال صديقهم ووليهم رئيس الدولة الجارة الذي كان أول مثبت لهم كقيادة دولة وسط قيادات دول العالم، ومن حادثته تلك 1996 وتفرق كلمتهم بأثرها أتوا بنفاقهم نفسه إلى حادثة 11 سبتمبر فباعوا الطرفين للطرفين، ثم وقعوا معاهدة وإتفاق (الشراكة الإستراتيجية) مع قوى إحتلال العراق، وليس نهاية بإعزاز قوات الناتو في ليبيا، وتركيا وقطر وهم يدعون رفضها في العراق وأفغانستان!؟، وحتى تمويلهم جماعات التدين السياسي المصرية بينما هم يرفضون التمويل الأجنبي للأحزاب داخل السودان!! ولا نهاية بختالهم في شاد والنيجر ومالي والجزائر واليمن ومتاجراتهم بأمن دول الخليج الإيراني منها والعربي ثم إدعائهم الحياد! غير تأرجحهم بين القوى الإسلامية المتخاصمة الثلاثة الخليجعربية، والتركية العثمانية الإمبريالية، والفارسية !!

    ولأنهم طغاة نظامهم الطاغوت فمن الطبيعي أن تكون تقواهم السحت والطفيلية، وأن تكون زكواتهم: إهدار أموال الدولة ونهب أموال الناس، وأن تكون صدقاتهم رشى، وصلتهم بمسؤولياتهم بغي وإفك وخيلاء وعمه في الغي، يأتيك عن رئيسهم من يقول عن مؤسسة أجنبية ((أهدوا مسجداً فخماً مزخرفاً لروح والدي الفقير)) – بني على أرض الدولة- ثم لا يسأل نفسه وإخوته العاملين في الدولة من أين لكم هذه الأرض وهذه القصور والعقود والبنوك وقد كان والدكم عفيفاً فقيراً؟ وهذا القول المرتجى لم يزل بعيداً أن يصدرعنه لأنه يقول علانيةً في تلفزيون الدولة ((هذا أهدي لي)) !!

    وإذا قطعوا ألسنة الصحف والإذاعات ومترسوا أنفسهم بالقمع من إنتقاد الجمهور ومن رأي أهل الحل والعقد ومن حلول العلماء فقد أوقدوا بالإستبداد وفساد التوزيع نيران الحرب بشعارات السياسة الوطنية وبشعارات الجهاد الديني معاً يلبسونها ببعض ويبلسونها بمغنم السلطان منها ومغرم الناس بها، أثرياء حرب مقامهم المبني منها حرام، وسكنهم وأكلهم وشربهم وترحالهم من دخلها حرام. فما بني على باطل فهو باطل. لكن فجوراً في خصومتهم مع الله وسنة الكون التي ينص الإسلام على ألا مبدل لها يزودون عن سلطانهم تقدم التفكير المنطقي في الناس محاولين إعاقة فكرهم ووعيهم بتخاريف وتهاريق وتخاريس أو تخاريص تبدل سنة الكون فهذا قرد يقود المجاهدين! وهذا طير من الجنة حط على وزارة المالية! وأولئك جن يساعدون الإقتصاد! وهؤلاء (فقرا) يملأون المنازل الرئاسية وشقق العمارات الكويتية يروبون الماء، ويعالجون المرضى، ويرقون الموظفين، ويضمنون التجارة! ويأتون بأخبار الغيب وقصصه.!! وقد كان التخريف والتخرص -ولم يزل- ضرورة لحكمهم ومغانمهم منه فقد ألقوا بأيادي الإقتصاد وهي مؤسسات الإنتاج والخدمات العامة في تهاليك السوق الربوية الدولية وعولمتها التي طالما نافقوا العالمين أنهم لا شرقية ولا غربية بينما هموا بخصخصتها عين العولمة الغربية أسواقاً وشراكات إستراتيجية وبورصة عملات وأسهم مالية حتى صارت البلاد وهي ملأى بالثروات والخامات والأرض والمياه والعقول النيرة صارت هامشاً مقفراً فقيراً في العالم وخراباً: المال فيها دولة بين الأغنياء منكم وهم 1% يمتلكون كل الأسس المادية لحياة الناس المياه والكهرباء ومؤسسات التعليم والعلاج والإنتقال والإتصال وأراضي الإسكان والزراعة والورش والمصانع ..إلخ ،وأغناهم يتملكون البنوك!! بينما (الرعية) في البلاد وهم 99% من السكان يعيشون في تخوم خط الفقر تحته وفوقه ، بلا ماء وكهرباء ولاسكن أو تعليم أو علاج أو مواصلات برواتب للخبراء المحظوظين تساوي 5% من تكلفة ضرورات العيش وهذا الظلم المقصود في تقدير الحكام لأمور الحياة والمعيشة الواضح البين الظلامة بغي صريح يقول عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((‏لا تبغ ولا تكن باغيا فإن الله يقول ‏(إنما بغيكم على أنفسكم‏)). من كل هذا سخط الناس ثم رجوا ثم ترجوا ثم طالبوا ثم قاضوا ثم نافحوا ثم تحزبوا ثم تظاهروا ثم أضربوا وعصوا بل وإستقل نصف البلاد الجنوبي بعداً من هذا الظلم والبغي والعدوان، وما تبقى من هوامش النظام المركزي ففي الطريق إلى الإستقلال، ولكن كقول الشاعر تسمع لو ناديت حياً ولكن لا حياة في من تنادي.. ولما لم يزل في الناس وأهل المدن الكبرى والحضر بقية من إيمان وتفكير في وحدة وطنهم وصون عيشهم وإقامة أمرهم وإطاعة الله بالعدل والإحسان وعيشهم متعاونين على البر والتقوى من الجوع والخوف والظلم والعدوان، لم يك من ثمة مخرج للبلاد والعباد من كل هذه الفتن والأزمات سوى الرفض التام لأسبابها في نظام الحكم والعيش المذل الذي فرضه على الناس، ولكن لأن الله لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فقد وجب على جميع المستضعفين والمظلومين أن يرفضوا الضيم الواقع عليهم رفضاً واضحاً صريحاً منظوماً وآمناً لا ضرر فيه ولا ضرار على من لم يشارك في ظلمهم أو يعتدي على حقهم في الرفض وعلى من هو ميسور أن يدعمهم ويشد أزرهم لإقتضاء حقوقهم والله متم نوره ولو كره الكافرون. وفقكم الله االواحد القهار ونصركم على الجبابرة الطغاة قطاع طريق الوطن وسدد خطاكم لما فيه الخير والسلام.

    اللهم يا ناصر المظلومين والمستضعفين في كل زمانٍ وفي كل مكان نسألك نحن السودان ونبث شكوانا إليك يا خالق الملائكة والجن والإنسان:
    اللهم لقد إستولوا علي بلادنا زوراً وبهتاناً، وشَيَّدوا للظلم والطغيان صروحاً وجعلوا له ألف سلطان !!
    اللهم أجعل كيدهم في نحرهم
    اللهم إجعل حياتهم نكداً وإقذف الرعب في قلوبهم وأسلبهم نعمة الإطمئنان ،
    اللهم لقد قهروا النساء وأذلوا الرجال، وأهانوا الأديان وأفسدوا علينا ديننا فعليك بهم يا من لا يخدعه إنسٌ ولا جان ،
    اللهم إنهم سرقوا ونهبوا بلادنا فلا تترك لهم مالاً ينعمون به ولا سُلطان،
    اللهم إنزع مُلكهم وأموالهم والصولجان ،
    اللهم عجِّل لنا بزوال مُلكهم الظالم يا رحمن ،
    اللهم أبطل مفعول البُمبان وإجعل كل أسلحة القهر ترتد علي خدم الطُغيان ،
    اللهم إنهم إستباحوا ومزَّقوا بلادنا وشرَّدوا أهلها فأجعل الدائرة تدور عليهم في كل مكان ،
    اللهم أنزل عليهم بطشك وغضبك وأصرفهم عنَّا
    اللهم بحق الدماء التي سالت دفاعاً عن حرية بلادنا وكرامة الإنسان
    نسألك يا كريم أن تأخذ المنافقين والمتاجرين بإسم الدين
    يالله أخذهم اخذ عزيزٍ مُقتدر وأرسل عليهم زلزالاً وبُركاناً وطوفانا عرمرم منحدر
    اللهم دمِّرهم وفرِّق شملهم وأضعف قوَّتهم وأجعلهم صيداً سهلاً لشعب السودان .
    اللهم ببركة هذه الجمعة الجامعة والصلاة الوسطى القائمة لا تترك فيهم احداً إلا وهو في يد من لا يعرفك ولا يرحمهم،
    أللهم آخذ بحقنا وحق أمهاتنا وأباءنا ومعلمينا وأولادنا وأهلنا وجيراننا وإقتص منهم قصاصاً ضعف عذاباً في أموالهم وفي أعمالهم، وفي بيوتهم وفي مأكلهم ومشربهم، وفي معاونيهم، وفي أزواجهم وأولادهم،
    اللهم أملأهم غماً وحزناً ونكداً وقلبهم وأولادهم بين المصائب والمهالك،
    اللهم أجعلهم يعيشون ماظلموا الناس به ، إنهم بإسمك قد إرتكبوا الكبائر والمعاصي والآثام في حق 40 مليون إنسان فلا تترك فيهم أحداً.


    أيهاالمسلم خروجك للشارع ورفضك للحكم الظالم واجب فلا تتخلف عنه بل أحرص على زيادة دورك فيه،

    أقيموا الصلاة ثم أعبدوا الله تظاهرة ضد الطغاة، برآءة من الطاغوت،
    أيها المصلي ومن تصله لاقي الله وأنت مدافع عن كلمته العدل ضد طغيان العصابة الفاسدة.
    لا لا للطغيان.
                  

07-06-2012, 07:10 AM

مريم الطيب
<aمريم الطيب
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 1356

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خطبة جمعة شذاذ الافاق مع الدعاء الكامل ( ذوالنون جعفر) (Re: abdelrahim abayazid)

    شكرا يا عبدالرحيم
                  

07-06-2012, 07:23 AM

ibrahim alnimma
<aibrahim alnimma
تاريخ التسجيل: 03-28-2008
مجموع المشاركات: 5197

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خطبة جمعة شذاذ الافاق مع الدعاء الكامل ( ذوالنون جعفر) (Re: abdelrahim abayazid)

    مبدع صديقي ذو النون
    سلام ياعبدالرحيم
                  

07-06-2012, 10:49 AM

Ashraf el-Halabi
<aAshraf el-Halabi
تاريخ التسجيل: 10-08-2006
مجموع المشاركات: 5508

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خطبة جمعة شذاذ الافاق مع الدعاء الكامل ( ذوالنون جعفر) (Re: abdelrahim abayazid)

    والله يا أبا جعفر لمن جاني شك إنها خطبة بالجد
    تنفع إمام
    من هنا وماشي حنناديك "مولانا"
                  

07-06-2012, 10:56 AM

Amani Al Ajab
<aAmani Al Ajab
تاريخ التسجيل: 12-18-2009
مجموع المشاركات: 14883

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خطبة جمعة شذاذ الافاق مع الدعاء الكامل ( ذوالنون جعفر) (Re: Ashraf el-Halabi)

    تسلم الأخ ذوالنون جعفر
    ويسلم يراعك
    شكراً الأخ عبد الرحيم
    ودمتم جميعاً بالف خير ..
                  

07-06-2012, 11:04 AM

مهيرة
<aمهيرة
تاريخ التسجيل: 04-28-2002
مجموع المشاركات: 932

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خطبة جمعة شذاذ الافاق مع الدعاء الكامل ( ذوالنون جعفر) (Re: Ashraf el-Halabi)

    السلام عليكم يا عبد الرحيم وضيوفه

    Quote: اللهم يا ناصر المظلومين والمستضعفين في كل زمانٍ وفي كل مكان نسألك نحن السودان ونبث شكوانا إليك يا خالق الملائكة والجن والإنسان:
    اللهم لقد إستولوا علي بلادنا زوراً وبهتاناً، وشَيَّدوا للظلم والطغيان صروحاً وجعلوا له ألف سلطان !!
    اللهم أجعل كيدهم في نحرهم
    اللهم إجعل حياتهم نكداً وإقذف الرعب في قلوبهم وأسلبهم نعمة الإطمئنان ،
    اللهم لقد قهروا النساء وأذلوا الرجال، وأهانوا الأديان وأفسدوا علينا ديننا فعليك بهم يا من لا يخدعه إنسٌ ولا جان ،
    اللهم إنهم سرقوا ونهبوا بلادنا فلا تترك لهم مالاً ينعمون به ولا سُلطان،
    اللهم إنزع مُلكهم وأموالهم والصولجان ،
    اللهم عجِّل لنا بزوال مُلكهم الظالم يا رحمن ،
    اللهم أبطل مفعول البُمبان وإجعل كل أسلحة القهر ترتد علي خدم الطُغيان ،
    اللهم إنهم إستباحوا ومزَّقوا بلادنا وشرَّدوا أهلها فأجعل الدائرة تدور عليهم في كل مكان ،
    اللهم أنزل عليهم بطشك وغضبك وأصرفهم عنَّا
    اللهم بحق الدماء التي سالت دفاعاً عن حرية بلادنا وكرامة الإنسان
    نسألك يا كريم أن تأخذ المنافقين والمتاجرين بإسم الدين
    يالله أخذهم اخذ عزيزٍ مُقتدر وأرسل عليهم زلزالاً وبُركاناً وطوفانا عرمرم منحدر
    اللهم دمِّرهم وفرِّق شملهم وأضعف قوَّتهم وأجعلهم صيداً سهلاً لشعب السودان .
    اللهم ببركة هذه الجمعة الجامعة والصلاة الوسطى القائمة لا تترك فيهم احداً إلا وهو في يد من لا يعرفك ولا يرحمهم،
    أللهم آخذ بحقنا وحق أمهاتنا وأباءنا ومعلمينا وأولادنا وأهلنا وجيراننا وإقتص منهم قصاصاً ضعف عذاباً في أموالهم وفي أعمالهم، وفي بيوتهم وفي مأكلهم ومشربهم، وفي معاونيهم، وفي أزواجهم وأولادهم،
    اللهم أملأهم غماً وحزناً ونكداً وقلبهم وأولادهم بين المصائب والمهالك،
    اللهم أجعلهم يعيشون ماظلموا الناس به ، إنهم بإسمك قد إرتكبوا الكبائر والمعاصي والآثام في حق 40 مليون إنسان فلا تترك فيهم أحداً.


    اللهم آميييييييييييييييييين
                  

07-08-2012, 04:03 AM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خطبة جمعة شذاذ الافاق مع الدعاء الكامل ( ذوالنون جعفر) (Re: مهيرة)

    الإحترام والسلام: هنا النسخة الأصح:

    خطبة صلاة الجمعة:

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الواحد القهار وصلى الله على سيدنا محمد الرسول الهادي الآمين وآله الأطهار أما بعد فالحمد لله حمداً كثيراً الذي رضي لنا أن لا نعبد إلا إياه وأن نتبع رسالة نبيه ورسوله محمد بن عبدالله (ص) وان نسترشد بسيرته ومن وآلاه، وقد ألمت ببلادنا النوازل من ذنوبنا وأخطاءنا وتراكم سيئات أعمالنا، نتوب إلى الله تعالى منها ونسأله الرحمة والمغفرة ونرجوه التوفيق والسداد في تركها: حب الأموال والتكاثر طمعاً وقناعة عن كل خير، وذا مسكتة الضمائر ومعول الشيطان ومفتاح الكبائر، وقد ورد في سنن الترمزي عن رفاعة بن رافع الأنصاري (رض)عن النبي الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (( التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق))، لا يستطيع أحد الفجور على الناس إلا بسكوت الناس نفسهم عن قول الحق، وتركهم مواجهة التاجر أو السلطان الجائر، وقد تركنا الجور يرعي في مصالحنا، والظلم ينهش في مجتمعنا ومستقبلنا من نهشه في حاضرنا ويومنا، كل يمنى نفسه بالنجاة منفرداً، بعيداً عن أهله وجيرانه، حتى تبددت جدوى التجارة وكسدت وبارت عملية الإغتراب وأقفرت أموالها، رضينا التطفيف بإبخاس قيمة العمل المثمر وتعظيم قيمة الأرباح يأكل ذممنا، مفسحين المجال بذا التطفيف لأن نتعامل بالربا أهل الغني وهم 1% من المجتمع يتحكمون طاغين في حياة الفقير عملاً ودخلاً وعيشة والفقراء 99% من الناس، فإضطربت الأمور في كل العهود السياسية سواء اكانت وسطاً أو كانت غالية أي يحكمها الغلاة والمتعصبين، فآتى منا ومن تناقضاتنا حكامنا الآن الذين تولوا أمرنا بالنيران نار السلاح والمعتقلات ونار الإعلام، وبهذه النيران حكموا احوالنا وأموالنا ومستقبلنا، فقاموا بإلقاء أيدي العدل (العلم بتاريخ تكون قيم الأشياء والنفع بها، والحساب الدقيق لفوائدها ومضارها عاجلة وآجلة، والرحمة في تقديرها لمصلحة الضعيف والمضطهد، والقسط في حساب خيرها وشرها وتوزعه بين أنواع الأشياء والأمور وتوزعها الإجتماعي في الأزمان الحاضر منها والقادم وفي الفئات الكثيرة المستضعفة التي تشكل سواد الناس والمجتمع) ألقى الحكام ومواليهم أيادي العدل في تهلكة السوق والخصخصة ودين الأنا.. فزاد تفرق مجتمعنا، وخارت قوانا، وتقطعت أرحامنا، ومزقت بلادنا وطمع فينا من لايطمع. وأكل الفقر والجوع فينا ولم يشبع، مستنا البأساء والضراء والمأساة والعلة الفاشية.

    ولكن نجد في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا أسوة حسنة أن نخرج أنفسنا من هذا الضيم، ونخلص نفوسنا من هذا الإثم: أن نستقيم أحاداً وجماعات بإشهار الحق على من ظلمنا وقتلنا وشردنا وعذبنا ونهب أموالنا وأقعد أطفالنا، وأذل شبابنا ولم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا وقطع علينا طريق تقدمنا وفتح للظلم والفساد في حياتنا ألف باب فجعل بملكه أعزة أهلنا -أباءاً وأمهات- أذلة، ناشراً الفظاظة والغلظة والضلال، محولاً إيماننا نقوداً مكنوزة في حسابه بصفقات أصلها ومعناها الفجور والسحت والربا، لا أصل لها في إلا في شريعة الشيطان أو في دستور العدوان، إذ مزقوا ديننا ودنيتنا بآلات حادة من الزور والجور والفظاظة والفحش والكذب وغلظة القلب. واطبقوا علينا ظلمات من فوقها ظلمات.

    لرد هذا الظلم تسطع فينا آية دعوة سيدنا ذوالنون (ع) إذ نَادَى فِي الظُّلُمَاتِ: ((أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)) 87 الانبياء فإذ أطبقت عليناالظلمات من شرورنا وسيئات أعمالنا آن لنا أن نتوب إلى الله قولاً وعملاً بأن نستقيم إستقامة ظاهرة، جاهرة عنوانها بيان الحق الظاهر في الشارع العام وتبيينه من الظلم العام الجاثم علينا، وبيان الحق العام لأهل السودان واضح ظاهر مجسد في نبض وهتاف الكالين من عمل يدهم، والمساكين المستضعفين الذين همشوا وأُخرجوا من ديارهم بحرائق دانات الحروب وحملات التهجير والإبادة أو بحرائق المظالم القومية المجسدة بغلاء الضرائب والأسعار وإنخفاض الأجور. هذا البيان والتبيين يمثل إنصافاً لمسؤوليتنا في إعمار أرضنا وحقنا أن نعيش متعاونين على البر والتقوى بفضيلة وتراحم.

    كانت رحلة النبي صلى الله عليه وسلم لتبليغ وتثبيت دعوة الإسلام ولم تزل منارة كبرى تهدي في ظلمات التفكير والعمل التي كانت مدلهمة على الناس والأرض الحرام: إذ إستوعبت الدعوة النضرة حينذاك مآثر دعوات الأنبياء والرسل السالفة بل واشجت ما عاصرها من دعاوى الأفذاذ والحكماء، ففيها تجد تفكر سيدنا أبراهيم (ع) في منطق الكون وأطوار علاماته الكبرى أخذها مجزأة شمساً وقمراً حتى وزنها جمعاً بفلسفته في تفكيك الأسس الفكرية للترميز والأصنام إنباتاً لحكمة تحطيمها، والهجرة من ظلماتها وجاهليتها التي تغبى سنن الكون وموازين الحياة الحرة الفاضلة. كذلك إحتوت دعوة الإسلام الملامح الكبرى لقوة سيدنا داؤود(ع) ولحكمة سيدنا سليمان(ع) جمع الله إليه الكتاب والحكم والنبوة، وفي دعوة الإسلام مواقف شبيهة وعظات من المظالم والدسائس التي تعرض لها سيدنا يعقوب (ع) من بنيه وآله وتلك التي أخرج الله منها سيدنا يوسف بن يعقوب (ع) وفي دعوة الإسلام تواشج مع حس موسى (ع) بالظلم الواقع على جماعته المهمشة بما فيها من يهود وكوشيين وقول موسى لفرعون ثم تحديه سحرته فخروجه من مظالم ذلك العهد مكلماً الذات العلية ثبته الله وإندكت الجبال. كذلك في دعوة الإسلام وتبليغها بالحكمة والموعظة الحسنة جوهر متين من مسالمة عيسى عليه السلام ومحاولته جمعهم أجمعين بحقائق الدين ومحبة الآخرين وبث السرور في نفوس المقهورين المعذبين في الأرض. وقد أثمرت كل هذه الحكم والممهدات شجرة الإسلام الطيبة حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته مسجداً جامعاً لكل هذه الدعوات، ومكة لما فيها من علوم وحكم وعظات، وقبلةً لما فيها من خيرات، فكان للأمة الرحمة المهداة والحكمة المزجاة والبلاغة الفصحاء والعدالة السمحاء، إن ترك الحكام جوهر دينه الرحمن الرحيم في سنن تعاملاتهم وجهلوا ألوان حكمة الرحمة والعدل والإحسان وطيب مقاصدها فسدت موازينهم وأحكامهم .

    ولعل من أهم معجزات دعوة الإسلام في ثقافة العرب يومذاك أن أصبحت القوة والسيوف آخر ما يطلع رداً للمظالم أو تثبيتاً لحقوق الجماعة حيث ألتزم المسلمين تسوية خلافاتهم برد الأمر إلى الله ورسوله متعاملين بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والإحتكام لكتاب الفصل وأولى الأمر وأهل الحل والعقد، فلا قوة ولا سيف إلا ما ندر جهة الخصوم الأشداء الطغاة اللئام وفقط لرد عدوان قوة أثيم على النفس والولد، وعلى البيت والمال والدين، كان هذا التأخير لإستعمال القوة هو التغير الكبير في منظومة الحياة البدوية فقد كانت السيوف في الجاهلية سفيهة خرقاء أسهل تناولاً للرؤوس وأمضى إلى الأعناق بلا دين ولا عقل يشكمها، فكانت أول ما يخرج عادة في التعامل بين الأفراد المتناشجين والمتناقضين المختلفي المصالح.. لعل لهذا السبب كثرة حروب الجاهلية وطول أمادها بين القبائل أو الشرذام وقد تستمر عشرات الأعوام وتنتهي بفداء مالي مخلوط ببعض كلام وسلام لحين تجدد الحرب مرة أخرى بحادث أو بحديث، ومن ويلات تلك التشرذمات في القرى أن ضُربت على العرب بسيوف تفرقهم وتشتتهم، صنوف الذلة والمسكنة والقبوع في الصحراء بين ممالك الفرس والروم والحبش، وزادت الإبالة طغثا أن أُستضعف أحادهم وكياناتهم بإيلاف قريش والإيلاف تسمية للشراكة الغزيرة والشركة الكبرى وبها إجتمع أثرياء قريش أهل الربا والزيادة في المال حاكمين مكة التي كانت تحكم القرى المتاخمة لها والطرق والمصالح العابرة لها، أبقوها في ظلم مكين حتى عيروا الناس والمسلمين الاوائل أنهم فقراء صعاليك سفهاء شذاذ آفاق. و((إِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ)) 13 سورة البقرة. والسفيه هو المفرط الذي لا رأي منه لأنه بلا أدب أو عقل إجتماعي معين يلزمه حدودا،َ ولا أفق له في تنظيم المجتمع يبلغه رحولاً. لذا حكامنا اليوم هم كقريش الأمس يرون الناس سفهاء ونوع إيمانهم سفيه!

    حكامنا اليوم بلا عقل ولا هدى ولا كتاب منير يضيعون القيم الكبرى في تاريخ الأديان وتاريخ الإسلام إذ اهدروا بالقمع حق التفكر الإبراهيمي وأهدروا بالخوار والضعف والنفاق مع الأعداء بيت القوة في حكم سيدنا داؤود(ع)، وولغوا بالعنف مع رعيتهم فضيعوا حكمة سيدنا سليمان(ع)، ولم يزلوا يكذبون بالإنقاذ والعدل والحرية والإسلام والسلام والرخاء يتحرون في أقوالهم الكذب حتى إجتمعت الأمة على كذبهم مناقضين بكذبهم العظة من سيرة سيدنا يعقوب (ع) وقد كانت كل آلامه من كذب أبناءه وقومه عليه، كما ضيع حكامنا بسحتهم وسفههم وفسادهم ورشاهم سيرة نبي الله يوسف القوي الأمين، أما كل ما نهي عنه كليم الله موسى (ع) فقد وقعوا فيه بل وألقوا فيه أيديهم: فسكتوا عن الظلم، وسبوا أهل الحل والعقد وأغلظوا على الشعب وسكتوا عن فراعين دنياهم وبنوكهم، بل تماهوا مع فرعون إذ خرجوا بجيوشهم يتعقبون الذين ظلموهم وأخرجوهم من ديارهم بغير حق، ولم يقف تماههم في هذا الحد بل تماهوا مع أعداء المسيح عيسى بن مريم (ع) إذ ينشرون في أرض الوطن وبيوت الجيران الكراهية والحروب بدلاً من المسرة والسلام ويؤججون الثارات وفتنها بدل الحلم والعفو والسلام!!؟ وبهذا كله نقضوا عرى الإسلام وحطموا علامات حكمته وتطورها من عهد أبراهيم عليه السلام وإلى عهد النبي الخاتم سيد المرسلين، ولم يكن نقض الحُكام لدعوة الإسلام الكبرى التي تتالى فيها الأنبياء والرسل فحسب بل نقضوا أيضاً دعوة الإسلام في ذاتها المحمدية فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحمل سيفاً ليصير حاكماً ولم يقم للحكم المشانق أو بيوت التعذيب أو يتجسس على الناس ولم يمنع الناس النقاش بل القرءآن الكريم كتاب الله تعالى أورد حجج أبليس واضحة كاملة ضد ما إختاره الله، ولم يمنع نشر رأيه في قلب آياته. وأورد حجج الرافضين للأنبياء لم يمنعها أو يسنسرها. ومع كثرة أعداءه فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع على الناس سوطاً للحكم والطغيان، ولم يأذي الناس بنار أو دخان أو كلام ليبقى حاكماً أو سلطاناً إلى حين وفاته، بل شمخ النبي (ص) في الأمة بصفاته الحسنة الصدق والتواضع والحكمة، ولم يضع بينه وبين الناس جداراً أو حجاباً أو إستكبر عليهم بشيء أو علامة في مسكنه، أو ملبسه أو ركوبه، بل كان مقره مسجداً مفتوحاً وكان تجواله مبسوطاً للناس في الأسواق، وكان عليه الصلاة والسلام يربط بطنه ليشبع قومه، ثم يبكي الليل طالباً العفو والمغفرة، وهو من هو، عاش وهو الغنى بسيط الحال إلى أن مات ودرعه مرهون، وهو صاحب الدين الأعظم والرسالة الكاملة صلى الله عليه وسلم، وقد كان وهو ملء السمع والبصر والأفئدة وقد دنت له الدنيا مشرقاً مغرباً، كان إنسانا لم يتخذ لنفسه ملبساً شنفاً أو قصراً أو أثاثاً وثيراً، ولم يركب المطهمات والفارهات المظللات أو المعسجدات، ولم يتخذ عربة أو سفينة رئاسية، بل أكثر معاشه يقضيه بنفسه يمشي على رجليه أو يركب حمارا بلاركاب ولا سرج، فأين حكامنا من سنته هذه؟ إن طلبها الناس في حكامنا ردوا عليهم: شذاذ آفاق!؟

    الأفق الكريم هو أفق العبودية وإيمان السفهاء الذي نبذته قريش فبإذن ربه تعالى قام جبريل عليه السلام بتخيير النبي الأمين (ص) أن يكون نبياً ملكاً على الناس أو يكون نبياً عبداً لله فإختار سيدنا محمد (ص) بسموءه العبودية، وعايرته به قريش ورفضت إيمانه قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء منا ؟ بينما الآن بعيداً عن زمانه (ص) يذهب الحكام إلى المُلك بقوة السلاح ويدافعون عن وجودهم فيه بالمظالم صغيرة وكبيرة: بداية من الكذب والقسم الكذوب وليس نهاية بقتل النفوس، وقطع الأرزاق، وإسكات الإنتقادات، ودفع الرشى وشراء الذمم، والسكوت على الفساد، بل وتشجيعه، وعهر المواثيق والإتفاقات، وإطلاق "التوالي" بين السيف والمال والتحزب والجاه، غير إشعال الفتن، وإزكاء النزاعات والحروب في داخل البلاد وخارجها، وسفه الخبرات وتبذير الأموال، ((إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً )) (27 الإسراء) وكان صلى الله عليه وسلم بسيط الملبس والمعاش، قليل الكلام، مستمعاً أكثر منه متكلماً، يكتفي بالحديث وهو الخطيب الاعظم، ماشياً أكثر منه راكباً وقد فتحت له المشارق والمغارب يصرف أمورها فكان الرحمة المهداة رسولاً مبشراً ونذيراً ناصحاً وموجهاً ومدبراً لا ملكاً آمراً ذو تاج وصولجان ولم يكن صلى الله عليه وسلم حاكماً منفرداً متغطرساً شاتماً الناس في كدحهم أو بؤسهم وقلة زادهم التي تسبب فيها على الناس هؤلاء الحكام الملوك، معاذ الله أن يكون رسول الله سفيهاً لاغياً بالشتم والإساءات والقول الفاحش، فقد كان حضوره حكمة ودين، وحديثه أدب وعلم.

    أما حكامنا فترى الألوف تتبختر لهم ويتبخترون لها في قصور ممنوعة وفي أركان محروسة وفي منصات مرفوعة وفي ميادين مملؤة، ومساجد مزخرفة وقصور مزينة بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلو مقامه وسموء مكانته بين الناس كما جاء في الأثر: ((ينهي أقاربه وصحابته الأقربين والأبعدين عن القيام إليه صلى الله عليه وسلم، وكان في مهنة أهله يساعدهم حتى يحين وقت الصلاة فيقوم إليها، وكان يحلب الشاة، ويخيط النعال، ويُرقع الثوب، ويأكل مع خادمه، ويشتري الشيء من السوق بنفسه، ويحمله بيديه، ويبدأ من يقابله بالسلام ويصافحه، ولا يفرق في ذلك بين صغير وكبير أو أسود وأحمر أو حر وعبد، وكان صلى الله عليه وسلم لا يتميز على أصحابه، بل يشاركهم العمل ما قل منه وما كثر)) فأنظروا الآن ما يفعله حكامنا الذين قالوا إنهم يقتدون به:

    طريقتهم في تحقيق أمور الرعية هي البغي والغي والكذب الصراح، ودأبهم النفاق في المواقف الحاسمة: بداية من وعودهم بإرجاع حقوق المفصولين عسفاً وعددهم مئأت آلاف ووعودهم بإنصاف وتعويض ضحايا بيوت التعذيب التي صرحوا بها، ونافحوا عنها وإلى الغدر بثوار رمضان، وليس نهاية بالأكاذيب الكبرى عن حرمة التعامل مع الحركات المسلحة، وضبط السوق والأسعار، ونأكل مما نزرع، بينما مياه الشرب اليوم مستوردة الى السودان!! والبلاد ككل شذر مذر أولها محتل من حلايب وشلاتين وأرقين إلى جبل العوينات، وأخرها مقطوع، وشمالها مُغرق، ووسطها مخنوق، وشرقها مهضوم مبيوع، وغربها مُتلف محروق، ميزان خيرات البلاد مطفف حيث تأتي 80% من الخيرات الواردة للدولة من الريف بينما تصرف حكومتها على ذات الريف المظلوم 20% فقط من جملة الصرف العام وهي تنفقه بالضبط على حكامها لا تعليم ولا صحة لأهل الإقليم، حكامها وتجارها سيان، فبأي آلا ربكما تكذبان؟

    أما في شؤون الدولة السودانية في العالم فأنظر التلكوء عن حقوق البلاد في مناطق حلايب وأرقين وشلاتين والعوينات وأنظر النفاق مع كل الدول المجاورة للسودان ضد الصديق قبل العدو، ونفاقهم الصريح في حرب الكويت -العراق ، ثم محاولة إغتيال صديقهم ووليهم رئيس الدولة الجارة الذي كان أول مثبت لهم كقيادة دولة وسط قيادات دول العالم، ومن حادثته تلك 1996 وتفرق كلمتهم بأثرها أتوا بنفاقهم نفسه إلى حادثة 11 سبتمبر فباعوا الطرفين للطرفين، ثم وقعوا معاهدة وإتفاق (الشراكة الإستراتيجية) مع قوى إحتلال العراق، وليس نهاية بإعزاز قوات الناتو في ليبيا، وتركيا وقطر وهم يدعون رفضها في العراق وأفغانستان!؟، وحتى تمويلهم جماعات التدين السياسي المصرية بينما هم يرفضون التمويل الأجنبي للأحزاب داخل السودان!! ولا نهاية بختالهم في شاد والنيجر ومالي والجزائر واليمن ومتاجراتهم بأمن دول الخليج الإيراني منها والعربي ثم إدعائهم الحياد! غير تأرجحهم بين القوى الإسلامية المتخاصمة الثلاثة الخليجعربية، والتركية العثمانية الإمبريالية، والفارسية !!

    ولأنهم طغاة نظامهم الطاغوت فمن الطبيعي أن تكون تقواهم السحت والطفيلية، وأن تكون زكواتهم: إهدار أموال الدولة ونهب أموال الناس، وأن تكون صدقاتهم رشى، وصلتهم بمسؤولياتهم بغي وإفك وخيلاء وعمه في الغي، يأتيك عن رئيسهم من يقول عن مؤسسة أجنبية ((أهدوا مسجداً فخماً مزخرفاً لروح والدي الفقير)) – بني على أرض الدولة- ثم لا يسأل نفسه وإخوته العاملين في الدولة من أين لكم هذه الأرض وهذه القصور والعقود والبنوك وقد كان والدكم عفيفاً فقيراً؟ وهذا القول المرتجى لم يزل بعيداً أن يصدرعنه لأنه يقول علانيةً في تلفزيون الدولة ((هذا أهدي لي ))!

    وإذا قطعوا ألسنة الصحف والإذاعات ومترسوا أنفسهم بالقمع من إنتقاد الجمهور ومن رأي أهل الحل والعقد ومن حلول العلماء فقد أوقدوا بالإستبداد وفساد التوزيع نيران الحرب بشعارات السياسة الوطنية وبشعارات الجهاد الديني معاً يلبسونها ببعض ويبلسونها بمغنم السلطان منها ومغرم الناس بها، أثرياء حرب مقامهم المبني منها حرام، وسكنهم وأكلهم وشربهم وترحالهم من دخلها حرام. فما بني على باطل فهو باطل. لكن فجوراً في خصومتهم مع الله وسنة الكون التي ينص الإسلام على ألا مبدل لها يزودون عن سلطانهم تقدم التفكير المنطقي في الناس محاولين إعاقة فكرهم ووعيهم بتخاريف وتهاريق وتخاريس أو تخاريص تبدل سنة الكون فهذا قرد يقود المجاهدين! وهذا طير من الجنة حط على وزارة المالية! وأولئك جن يساعدون الإقتصاد! وهؤلاء (فقرا) يملأون المنازل الرئاسية وشقق العمارات الكويتية يروبون الماء، ويعالجون المرضى، ويرقون الموظفين، ويضمنون التجارة! ويأتون بأخبار الغيب وقصصه.!! وقد كان التخريف والتخرص -ولم يزل- ضرورة لحكمهم ومغانمهم منه فقد ألقوا بأيدىالعقلانية في العيش والإقتصاد وهي مؤسسات الإنتاج والخدمات العامة في تهاليك السوق الربوية الدولية وعولمتها التي طالما نافقوا العالمين أنهم لا شرقية ولا غربية بينما هموا بخصخصتها عين العولمة الغربية أسواقاً وشراكات إستراتيجية وبورصة عملات وأسهم مالية حتى صارت البلاد وهي ملأى بالثروات والخامات والأرض والمياه والعقول النيرة صارت هامشاً مقفراً فقيراً في العالم وخراباً: المال فيها دولة بين الأغنياء منكم وهم 1% يمتلكون كل الأسس المادية لحياة الناس المياه والكهرباء ومؤسسات التعليم والعلاج والإنتقال والإتصال وأراضي الإسكان والزراعة والورش والمصانع ..إلخ ،وأغناهم يتملكون البنوك!! بينما (الرعية) في البلاد وهم 99% من السكان يعيشون في تخوم خط الفقر تحته وفوقه، بلا ماء ولاكهرباء ولاسكن ولاتعليم ولاعلاج ولا مواصلات برواتب للخبراء المحظوظين تساوي 5% من تكلفة ضرورات العيش وهذا الظلم المقصود في تقدير الحكام لأمور الحياة والمعيشة الواضح البين الظلامة بغي صريح يقول عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((‏لا تبغ ولا تكن باغيا فإن الله يقول ‏(إنما بغيكم على أنفسكم‏)). من كل هذا ظهر سخط الناس، ثم رجوا وترجوا ثم طالبوا ثم قاضوا ثم نافحوا ثم تحزبوا ثم تظاهروا ثم أضربوا وعصوا، بل إستقل نصف البلاد الجنوبي بعداً من هذا الظلم والبغي والعدوان، وما تبقى من هوامش النظام المركزي ففي الطريق إلى الإستقلال، ولكن كقول الشاعر تسمع لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.. ولما لم يزل في الناس وأهل المدن الكبرى والحضر بقية من إيمان وتفكير في وحدة وطنهم وصون عيشهم وإقامة أمرهم وإطاعة الله بالعدل والإحسان وعيشهم متعاونين على البر والتقوى من الجوع والخوف والظلم والعدوان، لم يك من ثمة مخرج للبلاد والعباد من كل هذه الفتن والأزمات سوى الرفض التام لأسبابها في نظام الحكم والعيش المذل الذي فرضه على الناس، ولكن لأن الله لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فقد وجب على جميع المستضعفين والمظلومين أن يرفضوا الضيم الواقع عليهم رفضاً واضحاً صريحاً منظوماً وآمناً لا ضرر فيه ولا ضرار على من لم يشارك في ظلمهم أو يعتدي على حقهم في الرفض وعلى من هو ميسور أن يدعمهم ويشد أزرهم لإقتضاء حقوقهم والله متم نوره ولو كره الكافرون. وفقكم الله االواحد القهار ونصركم على الجبابرة الطغاة قطاع طريق الوطن وسدد خطاكم لما فيه الخير والسلام.

    اللهم يا ناصر المظلومين والمستضعفين في كل زمانٍ وفي كل مكان نسألك نحن السودان ونبث شكوانا إليك يا خالق الملائكة والجن والإنسان:
    اللهم لقد إستولوا علي بلادنا غصباً وعنوة وزوراً وبهتاناً، وشَيَّدوا للظلم والطغيان صروحاً وجعلوا له علينا ألف سلطان فاللهم أجعل كيدهم في نحرهم واجعل حياتهم نكداً وإقذف الرعب في قلوبهم وأسلبهم نعمة الإطمئنان،
    اللهم لقد قهروا النساء وأذلوا الرجال، وأهانوا الأديان وأفسدوا علينادنيتنا وديننا فعليك بهم يا من لا يخدعه إنس ولا جان،
    اللهم إنهم فسدوا وأفسدوا وقطعوا الطريق وسرقوا ونهبوا بلادنا فلا تترك لهم ماينعمون به ولا سُلطان،
    اللهم إنزع مُلكهم وأموالهم والصولجان،
    اللهم عجِّل لنا بزوال مُلكهم الظالم يا رحمن،
    اللهم أبطل مفعول البُمبان وإجعل كل أسلحة القهر ترتد علي خدم الطُغيان ،
    اللهم إنهم إستباحوا ومزَّقوا بلادنا وشرَّدوا أهلها فأجعل الدائرة تدور عليهم في كل مكان ،
    اللهم أنزل عليهم بطشك وغضبك وأصرفهم عنَّا
    اللهم بحق الدماء التي سالت دفاعاً عن حرية بلادنا وكرامة الإنسان نسألك يا كريم أن تأخذ المنافقين والمتاجرين بإسم الدين
    يالله يا الله يا ألله أخذهم اخذ عزيزٍ مُقتدر وأرسل عليهم زلزالاً وبُركاناً وطوفانا عرمرم منحدر،
    اللهم دمِّرهم وفرِّق شملهم وأضعف قوَّتهم وأجعلهم صيداً سهلاً لشعب السودان .
    اللهم ببركة هذه الجمعة الجامعة والصلاة الوسطى القائمة لا تترك فيهم احداً إلا وهو في يد من لا يعرفك ولا يرحمهم،
    أللهم آخذ بحقنا وحق أمهاتنا وأباءنا ومعلمينا وأولادنا وأهلنا وجيراننا وإقتص منهم قصاصاً ضعف عذاباً في أموالهم وفي أعمالهم، وفي بيوتهم وفي مأكلهم ومشربهم، وفي معاونيهم، وفي أزواجهم وأولادهم،
    اللهم أملأهم غماً وحزناً ونكداً وقلبهم وأولادهم بين المصائب والمهالك،
    اللهم أجعلهم يعيشون ماظلموا الناس به، إنهم بإسمك قد إرتكبوا الكبائر والمعاصي والآثام في حق 40 مليون إنسان، فلا تترك فيهم أحداً.


    أيهاالمسلم أيها المسلم: خروجك للشارع ورفضك للحكم الظالم واجب وقولك الحق في وجه السلطان الجائر واجب فلا تتخلف عنه بل أحرص على زيادة دورك فيه،

    أقيموا الصلاة ثم أعبدوا الله تظاهرة ضد الطغاة، برآءة من الطاغوت،

    أيها المصلي ومن تصله: لاقي الله وأنت مدافع عن كلمته العدل ضد طغيان العصابة الفاسدة.

    لا لا للطغيان.لا لا للطغيان.



    أفضال هذه الخطبة مهداة إلى روح فضيلة الشيخ المرحوم: علي بخيت علي حمد، تقبل الله منه ومنا.
                  

07-08-2012, 04:26 AM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خطبة جمعة شذاذ الافاق مع الدعاء الكامل ( ذوالنون جعفر) (Re: Al-Mansour Jaafar)

    شكراً جزيلاً جندالله جندالوطن: عبدالرحيم، ومريم، ومهيرة، وأماني، والنعمة، ولأشرف

    هذه الخطبة الدينية التقليدية الحمد والمنة فيها لله تعالى، أما التقدير والثناء فلأساتذتي وشيوخي وزملائي الذين بذلوا سنوات وسنوات في جمع وقراءة وتأثيل أجزاء وكتل من التاريخ واللغة والصفا والدين والفقه والفلسفة وما بعد الفلسفة تاركين للجميع وللأيام الإجتهاد في مهمة جدل الروح العقلية والعقلية الروحية للإسلام وفق مصالح المستضعفين (الـ99%) ضد مصالح الكُناز الطغاة المتجبرين (الـ1%).

    (عدل بواسطة Al-Mansour Jaafar on 07-08-2012, 04:34 AM)

                  

07-08-2012, 04:29 AM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خطبة جمعة شذاذ الافاق مع الدعاء الكامل ( ذوالنون جعفر) (Re: Al-Mansour Jaafar)

    ...
    حرروا صلاة الجمعة من خطب الزيف والإخضاع والسكوت على المظالم بخطب الحرية والعدل والسلام.

    (عدل بواسطة Al-Mansour Jaafar on 07-08-2012, 04:42 AM)

                  

07-08-2012, 07:37 PM

Al-Mansour Jaafar

تاريخ التسجيل: 09-06-2008
مجموع المشاركات: 4116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خطبة جمعة شذاذ الافاق مع الدعاء الكامل ( ذوالنون جعفر) (Re: Al-Mansour Jaafar)

    وشعب معلم ما بتخلى.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de