لماذا يحترم الشيوعيون السودانيون قيادة الحزب التأريخية لهذا الحد؟

Quote: زين العابدين صديق البشير في ربيع 1951 اشرقت الشمس في قرية امبكول مع ابتسامة زين العابدين صديق البشير . الهادي الطبع .المحبوب . خفيف الظل او ( الضيف ) كما اسماه والده كان محبا لاقرانه و زاهدا في حياته مقلا في طعامه لا ياخذ منه الا ما يسنده , وتخرج اصابعه وكانها لم تمس طعاما. دخل المدرسة الاولية نموذجا للنبوغ في مدرسة امبكول الاولية . وابدع بها وتخرج فيها ليدخل مدرسة كورتي الوسطى في العام 1962 ونطلق منها الى مدرسة مروي الثانوية وتقدم صفوف طلابها قائدا لحركتها الجماهيرية . ومؤسسا ومشاركا في الكثير من الفعاليات . من مؤسسى طلائع النخيل والكثير من حملات التوعية . شارك في معسكر الشباب الذي اقيم في مدرسة عطبرة الثانوية وقام هو ورفاقه ببناء الفصلين الخامس والسادس تخرج في مروي الثانوية متفوقا حائزا اعلى مجموع في الرياضيات العامة على مستوى الشهادة الثانوية بنسبة 100% . ثم التحق بجامعة الخرطوم كلية الاقتصاد في العام 1971 . كان شخصا منظما يقوم بكل شئ في حياته وفق نظام دقيق يحضر جميع المحاضرات والنشاطات الثقافية . كما كان احد محرري جريدة مساء الخير لسان حال الجبهة الديمقراطية وجريدة الطارق كما كانت لديه اهتمامات ادبية في جمعية الثقافة الوطنية والفكر التقدمي . تم اعتقاله في احداث اليوبيل الفضي بكلية الطب قام هو ومن معه بالاضراب عن الطعام لمدة اسبوعين حتى تمكن وفد من اباء الطلاب بمقاباة الرئيس نميري واطلق سراحهم . اقام علاقات ودودة مع زملائه بالدراسة باختلاف مواقفهم السياسية بل اقام علاقات عميقة مع اناس لا علاقة لهمبالعمل السياسي . وكان قارئ ممتاز يقرأ في جميع صنوف المعرفة . تخرج من جامعة الخرطوم في العام 1975 وبدأ حياته العملية في مصلحة العمل في نوفمبر 1975 ثم انتقل الى مؤسسة السكر السودانية في يونيوا 1976 وفي العام 1979 ابتعث الى الولايات المتحدة الامريكية لنيل شهادة الماجستير من جامعة كالفورنيا بمينة لوس انجلس (U S C ) ولم يكتف بشهادة واحدة بل نال شهادتي ماجستير في الاقتصاد والادارة خلال الفترة التي حددت له وهي عامان . عاد الى العمل مرة اخرى الي مؤسسة السكر السودانية . انتقل في العام 1982 الى العمل في معتمدية اللاجئين وتدرج بها الى ان وصل لمنصب نائب المفوض العام . اقيل الى الصالح العام في العام 1992 اتيحت له فرص السفر للخارج والعمل مع الامم المتحدة ولكنه فضل البقاء داخل الوطن . بدأ العمل الخاص وكان مثابرا وناجحا وامين في عمله مما قاده الى نجحات لم تشغله عن العمل العام . اسس جريدة نايل كورير في العام 1999 كمنبر لدعاة السلام والوحدة والتى كانت تصدر باللغة الانجليزية . كان احد مؤسسي رابطة ابناء امبكول الاجتماعية والثقافية وساهم في بناء القرية النموذجية والكثير من الاعمال الخيرية زوج القامة اقبال طه والد صديق ومهند وهالة اعيد للخدمة بقرار سياسي في العام 2007 توفي عصر السبت 1-12 -2007 عابدين الانسان بحكم علاقتي معه كنت تقريبا امر عليه يوميا في مكتبه واشرب قهوة الصباح معه واخر اليوم لقراءة الصحف فقد كان عابدين يشتري كل الصحف التى تصدر في الخرطوم هذه العلاقة الوثيقة جعلتني ارى عابدين من قرب ... عشرات الناس لهم مرتبات واعانات ثابتة والله عندما يحضر احدهم تشعر ان عابدين هو الطالب للمعونة يخرج بصمت خارج المكتب ويعطي صاحب الحاجة ولم اسمعه يوما يتحدث عن من هذا ولماذا يحضر لم يمن اطلاقا على اي منهم ومن الاشياء التي اذكرها جيدا حضرة زميلة وفي الونسة تحدثت عن اولادها وعن حوجتها لشراء جهاز كمبيوتر بالتقسيط ومر الكلام وخرجت الزميلة ... عندما حضرت صباح اليوم التالي وجدت جهاز كمبيوتر في مكتبه وقال لي انا مارق مشوار اتصل على الزميلة دي خليها تجي وبعدين خليها تشيل هذا الجهاز ... اعلم بان لعابدين بيت في السكن الشعبي تنازل عنه لمحتاج وبدون مقابل ... ويعلم الكثير من زملاء وخاصة حاتم قطان الدور الذي يقوم به عابدين في صيانة بل وبناء مساكن بعض الزملاء ومن الاشياء التي اذكرها جيدا كانت هنالك ندوة في بحري وكان المتحدث فيها احد قادة حزبنا وبالصدفة كنت اجلس في الصف الثاني خلف الزميل المتحدث ولاحظت ان ملابسه نعم نظيفة لابعد حد ولكنها مهتره في ونسة الصباح حكيت لعابدين ذلك لم يعلق ... وعندما حضرت اخر اليوم وجدت كمية من الاكياس تفوق ال 30 كيس عليها علامة المسرة للاقمشة وسالني خياطة الجلابية بكم والعراقى والسروال قلت ليهوا على ما اعتقد كذا قال لي خلاص دي تدفعها انت قلت ليهوا الحاصل شنوا قال لي كلام امبارح هذه الاكياس في كل كيس 3 جلاليب و3 عرايق و3 سراويل وعمة وشال ماشة لفلان وفلان حددهم بالاسم لانوا انا متاكد ما حا يكون عندهم حق الخياطة ..... من مشاهداتي في مكتب عابدين في بداية كل عام دراسي كمية من الكتب والكرسات واضح انها لمدرسة كاملة عرفت بعد ذلك انها ترسل لقريته امبكول .... في مكتبه في الفترة الاخيرة قبل رحيله اشاهد شخص يحضر ويحمل اوراق ويقابل عابدين ويتحدث معه همسا ويخرج الرجل ... يوم رحيل عابدين وبعد دقائق من رحيله نزلت السلم مسرعا قايلني هذا الشخص ولم يعرفني سالني يا ابن العم انا عايز الغرفة الراقد فيها زول اسمه عابدين صديق ... وعندما اخبرته برحيله جلس هذا الشخص في الارض واخذ يبكي بصوت عالي ابكى الكثيرين .. ونحن نحمل الجثمان ركب هذا الشخص معي في العربة وحكى لي قصته مع عابدين .... بانه قدمه له شخص وهو مريض بالسرطان وتكفل عابدين بكل مصروفات سفره للاردن لاجراء عملية جراحية وذهب للمكتب وعلم من السكرتيرة بان عابدين في المستشفى ... استطيع ويستطيع غيري ان يحكي الالف الحكاوي عن هذا الانسان النبيل النادر اللحظات الاخيرة من حياته ورحيله الفاجع قابلت الدكتور جعفر مالك في عيادته في شارع افريقيا مساء الثلاثاء كمريض .... مقابلة محددة سلفا حيث اعاني من ضغط الدم وكنت اتعالج عنده . عندما دخلت عليه قال لي صاحبك عابدين كان هسع معي وهذه الاوجاع التي يعاني منها في بطنة مجرد التهابات في المصران وعابدين يعتقد بان المسالة اخطر من ذلك ودي مشكلتنا نحن الاطباء مع المثقفين ..(.كنت اعلم ان عابدين كان يشك في وجود اورام سرطانية في بطنه لطول فترة المرض التى استمرت اسابيع )... المهم دكتور جعفر طلب منه اجراء تحاليل طبية وحولوا لدكتور عثمان حسن موسى في مستشفى فضيل ومن ضمن التحاليل صورة مقطعية للجهاز الهضمي ... ذهب عابدين لدكتور عثمان يوم الاربعاء صباحا وعثمان اصر عليه ان يرقد في المستشفى لعمل تحاليل كاملة وقد كان ... ذهبنا اليه في الزيارة وتونسنا عادي ... يوم الخميس تعطل جهاز الاشعة المقطعية في المستشفى وتم الحجز له لعمل الاشعة بواسطة دكتور عثمان في مستشفى البراحة في بحري يوم غدا الجمعة وفعلا تم عمل الصورة ... قابلتنا زوجته اقبال فرحة وتقسم في الحلاوة انوا الصورة نظيفة ولكن هنالك تحجر في الزائدة وسوف يعطى علاجات وبعد ثلاثة اشهر تزال الزائدة ... ذهبنا ونحن مطمئنين عليه تماما حتى هو كان يقرأ في الجرايد ويناقش ويطمئن ممن معه بانه بالف خير .... السبت حضرنا معي صديق له من القضارف حوالي الساعة 4 عصرا اقبال قابلتني في باب الغرفة قالت لي عابدين يشتكي من الم في يده اليسرى ... اسرعت للطبيبة المناوبة واخبرتها وطلبت منها اخطار دكتور عثمان حسن موسى .... حضر الطبيبة وقاست الضعط ووجدته مرتفع جدا سالت عابدين ان كان بلع حبة الضغط اجاب نعم لكن بلعتها متاخر شوية عن مواعيدها المهم الدكتورة لم تشعرنا بخطورة الموقف ...واتعاملت كأن المسالة عادية ... في هذه الحظة حضر عبدالحميد علي ودكتور الكنين وصديق يوسف وحاج الزاكي ... تحدث دكتور كنين مع عابدين يا زول في شنوا تاني عابدين قال ليهوا والله يا قطيعة شديييييييييدة ياذبحة.. انا انزعجت جدا من ذبحة دي وخرجت للدكتورة واصريت عليها لابد من احضار اخصائي وان تتصل ايضا بدكتور عثمان للتصرف ....فعلا خرج هؤلاء الزميل لان الغرفة كانت تعج بالزوار وخرجت معهم وتاكدة انو دكتور عثمان في الطريق وانا راجع بعد ان ذهب هؤلاء الزملاء وقبل ان ادخل الغرفة خرجت اقبال وهي تصيح الحقنا الحقنا عابدين ...عابدين .. في هذه الحظة دخل دكتور عثمان حسن موسى منزعج مالكم في شنو ودخل الغرفة واخرجنا الزوار وريت دكتور عثمان يضغط بيديه على صدره ... حملناهوا علي نقالة للعناية المركزة ... فجاءة نظرة لعيني دكتور عثمان ووجدتها ملى بالدموع وتاكدت من الفاجعة ... رحل عابدين ....وكل هذه التفاصيل لم تتعدى ال20 دقيقة ............... يا رفيق لما العجلة وانت الذي تنجز كل مهام حياتك بتروي .... رغم مرور ثلاثة سنوات وثلاثة اشهرعلى رحيلك الفاجع ... عندما اتذكر هذه اللحظات لا اتمالك نفسي ... بفقدانك يا زميلنا الحبيب فقدنا انسانا نادرا وبطلا من ابطال شعبنا وهب حياته من اجل واقع افضل لجماهير هذا الشعب الذي احبه وامن به ... لك ارحمة يا عابدين ... ولك دعوات المئات من مسحوقي شعبنا الذين عرفتهم وعرفوك انسانا نبيلا شهما ......