|
Re: تعليقات مهمة على خطاب اللأستاذ فتحى الضو حول تجربة التجمع (Re: طلعت الطيب)
|
Quote: وفي التقدير أن الظروف الحالية التي يمر بها الوطن تحتم على كل الوطنيين المخلصين والحادبين على مصالحه، الشروع العاجل فوراً في بناء تحالف سياسي عريض، ويمكن التمهيد له بحوار موضوعي جاد، يهدف إلى تقريب المواقف المتباعدة وتذليل الصعاب الماثلة، ولسنا في حاجة للقول إنه سيكون بمثابة صمام الأمان الذي يمكن أن يقلل من الأخطار المُحدقة، وهو الذي سيكون مؤهلاً لقيادة المسيرة نحو الإطاحة بالعصبة الحاكمة وتقصير معاناة الشعب السوداني، ومن ثمَّ تأسيس الدولة المدنية الديمقراطية! بيد أننا لابد من الوضوح والصراحة بالتأكيد على أن الوصول إلى مثل هذا المشروع لن يتأتي ما لم نضع في الاعتبار القضايا التالية: أولاً: كلنا يعلم أن تجربة التجمع الوطني الديمقراطي قبرت دون تشييع من قِبل الذين كانوا لحمتها وسداتها، وهو أمر لا يجافي الأعراف والمناهج والسلوكيات الديمقراطية فحسب، وإنما يندرج تحت باب الإهمال الذي يستوجب حساباً عسيراً. لم تكن تلك التجربة نزهة حتى تنتهي بإنتهاء المشوار، ولكنها كانت تجربة عظيمة استهلكت وقتاً ليس باليسير وجهداً ليس بالقليل، وفيها أرواح بُذلت وأموال قُبضت ومواقف سُجلت، ينبغي أن تُعرض على بساط الشفافية والصدق طالما أنها تحدثت باسم الشعب السوداني. من جهة أخرى كلنا يعلم أنها تعدت الإطار الجغرافي السوداني، وانداحت لتشمل بعض دول الجوار الإقليمي، وبعض دول العالم كذلك. إذاً فالواجب الوطني يحتم على الذين تسنموا فيها المناصب عقد مؤتمر ختامي يُشرح التجربة بشكل لائق، تُنصب فيه موازيين الحساب والمحاسبة على بساط العدل والصدق والشفافية، وهو ما نعده أمراً حتمياً لن يسقط بتقادم السنين، ولن ينطوي بتراكم القضايا، وعليه يمكن القول إن أي حديث عن تجربة جديدة لا يخضع القديمة للأسس التي ذكرناها، سيكون محكوم عليه بالفشل حتماً! ثانياً: من الناحية النظرية يمكن القول إن بعض أدبيات مؤتمر القضايا المصيرية ما زالت صالحة زماناً ومكاناً، ولكن بقليل من التشذيب والترغيب، وكلنا يعلم أن أهم القضايا التي عولجت في ذلك المؤتمر كانت قضايا تقرير المصير والدين والدولة وآليات النضال ضد النظام الديكتاتوري، بما يعني أن هذه القضايا ما زالت تشكل نصف المسافة نحو تأسيس مشروع تحالف سياسي عريض، بغض النظر عن أن النظام القائم - برعونته المعروفة - عبث بقضية تقرير المصير كما يعبث (الديك بالعِدَّة) لكن لا ينبغي أن يقعد ذلك المخلصين عن بلوغ الغايات العظيمة، فما يزال في نهاية النفق ثمة ضوء يمكن أن ينير العتمة، ويُصلح واقع الحال، بعيداً عن سحب التشاؤم التي تراكمت وجبال الاحباطات التي تطاولت من ممارسات الطغمة الحاكمة! ثالثاً: يمكن القول أيضاً إن قضية الدين والدولة التي وضعت الوطن كله في كف عفريت أصبحت في حاجة مُلحة لوضوح كامل، وفي هذا الصدد نعتقد أن ممارسات النظام الشائهة ستساعد فعلاً على استنهاض صيغة مؤتمر القضايا المصيرية، والتي أكدت على ضرورة الفصل التام بين الدين والدولة أو الدين والسياسة وفق ما ورد في مواثيق التجمع. نقول ذلك من أجل الحفاظ على ما تبقى من الدولة، بل الحفاظ على الدين نفسه، بالابتعاد به من المتاجرة والتلاعب والاستغلال البشع. رابعاً: إن كانت تجربة التجمع الوطني الديمقراطي قد فرضت عليها الظروف التمدد والتضخم خارجياً، فإن أي تجربة مماثلة يجب أن تضع في الحسبان ضرورة ولادتها داخلياً، حيث أن التداخل والتقاطعات والمصالح الإقليمية والدولية تفرض أحياناً واقعاً قسرياً، وليس سراً إنها ساهمت في تعقيد كثير من القضايا، وعلى رأسها المصير نفسه الذي حاق بتجربة التجمع برمتها. خامساً: في التقدير أن أكثر ما ساهم في تحنيط التجربة الماضية وعدم الوصول بها إلى نهايتها المنطقية، تمثل في إزدواج المواقف وتغليب المصالح الذاتية على الحزبية، وتغليب المصالح الحزبية على الوطنية، وتعلمون أن هذه الأنانية وذاك التردد هو الذي أطال عمر النظام، وزاد من معاناة الشعب السوداني، وباعد بين الناس والوصول لمشروع تحالف سياسي عريض، لهذا فإن هذه الملاحظة تحديداً تتطلب وضوحاً وصراحة وعدم الركون إلى اللامبالاة والإهمال والتسيب، حتى لو تطلب الأمر بتر الأعضاء الفاسدة! يمكن القول إن هذه خطوط عريضة قد تصلح لتكون معينات للانطلاق إلى آفاق أرحب وصولاً إلى الهدف المنشود في تأسيس كيان وطني جامع يؤطر لجبهة أو تحالف سياسي عريض، ويكون ترياقاً لوطن يعصمه من احتمالات إنهيار درامي في ظل العصبة ذوي البأس الحاكمة، والتي اتّضح بما لا يدع مجالاً للشك إنها غير عابئة حتى لو تفتت هذا الوطن إرباً إرباً، ولن تكترث وهي تتمادى في تسلطها ولو كان ذلك على جثة آخر مواطن! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|