2- سمعتم انه قيل تحب قريبك و تبغض عدوك اما انا فاقول لكم احبوا اعدائكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم صلوالاجل الذين يسيئون اليكم و يطردونكم. (متى 43,44:5) (يسوع المسيح)
4- "الإضينة دقو وأعتذرلو" (سورة الشعب، آية العقاب) أي إستعادة إرث ما قبل اليهود (دائرة الكون الشريرة).
في هجاء "الإضينة دقو وأعتذرلو" "الإضينة دقو وأعتذرلو" مثل سوداني شهير تلهج به الألسن الغاضبة كل يوم. وفحوى هذا المثل هو التحريض على فعل "الشر" إذ مكنونه يقول أن المعتذر عن الخطأ او الخطيئة ما هو سوى مستهبل كونه يفترض السذاجة في الطرف الآخر ويضمر الإحتقار مقدمآ للمعتذر له من الناس فما هو سوى "إضينة". وعليه يصبح الإعتذار نفسه متهم ويكون مثله ومثل "الدق". إذ أنك تضرب فيزيائيآ " تدق" أو معنويآ "تهين" الزول الحقير من وجهة نظرك وتعتذر له كونه "إضينة" مرة ثانية في وجهة نظرك "دقة جديدة أخرى أشد فتكآ بالكرامة من الأولى"!. وعليه، لا خيار أمام "الإضينة" إلا أن يأخذ حقه بيده ولا طريق آخر، لا تصالح أو مصالحة أو وفاق ولا لجان حقيقة ومكاشفة أو أجاويد ينفعون. لا شيء محتمل في الأفق غير الرماح. فالإضينة يعتبر نفسه إنسان لا إضينة لكن هذه "الأضانة" لا تنتفي وتظل تتلبسه كظله ما لم "يتسدى" يأخذ حقه بيده بالتمام والكمال وقسط الإنتقام المثالي ان يكون زيادة على ما وقع عليه في المبدأ. فأن صفعه أحدهم بالألم " كف" هو يرد بكف وشلوت وبنية. وليس ذاك فحسب بل ربما طالب من بعدها بالإعتذار من الطرف الأول. والقصة ربما تنتهي هنا وفق إسطورة القصاص. ويا دار ما دخلك شر.
غير أن هناك مأزق عظيم إن حدث وأن كان المعتدى عليه لا يود أن ينفي عنه "الأضانة" فحسب بل يريد أن يثبت بأنه "أبو عرام" فعند هذه الحتة تتعقد الأمور بدرجة تستعصى على العلم والخيال. ولكم هنا أن تسمعوا مني حكاية رجلين من بلدياتنا رواها لي أبي يومآ من الأيام. وهي قصة رجلين جارين تحاربا 57 سنة (أكثر من نصف قرن) لمجرد أن يومآ ما جاء أحدهم "س" شاب صغير فقير ومعدم منتصف الليل وهو سكران "عرقي بلح حر" وجائع فما كان منه إلا أن أتى تلصصآ بليلته تلك وأخذ دجاجة من دجاجات جاره "ص" فذبحها وتعشى بها. وعندما علم "ص" بوسائله الخاصة عند الصباحات الباكرة بالحادثة أعتبرها إهانة بالغة لا تغتفر ووجبت العقوبة الصارمة لفاعلها.
غير أن "ص" فيما يبدو كان يضمر سلفآ إحتقارآ أصيلآ ل "س" في سريرته ويعتبره من غير اللائق به التعارك معه (كتيره عليه الشكلة ذاتها)، إذن مبدأ "ص" أن لا يتشاجر أو يبارز إلا الفرسان من شاكلته وهو يعتبر "س" في منتهى الوضاعة و في مرتبة النساء من حيث الهمة القتالية والكرامة الإنسانية والشرف، فالرجال العشائريون "الفرسان" لا يقاتلون النساء في المعتاد.
لكن مرة ثانية فإن "ص" لم يقبل أي إعتذار من "س" الح-قير كونه في الأساس لا يتحدث مع شاكلة قوم من ثلته وعليه فقد إستمرت معضلة "الدجاجة" دون حل لمدة 57 عامآ. ف "ص" لم يأخذ حقه بأي وسيلة من الوسائل: لا على الطريقة اليهودية "سن بسن" وزيادة ولا لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب وفق الإسلام ولا على الطريقة المسيحية "عفو" ولا على الطريقة البلدية "جودية" كما أنه أيضآ لم يقبل إعتذارا فهو يرفضه مبدءآ . حتى وافت أحد الرجلين المنية بعد عمر طويل. غير أنه بموت أحدهما أو موتهما معآ في النهاية لم تنتهي القضية!. لقد إستعادا إرث ما قبل اليهود (دائرة الكون الشريرة). إذ تلك الدجاجة تحولت إلى إرث أسري عتيد حمله البنون في ضمائرهم كراهية عمياء لبعضهم البعض وربما أورثوها أحفادهم دون أن يذكروا أو يدركوا أن الأمر كان مجرد دجاجة صغيرة كانت عشاء لشاب صغير ومعدم ودون أن يكون هناك أفق للحلول العاقلة ولا الحوار. تلك هي الصورة الخارجية. ربما كان الأمر في باطنه معقدآ أكثر من هذا!. ربما كان "س" أصلآ لا يود الإعتذار عن عشائه وحري به أن يدافع عن خطيئته كالأسود االضارية في مواجهة "ص". لا أحد يعلم على وجه الدقة. لكن ذاك ما حدث في معترك الحياة.
وحكاية أخرى حقيقية عند هذا المنحنى، عندي إبن خال كثيرآ ما ردد مفاخرآ، بأنه: لم يعتذر ولا مرة واحدة طوال حياته عن خطء أقترفه كما أنه لم يقبل إعتذارآ من كائن من كان ولا مرة واحدة طوال حياته. وكثيرآ ما ردد "معليش ما بتوكل عيش".
لماذا وكيف يحدث هذا؟. تابعونا لطفآ في الحلقة المقبلة والأخيرة من جزئية ( في هجاء "الإضينة دقو وأعتذرلو") من سلسلة "شكل".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة