|
Re: النمو الاجتماعي والعاطفي وعلاقته بالتعليم (ملخص) . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
د. عبدالعزيز محمد الحسن اعترف بجهل جزئى لى وانا طالب فى جامعة الخرطوم عندما كنت اشعر بالنخبوية عن بقية المجتمع , واحياناً الان اصل الى قناعة ان جامعة الخرطوم هى جزء مما يحدث الان فى السودان حيث انها قامت بتعزيز مفهوم النخبة , وهو مفهوم غير قائم على اى حق بل حتى كان بيننا صراع نحن قسم علم النفس فى اداب والأخرين فى قسم النفس فى كلية التربية , ومع الخبرة فى الحياة تتغير الكثير من المعانى , المشكلة هى مشكلة اساسية فى التكوين النفسى للانسان السودانى . فى السنة الاولى للمرحلة الابتدائية كان من يقوم بتدريسنا هو مدير المدرسة بنفسه , وكنا وقتها نندهش لان المدير من المفترض ان يقوم بتدريس الصف السادس , لكن بعدها عرفت ان هذه هى اصعب مرحلة ويجب ان يتم اختيار افضل الاساتذة لها من ناحية التأهيل والخبرة . وعندى اعتقد ان الاضطراب النفسى له علاقة مباشرة بالتعليم , فالانسان يسعى لتحقيق ذاته عندما يمتلك شيء مادى ملموس والتعليم لا يقدم له هذا الشيء فنحن نشهد تدهور مُريع فى مُجمل العملية التعليمية عندنا , بل حتى الشكوى من تدهور التعليم نجدها فى دولة مثل الولايات المتحدة رغم اعتقاد البعض ان امريكا بها افضل نظام تعليمى فى العالم . لقد حدث الاهمال التام للانتباه فى العملية التعليمية للنمو النفسى والاجتماعى للانسان فى السودان , ولاهمية هذا الجانب فقد ظهرت فى مصطلحات التربية تعابير الذكاء العاطفى والذكاء الاجتماعى , ومن الأشياء اللافتة للنظر ان اشهر الاطباء مثلاً على الساحة الان ليسوا هم من كانوا من اوائل دفعتهم عند الدراسة , وبهذا فان ما يحقق معيار النجاح ليس هو الذكاء الاكاديمى وليس التفوق الاكاديمى هو ما يقود الى التفوق المهنى , ففكرة الذكاء العاطفى والاجتماعى فرضت نفسها على الباحثين فى دول الغرب حيث شعروا ان هناك نواقص فى العملية التعليمية من ناحية النمو العاطفى والنفسى . نحن هنا فى السودان لدينا فقر شديد فى البحوث النفسية الخاصة , والبحوث هنا هى فقط لنيل درجات اكاديمية او ترقيات وظيفية وليس من اجل البحث نفسه , دائماً كنت اطرح سؤال يتعلق ببروز الفرد السودانى بشكل ناجح فردياً , ولا يظهر هذا التميز والناجح بشكل مؤسسى جمعى ؟ رغم وضوح دور المؤسسية فى دول الغرب ورغم انها طريقنا للنهوض , هذا جانب نفسى يحتاج للبحث المتعمق . هناك ثقافة الان فى العالم تتحدث عن تكريم الطفل ليس لمجرد انه احرز المرتبة الاولى فى الامتحان حيث انها ثقافة تقول انه يجب تكريم الطفل للمجهود وليس للنتيجة وهى مدرسة قامت ضد المدرسة التقليدية القائمة على التحفيز والعقوبة , وفعلاً هل فكرة التحفيز للنتيجة هى تربوية ؟ . يحدث عندنا العكس عندما يتم الاهتمام بالطالب النابغ من قبل الأستاذة ووسائل الاعلام المختلفة , بينما كان من المفترض ان يحدث العكس , ان يتم الاهتمام من الاساتذة بالطالب المتأخر فى الترتيب (طيش الفصل) حتى يتم التقييم الواجب وحتى تكتمل دائرة مسئولية التعاطف الاخلاقى معه ولنعرف هل له مشاكل أسرية او نفسية تمنعه من التقدم . واحدة من الاشياء الهامة التى نحتاج ان نزرعها فى الطفل هى التواجد او التعاطف , بمعنى المقدرة على تفهم افكار ومشاعر الاخرين , من خبرتى فى الحياة اعتقد ان جانب كبير من مشاكل العالم يتركز فى فقد التواجد او التعاطف مع الاخرين , هناك مشكلة الان فى نفسية الطالب السودانى فى المراحل الابتدائية او المراحل المتقدمة , مشكلة فقد التعاطف والفهم مع الأخرين . أسمع الان حديث كثير حول (اليوسى ماس) , رغم الجوانب الايجابية له فان لى فيه نقد لانه حديث له علاقة مباشرة بالنمو العاطفى , فهو غير انه قد اصبح تجارة فان نظريات تقول انه يقوم بتنشيط الشق الايمن من الدماغ , وهذا الشق له علاقة بالاحساس وتفهم الكليات وهو يقوم بتكملة وظيفة الشق الايسر , واهل (اليوسى ماس) يعتقدون انهم قادرين على تحفيز مزيد من الابداع , ربما يكون هناك حق فى هذا الكلام لكنه يتناقض مع حقائق علمية ظهرت مؤخراً , فشخص مثل بروف (دايفدسون) وهو متخصص فى مجال ماذا تفعل المشاعر الايجابية فى دماغ الانسان , وهو يعتقد ان الشق الشمالى من الدماغ هو المسئول عن المشاعر الايجابية مثل الفرح والعطف والايثار والعفو او ما يُعرف بعلم النفس الايجابى , وهذا العلم يتعارض مع فكرة (اليوسى ماس) ومقدرتها على خلق الابداع فى الذهن بواسطة الشق الايمن . التحدى الاكبر بالنسبة لنا الان هو وجود منهج تعليمى محدد للنمو العاطفى والاجتماعى والاستفادة من التجارب والبحوث التى تمت فى الدول المختلفة . من الاشياء الايجابية فى المملكة العربية السعودية حيث اعمل الان , لا توجد مدرسة تخلو من المرشد الطلابى , والمرشد لا تقل اهميته عن الاستاذ فى حالات لطالب جاء للمدرسة بدون وجبة الافطار وترك والده سكران فى المنزل بعد ان قام بضرب امه , ودور المرشد هنا هو التقليل من فرص تطور المشكلات النفسية والاجتماعية للطالب باكتشافها مبكراً قبل ان تستفحل وتقوم بالتأثير على اداء الطالب , فى السودان اعرف ان هناك ضعف فى العدد وفى الفكرة نفسها وفى التدريب , واعتقد انه بعد تدريب المعلم نفسه بصورة كافية وعلمية فان دور المرشد الطلابى سيكون ثانوى وليس اساسى . عند وضع المناهج فى السودان لا نجد متخصص واحد يحمل درجة الدكتوراة فى علم النفس الاكلينيكى يقوم بالمساهمة فى وضع المنهج رغم اهمية هذا الجانب .
|
|
|
|
|
|