فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-29-2024, 00:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-07-2012, 09:37 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 (Re: الكيك)

    مع علي الحاج في مهجره... «
    ا نشر بتاريخ الأحد, 03 حزيران/يونيو 2012 07:14


    حاوره في ألمانيا : رئيس التحرير

    في ضاحية «بادغوديزبيرغ» التي تبعد عشرة كيلومترات تقريباً من وسط مدينة بون العاصمة السابقة لألمانيا الغربية، وفي عمارة من أربع طبقات تتكون من عدة شقق سكنية، في الطابق الأول قبالة المدخل الرئيس توجد شقة متوسطة الحجم، يعيش فيها مع أسرته، الدكتور علي الحاج محمد، نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي المعارض والقيادي الإسلامي المعروف، الذي هاجر لألمانيا عقب الانشقاق الكبير للحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني قبل اثنتي عشرة سنة واختارها منفاه لخريف عمره السياسي ...

    استقبلنا د. علي الحاج بحرارة عند مدخل العمارة في هذه الضاحية الهادئة التي كانت مقر سكن الدبلوماسيين الأجانب أيام ألمانيا الغربية قبل عودة العاصمة لبرلين عقب توحيد الألمانيتين.
    كان الرجل بشوشاً للغاية، مرت سنوات طويلة لم أره فيها ، كان يرتدي بنطالاً أزرق اللون، وقميصاً بخطوط طولية بيضاء على زرقاء، غزا الشيب مفرقيه، كأنه غبار الحياة ... لكن ابتسامته لم تفارقه رغم أنه كان يتلقى منّا العزاء في وفاة شقيقته...


    دلفنا داخل الشقة البسيطة الأثاث، في صالون الاستقبال الرئيس، توجد مكتبة ضخمة على اليسار، فيها أمهات الكتب الدينية وعدة مصاحف، وكتب وأوراق خاصة وملفات كثيرة، وضعت على الأرفف بعناية فائقة، إلى اليمين ونحن نتجه نحو مقاعد الصالة، يوجد شبه ممر جانبي صغير يستخدمه مكتباً للكتابة والقراءة ومراجعة أوراقه، وعلى طاولة صغيرة أيضاً توجد نظارة قراءة وبعض متعلقات خاصة.. أمام مقاعد الجلوس طاولة كبيرة عليها أواني وأباريق الشاي والقهوة وسلة فاكهة، وامتلأ المكان بضحكات الرجل المعروفة وتعليقاته الفورية وأسئلته الملحاحة عن الأوضاع في البلاد والأهل والمعارف والأصدقاء.. وهو حاضر الذهن والبديهة متقد الذاكرة.. رغم أن بريقاً غامضاً في عينيه يمعن في التأكيد أنه يشعر بحنين جارف لبلده وناسه.


    كل مداخل الحديث كانت سهلة للغاية.. وكل شيء يفتح ألف باب للحوار، تركت الأمور تسير بتلقائيتها وتداعيها الطبيعي قبل أن نشرع في الحوار... تناولنا معه مختلف قضايا السياسة ما سبق منها وراهنها الحالي من العلاقة بين السودان وجنوب السودان ودارفور ومستقبل الأوضاع في البلاد وأسباب غيابه الطويل وموانع عودته...
    ثمة ملاحظات سريعة على علي الحاج في مهجره... حفظ القرآن الكريم، وتعمق في دراساته حدثنا طويلاً عن القراءات والروايات المختلفة ومقارناتها من المغرب وموريتانيا وليبيا ومصر وغرب السودان وحفظه لأجزاء من القرآن الكريم على يد الشيخ أحمد الربيع بنيالا رحمه الله، وأبدى ملاحظات على القراءات في دارفور وكيف حفظ الناس القرآن في الصدور، وعرفوا رسم المصحف وهم لم يروا مصحفاً مطبوعاً إلا في نهاية أربعينيات القرن الماضي في طبعة الملك فاروق، وقال آراء كثيرة في هذا الجانب ويحتفظ بكتب ومصاحف بالروايات والقراءات المعروفة والمخطوطات النادرة.


    زادت قناعاته لدرجة لا يوصف حدها، بأهمية الحريات العامة والثقافة الليبرالية والديمقراطية، ويبدو أن تجربته الطويلة في الغرب، جعلته ينظر وفق مراجعات فكرية وسياسية للسودان منذ عهد الحكم الوطني حتى اليوم عبر منظار نقدي صارم، أفاده في استخلاصات ختامية مفادها أن الحرية لا غنىً عنها في التطور السياسي والحكم الراشد.
    من منصة خارجية ينظر للأوضاع في السودان ويجمع معلومات من مصادر شتى، مما أتاح له تقييم ما يجري بأدوات تحليله الخاصة ويصل لما يراه صواباً حين يبدي رأياً.
    يكتب في هذه الفترة مذكراته الشخصية عن أحداث عاصرها، وأخرى شارك فيها وتفاعل بها، وأوضاع كان في لبِّ صناعتها، وتحولات وتطورات كانت له يد فيها ورموز وشخوص عامة عاش معها ورافقها وعمل معها وراقبها عن كثب.. لذلك تجده حاضر المعلومة لا يتحدث إلا بتواريخ وتوثيقات دقيقة يذكر فيها الساعة واليوم والشهر والسنة، وكأن ما عاشه وهو يتخطى عتبات السبعين.. كتاب مفتوح أمامه.

    قلت له ونحن نشرع في الحوار معه:

    > من أين نبدأ؟ القضايا بعدد الرمل، والمشهد المفتوح من أوله لآخره، بكل أستاره وغيومه وسطوعه ونجومه وتعرُّجاته، يجعل من فسيفساء الحديث تتناثر في كل اتجاه..


    رد عليّ رداً مفاجئاً بسؤال:
    < قبل الحديث عن كل شيء لابد لي من الحديث عن صحيفتكم التي ساهمت كما أرى في ما حلّ بالسودان وكثير من الناس يرون أنها قادت خطاً عنصرياً.. فهل كنتم ضد الجنوبيين كعنصر؟
    > قلت له:
    < نحن لم نقدِّم طرحاً عنصرياً قط، نحن ضد المشروع السياسي للحركة الشعبية وقلنا آراءً حول نيفاشا وطالبنا بسلام عادل وإعطاء الشماليين حق تقرير المصير مثل الجنوبيين ودعونا لفصل الشمال عن الجنوب، وليس الجنوب عن الشمال.
    «قال بجدية»:
    في تاريخ الشعوب والأمم هناك قضايا حساسة وخطيرة في مقدمتها أن أي طرح من هذا النوع يفسّر على أنه عرق ضد عرق أو جنس لا يؤخذ إلا بالصورة التي رآها الناس له، ولدي معرفة كاملة بالصحيفة ومؤسسيها مثل صلاح أبو النجا وعبد الوهاب عثمان والطيب مصطفى وغيرهم لكنني أنظر لما أحدثته في واقع ومستقبل السودان... هي ومنبر السلام العادل...
    قلت له:
    > لندع الصحيفة والمنبر فقد قارب الحديث عنهما من نقاط رئيسة في مفتتح حوارنا، وهي قضية السلام في السودان التي كانت تبدأ بالجنوب وتنتهي عنده، وأنت مخزن أسرار في هذا الملف، ولنعطِ صورة عامة ما هي قصة ومشروع السلام في السودان في عهد الإنقاذ ومراحلها وقبلها ومآلاته؟؟


    < « اعتدل في جلسته... ونظر أمامه كأنه يحدق في أفق بعيد...»
    هذه قصة طويلة... طويلة، ومن العسير أن يكون هناك تقييم شامل، ومن المفارقة الكبيرة أن مشروع السلام كانت توجد فيه أدبيات ومرجعيات للحركة الإسلامية، كانت هناك خطة مكتوبة للحركة الإسلامية منذ العام 1982م قبل تكوين الحركة الشعبية، وكُتبت هذه الخطة...
    > من كتب هذه الخطة؟
    < كتبها عدد من مفكري الحركة الإسلامية ونُوقشت في منزل علي خضر كمبال في مدينة النيل في هيئة الشورى في زمن نميري وحضرها عدد من قيادات الحركة الإسلامية العالمية مثل مصطفى مشهور وعدنان سعد الدين وقيادات التنظيم العالمي...
    > ماذا تحمل الخطة من محاور آنذاك؟
    < فيها كل شيء عن الجنوب وماذا نريد منه وكيفية كسبه لصالح الإسلام وتنميته وعلاقاتنا به بإنسانه، ووضعنا فيها جملة من مستهدفات إستراتيجية حول الجنوب؟ ما واجبنا وكيف نحل قضيته ونكسبه؟... وسرنا على هدي هذه الخطة قبل الإنقاذ... كانت لدينا خطة ومنهج للتعامل مع قضية الجنوب فيها مرتكزات أساسية، وأي شخص يعتقد أنه لم تكن هناك خطة فهو لا يعرف شيئاً.
    > وبعد الإنقاذ؟
    < في بدايات الإنقاذ كنت أنا مسؤولاً عن هذا الملف قبل الإنقاذ وبعدها، كنا نمضي في ذات الخطة وصممنا مشروع السلام على هدي مرجعيات الحركة الإسلامية وأدبياتها وسرنا في هذا الدرب وبدأنا بالفعل مفاوضاتنا مع الطرف الآخر في أديس وكينيا وأوغندا وأبوجا، وكانت هناك أبوجا الأولى والثانية في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وكل شيء موجود وموثق رغم وجود خلافات في وجهات النظر من هنا وهناك داخل التنظيم، حتى جاء العام 1994 الذي حدثت فيه تحولات ومسارات أخرى غيّرت كل شيء حتى في مسار الإنقاذ نفسها بالنسبة إليّ.
    > ماذا حدث في هذا العام بالتحديد؟
    < حدث خلاف كبير في هذا العام حول السلام نفسه، كان هناك من لا يرغب في السلام ويعتقد أن قضية الجنوب تحل عبر الحل العسكري فقط... والغريب أن المجموعة التي صنعت نيفاشا لاحقاً هي ذات المجموعة التي كانت لا ترغب في السلام آنذاك.
    > ما الدليل على هذا القول؟
    < أقول لك.. في يوم الأحد 31يوليو 1994، بعد الانتهاء من اجتماع لمجلس الوزراء وكنت عائداً من نيروبي بعد مشاركة في اجتماعات للإيقاد، بعد الجلسة استوقفني الأخ علي عثمان وهو وقتها نائب الأمين العام للحركة الإسلامية ووزير التخطيط الاجتماعي آنئذ، وقال لي «يا علي.. الجماعة منتظرنك في مكتب عوض الجاز..» وفهمت منه أن إخواننا التنفيذيين المسؤول عنهم الأخ عوض الجاز وهو مسؤول الأجهزة العسكرية والأمنية في التنظيم ووزير شؤون رئاسة مجلس الوزراء، يريدون تنويراً عن مسار السلام والمفاوضات وكنّا في تلك الأثناء نتفاوض عن وقف لإطلاق النار بمبادرة من قرنق، والقوات المسلحة كانت متقدمة ومنتصرة ولم يتبقَ لها إلا نمولي فقط.
    وذهبت للاجتماع وكنت أتوقع أن يكون الأخ علي عثمان حاضرا هو أيضاً الاجتماع.. لكنه لم يكن موجوداً بل وجدت كل قيادات الدولة الأمنية والعسكرية والشرطة والقيادات التنظيمية والسياسية في هذا الاجتماع ولم يغب عن قيادة الدولة سوى الرئيس والشهيد الزبير ــ رحمه الله ــ وعلي عثمان ومحمد الأمين خليفة وشيخ حسن، المنظر كان فيه حشد للناس وكثير منهم جلوساً على الأرض لعدم سعة المكتب وعوض الجاز كان مترئساً الاجتماع.
    > مقاطعة: ما الغرض من هذا الاجتماع؟
    < كنت أعتقد أنه تنوير عادي.. لكن وجدت نفسي أدافع عن مقترح وقف إطلاق النار الذي طُرح مرتين، مرة بعد اللقاء مع قرنق في عنتبي فبراير 1993 وكان معي الشهيدان أبو قصيصة وموسى علي سليمان وقدم قرنق مقترحاً لوقف إطلاق النار، وجيشنا كان في «أشوا..» يقترب من نمولي، والمرة الثانية التي نحن بصددها في هذا الاجتماع، مقترح من الرئيس البشير نفسه، طرحه أمام مليسا ويلز مندوبة الرئيس الأمريكي لشؤون السودان، التي زارت السودان قبل أن تذهب لحضور قمة الإيقاد في ذلك الوقت واجتمعت بالرئيس وطرح لها في اللقاء المقترح باستعداد الحكومة لوقف إطلاق النار.
    وكانت الفكرة التي تحدث بها في الاجتماع بمكتب عوض الجاز بمجلس الوزراء، أننا بعد الموافقة على وقف إطلاق النار يجب أن ندخل في اتفاقيات سلام مع الفصائل الجنوبية الأخرى لأن قرنق لن يأتي بسرعة ويجب أن نحقق الأمن والاستقرار في الجنوب مع التفوق العسكري الذي كان لصالحنا.. وقلت لهم الحرب انتهت... لم يبقَ لنا غير نمولي.. لكن فوجئت في الاجتماع أن إخواننا وبينهم عوض الجاز والقيادات العسكرية والشهيد إبراهيم شمس الدين ــ رحمه الله ــ رفضوا الفكرة وقالوا إن الحرب يجب أن تستمر ولا جدوى من السلام.
    > ماذا فعلت خلال وبعد الاجتماع؟
    < شعرت أنني تحولت لمدافع عن فكرة وتوجه وسياسة كان متقفاً عليها.. وأن الإخوة في الاجتماع ضد ما نقوم به من جهد من أجل السلام، أنا ومن معي ومن ذهب شهيداً في تلك الفترة.. وقالوا لي في الاجتماع: كيف تطرح وقف إطلاق النار؟ ولماذا؟ وأثاروا قضايا مختلفة كل مؤداها أن خطة السلام غير مقبولة بالرغم من أنها كانت خطة وسياسة متفقاً عليها..
    > متفق عليها مع من؟
    < بالطبع كل قيادة الدولة والتنظيم، فمشروع وقف إطلاق النار في ذلك الوقت والتمهيد للسلام كنا متفقين عليه الرئيس وشيخ حسن وعلي عثمان وغازي وبقية الإخوة ذوي الصلة بهذا الملف.
    > ماذا حدث بعد ذلك؟
    < خرجت من الاجتماع بأن هذه المجموعة التي تشكل مركز قوى ترفض توجهات السلام، وسألت بعدها الرئيس لأنه كان متفقاً معي حول خطوات وترتيبات إدارة ملف السلام ومسألة وقف إطلاق النار.. لكنه قال لي «هؤلاء إخوانك الأفضل أن تقنعهم أنت لأنني لو تدخلت وهم عسكريون سينصاعون دون قناعة وأنا رئيسهم، فالأفضل هو كسبهم لصالح الموقف الراهن بالإقناع والحوار» وسألت علي عثمان أيضاً بعد ذلك، لكني وجدت أن هناك صورة بدأت تتضح لفريقين داخل الإنقاذ، فريق مع السلام وفريق ضده، أو على الأقل ضد الصورة التي كنّا نديره بها، وبدت لي المجموعة التي فيها العسكريون أكثر قوة وتأثيراً ولها فيتو على مجمل القضية.

    > على ماذا كنت تبني رؤيتك وتحركاتك في ملف السلام ألم تكن هناك موجهات مجمع عليها؟

    < توجد موجهات ومرجعيات منها خطة الحركة الإسلامية وما استجد من وقائع وتكيتيكات جديدة وفق الظرف المتطور ومراحل القضية، وكانت لدينا رؤية.. و كنت مقتنعاً شخصياً بأن وقف إطلاق النار في ذلك الوقت يمهد سلام يقوم على أسس صحيحة وتسوية عادلة، لأن الحرب في ذلك الوقت عملياً قد وضعت أوزارها، وكانت حركة التمرد محاصرة في الحدود مع يوغندا في جيب محدود عند نمولي، ولم تكن لنمولي أية أهمية إستراتيجية سوى رمزيتها كآخر نقطة حدودية للسودان جنوباً، وكان يصعب دخولها إلا بالهجوم عليها بالالتفاف عبر الأراضي اليوغندية كما قالت الآراء العسكرية المحضة.

    > لماذا تم رفض المقترح آنذاك الذي يمهد لتسوية من ذلك التاريخ؟


    < للأسف كان الإخوة معبئين ضد أي مسعى من هذا النوع، وكانوا يريدون فقط مواصلة القتال، وكانت هناك آراء أخرى بعدم ذهاب عدد كبير من الناس من الوفود للإيقاد واجتماعاتها وأشياء من هذا القبيل.
    > ماذا فعلت بعد ذلك؟
    < بالنسبة لي كان هذ الاجتماع، أمراً فاصلاً، وشعرت أن كل هؤلاء لا يريدون ما نعمله، وأن قصة السلام لا معنى لها ، والناس تريد الحرب من منطق أننا يجب أن نحقق أهدافاً محددة مثل موضوع نمولي، وبدأت أتساءل مع نفسي: ما الحاجة ليكون هناك مسؤول سلام من الأساس؟.. وحاولت من ذلك اليوم إنهاء علاقتي بملف السلام تماماً لأن ما كنت أقوم به كان مرفوضاً.
    > هل انتهت علاقتك بالملف بهذه الطريقة فقط ولهذا السبب؟
    < تقريباً.. لأنني بعد هذا الاجتماع حضرت في مساء نفس ذلك اليوم اجتماعاً آخر كان فيه الرئيس وشيخ حسن وعلي عثمان، وكنت قد أبلغت شيخ حسن بما تم في اجتماع مكتب عوض الجاز، وسألني عن الصفة التي تحدث بها هؤلاء الإخوة معي، وقلت له إنني لست رجل بروتكولات ورسميات، فقط طلب مني نائب الأمين العام في الحركة الإسلامية أن اجتمع بهم وفعلت.. وأنا مسؤول الملف.. وقلت له إن هؤلاء الإخوة لا يريدون السلام.
    > بماذا رد شيخ حسن؟
    < لم يعلق تعليقاً حاسماً وكان واضحاً أن هؤلاء الإخوة قد سيطروا على كل الأمور.
    > كيف تركت الملف؟
    تركت الملف تماماً ولم أتدخل منذ ذلك التاريخ، وخلال هذه الفترة من 31/7/1994م حتى أبريل 1996 تفرغت للحكم الاتحادي، ولم أتدخل إلا بعد التفاوض مع رياك مشار «مجموعة الناصر» وكان محمد الأمين خليفة وغازي صلاح الدين وأحمد إبراهيم الطاهر وبقية الإخوة يواصلون مع الإيقاد في مشروع السلام، وكثيراً ما كان يطلب مني المشاركة والذهاب مع الوفود لكنني أرفض، وكان هناك لقاء تم تحديده مع رياك مشار في الناصر بالجنوب، فطلب مني المرحوم مبارك قسم الله أن أذهب فرفضت، واقترحت عليه أن يذهب الشهيد الزبير ــ رحمه الله ــ وقد تم بالفعل، ولم أشارك في عمل آخر متعلق بالسلام إلا عند زيارة سرية لرياك مشار ومجموعته للخرطوم في أبريل 1996م وطلب مني الأخ علي عثمان أن أحضر اجتماعاً في نادي الضباط مع وفد حركة مشار، وقبلت بشرط أن يحضر هو هذا الاجتماع وقد كان... وقلت له قبل هذا الاجتماع إنني لست معنياً وحدي بملف الجنوب، ولا هو ملكي فإذا كانت كل جهودي مرفوضة، فلماذا أشارك في عمل كنت قدمته من قبل ورفض؟ وبعد ذلك سارت الأمور دون أن أكون طرفاً أصيلاً فيها.
    > أين خطة الحركة الإسلامية وتدابير الحكومة من أجل السلام؟
    < في هذه الأثناء كانت ملامح المفاصلة قد بدأت تتضح، مع قضايا أخرى تتعلق بالسلطة وتشابكاتها وظهرت المجموعتان المتجاذبتان.. وحدثت حالة من السيولة ضاعت فيها الالتزامات بخطة الحركة الإسلامية نحو الجنوب.
    > أنت كنت قريباً من شيخ حسن، أين هو من كل هذا؟
    < أقول لك بكل صراحة... شيخ حسن في كل ما يحدث تحول لحكم وليس حاكماً... كان يحاول أن يفصل بين منازعات المجموعات المتشاكسة داخل السلطة والحركة الإسلامية.. وأصبح حكماً بين مؤيدي السلام ودعاة الحرب.. وخرج القرار من بين يده للأسف. اما الرئيس البشير فللأمانة كان مع خطة السلام ودعمني بقوة ومقتنعا بجدوها ولكن اراء اخوتنا كانت معيقة .
    > لكن يا دكتور الموقف من ما كنت تقوم به ورفض إخوانك له سببه إبرامك لاتفاق سري مع لام أكول في فرانكفورت في 25 يناير 1992م وموافقتك على تقرير المصير؟؟
    < « أجاب بانفعال»: نعم أنا عقدت هذا اللقاء واتفقنا على تقرير المصير، لكن هل هذا هو عمل خاص بعلي الحاج أم كان توجه الإنقاذ وبموافقة كل إخواننا في قيادة الدولة والحركة؟.. ومن يقول ذلك لا يعرف شيئاً ولم يقرأ شيئاً... تقرير المصير لم أوافق عليه أنا علي الحاج ولا يصح أن ينسب لي، ثم أنا من فاوض حوله وأتيت به من لقاء فرانكفورت، لكن هل كنت وحدي؟ وهل أنا متخذ القرار في البلاد؟ كنت أنفذ ما تقرره القيادة وأفاوض بالنيابة عنها، فلو كان هناك خطأ تم ارتكابه في الموافقة على تقرير المصير لماذا لم يصلحوه أو يلغوه بعدي.. وهل علي الحاج «الجن دا» هو من فعل كل هذه الخطايا ولا يتحملها معه الآخرون.. وهل كان اجتهاداً صائباً أم خاطئاً؟؟
    > هل تتحمل تبعات ذلك؟
    < أتحملها بكل شجاعة... ولكن لا يصح أن يزوغ الآخرون منها.. «يضحك» في حالات الزنقة يتملص الجميع من ما فعلوه.. لكنني لن أهرب من ما اقتنعت به... وبالله عليكم هل بعد كل سنواتنا وعملنا في الحركة الإسلامية التي أفنينا فيها عمرنا لا يذكر لي إخواني أي حسنة واحدة فقط ينسبون لي تقرير المصير؟؟


    سارت عملية السلام من بعدكم يا دكتور.. وانتهت محطتها بنيفاشا واعتُبِرت إنجازاً ضخماً، كيف نظرت إليها وأنت كنت ملمًا بتفاصيل ما كان يدور؟
    < أولاً حتى حدوث وقوع المفاصلة وانشقاق الحركة الإسلامية يؤسفني القول إنه لم يتقرر حتى تلك اللحظة أن يكون هناك سلام حقيقي... والاختلال الذي حدث كان قبل المفاصلة وأدى لعلة كبيرة في نظام الحكم والحركة الإسلامية والتي أقرِّر هنا أنها لم تكن حاكمة بالمعنى الذي أعرفه أنا! صحيح حكم أفراد منها باسمها... كلنا كنا في الحكم، لكنها لم تحكم قط بمنهجها وأدبياتها وأفكارها وتوجهاتها وخططها وبرامجها الكاملة... خاصة في عملية تحقيق السلام وإنهاء الحرب وقضية الجنوب بدليل ما حدث بعد ذلك...
    > هل كانت تُنسج خيوط أخرى لمشروع السلام في السودان بواسطة قوى خارجية.. هل كنت تتابع هذه الخيوط؟
    < «رد بسرعة وبسؤال»: ماذا تقصد بخيوط تنسجها القوى الخارجية؟
    > أقصد أنه حدثت تحركات دولية وإقليمية لإبرام سلام في السودان تحركت الإيقاد وشركاؤها وهناك المبادرة المصرية الليبية وغيرها؟
    < المجتمع الدولي لم يكن له دخل كبير في الموضوع... والإيقاد تدخلها ليس صنيع المجتمع الدولي كما ذكر د. غازي صلاح الدين قبل أيام في مقال له نشرتموه أنتم في صحيفتكم... دخول الإيقاد في ملف السلام صنعناه نحن.. وتورطنا فيه بأيدينا منذ بداية تأسيس هذه الهيئة مطلع التسعينيات!!
    > كيف حدث ذلك؟
    < حدث ذلك في إثيوبيا... ولم تكن الهيئة الحكومية لمكافحة الجفاف والتصحر معنية إطلاقاً بملف وقضية السلام في السودان... لكن في سبتمبر من 1993، كان هناك اجتماع للإيقاد في أديس أبابا كان هناك اجتماع لرؤساء الإيقاد، وتحديداً في «4» سبتمبر حدث اجتماع خاص في مقلي رئاسة إقليم التقراي وموطن الرئيس الإثيوبي ملس زيناوي، وقدم دعوة للرئيسين البشير وأسياس أفورقي واجتمع هؤلاء الرؤساء الثلاثة هناك قبل القمة، وكان الرئيس معه الفاتح عروة والسفير عثمان السيد وعنايات عبد الحميد كان سفيراً آنذاك في كمبالا والدكتور نافع علي نافع وجعفر محمد صالح سفيرنا في أسمرا وكلهم «ناس أمن» وفي هذا الاجتماع تقرر كما حكى لي الرئيس بنفسه إسناد الأمر للإيقاد، بحجة أنه بعد ذهاب الرئيس النيجيري إبراهيم بابنجيدا من الحكم في بلاده، وكان يرعى مفاوضات السلام في السودان، وحتى لا تتدخل جهة خارجية، علينا أن نأتي بملف السلام للإيقاد ليكون داخل الإطار الإقليمي ولسهولة متابعتنا له وتأثيرنا فيه..
    > ماذا قلت للرئيس وأنت كنت ممسكًا بالملف في ذلك الوقت؟
    < أنا لم أكن حاضراً ذلك اللقاء في مقلي بإثيوبيا، لأنني كنت في الضعين لمتابعة موضوع يتعلق بسلام قبلي بعد مشكلة بين الرزيقات والمسيرية، كنا هناك مع الشهيد الزبير، والطيب إبراهيم محمد خير كان والياً لكل دارفور، وعبد الرحيم محمد حسين، واللواء الحسيني كان حاكمًا في كردفان، في ذلك التاريخ تقريباً يوم «3» سبتمبر سقطت طائرة الشهداء أحمد الرضي جابر وأبو قصيصة.. وعندما حكى لي الرئيس عقب عودته من قمة الإيقاد وطلبني لهذا الأمر بأن ملف المفاوضات قررنا أن نسلمه للإيقاد.. ونسبة لوجود الرئيسين ملس وأسياس وهما صديقان للسودان وساهمنا بدور كبير في نجاح ثورتيهما لإسقاط نظام منغستو واستقلال إريتريا، سيكونان معنا في متابعة ملف التفاوض في الإيقاد و«نحن حالة واحدة..» وأضاف لي الرئيس «اتفقنا على أن يكون الرئيس الكيني دانيال أراب موي هو المسؤول في الإيقاد عن هذا الملف»، ربما تم ذلك حتى لا تعطى فرصة للرئيس اليوغندي موسيفني... و...
    > «قاطعته» ماذا قلت للرئيس عندما أخبرك بذلك؟
    < سألت: هل عندكم شيء مكتوب لأراب موي وهل عندما كلفتموه حددتم له إطار تحركه وكتبتم له تفويضًا محددًا.. قال لي: «لا... لكننا كلفناه ووافق... وكلفنا وزراء الخارجية في دول الإيقاد لمتابعة تنفيذ الموضوع».. فقلت له: يا السيد الرئيس هل يستطيع وزراء الخارجية متابعة موضوع ليس من اختصاصات العمل الخارجي هو موضوع داخلي له خصوصيته؟
    > هل اقترحت شيئاً في حديثك هذا مع الرئيس؟
    < قلت له رأيي في إسناد هذا الأمر لوزراء الخارجية في الإيقاد.. وأشرت أنه من المناسب أن يكون لكل رئيس من رؤساء الإيقاد مندوب خاص أو مبعوث كما فعلنا مع نيجيريا، وقلت له إن وزراء الخارجية مشغولون ولن يتفرغوا لهذا الأمر.. وقلت له من أين سيبدأ هؤلاء؟ وقال لي: ماذا تقول أنت؟ قلت له فليبدأوا من ما توصلنا إليه في أبوجا الأولى والثانية، وتوجد لدينا في أبوجا الأولى «19» مجلدًا من الوقائع والمحاضر وتوجد في أبوجا الثانية «21» مجلدًا كلها «40» مجلدًا تحتوي كل النقاشات في كل قضايا السلام مع حركة التمرد بقيادة قرنق.. خاصة أننا في أبوجا الثانية جلسنا كسودانيين من الجانبين، وفدنا فيه سبعة برئاسة محمد الأمين خليفة، ووفد الحركة فيه سبعة برئاسة سلفا كير، وخلال يومين متتابعين في اجتماعات ثنائية لوحدنا دون وسيط ورئاسة الاجتماعات كانت بالتناوب.. وقلت للرئيس من الأفضل بعد اختيار الإيقاد أن نبدأ من هنا..
    > هل وافق الرئيس؟
    < نعم وافق على رأيي... ولذلك اقول إن دخول الإيقاد لم يكن تآمراً من جهة خارجية أو قوى دولية، كان دخولها برغبتنا وتقديراتنا وحساباتنا نحن وليس غيرنا..
    > لماذ أقدمنا على خطوة مثل هذه في تقديرك في تسليمنا ملف مفاوضات السلام للإيقاد؟
    التفكير كان تفكيرًا أمنيًا بحتًا.. بدليل من كانوا مع الرئيس في مقلي ساعة ومكان طرح هذه الفكرة.
    > ماذا حدث مباشرة بعدها؟ هل باشرت الإيقاد مهامها الجديدة؟
    < بعد شهرين وبالتحديد في نوفمبر من العام نفسه وفي قمة التجارة التفضيلية لدول وسط وشرق إفريقيا التي عُقدت في العاصمة اليوغندية كمبالا وهي قمة دورية، ذهبنا مع الرئيس وعلى هامش هذه القمة عقد اجتماع لرؤساء الإيقاد، وحضر معنا الاجتماع غازي صلاح الدين، ورأس الإيقاد الرئيس أراب موي، وقدّم فيه الرئيس تصوُّره لكيفية إدارة هذه القضية، متطابقة مع مقترحاتي التي ذكرتها له في الخرطوم، لكن لم يكن هناك شيء مكتوب.. وأهم ما حدث بعد هذا الاجتماع أنه في عشاء في منزل السفير عنايات نفس اليوم وكان هناك بونا ملوال ووقتها كان معارضًا ومع قرنق مقيم في لندن، وكان هناك الدكتور عبد الوهاب الأفندي، وكانت هذه أول مرة يقابل بونا نلوال الرئيس البشير، وقال بونا للرئيس «ناسكم ناس د. علي الحاج ديل ما يتكلموا كتير في موضوع السلام..» وأنا شعرت أن هذا الموضع هو من أفكار الحركة الشعبية التي كانت تريد كل شيء سرياً وخاصاً.. وفهمتُ أنا مباشرة رسالة بونا ملوال، فاقترحتُ على الجلسة أن يكون هناك عمل خاص وقناة خاصة بين بونا ملوال والدكتور غازي صلاح الدين وكان وزير دولة برئاسة الجمهورية لمتابعة الموضوع.. وتمت الموافقة..
    > هل انتظمت هذه القناة الخاصة للاتصال بين بونا والدكتور غازي؟
    < لم تنتظم... لأنني قابلت بونا بعد عامين من ذلك اللقاء وسألته فأجاب بأنه من لقاء العشاء على مائدة السفير في كمبالا لم يلتقِ مع غازي ولم تكن هناك قناة خاصة للاتصال بالخرطوم..
    > ما الذي قامت به الإيقاد؟
    < حضرنا أول اجتماع للإيقاد في شهر مايو 1994م بمبادرة منا في وزارة الخارجية الكينية بنيروبي، كان الاجتماع في غرفة مكتب صغيرة كان هناك ارتباك حقيقي من الكينيين لأن وزارة الخارجية الكينية لم تكن مستعدة لمتابعة مسألة المفاوضات، وجاء وزير الخارجية الكيني وجلس معنا وصارحنا بأنه ليس لديهم أي تمويل يمكن من خلاله أن يتابعوا هذا العمل.. وليس لديهم مكان ومكاتب تخصص لمن يتابع وينسق من طرفهم وقدم اعتذارات طويلة.. ولذلك لم نعمل شيئًا ولم تفعل الإيقاد شيئًا آخر.. وشعرت وقتها أن هذا الموضوع لن يتقدم للأمام.. كما شعرت لعوامل أخرى خاصة بطبيعة تعاملنا مع هذه القضية أن «ناسنا» في الخرطوم لا يريدون للإيقاد أن تمضي بجدية نحو هدف حقيقي للسلام فهي عندهم مجرد آلية للتمويه أو شيء من هذا القبيل..
    > لماذا التمويه يا دكتور؟ ألم تكن هناك إرادة وتصميم والسلام خيار لا حياد عنه؟
    < لأنه في ذلك الوقت بعد أشهر قليلة حدثت الخلافات في وجهات النظر عن جدوى تحركات السلام، وسيطرت مجموعة الحرب والمطالبة باستمرارها على القرار.. كانت هذه المجموعات تريد كسب الوقت لتحقيق نصر حاسم في الميدان العسكري، والدليل بطء العمل وعدم حث الإيقاد على التحرك فالاجتماعات كانت متباعدة ولم يتحقق شيء يذكر.. بالرغم من أنني وعبر طائرة خاصة خصصها لنا الرئيس حملت كل مجلدات ووقائع أبوجا الأولى والثانية وسلمتها لرؤساء الإيقاد ومعي الشهيد موسى سيد أحمد..
    > كيف دخل أصدقاء وشركاء الإيقاد على الخط..؟
    < حسب تحليلي أن الإيقاد كانت تريد تمويلاً لتحركاتها وقد صارحنا وزير الخارجية الكيني بعدم وجود بند لتمويل أي تحرك، وربما كانوا يريدون التمويل لأغراض مختلفة، ودخل من هنا أصدقاء الإيقاد، ولا أعرف كيف ظهرت مجموعة أصدقاء الإيقاد، وسألنا عن الموضوع وقالوا لنا إن هؤلاء يريدون فقط المساعدة بالتمويل ولمعرفة ما يحدث.. وطبعاً عندما تقول للأفارقة إن هناك موضوعًا يتعلق بتمويل يهرعون تجاهه بشدة.. وكما أن أصدقاء الإيقاد هم دول بعيدة.. «النرويج، السويد، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا» راغبون في التدخل ولا توجد دول من الجوار العربي أو الإفريقي معهم، ثم ظهر شركاء الإيقاد والولايات المتحدة الأمريكية كطرف ثالث...
    > كيف تدحرجت الأمور من ذلك التاريخ حتى مشاكوس ونيفاشا؟
    < تركنا الإيقاد تعمل بطريقتها وعملنا على إنجاز اتفاق داخلي بأيدٍ سودانية وداخل السودان، وللحقيقة كان إنجازًا كبيرً للغاية وهو اتفاقية الخرطوم للسلام، وكنت بعيداً عن الملف وشاركت مشاركات طفيفة وضئيلة فيه، لكنه عمل سوداني خالص لا أجانب فيه، دارت فيه مفاوضات في الغابة بالجنوب وهنا في الخرطوم في فندق قصر الصداقة، وقد طلب مني الأخ الرئيس أن ألحق بتلك المفاوضات في مرحلة من المراحل ولم أكن أعرف بتفاصيل كثيرة لأنني في تلك الفترة تركت ملف السلام... لكنه بلا شك كان إنجازًا حقيقيًا.. وكانت اتفاقية فيها جدية ومقبولة لدى الناس لكننا لم نرعاها بشكل جيد ولم نكن جادين فيها وفشلت..
    > لماذ فشلت ..؟
    < بعد توقيع اتفاقية إطارية بالناصر في «1/4/ 1996م» لم يتم التوقيع على الاتفاقية الكاملة إلا بعد عام كامل في «10/4/ 1997م»، ويبدو أنه بعد اللقاء السري مع رياك مشار في الخرطوم في «1996م»، كانت تدور اجتماعات أسبوعية كل إثنين في مكتب الأخ علي عثمان وكان وزيراً للخارجية، عقب ساعات الدوام الرسمي، يحضره الشهيد الزبير النائب الأول للرئيس وعلي عثمان وعبد الرحيم محمد حسين وبكري حسن صالح ود. نافع ومطرف صديق والهادي عبد الله وعوض الجاز وآخرون..
    > ما الغرض من الاجتماعات وهل كنت تشارك فيها؟
    < في البداية لم أكن مشاركاً لأنني لم أكن أعلم وأعرف عنها شيئاً، وكنت بعيداً من الملف... والشهيد الزبير بعد ستة أشهر من هذه الاجتماعات وهو «زول كويس جداً وجاد وحريص» .. أطلعني على هذه الاجتماعات ودعاني لحضورها وبالفعل حضرتها.. والغريب غازي لم يكن موجوداً فيها بالرغم من أنه كان الأمين العام للمؤتمر الوطني... وسبب غيابه كما بدا لي أن الاجتماعات كانت تصوغ الرؤى الأمنية وليست السياسية، كما أنها كانت شمالية لم يكن فيها جنوبي من الجنوبيين في المؤتمر الوطني.. وحدثت لي مشكلات في هذه الإجتماعات..
    > ما نوع المشكلات التي حدثت لك أو معك؟
    < أنا لديّ أشياء أقولها من باب الأمانة والحرص، قلت لهم بعد إعطائي الفرصة في أول اجتماع، لماذ لا يكون معنا من إخواننا الجنوبيين الملتزمين؟ لا يمكن أن يكون هناك سلام بدون الجنوبيين وكان الزبير يوافقني.. وقلت لهم إذا كانت مسألة ثقة فكيف نعمل سلام مع الآخر ونحن لا نثق بمن هو معنا.. واختلفنا في هذا الأمر وقلت لهم سأرفع الموضوع لهيئة الشورى ووافق مجلس الشورى على إشراك الجنوبيين وفي الاجتماع التالي حدث خلاف بيننا وخرج د. نافع من الاجتماع معترضاً على مسار السلام بذلك الشكل، وقال إنه ليس في أمر من هذا النوع... والغريب أن نافع عين مستشاراً للرئيس لشؤون السلام ..! وسألت علي عثمان بعد ذلك في 1999م عن تعيين نافع مستشاراً لشؤون السلام وهو يعلم موقفه، وقال لي إن نافع غيّر رأيه ...!ومجمل الأمر أننا لم نلتزم بالسلام وتنقيذ اتفاقية الخرطوم للسلام وكان هناك تململ من رياك ولام أكول وغيرهم وظهرت آراء تتحدث عنهم بانهم انفصاليون ويجب الإتيان بكاربينو وهو وحدوي ليكون رئيس المجموعة بدل رياك وجيء بكاربينو وحدث ما حدث في بحر الغزال وغضب رياك مشار وخرج ومن معه وتبدد السلام من الداخل...
    > كيف وصلنا لنيفاشا.. وها هي أبرز ملاحظاتك عليها؟
    < أولاً المجموعة التي كانت تعيق السلام هي التي جاءت بنيفاشا ولا أقصد الأخ علي عثمان هنا، للحقيقة رغم أنني كنت غير موجود وبعيدًا تماماً عن السودان وأجواء مفاوضات نيفاشا، لدي عدة ملاحظات حولها أجملها في الآتي:
    1- كانت هناك تقديرات سياسية خاطئة دفعت الحكومة نحو نيفاشا، منها أن الحكومة أعطت مذكرة التفاهم بين المؤتمر الشعبي والحركة الشعبية قيمة أكبر منها وأهمية لا تستحقها وظنت أن هناك اتفاقًا سريًا بين طرفي المذكرة لإسقاط الحكومة وكان هذا تقدير غير واقعي.. فعمدت لمزايدة سياسية للقفز فوق مذكرة الشعبي والشعبية..
    2- جهات غربية ضغطت على الحكومة وطلبت منها الإسراع في عقد اتفاق سلام قبل أن تتبدل الظروف وتأتي مجموعات معارضة أخرى تصل لتفاهمات حول حل قضية الجنوب مع الجنوبيين، وهذا كان دافعًا للتعجل والهرولة..
    3- يبدو أن جهات لم تكن راضية عن توجهات غازي صلاح الدين والطريقة التي كان يعمل بها في مشاكوس وإدارته للتفاوض وكان لدى غازي حذر وتدقيق كثير، فطلب النرويجيون وجهات غربية أخرى أن يأتي شخص آخر أكثر تفويضاً ويمثل الحركة الإسلامية... وهناك أشياء كثيرة في هذا الصدد وأسرار كثيرة، لكن المهم أن الدول الغربية لم تكن متحفظة كثيراً على علي عثمان ليقود التفاوض، وكان قرنق وبقية قيادات الحركة الشعبية في البداية غير راضين عن مجيء علي عثمان، وقالوا لي إنهم لم يرغبوا في البداية حتى في لقائه.. وقالوا كلامًا كثيرًا جداً.. حتى جاءت المواجهة الشهيرة في رمبيك التي انصاع فيها قرنق لرأي الاجتماع وذهب للمفاوضات وعندما قابل علي عثمان في كينيا عاد وهو متحمس للمضي في الاجتماع وقال إن وضعهم في المفاوضات سيكون أفضل.. وأفضل من محاوراتهم مع غازي..
    > لماذ كان هذا الرأي؟
    < الأخ علي عثمان قيادي وسياسي لكنه ليس مفاوضاً..
    > هل كانت هناك ضغوط غربية للوصول لاتفاق بأي ثمن في نيفاشا؟
    < هناك أشياء كثيرة حول نيفاشا وصناعها تحتاج لمعرفة دقيقة وليس تخمينات، وهناك مسائل لا أدري حتى اليوم لماذا وافق المفاوض السوداني عليها ولماذا تمت بهذا الشكل؟
    > ما هي هذه الأشياء؟
    < أشياء لا يمكن الموافقة عليها بسهولة وتستغرب عندما تنظر إليها، ولو لاحظت أن الديباجة بالاتفاقية ذات الطريق الواحد، تتحدث عن الوحدة، لكن في الواقع الاتفاقية كانت انفصالية لا جدال حولها فكل تفاصيلها وتطبيقاتها تشجع على الانفصال، جيش منفصل ونافذة بنك مركزي، عملة، وحدود وعلاقات خارجية ، وطبيعة حكومة الجنوب الإقليمية وصلاحياتها وسلطاتها وعلاقاتها بالحكومة الاتحادية... ونيفاشا مصممة كلها على تحقيق شيء مغاير لشعارات وتوجهات حوتها هذه الاتفاقية فهي لم تجلب سلاماً في النهاية ولم توقف الحرب..
    > هل ذلك بسبب أخطاء تفاوضية من المفاوض الحكومي؟
    < في تقديري أن المفاوض السوداني لم يكن يدرك الأبعاد الخطيرة في الاتفاقية وكان هناك استعجال للوصول لاتفاق بأي طريقة وأي ثمن كما ذكرت.. وهرولة نحو السلام.. وهي اتفاقية لا توجد فيها أية احتمالات ولا خيارات، هي مثل الزواج الكاثوليكي، تتحدث عن وحدة دون أن تكون هناك ترتيبات وتوقعات لما يمكن أن يحدث في حالة الانفصال، وما يدور اليوم هو نتاج هذه الأخطاء الكبيرة وهذا الزواج الكاثوليكي والطريق ذي الاتجاه الواحد..
    > ما هي الترتيبات والتوقعات التي تعتبر عدم التحوط لها أخطاء؟
    < هناك أشياء كبيرة جداً.. فمثلاً في موضوع قسمة الثروة، البترول كان يمكن أن يتم الاتفاق حول نسب قسمته بمدى ومواقيت أطول من سنوات الفترة الانتقالية الست، لم تكن المفاوضات حوله عميقة ولا جادة وكان يمكن أن تستمر هذه القسمة لسنوات طويلة حتى لو حدث انفصال ولم ينتبه المفاوض الحكومي لخيار الانفصال عندما وضعت صيغة قسمة الثروة، والخطأ عند المفاوض كان الاعتقاد بأن الوحدة قادمة لا محالة، فهل يعقل أن تعطي شخصاً قسمة في مائة جنيه أن يأخذ الآن خمسين وهو معك وبعد مدة محددة سيأخذ المائة كاملة فسيختار حتماً خيار المائة بدل الخمسين.. كان هناك إغراء للجنوبي بأنه سيعطى بتروله وسيكون له جيشه وكيانه الخاص... لكن هناك في نيفاشا ما هو أخطر..
    > ما هو الأخطر؟
    < الأخطر في نيفاشا أنها اتفاقية بلا وقائع ولا وجود لمحاضر حتى تكون مرجعية ترجع لها... ماذا قال هذا وبماذا رد ذلك.. هذه الوقائع مهمة للغاية لأنه يتم الرجوع إليها في حال الاختلاف حول التأويل والتفسير لنصوص الاتفاقية ...كيف يمكن أن لا تكون هناك وقائع في موضوع مصيري وتاريخي..


    الانتباهة
                  

العنوان الكاتب Date
فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-03-12, 11:16 PM
  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-04-12, 08:48 AM
    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-05-12, 04:56 PM
      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-08-12, 05:26 AM
        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-08-12, 11:21 AM
          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-08-12, 08:54 PM
            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-10-12, 04:49 AM
              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-10-12, 06:33 AM
                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-11-12, 09:45 AM
                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-15-12, 06:06 AM
                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 عمر دفع الله04-15-12, 08:27 AM
                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-16-12, 04:31 AM
                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-17-12, 06:39 AM
                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-19-12, 05:24 AM
                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-22-12, 05:11 AM
                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-23-12, 05:54 AM
                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-25-12, 11:14 AM
                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-26-12, 09:03 AM
                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-29-12, 07:32 AM
                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك04-30-12, 11:25 AM
                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-01-12, 10:51 AM
                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-03-12, 07:56 AM
                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-06-12, 05:09 AM
                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-06-12, 05:44 AM
                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-06-12, 07:08 AM
                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-07-12, 07:04 AM
                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-07-12, 08:33 AM
                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-08-12, 06:32 AM
                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-09-12, 09:43 AM
                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-10-12, 07:52 AM
                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-14-12, 09:48 AM
                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-16-12, 11:02 AM
                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-17-12, 06:14 AM
                                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-20-12, 09:51 AM
                                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-21-12, 05:42 AM
                                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 أحمد أمين05-21-12, 08:13 AM
                                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-22-12, 11:12 AM
                                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-24-12, 08:56 AM
                                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-27-12, 09:22 AM
                                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-30-12, 09:58 AM
                                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك05-31-12, 10:51 AM
                                                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-03-12, 08:59 AM
                                                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-05-12, 06:28 AM
                                                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-07-12, 09:37 AM
                                                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-12-12, 06:53 AM
                                                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-12-12, 11:06 AM
                                                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-13-12, 05:55 AM
                                                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-14-12, 07:25 AM
                                                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-14-12, 09:42 AM
                                                                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-18-12, 11:21 AM
                                                                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-19-12, 10:50 AM
                                                                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-21-12, 06:39 AM
                                                                                                        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-24-12, 07:55 AM
                                                                                                          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-25-12, 06:51 AM
                                                                                                            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-25-12, 10:00 AM
                                                                                                              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-26-12, 07:48 AM
                                                                                                                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك06-28-12, 04:58 AM
                                                                                                                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك07-01-12, 04:59 AM
                                                                                                                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك07-01-12, 08:02 AM
                                                                                                                      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز ...بين اخوان السودان 1+2012 الكيك07-02-12, 05:14 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de