محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..وداعا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 03:55 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-03-2012, 04:22 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و (Re: الكيك)



    عن نقد والحزب الشيوعي ومرحلة ما بعد نقد ..
    بقلم: محمد محمود
    الثلاثاء, 01 أيار/مايو 2012 18:34


    في يوم عيد العمال: أربعون يوما على رحيله:عن نقد والحزب الشيوعي ومرحلة ما بعد نقد
    محمد محمود (*)

    (1)
    كان محمد إبراهيم نقد نسيجا التأمت في حبكه خيوط كثيرة. لاشك أن أقوى هذه الخيوط كان خيط الحلم الشيوعي الذي ما لبث أن أصبح وترا انشدّت حوله معزوفة حياته. انجذب نقد منذ شبابه الباكر لأعظم حلم تفتّق عنه الخيال الاجتماعي الإنساني: الحلم بمجتمع تزول فيه كل أشكال القهر، وتختفي فيه الملكية الخاصة، وتنمحي فيه الطبقات، وتتلاشى الدولة. والحلم بالشيوعية حلم قديم سابق على ماركس، إلا أن نقد انجذب لهذا الحلم في صيغته الماركسية-اللينينة التي عملت على جذب الشيوعية من منطقة الحلم والمثال لواقع الناس عبر نضالهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي اليومي والدؤوب الذي يفكك مجتمعات الرأسمالية وما قبل الرأسمالية ليضعها في درب الاشتراكية ثم ينقلها وئيدا للشيوعية. وهكذا رأى الشيوعيون أنفسهم طليعة مجتمع جديد وقوة دافعة تعيد صياغة تاريخ البشرية في إطار حتمية تاريخية تقود في نهاية المطاف للشيوعية. لم يمتليء نقد بالحلم فقط وإنما امتلأ أيضا برسالة الحلم أو الجانب العملي الذي يطمح لتحويل الحلم لواقع يعيشه الناس، وهكذا وعندما فرغ من تعليمه الجامعي في صوفيا (بلغاريا) كان قد اتخذ قراره بأن يكرّس حياته لتحقيق الحلم الذي سكن جوانحه، وتفرّغ للعمل السياسي، ومنذ لحظتها لم يلتفت للوراء كما يقول التعبير الإنجليزي.

    (2)
    ولكن الحلم الشيوعي في السودان (وباقي العالم العربي والإسلامي) كان (وما زال) يواجهه ويعارضه حلم آخر هو الحلم الإسلامي، حلم بعث دولة محمد ومجتمع محمد، وهو حلم يمقت الشيوعية ويحتفي بالملكية الخاصة ويرى الانقسام الطبقي ترتيبا إلهيا طبيعيا، وهو حلم جسّده سياسيا في السودان فكر وتنظيم الإخوان المسلمين (عبر تجلياته الأسمائية المختلفة). ولقد اصطدم الحلمان في نوفمبر 1965 عندما نجح الإسلاميون بقيادة حسن الترابي في استصدار قرار من الجمعية التأسيسية بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه: حسن الطاهر زروق، وعز الدين علي عامر، ومحمد أبراهيم نقد، وعمر مصطفى المكي، والرشيد نايل، وعبد الرحمن الوسيلة، وجوزيف قرنق، والطاهر عبد الباسط. ولقد استغل الإسلاميون تعليق طالب معهد المعلمين العالي شوقي محمد علي في ندوة عن عائشة وحديث الإفك ليلهبوا مشاعر الآلاف الذين خرجوا مطالبين بحلّ الحزب الشيوعي. وهكذا انتصر الحلم الآتي من القرن السابع على حلم القرن العشرين، وهو انتصار لم يكن مجرد فلتة تاريخية أفرزها واقع السودان وإنما كان تعبيرا باكرا عن موجة صعود إسلامي كاسح ما لبثت أن تعزّزت وأطبقت على الكثير من بلاد العالمين العربي والإسلامي، وما زلنا نعيش في ظلها في بدايات القرن الواحد والعشرين.

    (3)
    إلا أن واقع صراع سودان ما بعد ثورة أكتوبر كان أيضا واقع صراع القوى الحديثة المدينية والقوى التقليدية ذات الوزن الريفي بالدرجة الأولى (التي مثلتها معاقل الختمية والأنصار). ورغم أن حركة الإخوان المسلمين كانت حركة مدينية وتحمل بعض سمات الحداثة إلا أن الحزب الشيوعي وقوى اليسار كانت (ولا تزال) هي الممثلة لتيار الحداثة والقوى الحديثة بامتياز. ورغم صدمة حلّ الحزب الشيوعي فإن هذه القوى لم تكن قد فقدت زخمها الثوري وثقتها بنفسها، وهكذا ما لبثت أن انقلبت على تحالف الأحزاب التقليدية ونفّذت انقلاب حركة مايو 1969، والذي شرع في بداياته في تنفيذ أكثر برنامج جذري ويساري في التاريخ المعاصر للسودان. وما لبثت تطورات الأحداث أن حوّلت سلطة مايو لأكبر كارثة على الحزب الشيوعي عندما حاول حسم خلافاته معها بإزاحتها من السلطة، فقام هاشم العطا بانقلابه في يوليو 1971، لتؤدي تلك المغامرة لمجزرة راح ضحيتها رؤوس الانقلاب من العسكريين وعبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق. وكانت دماء الشيوعيين هي ما عمّد به نظام سلطة مايو نفسه ليلقي بنفسه في أحضان اليمين ويتحالف مع الحزبين التقليديين (الأمة والاتحادي) والإسلاميين وينتهى به المطاف لتعميد آخر بالدم عندما شرع في بتر أطراف المواطنين وأعلن انحيازه للشريعة وبعثه لنظام الإسلام.

    (4)
    وهكذا تسنّم نقد قيادة الحزب وأصبح سكرتيره العام في ظل أدقّ ظرف في تاريخه ومعاول سلطة مايو تعمل على تصفيته ومحوه من الوجود. كانت مهمة نقد العسيرة هي العمل على تأمين الآلة الحزبية وحفظ الحزب من التفكك والانهيار في وجه ضربات النظام. وارتفع نقد لمستوى مسئوليته وكان رجل اللحظة التاريخية بما ملك من صفات الانضباط والصبر والمثابرة والمرونة وسعة الفكر والخيال. لاشك أن نجاح نقد والتجاني الطيب وباقي كوادر الحزب الشيوعي في الاختفاء في ظل قمع نظام مايو (وقمع نظام الإسلاميين الحالي) شهادة ليست فقط على تماسك الحزب الشيوعي ومراسته وصلابة عوده وإنما أيضا على شجاعة وصلابة الأفراد العاديين والأسر العادية التي شاركت في استضافة الشيوعيين وتأمينهم رغم المخاطر والعسف الذي كان من الممكن أن يتعرضوا له. لقد استطاع الحزب الشيوعي أن ينتصر في معركة بقائه لأنه حزب قريب من قلب الجماهير ونبض مصالحها الحقيقية، ولم تذهب تضحيات الشيوعيين من سجن واعتقال وتشريد سدى.
    وعندما هبّ الشعب هبته الكبرى في مارس / إبريل 1985 وحقق حلمه الأكتوبري بالإزاحة السلمية لنظام عسكري (ربيعنا الذي لا يذكر المعلقون اليوم ريادته) خرج الحزب الشيوعي للعلن وقد استعاد شرعيته ومكانته الأدبية وشيئا من وزنه السياسي. وإن كان جو ما بعد أكتوبر 1964 هو جو انعطاف يساري فإن جو ما بعد ابريل 1985 كان جو انعطاف يميني وإسلامي شهد صعود الإسلاميين ليصبحوا القوة البرلمانية الثالثة بعد الحزبين التقليديين وشهد مشاركة الإسلاميين في الحكومة واتخاذ القرار. ولقد نصّب الإسلاميون في فترة الديمقراطية الثالثة أنفسهم حرّاسا على أسوأ مظهرين لتركة نظام مايو وهما عقوبات الشريعة والحرب الأهلية في الجنوب (التي انفجرت مرة ثانية واستعرّ أوارها بعد انهيار الإنجاز الكبير لاتفاقية أديس أببا). وعندما اتضح للإسلاميين أن درب الديمقراطية سيؤدي للتخلّص من هذه التركة ولفظها انقلبوا على النظام الذي أتاح لهم المشاركة في السلطة وأدخلوا البلاد في حمام الدم الذي ما زلنا نعيشه.

    (5)
    وكان عام 1989 عام كارثتين كبيرتين بالنسبة للحزب الشيوعي. كانت الكارثة الأولى كارثة محلية وهي انقلاب الإسلاميين في يونيو الذي أتى بأبشع نظام عسكري في تاريخ السودان المعاصر إلى يومنا هذا. أما الكارثة الثانية فكانت عالمية وهي تصدّع وانهيار أنظمة شرق أوربا الشيوعية والاتحاد السوفيتي، وبالتالي سقوط الشيوعية بصيغتها السوفيتية التي كان الحزب الشيوعي مرتبطا بها ومنحازا لها.
    تحالف الحزب الشيوعي عقب الانقلاب مباشرة مع حزب الأمة والحزب الاتحادي والحركة الشعبية لتحرير السودان وقوى أخرى فكوّنوا التجمع الوطني الديمقراطي الذي شكّل المعارضة الرسمية للنظام. ولقد تضعضع التجمع عندما تبنت الحركة الشعبية خطا انعزاليا وقررت أن تتفاوض منفردة مع النظام، وهي المفاوضات التي أدت لتوقيع اتفاقية نيفاشا عام 2005 ومهّدت الطريق للانفصال. ورغم جذرية خطاب الحزب الشيوعي إلا أن مواقفه كانت مواقف توافقية سايرت مواقف الأحزاب التقليدية في التجمع، وهكذا دخل ثلاثة من قيادييه هم فاطمة أحمد إبراهيم وسليمان حامد وصالح محمود في "برلمان الفترة الانتقالية".
    لم يزلزل انهيار الاتحاد السوفيتي الشيوعيين السودانيين مثلما زلزل الشيوعيين في بلاد أخرى مثل إيطاليا مثلا حيث قرر المؤتمر العشرين لحزبهم في بداية 1991 حلّ الحزب بصورة رسمية وتكوين حزب جديد أصبح يعرف فيما بعد باسم الحزب الديمقراطي، إلا أن أقلية خرجت عن هذا الإجماع وأصرّت على التمسك بالاسم القديم. وفي حالة الشيوعيين السودانيين فإن خروج الخاتم عدلان المبكر من الحزب وتكوينه للحركة السودانية للديمقراطية والتقدم (حق) لم يجذب إلا عددا محدودا، وعندما انعقد المؤتمر الخامس في يناير 2009 فإن الاجماع انعقد على التمسك باسم الحزب.

    (6)
    إن موت نقد يجب، في تقديرنا، أن يمثل نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة ليس للشيوعيين السودانيين وحدهم وإنما لكافة قوى اليسار السوداني.
    إن إنجاز نقد الأساسي على مستوى الحزب الشيوعي كان هو الحفاظ على تماسك حزبه وضمان وجوده وفاعليته في ظل تآمر داخلي وخارجي مستمر على هذا الوجود. وإنجاز نقد الأساسي الآخر الذي يمس كل السودانيين كان انفتاحه على خطاب الديمقراطية وتبنيه المخلص له، وهو خطاب طالما تذبذب الشيوعيون بإزائه في الماضي بحكم تأثير الإيديلوجية السوفيتية المعادية للديمقراطية. والحزب الشيوعي يجسّد اليوم اجتماع ستة عناصر تجعله حزبا فريدا بإزاء باقي الأحزاب السودانية وهي إيمانه بالديمقراطية، وانحيازه للاشتراكية، ورفضه للعنف، وعلمانيته، وقوميته التي تجعله مفتوحا لكل السودانيين، وتساوي كل السودانيين في إطاره. وحتى لا يلتبس معنى ما نقول فإن حكمنا هذا يشترط اجتماع كل هذه العناصر وليس توفّر هذا العنصر أو ذاك.

    (7)
    إلا أن مرحلة ما بعد نقد تحمل في تقديرنا التحدي الأكبر الذي يواجه الشيوعيين السودانيين ونعني بذلك العمل على إنشاء وعاء أكبر يجمع كل قوى اليسار والتقدم، إذ أن اليسار السوداني العريض هو القوة السياسية الوحيدة التي من الممكن أن تجسّد العناصر الستة التي أشرنا لها في الفقرة السابقة. لقد ظل الشيوعيون منذ الستينات يعانون من انفصام لا مبرر له، فهم يطرحون أنفسهم على مستوى الحركة الطلابية كجبهة ديمقراطية تسع الشيوعيين وغير الشيوعيين بينما يطرحون أنفسهم على مستوى الشارع والجماهير كحزب شيوعي (يهتدي بهدي الماركسية اللينينية). هذا هو في تقديرنا خطأ الحزب الشيوعي الأصيل للعمل وسط الجماهير والذي أتاح لليمين السوداني، خاصة في مظهره الإسلامي، فرصة ذهبية للنيل من قضية التقدم وتعطيلها.
    إن للشيوعيين الحق، كل الحق، أن يحتفظوا بحزبهم وهويتهم التاريخية لو شاءوا، إلا أن تحديات المرحلة التي نعيشها تستوجب تمديد صيغة الجبهة الديمقراطية لتصبح هي الصيغة المطروحة على مستوى التوجه للجماهير والعمل وسطها. ولعل الشيوعيين السودانيين يستفيدون من تجربة الشيوعيين الفرنسيين الذين دخلوا في تحالف عريض مع الإشتراكيين والمنظمات النقابية والشبابية وكوّنوا جبهة اليسار التي أصبح مرشحها ، جان لوك ملنشون، من أقوى الأصوات وأميزها في المعركة الرئاسية الحالية. لقد استطاعت هذه الجبهة ببرنامجها الجذري والمنسجم مع طموحات التغيير أن تصل لقطاعات عريضة من العمال والشباب وتجذبهم، وهي قطاعات ما كان من الممكن للشيوعيين أن يصلوا إليها ويجذبونها لو عملوا على انفراد.
    وفي تقديرنا أن صيغة الوعاء الكبير هي الصيغة الوحيدة التي من الممكن أن تحوّل اليسار السوداني لقوة سياسية ذات وزن سياسي وجماهيري حقيقي وقدرة حقيقية على المشاركة الفاعلة للتحويل السلمي لمجريات الأمور، وأن الحزب الشيوعي سيفرّط تفريطا كبيرا في واجبه التاريخي إن لم يتبنّى هذه الصيغة ويلقي بثقله السياسي والمعنوي وراءها.


    (*)
    باحث أكاديمي ومدير مركز الدراسات النقدية للأديان (تحت التأسيس)
    Amin Mukhtar [[email protected]]


    ---------------------
    في الذكري الأربعين لرحيل نُقد ..
    بقلم: حامد بشري
    الأربعاء, 02 أيار/مايو 2012 07:01
    Share

    كان محمداً محموداً من بني وطنه . ذا عطاء فكري مُتميز، أتفق معه الناس أو أختلفوا . أجمعوا أنه كان لا يضغن حقداً ولا كراهية ً لإحدٍ ، عامر القلب بحب الناس ، يلقاك دائماً مُبتسماً حتي في أحلك الظروف وما أكثرها في الأرض التي آوته وحضنته أيام الديكتاتوريات . مُتواضعاً ذا ذهن متوقد عفيف اليد واللسان . ملبسه بسيط وكذلك مأكله ومشربه . عشق القراءة والتبغ وكانا يلازمانه حتي في أيام مرضه أضافة لرياضة المشي التي كان يمارسها سنين الإختفاء . كان مُحباً لكرة القدم يشاهدها علي التلفاز أن وجد لذلك الوقت ، حافظاً لغناء الحقيبة ومحباً لمصطفي سيد أحمد وفي بعض الأوقات يجود بالعزف والغناء لمحبيه. وعلي الرغم من أنه ترأس المكتب الأقتصادي للحزب وكثيراً ما كان يتحدث عن ميزان المدفوعات وسعر الصرف والسعر الموازي وديون السودان الخارجية والتضخم وسياسات البنك الدولي ، أضافة الي أسهامته النظرية والعملية في سبيل معالجة أزمة السودان الأقتصادية ،علاوة علي إطلاعه المنتظم للأيكونمومست الإ أنه من المفارقات لم يحمل يوماً محفظة ولم أشاهده يتعامل بالنقد وربما لم يدخل في حياته مِصرفاً ولم يعرف الي الصرافة سبيلا . كان صوفياً ولا غرابة أن صلي عليه وشيعه أخوانه في الطرق الصوفية وللكثيرين كان محمداً شيخ طريقة .

    روت لي شقيقتي التي تسكن بألقرب من مقابر فاروق أنها لم تر يوماً في حياتها مثل هذا التشيع . كل السودان كان حاضراً في يوم الأحد 25 مارس . الجميع بكي محمداً . الأعمي حمل المكسح . حضروا جميعاً لإلقاء النظرة الأخيرة علي جثمانه . لم يكن الفقد لآل نقد أو الشيوعيين أو القطيناب الذين بكوه بالدمع السخي وأنما كان فقداً لوطن جريح فقد ثلاثة محاميد في وقت متقارب كان يحملهم وسيظلوا في حداقات عيونيه. وحقيقة لا تدري نفسٍ بأي أرضٍ تموت . لا عجب أن يخرج الشعب السوداني لوداع معشوقه السياسي ود ملين الذي كان صادقاً في وعده ودعوته . دخل الي الدنيا فقيراً وخرج منها فقيراً كمهدي الله . وقف مع قضايا المسحوقين والمهمشين ، كان يعلم معاناتهم ويعيشها وحينما تُتاح له فرصة التحدث بإسمهم سواء أكان ذلك في برلمان أو ندوة أو محفل أعلامي تجده يحكي عن مشاكلهم بلغة بسيطة مُبسطة ساعدت في تقريب المسافات بين قطاعاته المختلفة يفهمها السياسين ويهضمها عامة الناس . كان يحكي عن الكسرة والملاح والفتريتا والويكة . يحدثك عن الزراعة والري والكديب وأب عشرين والحساب المشترك والسافل والصعيد . وإذا حكي عن الصناعة يتحدث عن قانون الأستثمار ومدخلات الإنتاج وأهمية دعم السلع المُنتجة محلياً ومشاكل الطاقة والوقود . مع كل هذا لم يكن يحسب أو يدعي أن رأي حزبه هو الأول والأخير وعَكس ذلك في إسهامه في وثيقتي " جبهة للديمقراطية وأنقاذ الوطن " و " الديمقراطية مفتاح الحل " . وحقيقة كان محمداً أحد حكماء السياسة السودانية وكان ناصحاً للعدو والصديق

    الفارس نُقد

    علي أيام ديكتاتورية نميري وصلتنا في الحلقة الحزبية بقطاع عشرين رسالة شفهية تخطرنا بأن الأجتماع القادم سيحضره زميل من المركز . وفي يوم الأجتماع وفي الساعة المحددة طرق شخص الباب وأصطحبته الي داخل المنزل وكنا نسير جنباً الي جنب متجهين الي الغرفة التي ينعقد فيها الأجتماع . لم نتمكن من رؤية بعضنا لعدم وجود إضاءة في المكان الذي يفصل ما بين الباب الخارجي وغرفة الأجتماع . وعند ولوجنا الي الغرفة تمكنت من رؤية الشخص الذي كان يرافقني ولم أتبينه علي الحال . كان يرتدي عراقي وسروال من الدمورية ويلتحف عمامة . مظهره يوحي وكأنه من مواطني الحي . وعندما أزاح العمة بانت ملامح وجهه وأذا به الزميل عبدالرحمن . وحينما أُتيحت له فرصة الحديث ، أخرج مقصوصة ورقية صغيرة كان يضعها ما بين صندوق سجائر البنسون والسلفان الذي يكسي الصندوق . خلق علاقة وطيدة بينه وبين معشوقه السجائر ووجهها في الوجهة الأمثل للتأمين . إلي هنا والقصة عادية ، السكرتير العام في طواف علي الهيئات الحزبية المختلفة . وقبل نهاية الإجتماع طلب مني أن أرافقه إلي الخارج . سرنا حوالي الدقيقة أو الدقيقتين إلي المكان المحدد الذي يفترض أن يكون به شخص وسيارة في إنتظاره . وحينما لم نجد الشخص المُكلف بالأنتظار ، طلب مني الزميل عبدالرحمن الرجوع الي الأجتماع وتركه لوحده . في اليوم التالي وبعد حضوري من العمل وجدت زملاء من المديرية بأنتظاري أمام المنزل. وبعد التحايا وُجهتُ بإستفسار عن مكان تواجد السكرتير العام ؟ ومواصلة للسؤال عَقب السائل أن الزميل عبدالرحمن لم يبتْ ليلته في المكان المحدد له وبالمعلومات المتوفرة بأني آخر من كان معه علي أن أوضح الملابسات التي فارقت فيها الزميل . وعندما لم يجد السائل ما يشفي غليله أنقلبت العاصمة في ذلك اليوم رأساً علي عقب تبحث عن السكرتير العام . لاحقاً أتضح أن الشخص المُكلف بترحيله وفي أثناء أنتظاره للزميل عبدالرحمن تعرض لمضايقات من شباب الحي وأعتقدوا أنه يريد التحرش بحسناوات المنطقة أضافة الي أن الزميل عبدالرحمن أسهب في لقائه معنا ولم يخرج في الوقت المحدد فما كان من الزميل المرافق الأ وأن غادر المكان علي حسب ما تقتضيه التوجيهات التأمينية الصارمة . وحينما لم يجد نقد مرافقه ما كان منه الإ أن تحرك راجلاً من المنطقة التي أنعقد فيها الأجتماع العباسية أمدرمان الي أمبدة حيث يسكن صديق له . في ذلك الوقت لم تك هنالك وسائل أتصال كما هي عليه اليوم ولا توجد هواتف نقالة . لك أن تتخيل حجم مخاطرة زميل مختفي في الذهاب الي منزل شخص بدون إخطار وبدون ما يؤكد ضمان وجود صاحب المنزل . لم تقف المخاطرة في هذا الحد . زمان هذه الحادثة في السبعينات من القرن الماضي . أمبدة لم تكن كما هي عليه الآن ولم تعبد الشوارع ولم تضاء . السير فيها ليلاً يُعد من المخاطر . رجل مطلوب من كل أجهزة نميري يخرج ذاهباً من أمدرمان الي أمبدة في ليلٍ بهيم حوالي الساعة التاسعة أو العاشرة مساءً لا يمتشق سلاحاً ولا يحمل سكيناً تحسباً لمصائب الدهر يقطع الفيافي ما بين العرضة وأمبدة في منطقة تعد مرتعاً للرباطين والهمباته هذه شجاعة وفراسة تستحق أن تُروي .

    وبحق نقد فارس ، حكي لي صديق آخر أن نقد حضر أجتماعاً بأمتداد ناصر وبعد أن أنفض سامر الأجتماع خرج المدعون من المنزل وعند خروجهم كان هنالك مواطن لا يعرفه أحد تعطلت سيارته وطلب منهم مساعدته في تحريك سيارته ( يا أبو مُروْه) . فما كان من نُقد الأ أن شمر عن جلبابه وتقدم الرفاق وبدأ في دفع السيارة مع صاحبها . وروي آخر أنه كان مُكلف بتحريك نُقد وعند وصلهم الي كبري النيل الأبيض أتضح أن القوات النظامية تجري تفتيشاً في مدخل الكبري عندها بدأ الشخص في الأرتباك فما كان من عبدالرحمن الأ أن تحول من شخصٍ مطارد الي شخص آخر يهدئ من روعة مرافقه ويبث في روحه الطمأنينة . وروي آخر أن نُقد كان من ضمن حضور زواج الدكتورة فاطمة بابكر والدكتور محمد سليمان . في مقام ذكر هذه الأساطير من الفروسية يطيب لي أن أشهد بشجاعة زميل آخر كنت بالقرب منه ورحل عنا . اللهم أرحم الزميل الجزولي سعيد . أتمني أن نشهد اليوم الذي نُخلد فيه ذكري هؤلاء الأبطال الذين ضحوا بحياتهم من أجل وطن أفضل .

    اللقاء الثاني الذي تم بيننا كان بموسكو بعد الأنتفاضة حينما حضر اليها ليشارك في المؤتمر الخامس والعشرين للحزب الشيوعي السوفيتي الذي أُعلنت فيه سياسات (البروسترويكا والقلاسنست ). في ذلك المؤتمر أُنتخب نُقد لكي يلقي الكلمة نيابة عن الأحزاب الشيوعية والعمالية العربية . نأمل أن يتمكن الشيوعيون السودانيون من الحصول علي هذه المساهمة وحفظها .

    كلما تُتاح لي فرصة العودة الي السودان أحمل معي كتاباً أو كتابين هدية للزميل عبدالرحمن . هذه العرف النبيل غرسته فينا الزميلة سعاد أبراهيم أحمد . التقيتها للمرة الأولي في مدينة لندن عام 1980 وهي في قمة نشاطها تركض من متجر الي آخر تغتني الكتب والدوريات المختلفة وعند سؤالي لها مستفسراًً ردت بأنها أعتادت أن تصطحب معها بعض الكتب كلما عادت الي السودان لتهديها الي عبدالله علي إبراهيم . قبل عامين عندما زرت السودان قررت أن أستبدل هدية الكتب بالمعشوق الآخر التبغ . وفي مركز الحزب قدمت له السجائر الذي وجد رضاءً وأستحساناً منه ومعاتبة من قبل الزملاء الآخرين علي أهداء ما يضر بالصحة .

    في ديسمبر/يناير من هذا العام كنت في زيارة للسودان وعندما علمت بوعكته زرته مع صديقنا المشترك دكتورمصطفي حينها لم أجد بالقرب منه أحد معشوقيه كما كانت العادة وكان هذا بمثابة أنذار مبكر لي بأن صحته مُعتلة . وعملياً كان نُقد مضرباً عن الطعام والشراب الأ أن مصطفي نجح في أرغامه علي تجرع نصف كوبٍ من العصير وكان هذا في حد ذاته إنجاز . في ذلك اليوم ونحن ضيوف بمقامه حضر لزيارته العم الدكتور موسي عبدالله حامد بصحبة أبنه عبدالله وحينها لم أكن قد زرت بعد أهلي وعشيرتي فشعرت بحرج داخلي . ألم أذكر في السابق أن هذا الرجل شيخ طريقة وله حوارييه . حضر موسي يحمل معه كتابه الأخير (أيام الجامعة ) مع أهداء لنُقد . حكي موسي لنقد أن بالكتاب في الصفحة الثامنة عشر ذكرٌ للقطينة عندما زاره عام 1958 ووجد معه أحمد سليمان ضيفاً عليه .
    وبعد حوالي الأسبوعين ذهبت لوداعه ووجدته في حالة أحسن كثيراً من سابقتها كان يشاهد التلفاز أضافة الي أنه شارك الصديق الدكتور حسن محمد أحمد التدخين . خرجت منه علي قناعة تامة بأني سأراه ثانية الأ أن حدثي خاب وأخذ صاحب الوديعة وديعته .
    رحمك الله يا محمدأ والزمنا الصبر بفقدك ونتمني أن نصطف ونسير خلف أرثك الذي خلفته لنا . اللهم أجعل الجنة مثواك .

    30 أبريل 2012

                  

العنوان الكاتب Date
محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..وداعا الكيك03-24-12, 07:52 PM
  Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-24-12, 08:12 PM
    Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-24-12, 09:39 PM
      Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-24-12, 09:50 PM
        Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-25-12, 05:17 AM
          Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-25-12, 09:16 AM
            Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-25-12, 10:54 AM
              Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و البحيراوي03-25-12, 03:55 PM
                Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-25-12, 04:35 PM
                  Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و عبدالله الشقليني03-25-12, 06:04 PM
                    Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و عبدالله الشقليني03-25-12, 06:15 PM
                      Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-25-12, 09:42 PM
                        Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-26-12, 05:00 AM
                        Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-26-12, 05:09 AM
                          Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و عاطف مكاوى03-26-12, 05:48 AM
                            Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-26-12, 08:45 AM
                              Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-26-12, 03:42 PM
                                Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-26-12, 08:34 PM
                                  Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-27-12, 06:04 AM
                                    Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-27-12, 04:34 PM
                                      Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-28-12, 04:57 AM
                                        Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-28-12, 10:11 AM
                                          Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-28-12, 04:07 PM
                                            Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-29-12, 05:39 AM
                                              Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-29-12, 10:58 AM
                                                Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-29-12, 03:53 PM
                                                  Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-30-12, 11:00 AM
                                                    Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-30-12, 07:16 PM
                                                      Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك03-30-12, 08:18 PM
                                                        Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-01-12, 09:00 AM
                                                          Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-01-12, 08:32 PM
                                                            Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-02-12, 03:46 PM
                                                              Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-04-12, 08:52 PM
                                                                Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-06-12, 10:06 AM
                                                                  Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-07-12, 11:37 AM
                                                                    Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-08-12, 09:50 PM
                                                  Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-11-12, 10:22 AM
                                                    Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-12-12, 07:38 AM
                                                      Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-15-12, 04:36 AM
                                                        Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-17-12, 09:42 AM
                                                          Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-22-12, 04:33 AM
                                                            Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-26-12, 05:48 AM
                                                              Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك04-30-12, 10:14 AM
                                                                Re: محمد ابراهيم نقد ..ابوالوطنية السودانية ..الرجل العفيف النظيف ..و الكيك05-03-12, 04:22 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de