تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 12:11 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-12-2011, 06:15 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: عوض محمد احمد)

    اقرأ الملاحظه الاتيه من تقرير عبده مباشر
    Quote: وعما إذا ما كانت ستتزود بالوقود فى الطريق أم ستواصل رحلتها إلى الخرطوم مباشرة؟


    بريطانيا عام 71 تختلف عن الان. كذلك فإن رد الفعل البريطانى للقرصنه الليبيه كان ضعيف.
                  

12-12-2011, 05:12 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: وبدأ العمل فى جمع معلومات عن هذه الرحلة الجوية، رقمها، وموعد إقلاعها من لندن، والممرات الجوية التى ستسلكها وبواسطة البرقيات المشفرة إلى السفارة الليبية فى لندن، عرف المسئولون هناك ما هو مطلوب منهم، وعملوا على تنفيذه بكفاءة
                  

12-13-2011, 04:18 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    كتب عبدالعظيم سرور فى الايام 17/8/2005

    Quote: الرائد (م) عبد العظيم سرور يواصل الكتابة لـ (الايام)


    *19 يوليو .. التخطيط.. التنفيذ .. الهزيمة


    *الاسباب العسكرية التي قادت لدحر الحركة


    ثانيا: الاسباب العسكرية
    كان اول اخطائنا في هذا الجانب ان القراءة للوضع المزاجي وتقدير الموقف وواقع الحال داخل القوات المسلحة ومسألة (جس النبض) لم تكن سليمة فقد كان الرأي الذي اعتمدناه أن المزاج داخل القوات المسلحة ضد مايو مائة بالمائة، وأنه اذا قامت أي جهة بانقلاب ضدها لن يهب أحد لنجدتها وسيلقي ذلك الانقلاب كل المساندة والتأييد من القوات المسلحة، وبالطبع كان ذلك الاعتقاد خاطئا جدا، وبالرغم من الاقرار بحالة التذمر والاستياء من مايو فهل كان ذلك كافيا لقيام انقلاب من نوع انقلابنا؟ وهل كان يمكن ان يلقي انقلاب يساري تأييد ومساندة كل القوات المسلحة؟ اعتقد اننا لو سألنا انفسنا هذا السؤال قبل التفكير في قيام الانقلاب وأجبنا عليه بصراحة وهدوء ودون جنوح للمغامرة لنبذنا فكرة الانقلاب أو قمنا بتأجيله حتى تأتي الظروف المناسبة، كان يجب ان ندرك ان اي انقلاب يساري لن يحظى بموافقة كل اولئك المتذمرين الكارهين لنظام مايو لان كراهيتهم له بجانب تجاوزاته الكثيرة السيئة كانت بسبب الاعتقاد بأنه نظام شيوعي.
    تحدثت في فصل سابق عن حجم ونوع التحضيرات العسكرية التي أنجزت استعدادا للانقلاب من حيث زيادة القوة وتوفير المعدات واستبدال الحراسات على منازل رئيس واعضاء مجلس قيادة الثورة، لكن احساسي ان ذلك كله لا يعتبر كافيا للقيام بانقلاب ضد مايو وسلاحيها الاساسين: المظلات واللواء الثاني مدرعات الذي كان يقوده العقيد سعد بحر والذي عمل فيه اللواء خالد حسن عباس واشرف عليه منذ بدء تأسيسه، كانت قوة سلاح المظلات في حدود لوائي مشاة تقريبا وكان سلاحا جيد التدريب مكتمل الاسلحة والمعدات وكان يلقي كل الرعاية ويحظى بأهتمام خاص من مجلس قيادة الثورة، فهو السلاح الذي تحرك مع اللواء الثاني مدرعات من خور عمر للاستيلاء على السلطة في 25 مايو 1969م، وقد عمل مجلس الثورة على اعداده وتجهيزه مع اللواء الثاني مدرعات ليكونا يد مايو القوية الضاربة، ولقد اشرت الى ان سلاح المظلات كان اول سلاح دفع به للتصدي لتجمعات الانصار بالجزيرة ابا، وبحساب الارقام لم تكن قوات الحرس الجمهوري تزيد على 1500 ضابط صف وجندي اي اقل من لواء مشاه باعتبار ان اللواء مشاة حسب التنظيم الغربي يعد في حدود الالفين ضابط صف وجندي ذلك اذا كان اللواء يضم ثلاثة كتائب مقاتلة وكتيبة ادارة بدون اسلحة مساعدة مثل المدرعات، المهندسين، المدفعية، الاشارة والطبي، فاذا تم توزيع قوات الحرس الجمهوري على المهام المحددة حسب الخطة وهي القيادة العامة بما فيها سلاح المظلات، كتيبة المظلات بشمبات، كتيبة جعفر بام درمان، حامية بحري، جهاز الامن القومي، الاذاعة، المطار، المواصلات السلكية واللا سلكية، ثم الاعتقالات نستطيع ان ندرك تماما مدى ضعف قواتنا، هذا ما يتعلق بالحرس الجمهوري فقط، ولا تفاصيل لدي عن اي قوات دعم اضيفت اليه، واذا كان هناك اي مجال للدعم في ذلك الوقت فربما كان من قوات مصنع الذخيرة وهي قوات قليلة العدد نسبيا بحكم ان طاقة السلاح محدودة ويعتمد على عدد من الفنيين الذين سبق ان ارسلوا الى المانيا الغربية لتلقي دورات تدريبية في تصنيع الذخائر وعدد محدود من الصف والجنود في الرئاسة والادارة، ومن حيث الاستعدادات في مجال التدريب والتسليح لم يكن الحرس الجمهوري قد استعد بدرجة كافية وذلك لان قواته المدرعة لم تكتمل حينذاك وكانت نواة سرية مدفعيته قد عادت لتوها من عطبرة، ولم تتلق تدريبا كافيا لاكتساب الخبرة ولم تكن معداتها واسلحتها التي تدربت عليها قد وصلت الى الحرس الجمهوري حتى ذلك الوقت، وكان اكبر دليل على عدم استعداد قوات الحرس الجمهوري ان بعض قواته كانت تحمل بنادق ماركة (4) وهي تستعد لاقتحام معسكر سلاح المظلات المنيع بشمبات وتدخل معركة حياة او موت، خصوصا اذا لجأت قوات المظلات لاي مقاومة اما اللواء الاول مدرعات بقيادة العقيد عبد المنعم محمد احمد (الهاموش) فبالرغم من التحسينات والاضافات التي ادخلت عليه فقد كان اقل عددا وخبرة من اللواء الثاني وكان عدد الضباط الذين يقودون قوات الحرس الجمهوري لا يتجاوز التسعة عشر ضابطا من الشيوعيين والديمقراطيين، و على ذكر الضباط الشيوعيين تجدر الاشارة الى ان ثلاثة من الضباط الذين كان يعتمد عليهم في تنفيذ بعض مهام الخطة قد تغيب اثنان منهم لظروف موضوعية اقتضت سفرهما خارج البلاد، وهما الملازم اول (ع) الذي سافر لقضاء شعر العسل والملازم اول عبد المتعال ابراهيم الذي كان ضمن القوات المرابطة في الجبهة المصرية، اما الثالث وكان يعتمد عليه في تنفيذ جزء من الخطة وهو الملازم اول (ب) فقد قال عندما اخطر بمواعيد الانقلاب قولته المشهورة التي تغني عن ذكر اسمه (ادركني يا رسول الله) وسافر الى القاهرة فجأة في اجازة لم يكن قد خطط لها من قبل.
    كانت كل الاستعدادات التي تمت في تقديري لا تعد شيئا اذا قارناها بحجم القوات المعادية من سلاح المظلات ولواء ثاني مدرعات وجهاز امن واستخبارات ولم اكن مقتنعا بما كان يردده بعضنا بان مايو اكتسبت عداء الجميع عداء فئة قليلة من القوات المسلحة ولن تجد من يساندها اذا تحركنا نحن ضدها او تحركت ضدها اي جهة اخرى.
    ظهر ضعف قواتنا حتى بالنسبة للمواطن العادي فقد اشرت في فصل سابق الى ان بعض الاصدقاء والحادبين على يوليو نبهونا الى ضعف قواتنا وقلة عددها فقد كانت الحراسة على مداخل ومخارج العاصمة منعدمة تماما كما كانت حراساتنا على الكباري ضعيفة جدا ولم تكن لنا نقاط للتفتيش او دوريات آلية تطوف نواحي العاصمة.
    لا اعتقد ان موضوع التأمين قد نوقش بالقدر المناسب اثناء التخطيط للانقلاب او في مرحلة ما قبل التنفيذ ولم توضع خطة محددة لتأمين الانقلاب بعد نجاحه ولم يكن التفكير في قيام انقلاب مضاد بالسرعة التي حدث بها في 22 يوليو واردا، وانحصر التفكير في احتمال مقاومة الانقلاب اثناء التنفيذ، ووضعت لذلك بعض المعالجات خصوصا في مواجهة سلاح المظلات الذي كانت مقاومته متوقعة ان سبل ووسائل التأمين كانت ممكنة اذا كان التفكير قد تم فيها بجدية منذ البداية فقد كان يمكن الاستعانة بقوات من الاقاليم مثل قوات القيادة الغربية التي سبقت الاشارة اليها، لقد ثبت لنا ان قواتنا ضعيفة وليست كافية لتأمين الانقلاب وسد الثغرات الكثيرة المفتوحة واقتنعنا بضرورة الاستعانة بقوات اضافية من القيادة الغربية لكن تنفيذ ذلك لم يتم بسبب الربكة وضيق الوقت.
    من اسباب الهزيمة ايضا ضعف الاشراف العسكري وعدم حضور القيادة، فالوضع منذ بدايته كان يتطلب وجود قيادة حازمة في مواقع ثابتة ومحددة لمراقبة الموقف لحظة بلحظة وتصريف الامور بدقة وحذر، وقد افتقدنا ذلك منذ يوم 19 يوليو وخصوصا في الثاني والعشرين منه، وذلك بسبب انشغال القائد العسكري الرائد هاشم العطا بالامور السياسية ولم يكن قد تم ترتيبها من قيل مثل صياغة البيانات والمراسيم الدستورية والاوامر الجمهورية وامور الدولة الملحة مثل تشكيل الوزارة والادارات المختلفة، وكما اشرت فقد كان سبب انشغال هاشم غياب ثلاثة من قادتنا المهمين بابكر وفاروق ومحمد محجوب. واعتقد اننا كنا غير موفقين عندما تركنا قائدا حازما مثل المقدم عثمان حاج حسين (ابشيبة) لمباشرة مهام محدودة في الحرس الجمهوري بدلا من وجوده في مقر قيادة الحركة بالقيادة العامة لتصريف الامور والتعويض عن غياب الرائد هاشم العطا فقد كان بلا شك يستطيع حسم كل تلك الفوضى التي عمت القيادة العامة والتي كانت سببا اساسيا في هزيمتنا.
    اشرت في فصل سابق الى ان عددا كبيرا من الضباط الناقمين على مايو لاسباب موضوعية وغير موضوعية وبينهم عدد من الذين فصلتهم مايو لعدم الكفاءة اسرعوا بعد نجاح انقلابنا للقيادة العامة وسلاح المدرعات والحرس الجمهوري لابداء مساندتهم للنظام الجديد وقد تكدسوا في مكاتب وقاعات القيادة العامة، وبسبب الغياب المستمر لهاشم ومحجوب ومحمد احمد الريح ومحمد احمد الزين، كان بعض اولئك الضباط يديرون الامور ويردون على الاتصالات الهاتفية وكان منهم المقدم صلاح عبد العال مبروك والذي سيرد ذكره لاحقا، تفشت تلك الفوضى بشكل اساسي في القيادة العامة ومثلها في سلاح المدرعات خصوصا بعد ان اعيد اللواء الثاني للخدمة بضباط صفه وجنوده، اما الضباط فقد عادوا لاعمالهم وكان بعضهم برتب اعلى من رتب ضباطنا وبحكم اقدميتهم تولوا تصريف الامور، بالرغم من انه لا علاقة لهم بتنظيم الضباط الاحرار او حركة 19 يوليو، ويبدو ان بعض ضباطنا المتراخين قد استمرأوا ذلك الوضع فتركوا الحبل على الغارب وتفرغ بعضهم للمسائل الاستعراضية مثل مرافقة العقيد الهاموش والرائد هاشم في طوافهم على الوحدات وحضور الاجتماعات السياسية، كان ذلك يجري في القيادة العامة وسلاح المدرعات في الوقت الذي كان فيه ابشيبة لا يفارق مكتبه الا للضرورة القصوى وحتى اللحظات القليلة التي كان يحاول ان ينال فيها قسطا من الراحة كان يقضيها مستلقيا على سرير بمكتب النقباء ولم تكن تغمض له عين وكان يتولى الرد على المحادثات التلفونية بنفسه دون الاستعانة باحد حتى الضابط (النوبتجي) وكان ضباطه لا يتحركون من مواقعهم الا باذنه شخصيا ولتنفيذ مهام يكلفهم بها.
    ظهرت اثار تلك الفوضى التي كانت تجري في القيادة العامة وسلاح المدرعات منذ بداية تمرد اول دبابة وقد كان الذين قادوا التمرد ضد يوليو هم ضباط وصف وجنود اللواء الثاني مدرعات بعد ان اعيدوا للخدمة وباشروا اعمالهم واستلموا دباباتهم واخذوا يحركونها لغرض ولغير غرض وبالرغم مما قيل بأن دبابات اللواء الثاني كانت (ابر ضرب نارها) منزوعة الا ان بعض الدبابات كان بابرها وكامل اشيائها لذا فقد كان تحريكها سهلا، وكان اداؤها فعالا ومدمرا، وكانت الاوامر قد صدرت لضباط اللواء الاول بنزع ابر ضرب نار الدبابات التي لا يستخدمونها، الا انهم بسبب الاهمال والتراخي لم ينفذوا الامر بالدقة المطلوبة، وظهر دور الضباط المتكدسين والمندسين في القيادة العامة واولئك الذين اتخذوا مواقع قيادية في سلاح المدرعات بعد بداية التمرد فقد كانوا يروجون الاخبار المضللة ويجيبون على الاسئلة التي ترد اليهم من الحرس الجمهوري والقيادة العامة، وبعض مواقعنا حول حقيقة الموقف بأن دبابة واحدة قد تمردت وان دباباتنا تطاردها، وكنا في ذلك الوقت كما سبق القول محاصرين في الحرس والقصر الجمهوري بثمان دبابات، وظهر ذلك التأمر ال######## بعد ان تفاقم الامر وظهرت بوادر الهزيمة فقد كانوا يردون على كل من يتصل بهم مستفسرا عن الموقف وكيف يكون التصرف بقولهم (انهزمنا وما عليكم سوى الاستسلام) تلقى تلك الردود اليائسة والمحبطة النقيب معاوية عبد الحي في كتيبة شمبات والملازم احمد الحسين بالاذاعة وتلقاها ضباطنا في مواقع اخرى، وكانوا في تلك اللحظات الحرجة يتصلون بالحرس الجمهوري للتأكد من المعلومات التي وردت اليهم من القيادة العامة وسلاح المدرعات فكان المقدم عثمان ينفي اخبار الهزيمة ويأمرهم بالبقاء في مواقعهم والمقاومة حتى النهاية، ولا شك ان عثمان الذي كان لا يكف عن الاتصال قد تلقى مثل تلك الافادات المضللة، كان الذين يجيبون على الاسئلة حول الموقف في سلاح المدرعات والقيادة العامة اشخاص غير معروفين لدى ضباطنا وجنودنا وكان الجميع يتساءلون في الحرس الجمهوري وفي كل المواقع، اين هاشم، اين طلقة، اين ود الريح، اين ود الزين، اين الهاموش، اين .. اين .. ولا احد يعرف اين كانوا؟
    لا شك ان اتخاذ قرار باعادة ضباط وضباط صف وجنود اللواء الثاني المسرحين الى الخدمة كان (القشة التي قصمت ظهر البعير) كما يقولون، فقد كانت اعادتهم مثيرة للدهشة والغضب وكان عثمان محقا عندما عارض ذلك القرار وكان في قمة غضبه عندما اصر بقية القادة على ذلك القرار المدمر.
    اذ كيف يعقل ان يسمح بعودة قوة ضاربة مثل اللواء الثاني مدرعات وهو سلاح مايو الاساسي الذي رقي الكثيرون من ضباط صفه الى رتبة الملازم ورقي الكثيرين من جنوده الى رتب ضباط الصف مكافاة لهم على تحركهم من خور عمر مع رصفائهم في سلاح المظلات والمجئ بمايو الى الحكم؟ ذلك بجانب انهم لا يمكن ان ينسوا كيف عرضناهم للاذلال والاهانة اثناء اعتقالهم عند تنفيذ الانقلاب، ثم قمنا بتسريحهم من الخدمة.
    لم يخطر بأذهاننا ونحن في اوج انتصارنا ان عدوا اساسيا كان لا يزال طليقا يمرح في اوساط القوات المسلحة وان التنظيمات اليمينية المنافسة التي كنا نعلم بأنها تستعد للقيام بانقلاب ضد مايو يمكن ان تستغل مثل تلك الفوضى التي كنا فيها والقيام بتحرك مضاد وذلك بلا شك كان ناتجا عن الاهمال وسوء التقدير والتراخي والغفلة، ان احد اهم اسباب هزيمتنا واعادة مايو الى السلطة كان تلك التنظيمات التي لم يكن هدفها اعادة مايو بل كان هدفها القضاء على نميري ومجلس قيادة ثورته وزمرته وضباطه في معتقلاتهم والقضاء على يوليو والاستيلاء على السلطة، كانت التنظيمات اليمينية تستعد للقيام بانقلاب مضاد ونحن غافلون عن ذلك واعترف بأنني قد شاركت في تلك الغفلة بالتساهل وسوء التقدير.
    وفي عصر يوم 21 يوليو وبينما كنت اقف امام مدخل معسكر كتيبة المظلات بشمبات توقفت عربة مدنية نزل منها المقدم (ي) وكان يرتدي زيا مدنيا. اديت التحية العسكرية وتعانقنا كاصدقاء او معارف على الاصح اذ لم نكن اصدقاء ابدا وعلى ذكر (ي) الذي كان احد الذين قادوا الانقلاب المضاد، اتذكر جيدا انني التقيت به لاول مرة في حي بانت شرق بمدينة ام درمان وانا طالب في الرابعة الثانوية بمدرسة المؤتمر، كان (ي) في ذلك الوقت ضابطا مظليا برتبة النقيب، كان شابا وسيما وانيقا جدا يدير رؤوس كل بنات الحي والاحياء المجاورة خصوصا عندما كان يرتدي (شورت) ابيضا او ملابس ركوب الخيل ويتجول في انحاء بانت بفرس ابيض او اسود، كان يذكرني بحكايات (الشاطر حسن) او (ود النمير) ذلك الفارس الذي يأتي بفرسه الابيض المجنح ويقوم باختطاب (فاطمة السمحة) ويطير بها الى قصره الخارفي البعيد، كنت معجبا بـ (ي) وتمنيت ان اكون مثله في يوم من الايام، ولسوء حظي ان (حبيبتي) في ذلك الوقت كانت لا تخفي اعجابها بـ (ي) وتتمنى ان ادخل الكلية الحربية كي (اقدل) في الحي ببدلة (الجيردين) التي كان يلبسها طلبة الكلية الحربية في ذلك الوقت ويحملون عصاة خشبية موشاة بالنحاس يحركونها الى الامام والخلف في حركة متناسقة تماما مع حركة القدمين، وكان اعجابنا بـ (ي) يزداد عندما يحدثنا عن الاناقة وانه يحب فصل الشتاء لان البرد يسمح بارتداء البدل وان ارتدائها يعد منتهى الاناقة. الطريف في الامر ان الشاطر حسن اردف حبيبتي فاطمة السمحة او ست الحسن والجمال على فرسه الابيض وبدلا من ان يطير بها الى قصره الخرافي البعيد طار بها الى ميس ضباط سلاح الخدمة المطل على النيل، وبعد قيام انقلاب 25 مايو 1969م، توقعت ان يكون (ي) الذي اعرفه والذي كان من اكثر ضباط المظلات كفاءة عضوا بمجلس قيادة ثورة 25 مايو قبل ابو القاسم وزين العابدين.
    سألني ان كان يوجد بالكتيبة احد من جنود المظلات لانه يبحث عن قريب له فاخبرته بأن الموجودين هم من المجندين الجدد فاستأذنني في الدخول لسؤالهم عن قريبه وقام بجولة داخل المعسكر ثم عاد ليخبرني انه لم يجده وودعني وذهب، الغريب في الامر ان مجئ (ي) بزيه المدني ودخوله وخروجه لم يثر لدي اي شك بالرغم من ان مجيئه كانت له اسباب اخرى فقد كان للاستكشاف او الاستطلاع لامر كان يجري التدبير له وبالطبع لم يكن لينال مأربه لولا الغفلة وعدم اليقظة ولا ادري كيف استطاع (ي) ان يمرر على تلك الخدعة الساذجة اذ انه، وبقليل من الانتباه كان يمكن ادراك مقاصده واعتقاله ولا شك ان ما حدث في كتيبة شمبات حدث مثله او اكثر منه في مواقع اخرى.
    في ضجيج المعركة والضرب المتبادل الذي استمر لاكثر من ثلاث ساعات في القصر الجمهوري حيث كان النميري واعضاء مجلس ثورته رهن الاعتقال ظن البعض ان نميري واصحابه قد لاقوا حتفهم، وانه تم القضاء على حركة 19 يوليو نهائيا، او انها تلفظ انفاسها الاخيرة فتسابق البعض ومنهم المقدم صلاح عبد العال مبروك الى الاذاعة لاعلان البيان الاول للانقلاب الجديد، وعندما كان يستعد لالقاء البيان فوجئ بدخول نميري الى مبنى الاذاعة فاسقط في يده، وراح يكيل السباب للشيوعيين ويصفهم بالغدر والخيانة والعمالة ويعلن عن عودة مايو، وان الرئيس القائد جعفر نميري سيدلي ببيان هام.
    كان المقدم صلاح عبد العال مبروك من اوائل الذين هرعوا الى القيادة العامة بعد نجاح انقلابنا للتهنئة بالانتصار واعلان الولاء لهاشم العطا والنظام الجديد والاستعداد لتقديم خدماته وبالفعل كان صلاح واحدا من اهم الضباط الكبار بالقيادة العامة اهم مواقعنا القيادية والعسكرية وفي موقع هاشم ومحجوب وود الريح وود الزين يصرف الامور ويصدر الاوامر هنا وهناك ويتحدث رسميا باسم حركة 19 يوليو وتنظيم الضباط الاحرار، ومهما نسينا فلن ننسى ان صلاح عبد العال مبروك وهو يحاول ان يبعد عن نفسه اي علاقة تربطه بحركة 19 يوليو قد غدر بالمقدم بابكر النور فقبل رئاسة محكمة ميدانية لمحاكمته واصدر حكما املاه عليه جعفر النميري فحكم على المقدم بابكر بالاعدام، والمثير للضحك والبكاء معا ان النميري قد كافا عبد العال على مايويته التي لا يتطرق اليها الشك وعلى شجاعته ونخوته ورجولته وعينه فيما بعد وزير بالحكومة، وعندما ذكر صلاح عبد العال وموقفه المشين لا بد ان نذكر ونحيي العقيد (أ.ح) تاج السر المقبول ذلك الرجل الانسان الذي ترأس اول محكمة لمحاكمة المقدم بابكر واصدر ضده حكما بالسجن لمدة عامين فلم يعجب السفاح نميري ذلك الحكم واعاد اليه الاوراق فحكم على بابكر بالسجن لمدة ست سنوات فرفض نميري الحكم الثاني وامر العقيد تاج السر بأن يصدر حكما بالاعدام فرفض بشجاعة ورجوله وقد ابى عليه ضميره ان يلطخ يديه بدماء رفيق سلاحه، وكانت نتيجة ذلك ان تم اقصاءه الجنوب ثم احالته للمعاش وتعيينه فيما بعد مديرا لمؤسسة الدولة للسينما.
    هذه في تقديري اهم الاسباب التي قادت الى الهزيمة وذلك بجانب التساهل وحسن النية الذي جعل قادتنا في القيادة العامة وسلاح المدرعات يرحبون بكل من جاءهم مهنئا مبديا رغبة في المساعدة ويضمونه الى صفوفنا وبين اولئك الكثيرون من الانتهازيين والمندسين الذين ظهرت نواياهم الخبيثة عندما بدأت بوادر الهزيمة ولقد ادركت لماذا لم يكن المقدم عثمان مرتاحا عندما جاءه البعض مهنئين عارضين خدماتهم، فكان يبعثهم الى القيادة العامة ليبت هاشم ومن معه من القادة في امرهم بالرغم من ان فيهم بعض الخيرين مثل العقيد يحي عمر قرينات والمقدم عزت فرحات.
                  

12-13-2011, 04:54 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    الاعزاء عوض,وسوركتى

    لاحظوا رواية الظابط عبدالعظيم سرور فى مسألة ابر الدبابات
    .

    Quote: ظهرت اثار تلك الفوضى التي كانت تجري في القيادة العامة وسلاح المدرعات منذ بداية تمرد اول دبابة وقد كان الذين قادوا التمرد ضد يوليو هم ضباط وصف وجنود اللواء الثاني مدرعات بعد ان اعيدوا للخدمة وباشروا اعمالهم واستلموا دباباتهم واخذوا يحركونها لغرض ولغير غرض وبالرغم مما قيل بأن دبابات اللواء الثاني كانت (ابر ضرب نارها) منزوعة الا ان بعض الدبابات كان بابرها وكامل اشيائها لذا فقد كان تحريكها سهلا، وكان اداؤها فعالا ومدمرا، وكانت الاوامر قد صدرت لضباط اللواء الاول بنزع ابر ضرب نار الدبابات التي لا يستخدمونها، الا انهم بسبب الاهمال والتراخي لم ينفذوا الامر بالدقة المطلوبة،
                  

12-13-2011, 11:00 AM

أبو ساندرا
<aأبو ساندرا
تاريخ التسجيل: 02-26-2003
مجموع المشاركات: 15493

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: موضوع هؤلاء جبهة؟
    مقال كتبه صحافي في اول ايام الانقاذ وقد سال عنهم وقالوا انهم لا ينتمون الى الجبهة
    وهؤلاء الناس ما تنسى عرابهم كان في السجن خدعة انطلت حتى على امريكا بكل مخابراتها
    فكيف بصحافي؟؟؟ .. ما تشنقوا الناس ساي.. هل كان يعني قلندر تضليل الرأي العام ومشارك
    لهؤلاء في الحكم؟


    دعنا نتفق مع نجاة الصغيرة ان دكتور قلندر كان حينها مضلل وإنطلت عليه خدعة أو كذبة الكيزان
    الذين نكروا الشينة يومها
    لكن لابد من سؤال : لماذا لم يصحح قلندر الأمر عندما عرف وتيقن ان اؤلئك الأبالسة جبهة ؟
    لماذا لم يرجع بمقال اعتذار ، في اي وقت من الأوقات ، للشعب السوداني ويقول كنت على خطأ عندما نفيت عنهم الكوزنة أو كنت مخدوع ؟
    سكوت قلندر يضرب مصداقيته ويصيبها في مقتل
    مع إحترامي له ، حيث جالسته و وجدته رجلآ مهذبآ مؤدبآ و دودآ
                  

12-13-2011, 08:58 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: أبو ساندرا)

    اخى عبدالرحمن

    Quote: لكن لابد من سؤال : لماذا لم يصحح قلندر الأمر عندما عرف وتيقن ان اؤلئك الأبالسة جبهة ؟
    لماذا لم يرجع بمقال اعتذار ، في اي وقت من الأوقات ، للشعب السوداني ويقول كنت على خطأ عندما نفيت عنهم الكوزنة أو كنت مخدوع ؟
    سكوت قلندر يضرب مصداقيته ويصيبها في مقتل
    مع إحترامي له ، حيث جالسته و وجدته رجلآ مهذبآ مؤدبآ و دودآ



    شكرا على مشاركتك فى الحوار. الرجاء الاشاره لاختنا نجاة بأسمها الحقيقى.
    مع ودى
                  

12-13-2011, 10:00 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    تكرم الصديق د. عبدالماجد بوب بأرسال مقدمه كتابه عن 19 يوليو

    ا


    Quote:


    انقلاب 19 يوليو: اضاءات ووثائق

    مقدمة كتاب قيد الاصدار
    عبدالماجد بوب
    الهدف من هذا الكتاب أن يضع بين يدى القارىء مجموعة من الوثائق المتعلقة بانقلاب 19 يوليو 1971. وقد سبقنى فى مضمار البحث فى المقدمات والنتائج التى أفضى اليها الانقلاب كُتابٌ مقتدرون، أعمل كل منهم وسائله فى التحليل والتقصى والاستنتاج باقدار متفاوتة من الاحاطة، والموضوعية. ويأتى فى مقدمة هذه الاعمال تقرير لجنة القاضى الدكتور حسن علوب. فقد توفرت له بطبيعة الحال امكانات لاتُضاهى فى حرارة الموقف عام 1971 وتسنى له استنتطاق عشرات الشهود من المدنيين والعسكريين. وفُتحت أمامه خزائن الاستخبارات العسكرية للاطلاع على محفوظات سرية ،على قدر من الاهمية. ومن بين الذين مثلوا بين يدى اللجنة ثلة من الضباط المشاركين فى تنفيذ انقلاب يوليو. مضافا الى ذلك بعض الاعضاء السابقين فى الحزب الشيوعى السودانى. ومن المحزن حقا ان الرئيس الاسبق جعفر نميرى قد أمر بحجب ذلك التقرير ووقف على ابادة النسخ التى صدرت منه. وهذه واحدة من الحلقات المضيعة فى خضم الاحداث التى احاطت بانقلاب 19 يوليو. وسوف أعود فى سياق لاحق الى تناول أمر التحقيق فى انقلاب يوليو 1971.
    اجمالا يمكن القول ان انقلاب 19 يوليو قد حظى باهتمام لم يسبقه اليه حدث اخر ربما على امتداد القرن الماضى. انصرف البعض فى تحليله الى اختزال الحدث فى واقعة بعينها أو اجراء بعينه. ونحى البعض الى تناول الموضوع بغير التقدير المستحق لتعقيدات الازمة السياسية التى ادت الى تغليب العمل العسكرى كوسيلة لحسم التناقضات السياسية. وقد اعتمد كثيرون من امثالنا بقدر عال على المصادر الشفاهية لشهود عيان او معاصرين للحدث. وبطبيعة الحال لاتسلم اقوال الرواة من التقدير الذاتى والتحوير بسبب مايعتىرى المصدر من تبدل فى الرؤى أو النسيان والتأثر بالاراء المتداولة من جهات عديدة. وهذا هو ما حمل ابن خلدون الى القول من افة التاريخ هم الرواة. وسوف اقدم فى طيات هذا الكتاب بعض الافادات التى قدمها بعض الشهود فى فترة ما ، ثم عادوا الى معارضتها بافادات مناقضة دون ان يغمض لهم جفن.
    هذا الكتاب يتضمن وثائق من مصادر صحفية سودانية وأجنبية، علماً بان كبار محررى الصحف السودانية ومراسليها قد تم استبعادهم من تغطية احداث يوليو 1971 وأوكلت التغطية الاخبارية بشكل رئيس الى رئيس تحرير صحيفة الاخبار المصرية، موسى صبرى ولصحفيات وصحفيين اخرين/أخريات من مصر ولبنان. وكان لحضور اعداد من مراسلى كبريات الصحف العالمية ممن تصادف وجودهم لتغطية محاكمة المرتزق الالمانى رودلف شتاينر تأثيرا قويا فى حمل جعفر نميرى على السماح لهم بحصور الجزء الاول من محاكمة الاستاذ عبدالخالق محجوب. ومن بين مراسلى الصحف الاجنبية كان لمراسل صحيفة ‘ لوموند‘ الفرنسية، اربك لورو ومراسل صحيفة النهار البيروتية فؤاد مطر دورا معظما فى اطلاع العالم على مجريات الامور فى اعقاب انقلاب 19 يوليو، ومذبحة بيت الضيافة ومحاكمة منفذى الانقلاب ووصف الاجواء السائدة فى تلك الايام.
    من اغراض هذه المقدمة القاء الضوء على الوثائق المضمنة والافادات التى جمعتها من عدد من العسكريين على جانبى الحدث فى 19 يوليو 1971. وبطبيعة الحال اوليت الاهتمام الاكبر لما افاد به المشاركون فى تنفيذ الانقلاب وشهود العيان واعضاء المحاكم العسكرية وضباط السجون ممن وقفوا على تنفيذ عقوبة الاعدام بحق المدنيين واحد الجنود المتهمين بالضلوع فى تخطيط وتنفيذ الانقلاب. وقد اجريت مقابلتين على قدر من الاهمية مع المقدم (انذاك) عثمان محمد احمد كنب والنقيب (انذاك) عبدالحى محجوب اللذان كتبت لهم السلامة اثناء مذبحة بيت الضيافة. وقد حرصت كذلك على تضمين افادات للضابطين لا تتسق تماما مع افاداتهم السابقة. ونترك للقارىء استخلاص مايراه بعد مطالعة الافادات المتضاربة كل فى سياقها المحدد زمانا ومكانا. وتتعين الاشارة الى ان عددا من العسكريين الذين شاركوا فى تنقيذ انقلاب يوليو أو من بين المحتجزين فى بيت الضيافة قدموا افادات بحكم انتسابهم وقربهم الى مواقع الحدث. وبعض هذه الافادات لا تعدو ان تكون مجرد اجتهادات واعمال للخيال – مهما حسنت النوايا. فالضابط الذى شارك فى تنفيذ انقلاب يوليو من موقعه فى حامية الشجرة أو ربما تواجد فى موقع ما فى مقر الحرس الجمهورى ربما لايتسنى له الاحاطة بما يدور فى القيادة العامة وربما فى قيادة الحرس الجمهورى نفسه. كما ان الناجيين من مذبحة بيت الضيافة وبشهادة عدد منهم لم تتحد رؤاهم وافاداتهم حول تفاصيل ذلك الحدث المروع لهول المفاجئة . لهذا لم يمثل أى منهم امام المحاكم الميدانية فى معسكر الشجرة لتقديم شهادته على اليمين فى تلك الايام.
    سبق ان ألمحنا الى تقرير القاضى الدكتور حسن علوب. وفى حقيقة الامر لم يطلع علينا حتى اليوم من يعلن عن استحوازه على نسخة من ذلك التاريخ. وقد توسلت مرار للدكتور القاضى حسن علوب ان يفصح عن فحوى ذلك التقرير الذى وقف عليه بما يمليه ضميره القضائى، فى متناول اليد حتى تنجلى الغيوم الكثيفة التى اكنتفت جوانب هامة فى انقلاب 19 يوليو. وفى هذا الصدد يتحمل الرئيس الاسبق جعفر نميرى المسئولية الكبرى فى حجب ذلك التقرير. وتلك مسئولية سياسية ودستورية لصون تاريخ السودان من التأويل والابتزاز، وتقديرا لحق الافراد فى الاطلاع على المعلومات التى تقع فى دائرة اهتمامهم، وانصافا للاسر والرفاق والاصحاب وعامة الشعب فى الوقوف على تفاصيل ماحدث فى 19 يوليو ومابعده.
    يجد القارىء من بين الوثائق المضمنة فى هذا الكتاب أجزاء من تقرير لجنة القاضى الدكنور حسن علوب. وقد تمكن احد الاكادميين المهتمين من وضع يده على التقرير المعنى بين محفوظات مجلس الوزراء فى الاسابيع الاولى بعد صدور التقرير. وشرع على الفور فى نقله بخط اليد وتمكن من تسويد نحو مائة وخمسين صفحة، قبل ان يتم سحب التقرير وابادته. وبذلك لم يتسن له نقل التقرير كاملا. والسؤال الذى يتطرق الى ذهن القارىء: كيف يمكن التيقن من سلامة الجزء المنقول من تقرير لجنة القاضى علوب؟ وبطبيعة الحال العهدة على الشخص الذى تحمل المسئولية العلمية والاخلاقية فى ابراز الاجزاء المتاحة من التقرير المعنى. وقد سعيت الى الاستوثاق من بعض الشهود الذين مثلوا امام اللجنة واكدوا دقة الافادات المنسوبة اليهم. كذلك عملت على مقاربة المعلومات المضمنة فى التقرير المنقول مع حصيلة المعلومات المتعلقة باحداث تلك الفترة. وفى هذا الحيز تقع عاتقى مسئولية التحقق مما تناولت من الاجزاء المتاحة من التقرير. وقد نشرت صحيفة الوطن (الخرطوم) فى عام 2008 وثيقة نسبت الى المرحوم معاوية ابراهيم سورج، باعتبارها وصيته التى اودعها لدى أحد اصدقائه. وتتطابق تلك ‘الوصية‘ مع افادة السيد معاوية ابراهيم امام لجنة القاضى علوب، ويشار اليه فى التقرير بالشاهد رقم واحد. وهذا ما عزز قناعتى بسلامة الاجزاء المتاحة لدى من تقرير المشار اليه. وبهذا القدر يلزمنى ان اتحمل مسئولية تضمينها بين الوثائق التى تسهم فى اضاءة ماحدث فى يوليو 1971.
    الاجزاء المتاحة من تقرير القاضى حسن علوب تضمنت الاتى:
    أ.أمر التكليف وتحديد اعضاء ومهام لجنة التحقيق
    ب.دور الحزب الشيوعى السودانى فى مؤامرة 19 يوليو1971
    ج.نشأة وتطور الحزب الشيوعى السودانى والاحزاب القومية العربية
    د.دور القوى الخارجية الداعمة لانقلاب يوليو71
    يلحظ القارىء ان أمر التكليف لم يتضمن التحقيق فى مذبحة بيت الضيافة تحديدا. وبهذا القدر لم تتطرق لجنة التحقيق الى تحديد المسئولية الجنائية فيما حدث. كذلك لم يتطرق التقرير الى اداء المحاكم العسكرية الذى وصف بواسطة افراد وهيئات سودانية وعالمية بانه مجاف لقواعد العدالة.
    بالنظر الى اختيار اعضاء لجنة التحقيق وحصر العدد فى خمسة اشخاص يتجلى الخلل فى أمر التكليف للتحقيق فى احداث جنائية وسياسية شديدة التعقيد وجسيمة بالنظر الى نتائجها. تكونت اللجنة على النحو التالى:
    1.القاضى الدكتور حسن علوب – رئيسا
    2.ممثل لقوات الشعب المسلحة
    3.ممثل لوزارة الداخلية
    4.ممثل لجهاز الامن القومى
    5.ممثل لوزارة العدل
    وفيما عدا رئيس لجنة التحقيق قاضى المحكمة العليا الدكتور حسن علوب وممثل النائب العام فان بقية الاعضاء بحكم مواقعهم فى القوات النظامية او الجهة القانونية الخاضعة للاشراف والمساءلة الحكومية، مما يلقى ظلال كثيفة من الشك على حياد لجنة التحقيق. وبعض اعضاء اللجنة كانت لهم مشاركة مباشرة فى اعمال المحاكم العسكرية. كما ان امر التكليف قد استبق التحقيق بالقاء المسئولية على عاتق الحزب الشيوعى السودانى فى ‘مؤامرة 19 يوليو‘..نص الامر (أمر بتكوين لجنة تحت قانون لجان التحقيق لسنة 1954 بما انه قد ثبت من الاحداث الاخيرة فى 19 يوليو 1971 أن المؤامرة كانت بتدبير من الحزب الحزب الشيوعى السودانى المنحل، وفقا لقرار لجنته المركزية الصادر فى 30 مايو 1971). ولايتسق ذلك مع قواعد العدالة. فما جدوى التحقيق اذا تحددت نتائجه مسبقا.
    الحزب الشيوعى السودانى وانقلاب 19 يوليو 1971:
    صدر عن الحزب الشيوعى السودانى فى سبتمبر 1971 تقريرا اختزلت محتوياته فى عبارات موجزة تشى بان تنظيم ‘الضباط الاحرار‘ قد اقدم على تنفيذ انقلاب 19 يوليو على نحو منفرد. وخاطب منفذى الانقلاب قائلا: عندما اتخذتم قراركم بالتحرك للاستيلاء على السلطة، لم نقل لكم لماذا تعجلتم الخطى، بل القينا كل ثقلنا دعما لكم وتسديدا للثغرات. غير ان التقرير اورد فى سياق اخر عبارة متداولة حتى يومنا هذا بان تنفيذ انقلاب يوليو ‘تهمة لاندفعها، وشرف لاندعيه‘ ! وبدا فيما بعد ان هذا الموقف من قرار تنفيذ انقلاب 19 يوليو لم يلق استحسانا من قبل عدد من اعضاء تنظيم الضباط الاحرار. وقد افصح عن هذا الرأى الرائد الدكتور محمد محجوب عثمان والملازم عبدالعظيم عوض سرور. الوثيقة المشار اليها على قدر كبير من الاهمية الا اننى لم انجح فى الحصول عليها فى وقت مناسب. وربما يتعين على كل من يود معاودة الحدث ان يطلع على تلك الوثيقة بعنوان "اللجنة المركزية للحزب الشيوعى السودانى: دورة سبتمبر 1971".
    فى اكتوبر 1997 اصدر الحزب الشيوعى السودانى تقريرا اوسع لتقويم ماحدث فى يوليو 1971 . وقد اشار التقرير الذى صدر بعض نحن عشرين عاما من انقلاب 19 يوليو الى ان العسكريين لم يتمكنوا من تقديم تقرير واف عن مسئوليتهم فيما حدث. كما ان التقرير قد اغفل الاشارة الى مذبحة بيت الضيافة التى اهتم الحزب بدفع التهم التى وجهت اليه ومنفذى الانقلاب بشأنها. كما جاء فى مرافعة الاستاذ عبدالخالق محجوب امام المحكمة العسكرية. والحديث عن احداث انقلاب 19 يوليو لايكتمل بدون التطرق لمذبخة بيت الضيافة التى تحمل الحزب الشيوعى وتنظيم الضباط الاحرار وزرها بينما افلت الجناة الحقيقيون من المساءلة الجنائية.
    لم يكن بالامكان تضمين تقرير الحزب الشيوعى حول انقلاب 19 يوليو بكامله، لذا اكتفيت ببعض الاجزاء المتعلقة بالمسئولية السياسية التى وقعت على عاتقه بسبب تارجح موقف قيادة الحزب من أمر الانقلاب. وكان التقرير نفسه امينا حينما اقر بذلك. "المكتب (السياسى) .. لم يتخذ قراراً قاطعاً بقبول فكرة الانقلاب او رفضها، بل اخضعها للمناقشة والتقدير، ولمزيد من المشاورات والمناقشات مع العسكريين." (ص. 56) ويذكر التقرير فى موضع اخر"من حيث المبدأ يمكن قبول فكرة التصحيح. لكن يجب ان يخضع تحرك الضباط الشيوعيين لتقديرات اللجنة المركزية للموقف وقراراتها." (ص. 57)
    وفى ذات السياق كتب الملازم عبدالعظيم عوض سرور ولم يكن مجافيا للحقيقة:"كيف يمكن من حيث المبدأ قبول فكرة التصحيح؟ وهل يأتى ذلك التصحيح بدون القيام بانقلاب؟" (التيجانى الطيب: قضايا سودانية. اكتوبر 2000 ص. 33) كذلك يجد القارىء افادات مماثلة ادلى بها الاستاذ محجوب عثمان والاستاذة فاطمة احمد والاستاذة نعمات أحمد مالك.
    انقلاب 19 يوليو لم يكن الاول فى تاريخ السياسة السودانية، كما ان الحزب الشيوعى السودانى لم يكن الاول او الاخير فى الاستعانة بمنتسبيه فى القوات المسلحة واقحامهم فى حسم التناقضات السياسية المستعصية. لذلك فان التقرير المتعلق بمجمل الاوضاع التى احاطت بالتخطيط وتنفيذ انقلاب يوليو 1971 ينم عن استشعار للمسئولية السياسية تجاه واحد من اهم احداث السياسة السودانية التى اسهم فيها الحزب الشيوعى السودانى وتنظيم الضباط الاحرار المتحالف معه دورا محوريا.
    مامن شك فى ان تنفيذ عملية الانقلاب فى 19 يوليو 1971 قد اتسم بالجرأة واتقان الخطة والحيلة العسكرية واستغلال عامل المباغته فى مواجهة القوات الموالية لجعفر نميرى. ويضمن الكتاب الوثائقى افادات دقيقة لعدد من الضباط المشاركين فى تنفيذ العملية العسكرية. وفى ذات الوقت نضع بين يدى القارىء تفاصيل عملية تهريب الاستاذ عبدالخالق محجوب من معتقله فى مصنع الذخيرة. وتلك المعلومات مأخوذة نقلا عن كتاب مساعد العريف عثمان الكودة الذى قدم رؤية نادرة لتطور الخطة التى ادت الى انجاح عملية التهريب بدقة فائقة. كذلك نعرض خطاب الرائد هاشم العطا الذى اذاعه بعد استيلائه على السلطة ووثائق أخرى صدرت خلال الأيام الثلاثة لانقلاب 19 يوليو. وهنالك مسودة لخطاب بخط الاستاذ عبدالخالق محجوب، وصورة لبعض الترشيحات للوزارة القادمة. اما الحدث الاكثر اهمية خلال الايام الثلاثة التى عاشها الانقلاب فقد تمثل فى طرح صيغة التحالف العريض فى جبهة ديمقراطية واسعة لحكم البلاد كبديل لشكل التنظيم السياسى الواحد فى خطى تجربة الاتحاد الاشتراكى فى مصر.
    يتييح الكتاب الوثائقى حيزا مقدرا لاضاءة ماحدث عصر يوم 22 يوليو 1972 فى ‘بيت الضيافة‘. وقد اجريت فى هذا الصدد مقابلات مع شهود العيان ممن نجوا من المذبحة المروعة. وبالرغم من مرور نحو اربعين عاما على الحدث لازال الغموض يكتنف تفاصيل ماحدث ، مما فتح الابواب مشرعة امام الاجتهادات والمكايدات والاحكام المسبقة لتحميل جهة او اخرى مسئولية ماحدث فى بيت الضيافة. وليت لجنة القاضى الدكتور حسن علوب قد اولت هذه الاهتمام الانسب لتحديد الجانى أو الجناة الحقيقيين. ولايزال بعض المهتمين بمصير شهداء بيت الضيافة يتطلعون الى مراجعة الحدث فى اجواء تتسم بحرية البحث والتقصى والاستنتاج انصافا لوقائع التاريخ.
    تظهر الوثائق المضمنة مفارقة جديرة بالنظر. فقد اتسم مسلك قادة انقلاب 19 يوليوفى الايام الثلاثة التى عاشها، بقدر عال من التسامح والرفق بابرز رموز‘ثورة مايو‘. فقد خف رئيس المجلس العسكرى الجديد، المقدم بابكر النور ووزير الداخلية، الرائد فاروق عثمان حمدالله الى زيارة زوجة اللواء جعفر نميرى المتواجدة فى لندن انذاك، لطمأنتها بضمان سلامته. وفى الخرطوم خف قائد الانقلاب الرائد هاشم العطا لمعاودة نميرى فى معتقله واستفسره عن صحته واحتياجاته. كذلك طمأن هاشم العطا ضباط القيادة الجنوبية الذين أوصوه بأن يحسن معاملة نميرى فاكد لهم بأن "نميرى أكله وشرابه على". وبنفس الروح زار المقدم عثمان أب شيبة الضباط المحتجزين فى بيت الضيافة واصغى الى تظلماتهم وقام باحضار والدة المقدم عثمان احمد كنب، قائد كتيبة جعفر لرؤيته والاطمئنان عليه. لم يقلل من حسن المعاملة بعض التفلتات التى انغمس فيها بعض صغار الضباط فى فورة الحماس وحداثة تجاربهم بصورة غير لائقة فى معاملة المحتجزين من الضباط الاعلى مرتبة ومجافية للمواثيق الدولية. وفى المقابل شهدت اللحظات الاخيرة من عمر انقلاب 19 تصفية جماعية لضباط عزل فى بيت الضيافة. واهدرت دماء غزيرة فى معسكر الشجرة بعد ‘عودة‘ نميرى وتأجيجه لنزعة الانتقام واحكام الاعدام الجزافية.
    يتضمن هذا الكتاب توثيقا وافيا لاداء المحاكم العسكرية التى انعقدت لمحاكمة منفذى انقلاب 19 يوليو. ونبرز جانبا من اداء اعضاء هذه المحاكم التى وقف بعضهم مواقف تليق بشهامة الجندية والمسئولية الاخلاقية فى انزال العقوبات التى توصلوا اليها من خلال تطبيق بنود قانون عقوبات القوات المسلحة السودانية ودستور جمهورية السودان الديمقراطية. وبعض الضباط تطوعوا بدافع الضمير والشهامة الى نقل بعض وصايا المحكومين الى أسرهم. وفى الجانب الاخر تظهر الوثائق بعض الممارسات المشينة لعسكريين اقدموا على ضرب المعتقلين وتحقيرهم والبعض الاخر انصاع لرغبة اللواء نميرى فى تشديد بعض العقوبات مرة تلو الأخرى.
    حظى انقلاب 19 يوليو باهتمام اقليمى وعالمى غير معهود. وتناولت الاحدث كبريات وكالات الانباء والصحف والاذاعات. وانطلقت حملة عالمية واسعة للاحتجاج على احكام الاعدام التى اصدرتها المحاكم العسكرية. وبادرت دول وهيئات وافراد للتعبير عن تضامنهم مع النقابيين والشيوعيين وكافة المعتقلين والمسجونين. وتجلى التعبير الابعد اثرا فى عشرات الكتب والمقالات الصحفية والقصائد الرصينة لكبار الشعراء السودانيين والعرب وغيرهم. وقد سعيت الى تضمين مجموعة منتقاة من تلك القصائد. وفى ذات الوقت اوردت بعض المقالات الصحفية الناطقة باسم الحكومة وتعليقات من صحف عربية تنضح بالادانة لانقلاب يوليو والحزب الشيوعى السودانى.
    هنالك كميات هائلة من الوثائق والافادات لمعاصرى انقلاب يوليو وشهود العيان والكتاب والباحثين المهتمين لم انجح فى الحصول عليها ويبقى هذا الواجب من بين واجبات الكتاب فى فترات قادمة.
    لقد أعاننى على اصدار هذا الكتاب الوثائقى عدد من الاصدقاء وانا مدين لهم بالتقدير العميق. واود ان اخص بالشكر والامتنان العميق الاستاذ كمال عبدالكريم ميرغنى مدير مركز عبدالكريم ميرغنى لتفضلهم بنشر هذا الكتاب. واقدم امتنانى وتقديرى للاستاذ ‘التشكيلى‘ احمد المرضى الذى قام بتصميم الغلاق وترميم الصور المرفقة. كما اننى مدين بالشكر للاستاذ عصام حسن الذى وقف على مراجعة هذا العمل واخرجه على النحو الذى صدر عليه. وكل مااتمناه ان يكون هذا الجهد الجماعى مفيدا لكل المهتمين باحداث انقلاب 19 يوليو 1971.
                  

12-13-2011, 10:14 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    تطرق الاستاذ بوب لتقرير لجنة مولانا علوب ذاكرا
    Quote: سبق ان ألمحنا الى تقرير القاضى الدكتور حسن علوب. وفى حقيقة الامر لم يطلع علينا حتى اليوم من يعلن عن استحوازه على نسخة من ذلك التاريخ. وقد توسلت مرار للدكتور القاضى حسن علوب ان يفصح عن فحوى ذلك التقرير الذى وقف عليه بما يمليه ضميره القضائى، فى متناول اليد حتى تنجلى الغيوم الكثيفة التى اكنتفت جوانب هامة فى انقلاب 19 يوليو. وفى هذا الصدد يتحمل الرئيس الاسبق جعفر نميرى المسئولية الكبرى فى حجب ذلك التقرير. وتلك مسئولية سياسية ودستورية لصون تاريخ السودان من التأويل والابتزاز، وتقديرا لحق الافراد فى الاطلاع على المعلومات التى تقع فى دائرة اهتمامهم، وانصافا للاسر والرفاق والاصحاب وعامة الشعب فى الوقوف على تفاصيل ماحدث فى 19 يوليو ومابعده.
    يجد القارىء من بين الوثائق المضمنة فى هذا الكتاب أجزاء من تقرير لجنة القاضى الدكنور حسن علوب. وقد تمكن احد الاكادميين المهتمين من وضع يده على التقرير المعنى بين محفوظات مجلس الوزراء فى الاسابيع الاولى بعد صدور التقرير. وشرع على الفور فى نقله بخط اليد وتمكن من تسويد نحو مائة وخمسين صفحة، قبل ان يتم سحب التقرير وابادته. وبذلك لم يتسن له نقل التقرير كاملا. والسؤال الذى يتطرق الى ذهن القارىء: كيف يمكن التيقن من سلامة الجزء المنقول من تقرير لجنة القاضى علوب؟ وبطبيعة الحال العهدة على الشخص الذى تحمل المسئولية العلمية والاخلاقية فى ابراز الاجزاء المتاحة من التقرير المعنى. وقد سعيت الى الاستوثاق من بعض الشهود الذين مثلوا امام اللجنة واكدوا دقة الافادات المنسوبة اليهم. كذلك عملت على مقاربة المعلومات المضمنة فى التقرير المنقول مع حصيلة المعلومات المتعلقة باحداث تلك الفترة. وفى هذا الحيز تقع عاتقى مسئولية التحقق مما تناولت من الاجزاء المتاحة من التقرير. وقد نشرت صحيفة الوطن (الخرطوم) فى عام 2008 وثيقة نسبت الى المرحوم معاوية ابراهيم سورج، باعتبارها وصيته التى اودعها لدى أحد اصدقائه. وتتطابق تلك ‘الوصية‘ مع افادة السيد معاوية ابراهيم امام لجنة القاضى علوب، ويشار اليه فى التقرير بالشاهد رقم واحد. وهذا ما عزز قناعتى بسلامة الاجزاء المتاحة لدى من تقرير المشار اليه. وبهذا القدر يلزمنى ان اتحمل مسئولية تضمينها بين الوثائق التى تسهم فى اضاءة ماحدث فى يوليو 1971.
    الاجزاء المتاحة من تقرير القاضى حسن علوب تضمنت الاتى:
    أ.أمر التكليف وتحديد اعضاء ومهام لجنة التحقيق
    ب.دور الحزب الشيوعى السودانى فى مؤامرة 19 يوليو1971
    ج.نشأة وتطور الحزب الشيوعى السودانى والاحزاب القومية العربية
    د.دور القوى الخارجية الداعمة لانقلاب يوليو71
    يلحظ القارىء ان أمر التكليف لم يتضمن التحقيق فى مذبحة بيت الضيافة تحديدا. وبهذا القدر لم تتطرق لجنة التحقيق الى تحديد المسئولية الجنائية فيما حدث. كذلك لم يتطرق التقرير الى اداء المحاكم العسكرية الذى وصف بواسطة افراد وهيئات سودانية وعالمية بانه مجاف لقواعد العدالة.
    بالنظر الى اختيار اعضاء لجنة التحقيق وحصر العدد فى خمسة اشخاص يتجلى الخلل فى أمر التكليف للتحقيق فى احداث جنائية وسياسية شديدة التعقيد وجسيمة بالنظر الى نتائجها. تكونت اللجنة على النحو التالى:
    1.القاضى الدكتور حسن علوب – رئيسا
    2.ممثل لقوات الشعب المسلحة
    3.ممثل لوزارة الداخلية
    4.ممثل لجهاز الامن القومى
    5.ممثل لوزارة العدل
    وفيما عدا رئيس لجنة التحقيق قاضى المحكمة العليا الدكتور حسن علوب وممثل النائب العام فان بقية الاعضاء بحكم مواقعهم فى القوات النظامية او الجهة القانونية الخاضعة للاشراف والمساءلة الحكومية، مما يلقى ظلال كثيفة من الشك على حياد لجنة التحقيق. وبعض اعضاء اللجنة كانت لهم مشاركة مباشرة فى اعمال المحاكم العسكرية. كما ان امر التكليف قد استبق التحقيق بالقاء المسئولية على عاتق الحزب الشيوعى السودانى فى ‘مؤامرة 19 يوليو‘..نص الامر (أمر بتكوين لجنة تحت قانون لجان التحقيق لسنة 1954 بما انه قد ثبت من الاحداث الاخيرة فى 19 يوليو 1971 أن المؤامرة كانت بتدبير من الحزب الحزب الشيوعى السودانى المنحل، وفقا لقرار لجنته المركزية الصادر فى 30 مايو 1971). ولايتسق ذلك مع قواعد العدالة. فما جدوى التحقيق اذا تحددت نتائجه مسبقا.
                  

12-13-2011, 10:49 PM

نصر الدين عثمان
<aنصر الدين عثمان
تاريخ التسجيل: 03-24-2008
مجموع المشاركات: 3920

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    أخي المعز وضيوفك الكرام .. سلام،

    نتابع هذا البوست الهام .. وهي سانحة لتوجيه تحية لك على تلك المثابرة ..
    آملين أن تكلل جهودك تلك وجهود كل الحادبين في إضاءة لتلك الفترة الغامضة من تاريخنا القريب!!

    وأجدني أتفق مع ما أورده الأخ (عوض) بخصوص الصحفي أ(حمد حمروش):
    Quote: حمروش و معه احمد فؤاد ارسلا اساسا لمفابلة هاشم العطا و ذلك بسبب خلفيتهما الماركسية و علاقاتهم الشخصية مع بعض اقطاب الحزب الشيوعى منذ الاربعينات
    استبعد ان يرسل المصريون رجلين بهذه الخلفية لهذه المهمة
    لكن الرواية التى شاعت انه حضر ضمن طائرتهما بعض افراد المخابرات المصرية من غير علمهما
    الامر الذى اثار غضبهما فى ما بعد و قاد حمروش حملات صحفية فى مجلة روز اليوسف التى كانت معقلا لليساريين
    ضد نظام نميرى
    كما انه كان ضيفا على الحزب الشيوعى و ربما اكثر من مرة بعد انتفاضة ابريل 1985م فكيف يستقيم هذا ان كان متامرا عليهم و نحن نعلم ان الشيوعيون لا ينسون بسهولة من بتامر عليهم؟

    وأرى بكل تواضع أن ما أشرت إليه:
    Quote: كما نعلم ان حمروش وقف مع السادات فى انقلابه فى 15 مايو ضد على صبرى واليسار الناصرى. حمروش واليساريين الذين حضروا معه يعلمون تماما ان السادات يخطط مع القذافى لاجهاض نظام 19 يوليو ولهم معرفه عميقه بأساليب المخابرات المصريه. كيف سمحوا بسفر عناصر لايعرفونها لمهمه سريه تعتمد فى الاساس عليهم

    قابلاً للنقاش .. فظني أن الرجل لم يكن من المؤيدين (للسادات) في صراعه مع (علي صبري) و(شعراوي جمعة) فيما عرفت بالقضاء على (مراكز القوى) .. بيد أن من وقف مع السادات وقتها كان (محمد حسنين هيكل) ..
    وغني عن البيان بأن الصحفي (أحمد حمروش) قد أصدر أربع مجلدات كبيرة أرخ فيها لثورة يوليو في مصر ..
    وأرفق فيما يلي ما أورده (حمروش) في كتابه (غروب يوليو) وهي الفقرات التي تناول فيها أحداث حركة 19 يوليو في السودان:

















                  

12-14-2011, 01:11 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: نصر الدين عثمان)

    اخى نصرالدين

    اشكرك على مداخلتك القيمه. وفى ظل غياب حقائق اساسيه,تتعدد الاجتهادات.

    عموما لازلت على اعتقادى بإن حمروش لم يقف موقف مناهض للسادات عندما قام

    بإنقلاب 15 مايو. نعم هيكل القى بثقله وكان مشارك بصورة مباشره فى الانقلاب.
    أجد نفسي اقرب للصحفى الفرنسي,والدبلوماسي,ايريك رولو فى مقالته" انهيار

    الكميونه فى السودان".
    بالنسبه لظباط المخابرات الذين حضروا مع حمروش فى الطائره,لاارجح الان انهم حملوا معهم أبر الدبابات,لكنهم ربما قاموا بإدوار اخرى.
    المعلومات التى توفرت لى الان ان الظابط حسين ضرار,من الظباط الاحرار,قام
    بإرجاع ابر بعض الدبابات للواء المدرع الثانى,كذلك فإن هناك دبابات لم
    تنزع أبرها من الاساس كما جاء فى مقالة الملازم عبدالعظيم سرور.

    " ظهرت اثار تلك الفوضى التي كانت تجري في القيادة العامة وسلاح المدرعات منذ بداية تمرد اول دبابة وقد كان الذين قادوا التمرد ضد يوليو هم ضباط وصف وجنود اللواء الثاني مدرعات بعد ان اعيدوا للخدمة وباشروا اعمالهم واستلموا دباباتهم واخذوا يحركونها لغرض ولغير غرض وبالرغم مما قيل بأن دبابات اللواء الثاني كانت (ابر ضرب نارها) منزوعة الا ان بعض الدبابات كان بابرها وكامل اشيائها لذا فقد كان تحريكها سهلا، وكان اداؤها فعالا ومدمرا، وكانت الاوامر قد صدرت لضباط اللواء الاول بنزع ابر ضرب نار الدبابات التي لا يستخدمونها، الا انهم بسبب الاهمال والتراخي لم ينفذوا الامر بالدقة المطلوبة".


    خليك قريب
    مع ودى وتقديرى

    (عدل بواسطة Elmoiz Abunura on 12-14-2011, 02:11 AM)

                  

12-14-2011, 05:49 AM

عوض محمد احمد

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 5566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    قول العزيز المعز:

    Quote: حمروش لم يقف موقف مناهض للسادات عندما قام

    بإنقلاب 15 مايو


    هذا قول صحيح و منطقى ايضااخذين فى الاعتبار تجارب الشيوعيين و اليساريين المريرة فى سجون
    عبد الناصر (1959- 1964م). بل كان من ضمن وزراء ما بعد انقلاب مايو ماركسى هو اسماعيل صيرى عبد الله
    وزير التخطيط
    و قد استمر الوجود اليسارى و بعض النفوذ فى الصحافة المصرية و اتحادات الطلبة الجامعيين و دوائر الادب و الفنون الى ان حانت لحظة(المفاصلة) النهائية بعد مظاهرات الخبز فى 18 و 19 ينائر 1977م
                  

12-14-2011, 12:03 PM

Dr.Mohammed Ali Elmusharaf

تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 1992

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: عوض محمد احمد)

    دكتور المعز وضيوفه الاكارم
    تحية واحترام
    افتكر حان للصامتين أن يتكلمون ويملكون الحقائق لتوثيق التاريخ
    توجد كثير من الوثائق مع أشخاص أتمنى أن تنشر لمنع تزييف التاريخ وادعاءات البطولات الوهمية والمكائد السياسية وخصوصا بعد مرور 30 عاما على الأحداث

    كسرة

    عندي واحد عسكري مهم جدا سأحاول معه
                  

05-05-2012, 00:49 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Dr.Mohammed Ali Elmusharaf)

    UP
                  

12-14-2011, 01:34 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: عوض محمد احمد)

    عزيزى عوض

    شكرا على المتابعه الدقيقه والملاحظه,واظن اننا وصلنا لفهم مشترك فى

    مسألة ابر الدبابات .


    Quote: هذا قول صحيح و منطقى ايضااخذين فى الاعتبار تجارب الشيوعيين و اليساريين المريرة فى سجون
    عبد الناصر (1959- 1964م). بل كان من ضمن وزراء ما بعد انقلاب مايو ماركسى هو اسماعيل صيرى عبد الله
    وزير التخطيط
    و قد استمر الوجود اليسارى و بعض النفوذ فى الصحافة المصرية و اتحادات الطلبة الجامعيين و دوائر الادب و الفنون الى ان حانت لحظة(المفاصلة) النهائية بعد مظاهرات الخبز فى 18 و 19 ينائر 1977م




    فى حملة السادات المضاده بعد انتفاضة الخبز والتى لعب اليسار المصرى فيها دور كبير, تم اعتقال العديد من نشطاء اليسار,خاصة من الناصريين,واعضاء حزب العمال الشيوعى ,والحزب الشيوعى المصرى. وقد استمر
    التواجد اليسارى فى مصر سواء فى شكل رسمى فى فترة السادات,فى شكل حزب
    التجمع بقيادة خالد محى الدين, او فى التنظيمات المحظوره مثل الحزب الشيوعى المصرى,وتنظيمات الناصريين العديده. وعندما اتسعت المعارضه للسادات بعد كامب ديفيد, قام بحملته الشرسه والقى القبض على مئات المعارضين فى مصر من يساريين,اسلاميين,و هيكل,اما الانبا شنوده فكان مصيره
    النفى لدير منعزل.
    مع ودى
                  

12-14-2011, 07:36 PM

عوض محمد احمد

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 5566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: مسألة ابر الدبابات


    معز
    سلام

    لا ادرى بالضبط حجم هذه الابر و هل يمكن لعنصرى مخابرات حملها فى شنطة صغيرة بحيث تمر
    دون ملاحظة من الاشخاص الذين استقبلوا حمروش و احمد فؤاد فى مطار الخرطوم و هم بالضرورة عسكريون
    و ذوو ولاء لحركة هاشم العطا و يعرفون جيدا هذه الابر؟
    الاحتمال الارجح ان هذه الابر و ربما عساكر و عناصر مخابرات و معهم اسلحة خفيفة و متوسطة قد تسللوا للقضاء على الانقلاب مستعملين وسيلة اكثر امانا و هى مطار القاعدة الجوية المصرية فى جبل اولياء. هذا ان صح يبرى ساحة حمروش و فؤاد من تهمة شديدة الوطاءة بالتواطؤ ضد اصدقائه
    ما اعرفه ان حمروش ظل مهمشا فى عهد السادات و لا نشاط له داخل مصر الا من مقال اسبوعى فى مجلة روز اليوسف
    اضافة لنشاطه فى منظمة اممية يسارية هى منظمة التضامن الافرواسيوى. (و هذه بالطبع ليست حوافز حسنة لخائن من العيار الثقيل).
                  

12-14-2011, 08:26 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    عزيزى محمد على المشرف
    سلامات
    شكرا على مداخلتك.



    Quote: افتكر حان للصامتين أن يتكلمون ويملكون الحقائق لتوثيق التاريخ
    توجد كثير من الوثائق مع أشخاص أتمنى أن تنشر لمنع تزييف التاريخ وادعاءات البطولات الوهمية والمكائد السياسية وخصوصا بعد مرور 30 عاما على الأحداث

    كسرة

    عندي واحد عسكري مهم جدا سأحاول معه


    اتمنى ان تنجح فى مسعاك لاستنطاق الظابط المشارك فى انقلاب يوليو.فكرة الكتابه عن الجيش السودانى والسياسه ,فكره قديمه عندى.بدأت باطلاعى فى عراق السبعينات على كتابات المفكر المصرى أنور عبدالملك عن المجتمع المصرى والجيش,وتعمقت عندما قمت بتدريس كورسات
    Middle Eastern Poitics, African Politics, and the Politics of the Third World
    فى جامعة كارولاينا الشماليه فى مدينة اشفييل فى تسعينات القرن المنصرم. كانت الاجزاء عن دور الجيش تحتل مساحة كبيره من تلك الكورسات.عندها بدأت
    بالاطلاع على وثائق بعض الاحزاب وماكتب عن ادوارها فى الانقلابات,والنشاط العسكرى, مثل الحزب الشيوعى,الحركه الاسلاميه بتسمياتها المختلفه,البعث,والتنظيمات الناصريه.قمت بكتابه دراسه اكاديميه غير منشوره بإسم:
    The Army and Sudanese Politics" The Role the Ideological Parties, SCP, Muslim Brothers,The Baath, and the Nasserist orgs

    فى زياراتى المتعدده للسودان,عقب كتابة البحث,خاصة فى الاعوام السبعه الاخيره,قمت بإستنطاق العديد من الظباط,السياسيين,الصحفيين,وأسر شهداء
    الانقلابات. قررت بعدها اعادة كتابتى, وبالعربى هذه المره لموضوع الجيش
    والسياسه فى السودان,مستفيدا من مادة مقابلاتى المتعدده,ومن مساهمات العديد من الكتاب المحترمين من مختلف الاتجاهات,وملتزما بالمعايير العلمييه فى كتابة البحث.
    اتركك الان لذهابى لاحضار ابنائى غسان و مروان وسارجع بالمساء انشاء الله
    للكتابه عن الصعوبات التى تواجه الباحث فى الكتابه عن انقلاب 19 يوليو.
    مع ودى وتقديرى
                  

12-15-2011, 01:33 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    الاخ محمد على المشرف والاخوة المشاركين فى الخيط

    عند الكتابه عن انقلاب 19 يوليو ,يصطدم الباحث بعدم توفر تقرير لجنة التحقيق فى انقلاب 19 يوليو " لجنة مولانا علوب", وانعدام فرصة العثور على
    ملحقات التقرير المكونه من 10 مجلدات, وهى المقابلات الشخصيه المطوله لاكثر من 200 شخص من العسكريين و المدنيين,بعضهم من المعتقلين العسكريين من انصار انقلاب 19 يوليو,وبعضهم من الناجين من مذبحة بيت الضيافه.
    كذلك فإن الحزب الشيوعى لم يكتب بصوره تفصيليه عن دوره فى الانقلاب, ودور المكتب العسكرى فى تنفيذه للانقلاب. صدر تقييم للحزب الشيوعى عام 96 يثير
    كثير من الاسئله اكثر من الاجابه عليها.
    اما عن حيثيات الاتهام, وتقارير محاكم الشجره, اقصد محاكم الكنجارو فى الشجره والغير متوفره للباحثين فقد كانت عباره عن " محاكم حركه" كما وصفها احد القانونيين.
    ذكر لى المرحوم ,استاذ الاجيال, عثمان هاشم طيب الله ثراه عندما كان فى زياره لوالدى الراحل الجمرى ابونوره ووالدتى الراحله سعاد مكى شبيكه
    فى مطلع ثمانينات القرن المنصرم," إن ثوار 24 اقسموا على عدم فضح الوشاة" واعتقد ان صديقه استاذ الاجيال الراحل حسن نجيله ذكر او كتب شئ
    مثل هذا.
    السؤال ياعزيزى ود المشرف,الى متى يظل الاحياء من ظباط وجنود انقلابات يوليو 71 صامتين عن ذكر الحقائق? هل هناك شفره خاصه للصمت والاحجام عن ذكر الحقيقه فى السودان مثل Omerta عند مافيا صقليه?

    (عدل بواسطة Elmoiz Abunura on 12-15-2011, 05:45 AM)

                  

12-15-2011, 01:50 AM

نزار كروم

تاريخ التسجيل: 03-13-2005
مجموع المشاركات: 420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    الاخ المعز السلام علكيم ورحمة الله
    شد انتباهي اسم القاضي حسن علوب وان كان ليس لي باع في امور التاريخ والوثائق موضوع البوست
    رحم الله الفقيد الراحل الخال حسن محجوب احمد علوب رئيس القضاء الاسبق بولاية الجزيرة توفى رحمه الله من حوالي سنتين واطال الله عمر مولاناحسن علوب المعني بالموضوع ، ويا قريبي صبري الشريف الفقيد حسن علوب هو قريبك في الحساب لانه ابن عم والدتي وهو جعلي من المتمه سكنوا قديما مدينة ودمدني ،،،

    تخريمه

    اعتقد يااخ معز ان الراحل احمد سليمان المحامي كان يحتفظ باوراق ووثائق سريه كان قد وعد في اخر ايامه بنشرها في احدى الصحف التي كانت قد بدات معه سلسله من المقالات ولكن للاسف حالفته المنيه قبل ذلك وهذه الوثائق كان قد حمله امانتها المرحوم معاويه ابراهيم سورج عضوالحزب الشيوعي وهو من مدينة الكوة ومحطه معاويه باركويت تحمل اسمه بالقرب من منزله وكان شاهد الملك في قضيه الانقلاب وكان قد طلب معاوية من احمد سليمان الا يقوم بنشر هذه الاوراق الا بعد وفاته !! وها هما الاثنين توفيا الله يرحمهما

    تحيتي لك اخ معز وارجو ان توفق في بحثك
                  

12-15-2011, 02:54 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: نزار كروم)

    اخى نزار

    سلامات


    Quote: اعتقد يااخ معز ان الراحل احمد سليمان المحامي كان يحتفظ باوراق ووثائق سريه كان قد وعد في اخر ايامه بنشرها في احدى الصحف التي كانت قد بدات معه سلسله من المقالات ولكن للاسف حالفته المنيه قبل ذلك وهذه الوثائق كان قد حمله امانتها المرحوم معاويه ابراهيم سورج عضوالحزب الشيوعي وهو من مدينة الكوة ومحطه معاويه باركويت تحمل اسمه بالقرب من منزله وكان شاهد الملك في قضيه الانقلاب وكان قد طلب معاوية من احمد سليمان الا يقوم بنشر هذه الاوراق الا بعد وفاته !! وها هما الاثنين توفيا الله يرحمهما

    تحيتي لك اخ معز وارجو ان توفق في بحثك



    الرحمه والمغفره لمولانا حسن محجوب احمد علوب. وثيقة معاويه التى تكرمت
    بالاشاره تم نشرها فى صحيفة الوطن عام 2008. وقد ذكر الاستاذ على بوب تطابق مانشر فى الوطن مع شهادة الشاهد الاول معاويه ابراهيم فى لجنة مولانا علوب.
    مع ودى
                  

12-15-2011, 05:57 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    عزيزى عوض

    سلامات.
    سبق ان كتبت للاخ نصرالدين الاتى حول مسألة ابر الدبابات
    :

    Quote: أجد نفسي اقرب للصحفى الفرنسي,والدبلوماسي,ايريك رولو فى مقالته" انهيار

    الكميونه فى السودان".



    بالنسبه لظباط المخابرات الذين حضروا مع حمروش فى الطائره,لاارجح الان انهم حملوا معهم أبر الدبابات,لكنهم ربما قاموا بإدوار اخرى.
    المعلومات التى توفرت لى الان ان الظابط حسين ضرار,من الظباط الاحرار,قام
    بإرجاع ابر بعض الدبابات للواء المدرع الثانى,كذلك فإن هناك دبابات لم
    تنزع أبرها من الاساس كما جاء فى مقالة الملازم عبدالعظيم سرور.

    "

    وقد جاء فى مقالة الملازم الشيوعى عبدالعظيم سرور الاتى:

    Quote: ظهرت اثار تلك الفوضى التي كانت تجري في القيادة العامة وسلاح المدرعات منذ بداية تمرد اول دبابة وقد كان الذين قادوا التمرد ضد يوليو هم ضباط وصف وجنود اللواء الثاني مدرعات بعد ان اعيدوا للخدمة وباشروا اعمالهم واستلموا دباباتهم واخذوا يحركونها لغرض ولغير غرض وبالرغم مما قيل بأن دبابات اللواء الثاني كانت (ابر ضرب نارها) منزوعة الا ان بعض الدبابات كان بابرها وكامل اشيائها لذا فقد كان تحريكها سهلا، وكان اداؤها فعالا ومدمرا، وكانت الاوامر قد صدرت لضباط اللواء الاول بنزع ابر ضرب نار الدبابات التي لا يستخدمونها، الا انهم بسبب الاهمال والتراخي لم ينفذوا الامر بالدقة المطلوبة.


    كمايظهر فإن وضع الاستعداد واليقظه العسكريه كان ضعيف عند الانقلابيين,وزاد
    من خلخلة الوضع العمل المشترك للاستخبارات المصريه واللبيه وارغام الطائرة البريطانيه على الهبوط فى مطار بنينة ببنغازى واعتقال رئيس مجلس انقلاب 19 يوليو,المرحوم بابكر النور,وعضو المجلس المهم,المرحوم فاروق حمدالله.
    هناك العديد من الافادات والاشارات لمهمة حمروش,واحمدفؤاد والتى تمت بالتنسيق مع السادات وردت فى كتاب محمد محجوب عثمان,وعنف الباديه لحسن
    الجزولى,واوراق سودانيه للقيادى البعثى شوقى ملاسي. وهناك اتفاق عام بإن
    هناك عناصر مخابرات مصريه حضرت مع الوفد. بل إن شوقى ملاسى يؤكد إنهم علموا منذ وصول وفد حمروش بوجود عنصر للمخابرات المصريه وقد سعى هو لمقابلة الرائد هاشم العطا والذى أمضى قرابة 10 ساعات فى اجتماع مع الوفد,وعندما لم يتمكن من مقابلة هاشم, أو عبدالخالق,قابل نقد وافضى اليه بالمعلومه ضمن نقاشهم عن انقلاب 19 يوليو.
    مع ودى
                  

12-16-2011, 05:12 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    كتب الاستاذ عبد الماجد بوب

    Quote: يجد القارىء من بين الوثائق المضمنة فى هذا الكتاب أجزاء من تقرير لجنة القاضى الدكنور حسن علوب. وقد تمكن احد الاكادميين المهتمين من وضع يده على التقرير المعنى بين محفوظات مجلس الوزراء فى الاسابيع الاولى بعد صدور التقرير. وشرع على الفور فى نقله بخط اليد وتمكن من تسويد نحو مائة وخمسين صفحة، قبل ان يتم سحب التقرير وابادته. وبذلك لم يتسن له نقل التقرير كاملا. والسؤال الذى يتطرق الى ذهن القارىء: كيف يمكن التيقن من سلامة الجزء المنقول من تقرير لجنة القاضى علوب؟ وبطبيعة الحال العهدة على الشخص الذى تحمل المسئولية العلمية والاخلاقية فى ابراز الاجزاء المتاحة من التقرير المعنى. وقد سعيت الى الاستوثاق من بعض الشهود الذين مثلوا امام اللجنة واكدوا دقة الافادات المنسوبة اليهم. كذلك عملت على مقاربة المعلومات المضمنة فى التقرير المنقول مع حصيلة المعلومات المتعلقة باحداث تلك الفترة. وفى هذا الحيز تقع عاتقى مسئولية التحقق مما تناولت من الاجزاء المتاحة من التقرير. وقد نشرت صحيفة الوطن (الخرطوم) فى عام 2008 وثيقة نسبت الى المرحوم معاوية ابراهيم سورج، باعتبارها وصيته التى اودعها لدى أحد اصدقائه. وتتطابق تلك ‘الوصية‘ مع افادة السيد معاوية ابراهيم امام لجنة القاضى علوب، ويشار اليه فى التقرير بالشاهد رقم واحد. وهذا ما عزز قناعتى بسلامة الاجزاء المتاحة لدى من تقرير المشار اليه. وبهذا القدر يلزمنى ان اتحمل مسئولية تضمينها بين الوثائق التى تسهم فى اضاءة ماحدث فى يوليو 1971.
    الاجزاء المتاحة من تقرير القاضى حسن علوب تضمنت الاتى:
    أ.أمر التكليف وتحديد اعضاء ومهام لجنة التحقيق
    ب.دور الحزب الشيوعى السودانى فى مؤامرة 19 يوليو1971
    ج.نشأة وتطور الحزب الشيوعى السودانى والاحزاب القومية العربية
    د.دور القوى الخارجية الداعمة لانقلاب يوليو71
    يلحظ القارىء ان أمر التكليف لم يتضمن التحقيق فى مذبحة بيت الضيافة تحديدا. وبهذا القدر لم تتطرق لجنة التحقيق الى تحديد المسئولية الجنائية فيما حدث. كذلك لم يتطرق التقرير الى اداء المحاكم العسكرية الذى وصف بواسطة افراد وهيئات سودانية وعالمية بانه مجاف لقواعد العدالة.

    اتفق مع د. بوب فى ان التقرير لم يتطرق الى اداء المحاكم الجنائيه واعتقد ان السبب فى ذلك ان مهام اللجنه الثلاثه وTerm of references لم
    تشمل المحاكم العسكريه او بالاصح مجاذر الشجره.
    فى اعتقادى ان مذبحة بيت الضيافه كانت من صلب التحقيق وتدخل ضمن المهمة الثالثه " الظروف و الملابسات التى واكبت التأمر وعملت على فشله'. ومعلوماتى من مصادر مختلفه ومن شهود احياء توصح ان اللجنه قابلت العديد
    من الظباط الاحرار المعتقلين ومن الظباط الذين اعتقلوا فى قصر الضيافه ونجوا من المذبحه.صحيح ان اللجنه فى النهايه لم تصل بشكل قاطع للطرف المتسبب فى تلك المذبحه الدمويه. نأمل فى العثور على النسخه الاصليه لاماطة الثام عن نتائج تقرير واحده من اهم لجان التحقيق فى التاريخ الحديث للسودان.
                  

12-17-2011, 08:54 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)



    الرجاء البحث في ملف العمليات السرية للاستخبارات المصرية ومجنديها في السودان

    .
                  

01-28-2012, 11:51 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: أبو ساندرا)

    UP
                  

12-16-2011, 09:56 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    كتب المرحوم د. القدال

    Quote: ولم يتعرض التقرير لمذبحة بيت الضيافة.. من نفذها؟ وهل جماعة هاشم العطا هم الذين قتلوا ذلك النفر من الضباط وأبقوا على حياة نميري وزمرته؟ أم أن هناك قوى أخرى لها مصلحة في القضاء على ذلك النفر من الضباط الذين يمثلون تيارا داخل سلطة مايو، لا تريد لذلك النفر البقاء؟ ولماذا يبقى أمر تلك المذبحة لغزا أو يسكت عنها ويذهب دم ذلك النفر هدراً؟

    نتمنى أن يفتح التقرير شهية الباحثين للمزيد من الاستقصاء والتحري، بنفس المنهج الذي اتبعته اللجنة.
                  

12-17-2011, 08:15 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    رحم الله د. محمد سعيد القدال,استاذ الاجيال,والمؤرخ الماركسى المعروف. مصدرى يؤكد ان الاستاذ القدال اعتمد على جزء غير مكتمل لتقرير مولانا علوب,
    وتوصل لملاحظاته بناء على هذا التقرير غير المكتمل
    .
    كتب د. القدال

    Quote: ولم يتعرض التقرير لمذبحة بيت الضيافة.. من نفذها؟ وهل جماعة هاشم العطا هم الذين قتلوا ذلك النفر من الضباط وأبقوا على حياة نميري وزمرته؟ أم أن هناك قوى أخرى لها مصلحة في القضاء على ذلك النفر من الضباط الذين يمثلون تيارا داخل سلطة مايو، لا تريد لذلك النفر البقاء؟ ولماذا يبقى أمر تلك المذبحة لغزا أو يسكت عنها ويذهب دم ذلك النفر هدراً
    ؟

    وكنت قد عقبت على ملاحظه مماثله كتبها الاستاذ عبدالماجد بوب بقولى:


    Quote: فى اعتقادى ان مذبحة بيت الضيافه كانت من صلب التحقيق وتدخل ضمن المهمة الثالثه " الظروف و الملابسات التى واكبت التأمر وعملت على فشله'. ومعلوماتى من مصادر مختلفه ومن شهود احياء توصح ان اللجنه قابلت العديد
    من الظباط الاحرار المعتقلين ومن الظباط الذين اعتقلوا فى قصر الضيافه ونجوا من المذبحه.صحيح ان اللجنه فى النهايه لم تصل بشكل قاطع للطرف المتسبب فى تلك المذبحه الدمويه
                  

12-17-2011, 03:12 PM

sourketti
<asourketti
تاريخ التسجيل: 02-27-2002
مجموع المشاركات: 1206

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    لجنة علوب بدأت اعمالها بعد 10 ايام من مجزرة بيت الضيافه ومعسكر الشجرة فى وقت لم تجف عنده دماء الشهداء بعد وفى محاولة من نميرى وآمريه بعد الافاقه لتبييض وجه حكومته باضافة صبغه قانونية بيضاء على تجاوزات كاحلة السواد وبعد ان سبق السيف العزل...
    عملية بيت الضيافه شهدها اثنين من خارج البيت هما القومندان فاروق هلال الذى كان يراقب الامر من متحف السودان الطبيعى المقاصد لبيت الضيافه من الناحيه الجنوبيه الغربيه على نفس الشارع وكان يرافقه بُر الخضرجى وقابلت القومندان صدفة وحكى لى ما حدث من ترجل 8 جنود من مدرعتى الفريد بعد ضرب تفتيشى للموقع ظلت آثاره واضحه على المبنى من الخارج وسقط معه جزء من السقف على رأس احد الضحايا فاستشهد فى الحال ومن ثم ضرب المعتقلين ثم الاسراع بالهروب من الموقع فى وقت وجيز ...
    وهناك شاهد آخر كان يقف بمبنى اتحاد العمال تطابقت اقواله مع مااذكره القومندان من وقوف مدرعتين امام البيت وبدأ الهجوم بضرب اثنين من الخارجين من بيت الضيافه بفنلاتهم الداخليه وهذا هو الامر الذى بدأ المعتقلون عنده باتخاذ السواتر التى منعتهم من رفع رؤوسهم ومشاهدة افراد القوة الراجله الضاربه...
    كان الغرض بدون شك هو التخلص من قادة الوحدات الداعمه لمايو (احرار مايو) بهدف عدم تكرار حركة مماثله ليوليو فى المستقبل داخل السودان ودول تحالف طرابلس (كما جاء فى خطاب السادات فى احتفالات 23 يوليو1971م-اللى عاوز يتحرك لازم يفكر كويس... ) واثارة الصف والجنود من المدرعات والمظلات للثأر لمقتل قادتهم والنيل من رؤوس واعضاء الحزب الشيوعى بغرض القضاء عليه تماماً(يلا خلص بسرعه على القماعه اللى عندك لان الروس طلبوا منى التوسط للشفيع)...(البلاد تتعرض لغزو اجنبى...البلد دى انت ما حاكمها حاكمنها المصريين)...

    التخطيط والتنفيذ لا يشبهان السوادنيين بأى حال من الاحوال ...ذكر لى زميلى وهو صديق حميم ورفيق سلاح لملازم مصرى كيف ان الاخير كان ضمن قوة مهام خاصه تم نقلهم وانزالهم جواً بالقرب من الخرطوم لتحرير نميرى من القصر يوم 23 يوليو

    عند سؤالى للدكتور مصطفى عما حدث فى بيت الضيافه ذكر لى ان هذا الامر يعرفه الرائد فاروق عكود وللأسف لم تسنح لى الفرصه بمقابلته ...

    عبدالوهاب البكرى وابكدوك وآخرين ذكروا لى ان الفاعل غير معروف حتى الان؟؟

    ابكدوك ذكر لى ان المقدم ص ع م كان يخطط لاستلام السلطه بمفرده وشوهد خطابه جاهزاً فى يده
                  

12-17-2011, 07:02 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: sourketti)

    Quote: ابكدوك ذكر لى ان المقدم ص ع م كان يخطط لاستلام السلطه بمفرده وشوهد خطابه جاهزاً فى يده
                  

12-17-2011, 10:50 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    اخى عبدالله


    Quote: الرجاء البحث في ملف العمليات السرية للاستخبارات المصرية ومجنديها في السودان


    شكرا على الملاحظه. دور المخابرات المصريه,والليبيه,والبريطانيه, وشركة

    لونرو يدخل ضمن اهتمامى بالاطراف الخارجيه التى لعبت ادوار اساسيه فى

    اجهاض انقلاب 19 يوليو. الرجاء رفد الخيط بإي معلومات فى هذا الصدد. تابعت مجهودك انت والمرحوم خالد الحاج فى التوثيق لانقلاب 19 يوليو وقد
    شاركت فى عدد من المداخلات بإسم ابومروان.
    مع ودى وتقديرى
                  

12-18-2011, 00:23 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    اخى سوركتى

    Quote: ابكدوك ذكر لى ان المقدم ص ع م كان يخطط لاستلام السلطه بمفرده وشوهد خطابه جاهزاً فى يده


    اعتقد ان هذه المعلومه صحيحه. مصادر مختلفه وشهود بعضهم تم استجوابهم من

    لجنة التحفيق فى انقلاب 19 يوليو اشاروا للادوار المزدوجه التى لعبها المقدم صلاح عبدالعال مبروك. اتمنى صادقا ان يقوم بكتابة مذكراته. من
    ضمن هذه الاشارات التى كتبت شهادة الرقيب السابق عثمان الكوده. ذكر عثمان
    إن صلاح عبدالعال شوهد فى القياده العامه بعد نجاح انقلاب 19 يوليو وقد
    حرص على الدخول لمكتب هاشم العطا للتهنئه بنجاح الانقلاب.
    وهناك رواية الرقيب السابق فى قوات المظلات,الفكى كنو الفكى والمكتوبه فى
    كتاب د. حسن الجزولى' عنف الباديه'. اكد الفكى كنو على الدور القيادى للمقدم صلاح لحركتهم فى 22 يوليو المعاديه لنظام 19 يوليو ولنميرى وانصاره فى تنظيم' احرار مايو'.واكدت العديد من المصادر ان صلاح عبدالعال
    وليثبت ولائه لنميرى بعد اتهامه بالتعاطف مع 19 يوليو,قام وتسلم اوراق قضية المرحوم بابكر النور بعد رفض العميدتاج السر المقبول ان يصدر حكم بالاعدام على بابكر. بدون تردد ولاثبات حسن النيه لنميرى,قام صلاح عبدالعال
    بإصدار حكم الاعدام على بابكر النور.
                  

12-18-2011, 10:42 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: التخطيط والتنفيذ لا يشبهان السوادنيين بأى حال من الاحوال ...ذكر لى زميلى وهو صديق حميم ورفيق سلاح لملازم مصرى كيف ان الاخير كان ضمن قوة مهام خاصه تم نقلهم وانزالهم جواً بالقرب من الخرطوم لتحرير نميرى من القصر يوم 23 يوليو
                  

12-18-2011, 10:08 PM

sourketti
<asourketti
تاريخ التسجيل: 02-27-2002
مجموع المشاركات: 1206

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    تخيلوا كيف تمت محاكمة المتهم الاول فى مجزرة بيت الضيافه الملازم احمد جبارة على لسان حرسه الملازم صديق وهو احد ضباط العودة يوم 22 يوليو

    Quote: [محاكمة الملازم احمد جبارة
    صباح الرابع والعشرين من يوليو 1971 يحكي العقيد ركن (م) صديق (كنت حرساً للملازم احمد جبارة وقمت بإحضاره للمحكمة التي كانت منعقدة بمكتب العقيد محمد عبد القادر كيلاني برئاسة المدرعات في بداية الجلسة وجه رئيس المحكمة – بعد أخذ البيانات الأولية – الإدعاء الأول بقوله (مدعى عليك باعتقال رئيس وأعضاء مجلس قيادة ثورة مايو في اليوم التاسع عشر من يوليو لعام 1971 .. مذنب أم غير مذنب ؟! فأجاب الملازم احمد جبارة بأنه مذنب ولكنه أضاف : سيادتك لدى تعليق !! ولم يسمع رئيس المحكمة ذلك التعليق بل واصل في قراءة الاتهامات : مدعى عليك بقتل الضباط المعتقلين بقصر الضيافة في يوم 22 يوليو لعام 1971 مذنب أم غير مذنب ؟! فرد بأنه غير مذنب وواصل الملازم احمد جبارة الحديث : سيادتك في الإدعاء الأول انا اعتقلت رئيس مجلس ثورة مايو وبعض الأعضاء ما كلهم زي ما جاء بالادعاء ، أما الادعاء الثاني فأنا في يوم 22 يوليو ما ختيت رجلي في قصر الضيافة !! في هذه اللحظة طرق باب المحكمة العقيد حقوقي احمد محمد الحسن مدير فرع القضاء العسكري ورئيس المحاكم العسكرية الميدانية لمحاكمة مدبري الحركة التصحيحية ، وأشار باصبعه على ساعته في إشارة بأن الزمن قد مضى !! أمر رئيس المحكمة بإدخال شاهد الاتهام الوحيد ، وفي أثناء تأدية الشاهد لليمين القانونية وأخذ البيانات الأولية ، قاطع العقيد حقوقي احمد محمد الحسن المحكمة مرة ثانية قائلاً بلهجته المصرية (يلا مفيش زمن اخلصوا بسرعة !!) وأغلق من خلفه الباب .. واصل رئيس المحكمة الجلسة واستمعت لشهادة الملازم عبد العزيز محمود مدعياً بأنه شاهد المدعو الملازم احمد جبارة يطلق النار على المعتقلين في الغرفة التي كانوا يحتجزون بها ويقول لوكيل عريف (اتأكد انو أي واحد انتهى) وكانا يتجولان بين المعتقلين فإذا وجدا معتقلاً يتلوى أو يتقلب يرجعا إليه ويتخلصا منه .. أما – الملازم عبد العزيز – فقد قال: تمرغت في دم جاري حابساً أنفاسي وظنا بأنني ميت !! .. انتهت بذلك شهادة شاهد الاتهام فسألت المحكمة الملازم احمد جبارة : هل لديك شاهد دفاع ؟! فأجاب نعم لدي شاهد دفاع يشهد بأنني لم أكن بقصر الضيافة في ذلك اليوم ، وهو المقدم أب شيبة !! فرد عليه رئيس المحكمة "أب شيبة أعدم !! وواصل : هل لديك شاهد دفاع آخر ؟! فرد الملازم احمد جبارة غاضباً : (أنا كلمتكم لمن اخدتوه للإعدام .. قلت ليكم يا جماعة دا شاهدي الوحيد أخدوا شهادته وبعدين اعدموه !! هنا أجاب رئيس المحكمة : طيب .. طيب على كده ما عندك شاهد دفاع !! هنا تدخل العقيد حقوقي احمد محمد الحسن مقاطعاً الجلسة للمرة الثالثة ومخاطباً رئيس المحكمة (انتو بتلتو وبتعجنو في إيه الموضوع وما فيه .. ملتفتاً للملازم احمد جبارة قائلاً : يا قدع انت كتلت ولا ما كتلتش !؟! فرد عليه الملازم احمد جبارة مستخفاً : كتلتش !! وفي سخرية واضحة قال العقيد حقوقي احمد محمد الحسن :طيب يلا اوم يلا !!" قابل رئيس المحكمة تصرف العقيد احمد محمد الحسن باستياء شديد وأمر برفع الجلسة لمدة عشر دقائق.
                  

12-18-2011, 11:59 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: sourketti)

    Quote: محاكمة الملازم احمد جبارة
    صباح الرابع والعشرين من يوليو 1971 يحكي العقيد ركن (م) صديق (كنت حرساً للملازم احمد جبارة وقمت بإحضاره للمحكمة التي كانت منعقدة بمكتب العقيد محمد عبد القادر كيلاني برئاسة المدرعات في بداية الجلسة وجه رئيس المحكمة – بعد أخذ البيانات الأولية – الإدعاء الأول بقوله (مدعى عليك باعتقال رئيس وأعضاء مجلس قيادة ثورة مايو في اليوم التاسع عشر من يوليو لعام 1971 .. مذنب أم غير مذنب ؟! فأجاب الملازم احمد جبارة بأنه مذنب ولكنه أضاف : سيادتك لدى تعليق !! ولم يسمع رئيس المحكمة ذلك التعليق بل واصل في قراءة الاتهامات : مدعى عليك بقتل الضباط المعتقلين بقصر الضيافة في يوم 22 يوليو لعام 1971 مذنب أم غير مذنب ؟! فرد بأنه غير مذنب وواصل الملازم احمد جبارة الحديث : سيادتك في الإدعاء الأول انا اعتقلت رئيس مجلس ثورة مايو وبعض الأعضاء ما كلهم زي ما جاء بالادعاء ، أما الادعاء الثاني فأنا في يوم 22 يوليو ما ختيت رجلي في قصر الضيافة !! في هذه اللحظة طرق باب المحكمة العقيد حقوقي احمد محمد الحسن مدير فرع القضاء العسكري ورئيس المحاكم العسكرية الميدانية لمحاكمة مدبري الحركة التصحيحية ، وأشار باصبعه على ساعته في إشارة بأن الزمن قد مضى !! أمر رئيس المحكمة بإدخال شاهد الاتهام الوحيد ، وفي أثناء تأدية الشاهد لليمين القانونية وأخذ البيانات الأولية ، قاطع العقيد حقوقي احمد محمد الحسن المحكمة مرة ثانية قائلاً بلهجته المصرية (يلا مفيش زمن اخلصوا بسرعة !!) وأغلق من خلفه الباب .. واصل رئيس المحكمة الجلسة واستمعت لشهادة الملازم عبد العزيز محمود مدعياً بأنه شاهد المدعو الملازم احمد جبارة يطلق النار على المعتقلين في الغرفة التي كانوا يحتجزون بها ويقول لوكيل عريف (اتأكد انو أي واحد انتهى) وكانا يتجولان بين المعتقلين فإذا وجدا معتقلاً يتلوى أو يتقلب يرجعا إليه ويتخلصا منه .. أما – الملازم عبد العزيز – فقد قال: تمرغت في دم جاري حابساً أنفاسي وظنا بأنني ميت !! .. انتهت بذلك شهادة شاهد الاتهام فسألت المحكمة الملازم احمد جبارة : هل لديك شاهد دفاع ؟! فأجاب نعم لدي شاهد دفاع يشهد بأنني لم أكن بقصر الضيافة في ذلك اليوم ، وهو المقدم أب شيبة !! فرد عليه رئيس المحكمة "أب شيبة أعدم !! وواصل : هل لديك شاهد دفاع آخر ؟! فرد الملازم احمد جبارة غاضباً : (أنا كلمتكم لمن اخدتوه للإعدام .. قلت ليكم يا جماعة دا شاهدي الوحيد أخدوا شهادته وبعدين اعدموه !! هنا أجاب رئيس المحكمة : طيب .. طيب على كده ما عندك شاهد دفاع !! هنا تدخل العقيد حقوقي احمد محمد الحسن مقاطعاً الجلسة للمرة الثالثة ومخاطباً رئيس المحكمة (انتو بتلتو وبتعجنو في إيه الموضوع وما فيه .. ملتفتاً للملازم احمد جبارة قائلاً : يا قدع انت كتلت ولا ما كتلتش !؟! فرد عليه الملازم احمد جبارة مستخفاً : كتلتش !! وفي سخرية واضحة قال العقيد حقوقي احمد محمد الحسن :طيب يلا اوم يلا !!" قابل رئيس المحكمة تصرف العقيد احمد محمد الحسن باستياء شديد وأمر برفع الجلسة لمدة عشر دقائق.


    شبه قانونى سودانى ضليع محاكم الشجره بإنها مثل محاكم المرور فى السودان. اعتقد انها كانت محاكم الكنجارو. اتمنى ان ارى مذكرات للعميد
    معاش منير حمد,العضو الثانى فى محكمةعبدالخالق محجوب, كذلك كلى امل ان
    يخرج المقدم صلاح عبدالعال مبروك ليفيدنا لماذا حكم بالاعدام فى المحكة الثالثه على بابكر النور?.
                  

12-19-2011, 09:38 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: بجانب د. حسن علوب,ضمت لجنة التحقيق فى احداث انقلاب 19 يوليو كل من:
    2. اللواء حسين ابوعفان ممثل للشرطه

    3.اللواء محمود عبدالرحمن الفكى,ممثل للقوات المسلحه

    4. ممثل للنائب العام ' عرفت ان اسمه الاول مكاوى'

    5. ممثل لجهاز الامن " عرفت ان اسمه الثانى والاخير , سوار نميرى',وهو من اقارب جعفر نميرى.

    ارحو من يعرف الاسم الكامل للشخصان 4 و 5 ان يكمل الاسم الكامل وله/لها الشكر
                  

12-19-2011, 09:53 PM

عوض محمد احمد

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 5566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    هناك الطائرة العراقية التى كانت تقل وفدا كان من ضمنه عضو القيادة القومية محمد
    سليمان الخليفة و قد سقطت (او ربما اسقطت) فى شبه الجزيرة العربية
    ما الذى كانت تحمله الطائرة بخلاف الاشخاص؟
    المحير انه فى ذلك الوقت قد دان الحكم كلية للبعثيين العراقيين بقيادة المهيب احمد حسن البكر (منذ يوليو 1968م)
    و لم يكونوا على وفاق كامل مع الحزب الشيوعى العراقى: فماذا كان هدفهم من الوقوف مع حركة اتضح منذ الوهلة الاولى توجهها
    الشيوعى. كما ان حزب البعث السودانى لم يكن وقتها معروفا او يشكل حضورا فى الشارع باستثناء تشكيلات طلابية فى جامعتى الخرطوم و الفرع و قليل من المهنيين. فلم يكن لهم تقريبا وجود فى الجيش
                  

12-19-2011, 10:59 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: عوض محمد احمد)

    عزيزى عوض

    Quote: هناك الطائرة العراقية التى كانت تقل وفدا كان من ضمنه عضو القيادة القومية محمد
    سليمان الخليفة و قد سقطت (او ربما اسقطت) فى شبه الجزيرة العربية
    ما الذى كانت تحمله الطائرة بخلاف الاشخاص؟
    المحير انه فى ذلك الوقت قد دان الحكم كلية للبعثيين العراقيين بقيادة المهيب احمد حسن البكر (منذ يوليو 1968م)
    و لم يكونوا على وفاق كامل مع الحزب الشيوعى العراقى: فماذا كان هدفهم من الوقوف مع حركة اتضح منذ الوهلة الاولى توجهها
    الشيوعى. كما ان حزب البعث السودانى لم يكن وقتها معروفا او يشكل حضورا فى الشارع باستثناء تشكيلات طلابية فى جامعتى الخرطوم و الفرع و قليل من المهنيين. فلم يكن لهم تقريبا وجود فى الجيش


    دور العراق والقيادة القوميه لحزب البعث من ضمن ادوار القوى الاجنبيه التى يجب ان تبحث عند نقاش انقلاب 19 يوليو. كما ذكرت فإن علاقة البعث والذى وصل للسلطة فى انقلاب 17 يوليو 1968, كانت عدائيه مع الحزب الشيوعى العراقى وفصائل اليسار العراقى الاخرى مثل الحركه الاشتراكيه العربيه.كانت
    سجون العراق مثل قصرالنهاية,كانت تعج بالمئات من المعتقليين الشيوعيين واليساريين,بعضهم معتقل منذ العهد العارفى.
    بالنسبه للسودان,فالواجهه لحزب البعث فى السودان كانت منظمة الاشتراكيين العرب التى تأسست عام 59. اما الحلقات الاولى للبعث فى السودان فقد نشأت
    داخل منظمة الاشتراكيين العرب عام 1960.واتسعت بعد ذلك ليصبح البعثيين العمود الفقرى لمنظمة الاشتراكيين العرب.اما عن تنامى نفوذ البعثيين فى الجيش,فيرجع ذلك لفتره لاحقه,وذلك بعد الاعلان العلنى عن قيام حزب البعث فى
    السودان عام 74,والبعثات السودانيه العسكريه للعراق فى منتصف السبعينات.
    سأرجع للحديث عن تعاون البعث الحاكم فى العراق مع نظام 19 يوليو فى السودان,والادوار التى لعبها المرحوم عبدالخالق محجوب,اللواء سعيد كسباوى,والبعثيين فى السودان فى تمتين هذا التحالف.

    (عدل بواسطة Elmoiz Abunura on 12-20-2011, 00:10 AM)

                  

12-20-2011, 05:34 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    عزيزى عوض

    ارجع مره اخرى للحديث عن دور العراق والقياده القوميه لحزب البعث " جناح
    العراق" فى دعم نظام 19 يوليو فى السودان.
    بعد قبول ناصر لمشروع روجرز الداعى لايقاف حرب الاستنزاف المصريه لفترة 6
    اشهر مقابل التفاوض مع اسرائيل بخصوص الاراضى العربيه المحتله,وتخاذل الجيش العراقى فى الاردن " 20 الف جندى" من دعم المقاومة الفلسطينيه فى
    حرب ايلول الاسود 70 بالاردن, دخل العراق وحزبه القائد, البعث, فى عزلة
    مجيده.
    المرحوم عبدالخالق محجوب وحزبه الشيوعى,كان محترم, ومقدر من قبل اطراف
    الساحة التقدميه العربيه فى ذلك الزمان من شيوعيين,امتدادات حركة القوميين العرب القديمه والتى انتمت للفكر الماركسى بعد هزيمة يونيو 67
    ومنهاالجبهه الشعبيه لتحرير فلسطين,الجبهه الديمقراطيه,منظمة العمل الشيوعى -لبنان,الجبهه القوميه -اليمن الجنوبى, والبعثيين ايضا.ويرجع ذلك التقدير من التيارات و القوى القوميه العربيه للحزب الشيوعى السودانى لموقفه الراسخ والذى عبر عنه بوضوح المؤتمر الرابع للحزب الشيوعى فى " ازالة دولة اسرائيل الصهيونيه وبناء دولة فلسطين الديمقراطيه ".
    فى سعى عبدالخالق وقيادة الحزب الشيوعى لفك الحصارعن نظام 19 يوليو,غير
    المدعوم من الاتحاد السوفيتى,وجد ان العراق هى الجهة المهيأة فى الايام الاولى للانقلاب لدعم نظام 19 يوليو.وبرغم صغر تنظيم الاشتراكيين العرب فى
    السودان بقيادة خلايا البعث,الا ان هذا التنظيم كان حليف ثابت للحزب الشيوعى السودان فى ستينات القرن المنصرم,وعقب انقلاب مايو.


    اقف هنا وسارجع انشاء الله بعد احضار ابنائى غسان و مروان من مدارسهم.اليوم هو اخر ايام Asheville city Schools وبدء عطلة الشتاء.
                  

12-20-2011, 08:18 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    وقف تنظيم الاشتراكيين العرب ضد فكرة قيام تنظيم سياسى واحد تذوب فيه القوى السياسيه المختلفه " الصيغه الناصريه' ودعا لقيام الجبهه الوطنيه التقدميه والتى تشمل جبهه عريضه للاحزاب التقدميه وهى صيغه قريبه بعض الشئ مع بعض الاختلاف من طرح الحزب الشيوعى للجبهه الوطنيه الديمقراطيه, كبديل لطرح النظام المايوى للاتحاد الاشتراكى كوعاء جامع لتحالف قوى الشعب العامل.
    ايدت منظمة الاشتراكيين العرب انقلاب 19 يوليو مما شجع عبدالخالق محجوب وقيادة الحزب الشيوعى للاتصال بالسفارة العراقيه فى الخرطوم. قدم اقتراح لترشيح محمدسليمان الخليفه عبدالله, عضو القياده القوميه لحزب البعث لمنصب
    وزير تربية وتعليم,وللقيادى البعثى بدرالدين مدثر ليكون وكيل لاحد الوزارات.قام عبدالخالق محجوب يرافقه العقيد طيار انذاك,سعيد كسباوى بمقابلة السفير العراقى فى الخرطوم يوم 20/7/71. طالب عبدالخالق السفير
    ان ينقل طلب نظام 19 يوليو بالحصول على دعم سياسى,مالى,وعسكرى.اكدت العديد من المصادر هذه المقابله واخرها كتاب " عنف الباديه" لدكتور حسن الجزولى,و" أوراق سودانيه" للقيادى البعثى شوقى ملاسى.
    من سؤالى للعقيد طيار كسباوى فى بغداد,فى مايو 75,وفى منزل المرحوم عمر
    عديل,الدبلوماسى السودانى المتقاعد,وخبير الامم المتحده المعروف,والذي كان يشغل حينها وظيفة الممثل المقيم للامم المتحده فى بغداد,اكد كسباوى حقيقة ان الطائرة العراقيه كانت تحمل بجاني المرحوم محمد سليمان,وكوادر
    حزب البعث السياسيه,عسكريين عراقيين. اود ان اشير الى اننى كنت حينها
    طالب فى عامى الاول فى كلية الادارة والاقتصاد بجامعة بغداد,وكنت خارج حديثا من معتقل الامن العام الرهيب بعد اعتقالى مع 27 طالب سودانى لمدة 5 اسابيع بسبب اعتصامنا داخل السفارة السودانيه فى بغداد احتجاجا على
    زيارة نميرى للعراق.

    عندما وصلت للسنه الثالثه فى جامعة بغداد عام 76-77,واصبحت لدى بطاقة للمكتبه المركزيه,اطلعت على الصحف العراقيه التى صدرت
    خلال الفترة 25/7/71 الى نهاية شهر يوليو 71 ووجدت بها نعى لاكثر من 30 ظابط وفنى عسكرى عراقى كانوا فى طائرة الموت فوق صحراء السعوديه ومن بينهم قريب لصديقى العراقى امين حسن العانى. الجدير بالذكر ان الدبلوماسي السابق وكادر حزب البعث,سمير نجم كان هو الناجى الوحيد.
                  

12-21-2011, 11:28 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    كتب الاخ عدلان عبدالعزيز فى خيط سابق,نقلا عن نسخه غير مكتمله عن تقرير

    لجنة مولانا علوب منقوله بخط اليد , ومتوفرة عند الحزب الشيوعى معلقا على علاقة المرحوم فاروق حمدالله مع منظمة الاشتراكيين العرب فى السودان


    Quote: في تقرير اللجنة التي ترأسها د. علوب، القسم الثاني، وتحت عنوان:- هل هناك أطراف أجنبية في مؤامرة 19 يوليو؟ الفصل الأول، دور سلطة حزب البعث العراقي.. ورد التالي في خصوص الشهيد فاروق حمدالله:
    "

    Quote: وقـد كانت للإشتراكيين العرب بالسودان علاقة وثيقة بالسيد فاروق حمدالله و إن لم يوجد ما يثبت أنه كان عضواً ملتزماً بتنظيمهم، كما كانوا يلجأون إليه في كل الصعوبات التي تواجههم حينما كان وزيراً للداخلية، وقد تبنوا المذكرة "المستند رقم 26 للشاهد الأول" التي رفعها لمجلس قيادة الثورة بعد ابعاده، كما ادعى بعضهم أن حزبهم شارك في اعدادها "الشاهد 15 ص 9"

    أماني وأشرف فاروق حمدالله؛ والدكم إستشهد مناضل.. ل...ا إنتهازياً مغامراً!


    اعتقد ان هذه هى النسخه التى اعتمد عليها المرحوم د. محمد سعيد القدال, ود. عبدالماجد بوب
    فى كتابتهم عن تقرير لجنة مولانا علوب.
    ومازال البحث جارى عن نسخة التقرير الاصليه

    (عدل بواسطة Elmoiz Abunura on 12-21-2011, 12:24 PM)

                  

12-21-2011, 11:44 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    كتب د. عبد الماجد بوب عن كيفية حصوله على اجزاء من تقرير لجنة مولانا علوب:

    Quote: يجد القارىء من بين الوثائق المضمنة فى هذا الكتاب أجزاء من تقرير لجنة القاضى الدكنور حسن علوب. وقد تمكن احد الاكادميين المهتمين من وضع يده على التقرير المعنى بين محفوظات مجلس الوزراء فى الاسابيع الاولى بعد صدور التقرير. وشرع على الفور فى نقله بخط اليد وتمكن من تسويد نحو مائة وخمسين صفحة، قبل ان يتم سحب التقرير وابادته. وبذلك لم يتسن له نقل التقرير كاملا. والسؤال الذى يتطرق الى ذهن القارىء: كيف يمكن التيقن من سلامة الجزء المنقول من تقرير لجنة القاضى علوب؟ وبطبيعة الحال العهدة على الشخص الذى تحمل المسئولية العلمية والاخلاقية فى ابراز الاجزاء المتاحة من التقرير المعنى. وقد سعيت الى الاستوثاق من بعض الشهود الذين مثلوا امام اللجنة واكدوا دقة الافادات المنسوبة اليهم. كذلك عملت على مقاربة المعلومات المضمنة فى التقرير المنقول مع حصيلة المعلومات المتعلقة باحداث تلك الفترة. وفى هذا الحيز تقع عاتقى مسئولية التحقق مما تناولت من الاجزاء المتاحة من التقرير. وقد نشرت صحيفة الوطن (الخرطوم) فى عام 2008 وثيقة نسبت الى المرحوم معاوية ابراهيم سورج، باعتبارها وصيته التى اودعها لدى أحد اصدقائه. وتتطابق تلك ‘الوصية‘ مع افادة السيد معاوية ابراهيم امام لجنة القاضى علوب، ويشار اليه فى التقرير بالشاهد رقم واحد. وهذا ما عزز قناعتى بسلامة الاجزاء المتاحة لدى من تقرير المشار اليه. وبهذا القدر يلزمنى ان اتحمل مسئولية تضمينها بين الوثائق التى تسهم فى اضاءة ماحدث فى يوليو 1971.
                  

12-23-2011, 04:14 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: فى اعتقادى ان مذبحة بيت الضيافه كانت من صلب التحقيق وتدخل ضمن المهمة الثالثه " الظروف و الملابسات التى واكبت التأمر وعملت على فشله'. ومعلوماتى من مصادر مختلفه ومن شهود احياء توصح ان اللجنه قابلت العديد
    من الظباط الاحرار المعتقلين ومن الظباط الذين اعتقلوا فى قصر الضيافه ونجوا من المذبحه.صحيح ان اللجنه فى النهايه لم تصل بشكل قاطع للطرف المتسبب فى تلك المذبحه الدمويه. نأمل فى العثور على النسخه الاصليه لاماطة الثام عن نتائج تقرير واحده من اهم لجان التحقيق فى التاريخ الحديث للسودان.

                  

12-23-2011, 07:09 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    لصحافة 23/7/2005

    5يوليو1971 عرض تقرير اللجنة القضائية (الحلقة الأولى)

    بوادر انقسام الشيوعي بدأت منذ صدور بيانه صبيحة يوم الانقلاب (مايو 69)

    د. محمد سعيد القدال

    صدر قرار جمهوري في 13/8/1971م بتكوين لجنة برئاسة القاضي د. حسن علوب، وعضوية محمود الفكي ممثلا لقوات الشعب المسلحة وعثمان عفان وممثل من وزارة الداخلية وجهاز الأمن القومي وزارة العدل، للتحقيق في انقلاب 19 يوليو. وحدد القرار مهمتها للتحقق في الآتي:

    (1) طبيعة التآمر ودوافعه وأطرافه

    (2) المساعدات التي كان يتلقاها أو يتوقعها أطراف التآمر

    (3) الظروف والملابسات الأخرى التي واكبت التآمر وعملت على فشله.

    يقع التقرير في أكثر من 150 صفحة. ورغم كثرة الدراسات التي نشرت عن 19 يوليو، إلا أن هذا التقرير وثيقة مهمة لمن يريد دراسة انقلاب 19 يوليو معتمدا على مصدر أساسي. ولا شك أن الطبيعة شبه القضائية للتقرير تعطيه وزنا. ولكن رغم ذلك فإن التقرير ليس هو الكلمة النهائية في انقلاب 19 يوليو. فالوثائق مهما كان وزنها ليست هي التاريخ، وإنما هي الأساس الذي يعتمد عليه المؤرخ. ولكن بعض الدراسات الأكاديمية تعتمد على الوثائق بشكل مطلق وترصدها دون تبصر ودون رؤية نظرية. وفي هذا الصدد يقول الكاتب المصري صلاح عيسى: إن المؤرخين العرب خضعوا إلى رذيلة ضيق الأفق فجاءت معظم إسهاماتهم مجرد قدرة مذهلة على حشد كمية مهولة من التفصيلات التي لا تنسجم في أي مسار أو تخضع لأي مفهوم كلي شامل، غير مدركين أن هذا "التجميع" المفتقر تماما لأي "تنظير"، يؤدي نفس الدور الديماقوقي. فالتاريخ هنا لم يعد علما لفهم الماضي والتأثير في الحاضر وامتلاك المستقبل، ولكنه أصبح مجرد حوادث وحكايات يتسلى بها الناس ولا يفيدهم كثيرا ألا يعرفوها. ولكن الكاتب يؤكد على عدم طرح أدوات البحث الأكاديمي جانبا. (محمد سعيد القدال. الانتماء والاغتراب. ص 22).

    سقت هذه المقدمة للتأكيد على أن التقرير وثيقة لها وزنها ولكنه ليس وزنا مطلقا.

    بدأت اللجنة عملها يوم 13/10/1971م وقالت إنها لن تتقيد بالنتائج التي توصل إليها أمر التكوين.

    وحددت ثلاث قضايا لبحثها وهي:

    1 مرحلة تدبير الانقلاب

    2 مرحلة تنفيذ الانقلاب

    3 مرحلة دحر الانقلاب

    ينقسم التقرير إلى بابين وكل باب له عدة فصول. ويحمل الفصل الأول العنوان التالي: هل للحزب الشيوعي دور في المؤامرة؟ وينقسم إلى تسعة أجزاء. الفصل الأول منه عن صدى قيام ثورة مايو لدى الحزب الشيوعي. ويبدأ باستعراض تطور الحزب الشيوعي. وسوف نستعرض في عجالة ما جاء في التقرير، ليس لأن فيه جديد، ولكن لأنه يوضح منهجه المتكامل. تطور الحزب من خلايا سرية عام 1945 من بعض الطلاب والعمال. وفي عام 1946 تكونت الحركة السودانية للتحرر الوطني (حستو)، وهدفها النضال ضد الاستعمار، وطرح قضية الاشتراكية لمستقبل السودان بعد التحرر من الاستعمار. ووجدت "حستو" دعما من الحركة الشيوعية المصرية. ولم يكن للحزب صلة مباشرة بالحركة الشيوعية العالمية كانت أول صلة عام 1957 بالحزب الشيوعي البلغاري. وفي عام 1961اتصل بالحزب الشيوعي السوفيتي. وفي عام 1956 عقد مؤتمره الثالث بعد الاستقلال، وطرح برنامجا متكاملا وتنظيما داخليا، وغير اسمه إلى الحزب الشيوعي السوداني.

    واتسع نشاط الحزب بعد ثورة أكتوبر 1964. وحصل على 11 مقعدا في دوائر الخريجين من 15 وفي ديسمبر 1965 اتخذ البرلمان قرارا بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان. ولجأ الحزب للقضاء . الذي أصدر حكما بعدم شرعية قرارات البرلمان. ولكن لم يسمح لنوابه بالعودة للبرلمان. ورغم الحظر على نشاطه فقد فاز مرشحه في دائرة الخرطوم عام 1967، كما فاز عبد الخالق في دائرة أم درمان عام 1968. وعند قيام ثورة مايو كان الحزب الشيوعي هو الحزب الأساسي في المعارضة.

    ويقول التقرير إن الحزب الشيوعي حاد عن المفهوم التقليدي لأحزاب الشيوعية، فلم يجعل من دكتاتورية الطبقة العاملة هاديا له. كما أفسح مجالا لوجود حلفاء لتلك الطبقة غير ما يقتضي به المفهوم التقليدي. وعمد على تفادي الاتهام بالإلحاد بالتركيز على المفهوم المادي للتاريخ، حيث ضمن برنامجه حكما مرنا بشأن الدين عبر عنه بتحرير الدين من صورته القاتمة بوضعه في مجرى تطوره الحقيقي.

    ثم تناول التقرير موقف الحزب من الحركات العسكرية في السودان، وهي (1)حركة كبيدة (2)انقلاب 19 نوفمبر (3)حركة شنان عام 1959 (4)حركة الشهيد علي حامد (5)موقف الضباط الأحرار نحو ثورة أكتوبر (6) تمرد الضباط الأحرار بجوبا (7)حركة خالد الكد. ويخلص التقرير إلى أن موقف الحزب الشيوعي كان في مجمله هو التضامن مع تلك الحركات العسكرية باستثناء انقلاب 17 نوفمبر.

    وطرح التقرير السؤال التالي: هل كان للحزب الشيوعي دور في ثورة مايو؟ تكون تنظيم الضباط الأحرار عام 1965. كتب عنه عبد الخالق يقول: إن هذا التجمع يضم العناصر الناقدة للوضع في القوات المسلحة من الشخصيات المعادية للاستعمار التي شاركت في تحركات الجهاز. وطرحت العناصر التقدمية والشيوعيون لهذا التجمع برنامجا سياسيا للعمل يحوي طبيعة الفترة التي تمر بها البلاد. كما يحوي مفهوما ثوريا حول التحالف بين هذه الفئة وحركة الجماهير، ومفهوما للتغيير الثوري للسلطة. وكان يرمي هذا البرنامج الذي أقر إلى إخراج هذه الكتلة من حيز التفكير الإصلاحي السائد بين القوات المسلحة إلي حيز جديد ديمقراطي وثوري.

    واستعرض التقرير الصراع الذي دار داخل الحزب الشيوعي حول المشاركة في الحركة، والذي انتهى بالامتناع عن المشاركة. وقال إن الضباط الشيوعيين في تنظيم الضباط الأحرار قد خضعوا لرأي الحزب ولم يشتركوا في عملية 25 مايو ما عدا البعض بطريقة فردية. وبعد نجاح الحركة تم ضم بابكر النور وهاشم العطا إلى مجلس قيادة الثورة. وصدر في 25 مايو بيان الحزب الشيوعي، الذي قال إن ما حدث صباح هذا اليوم انقلاب عسكري وليس عملا شعبيا قامت به قوى الجبهة الوطنية الديمقراطية عن طريق قسمها المسلح. وقال إن السلطة اليوم تتكون من فئة البرجوازية الصغيرة في البلاد، ونبحث عن طبيعة هذا الانقلاب في التكوين الطبقي في تكوين مجلس الثورة الذي باشر الانقلاب. يشير هذا البحث إلى أن السلطة اليوم من فئة البرجوازية الصغيرة في البلاد. ثم يضيف البيان "لهذا أصبحت مهمة الحزب الشيوعي في تطوير الثورة في بلانا والوصول بها إلى تأسيس الجبهة الوطنية الديمقراطية. ونبه البيان السلطة من خطر الثورة المضادة. ودعا في الختام كل أعضاء اللجنة المركزية والأعضاء لدعم وحدة الحزب من الأفكار الضارة وتكريس جهدهم لتنظيم الجماهير.

    وبصدور هذا البيان بدأت بوادر انقسام في اللجنة المركزيةووقعت أول مواجهة حادة في اجتماع اللجنة المركزية في 7مارس 1970. وفي الثالث من أبريل اعتقل عبد الخالق وتم ترحيله إلى مصر في نفس اليوم. وبقي بها حتى 1/6 وأطلق سراحه في 17/7 وعقد بعد ذلك المؤتمر التداولي في الأسبوع الثاني من أغسطس، الذي صدر منه قرار بإدانة الأفكار المعارضة لأفكاره، وأعقب ذلك فصل المعارضين من اللجنة المركزية. وعقد الجناح المعارض مؤتمرا استثنائيا في أكتوبر أدانوا فيه عبد الخالق وجماعته.

    ويتناول التقرير مشاركة بعض أعضاء الحزب في السلطة سواء في مجلس قيادة الثورة أو في الوزارة أو الخدمة المدنية. وكانت مشاركة بموافقة الحزب. ثم يتناول موقف الحزب الشيوعي من بعض مشروعات الثورة، وهي الخطة الخمسية، وكان وزير التخطيط والوكيل ونائبه من الشيوعيين. وإذا كان بها أخطاء فإن الحزب الشيوعي ليس بعيدا عنها. والثاني المصادرة والتأميم. واعترض الحزب على سياسة التأميم والمصادرة، في الوقت الذي ساهم فيه أحد أعضاء لجنته الاقتصادية في وضعها. والثالث قانون العمل الموحد. وعندما تراجعت السلطة عنه لأسباب فنية، اعتبرها الحزب تراجعا عن خطها الثوري.
                  

12-23-2011, 07:15 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: الصحافة 28/7/2005


    يوليو 1971م

    عرض لتقرير اللجنة القضائية


    (الحلقة الثانية)


    د. محمد سعيد القدال

    الفصل الثاني من التقرير بعنوان «مرحلة مواجهة الحزب الشيوعي بالعداء لثورة مايو. أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً يوم 16 نوفمبر 1970مبإبعاد المقدم بابكر النور والرائد فاروق حمد الله والرائد هاشم العطا من عضويته، لأن المعلومات أكدت وجود صلات بينهم والعناصر المخربة. وفي اليوم التالي اعتقل عبد الخالق محجوب.

    فأصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بياناً، قالت فيه إن الإجراءات التي اتخذت ليست بالبساطة التي حاول أن يصورها بيان مجلس قيادة الثورة، وليست وليدة صدفة أو مفاجأة، بل هي تتويج لخط يميني ظل يعمل بدأب لتجميد الثورة السودانية التي دخلت مرحلة جديدة بعد 25 مايو وحصرها في حدود حركة إصلاحية. ويذكر البيان عدداً من المسائل التي أدت إلى عزل الأعضاء الثلاثة. فيقول إن الخطوات التي اتخذها مجلس الثورة جاءت بعد صراع طويل دار في البلاد وانعكس داخل المجلس حول أي اتجاه يجب ان يسير النظام، وأي منهج يتبعه في كل القضايا الأساسية التي تواجه البلاد. وصراع حول الأشكال الملائمة لوحدة القوى الثورية وبناء الجبهة الوطنية الديمقراطية. وصراع حول المفاهيم والتصورات للوحدة العربية والعلاقات بين الأنظمة التقدمية. وصراع حول دور القوات المسلحة وأجهزة الأمن ومستقبلها.

    وصدر منشور آخر بتاريخ 13 نوفمبر يعترض فيه الحزب على الاتحاد الثلاثي، واقترح بدلاً عنه التحالف والتنسيق الذي يعتمد نجاحه على الاعتراف بالدور المستقل للطبقة العاملة وتنظيماتها. ودعا إلى طرح موضوع الاتحاد الثلاثي للاستفتاء الشعبي.

    وصدر منشور من الضباط الأحرار بتاريخ 19/ 11 انتقد قرارات 16 نوفمبر، وحمل الحكومة الأخطاء السياسية التي ارتكبت. والتي مارسها العميد محمد عبد الحليم والرقيب العام والأمن القومي والسلوك الشخصي لبعض أعضاء مجلس الثورة وتسلط فئة من كبار الضباط بحكم صداقتهم لوزير الدفاع خالد حسن عباس. وهذا يؤكد وجود تنظيم سري للحزب الشيوعي داخل القوات المسلحة. وظلت المنشورات التي تنتقد النظام تترى.

    وفي العيد الثاني لثورة مايو تم عرض بداية الثورة التنظيمية، وكان ذلك بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. وجاء رد الحزب الشيوعي العنيف في منشور بتاريخ 30 مايو بعنوان: «الحزب الشيوعي يرفض طريق الدكتاتورية ومعاداة الشعب». وقال فيه إن خطاب اللواء نميري كان برنامجاً مفضوحاً لفرض نظام دكتاتوري بوليسي على الشعب. وتستنتج اللجنة أن الحزب الشيوعي استشعر الخطر من ارتكاز النظام على قاعدة شعبية منظمة. وإذا كانت كل أساليب الإثارة السابقة لم تجد فتيلاً في زعزعة النظام، فكان لا بد من التفكير في طريقة أخرى للنضال قبل أن يستفحل الخطر.

    وفي 15/6 أصدرت اللجة المركزية منشوراً بعنوان: «أنقذوا حياة عبد الخالق محجوب». ويقول تقرير اللجنة إن المنشور فيه مبالغة. (سوف أتعرض لهذا الأمر في تعليقي النهائي على التقرير) وصدر منشور آخر انتقد اعتقال الشيوعيين والديمقراطيين ومحاكمتهم في محاكم عسكرية. وقال التقرير إنه أصبح جلياً أن الحزب الشيوعي قرر انتهاج أسلوب جديد مغاير لما سلكه من قبل في صراعه ضد السلطة.

    ويتناول التقرير هروب عبد الخالق. في مساء 29/6/1970 اختفى عبد الخالق من المكان الذي كان معتقلاً فيه وهو المصانع الحربية، واختفى معه العريف الذي كان يعمل في تلك الليلة حكمداراً لحراسته. وخرج عبد الخالق من مكان اعتقاله وصحبه العريف إلى مكان متفق عليه، ووجدا عربتين بإحداها هاشم العطا وبالثانية محجوب إبراهيم (الشهير بمحجوب طلقة) الذي عمل من قبل نائباً لمدير المصانع الحربية. وينتهي التقرير إلى أن الحزب الشيوعي هو الذي رتب هذا الهروب.

    الفصل الثالث من التقرير بعنوان: دور الحزب الشيوعي في مؤامرة 19 يوليو 1971، وتناول أولاً التنظيمات السرية في القوات المسلحة.

    (1) أحرار مايو.. وهذا التنظيم يرعاه اللواء السابق أحمد الحليم والعميد سعد بحر. وكان اللواء خالد حسن عباس على علم بهذا التنظيم، وكان يقوم بتشجيعه، هدف التنظيم حماية ثورة مايو. ويحتضن الكثيرين الذين ترقوا من الصفوف. وأدى وجود ذلك التنظيم شبه الرسمي إلى انتشار جو من عدم الثقة والوقيعة بين الضباط. كما ترتب عليه تمييز القادة لمعاملة بعض الضباط. وأدى أيضاً إلى إضعاف الضبط والربط في بعض الوحدات.

    (2) تنظيم حزب الأمة.. يهدف هذا التنظيم إلى معارضة التقارب مع مصر ومهمة الشيوعيين.

    (3) الضباط الأحرار.. استقت اللجنة معلوماتها من أحد الضباط المنتمين للتنظيم عند استجوابه بواسطة الاستخبارات العسكرية بعد فشل انقلاب 19 يوليو. كانت أهدافه حماية الحياة السياسية الموجودة آنذاك (1968)، والعمل على حماية الديمقراطية وعدم السماح للسلطة بتغيير الدستور، أو ضرب أي حزب مهما كانت أفكاره. وكان من ضمن أعضاء التنظيم بعض الذين اشتركوا في أحداث 19 يوليو. وكان المقدم بابكر النور هو المسئول عن ذلك التنظيم. وبعد إعفاء أعضاء مجلس الثورة الثلاثة في نوفمبر1970، واصل أعضاء التنظيم اجتماعاتهم. وتم عقد اجتماع في القصر الجمهوري يوم10/7، ودار في الاجتماع نقد لسياسة مايو، وعن توقيت الانقلاب الذي ينوون القيام به. وتأجل الانقلاب إلى يوم 13 يوليو ثم إلى 19 يوليو بعد أن أجازته اللجنة العليا المكوَّنة من المقدم بابكر النور والعقيد عبد المنعم الملقب بالهاموش والرائد فاروق حمد الله ومحمد محجوب والرائد هاشم العطا والمقدم عثمان حاج حسين. ويقول التقرير إن هذا التنظيم هو الذي قام بانقلاب 19 يوليو.

    (4) تنظيمات أخرى.. هناك ما يشير إلى وجود تنظيمات أخرى مثل القوميين العرب، أو تنظيم آخر لم تتوفر للجنة معلومات عنه.

    ثم يتناول التقرير هوية تنظيم الضباط الأحرار الذي قام بتنفيذ انقلاب 19 يوليو. وتقييم الحزب الشيوعي لدور القوات المسلحة في ثورة 23 يوليو المصرية الذي تحول في نظرته للقوات المسلحة بعد أن كانت هذه النقطة غائبة عنه منذ تأسيسه وحتى الاستقلال. فكان يعارض التحاق الشيوعيين بالقوات المسلحة باعتبارها جهازاً لقمع الشعب. فأصبح له بعد ذلك نشاط في القوات المسلحة، وكان عبد الخالق هو المسئول عنه. وينتهي التقرير إلى أن تنظيم الضباط الأحرار الذي قام بانقلاب 19 يوليو هو تنظيم تابع للحزب الشيوعي. ومما يؤيد ذلك تبني الانقلاب لأفكار الحزب الشيوعي. الذين قاموا بالانقلاب كانوا يؤيدون خط عبد الخالق.

    وينتقل التقرير بعد ذلك إلى مدى اشتراك الحزب الشيوعي في مؤامرة 19 يوليو.
                  

12-23-2011, 07:26 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: لصحافة 1/8/2005



    19 يوليو .. عرض لتقرير اللجنة الوزارية



    ( الحلقة الثالثة )


    د. محمد سعيد القدال

    طرحت اللجنة السؤال التالي: ما مدى اشتراك الحزب الشيوعي في مؤامرة 19 يوليو؟ يلزمنا أولاً تحديد معنى الاشتراك الذي سيكون أساساً لقرار اللجنة في هذا التحقيق، لأننا لا نريد محاكمة الحزب الشيوعي، ولكن نريد تحديد مسئوليته في ظل المبادئ القانونية السائدة في السودان التي تحدد نطاق الاشتراك. ثم قدم التقرير شرحاً قانونياً لمعنى الاشتراك. وقال إن الاستيلاء على السلطة الشرعية بالقوة العسكرية يكون جريمة يعاقب عليها القانون. ولكن استثنت منه حالة الثورات التي تستمد شرعيتها من قدرتها على البقاء وتقبل الشعب لها وقدرتها في المحافظة على السلطة التي استولت عليها. «سوف نعلق على هذا الرأي في النهاية». ولذلك فإن الاستيلاء على السلطة يوم 19 يوليو يعتبر فعلاً غير مشروع وجريمة يعاقب عليها القانون. كما يكون الاشتراك في ذلك الفعل بالتحريض عليه، أو المساعدة فيه، أو تسهيل وقوعه عن قصد، أو الدخول في اتفاق لتنفيذه، مؤامرة للاستيلاء على السلطة عن طريق القوة العسكرية. فهل وقع من الحزب الشيوعي ما يكون سبباً لذلك الاشتراك؟ منذ 25 مايو كان عبد الخالق والمجموعة المناصرة له يصرون على أن ما حدث في 25 مايو 1969 انقلاب وليس ثورة، مع التشكيك في قدرة ذلك النظام الجديد على إنجاز مرحلة التحول الاشتراكي. ثم تحول موقف الحزب إلى نقد مغرض لكل ما يصدر عن النظام، حتى ولو كان القائمون به من أعضائه، الأمر الذي أدى إلى معارضة صارخة لكل ما تتخذه السلطة من خطوات، حتى اتخذت المعارضة صورة المواجهة والجهر بالعداء ضد إجراءات 16 نوفمبر 1970، فتحولت المعارضة بعد ذلك إلى إثارة ضد السلطة واستعداء الجماهير عليها، ودعوة الجماهير للنضال ضد الوضع القائم بتحقيق سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية. كما أن التنظيم السري للحزب هو الذي خطط هروب عبد الخالق.

    ومما يؤيد مشاركة الحزب الشيوعي في الانقلاب، المشاركة في الخطوات الأولى لتنظيم السلطة الجديدة، مثل جوزيف قرنق، الذي أحضر إلى القيادة العامة في الرابعة صباحا. وسوف نستعرض ما قاله عبد الخالق محجوب في محاكمته، التي استمعت اللجنة إلى تسجيلها بحضور العضو الممثل للقوات المسلحة في اللجنة. قال عبد الخالق: إنه طيلة الفترة التي قضاها في الاعتقال حتى 29 يونيو لا علم له بهذه الفترة. وبعد خروجه سمع في الأسبوع الثاني من شهر يوليو من بعض أعضاء اللجنة المركزية بأن هناك قلقاً في البلاد وأن هناك حركة في داخل القوات المسلحة تستهدف التصحيح، ولم تتضح مواعيدها ولم تحدد مواقيتها ولا علم للحزب بها. وحتى عندما كان المرحوم الشهيد هاشم العطا يتصل ببعض الشيوعيين كان على أساس أن لديهم فكرة وإذا توفرت لديهم إمكانات بإمكانهم عمل شئ لتصحيح الأوضاع في البلد والدفع بها للأمام، لم يحدد الزمان ولا المكان. وكان علم الحزب بوقوع الحركة يوم 19 يوليو عندما أعلن عنها في الراديو. وعندما علم عبد الخالق بالنبأ بحث عن هاشم العطا، لأنه علم أن هاشم اتصل باللجنة المركزية. واستفسر منه عبد الخالق عن حقيقة أنه أبلغ الرفاق في اللجنة المركزية. فقال إنه اتصل بهم، ولكن موضوع التنفيذ وكيف تم والمكان الذي سيتم فيه لم تعرف بعد. لهذا اجتمعت اللجنة المركزية.

    ويواصل عبد الخالق قائلا: «وأنا للأسف لم أحضر الاجتماع لأن واجبي كان حضور الاجتماع. ولكن صحتي لم تسمح بذلك لأنني كنت في حالة من الآلام الشديدة في الجسم من فعل التسمم... فكان لا بد المحافظة على وجودي حتى يتم العلاج»، ويستمر قائلا بأنه ابلغ اللجنة المركزية عند اجتماعها بأنه تأكد من المعلومات التي قيلت لهم، وأنه في حالة قيام أية حركة للتصحيح تستهدف دفع البلاد خطوات إلى الأمام، فإن الحزب الشيوعي سيعمل على مساندتها من الناحية السياسية وعلى توضيح أهدافها ودفعها من الناحية الجماهيرية.

    ويخلص التقرير إلى أن أقوال عبد الخالق تثبت الاشتراك في المؤامرة من الناحية الجنائية بمفهومها القانوني. وكان الحزب الشيوعي يهدف إلى الاستيلاء على السلطة لتحقيق برنامجه بإقامة الجبهة الوطنية الديمقراطية. فقام منطلقا من تلك البواعث بمعاونة تنظيم له في القوات المسلحة بالاشتراك وبالتحريض والمساعدة والاتفاق في مؤامرة للاستيلاء على السلطة من الحكومة الشرعية في 19 يوليو.

    الباب الثاني من التقرير بعنوان: هل هناك أطراف أجنبية في مؤامرة 19 يوليو؟ يتناول الفصل الأول: دور سلطة حزب البعث العراقي. نشأت الاتجاهات البعثية في السودان في العام 1956 من فكرة قيام اتحاد طلاب العالم العربي التي تبناها حزب البعث إبان الاتحاد بين مصر وسوريا. وكان مركز هذا النشاط جامعة القاهرة فرع الخرطوم. وعقب انفصال سوريا عن مصر في العام 1961، ظهرت في جامعة الخرطوم الفرع الجبهة الاشتراكية العربية. وبعد أن تخرج أعضاؤها انضم قادتها إلى الحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي بغرض بث أفكارهم في الحزبين. وبعد اندماج الحزبين انسحبوا من الحزب الموحد، ولم يكن لهم تنظيم وإنما كانوا يعملون من خلال الهيئات العامة. وفي العام 1962 صدر ميثاق الجبهة الاشتراكية. وبدأت صلاتهم مع حزب البعث العربي الاشتراكي. وكان لهم عداء مستحكم مع أنصار قومية عبد الناصر.

    وحصل جهاز الأمن على بعض البرقيات السرية المرسلة من السفارة العراقية في الخرطوم إلى قيادة حزب البعث في العراق توضح تحركات حزب البعث وصراعه مع النظام في السودان. مثال ذلك البرقية المرسلة بتاريخ 8/3/1970التي تقول إن المسؤولين المدني والعسكري لمنظمة الحزب في السودان يطلبان إبلاغ صدام حسين ومحمد سليمان والسامرائي والياس فرح وطارق عزيز وخمسة آخرين للحضور للخرطوم للمشاركة في ندوة العربي حيث يسعى السودان لتشويه سمعة الحكم الثوري في العراق، مما قد يؤثر على مخططات الحزب وأهدافه في السودان.

    وكان محمد سليمان حفيد الخليفة عبد الله هو الذي يمثل البعثيين السودانيين في القيادة القومية لحزب البعث في بغداد. وكان له نشاط بعثي كبير وسط الطلاب في سوريا عندما كان يتلقى تعليمه هناك. وعندما وقع الانقسام في حزب البعث انضم إلى الجناح الذي كان يتزعمه ميشيل عفلق، وفر إلى بيروت العام 1965، واختير بعد ذلك عضوا في القيادة القومية ببغداد، وأسند له منصب العلاقات الخارجية لحزب البعث وهو منصب يقابل وزير الخارجية، بل كان أعلى رتبة من أي وزير في الحكومة العراقية. وجاء إلى السودان أواخر العام 1970، وكان الهدف من الزيارة حسب الوثائق التي حصل عليها جهاز الأمن القومي الآتي:

    (أ) الاتصال بالتنظيم البعثي في الخرطوم ليشرح له موقف القيادة القومية من الاتحاد الرباعي باعتباره تنظيماً بين حكام لا بين جماهير.

    (ب) استمرار الحوار مع الحزب الشيوعي للتوصل إلى نقاط محددة تمكن من التعاون بين التنظيمين.

    (ج) التضامن مع الحزب الشيوعي وغيره من التنظيمات المناوئة لإقامة جبهة تقدمية واحدة في محاولة لإسقاط الحكم.

    (د) تشجيع عناصر الحزب على حضور المؤتمر العام للحزب مع وقوفهم كتلة واحدة مع ميشيل عفلق.

    (ه) تنوير عناصر الحزب بالخلافات داخل الحزب.

    وتلقى جهاز الأمن برقية مفادها أن هناك عدداً من السودانيين يتدربون على أعمال الصاعقة في معسكر في منظمة حزب البعث الفدائية. ويرجح جهاز الأمن أن الهدف القيام بنشاط داخل السودان. ويبذل حزب البعث مساعٍ كبيرة لإقامة نشاط في جبال النوبة. وكانت للاشتراكيين العرب علاقة وثيقة مع فاروق حمد الله، وإن لم يوجد ما يثبت أنه كان عضواً ملتزماً.

    ثم تناول التقرير سياسة العراق البترولية وأثرها على علاقته بالسودان. في العام 1970 أرسل العراق وفداً رفيع المستوى وعرض تزويد السودان باحتياجاته من البترول الخام ابتداء من العام 1972، وجرت مفاوضات لم تؤد إلى نتيجة.

    ثم تناول التقرير البعثات العسكرية والمنح الدراسية للسودانيين بالعراق. وكان عدد البعثات العسكرية يزداد سنوياً حتى الفترة السابقة على 19 يوليو. وظهرت محاولات السلطات العراقية لتجنيد بعض الضباط وضباط الصف والجنود الذين حضروا تلك البعثات. وكانت بعض المنح الدراسية لا تتم عن طريق الجهات الرسمية. وهناك عدد من الوفود السودانية التي ذهبت إلى العراق التي لم تكن تتم بالطرق الرسمية، ومنها الزيارة التي قام بها فاروق حمد الله في يوليو 1970، والتي قرأ سفير السودان في العراق خبرها في الصحف. واتخذ العراق مواقف عدائية لثورة مايو قبل 19 يوليو.

    وانتقل التقرير إلى مواقف العراق العدائية لثورة مايو قبل 19 يوليو. كان لصدور قرارات 16 نوفمبر صدى واسعاً في أجهزة إعلام حزب البعث في بغداد وبيروت، وبصورة عدائية لثورة مايو.

    ينقسم موقف العراق من أحداث 19 يوليو إلى شقين: الأول: الدعم المعنوي فقد تناولت أجهزة الإعلام العراقية أنباء الانقلاب بعد ساعات من وقوعه، بينما لم تبدأ إذاعات العالم في إذاعته إلا بعد الساعة العاشرة. كما أولته أجهزة الإعلام العراقية اهتماماً خاصا. ثم اجتمعت القيادات القومية والقطرية ومجلس قيادة الثورة العراقية. وتقرر الاعتراف فوراً بالنظام الجديد وتقديم الدعم اللازم له. كما أعلنت حركة الاشتراكيين العرب في السودان تأييدها الكامل للنظام الجديد.

    أرسل العراق على عجل وفداً على مستوى عالٍ برئاسة محمد سليمان. ولم يتصل أي شخص عراقي بالسفارة السودانية للحصول على تأشيرة، مما جعل سفير السودان يصفهم لاحقاً بأنهم يتصرفون كشركاء في الحكم. وطلب محمد سليمان من محافظ البنك المركزي العراقي تحويل مليوني جنيه إسترليني عاجلاً للسفارة العراقية في بيروت. تحركت ثلاث طائرات تضم وفداً على مستوى عال وعدداً من العسكريين الفنيين، بها أيضاً دعم عسكري. كل تلك القرائن كافية للتدليل على ضلوع النظام العراقي في المؤامرة.
                  

12-23-2011, 05:39 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: الصحافة 17/8/2005


    يوليو 1971م - عرض تقرير اللجنة الوزاري
    «الحلقة الأخيرة»


    د. محمد سعيد القدال

    تناول الفصل الثاني من الباب الثاني دور الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية الأخرى في المؤامرة. وانتهى إلى أنه لم يكن لهم دور مباشر فيها. ويتناول الفصل الثالث دور الامبريالية في المؤامرة. وأصبحت الحرب الباردة هي التي تحكم العلاقات الدولية. والسلاح الرئيسي فيها هو فن المخابرات. وقد برهنت التجربة أنها وراء كثير من الانقلابات، فهل كانت للامبريالية مصلحة في وقوع انقلاب شيوعي وقيام حكم شيوعي في السودان؟ مما لا جدال فيه أن هذا الأمر لا يتفق مع مصالح الامبريالية العالمية، مما قد يترتب عليه من تحول السودان إلى المعسكر الشيوعي الذي تصارعه الامبريالية، بدلا من أن يقف على الحياد بين دول العالم الثالث، كما أن قيام حكم شيوعي في السودان يفقد الامبريالية أية فرصة للاستثمارات أو العلاقات الاقتصادية الواسعة.

    أما إذا لم يعش الانقلاب الشيوعي طويلا، ويمكن للامبريالية أن تصطاد أكثر من عصفورين برمية واحدة. أولا التخلص من المد الثوري المعادي لها منذ قيام ثورة مايو والسياسة التي انتهجتها ثورة مايو والمعادية للامبريالية. وقد كشفت محاكمة اشتاينر دور الامبريالية في حوادث الجزيرة أبا عام 1970م، وقدمت وكالة المخابرات المركزية 18 مليون دولار لتدبير حركة الثورة المضادة في الجزيرة أبا، كما شجعت الامبريالية حركة التمرد في الجنوب. وامتد خطر ثورة مايو إلى المنطقة العربية باشتراكها في ميثاق طرابلس. وإلى أفريقيا برفضها الحوار مع نظام جنوب أفريقيا، ثم جاء الاعتراف بألمانيا الشرقية. وكل هذه أسباب كافية لسعي الامبريالية للتخلص من النظام في السودان، فإذا تيسر القضاء على النظام القائم بانقلاب شيوعي يستخدم فيه الحزب الشيوعي كطعم، فإن هذا سوف يسهل القضاء على الحزب الشيوعي باعتباره أكبر حزب منظم في العالم العربي وفي أفريقيا، مركزا لنشر الشيوعية في القارة الأفريقية.

    ولن يمكث أي انقلاب شيوعي طويلا في السودان، كما لن يبقى بعده الحزب الشيوعي سافرا أو مستترا، كما سينجرف معه المتعاونون والمتحالفون معه. وسوف ينفتح الطريق بعد القضاء على ثورة مايو أمام الرجعية للعودة إلى مواقعها وتشديد تحالفها مع أصدقائها القدامى.

    ما هي الظروف والدلائل التي تشير إلى أصبع الامبريالية في مؤامرة 19 يوليو؟ كانت مخابرات الدول الامبريالية وراء كثير من المشاكل والانقلابات التي تشهدها القارة الأفريقية، فكانت المخابرات الإنجليزية والأميركية وراء فتنة الجزيرة أبا في مارس 1970م واحتضنت المخابرات الأمريكية فليب عباس غبوش. وطلب مندوب المخابرات الأميركية من اشتاينر تقييما للتمرد في الجنوب، وقال المندوب إن اهتمام أميركا بجنوب السودان ليس كبيرا، ولكن هدفها قلب نظام الحكم في السودان وإحلال نظام موالٍ لأميركا. وأشار المندوب الى أنهم وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة في أغسطس 1969م التي كان وراءها فليب غبوش.

    وتشير الدلائل إلى أن المخابرات الأميركية والبريطانية كانت تتخذ لها عملاءً من بين صفوف الحزب الشيوعي، تستقي من خلالهم أخباره وتتابع نشاطه. وتلقى جهاز الأمن القومي تقريرا من مصدر في الخارج يقول 'ن الأخوان المسلمين يرون أن الانقسام أصبح كاملا بين حكومة الثورة والحزب الشيوعي أحد أقوى الأحزاب في السودان. وقد زادت قوته بعد نجاح ثورة مايو. ويستمر الإخوان قائلين إن الحزب في عدائه للنظام الحالي لن يقف عند حد، وأن فترة الشهر الماضي كانت فترة استعداد خطير للحزب، وأن كميات من الأسلحة وصلت من اريتريا وأثيوبيا وبعلم المخابرات الأميركية والبريطانية عن طريق الشيوعيين المنشقين. وعلمت تلك المخابرات عن طريق عملائها في صفوف الحزب الشيوعي، أن قبائل في غرب السودان تم حشدها فكريا لنصرة الإسلام، ومستعدة للتحرك في حالة تهديد الوجود الإسلامي في السودان على يد الشيوعيين. ويقول الإخوان إن هذا أمر تعلمه الحكومة وتسكت عنه، وهذا أيضا ما يدفع الشيوعيين إلى سرعة التحرك لقلب نظام الحكم، كما أن بريطانيا عادت للتدخل الصريح مع أميركا في السودان، وأنها تؤيد الشيوعيين في موقفهم من ثورة مايو وفي معارضتهم لميثاق طرابلس. وإذا انفجر الصراع بين الحكومة والشيوعيين، سيقضي عليهم معا ويفتح الطريق لعودة حزب الأمة حليف بريطانيا، وكذلك الأخوان. ولو أدى انفجار الصراع إلى انفصال الجنوب، حتى ولو سيطر عليه الانفصاليون الشيوعيون، فهذا أمر يمكن تدبيره في المستقبل بانقلاب يميني، كما أن أميركا تصر وتخطط لإنهاء أمر السودان قبل حل مشكلة الشرق الأوسط وفتح قناة السويس، ولا تمانع أن يطيح اليساريون بالرئيس نميري، ثم يطيح الأمة والاتحادي والأخوان بالجميع، خاصة أن القاهرة ستظل مقيدة الحركة لعدة شهور. وكان الأخوان خلال موسم الحج متفائلين جدا، وأن النصر سيكون للمهدية والأخوان بعد الصراع الذي سينفجر خلال هذا الشهر أو على أقل تقدير قبل موعد الاحتفال بالذكرى السنوية للثورة. وقد نقل هذه المعلومات مصدر دائم الاتصال بجماعة الأخوان المسلمين.

    ويقول المصدر إنه صدر منشور باسم جبهة المقاومة الشعبية التابع للأخوان، ويعمل بمساعدة بعض العناصر الأجنبية والعميلة في كل من لندن وبيروت وجدة. يقول المنشور يدور هذه الأيام صراع رهيب على السلطة في السودان، وينحصر الصراع في هذه المرحلة فقط داخل الحزب الشيوعي من ناحية وصراع في أوساط العسكريين من ناحية أخرى، فهل يا ترى من انتصار آخر لنميري، هل ينجح في عزل المجموعة الصغيرة من الضباط التي تساند الشيوعيين؟ إن الأسابيع التي بين أيدينا كفيلة بالإجابة على هذا السؤال، فالأزمة قد بلغت حداً لا يمكن تجاوزه دون انتصار نهائي لفريق على آخر. وأيا كانت النتيجة فإن نظام الحكم في السودان ضعيف وخائر إلى أبعد الحدود.

    ويعلق التقرير على هذا المنشور الذي كان متداولا في إنجلترا في أواخر شهر مايو عام 1971م، أنه يدل على براعة التنبؤ. ولم يصدر ذلك التنبؤ فقط نتيجة لتحليل الوضع، بل عن علم بخفايا الأمور.

    تعليق على التقرير19 يوليو:

    كثر الحديث عن هذا التقرير، حتى وصلت بعض الشائعات إلى أنه تم إحراقه. وهذا التقرير جهد أكاديمي متميز، سواء اتفقنا أو اختلفنا معه. إن البحث الأكاديمي لا يقوم على اتفاق الآراء، وإنما على صرامة المنهج الذي يعتمد عليه الباحث. وهذا ما يجعل الحياة الأكاديمية تنمو وتزدهر.

    واعتمد التقرير على وثائق حكومية وتقارير أجهزة الأمن المحلية والخارجية، وعلى أدب الأحزاب السياسية. واستمع إلى العديد من الشخصيات التي عاصرت الأحداث. ولكن كل الشهود الذين استمع إليهم من الجماعة التي انقسمت عن الحزب بعد المؤتمر التداولي في أغسطس 1970م، ورغم وقوع الانقسام في 1970م، إلا أن جذوره تمتد إلى الستينيات، ودخلت فيه منذ ذلك التاريخ قوى أجنبية بأجهزة مخابراتها. وما كان لتلك اللجنة إلا أن تستمع إلى تلك المجموعة، لأن المجموعة التي يسميها التقرير «جناح» عبد الخالق، إما أعدموا أو في السجون أو في المنفى. ورغم أن اللجنة يرأسها قاضٍ مقتدر أعطاها طبيعة شبه قضائية كما يقول التقرير، وأضفى عليها الكثير من الاتزان، إلا أن بقية عضويتها كانوا يمثلون أجهزة السلطة: القوات المسلحة، الشرطة، جهاز الأمن، وزارة العدل، مما أضفى عليها بعض ظلال السلطة وانحازت لها. مثال ذلك أنها اعتبرت أي استيلاء على السلطة بالقوة يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. ولكن واجهها انقلاب مايو الذي استولى على السلطة بالقوة. فقال التقرير: تستثنى حالة الثورات التي تستمد شرعيتها من قدرتها على البقاء وتقبل الشعب لها، وقدرتها في المحافظة على السلطة التي استولت عليها وفقا لتلك المبادئ. وهذا بلا شك تبرير لانقلاب مايو وليس حكما مبدئيا صارما. ومثل هذا الحكم يعطي بلا شك تبريرا لأي انقلاب يستمر في السلطة لبضع سنوات ويدعي الشرعية، كما أن الاستيلاء على السلطة بانقلاب هو عمل فوقي ولا يملك التأهيل التاريخي الذي يمنحه الشرعية الحقيقية، ولن يستمر مهما طال أمده، وسوف يمضي إلى مزبلة التاريخ بعد أن يكون قد أحدث أضرارا بعضها مدمر.

    وأدى اعتماد التقرير على مصدر أحادي إلى وقوعه في خطأ آخر، فقال إن الحزب الشيوعي أصدر بيانا بعد اعتقال عبد الخالق في 16 نوفمبر 1970م، قال فيه إن حياة عبد الخالق معرضة للخطر نسبة للظروف الشاقة التي يواجهها في معتقله، فقال التقرير إنه زار مكان اعتقال عبد الخالق في سلاح الذخيرة ووجده مكاناً ملائما للسكن. ولكن التقرير قال نصف الحقيقة. عندما اعتقل عبد الخالق في البداية وضع في أم درمان في زنزانة سيئة جداً حتى أصيب بالتهاب رئوي. وهدد الطبيب الذي كان يشرف على علاجه الدكتور عبد الرحمن الدرديري، بأنه سوف يفجر الأمر إذا لم ينقل عبد الخالق إلى مكان آخر، وتم نقله بعد ذلك. والدكتور عبد الرحمن خالي وصديق عمري، وهو الذي حكى لي تلك الحادثة.

    ورغم أن التقرير استوفى أغلب الجوانب المتعلقة بانقلاب 19 يوليو، إلا أن هناك جوانب أخرى تحتاج للمزيد من الاستقصاء، ولعلها لا تقع ضمن مهام اللجنة التي أوكلت لها. ولكن هذا لا يعفينا من طرحها، أولها أن تحديد دور الحزب الشيوعي يحتاج لوقفة. فهل طرحت مسألة الانقلاب في مؤسسات الحزب التي فصل أمرها التقرير؟ هل كان تنظيم الحزب في القوات المسلحة يخضع لتلك المؤسسات، أم أنه بطبيعته الحساسة كان له وضع مختلف، وأن ذلك القرار جعل تحديد الانقلاب وموعده لا يخضع تماما لتلك المؤسسات؟ إن مشاركة الحزب في الانقلاب أمر لا يحتاج إثباته لكبير عناء. ولكن ما مدى مشاركة الحزب بمؤسساته في الانقلاب؟ لقد أيدت عضوية الحزب الانقلاب كما أيدت انقلاب 25 مايو من قبل. ولكن نميري وزمرته صبوا جام غضبتهم الهمجية على كل الحزب، سواء خطط له أم كان ذلك تأييدا عاما بعد وقوع الانقلاب.

    لم يكن انقلاب 19 يوليو الأول في تاريخ السودان الحديث ولم يكن الأخير. ولكن رد الفعل الذي قوبل به ذلك الانقلاب كان همجياً لم يشهد السودان له مثيلا من قبل، وجاءت بعده ردود فعل لا تقل همجية. وشاركت في رد الفعل ذاك قوى أجنبية. فقد روى الأستاذ محمد حسنين هيكل أن برماريوف، أحد قادة الحزب الشيوعي السوفيتي، اتصل بالسادات وطلب منه أن يتوسط لدى نميري حتى لا يعدم الشفيع القائد العمالي الفذ. واتصل السادات بنميري وطلب منه أن يعدم الشفيع ويعدم معه «رأس الحية» يقصد عبد الخالق. ولم تكن المنازلة مع مجموعة قامت بانقلاب، ولكنها كانت منازلة دموية لاقتلاع حزب سياسي من الحياة السياسية. وهذا أمر يعبر عليه كثير من الناس سريعا ولكنه لبُّ المأساة.

    ولم يتعرض التقرير لمذبحة بيت الضيافة.. من نفذها؟ وهل جماعة هاشم العطا هم الذين قتلوا ذلك النفر من الضباط وأبقوا على حياة نميري وزمرته؟ أم أن هناك قوى أخرى لها مصلحة في القضاء على ذلك النفر من الضباط الذين يمثلون تيارا داخل سلطة مايو، لا تريد لذلك النفر البقاء؟ ولماذا يبقى أمر تلك المذبحة لغزا أو يسكت عنها ويذهب دم ذلك النفر هدراً؟

    نتمنى أن يفتح التقرير شهية الباحثين للمزيد من الاستقصاء والتحري، بنفس المنهج الذي اتبعته اللجنة.
                  

12-25-2011, 01:38 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: الرائد (م) عبد العظيم سرور يواصل الكتابة لـ (الايام)


    *19 يوليو .. التخطيط.. التنفيذ .. الهزيمة


    *الاسباب العسكرية التي قادت لدحر الحركة


    ثانيا: الاسباب العسكرية
    كان اول اخطائنا في هذا الجانب ان القراءة للوضع المزاجي وتقدير الموقف وواقع الحال داخل القوات المسلحة ومسألة (جس النبض) لم تكن سليمة فقد كان الرأي الذي اعتمدناه أن المزاج داخل القوات المسلحة ضد مايو مائة بالمائة، وأنه اذا قامت أي جهة بانقلاب ضدها لن يهب أحد لنجدتها وسيلقي ذلك الانقلاب كل المساندة والتأييد من القوات المسلحة، وبالطبع كان ذلك الاعتقاد خاطئا جدا، وبالرغم من الاقرار بحالة التذمر والاستياء من مايو فهل كان ذلك كافيا لقيام انقلاب من نوع انقلابنا؟ وهل كان يمكن ان يلقي انقلاب يساري تأييد ومساندة كل القوات المسلحة؟ اعتقد اننا لو سألنا انفسنا هذا السؤال قبل التفكير في قيام الانقلاب وأجبنا عليه بصراحة وهدوء ودون جنوح للمغامرة لنبذنا فكرة الانقلاب أو قمنا بتأجيله حتى تأتي الظروف المناسبة، كان يجب ان ندرك ان اي انقلاب يساري لن يحظى بموافقة كل اولئك المتذمرين الكارهين لنظام مايو لان كراهيتهم له بجانب تجاوزاته الكثيرة السيئة كانت بسبب الاعتقاد بأنه نظام شيوعي.
    تحدثت في فصل سابق عن حجم ونوع التحضيرات العسكرية التي أنجزت استعدادا للانقلاب من حيث زيادة القوة وتوفير المعدات واستبدال الحراسات على منازل رئيس واعضاء مجلس قيادة الثورة، لكن احساسي ان ذلك كله لا يعتبر كافيا للقيام بانقلاب ضد مايو وسلاحيها الاساسين: المظلات واللواء الثاني مدرعات الذي كان يقوده العقيد سعد بحر والذي عمل فيه اللواء خالد حسن عباس واشرف عليه منذ بدء تأسيسه، كانت قوة سلاح المظلات في حدود لوائي مشاة تقريبا وكان سلاحا جيد التدريب مكتمل الاسلحة والمعدات وكان يلقي كل الرعاية ويحظى بأهتمام خاص من مجلس قيادة الثورة، فهو السلاح الذي تحرك مع اللواء الثاني مدرعات من خور عمر للاستيلاء على السلطة في 25 مايو 1969م، وقد عمل مجلس الثورة على اعداده وتجهيزه مع اللواء الثاني مدرعات ليكونا يد مايو القوية الضاربة، ولقد اشرت الى ان سلاح المظلات كان اول سلاح دفع به للتصدي لتجمعات الانصار بالجزيرة ابا، وبحساب الارقام لم تكن قوات الحرس الجمهوري تزيد على 1500 ضابط صف وجندي اي اقل من لواء مشاه باعتبار ان اللواء مشاة حسب التنظيم الغربي يعد في حدود الالفين ضابط صف وجندي ذلك اذا كان اللواء يضم ثلاثة كتائب مقاتلة وكتيبة ادارة بدون اسلحة مساعدة مثل المدرعات، المهندسين، المدفعية، الاشارة والطبي، فاذا تم توزيع قوات الحرس الجمهوري على المهام المحددة حسب الخطة وهي القيادة العامة بما فيها سلاح المظلات، كتيبة المظلات بشمبات، كتيبة جعفر بام درمان، حامية بحري، جهاز الامن القومي، الاذاعة، المطار، المواصلات السلكية واللا سلكية، ثم الاعتقالات نستطيع ان ندرك تماما مدى ضعف قواتنا، هذا ما يتعلق بالحرس الجمهوري فقط، ولا تفاصيل لدي عن اي قوات دعم اضيفت اليه، واذا كان هناك اي مجال للدعم في ذلك الوقت فربما كان من قوات مصنع الذخيرة وهي قوات قليلة العدد نسبيا بحكم ان طاقة السلاح محدودة ويعتمد على عدد من الفنيين الذين سبق ان ارسلوا الى المانيا الغربية لتلقي دورات تدريبية في تصنيع الذخائر وعدد محدود من الصف والجنود في الرئاسة والادارة، ومن حيث الاستعدادات في مجال التدريب والتسليح لم يكن الحرس الجمهوري قد استعد بدرجة كافية وذلك لان قواته المدرعة لم تكتمل حينذاك وكانت نواة سرية مدفعيته قد عادت لتوها من عطبرة، ولم تتلق تدريبا كافيا لاكتساب الخبرة ولم تكن معداتها واسلحتها التي تدربت عليها قد وصلت الى الحرس الجمهوري حتى ذلك الوقت، وكان اكبر دليل على عدم استعداد قوات الحرس الجمهوري ان بعض قواته كانت تحمل بنادق ماركة (4) وهي تستعد لاقتحام معسكر سلاح المظلات المنيع بشمبات وتدخل معركة حياة او موت، خصوصا اذا لجأت قوات المظلات لاي مقاومة اما اللواء الاول مدرعات بقيادة العقيد عبد المنعم محمد احمد (الهاموش) فبالرغم من التحسينات والاضافات التي ادخلت عليه فقد كان اقل عددا وخبرة من اللواء الثاني وكان عدد الضباط الذين يقودون قوات الحرس الجمهوري لا يتجاوز التسعة عشر ضابطا من الشيوعيين والديمقراطيين، و على ذكر الضباط الشيوعيين تجدر الاشارة الى ان ثلاثة من الضباط الذين كان يعتمد عليهم في تنفيذ بعض مهام الخطة قد تغيب اثنان منهم لظروف موضوعية اقتضت سفرهما خارج البلاد، وهما الملازم اول (ع) الذي سافر لقضاء شعر العسل والملازم اول عبد المتعال ابراهيم الذي كان ضمن القوات المرابطة في الجبهة المصرية، اما الثالث وكان يعتمد عليه في تنفيذ جزء من الخطة وهو الملازم اول (ب) فقد قال عندما اخطر بمواعيد الانقلاب قولته المشهورة التي تغني عن ذكر اسمه (ادركني يا رسول الله) وسافر الى القاهرة فجأة في اجازة لم يكن قد خطط لها من قبل.
    كانت كل الاستعدادات التي تمت في تقديري لا تعد شيئا اذا قارناها بحجم القوات المعادية من سلاح المظلات ولواء ثاني مدرعات وجهاز امن واستخبارات ولم اكن مقتنعا بما كان يردده بعضنا بان مايو اكتسبت عداء الجميع عداء فئة قليلة من القوات المسلحة ولن تجد من يساندها اذا تحركنا نحن ضدها او تحركت ضدها اي جهة اخرى.
    ظهر ضعف قواتنا حتى بالنسبة للمواطن العادي فقد اشرت في فصل سابق الى ان بعض الاصدقاء والحادبين على يوليو نبهونا الى ضعف قواتنا وقلة عددها فقد كانت الحراسة على مداخل ومخارج العاصمة منعدمة تماما كما كانت حراساتنا على الكباري ضعيفة جدا ولم تكن لنا نقاط للتفتيش او دوريات آلية تطوف نواحي العاصمة.
    لا اعتقد ان موضوع التأمين قد نوقش بالقدر المناسب اثناء التخطيط للانقلاب او في مرحلة ما قبل التنفيذ ولم توضع خطة محددة لتأمين الانقلاب بعد نجاحه ولم يكن التفكير في قيام انقلاب مضاد بالسرعة التي حدث بها في 22 يوليو واردا، وانحصر التفكير في احتمال مقاومة الانقلاب اثناء التنفيذ، ووضعت لذلك بعض المعالجات خصوصا في مواجهة سلاح المظلات الذي كانت مقاومته متوقعة ان سبل ووسائل التأمين كانت ممكنة اذا كان التفكير قد تم فيها بجدية منذ البداية فقد كان يمكن الاستعانة بقوات من الاقاليم مثل قوات القيادة الغربية التي سبقت الاشارة اليها، لقد ثبت لنا ان قواتنا ضعيفة وليست كافية لتأمين الانقلاب وسد الثغرات الكثيرة المفتوحة واقتنعنا بضرورة الاستعانة بقوات اضافية من القيادة الغربية لكن تنفيذ ذلك لم يتم بسبب الربكة وضيق الوقت.
    من اسباب الهزيمة ايضا ضعف الاشراف العسكري وعدم حضور القيادة، فالوضع منذ بدايته كان يتطلب وجود قيادة حازمة في مواقع ثابتة ومحددة لمراقبة الموقف لحظة بلحظة وتصريف الامور بدقة وحذر، وقد افتقدنا ذلك منذ يوم 19 يوليو وخصوصا في الثاني والعشرين منه، وذلك بسبب انشغال القائد العسكري الرائد هاشم العطا بالامور السياسية ولم يكن قد تم ترتيبها من قيل مثل صياغة البيانات والمراسيم الدستورية والاوامر الجمهورية وامور الدولة الملحة مثل تشكيل الوزارة والادارات المختلفة، وكما اشرت فقد كان سبب انشغال هاشم غياب ثلاثة من قادتنا المهمين بابكر وفاروق ومحمد محجوب. واعتقد اننا كنا غير موفقين عندما تركنا قائدا حازما مثل المقدم عثمان حاج حسين (ابشيبة) لمباشرة مهام محدودة في الحرس الجمهوري بدلا من وجوده في مقر قيادة الحركة بالقيادة العامة لتصريف الامور والتعويض عن غياب الرائد هاشم العطا فقد كان بلا شك يستطيع حسم كل تلك الفوضى التي عمت القيادة العامة والتي كانت سببا اساسيا في هزيمتنا.
    اشرت في فصل سابق الى ان عددا كبيرا من الضباط الناقمين على مايو لاسباب موضوعية وغير موضوعية وبينهم عدد من الذين فصلتهم مايو لعدم الكفاءة اسرعوا بعد نجاح انقلابنا للقيادة العامة وسلاح المدرعات والحرس الجمهوري لابداء مساندتهم للنظام الجديد وقد تكدسوا في مكاتب وقاعات القيادة العامة، وبسبب الغياب المستمر لهاشم ومحجوب ومحمد احمد الريح ومحمد احمد الزين، كان بعض اولئك الضباط يديرون الامور ويردون على الاتصالات الهاتفية وكان منهم المقدم صلاح عبد العال مبروك والذي سيرد ذكره لاحقا، تفشت تلك الفوضى بشكل اساسي في القيادة العامة ومثلها في سلاح المدرعات خصوصا بعد ان اعيد اللواء الثاني للخدمة بضباط صفه وجنوده، اما الضباط فقد عادوا لاعمالهم وكان بعضهم برتب اعلى من رتب ضباطنا وبحكم اقدميتهم تولوا تصريف الامور، بالرغم من انه لا علاقة لهم بتنظيم الضباط الاحرار او حركة 19 يوليو، ويبدو ان بعض ضباطنا المتراخين قد استمرأوا ذلك الوضع فتركوا الحبل على الغارب وتفرغ بعضهم للمسائل الاستعراضية مثل مرافقة العقيد الهاموش والرائد هاشم في طوافهم على الوحدات وحضور الاجتماعات السياسية، كان ذلك يجري في القيادة العامة وسلاح المدرعات في الوقت الذي كان فيه ابشيبة لا يفارق مكتبه الا للضرورة القصوى وحتى اللحظات القليلة التي كان يحاول ان ينال فيها قسطا من الراحة كان يقضيها مستلقيا على سرير بمكتب النقباء ولم تكن تغمض له عين وكان يتولى الرد على المحادثات التلفونية بنفسه دون الاستعانة باحد حتى الضابط (النوبتجي) وكان ضباطه لا يتحركون من مواقعهم الا باذنه شخصيا ولتنفيذ مهام يكلفهم بها.
    ظهرت اثار تلك الفوضى التي كانت تجري في القيادة العامة وسلاح المدرعات منذ بداية تمرد اول دبابة وقد كان الذين قادوا التمرد ضد يوليو هم ضباط وصف وجنود اللواء الثاني مدرعات بعد ان اعيدوا للخدمة وباشروا اعمالهم واستلموا دباباتهم واخذوا يحركونها لغرض ولغير غرض وبالرغم مما قيل بأن دبابات اللواء الثاني كانت (ابر ضرب نارها) منزوعة الا ان بعض الدبابات كان بابرها وكامل اشيائها لذا فقد كان تحريكها سهلا، وكان اداؤها فعالا ومدمرا، وكانت الاوامر قد صدرت لضباط اللواء الاول بنزع ابر ضرب نار الدبابات التي لا يستخدمونها، الا انهم بسبب الاهمال والتراخي لم ينفذوا الامر بالدقة المطلوبة، وظهر دور الضباط المتكدسين والمندسين في القيادة العامة واولئك الذين اتخذوا مواقع قيادية في سلاح المدرعات بعد بداية التمرد فقد كانوا يروجون الاخبار المضللة ويجيبون على الاسئلة التي ترد اليهم من الحرس الجمهوري والقيادة العامة، وبعض مواقعنا حول حقيقة الموقف بأن دبابة واحدة قد تمردت وان دباباتنا تطاردها، وكنا في ذلك الوقت كما سبق القول محاصرين في الحرس والقصر الجمهوري بثمان دبابات، وظهر ذلك التأمر ال######## بعد ان تفاقم الامر وظهرت بوادر الهزيمة فقد كانوا يردون على كل من يتصل بهم مستفسرا عن الموقف وكيف يكون التصرف بقولهم (انهزمنا وما عليكم سوى الاستسلام) تلقى تلك الردود اليائسة والمحبطة النقيب معاوية عبد الحي في كتيبة شمبات والملازم احمد الحسين بالاذاعة وتلقاها ضباطنا في مواقع اخرى، وكانوا في تلك اللحظات الحرجة يتصلون بالحرس الجمهوري للتأكد من المعلومات التي وردت اليهم من القيادة العامة وسلاح المدرعات فكان المقدم عثمان ينفي اخبار الهزيمة ويأمرهم بالبقاء في مواقعهم والمقاومة حتى النهاية، ولا شك ان عثمان الذي كان لا يكف عن الاتصال قد تلقى مثل تلك الافادات المضللة، كان الذين يجيبون على الاسئلة حول الموقف في سلاح المدرعات والقيادة العامة اشخاص غير معروفين لدى ضباطنا وجنودنا وكان الجميع يتساءلون في الحرس الجمهوري وفي كل المواقع، اين هاشم، اين طلقة، اين ود الريح، اين ود الزين، اين الهاموش، اين .. اين .. ولا احد يعرف اين كانوا؟
    لا شك ان اتخاذ قرار باعادة ضباط وضباط صف وجنود اللواء الثاني المسرحين الى الخدمة كان (القشة التي قصمت ظهر البعير) كما يقولون، فقد كانت اعادتهم مثيرة للدهشة والغضب وكان عثمان محقا عندما عارض ذلك القرار وكان في قمة غضبه عندما اصر بقية القادة على ذلك القرار المدمر.
    اذ كيف يعقل ان يسمح بعودة قوة ضاربة مثل اللواء الثاني مدرعات وهو سلاح مايو الاساسي الذي رقي الكثيرون من ضباط صفه الى رتبة الملازم ورقي الكثيرين من جنوده الى رتب ضباط الصف مكافاة لهم على تحركهم من خور عمر مع رصفائهم في سلاح المظلات والمجئ بمايو الى الحكم؟ ذلك بجانب انهم لا يمكن ان ينسوا كيف عرضناهم للاذلال والاهانة اثناء اعتقالهم عند تنفيذ الانقلاب، ثم قمنا بتسريحهم من الخدمة.
    لم يخطر بأذهاننا ونحن في اوج انتصارنا ان عدوا اساسيا كان لا يزال طليقا يمرح في اوساط القوات المسلحة وان التنظيمات اليمينية المنافسة التي كنا نعلم بأنها تستعد للقيام بانقلاب ضد مايو يمكن ان تستغل مثل تلك الفوضى التي كنا فيها والقيام بتحرك مضاد وذلك بلا شك كان ناتجا عن الاهمال وسوء التقدير والتراخي والغفلة، ان احد اهم اسباب هزيمتنا واعادة مايو الى السلطة كان تلك التنظيمات التي لم يكن هدفها اعادة مايو بل كان هدفها القضاء على نميري ومجلس قيادة ثورته وزمرته وضباطه في معتقلاتهم والقضاء على يوليو والاستيلاء على السلطة، كانت التنظيمات اليمينية تستعد للقيام بانقلاب مضاد ونحن غافلون عن ذلك واعترف بأنني قد شاركت في تلك الغفلة بالتساهل وسوء التقدير.
    وفي عصر يوم 21 يوليو وبينما كنت اقف امام مدخل معسكر كتيبة المظلات بشمبات توقفت عربة مدنية نزل منها المقدم (ي) وكان يرتدي زيا مدنيا. اديت التحية العسكرية وتعانقنا كاصدقاء او معارف على الاصح اذ لم نكن اصدقاء ابدا وعلى ذكر (ي) الذي كان احد الذين قادوا الانقلاب المضاد، اتذكر جيدا انني التقيت به لاول مرة في حي بانت شرق بمدينة ام درمان وانا طالب في الرابعة الثانوية بمدرسة المؤتمر، كان (ي) في ذلك الوقت ضابطا مظليا برتبة النقيب، كان شابا وسيما وانيقا جدا يدير رؤوس كل بنات الحي والاحياء المجاورة خصوصا عندما كان يرتدي (شورت) ابيضا او ملابس ركوب الخيل ويتجول في انحاء بانت بفرس ابيض او اسود، كان يذكرني بحكايات (الشاطر حسن) او (ود النمير) ذلك الفارس الذي يأتي بفرسه الابيض المجنح ويقوم باختطاب (فاطمة السمحة) ويطير بها الى قصره الخارفي البعيد، كنت معجبا بـ (ي) وتمنيت ان اكون مثله في يوم من الايام، ولسوء حظي ان (حبيبتي) في ذلك الوقت كانت لا تخفي اعجابها بـ (ي) وتتمنى ان ادخل الكلية الحربية كي (اقدل) في الحي ببدلة (الجيردين) التي كان يلبسها طلبة الكلية الحربية في ذلك الوقت ويحملون عصاة خشبية موشاة بالنحاس يحركونها الى الامام والخلف في حركة متناسقة تماما مع حركة القدمين، وكان اعجابنا بـ (ي) يزداد عندما يحدثنا عن الاناقة وانه يحب فصل الشتاء لان البرد يسمح بارتداء البدل وان ارتدائها يعد منتهى الاناقة. الطريف في الامر ان الشاطر حسن اردف حبيبتي فاطمة السمحة او ست الحسن والجمال على فرسه الابيض وبدلا من ان يطير بها الى قصره الخرافي البعيد طار بها الى ميس ضباط سلاح الخدمة المطل على النيل، وبعد قيام انقلاب 25 مايو 1969م، توقعت ان يكون (ي) الذي اعرفه والذي كان من اكثر ضباط المظلات كفاءة عضوا بمجلس قيادة ثورة 25 مايو قبل ابو القاسم وزين العابدين.
    سألني ان كان يوجد بالكتيبة احد من جنود المظلات لانه يبحث عن قريب له فاخبرته بأن الموجودين هم من المجندين الجدد فاستأذنني في الدخول لسؤالهم عن قريبه وقام بجولة داخل المعسكر ثم عاد ليخبرني انه لم يجده وودعني وذهب، الغريب في الامر ان مجئ (ي) بزيه المدني ودخوله وخروجه لم يثر لدي اي شك بالرغم من ان مجيئه كانت له اسباب اخرى فقد كان للاستكشاف او الاستطلاع لامر كان يجري التدبير له وبالطبع لم يكن لينال مأربه لولا الغفلة وعدم اليقظة ولا ادري كيف استطاع (ي) ان يمرر على تلك الخدعة الساذجة اذ انه، وبقليل من الانتباه كان يمكن ادراك مقاصده واعتقاله ولا شك ان ما حدث في كتيبة شمبات حدث مثله او اكثر منه في مواقع اخرى.
    في ضجيج المعركة والضرب المتبادل الذي استمر لاكثر من ثلاث ساعات في القصر الجمهوري حيث كان النميري واعضاء مجلس ثورته رهن الاعتقال ظن البعض ان نميري واصحابه قد لاقوا حتفهم، وانه تم القضاء على حركة 19 يوليو نهائيا، او انها تلفظ انفاسها الاخيرة فتسابق البعض ومنهم المقدم صلاح عبد العال مبروك الى الاذاعة لاعلان البيان الاول للانقلاب الجديد، وعندما كان يستعد لالقاء البيان فوجئ بدخول نميري الى مبنى الاذاعة فاسقط في يده، وراح يكيل السباب للشيوعيين ويصفهم بالغدر والخيانة والعمالة ويعلن عن عودة مايو، وان الرئيس القائد جعفر نميري سيدلي ببيان هام.
    كان المقدم صلاح عبد العال مبروك من اوائل الذين هرعوا الى القيادة العامة بعد نجاح انقلابنا للتهنئة بالانتصار واعلان الولاء لهاشم العطا والنظام الجديد والاستعداد لتقديم خدماته وبالفعل كان صلاح واحدا من اهم الضباط الكبار بالقيادة العامة اهم مواقعنا القيادية والعسكرية وفي موقع هاشم ومحجوب وود الريح وود الزين يصرف الامور ويصدر الاوامر هنا وهناك ويتحدث رسميا باسم حركة 19 يوليو وتنظيم الضباط الاحرار، ومهما نسينا فلن ننسى ان صلاح عبد العال مبروك وهو يحاول ان يبعد عن نفسه اي علاقة تربطه بحركة 19 يوليو قد غدر بالمقدم بابكر النور فقبل رئاسة محكمة ميدانية لمحاكمته واصدر حكما املاه عليه جعفر النميري فحكم على المقدم بابكر بالاعدام، والمثير للضحك والبكاء معا ان النميري قد كافا عبد العال على مايويته التي لا يتطرق اليها الشك وعلى شجاعته ونخوته ورجولته وعينه فيما بعد وزير بالحكومة، وعندما ذكر صلاح عبد العال وموقفه المشين لا بد ان نذكر ونحيي العقيد (أ.ح) تاج السر المقبول ذلك الرجل الانسان الذي ترأس اول محكمة لمحاكمة المقدم بابكر واصدر ضده حكما بالسجن لمدة عامين فلم يعجب السفاح نميري ذلك الحكم واعاد اليه الاوراق فحكم على بابكر بالسجن لمدة ست سنوات فرفض نميري الحكم الثاني وامر العقيد تاج السر بأن يصدر حكما بالاعدام فرفض بشجاعة ورجوله وقد ابى عليه ضميره ان يلطخ يديه بدماء رفيق سلاحه، وكانت نتيجة ذلك ان تم اقصاءه الجنوب ثم احالته للمعاش وتعيينه فيما بعد مديرا لمؤسسة الدولة للسينما.
    هذه في تقديري اهم الاسباب التي قادت الى الهزيمة وذلك بجانب التساهل وحسن النية الذي جعل قادتنا في القيادة العامة وسلاح المدرعات يرحبون بكل من جاءهم مهنئا مبديا رغبة في المساعدة ويضمونه الى صفوفنا وبين اولئك الكثيرون من الانتهازيين والمندسين الذين ظهرت نواياهم الخبيثة عندما بدأت بوادر الهزيمة ولقد ادركت لماذا لم يكن المقدم عثمان مرتاحا عندما جاءه البعض مهنئين عارضين خدماتهم، فكان يبعثهم الى القيادة العامة ليبت هاشم ومن معه من القادة في امرهم بالرغم من ان فيهم بعض الخيرين مثل العقيد يحي عمر قرينات والمقدم عزت فرحات.
    نواصل
                  

12-25-2011, 07:45 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: sourketti)

    *
                  

12-25-2011, 11:59 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: الرائد (م) عبدالعظيم سرور يواصل الكتابة لـ(الايام)


    19 يوليو .. التخطيط .. التنفيذ .. الهزيمة


    الحلقة الحادية عشر


    كلفنى عثمان بنقل بعض الرسائل الى هاشم ومحجوب في القيادة العامة وعندما دخلت مكتب هاشم وجدت المقدم صلاح عبدالعال والمقدم صلاح فرج وآخرين لا اعرفهم سألت عن الرائد هاشم والرائد محجوب فقيل لى انهما خرجا لبعض المهام وسألنى عبدالعال عن طلباتى فلم اجبه وخرجت وانا في غاية القلق والاستياء فقد كان المكتب يعج بعدد من الضباط لم اسمع بان لهم علاقة بحركتنا.
    عدت الى مكاتب الحرس وكان الغضب باديا على وبنبرة غاضبة حكيت للمقدم عثمان ما شاهدت .. حكيت له عن الموقف المنفلت ووجود عد كبير من الضباط المجهولين يديرون الامور ويتصرفون كما يريدون. قلت لعثمان ان الظروف تتطلب وجود كبار ضباطنا في ذلك المكتب باعتباره مكتب القيادة الذى ترد اليه كل المراسلات وتتم عبره كل الاتصالات، وهذا المكتب مشغول الان بضباط كبار لا علاقة لهم بحركتنا ومع كل هذه الفوضى وضعف قواتنا اتوقع ان يحدث لنا ما حدث للجنرال (او فقير) في المغرب (وكان الجنرال او فقير وزير الداخلية في المغرب قاد محاولة انقلابية منيت بالفشل واعدم مع اعوانه في تلك الايام). استشاط المقدم عثمان غضباً وعلى غير عادته خاطبنى بهياج وهو يضرب على المكتب قائلاً بانه يعلم بتفاصيل كل تلك الفوضى وانه تحدث مع هاشم والباقين كثيراً وهم الاقدم في الرتبة وهم الذين يجب ان يكونوا موجودين بمواقعهم لاتخاذ القرارات وتصريف الامور وسألنى ان كنت ارى نوعا من الفوضى او التقصير في مجال مسئوليتنا نحن كحرس جمهورى اجبت باننى لا ارى اي نوع من الفوضى او القصور في ادائنا هنا وفي كل المواقع التى تحت مسئوليتنا ولكن المسألة ليست مسألة من الذى قصر هنا او هناك اذ ان اي قصور في اي جهة من الجهات سيلحق الضرر بالجميع واخيراً فالموضوع ليس موضوع من الاقدم في الرتبة، ومن حديث عثمان الغاضب وطريقته احسست بان هناك توترا بينه وبين باقى القادة ومسائل خلافية لا يود الافصاح عنها واخيرا حاول ان يطمئننى فقال لى : لا تقلق كثيرا فسوف اتولى معالجة الامور وان على بان استعد للسفر الى الفاشر ونيالا خلال يومين.
    * الاستيلاء .. السلس :
    لم يكن الاستيلاء على المواقع المحددة حسب الخطة صعبا فقد تم كل شئ بهدوء دون اراقة دماء وبالطبع كانت مهمة الاستيلاء على القيادة العامة من اصعب المهام الا ان احكام الخطة وجرأة وشجاعة القوات المنفذة وقيادة وحنكة الرائد هاشم العطا كان لها اثرها في السيطرة السريعة على كل المواقع داخل القيادة العامة بسهولة ويسر، اما حالة العريف الذى حاول المقاومة فلا تعد شيئا يذكر بجانب توقعنا لمقاومة سلاح باكمله وهو سلاح المظلات، اما النقيب معاوية فقد واجهته مشكلة ليست سهلة ولكنه استطاع تجاوزها بهدوء وحسن تصرف، كما سبق واشرت ان بعض صف وجنود القوة المخصصة للاستيلاء على كتيبة شمبات كانوا مسلحين ببنادق ماركة 4، بعد تحرك القوة من مبانى الحرس ووصلوها شارع شمبات وعلى مسافة قريبة من موقع الكتيبة تنبه الرقيب اول محمد عثمان بان كل الجنود الذين يحملون بنادق ماركة 4 ليست لديهم ذخائر، اصيب محمد عثمان بحالة من القلق والاضطراب واسرع بعربته الى النقيب معاوية واخبره بعدم وجود ذخائر للبندقية 4، انزعج معاوية كثيراً ولكنه تمالك نفسه وسأل عن عدد الجنود الذين لا يحملون ذخائر فاخبره بان العدد يزيد على الجماعتين والجماعة تتكون من احد عشر فرداً وتكون عادة بقيادة عريف. فأمر بمواصلة السير بعد ان اوصى محمد عثمان بان يقوم الجنود بتحريك الترباس اي التعمير بدون ذخيرة وان يلقوا باسلحتهم الفارغة واخذ بنادق جنود المظلات وان يتم ذلك باقصى سرعة ولم يكن هناك تصرف غير ذلك يمكن اتخاذه والقوة قد اشرفت على معسكر شمبات.
    * الطريق .. الى المظلات :
    وصلت القوة الى مدخل الكتيبة وكان الملازم ابوبكر يقف عند المدخل فلم تعترضهم حراسة البوابة فدخلت القوة وانتشرت حول جنود المظلات الذين كانوا مستلقين في استرخاء على نمرهم على امتداد برندة العنبر والنمر مفردها نمرة وهى عبارة عن قطعة مستطيلة من مشمع عليها بطانية واحيانا وسادة يسلتقى عليها الجنود للراحة اثناء الخدمة. وكان بعضهم نائما بعد تناولهم وجبة دسمة من الفاصوليا (عمرت) قوة الحرس بنادقها المليئة والفارغة وامر معاوية جنود المظلات بترك الاسلحة على الارض والوقوف ورفع اياديهم ثم امرهم بالتحرك بعيدا عن العنبر واسرع جنود الحرس بالاستيلاء على الاسلحة وامر معاوية جنود المظلات بالجلوس على الارض ووضع اياديهم على رؤوسهم وانتشرت قوات الحرس من نواحى الكتيبة لتأمين الموقف. كانت الخطة المتفق عليها كما ذكرت انه عند وصول قواتنا الى الكتيبة تكون قوات المظلات مشغولة بفك ونظافة وتركيب اسلحتها بادعاء الملازم ابوبكر ان الاسلحة قذرة وتحتاج الى نظافة كاملة، ويبدو ان ابابكر قد اصدر تعليماته للجنود مبكراً فقام الجنود بفك الاسلحة ونظافتها وتركيبها اكثر من مرة حتى اصابه واصابهم الملل فاخلدوا للراحة والاستجمام.
    ليس لدى تفاصيل كثيرة حول ما تم في كتيبة جعفر او ما حدث في حامية بحرى حيث سلاح النقل وسلاح الاشارة او سلاح المدرعات ومصنع الذخيرة وبقية المواقع ولكن حسب علمى ان قواتنا لم تجد اي مقاومة تذكر وتم استيلاؤها على كل المواقع بسهولة وكان احد اهم الاشياء التى جعلت سيطرتنا على بعض المواقع سهلة ان جنودنا من قوات الحرس والمدرعات كانوا يقومون بحراسة تلك المواقع مثل منازل رئيس واعضاء مجلس قيادة الثورة وسلاح المدرعات والاذاعة وهكذا فقد نفذت كل المهام في اقل من ساعتين من الزمن وبقيت بعض المهام التى تم تنفيذها مؤخراً مثل اعتقال عناصر مايو من العسكريين وغيرهم.
    * ثالثاً : المعركة :
    سأتعرض في هذا الفصل لبعض تفاصيل المعارك المحدودة التى دارت يوم 22 يوليو واعتقد ان هذا الفصل سيكون احد اضعف حلقاتى بسبب اننى لم اشهد او اشارك في الاشتباكات التى جرت في اثنين من ثلاثة مواقع هما القيادة العامة وكتيبة جعفر بام درمان وكان لى شرف المشاركة في قيادة جانب من معارك القصر والحرس الجمهورى وحتى هنا فان هناك جوانبا من تلك المعارك لم اشهدها وان شهدت بعض نتائجها واعتمدت في الكتابة عنها او الاشارة اليها على ما رواه لى فيما بعد بعض الذين شاركوا فيها وينطبق ذلك على معارك القيادة العامة وكتيبة جعفر.
    في منتصف نهار 22 يوليو كانت الجماهير محتشدة في ساحة الشهداء وعلى امتداد شارع القصر في موكب مهيب تأييداً لحركة 19 يوليو والاستماع الى خطاب يلقيه الرائد هاشم العطا، وبالرغم من اننى كنت ارغب في رؤية تلك الحشود والاستماع الى خطاب الرائد هاشم، الا اننى لم استطع الذهاب لشعورى بحمى وارهاق شديدين بسبب مصل السل الذى حقنت به في اليوم السابق فقررت الذهاب الى الميس والخلود الى الراحة بعض الوقت ورحت في ثبات عميق. في حوالى الثالثة والنصف ايقظنى صوت انفجار قوى تبينت انه (دانة) مدفع فاسرعت الى مكاتب الحرس وكان الجميع في حالة من الاضطراب، وكان المقدم عثمان يجرى اتصالا هاتفيا فسألته بانزعاج شديد عما حدث فاجابنى بانه اتصل بالقيادة العامة واخبروه بان دبابة قد اطلقت نيران مدافعها على قواتنا في اللواء الاول مدرعات بالشجرة، وان قواتنا تطارد الدبابة المتمردة وان الانفجار الذى حدث قبل قليل هو دانة مدفع اطلقت على القصر لم اعرف الجهة التى تلقى منها عثمان تلك المعلومات وقد لاحظت انه كان منزعجا لعدم وجود هاشم او محجوب طلقه بمواقعهما في القيادة في مثل ذلك الوقت الحرج، وواصل عثمان اتصالاته فكانت الاخبار لا زالت تقول ان دبابة قد تمردت وان دباباتنا تطاردها وبعد اقل من ساعة دوى انفجار جديد هز ارجاء المكان وعلمنا بان دبابة اخرى اطلقت نيرانها على القصر، امرنى المقدم عثمان بان اخذ قوة لقفل شارع النيل من الناحية الشرقية والغربية وبعد ان تم ذلك عدت لاعرف ان دبابة من طراز T55 قد اقتحمت بوابة القصر الجنوبية واستقرت بحديقة القصر. اتصل عثمان بالملازم اول محمد خاطر حمودة وسأله عن الموقف فأكد خبر الدبابة واضاف بانها ركزت نيران مدافعها على القاعة التى كان بها نميرى كما اطلقت نيران رشاشها على الجنود. امر عثمان خاطر بان ينقل المعتقلون الى مبانى الحرس باسرع ما يمكن وعندما تأخر وصولهم عاود الاتصال فلم يتلق اي رد. كان عثمان قد اشرف بنفسه على توزيع الدفاعات على الجهات التى كان يتوقع منها قدوم القوات المعادية وقد شملت البوابة الجنوبية، البوابة الشرقية، البوابة الغربية وامام وحول اماكن احتجاز المعتقلين داخل القصر، في الناحية الجنوبية اتخذ من عدد من الجنود يزيدون على جماعة مشاة بقيادة ملازم دفاعاتهم امام البوابة ووقفت مدرعتا صلاح الدين على جانبيها، وفي الناحية الغربية اتخذ جماعة من المشاة بقيادة الوكيل عرف (ودالزين) مواقعها امام البوابة وكانت مدعومة بمدفع MG42 وبعض مدافع البرين، وفي داخل القصر كان الملازم اول محمد خاطر ومعه اكثر من جماعتى مشاة بقيادة الرقيب على سعيد الجضيل وكانت قواتنا قليلة جداً بسبب ان ثلث قوى الحرس كان قد سمح لها باذن لمدة ثلاث ساعات، في الناحية الغربية اقتحمت دبابتان من طراز T55 البوابة الغربية بعد ان حطمت احدهما المدرعة صلاح الدين واصابت بعض الجنود وبينهم حكمدار القوة بنيران رشاشاتها ولم يستطع الجنود المسلحين باسلحتهم العادية فعل شئ ازاء دبابتين من ذلك الطراز، وبالرغم من اصابة بعضهم ظل الجنود في مواقهم يحاولون تضميد جراحات المصابين منهم وقد تم اخلاؤهم بعد اكثر من ساعين، في داخل القصر تمترس بعض الجنود خلف سياج خرصانى يفصل بين القصر والحديقة وظلوا في اماكنهم يحاولون مع بقية الجنود داخل الحديقة صد المهاجمين الذين كانوا يحاولون الوصول الى مبانى القصر.
    لم ابق في موقعى بالبوابة الشرقية فقد امرنى المقدم عثمان بالذهاب الى القصر لاستطلاع الامر واحضار المعتقلين الى الحرس الجمهورى، اخذت بعض الجنود كى انفذ الى القصر من خلال باب صغير يؤدى الى القصر عبر الحديقة وقبل ان نتخطى الباب انطلق رشاش الدبابة التى كانت مستقرة وسط الحديقة واصيب احد الجنود فاسرعنا بنقله الى الوحدة الطبية، وعدت مع باقى الجنود لاخطار المقدم عثمان بما جرى واستحالة الذهاب الى القصر عبر الحديقة اذ ان الدبابة كانت مصوبة احد رشاشاتها على هذا المدخل الصغير الذى لا يعرفه احد غير الذين عملوا بقوات الحرس الجمهورى (وقررت ان اسلك شارع النيل لكنى فوجئت بوجود دبابتين T55 تقفان امام مدخل القصر الرئيسى، عدت مرة اخرى وابلغت عثمان واخذنا نبحث وسيلة نبعد بها الدبابات عن طريقنا الى القصر وتذكر عثمان بان هناك مدافع (اربجى ماركة 7) جديدة قد وصلت الى الحرس حديثا وبالفعل وجدنا المدافع وبرغم الجهد المضنى الذى بذلناه في الحصول على قذائف الاربجى لم نعثر على شئ منها، وساد جو من القلق والاضطراب بعد ان علمنا ان القصر محاصر بثمانى دبابات اثنتان من الناحية الشمالية امام مدخل القصر واثنتان من الناحية الغربية في الشارع الذى يفصل بين مبانى رئاسة البريد والقصر وثلاثة من الناحية الجنوبية على جانبى البوابة المطلة على ساحة القصر وتمركزت الثامنة وكانت تحت قيادة الملازم (حماد الاحيمر) وسط حديقة القصر، كانت الرشاشات والبنادق تطلق نيرانها بكثافة وبلا انقطاع وقد اطلقت على مبانى القصر اكثر من ثلاث دانات اصابت اثنتان منها القاعة التى كان يحتجز بها جعفر نميرى وكانت دبابة الحديقة لا تكف عن اطلاق النيران وقد ركزت نيرانها على (السلاح ليك) وهو المكان الذى توضع فيه الاسلحة التى تستخدمها قوات الحراسة اليومية ومخزن الاسلحة والذخائر مما ادى الى اصابة العريف عثمان الشايقى امين المخازن، في ذلك الوقت بدأ بعض الجنود الذين اذن لهم بالذهاب الى منازلهم لطمأنة اسرهم واستبدال ملابسهم في العودة ولكن عدد كبير منهم لم يحضر وذلك لتعذر ارسال العربات التى كانت ستمر على مناطق تجمع محددة لاعادتهم وذلك بسبب الحصار المضروب وانشغال الجميع بمن فيهم سائقى العربات بالدفاع.
    كان اطلاق النيران بمثل تلك الكثافة ينبئ باننا نخوض معركة حقيقية وضد عدد كبير من قوات معادية تواصل هجومها بلا انقطاع، وقد اتضح فيما بعد ان المهاجمين كانوا من جنود المظلات المسرحين وعناصر من اللواء الثانى مدرعات وعناصر من وحدات اخرى وقد استطاع بعض المهاجمين الحصول على سلاح بطريقة ما وقد تم توزيعهم على المواقع التى تحتلها قواتنا في القيادة العامة والقصر والحرس الجمهورى وكتيبة شمبات وكتيبة جعفر بام درمان. كان الموقف مثيراً للقلق والارتباك وكان علينا ان نتصرف في مثل تلك الظروف بهدوء ورباطة جأش، ولاشك ان الشعور بالخوف والاحباط كان موجوداً وفي ازدياد مستمر وقد انقطعت اتصالاتنا بهاشم وبقية القيادة وكانت محاولات عثمان في الاتصال غير مجدية وحتى الاجابات التى كان يتلقاها لم يقصد بها سوى التضليل. وبالرغم من انه كان مدركا لسوء الموقف وان قواتنا تقاتل في ظروف يائسة الا انه ظل يحث ضباطه وجنوده على الصمود والمقاومة، واخذ يتابع الاحداث في نواحى القصر المختلفة ويصدر اوامره للضباط من وقت لاخر، في ظل تلك الظروف رأيت ان الرجوع الى عثمان واستشارته فيما يجب ان افعل لم يكن منطقياً وعلى ان اتصرف واحاول معالجة الامور بطريقتى ويجب ان يتصرف كل الضباط وفق ما تمليه عليهم الظروف والمواقف وكان الموقف يحتم علينا جميعا ان ندافع حتى النهاية برغم امكاناتنا الضئيلة، ولما كانت الدبابات المحاصرة لا تزال في مواقعها والطريق الى القصر لا يزال مغلقا كان لابد من التفكير في وسيلة لايجاد منفذ الى القصر، وهدانى تفكيرى الى الاستفادة من مدرعة صلاح الدين كانت تقف امام مدخل الحرس الجمهورى ولما بحثت عن طاقمها لم اجد سوى السائق، سألته اذا كان بالامكان ايجاد بعض افراد الطاقم لمحاولة استخدام المدرعة بدون وجود حكمدار ومعمر ورامى اي وجود ثلاثة اشخاص اضافيين، وبينما كنت في حيرة من امرى وقد شل تفكيرى تماما رأيت احد الرقباء قادما نحوى من جهة البوابة الشرقية وقد عرفت انه من ضباط صف مدرعاتنا ويدعى (الغايب الياس) اخبرته عن الموقف الحرج الذى نحن فيه وانه لابد من ايجاد وسيلة لابعاد الدبابتين المتمركزتين امام القصر. قال لى ان ذلك صعب فالمدرعة صلاح الدين لا تستطيع مجابهة الدبابة T55 وذلك لان مدفع المدرعة من عيار 76 ملم بينما مدفع الدبابة من عيار 100 ملم وكذلك سمك الدرع، وبالرغم من اننى لم اكن متخصصا في المدرعات او الدبابات الا اننى كنت اعرف ان اضعف حلقات الدبابة هما الدرع والجنزير ويمكن تعطيل اي دبابة من ذلك النوع اذا تم تدمير البرج او الجنزير وقد وافقنى الرقيب الغايب فيما قلته وقرر مع السائق تشغيل المدرعة استعداداً لاشتباك غير مضمون العواقب، دار محرك المدرعة ثم تحركت قليلا للوراء ثم الى الامام واطلقت قذيفتها الاولى وكان لذلك دويا يصم الآذان ولان المسافة بين المدرعة والدبابتين قريبة لا تزيد على الخمسمائة متر فقد استطعت رؤية موقع سقوط الدانة على درع الدبابة ولم يكن ذلك مفيدا، امرت الغايب ان يرفع التنشين قليلا، وتحركت المدرعة للخلف حتى اصطدمت بعربة (زيل 66) كانت تقف قريبا مما ادى الى تهشيم جانب منها ثم تحركت للامام واطلقت قذيفتها الثانية فاصابت الدبابة في نفس الموضع ولم يكن ذلك مؤثراً.
    كنت طوال ذلك الوقت الذى كان يقوم فه الغايب بعمله البطولى المغامر اعيش حالة نفسية غريبة يصعب وصفها .. كانت حالة من القلق الشديد والاصرار على انجاز تلك مهما كان الثمن .. لم اكن خائفا او مضطربا كنت متماسكا جدا واحاول ان افكر بهدوء وكنت احس بان فشلى في انجاز تلك المهمة قد يؤدى الى الهزيمة، وحتى مع احتمال نجاح مهمتى فقد كنت احس بان الامور بشكلها التى كانت عليه لا يمكن ان تؤدى الى شئ سوى الهزيمة، ولكن التمكن من نميرى وزمرته واحضارهم الى مبانى الحرس قد يخفف من آثاره، كنت احس اننا اشبه بجنود في معركة محتدمة فقدوا الاتصال بقيادتهم ان لم يكن لتلقى الاوامر او السؤال عن كيف يكون التصرف فعلى الاقل للتآزر والاحساس بوجود القيادة. بعد ان اطلقت المدرعة دانتها الثانية واخذت تستعد لاطلاق الثالثة سمعنا هدير محركى الدبابتين اللتين استدارتا وغادرت المكان، اندهشنا لذلك كثيرأً فقد كنا نتوقع في كل لحظة ان تطلق الدبابتان او احداهما مدافعهما او على الاقل استخدام رشاشاتها الاربعة (القرينوف) وعيار 62، 7ملم، وكان ذلك بلا ادنى شك كافيا لتدميرنا تماما واشعال الحرائق في مبانى الحرس ومخازنه، خصوصا وان ذلك كان ممكنا اذ ان المسافة بين الدبابتين وبيننا قريبة وتسمح بما يسمى بالاشتباك الاعمى لقد خمنت بان الدبابتين لم تكن بهما دانات ولكنى على يقين بان رشاشاتهما لم تكن تخلو من ذخائر فقد استخدمت تلك الرشاشات لضرب وتدمير قوى الحراسة على بوابة القصر القريبة عموما لا يزال عدم استخدام الدبابتين لاسحلتهما ضدنا او ضد مدرعتنا الصغيرة التى قاتلت ببسالة لغزا محيرا حتى الان !
    نواصل
                  

12-27-2011, 00:13 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: الرائد عبد العظيم سرور يواصل الكتابة للايام


    19 يوليو .. التخطيط .. التنفيذ .. الهزيمة ..


    اسئلة ما زالت في حاجة الى اجابات واضحة حول



    اسباب الهزيمة





    سابعا: حول تقييم الحزب لحركة 19 يوليو 1971




    قامت الحركة في 19 يوليو 1971 وتمت هزيمتها المفجعة في الثاني والعشرين منه, وقد كنا نتوقع بعد أن استقرت الامور في اوساط الحزب نسبيا أن يصدر تقييمه للحركة مبديا وجهة نظره وموضحا رأيه حول ذلك الحدث الهام - المرتبط به ارتباطا وثيقا - لجماهير الشعب السوداني , مجيبا علي العديد من الاسئلة المحيرة التي أحاطت بتلك الحركة.
    في يناير 1996 صدر تقييم الحزب الذي طال انتظاره, أي بعد مرور أكثر من خمسة وعشرين عاما, وذكر الحزب في مقدمة التقييم أن أحد اسباب تأخيره كان عدم صدور آراء العسكريين الذين شاركوا في الاحداث, ولم يشر التقييم الي الاسباب الاخري التي أدت الي التأخير. وقد أدهشني القول بأن أحد الاسباب كان تأخير صدور آراء العسكريين ولم يشر التقييم الي الاسباب التي أدت الي تأخير آرائهم.
    ان الاشارة الي العسكريين الذين تأخر رأيهم لا شك تعني أولئك الذين نجوا من مجازر الشجرة وزج بهم في غياهب السجون. وهؤلاء بعد أن صدرت الاحكام ضدهم تم تجميعهم بالسجن العمومي بالخرطوم بحري المعروف بسجن كوبر وقد اكتمل تجميعهم في اغسطس 1971. ثم بدأ توزيعهم علي سجون السودان المختلفة...سجن شالا بالفاشر, سجن بورتسودان, سجن كسلا, سجن الابيض, سجن الدامر, سجن ملكال وسجن الدويم. وبهذا فقد كانت اماكن تواجدهم معروفة وامكانية الاتصال بهم سهلة وميسورة. وأن أي معلومات أو تفاصيل يحتاجها الحزب كان يمكن وصولها الي مركزه أو الي أي جهة تحددها.

    في بداية عام 1972 بدأ الضباط والصف والجنود السجناء في العودة الي كوبر لاسباب صحية خصوصا أولئك الذين كانوا بسجن ملكال, بعد أن اصابتهم النزلات المعوية وحمي الملاريا, وعاد آخرون لاسباب أخري, وربما كان للعلاقات الشخصية بأدارة السجون وأجهزة الامن دور في تلك العودة.

    كنت ضمن 21 ضابطا ومدنيا بسجن شالا بالفاشر أذكر منهم الرائد فاروق
    عكود (ذخيرة), النقيب محي الدين ساتي (قيادة عامة), النقيب عباس بشير الاحمدي (مدرعات), النقيب عبدالله العوض (مدرعات) النقيب عبد الرحمن مصطفى خليل, الملازم اول هاشم مبارك (مدرعات), الملازم احمد الحسين (مدرعات), الملازم احمد عبدالله الداني (مدرعات), الملازم اول حسن علي (مدرعات), الملازم عبدالله ابراهيم (مدرعات), الملازم ابوبكر عبدالغفار (مظلات), الملازم الرشيد حمره المرضي (مدرعات), وشخصي المتواضع (غربية) الملازم عبد الرحمن حامد (مدرعات) الملازم اول عبد الفتاح نقد (مدرعات) الملازم زهير قاسم(مظلات) ومدني واحد هو المرحوم حامد الانصاري وآخرين.

    كان من المقرر في ذلك الوقت أن اجلس لامتحان النقل من السنة "الاولي" الي السنة الثانية حقوق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم. وقد قامت خطيبتي حينذاك وأم العيال الآن "سلمي زاهر" بمجهود جبار لتذليل أمر عودتي الي الخرطوم للجلوس للامتحان, ونقلت الي الخرطوم حيث قررت سلطات الامن أن أبقي بسجن امدرمان واعود بعد نهاية الامتحان والمثول امام (لجنة تقصي الحقائق في مؤامرة 19 يوليو) الي شالا. وبعد ان انتهت الامتحانات قاتلت سلمي لكي أبقي بالخرطوم وقد أثمر مجهودها. نقلت الي سجن كوبر وهناك وجدت عددا كبيرا من الزملاء العسكريين, أذكر منهم المقدم احمد عبدالرحمن عبد الحفيظ "حريكة", الرائد مبارك فريجون, النقيب عبدالرحمن مصطفي خليل, النقيب احمد المصطفى "الجوكر", الملازم عمر احمد وقيع الله, ثم انضم الي المجموعة من السجون المختلفة الملازم اول حسين ضرار "خرطوش", الملازم مدني علي مدني والملازم حسين والملازم زهير قاسم والملازم علي زروق والملازم فيصل كبلو والملازم اول هاشم مبارك (هاشم الشين). ووصل من سجن بورتسودان الدكتور مصطفي خوجلي والمقدم صلاح فرح والملازم فيصل مصطفي. كانت "الكرنتينة" (ب) وهي قسم من اقسام السجن مخصصة للسجناء العسكريين بينما كانت الكرنتينة (أ) مخصصة للمرتزق الالماني (رودلف شتاينر) وقد ضم اليه دكتور مصطفي خوجلي بعد وصوله من سجن بورتسودان.

    في ذلك الوقت وصلتنا رسالة من مركز الحزب تطلب أن نعد تقريرا أو تقييما لما حدث في 19 يوليو. وقد فتح وصول الخطاب الباب لكي نعود الي نقاش كنا قد بدأناه حول الاسباب التي أدت الي هزيمتنا في 22 يوليو. انقسمنا أثناء النقاش الي قسمين من ضباط المشاة في جانب وضباط المدرعات في جانب آخر. وقد استطعنا نحن ضباط المشاة محاصرة ضباط المدرعات وتحميلهم مسئولية الهزيمة, خصوصا وأن التحرك المضاد قد بدأ من عندهم, وكان سبب هزيمتنا اللواء الثاني الذي انطلقت دباباته بمهاجمة مواقعنا, ولم يجد ضباط المدرعات وسيلة لدرء ذلك الاتهام فالصقوا التهمة بالملازم أول حسين ضرار الذي كان مكلفا بنزع أبر أي دبابات تخص اللواء الثاني, وقد اعترف ضرار بأنه نزع أبر بعض الدبابات وترك بعضها حسب تقديراته الذاتية. وكان الاتهام الثاني لضباط المدرعات هو تراخيهم وانشغالهم بالمسائل الاستعراضية مثل متابعة الهاموش وهاشم في زياراتهم التفقدية للوحدات وحضور الاجتماعات وترك مواقع مسئولياتهم لضباط من رتب أعلي غير معروفين بأنتمائهم لنا ولا علاقة لهم بالتنظيم أو حركة 19 يوليو, وقد خص الاتهام الاخير النقيب عبدالرحمن مصطفي خليل والملازم عمر وقيع الله الذي ترك موقعه في الشجرة وأخذ يتجول بعربته الفارهة في انحاء العاصمة. ناقشنا كذلك مسألة انصراف الرائد هاشم وبعض القادة عن مباشرة مسئولياتهم العسكرية والانشغال بأمور سياسية كان يمكن تركها للمدنيين, كما ناقشنا ما جري في بيت الضيافة, وأنكرنا اشتراك بعضنا في المجزرة وأستشهدنا بمعلومات نقلت الينا بأن المبني قد تعرض لقصف بمدافع الدبابات (ت 55) وأنه لم تكن لدينا دبابات في ذلك الموقع لعدم الحاجة اليها, وأن الرصاص الذي أطلق علي المعتقلين كان من نوع الرصاص الحارق أو الحارق الخارق وأن الرشاشات والبنادق التي كنا نحملها لا تعمل بذلك النوع من الرصاص.

    أجتمعنا لمناقشة محتويات التقييم وقد اتفقنا علي تسميته (المقاومة الباسلة) وكلفني الزملاء بصياغة التقييم في صورته النهائية, وبعثناه الي مركز الحزب. وكنا نعلم بأن التكليف بكتابة التقييم قد طلب من الزملاء في مواقعهم المختلفة بالسجون الاخري ولم يصل طلب التقييم لبعض الزملاء في بعض السجون مثل الزملاء في سجن شالا. وجاء الرد بعد أكثر من شهر ليقول بأن التقييم قد أغفل جوانب هامة وكان عاطفيا جدا, ولم يذكر المركز تلك الجوانب الهامة التي اغفلناها أو كيف كان تقييمنا عاطفيا جدا, ولم يطالبنا بمراجعته أو اعادة كتابته ومناقشة كذا وكذا. وأعتقد ان التقييم المطلوب قد وصل من السجون المختلفة الي مركز الحزب قبل نهاية عام 1972.
    هذا يؤكد ان الحزب قد أهتم فعلا بمسألة التقييم منذ ذلك الوقت المبكر..أما لماذا لم يكمل أو لماذا لم يصدر فهذا أمر لا أعرفه فهل يمكن أن يقال بعد ذلك أن تأخير صدور التقييم كان بسبب تأخر صدور آراء العسكريين المشاركين في الاحداث؟
    في عام 1986 تشكلت لجنة عسكرية برئاسة العميد (م) محمد محجوب عثمان وعضوية أثنين من الضباط اذكر منهما الملازم فيصل كبلو لتقصي الحقائق حول حركة 19 يوليو واعداد تقرير تمهيدا لصياغة تقييم متكامل حولها, وقد مثلت أمام تلك اللجنة وأدليت بما أعلم من تفاصيل, كما مثل أمامها كل الضباط والصف والجنود الموجودين الذين شاركوا في احداث 19 يوليو تقريبا.وبافتراض أن ما كتبناه في مايو ويونيو 1972 كان عاطفيا فما الذي حدث لتلك التحريات التي قامت بها اللجنة في عام 1986 والتي كانت في اعتقادي اكثر دقة وشمولا من حيث اتصال اللجنة بعدد أكبر من الضباط والصف والجنود وسماع اقوالهم؟ بالتأكيد أن العسكريين الذين أشار اليهم التقييم هم أولئك الذين صاغوا تقييمهم العاطفي في سنة 1972 وهم الذين مثلوا أمام اللجنة في عام 1986, فهل هناك عسكريون غير هؤلاء اشتركوا في تلك الاحداث وتسببوا في ذلك التأخير.
    جاء في الوثيقة (التقييم) (ص 5-6) في الحديث عن حركة 19 يوليو "... ذكر مصطلح حركة 19 يوليو التصحيحية, وأستخدمت مصطلحات مثل انتفاضة أو ثورة...الخ". وخلصت الوثيقة الي أن "حركة 19 يوليو ليست ثورة ولا انتفاضة... وانما هي انقلاب عسكري نظمته مجموعة من الضباط بينهم أعضاء في الحزب الشيوعي وبينهم ماركسيون دون التزام حزبي وأغلبهم وطنيون وديمقراطيون."

    أتفق مع ما جاء في الوثيقة بأن حركة 19 يوليو ليست ثورة أو انتفاضة لان مفهوم الثورة أو الانتفاضة حسب الفهم العام وفي المفهوم الماركسي اللينيني تحرك شعبي مسلح تقوم به الجماهير أيا كانت نوعية ذلك التسليح, وهذا بالتأكيد لا ينطبق علي ما حدث في 19 يوليو. وأتفق بأن يوليو ليست سوي انقلاب. ولا أعتقد أن الاشارة الي يوليو الانقلاب بأنها حركة تصحيحية خطأ, اذ أن يوليو قامت لتصحيح الاخطاء التي وقعت فيها مايو, ذلك الانقلاب الذي كان يطرح شعارات ثورية وديمقراطية مما جعل الشيوعيون يقفون معه ويساندونه, ولكن مايو أنحرفت عن مسارها الذي أعلنته في البداية وجنحت في اتجاه الخطأ وسارت ضد ارادة ومصالح الجماهير اقول ذلك وأنا أكره تسمية حركة يوليو بالتصحيحية لان التصحيح يعني تصحيح مايو والارتباط بها بشكل أو آخر.
    صنفت الوثيقة الضباط الذين نفذوا انقلاب يوليو بأنهم شيوعيون وماركسيون وأغلهم وطنيون وديمقراطيون. وربما يكون التصنيف سليما, ولكني لا أتفق مع ما جاء في الوثيقة بأن "أغلبهم وطنيون وديمقراطيون" اذ أن التخطيط للانقلاب وتنفيذه قد تم بواسطة أكثر من عشرين ضابطا من أعضاء الحزب ومعهم عدد من الديمقراطيين والمرشحين لدخول الحزب, أما الذين انضموا للانقلاب بعد تنفيذه فقد كان فيهم أكثرية من الوطنيين والديمقراطيين. هنا أري لا بد من الدقة في التعبير وضرورة التمييز بين من خطط ومن نفذ ومن أنضم, وهذا بالتأكيد ليس القصد منه التقليل من شأن الوطنيين والديمقراطيين لان هناك ديمقراطيون ووطنيون أنضموا الي يوليو بعد التنفيذ وقفوا مواقف شجاعة في الدفاع عن يوليو وأعلنوا تشرفهم بالانضمام اليها وما زالوا يفخرون بذلك حتي اليوم, وقد أثبتوا أنهم أفضل كثيرا من أولئك الذين هربوا من ميدان القتال والمعركة محتدمة أو ذلك الذي عندما أعلن بميعاد تنفيذ الانقلاب قال قولته المشهورة "أدركني يا رسول الله" وسافر في أجازة لم يكن قد خطط لها من قبل ! وقصدت بالفصل بين من خطط ومن نفذ ومن شارك أن أبين ايضا أن بعض المنضمين الي الحركة قي أيامها الثلاثة كانوا من الانتهازيين والمتسلقين والمندسين الذين لا يتشرف أحد بأنتمائهم اليه, أولئك الذين ظهر تخاذلهم وجبنهم ليس أثناء المحاكمات وحسب بل خلال أول عام قضيناه في السجون حينما حاولوا أثارة التفرقة بين الشيوعيين والديمقراطيين وأرشدوا سلطات السجن الي مخابئ مطبوعاتنا, فقضينا بسبب وشايتهم أربعة أشهر قاسية في زنازين "البحريات" مع المحكوم عليهم بالاعدام في جرائم القتل العمد...هؤلاء معروفون لدينا وأسألوا ضباط وصف وحراس السجون عما حدث لنا في كوبر ونحن نستعد للاحتفال بمرور عام علي ذكري 19 يوليو!

    جاء في البيان الحزبي الذي صدر عن اجتماع اللجنة المركزية في مساء 16 نوفمبر, "....منع اعتقال عبدالخالق بكل السبل وقد كان ذلك ممكنا في تلك الظروف سياسيا وجماهيريا,ولو أدي الي مواجهة مع السلطة فضلا عن امكانية اخفائه" (ص 31). بالتأكيد ان ما أشار اليه البيان كان يفتقر الي المنطق والواقعية اذ أنه وفي ظل تلك الهجمة الشرسة التي صاحبت انقلاب 16 نوفمبر ضد الحزب كانت أي محاولة للتصدي للسلطة أو المواجهة معها ومنع اعتقال عبدالخالق سيدفعها للكثير من العنف ضد اي تحركات جماهيرية في حجم المواجهة, ولكن الخطأ الذي ارتكبه الحزب كان فشله في حماية عبدالخالق ومنع اعتقاله بالوسائل الممكنة والمستطاعة مثل اخفائه, وبالرغم من ظروف الانقسام كان الحزب يستطيع تدبير ذلك. أما مطالبة البيان بالغاء الاجراءات التي تمخض عنها الانقلاب مثل ابعاد فاروق وهاشم فقد كان ذلك مطلبا غريبا ولا أعتقد كما ورد في البيان أن المطلب كان واقعيا من الناحية السياسية أو العملية, لانه مهما فعل الحزب لن يستطع الغاء تلك الاجراءات التي اتخذت ضده بقصد وسوء نية - ولم توضح الوثيقة كيف يمكن أن يكون ذلك المطلب منطقيا من الناحية السياسية.
    كانت الوثيقة موفقة في قراءتها للوضع داخل القوات المسلحة حينذاك من حيث وجود وتكوين التنظيمات العسكرية وهي تنظيم (احرار مايو) الذي ضم شريحة ضئيلة جدا ومسطحة من القوميين العرب وذلك الشتات غير المتجانس من الوصوليين والمغامرين, والتنظيمات اليمينية ذات الصلة الوثيقة باحزاب الجبهة الوطنية. وبالرغم من أن كل تلك التنظيمات كانت تضم مجموعات من أبناء الغرب من صف وجنود وبعض الضباط الا أن أحد هذه التنظيمات - ولم تعرف تسميته - كان يضم اكثرية من ضباط الصف والضباط الذين تمت ترقيتهم من الصفوف بعد 25 مايو, وقد تركز نشاط ذلك التنظيم في سلاحي المدرعات والمظلات وهو التنظيم الذي قام بمحاولة الانقلاب الفاشلة في 5 سبتمبر 1975 والذي كان له دور فعال يوم 22 يوليو 1971 , ولا أعتقد أن تلك التنظيمات تختلف في برامجها وأهدافها, ولم نعرف من تلك البرامج والاهداف سوي هدف الاستيلاء علي السلطة والقضاء علي مايو والشيوعيين وكل من يمت اليهم بصلة.
    لا شك ان عددا كبيرا من العسكريين التقليديين كانوا خارج تلك التنظيمات عدا بعضهم, وقد دخلوا في تنظيم (احرار مايو) بالتبعية, وكان بعض اولئك العسكريين سعداء بقيام 25 مايو التي رفعت في البداية شعارات تحديث وتطوير الجيش, ولكنهم - كما أشارت الوثيقة- اصيبوا بخيبة أمل كبيرة من تركيبة المجلس واعضائه المعروفين بسمعتهم السيئه وتدني كفاءتهم العسكرية وحداثتهم في القوات المسلحة نسبيا, وان عددا كبيرا من القادة التقليديين الذين كان لهم وزنهم في القوات المسلحة قد تمت احالتهم الي التقاعد, ورأوا بأن التطوير والتحديث الذي أشير اليه قد خص سلاحي المدرعات والمظلات وتمخض عن قيام العديد من الاجهزة الامنية والاستخبارية. وكان أهم الاسباب التي أصابتهم بخيبة الامل تلك الترقيات الاستثنائية التي شملت المقربين الي مايو من المتسلقين والانتهازيين الذين لا يتمتعون بأدني كفاءه عسكرية. هذه المجموعة التقليدية التي لا يربطها رابط سوي عسكريتها كانت ساخطة جدا وفي غاية الاستياء ولكنها لم تفعل شيئا يعبر عن سخطها ضد مايو! ربما لأنها تعتبر الانقلاب ضد المبادئ والتقاليد العسكرية, وربما كان الوقت لا يزال مبكرا لتقرر التحرك ضد مايو...وربما كانت تفتقر الي التنظيم. ولان مايو كانت تدرك حجم هذه المجموعة وخطرها فقد عملت علي تشتيتها واحالة عدد كبير من كبار القادة فيها الي التقاعد.
    ولا أشك مطلقا في وجود تنظيمات يمينية أو جهوية داخل القوات المسلحة وأنها كانت تخطط لانقلاب ضد مايو, وأنها أكثر من تنظيم... أما كيف تحركت في 22 يوليو فذلك غير واضح تماما. هل تحركت تلك التنظيمات وكل يحاول الاستحواذ علي الغنيمة بمفرده وبطريقته...أم أنها نسقت وتحركت جميعها في وقت واحد؟ الاجابة غير واضحة ولكن الاقرب الي الفهم أن كل تنظيم قد تحرك بمفرده, ولذا كان ذلك التخبط الذي حدث يومذاك.

    وأخيرا ما الذي يربط بين الملازم حماد الاحيمر والمقدم يعقوب اسماعيل والمقدم صلاح عبدالعال مبروك؟ أري أننا لا نزال نحتاج الي من يحدثنا عن تلك التنظيمات, تكوينها, برامجها, اهدافها وماذا فعلت في 22 يوليو؟ عموما التنظيم الذي كان في اعتقادي أنه الاقوي والذي قاد محاولة الانقلاب الفاشلة في 5 سبتمبر 1975 وضم عددا من الضباط الذين أعرفهم ومنهم المرحوم المقدم حسن حسين, العقيد ارباب, المقدم شرطة الطيب احمد حسين, النقيب عبدالرحمن جلجال, النقيب عيسي, النقيب عبدالرحمن شاميي والملازم حماد الاحيمر - كان تحركه ضعيفا ولا يقارن بحجم سمعته في 22 يوليو 1971. فهل كان هو الذي قادنا الي الهزيمة عسكريا في يوليو وحده؟
    كان الحزب ملما بطبيعة ما يجري داخل القوات المسلحة من حيث وجود التنظيمات المختلفة والسخط والاستياء الذي كان سائدا حينذاك, ولكنه للاسف لم يكن ملما بما كان يجري في تنظيم الضباط الاحرار الاقرب اليه, وكانت العلاقة شبه محدودة بين قيادة الحزب وقيادة التنظيم. وبالرغم من أن قيادة التنظيم كان لها أسبابها في فتور العلاقة مع الحزب ومنها الخوف من افشاء أسرار التنظيم الي الجهات الامنية خصوصا وأن الانقساميين لم يتركوا سرا يعلمونه الا وأبلغوه للسلطة, فقد كان علي الحزب أن يهتم بالتنظيم في ذلك الجو المضطرب, والاقتراب منه وكسب ثفته.
                  

12-27-2011, 04:47 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: الرائد عبد العظيم سرور يواصل الكتابة للايام


    19 يوليو .. التخطيط .. التنفيذ .. الهزيمة ..


    اسئلة ما زالت في حاجة الى اجابات واضحة حول



    اسباب الهزيمة





    سابعا: حول تقييم الحزب لحركة 19 يوليو 1971




    قامت الحركة في 19 يوليو 1971 وتمت هزيمتها المفجعة في الثاني والعشرين منه, وقد كنا نتوقع بعد أن استقرت الامور في اوساط الحزب نسبيا أن يصدر تقييمه للحركة مبديا وجهة نظره وموضحا رأيه حول ذلك الحدث الهام - المرتبط به ارتباطا وثيقا - لجماهير الشعب السوداني , مجيبا علي العديد من الاسئلة المحيرة التي أحاطت بتلك الحركة.
    في يناير 1996 صدر تقييم الحزب الذي طال انتظاره, أي بعد مرور أكثر من خمسة وعشرين عاما, وذكر الحزب في مقدمة التقييم أن أحد اسباب تأخيره كان عدم صدور آراء العسكريين الذين شاركوا في الاحداث, ولم يشر التقييم الي الاسباب الاخري التي أدت الي التأخير. وقد أدهشني القول بأن أحد الاسباب كان تأخير صدور آراء العسكريين ولم يشر التقييم الي الاسباب التي أدت الي تأخير آرائهم.
    ان الاشارة الي العسكريين الذين تأخر رأيهم لا شك تعني أولئك الذين نجوا من مجازر الشجرة وزج بهم في غياهب السجون. وهؤلاء بعد أن صدرت الاحكام ضدهم تم تجميعهم بالسجن العمومي بالخرطوم بحري المعروف بسجن كوبر وقد اكتمل تجميعهم في اغسطس 1971. ثم بدأ توزيعهم علي سجون السودان المختلفة...سجن شالا بالفاشر, سجن بورتسودان, سجن كسلا, سجن الابيض, سجن الدامر, سجن ملكال وسجن الدويم. وبهذا فقد كانت اماكن تواجدهم معروفة وامكانية الاتصال بهم سهلة وميسورة. وأن أي معلومات أو تفاصيل يحتاجها الحزب كان يمكن وصولها الي مركزه أو الي أي جهة تحددها.

    في بداية عام 1972 بدأ الضباط والصف والجنود السجناء في العودة الي كوبر لاسباب صحية خصوصا أولئك الذين كانوا بسجن ملكال, بعد أن اصابتهم النزلات المعوية وحمي الملاريا, وعاد آخرون لاسباب أخري, وربما كان للعلاقات الشخصية بأدارة السجون وأجهزة الامن دور في تلك العودة.

    كنت ضمن 21 ضابطا ومدنيا بسجن شالا بالفاشر أذكر منهم الرائد فاروق
    عكود (ذخيرة), النقيب محي الدين ساتي (قيادة عامة), النقيب عباس بشير الاحمدي (مدرعات), النقيب عبدالله العوض (مدرعات) النقيب عبد الرحمن مصطفى خليل, الملازم اول هاشم مبارك (مدرعات), الملازم احمد الحسين (مدرعات), الملازم احمد عبدالله الداني (مدرعات), الملازم اول حسن علي (مدرعات), الملازم عبدالله ابراهيم (مدرعات), الملازم ابوبكر عبدالغفار (مظلات), الملازم الرشيد حمره المرضي (مدرعات), وشخصي المتواضع (غربية) الملازم عبد الرحمن حامد (مدرعات) الملازم اول عبد الفتاح نقد (مدرعات) الملازم زهير قاسم(مظلات) ومدني واحد هو المرحوم حامد الانصاري وآخرين.

    كان من المقرر في ذلك الوقت أن اجلس لامتحان النقل من السنة "الاولي" الي السنة الثانية حقوق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم. وقد قامت خطيبتي حينذاك وأم العيال الآن "سلمي زاهر" بمجهود جبار لتذليل أمر عودتي الي الخرطوم للجلوس للامتحان, ونقلت الي الخرطوم حيث قررت سلطات الامن أن أبقي بسجن امدرمان واعود بعد نهاية الامتحان والمثول امام (لجنة تقصي الحقائق في مؤامرة 19 يوليو) الي شالا. وبعد ان انتهت الامتحانات قاتلت سلمي لكي أبقي بالخرطوم وقد أثمر مجهودها. نقلت الي سجن كوبر وهناك وجدت عددا كبيرا من الزملاء العسكريين, أذكر منهم المقدم احمد عبدالرحمن عبد الحفيظ "حريكة", الرائد مبارك فريجون, النقيب عبدالرحمن مصطفي خليل, النقيب احمد المصطفى "الجوكر", الملازم عمر احمد وقيع الله, ثم انضم الي المجموعة من السجون المختلفة الملازم اول حسين ضرار "خرطوش", الملازم مدني علي مدني والملازم حسين والملازم زهير قاسم والملازم علي زروق والملازم فيصل كبلو والملازم اول هاشم مبارك (هاشم الشين). ووصل من سجن بورتسودان الدكتور مصطفي خوجلي والمقدم صلاح فرح والملازم فيصل مصطفي. كانت "الكرنتينة" (ب) وهي قسم من اقسام السجن مخصصة للسجناء العسكريين بينما كانت الكرنتينة (أ) مخصصة للمرتزق الالماني (رودلف شتاينر) وقد ضم اليه دكتور مصطفي خوجلي بعد وصوله من سجن بورتسودان.

    في ذلك الوقت وصلتنا رسالة من مركز الحزب تطلب أن نعد تقريرا أو تقييما لما حدث في 19 يوليو. وقد فتح وصول الخطاب الباب لكي نعود الي نقاش كنا قد بدأناه حول الاسباب التي أدت الي هزيمتنا في 22 يوليو. انقسمنا أثناء النقاش الي قسمين من ضباط المشاة في جانب وضباط المدرعات في جانب آخر. وقد استطعنا نحن ضباط المشاة محاصرة ضباط المدرعات وتحميلهم مسئولية الهزيمة, خصوصا وأن التحرك المضاد قد بدأ من عندهم, وكان سبب هزيمتنا اللواء الثاني الذي انطلقت دباباته بمهاجمة مواقعنا, ولم يجد ضباط المدرعات وسيلة لدرء ذلك الاتهام فالصقوا التهمة بالملازم أول حسين ضرار الذي كان مكلفا بنزع أبر أي دبابات تخص اللواء الثاني, وقد اعترف ضرار بأنه نزع أبر بعض الدبابات وترك بعضها حسب تقديراته الذاتية. وكان الاتهام الثاني لضباط المدرعات هو تراخيهم وانشغالهم بالمسائل الاستعراضية مثل متابعة الهاموش وهاشم في زياراتهم التفقدية للوحدات وحضور الاجتماعات وترك مواقع مسئولياتهم لضباط من رتب أعلي غير معروفين بأنتمائهم لنا ولا علاقة لهم بالتنظيم أو حركة 19 يوليو, وقد خص الاتهام الاخير النقيب عبدالرحمن مصطفي خليل والملازم عمر وقيع الله الذي ترك موقعه في الشجرة وأخذ يتجول بعربته الفارهة في انحاء العاصمة. ناقشنا كذلك مسألة انصراف الرائد هاشم وبعض القادة عن مباشرة مسئولياتهم العسكرية والانشغال بأمور سياسية كان يمكن تركها للمدنيين, كما ناقشنا ما جري في بيت الضيافة, وأنكرنا اشتراك بعضنا في المجزرة وأستشهدنا بمعلومات نقلت الينا بأن المبني قد تعرض لقصف بمدافع الدبابات (ت 55) وأنه لم تكن لدينا دبابات في ذلك الموقع لعدم الحاجة اليها, وأن الرصاص الذي أطلق علي المعتقلين كان من نوع الرصاص الحارق أو الحارق الخارق وأن الرشاشات والبنادق التي كنا نحملها لا تعمل بذلك النوع من الرصاص.

    أجتمعنا لمناقشة محتويات التقييم وقد اتفقنا علي تسميته (المقاومة الباسلة) وكلفني الزملاء بصياغة التقييم في صورته النهائية, وبعثناه الي مركز الحزب. وكنا نعلم بأن التكليف بكتابة التقييم قد طلب من الزملاء في مواقعهم المختلفة بالسجون الاخري ولم يصل طلب التقييم لبعض الزملاء في بعض السجون مثل الزملاء في سجن شالا. وجاء الرد بعد أكثر من شهر ليقول بأن التقييم قد أغفل جوانب هامة وكان عاطفيا جدا, ولم يذكر المركز تلك الجوانب الهامة التي اغفلناها أو كيف كان تقييمنا عاطفيا جدا, ولم يطالبنا بمراجعته أو اعادة كتابته ومناقشة كذا وكذا. وأعتقد ان التقييم المطلوب قد وصل من السجون المختلفة الي مركز الحزب قبل نهاية عام 1972.
    هذا يؤكد ان الحزب قد أهتم فعلا بمسألة التقييم منذ ذلك الوقت المبكر..أما لماذا لم يكمل أو لماذا لم يصدر فهذا أمر لا أعرفه فهل يمكن أن يقال بعد ذلك أن تأخير صدور التقييم كان بسبب تأخر صدور آراء العسكريين المشاركين في الاحداث؟
    في عام 1986 تشكلت لجنة عسكرية برئاسة العميد (م) محمد محجوب عثمان وعضوية أثنين من الضباط اذكر منهما الملازم فيصل كبلو لتقصي الحقائق حول حركة 19 يوليو واعداد تقرير تمهيدا لصياغة تقييم متكامل حولها, وقد مثلت أمام تلك اللجنة وأدليت بما أعلم من تفاصيل, كما مثل أمامها كل الضباط والصف والجنود الموجودين الذين شاركوا في احداث 19 يوليو تقريبا.وبافتراض أن ما كتبناه في مايو ويونيو 1972 كان عاطفيا فما الذي حدث لتلك التحريات التي قامت بها اللجنة في عام 1986 والتي كانت في اعتقادي اكثر دقة وشمولا من حيث اتصال اللجنة بعدد أكبر من الضباط والصف والجنود وسماع اقوالهم؟ بالتأكيد أن العسكريين الذين أشار اليهم التقييم هم أولئك الذين صاغوا تقييمهم العاطفي في سنة 1972 وهم الذين مثلوا أمام اللجنة في عام 1986, فهل هناك عسكريون غير هؤلاء اشتركوا في تلك الاحداث وتسببوا في ذلك التأخير.
    جاء في الوثيقة (التقييم) (ص 5-6) في الحديث عن حركة 19 يوليو "... ذكر مصطلح حركة 19 يوليو التصحيحية, وأستخدمت مصطلحات مثل انتفاضة أو ثورة...الخ". وخلصت الوثيقة الي أن "حركة 19 يوليو ليست ثورة ولا انتفاضة... وانما هي انقلاب عسكري نظمته مجموعة من الضباط بينهم أعضاء في الحزب الشيوعي وبينهم ماركسيون دون التزام حزبي وأغلبهم وطنيون وديمقراطيون."

    أتفق مع ما جاء في الوثيقة بأن حركة 19 يوليو ليست ثورة أو انتفاضة لان مفهوم الثورة أو الانتفاضة حسب الفهم العام وفي المفهوم الماركسي اللينيني تحرك شعبي مسلح تقوم به الجماهير أيا كانت نوعية ذلك التسليح, وهذا بالتأكيد لا ينطبق علي ما حدث في 19 يوليو. وأتفق بأن يوليو ليست سوي انقلاب. ولا أعتقد أن الاشارة الي يوليو الانقلاب بأنها حركة تصحيحية خطأ, اذ أن يوليو قامت لتصحيح الاخطاء التي وقعت فيها مايو, ذلك الانقلاب الذي كان يطرح شعارات ثورية وديمقراطية مما جعل الشيوعيون يقفون معه ويساندونه, ولكن مايو أنحرفت عن مسارها الذي أعلنته في البداية وجنحت في اتجاه الخطأ وسارت ضد ارادة ومصالح الجماهير اقول ذلك وأنا أكره تسمية حركة يوليو بالتصحيحية لان التصحيح يعني تصحيح مايو والارتباط بها بشكل أو آخر.
    صنفت الوثيقة الضباط الذين نفذوا انقلاب يوليو بأنهم شيوعيون وماركسيون وأغلهم وطنيون وديمقراطيون. وربما يكون التصنيف سليما, ولكني لا أتفق مع ما جاء في الوثيقة بأن "أغلبهم وطنيون وديمقراطيون" اذ أن التخطيط للانقلاب وتنفيذه قد تم بواسطة أكثر من عشرين ضابطا من أعضاء الحزب ومعهم عدد من الديمقراطيين والمرشحين لدخول الحزب, أما الذين انضموا للانقلاب بعد تنفيذه فقد كان فيهم أكثرية من الوطنيين والديمقراطيين. هنا أري لا بد من الدقة في التعبير وضرورة التمييز بين من خطط ومن نفذ ومن أنضم, وهذا بالتأكيد ليس القصد منه التقليل من شأن الوطنيين والديمقراطيين لان هناك ديمقراطيون ووطنيون أنضموا الي يوليو بعد التنفيذ وقفوا مواقف شجاعة في الدفاع عن يوليو وأعلنوا تشرفهم بالانضمام اليها وما زالوا يفخرون بذلك حتي اليوم, وقد أثبتوا أنهم أفضل كثيرا من أولئك الذين هربوا من ميدان القتال والمعركة محتدمة أو ذلك الذي عندما أعلن بميعاد تنفيذ الانقلاب قال قولته المشهورة "أدركني يا رسول الله" وسافر في أجازة لم يكن قد خطط لها من قبل ! وقصدت بالفصل بين من خطط ومن نفذ ومن شارك أن أبين ايضا أن بعض المنضمين الي الحركة قي أيامها الثلاثة كانوا من الانتهازيين والمتسلقين والمندسين الذين لا يتشرف أحد بأنتمائهم اليه, أولئك الذين ظهر تخاذلهم وجبنهم ليس أثناء المحاكمات وحسب بل خلال أول عام قضيناه في السجون حينما حاولوا أثارة التفرقة بين الشيوعيين والديمقراطيين وأرشدوا سلطات السجن الي مخابئ مطبوعاتنا, فقضينا بسبب وشايتهم أربعة أشهر قاسية في زنازين "البحريات" مع المحكوم عليهم بالاعدام في جرائم القتل العمد...هؤلاء معروفون لدينا وأسألوا ضباط وصف وحراس السجون عما حدث لنا في كوبر ونحن نستعد للاحتفال بمرور عام علي ذكري 19 يوليو!

    جاء في البيان الحزبي الذي صدر عن اجتماع اللجنة المركزية في مساء 16 نوفمبر, "....منع اعتقال عبدالخالق بكل السبل وقد كان ذلك ممكنا في تلك الظروف سياسيا وجماهيريا,ولو أدي الي مواجهة مع السلطة فضلا عن امكانية اخفائه" (ص 31). بالتأكيد ان ما أشار اليه البيان كان يفتقر الي المنطق والواقعية اذ أنه وفي ظل تلك الهجمة الشرسة التي صاحبت انقلاب 16 نوفمبر ضد الحزب كانت أي محاولة للتصدي للسلطة أو المواجهة معها ومنع اعتقال عبدالخالق سيدفعها للكثير من العنف ضد اي تحركات جماهيرية في حجم المواجهة, ولكن الخطأ الذي ارتكبه الحزب كان فشله في حماية عبدالخالق ومنع اعتقاله بالوسائل الممكنة والمستطاعة مثل اخفائه, وبالرغم من ظروف الانقسام كان الحزب يستطيع تدبير ذلك. أما مطالبة البيان بالغاء الاجراءات التي تمخض عنها الانقلاب مثل ابعاد فاروق وهاشم فقد كان ذلك مطلبا غريبا ولا أعتقد كما ورد في البيان أن المطلب كان واقعيا من الناحية السياسية أو العملية, لانه مهما فعل الحزب لن يستطع الغاء تلك الاجراءات التي اتخذت ضده بقصد وسوء نية - ولم توضح الوثيقة كيف يمكن أن يكون ذلك المطلب منطقيا من الناحية السياسية.
    كانت الوثيقة موفقة في قراءتها للوضع داخل القوات المسلحة حينذاك من حيث وجود وتكوين التنظيمات العسكرية وهي تنظيم (احرار مايو) الذي ضم شريحة ضئيلة جدا ومسطحة من القوميين العرب وذلك الشتات غير المتجانس من الوصوليين والمغامرين, والتنظيمات اليمينية ذات الصلة الوثيقة باحزاب الجبهة الوطنية. وبالرغم من أن كل تلك التنظيمات كانت تضم مجموعات من أبناء الغرب من صف وجنود وبعض الضباط الا أن أحد هذه التنظيمات - ولم تعرف تسميته - كان يضم اكثرية من ضباط الصف والضباط الذين تمت ترقيتهم من الصفوف بعد 25 مايو, وقد تركز نشاط ذلك التنظيم في سلاحي المدرعات والمظلات وهو التنظيم الذي قام بمحاولة الانقلاب الفاشلة في 5 سبتمبر 1975 والذي كان له دور فعال يوم 22 يوليو 1971 , ولا أعتقد أن تلك التنظيمات تختلف في برامجها وأهدافها, ولم نعرف من تلك البرامج والاهداف سوي هدف الاستيلاء علي السلطة والقضاء علي مايو والشيوعيين وكل من يمت اليهم بصلة.
    لا شك ان عددا كبيرا من العسكريين التقليديين كانوا خارج تلك التنظيمات عدا بعضهم, وقد دخلوا في تنظيم (احرار مايو) بالتبعية, وكان بعض اولئك العسكريين سعداء بقيام 25 مايو التي رفعت في البداية شعارات تحديث وتطوير الجيش, ولكنهم - كما أشارت الوثيقة- اصيبوا بخيبة أمل كبيرة من تركيبة المجلس واعضائه المعروفين بسمعتهم السيئه وتدني كفاءتهم العسكرية وحداثتهم في القوات المسلحة نسبيا, وان عددا كبيرا من القادة التقليديين الذين كان لهم وزنهم في القوات المسلحة قد تمت احالتهم الي التقاعد, ورأوا بأن التطوير والتحديث الذي أشير اليه قد خص سلاحي المدرعات والمظلات وتمخض عن قيام العديد من الاجهزة الامنية والاستخبارية. وكان أهم الاسباب التي أصابتهم بخيبة الامل تلك الترقيات الاستثنائية التي شملت المقربين الي مايو من المتسلقين والانتهازيين الذين لا يتمتعون بأدني كفاءه عسكرية. هذه المجموعة التقليدية التي لا يربطها رابط سوي عسكريتها كانت ساخطة جدا وفي غاية الاستياء ولكنها لم تفعل شيئا يعبر عن سخطها ضد مايو! ربما لأنها تعتبر الانقلاب ضد المبادئ والتقاليد العسكرية, وربما كان الوقت لا يزال مبكرا لتقرر التحرك ضد مايو...وربما كانت تفتقر الي التنظيم. ولان مايو كانت تدرك حجم هذه المجموعة وخطرها فقد عملت علي تشتيتها واحالة عدد كبير من كبار القادة فيها الي التقاعد.
    ولا أشك مطلقا في وجود تنظيمات يمينية أو جهوية داخل القوات المسلحة وأنها كانت تخطط لانقلاب ضد مايو, وأنها أكثر من تنظيم... أما كيف تحركت في 22 يوليو فذلك غير واضح تماما. هل تحركت تلك التنظيمات وكل يحاول الاستحواذ علي الغنيمة بمفرده وبطريقته...أم أنها نسقت وتحركت جميعها في وقت واحد؟ الاجابة غير واضحة ولكن الاقرب الي الفهم أن كل تنظيم قد تحرك بمفرده, ولذا كان ذلك التخبط الذي حدث يومذاك.

    وأخيرا ما الذي يربط بين الملازم حماد الاحيمر والمقدم يعقوب اسماعيل والمقدم صلاح عبدالعال مبروك؟ أري أننا لا نزال نحتاج الي من يحدثنا عن تلك التنظيمات, تكوينها, برامجها, اهدافها وماذا فعلت في 22 يوليو؟ عموما التنظيم الذي كان في اعتقادي أنه الاقوي والذي قاد محاولة الانقلاب الفاشلة في 5 سبتمبر 1975 وضم عددا من الضباط الذين أعرفهم ومنهم المرحوم المقدم حسن حسين, العقيد ارباب, المقدم شرطة الطيب احمد حسين, النقيب عبدالرحمن جلجال, النقيب عيسي, النقيب عبدالرحمن شاميي والملازم حماد الاحيمر - كان تحركه ضعيفا ولا يقارن بحجم سمعته في 22 يوليو 1971. فهل كان هو الذي قادنا الي الهزيمة عسكريا في يوليو وحده؟
    كان الحزب ملما بطبيعة ما يجري داخل القوات المسلحة من حيث وجود التنظيمات المختلفة والسخط والاستياء الذي كان سائدا حينذاك, ولكنه للاسف لم يكن ملما بما كان يجري في تنظيم الضباط الاحرار الاقرب اليه, وكانت العلاقة شبه محدودة بين قيادة الحزب وقيادة التنظيم. وبالرغم من أن قيادة التنظيم كان لها أسبابها في فتور العلاقة مع الحزب ومنها الخوف من افشاء أسرار التنظيم الي الجهات الامنية خصوصا وأن الانقساميين لم يتركوا سرا يعلمونه الا وأبلغوه للسلطة, فقد كان علي الحزب أن يهتم بالتنظيم في ذلك الجو المضطرب, والاقتراب منه وكسب ثفته.






    source: Al-Ayaam August 29, 2005
                  

12-27-2011, 10:24 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: الرائد عبد العظيم سرور يواصل الكتابة للايام




    19 يوليو.. التخطيط.. التنفيذ.. الهزيمة




    الحقلة الثالثة عشرة




    في الفترة التي امتدت من نوفمبر 1970 وحتي يونيو 1971 عقد الحزب عدة لقاءات مع القادة الشيوعيين في التنظيم, وفي أحد تلك اللقاءات قال العسكريون (...أنهم يواجهون ضغوطا من الضباط الديمقراطيين لتنظيم عملية عسكرية متكاملة للاطاحة بالسلطة .) أن ما ذكره الشهيد بابكر النور في ذلك اللقاء كان صحيحا ولكن الصحيح ايضا أن ما قاله بابكر عن ضغط الديمقراطيين قد جاء في مرحلة متأخرة جدا, اذ ان التنظيم كان يخطط لانقلابه قبل ذلك بكثير جدا, وقد كانت النية مبيتة منذ أن قام نظام مايو بحل تنظيم (الضباط الاحرار) وفرض تنظيم (احرار مايو). وفي الفترة التي أعقبت انقلاب 16 نوفمبر 1970 كان التنظيم يخطط للانقلاب بجدية تامة ويعد العدة لتنفيذه.
    كان التخطيط يجري في مواقعه المختلفه, ففي يناير 1971 كان كل من الهاموش وأبشيبه قد قطعا شوطا كبيرا في استعداداتهما لقيام الانقلاب, وكان قد تم تحديد الموعد في يوليو 1971 بعد عودة الضباط المشاركين في دورة قادة فصائل التي بدأت في أول يناير وانتهت في 30 يونيو 1971, وقد أعلن أبشيبه ذلك للضباط الاعضاء في التنظيم المشاركين في الدورة, وكلفهم بتجنيد أكبر عدد من الضباط للتنظيم وجس النبض في وسط ذلك التجمع الكبير في مدرسة المشاة بجبيت. ولعل أكبر دليل علي استعداد التنظيم لتنفيذ الانقلاب كان اهتمامه الشديد بتهريب الشهيد عبدالخالق من معتقله, اذ أن قادة التنظيم كانوا حريصين جدا علي ضمان حياته وهم ينفذون انقلابهم. وأعتقد أن اجابة الضباط علي السؤال المحدد الذي وجهه اليهم الحزب ما اذا كانت القوي الديمقراطية تحضر لانقلاب, فنفوا ذلك ولم يطرحوا تصريحا او تلميحا ما يشير الي أنهم يحضرون لانقلاب أو يطلبون رأي الحزب في التحضير لانقلاب...الخ ص 21 من الوثيقة. بالتأكيد أن تلك الاجابة لم تكن صحيحة, والتحضير للانقلاب يجري علي قدم وساق. وقد كانت أجاباتهم تؤكد عمق فجوة عدم الثفة بين التنظيم وقيادة الحزب. واعتقد أن مسألة الانقسام والخوف من كشف أسرار التنظيم لم تكن السبب الوحيد لتلك الاجابة.
    جاء في ص23 من الوثيقة (لم تكن الاحزاب التقليدية والقوي الموالية لها في الجيش هي الخطر المباشر علي الحركة الثورية في تلك الفترة....وكان خطر الثورة المضادة هو الخطر المباشر علي الثورة السودانية... وأن الخطر هو النميري ومجلس الثورة والفئات الرأسمالية الطفيلية الجديدة) أجد نفسي لا أتفق مع الوثيقة في عدم اعتبار الاحزاب التقليدية والقوي الموالية لها في الجيش خطرا مباشرا علي الثورة السودانية...وأتفق أن خطر الثورة المضادة هو الخطر ولكنه لم يكن مباشرا وانما الخطر المباشر حقيقة كان القوي اليمينية والجهوية الموالية للاحزاب التقليدية داخل الجيش. فالنميري ومجلس ثورته والفئات الرأسمالية والطفيلية الجديدة كان لها تأثيرها بلا شك ولكن اليد القوية التي كان يمكن أن توجه الضربة القاضية للحركة الثورية هي التنظيمات المسلحة الموالية لليمين وقد فعلت ذلك في 22 يوليو 1971.
    أوافق الوثيقة في أن بيان عيد الاستقلال الذي صدر بتاريخ 22|12|1970 كان جيدا وأن الشعارات الثورية التي تصدرته كانت سليمة, ولكن الغريب فعلا أن البيان حتي ذلك الوقت كان يشير الي احتمال تراجع انقلاب 16 نوفمبر عن طبيعته, أو أن ينشأ تحالف أو تعاون ما مع السلطة أو مجموعة منها (ص36) أي مجموعة منها؟ وما الذي كان يميز تلك المجموعة بعد ابعاد بابكر وفاروق وهاشم؟
    ولكن ما جاء في بيان عيد الاستقلال لم يكن اكثر غرابة من دعوة بيان 16 نوفمبر 1970 الجماهير لتعمل علي:
    1) الغاء القرارات التي أعلنت واعادة أعضاء مجلس الثورة المبعدين الي مناصبهم وطرح القضايا المختلف عليها للمناقشة مع الضباط الاحرار.
    2) اعادة الضباط الاحرار الذين فصلوا من الخدمة.
    3)اطلاق سراح عبدالخالق محجوب.
    أن الدعوة لاطلاق سراح عبدالخالق لا غبار عليها وهي دعوة سليمة بلا شك, ولكن أعادة القادة المبعدين من المجلس وطرح القضايا المختلف عليها للمناقشة مع الضباط الاحرار, كان طرحا طوباويا مثيرا للدهشة اذ كيف يقوم النظام مهما واجه من ضغوط سياسية أو جماهيرية أو غيرها بأعادة ضباط في قامة بابكر وفاروق وهاشم الي المجلس الذي ابعدهم عنه أو اعادة الضباط الذين فصلوا الي الخدمة؟ وهو الذي يعتبرهم خطرا كبيرا عليه ويهدد وجودهم - حتي وهم خارج الخدمة - وبسبب ذلك قام بحل التنظيم ولم تكمل مايو شهرها الخامس, وأي تنظيم ضباط أحرار ذلك الذي يمكن ان يأتي ويجلس مع السلطة لمناقشة قضايا مختلف عليها..؟ ذلك يعني أن يأتي من التنظيم (فلان وفلان وفلان) ليقولوا أنهم يتحدثون بأسم التنظيم في وقت لزم فيه التنظيم السرية التامة. في اعتقادي أن مثل تلك الاطروحات العجيبة وغيرها هي من بين الاسباب التي باعدت بين التنظيم وقيادة الحزب, اذ كانت قيادة الحزب في واد والتنظيم في واد آخر.
    بالرغم من ان العسكريين كانوا يعدون لانقلابهم بمعزل عن الحزب الا انهم وقبل ذلك اقترحوا علي عبدالخالق فكرة القيام بانقلاب, ولا أعتقد ان ذلك كان "أمرا جديدا" كما جاء في الوثيقة, فقد أشاروا أكثر من مرة الي أن الوضع معبأ في القوات المسلحة وأنهم اذا لم يقوموا بانقلابهم فإن التنظيمات اليمينية ستقوم بانقلاب. وأتفق مع الوثيقة ان ذلك كان خارج مساق توجه الحزب السياسي وبرنامج نشاطه. ولكن لا عبدالخالق ولا الحزب قال للعسكريين "لا" لا تقوموا بأي انقلاب, بل قال حسب ما ورد في الوثيقة ص38: "ان تلك قضية جديدة تستوجب الدراسة والتقدير في الامانة العامة والمكتب السياسي واللجنة المركزية." وعلي كل حال فقد كان الضباط الشيوعييون والديمقراطييون في ذلك الوقت قد اتخذوا قرارهم الذي لا رجعة فيه!
    مسألة هروب الشهيد عبدالخالق كانت احد اكثر الامور الحاحا وضرورة لدي العسكريين وكانت لهم اسبابهم المنطقية وهم يعدون لانقلابهم الوشيك. ولم تكن حبال الصبر الطويلة التي مدها الزملاء في قيادة الحزب - آنذاك - مقنعة. فالحزب قد اقترح قيام لجنة بقيادة الشهيد "شكاك" لتنظيم عملية الهروب, وكان علي اللجنة أن تجتمع لوضع خطة ومناقشة تفاصيله والبحث في وسيلة لمغادرة العريف عثمان عبدالقادر البلاد , أو ايجاد مكان لاخفائه وتأمينه, بل والاهم من ذلك ايجاد مكان لتأمين عبدالخالق بعد هروبه, وكان ذلك في ظل ظروف صعبة, فقد كان علي الحزب بعد الانقسام أن يبدأ من الصفر في البحث عن أماكن مؤمنة خصوصا وأن الاماكن التي كانت معدة لمقابلة مثل تلك الاحتياجات قد أصبحت مكشوفة لدي الانقساميين. في ظل تلك الظروف الملحة والمعقدة كان لا بد أن يجد العسكريون وسائلهم الخاصة لتهريب عبدالخالق. ولقد استطاع العسكريون اقناع عبدالخالق الذي بعث بثلاث رسائل لتعديل خطة هروبه واستعجال التنفيذ. وأخيرا وبعد موافقة عبدالخالق كان لا بد لشكاك من أن يتعاون مع العسكريين. وقد تم تهريب عبدالخالق وفق خطة دقيقة ومحكمة في 29\6\1971 وتم اخفاؤه بمنزل الشهيد المقدم عثمان الحاج حسين الملحق بالقصر الجمهوري. وهكذا انزاحت العقبة الكؤود التي كانت سببا في تعطيل تنفيذ الانقلاب.
    تحت عنوان (موقف وتقديرات العسكريين) ص 53 من الوثيقة "...أن العسكريين أشاروا الي مناقشة عبدالخالق معهم قبل التعديل الوزاري الاول في اكتوبر 1969 الذي قال لهم أن الاستقالة هروب من الصراع, وأن التحرك لتنفيذ انقلاب سيبدو أمام الرأي العام بمثابة سرقة للسلطة..الخ. لاحظ ان تلك المناقشة قد جرت في اكتوبر 1969 أي بعد أقل من خمسة اشهر علي قيام مايو. ذلك يؤكد بلا شك أن التفكير في قيام الانقلاب لم يكن وليد اللحظة وأنه قد تم منذ زمن بعيد. وصحيح كان ما قاله العسكريون: "بأن الوضع داخل الجيش سيتفجر سواء تحركوا أو لم يتحركوا كما أن الضباط الديمقراطيين لن يستمعوا لرأي الحزب بالتأجيل هذه المره, وأن تنظيمات القوي اليمينية في الجيش تسير بسرعة نحو الانقلاب. أعتقد أن العسكريين كانوا أمناء جدا مع أنفسهم ومع الحزب حينما ناقشوا بصراحة, الظروف التي تدفعهم للانقلاب, وأكدوا أنهم كضباط شيوعيين يتحلون بالانضباط الحزبي والتقيد بموقف الحزب, ولكن الظروف المحيطة بهم تحتم عليهم أن يتحركوا مع رصفائهم الديمقراطيين لتنفيذ الانقلاب. وأعتقد ايضا أن التقييم كان أمينا ومنصفا جدا للعسكريين عندما اشار في ص 55: "...أن انتماءهم للمؤسسة العسكرية - الجيش - يفرض طابعه علي تقديراتهم رغم انتمائهم الحزبي... فهم في نهاية الامر ليسوا أول مجموعة عسكرية حزبية تغلب تقديراتها العسكرية علي التقديرات السياسية لحزبها, بل وحتي الجناح العسكري لحركة سياسية جماهيرية كثيرا ما افلت وفرض تقديراته علي قيادته الساسية...الخ"
    كان أهم الاسئلة واكثرها الحاحا فيما يتعلق بحركة 19 يوليو تلك التي تستوضح دور الحزب في قيام الحركة ويمكن تحديد تلك الاسئلة علي النحو التالي:
    * هل خطط الحزب للقيام بانقلاب 19 يوليو 1971؟
    * هل تم تنفيذ الانقلاب بعلم الحزب؟
    * هل تم الانقلاب بموافقة الحزب؟
    * هل تم الانقلاب برغم رفض الحزب؟
    أن وثيقة حركة 19 يوليو اجابت -في اعتقادي-علي بعض الاسئلة ولكن بعض اجاباتها لم تكن محددة أو قاطعة . ولعل أكثر الاجوبة وضوحا واقناعا كانت تلك التي تنفي تخطيط الحزب للانقلاب ورفضه الفكرة منذ البداية, ولكن اجابات الحزب علي بعض الاسئلة -بعد أن وضح أن العسكريين قد استعدوا لانقلابهم- لم تكن قاطعة أو محددة, وكانت تتأرجح بين الرفض والقبول بتنفيذ الانقلاب. ويمكن استخلاص اجابات الحزب علي تلك الاسئلة من وثائق سابقة علي الانقلاب أهمها بيان 16 نوفمبر 1970 وبيان دورة اللجنة المركزية في فيراير 1971. ومن لقاءات ومشاورات جرت بين قيادة التنظيم والشهيد عبدالخالق وبعض قيادة الحزب فلقد ورد في الوثيقة انه بعد التعديل الوزاري في اكتوبر 1969 رفض عبدالخالق فكرة انقلاب كان يلمح له كبار الضباط وقال: "...ان الاستقالة هروب, وأن التحرك لتنفيذ انقلاب سيبدو أمام الرأي العام بمثابة سرقة للسلطة...الخ: (ص 53).
    * وحسب الوثيقة (ص 35) انه جاء في بيان اللجنة المركزية الصادر في 16 نوفمبر 1970 :"...ان شعار اسقاط السلطة الحالية...شعار يساري ضار ومغامر"(ص 4 من البيان). وتحت عنوان شعارات اسقاط السلطة (ص 37) انه في اجتماعات التعبئة لقواعد الحزب حول تقييم دورة اللجنة المركزية لانقلاب 16 نوفمبر وردت في النشرة الداخلية لمنطقة عطبره فقرة تقول:" هذه السلطة لم نرفع بعد شعار اسقاطها"
    * لهذا كان اقتراح العسكريين بالانقلاب أمرا جديدا خارج مساق توجه الحزب وبرنامج نشاطه وآفاق ذلك البرنامج" (ص 3
    * تلك باختصار المسائل التي عالجتها دورة اللجنة المركزية في
    فبراير 1971 فيما يتعلق بتكتيكات الحزب ومؤكدة في ص 10 و16 "قفل الطريق أمام المغامرين والافكار الانقلابية ورفض النهج الانقلابي والانفراد بالسلطة"
    هذا بعض ما جاء في وثائق الحزب وما أشار أليه التقييم وأعتقد أن في ذلك أجابة كافية علي السؤال الاول: هل خطط الحزب لانقلاب 19 يوليو 1971؟
    * اما هل تم الانقلاب بعلم الحزب؟ الاجابة نعم. فالانقلاب قد تم بعلم الحزب ولا يمكن أن ننفي علم الحزب بالانقلاب لانه لم يكن يعلم بساعة الصفر, والوثيقة تؤيد ذلك في موقف وتقديرات العسكريين (ص 53 - 5. وقد كانت تلك التقديرات بعد هروب عبدالخالق في 26|6|1971. فلقد كانت فكرة الانقلاب - كما أشرت من قبل - تدور في رؤوس العسكريين منذ أكتوبر 1969 وربما قبل ذلك.
    قال عبدالخالق للعسكريين:
    * ان التحرك لتنفيذ انقلاب سيبدو أمام الرأي العام بمثابة سرقة للسلطة (ص53
    * قال العسكريون أن الوضع في الجيش سوف ينفجر سواء تحركوا أو لم يتحركوا الخ (ص 54)
    * أكدوا أنهم كضباط يتحلون بالانضباط الحزبي ..ولكن الظروف..تفرض عليهم الا يتأخروا عن أي تحرك يبادر به الضباط الديمقراطيون..(ص54).
    * تركزت مناقشة عبدالخالق معهم في الآتي: "...ان اقتراح الانقلاب يجب أن يطرح علي اللجنة المركزية وأخذ رأيها... فرغم تقديره لوجهة نظرهم لن يوافق علي أي تحرك قبل مناقشته في اللجنة المركزية..." (55)
    * أما هل تم الانقلاب بموافقة الحزب أو تم برغم رفضه؟ هذان سؤالان متداخلان, أري أن تتم الاجابة عليهما معا. والاجابة في اعتقادي أن الحزب لم يوافق صراحة ولكن مع مجريات الاحداث - كما أشرت من قبل - نجد أن رأي الحزب أخذ يتأرجح بين القبول والرفض وأعتقد أن الرأي الغالب في الحزب كان أقرب الي القبول, ولكن لكي يكون ذلك رسميا كان يجب الاستماع الي قرار اللجنة المركزية. وأستند في ذلك الي ان المكتب السياسي- وهو هيئة قيادية لها وزنها في الحزب وتوصياتها تؤخذ في اجتماعات اللجنة المركزية وتحظي بتقدير واحترام كبيرين - لم يقل "لا" منذ البداية لفكرة الانقلاب. (أنظر مناقشة عبدالخالق مع العسكريين ص55) (انظر رأي المكتب السياسي في اجتماعه الذي أنعقد يوم 13|7|1971) .
    * المسؤولية التي يتحملها المكتب السياسي انه لم يتخذ قرارا قاطعا بقبول الفكرة أو رفضها بل أخضعها للمناقشة والتقدير ...الخ (ص 62)
    * ومن ملخصات وملاحظات المكتب السياسي(من حيث المبدأ يمكن قبول فكرة التصحيح, لكن يجب أن يخضع تحرك الضباط الشيوعيين لتقديرات اللجنة وقرارها) (ص62). واني لاتساءل كيف يمكن من حيث المبدأ قبول فكرة التصحيح؟ وهل يأتي ذلك التصحيح بدون القيام بانقلاب؟
    * وبعد وقوع الانقلاب ووصول هاشم الي مقر تجمع قيادة الحزب كان السؤال الموجه اليه: لماذا تعجلتم؟ فكان رده: هل ننتظر حتي يعتقلوا زملاءنا واحدا واحدا؟ فطلب عبدالخالق من هاشم ومحجوب ابراهيم أن يقدموا لاجتماع اللجنة المركزية التقديرات والاسباب التي دفعتهم للاستعجال". يلاحظ هنا أن السؤال كان "لماذا تعجلتم؟" ولم يكن "لماذا أقدمتم علي تنفيذ الانقلاب؟" وكان المطلوب من هاشم ومحجوب أن يقدما تقريرا حول الاسباب التي دفعتهم لتنفيذ الانقلاب دون موافقة الحزب.
    وأخيرا أقول انني لم أجد رفضا صريحا للانقلاب الا في بيان اللجنة المركزية الصادر في مساء يوم 16 نوفمبر 1970 وبيانها الصادر في فبراير 1971
    في نهاية الاجوبة علي هذه الاسئلة الملحة لا أري أن الحزب يحتاج الي دفاع في أنه لم يخطط أو يشارك في تنفيذ الانقلاب, وهذا بالتأكيد واضح من الوثائق التي صدرت قبل وقوع الانقلاب, ويظهر ذلك من مجريات الاحداث ووقائع الاحوال, فاذا كان الحزب قد خطط فعلا لذلك الانقلاب - وهو حزب له وزنه وتقاليده- لاعد بياناته ومراسيمه الدستورية وقائمة أسماء وزرائه قبل وقوع الانقلاب بدلا من ترك هاشم يلهث بحثا عمن يصوغ له البيان ويعد المراسيم الدستورية والاوامر الجمهورية, ولهذا يتضح أن اتهام الحزب وقيادته بالتخطيط وتنفيذ الانقلاب اتهام باطل لا يقوم علي أساس وهو اتهام ######## قصد به تصفية حسابات سياسية بأسلوب إنسان رخيص ينم عن دواخل اصحابه ولا يقوم اعتراف الشهيد عبدالخالق وتحمله المسؤولية أساسا لبينة أن الحزب قد خطط للانقلاب ونفذه.
    * أوردت الوثيقة تحت عنوان (بعد وقوع الانقلاب) ص 67: :"أن من الاخطاء الجسيمة في الخطة العسكرية, أن تنظيم الضباط لم يشرك معه تنظيم الجنود الشيوعيين والديمقراطيين في التحضير والتنفيذ.. وان ذلك التنظيم له وزنه وتقاليده ...الخ" هذا القول عن ذلك التنظيم لم أعرفه الا بعد قراءتي لهذه الوثيقة وان كنت قد سمعت من قبل أكثر من عام من قيام حركة 19 يوليو بنية تكوين تنظيم للجنود الشيوعيين والديمقراطيين. وكنت أعلم أن الشهيد الملازم احمد جبارة كان يناقش بعض ضباط صف وجنود الحرس الجمهوري ويمدهم ببعض الوثائق والكتب الثقافية والماركسية بوجه خاص, لكن ذلك لم يكن يرقي لتسميته بالتنظيم. وقد شارك بعض ضباط الصف في الانقلاب فيما بعد بصفة أنهم يتبعون لقيادة الحرس الجمهوري وليس بصفة أنهم أعضاء في التنظيم. ويبدو لي أن الحديث عن التنظيم غريبا خصوصا وأننا كنا ونحن نستعد للانقلاب نسعي لجمع "ولملمة" كل صف وجندي بحكم أننا كنا نعاني نقصا كبيرا في قوتنا, فكيف يمكن أن نجهل تنظيما كاملا للصف والجنود له وزنه وتقاليده كما جاء في الوثيقة؟ ولا شك أن وجود مثل ذلك التنظيم يمكن أن يكون مؤثرا وفعالا جدا في دعم قواتنا الضعيفة من ناحية ضباط الصف والجنود وكان يمكن الاستعانة به في مجال التجنيد في أوساط وحدات العاصمة المختلفة. كان عثمان يعمل جاهدا علي زيادة وتطوير قوات الحرس الجمهوري وقد قام بتجنيد كتيبة رابعة للحرس هي كتيبة الادارة, وقد كلفني كما ذكرت بمهمة تجنيد أكبر عدد ممكن من الشيوعيين والديمقراطيين ضمن فريق كرة القدم. ولم يكن أبشيبه ليأمرني بذلك في وجود تنظيم للجنود قائم وقديم. ولا شك أن التنظيم كان يستطيع معاونة عثمان في تنفيذ مهمة التجنيد أكثر من أي جهة أخري.
    كان الفهم والالمام بالامور السياسية في أوساط القوات المسلحة بين الضباط والصف والجنود متدنيا جدا, وكان الخوض في مناقشة السياسة شبه منعدم ولا يجد اهتماما, وربما كان ذلك بسبب النشأة العسكرية التي كانت تعتبر المسائل السياسية هي اهتمامات "ملكية" أي مدنيين. لقد عشت أكثر من ستة أعوام حياة طلبة الكلية الحربية وحياة الضباط في العاصمة والاقاليم, ولا اذكر أننا دعينا لمناسبة اجتماعية أو ثقافية, فقد كانت الدعوات تتم لتنوير عسكري أو اجتماع لمناقشة أمور الوحدة التي نخدم فيها أو لمشاهدة حفل غنائي أو لعبة كرة قدم أو مشاهدة فيلم حربي تطبق فيه قواعد التكتيك العسكري والمناورة. وكان جل اهتمامنا نحن معظم الضباط أن نعد لسهرة يوم الخميس الصاخبة "المشكوكة" أو ليلة "ترم ترم" بميسات الضباط بالقيادات الجنوبية. وما زلت أذكر حتي اليوم شكل تلك الدعوات التي كانت تمر علينا وهي كشف بأسماء المدعويين للسهرة أشبه "بالدور الدائر" موضحا فيه قيمة الاشتراك وتذيله عبارة (كل برمته وزجاجته وزجاجة رمته). و"الرمه" حسب تعريف ضباط واو واقاليمها المرأة التي تصاحبك في السهرة والزجاجة المعنية هي غالبا ما تكون زجاجة من الشيري من النوع الردئ دائما مثل "ابوتراكتر او ابو تراكترين او علي شمالك ..الخ" المؤسف أن كلمة "رمة" كانت تطلق حتي علي الجميلات جدا من النساء والرمة هي الجيفة النتنة‍. كان ذلك في مجال الضباط الذين يتمتعون بشئ من التعليم وقدراً من الثقافة. أما في أوساط الصف والجنود فقد كان الوضع أكثر تدنيا خصوصا وأن اكثرهم حينذاك كانوا أميين يجهلون القراءة والكتابة.
    لذلك - وفيما يختص بوجود ذلك التنظيم- أعتقد أنه من المحتمل أن تكون هناك نواة أو فكرة لانشائه, أما التنظيم الذي أشير اليه في الوثيقة فانني لم أسمع به, ومن المؤسف جدا ان كان موجودا الا يشرك في التخطيط أو التنفيذ للانقلاب.
    ورد في الوثيقة ايضا :"...أن تنظيم الجنود انتقد طريقة تجريد لواء المدرعات الثاني دون مراعاة ان بعض الجنود والصف أعضاء في التنظيم.."(ص6. يفهم من ذلك أن بعض الصف والجنود الاعضاء في التنظيم كانوا ضمن جنود وصف اللواء الثاني مدرعات الذي تم تسريحه ثم أعيد للخدمة فقاد دباباته وانطلق بها لهزيمتنا في 22 يوليو!‍
    جاء أيصا عن تجاوز تنظيم الضباط لتنظيم الجنود وتخطيه في التحضير والتنفيذ (ان الجنود ما عادوا منقادين بالرابطة العسكرية لضباطهم في التحركات السياسية والانقلابات, وأن الجنود والصف لهم تنظيماتهم ورؤيتهم السياسية) (ص6
    لا شك أن القول بخطأ تسريح اللواء الثاني قول خاطئ لا يسنده أي منطق أذ أن اعادة اللواء الثاني مدرعات للخدمة كانت من أكبر الاخطاء في 19 يوليو, وهي بلا شك كانت القشة التي قصمت ظهر البعير, واني لاتساءل ماذا كان دور تنظيم الصف والجنود - الموجود فعلا في اللواء الثاني - عندما انطلقت دبابات اللواء الثاني لتهاجم مواقع قوات 19 يوليو في الثاني والعشرين منه؟ وفي ختام الحديث عن عدم اشراك تنظيم الجنود في التخطيط والتنفيذ للانقلاب ولحل لغز ذلك التنظيم وحتي نعلم أين الحقيقة, لا بد من الاجابة علي الاسئلة الآتية:
    هل كان ذلك التنظيم قائما وله وزنه وتقاليده فعلا؟
    لماذا لم يشرك تنظيم الضباط تنظيم الجنود في التخطيط للانقلاب وتنفيذه؟
    ماذا كانت تبريرات تنظيم الضباط لذلك الخطأ؟
    لماذا لم يقم الحزب باستشارة تنظيم الجنود كما فعل مع تنظيم الضباط قبل تنفيذ حركة 19 يوليو؟
    وأخيرا- وهذا السؤال مكرر-: ماذا فعل تنظيم الجنود وهو موجود داخل اللواء الثاني عندما تحركت دبابات اللواء الثاني لهزيمة 19 يوليو؟
    لم يظهر تنظيم الجنود قبل يوليو ولا أثناء التخطيط لها ولا أثناء تنفيذها ولا بعد هزيمتها, ولم نعرف ونحن مجموعة من الضباط والصف والجنود في السجن عن ذلك التنظيم شيئا. كان بيننا ضباط وجنود من قوات الحرس والمدرعات والذخيرة وغيرهم كنا معا ...ولم يذكر أي منهم أن له أدني علاقة بذلك التنظيم. ولقد علمت اخيراً وبعد نشر ردي على التقييم في مجلة قضايا سودانية انه كان هناك تنظيم للصف والجنود بمصنع الذخيرة.
    كان الاتهام وما زال أن الشيوعيين قد نفذوا مجزرة بيت الضيافة, وقد تصدي الحزب في كتاباته بعد الهزيمة لنفي تهمة القيام بالمجزرة أو الاشتراك فيها..الغريب جدا أن يصدر التقييم في 79 صفحة من القطع الكبير ويطرح الكثير من الوقائع والتفاصيل دون الاشارة الي مجزرة بيت الضيافة, وقد كان المهتمون بحركة 19 يوليو وهم كثيرون جدا ...معها أو ضدها يتوقعون أن تجيب وثيقة التقييم علي الاسئلة المحيرة حول بيت الضيافة سواء بالنفي القاطع لارتكاب تلك المجزرة أو الاشتراك فيها, أو الاعتراف بارتكابها وتوضيح الاسباب التي أدت الي ذلك.
    ان الكثير من الادلة والبراهين تثبت أنه لم يكن للحزب علاقة بما حدث في بيت الضيافة وأنه حتي التنظيم الذي نفذ الانقلاب لم تكن في حساباته مسألة التصفيات الجسدية أو اراقة أي دماء, وأن ما حدث في بيت الضيافة كان امراً يستوجب الشجب والادانة. كان باستطاعة الحزب طيلة هذه السنوات ان يسعي لايجاد الكثير من الوقائع والتفاصيل عما حدث وتقديم الحقيقة كاملة لجماهير الشعب السوداني, ولم يكن ذلك صعبا, خصوصا وأنه يمكن الحصول علي البينات من تقارير وافادات شهود العيان الذين نجوا من المجزرة, ومن افادات بعض اعضاء التنظيم اليميني أثناء محاكمتهم بعد فشل انقلابهم في 5 سبتمبر 1975 حول قصفهم بيت الضيافة بمدافع الدبابات.
    واخيراً فانني أري ان الوثيقة تظل ناقصة وغير مكتملة ما لم تقدم اجابات صريحة لما حدث في بيت الضيافة!!‍

    Source: Al-Ayaam September 1, 2005
                  

12-27-2011, 10:51 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: الرائد عبد العظيم سرور يواصل الكتابة للايام


    19 يوليو.. التخطيط.. التنفيذ.. الهزيمة


    الحلقة الرابعة عشر




    ثامنا" آراء وملاجظات

    في نهاية هذا الطرح المتواضع عن حركة 19 يوليو 1971 نورد باختصار بعض الآراء والملاحظات الضرورية ونشير الي بعض ما نشر لكتاب سودانيين وأجانب عن الحزب الشيوعي السوداني ونظام 25 مايو وحركة 19 يوليو وقد راوحت تلك الآراء بين الاكاذيب والحقائق وربما وجدنا عذرا لبعض الذين تنكبوا جانب الصدق بأعتبار أنهم قد استقوا معلوماتهم من مصادر غير دقيقة او غير أمينة, لكن وبلا شك أن بعضهم قد تعمد تشويه الحقائق وترويج الاكاذيب من منطلق العداء للحزب الشيوعي السوداني وحركة 19 يوليو 1971.
    أشرت في مقدمتي لهذا الكتيب الي أن ما ورد فيه من وقائع وتفاصيل هي مجرد اجتهادات شخصية أعتمدت فيها علي ما أختزن في الذاكرة من أحداث عايشتها وأسهمت في تنفيذها كما أعتمدت علي بينات نقلية أستقيتها من زملاء ورفاق سلاح أثق في أمانتهم وصدقهم وكنت أعلم وانا أبدأ الكتابة واستطرد في ذكر الاحداث ثم أنهيها ان ما كتبته عن حركة 19 يوليو ليس كافيا للتعريف بكل ما جري في تلك الايام الثلاثة التي عاشتها الحركة وما حدث قبلها واثناءها وبعدها, وأظن أني قلت بأن ما سأكتبه هو بداية مداخلة لحوار مفتوح حول 19 يوليو وأعتقد ان لدي الكثيرين من العسكريين والمدنيين بعض التفاصيل وربما بعض الوثائق التي لم يرد ذكرها او الاشارة اليها فيما كتبته وتطرق اليه غيري من المهتمين بيوليو, فهناك جوانب عسكرية مررت بها مرورا عابرا, ما زالت تحتاج للشرح والتوضيح. وفي الجانب الذي طرقته أري أن جزءا من الوقائع حول ما كان يدور في سلاح المدرعات ومصنع الذخيرة لا يزال ناقصا خصوصا تلك الجوانب المتعلقة بالتحضير للانقلاب وتفاصيل ما حدث بدقة بعد قيام الحركة من تراخ وفوضي مما أدي الي الهزيمة التي جاءت بدايتها من سلاح المدرعات. وأعتقد أن الزملاء الضباط والصف والجنود في اللواء الاول ومصنع الذخيرة هم خير من يغطي ذلك الجانب من الاحداث, لذا آمل ان يدلي هؤلاء الزملاء ورفاق السلاح بآرائهم وتقديم ما لديهم من معلومات وتفاصيل علها تساعد في تكملة الموضوع.
    جاء في وثيقة تقييم حركة 19 يوليو تحت عنوان "مواقف العسكريين وتقديراتهم" (ص55). واذا لمسنا ضعفا سياسيا وفكريا في تقديرات العسكريين فتلك مسؤليتنا في قيادة الحزب حيال واجبنا الدائم برفع المستوي السياسي والفكري لاعضاء حزبنا في كل المواقع"
    وقد رد سيادة العميد (م) محمد محجوب عثمان علي ذلك في كتابة "الجيش والسياسة" (ص 76) "ان القول بتدني القدرات السياسية والفكرية لمجموعة الشيوعيين العسكريين الذين قادوا 19 يوليو ينطوي علي التصغير من شأن شيوعيين عاشوا حياة الحزب صعودا وهبوطا علي فترات تاريخية طويلة. فالقياس بتدني القدرات هنا والربط بينه وبين البزة العسكرية دون تفريق ممعن في الخطأ في هذا فنحن حتي اذا اخذنا القطاع القيادي للحزب فاننا لا نستطيع الادعاء بأنه قد ارتقي بمستوياته الفكرية الي مصاف الكمال, وكم من مشاريع في الحياة الحزبية قد كرست لتلافي هذا النقص علي المستوي القيادي." أوافق سيادته فيما أشار اليه بأننا لا نستطيع الادعاء بأن القطاع القيادي للحزب قد ارتقي بمستوياته الفكرية اي مصاف الكمال.. الخ لذلك اذا تحدثنا عن الضعف السياسي والفكري يجب الا نخص به العسكريين وحدهم, لكن لا بد من القول.. ان الحزب لم يكن مهتما أهتماما كافيا بعناصره داخل الجيش خصوصا اولئك الذين كانوا خارج حدود العاصمة المثلثة في وحدات الاقاليم لفترات طويلة, ولم يكن يبذل مجهودا مناسبا في توصيل رأيه وتوجيهاته اليهم وكان التعامل مع العسكريين يتم علي اساس انهم فئه حزبية يجب أن يكون التعامل معها بدرجة عالية من السرية, لذا فقد ترك أمرهم نهائيا لقياداتهم العسكرية أو مكتبهم القائد الذي كان يعمل في اصعب الظروف وبمنتهي الحيطة والحذر, ولا يمكن ان يكون اشراف المكتب القائد وحده بديلا مناسبا للاشراف الحزبي, لذا فلا غرابة ان نحس ببعض التدني السياسي والفكري لديهم.

    بعتقد الكثيرون بأن الجيش يجب ان يبقي دائما بعيدا عن السياسة وان يبقي قوميا موحدا تقتصر واجباته علي صون الدستور وأمن البلاد وحماية ترابها وحدودها من أي عدوان خارجي بتهددها, وربما كان ذلك سليما من الناحية النظرية لكن تحقيقه يظل أمرا صعبا في ظل الظروف التي عشناها وما زلنا نعيشها في بلد لعبت السياسة فيه حتي الآن دورا سلبيا. فقد عرفت السياسة عندنا بأنها لعبة كراسي الحكم, فهي التآمر والفساد والمحسوبية والمكائد والسيطرة علي مواقع أتخاذ القرار وتهميش الآخرين, وقد اصبحت اخيرا الخسة والغدر والتنكيل بالخصوم السياسيين دون وازع من ضمير او اخلاق.
    ان الضباط والصف والجنود هم أبناء المسحوقين والغلابة في هذا البلد يعيشون ظروف اهلهم ويحسونها لحظة بلحظة ويتأثرون كثيرا بما يقع عليهم من غبن لهذا فأنهم لن يترددوا اذا ما وجدوا السبيل لازالة ذلك الغبن ورفعه عن كواهلهم. وطالما استمرت معاناة الاهل والاقربين سيظل الجيش مهتما بالسياسة. وفي اعتقادي ان رفع الغبن وازالة المعاناة كانت ولا تزال أمرا من صميم مسئولية الاحزاب السياسية فعليها ان ترتفع بسلوكها وآدائها الي مستوي تلك المسئولية. ولا شك ان الاحزاب السياسية تعتبر حتي الآن المسئول الاول بل المتهم الاول بتدخل الجيش في السياسة بذلك الشكل المتكرر.
    ان افراد القوات المسلحة من ضباط وجنود ينتمون الي بيوت وعشائر وقبائل وينتمي اهلهم وذووهم الي طرق وطوائف واحزاب وجهات لذا فلا بد ان يتأثروا بتلك الانتماءات بشكل او آخر. ولهذا تكون استمالتهم لصالح ذلك الحزب او تلك الجهة أمرا سهلا وممكنا, واذا ما تم تنظيمهم لصالح ذلك الحزب او تلك الجهة فأنهم حتما سينفذون طلباتها ورغباتها. وقد كانت الاحزاب السياسية مدركة لذلك تماما فقد سعت وهي في ظل صراعها المحموم علي السلطة لاستقطاب ابنائها وتنظيمهم, وبنظرة الي اصل الانقلابات العسكرية في السودان نستطيع ان ندرك من كان وراء انقلاب 17 نوفمبر 1958, المحاولات الانقلابية الفاشلة ضد نظام عبود, 25 مايو 1969, 19 يوليو 1971, 5 سبتمبر 1975, 2 يوليو 1976 و 30 يونيو 1989. لم ينف الحزب الشيوعي السوداني دعمه للمحاولات الانقلابية الاربع بل ومشاركته في بعضها "انظر تقييم حركة 19 يوليو 1971 ص 5" ولكنه نفي تخطيطه وتنفيذه لانقلابي 25 مايو و19 يوليو, لكن لا احد يقول بأنه لم يسهم في تأسيس ودعم تنظيم الضباط الاحرار ومساندته وتأييده لانقلابي مايو ويوليو. وعلي ضوء ذلك يجب ان يفكر الحادبون علي وحدة واستقرار البلاد علي ما سيكون عليه الوضع مستقبلا في القوات المسلحة التي تمت تصفيتها من اكثر العناصر الوطنية فأصبحت منذ انقلاب الثلاثين من يونيو 1989 بؤرة لتفريخ عناصر لا شك مطلقا في تبعيتها الكاملة لفكر ومنهج الجبهة الاسلامية القومية والنظام الحاكم, اذ انه من المؤكد ان الطلاب الذين تم استيعابهم بالكلية الحربية بعد 30 يونيو 1989 وتخرجوا ضباطا في القوات المسلحة, والعناصر التي تم أستيعابها بوحدات وأسلحة القوات المسلحة والاجهزة الامنية وكليات الشرطة والسجون لا شك ان أكثرهم عناصر كاملة الالتزام بفكر الجبهة الاسلامية القومية.
    خلاصة لحديثي حول الجيش والسياسة اورد بعض ما جاء حول هذا الموضوع من كتاب "الجيش والسياسة" لمؤلفه محمد محجوب عثمان ص 8: (بعد أكتوبر 1964 واصل الحزب تطوير مفاهيمه النظرية حول دور القوة في الصراع الساسي وحول دور الجيش واستخلص استنتاجات منها:ان الجيش ما عاد مؤسسة معزولة محفوفة بالصمت والاسرار بل صار جزءا من حركة المجتمع يتأثر بالصراع السياسي بهذا المستوي او ذاك عبر قنوات لصيغة بخصائصه وتكويناته وتنظيماته رغم القوانين التي صيغت لاضفاء طابع الحس الجمعي عليه وبأنه مؤسسة فوق المجتمع وتياراته المتصارعة) .
    في دول العالم الثالث وفي عالمنا العربي والافريقي خاصة قامت العديد من الانقلابات وعلي سبيل المثال - قريبا منا وحولنا - انقلاب 23 يوليو 1952 في مصر, انقلاب 14 يوليو 1958 في العراق, انقلاب 16 سبتمبر 1962 في اليمن, انقلاب الفاتح من سبتمبر في ليبيا ثم انقلاب الصومال وانقلاب اثيوبيا وغيرها. في اعتقادي ان قيام تلك الانقلابات آنذاك كان امرا ضروريا وملحا فلقد قامت ضد أنظمة رجعية ومتخلفة سامت شعوبها الذل والهوان, وقد لاقت تلك الانقلابات تأييدا جماهيريا اخرجها من المفهوم التقليدي للانقلابات لتصبح ثورات, ومهما كان نوع وتفكير القائمين بالانقلاب فان انقلابهم يصبح ثورة اذا ما أحدث تغييرا سياسيا واجتماعيا الي الافضل ووجد السند والتأييد من الجماهير بالرغم من الانحرافات التي صاحبت بعض تلك الانقلابات فيما بعد." في الفترات التاريخية المتعاقبة التي نجحت فيها البورجوازية الصغيرة في انجاز تغيير سياسي واجتماعي عن طريق الانقلاب مثل 23 يوليو في مصر و14 يوليو في العراق و16 سبتمبر في اليمن فأن الحزب الشيوعي لم ينكر ذلك الانجاز ولم يقلل منه بل بادر وسارع لدعمه وتأييده, لكن الحزب لم يعتبر ذلك الانجاز بمثابة خط النهاية للثورة كما تدعي البورجوازية الصغيرة" (وثيقة تقييم حركة 19 يوليو ص 75)
    وبعد فهل يمكن المقارنة بين انقلاب قام لانتشال الوطن وشعبه من بؤرة الانحطاط والتردي فأصبح ثورة, وانقلاب قام ضد نظام ديمقراطي منتخب فكبح طموحات وتطلعات الجماهير وحد من رغبتها في الحرية والانطلاق؟ بالتأكيد لا وجه للمقارنة بين الحالين ونحمد للمجتمع الدولي انه اتخذ اخيرا الكثير من التدابير العقابية ضد الانظمة التي تأتي نتيجة لانقلابات عسكرية تطيح بأنظمة حكم ديمقراطية منتخبة.
    ما زالت بعض عناصر اليمين تنحي باللائمة علي الحزب الشيوعي السوداني متهمة له بتقويض الديمقراطية وانه جاء بنظام 25 مايو 1969 الي السلطة وذلك بلا شك كذب وافتراء باطل, ولم يسأل اولئك انفسهم عن الذين دعوا تلك الحفنة من الجنرالات الرجعيين للسطو علي السلطة المنتخبة في البلاد عندما احسوا بأن حكومتهم المتأرجحة قد فقدت ثقة الشعب وانها ستهوي لا محالة, وقد تم ذلك بطريقة لا يفهم منها سوي العبث بالديمقراطية والتفريط فيها والاستهانة بارادة الجماهير. لقد قام انقلاب نوفمبر 1958 بتقويض اول تجربة ديمقراطية في السودان وارسي تلك السابقة المشؤومة وتلك اللعنه التي ظلت تلاحقنا كل ما أطل فجر الديمقراطية في بلادنا. ولم يكن الحزب الشيوعي ليلام آنذاك عندما أيد وساند محاولات الانقلاب التي قامت ضد ذلك الانقلاب الرجعي في اول مارس 1959 وفي 4 مارس 1959 وفي 22 مايو 1959 و9 نوفمبر 1959 , ولقد أعترف الحزب صراحة بمساندته وتأييده لتلك المحاولات.
    جاء في "الجيش والسياسة ص 9": "اعلن الحزب في برنامجه المجاز في المؤتمر الرابع في اكتوبر 1967 ان الطريق لتداول السلطة ديمقراطيا هو الطريق الاوحد الذي يجنب حركة الشعب آلام المواجهات المسلحة وما قد يتبع ذلك من تداعيات علي السياسة والاجتماع والاقتصاد, ولكن بعد حدوث انقلاب 17 نوفمبر 1958 بقيادة الفريق ابراهيم عبود الذي نقذته القوي اليمينية لقطع الطريق امام حركة التغيير الاجتماعي مشهرة في وجهها السلاح فأن الخيار المتاح امام الحركة الشعبية يبقي مواجهة العنف بالعنف."
    وبالرغم من تآمر قوي اليمين علي الحزب الشيوعي 1965 وصدور قانون حل الحزب الشيوعي في نوفمبر 1965 وطرد نوابه المنتخبين ديمقراطبا من البرلمان وقرار المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية حل الحزب وطرد نوابه وأصرار احزاب اليمين علي موقفها الكيدي المخالف للدستور, ظل الحزب ضد الانقلابات العسكرية واللجوء الي العمل المسلح وظل يبحث عن شكل قانوني يمارس نشاطه من خلاله.
    جاء في وثيقة تقييم حركة 19 يوليو ص 79:" ...وبهذا لم تتجاوز الوثيقتان ما سبق وطرحه المؤتمر الرابع "ان روح الاستسلام الناتجة عن انتصار الثورة المضادة, تعلن ان الطريق للحركة الثورية اصبح مقفولا - ومن نفس المواقع تنمو الاتجاهات الانتهازية اليسارية التي تبشر انه لا مكان للنضال الجماهيري ولا أمل من ورائه, وكل ما تبقي للحركة الثورية هو ان تنكفئ علي نفسها وتقوم بعمل مسلح لان هذا العمل هو الذي يحضر الجيش السياسي الجماهيري.. هذا الاتجاه خطير في ظروف الثورة المضادة وعلي حزبنا التصدي للنضال ضده بعزم وتفكير عميق..."
    وعلي ضوء ذلك كان الحزب ضد الانحرافات اليسارية الداعية لانتهاج العنف وضد قيام انقلاب 25 مايو 1969 وقد وقف الضباط الشيوعيون مع رصفائهم الديمقراطيين ضد قيام الانقلاب." عرض اعضاء تنظيم الضباط الاحرار اقتراحهم بتنفيذ الانقلاب وقد اجتمع المكتب السياسي في 9|5|1969 لمناقشة ذلك الاقتراح ورفض الفكرة جملة وتفصيلا وقد جاء ذلك في قراره الذي صدر في 9 مايو 1969 استنادا الي ما توصلت اليه اللجنة المركزية في مارس 1969 حول التكتيك الانقلابي" المصدر السابق ص72.
    (وبعد قيام الانقلاب ظلت مشاركة الحزب في حكومة الانقلاب مدار صراع طويل في اللجنة المركزية وقد حسم الصراع لصالح المشاركة في الحكومة ذلك بالرغم من ان اللجنة المركزية اجازت الوثيقة التي قدمها عبدالخالق بالاجماع وقد حملت الوثيقة اسم خطاب دوري رقم (1) وقد حللت طبيعة الانقلاب وموقف الحزب منه) (المصدر السابق ص 71.

    وبعد فان الحزب لا يحتاج لدفاع يبرئ به ساحته من الاعداد والمشاركة في انقلاب مايو. وبالرغم من موقف عبدالخالق الرافض لمشاركة الحزب في الحكومة الا ان اغلبية اللجنة المركزية قد وقفت مع قرار المشاركة بغض النظر عن الطريقة التي تمت بها تلك المشاركة. ولمزيد من التوضيح أشير الي حوار جري علي صفحات جريدة الرأي العام السودانية اداره الصحفي محمد صالح يعقوب مع الرائد مأمون عوض ابوزيد عضو مجلس قيادة "ثورة" 25 مايو وأحد أهم قياداتها العسكرية وقد بدأ ذلك الحوار في يوليو 2000 قال مأمون: "تقدير الموقف السياسي الذي كان أثر الحزب الشيوعي فيه واضحا رفض فكرة استلام السلطة بدعوي ان الازمة الثورية لم تنضج بعد وان هذا الفعل سيؤدي الي ضرب العناصر الثورية في القوات المسلحة اضافة الي انه لا بديل عن العمل الجماهيري وليس الانقلاب فقط..ده كلام الشيوعيين وعبدالخالق طبعا والقوي الوطنية الديمقراطية.. وهذا كان تقدير الموقف السياسي وحول رفض الضباط الشيوعيين وآخرين قيام الانقلاب قال:" عندما طرحت قضية استلام السلطة والذي هزم فيه اقتراح استلام السلطة والذي كان الاثر الشيوعي فيه واضحا تماما متفقا مع الفكر الماركسي..." وقال "وهنا تم التصويت علي خيار احداث التغيير بالقوة ولكن..انحاز نصف المجتمعين بأغلبية عضو واحد الي رفض التنفيذ وقد انفض الاجتماع..الخ" وحول تشكيل مجلس وزراء حكومة الانقلاب قال:"..كان هناك اسماء لاعضاء مجلس الوزراء محددة وتم الاتفاق عليها وعرفت قبل الخامس والعشرين من مايو...ولكن للامانة والتاريخ كان هؤلاء الوزراء الذين رشحهم بابكر (يقصد بابكر عوض الله) لم يرشحهم بأعتبارهم من الشيوعيين حتي أن بعضهم لم يكن يعرف بأنه شيوعي اطلاقا وقد تحدث هو بذلك.. كان يعرف فاروق ابوعيسي فقط وقد أعلن صراحة انه يحتاج اليه...اما ما عداه مثل موريس سدره ومحجوب عثمان وعبدالكريم ميرغني وهو محسوب علي الشيوعيين ومكاوي مصطفي وهو محسوب علي الشيوعيين ايضا.. الواقع ان هؤلاء لم يكونوا من الشيوعيين 100% لكنهم كانوا من الاشتراكيين وتبقي المحاورة حول محجوب عثمان وسببها ان الحزب الشيوعي رفض ان يعلن بابكر الاسماء قبل الرجوع الي الحزب مباشرة...وهذه كانت بداية الجفوه مع الحزب الشيوعي بل هي سبب اشتداد الخلاف داخل الحزب نفسه لان بعض الوزراء لم ينصاعوا لسكرتير الحزب الشيوعي عبدالخالق محجوب...الخ"
    Source Al-ayaam September 3, 2005
                  

12-27-2011, 10:58 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: الرائد عبد العظيم سرور يواصل الكتابة للايام


    19 يوليو .. التخطيط .. التنفيذ .. الهزيمة ..











    الانقلابات العسكرية في السودان


    محمد محمد احمد كرار





    في كتابه "الانقلابات العسكرية في السودان" الصادر عن دار البلد بالخرطوم 1988 أورد الاستاذ محمد محمد احمد كرار الكثير من التفاصيل عن حركة 19 يوليو 1971, وبالرغم من انه كاتب سوداني عاش في مسرح الاحداث وكان بأستطاعته الحصول علي أدق المعلومات والتفاصيل الا انه لم يبذل جهدا مسئولا في البحث عن الحقائق. وفي هذا الجزء الزاخر بالتفاصيل وضح ان الكاتب قد "لملم" اي معلومات أطلع عليها او سمعها دون اهتمام بما اذا كانت تلك المعلومات صحيحة او غير ذلك, لهذا فقد جاء ذلك الجزء من كتابه مليئا بالاكاذيب والتناقضات.
    في بداية تناوله لحركة 19 يوليو, بعد عدة اعوام من قيامها نراه لا يزال مصرا علي ان تلك الحركة كانت انقلابا دبره الحزب الشيوعي السوداني فهو يقول في صفحة 49 من كتابه "...لان هذا الانقلاب ثبت بأعتراف الادلة أنه من تدبير الحزب الشيوعي السوداني...الخ" هكذا ببساطة ودون ان يقدم لنا شيئا من تلك الادلة التي أشار اليها! وأسترسل الكاتب يتحدث عن الماركسية الليننية والانقلابات العسكرية فقال: " لم يوضح الادب الماركسي اللينيني موقفا مفصلا عن الانقلابات العسكرية اذا ما توفرت ظروف الثورة الوطنية الديمقراطية عن طريق قسم مسلح للحزب الطبقي الطليعي, لكن الواقع المعاش في أكثر الدول المعاصرة أكد ان الانقلاب كان الوسيلة المستخدمة للوصول الشيوعي للسلطة. ففي افغانستان وكمبوديا ولاوس واليمن الجنوبي والسودان وبولندا ونيكاراجوا وكوبا وكثير من الدول سلك الشيوعيون هذا الطريق سواء وصلوا ام فشلوا".

    مما تقدم يتأكد لنا ان الكاتب لم يقرأ الماركسية اللينينية جيدا فنراه لا يفرق بين الانقلاب العسكري الذي عادة ما تنفذه القوات المسلحة او الجيش في بلد ما - وغالبا ما يكون ضد أنظمة ديمقراطية - والكفاح المسلح... وهو النضال الذي قوامه الجماهير المسلحة المصممة علي الاطاحة بالنظم الاستعمارية والديكتاتورية والرجعية والعميلة. وبغض النظر عن افغانستان وبولندا نراه يحاول ان يصف أروع ملاحم النضال الانساني في كوبا وكمبوديا ولاوس ونيكاراجوا واليمن الجنوبي بأنها انقلابات عسكرية!

    ومن كتابة "سنة اولي مايو " ص51 وما بعدها نقل لنا: "لكي تتضح الرؤية حول التورط الشيوعي في بركة الانقلاب العسكري, لا بد من اعطاء صورة مختصرة عن علاقة الحزب الشيوعي السوداني بالجيش أو بالأحري بتنظيم الضباط الاحرار بؤرة الانبعاث الانقلابي. بدأ الحزب عام 1957 يتجه نحو اختراق الجيش السوداني وبتكتيك متقدم صار يوزع منشورات بأسم الضباط الاحرار دون أن يكون التنظيم الوليد يعلم بهذا, وقد أستغل الحزب حصوله بطريقته الخاصة علي كشف اقدمية الضباط وأخذ يرسل اليهم المنشورات.
    بعد 1957 صار كل من العقيد "عبدالهادي" وأظنه يقصد العقيد عبدالله الهادي, المقدم حسن ادريس, الرائد مصطفي النديم, الملازم حسن مكي, الملازم محمد محجوب (شقيق عبدالخالق محجوب - سكرتير الحزب), النقيب بابكر النور سوارالدهب (كان عضوا بالحزب الشيوعي منذ المدرسة الثأنوية في حنتوب), الملازم عبدالمنعم محمد احمد, الملازم محجوب طلقة, الملازم هاشم العطا والملازم الحاردلو) ص49...ولم يكن الحاردلو ضمن تلك المجموعة اذ انه تخرج من الكلية الحربية 1968 وتم أعدامه في يوليو 1971.
    لم ينكر الحزب الشيوعي أنه عمل في أوساط الجيش فقد كانت له خلايا منظمة فيه, ولم ينكر اشتراكه في المحاولات الانقلابية الفاشلة ضد نظام الجنرال عبود:"... فقد عارضنا انقلاب نوفمبر 1958 بوصفه انقلابا رجعيا, وأيدنا وشاركنا في محاولات الانقلاب الاربع التي قام بها ضباط وجنود وطنيون لاسقاط الفريق عبود في أول مارس 1959 وفي 4 مارس 1959 وفي 22 مايو 1959" وثيقة تقييم حركة 19 يوليو ص5.
    اما توزيع المنشورات بدون علم التنظيم فذلك غير حقيقي اذ ان الضباط الشيوعيين والديمقراطيين كانوا يشكلون اساس ذلك التنظيم وكانت منشورات التنظيم تطبع بمطابع الحزب الشيوعي السرية.
    تحدث الكاتب عن تردد الحزب الشيوعي في الاشتراك في انقلاب 25 مايو 1969, وعن بداية الخلافات بين الحزب الشيوعي ونظام 25 مايو وقال: " كانت اول بادرة من النظام المايوي ضد الحزب الشيوعي هي موقف مايو من تصريح رئيس الوزراء ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة بابكر عوض الله الذي صرح في زيارته لالمانيا الشرقية حيث قال: "أن ثورة مايو لم ولن تنجح الا في ظل تعاونها مع الشيوعيين" غضب النظام من تصريح بابكر عوض الله وكلفه ذلك منصبه الذي تولاه اللواء نميري بنفسه وأقصي بعض الوزراء ذوي التوجه الشيوعي من مجلسه وابدلهم بآخرين غير يساريين وفيهم من اهل اليمين عدد "ص50".
    وتعرض الكاتب لاسباب الانقسام في صفوف الحزب الشيوعي حينذاك ولم يخطئ كثيرا في ذكر تلك الاسباب ولكن نراه لم يفرق بين الانقساميين والقسم الاساسي في الحزب الذي رفض حل الحزب وتذويبه في نظام 25 مايو وأعتبر كل ما فعله الانقساميون مع مايو هو من فعل الحزب الشيوعي السوداني.
    أورد الكاتب رواية ملفقة حول اعتقال جعفر النميري وبعض أعضاء مجلس قيادة الثورة فقال: "فجأة يقتحم المنزل الملازم عبدالعظيم عوض سرور شاهرا سلاحه مدفع رشاش وخلفه كوكبة من الجنود المدججين بالاسلحة في حالة استعداد لاطلاق النار. تأهب ابوالقاسم محمد ابراهيم علي الفور للمقاومة ولكن نميري قال له: "تأخر الوقت قليلا..كانت اعصاب المجموعة متوترة ومتحفرة بحيث يمكنهم التصرف بأطلاق النار لاي مبادرة حماقة من المجموعة المراد اعتقالها. سأل نميري اقرب الجنود اليه :"ألم تكن في حراسة المنزل هذا الصباح؟ فرد بصورة تلقائية :"بل منذ الخامسة من مساء أمس "هنا تنبه الملازم للحوار فطلب من الجميع التحرك فورا امامهم. كان اول ما خطر لنميري ان هذا التحرك تم بواسطة الاحزاب التقليدية, ولكن الملازم عند الباب الخارجي سأل نميري: "لعلك تذكر الاساءات التي وجهتها لحزبنا؟ فسأله نميري كمن وجد ضالته: أي حزب؟ فقال الملازم:" الحزب الشيوعي" فهتف نميري علي الفور يا للحماقة" ص54".

    هذه الرواية تثير الضحك والسخرية معا..فالحقيقة الوحيدة هنا هي وجود الملازم وليس الملازم اول عبدالعظيم عوض سرور مع الملازم احمد جبارة في ذلك الوقت. الضابط الذي اقتحم المنزل هو الملازم احمد جبارة الذي كان مكلفا باعتقال جعفر النميري وقد فوجئ بوجود بعض اعضاء مجلس قيادة الثورة معه, ثم حضر بعد ذلك الملازم عبدالعظيم عوض سرور لمساعدته. اما تأهب ابي القاسم محمد ابراهيم للمقاومة ومنع نميري له وذلك الحديث الذي دار بين النميري واقرب الجنود اليه وبينه وبين الملازم فذلك منطقيا غير صحيح, فقد كان اعضاء المجلس المعتقلين في منتهي الذعر والرعب خصوصا الرائد ابوالقاسم محمد ابراهيم الذي كانت يداه المرفوعتان ترتجفان وعيناه مغرورغتين بالدموع. أما النميري فقد كان في حالة ذهول كامل وعاجز عن النطق تماما. ثم ان الوقت والموقف لم يكونا مناسبين لمثل تلك الاسئلة والاجوبة وذلك النقاش الهادي والمرتب!

    وتحت عنوان :"كيف تمت السيطرة علي اجزاء العاصمة "الحساسة" والحساسة هذه من عند الكاتب! شبه تحركات قوات 19 يوليو لاحتلال بعض المواقع الاساسية في العاصمة المثلثة بتحرك قوات 25 مايو التي كانت مرابطة بخور عمر "لاداء بعض التدريبات كستار للتحرك وتنفيذ الانقلاب فذكر: "القوى الضاربة الاساسية بجبال المرخيات والتي كمنت تحت ستار التدريب, وتحركت صوب العاصمة في الساعة الرابعة ظهرا..جزء منها احتل مدرسة المشاه بكرري وأمن جزء آخر الكلية الحربية وتوجه قسم آخر الي الاذاعة...الخ" ص54".

    بالتأكيد ان ما ذكره الكاتب لا يمت الي الحقيقة بصلة وقد أشرت في الفصل الاول من هذا الكتيب الي كيفية التحرك لتنفيذ الانقلاب وقد كانت قاعدة التجمع والانطلاق الاساسية هو رئاسة الحرس الجمهوري المجاورة للقصر الجمهوري بالخرطوم ورئاسة اللواء الاول مدرعات بالشجرة.
    ذكر الكاتب روي فؤاد مطر في كتابه الحزب الشيوعي السوداني, نحروه ام أنتحر؟) ان الكلية الحربية المصرية التي كانت ترابط بطلابها وقواتها الادارية بجبل اولياء جنوب الخرطوم بدأت بالتدخل وفي طريقها لقلب الخرطوم انضمت اليها بعض الوحدات المواليه لنميري وقد لعبت المخابرات المصرية دورا كبيرا في هذا التحرك) ص60.
    بالطبع لم يكن ما ذكره الكاتب نقلاً عن الكاتب المصري فؤاد مطر صحيحا فالكلية الحربية المصرية لم تتدخل مطلقا, ولم تكن لتقدم علي ذلك في وقت لم يكن فيه توازن القوي واضحا. أن القوات التي تحركت فعلا هي قوات اللواء الثاني مدرعات يدعمها بعض المسرحين من جنود المظلات وكما أشرت في اكثر من موقع في هذا الكثيب ان الهدف من التحرك لم يكن اعادة جعفر نميري للسلطة. ولا أعتقد ان للمخابرات المصرية دور في ذلك التحرك لكن لا يستبعد مطلقا انها كانت تخطط للتدخل.
    ومن التلفيقات التي يزخر بها الكتاب حكاية هروب جعفر النميري من المعتقل, يقول الكاتب: (..بعد ساعة عاد الهدير الذي سمعه من جديد وهو صوت مدافع ودبابات وأزيز رصاص يتداخل مع صوت جماهيري يتوالي مع ايقاع منتظم. ثم صوت جنازير الدبابات يتضح..فجأة انفتح الباب واقتحم مع انفتاح الغرفة هتاف جماهيري: عائد عائد يا نميري... وانتفض الرجل كمن به مس من الجنون وامتلا جسده بروح وعنفوان مهووس..لم يعبأ وراح مندفعا يلقي بالجنود والحراس وكل من يعترضه ارضا وازاحهم عن طريقه وعبر السور المواجه لوزارة المواصلات والبوسته وبقفزة واحدة بحائط ارتفاعه أكثر من اربعة امتار به سلك شائك قفز نميري قفزة واحدة الي الطريق العام...الخ) ص60.

    لا شك ان رواية الكاتب لحكاية "الهروب الكبير" الذي نفذه النميري يثير الضحك والسخرية ايضا, فقد وصف الكاتب نميري وكأنه قد اكتسب فجأة قوى خارقة وحقق رقما قياسيا في القفز العالي اذ قفز ما يزيد علي اربعة امتار قفزة واحدة...بالتأكيد القصة ملفقة وركيكة الصياغة ولا يصدقها احد حتي السذج. والحقيقة ان نميري الذي كان منهارا طيلة ايام اعتقاله لم يكن ليمتلك تلك القوة في ذلك الوقت... ثم ان السور الذي أشار اليه الكاتب لم يكن بذلك العلو الشاهق!
    أقدر محاولة الكاتب في بحثه عن حقيقة ما جري في بيت الضيافة ولكني أري أنه لم يبذل جهدا كافيا او مناسبا في ذلك البحث الذي بدأه باتصاله ببعض شهود العيان ويبدو انه اكتفي بما توصل اليه من افادات ترسخ اعتقاده الشخصي بأن الشيوعيين وحدهم وليس غيرهم نفذوا مجزرة بيت الضيافة. فلو أجتهد في بحثه وتحرياته وجمع أدلة موثوقة المصادر, لكان من الممكن أن يقدم لنا شيئا مفيدا ومقنعا أو اقرب الي ذلك حول حقيقة ما حدث.
    يقول الكاتب: (في يوم الخميس 22 يوليو الساعة الخامسة مساء تقريبا سمع هؤلاء المعتقلون صوت دبابة وسمعوا احدهم يقول: أضربهم كلهم ويجيب عليه شخص آخر: نعم كلهم ولا تترك احدا منهم حيا. وأشتد الضرب في الخارج ثم فجأة انهال عليهم مدفع رشاش...أغلبهم انبطح ارضا وآخرين لاذوا بحمامات الدار وغرفها. وبد قليل تكونت بركة من الدماء في وسط الحجرة التي كانت تجمعهم .. ثم هرب الجناة... ولكنهم عادوا بعد قليل وأخذوا يجهزون علي من لم يمت بأسلحتهم الشخصية . كان من ضمن الضباط العقيد سعد بحر قائد ثاني المدرعات والذي اصيب ولكنه لم يمت ولما فطن لعودة القتله رش جسده بالدمات حتي تبدو أصابته كبيره وكأنها قاتله.. ونجا من الموث ليحكي صحة مسؤولية الانقلابيين عن المذبحة ثم شاهدهم مرة اخري يهرولون خارجين.)
    ويقول كما روي العميد عبدالرؤوف عبدالرازق في رسالة الماجستير التي أعدها بمعهد الدراسات الافريقية والاسيوية ص 103 ان العميد أ.ح. عبدالقادر وأظنه يقصد محمد عبدالقادر, قد أكد في مقابلة معه يوم 31|8|1983 أنه لا صحة لما تردد بأن هناك جهة ثالثة هي التي قامت بذلك بل هم ضباط انقلاب 19 يوليو. والمذكور كان ضمن الضباط المعتقلين بمنزل الضيافة واستطاع الخروج وتمكن من السيطرة علي القيادة العامة في مساء يوم 22 يوليو 1971.)
    ويقول دار الاتهام مباشرة للمقدم عثمان حسين أبوشيبه بأنه أصدر أوامر التخلص من الضباط, كما وجه النظام الاتهام للمقدم محمد احمد الزين, وقيل انه الملازم احمد عبدالرحمن الحاردلو وقيل انه الملازم احمد جباره مختار, وقيل الرائد بشير عبدالرازق وكلهم تم اعدامهم)
    ويقول لقد أثبت التقرير الطبي الاصابات الناتجة عن رصاص من علي بعد قريب ووجد داخل اجسام الموتي رصاصات من النوع المستعمل في السلاح الشخصي لضباط الانقلاب والاسلحة الرشاشة التي عند الجيش السوداني ولم يعط التقرير اي أشارات الي ان بعض الضرب قد تم بواسطة دانات الدبابات او المدافع, كما حاول التنصل من المذبحة مدعياً بأن قوة ثالثة قتلتهم حيث كان هناك انقلاب عسكري داخل محاولة أعادة نميري للسلطة.)
    وتحت عنوان "روايات الشهود عن مذبحة بيت الضيافة يوم الخميس 22|7|1971" ذكر الكاتب نقلا عن العقيد حمدون: (ونحن في غرفتنا يوم الخميس سمعنا صوت الدبابات, كان واضحا انها دبابات اللواء الثاني, ولما اقترب الصوت قلت لهم "ديل دبابات" وفجأة انطلق الرصاص في الغرفة واول مجموعة كانت في رأس العقيد حمودي وكنا علي الارض لا نعرف من الداخل.. سمعنا صوت باب الغرفة فد فتح وكان هناك صوت طلقات متفرقة تطلق علي الجثث حتي يتأكدوا من موتهم وبعد ذلك تناهي الي اسماعنا اصوات نعرفها هي اصوات زملائنا في اللواء الثاني... وركبت دبابة وذهبت الي القيادة العامة.) ص64.
    ويروي الكاتب: (اما الملازم محمد علي كباشي الذي كان معتقلا في بيت الضيافة فيقول: "قابلت في بيت الضيافة عقيد سعد بحر وارتشي واحمد الصادق والملازم اول احمد ابراهيم والرائد سيد المبارك والنقيب سيداحمد وكثير منهم. وقد اجتمع بنا العقيد سعد بحر وقال ان اللواء الثاني غير راضي بالموضوع الحاصل وانهم مجردون من السلاح. ومتوقع اطلاق سراح بعض الضباط الصغار منا , فمن يطلق سراحه عليه الاتصال باللواء الثاني. وقد كنت اول من اطلق سراحه. واتصلت باللواء الثاني وبعض الرقباء والجنود من اللواء الثاني واخبروني انهم علي استعداد للقيام بالحركة. وفي يوم 22 يوليو وفي طريقي الي الشجرة سمعت صوت ضرب وقابلتني دبابة بها الرقيب احمد جبريل وركبت فيها وذهبت الي بيت الضافة. وجددت دبابة قد ذهبت من قبل وضربت القصر. وعندما دخلنا القصر وجدنا بعض المصابين وقد ضربهم الحرس ووجدت العقيد سعد بحر مصابا وأخذته الي الشجرة.) ص64.
    وأورد الكاتب رواية للحاج عبدالرحمن الذي قال: (كنت وأبني محتمين بمكاتب الاتحاد وأتت دبابة اتجهت شرقا في اتجاه بيت الضيافة, وانطلق الرصاص. ومن مكاني شاهدت احد الاشخاص يرتدي فنله خارجا من بيت الضيافة فحصدته الدبابه وأتي آخر وقتلته وبعد ذلك اتجهت الدبابة غربا وانا علي هذه الحاله سمعت صوت سواق تاكسي يهتف : عائد عائد يا نميري)
    وينقل لنا الكاتب رواية العقيد عثمان محمد احمد كنب قائد كتيبة جعفر بامدرمان الذي قال: (أنه اعتقل في تمام الحادية عشر ليلا يوم الانقلاب. ويقول قد تم ترحيلي بواسطة عربة كومر بالمقدمة الملازم احمد حباره وملازم آخر, وكان معي سته من العساكر شاهرين بنادقهم امامي وكانت رائحة البارود تملا المكان مما يوضح بأن هناك ضربا قد حدث... وتحت نور الكبري لاحظت سطح العربة عليه دماء. وأعتقلت في بيت الضيافة. وكان هناك المرحوم سعد بحر وارتشي وسيد المبارك وسألوني يا عثمان الحاصل شنو؟ قلت لا أعرف...الهادي المامون وفتحي ابوزيد اخبروني بأن هناك انقلاب ويظهر ان هناك ضحايا لانه يوجد دم في العربة التي أتت بي واريتهم الدم في حذائي...وفي حوالي الساعة الثانية والنصف كان هناك صوت تعمير للسلاح واحضروا للجنود جبخانة زيادة وكانت هناك حركة غير عادية.. وأخذ الجنود في الخارج ساتر دفاعي وسمعنا ضرب الرشاش في الخارج مما أدي الي تساقط زجاج الغرفة للداخل. وهنا أخذنا نتلو الشهادة ودخل احدهم الغرفة وأخذ يضرب علينا مباشرة..الخ.) ص65

    اما النقيب اسحق ابراهيم عمر فقد ذكر: (..سمعنا صوت قصف من الدبابات وعلمنا بأن المقاومة من جماعتنا باللواء الثاني. وفي هذه اللحظة فوجئنا بأحد الضباط الحراس يدخل الغرفة ويضرب علينا مجموعات من سلاحه... وكان الضرب أشد بالغرفة الثالثة.. وبعد هذا سمعت صوت دبابة تدخل بيت الضيافة وبعدها سمعت صوت يقول الله اكبر...انتصرنا.) ص67.
    ويقول الرائد عبدالقادر احمد محمد: (..وفي اليوم الثالث سمعنا اصوات ضرب عنيفة وأستبشرنا خيرا وأستمر الضرب حتي الساعة الرابعة. وفي ذلك الوقت سمعنا شخصاً بدار الضيافة يصدر أوامر للضباط باعدام جمبع المعتقلين الموجودين بدار الضيافة وفي هذه اللحظات دخل ضابط بسرعة مذهلة الي حجرتنا وبدأ في أطلاق النار من مدفع رشاش..الخ) ص67 - 68.
    تنوية: قبل ان أستطرد في الكتابة رأيت ان أوضح للقراء الكرام ان المقتطفات المتقدمة اخذت من الكتاب مباشرة ودون تصرف منا ولا علاقة لنا بكثرة الاخطاء وسوء الصياغة.‍‍
    بأختصار شديد سأحاول التعليق علي بعض ما نقله الكاتب من اقوال صدرت منه او علي لسان بعض شهود العيان الذين نقل لنا رواياتهم المتضاربة او المتناقضة. أشار الكاتب الي ان المقدم عثمان حاج حسين قد أتهم بأنه هو الذي أصدر الامر بتصفية الضباط المعتقلين جسديا. وان الاتهام قد شمل ايضا المقدم محمد احمد الزين والملازم الحاردلو والملازم احمد جباره والرائد بشير عبدالرازق..قد يكون مقبولا ان يوجه الاتهام بشأن المجزرة للمقدم عثمان بحكم انه كان قائد الحرس الجمهوري الذي كانت قوة منه تقوم بحراسة المعتقلين في بيت الضيافة, في ذلك الوقت, ولكن توجيه الاتهام للرائد محمد احمد الزين والنقيب بشير عبدالرازق فغير منطقي لان كل من ودالزين وبشير كانا لحظة وقوع ذلك الحدث بالقيادة العامة للقوات المسلحة يقودان اشتباكا ضد القوات المعادية ولم يقتربا من الحرس الجمهوري او بيت الضيافة طيلة ايام الثلاثة الي عاشها الانقلاب.

    يقول الكاتب: (أن المعتقلين قد سمعوا صوت دبابة..وان الضرب قد اشتد بالخارج وان الجناة قد هربوا ثم عادوا) ولم يشر الي اي جهة كانت تتبع تلك الدبابة, او بين من ومن اشتد الضري بالخارج. او لماذا هرب الجناة ثم عادوا لتكملة المجزرة؟‍ ان وصول دبابة الي بيت الضيافة في ذلك الوقت يؤكد ان تلك الدبابة لم تكن تتبع لقوات حركة 19 يوليو, فلقد كانت قواتنا في الحرس الجمهوري تنقصها الدبابات, وفي الوقت الذي وقعت فيه المجزرة كان كل من القصر والحرس الجمهوري محاصرين بثمان دبابات تقريبا, ثم انه لم يكن هناك ما يستدعي ارسال دبابة الي بيت الضيافة اذ كانت قوات الحراسة المكونة من (جماعة )بقيادة ملازم كافيه جدا لتغطية الحراسة والقيام بأي مهام أخري.
    من رواية العقيد حمدون يتضح ان اول ما وصل لبيت الضيافة قبل وقوع المجزرة دبابة او دبابات تابعة للواء الثاني مدرعات: (.. ونحن في غرفتنا يوم الخميس سمعنا الدبابات.. كانت واضحة انها دبابات اللواء الثاني..) ثم يقول ان الرصاص اطلق فجأة من الغرفة واول مجموعة كانت في رأس العقيد حمودي. ويقول حمدون انهم كانوا علي الارض ولا يعرفون من الدخل ولم يحدد لنا حمدون من الذي بدأ باطلاق الرصاص الذي كانت اول مجموعة منه في رأس العقيد حمودي.
    نقل لنا الكاتب رواية الملازم محمد علي كباشي وهي بعد رواية العقيد "كنب" التي سيأتي ذكرها اكثر الروايات كذبا وتلفيقا, ولا شك انه في قمة تلك الفوضي وذلك الاضطراب وحب البعض انتهاز الفرصة وادعاء البطولة يمكن نسج الكثير من القصص الخيالية الممعنة في المبالغة, لكن وبقليل من الجهد يمكن كشف ما في تلك الروايات من تناقض وكذب. ذكر الملازم كباشي وحسب رواية الكاتب, ان العقيد سعد بحر قال فيما قال انه من المتوقع اطلاق سراح بعض الضباط الصغار, وان من يطلق سراحه عليه الاتصال باللواء الثاني وانه اول من اطلق سراحه, واتصل باللواء الثاني وبعض الرقباء والجنود.. الخ. والحقيقة المؤكدة مائة بالمائة انه لم يطلق سراح احد في تلك الايام الثلاثة ولا حتي ضباط الصف ناهيك عن الضباط, فالوقت لم يكن يسمح باجراء اي تحقيقات او اطلاق سراح. ويقول كباشي ان دبابه بها الرقيب احمد حبريل قابلته وذهب بها الي بيت الضيافة ووجد ان دبابة قد ذهبت قبله وضربت القصر. الذي يهمنا هنا ان كباشي قد وجد دبابة ذهبت قبله وضربت القصر ويقصد بالقصر قصر الضيافة او بيت الضيافة ولم يشر كباشي الي اي اشتباك بين الدبابة او الدبابات المهاجمة والحراس. وحتي يثبت تلفيق هذه الروايه يحق لنا ان نسأل:
    * كيف علم سعد بحر بعدم رضاء اللواء الثاني وانه مجرد من السلاح وهو تحت حراسة مشددة جدا؟
    * متي اطلق سراح كباشي وكيف أنجز كل تلك الاتصالات باللواء الثاني وبضباط الصف والجنود؟
    حسب رواية الحاج عبدالرحمن الذي وصفه الكاتب بسكرتير اتحاد العمال السابق وعضو الحزب الشيوعي السوداني ان دبابة اتجهت شرقا في اتجاه بيت الضيافة, وانطلق الرصاص ومن مكاني شاهدت احد الاشخاص يرتدي فنله خارجا من بيت الضيافة فحصدته الدبابة وأتي آخر وقتلته وبد ذلك اتجهت الدبابة غربا..الخ) وهنا نري ايضا ان الحاج عبدالرحمن الذي كان محتميا بمباني اتحاد العمال القريب جدا من بيت الضيافة يؤكد ان دبابة قد حصدت وقتلت.
    اما رواية العقيد "كنب" وقد كانت أكثر الروايات كذبا وتلفيقا فهو
    يقول : (...وكانت رائحة البارود تملأ المكان مما يوضح ان هناك ضربا قد حدث...وتحت تور الكبري لاحظت سطح العربة وعليه دماء..) بالرغم من ان العقيد "كنب" عسكريا قديما نراه يتحدث عن رائحة بارود تملأ المكان والمعروف أن رائحة البارود لا تبقي طويلا ويمكن شمها أثناء الضرب وبعده لاقل من دقيقة ولا يمكن شم رائحة البارود بعد ذلك الا اذا وضعت فتحة الانف علي فم ماسورة ضربنار. أما الدماء التي أدعي انه رأها علي سطح العربة فهي من نسج خياله. ولكي تبقي روايته قابله للتصديق نراه قد ربط بين رائحة البارود والدماء ليخرج بنتيجة ان هناك ضربا قد تم. وكما هو معلوم ان اطلاق النار لم يتم في ذلك اليوم الا مرة واحدة وكان عبارة عن طلقة واحدة اطلقها الرائد هاشم من رشاشه علي يد احد ضباط صف سلاح المظلات عندما حاول المقاومة في القيادة العامة. اما حكاية التعمير واحضار الجبخانة منذ الساعة الثانية فهي حكاية ساذجة لانه في ذلك الوقت لم يبدأ التحرك المضاد ولم يفكر احد في تصفية احد جسديا ثم لماذا احضار المزيد من الجبخانة او الذخيرة؟ فالتحرك المضاد بدأ في حوالي الساعة الرابعة مساءا وما حدث قد تم بعد الساعة السادسة. ويقول كنب أخذ الجنود في الخارج ساترا دفاعيا وسمعنا ضرب الرشاش الخارج مما أدي الي تساقط زجاج الغرفة بالداخل) من هذا الجزء من الرواية يتضح بلا أدني شك أن قوة هاجمت بيت الضيافة مستخدمة مدفعا رشاشا ونتيجة لذلك الهجوم اتخذ الجنود ساترا دفاعيا... والدليل الاكيد أن تلك القوة المهاجمة كانت تستهدف الضباط المعتقلين وان الضرب قد ركز علي النوافذ مما أدي الس تساقط زجاج الغرفة بالداخل.
    من هذه الروايات المختلفه ورغم التلفيق والتناقض يؤكد الكاتب نفسه وتؤكد اقوال العقيد حمدون والملازم كباشي والعقيد كنب والحاج عبدالرحمن, ان دبابة واحدة علي الاقل قد هاجمت بيت الضيافة اولا وقد استخدم المهاجمون اسلحة نارية اقلها رشاشات وقد أتخذ الحراس ساترا دفاعيا لمواجهة ذلك الهجوم. وتجدر الاشارة الي ان بالدبابة رشاشان احدهما قرينوف والآخر رشاش من نفس عيار البندقية الكلاشنكوف 7.62ملم.



    Source Al-Ayaam September 5, 2005
    __________________


                  

12-29-2011, 00:34 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    ساسعى للحصول على تقييم حزب البعث او على الاقل تقييم قيادى بعثى لانقلاب
    19 يوليو. جاء فى تقرير لجنة مولانا علوب والتى تحصل عليها المرحوم د. محمد سعيد القدال:



    Quote: الباب الثاني من التقرير بعنوان: هل هناك أطراف أجنبية في مؤامرة 19 يوليو؟ يتناول الفصل الأول: دور سلطة حزب البعث العراقي. نشأت الاتجاهات البعثية في السودان في العام 1956 من فكرة قيام اتحاد طلاب العالم العربي التي تبناها حزب البعث إبان الاتحاد بين مصر وسوريا. وكان مركز هذا النشاط جامعة القاهرة فرع الخرطوم. وعقب انفصال سوريا عن مصر في العام 1961، ظهرت في جامعة الخرطوم الفرع الجبهة الاشتراكية العربية. وبعد أن تخرج أعضاؤها انضم قادتها إلى الحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي بغرض بث أفكارهم في الحزبين. وبعد اندماج الحزبين انسحبوا من الحزب الموحد، ولم يكن لهم تنظيم وإنما كانوا يعملون من خلال الهيئات العامة. وفي العام 1962 صدر ميثاق الجبهة الاشتراكية. وبدأت صلاتهم مع حزب البعث العربي الاشتراكي. وكان لهم عداء مستحكم مع أنصار قومية عبد الناصر.

    وحصل جهاز الأمن على بعض البرقيات السرية المرسلة من السفارة العراقية في الخرطوم إلى قيادة حزب البعث في العراق توضح تحركات حزب البعث وصراعه مع النظام في السودان. مثال ذلك البرقية المرسلة بتاريخ 8/3/1970التي تقول إن المسؤولين المدني والعسكري لمنظمة الحزب في السودان يطلبان إبلاغ صدام حسين ومحمد سليمان والسامرائي والياس فرح وطارق عزيز وخمسة آخرين للحضور للخرطوم للمشاركة في ندوة العربي حيث يسعى السودان لتشويه سمعة الحكم الثوري في العراق، مما قد يؤثر على مخططات الحزب وأهدافه في السودان.

    وكان محمد سليمان حفيد الخليفة عبد الله هو الذي يمثل البعثيين السودانيين في القيادة القومية لحزب البعث في بغداد. وكان له نشاط بعثي كبير وسط الطلاب في سوريا عندما كان يتلقى تعليمه هناك. وعندما وقع الانقسام في حزب البعث انضم إلى الجناح الذي كان يتزعمه ميشيل عفلق، وفر إلى بيروت العام 1965، واختير بعد ذلك عضوا في القيادة القومية ببغداد، وأسند له منصب العلاقات الخارجية لحزب البعث وهو منصب يقابل وزير الخارجية، بل كان أعلى رتبة من أي وزير في الحكومة العراقية. وجاء إلى السودان أواخر العام 1970، وكان الهدف من الزيارة حسب الوثائق التي حصل عليها جهاز الأمن القومي الآتي:

    (أ) الاتصال بالتنظيم البعثي في الخرطوم ليشرح له موقف القيادة القومية من الاتحاد الرباعي باعتباره تنظيماً بين حكام لا بين جماهير.

    (ب) استمرار الحوار مع الحزب الشيوعي للتوصل إلى نقاط محددة تمكن من التعاون بين التنظيمين.

    (ج) التضامن مع الحزب الشيوعي وغيره من التنظيمات المناوئة لإقامة جبهة تقدمية واحدة في محاولة لإسقاط الحكم.

    (د) تشجيع عناصر الحزب على حضور المؤتمر العام للحزب مع وقوفهم كتلة واحدة مع ميشيل عفلق.

    (ه) تنوير عناصر الحزب بالخلافات داخل الحزب.

    وتلقى جهاز الأمن برقية مفادها أن هناك عدداً من السودانيين يتدربون على أعمال الصاعقة في معسكر في منظمة حزب البعث الفدائية. ويرجح جهاز الأمن أن الهدف القيام بنشاط داخل السودان. ويبذل حزب البعث مساعٍ كبيرة لإقامة نشاط في جبال النوبة. وكانت للاشتراكيين العرب علاقة وثيقة مع فاروق حمد الله، وإن لم يوجد ما يثبت أنه كان عضواً ملتزماً.

    ثم تناول التقرير سياسة العراق البترولية وأثرها على علاقته بالسودان. في العام 1970 أرسل العراق وفداً رفيع المستوى وعرض تزويد السودان باحتياجاته من البترول الخام ابتداء من العام 1972، وجرت مفاوضات لم تؤد إلى نتيجة.

    ثم تناول التقرير البعثات العسكرية والمنح الدراسية للسودانيين بالعراق. وكان عدد البعثات العسكرية يزداد سنوياً حتى الفترة السابقة على 19 يوليو. وظهرت محاولات السلطات العراقية لتجنيد بعض الضباط وضباط الصف والجنود الذين حضروا تلك البعثات. وكانت بعض المنح الدراسية لا تتم عن طريق الجهات الرسمية. وهناك عدد من الوفود السودانية التي ذهبت إلى العراق التي لم تكن تتم بالطرق الرسمية، ومنها الزيارة التي قام بها فاروق حمد الله في يوليو 1970، والتي قرأ سفير السودان في العراق خبرها في الصحف. واتخذ العراق مواقف عدائية لثورة مايو قبل 19 يوليو.

    وانتقل التقرير إلى مواقف العراق العدائية لثورة مايو قبل 19 يوليو. كان لصدور قرارات 16 نوفمبر صدى واسعاً في أجهزة إعلام حزب البعث في بغداد وبيروت، وبصورة عدائية لثورة مايو.

    ينقسم موقف العراق من أحداث 19 يوليو إلى شقين: الأول: الدعم المعنوي فقد تناولت أجهزة الإعلام العراقية أنباء الانقلاب بعد ساعات من وقوعه، بينما لم تبدأ إذاعات العالم في إذاعته إلا بعد الساعة العاشرة. كما أولته أجهزة الإعلام العراقية اهتماماً خاصا. ثم اجتمعت القيادات القومية والقطرية ومجلس قيادة الثورة العراقية. وتقرر الاعتراف فوراً بالنظام الجديد وتقديم الدعم اللازم له. كما أعلنت حركة الاشتراكيين العرب في السودان تأييدها الكامل للنظام الجديد.

    أرسل العراق على عجل وفداً على مستوى عالٍ برئاسة محمد سليمان. ولم يتصل أي شخص عراقي بالسفارة السودانية للحصول على تأشيرة، مما جعل سفير السودان يصفهم لاحقاً بأنهم يتصرفون كشركاء في الحكم. وطلب محمد سليمان من محافظ البنك المركزي العراقي تحويل مليوني جنيه إسترليني عاجلاً للسفارة العراقية في بيروت. تحركت ثلاث طائرات تضم وفداً على مستوى عال وعدداً من العسكريين الفنيين، بها أيضاً دعم عسكري. كل تلك القرائن كافية للتدليل على ضلوع النظام العراقي في المؤامرة.
                  

12-29-2011, 01:48 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)
                  

12-29-2011, 08:07 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    انقلاب 19 يوليو 71 وجهة نظر اخري "1"
    محمد علي جادين

    وجدت حركة 19 يوليو 1971 مناقشات واسعة في الفترة الأخيرة، وتركز معظمها حول الوقائع وتطورات الأحداث وأشار د. عبدالله علي إبراهيم إلى أن هذه المناقشات حصرت نفسها في (يومية التحري)، أو كما قال في سلسلة مقالات حول الموضوع في جريدة الرأي العام آخرها الأربعاء الماضي.
    ويعني ذلك أنها تجاهلت مناقشة مكانة الحركة الانقلابية، وموقعها في مجرى حركة التطور الوطني وتأثيراتها السلبية والايجابية في تطور الحركة السياسية السودانية في الفترات اللاحقة وربما حتى الآن، صحيح أن الوقائع والأحداث لها اهميتها الكبيرة ولكن الأكثر أهمية هو ربطها بسياقها التاريخي ومجرى الصراع السياسي والاجتماعي في تلك الفترة، وهنا يتراجع دور الأفراد وحتى القيادات العسكرية والسياسية مهما كان دورها، ويبرز دور القوى والنخب السياسية والفكرية، ومن هنا لا يمكن مناقشة مكانة حركة 19 يوليو1971 بعيداً عن حدث انقلاب 25 مايو1969 والصراعات التي ظلت تجري في داخله حتى منتصف 1971 ويشمل ذلك بالطبع القوى السياسية والاجتماعية، التي شاركت في النظام الجديد أو دعمته سياسياً واجتماعياً وتلك التي عارضته منذ البداية وفي هذه المقالة سوف أركز على موقف حركة التيار القومي وحزب البعث العربي الاشتراكي السوداني، في تلك الفترة وخاصة موقفها من انقلاب 19 يوليو 1971 انطلاقاً من وثائق وبيانات اصدرتها في وقتها.
    ويرى كاتب المقال أن طرح وجهة نظر هذه الوثائق والمعلومات المرتبطة بها تفيد كثيراً في تطور المناقشات الجارية من خلال وجهات نظر معاصرة طرحتها اطراف الصراع الأخرى.
    خلال العامين الأولين (1969-1971) شهدت العلاقة بين سلطة انقلاب 25مايو1969 والقوى الوطنية التقدمية في عمومها، وخاصة الحزب الشيوعي من جهة أخرى تدهوراً واسعاً ومتزايداً شمل ذلك حركة الاشتراكيين العرب وحزب البعث السوداني بدرجة مقدرة، وانعكس ذلك في صراع معقد في الشارع السياسي ووسط مجموعات الضباط وحتى داخل مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء، وذلك اضافة إلى صراعات السلطة مع جبهة المعارضة بقيادة الإمام الهادي المهدي والشريف حسين الهندي.
    وأدى هذا الصراع المعقد إلى انقلاب داخل مجلس قيادة الثورة نتج عنه فصل وابعاد فاروق حمدالله وهاشم العطا وبابكر النور من المجلس، الأول ديمقراطي تقدمي له علاقات وطيدة مع حزب البعث السوداني، وقوى أخرى والآخران قياديان في الحزب الشيوعي السوداني.
    وكان ذلك يمثل تراجعاً كاملاً عن البرنامج السياسي المعلن في بداية الانقلاب.
    وبذلك سيطرت مجموعة نميري ومجموعة القوميين العرب المرتبطة بالسلطة المصرية والمنقسمين من الحزب الشيوعي، على السلطة السياسية بشكل كامل، ومع اشتداد الصراع السياسي داخل صفوف القوات المسلحة والحزب الشيوعي كان واضحاً أنه يتجه إلى صدامات وانقلابات وانقلابات مضادة، وفي عصر 19 يوليو1971 قام هاشم العطا بانقلاب مفاجئ وناجح، وكان ذلك متوقعاً في الاوساط السياسية بحكم اشتداد الصراعات بين الكتل العسكرية المختلفة وامتداداتها وسط القوى السياسية، ومع نجاح الحركة الانقلابية في استلام السلطة إلا أنها لم تتمكن من الاستمرار أكثر من ثلاثة أيام فقط لأسباب عديدة سوف نفصلها لاحقاً.
    منذ البداية وقفت حركة الاشتراكيين العرب وحزب البعث السوداني مع الحركة الانقلابية باعتبارها خطوة في طريق تصحيح مسار الوضع السياسي في البلاد، ولكنها أكدت في الوقت نفسه على عدم امكانية استمرارها بحكم توجهاتها وتركيبتها الشيوعية الواضحة كما ظهر في أركان قيادتها وشعارات مواكب تنظيمات الحزب الشيوعي، وفي الأيام الثلاثة التي عاشتها الحركة الانقلابية قامت قيادة حركة الاشتراكيين العرب بعقد لقاءات متعددة مع رموز الحركة الانقلابية وبعض قيادات الحزب الشيوعي بهدف معرفة ما كان يجري وامكانيات المشاركة في دعم وتثبيت الوضع الجديد والواقع أن الاشتراكيين العرب وحزب البعث السوداني لم تكن لهما علاقة مباشرة بالحركة الانقلابية، إنما كانت لهما علاقة وطيدة مع فاروق حمدالله وبعض رموز مجموعته (سعيد كسباوي والرشيد أبوشامة وآخرين) وفي ذلك أشار شوقي ملاسي المحامي والقيادي البعثي المعروف إلى أن الشيوعيين سارعوا قصداً بالانقلاب في غياب حمدالله، الذي كان في لندن مع بابكر النور، لاسباب خاصة بصراعاتهم الداخلية وعوامل أخرى وأشار إلى أنه قام بمحاولات عديدة للاتصال بالرائد حمدالله، عن طريق رموز مجموعته، ولكنه لم ينجح (مذكرات شوقي ملاسي دار عزة الخرطوم2005) وبعض المراقبين يرجع ارتباك قيادة الانقلاب وبطء اجراءاتها العملية إلى غياب قياداته الأساسية في لندن وضعف تجربة هاشم العطا والمجموعة المرتبطة به، ويشير شوقي ملاسي إلى لقاء عقده عبدالخالق محجوب مع أركان السفارة العراقية في الخرطوم، حيث طلب منهم دعماً مالياً لتغطية الاحتياجات العاجلة في البلاد وحضور وفد حزبي ورسمي عراقي للاشتراك في موكب الخميس 22 يوليو لدعم ومساندة الحركة سياسياً، وطلب أيضاً موافقة القيادات القومية لحزب البعث على تعيين عضوها محمد سليمان الخليفة عبدالله، وزيراً للتربية والتعليم في الحكومة المتوقع تكوينها، وأشار شوقي إلى أن العراقيين سألوه لماذا لم يطلب الدعم من الاتحاد السوفيتي؟!.
    فأجاب بأنهم ضده ولا يتورعون عن تصفيته إذا وجدوه (المذكرات)، وأشار حسن الجزولي إلى هذا الاجتماع في كتابه (عنف البادية) ولكنه ارجع المعلومات حوله إلى العقيد سعيد كسباوي وليس شوقي ملاسي، والمهم أن هذه الواقعة تشير إلى أن عبدالخالق كان يعول كثيراً على الدعم العراقي، ويرتبط ذلك بظروف الانقسام داخل الحزب الشيوعي، وتدهور علاقاته مع الاتحاد السوفيتي، وإلى علاقاته المتطورة وقتها مع حزب البعث السوداني ومع القيادة القومية في بغداد، حيث قام وفد من الحزب شمل التيجاني الطيب وعزالدين علي عامر، بزيارة بغداد وإجراء حوارات مهمة مع القيادة القومية وقيادة حزب البعث العراقي وذلك في عام 1970 وربما في 1969، وأعتقد أنه كان لها دور في مشاركة الحزب الشيوعي العراقي في السلطة العراقية عام 1972.
    نتيجة لذلك تحرك وفد حزبي وحكومي من بغداد وكان يضم فنيين وعسكريين وسياسيين ويقوده محمد سليمان الخليفة، العضو السوداني في القيادة القومية، ووصلت طائرته مطار الخرطوم، ولكنها لم تتمكن من الهبوط فعادت لتسقط في أرض الحجاز في ظهر الخميس 22 يوليو1971 لأسباب غير معلومة، والواقع أن علاقة حزب البعث والنظام العراقي بحركة 19 يوليو1971 وجدت اهتماماً كبيراً من نظام نميري بعد عودته وأيضاً من السفارة البريطانية في الخرطوم في تلك الفترة.
    وظهر ذلك في الوثائق البريطانية التي افرج عنها قبيل سنوات قليلة وكتب عنها د. محمد سعيد القدال سلسلة مقالات في صحيفة (الصحافة)، المهم أن سقوط الطائرة العراقية أدى إلى مصرع الشهيد محمد سليمان الخليفة ومعظم أعضاء الوفد المرافق له، وتزامن ذلك مع قيام السلطات الليبية باجبار الطائرة البريطانية التي كانت تقل فاروق حمدالله وبابكر النور من لندن إلى الخرطوم، على الهبوط في مطار طرابلس واعتقال المذكورين وتسليمهما لسلطة نميري بعد عودتها مساء يوم الخميس نفسه، وذلك بمساعدة كبيرة من شركة لونرو ومديرها، الذي أصبحت تربطه علاقات قوية بالنظام المايوي في الفترة اللاحقة.
    وتزامن كل ذلك مع تحرك فعال في مصر ودول ميثاق طرابلس (مصر، وسوريا، وليبيا) لاعادة نميري للسلطة، إضافة إلى تحركات وسط القوات المسلحة، وبالذات وسط ضباط الصف وأدى كل ذلك إلى عودة نميري ومجموعته للسلطة مساء الخميس 22 يوليو، وبذلك دخلت البلاد في مجرى تطور جديد نناقشه في مقالة مقبلة.
                  

12-29-2011, 10:44 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    انقلاب 19 يوليو : وجهة نظر اخري (2 )

    محمد علي جادين

    عودة نميري ومجموعته في مساء 22 يوليو للسلطة من جديد أدخلت البلاد في مجري تطور جديد له سماته وملامحه المختلفة عن الفترة الأولي لانقلاب 1969م ودشنت ذلك بحملات اعتقالات واسعة وسط القوى الوطنية التقدمية ومن ضمنها حركة الاشتراكيين العرب والتنظيم البعثي السوداني- وذلك اضافة الى قيادات النقابات والاتحادات وقامت ايضا بمحاكمات عسكرية سريعة شملت اعدام وسجن عدد كبير من العسكريين وقيادات بارزة في الحزب الشيوعي واسرعت في اجراء تعديلات اساسية في نظامها السياسي في اتجاه فرض نظام الحزب الواحد (الاتحاد الاشتراكي) والجمهورية الرئاسية وسيطرة اجهزة الامن على الدولة وتبع ذلك اجراء تغييرات اساسية في تحالفاتها الداخلية والخارجية وبذلك ادخلت البلاد في مجرى تطور سياسي جديد تركزت ملامحه منذ البداية في حكم الفرد والحزب الواحد لمصلحة فئات بيروقراطية وتجارية وطفيلية متحالفة مع بلدان الخليج والسعودية ومراكز النفوذ الامريكي في المنطقة ولكنها كانت لاتزال تواجه معارضة نشطة في الداخل والخارج من الاحزاب الكبيرة بقيادة الشريف حسين الهندي، اضافة الي القوى الوطنية التقدمية وفي هذا الاطار كانت تجربة الاعتقالات الواسعة نسبيا جديدة علي حركة التيار القومي والبعثي وقتها خاصة انها شملت ابرز كوادرها السياسية المعروفة ولذلك كانت لها تأثيرات سلبية كبيرة علي نشاطها في الفترة اللاحقة واهم من كل ذلك ان عودة الديكتاتورية حرمتها من فرصة النمو والتطور في ظروف الحريات والديمقراطية واستشهاد محمد سليمان الخليفة افقدها رمزها القومي والدور الذي كان يقوم به في القيادة القومية والمركز القومي في الخارج، ومع ذلك كانت هناك ايجابيات كبيرة لا يمكن التقليل من شأنها فدعم العراق والمركز القومي لحزب البعث لحركة 19يوليو1971م كانت له تأثيرات ايجابية وسط قطاع واسع من القوى الوطنية التقدمية وشكل رصيدا لحركة التيار القومي والبعثي في ساحتها الوطنية يمكن البناء عليه في الفترة القادمة ووجود قيادات وكوادر بعثية وقومية عديدة في المعتقلات المختلفة اتاح فرصا ثمينة لخلق علاقات وطيدة مع تيارات فكرية وسياسية عديدة ولادارة حوارات منتجة حول حركة التطور الوطني ومستقبلها وحول حركة 19يوليو1971م نفسها وذلك اضافة الي طرح رموز فكرية وسياسية عديدة كان لها دور بارز في الفترات اللاحقة وفي الوقت نفسه فتحت الظروف الجديدة مجالا واسعا لصعود قيادات جديدة تحملت مسئولية العمل في الفترة اللاحقة وارتبط كل ذلك بالتركيز علي قضايا التأمين ومستلزمات العمل السري، بسبب ارتباط مجموعة (القوميين العرب) التي انقسمت من التنظيم في 1963م بالسلطة وعمل عدد كبير منها في جهاز الامن القومي وفي هذه الظروف الصعبة سارعت قيادة التنظيم القومي والبعثي باصدار تقييم عام لحركة 19 يوليو وتوجهات النظام المايوي بعد عودته للسلطة وتمكن من تسريبه الي داخل المعتقلات في كوبر والسجون الاخرى في اكتوبر1971 وكان له دور مؤثر في توحيد التنظيم حول خط سياسي ملائم وفي اثارة مناقشات واسعة وسط المعتقلين وتعزيز صمودهم وثقتهم في الحركة الجماهيرية الديمقراطية وارسلت منه نسخ للخارج ونشرته بعض الصحف البيروتية والعراقية.

    * اشار هذا التقييم في بدايته الي ان حركة 19يوليو تفجرت في ظروف تميزت بالآتي: (1) ضمور وتراجع القوى التقدمية وانكماش نشاط الحركة الجماهيرية بسبب سياسات القمع والاضطهاد (2) أن ازمة النظام المايوي وعلاقته بالقوى التقدمية والديمقراطية لم تكن قد وصلت الي مرحلة القطيعة والصدام ففي احسن الاحوال كانت هذه القوى في (مرحلة المعارضة الصامتة) والحزب الشيوعي، اكبر هذه القوى، كان يعيش انقساما واسعا وخطيرا ادى الي اضعافه وانشغاله باعادة ترتيب اوضاعه (3) ان القوى الوطنية التقدمية لم تنجح في بناء جبهتها الوطنية التقدمية او الديمقراطية لأسباب عديدة (4) ان توازن القوى في المنطقة العربية كان قد مال نهائيا لمصلحة قوى اليمين الرجعي خاصة بعد انقلاب السادات علي النظام الناصري (.....) ويشير التقييم الي ان حركة 19 يوليو1971م جاءت في ظروف ذاتية وموضوعية لم تكن تبرر حدوثها ولا تسمح بنجاحها واستمرارها(....) واشار الي ملاحظات تركزت في الآتي: (1) ان الحركة كانت مفاجئة للقوى الوطنية التقدمية والحركة الجماهيرية والشارع بشكل عام ومن هنا كانت عزلتها وكان مقتلها (2) انها تفجرت في غياب الجبهة الوطنية التقدمية وهذا ما جعلها تبدو كعمل منفرد قام به الحزب الشيوعي وحده واعلنت انها ستبني هذه الجبهة من موقع السلطة وهذا لا يكون. (3) ان برنامجها السياسي كان واضحا في جانب الحريات و(الديمقراطية الشعبية) حسب تصورات تلك الفترة، ولكنه كان ضعيفا في الجانب الاقتصادي (4) انها لم تضع الاعتبار الكافي لتوازن القوى داخل القوات المسلحة وفي الشارع السياسي بشكل عام، وكذلك توازن القوى في المنطقة العربية والدور الذي يمكن ان تقوم به حول ميثاق طرابلس (مصر، ليبيا وسوريا) لحماية نظام نميري ووضح ذلك في دور مصر وليبيا في القضاء علي الحركة وعودة مجموعة نميري للسلطة.(5) ان قيادة الحركة لم تتمكن من الامساك بزمام المبادرة والسرعة في اتخاذ الاجراءات اللازمة لتثبيت الوضع الجديد وانعكس ذلك في ارتباكها وبطئها في اجراءات العمل الانقلابي المعروفة (...).

    * يشير التقييم الى ان غياب اهم القيادات العسكرية في الخارج قد يكون هو سبب الارتباك والاضطراب (....) هكذا ترى الوثيقة ان هذه الظروف في مجملها لم تكن تبرر حدوث حركة 19يوليو1971م ولا تسمح بنجاحها واستمرارها، ليس فقط بسبب حجم التآمر الخارجي ضدها، وانما اساسا نتيجة لتوازن القوى في البلاد والمنطقة بسبب عزلتها القاتلة (.....) ومع ذلك فان الوثيقة ترى ان القيمة الاساسية للحركة تمثلت في انها كانت تشكل محاولة مخلصة لانقاذ البلاد من التردي والانهيار الجاري وقتها وتمثلت مأثرتها الاساسية في دفع الطغمة المايوية المتسلطة لان تكشف كل اوراقها دفعة واحدة، كطغمة رجعية معادية للديمقراطية والتقدم وذلك رغم تشدقها بشعارات الاشتراكية والوحدة العربية والديمقراطية الجديدة (....) ويشير التقييم الي ان عودة هذه الطغمة حملت معها نتائج وتوجهات خطيرة تستهدف اقامة نظام ديكتاتوري فاشي ومع ان هذا التوجيه كان يجري في ارض الواقع العملي منذ انقلاب نوفمبر1970م الا ان حركة 19يوليو 1971م منحته فرصة الاستعجال في تحقيقه بشكل واسع وحاسم، وعكست في الوقت نفسه حدود امكانيات القوى التي شاركت فيها اذ لم يكن في مقدور هذه القوى القيام بأكثر من كشف طبيعة الطغمة المايوية المسيطرة وارتمائها في احضان قوى الدفع الرأسمالي التبعي داخل البلاد وقوى النفوذ الاستعماري الرجعي في المنطقة(.....) المهم ان هذا التقييم كان شجاعا وجريئا في تحديد ايجابيات وسلبيات الحركة وفي انتقاد استعجالها وعزلتها ودورها في ادخال البلاد في مجريىتطور جديد (.......) وفي نهايته دعا التقييم الى استخلاص دروس التجربة والاستفادة منها في المرحلة المقبلة. نواصل.
                  

12-30-2011, 00:24 AM

القلب النابض
<aالقلب النابض
تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 8418

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    هام ومحفز

    شكرا المعز
                  

12-30-2011, 00:49 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: القلب النابض)

    شكرا ياسهير على مرورك على الخيط
                  

12-30-2011, 06:01 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: منذ البداية وقفت حركة الاشتراكيين العرب وحزب البعث السوداني مع الحركة الانقلابية باعتبارها خطوة في طريق تصحيح مسار الوضع السياسي في البلاد، ولكنها أكدت في الوقت نفسه على عدم امكانية استمرارها بحكم توجهاتها وتركيبتها الشيوعية الواضحة كما ظهر في أركان قيادتها وشعارات مواكب تنظيمات الحزب الشيوعي، وفي الأيام الثلاثة التي عاشتها الحركة الانقلابية قامت قيادة حركة الاشتراكيين العرب بعقد لقاءات متعددة مع رموز الحركة الانقلابية وبعض قيادات الحزب الشيوعي بهدف معرفة ما كان يجري وامكانيات المشاركة في دعم وتثبيت الوضع الجديد والواقع أن الاشتراكيين العرب وحزب البعث السوداني لم تكن لهما علاقة مباشرة بالحركة الانقلابية، إنما كانت لهما علاقة وطيدة مع فاروق حمدالله وبعض رموز مجموعته (سعيد كسباوي والرشيد أبوشامة وآخرين) وفي ذلك أشار شوقي ملاسي المحامي والقيادي البعثي المعروف إلى أن الشيوعيين سارعوا قصداً بالانقلاب في غياب حمدالله، الذي كان في لندن مع بابكر النور، لاسباب خاصة بصراعاتهم الداخلية وعوامل أخرى وأشار إلى أنه قام بمحاولات عديدة للاتصال بالرائد حمدالله، عن طريق رموز مجموعته، ولكنه لم ينجح (مذكرات شوقي ملاسي دار عزة الخرطوم2005) وبعض المراقبين يرجع ارتباك قيادة الانقلاب وبطء اجراءاتها العملية إلى غياب قياداته الأساسية في لندن وضعف تجربة هاشم العطا والمجموعة المرتبطة به، ويشير شوقي ملاسي إلى لقاء عقده عبدالخالق محجوب مع أركان السفارة العراقية في الخرطوم، حيث طلب منهم دعماً مالياً لتغطية الاحتياجات العاجلة في البلاد وحضور وفد حزبي ورسمي عراقي للاشتراك في موكب الخميس 22 يوليو لدعم ومساندة الحركة سياسياً، وطلب أيضاً موافقة القيادات القومية لحزب البعث على تعيين عضوها محمد سليمان الخليفة عبدالله، وزيراً للتربية والتعليم في الحكومة المتوقع تكوينها، وأشار شوقي إلى أن العراقيين سألوه لماذا لم يطلب الدعم من الاتحاد السوفيتي؟!.
    فأجاب بأنهم ضده ولا يتورعون عن تصفيته إذا وجدوه (المذكرات)، وأشار حسن الجزولي إلى هذا الاجتماع في كتابه (عنف البادية) ولكنه ارجع المعلومات حوله إلى العقيد سعيد كسباوي وليس شوقي ملاسي، والمهم أن هذه الواقعة تشير إلى أن عبدالخالق كان يعول كثيراً على الدعم العراقي، ويرتبط ذلك بظروف الانقسام داخل الحزب الشيوعي، وتدهور علاقاته مع الاتحاد السوفيتي، وإلى علاقاته المتطورة وقتها مع حزب البعث السوداني ومع القيادة القومية في بغداد، حيث قام وفد من الحزب شمل التيجاني الطيب وعزالدين علي عامر، بزيارة بغداد وإجراء حوارات مهمة مع القيادة القومية وقيادة حزب البعث العراقي وذلك في عام 1970 وربما في 1969، وأعتقد أنه كان لها دور في مشاركة الحزب الشيوعي العراقي في السلطة العراقية عام 1972.
                  

12-31-2011, 01:50 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: والواقع أن الاشتراكيين العرب وحزب البعث السوداني لم تكن لهما علاقة مباشرة بالحركة الانقلابية، إنما كانت لهما علاقة وطيدة مع فاروق حمدالله وبعض رموز مجموعته (سعيد كسباوي والرشيد أبوشامة وآخرين
    )
                  

01-01-2012, 00:04 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    الاخوة المشاركين والمتابعين لهذا الخيط

    كل عام وانتم بخير وعيد استقلال مجيد لشعبنا السودانى المكافح من اجل الديمقراطيه,والعداله الاجتماعيه,واحترام حقوق الانسان.
    ولازال بحثنا مستمر عن الحقيقه
                  

01-01-2012, 07:12 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    الاخوة المشاركين والمتابعين لهذا الخيط

    الرجاء اضافة link تقييم الحزب الشوعى لانقلاب 19 يوليو والصادر عام 96
    وشكرا
                  

01-01-2012, 08:36 PM

Adil Kadees

تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 98

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    تحيه يا معز و كل سنه ونت طيب ... والمجد لهذا الشعب الصبابر .. أدناه الرابط لتقييم الحزب الشيوعي لحركه 19 يوليو
    http://www.midan.net/?p=2613

    (عدل بواسطة Adil Kadees on 01-01-2012, 08:57 PM)

                  

01-01-2012, 10:03 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Adil Kadees)

    عزيزى عادل

    كل عام وانتم بخير وكل ذكرى لاستقلال بلادنا ونحن اشد عزم لتحقيق الديمقراطيه,السلام,العداله الاجتماعيه,واحترام حقوق الانسان.
    تحياتى للاسرة
    مع ودى
                  

01-02-2012, 03:50 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: استعجال هاشم العطا ورفاقه بتهريب عبد الخالق قبل أن تكتمل استعدادات استقباله وتوفير عدة منازل لاستقراره، كذلك إرسال العريف للدويم، يشير إلى أنهم كانوا قد اقتربوا من الخطوات النهائية للانقلاب. فإلى جانب ثقتهم العالية في عبد الخالق، الذي طرحوا عليه فكرة الانقلاب وطلبوا منه أن يتولى نقلها لقيادة الحزب، كان لهم تقدير آخر، ذا جانب عسكري، وهو إبعاد عبد الخالق من منطقة عسكرية – مصنع الذخيرة، سلاح المدرعات، طريق جبل أولياء ومعسكر الجيش هناك – قد تدور فيها عمليات عسكرية خلال تنفيذ الانقلاب، سواء كان انقلابهم أو انقلاب القوى اليمينية أو مقاومة الجماعات المرتبطة بمايو، وإن القوى اليمينية وجماعات مايو ستعمل على تصفيته جسدياً.
    نستطيع أن نستنتج أن العسكريين كانوا قد اتخذوا قرارهم الخاص بالانقلاب في الأسبوع الثالث من يونيو وهذا ما جعلهم يلحون ويتعجلون تهريب عبد الخالق، وكانوا لا يتوقعون أن يأخذ اجتماع عبد الخالق مع اللجنة المركزية اكثر من عشرة أيام … ويشير ذلك إلى أنهم كانوا قد وصلوا إلى نقطة اللاعودة في مسألة الانقلاب وأن اتصالهم بالحزب كان مجرد إخطار.
                  

01-02-2012, 05:11 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: طرح العسكريين لتقديراتهم ووجهة نظرهم على عبد الخالق، وموافقتهم على اقتراحه بعرض الأمر على اللجنة المركزية، لا ينفي أنهم في الجانب العملي كانوا قد أعدوا العدة لتنفيذ الانقلاب، بدليل الشواهد التالية:
    •إنهم وقّتوا لساعة الصفر مع هروب عبد الخالق، ثم قبلوا التأجيل لفترة وجيزة بعد مناقشته معهم. ويبدوا أنهم توقعوا أن اجتماع عبد الخالق مع اللجنة المركزية لن يستغرق إنجازه اكثر من أسبوع أو عشرة أيام. يتضح ذلك من التصريح الذي أدلى به ناطق باسم مجلس الثورة مساء 19 يوليو بالتليفون لصحيفة مصرية، حيث ذكر أنهم كانوا قد حددوا ساعة الصفر ظهر يوم 10 يوليو، لكن إعلان حالة الاستعداد في الجيش في العاصمة بسبب فتح الجامعة واحتمال اندلاع مظاهرات طلابية امتداداً لأحداث مارس 1970 (*) أجبرهم على التأجيل. كذلك أكد عدد من الضباط الذين شاركوا في الانقلاب وسرحوا أو سجنوا أنهم بالفعل استعدوا للتحرك في ذلك اليوم، ولكن وصلهم أمر بإلغاء التحرك في منتصف النهار ونقلوا الأوامر للجنود والصف الذين تحت إمرتهم في الوحدات المختلفة. كانت صحيفة القوات المسلحة التي صدرت في الخرطوم قد نشرت تصريح الناطق الرسمي باسم مجلس الثورة صباح يوم 20 يوليو.
    •من الشواهد أيضاً استدعاء هاشم العطا – في أوائل يونيو – والتحقيق معه بواسطة ابو القاسم محمد ابراهيم عن تحركاته للتحضير لانقلاب، والشكوك التي كانت تساور السلطة بشأن ولاء أبشيبه والاتجاه لعزله من قيادة الحرس الجمهوري.
    •نسجل كذلك إفادة ضابط قيادي في التنظيم كان خارج البلاد وعاد قبل الانقلاب بفترة وجيزة ولم يشارك في الانقلاب وسمع به من الاذاعة. حيث انه قال انه وحتى يوم سفره للخارج في مارس/ أبريل لم يكن هناك قرار بالانقلاب، وانه قابل الشهيد بابكر النور في القاهرة في طريقه للندن في آخر ابريل وعلم منه أن التنظيم مازال يواصل التجنيد.
    •تصريح بابكر النور في لندن الذي نقلته البي بي سي عندما سأله الصحفيون إن كان على علم بهذا الانقلاب فرد بأنه كان على علم بتحضير حركة داخل الجيش مناهضة لنميري لكنه لم يكن يتوقع حدوث الانقلاب في ذلك الوقت.
                  

01-02-2012, 07:53 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: بعد وصول هاشم للمقر الذي يختفي فيه عبد الخالق وتحوله إلى مقر لتجمع قيادة الحزب وجه له السؤال: لماذا تعجلتم؟ “فكان رده هل ننتظر هل يعتقلوا زملاءنا واحداً واحداً؟ فطلب عبد الخالق من هاشم ومحجوب ابراهيم أن يقدما لاجتماع اللجنة المركزية التقديرات والأسباب التي دفعتهم للاستعجال.
                  

01-02-2012, 08:00 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: مواطن الغموض والقصور في تكتيكات الحزب بعد انقلاب 16 نوفمبر 1970.
    - المكتب لم يتخذ موقفاً حاسماً قاطعاً عند مناقشة ما طرحه العسكريون.
    - ضعف الإشراف القيادي الحزبي على التنظيم العسكري والتأكيد واليقين من استيعابه وقناعته باستراتيجية الحزب وتكتيكاته، وعلاقة الشق العسكري بالنضال السياسي الجماهيري، وخضوعه له، باعتباره مكملاً ومساعداً لدور الجماهير – رغم استنتاجنا السليم أن انقلاب ب16 نوفمبر فتح الباب لصراع التصفيات والانقلابات.
    * في ملاحظات ومناقشات المكتب السياسي لم نعالج بدقة المتغيرات في الوضع في المنطقة العربية والأفريقية والوضع الدولي، ولم نطرح أو نسأل عن التركيب السياسي للقيادة العسكرية للانقلاب ومدى تعبيرها عن التحالف الوطني الديمقراطي، وضرورة توسيعه ليشمل قوى سياسية معادية لدكتاتورية مايو، وتحييد قوى سياسية أخرى.
    * بعد وقوع الانقلاب كأمر واقع لم نقدم قيادة سياسية عسكرية في مستوى شروط ومتطلبات العصيان أو في مستوى تنظيم مقاومة شعبية عسكرية في وجه الهجوم المضاد.
    * على أن الأزمة التي واجهتنا في 19-22 يوليو، لم تكن وليدة لحظتها، وإنما كانت نتاجاً لسلسلة من القصور والاهتزاز في تكتيكاتنا وموقفنا منذ 25 مايو 1969.
                  

01-03-2012, 03:10 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: المصدر : قضايا سودانية
    أوراق حوار غير دورية ـ سبتمبر 1999 م
    العدد الحادي والعشرون


    ( 1 )

    19 يوليو في منظار التاريخ
    {تعليق وقراءة في وثيقة 19 يوليو}
    مساهمة مشتركة في المناقشة العامة
    بقلم / إبراهيم ميرغني / عماد عز الدين

    بصدور تقييم انقلاب 19 يوليو عن سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني في يناير 1996 يكون قد تحقق مطلب لكثير من أعضاء الحزب والوطنيين والمؤرخين بأن يدلوا الحزب الشيوعي أو أعضاءه القياديين برأيهم ومعلوماتهم حول أسرار ذلك الإنقلاب وما سبقه وتبعه من أحداث هامة سوف تشغل مركز الصدارة في تاريخ بلادنا الحديث .
    صدور هذا التقييم ، لا ينفي المماطلة والتأخير المتعمد من قبل قيادة الحزب للإدلاء بهذه الإفادة . فما بين قيام الانقلاب وهزيمته من جهة وصدور هذه الوثيقة للعلن مضى ربع قرن من الزمان بالتمام والكمال ! تغير فيه العالم والحال ومرت مياه كثيرة تحت الجسر لدرجة أن بعض القوى والأحزاب والمنظمات التي تضامنت مع 19 يوليو قد اختفت تماماً أو غيرت برامجها وأسماءها ، والطريف والمحزن أن مقدمة الوثيقة تطالبنا بترجمتها وتوصيلها لتلك الأحزاب غير الموجودة أصلاً إن قيادة الحزب تعامل الزمن وكأنه من تراب ! نعتقد أن الفائدة كانت ستكون أعم لو نشر هذه الوثيقة بعد سنة أو حتى بعد ثلاث سنوات من قيام الإنقلاب .
    كما وأن ما بين صياغة التقييم بصورة نهائية عام 1989 وصدوره سبعة سنوات !؟ ألم يكن ممكناً صدوره من قبل ؟ مثلاً في يوليو 89 وفي اجتماع حزبي أدلى أحد قادة الحزب بالتالي :
    ( إن الحزب قد أنجز التقييم ، ووثق بشكل مكتوب ، وعلى شـريط فيديو ) وأنه في الطريق إلى النشر ولم يتم ذلك ، فهل لا يبدو التأخير متعمداً !؟ خصوصاً وأن صدور هذه الوثيقة في مطلع المناقشة العامة كان يمكن أن يفرغ كثيراً من الاحتقانات ويساعد على إدارتها بالصورة المطلوبة كمناقشة لوضع الحزب وتاريخه ومشاكله وليس كمناقشة عامة
    ( للماركسية وقضايا العصر ) هذا التأخير الذي يبدو للبعض متعمداً لنا على الأقل ، مرتبط كذلك بعدم صدور آراء العسكريين ممن شاركوا في الأحداث واستكمال تقصي الحقائق حول ما تم في بيت الضيافة وهما نقطتان ترفدان النقاش وتغنيه، إلا أن الأمل موجود بأن تصدر هذه الآراء وأن تتكشف كل الحقائق وأن يدلي كل من له صلة بتلك الأحداث برأيه منفرداً أو بشكل جماعي طالما صدرت الوثيقة الأساسية ممن يفترض أن يكونوا عالمين بالحقائق في أيامها تلك .
                  

01-03-2012, 03:36 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: يوليو في منظار التاريخ
    {تعليق وقراءة في وثيقة 19 يوليو}
    مساهمة مشتركة في المناقشة العامة
    بقلم / إبراهيم ميرغني / عماد عز الدين

    الجزء الثاني ( 2 ) :

    ومن جهتنا فقد خفت فينا الصوت الذي كان يرى في 19 يوليو قضية حزبية تخص أعضاء الحزب وحدهم و بتنا ننظر إليها من مواقع قارئ التاريخ ! ومن موقع العبر والدروس الممكن استخلاصها منها لصالح الحركة السياسية والواقع السوداني في عمومه .
    تبدأ الوثيقة بالبحث عن الوضع النظري والسياسي حول ثورة ـ انتفاضة ـحركة ـ انقلاب ، لتخلص بعد طول سنين إلى أن ( 19 يوليو انقلاب عسكري نظمته مجموعة وطنية ذات وزن من الضباط والصف والجنود .. الخ ( إن هذه الحقيقة البديهية حتى بمعيار الفكر الماركسي والحزب الشيوعي تأتي للمرة الأولى في وثائق الحزب الشيوعي وهذه مأثرة وأي مأثرة فالرجوع للحق فضيلة ولكن يبدو أن الفرحة لن تتم ! ففي الفقرة التالية مباشرة يطالعنا التقييم بجملة
    ( هذا لا ينتقص أو يراجع من تأييدنا ومساندتنا لانقلاب 19 يوليو ونظل ندافع عن مآثره وشعاراته في وجه مفكري البرجوازية وأعداء الثورة السودانية ففشل الانقلاب لا ينفي جوهره الثوري ..الخ )
    هذه الفقرة مركزية في التقييم ويبدو أنه كتب ليرضي كل الأطراف وليبرئ الكل ولذلك يبدو أن هنالك حوجة في هذه النقطة للإفصاح دون تزويق أو تلاعب بالكلمات :ـ
    كان انقلاب 19 يوليو خروجاً على تكتيكات الحزب والحركة الجماهيرية الديمقراطية في الطريق الديمقراطي الجماهيري للوصول للسلطة وفي رفض الفكر الانقلابي والنشاط الانقلابي غير المربوط بالعمل الشعبي وأن اعضاء الحزب المشاركين في الانقلاب قد كسروا قرارات حزبهم المجازة في مؤتمراته ووثائقه . وكسرت قيادة الحزب بتأييدها المستمر حتى الآن قرارات حزبها . لقد كانت 19 يوليو مغامرة لم يكن ممكناً لها أن تستمر وفي حالة انتصارها فهو انتصار يماثل الهزيمة حيث ذبحت كل المبادئ في سبيل السلطة ونعتقد أيضاً أن فشل الآنقلاب لا ينفي جوهره الانقلابي ليس على السلطة وإنما هو تبرير للخطأ واستمرار فيه
    ( لقد دعمناكم وأيدناكم لأنكم أهل لما هو أكثر من الدعم والتأييد وسنظل ندعمكم ونقف إلى جانبكم ولو عادت الأيام أدراجها لما تراجعنا عن الدعم لتأييد انقلاب 19 يوليو لا نتوقع منهم أن يخرجوا من جلودهم ! نمضي أبعد لنناقش الصفحات حول انقلاب 16 نوفمبر 1970 والأحداث التي تلته ودون دخول في التفاصيل فإن الاستنتاجات التي يمكن التوصل إليها وهي الآتية : ـ
                  

01-04-2012, 03:55 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    (
    Quote: 19 يوليو في منظار التاريخ
    تعليق وقراءة في وثيقة 19 يوليو )

    بقلم / إبراهيم ميرغني / عماد عزالدين

    نبدأ من الصفحة رقم 36 ـ 38 ، وهي تناقش تقييم وثيقة 19 يوليو
    عن سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني في يناير 1996 م
    لكم نص الجزء الخامس والأخير ( 5 ) :

     في هذه الأثناء تمت دعوة ل .م لاجتماع طارئ صدر عنه بيان
    جماهيري بتأييد الانقلاب وخطاب داخلي بتعبئة الحزب وقرار تسيير
    مواكب في كل أنحاء السودان تأييداً للانقلاب وكانت ل .م
    تتصرف عملياَ وهي أمام الأمر الواقع .

     بعد إذاعة البيان واجتماع ل .م طلب هاشم أن تُصاغ
    أوامر جمهورية جديدة فكلف عبد الخالق جوزيف قرنق بذلك
    فتساءل جوزيف عن تصور العسكريين لهياكل وأجهزة السلطة
    وصلاحياتها ! .. الخ .

     في اجتماع ل .م اقترح عبد الخالق ترك المسائل العسكرية
    للتنظيم العسكري والتركيز على دور الحزب في الجبهة
    السياسية والجماهيرية .

     تجاهل تنظيم الجنود الشيوعيين والديمقراطيين واعتراض
    شكاك على ذلك لم يجد إجابة مقنعة الأمر الذي وضع ذلك
    التنظيم أمام الأمر الواقع ( ص 67 ـ68 ) .
    ما بعد الانقلاب

     لم تشر الوثيقة الوثيقة لموقف كادر من الحزب كان واضحاً
    في رفضه لفكرة الانقلاب وفي رفضه بعد قيامه مثل
    موقف الشفيع أحمد الشيخ .

     التفريط البالغ الذي في اعتقال ومحاكمة وإعدام كل من
    عبد الخالق وجوزيف قرنق لم تشر إليه الوثيقة ومسئولية من هذه ؟
    فجوزيف اعتقل من مكتبه والشفيع من دار اتحاد العمال
    وكأنما سلما أنفسهم وتدور مختلف الأساطير حول الظروف
    الصعبة وانعدام التأمين الذي وجد فيه عبد الخالق نفسه بعد فشل
    الانقلاب وانتهى باعتقاله وإعدامه . هذه المسئوليات يجب
    تحديدها وخصوصاً حالة الأخير عبد الخالق ؛ حيث المعلومات
    متضاربة كما نذكر بأن على قيادة الحزب تسجيل الشكر لعوائل
    وأسر كريمة وأصدقاء حزب وأشخاص قدموا مساعدات لا تقدر
    بثمن كانوا يضحون بحياتهم من أجل إخفاء عبد الخالق محجوب
    وخصوصاً في حي أو روف في أم درمان .

     التجربة والدروس :ـ

     نثبت في البداية لب ما تبنته الوثيقة ومع ذلك فان قيادة
    حزبنا تتحمل بلا وجل أو تردد أو تبرير مسئوليتها في
    المسائل التالية :

     (أ) مواطن القصور والغموض في تكتيكات الحزب
    بعد انقلاب نوفمبر 1970 .

     (ب) المكتب السياسي لم يتخذ موقفاً حاسماً عند مناقشة
    ما طرحه العسكريون .

     (ج) ضعف الإشراف القيادي الحزبي على التنظيم العسكري
    واليقين من استيعابه وقناعته باستراتيجية الحزب وتكتيكاته
    وعلاقة الشق العسكري بالنضال السياسي الجماهيري
    وخضوعه له باعتباره مكملاً و مساعداً لدور الجماهير .
    رغم استنتاجنا السليم بأن انقلاب 16 نوفمبر فتح الباب
    لصراع الانقلابات والتصفيات .

    هذه هي النقاط الأساسية ومنها ومن غيرها نخرج
    بأن انقلاب 19 يوليو خططت له ونفذته ضمن غيرها
    من عناصر قيادية من العسكريين الشيوعيين بمعرفة قيادة
    الحزب العليا والتي لم تعترض عليه بل أيدته ودعمته ،
    ممثلة في عبد الخالق محجوب والمكتب السياسي و
    اللجنة المركزية فيما بعد . خارجة بذلك على قرارات
    الحزب ومؤتمراته وقرارات لجنته المركزية .

    إن العسكريين إذا أقدموا على ما أقدموا عليه وهو خطأ
    سياسي ضخم ! فقد دفعتهم إلى ذلك الحالة السياسية
    العامة وأزمة الحزب وطبيعة تفكيرهم العسكري
    راجع خطب الشهيد هاشم العطا والتي تبدأ ب
    ( بالواضح لقد تم كذا وكذا بمعنى لقد حسمنا الأمر برمته ! .
    لكن خطأ الحزب وقيادته المدنية خطأ مركب سياسي وأخلاقي
    ولا يجد أي تبرير لا في وقته ولا الآن .

    لقد حان الأوان لأن توضع 19 يوليو في مكانها الصحيح
    في تاريخ الحركة الثورية والديمقراطية السودانية بأنها
    كانت مغامرة عسكرية أضاعت الجبهة ! ودمرت حركة
    اليسار السوداني وأدخلته في مأزق لم يخرج منه حتى الآن .

    إننا مع كل الإجلال للشهداء المدنيين منهم والعسكريين
    إلا أنه لابد من قول الحقيقة للتاريخ والأجيال أما من تبقى
    من قيادة الحزب ممن شاركوا في تلك الأحداث فإنهم لا يخلوا
    من المسئولية بقدر ما يكون دورهم في الحياة السياسية في
    سودان اليوم بقدر ما يكون مطلوباً منهم أن يتحملوا مسئوليتهم
    عن قرارات تلك الأيام وما سبقها وكذلك ما لحقها .

    إن التقييم الذي صدر رغم أنه يقدم معلومات كثيرة إلا أنه
    يغرق النقد القليل الذي يقدمه في محاولات تبرير متعددة
    وتنظير طويلة كما تغلب عليه لغة ونمط تفكير لا يناسب
    العصر ولا يستجيب للتطور الذي حدث في استيعاب
    الحزب للواقع السوداني خصوصاً في
    ( لزق ) صفات طبقية وتشريحات فئوية لتفسير أحداث هي
    من صميم ( البنية الفوقية ) أو بعبارة أخرى هي من عمل
    السياسة ونتيجة قرارات فردية ناتجة عن طبيعة ومزاج بعض
    القادة والعناصر وفي علم السياسة وعلم النفس ودراسة السير
    الذاتية أدوات أفضل وأصلح لتفسير هذه الظواهر بدلاً من
    ردها الفج إلى أصول طبقية ما ( برجوازية ) و
    ( برجوازية صغيرة ) .

    إن التقييم يظل بالنسبة لنا أضعف مما توقعناه وأضعف
    من حجم الحدث وهو يغرقه في الأحداث المتعددة واللغة
    القديمة ولا يستخرج استنتاجات واضحة ثابتة
    ومفهومة تفيدنا في عمل اليوم وتثبت من قواعد الفكر
    الديمقراطي داخل أحزابنا السياسية وتصفي الحساب
    نهائياً مع الفكر الانقلابي ورواسبه أو مع الأسباب
    التي تفرخه والتي ما تزال ماثلة إلى اليوم في الحركة
    السياسية السودانية .
                  

01-05-2012, 02:20 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: لقد حان الأوان لأن توضع 19 يوليو في مكانها الصحيح
    في تاريخ الحركة الثورية والديمقراطية السودانية بأنها
    كانت مغامرة عسكرية أضاعت الجبهة ! ودمرت حركة
    اليسار السوداني وأدخلته في مأزق لم يخرج منه حتى الآن .

    إننا مع كل الإجلال للشهداء المدنيين منهم والعسكريين
    إلا أنه لابد من قول الحقيقة للتاريخ والأجيال أما من تبقى
    من قيادة الحزب ممن شاركوا في تلك الأحداث فإنهم لا يخلوا
    من المسئولية بقدر ما يكون دورهم في الحياة السياسية في
    سودان اليوم بقدر ما يكون مطلوباً منهم أن يتحملوا مسئوليتهم
    عن قرارات تلك الأيام وما سبقها وكذلك ما لحقها .
                  

01-05-2012, 08:59 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: إن التقييم يظل بالنسبة لنا أضعف مما توقعناه وأضعف
    من حجم الحدث وهو يغرقه في الأحداث المتعددة واللغة
    القديمة ولا يستخرج استنتاجات واضحة ثابتة
    ومفهومة تفيدنا في عمل اليوم وتثبت من قواعد الفكر
    الديمقراطي داخل أحزابنا السياسية وتصفي الحساب
    نهائياً مع الفكر الانقلابي ورواسبه أو مع الأسباب
    التي تفرخه والتي ما تزال ماثلة إلى اليوم في الحركة
    السياسية السودانية
    .
                  

01-06-2012, 10:02 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    الاخوة المشاركين والزوار

    الرجاء ارفاق الحلقات 3 و 4 من مقالة الاساتذه ابراهيم ميرغنى و عماد فى نشرة قضايا

    سودانيه.

    وشكرا

    (عدل بواسطة Elmoiz Abunura on 01-06-2012, 10:05 PM)

                  

01-07-2012, 07:06 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: كان انقلاب 19 يوليو خروجاً على تكتيكات الحزب والحركة الجماهيرية الديمقراطية في الطريق الديمقراطي الجماهيري للوصول للسلطة وفي رفض الفكر الانقلابي والنشاط الانقلابي غير المربوط بالعمل الشعبي وأن اعضاء الحزب المشاركين في الانقلاب قد كسروا قرارات حزبهم المجازة في مؤتمراته ووثائقه . وكسرت قيادة الحزب بتأييدها المستمر حتى الآن قرارات حزبها . لقد كانت 19 يوليو مغامرة لم يكن ممكناً لها أن تستمر وفي حالة انتصارها فهو انتصار يماثل الهزيمة حيث ذبحت كل المبادئ في سبيل السلطة ونعتقد أيضاً أن فشل الآنقلاب لا ينفي جوهره الانقلابي ليس على السلطة وإنما هو تبرير للخطأ واستمرار فيه
                  

01-08-2012, 02:07 PM

Asma Abdel Halim
<aAsma Abdel Halim
تاريخ التسجيل: 05-01-2006
مجموع المشاركات: 1028

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    UP
                  

01-08-2012, 05:42 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Asma Abdel Halim)

    شكرا للمرور يااسماء
                  

01-09-2012, 02:58 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: مواطن الغموض والقصور في تكتيكات الحزب بعد انقلاب 16 نوفمبر 1970.
    - المكتب لم يتخذ موقفاً حاسماً قاطعاً عند مناقشة ما طرحه العسكريون.
    - ضعف الإشراف القيادي الحزبي على التنظيم العسكري والتأكيد واليقين من استيعابه وقناعته باستراتيجية الحزب وتكتيكاته، وعلاقة الشق العسكري بالنضال السياسي الجماهيري، وخضوعه له، باعتباره مكملاً ومساعداً لدور الجماهير – رغم استنتاجنا السليم أن انقلاب ب16 نوفمبر فتح الباب لصراع التصفيات والانقلابات.
                  

01-09-2012, 04:49 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    تقييم الحزب الشيوعى السودانى لانقلاب 19 يوليو
    "1"


    Quote: الحزب الشيوعي السوداني

    سكرتارية اللجنة المركزية



    19 يوليو 1971



    يناير 1996

    مقدمة

    دونما جنوح لتبرير القصور الذي نتج عنه تأخير صدور التقييم خلال الفترة التي أعقبت الانتفاضة – أبريل 1985، وفقما كان مقراً في اللجنة المركزية، يفيد سرد الوقائع التالية:

    1- في دوراتها الأولى عقب الانتفاضة، طرحت اللجنة المركزية واجب انجاز تقييم 19 يوليو ضمن الواجبات ذات الأسبقية قبل انعقاد المؤتمر الخامس.

    2- عقب الفراغ من احتفالات العيد الأربعين، شرعت السكرتارية في تجميع وتلخيص وصياغة ما تراكم من مواد وما نشر في أدبيات الحزب خلال سنوات القهر المايوي، وصاغت مسودة التقييم وأفردت لمناقشتها اجتماعات متتالية: 26/1/89 و5/2/89 تبعتها اجتماعات أخرى بحضور من كلفوا بتركيز الصياغة النهائية حتى اجتماع 5/3/89، واكتمال التقييم في صيغته الحالية.

    3- لإلقاء مزيد من الضوء على الشق العسكري وذيوله. كانت السكرتارية قد كونت لجنتين: لجنة من العسكريين المسرحين الذين شاركوا في 19 يوليو لتقييم كل الجوانب العملية العسكرية من فترة التحضير إلى نجاح الانقلاب ثم هزيمته، وتوسيع دائرة الاستماع لتقديرات كل المشاركين، واستكمال ما كتبه بعضهم من السجون ونشر كلياً أو جزئياً في أدبيات الحزب. ولجنة لتقصي الحقائق حول أحداث بيت الضيافة مواصلة لتجميع الشواهد والشهادات التي تعمدت السلطة المايوية التعتيم عليها. ولم تفلح أي من اللجنتين في إنجاز مهمتها حتى منتصف مارس 89 حسبما هو مثبت في محاضر السكرتارية.

    4- في آخر دورة موسعة عقدتها اللجنة المركزية – 13/4/89 – قبل الانقلاب – أخطرت السكرتارية الدورة أنها أنجزت تقييم 19 يوليو، وتبقى أن تنجز كل لجنة من اللجنتين مهمتها، التي تضيف إضاءة للتقييم، لكنها لا تمس جوهره. وحثت الدورة أعضاء اللجنتين، وكان بعضهم مشاركاً في الدورة، الإسراع في إنجاز المهمة، وأن يقدم التقييم في الدورة القادمة.

    5- قطع 30 يونيو الطريق. ولم تسمح الظروف بعده بعقد دورة مكتملة أو موسعة للجنة المركزية لمناقشة التقييم. لهذا استقر الرأي، بعد التشاور مع أعضاء ل.م المتواجدين، على أن يصدر التقييم كما أعدته السكرتارية في مارس 89.



    سكرتارية اللجنة المركزية

    مارس 1985م





    الوضوح النظري والسياسي حول:

    ثورة، انتفاضة، حركة، انقلاب



    مقدمة:

    الوضوح السياسي حول الأزمة الثورية والثورة، ليس غائباً عنا، ولا غائبة عنا الفوارق وعناصر التداخل بين الثورة والانتفاضة والانقلاب. ولا نتحرج عن تسمية الأشياء بمسمياتها، ففي تجربة السودان ما يزيد منطلقاتنا النظرية والسياسية وضوحاً – من ثورة المهدي وانتفاضة ودحبوبة إلى الانتفاضة الشعبية العسكرية عام 1924 إلى ثورة اكتوبر عام 1964 وإلى انقلاب مايو 1969 وحتى انتفاضة مارس/ أبريل 1985.

    صحيح ان الانقلاب العسكري مصطلح سيئ السمعة في بلادنا لكثرة ما عانى شعبنا من ويلات الحكم العسكري لفترة تزيد عن اثنين وعشرين عاماً من سنوات الاستقلال الاثنتين والثلاثين. ولكن مشاعر الشعب على عمقها وأصالتها لا تغير من الواقع الموضوعي حيث الجيش السوداني مؤسسة قائمة باقية لا سبيل إلى إلغائها أو تجاهل أثرها في الحياة السياسية والصراع على السلطة، ومن ثم الصراع السياسي بين القوى الاجتماعية والطبقية للتأثير على الجيش وكسبه لصفها، وامتداد هذا الصراع إلى الجيش نفسه مهما حاول رجاله ونظمه وضعه خارج دائرة الصراع أو فوقه، ورغم شعارات الحكام العسكريين التي تصف السلطة العسكرية بأنها لكل الشعب وغير منحازة لطبقة أو فئة. وعلى ضوء هذا الفهم يحدد حزبنا موقفه من كل انقلاب. فقد عارضنا انقلاب نوفمبر 1958 بوصفه انقلاباً رجعياً، وأيدنا وشاركنا في محاولات الانقلاب الأربع التي قام بها ضباط وصف وجنود وطنيون لإسقاط الفريق عبود في أول مارس 1959 وفي 22 مايو 1959، ونوفمبر 1959.

    فلماذا إذن تمسكنا بعناد مصطلح “حركة” 19 يوليو التصحيحية التي وردت في بيان هاشم العطا، واستخدمنا مصطلح “انتفاضة” فيما بعد وأحياناً “ثورة”؟ كان ذلك نوعاً من الصمود المعاند أمام هجوم وضغط أنظمة البرجوازية الصغيرة العسكرية العربية ومنظريها وهجوم سلطة الردة والمنتفعين بها في السودان، والتي ناصبت حزبنا و19 يوليو العداء الحاقد، واعتبرتنا مارقين وعملاء وسارقي ثورات لأننا تجرأنا على “ثورة مايو” وكان علينا أن ننصاع لشروط مايو فننصهر فيها، نسلمها مقودنا أو نوصم بالخيانة. كان لابد من تصفية الحساب في هذا الصدد .. أما وقد حسمت انتفاضة الشعب أمر مايو فإننا نترك للذين قالوا أنها “ثورة تقدمية” أن يحصدوا حصيلتها وسجلها وثمارها ويحترموا حق شعب السودان في تقييم حكامه وحكوماتهم.

    19 يوليو ليست ثورة وليست انتفاضة. ولا نستخدم مصطلح “حركة” رغم شيوعه لأنه بلا مدلول سياسي اجتماعي فلا يعبر ولا يشرح. وليس صحيحاً ولا دقيقاً بالمعيار العلمي أن نسميها “انتفاضة”، لأن الانتفاضة ليست تحركاً عسكرياً أو انفجاراً جماهيرياً عابراً، ولا هي محصورة في دور ونشاط الطلائع – إنها وبرغم تعدد الأشكال تتسم بعمق واتساع طابعها الشعبي والعسكري وبالنهوض المتصاعد في حركة الجماهير واستعدادها للمقاومة في فترة الانعطاف الحاسم من تطور الانتفاضة وغير ذلك من شروط ونجاح الانتفاضة أو العصيان المعلومة لكل ماركسي في حالة الانتصار والهزيمة.

    19 يوليو انقلاب عسكري، نظمته وبادرت بتنفيذه مجموعة وطنية ديمقراطية ذات وزن وتاريخ من الضباط والصف والجنود الذين ارتبطوا بالحركة الثورية السودانية وتأثروا بها وشاركوا في نشاطها بقناعة ووعي قبل دخولهم صفوف الجيش وواصلوا ارتباطهم بها طيلة فترة حياتهم العسكرية – بينهم أعضاء في الحزب الشيوعي، وبينهم ماركسيون دون التزام حزبي. وأغلبهم وطنيون ديمقراطيون.

    هذا لا ينتقص أو يراجع تأييدنا ومساندتنا لانقلاب 19 يوليو، ونظل ندافع عن مآثرة وشعاراته وأهدافه الثورية في وجه مفكري البرجوازية الصغيرة والرجعية وأعداء الثورة السودانية. ففشل الانقلاب لا ينسخ جوهره الثوري .. جاء في دورة نوفمبر 1971 في سياق الحديث عن مغزى 19 يوليو أنها خرجت عن الإطار التقليدي للانقلاب العسكري حين حددت أن سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية هي أساس الحكم في كل المستويات في البلاد وأن تنظيم الضباط الأحرار هو واحد من تنظيمات الجبهة، وحين ألغت القوانين المقيدة للحريات وصفّت أجهزة الإرهاب والتجسس وأعلنت راية حكم القانون واستقلال القضاء وحددت معالم الممارسة الديمقراطية كحقوق سياسية وكنظام للحكم. إن هزيمة الانقلاب لا تنسخ ضرورة تقييم الأسباب التي أدت إلى هزيمته والخسائر التي لحقت بالحركة الثورية، واستخلاص دروس التجربة لمصلحة تطور الثورة الوطنية الديمقراطية، لمصلحة تنظيم وتوحيد قواها الاجتماعية المتحالفة في جبهة وطنية ديمقراطية ومن بينها الوطنيون والديمقراطيون من الجنود والصف والضباط في الجيش وبقية القوات النظامية.

    فالانقلاب العسكري كوسيلة وأداة لإحداث تغيير في قمة السلطة يظل انقلاباً، سواء أن أطلق عليه قادته ومؤيدوه “ثورة بيضاء” أو حركة مباركة وسواء أسهم في ضرب الحركة الشعبية أو فتح الطريق لتطورها واتساعها أو عمل على تجميدها.

    تقييمنا لأي انقلاب عسكري لا ينحصر في الشعارات والأهداف المألوفة التي يعلنها البيان رقم واحد، بل يتعداها إلى الظروف السياسية التي وقع فيها الانقلاب والمصالح الطبقية التي يخدمها والتكوين الطبقي والفكري والسياسي لقادته. وفي كل الحالات نضع في اعتبارنا طبيعة المؤسسة العسكرية ودورها كجهاز قمع أساسي في جهاز الدولة، والفرز الاجتماعي والسياسي وسط الضباط والصف والجنود. وبهذا الفهم كان موقفنا المعارض لانقلاب 17 نوفمبر، وتأييدنا ومشاركتنا في انقلاب أول مارس والرابع من مارس 59 ومحاولات الانقلاب في مايو ونوفمبر 59 وبالفهم ذاته كان موقفنا من انقلاب 25 مايو 69 وموقفنا من انقلاب 19 يوليو 71.

    وفي أدبيات حزبنا منذ الخمسينات ما يستجلي القضايا النظرية والسياسية حول الفارق بين دور القوى الوطنية الديمقراطية داخل الجيش في دعم ومساندة وحماية ظهر الحركة الجماهيرية في مسار تطور الثورة الاجتماعية. وبين الفكر الانقلابي بوصفه التاكتيك الذي يخدم مصالح البرجوازية والبرجوازية الصغيرة في تطور ومنعطفات الثورة. وفي أدبيات حزبنا أيضاً السجل الكامل للصراع الفكري داخل ووسط الحركة الجماهيرية بين الفكر الشيوعي وفكر البرجوازية الصغيرة الديمقراطية حول الدور الحاسم للحركة الجماهيرية مهما كان وزن العسكريين وثوريتهم. وحول توازن القوى في لحظة سياسية بعينها، وحول استقلال حركة الجماهير والحزب الشيوعي وحركة الطبقة العاملة، وحول الديمقراطية كحقوق أساسية وحريات ديمقراطية وعلاقات إنتاج في ظل أي حكومة وطنية ديمقراطية.

    الوضوح النظري والسياسي لابد منه، لتصحيح وتدقيق ما تستخدمه من المصطلحات ومدلولها السياسي، كمدخل للتقييم العلمي الصارم والناقد لتجارب الحركة الثورية ومواقف حزبنا.



    فبراير 1989



    انقلاب 16 نوفمبر 1970 وما بعده …

    وقع انقلاب 16 نوفمبر بعد حادثين هامين في مسار صراع الحزب ضد سلطة مايو، وانعكاس ذلك الصراع داخل صفوف الحزب .. وكان الانقلاب وتوقيته نتاجاً منطقياً للحدثين.

    الحدث الأول، المؤتمر التداولي لكادر الحزب في اغسطس 1970، وتوحد أغلبية الكادر حول استقلال الحزب وخطه الثوري، وإنزال الهزيمة السياسية والفكرية بمجموعة التيار اليميني التصفوي.

    الحدث الثاني، انقسام مجموعة التيار التصفوي في سبتمبر 1970.

    أعدت سكرتارية اللجنة المركزية محاضرة توجز قضايا هذين الحدثين، وأصبحت مادة في مقر التعليم الحزبي.

    كما أعدت السكرتارية وثيقة مستقاة من دورات اللجنة المركزية وأدبيات الحزب، تعرض تطور تكتيكات الحزب بعد المؤتمر الرابع 1967، ودورة اللجنة المركزية في مارس 1969 وفتح الصراع ضد العقلية الانقلابية، واجتماع المكتب السياسي في مايو 69 ورفض ومعارضة فكرة الانقلاب، والخطاب الداخلي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية مساء 25 مايو 69، وما أعقبه من انفجار للصراع داخل الحزب، وتطور الصراع الفكري إلى أزمة نزاع حادة، حتى انعقاد المؤتمر التداولي والانقسام.

    المحاضرة والوثيقة في متناول أعضاء الحزب ومرشحيه كمقدمة ضرورية لتقييم 19 يوليو.

    بما أن السلطة كانت طرفاً فاعلاً في الانقسام – تخطيطاً وتنفيذاً – كان علينا أن نتحسب وبيقظة كاملة للخطوة العدائية التي تليه. فالمجموعة التصفوية خرجت من الحزب مهزومة، ضعيفة، معزولة عن حركة الجماهير وتنظيماتها الديمقراطية والنقابية، وبقى الحزب الشيوعي متماسكاً باستقلاليته وخطه الثوري، وموقفه المبدئي من قضية التحالفات وشعارات الثورة الوطنية الديمقراطية ورفضه القاطع أن يصفي كيانه المستقل في تنظيم سياسي واحد، أو أن يصبح بوقاً للسلطة.

    الانقسام أدى دوره المرسوم سلفاً في إضعاف الحزب وتبديد طاقته، وتشتيت جهده، وشل حركته وسط الجماهير بالصراعات والنزاعات الداخلية. لكنه فشل فشلاً ماحقاً في تصفية الحزب وتسليم مقوده كمّاً سائباً للسلطة.

    ورغم أن اللجنة المركزية قد عالجت هذه المخاطر في أول دورة لها بعد الانقسام – دورة اكتوبر 1970 – إلا أنها لم تفضح دور السلطة في الانقسام كخطوة عدائية موجهة ضد الحزب وتعبير عن موقف متكامل ضد الحزب. ومن ثم لم تتحسب للخطوة العدائية التي تليه.

    جاء في ص5 من دورة اكتوبر 1970:

    “يجب ألا ندفن رؤوسنا في الرمال، بل علينا أن ندرك أن هناك دوائر عدة محلية وأجنبية ترغب في إحداث انقسام في الحزب الشيوعي مهما كان وزنه. ونحن نواجه الآن انقساماً منظماً ومدبراً بين صفوف الحزب …” وجاء أيضاً: “أن تؤمن تنظيمات حزبنا نفسها، ففي مثل هذه الظروف تلجأ العناصر المنقسمة للاستفزاز ولاستعداء جزء من السلطة ضد الحزب وكادره، كما هو ظاهر في الخطاب الذي أعلن به الانقسام رسمياً ..” وكما يدل على ذلك نشاط بعض موظفي الأمن القومي تأييداً للانقسام.

    وطرحت اللجنة المركزية برنامج للنشاط السياسي المستقل للحزب والحركة الجماهيرية، وفي الجبهة الاقتصادية وفي ميدان العمل الفكري والدعائي، والارتقاء بدور وقدرات منظمات الجماهير: “إننا في حاجة للقيام بحملة تنظيمية بين جميع هذه القطاعات الجماهيرية التي يقع على اك########ا عبء النضال الوطني الديمقراطي قصد تحسين أوضاعها وتهيئتها بالفعل لتكون دعامة من دعائم الجبهة الوطنية الديمقراطية في البلاد”.

    وكان هذا البرنامج، في جوهره وفي مقصده، تصعيداً للصراع الفكري والسياسي والعملي ضد توجهات السلطة لفرض وصايتها على الحركة الجماهيرية وسلبها استقلالها. كما كان، دعماً سياسياً وشعبياً للصراع الذي يخوضه العسكريون الديمقراطيون داخل القوات المسلحة، والتفافهم حول مجموعة هاشم وبابكر وفاروق في مجلس الثورة. وما كان للحزب أن يتجاهل حقيقة وحجم هذا الصراع أو يقلل منه. ولهذا طرحت اللجنة المركزية في نفس الدورة برنامج عمل لتنفيذ الشعارات الديمقراطية – فالصراع لم يكن محصوراً في الشارع فقط أو بين الشارع والسلطة، بل كان ممتداً داخل السلطة وفي قمتها – مجلس الثورة – وفي القوات المسلحة ومرافق جهاز الدولة. وكان طرح هذا البرنامج لتنفيذ شعارات الديمقراطية من خلال العمل المشترك، هو الحل العملي لفضح توجهات السلطة لإجهاض تلك الشعارات، واستخدامها للتضليل فقط.

    شمل برنامج العمل تنفيذ الخطة الخمسية وتوسيع رقابة العاملين على الإنتاج وإشراكهم في إدارته. كما شمل ضرورة اختيار قيادات مخلصة وذات كفاءة لإدارة مؤسسات القطاع العام بعد التأميم، وعقد مؤتمرات اقتصادية جماهيرية للتوصل إلى حلول لارتفاع تكاليف المعيشة وتنفيذ إصلاح إداري في مناطق القطاع التقليدي وتحرير المزارعين من قبضة تجار “الشيل” ونفوذ شبه الاقطاع الطائفي القبلي.

    من حيث التوجه العام ومسار الصراع السياسي في مجمله، كان ما طرحته اللجنة المركزية سليماً وفيه كثير من المرونة لتوحيد أوسع جبهة سياسية خلف الشعارات الوطنية الديمقراطية لمحاصرة القوى اليمينية داخل مجلس الثورة وأجهزة السلطة، ولدعم الصراع الذي تقوده مجموعات الضباط والصف والجنود الديمقراطيين داخل القوات المسلحة وداخل مجلس الثورة بواسطة هاشم وبابكر وفاروق. ومن جانب آخر كان برنامج العمل الذي طرحته اللجنة المركزية بمثابة خط التمايز الايديولوجي الواضح بين موقف الحزب من طبيعة السلطة، ومن الدور المستقل للحزب والحركة الجماهيرية في النضال الثوري خلف الشعارات الوطنية الديمقراطية في صراع ضد توجهات السلطة لإفراغ تلك الشعارات من محتواها، وبين موقف المجموعة التصفوية المنشقة التي أرادت أن تضع الحزب والحركة الجماهيرية في موضع التابع الذليل للسلطة، وتبرير تراجعها وانقلابها على الشعارات الثورية، وفرض وصايتها وانفرادها ودكتاتوريتها.

    لكن اللجنة المركزية لم تضع في اعتبارها أن السلطة تعادي كل توجه مستقل للحركة الجماهيرية، وتعادي الحزب الشيوعي وترفض استقلاله، وتواصل تنفيذ عدائها بخطوات محددة ومحسوبة توجتها بالانقسام، وتتآمر لتنفيذ خطوات أخرى متى ما سنحت لها الفرصة. لهذا لم يكن لها استعداد أو رغبة في عمل مشترك يكون الحزب فيه طرفاً مستقلاً وفي غمار حركة جماهيرية حريصة على استقلال تنظيماتها. فالسلطة ومنذ يومها الأول ما كانت تقبل التأييد من موقع حزبي مستقل. يضاف إلى ما تقدم أن اللجنة المركزية لم تسارع بعد حدوث الإنقسام، إلى مخاطبة الجماهير – وفق تقاليد الحزب وعلاقته بالحركة الجماهيرية – لتوضيح قضايا الصراع وأهداف الانقسام وكشف قادته بالاسم كما حدث في انقسام 1952 وانقسام 1964. وكان لمثل هذه الخطوة أهمية في الوزارات ومواقع السلطة وبعض التنظيمات الجماهيرية كاتحاد العمال واتحاد المزارعين والحركة النسائية. كان مثل هذا التوضيح ضرورياً كيما تتعرف قطاعات أوسع من الجماهير على دور السلطة في الانقسام، وأهدافها ومراميها من ورائه، تتعرف على حقيقة موقف الحزب الشيوعي وتمايزه عن مواقف السلطة ومواقف المجموعة اليمينية المنشقة.

    هكذا لم تتحسب اللجنة المركزية بالقدر الكافي – وبصفة خاصة على مستوى الحركة الجماهيرية – للخطوات العدائية التي ستتخذها السلطة بعد خطوة الانقسام، ولم تطرح للمناقشة والتقدير الدقيق قدرات ومستقبل ونتائج صراع القوى الديمقراطية في مجلس الثورة وداخل القوات المسلحة.

    لم تتأخر في اتخاذها خطوتها العدائية – بتحريض وإلحاح من المجموعة المنشقة ودعم وتشجيع السادات والقذافي – فبادرت بانقلاب 16 نوفمبر 1970: إبعاد المجموعة الديمقراطية من مجلس الثورة هاشم العطا وبابكر النور وفاروق حمد الله، تسريح عدد من الضباط الديمقراطيين من القوات المسلحة، اعتقال عبد الخالق وعز الدين، شن حملة إعلامية متهالكة ضد الحزب الشيوعي والحركة الديمقراطية الجماهيرية، مع تكرار الإدعاء الكاذب أن السلطة تواصل نهجها الثوري وخيارها الاشتراكي وخطها التقدمي.

    البيان الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية مساء يوم الانقلاب كان سليماً في وجهته العامة من حيث طبيعة الانقلاب وتوجهاته وأهدافه، وكونه تتويجاً لخطوات محسوبة في منهج السلطة لفرض وصايتها على الحركة الجماهيرية، وموقفها المعادي للحزب الشيوعي واستقلاله، وإصرارها على استخدامه كواجهة، وإفراغها لشعارات الثورة الديمقراطية من محتواها. وكان البيان واضحاً وقاطعاً في تأكيد بقاء الحزب وتأييد التمسك بشعارات وأهداف الثورة الوطنية الديمقراطية، وتأكيد الدفاع عن عبد الخالق محجوب قائداً ومناضلاً للحزب. واستطاعت اللجنة المركزية أن توحد مجموع الحزب في موقف امتاز بقدر عال من الشجاعة والاستعداد لمواجهة السلطة، التي كانت تتوهم أنها بمساعدة المجموعة اليمينية المنشقة ستقضي على الحزب بعد اعتقال عبد الخالق.

    برغم ذلك شابت عملنا القيادي في تلك الفترة بعض مظاهر القصور والغموض، تركت آثارها السلبية على تطور الحركة الجماهيرية، وعلى وضوح مواقف الحزب وسطها في الفترة اللاحقة. صحيح ان اللجنة المركزية تجاوزت بعض مواطن القصور، وأزالت بعض الغموض في وثائق دوراتها اللاحقة، لكن الآثار السلبية ظلت باقية. ويمكن حصر أوجه القصور والغموض في الموقف والقضايا التالية:

    أولاً: لم نمنع اعتقال عبد الخالق وبكل السبل، وقد كان ذلك ممكناً في تلك الظروف سياسياً وجماهيرياً ولو أدى ذلك إلى مواجهة مع السلطة، فضلاً عن إمكانية إخفائه. فنوايا السلطة لتعطيل دوره القيادي معروفة لدينا منذ اعتقاله الأول في أبريل 70، سواء بتوجيه ضربات للحزب في شخص عبد الخالق، أو تصفية دوره السياسي والفكري أو تصفيته جسدياً. كان منع اعتقال عبد الخالق في ذلك اليوم على الأقل ضرورياً ولازماً، حيث كانت اللجنة المركزية ستعقد اجتماعاً خاصاً ذلك المساء وصدر بيان بموقف الحزب من ميثاق طرابلس والاتحاد الثلاثي وتوزيع البيان للجماهير، وما يترتب على ذلك من خطوات عملية بالنسبة للحزب والحركة الجماهيرية.

    ثانياً: رغم التقييم السليم الذي توصلت إليه اللجنة المركزية لطبيعة الانقلاب وأهدافه، إلا أن البيان لم يوضح للجماهير أن الانقلاب حسم الصراع داخل مجلس الثورة والقوات المسلحة لمصلحة شريحة القوميين العرب وتنظيمها العسكري – أحرار مايو – وهي أضعف مجموعة عسكرية سياسية في القوات المسلحة رغم سيطرتها على المواقع الأساسية في السلطة وفي قيادة الجيش. وأن الانقلاب وضعف شريحة القوميين العرب، فتح الطريق أمام جعفر نميري للانفراد بالسلطة استناداً إلى دعم العناصر العسكرية المحافظة التي التفت حوله منذ البداية بدعوى أنه شخصية قومية لا تنتمي للشيوعيين أو القوميين العرب، وأنه يمثل استقلال الجيش.

    ثالثاً: طالب البيان بإلغاء الإجراءات التي تمخض عنها الانقلاب مثل ابعاد هاشم العطا وبابكر النور وفاروق وغيرهم. ومع سلامة المطلب ومنطقيته من الناحية السياسية العامة، لكنه من الناحية العملية لم يكن واقعياً، لأنه يفترض إلغاء الانقلاب نفسه، كموقف متكامل لقوى اجتماعية ذات مصالح ومخطط ومنهج، وكبرنامج سياسي اجتماعي لفئات البرجوازية الصغيرة العسكرية والمدنية وتطلعاتها الرأسمالية – أو ما نطلق عليها مصطلح الطبقة الجديدة – لفرض سيادتها السياسية والاقتصادية بواسطة مواقع السلطة وجهاز الدولة والقطاع العام للتراكم الرأسمالي، واستخدام شعارات الاشتراكية والتغيير الاجتماعي والحسم الثوري والشرعية الثورية كغطاء أيديولوجي لتزييف وتغبيش وعي الجماهير. ومن جانب آخر، ترك هذا المطلب ظلالاً من أمل غير مؤسس وكأنما التحالف مع السلطة بأي مستوى ممكن بعد الانقلاب، وكأن السلطة يمكن أن تواصل التزامها بشعارات وأهداف الثورة الديمقراطية. لم يرتق البيان لمستوى الوضوح القاطع بطبيعة السلطة وأكاذيبها انها ملتزمة بأهداف الثورة الديمقراطية الاشتراكية، وأنها حريصة على وحدة وتحالف القوى الثورية، وأن عبد الخالق وعز الدين وأعضاء مجلس الثورة الثلاثة ومجموعة الضباط المسرحين كانوا يعوقون تطور الثورة.

    رابعاً: ما عاد برنامج العمل الذي طرحته دورة ل.م في اكتوبر 70 ملائماً لظروف ما بعد الانقلاب – كان لابد من برنامج عمل جديد يتمشى والوضع السياسي الجديد. فلم تبادر اللجنة المركزية باتخاذ قرار واضح بإلغاء البرنامج أو تعديله أو صياغة برنامج عمل جديد. إذ كيف نتوقع من السلطة بعد الانقلاب أن تنفذ الخطة الخمسية مثلاً، وتنفذ إصلاحاً زراعياً جذرياً وإصلاحاً إدارياً ديمقراطياً في الريف التقليدي، أو تنفذ إصلاحات ديمقراطية في القطاع العام … أما في جانب الحركة الجماهيرية، فقد طرحت دورة اكتوبر واجب تعبئة وتنشيط الحركة الجماهيرية ودور الحزب وسطها في وجهته: “إننا في حوجة للقيام بحملة تنظيمية واسعة بين جميع هذه القطاعات الجماهيرية التي يقع على أك########ا عبء النضال الوطني الديمقراطي في البلاد”. هذا الواجب يظل كما هو من حيث الجوهر قبل الانقلاب وبعده، لكن الإطار الذي يطرح فيه بعد الانقلاب لابد أن يتغير ويتخذ شكلاً جديداً، لأن الانقلاب كان يستهدف على وجه التحديد قطع طريق الحركة الجماهيرية والحزب الشيوعي نحو توحيد القوى الوطنية الديمقراطية ويستهدف تصفية النضال الوطني الديمقراطي.

    خامساً: لم تتوقف اللجنة المركزية عند الشق العسكري للانقلاب بحثاً عن الإجابة للسؤال المشروع، لماذا تم الانقلاب بتلك السهولة وكأنه إجراء إداري عادي؟ لماذا غفلت القوى الديمقراطية في مجلس الثورة وبين القوات المسلحة عن مقدماته وإرهاصاته، وما الذي حال دون تجميع قواها وتصديها له أو مجرد التحسب لوقوعه؟ فالشواهد كلها تشير إلى أن السلطة قد واجهت موقفاً صعباً ودقيقاً داخل الجيش، أجبرها أن ترفع حالة الاستعداد لدرجتها القصوى ولأكثر من أربعة أسابيع متتالية، مع أنها هي التي دبرت الانقلاب!

    سادساً: البحث عن الاجابة على ذلك السؤال المشروع، كأن يقدّم ضمناً إجابة لتقديرات الوضع داخل الجيش قبل الانقلاب وبعده. ففي ظل أي سلطة عسكرية لا يستقيم أو يكتمل العمل السياسي دون المتابعة الدقيقة للوضع في الجيش، لأنه السند الرئيسي لتلك السلطة مهما تعددت واجهاتها المدنية والسياسية أو اتسعت قاعدتها الشعبية. ومن جانب آخر، كان الصراع السياسي داخل الجيش في تلك الفترة يدور بخطى ووتائر أسرع من الصراع في الشارع – بدليل الانقلاب نفسه. فهاشم العطا وبابكر النور وفاروق ما كانوا يمثلون أنفسهم، ولم يصلوا لمجلس الثورة كشخصيات عسكرية صرفة ذات وزن مهني لدى بقية الرتب. كان فاروق المنظم والمنسق لانقلاب 25 مايو، وكان دوره فيه اكبر من دور جعفر نميري. وكان مع هاشم العطا وبابكر يمثل قوى سياسية ديمقراطية وسط الضباط والصف والجنود لها جذورها وتاريخها السياسي – العسكري في الجيش، وفي توجهات التحالف مع الحركة الديمقراطية الجماهيرية. وهي قوى كانت لها تحفظاتها واعتراضاتها على انقلاب مايو قبل وبعد وقوعه، كانت لها تحفظاتها واعتراضها على سياسات ومواقف مجلس الثورة العسكرية والسياسية. وللحقيقة والتاريخ ما كانت العناصر الشيوعية الحزبية وسط تلك القوى قليلة العدد – كانت قوى واسعة من ضباط وجنود وصف تميزت طوال تاريخها بالحس الوطني والتوجه الديمقراطي، والتجاوب الصادق العميق بطموحات الجماهير في التغيير الاجتماعي وتجديد الحياة.

    ما كان كافياً أن تلك القوى متفقة في العموميات مع تحليل وموقف الحزب الشيوعي من الانقلاب. كان علينا أن نتعرف على تقديراتها للوضع داخل الجيش، وعلى تصوراتها لمسار الصراع ومستقبله، وعلى تكتيكاتها ومقترحاتها لمواصلة الصراع وبالتعرف على تقديرات هذه القوى، كنا وبالضرورة سنتعرف على مواقف القوى السياسية – العسكرية الأخرى والتي كانت بشكل عام تتجمع أو تعبر عن موقفها من خلال التنظيمات والجماعات التالية:

    * القوميون العرب: نظموا أنفسهم في تنظيم “أحرار مايو” الذي ضم قوميين عرب ملتزمين بالتجربة الناصرية أو متأثرين بها، إلى جانب شتات غير متجانس من الوصوليين والمغامرين والقريبي الصلة بأعضاء مجلس الثورة. وكان للأخوين عبد الحليم – محمد واحمد – نفوذ قوي على التنظيم، وكلاهما وثيق الصلة بالمخابرات المصرية ونشاطها في الجيش وأجهزة السلطة وفي الحياة السياسية. وكان هذا التنظيم يسيطر فعلياً على المواقع الأساسية في الجيش. لكنه في الوقت نفسه مخترقاً من جانب كل التنظيمات العسكرية السياسية.

    * تنظيمات القوى اليمينية: رغم انحسار نشاطها في الأشهر الأولى بعد انقلاب 25 مايو وتطهير كبار القادة التقليديين، استطاعت التنظيمات الأربعة أن تحافظ على هياكلها وعضويتها – مع تفاوت مستوى شكلها التنظيمي، وأسلوب عملها. وقد استفادت هذه التنظيمات من الطبيعة المحافظة للجيش، كما استفادت من إعلان ولاء خاص لجعفر نميري بدعوى أنه غير منتم حزبياً، وأنها لا تعارض الثورة، ولكنها تعارض زج القوات المسلحة في صراعات القوميين العرب والشيوعيين. كانت تضاعف نشاطها وضغطها عقب كل خطاب يلقيه نميري يهاجم فيه الأحزاب والحزبية، “والذين يريدون احتكار الثورة واحتواءها …”.

    كان بعض هذه التنظيمات وثيق الصلة بأحزاب الجبهة الوطنية، سواء صلة حزبية أو عضوية أو صلة تنسيق. وتتعاطف بدرجات متفاوتة مع ما تنادي به تلك الأحزاب من أنها لا تعارض الثورة لكنها تعارض وجود ونفوذ الشيوعيين. لكنها كانت لها طموحاتها الخاصة بها في الصراع العسكري السياسي داخل القوات المسلحة، وفي الصراع حول السلطة.

    * القوى العسكرية الغالبة عدداً ووزناً، وذات الروح والتوجه العسكري المهني، ظلت على موقفها في الترحيب بتحديث الجيش ورفع كفاءته، والخروج من الأطر التقليدية. فأبدت حماساً فائقاً لبرنامج وشعارات الإصلاح العسكري الذي أعلنه مجلس الثورة. لكنها أصيبت بخيبة أمل من تركيبة المجلس ومن القيادات التي فرضها المجلس ومن الترقيات الاستثنائية ومن المحسوبية والفساد، ومن تمييز بعض وحدات الجيش على بعضها – كالمدرعات والمظلات. ولم تنتظم هذه القوى في تنظيم بعينه، لكنها كانت ذات أثر ونفوذ في تكوين الرأي العام والمزاج داخل الجيش، خاصة مزاج التذمر السلبي وعدم الاقتناع.

    * التنظيمات الإقليمية: رحبت بالانقلاب ترحيباً حاراً في الأشهر الأولى بعد مايو وإعلان 9 يونيو لحل مشكلة الجنوب، وإعلان محاربة العطش، وحملات تطوير المناطق المتخلفة، وأن الأقاليم لن تحكم وتدار من الخرطوم، والحملات الدعائية الديماجوجية عن تصفية الطائفية والقبلية والحزبية والعنصرية، وبرنامج “طواف الثورة على الأقاليم” ومهرجانات الخطابة التي وعدت بكل شئ ولم تنجز وعداً.

    تعاملت هذه التنظيمات مع السلطة بعقلية إقليمية ريفية صارمة، تقيس نصيبها بمعيار ما ناله أفرادها من مناصب ورتب في الجيش وأجهزة الدولة، وما أنجزت السلطة من وعود لتغيير وتجديد حياة أهلها في مناطقها ورفع الظلم والغبن عنهم، وبهذا المعيار أخذ حماسها ينحسر ويفتر.

    * القوات المتواجدة في الجنوب: على اختلاف مواقعها السياسية، والانتماء السياسي أو عدمه، إضافة إلى ما هو سائد ومعروف من تظلمات وشكاوى القوات المتواجدة في الجنوب تجاه القيادة العامة والخرطوم، كان لتلك القوات في تلك الفترة تحفظاتها وتقديراتها الخاصة للتناقض والتباين بين السياسة المعلنة في بيان 9 يونيو وبين واقع الحال سياسياً وعسكرياً، والعديد من التساؤلات حول كيفية الوصول لتحقيق أهداف البيان.

    *مجموعة الضباط التي شملها التطهير، ومن مختلف الرتب، واستمرار علاقاتها بالتنظيمات والجماعات داخل القوات المسلحة، وارتباط بعضها بالأحزاب السياسية، والبعض الآخر بالتحضير لعمليات انقلابية.

    انقلاب 16 نوفمبر كان نتاجاً لصراعات سياسية عسكرية ساهمت فيها بهذا القدر أو ذاك هذه القوى من تنظيمات وجماعات عسكرية على اختلاف أهدافها القريبة والبعيدة. وقد اشتدت حدة الصراع بعد الانقلاب.

    أخطر مواطن القصور في عملنا القيادي في تلك الفترة، أننا تابعنا ملامح الصورة العامة للوضع داخل الجيش دون التقدير الدقيق للنتائج المتوقعة أو المحتملة لصراعات القوى المحتدمة في داخله في ظل سلطة عسكرية انقلابية، وتنظيمات عسكرية انقلابية. لم ننجز ذلك التقدير الدقيق. ولم نطلبه من الشيوعيين وسط القوى الديمقراطية العسكرية، ولم يبادروا به من جانبهم في تلك الفترة التي كانت بمثابة انعطاف حاد في مسار الصراع العسكري وفي مسار الحركة الجماهيرية.

    نتج عن ذلك القصور أننا لم نضع الشيوعيين وسط القوى الديمقراطية العسكرية – تنظيم الضباط الأحرار – أمام مسئولياته استناداً إلى تقديرات مع الديمقراطيين للوضع في الجيش بعد الانقلاب، ومقترحاتهم لوجهة وواجبات نشاطهم في الظروف الجديدة مع الاعتبار اللازم الكافي لخصوصية مجالهم والقدر المطلوب من الاستقلالية. ومن ثم صياغة برنامج عمل محدد للنشاط داخل الجيش مكملاً وخاضعاً لتطور الحركة الجماهيرية.

    نتج عن ذلك القصور أن سار نشاط التنظيم العسكري داخل الجيش في وجهة عامة مع خط الحزب، دون برنامج عمل محدد وأهداف واضحة محكومة بمسئولية وقيادة الحزب.

    هذه مسئوليتنا في قيادة الحزب وليست مسئولية العسكريين الشيوعيين والديمقراطيين. ولا نسعى لتبريرها أو طمس معالمها، بأن الحزب في تلك الفترة كان يواجه أسبقيات إعادة تنظيم صفوفه واستجلاء وتوضيح القضايا السياسية، وتصفية الانقسام وتعبئة الحركة الجماهيرية أو أن ضرورة وتقاليد السرية في التعامل مع التنظيم العسكري جعلت قيادة الحزب تكتفي فقط بما يصلها من معلومات أشبه بالتنوير العام، أو بحقيقة أن العديد من العسكريين الديمقراطيين، بمن في ذلك الشيوعيين بدأوا يتحفظون في التعامل مع قيادات الحزب بعد أن تكشفت لهم المعلومات والأسرار الحزبية التي كانت تنقلها المجموعة المنقسمة لنميري وجهاز الأمن القومي.

    فوق هذا وذاك، لا نسعى للتبرير أو التنصل من مسئوليتنا، بحقيقة أن الحزب لم يطرح، لا في تلك اللحظات أو في بقية الفترة، فكرة أو شعار التحضير لانقلاب عسكري، فالتقدير الدقيق للوضع داخل الجيش كان ضرورة سياسية لا يستقيم أو يكتمل بدونه تقدير الوضع السياسي العام، وطرح مهام سليمة للحركة الجماهيرية.

    سابعاً: أجازت اللجنة المركزية في اجتماعها مساء 16 نوفمبر، قراراً بعقد مؤتمر شعبي يضم كافة القوى السياسية والنقابية التي تعارض الانقلاب. وكانت حملة الاحتجاج والرفض للانقلاب واسعة ونشطة ومستعدة لمزيد من المواجهة، وكانت تسندها حركة تضامن عالمي ذات وزن وتأثير – رغم تحفظات بعض الأحزاب الشيوعية الكبرى وبعض أوساط القوى التقدمية العربية على موقف الحزب الشيوعي من انقلاب 25 مايو، ووصف تكتيكات الحزب بأنها جامدة أو يابسة.

    لم تتابع اللجنة المركزية تنفيذ هذا الواجب بمثابرة وإصرار، ولم تحسم أساليب المماطلة التي لجأت إليها العناصر الانقسامية والعناصر الانتهازية في قيادة اتحاد العمال وقيادة بعض النقابات. فعقد ذلك المؤتمر كما تصورته اللجنة المركزية كان بمثابة منبر تتوحد حوله الحركة الجماهيرية للتصدي لهجوم السلطة، بدل التراجع غير المنتظم.

    وفي هذا الصدد، كان البيان الذي أصدره تنظيم الضباط الأحرار إيجابياً من حيث تأكيد وجود التنظيم رغم الانقلاب، ومن حيث التعبير عن وجود معارضة عسكرية للانقلاب. لكنه من جانب آخر، كان يعبر عن سير العسكريين في وجهة موازية، فالحركة الجماهيرية والقوى الديمقراطية داخل الجيش كانت أحوج ما تكون لبيان يصدر من هاشم العطا وبابكر النور وفاروق يوضح قضايا الصراع وتطورها، والأسباب الحقيقية للانقلاب، وكشف كل الحقائق للشعب والجيش. وقد ظل هذا الاقتراح مطروحاً منذ اليوم الأول للانقلاب وبعد رفع الاعتقال المنزلي عن ثلاثتهم.

    خلال الفترة الممتدة من نوفمبر 70 وحتى يونيو 71، تمت أربعة لقاءات مع العسكريين الشيوعيين شارك فيها من قيادة الحزب الشفيع وشكاك ونقد. وشارك فيها من جانب العسكريين هاشم العطا وبابكر في ثلاثة لقاءات ومحجوب ابراهيم في لقاءين ومحمد محجوب في آخر لقاء. تناولت المناقشة في اللقاء الأول في يناير موقف الحزب من الانقلاب والتقديرات العامة للوضع السياسي. وطرح بابكر أنهم يواجهون ضغطاً من الضباط الديمقراطيين لتنظيم عملية عسكرية متكاملة للإطاحة بالسلطة، وأنهم يواصلون مناقشة أولئك الضباط عن ضرورة الارتباط اكثر بالحركة الجماهيرية وتجميع أوسع قوى ممكنة داخل الجيش. ووعد بتقديم تقديراتهم لتطورات الوضع العسكري بداخل الجيش لقيادة الحزب. ثم تعرضت المناقشة للوضع داخل مجلس الثورة وضعف مجموعة القوميين العرب في مواجهة نميري دع عنك عزله، وعن ضعف القيادات الموالية لهم في وحدات الجيش. ولم تتطرق المناقشة لوضع التنظيم العسكري وبرنامج نشاطه. وتم اللقاء الثاني في مارس عقب الأزمة السياسية التي نشأت عن خطاب نميري في 12 فبراير ودعوته لتحطيم الحزب الشيوعي. وانحصرت المناقشة في تقديراتهم وتقديرات العديد من الضباط عن الخطر على حياة عبد الخالق بعد خطاب نميري، وعن اتساع نشاط المجموعات اليمينية داخل الجيش تحت مظلة خطاب نميري، وعن أزمة القيادة العامة وضعفها في مواجهة الوضع العسكري، وعن فقدان ثقة العسكريين فيها أو احترامهم لها لكثرة وعودها وضعف إنجازها، وأن الأزمة ليست جديدة وظلت مكان مناقشة المجلس قبل إبعادهم، لكن الحقائق كانت تشوه والقرارات تصدر من خارج المجلس. كما تعرضت المناقشة للسؤال: هل يبقى جوزيف قرنق في الوزارة أم يستقيل؟ – حيث كان الوزير الشيوعي الوحيد في الحكومة. وكان جوزيف نفسه قد تقدم باقتراح الاستقالة منذ اليوم الأول للانقلاب – لكن اللجنة المركزية لم توافق، (فالسلطة هي التي عينته، ولا داعي لمساعدتها بتقديم الاستقالة). وتم الاجتماع الثالث في أبريل، وشملت المناقشة تطورات الوضع السياسي، ورسالة من عبد الخالق عن خطورة المحاولة التي قام بها محجوب ابراهيم للاتصال به في معتقله، واستفسار عما يقصده نميري في خطابه بالمؤامرة التي تحاك ضد السلطة، وضرورة معرفة القوى العسكرية التي يقصدها. كما تطرقت المناقشة للإشاعات عن احتمال تحركات وتمرد وانقلاب، والمشاكل والأزمات داخل مجلس الثورة، والمعلومات عن نشاط المجموعات التي ارتبطت بنميري وبدأت تتخطى القيادة العامة والقيادات المباشرة في الاتصال به والتنسيق معه، والمعلومات والإشاعات عن إمكانات انقلاب تحضر له القوى اليمينية، وأخيراً السؤال المحدد عما إذا كانت القوى الديمقراطية تحضر لانقلاب. فنفوا ذلك، ولم يطرحوا تصريحاً أو تلميحاً ما يشير إلى أنهم يحضرون لانقلاب أو يطلبون رأي الحزب في التحضير لانقلاب. وأخيراً أحيطوا علماً بأن الحزب يواصل خطواته لتهريب عبد الخالق، عندما أثاروا مرة أخرى خطورة ترك عبد الخالق تحت رحمة نميري، مع تأكيد أن هذه مهمة يتولاها الحزب ولا داعي لتدخلهم في تنفيذها. وتم الاجتماع الرابع في يونيو، حين وصلت لمركز الحزب معلومات عن أن جهاز الأمن القومي والمخابرات العسكرية يفرضان رقابة لصيقة على تحركات هاشم العطا ومجموعته، وقدموا من جانبهم معلومات عن أن نميري ومجلس الثورة يشتبهان في أن الحزب قد تمكن من خلق صلة بعبد الخالق في معتقله، وبدأ التفكير في ترحيله إلى مكان آخر، وكان تقديرهم أن المعتقل قد يكون في جهة نائية أو في الجنوب تمهيداً لتصفيته، واقترحوا الإسراع بهروبه. ثم قدموا معلومات عن التحضير لانقلاب تقوم به القوى اليمينية، ويطلبون أن يناقش مركز الحزب هذه القضية ويمدهم بتقديراته وما يتوفر له من معلومات في هذا الصدد. ثم أكدوا استفحال الأزمة في الجيش وحالة الضجر والمناقشات المفتوحة دون تهيب عن عجز السلطة. ثم قدموا معلومات عن أثر البيان الذي أصدرته اللجنة المركزية في 30 مايو، وأن مجلس الثورة والأمن القومي والمخابرات العسكرية اعتبروا البيان إعلاناً للعداء السافر من جانب الحزب ضد السلطة، ووصفها بالديكتاتورية العسكرية والعمل على إسقاطها.

                  

01-10-2012, 03:10 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    "2"

    Quote: خطورة الثورة المضادة؟!:

    كان طبيعياً أن يتابع الحزب خطر الثورة المضادة كخطورة ماثلة وواردة. لكن في تلك الفترة بالتحديد، في تلك اللحظة السياسية الملموسة، كان على اللجنة المركزية أن تقدم إجابة شافية لمصدر خطر الثورة المضادة، مصدر الخطر المباشر على الحركة الثورية، وتحديد القوى التي تمثل ذلك الخطر، ومن هم الأشخاص الذين يقودونها ويمثلونها سواء في السلطة أو خارجها، في القوات المسلحة أو خارجها.

    فالسلطة والمجموعة المنقسمة، ابتذلتا شعار “خطر الثورة المضادة” واستخدماه بانتهازية وعن قصد لشل حركة الجماهير القاصدة تطوير النشاط الثوري، ولإخماد صوت الانتقاد والمعارضة لسياسات ومواقف السلطة، بل ولتبرير عجز السلطة وتراجعها عن الشعارات والأهداف التي أعلنتها. فكلما رفعت الجماهير صوتها مطالبة بحقوقها المشروعة السياسية والاقتصادية، سارعت السلطة والمجموعة المنقسمة لإدانة تلك الأصوات باعتبارها أداة في يد الثورة المضادة أو تخدم مصالح ومخطط الثورة المضادة. وكلما أشارت الجماهير لعجز وتراجع السلطة، لجأت السلطة والمجموعة المنقسمة للتبرير بأن جهد السلطة مستنزف في مواجهة الثورة المضادة.

    لقد طرح السؤال نفسه وسط جماهير قريبة من الحزب وفي اجتماعات اللجنة المركزية أو وسط النقابات: هل خطر الثورة المضادة المباشر على الحركة الثورية يتجسد في الأحزاب التقليدية اليمينية، أم في سياسات ومواقف مجلس الثورة الذي يواصل توجيه الضربات للحركة الثورية وتصفية أهداف الثورة؟ وهل الحزب ملزم بالدفاع عن سلطة متراجعة عن شعارات الثورة، ومتهالكة أمام ضغط القوى اليمينية؟ وكان السؤال يزداد إلحاحاً كلما صدرت بيانات أو وثائق من قيادة الحزب تتحدث عن دور ونشاط القوى اليمينية داخل السلطة وخارجها في تعميم مبهم، دون ذكر الاتجاهات وتحديد الأسماء في مجلس الثورة أو الجيش أو الحركة السياسية. فنحن لم نركز على فضح نميري ودوره الذي أخذ يتبلور ويزداد وضوحاً مع الأيام كمدافع عن مصالح قوى اليمين الجديد الأكثر خطورة في تلك الفترة – قوى الرأسمالية الطفيلية الجديدة الصاعدة في صفوف قيادات البرجوازية الصغيرة المدنية والعسكرية. لم نفضح بالقدر الكافي دور المرحوم عمر حاج موسى والمجموعات الملتفة حوله داخل الجيش وخارجه ودور منصور خالد كمستشارين وشركاء للنميري في تمهيد الطريق لنظام الحزب الواحد والجمهورية الرئاسية وحكم الفرد. وعلاقة كل ذلك بتوجهات القوى الخارجية من ليبيا إلى مصر إلى غرب أوربا إلى السعودية إلى أمريكا.

    على أن الحياة قدمت الإجابة البسيطة والحاسمة: لم تكن الأحزاب اليمينية والقوى الموالية لها في الجيش الخطر المباشر على الحركة الثورية في تلك الفترة، في تلك اللحظة السياسية. كان خطر الثورة المضادة، الخطر المباشر على الحركة الثورية، على أهداف وشعارات الثورة السودانية، هو النميري ومجلس الثورة والفئات الرأسمالية الطفيلية الجديدة.



    لجنة الميثاق:

    بعد انقلاب 16 نوفمبر، أعلنت السلطة قانون العمل الموحد للنقابات، وتكوين لجنة لوضع الميثاق الوطني، لتمتص المعارضة والرفض، وتوحي للعاملين والحركة الجماهيرية أنها تسير في الاتجاه التقدمي وتنحاز للعاملين. لكن مناورتها سرعان ما تكشفت، إذ سحبت قانون العمل الموحد بعد شهر من إعلانه، وضربت حصاراً إعلامياً على جلسات ومداولات لجنة الميثاق، التي سارت في وجهة معارضة تماماً لتصورات السلطة المنقولة من التجربة المصرية.

    مشروع الميثاق الذي قدمته السلطة للجنة، ابتعد تماماً عن فكرة ومبادئ الميثاق الذي شاركت في مناقشته وصياغته وتطويره الحركة الثورية السودانية منذ ثورة اكتوبر 1964 عبر تجارب ومعارك النضال السياسي. فاتضحت معالمه وقسماته في “برنامج القوى الاشتراكية” الذي صدر قبل الانتخابات البرلمانية عام 68 ووقع عليه ممثلو الاشتراكيين الديمقراطيين والقوميين العرب والشيوعيين. ثم عاودت هذه القوى جهد تطوير ذلك البرنامج مطلع عام 69. وظلت تواصل مشاوراتها حوله ولم يكن قد تم الاتفاق على صيغته النهائية عندما وقع انقلاب 25 مايو، وضمّن بابكر عوض الله المبادئ العامة في خطابه ذلك الصباح كبرنامج لحكومته، دون استشارة أو موافقة بقية الأطراف.

    وعادت المشاورات والمناقشات من جديد بعد الانقلاب، وتوصلت تلك الأطراف إلى صيغة ميثاق يستند إلى تجربة وتقاليد الحركة الثورية السودانية ويختلف عن ميثاق التجربة المصرية في قضايا جوهرية، كقضية الجبهة واستقلال الأحزاب والتنظيمات المشاركة فيها بدلاً عن التنظيم السياسي الواحد – الاتحاد الاشتراكي – إلى جانب قضايا دور الجيش وضمانات الديمقراطية والحقوق الأساسية …الخ.

    لم تطرح اللجنة الممثلة للأطراف المشاركة ما توصلت إليه، لأحزابها وتنظيماتها لإقراره، ولم تطرحه للحركة الجماهيرية للمناقشة العامة، بل أرجئ ذلك لأن مجلس الثورة طلب الاطلاع عليه ليشارك في المناقشة وكانت النتيجة موت ذلك الميثاق – أو كما عبر الشفيع وعبد الخالق فيما بعد، إجهاض مبدأ الميثاق نفسه وطابعه الشعبي الجماهيري وفقدان المبادرة السياسية في الحركة الجماهيرية.

    المشروع الذي طرحته السلطة، كان البرنامج السياسي للحزب الواحد والمبرر الأيديولوجي لقيامه. كما أن مبدأ تعيين أعضاء لجنة الميثاق من جانب السلطة كان إقراراً بحق السلطة في التعيين للحزب الواحد نفسه – لا يغير من هذه الحقيقة أن بعض النقابات والتنظيمات انتخبت من يمثلها في اللجنة.

    مشاركتنا في أعمال اللجنة حسب قرار اللجنة المركزية، كانت قبولاً لما أقدمت عليه السلطة، وإضفاء شرعية سياسية عليه رغم المواقف الجريئة التي اتخذها الشيوعيون في مناقشات اللجنة حول سياسات الميثاق حيث أكدوا موقفهم أن “مايو” انقلاب وليست ثورة، وأن الثورة السودانية أفرزت صيغة الجبهة وليس صيغة الحزب الواحد، أكدوا فشل تجربة الاتحاد الاشتراكي في مصر، طالبوا بإقرار مبدأ الحريات الديمقراطية والحقوق الأساسية وحكم القانون، هاجموا الاتحاد الثلاثي وإقحام السودان فيه دون استشارة أهله. ولم يكن موقف الشيوعيين معزولاً داخل اللجنة. فقد أعلن أغلب المشاركين موقفهم بوضوح وشجاعة وضد توجهات مشروع الميثاق، فلجأت السلطة إلى التعتيم الإعلامي على مداولات اللجنة، ثم تجاهل كل مقرراتها وتوصياتها، ورفضت قرار تكوين لجنة فنية من المشاركين لإعادة صياغة الميثاق وإدخال التعديلات والمقترحات.



    المفاوضات مع السلطة:

    كعادتها، بعد كل ضربة يوجهها للحزب، تسلمت قيادة الحزب دعوة من مجلس الثورة لوفد من الحزب وكالعادة أيضاً حددت الدعوة أسماء – للقاء نميري. كان ذلك بعد الأسبوع الأول لانقلاب 16 نوفمبر. كلفت قيادة الحزب الشفيع باللقاء، مع تقدير كامل لمراوغة السلطة منذ قيامها في توجيه ضربة للحزب، ثم دعوة مندوبين تختارهم بالاسم “للحوار”. وتكرار أن ما اتخذت من إجراءات أملته ضرورة حماية “الثورة” وأن لديها من المعلومات ما يبرر الإجراء ولا تستطيع أن تعلنها لأسباب أمنية. وأن سياساتها ما زالت “ثورية” وأن علاقتها بالشيوعيين لم تتغير … الخ.

    ما يهمنا هنا أن موقف قيادة الحزب كان سليماً في قبول وتلبية أي دعوة للتفاوض أو المناقشة مع السلطة وغير السلطة.

    لكن القصور الذي صاحب ذلك الموقف السليم، تبدى في مواصلة أسلوب مفاوضات “الغرف المغلقة” منذ وقوع الانقلاب في مايو 69، حيث لم يصدر بيان واحد، أو أي إعلام لأعضاء الحزب داخلياً أو للجماهير، حول قضايا التفاوض، ووجهة التفاوض، ونتائج التفاوض، وسادت تصريحات الغموض والإبهام عن “وحدة القوى الثورية” وتجاوز التناقضات الثانوية. وقد أعطى هذا الأسلوب مساحة واسعة للسلطة وأعوانها المنشقين من الحزب للتضليل والمناورة وكسب الوقت وترك الحركة الثورية في حالة من الارتباك وفقدان الاتجاه. كما أعطاها وأعوانها المنشقين فرصة المزايدة على حالة من الارتباك وفقدان الاتجاه. كما أعطاها وأعوانها المنشقين فرصة المزايدة على الأحزاب الشيوعية والحركة الثورية العربية أن تعاونها مع الشيوعيين مازال مستمراً، وأن طابعها التقدمي لم يتغير. على أن الأخطر من ذلك كله، كان مجلس الثورة يستغل هذا النوع من المفاوضات لإقناع القوى الديمقراطية داخل الجيش أن الحزب الشيوعي مازال يؤيد ويساند الثورة. هكذا فسر مجلس الثورة ما قاله الشفيع للنميري في ذلك اللقاء، عن البحث عن الوسائل التي يستطيع بها كل الشعب السوداني اجتياز عقبتين: الحرب الأهلية في الجنوب، وتنفيذ الخطة الخمسية لإصلاح الوضع الاقتصادي، لأن المسألة ما عادت العلاقة بين السلطة والحزب الشيوعي.

    صحيح أن للعمل السياسي بين الأحزاب والجماعات قواعد وأصولاً تتقيد بها كافة أشكاله بما فيها المفاوضات. لكن الممارسة السياسية أفرزت أسلوب البيانات المشتركة أو التصريحات المتزامنة للإعلام عن المفاوضات في مراحل معينة من مراحلها.

    ما كان للتفاوض مع السلطة في تلك الظروف أن يتعدى استطلاع الآراء، أو عرض وجهات النظر في الأحداث. فالسلطة التي فرضت أسلوب الإملاء والانفراد، ورفضت أي مستوى من العلاقة القائمة على قواعد وأصول التحالف في ظروف نهوض الحركة الجماهيرية، ما كانت لتقبل به بعد 16 نوفمبر. بل ولما أقدمت على الانقلاب نفسه. وهل كان وارداً أصلاً أن يتم التوصل إلى مستوى من التحالف أو التعاون بعد إقصاء بابكر وهاشم وفاروق من مجلس الثورة – السلطة الفعلية؟ وأي قيمة لأي تحالف سياسي لا يتجسد في موقع السلطة؟

    مع قبولنا لمبدأ التفاوض كان يجب حسم هذه الأسئلة أمام عضوية الحزب والجماهير حتى تتبين وجهة التفاوض، وإعلامها بنتائجه بالأسلوب الملائم، لإحباط المناورات ومراوغة السلطة وأعوانها المنشقين، وكذلك الموقف من الجبهة الخارجية حيث كانت الأحزاب الشيوعية والحركة التقدمية تتابع موقف الحزب وصراعه مع السلطة باهتمام سواء من موقف التضامن، أو موقف الإشفاق، أو موقف الناقد والمعارض لموقف الحزب.



    شعارات العزلة:

    عالجت اللجنة المركزية ومن بعدها المكتب السياسي في اكثر من اجتماع قضية تصحيح بعض الشعارات الانعزالية والحلقية التي رفعها الشيوعيون في مظاهرات ومواكب عيد الاستقلال مطلع عام 71، وفي عدد من الندوات في المعاهد العليا والجامعات: مثل شعار “شيوعيون صامدون”، وشعار “عائد عائد عبد الخالق”. وهتافات بحياة الحزب الشيوعي، فهي شعارات عزيزة على الشيوعيين، وتعبر عن ضيقهم وتبرمهم تجاه التعامل والتفاوض مع السلطة التي تنكرت للشعارات الثورية. كما كانت تلك الشعارات تعبر عن الصراع الذي كان محتدماً قبل الانقسام وبعده ضد المجموعة التصفوية المنشقة التي كانت تبرر كل موقف خاطئ تتخذه السلطة وكل سياسة خرقاء تعلنها، وكل ضربة توجهها للحزب.

    كان رأي ل.م والمكتب السياسي أن هناك مطالب وشعارات عامة وهامة تعتمل في نفوس الجماهير وواجب الشيوعيين تفجير تلك الشعارات، وأن يرتبط الفضح لمواقف السلطة وتوجهاتها بقضايا ومطالب الجماهير، كيلا يبدو أمام الجماهير وكأن الشيوعيين مهتمون فقط بقضية حزبهم والتحالف مع السلطة، صرف النظر عن مطالب ومشاكل الجماهير.

    كان موقف ل.م سليماً ومسئولاً، لكن المناخ السائد وسط عضوية الحزب والقوى الديمقراطية كان يميل للمواجهة مع السلطة واتخاذ خطوات اكثر حزماً ضدها. وهذا واحد من الإفرازات الجانبية للغموض والقصور في عملنا القيادي في تعبئة وتوحيد عضوية الحزب والقوى الديمقراطية.



    التحالفات السياسية:

    الحزب لا يناضل منفرداً في أي لحظة من لحظات صعود الثورة أو هبوطها. وإذا كانت السلطة ومعها الجماعة المنشقة تعمل عن عمد ووفق تخطيط وتآمر متواصل لعزل الحزب ومحاصرته في ركن قصي ووفق خيار واحد – إما قبول التصفية والذوبان في تنظيمها السياسي الواحد، أو العزلة والملاحقة – فإن واجب عملنا القيادي قبل وبعد 16 نوفمبر أن يفتح الطريق لتحالفات سياسية وجماهيرية في القاعدة والقمة للحركة السياسية السودانية بأحزابها ومؤسساتها وتنظيماتها وتياراتها. وقد كانت الساحة السياسية تعج بقوى واسعة تتابع باهتمام صراع الحزب ضد السلطة وصراع الحزب ضد المنقسمين، وترغب في قفل الطريق أمام الدكتاتورية العسكرية، وتدرك بوعي تام عجز السلطة عن تنفيذ وتحقيق شعارات التغيير الاجتماعي التي أعلنتها، وترفض النقل الأعمى للتجربة المصرية لواقع السودان المغاير.

    ويمكن تصنيف تلك القوى، على سبيل المثال لا الحصر، في:

    *قوى أشارت لها دورة ل.م. اكتوبر 70 وقبل انقلاب نوفمبر بقولها: “هناك أخطاء ارتكبتها السلطة في اكثر من ميدان أدت إلى عزل أقسام ذات أثر بين الجماهير الثورية مما تسبب في انحسار واضح في موجة العمل الثوري”.

    *القوى الجديدة التي تبلورت داخل الأحزاب التقليدية بعد ثورة اكتوبر 64، وفقدت الثقة في نظام ما قبل مايو، وظلت تبحث عن صيغة جديدة للعمل السياسي ولشكل الحكم وتجديد المجتمع وحلول لمشاكل الوطن، لكنها لم تتجاوب مع منهج مايو في العزل السياسي والتوجه نحو التنظيم السياسي الواحد ومصادرة الديمقراطية. وقد كانت هذه القوى بالذات اكثر منا وضوحاً وأعلى صوتاً في كشف حقائق الفساد والتجاوزات في قمة السلطة والمؤسسات المؤممة والمصادرة وأشمل معرفة بضعف وعجز كبار رموز السلطة من العسكريين والمدنيين.

    *قطاع عريض من القوى السياسية الجنوبية، يثق في توجه الحزب نحو الحكم الذاتي الإقليمي ووقف نزيف الدم. ويدرك أن بيان 9 يونيو مستمد من برنامج الحزب ووجود جوزيف قرنق في وزارة شئون الجنوب. لكنه لا يثق في مصداقية السلطة العسكرية المدنية – ومجلس الثورة ومجلس الوزراء – ويفصح عن هواجسه من أن يتحول البيان إلى مناورة أو صفقة سياسية محدودة ريثما تضمن السلطة العسكرية استقرارها السياسي – بوصفها في نهاية الأمر سلطة شمالية.

    *ظلت قطاعات واسعة من الجماهير المنتمية للأحزاب التقليدية اليمينية على ولائها السياسي لقياداتها – رغم تبجح السلطة بأنها قضت على الطائفية والقبلية – ولم نتمكن من ابتداع توجه واضح لمخاطبة تلك الجماهير وفتح قنوات وجسور للتعامل معها ومع عناصر وجماعات في قياداتها كانت بشكل أو آخر تبحث عن مخرج من الأزمة في إطار كياناتها التقليدية، ورغم موقف العداء العام الذي تتخذه القيادات التقليدية الرجعية ضد الحزب الشيوعي والحركة الثورية. وقد أشارت اللجنة المركزية في دورة مايو71 ص15، إلى هذا الواجب في عمومياته بقولها: “… يقترب الحزب الشيوعي من جماهير الأحزاب التقليدية من مواقع مصالحها الطبقية ويعمل وفقاً لخط جماهيري واضح وسليم في التعامل معها لتحريرها سياسياً وفكرياً من نفوذ القيادات الرجعية وجذبها للنشاط السياسي التقدمي والنضال الاقتصادي والاجتماعي في كل المواقع …”



    وهناك نماذج وأمثلة لقوى سياسية واجتماعية ونقابية أخرى كانت تتبرم وتضيق من سياسات ومواقف السلطة وتبحث عن حل، إلا أن عملنا القيادي لتجميع تلك القوى في تحالف سياسي كان قاصراً كما أشارت دورة ل.م. فبراير 71 ص9: “… الوضع في الحركة الشعبية وبروز مراكز قوية … تمتاز بالثبات والاستعداد لمواصلة المعركة، إلا أن نشاطنا السياسي والقيادي ظل يعاني من التخلف عن حركة الجماهير والقصور والتأخر…”. من مظاهر التخلف والقصور، أننا لم نركز على الشعارات السياسية التي تساعد على تجميع تلك القوى في تحالف سياسي مثل شعارات الحريات والديمقراطية وحكم القانون واستقلال القضاء، والنضال ضد التجاوزات السياسية والاقتصادية والقانونية، وتجاوزات المصادرة والتأميم، والدفاع عن السيادة الوطنية واحترام إرادة شعب السودان حول الاتحاد الرباعي، والنضال ضد الوضع المعيشي المتردي وتفشي الفساد في أجهزة الدولة، والنضال لحماية استقلال الحركة النقابية وحرياتها في مواجهة لائحة تنظيم النقابات والنضال ضد سياسة الاعتقال التحفظي دون محاكمة …

    لم نبادر بفتح الطريق لتوسيع التحالفات السياسية والإفادة من إمكاناتها الموضوعية الماثلة والكامنة. ويمكن تعليل ذلك القصور للعوامل التالية:

    *ترددت قيادة الحزب في حسم الموقف من السلطة، بعد أن حسمت السلطة موقفها من مبدأ التحالف ومن الحزب ومن الشعارات الثورية والحركة الجماهيرية الديمقراطية.

    *تعاملت قيادة الحزب بجمود وقصور مع هذه القضية، تحت ضغط الجو السائد في المنطقة العربية وخارجها حول حماية أنظمة البرجوازية الصغيرة العسكرية في مواجهة هجوم الامبريالية والرجعية وتبرير عجزها وأخطائها وتجاوزاتها، تحسباً أو خوفاً من انتصار الثورة المضادة.

    *تخلفت القدرات النظرية والسياسية لقيادة الحزب عن الاكتشاف المبكر ومتابعة وتلخيص نتائج الفرز الطبقي في صفوف الشرائح والفئات البرجوازية الصغيرة والعسكرية والمدنية الحاكمة، وتبلور فئة الرأسمالية الطفيلية من باطنها، ودورها المرتقب في تخريب الحركة الثورية وإجهاض شعاراتها، وتبديد الفائض الاقتصادي وفي انتقالاتها من مواقع الوطنية والقومية للارتباط بالاستعمار الحديث كقوى داخلية يستند إليها بديلاً أو رديفاً لفئات الرأسمالية شبه الإقطاع القديمة.

    *نتج عن قصورنا النظري هذا، أن حصرنا نشاطنا في الإطار الموروث من قبل مايو 69 لشعار وحدة القوى التقدمية. وهو شعار صحيح. لكننا لم نضع أصبعنا على التصدع الذي أصاب الإطار القديم نتيجة لعملية الفرز الطبقي بعد مايو، والإرهاق والضعف الذي أنزلته مايو بقدرات وطاقات ذلك الإطار: ليس فقط بسبب انقسام الحزب الشيوعي، فالانقسام نفسه كان نتيجة ولم يكن سبباً – كان نتيجة لذلك الفرز الطبقي. فمايو قد فتحت باب الثراء الطفيلي أمام مجموعات وشرائح كاملة من القوى التي كانت شريكة نشطة في ذلك الإطار، فصعدت لصفوف الرأسمالية وكونت القيادة الطفيلية. ومن ثم أدارت ظهرها لأهداف الثورة الاجتماعية، وضاقت ذرعاً بالحزب الشيوعي وحركة الطبقة العاملة الثورية، وتمادت في التهكم والسخرية، من النضال الثوري والثوريين، واكتفت بتكرار الشعارات التقدمية بالقدر الذي يساعدها على سداد فاتورة نضالها وتضحياتها السابقة.

    رفعت السلطة كافة القيود والضوابط السياسية والاقتصادية والقانونية وحتى المحاسبية من طريق التراكم البدائي الرأسمالية والنمو السرطاني للفئات الطفيلية في القطاع العام والخاص وكافة خلايا المجتمع، وداست على كل وازع أخلاقي أو كابح اجتماعي و”جندت” في صفوف الفئات الطفيلية مجموعات وشرائح – من كل طبقات وفئات المجتمع وقطاعاته السياسية بما في ذلك من الطبقة العاملة والحزب الشيوعي والمنظمات الديمقراطية. ومهدت السلطة اكثر الأراضي خصوبة لازدهار الفئات الطفيلية بتوسيع القطاع العام بالتأميم والمصادرة، وتضخيم جهاز الدولة، حيث يسهل استخدام المنصب السياسي والإداري للاستحواذ على جزء من الفائض الاقتصادي خارج النشاط الإنتاجي، أو الأداء الإداري والسياسي الضروري للإنتاج والمجتمع. وكان الأسلوب العشوائي في التأميم والمصادرة التعبير السياسي والأيديولوجي المبتذل عن مصالح الفئات الطفيلية، وخدمة تلك المصالح بأبشع أساليب التراكم البدائي للرأسمال من السلب والنهب والسرقة المباشرة لفائض كدح الجماهير العاملة في الريف والمدينة، وتخطي القوانين الموضوعية للنمو الرأسمالي كالمنافسة ومتوسط الربح – باستخدام السلطة جهاز الدولة لضرب مصالح الفئات الرأسمالية القديمة وشبه الإقطاع – دون اعتبار لمقومات وقدرات الاقتصاد الوطني ودور القطاع الخاص في التنمية الرأسمالية. وزادت السلطة خصوبة الأرض بسماد ومخصبات مصادرة الرقابة الشعبية على القطاع العام وعلى القرار السياسي وعلى أداء جهاز الدولة بالأوامر الجمهورية وتأميم الصحافة، وفعالية أجهزة الأمن والمخابرات وتوسيع سلطاتها.

    فالمسألة لم تكن مجرد فساد أو انحراف أو تجاوزات في مسار الثورة الاجتماعية، بل كانت تحولاً وفرزاً طبقياً، وإعادة صياغة لجهاز الدولة والقطاع العام والحياة السياسية بأسرها لمصلحة الفئات الرأسمالية الطفيلية الجديدة – وهي الضالة المنشودة للاستعمار الحديث الذي يطور ويحسن آلياته وأساليبه، بحثاً وخلقاً وتكويناً لفئات رأسمالية سالبة حديثة مستنيرة لا تشدها قيود ومحدودية شبه الإقطاع الطائفي القبلي أو تردد ومحافظة رأس المال التجاري وامتداده في بقية القطاعات الاقتصادية كالصناعة والزراعة التي ظلت – وما زالت – محكومة في تطورها وتوسعها بمصالح وقدرات رأس المال التجاري ولم تنفصل وتستقل عنه تماماً كما هو الحال في الرأسمالية المتطورة.

    وبما أن التحالفات السياسية طبقية بداية ونهاية، ومهما تنوعت تجلياتها وأشكالها، لم نفلح في طرح الشعارات التي تكسب لجانب الطبقة العاملة قوى اجتماعية عريضة تمتد عبر كل الفئات الكادحة والمتوسطة، وحتى تلك الأقسام من الرأسمالية السودانية ذات المصلحة في مقاومة هيمنة الفئات الرأسمالية الطفيلية الجديدة.



    شعار الديمقراطية والحريات:

    عاقت فترة الصراع الداخلي ضد الجماعة التصفوية نشر رأي الحزب على الجماهير بواسطة المنشور والبيان وبقية وسائل الكلمة المكتوبة. واقتصرت المخاطبة على الندوات وما يمكن نشره في صحيفة “أخبار الأسبوع”، وكان ما ينشر فيها مدار صراع ونزاع مع الجماعة التصفوية التي تسيطر على هيئة تحريرها. وعندما صدر أول بيان جماهيري باسم الحزب في عيد الاستقلال عام 1970 عن تردي الوضع الاقتصادي والحالة المعيشية للكادحين، تفجرت أزمة حادة داخل الحزب، حيث استنكرت الجماعة التصفوية مجرد صدور بيان باسم الحزب ناهيك عن هجوم البيان وانتقاده لسياسة السلطة المالية الاقتصادية. وتبعتها أزمة بين الحزب والسلطة.

    نتج عن ذلك أن رأي الحزب حول الأوامر الجمهورية والتجاوزات والمصادرة للحقوق الأساسية والحريات الديمقراطية لم يصدر للجماهير، وظل حبيس المناقشات والخلافات الداخلية. وكان واجب عملنا القيادي بعد الانقسام وخروج المجموعة المنشقة من صفوف الحزب، بعد انقلاب 16 نوفمبر، أن يضع في أسبقية جدول أعماله تجميع وصياغة رأي الحزب في هذه القضايا ونشره على الجماهير.

    لا نبرر القصور في التصدي لهذا الواجب. فقد ظل مطروحاً منذ اليوم الأول للانقلاب في مايو 69، بل وما سبق ذلك من مناقشات فكرية وسياسية حول قضية الديمقراطية في أنظمة البرجوازية الصغيرة العربية، وما لخصه تقرير المؤتمر الرابع للحزب – الماركسية وقضايا الثورة السودانية – وما دار من صراع في أوساط الحركة الثورية العربية خلال تقييم وإعادة تقييم هزيمة حرب الأيام الستة. فقد ساد أوساط الحركة الثورية العربية في تلك الفترة غموض وخلط حول مسائل جوهرية في قضايا الديمقراطية، تبلورت معالمها في الرفض العدمي للديمقراطية الليبرالية كنتاج للثورة البرجوازية في غرب أوربا، وما ارتبط بها من حقوق أساسية وحريات ديمقراطية، ليس كمنحة من البرجوازية بل كنتاج تاريخي وإنساني ومنطقي للدور الذي لعبته البرجوازية في الثورة ضد الإقطاع والحكم المطلق. فإذا ما تنكرت البرجوازية في التطور اللاحق للنظام الرأسمالي ومرحلة الامبريالية لتلك المكتسبات، واختزلتها في حقوق شكلية في الدستور، وجردتها من محتواها الاجتماعي الاقتصادي، فإن الصراع ضد البرجوازية وضد النظام الرأسمالي والامبريالية يرتبط منذ يومه الأول بالدفاع عن تلك المكتسبات، كما أن النضال في تطوره اللاحق للقضاء على النظام الرأسمالي، يستهدف استعادة تلك الحقوق واستكمالها بمحتواها الاجتماعي الاقتصادي، لا مصادرتها وكأنها إرث رأسمالي.

    لهذا تحولت شعارات الديمقراطية الجديدة، “الديمقراطية الثورية”، “الشرعية الثورية”، إلى مصطلحات غامضة، تثير تساؤلات اكثر مما تقدم إجابة ووضوحاً تلهم الجماهير في نضالها الثوري في المناخ العام في المنطقة العربية خلال تلك الفترة. كانت الجماهير في أمس الحاجة للوضوح القاطع حول قضية الديمقراطية، وتأخرنا في القيام بواجبنا حيالها بنشر ما تجمع لحزبنا من حصيلة تجربة وأفكار في الصراع ضد عقلية مايو وممارستها في تشويه وإجهاض كافة شعارات وقضايا الثورة الاجتماعية وفي مقدمتها قضية الديمقراطية.

    وعلى مستوى النشاط الجماهيري اليومي، لم تكن مخاطبتنا للجماهير واضحة ومحددة حول الواجبات العملية، وارتباط تلك الواجبات بمهام النضال من أجل الديمقراطية. ويمكن أن نسوق ثلاثة أمثلة من بيانات هامة وفي مناسبات كبيرة خاطب فيها حزبنا الجماهير – بيان 16 نوفمبر 70، بيان عيد الاستقلال يناير 71، بيان 30 مايو 71 نلحظ أننا في تلك البيانات، أغرقنا الواجبات والخطوات العملية في عموميات وشعارات عامة حيث توجب التحديد القاطع، كيلا يتعرض موقف الحزب في اللحظة السياسية المعينة لأكثر من تفسير واكثر من احتمال، وكيلا تركب الجماهير الحيرة تجاه ما يتطلبه منها الحزب. وقد حاولت دورة اللجنة المركزية في مايو 71 تصحيح هذا الاضطراب والخلل بقولها في ص 5: “إن تكتيكات الطليعة تسبق حركة الجماهير وتشدها نحو مواقع الطليعة ولا تسير في مؤخرتها. ولكي تكون كذلك لابد من أن تبني على تلبية الحاجات الموضوعية للثورة – العلاقة بين الطبقات، وضع الاقتصاد وقوى الإنتاج، الوضع الدولي … الخ – كما لابد أن تلبي الاحتياجات الذاتية – وحدة القوى المختلفة للحركة الثورية، حالة الحركة صعوداً أو هبوطاً الخ. وتستهدف تكتيكات الطليعة دعوة الجماهير للنشاط العملي ومن ثم فهي تعبر عن الإرادة الواعية لتغيير الواقع. ولهذا يجب أن تكون خالية من الغموض ومحددة – أي أن تقدم للجماهير في شكل شعارات قاطعة”.

    في خاتمة بيان 30/5/71، جاء ما يلي: “إن الحزب الشيوعي يدعو الطبقة العاملة وكل القوى الوطنية لتوحيد صفوفها وتقوية مواقع تحالفاتها وابتكار الأدوات والأساليب الملائمة للنضال ضد الدكتاتورية العسكرية وإقامة سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية، الطريق الوحيد لشعبنا لإنجاز مهامه الديمقراطية ولتحقيق الاشتراكية”.

    لم نتوقف وندقق في هذه الفقرة ونحن نخاطب الجماهير في تلك الظروف. فالفقرة لم تسبقها أو تتبعها إجابة واضحة قاطعة على ما تثيره من تساؤلات وسط الجماهير، مثل: كيف نصل لإقامة سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية، وخلف أي شعارات وبأي تكتيكات؟ وما هو مصير السلطة القائمة، وهل النضال ضد الدكتاتورية العسكرية وقف على الطبقة العاملة والقوى الوطنية الديمقراطية وحدها؟.

    وفي بيان 16 نوفمبر أكدت اللجنة المركزية، إن الانقلاب تتويج لخط يميني يعمل لتجميد الثورة وامتداد للأفكار الانقلابية، وتمهيد لتركيز كل السلطات في يد رئيس الدولة، وان مجموعة صغيرة داخل مجلس الثورة تقرر كل شئ. ثم توجه البيان بالدعوة للجماهير بتدارك الخطر المحدق بمصير الثورة والعمل على:

    1. إلغاء القرارات التي أعلنت وإعادة أعضاء مجلس الثورة المبعدين إلى مناصبهم وطرح القضايا المختلف عليها للمناقشة مع الضباط الأحرار.

    2. إعادة الضباط الأحرار الذين فصلوا من الخدمة.

    3. إطلاق سراح عبد الخالق محجوب.

    واضح أن المهام التي طرحها البيان على الجماهير، رغم أنها صحيحة من الناحية العامة لكنها لا تنسجم مع ما توصلت إليه اللجنة المركزية وأكدته عن طبيعة الانقلاب كتتويج لخط يميني لتجميد الثورة، وتركيز السلطة في يد رئيس الدولة – أي أن الانقلاب ليس مجرد قرار خاطئ تطلب الجماهير من مجلس الثورة تصحيحه وتمارس ضغطها عليه للتراجع عنه.

    ومن جانب آخر، لم يوضح البيان للجماهير الوجهة التي يجب أن يتخذها نضالها ونشاطها في مواجهة تجميد الثورة والتمهيد لدكتاتورية الفرد. وكان ذلك ضرورياً وهاماً كيما تكسب الحركة الجماهيرية الوضوح السياسي اللازم، ولو في حده الأدنى، في أول بيان يصدره الحزب لتقييم الانقلاب وما نشأ عنه من وضع سياسي وتوازن قوي. حاولت اللجنة المركزية تجاوز هذا القصور في الخطاب الداخلي رقم 8 بتاريخ 2/ط1/1970 الذي وجهته لأعضاء الحزب، وساعد ذلك في فتح قنوات الاتصال وتبادل الرسائل مع عبد الخالق في المعتقل. عالج الخطاب الداخلي القضايا التالية:

    *الطبيعة الطبقية للسلطة لم تتغير. فالمجموعة التي باشرت انقلاب 25 مايو 69 هي نفسها التي قامت بعملية 16 نوفمبر الانقلابية التي أخضعت السلطة تامة لليمين الذي يستهدف تجميد الثورة.

    *الأغلبية الساحقة من الطبقة العاملة والبرجوازية الصغيرة تساند المضي بالثورة إلى الأمام.

    *النظام حتى بصورته قبل 16 نوفمبر لم يعد يعبر عن مطامح الجماهير وآمالها.

    *الحركة الجماهيرية تقترب من مواقع متقدمة وتلتف حول سياسات ومواقف الحزب. لكنها تعاني من عدة نقائص: فهي مازالت غير موحدة، وإسهام الطبقة العاملة فيها دون المستوى المطلوب، وينقصها الوضوح حول البديل.

    *البديل: شعار سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية، فهو يضع الحركة الجماهيرية في مواجهة القضية الأساسية، ويرفع مستوى نشاطها إلى أعلى من مجرد المطالبة بإلغاء قرارات 16 نوفمبر، ويفتح الطريق أمام تطورها: ” طرح هذا البديل يهيئ قطعاً لتوحيد الحركة الثورية ويجعل منها القوى ذات الوزن الحاسم لردع التحرك المعادي للثورة، ويشل اليمين في السلطة وإبعاده عن مراكز التأثير فيها” ص4.

    ثم خلص الخطاب إلى النتيجة السليمة، فحدد واجب الحزب على النحو التالي ص5: “إن مهمتنا هي تنمية هذه الحركة وإزالة نواقصها وبناء مراكز الوحدة والتحالف وسطها ووضع الطبقة العاملة في قيادتها”. لكن الخطاب ترك الإشارة إلى اليمين في السلطة دون إفصاح وتحديد، كيما تركز الحركة الجماهيرية هجومها عليه لشله وعزله.

    *كان الخطاب واضحاً وقاطعاً في تحديد مواقف الحزب من شعار إسقاط السلطة حيث قال: “إن شعار إسقاط السلطة الحالية، والذي يمكن أن يرتفع الآن وسط عناصر البرجوازية الصغيرة، شعار يساري ضار ومغامر”. ص4. وكان هذا الوضوح ضرورياً لشرح تكتيكات الحزب المتجهة نحو استنهاض الحركة الجماهيرية، وتوحيد قواها الديمقراطية، وآفاق تطورها. لكن الخطاب تراجع عن هذا الوضوح القاطع في فقرة أشار فيها إلى أن شعار الجبهة الوطنية الديمقراطية لا يتطابق مع شعار إسقاط سلطة البرجوازية الصغيرة. لأن شعار إسقاطها يحمل محتوى عدائياً لهذه السلطة معبراً عن صراع تناحري، في حين أن شعار سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية يحتوي جوهرياً على موقفنا الثابت بالتحالف مع البرجوازية الصغيرة، ويعرض عن المطالبة بتصحيح التركيب الخاطئ للسلطة حتى تصبح متجانسة مع التركيب الاجتماعي لقوى الثورة كلها ص4. ومصدر الارتباك أن الشريحة القابضة على السلطة، سبق وحدد الخطاب طبيعتها ومنهجها في تصفية الثورة، فهل كان وارداً بعد الانقلاب أن تستجيب لتصحيح التركيب الخاطئ؟ وإذا كان في الفقرة ظلال لفكرة أو احتمال أن يستجيب بعض أفراد الشريحة الحاكمة لضغط الحركة الجماهيرية، والإسهام في شل وعزل اليمين، فإن ذلك لم يرد بوضوح، ليساعد الحركة الجماهيرية في تصعيد نضالها. وهكذا نلمح مرة أخرى ظلال الأمل غير المؤسس.

    وطرح الخطاب واجبات الحزب في الحركة الجماهيرية، وفي مقدمتها رفع شعار سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية بديلاً عن سلطة البرجوازية الصغيرة، وفي إطار هذا الشعار الرئيسي اندرجت واجبات المطالبة بإلغاء قرارات 16 نوفمبر، ورفض إلحاق السودان بالاتحاد الرباعي، ودفاع الحركة الشعبية عن مكتسباتها، ورصد ومقاومة تحركات النشاط الاستعماري الرجعي، ورفع مستوى نضال الطبقة العاملة، والصراع ضد أساليب ومناهج البرجوازية الصغيرة في الحركة الشعبية كالتعجيل واليسارية، وحماية الجماهير لمنظماتها ونشاطها في وجه أي هجوم استفزازي.

    وفي بيان عيد الاستقلال الصادر بتاريخ 22/12/1970، تقييم ورصد لإيجابيات وسلبيات نضال الشعب خلال العام – من زاوية ما تحقق من إيجابيات عندما تكاتفت إرادة الحركة الشعبية وإرادة السلطة، وما حدث من سلبيات نتيجة لخروج السلطة على قواعد التحالف.

    صحيح أن البيان تصدرته شعارات ثورية سليمة، لنشدد نضالنا من أجل وحدة الحركة الثورية – لنشدد نضالنا من أجل السلطة الوطنية الديمقراطية. لكنه حمل في طياته وفقراته إمكانية تراجع انقلاب 16 نوفمبر عن طبيعته، أو أن ينشأ تحالف أو تعاون ما مع السلطة أو مجموعة منها. ففي خاتمة البيان دعوة للجماهير لتكثيف نشاطها على جميع الجبهات والمستويات من أجل: إلغاء قرارات وإجراءات 16 نوفمبر – إطلاق سراح عبد الخالق محجوب وعزالدين علي عامر والمعتقلين الآخرين – تطبيق الديمقراطية للفصائل الثورية بما في ذلك حرية التنظيم والتعبير – انتهاج سياسة تؤدي إلى تحالف وطني ديمقراطي بين فصائل الثورة على أساس التكافؤ – جعل احتفالات عيد الاستقلال مناسبة للنضال من أجل إزالة كل العوائق أمام وحدة جميع الفصائل الثورية ومن أجل السلطة الوطنية الديمقراطية.

    ==========
                  

01-10-2012, 03:23 AM

القلب النابض
<aالقلب النابض
تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 8418

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: * عبد الخالق محجوب؟
    مثقف ولكنه ليس سياسياً فهو يغرق في شبر مويه، وانقلاب
    19 يوليو تجربة حقيقية لذلك.
    انا لست ضد ان يقوم عبد الخالق محجوب بانقلاب، فقد فعلها قبله وبعده
    اناس عديدون، ولكن مأخذي عليه ان الشخص الذي يفكر في عمل مثل
    ذلك وهو المسؤول الأول عن حركة سياسية عليه ان يتحسب ويعمق
    للنتائج العملية التي ستنجم عن صنيعه، فاحتمالات الغدر والخيانة
    واردة فيها.. اؤكد انني لست ضد انقلاب 19 يوليو، فمنطقي جداً كما
    فكر عبد الخالق ان تتم ازاحة نميري عن طريق انقلاب عسكري باعتبار
    انها نفس الوسيلة التي وصل بها إلى السلطة. ولكن لم يفكر عبد الخالق
    او يحتط للسؤال الأساسي وهو كيف تحافظ على السلطة اذا ما نجح
    الانقلاب.
    * هناك تقويم صادر عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي
    السوداني وكتابات لاحقة لبعض الباحثين، تنفي ان يكون
    لعبد الخالق محجوب صلة بانقلاب 19 يوليو؟
    = هذا مضحك، فمن الذي دبره اذاً!
    * قيل إن الذي دبره هم العسكريون في الحزب؟
    = هذا قول لا يحترم عقول الناس فلا يمكن تصور عمل انقلاب 19 يوليو
    بمعزل عن دور الحزب الشيوعي فيه، سواء كان التصور عن عسكريين
    او شياطين..اؤكد لك ان الانقلاب من A وحتى Z من تدبير عبد الخالق
    محجوب.
    لم يكن الانقلاب يمتلك مقومات النجاح لعدة أسباب: اولها انه لم يكن
    يمتلك القوة الداخلية الفاعلة لتحريك الشارع والرأى العام إلى جانبه.
    وثانياً لم تكن مصر لتسمح بقيام انقلاب شيوعي في جنوبها وعلى
    رأسها الرئيس انور السادات اعدى اعداء الشيوعية والذي طرد
    السوفيت من بلاده بعد وصوله للحكم، كذلك كان القذافي ايضاً من الد
    أعداء الشيوعية رغم صلته بعبد الناصر وقد كان السوفيت يكرهونه
    وعندما كنا نسافر الى موسكو كان المسؤولون الروس يقولون لنا :
    ( كيف حال ذاك المجنون) ويقصدون القذافي. لانه كان يرفض ابان
    الحرب الباردة مساعدة الاسطول السوفيتي المتمركز في البحر الابيض
    والذي كان يحتاج افراده لتغيير اجواء البحر رغم مناشدات عبد الناصر
    المتعددة له، بينما كان في نفس الوقت الاسطول السادس الاميركي
    يحظى بوجود محترم في مياه البحر الابيض. ايضاً كان في اثيوبيا
    هيلا سلاسي وهو امبراطور ومتدين ويبغض الشيوعية، وراعٍ للكنيسة
    وكانت له اطماع في القلابات. وقد قال لنميري عقب فشل الانقلاب انه
    كان ينتابه شعوران متناقضان إزاء انقلاب 19 يوليو. الاول هو السعادة
    لان نجاحه يعطيه الفرصة في أخذ ما يعتقد انه أراضٍ تابعة لبلاده في
    القلابات والثاني الخوف والخشية من نجاحه لأنه يعني وجود دولة
    شيوعية على حدوده الغربية. اضافة إلى كل ذلك كان الرئيس التشادي
    وقتها «تمبلباي» ضد الشيوعية هذا يوضح ان الانقلاب كان محكوماً
    عليه بالفشل.
    كلنا كنا انقلابيين ولكننا كنا نفكر جيداً في مآلات الانقلاب. ولكن أنا أعرف
    عبد الخالق جيداً اكثر من أي شخص آخر فهو «يغرق في شبر موية»
    لانه لم يكن «مدردح» حينما كنت انا «مقرّم» اعمل محامياً واسهر الليل
    كله مع الضباط ومسؤولي الأمن واعرف منهم تفاصيل ما يدور..
    كان عبد الخالق يفتقد لمثل هذه التجارب التي تؤهل لقيادة انقلاب
    عسكري ناجح.
    كوّن انقلابيو 19يوليو مجلسهم الأعلى للثورة دون ان يضم في عضويته
    المقدم عثمان ابو شيبة وهو الشخص الذي نفذ الانقلاب فعلياً. كما أنهم
    مكثوا في السلطة ثلاثة أيام من الاثنين وحتى الخميس لم يعينوا خلالها
    مجلساً للوزراء. ترك تصريف دولاب العمل بالدولة لمجلس قيادة الثورة
    الذي لم يكتمل تكوينه. وفيما أعلم انه كان في نية عبد الخالق محجوب
    اختيار الامير عبد الرحمن نقد الله رئيساً للوزراء حتى يتمكن من استمالة
    حزب الامة وكيان الانصار كيما يتقوى بهم.


    http://www.tawtheegonline.com/vb/showthread.php?t=12205
                  

01-10-2012, 04:45 AM

ابراهيم عدلان
<aابراهيم عدلان
تاريخ التسجيل: 01-04-2007
مجموع المشاركات: 3418

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: القلب النابض)
                  

01-10-2012, 07:07 AM

د.نجاة محمود


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: ابراهيم عدلان)

    سلامات من قطر

    وكل سنة والجميع بخير آخر مرة شاهدت هذا البوست قيل ان هناك نسخة من تقرير لجنة علوب في مكتبة الكونقرس
    رغم تأكيد عدد كبير من الباحثين لي انه لا توجد اي نسخة منه الا في ارشيف القضاء العسكري ولا يمكن الحصول عليها او السماح بالاطلاع عليها
    لانها كلاسفايد للمعلومات العسكرية المتواجدة فيه
    طيلة بحثي في هذا الموضوع لم اجد اي شخص ذكر انه قرأها الا بروف دكتور لواء معاش محمود قلندر وهو يعمل في جامعة قطر ان شاء الله
    ساقوم بسؤاله عنها مرة اخرى واكتب ما يقولوه لي هنا بعد موافقته حيث من قبل نقلت جزء من وجهات نظره في بوست سودانيات الذي فتح في هذا الامر
    وقد احضرت وصلته هنا.


    الى الان كلي امل ان يظهر حارس ا حراسة القيادة لان بيده مفتاح السر بان يذكر اسم من هاتفه وامره بتنفيذ التصفية..
    رغم ان عدم تصفيته للسجناء خفف عليه الحكم الا ان هناك دائما اناس على اهبة الاستعداد لانكار وتغبيش اي معلومة تصل

    كل الحراسات كان بها هاتف وحارس وهناك اكثر من افادة عن مكالمات اتت لهؤلاء الحراس..

    اكيد من لديه كلمة السر * التي يمكن ان يخاطب بها الحراس هو عين الحراس وهو من امرهم بالتصفية.

    وبذلك من دبر ونفذ ذلك الانقلاب هو المسؤول الاول عن هذه الجرائم التي ارتكبت في حق عزل,

    _____________

    هناك كود عسكري يعطى للعسكرين في تنفيذ اي امر بدونه لا ينفذ العسكري اي امر
                  

01-10-2012, 08:05 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: د.نجاة محمود)

    شكرا للاخوة مع حفظ الالقاب
    سهير ابوديه
    ابراهيم عدلان
    نجاة الامين

    على اضافاتهم للخيط والتعقيب. وسارجع لاعقب على مداخلاتهم
                  

01-10-2012, 11:18 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    الاخت سهير
    شكرا لاضافتك ملاحظات المرحوم احمد سليمان المحامى, وقد عرف من ايام انتمائه للحزب الشيوعى بجنوحه لخيار الانقلاب العسكرى, وأظن انك متابعه
    لما اثاره الامام الصادق مؤخرا عن عرض احمد سليمان له لعمل انقلاب مشترك!!

    Quote: هناك تقويم صادر عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي
    السوداني وكتابات لاحقة لبعض الباحثين، تنفي ان يكون
    لعبد الخالق محجوب صلة بانقلاب 19 يوليو؟
    = هذا مضحك، فمن الذي دبره اذاً!
    * قيل إن الذي دبره هم العسكريون في الحزب؟
    = هذا قول لا يحترم عقول الناس فلا يمكن تصور عمل انقلاب 19 يوليو
    بمعزل عن دور الحزب الشيوعي فيه، سواء كان التصور عن عسكريين
    او شياطين..اؤكد لك ان الانقلاب من A وحتى Z من تدبير عبد الخالق
    محجوب.


    رغم اقتناعى الشخصى بإن الانقلاب خطط ونفذ بواسطة المكتب العسكرى للحزب الشيوعى,وإن المكتب السياسى للحزب,والمرحوم عبدالخالق كان على علم بتوجه
    العسكريين لاسقاط النظام,ولم يتم ايقاف هذا التحرك , الا اننى لم اجد مايؤكد حتى الان التخطيط المسيق لعبد الخالق او المكتب السياسى للانقلاب, او تحديد ساعة الصفر. فى اعتقادى ان المكتب السياسى للحزب كان منقسم عل
    نفسه حول اتجاه العسكريين لعمل انقلاب, لم يؤيد,او يعارض, وارجأ نقاش الموضوع لمزيد من الحوار مع هاشم. الا ان العسكريين الشيوعيين و حلفائهم
    فى تنظيم الظباط الاحرار قاموا بانقلابهم بدون انتظار اكمال النقاش مع قيادة الحزب.
    هل لديك مقالة معاوية سورج التى كتبها ونشرت فى الوطن بإسم" وصيتى الاخيرة" وهى نفس شهادته امام مولانا علوب, وقد كان الشاهد رقم 1?
    مع ودى وتقديرى
    P.s
    كان لدى زميل فى عملى السابق فى General Petroeun Corp فى سودان الثمانينات اسمه احمدحسن أبوديه,هل هو من أقاربك?
                  

01-11-2012, 04:04 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    عزيزى ابراهيم عدلان

    سلامات

    لم استطع قرأة Link. الرجاء ارساله مره اخري

    مع ودى وتقديرى
                  

01-11-2012, 04:20 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    سلام يا ابونورة
    كيفك وكيف نورة
    ارجو ان اشارك بهذه الفقرات من عنف البادية
    بها اشارات مفيدة لهذا البوست السمين

    عنف الباديه-وقائع الايام الاخيره فى حياة عبد الخالق مجحوب
    السكرتير السياسى للحزب الشيوعى السودانى
    د/حسن الجزولى
                  

01-11-2012, 04:23 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: خالد العبيد)

    جذور الصراع

    إحداث سياسيه متلاحقة أمسكت برقاب بعضها البعض.مابين صباح السادس عشر من نوفمبر عام 1970م وعصر التاسع عشر من يوليو1971م حتى شكلت فيما بعد تراجيديا ما يزال كثير من المهتمين والدارسين يعكفون على نبش أضابيرها علهم يفكون شفراتها أو يفسرون طلاسمها!
    لكن مقدمات تلك الأحداث تعود بتاريخها إلى ما قبل ذلك بسنوات،على الأقل منذ انتكاس شعارات ثورة 21 أكتوبر عام 1964م ،ومواجهة الحزب الشيوعي لمؤامرة جله عام 1965م على الرغم من الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا ببطلان مشروعية ذلك الحل بعد أن نظرت في الاستئناف المقدم منه ،وهو الحكم الذي صرح بشأنه رئيس الوزراء وقتها الصادق المهدي قائلا(إن الحكومة غير ملزمه بأن تأخذ بالحكم القضائي الخاص بالقضية الدستورية!!
    إزاء ذلك قدم مولانا/بابكر عوض الله رئيس القضاء آنذاك ،التي تعتبر الأشهر حتى الآن في تاريخ الدولة السودانية، قائلا في معرض تسبيبها:"أنى لم اشهد قط،في كل حياتي القضائية اتجاها نحو تحقير القضاء والنيل من استقلاله كما أرى اليوم..أنى اعلم وبكل أسف تلك الاتجاهات الخطيرة عند قادة الحكم اليوم لا للحد من سلطات القضاء في الدستور فحسب،بل لوضعه تحت إشراف السلطة التنفيذية"!
    بالنسبة للحزب تركت (جرده) الحل آثار سلبه على نشاطه السياسي العام،و..وضعه الداخلي،فقد ألجمت اندفاعه السياسي ،واعدته لشبه السرية،وأغلقت صحيفته ،ودوره،وفجرت ازمه داخله حول جدوى النظام البرلماني الليبرالي.ولكنها بدت خافته ولم يشتد ساعدها إلا فيما بعد .وقد شكلت تلك الازمه احد أهم أسباب تفريخ الفكر الانقلابي داخل الحزب،وقتها،حيث أفضت لحالة من الإحباط،ومراكمة بعض السلبيات التي سادت في بعض أوساط"العناصر من البرجوازية الصغيرة التي تأتى من صفوفها غالبية كادر الحزب الشيوعي المثقف.
    ومن ثم اخذ يستعر صراع ايدولوجى عبر عن نفسه في المؤتمر الرابع الذي دفعت،في الواقع،حدة ذلك الصراع لانعقاده في أكتوبر عام1967م،وتلي ذلك انعقاد دورتي اللجنة المركزية في يونيو 1968 ومارس 1969م،اللتين لخصتا جوهر موقف الحزب من القضايا الخلافية في "الموقف المبدئي الصارم من الانقلابات العسكرية-ضرورة تغيير قيادة الحزب لتتصدى للمهام الجديدة التي افرزها الصراع الاجتماعي-التركيز على العمل الجماهيري الصبور الدءوب ليصل الحزب إلى القيادة صاعدا من القاعدة ولا يهبط عليها من أعلى،وأبرزت الصراع الضاري الذي يدور داخل الحزب"!
    كان تقرير المؤتمر الرابع المقدم من السكرتير السياسي عبد الخالق محجوب ،قد أشار باكرا،في إطار هيكلته لإستراتيجية الحزب حول الثورة السودانية ،إلى المسائل التي احتدم الصراع حولها لاحقا بشكل أكثر حده،وأهمها دور الديمقراطيين الثوريين وغموض الحديث عن هذا الدور من الناحية النظرية،وما يحتويه من مفاهيم غير علميه عن الاشتراكية.كما أشار للتقديرات اليمينية التي تهول من هذا الدور،كتجربة متكاملة تحمل نفيا للماركسية حول قوانين التطور الاجتماعي ،علاوة عن التقديرات اللبرالية التي تهبط به إلي مستوى حركة برجوازيه صغيره عاجزة عن مواكبة الثورة الاجتماعية وقيادتها.وخلص التقرير إلى أهمية تقييم الحقائق الخاصة بتطور الثورة في الظروف التاريخية الراهنة حتى لاتنزلق في الجمود العقائدي وخطا التقديرات الذاتية.كما نبه إلي خطورة تنامي الاتجاهات الانتهازية اليسارية"التي تبشر بأنه لا مكان للنضال الجماهيري ولا أمل ورائه ،وكل ما يبقى للحركة الثورية هو أن تنكفئ على نفسها وتقوم بعمل مسلح،لان هذا العمل هو الذي يحضر الجيش السياسي الجماهيري".
    أما اللجنة المركزية فقد شددت في دورتيها المذكورتين،على أهمية مناقشتها بعد أن ثبت إن المؤتمر الرابع لم يحسم الصراع بشكل كامل .فشرعت من خلال الدورتين،في محاوله وضع المعالجات الملائمة للقضايا الملحة التي برزت بعد المؤتمر الرابع ،ولحده الصراع الذي تفاقم حول الموقف من قيادة الثورة السودانية والتغيير الاجتماعي في البلاد بشكل عام.ومن أهم تلك القضايا:
    1-إن الحركة الشعبية تنتصر ،بمعنى وصول الحلف الديمقراطي تحت قيادة الطبقة العاملة وتشكيل حكومة وطنيه ديمقراطيه،عندما تنضج الأزمة الثورية وسط الجماهير .
    2-إن الحزب لا يرى بديلا عن النشاط الجماهيري في التصدي لاستكمال مهام الثورة الوطنية الديمقراطية،والانتقال بها إلى أفاق الاشتراكية
    3-إن الحلف الوطني الديمقراطي يتشكل من جماهير الطبقة العاملة في القيادة،وجماهير المزارعين والبرجوازية الوطنية والمثقفين الثوريين والأقسام الثورية المسلحة التي تضع نفسها في خدمه ذلك الصف
    4-إن الحزب يضع في اعتباره كل الاحتمالات ،من أمكانيه لجوء القوى الرجعية لأقسامها المسلحة في الجيش لإقامة ديكتاتوريه عسكريه،كما يضع نصب عينيه ،في نفس الوقت،احتمال لجوء فئات اجتماعيه من بين أوساط قوى الجبهة الوطنية الديمقراطية في البلاد لانقلاب عسكري.

    ما لبث الصراع أن انتقل للعلن،وعلي صفحات الصحف،بعد أن أخذت تتكاثف في أفق الحياة السياسية السودانية،وفى أروقة الحزب،ملامح الخلاف الفكري الذي أدى في وقت لاحق ،إلي انقسام جديد داخله.
    وفى ذلك السياق دار سجال فكرى عاصف ،من مواقف شديدة التباين،عن دور القوات المسلحة ،ودور التنظيم الطليعي ،ودور الجماهير في التغيير الاجتماعي .وكان قد بدأه احمد سليمان المحامى ،عضو اللجنة المركزية وقتها ،بمقال في صحيفة( الأيام) حيث اقترح ميثاقا شبيها بميثاق أكتوبر 1964م بعد تصحيح هناته وثغراته،مشيرا إلى أن حكومة وحده وطنيه مستقره،ومعبره عن المصالح الرئيسية للمجتمع ،من شانها أن تنفذ ذلك الميثاق المقترح ونادي صراحة بان"السبيل إلى هذا الاستقرار غير حماية القوات المسلحة التي يجب الاعتراف بها كقوة مؤثره وكعامل فعال في حياة البلاد السياسية،فالجيش هو القوة الوحيدة التي تستطيع أن تحمى الميثاق المنشود وحكومته،ويستطيع بما يتمتع به وحده أن يردع المارقين والمغامرين.
    وفى يناير 1969م رد عبد الخالق علي مقال احمد سليمان بمقال في صحيفة( أخبار الأسبوع) نبه فيه إلى الحديث الذي اخذ يتكاثر عن القوات المسلحة حديث خطير يتجاهل تجربة الشعب السوداني ،مشيرا إلي تجربة كبار جنرالات الجيش في الحكم العسكري الأول عام 1958م ،وان البلاد ليست في حاجه( للضبط والربط) والتنفيذ السريع ،وان الحديث عن جهاز الدولة باعتباره شيئا مميزا عن الفئات والطبقات الاجتماعية التي جربت السلطة وفشلت هو حديث غير سليم ومجافى للحقيقة،"فالقوات المسلحة لا تخرج عن إطار التحليل الطبقي،وتشكل،في مستواها الأعلى وبالتجربة ،جزءا من النادي الذي سقط في طريقه الاقتصادي ،وأصبح لا مفر من نظام سياسي جديد".والى ذلك أوضح عبد الخالق أن مشروع احمد سليمان في حكومة الوحدة الوطنية هو تجمع بين القوى الرجعية والقوى التقدمية . كما نبه إلى أن احمد سليمان إنما يعارض في مقاله تحليل المؤتمر الرابع حول القوات المسلحة بل يقترح دخولها كجسم واحد بأقسامها الوطنية والرجعية لحل ازمه الحكم،"كما يطرح دخول القوات المسلحة ككل في العمل السياسي لحماية حكومة الوحدة الوطنية- لكن حمايتها ممن؟! ألا يدل حديث احمد سليمان علي أن القوات المسلحة مدعوه إلى دعم حكم رجعى به عناصر تقدميه شكلا ،وإيجاد صيغه للتصالح بين القوى الرجعية حتى بين ابسط ميادين الديمقراطية وهى الانتخابات".
    ثم عاد عبد الخالق لتوضيح هذا الموقف في 19 مايو 1969م ،اى قبل وقوع الانقلاب فعليا بأقل من أسبوع ،من خلال ندوة سياسيه من قلب دائرته الانتخابية بإحدى ميادين حي بانت جنوب أمدرمان،وذلك ضمن حديثه عن أفاق المستقبل السياسي للسودان حيث قال:"إن البلاد قد دخلت الآن ،وبما لا يقبل الجدل،إلى نفق مظلم للغاية"!وأضاف" اننى لا أرى مخرجا منطقيا من هذا النفق سوى قيادة وطنية جديدة تترجم إرادة التغيير ،وتعبر عن تطلعات الجماهير".ومضى يقول :"ولعله من الواجب أن أؤكد هنا أن حزبنا الصامد يرفض أي مغامرة عسكرية طائشة للتغيير تستغل فيها البرجوازية الصغيرة معاناة شعبنا لتتسلق إلى الحكم تحت عناوين تعرف سلفا أنها زائلة قبل أن تستوعبها جماهيرنا
                  

01-11-2012, 04:26 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: خالد العبيد)

    مضت الأحداث تتداعى على ذلك النحو حتى وقع الانقلاب العسكري فعليا ،وفى تلك الأثناء ،فجر الخامس والعشرين من مايو عام 1969م،في ظل تصاعد أزمة سياسيه حادة بين قوتين اجتماعيتين متناقضتين:
    - فمن جهة وقف الحزب الشيوعي والفئات والشرائح المساندة لبرنامجه للتغيير الاجتماعي الذي تم التعبير عنه في برنامج سياسي (للقوى الاشتراكية)التي كانت نظمت نفسها آنذاك استعدادا لمعركة رئاسة الجمهورية،بل وحددت اسم مرشحها.
    - ومن الجهة الأخرى وقفت القوى المناوئة له،والمتمثلة في أحزاب وقوى اليمين التقليدية التي كانت تنادى (بالدستور الإسلامي )كمخرج وحيد من الأزمة السياسية
    استقبل الشارع السوداني انقلاب مايو بارتياح ،وحظي بقبو ل عاصف ومساندة واسعة من قطاعات وفئات اجتماعيه عريضة .غير أن الصراع داخل الحزب ما لبث أن ازداد حده بعد وقوع الانقلاب وتعمقت الأزمة الفكرية فيه بين جناحين:
    -احدهما بقيادة احمد سليمان ومعاوية سورج،عضوا اللجنة المركزية،ويرى ضرورة التعاون مع السلطة العسكرية الوليدة التي رفعت شعارات الحزب والتزمت بتحقيقها كاملة !
    -أما الآخر فبقياده عبد الخالق ،وقد تحفظ على خط الانقلاب نفسه،ودعا بالنأي بالحزب عن مواقع السلطة ،وعدم المشاركة في حكومتها،والتمسك باستقلالية منابره في تلك الفترة"من زاوية ما يتيحه هذا من حرية اتخاذ القرار السياسي واستقلاليته ،كشرط لرفد فكر التحالف الناقد والايجابي لكل خطوة ايجابيه تتخذها السلطة لصالح الحركة الجماهيرية،مع كفاله حرية النقد للقرارات التي تحد من اندفاع الحركة الجماهيرية". وذلك باعتبار أن الانقلاب قد وقع ،بالفعل،واحدث واقعا سياسيا موضوعيا مختلفا عما كان قائما قبله، مما يستوجب التعامل معه ،بطبيعة الحال ،بصوره مختلفة أيضا.
    غير أن قرار بالمشاركة في السلطة ما لبث أن صدر ،مع ذلك،في أعقاب مداولات ساخنة عندما وقفت "غالبيه اللجنة المركزية مع فكره المشاركة مع حكومة مايو على المستوى الوزاري بعد رفضها للاقتراح المقدم من السكرتير العام للحزب بعدم قبول كراس وزارية"،علما بان المكتب السياسي كان قد اعترض منذ مارس 1969م ،على فكره الانقلاب الذي تبنته عناصر القوميين العرب في تنظيم (الضباط الأحرار)!ويوضح محجوب عثمان ،الصحفي وعضو اللجنة المركزية للحزب أبعاد هذا الصراع قائلا :"هناك حقيقة كبيره غائبة وهى أن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اجتمعت أمسية 25 مايو بأحد المنازل بمدينه الخرطوم بحري وصدر توجيه من قياده الحزب للذين تم اختيارهم في أول مجلس وزراء لحكومة مايو من أعضاء الحزب بالا يوأدوا القسم حتى تجتمع اللجنة المركزية للحزب وتقرر هل هذا انقلاب عسكري أم ثوره، وكانت المناقشة في اجتماع اللجنة المركزية قد وصلت لانقسام حاد جدا،وكان هناك من يرى أن هذا انقلاب عسكري ويدعو للنأي عنه وبالتالي لا يشارك أعضاء الحزب في مناصب وزارية،وأنا كنت في ذلك الوقت احد أعضاء الحزب الذين تم اختيارهم للوزارة ،وكان هناك رأى آخر داخل اللجنة المركزية يرى أن مايو حركه تقدميه وان بيانها الأول يشتمل على العديد من أطروحات الحزب ،واحتدمت المناقشة إلى إن تم اللجوء للتصويت وكان رأى الاغلبيه بعد التصويت يقف مع تأييد الحزب لحكومة مايو،وهزم رأى الاقليه التي ترفض التعاون مع النظام ،وكان يقود هذا الرأي عبد الخالق محجوب سكرتير عام الحزب.وان رغم صدور قرار تعييني وزيرا ألا أنى كنت أقف مع رأى الاقليه الداعية لمقاطعة انقلاب مايو.وبالفعل خرجت من اجتماع الحزب للمشاركة في الحكومة ورغم قناعتي بعدم صحة هذا الرأي ،ولكن في النهاية خياري التمسك بقرار الحزب.وبالفعل شاركت في أول تشكيل وزاري في حكومة مايو وكان بقيه أعضاء الحزب الشيوعي الذين تقلدوا مناصب وزارية هم موريس سدره وجوزيف قرنق وفاروق أبو عيسى وادينا القسم .هكذا بدأت العلاقة مع مايو وتطورت إلى أن نشب الخلاف والانشقاق والعداء".
    كانت ثمة اتصالات مبكرة قد جرت مع الحزب ،قبل تنفيذ الانقلاب ،في محاوله لإقناعه بضرورة المشاركة فيه ومساندته .وبعدما يفوق الثلاثين عاما أفصح بابكر عوض الله ،رئيس القضاء الأسبق ،واحد ابرز ممثلي تيار القوميين العرب داخل النظام المايوى ،والعضو المدني الوحيد في مجلس قياده الثورة ،ورئيس مجلس وزرائه،عن إن ".....الحزب الشيوعي كان ابعد الأحزاب عن الحركة،وكان ضدها على طول الخط ،وهذا ماد فعنى نهار 24 مايو ،بعد تسجيل كلمتي التي أذيعت في اليوم التالي ،إلى الذهاب إلى المرحوم عبد الخالق في منزله ،و أوضحت له أن حركه مايو سوف تقوم رافضه جميع الأحزاب السياسية القائمة آنذاك ،وبرغم من يساريه الحركة إلا أنها ترفض الانتماء للحزب الشيوعي أو الارتباط به.فثار ثوره عارمة وقال لي :عاوزين ترجعونا لحكم العسكر تانى ؟!والله لو أعلنتم الارتباط بالحزب الشيوعي دون غيره لرفضنا ،ونحن الآن سائرون في الطريق الممهد للديمقراطية والتي لا تستند إلى الأحزاب الطائفية ".
    وتبدو إفادة بابكر عوض الله هذه اقرب إلى الصدق من روايات من يحاولون ،لأسباب سياسيه واضحة ،أن ينسبوا ا تدبير انقلاب مايو إلى الحزب الشيوعي السوداني ،ومن رواية جعفر نميرى كذلك في كتابه ( النهج الإسلامي لماذا) والتي وان كانت تنفى ،في النهاية ،علاقة الحزب بتدبير الانقلاب ،إلا أنها لا تهدف إلى توثيق التاريخ بأمانه ،بقدر ما تهدف إلى اصطناع بطولات دراماتيكية كاذبة لصاحبها !
    على العموم كان لابد للصراع أن يبدأ في التفجير منذ اللحظة الأولى بين الحزب الشيوعي وسلطه مايو الوليدة.
    في أغسطس عام 1970م انعقد المؤتمر التداولي لكادر الحزب بعد أن تأخر عاما كاملا"وكان عاما مليئا بالأحداث ،ومشحونا بالصراعات ،ولعل تأخيره قد أفسح المجال لقدر كبير من الحوار ،مما ساعد في بلوره القضايا وشحذها .كما أن الأوضاع السياسية والمواقف العملية خلال تلك الفترة قد ساعد أيضا في نقل الصراع من حيث النظرية إلي ميدان الواقع".
    انعقد ذلك المؤتمر ليحسم القضايا الأساسية ،وصراعا فكريا حادا أصبح يعبر عن نفسه بوضوح ،وبصوت عالي، في كل هيئات الحزب القيادية ،بل امتد ليشمل هيئاته القاعدية ،خاصة عندما تركز حول موقف الحزب من 25 مايو ، فأصبحت أمام المؤتمر قضيتان أساسيتان :
    -تحديد طبيعة النظام من وجهة النظر الماركسية اللينينيه.
    -موقف الحزب من النظام وتحديد واجباته في المرحلة الراهنة.
    تقدم عبد الخالق إلي ذلك المؤتمر بمساهمه فكريه طرحت ضمن ما طرحت،موقف الحزب من القوات المسلحة طبقيا وسياسيا ،حيث أكدت أن الجيش ليس "طبقه أو فئة اجتماعيه واحده ،كما انه ليس جهازا معزولا عن عمليات الصراع الطبقي فهناك كبار الجنرالات الرجعيين الذين برهن الحكم الديكتاتوري في أعوام 1957-1964م على انه جزء من البرجوازية المرتبطة بالاستعمار ".كما أشارت مساهمه عبد الخالق إلي أن "غالبيه جنود القوات المسلحة وضباطها جزء من الشعب لا من معسكر أعدائه...ولكن إثارة دور القوات المسلحة بطريقه يفهم منها وكأن الحزب الشيوعي يضعها ككل في صف القوى المعادية للثورة السودانية أمر يخفى وراءه اختلافنا حول قضيتين أخريين ،أولهما وضع القوات المسلحة بين قوى الجبهة الديمقراطية ،وثانيهما الموقف من الانقلاب .نحن كشيوعيين لا نقبل ايدولوجيا نظريه القلة التي تقبض علي السلطة ثم بعد ذلك ترجع للجماهير ،ولهذا فالقبض على السلطة بواسطة اقليه مدنيه كانت أم عسكريه ،من غير اعتبار لدور الجماهير واستيفاء عوامل نضوج الأزمة الثورية،ومن غير اعتبار لدور الطبقة العاملة ..ايدولوجيا غير شيوعية ،وهى،في وضع بلادنا المتخلف ،ايدولوجيا البرجوازية الصغيرة.الفئة من الضباط التي نظمت الانقلاب العسكري ونفذته وقبضت على السلطة صباح 25 من مايو هي ضمن فئات البرجوازية الصغيرة المتعلمة .نحن نناضل من اجل انجاز مهام مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية .نحن نناضل من اجل المباشرة للجماهير في حياتها اليومية ،ونحقق لها بالنضال مكاسب على مستوى معيشتها ،في كافة نواحي حياتها الاجتماعية هذا النضال الذي يقرب الحزب الشيوعي من الجماهير ويربطه بها ،فتتيقظ علي الوعي بمهامها التاريخية والسياسية من خلاله .وفى بداية الشوط الذي نحن بصدده نناضل من اجل ايجابيات السلطة الراهنة ،ونكافح ضد كل السلبيات ."
    أما معاوية سورج فقد ركز مساهمته في انتقاد عبد الخالق ،واصفا نشاطه قبل مايو باليمينية .وقال أن عبد الخالق سعي في تلك الفترة لإقامة تحالف سرى مع الصادق المهدي وجماعة الأخوان المسلمين وجماعة وليم دينق من خلف ظهر الحزب .وقال أن عبد الخالق اعترض على اعتقال الصادق المهدي بعد قيام مايو داعيا لإعطائه دورا خاصا .وأضاف أن عبد الخالق قد انتقل إلى أقصى اليسار بعد انقلاب 25 مايو ،منتقدا السلطة منذ بياناتها الأولى ،وغفلتها إزاء أحداث الجزيرة أبا باعتبار أن الأحداث وقعت صدفه ولم تحدد السلطة زمنا لوقوعها ،معتبرا أن ذلك نتيجة لاتجاه يميني في السلطة .ومضى معددا انتقادات عبد الخالق للسلطة في تحذيره من قيام الاتحاد الاشتراكي وقرارات التأميم والمصادرة .وحول ورقه عبد الخالق المقدمة إلي المؤتمر قال معاوية أن بها خلطا "بين الديمقراطيين الثوريين للبرجوازية الصغيرة والبرجوازية التقدمية كما اسقط الدور التاريخي للبرجوازية إطلاقا ،ثم استشهد بتوسع من كتاب سوفيتي أصدرته دار التقدم في موسكو ويحوى مقالات لعلماء وصحفيين سوفييت".
    وتداول المؤتمر حول المشروعين المطروحين ،مشروع عبد الخالق ومشروع معاوية ،وخلص إلى التصويت عليهما ،ففاز مشروع عبد الخالق بأغلبية 69 صوتا ضد 15 صوتا وبذلك صار من المفترض أن الصراع قد أنحسم حول إستراتيجية الحزب وتكتيكاته.
    إلى هنا كانت الأمور تسير سيرا عاديا حسب لائحة الحزب الداخلية .لكن ما حدث بعد ذلك شكل خروجا تخريبيا متعمدا ليس فقط علي أسس العمل الحزبي ،بل وعلى مجمل أخلاقيات النشاط السياسي .إذ أن جناح معاوية ما لبث أن تكتل ،بتشجيع من السلطة ،ليبدأ نشاطا تنظيميا وفكريا معاديا لخط الحزب ،ومن داخل مواقع الحزب ،فأعلن رفضه لقرارات المؤتمر ،وقرر تشكيل مركز بديل لمركز الحزب الرسمي ،والبدء في التحضير للمؤتمر الخامس ،وأصدر بيان لجماهير الحزب ،بالفعل،في 21 سبتمبر ،بتوقيع اثنتي عشر عضوا في اللجنة المركزية .فأعتبر المركز ذلك ،عن حق ،انقساما واضحا ،ورغم ذلك سعى لمعالجته بالاستناد أيضا للائحة والنظم الداخلية .لكن (جناح معاوية ) أصر علي عدم الاحتكام للائحة ومواصلة نهجه التخريبي ،فلم يترك للجنة المركزية من خيار آخر غير أن تصدر قرارا بفصل جميع العناصر المتكتلة والخارجة علي الشرعية الحزبية وان تعلن ذلك في بيان .
    وسط كل هذه الأحداث كان واضحا أن عبد الخالق هو الذي يشكل العنصر الرئيسي بل "كان هو المركز الاساسى في الصراع ،وله ثقله الفكري والتنظيمي والتاريخي . وكانت السلطة والعناصر المؤيدة لها تدرك ذلك الثقل " مما يفسر تركيزها الواضح علي استهدافه هو بالذات .وفى الحقيقة قد أشار عبد الخالق لتشككه في نوايا السلطة التي ظهرت من خلال محاولتها التفريق ،منذ أيامها الأولى ،وبين معاملته هو وبين معا ملتها لبقية قيادة الحزب ،وقد عبر عن ذلك أكثر من مره متسائلا بتهكم مرير : "هل تراهم يعاملونني هكذا لأني مربوع القامة أصلع الرأس ،أم لأنني سكرتير الحزب "؟
                  

01-11-2012, 04:30 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: خالد العبيد)

    فوجئت الجماهير صبيحة 16 نوفمبر 1970م بقرار جمهوري من مجلس قيادة الثورة بإعفاء كل من المقدم بابكر النور والرائدين هاشم العطا وفاروق حمد الله من عضويته!
    لكن الأمر لم يكن مفاجئا للمراقبين آنذاك ،بالنظر إلي تفاقم الخلافات وسط القوى الفاعلة وذات التأثير على الأحداث .فهناك الخلاف الناشب بين الحزب وبين قيادة مايو حول الانقلاب نفسه ،وحول كثير من السياسات التي ترتبت عليه ،كالموقف من الحريات ،ومن استقلال الحزب ،ومن ميثاق طرابلس في ديسمبر 1969م ،ومن ضرب الأنصار في ود نوباوى و الجزيرة أبا في مارس-ابريل 1970م،ومن قرارات التأميم والمصادرة في 25 مايو من نفس السنة ،وغيرها من الأحداث .أضف إلى ذلك الخلاف الذي نشب داخل مجلس قيادة الثورة حول أسلوب اتخاذ القرار ،ولعل ابرز محطاته الباكرة موقف الأعضاء الثلاثة من إقدام نميرى ،بعد أشهر قلائل من الانقلاب ،على إبرام ميثاق طرابلس مع عبد الناصر و القذافى ،دون الرجوع لمجلس قيادة الثورة .وهو الموقف الأقرب إلى موقف الشيوعيين الذين رأوا في ذلك الميثاق "تجاوزا لخصوصية التشكيل العرقي للسودان كم رأوا فيه انفرادا من نميرى باتخاذ القرارات المصيرية الخطيرة دون استشارة أعضاء مجلس الثورة الآخرين".
    لم يكن خافيا أن اتجاه نميرى ذاك كان يجد المساندة من أعضاء المجلس الآخرين ،باستثناء الأعضاء الثلاثة ،كما كان "...مدفوعا بالقوى القومية العربية الناصرية التي أصبحت ذات باع أطول في الساحة منذ نجاح مايو ...وكان يعضد من باع القوميين العرب وجود بابكر عوض الله على رأس السلطة التنفيذية ،أضافه إلى عدد من النافذين من الضباط في الجيش وخارج الجيش من أمثال محمد عبد الحليم وشقيقه العميد احمد عبد الحليم والعميد عمر محمد سعيد ثم بعض المنظرين من أمثال الطاهر عوض الله وناصر السيد وبابكر كرار".
    وقد اخذ هذا التيار القومي العربي الناصري ينحدر بمايو سريعا في اتجاه يفرغ فكرة (الجبهة الديمقراطية) التي تأسست عليها مبادئ الانقلاب المعلنة من محتواها ،مما انعكس علي المنظمات الفوقية للنساء والشباب وحتى الطلائع ،التي دفع هذا التيار لتشكيلها بغرض مناوئة المنظمات الجماهيرية القائمة بحجة أنها مواليه للحزب الشيوعي .ولم يجد في حل الخلاف بين التيارين لا (الملتقى الفكري العربي ) الذي نظمه منصور خالد بالخرطوم ،ولا (ندوات الحوار)التي تبناها الرائد زين العابدين عبد القادر ،عضو مجلس الثورة والرقيب العام آنذاك بمكاتب الرقابة العامة .وحتى المحاولة التي يبدو أن بابكر عوض الله قد لجأ إليها لتلين ذلك الخلاف بتصريحه الشهير،إبان زيارته لألمانيا الديمقراطية عام 1970م ،بان مايو ما كان يمكن أن تنجح إلا بمعاضدة الشيوعيين ،قد و وجهت بتصريح نميرى المضاد الذي قطعت إذاعة أمدرمان برامجها خصيصا لبثه ،والذي نفى فيه أية علاقة لمايو بالشيوعيين فكرا أو ممارسه .وكانت مداولات اللجنة التحضيرية للميثاق ،في إطار تنفيذ قرار مجلس الثورة بإنشاء تنظيم جامع للقوى الوطنية ،مناسبة أخرى للمواجهة بين التيارين ،حيث طرح الشيوعيين الديمقراطيين صيغة (الجبهة الديمقراطية )بينما تمسك القوميون العرب بصيغة (الاتحاد)كحزب قائد أوحد،والتي أفضت لاحقا ،إلى تنظيم (الاتحاد الاشتراكي) أو (تحالف قوى الشعب العاملة )كمجرد تنظيم تابع للسلطة.
    ومن جهة أخرى كان لابد للصراع الذي انفجر داخل الحزب ،قبل وبعد انقلاب مايو ،أن يجد تعبيرا عنه بصورة أو بأخرى ،داخل تنظيم الضباط الأحرار في الجيش ،والذي كان يفترض (جدارته)حسب طبيعة الأشياء ،بقيادة دفة السلطة في تلك الأيام الأولى من عمر السلطة الجديدة باعتباره( التنظيم ) المنفذ للانقلاب .وهو الافتراض الذي سيجد مقاومة داخل مجلس قيادة الثورة ،وسيؤدى ،في نهاية الأمر،بالضرورة،إلي تنازع تلك(الجدارة) بين المجلس والتنظيم ، بل إلي لجوء القومين العرب في المجلس والجيش لتكوين تنظيم آخر مناوئ لتنظيم الضباط الأحرار باسم (أحرار مايو).
    حول ملابسات ذلك الصراع الذي اتخذ أشكالا مختلفة وأفضى في مرحلة منه ،لإقصاء الأعضاء الثلاثة من المجلس ،يروى المقدم معاش محمد محجوب عثمان ،الشقيق الأصغر لعبد الخالق ،واحد أعضاء التنظيم الشيوعي وتنظيم الضباط الأحرار داخل الجيش ،والذي أصبح عضوا بمجلس قيادة الثورة في انقلاب 19 يوليو بعد اقل من عام من ذلك ،قائلا: "لم يمض على انقلاب 25 مايو 1969م سوى شهرين حتى تم الانتكاس على اتفاق سابق يقضى بحق تنظيم الضباط الأحرار في الرقابة على أداء المجلس في كافة المستويات ،سواء تلك الخاصة بالقوات المسلحة أو ذات الطابع السياسي على مستوى الدولة ،وان تخضع هذه وتلك لاستشارة أعضاء التنظيم قبل أن تصبح اتجاهات رسميه .واعتبر المجلس المعلن أن ذلك يشكل قيدا عليه ،وان دور التنظيم قد انتهى بعد انتصار العملية الانقلابية ،وان النظم الانقلابية لا تسمح بقيام تنظيمات داخل الجيش (!)ولهذا صدر قرار بحل تنظيم الضباط الأحرار .ورغم أن هذا القرار قد وجد معارضه واسعة في اجتماع عاصف فقد تم تطبيقه رسميا .إلا أن التنظيم ظل محافظا على كيانه سرا ،باستثناء أولئك الذين آثروا الدخول إلي أروقة السلطة من باب التعاون مع مجلس الثورة ".
    ومن جانبه يلخص الرائد فاروق عثمان حمد الله ظروف الصراع داخل المجلس ،وبين المجلس والتنظيم ،بأن حركة الضباط الأحرار أصبحت غير راضيه ،بصوره متزايدة ،عن سياسات نميرى الداخلية ،وخاصة سياسته تجاه (مشكلة الجنوب)حيث تم الإبقاء على غالبية الجيش هناك دون أن يحدث أي تقدم ،فأصبح الضباط في حيرة من أمرهم ،بينما نميرى يتحول ،يوما عن يوم إلي طاغية لا يحفل حتى بمشاورة زملائه في المجلس بشان قرارات مصيريه يتخذها في أمور غاية الأهمية والخطورة ،علاوة علي تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد .وقال انه وعدد من زملائه ،وخاصة بابكر النور وهاشم العطا ،أصبحوا يشعرون بعدم الرضا ،أكثر فأكثر ،بإزاء تعدى نميرى المتواصل علي الحريات الشخصية للمواطنين ،وانه شخصيا ظل منزعجا إزاء ممارسات الاعتقال التي كانت تتم من غير مبرر من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للبوليس والجيش ،علي خلفيات سياسية أو غيرها ،حيث أصبح المواطنون يعتقلون دون توجيه تهم محددة إليهم أو تقديمهم للمحاكمة ،كما وان إجراءات المصادرة والتأميم أثرت بصورة بالغه علي الاقتصاد ،وان الأحزاب السياسية أصبحت ممنوعة من ممارسة نشاطها ،وان حقوق الأقليات والآراء المخالفة لم تحترم . ولذلك "تقدمت باستقالتي في مارس 1970م خلال احدث الجزيرة أبا ،وقد ظللت مرعوبا من حمامات الدم وفظاظة الأفعال من نميرى ورفاقه،ولكن الاستقالة رفضت ،وبقيت مع نميرى أطول ما استطعت من الزمن ،محاولا دفعه لتغيير أساليبه ، ولكنني فشلت ".
    ويكتب السفير السابق احمد العمرابى ،مشيرا إلى جذور الصراع قائلا: " الانقلاب الذي جرى في 19 يوليو 1971م يمثل أعلى ذروه تصعيديه لذلك الخلاف الكبير المتشعب بين الفريقين في ثورة مايو :فريق العناصر الموالية لمصر بصورة كاملة بزعامة جعفر نميرى ،والذين كانوا لا يرون بأسا من التدخل المصري في الشأن السوداني ،وفريق العنصر الاستقلالية ذات النزعة اليسارية المعارضة لهذا التدخل .وهذا الخلاف ظهرت بوادره منذ الأيام الأولى لاستيلاء نميرى وصحبه علي السلطة في عام 1969.....حيث أن المجلس انشق بمرور الشهور إلي فريقين :..اغلبيه تضم نميرى وخالد حسن عباس ومأمون عوض أبو زيد وأبو القاسم محمد إبراهيم وأبو القاسم هاشم وزين العابدين محمد احمد عبد القادر ومعهم العضو المدني الوحيد بابكر عوض الله ،في مقابل اقليه ثلاثية من بابكر النور وفاروق عثمان حمد الله وهاشم العطا .كانت الأغلبية ملتزمة بتطبيق الأجندة التي أعدتها القاهرة سلفا لتحديد مسار السلطة الثورية الجديدة .وكان في مقدمة البنود أن تعمل السلطة في مرحلة لاحقة ،بعد رسوخ قدمها واكتساب قدر من الشعبية بعد تصفية القوى السياسية التقليدية وعلي رأسها (الأنصار) وحزب الأمة ،إلى أن تتخلص من الاعتماد على الشيوعيين .علي هذا النحو كانت الخطة تقضى بتكوين تنظيم سياسي شعبي أوحد باسم (الاتحاد الاشتراكي السوداني )علي غرار (الاتحاد الاشتراكي العربي)في مصر الناصرية آنذاك .كان المطلوب تصفية الحزب الشيوعي السوداني ككيان تنظيمي ليذوب في (الاتحاد الاشتراكي السوداني ).وعندما صار الخلاف الأيديولوجي في صفوف الثورة ومؤيديها صراعا مكشوفا ،ظهر للجميع أن قيادة الحزب الشيوعي السوداني نفسه منشقة علي نفسها إلي فريقين ،فريق يؤيد الأجندة المصرية ويقوده احمد سليمان وفاروق أبو عيسى ومعاوية إبراهيم ،وفريق يعارضها بقيادة عبد الخالق محجوب والزعيم النقابي الشفيع احمد الشيخ والقائدة النسائية فاطمة احمد إبراهيم بالإضافة إلي التجاني الطيب ومحمد إبراهيم نقد وجوزيف قرنق .إلي أن رحل عبد الناصر في سبتمبر 1970م كان يتدخل من حين لآخر كلما اقترب الصراع من لحظة الانفجار المدوي ،فتهدأ الخواطر مؤقتا ،ثم ما تلبث أن تعود للالتهاب مجددا.ويبدو أن عبد الناصر كان يحرص أن يتم الانتقال إلى مرحلة (الاتحاد الاشتراكي السوداني)بطريقة ودية ..وبالتراضي ،لا عن طريق القهر! لكن بعد رحيل عبد الناصر وتسلم أنور السادات سدة الرئاسة اختلف الأمر .كان الرئيس المصري الجديد مصمما علي القضاء على اليساريين ،وخاصة الشيوعيين منهم ،لا في مصر وحدها (علي صبري وشعراوي جمعة وصحبهما )وإنما في السودان أيضا ،فأخذ يتحين الفرص ".
    في كل الأحوال تسبب إقصاء الأعضاء الثلاثة في إضعاف أداء مجلس قيادة الثورة الذي تفتقر باقي عضويته إلي الوعي السياسي والفكري ..لذا فإن "تضافر العوامل الخارجية ،وتحول سلطة مايو إلي اليمين كليا بعد الانقلاب الذي أحدثته في 16 نوفمبر 1970م ،ما كان له أن يتم إذا لم تتوفر له التربة الملائمة في التركيب الفكري الضعيف وتدني الوعي السياسي لمجموعة مجلس الثورة .تلك كانت حفنة من الضباط التقت على درب التآمر مع جهات خارجية ،حققت انقلابا ،رافعة شعارات التقدم والاشتراكية ،وهى تجهل أبجدياتها "..ويتجلي احد ابلغ الأمثلة على ضعف التركيبة الفكرية لغالبية أعضاء مجلس (ثورة مايو) في ما دار في احد الاجتماعات العاصفة للمجلس عند عودة نميرى من زيارة له إلي ليبيا في أغسطس 1970م،بعد مشاركته في احتفالات الذكري الأولي (للثورة )الليبية ،حيث عقدت قمة ثلاثية شارك فيها إلى جانب جمال عبد الناصر و القذافي وتمخضت عن فكرة( الاتحاد الثلاثي ) بين مصر والسودان وليبيا ،وذلك بمبادرة القذافي الذي كان قد أعد ميثاقا (لاتحاد الجمهوريات العربية)بزعامة عبد الناصر،فتم التوقيع عليه ،كما وقع نميرى و القذافي على ميثاق شرف بين الدولتين كان قد أعده القذافي أيضا ،و ينص على أن تسلم كل منهما معارضي الطرف الآخر للسلطات المختصة .وفي ذلك الاجتماع الذي أعقب حضور نميرى من ليبيا ،استعرض نميرى ميثاق الاتحاد،و أوضح إن الاختيار قد وقع عليه ليكون نائبا لرئيسه ،ثم مضى يؤكد أن تلك لا تعد،فحسب فرصه تاريخية بالنسبة لشخصه ،بل للسودان كله ،لأنه المستفيد الأوحد من فكرة الاتحاد .وفجأة خفض نميرى صوته قائلا أن السودان يمكن أن يفسخ ميثاق الاتحاد في أي وقت يشعر فيه انه حقق ما أراد كما فعلت سوريا مع مصر عام 1961م !وقبل نهاية الاجتماع طرح نميرى فكرة الاتحاد للتصويت ،وقبل أن يهم الأعضاء برفع أصابعهم طلب بابكر النور أن يسمح له بالكلام .وتحدث بابكر بغضب شديد عن الطريقة (الساذجة)التي يريد نميرى أن يقرر بها أمرا مصيريا كهذا.وقال إن من يحق له التصويت على قرار الوحدة ليس مجلس الثورة بل الشعب السوداني كله .فقاطعه نميرى بسخرية : تريدنا أن نجلس هنا ونطلب من الشعب السوداني أن يقف طابور ليقول كل واحد رأيه في الوحدة ؟ فرد بابكر بلهجة لا تقل سخرية :لا توقفهم في طابور لان الشمس حارة جدا ...لكن اطرح الفكرة عليهم الفكرة في استفتاء عام !!وعقب نميرى على بابكر قائلا بان رأيه فردى ولا يمثل أغلبية أعضاء المجلس ،ثم طرح الاقتراح للتصويت،فانضم الرائد فاروق عثمان حمد الله والرائد هاشم العطا إلى رأى المقدم بابكر النور بينما صوت الأعضاء السبعة الآخرون ،بمن فيهم النميرى وبابكر عوض الله ،إلى جانب ميثاق الاتحاد.ولكن الاجتماع انتهى دون أن يعرض نميرى على المجلس(ميثاق الشرف)الذي ابرمه مع القذافي !وشاءت الأقدار ألا يطبق ذلك (الميثاق )إلا مرة واحدة ،هي تلك التي احتجز فيها القذافي طائرة بابكر النور وفاروق حمد الله وسلمهما إلي نميرى
                  

01-11-2012, 04:33 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: خالد العبيد)

    بجانب إقصاء الأعضاء الثلاثة وتحديد إقامتهم ،وإحالة ثلاثة عشر من ضباط القوات المسلحة إلي التقاعد،إضافة لحملة الاعتقالات التي طالت عددا كبيرا من الكوادر الوسيطة في الحزب الشيوعي ،ومصادرة أموال رجل الأعمال المعروف حامد الأنصاري بتهمة إنها مملوكة للحزب ،فقد تم أيضا اعتقال د. عز الدين علي عامر ،عضو اللجنة المركزية للحزب ،ووضعه في مصنع الذخيرة بمنطقة الشجرة بالخرطوم ،كما تم أيضا اعتقال عبد الخالق محجوب ،السكرتير السياسي للحزب،ووضعه بالسجن الحربي القديم بأم درمان .
    اقتيد عبد الخالق في البداية ،وبعد القبض عليه مباشرة ،من عربة مصطفى احمد الشيخ التي كانت تقله ،صباح 16 نوفمبر عام 1970م ،من أم درمان إلي الخرطوم عبر جسر النيل الأبيض ،إلي القيادة العامة ،حيث وجد نفسه ،حسب وثيقة تقييم اللجنة المركزية لانقلاب 19 يوليو ،أمام اجتماع لمجلس قيادة الثورة ،أشبه بالمحكمة العسكرية برئاسة نميرى الذي وجه لعبد الخالق قائمة اتهامات شملت معارضة ثورة مايو ،وضع العراقيل في طريقها قبل وبعد انتصارها ،ومعارضة تجنيد الشيوعيين لجهاز الأمن ،ومعارضة السلم التعليمي ،ومعارضة ضرب الجزيرة أبا ،ومعارضة التأميم والمصادرة ،ومعارضة ميثاق طرابلس .......الخ .وابلغ النميري عبد الخالق قرار مجلس الثورة باعتقاله ،وقال له : انك لن ترى الشمس بعد اليوم !
    أستلم الرائد مأمون عوض أبو زيد زمام الكلام من نميرى ،طالبا من عبد الخالق أن يكشف لمجلس الثورة ما لديه من معلومات عن مؤسسات الحزب وممتلكاته ،فما كان من عبد الخالق إلا أن زجره قائلا : يسهل على أن يقطع لساني من أن اكشف أسرار الحزب ! ثم تجاهل ،من ناحية أخرى حديثا سوقيا مبتذلا كان الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم قد بدأ يخوض فيه !
    وبعد ذلك نقل عبد الخالق إلي السجن الحربي بأم درمان ،فأصيب في اليوم التالي بنزلة برد حادة ،وساءت حالته الصحية، فزاره النقيب الطبيب المرحوم عبد الرحمن الدرديري ،وأسعفه ببعض الأدوية ،لكنه أوصى بان حالته تستدعى نقله لأي مكان آخر تتوفر فيه ظروف صحية أفضل .وبدا المرحوم الدرديري في اشد حالات الغضب وهو يهدد بالكشف عن حالة عبد الخالق ومكان اعتقاله للناس!
    ما حدث في اثر ذلك كان أمرا غريبا ،بالنظر لطبيعة الأوضاع الديكتاتورية ،ولا نجد له تفسيرا بغير هشاشة الداخلية للتسلط مهما حاول المتسلط أن يتظاهر بعكس ذلك ! فقد أفضت ضغوط المرحوم الدرديري ،على أية حال ،لنقل عبد الخالق إلي استراحة بميس الضباط الملحق بمباني مصنع الذخيرة بمنطقة الشجرة بالخرطوم ،وإن كان قد فرض عليه " الحبس الانفرادي ،ومنعت عنه الكتب والصحف والمذياع ،وصدرت الأوامر لجنود الحراسة بعدم التحدث إليه".
    مصنع سلاح الذخيرة استقبل ،في فترات مختلفة من ذلك العهد عددا من المعتقلين السياسيين ،عسكريين ومدنيين ،من أبرزهم الفريق أول ركن معاش إسحق إبراهيم عمر ،والرائد المسئول آنذاك ،عن استخبارات السلاح "المرحوم اللواء الرشيد دياب ،والعقيد محجوب برير و..مأمون شرفي الذي حكم عليه بالإعدام ثم عدل الحكم إلي السجن المؤبد ،كما شهد أيضا اعتقال أحمد شامي أحد القيادات السابقة في الحزب الشيوعي ".
    أما في ما يتصل بعبد الخالق ،فقد تم إحضار د.عز الدين علي عامر أولا إلي المصنع ،وأودع منزل قائد السلاح الذي يواجه النيل الأبيض من الناحية الغربية .وفي وقت لاحق استلم مسئول الاستخبارات بالمصنع إخطارا بأن عبد الخالق محجوب يشكو من مكان اعتقاله بأم درمان ،ولذا فقد تقرر استبدال موقعه بموقع د.عز الدين.وتم ذلك بالفعل ليل اليوم التالي ، حيث نقل د.عز الدين إلي السجن الحربي بأم درمان ووضع عبد الخالق في مكانه بالمصنع ،وصدرت تعليمات صريحة مكتوبة إلي مجموعات الحرس و الحكمدارات للالتزام بعدم الاقتراب منه أو التحدث إليه ،وبعدم تخطي التعليمات ،مع الضرورة التبليغ الفوري عن أية ملاحظات غير طبيعيه !
    ولكن الحزب سرعان ما نجح ،برغم كل تلك التحوطات ،في خلق صلة مع عبد الخالق داخل ذلك المكان المعزول ،الموحش المكتظ بالعسكر المدججين بالسلاح الفتاك ،وبالتعليمات الصارمة ،والأوامر المشددة !
    ذات مساء ،خلال شهر يناير 1971م ،وصلت رسالة من عبد الخالق إلي مركز الحزب يقترح فيها فكرة هروبه ،مرفقا بها خطة وضعها بنفسه من واقع المكان ومحيطه!
    وفي الحقيقة لم تكن هذه هي المرة الأولي التي يتصل بها الرجل بقيادة الحزب ،حيث كان قد سرب إليها قبل ذلك عدة مذكرات صغيرة حول مسائل مختلفة ،المح ضمنها إلي فكرة هروبه . كما تابع بنفسه ،عبر عدة اتصالات ،مراحل وضع وتنفيذ خطة ذلك الهروب "حيث استخدم في احدي تلك الرسائل عنوان رواية نجيب محفوظ (اللص و الكلاب ) للتنبيه إلي الكلاب التي اعتادت أن تتجمع وتحدث ضجيجا في المنطقة الواقعة غرب المصنع ،والتي سيجد فيها عربة بانتظاره بعد تسلله من الغرفة ،حسب الخطة .وبالفعل رتبت القيادة لخطة خلط اللحم بالسم وتقديمه لتلك الكلاب في نفس يوم الهروب فنفقت في الحال "!.
    اقترح عبد الخالق تكوين لجنة مخصوصة من داخل اللجنة المركزية لتنفيذ تلك الخطة تحت إشراف عبد المجيد شكاك عضو اللجنة المسئول عن تنظيم صف الضباط والجنود الشيوعيين في الجيش ،ومسئول الصلة مع عبد الخالق في معتقله .
    فور تكليفه عكف شكاك على مراجعة الخطة مضيفا عليها بعض المقترحات حول إمكانية مغادرة عبد الخالق البلاد في نفس ليلة الهروب ،كما اجتمع بالكادر العسكري لاختيار العنصر المناسب الذي سيقوم بالدور الأساسي في تنفيذ العملية .وكان ذلك يعنى التأني في التنفيذ،فأخطر عبد الخالق بهذا التقدير ووافق عليه .
    في الشارع كانت المواجهات تستفحل بين الشيوعيين والديمقراطيين من جهة ،وبين القوميين العرب ومن وراءهم من زمر الانتهازيين والمتسلقين الذين تحلقوا حول السلطة ،وهرولوا إلي تنظيماتها ،وتهافتوا على أجهزتها ،وبالأخص أجهزة أمنها ،من الجهة الأخرى .أما في أروقة مجلس الثورة فقد كلن موقف الحزب ما يزال محل نقاش حتى بعد قرارات 16 نوفمبر 1970م .وقد انعقد آخر اجتماع لمناقشة تلك المسألة بالقيادة العامة للجيش نهار 12 فبراير1971م .لكن،لم يحسم ذلك الاجتماع الأمر ،نفذ صبر نميرى ،فما كان منه إلا أن خرج من الاجتماع ليتخذ القرار كالعادة ،بمفرده ،ولينفذه هو شخصيا ،وحده ،وفورا!
    فوجئ المواطنون ،عند الظهيرة ،بإذاعة أم درمان تقطع إرسالها لتنبه إلى بيان مهم سوف يلقيه عليهم بعد لحظات رئيس مجلس الثورة بنفسه !

    __________________
                  

01-11-2012, 04:38 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: خالد العبيد)

    توجه نميرى إلي مبني الإذاعة وألقى ( بيان12فبراير) الشهير الذي اتسم ،ربما لأول مرة ،بمثل ذلك العنف والعداء الصريحين ضد الشيوعيين .فقد شدد على أن قرار (الثورة) بحل جميع الأحزاب (شامل) للحزب الشيوعي ،وإنها لن تسمح له بأن (يدعي) انه فوق القرار،وإنها ترفض (الوصاية) وسوف (تسحق) العناصر التي تحاول التلاعب (بإرادة الشعب) ،وما إلي ذلك !
    في مارس جاء رد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي على ذلك البيان ببيان مضاد ،حيث تحدت لجنته المركزية سلطة مايو بأنها لا تملك أن تحطم الحزب ،وأنها ،إذا حاولت ذلك ،فستضع نفسها موضع الخطر!
    لكن النميري ما لبث أن أردف بيان 12 فبراير بخطاب لا يقل حده ،بتاريخ العاشر من ابريل بميدان (سباق الخيل)بالخرطوم ،حيث شن هجوما عاصفا على الحزب الشيوعي ،داعيا، صراحة أيضا لتحطيمه ،وذلك من خلال لقاء شعبي نظمته هذه المرة قوي مناوئه تاريخيا لليسار والحزب ،مما اعتبره البعض تعميدا علنيا لمايو في رحاب اليمين العريض !
    وبالفعل واصل النميري انطلاقه في هذا الاتجاه ،لا يلوى على شئ ، فأصدر ،بمناسبة 25 مايو 1971م ،جملة قرارات حل بموجبها ،باسم مجلس الثورة ،عددا من المنظمات الجماهيرية التي تأسست منذ أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينات ،والتي ظلت تناضل وتؤدى دورها السياسي والاجتماعي عبر الحقبتين الاستعمارية والوطنية ،على رأسها اتحاد الشباب والاتحاد النسائي .وشملت قرارات الحل جمعيتي الصداقة السودانية مع الاتحاد السوفيتي وألمانيا الديمقراطية وغيرهما .وأعلن عن قيام منظمات فوقيه بديلة للنساء والشباب ،وطلب منها أن تتيقظ دون تسلل عناصر مشكوك فيها إلي صفوفها ،وكانت الإشارة هذه المرة إلى (الشيوعيين) وليس إلي (العناصر الرجعية) ! كما أعلن عن إلغاء (قانون العمل)الذي كان قد صدر بدفع من اتحاد نقابات العمال تحت قيادة الشفيع احمد الشيخ .
    انفتحت بذلك أبواب العداء واسعة بين مايو و الحزب ،بحيث أصبح وجود احدهما نافيا ،بالضرورة، لوجود الأخر ! وهكذا اصدر الحزب، أواخر مايو،اخطر بياناته ،معلنا بوضوح ،وربما لأول مرة ،عزمه إسقاط سلطة مايو الديكتاتورية !
    وفي تلك الأثناء ،وفي احدي لقاءات قيادة الحزب مع كادره العسكري ،طرح المقدم بابكر النور اتساع رقعة التذمر وسط الضباط (الديمقراطيين)،وضغوطهم باتجاه تنفيذ عملية عسكرية تطيح بنظام نميرى ،يسبقها تهريب عبد الخالق على خلفية الخطر الذي يحيط بحياته في المعتقل.
    كانت تلك هي المرة الأولي التي يطرح فيها التنظيم العسكري للشيوعيين في الجيش مسألة تهريب عبد الخالق .بل وكانوا ،في ما يبدو ،قد شرعوا وقتها ،عمليا في تحسس الإمكانيات المتوفرة لتنفيذ ذلك ،حيث كان عبد الخالق قد أشار في احدي رسائله لقيادة الحزب إلي "خطورة المحاولة التي قام بها المقدم محجوب إبراهيم (طلقة) ،القيادي بتنظيم الضباط الشيوعيين ،للاتصال به في معتقله.
    ورغم تلك الإشارة إلي محجوب (طلقة)تحديدا، إلا انه في ما يبدو أيضا ،لم يكن الوحيد الذي قام بتلك المحاولة ! فقد أشار محمد محجوب عثمان إلي أن الضباط كانوا ،وقتها ،يسعون حثيثا للتشاور وتبادل الرأي مع عبد الخالق حول التطورات الأخيرة للوضع السياسي بالبلاد .وهكذا قرر كل من الرائد هاشم العطا والمقدم محجوب إبراهيم (طلقة) ،بالإضافة إلي محمد محجوب نفسه ،الاتصال بالرجل في معتقله!
    ويمضى محمد محجوب قائلا إن عبد الخالق لم يكن على علم مسبق بتلك الزيارة التي رتب تأمينها المقدم محجوب (طلقة) مع صف الضباط والجنود الشيوعيين بسلاح الذخيرة ،حيث تم الاتفاق على انتقاء أفراد بعينهم لحراسة البوابة وغرفة عبد الخالق في تلك الليلة .إلا أنهم فوجئوا عند وصولهم بطاقم البوابة يعترض طريقهم ،ويكاد يعتقل ثلاثتهم ،لولا تعرفه على المقدم محجوب (طلقة) الذي كان قد عمل لسنوات بذلك السلاح !
    كان ثلاثتهم ينوون ،في ما يبدو، وضمن (التشاور)و(تبادل الرأي )مع عبد الخالق ،مناقشته أيضا حول فكرة وترتيبات تهريبه الذي قرروا التصدي لتنفيذه كتنظيم.
                  

01-11-2012, 04:44 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: خالد العبيد)

    وربما لهذا السبب استشاط المقدم بابكر النور غضبا فيما بعد ،حسب محمد محجوب ،وعاتب ثلاثتهم على هذا التصرف ."إلا أن رد الفعل الغاضب بما لا يقاس جاء من قيادة الحزب في اجتماع دعينا إليه ،وحضره محمد إبراهيم نقد والراحل المناضل عبد المجيد شكاك .في هذا الاجتماع انساق نقد وراء الغضب للحد الذي صرح فيه بان الحزب سيضطر إلي حل التنظيم العسكري إذا لم يكف عن التصرف وراء ظهره .وما أخال أن قرارا كهذا كان ممكن أن يصدر على أية حال .ولعل ابرز مدلولات تلك الحادثة هي حجم الفجوة التي كانت تفصل بين قيادة الحزب والتنظيم العسكري سواء كان على مستوي توفر الثقة أو متانة الصلة التنظيمية بين الطرفين " .
    من جانبها تشير وثيقة الحزب حول تقييم انقلاب 19 يوليو إلي أن عزوف العسكريين عن إخطار الحزب ،أو التنسيق معه ،ناشئ مع تجربتهم مع انقسام معاوية واحمد سليمان التي كانوا يعلمون إنها تسرب المعلومات عن الحزب لجهاز الأمن ومجلس الثورة .لهذا ضعفت ثقة الضباط الشيوعيين في قيادة الحزب خوفا من وصول معلومات أخري للسلطة !
    ولا يكتفي محمد محجوب بالتأكيد على هذا التفسير فحسب ،بل يمضى موضحا أن "اصدق وصف لهذا هو أن فجوة شاسعة من عدم الثقة كانت قائمة بين التنظيم العسكري وقيادة الحزب .بل أن الشك والريبة من جانب ذلك التنظيم لم تعد قاصرة على ما كان يفعله الانقسامين من نقل للمعلومات الحزبية إلي أجهزة السلطة ،بل شملت مواقف بعض الأعضاء القياديين في الحزب ممن لم يزل يعتقد بوجود إمكانيات للتعاون مع سلطة مايو ،في ظروف اتسم فيها خط الحزب بالاضطراب وعدم الوضوح الفكري حول طبيعة السلطة حتى بعد عبورها خط اللا عودة في العداء لمجمل القوي الوطنية الديمقراطية "
    لكن قيادات عليا وسط العسكريين،كبابكر النور وهاشم العطا ،أقدمت ،في ما هو واضح ،على تداول أمر اعتزامهم تهريب عبد الخالق مع قيادة الحزب التي أوضحت لهم إنها تباشر تلك المهمة بنفسها ،فليس ثمة ما يدعو لتدخلهم .ويبدو أن ذلك تم بعد عودة العسكريين لطرح فكرة تهريب عبد الخالق وإلحاحهم على ذلك. فقد نقل هاشم لقيادة الحزب معلومات "تشير إلي أن السلطة قررت ترحيل عبد الخالق إلي مكان ناء ،ربما يكون الجنوب ،وحذر من الاحتمالات التي تشير إلي مخطط النظام في اللجوء إلي تصفيته هناك ".وكان هاشم قد بعث قبل ذلك بخطاب إلي صلاح مآزري عضو اللجنة المركزية ،يؤكد فيه أن خالد حسن عباس يسعى لمحاكمة عبد الخالق "...و أنا لا استطيع التصرف لان ناس المخابرات مضايقني شديد،وأنا خايف على عبد الخالق شديد ،وإذا كنت موجودا بمصنع الذخيرة لن يستطيع احد أن يمسه بسوء .أرجو أن تتصرفوا لإخراجه قبل عودة خالد حسن عباس من الخارج "
    كانت تلك هي الظروف التي أشار الحزب ،في التقييم المذكور ،إلي إن الحملة نشطت خلالها لإطلاق سراح عبد الخالق حيث اصدر الحزب بيانا جماهيريا طالب فيه بذلك ،محذرا السلطة من أية محاولة للمساس بحياته .وما لبث هاشم أن "عاود...الطلب مرة أخرى ،وأخطر بالتروي لبعض الوقت ،ومرة ثالثة طلب الشروع في التنفيذ وضرورة تحديد يوم لتهريب عبد الخالق ،وكان الرد بالتأجيل أيضا ...في هذا الوقت كان شكاك قد اتصل بعبد الخالق ،وعرض عليه اقتراح هاشم ومحجوب إبراهيم ،فوافق عليه طالما يوفر الحد الأدنى ".
    غير أن وثيقة التقييم تكشف أيضا فيما بعد من"......إن سبب استعجال العسكريين وإلحاحهم في الإسراع بتهريب عبد الخالق إنهم اقتربوا من ساعة الصفر للقيام بالانقلاب ،وآثروا-إلي جانب أسباب أخرى ـ إبعاد عبد الخالق من منطقة عسكرية ،إضافة إلي أن قوي معادية ربما ستلجأ إلي تصفيته جسديا خلال العمليات العسكرية لتنفيذ الانقلاب "!!
                  

01-11-2012, 04:47 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: خالد العبيد)

    دلف عبد الخالق إلي مصنع الذخيرة بمنطقة الشجرة بالخرطوم ،مكان اعتقاله الجديد ،حاملا حقيبة صغيرة بها بعض متعلقاته ،من ضمنها بلوفر (فنله) صوف عسكرية ربما كانت قد صرفت له قبل تحويله من السجن الحربي بأم درمان .وسرعان ما استقر بالاستراحة الملحقة بميس الضباط الذي يقع جنوب غرب المصنع الحربي على الضفة الشرقية للنيل الأبيض .
    كانت الاستراحة عبارة عن غرفة صغيرة ألحقت بها دورة مياه بحمامها ، وأمامها فيرندا على جانبيها شرفتان من الناحية الشرقية والغربية .كانت تبعد عن الميس بحوالي خمسة وعشرين مترا ، وعن السور الخارجي للمصنع بحوالي مترين ،وكان هناك سور من السلك الشائك و أشجار (التمر الهندي)الكثيفة تحيط بالمصنع من الجهتين الجنوبية والغربية .وقبالة الشاطئ كان ثمة باب صغير يقع بين الاستراحة و الميس ،و لدواعي أمنية لم يكن مسموحا لغير رئيس العمال (فراشي) الميس باستعماله مطلقا ،إذ يؤدى شمالا إلي مساحه خاليه تفصل بين بلدة الشجرة ومساكن ضباط وجنود المصنع ،وجنوبا إلي قرية (ود عجيب) الواقعة على بعد ثلاثمائة متر عن سور المصنع الجنوبي والبوابة الرئيسية للمصنع .وكان ذلك ،الباب بالتحديد ، هو"الباب الذي سيستغل حسب الخطة "!.
    عاش عبد الخالق في الاستراحة كمعتقل سياسي( فوق العادة ) حيث عملت السلطة على إحكام عزلته التامة فمنعت عنه الكتب والمجلات والصحف ،وشددت التعليمات لحراسه بعدم إحضار أي من هذه (المواد) أثناء (نبطشياتهم) ،حتى ولو للاطلاع الشخصي ،كما شددت الأوامر بعدم الاقتراب منه أو التحدث إليه .
    لكن عبد الخالق والحزب تمكنا وبرغم كل تلك التدبيرات ،كما سبق واشرنا ،من تأمين صلة ما بينهما ،فتبادلا الرسائل و وصله جهاز راديو (ترانزيستور) ،كما استطاع بشخصيته الجذابة وكاريزميته الطاغية ،بناء قدر معقول من العلاقات الانسانيه مع حراسه الشباب الذين خلب ألبابهم تماما بما كان ينثر في أجوائهم من رائق الموانسات وشائق الأحاديث ،حتى لقد أصبحت ذكرياته وتعليقاته و قفشاته ونكاته الاجتماعية والسياسية موضوعا يوميا أثيرا لأحاديثهم ،ضباط وصف ضباط وجنودا ،وتحولت فرص الاقتراب والاستماع إليه من خانة (المحظورات) التي ينبغي التقيد بها حرفيا ،حسب التعليمات الصارمة ،إلي شغل شاغل بالنسبة لهم كعناصر قوي نظامية ربما لم تعتد على الاختلاط بزعامة سياسية ،دع أن تكون في تلك القامة ،وبمثل تلك الخصائص ،الأمر الذي أسهم في إثارة اهتمامهم بالحزب ،وبرنامجه ،وأهدافه السياسية ،فشهدت تلك الفترة ترشيح الكثير منهم إلي عضويته !
    وقد كانت لعبد الخالق خبرات سابقة في التسامي على كآبة الحبس الانفرادي ،حيث يروى محمد سعيد القدال أنه سأله يوما على كيفية تحمله لذلك النوع من الاعتقال التي تحرم عليه فيه الكتب وأدوات الكتابة ،فقال إنه اعتاد ،وببساطه ،أن يستلقي على ظهره ،ويأخذ في كتابة مقال أو قصة في ذهنه ،بحيث يراجع كل فقرة ويعيدها ، ثم ينتقل إلي التي تليها ،حتى يفرغ من الموضوع ،فتكون قد انسلخت ساعات في ذلك الجهد !
    واستطرادا ، فان كثيرا من المناضلين خبراتهم الشخصية ثرة في هذا الصدد .فقد أورد القدال ما رواه التجاني الطيب ،سكرتير اللجنة المركزية ،من انه عندما اعتقل في عهد نميري عام 1980م ،ووضع في زنزانة معزولة على سطوح جهاز الأمن ،أخذ يتذكر كل زملاء دراسته ،فردا فردا،منذ المرحلة الأولية ،فتحدى بذلك ذاكرته وقضى وقتا مسليا .
    في محبسه ذاك بمصنع الذخيرة أنجز عبد الخالق وثيقته القيمة التي اشتهرت في أدبيات الحزب ،لاحقا ،بوثيقة (حول البرنامج)، و التي عالج فيها الكثير من القضايا التي تتعلق بمستقبل التنمية والديمقراطية والثقافة ،منطلقا من ضرورات التمايز الأيديولوجي بين مشروع الطبقة العاملة ،ومشروع البرجوازية الصغيرة ،مؤكدا على قضية التطور الوطني والديمقراطي ،وعلى أن الإجراءات الاستثنائية ينبغي أن تبقى رهينة استثنائيتها ،و ألا يسمح بديمومتها أو استمرارها ،مشددا على أهمية العودة للشرعية والديمقراطية عبر إتاحة أوسع الفرص أمام حركة الجماهير المستقلة المتمتعة بكامل حريتها وحقوقها .
    وتروى سعاد إبراهيم احمد ،عضو الجنة المركزية ،أنها ظلت تتلقى منه تلك الوثيقة المهمة على شكل قصاصات صغيرة جدا ،عكفت ،لاحقا ،وبمساعدة د.فاطمة بابكر ،عضوة الحزب وأستاذة الاقتصاد بجامعة الخرطوم ،على إعادة نسخها يدويا وتسليمها إلي قيادة الحزب .
    ومن جانبه يحكى الرقيب معاش عثمان علي طه الكودة ،الكادر بتنظيم الحزب وسط ضباط صف وجنود مصنع الذخيرة ،والذي سيلعب ،فيما بعد الدور الأساسي في تنفيذ الحلقة الأخيرة من خطة هروب عبد الخالق ،طرفا من سخريات الرجل اللاذعة من مايو ورجالاتها أثناء وجوده بالمعتقل .من ذلك ،مثلا أن مأمون عوض أبو زيد ،عضو مجلس قيادة الثورة المسئول عن جهاز أمنها في ذلك الوقت جاء عصر احد الأيام لمقابلة عبد الخالق لسبب ما .وأثناء وجوده دخل (ود الزبير) ،احد فراشي ميس الضباط ،إلي غرفة عبد الخالق ،حيث كان قد اعتاد أن يجهز له (قهوة العصرية) في مثل ذلك الوقت يوميا .وكان (ود الزبير)مدمنا على تعاطي الخمور البلدية ،وقد اعتاد على تناولها في مثل ذلك الوقت أيضا بعد نهاية عمله مباشرة ! وعندما لاحظ عبد الخالق إن مأمون قد انتبه للرائحة النفاذة تفوح من (ود الزبير) بمجرد دخوله ،وجه حديثه للعامل قائلا :"أيه الحكاية يا ود الزبير ...ما لسه الوقت بدري " ! فرد ود الزبير قائلا :"خلاص يا أستاذ المواعيد جات والرأس لازم يتوزن "! فما كان من عبد الخالق إلا أن قال له ،وهو يسدد نظراته الحادة إلي عيني مأمون مباشرة :"أوعك من مريسة (مايو)...اشرب مريسة (الفتريتة)...(مايو) دي قشرة خارجية فقط ولكن من الداخل لا تحتوي على أي شئ " !.
                  

01-11-2012, 04:52 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: خالد العبيد)

    وهكذا وجدت أطقم الحراسة في مثل تلك الطرائف و الموانسات ،في ذلك المكان الموحش ،أحداثا غير عادية ،مثلما وجدوا في عبد الخالق نفسه شخصية غير عادية ،فكانوا يحرصون على نبطشياتهم وينتظرونها بفارغ الصبر !وتحول اسم النبطشية عندهم إلي (المحاضرة)،واسم المعتقل إلي (الأستاذ) !وذلك برغم الأوامر والتعليمات المشددة التي كانت تحظر الاقتراب منه أو التحدث إليه . ويؤكد العريف معاش عثمان عبد القادر على ذلك بقوله إن العساكر صاروا يحبون (الونسة) معه ،ويتشوقون لمجئ يوم خدمتهم كحرس له ،وقد أحبه اغلبهم.
    كان من عادات عبد الخالق التي ظل يحرص عليها منذ أيامه الأولي في ذلك المكان ،أن يصحو مبكرا ،فيأخذ حمامه ،ويحلق ذقنه ،ثم يتعطر ويرتدى ملابس نظيفة ويخرج للجلوس على كرسيه في ظل الفرندة أمام غرفته ،حيث يشرب قهوته الصباحية وهو يدخن في صمت ،ويومئ برأسه مبتسما للجنود الذين يمرون به محيين .
    ومن عاداته أيضا أنه كان يغير ملابسه أكثر من مرة في اليوم الواحد.فيخلع الجلباب والعمامة اللتين يكون قد ارتداهما الصباح ،ليرتدى منتصف الظهيرة زيا إفرنجيا كاملا مع الجوارب والحذاء اللامع ونظارة شمسية ،وما أن يأتي المساء حتى يغير بزى آخر ..وهكذا!
    أدهشت تلك العادات الجنود أول الأمر !ولكنهم ما لبثوا أن ألفوها مع كر الأيام والأسابيع والشهور المتطاولة !ولم يفطن منهم لما تخفيه وراءها من نوايا حقيقية إلا بعد تبخر الرجل من المكان ،فجأة ، ذات مساء ،مما يدل على أن فكرة الهروب كانت حاضرة في ذهنه ربما منذ الأيام الأولى لترحيله من السجن الحربي بأم درمان إلي مصنع الذخيرة بالشجرة !
    كان الضابط المسئول ،أيامها، عن استخبارات سلاح الذخيرة ،الرائد إسحق إبراهيم عمر (لاحقا الفريق أول ركن معاش )يحضر إلي الموقع يوميا في حوالي الثالثة بعد الظهر ، دون أن يحرص الدخول إلى على عبد الخالق إذا كان في كان غرفته ،بل كان يكتفي ( بأخذ التمام )العسكري التقليدي من نوبة الحراسة ثم يغادر مع ذلك لم يكن من الصعب أن يلاحظ توطد العلاقات بين الرجل وحراسه ،من خلال المرات التي صادف فيها جلوسه خارج الغرفة وحول ذلك يقول إسحق أنه لاحظ أن بعض الحرس يكونون في مواقع الحراسة ،بينما الباقون يتحلقون حول عبد الخالق يستمعون لأحاديثه باهتمام لذلك "اتصلت بالقيادة وأوردت إليها أن عبد الخالق قد أثر على الجنود وضباط الصف خاصة ،ومنهم أعداد ينتمون إلى حزبه وأرى أن يتم تحويله إلى حراسة أخرى ،أو استبدال الحراس من مصنع الذخيرة بأي وحدة أخرى توكل لها هذه المهمة ،وكان ذلك قبل وقت كاف من هروبه "
    وقد تم بالفعل تغيير اثنين من المسئولين عن أطقم الحراسة قبل يومين فقط من تنفيذ عملية الهروب سوى أن ذلك جرى على العكس تماما مما هدفت إليه تحذيرات ضابط الاستخبارات المسئول ! حيث تم تعيين الرقيب عثمان الكودة ليكون مسئولا عن الحراسة ليوم الاثنين 27 يونيو1971م ،بينما العريف عثمان محمد عبد القادر لتولى تلك المسئولية في اليوم التالي ،دون أن يكتشف أحد ،إلا فيما بعد ،إن كلاهما كادر عسكري في الحزب الشيوعي ،وأنهما كانا ضالعين ،آنذاك ،بشكل مباشر ،في خطة هروب (الزميل كرار) الاسم الحركي ،وقتها لسكرتير الحزب الشيوعي !
                  

01-11-2012, 04:54 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: خالد العبيد)

    ساورت الشكوك الرائد إسحق في أمر الاستبدال ولكن لم تتح له الفرصة كي يستجلى حقيقته ،فقد "كنت في ذلك اليوم مريضا ورغم ذلك حضرت ،وتفقدت الدورية والأفراد وشككت في موضوع الاستبدال ،وأرجأته حتى الصباح ،ولكن ...قبل الصباح هرب عبد الخالق ".
    غير أن إسحاق يجزم بأنه على الرغم من علمه بأن "الكثير من الجنود وضباط الصف وبعض من ضباط مصنع الذخيرة هم من تنظيم الحزب الشيوعي ولهم خلايا به وتم توضيحها للقيادة "، وعلى الرغم من الشكوك التي ساورته بشأن العلاقة التي نشأت بين عبد الخالق وحراسه ،وكذلك بشأن عملية استبدال ضابطي الصف ،وقناعته التامة ،بحكم عمله كضابط استخبارات ،إن تلك الأمور ترجح حدوث شئ ما ،إلا انه لم يطف بخياله ،مع ذلك كله ،ولو للحظه واحدة ،أن عبد الخالق كان يتهيأ للهروب !.
    وحسب الكودة فإنه "...ومنذ صبيحة الثلاثاء 28 يونيو 1971م ،تمام الثامنة صباحا ،وبعد أن اكتملت إجراءات التسليم والتسلم بالنسبة للحراسة ،قصد العريف عثمان ،رئيس نوبة ذلك اليوم ،أن يتغيب عن منطقة الحراسة لفترات متباعدة تتراوح ما بين الساعة إلي الساعة والنصف ،وذلك حتى لا ينتبه جنوده إلى غيابه بعد تنفيذ عملية الهروب مع معتقله ، "إلا بعد الفترة التي تعودوا أنه كان يتغيب عادة " والتي تسمح بالاختفاء تماما عن الأنظار .
    ويشير العريف عثمان عبد القادر من جانبه ،إلي إن عبد الخالق كان على علم تام بكل تفاصيل العملية عن طريق تنظيم الضبط الشيوعيين في المصنع ، لكنى لم أقابله مطلقا في المعتقل ،ولم اقترب منه إلا لحظة التنفيذ (...)ناداني احد العساكر التابعين لورديتي وأخبرني أن المعتقل يرغب في الحديث مع (الحكمدار) فلبيت النداء ...كانت الساعة تمام التاسعة والنصف ...دخلت عليه في غرفة الاعتقال ..سألني : انتو مصممين تنفذوا العملية دي الليلة ؟ هززت رأسي بالإيجاب وقلت له نعم ..ما عليك إلا أن تقوم بإغلاق النافذة وسحب الستارة ،والاحتفاظ بمفتاح الغرفة في يدك ..حتى لا تتعرض لأي شكوك ". ثم قاما بضبط ساعتيهما !.
    كانت عملية جمع الجنود للتمام وصرف الأوامر النهائية لنوبة الليل تجري عادة ،مع غروب الشمس إلا إن العريف عثمان ظل يرجئها ذلك المساء ،قصدا ،إلى ما قبل دقائق معدودات من ساعة الصفر ،حسب الخطة .
    في تلك الأثناء كان عبد الخالق قد ارتدى ،كعادته المسائية ،زيه الافرنجى الكامل ،واتخذ مجلسه على كرسيه المعتاد خارج غرفته .وما أن أزفت ساعة الصفر بالضبط ،حتى انطلق صوت العريف عثمان آمرا جنوده بالاصطفاف للتمام بكلمة (اجمع) العسكرية المتعارف عليها .وكان طريق الجنود نحو مكان التمام يمر ،بالضرورة ،قرب موضع جلوس عبد الخالق . لذلك ،وعلى حين كانوا يلقون عليه تحية المساء ،كالعادة ،كان بمستطاع كل منهم أن يشاهده ينهض من كرسيه ،ويتجه نحو باب غرفته كي يدخل ليخلد للنوم ...كعادته أيضا.

    (عدل بواسطة خالد العبيد on 01-11-2012, 04:56 AM)

                  

01-11-2012, 05:14 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: خالد العبيد)

    اختى نجاة

    سلامات من اشفييل وحمد الله عل سلامة الوصول للدوحة


    Quote: سلامات من قطر

    وكل سنة والجميع بخير آخر مرة شاهدت هذا البوست قيل ان هناك نسخة من تقرير لجنة علوب في مكتبة الكونقرس
    رغم تأكيد عدد كبير من الباحثين لي انه لا توجد اي نسخة منه الا في ارشيف القضاء العسكري ولا يمكن الحصول عليها او السماح بالاطلاع عليها
    لانها كلاسفايد للمعلومات العسكرية المتواجدة فيه


    انا شخصيا متأكد ان عدد النسخ التى اعدت من التقرير 3 نسخ ,لم تقدم منها اى نسخة للقضاء العسكرى,قدمت نسختين لنميرى شخصيا وقام هو بإطلاع اشخاص مقربين عل التقرير, من الاحياء منهم , د. منصور خالد,واناشده من هذا المنبر ان يتكلم او يكتب عن هذا التقرير,وسعيت كباحث عن الحقيقه للاتصال به ولم اوفق حتى الأن. النسخه الثالثه,كانت بحوزة مولانا حسن علوب وعندما احيل للتقاعد عام 76 هو والمرحوم حسن محمود,قام مولانا علوب بتسليم نسخته لوزير شوؤن الرئاسه انذاك,المرحوم عبدالله الحسن الخضر,وظلت
    نسخه فى مجلس الوزراء حتى عام 80 كما علمت من مصدرى فى مجلس الوزراء وقد اطلع عدد من افراد سكرتارية مجلس الوزراء على التقرير هناك ولم توجد حراسه له لابالحراس او الدبابات.الاخطر من التقرير هى ملحقات التقرير وهى هناك

    11 مجلد تحتوى على اقوال الشهود 211 واولهم المرحوم معاويه سورج قائد الانقسام فى الحزب الشيوعى وقد قامت صحيفة الوطن بنشر
    شهادته للجنة مولانا علوب قبل أعوام بإسم " وصيتى الاخيره. احتوت الملحقات
    ايضا على تفاصيل النظم العسكريه,والخلل فى التأمين,وقواعد غرف العمليات,وتقارير الاستخبارات العسكريه و الامنيه المتنوعه.

    Quote: طيلة بحثي في هذا الموضوع لم اجد اي شخص ذكر انه قرأها الا بروف دكتور لواء معاش محمود قلندر وهو يعمل في جامعة قطر ان شاء الله
    ساقوم بسؤاله عنها مرة اخرى واكتب ما يقولوه لي هنا بعد موافقته حيث من قبل نقلت جزء من وجهات نظره في بوست سودانيات الذي فتح في هذا الامر
    وقد احضرت وصلته هنا.


    هناك العديد من الاشخاص الذين اطلعوا على التقرير وبعضهم سفراء سابقين,وهناك اجزاء من التقرير سربت للخارج عن طريق نقل التقرير كتابة. قرأت وجهة نظر د.قلندر فى سودانيات ولم تشف غليلى لمعرفة خبايا انقلاب يوليو. وشكرا لك عل تطوعك على سؤاله مرة اخرى. هناك اسئله فنيه له عن التقرير الذى اطلع عليه, اكون شاكر لو سألتيه:
    1. متى قرأ التقرير?
    2. هل التقرير هو تقرير لجنة التحقيق فى مؤامرة 19 يوليو' الاسم الرسمى للجنه"?
    ام هو تقرير اللجنه اللجنه الفنيه العسكريه برئاسة اللواء الفكى?
    3. كم عدد صفحات التقرير?
    4. هل قرأت مرفقات التقرير? كم مجلد من المرفقات? اذا قرأ ايضا المرفقات,الرجاء توضيحه لكيفية وصول مرفقات التقرير للقضاء العسكرى?
    ولابد من صنعاء ولو طال السفر يانجاة
    مع ودى وتقديرى

    (عدل بواسطة Elmoiz Abunura on 01-17-2012, 05:41 PM)

                  

01-12-2012, 01:23 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    عزيزى خالد
    سلامات وكل عام وأنتم بخير



    Quote: سلام يا ابونورة
    كيفك وكيف نورة
    ارجو ان اشارك بهذه الفقرات من عنف البادية
    بها اشارات مفيدة لهذا البوست السمين



    شكرا لاضافاتك من كتاب حسن الجزولى وهو من المصادر المهمه لفهم انقلاب 19
    يوليو.
    والله فرحتنى, اديتنى اميره واسمها نورة. حقيقة انا كنت اتمنى ان ارزق بطفلة فى الاول وحكمة الله اصبحت أب لفارسين هم غسان و مروان. فى خلال تواجدى العامين الماضيين فى لبنان,البيارته مسحوا اسمى وأصبحت اعرف بأبو غسان فقط. اما ابونوره الاصلى فهو جد والدى, وأسمه ادريس وهو من
    أهلك الجعليين السعداب من التيماراب. ارهقته ضرائب التركيه فى خمسينات
    القرن التاسع عشر فهاجر للجزيره للحلاوين حيث تزوج خالة سيد الشهداء, عبدالقادر ود حبوبه ثم تزوج قريبته الجعليه فى رفاعه وأنجب منها جدنا على ابونوره. عموما كل التسميات مقبوله, ابونوره, ابوغسان.
    كيف شباب Down Under الزين, الزعيم كمال قسم الله, وكيل الامام غابى نعوم, وقريبى احمد شفيق ابونوره.
    سلامى لرقيه والفرسان
    مع ودى وتقديرى
                  

01-12-2012, 04:09 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    تقييم الحزب الشيوعى لانقلاب 19 يوليو " 3"
    Quote: شعارات إسقاط السلطة:

    لم يرفع الحزب شعار إسقاط السلطة بعد انقلاب 16 نوفمبر. ونسارع لنؤكد أن ذلك لم يكن حرصاً على بقائها أو خوفاً من تحمل مسئولية الشعار، بل كان تقديراً لتوازن القوى موضوعياً، ولقدرات الحزب والحركة الجماهيرية ذاتياً، وحقيقة أن الحزب خرج مرهقاً من معركة الانقسام، ومواقعه وقدراته مكشوفة أمام السلطة بعد أن سلمها المنقسمون كل أسراره، فكان أحوج ما يكون، مع الحركة الجماهيرية، لفترة من التوقف، تطول أو تقصر، لإعادة تنظيم صفوفه، وإعادة تأمين كادره ومواقعه.

    ليس هذا وحسب، بل تصدت قيادة الحزب لإقناع عدد من أعضاء الحزب في مختلف المواقع اقترحوا أن يطرح الحزب شعار إسقاط السلطة، باعتبار أن طرح مثل هذا الشعار في تلك الظروف سابق لأوانه ويعتمد على تقديرات ذاتية، وردود الفعل والانفعال لا يساعد على نهوض الحركة الجماهيرية خلف برنامج سياسي واضح. ففي اجتماعات التعبئة لقواعد الحزب حول تقييم دورة ل.م. لانقلاب 16 نوفمبر، شارك عضوان من ل.م. في اجتماع فرع الحزب لطلاب جامعة الخرطوم، لإقناع الزملاء الذين اقترحوا أن يرفع الحزب شعار إسقاط السلطة، وشرح الطابع الدفاعي لتكتيكات الحزب بعد الانقلاب، والضرورة الموضوعية والذاتية، داخلياً وخارجياً للتكتيكات الدفاعية، ودورها وفعاليتها في تحضير مقومات نهوض الحركة الثورية الجماهيرية. وأسهم مركز الحزب في تصحيح ظلال مماثلة وردت في النشرة الداخلية لمنطقة عطبرة، حيث تقول إحدى فقراتها: “هذه السلطة التي لم نرفع بعد شعار إسقاطها”. وفي اجتماع موسع للجنة المركزية شارك فيه مسئولو المناطق الحزبية، طرح أحد المسئولين رأي قاعدة الحزب في تلك المنطقة بأن يرفع الحزب شعار إسقاط السلطة، وكان رأي الاجتماع أن رفع الشعار ليس ملائماً في تلك الظروف. وفي رسالة من عبد الخالق من المعتقل في أوائل يونيو تعليقاً على ذلك الاقتراح، أكد ضرورة الحذر في طرح ذلك الشعار قبل استكمال وحدة القوى الديمقراطية في كل المواقع وأشار إلى ضرورة الاهتمام بوحدة حركة الطبقة العاملة ووضوح موقف الحزب في داخلها، واقترح أن يواصل الحزب فضح وكشف القيادات النقابية التي انقسمت عن الحزب، وإعلان سحب الثقة منها لأنها عملياً لا تتمتع بنفوذ مستقل عن نفوذ الحزب، وأن بقائها في مواقعها يغبش وعي العمال. كما أشار إلى ضرورة الاهتمام بمواقع الحزب في حركة المزارعين وأهمية توسيع نشاطه لإضعاف وزن فئة أثرياء المزارعين. وفي رسالة لاجتماع الأمانة العامة بعد هروبه من المعتقل في الأسبوع الأخير من يونيو، قال عبد الخالق أنه يلحظ عزلة السلطة في مواقعها الأساسية، وأن الحركة الجماهيرية تراجعت كثيراً، وواجب الحزب الاستفادة من عزلة السلطة لتنشيط دوره في تجميع الحركة الجماهيرية وتنظيم مقاومتها لهجوم السلطة وسياساتها، وتحديد نقطة تقف عندها الحركة الجماهيرية وتقاوم منها، وأن هذه النقطة تبدأ بالإسراع في تعبئة نقابات الطبقة العاملة وبقية نقابات العاملين لمعارضة لائحة تنظيم النقابات التي أصدرتها السلطة وشرعت في تنفيذها مما يعني الحل الفعلي للنقابات بأسلوب ناعم وملتو.

    وكانت رسالة عبد الخالق الأولى والثانية متمشية تماماً مع المهام المطروحة في دورات ل.م. واجتماعات المكتب السياسي والأمانة العامة حيث قدم الشفيع في اجتماع سابق للمكتب عرضاً للوضع في الحركة النقابية، والضغط المتصاعد من النقابات على الاتحاد لاتخاذ موقف حاسم تجاه سحب السلطة لقانون العمل الموحد، وتسويف الاستجابة للمطالب، وتدني مستوى المعيشة، وفوضى الإدارة والإنتاج في المؤسسات المؤممة والمصادرة، واللائحة الجديدة لإعادة تنظيم النقابات. وعلى ضوء تلك المعلومات تقرر دور الحزب في التعبئة وسط العمال.

    لهذا كان اقتراح العسكريين بالانقلاب عندما عرضوه على عبد الخالق بعد هروبه من المعتقل، أمراً جديداً، خارج مساق توجه الحزب السياسي وبرنامج نشاطه وآفاق ذلك البرنامج. كان قضية جديدة تستوجب الدراسة والتقدير في الأمانة العامة والمكتب السياسي واللجنة المركزية.

    وفي استعراض موجز لوثائق دورات اللجنة المركزية والمكتب السياسي والأمانة العامة لتلك الفترة، نستجلي الوجهة العامة لتوجه الحزب وبرنامج نشاطه وآفاقه، رغم مظاهر القصور في ذلك التوجه، نستجلي تطور تكتيكات الحزب في وثائق دورتي اللجنة المركزية، فبراير 71 ومايو 71:

    * واصلت اللجنة المركزية في دورة فبراير 71 جهدها لتوضيح وتطوير تكتيكات الحزب، فركزت على المسائل التالية:

    أ- ضرورة خلق منبر سياسي، أو أي شكل مناسب لتجميع القوى الديمقراطية وإخراج الجماهير من حالة القلق والترقب، وأن يتسم نشاط الحزب بالثبات والوضوح وسط الجماهير لبناء تحالفها الديمقراطي، وإن هذا التحالف لا يبدأ من الصفر بل له رصيده، قبل وبعد انقلاب 25 مايو، وله تجاربه وفصائله وقواه وشخصياته. وهناك قضاياه المشتركة في النضال اليومي ضد خط 16 نوفمبر مثل الأزمة الاقتصادية، الحكم الإقليمي في الجنوب، البديل الديمقراطي في مناطق تصفية الإدارة الأهلية، الاتحاد الرباعي ومفاهيم الثورة السودانية للوحدة العربية … ص 9-10.

    ب- إن السلطة تواصل استكمال خط 16 نوفمبر، رغم ما تبديه من تراجع مؤقت أمام ضغط الحركة الشعبية، فهناك الاتجاه لفرض التنظيم السياسي الواحد، وأن يصبح رئيس مجلس الثورة رئيساً للجمهورية، وهناك الضغط الذي تمارسه مجموعة قادة القيادات العسكرية من مواقع مفهومها التقليدي للجيش، ورفضها لتحقيق إصلاحات ديمقراطية في الجيش، وضيقها بالحركة الجماهيرية … فهي لا تختلف عن القيادات العسكرية التقليدية في العالم الثالث في كونها رصيداً دائماً لتجميد الثورات الاجتماعية، واعتقال التغيير الثوري الذي تقوم به الفصائل الوطنية في الجيش في حدود حكم عسكري إصلاحي يحقق وضعاً ممتازاً للقوات المسلحة.

    ج- في مواجهة شعار خطر الثورة المضادة الذي ترفعه السلطة والمجموعة الانقسامية لتبرير عجزها وتراجعها، نعمل باستقلال تام مع كافة القوى الثورية التي ظللنا نعمل معها عشرات السنين. لا ننطلق من المفاهيم الساذجة عن ضرورة التعاون مع جهاز الأمن ليتحول نشاطنا لنشاط بوليسي، نحن ننازل الثورة المضادة في الميدان السياسي والفكري ونستعد لمواجهة تحرشاتها … أهم عوامل نضالنا ضد الثورة المضادة وضوح شعاراتنا وخطنا السياسي بين الجماهير … واستنهاض الجماهير الثورية” ص13.

    خلاصة القول أن السبيل الوحيد لمواجهة الثورة المضادة هو توسيع النضال الثوري الجماهيري وليس تجميد النشاط السياسي … أو التراخي عن الدفاع عن مصالح الكادحين. إن اكبر مساعدة في تقدم الثورة المضادة هي الصمت عن الأخطاء وانتهاج سياسة التبرير وتحويل الحركة الثورية إلى ذيل للسلطة … ص14. علينا أن نوضح أن الطريق الذي سلكته السلطة فتح الطريق لانتعاش القوى الرجعية، وأن المعادلة المطروحة ليست: إما هذه السلطة أو سلطة الثورة المضادة. نشرح للجماهير أن البديل هو سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية، كيلا تتجمد الثورة وتجهض وكيلا تنتصر الثورة المضادة.

    د- الحزب ثابت على مبدأ وحدة القوى الثورية. لكن هذه الوحدة لا يمكن أن تتم خلف خط 16 نوفمبر .. ص12. فالسلطة والمنشقون يحاولون إيهام الحركة الجماهيرية أن الانقلاب ونتائجه مجرد تناقض ثانوي يمكن تجاوزه. يحاولون أن يفرضوا على الحركة الثورية قبول الحركة داخل الإطار الذي حدده الانقلاب، أو نسيانه وكأنه لم يكن. برغم كل هذا فالحزب الشيوعي يعمل في كل الجبهات ولا يرفض الاستماع إلى رأي السلطة ووجهة نظرها، ويبلغها وجهة نظره بهذا الشكل أو ذلك من أساليب العمل السياسي الفوقي. لكنه لن يكرر التجارب السلبية الماضية، ولن يوقف نشاطه وبياناته ومخاطبته المستقلة للجماهير. ولكيما تساعد السلطة في تغيير الجو لوحدة القوى الثورية، عليها أن تبدأ في إعادة النظر في قرارات 16 نوفمبر والمنهج الذي أدى إليها … ص12.

    الحزب الشيوعي لا يرفض وحدة القوى الثورية، بل كان ولازال من أوائل الداعين إليها في السودان والعالم العربي. ولكن خلف أي شعارات؟! .. نوضح للجماهير أن الحزب الشيوعي لا يهدف إلى استغلال إمكانياته لفرض وضع مميز لنفسه داخل وحدة القوى الثورية ولا يلجأ للتآمر والأساليب الملتوية لفرض سيطرته، ولا يعمل لعزل أي فصيل أو جماعة من القوى الوطنية الديمقراطية. فالحزب لا يرض نهج الانفراد بالسلطة لينفرد بها هو … ص11.

    أما الحديث المبتذل عن التناقضات الرئيسية والتناقضات الثانوية لتبرير الضربات التي توجهها السلطة للحزب الشيوعي والحركة الثورية، فإنه يهدف لتغبيش وعي الجماهير والطبقة العاملة. إذ أن التناقض الرئيسي يحكم فقط جبهة العمل السياسي حيث تتكون التحالفات والجبهات بين قوى طبقية متباينة حول برنامج سياسي للحد الأدنى. لكنه لا يحكم الصراع في الجبهة الأيدولوجية، ولا يمكنه تجميد الصراع الأيدولوجي إلا إذا تجمد الصراع الطبقي. وهذا مستحيل … ص15.

    تلك باختصار المسائل التي عالجتها دورة ل.م فبراير 71 فيما يتعلق بتوضيح تكتيكات الحزب، ومؤكدة في ص10 وص16 قفل الطريق أمام المغامرين والأفكار الانقلابية، ورفض النهج الانقلابي والانفراد بالسلطة.

    وفي جبهة الحياة الداخلية للحزب. طرحت ل.م. الواجبات التالية في العمل الداخلي.

    1- التحضير للمؤتمر الخامس بوصفه الحلقة الرئيسية في العمل الداخلي.

    2- تطوير المستوى القيادي وحياة الحزب الداخلية.

    3- تأمين الحزب والعمل السري.

    4- متابعة برنامج التثقيف الفكري.

    5- انتظام صدور مجلة الشيوعي كمنبر للتحضير للمؤتمر الخامس.

    و في دورة مايو 71، لخصت اللجنة المركزية المناقشات الواسعة التي أعقبت دورة فبراير في الأمانة العامة والمكتب السياسي وأسهم فيها عبد الخالق بقسط حاسم في رسائله من المعتقل. فواصلت شرح وتطوير تكتيكات الحزب وطرح مهام العمل الداخلي:

    أ‌- في ص7-8 استعرضت الدورة تطور تكتيكات الحزب منذ انقلاب 25 مايو، فأشارت إلى أن تقديرات الحزب كانت سليمة من حيث الوجهة العامة لدور البرجوازية الصغيرة العسكرية كجزء من قوى الثورة الوطنية الديمقراطية، وإننا كحزب للطبقة العاملة نلتقي معها في نقاط ونختلف معها في نقاط أخرى، وإنها يمكن أن تتأثر بالجو الديمقراطي العام لكنها أيضاً فئة اجتماعية تتميز بالاهتزاز، وإنها لطبيعتها الطبقية لن تقدر على قيادة إنجاز مهام المرحلة، وإنها ستلقى الفشل إذا حاولت أن تعادي قوى الثورة.

    ب‌- سلك الحزب من الناحية العملية أيضاً خطاً واقعياً جوهره توسيع حركة الجماهير حول السلطة الجديدة، وتحويل العملية العسكرية إلى ثورة شعبية عميقة وواسعة، فلم يرفع شعارات يسارية فوق طاقة قوى الإنتاج، ولم يجنح للقفز فوق الظروف الموضوعية، وأكد الإمكانية الجماهيرية لتحويل سلطة البرجوازية الصغيرة ديمقراطياً تدريجياً إلى سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية. ولقد صاغ الحزب هذه التكتيكات وطورها في صراع ضد العناصر التصفوية داخل صفوفه، وضد اتجاه السلطة – المتأثرة بالنمط القومي العربي – للانفراد بالسلطة وتجميد الثورة وإلغاء دور الطبقة العاملة وحزبها.

    ج‌- انقلاب 16 نوفمبر فجّر الأزمة السياسية للسلطة حيث انتصر نهج تجميد الثورة. وقد فتح الانقلاب الباب عاجلاً أم آجلاً لصراعات التصفية والانقلابات التي لن يفيد منها غير اليمين داخل القوات المسلحة وخارجها .. ص9ـ10. والسلطة إذ توجه ضرباتها نحو الحزب الشيوعي لابد أن تصل بضرباتها إلى النقابات والمنظمات الديمقراطية، ولابد أن تسلك طريق التعاون والتقارب مع قوى اليمين. وقد فتحت السلطة منذ 16 نوفمبر أبواب البلاد أمام النشاط الامبريالي الرجعي المعادي للثورة من داخل البلاد وخارجها، ويتجه ذلك النشاط نحو ضرب المنجزات والمكتسبات التي أنجزتها الحركة الثورية عبر تاريخها، ونحو انتكاسة دموية شاملة. وعندما ترفع السلطة شعار العداء للشيوعية ويخاطب رئيسها الشعب من الإذاعة والتلفزيون داعياً لتحطيم الحزب الشيوعي، فإن هذا الموقف لا يمكن تفسيره كما يدعي المنقسمون بأن البرجوازية الصغيرة الحاكمة قد تجنح أحياناً إلى تغليب التناقضات الثانوية في العمل السياسي، أو كما يبرر المنقسمون أن العداء ليس موجهاً للشيوعية أو إلى كل الشيوعيين، بل إلى جماعة عبد الخالق فقط! هذا تفسير انتهازي – فشعار العداء للشيوعية له دوافعه وأسبابه الطبقية والمادية من جانب القوى التي ترفعه. هكذا كان الحال عندما رفعته دكتاتورية عبود العسكرية عام 1958 – 1964 وعندما رفعه تحالف الأحزاب اليمينية عام 65 بعد ثورة اكتوبر. ورفعت السلطة هذا الشعار كنتاج منطقي لانقلاب 16 نوفمبر وتفاقم النشاط الامبريالي الرجعي الذي صاحبه، وازدياد ضغط رجال الأعمال السودانيين، والمقالات الصحفية التي تبرئ البنك الدولي من طابع الاستعمار الحديث، وصدور قانون الاستثمار الصناعي الذي يبيح استنزاف الثروة الوطنية واستغلال الطبقة العاملة، وسحب قانون العمل الموحد، والضغط الليبي المصري … شعار العداء للشيوعية يجمع كل هذه القوى الداخلية والخارجية ويعبر عن مصالحها.

    د‌- على أن الحركة الشعبية رفضت خط 16 نوفمبر وما تبعه، وعبرت عن ذلك في جميع مواقعها، وأعلنت تمسكها بأن تواصل الثورة مسارها وتقدمها نحو إنجاز مهامها … ص11. ومن هنا شعار سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية، الذي يفتح الباب أمام بديل ينتاسب مع خصائص الثورة السودانية وقدراتها وينقذها من خطر التجميد، ويعطي الجماهير الثورية في الوقت نفسه سلاحاً للنضال ضد الثورة المضادة التي تطرح نفسها بديلاً دموياً للنظام الراهن.

    “إن الحزب الشيوعي وهو يطرح هذا الشعار، لا يقع تحت تقديرات ذاتية حول إمكانية تنفيذه فوراً أو تلقائياً، بل طرحه قصد استنهاض حركة الجماهير الوطنية الديمقراطية في كل مواقعها، صغيرها وكبيرها، لتجميعها وتوحيدها خلال النضال ضد منهج الانفراد بالسلطة وضد الثورة المضادة. ومن خلال هذه العملية المتعددة الجوانب والمتشعبة يرتفع نشاط الجماهير إلى مستوى تحقيق الجبهة الوطنية الديمقراطية وسلطتها” ص12.

    “الوصول لسلطة الجبهة ليس أمراً مستحيلاً ولا يفترض سلوك طريق الغدر والانقلابات والتصفية كما تفكر السلطة والجماعة المنقسمة، بل يتطلب توفير الشروط التالية:
    •إقرار مبدأ التحالف بين كل القوى وأطراف الجبهة.
    •ضمان استقلال هذه القوى والأطراف أيديولوجياً وتنظيمياً بعد الاتفاق على برنامج أو ميثاق مشترك.
    •توفير الديمقراطية لنشاط كل هذه القوى وحل الخلافات والمشاكل دون تغيير طبيعة التحالف أو الانقلاب على طرف من أطرافه”… ص17.

    و- “إن العدو الأول أمام تطور الثورة السودانية هو الحلف الاستعماري الرجعي. غير أن النضال ضد هذا الحلف يتطلب معرفة مواقعه وحجمها ووزنها وأساليبه في كل موقع، دون تهويل أو تهوين، ودون أن يتحول شعار النضال ضد الثورة المضادة إلى أداة تستخدمها العناصر اليمينية في السلطة لتخويف الحركة الجماهيرية ولجم انطلاقها، كما تفعل العناصر الانتهازية المنقسمة الآن. ومن جهة أخرى فالنضال ضد الحلف الاستعماري الرجعي يمر عبر فضح سياسة اليمين في السلطة وكشف ومقاومة خطواته الرامية إلى تجميد الثورة وفتح الباب للنشاط الرجعي. كما يستحيل استنهاض الجماهير لمواجهة خطر الثورة المضادة دون توسيع الديمقراطية وضمان الحريات الأساسية الديمقراطية. وفي هذا الصدد فإن مهمة الحزب أن يدفع الحركة الجماهيرية الثورية لتمارس حقوقها الديمقراطية المكتسبة منذ عشرات السنين وألا تستكين للإجراءات والقوانين المقيدة للحريات مهما كانت التضحيات”… ص12.

    تميز نشاط الثورة المضادة بعد 16 نوفمبر و12 فبراير بالاتساع والجرأة، واكتسبت مواقع ثابتة ومؤثرة داخل السلطة، كما اكتسبت حق التنظيم والنشاط السياسي عن طريق اللجان القومية ولجان القرى وكتائب مايو التي كونتها السلطة، ونجحت في احتواء رئيس مجلس الثورة مستغلة شعاراته التي رفعها في العداء للشيوعية، وحماسه في ضرب القوى الثورية، واتجاهه لرئاسة الجمهورية، واستغلت ضعف مجلس الثورة ومجلس الوزراء وتفويضها كل السلطة للرئيس.

    “في النضال ضد الثورة المضادة يقترب الحزب الشيوعي من جماهير الأحزاب التقليدية من مواقع مصالحها الطبقية ويعمل وفقاً لخط جماهيري واضح وسليم في التعامل معها لتحريرها سياسياً من نفوذ القيادات الرجعية، يجذبها للنشاط السياسي التقدمي والنضال الاقتصادي والاجتماعي في كل المواقع ويقنعها بضرورة التحالف الوطني الديمقراطي وإنجاز مهام هذه المرحلة لمصلحة التقدم …”ص15-16.

    النضال المتصل ضد الثورة المضادة وخطرها يساعد في “التأثير على مواقع الجماعات والأفراد داخل السلطة نفسها ويفتح الباب لإمكانية واحتمال أن يدرك نفر منها قبل فوات الأوان الخطر الحقيقي الكامن في سياسة السلطة، ويدرك أن الطريق القويم هو طريق التحالف الوطني الديمقراطي ونشر ألوية الديمقراطية الجديدة” … ص15.

    ز- المناقشات الواسعة حول الشكل الملائم لوحدة القوى الثورية، قبل وبعد 25 مايو، استقرت على شكل الجبهة، نسبة لظروف السودان، وتعدد تكويناته وتقاليد حركته الثورية. لكن السلطة تسير في اتجاه فرض شكل الحزب الواحد مهما تعددت مسمياته، ونقل تجارب بلدان أخرى لا تشابه ظروفها واقع السودان السياسي.

    شرعت السلطة في تكوين كتائب مايو للشباب ولجان تطوير القرى تحت إشراف وزارتي الشباب والتعاون، وتخضع هذه التنظيمات لقيادة وتوجهات الوزارتين. وهي بهذه الصفة تفتقد مبادرة الجماهير واستقلالها وروحها الديمقراطي وتظل تنظيمات فوقية خاضعة لجهاز الدولة. كما إن الدعوة الساذجة بأن يدخل الشيوعيون والثوريون هذه التنظيمات للسيطرة عليها من الداخل لا تأخذ في اعتبارها أهداف السلطة من تكوين هذه التنظيمات كروافد للحزب الواحد، وإن وجود عناصر ثورية في هذه التنظيمات لن يغير من طبيعتها ووظيفتها، إذ أن السلطة هي التي تشرف على مسار هذه التنظيمات وتتدخل في أي لحظة تشاء لإبعاد “المخربين” … ص20-21، فضلاً عن أن السلطة تعتبر الحزب الشيوعي جزءاً من القوى المعادية للثورة وتدعو لإبعاد الشيوعيين من قيادة النقابات والمنظمات الجماهيرية. أما الميثاق الوطني فرغم التعديلات التي أدخلتها عليه القوى الديمقراطية، فإنه سيبقى نصوصاً براقة لا حياة فيها بلا ديمقراطية ثورية وتحالف ديمقراطي سليم.

    ح‌- الحديث عن الدستور الدائم والأشكال الدستورية في ظروف مصادرة الديمقراطية وحرمان الشعب من الإدلاء برأيه بحرية تامة، لا يعني سوى تقنين الانفراد بالسلطة، وخلق ديكتاتورية مقنعة لسلطة البرجوازية الصغيرة وتحالفها مع اليمين … ص24.

    ط- رفض الجماهير للاتحاد الرباعي مبني على أسس موضوعية، منها ظروف السودان ووضعه المميز في الثورة العربية الإفريقية، ومنها أن الظروف لم تنضج بعد لهذا المستوى من الوحدة، ومنها عدم توفر الديمقراطية للشعب. إن الشكل الأمثل في الوقت الحاضر، هو التحالف والتنسيق بين الدول العربية المعادية للاستعمار في النضال من أجل إزالة آثار العدوان ودعم الثورة الوطنية الديمقراطية في كل بلد، وتجنب خلق محاور من مجموعة دول عربية متحررة في مواجهة دول أخرى … ص25.

    وفي ختام شرحها لتكتيكات الحزب، طرحت اللجنة المركزية برنامجاً من عدة نقاط لتحسين المناخ السياسي كيما تتوحد القوى الديمقراطية في مواجهة خطر الثورة المضادة، حيث أن سياسة السلطة تعوق وحدة تلك القوى. وقد شمل البرنامج المطالبة بوقف التدخل في شئون النقابات والمنظمات الديمقراطية، وتوفير الديمقراطية للقوى الثورية وفي مقدمة ذلك حق التنظيم والتعبير والتخلي عن سياسة العداء للشيوعية ومهاجمة الحزب الشيوعي، والنضال ضد الثورة المضادة وردع نشاطها، وإعادة النظر في السياسة المالية الاقتصادية لتخفيف الضائقة المعيشية وحشد القوى لتنفيذ الخطة الخمسية، التريث في إعلان التنظيم السياسي والخطوات الدستورية حتى تتاح فرصة التشاور الشعبي الواسع، التجاوب مع الرغبة الشعبية في عدم الدخول في الاتحاد الرباعي … ص31.

    في جبهة الحياة الداخلية للحزب، صاغت ل.م. الواجبات المتعلقة بتقوية الحزب للاضطلاع بمسئولياته … ص26-29:
    •نشاط الحزب الجماهيري، يرتبط أوثق ارتباط بنشاطه الداخلي حيث يحتل التحضير للمؤتمر الخامس المقدمة. وهذا يتم في ظروف المد اليميني وازدياد تعقيد الوضع السياسي وسير شريحة البرجوازية لفرض دكتاتوريتها وتزايد خطر الثورة المضادة.
    •ضرورة تأمين الحزب سياسياً وفكرياً وتنظيمياً، وخلق أفضل الشروط لانطلاق نشاطه ومحاربة العزلة والانكماش.
    •مواصلة النضال الفكري والسياسي والتنظيمي لتصفية المركز الانقسامي.
    •حماية الحزب والحركة الديمقراطية في وجه عنف الثورة المضادة.
    •تحسين العمل القيادي واستقراره في كل المستويات حتى مكتب الفرع.
    •التفاف الحركة الجماهيرية حول الحزب يتطلب أن يقدم لها الحزب الخطوط والتوجيهات الصحيحة في الوقت المناسب. ضرورة الاهتمام بكادر الحزب في مواقع الحركة الجماهيرية والمنظمات الديمقراطية وهي تتعرض لضغط وهجوم متواصل، ويواجه الكادر في قيادتها صعوبات عديدة تتطلب منه الوضوح والموقف الحاسم.

    وهكذا تطورت وتبلورت تكتيكات الحزب في الفترة التي أعقبت انقلاب 16 نوفمبر. وكان تبلورها واستجلاؤها عملية شاقة وفي ظروف معقدة ومستجدات متلاحقة، وهجمات السلطة على الحزب والحركة الثورية تتوالى في تصعيد، وكان الحزب في حالة إرهاق وإنهاك نتيجة معركة الانقسام ثم الانقلاب نفسه، واعتقال قائد الحزب عبد الخالق محجوب في لحظة الانعطاف الحاد. على أن اللجنة المركزية ومجموع كادر وعضوية الحزب، تصدت بشجاعة وحماس لرسم التكتيكات السليمة للحزب عبر الاجتماعات الموسعة للجنة المركزية والمكتب السياسي، واجتماعات التعبئة للعضوية في الفروع الحزبية.

    ورغم مواطن القصور والغموض التي شابت تكتيكات الحزب وبعض مواقفه فإنها في مجملها، شأن كل التكتيكات، أمسكت بالحلقة الرئيسية، وهي استنهاض الحركة الثورية خلف شعارات الثورة الوطنية الديمقراطية، وتوحيد قواها في الجبهة الوطنية الديمقراطية، والتوجه نحو آفاق السلطة الوطنية الديمقراطية.

    إذا قصرت تكتيكات الحزب عن تحديد الأداة للوصول للسلطة الوطنية الديمقراطية، فإنها قطعاً لم تطرح الانقلاب أداة.

    وإذا كانت مواقف الحزب ونشاطه ودعايته، إلى جانب الظروف الموضوعية الأخرى، قد أفرزت داخل الجيش قوة عسكرية ضاربة، فإن الحزب لم يبادر ويطرح أمامها مهمة تحضير وتنفيذ انقلاب.

                  

01-12-2012, 09:08 AM

القلب النابض
<aالقلب النابض
تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 8418

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تقرير لجنة القاضى حسن علوب حول انقلاب 19 يوليو1971 (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote:
    كان لدى زميل فى عملى السابق فى General Petroeun Corp فى سودان الثمانينات اسمه احمدحسن أبوديه,هل هو من أقاربك?


    نعم اخي ابو نورة هو عمي

    جزاك الله خيرا

    وتحياتي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 2 „‰ 3:   <<  1 2 3  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de