مجنون الكتابة الجنن الكتابة وجننا ابراهيم كوجان 3

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 02:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-31-2012, 09:53 AM

د.نجاة محمود


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مجنون الكتابة الجنن الكتابة وجننا ابراهيم كوجان 3

    سلامات
    اكثر القراءة التي استمتع بها هي الكتابات الادبية وخاصة التي تتحدث عن ثقافات اخرى
    وللاسف هذه الكتابات لا تجد رواج في المنبر وقد "تدردق" الى الارشيف قبل ان يراها القراء
    وكثيرا لا تحظى بمعلقين ...ويختفي الكاتب
    منذ فترة اقرأ كل ما يكتبه ابراهيم كوجان واجد متعة عالية في قراءته والدخول الى عوالمه الساحرية
    وسعدت جدا بخور جهنم لعرضها وتعريفها بثقافة مغايرة من ثقافات كثيرة في سودان التعدد والوحدة واعجبتني لغته الجميلة
    التي تدخل الى القلب مباشرة لانها من القلب. وهي لعمري الكتابة الصادقة التي يجب الاحتفاء بها

    الى الحكاية خور جهنم..


    وقف الشاويش يعقوب أمام المراة للمرة الأخيرة، في منتصف قُطيته الوحيده، المشيدة من أعواد الذرة اليابسة والتي تُحدث صوتاً كل صباح مع بزوغ الشمس أشبه بطقطقة حبّات اللالوب حين نضجِها وقف أمام المراَة يهنئ نفسه بابتسامة تقُوسّ ظهرها وعينيه الواسعتين فيهما عناق السواد بأبيضها في جلالٍ مهيب. رغم بلوغه الخمسين، مازال قوياً جاف العود ذا سواد برّاق عنيداً كأمطارٍ صيفيه. في بدايات عمره كان قنّاصاً بالجيش أيام الأستعمار، ثم اختار المعاش في منتصف الستينيات ليصبح شاويشا بالبوليس فرئيساً لقسم) شرطة بمنطقة جبل مرّه. إرتدى بزته الرسمية، عدّل من وضع النياشين التي حصدها في سنين خدمته التي امتدت بعمر (القسم) الذي أنشأه، مسح حذاءه العسكري ثم جلس في تمام أناقته إلي المنضدة وكتب استقالته الأخيرة من الخدمه النظامية : ( لا أدري ماذا حدث لي ولكني سيدي الضابط قد أخطأت إصابة الهدف عندما كلّفتني سيادتكم بإبادة ال ك لاب الضالة، وأنا الذي لم أخطئ هدفا في حياتي؟ لذا سيدي أقدّم استقالتي حفاظاً علي تماسك المهنة وصدقيتها التي منحتني هذه النياشين التي تزيّن صدري والسلام).
    في ذلك اليوم المشؤوم وفي تجواله المتكرر، مُترصِّداً ال ك ل اب الضالة، رأي ك ل باً أسوداً تبين عليه علامات السعر فقرر قتله، جلس علي الأرض، أخرج رصاصة من جيبه، بلّلها بلعابه، ثم حشرها في بندقيته وصوبها نحو ال ك ل ب، أطلق الرصاصة فلم يسقط ال ك ل ب، فقط أصدر أنيناً خافتاً ولكنه لم يتحرّك، وضع الشاويش يعقوب رصاصة أخرى سبقتها نفس الطقوس ثم أطلقها فلم يسقط ال ك ل ب، وفي المرة الثالثة، إختفي ال ك ل ب من نظره كأنّما أزاحته ريح ، تعقّب أثره، ليومٍ كامل فلم يجد إلاّ بقع دم متناثرة وخصيتي ك ل ب وبعد مشوار نصف يوم وجد ذيل ك ل ب! فعرف أنّه قد قصف هذه الأعضاء وأخطأ ك ل باً!.


    ( أنّه في زمنٍ بعيد يفوق المئتين من السنين، أتي إلي الجبال الشرقيه حكاما لئاما يقتلون الصديق قبل العدو، يغتصبون النساء، يمضغون أكباد الناس ويبصقونها أحقاداً علي وجه الأرض، وقد بلغ بهم صلفهم وكبريائهم حد أن يطلقوا أسماء القمر والشمس علي أبنائهم الذين يولدون علي ظهور الخدم، وكل مولود جديد يُعطي أرضاً ومزرعة وحاشية قبل أن يبلغ السابعة من عمره ويدربونه علي القتل في العاشرة. أمّا إذا كان المولود أُنثي فإنّهم يقيمون الحداد -. ما أن تنطفئ حرب إلاّ وأشعلوا أُخري، ولا تروق لهم مواسم مثل فرح أو ربيع، أو خريف. فاستعبدوا كل من يمشي علي الأرض وأطفأوا نيران الخلاوي التي لا تنصاع لَأقوالهم مذّقوا صحائفها، منعوا الغناء في الشوارع، بأفعالهم اللئيمه هذي أعادوا كل أهل الجبال الشرقيه إلي عصر الكتابة علي جدران كهوفها فاستعبدوهم جميعاً، ولم ينج أحد من هبوب نزواتهم القاسية. يُقال: بعد إحدي الغزوات التي طالت القري المجاوره وفي أثناء رجوعهم تواري قائدهم خلف باب ظل شجرة تحت الجبل ليقضي حاجته ولما لم يجد ما ينظّف به مؤخرته مسحها بكسرة خبز!. إسودّت الدنيا وتلبّدت السماء بسوادٍ مهول وجاء الليل سادلاً في منتصف النهار، تحرّك الجبل من مكانه قليلاً ثم اهتز فتعالي كأنه يعتصر حافة السماء التي لامسها، فانفجرت السماء عن مطرٍ إستمر لثلاث أسابيع بلياليها، حتي إذا ما بلغ السيل هامات الأشجار والزبى إنفلقت الجبال الشرقية إلي نصفين، وانهمر السيل ناحية مدينة الفاشر فشّقها إلي نصفين أيضاً ولم يتوقف المطر، فجلس شيوخ المدينة وأطفالها في حلقات ذكرٍ مرعوبة بهدير المطر والسيول وظنوا أن نهاية الدنيا التي عرفوها قد شارفت نهاية ماَلاتها في مشهد يذكِّرك بحال قوم يونس بنينوى. كان السيل بهديره الوحشي يحمل في بطنه جثث موتي وأشجارٍ يابسة وحيوانات نافقة ومنازل بتمامها وحجارة سوداء، كان يحمل في بطنه عالماً كاملاً بعويل نسائه وبكاء أطفاله، كأنّ الأرواح تتلوي داخل بطنه. قالوا بعد أن توقف المطر: أنّ السيل قد حمل كل أوساخ الجبال الشرقية وحُكّامها وقذف بهم في وادي الفاشر غربي المدنية، فحملهم الوادي بعدها إلي جهةٍ غير معلومة، وعندما برز الأفق لم تكن هناك جبال شرقية فقط هضاب صخرية عجفاء وبقايا بشر. بل قال الرواة أنّ تلك الهضاب الصخرية التي أنقشع عنها الأفق هي مسخ لحكام الجبال الشرقية ورمزاً لصلفهم، وضعته السماء حجارة بلون جلودوهم لكي لا ينسي الناس ما فعلوه بخلائق الله، إذ أنّه لم تبق معصية لم يأتوها أو جرماً لم يرتكبوه بإسمه.
    عندما توقف غضب السماء الدّافق، كان الشرخ الذي شقّ المدينة إلي نصفين قد أصبح بهيّا نظيفاً تحفّه حجارة بيضاء وأحاطه سكاناً بملامح المدينة والمدن المجاورة يقرأون الكتب ويعشقون ويتكاثرون ويموتون تماماً كما تفعل كل مخلوقات الأرض ولمرور سكان الجحيم الشرقي به بعد غسلهم المطر، أطلقوا عليه خور جهنم، هذا ما قاله العجزه وكهول المدينة).

    يتسربل خور جهنم برائحة الشواء، والفول والطعمية، والنساء وأصواتهن ومؤخراتهن المكوّمة مثل (لدايات الصدقة)، وبيوت (البغو)، والكلاب الضالة والقطط التي يقولون عنها أنّها تجلب سوء الحظ، رغم أنّها تعيش آمنه مطمئنّه وسطهم. من كل هذا الرهط، كان عم يعقوب يدخل الخور منسرباً كنبي بملابس (ملكية)، ليبدأ مشواره المسائي ويمارس ذات الطقوس فيضيف زيتاً جديداً لتروس ماكينة حياته المعصارة.
    يعانقه في ونساته الخاصة ود برنجية وود التوم، وزهرة أم ترس صانعة أجمل (بغو) في الخور، وود دالوجه (أب خُرس) الطّباخ ذو الصوت النسائي، وفي كثير من الأحيان كانت تمر عليهم بتول بت علي التي أنجبت تسع أطفال وبنتين توأم في عشر سنين، فوصفتها أم ترس بأنها إمرأة كثيرة الولادة (والله البنية دي ولادتها كتيرة ياخ دي كان شمّت ريحة زوجها ساي تحمل!) وأضافت في إحدي لحظاتها الشاعرية أنها حمِلت ببنتيها التوأم عندما أتى زوجها من الحج في ليلة قمرية!، فيهمهم عم يعقوب ويستغفر ويطلب المزيد من (البغو) ويأمرها أن تترك الناس في حالهم، وأن تستغفر هي الأخري فتفعل.
    خور جهنم الأنيق بزواره من الموظفين وسائقي اللواري وبوليس الدوريات، و (لداياته) التي اسودَّت من صناعة (البغو) و(مديدة الحلبة) و(الكوراع) و(أم جنقر) وأصوات النساء، وهدير الدوبيت عندما تتربّع سوائله علي قمم الرؤوس، كانت موسيقاه الحياتية تتعالي علي أصوات الحفلات التي تضج بها الفاشر في ليالي الخميس.
    توقّف النبض في شرايين الخور، تدحرجت حجارته السوداء مقتربةً من بعضها كأنّها تحاول رتق ماضيها، زاغت أبصار النساء وتوجّس سكان الخور شراً مستطيراً وتعرّقت الحجارة التي تسند جنباته، إعتدل ود دالوجه (أب خُرس) في مشيته حتّى توقف نفسه في قاع زفيره. بحثت بت التوم عن مسبحتها ونفضت عنها الغبار، وبدأت تستغفر كأنّ القيامة على مشارف الخور! تفجّرت الفقاعات التي تزين سطح جِرار( البغو)، حدث كل ذلك في اليوم المشؤوم الذي قدّم فيه الشاويش يعقوب علي عبد النبي إستقالته، حضر إلي الخور في تمام العاشرة! وبزيه الرسمي وبندقيته والورقة التي كتب فيها إستقالته، تراص سكان الخور جميعهم وراء الشاويش يعقوب (كتال الكلاب) كأنهم سيؤدون صلواتهم الأخيرة في صمتٍ أطبق على كل شئ ولم يستثن حتي هسهسة أبخرة الطبخ ليبدأوا صلاة إخراج الروح من أجسادهم المعطونة في أمطار أغانيهم التي كانت تذبح أحزانهم الأبدية والتي تراءت أمامهم مكتوبة في ألواح دُنياهم المرحه.
    لم يلفظ الشاويش يعقوب كلمة ولم يتنبأ بقيامتهم، فقط طلب أكثر (عبابير) (البغو) ضخامةً في المكان وأفرغه كلّه دفعةً واحدة، بعدها طلب لحما مشويا في استدعاء لعاداته المسائية عساها تفضي به إلى صُبح يحرره من قتل الكلاب الضاله إلي الأبد، ثُم اتكأ علي (العبار) الثالث من (البغو) الفائر وبدأ في الدوبيت، وجدت دمعات حارات طريقها إلى خديه اللامعتين، تراشقه دبيب البغو الجميل بوخزات الخدر فأسند رأسه علي وسادة قراره الأخير وراح في شخير ثورٍ مذبوح مستسلماً لنومٍ أفاقَ منه قُبيل المغرب بقليل، عندها عرف سكان الخور أن قيامتهم قد أوصدت أبوابها في ذلك اليوم، فلبِسَ الفرح قميصه المزركش وبدأ في التجوال بين جنبات الخور، وعادت إليه نبضات الحياة من جديد.



    يتسربل خور جهنم برائحة الشواء، والفول والطعمية، والنساء وأصواتهن ومؤخراتهن المكوّمة مثل (لدايات الصدقة)، وبيوت (البغو)، والكلاب الضالة والقطط التي يقولون عنها أنّها تجلب سوء الحظ، رغم أنّها تعيش آمنه مطمئنّه وسطهم. من كل هذا الرهط، كان عم يعقوب يدخل الخور منسرباً كنبي بملابس (ملكية)، ليبدأ مشواره المسائي ويمارس ذات الطقوس فيضيف زيتاً جديداً لتروس ماكينة حياته المعصارة.
    يعانقه في ونساته الخاصة ود برنجية وود التوم، وزهرة أم ترس صانعة أجمل (بغو) في الخور، وود دالوجه (أب خُرس) الطّباخ ذو الصوت النسائي، وفي كثير من الأحيان كانت تمر عليهم بتول بت علي التي أنجبت تسع أطفال وبنتين توأم في عشر سنين، فوصفتها أم ترس بأنها إمرأة كثيرة الولادة (والله البنية دي ولادتها كتيرة ياخ دي كان شمّت ريحة زوجها ساي تحمل!) وأضافت في إحدي لحظاتها الشاعرية أنها حمِلت ببنتيها التوأم عندما أتى زوجها من الحج في ليلة قمرية!، فيهمهم عم يعقوب ويستغفر ويطلب المزيد من (البغو) ويأمرها أن تترك الناس في حالهم، وأن تستغفر هي الأخري فتفعل.
    خور جهنم الأنيق بزواره من الموظفين وسائقي اللواري وبوليس الدوريات، و (لداياته) التي اسودَّت من صناعة (البغو) و(مديدة الحلبة) و(الكوراع) و(أم جنقر) وأصوات النساء، وهدير الدوبيت عندما تتربّع سوائله علي قمم الرؤوس، كانت موسيقاه الحياتية تتعالي علي أصوات الحفلات التي تضج بها الفاشر في ليالي الخميس.
    توقّف النبض في شرايين الخور، تدحرجت حجارته السوداء مقتربةً من بعضها كأنّها تحاول رتق ماضيها، زاغت أبصار النساء وتوجّس سكان الخور شراً مستطيراً وتعرّقت الحجارة التي تسند جنباته، إعتدل ود دالوجه (أب خُرس) في مشيته حتّى توقف نفسه في قاع زفيره. بحثت بت التوم عن مسبحتها ونفضت عنها الغبار، وبدأت تستغفر كأنّ القيامة على مشارف الخور! تفجّرت الفقاعات التي تزين سطح جِرار( البغو)، حدث كل ذلك في اليوم المشؤوم الذي قدّم فيه الشاويش يعقوب علي عبد النبي إستقالته، حضر إلي الخور في تمام العاشرة! وبزيه الرسمي وبندقيته والورقة التي كتب فيها إستقالته، تراص سكان الخور جميعهم وراء الشاويش يعقوب (كتال الكلاب) كأنهم سيؤدون صلواتهم الأخيرة في صمتٍ أطبق على كل شئ ولم يستثن حتي هسهسة أبخرة الطبخ ليبدأوا صلاة إخراج الروح من أجسادهم المعطونة في أمطار أغانيهم التي كانت تذبح أحزانهم الأبدية والتي تراءت أمامهم مكتوبة في ألواح دُنياهم المرحه.
    لم يلفظ الشاويش يعقوب كلمة ولم يتنبأ بقيامتهم، فقط طلب أكثر (عبابير) (البغو) ضخامةً في المكان وأفرغه كلّه دفعةً واحدة، بعدها طلب لحما مشويا في استدعاء لعاداته المسائية عساها تفضي به إلى صُبح يحرره من قتل الكلاب الضاله إلي الأبد، ثُم اتكأ علي (العبار) الثالث من (البغو) الفائر وبدأ في الدوبيت، وجدت دمعات حارات طريقها إلى خديه اللامعتين، تراشقه دبيب البغو الجميل بوخزات الخدر فأسند رأسه علي وسادة قراره الأخير وراح في شخير ثورٍ مذبوح مستسلماً لنومٍ أفاقَ منه قُبيل المغرب بقليل، عندها عرف سكان الخور أن قيامتهم قد أوصدت أبوابها في ذلك اليوم، فلبِسَ الفرح قميصه المزركش وبدأ في التجوال بين جنبات الخور، وعادت إليه نبضات الحياة من جديد.


    هكذا عاد الحال إلي خور جهنم وعادت إليه لغة صخبه وجنونه وتفلُّتات بت التوم وغناء (أب خرس)، عرفوا أنّ الشاويش يعقوب قد أصبح جزءا من نسيج الخور وهنائه، بعد اعتزاله البوليس وقتل الكلاب، لكنه لم يبح بسبب تركه البوليس ولم يتجرّأ أحد علي سؤاله، فاحتفلوا في سرهم به. كانت أياديهم تُصاب بحكّة كُلّما رأوه قادماً فيتسارعون لدفع ثمن عبّاراته وثمن الشواء فيصرخ في وجوههم بعينيه الواسعتين ونظراته الملتهبة فقط، لتنزل ظلال الصمت عليهم فيتراجعون. عرفوا بمرور الأيام المتكررة مدى اعتداده بنفسه وفخره وطول باله، قبلهم داخله دون مواربة ورضي سكان الخور بوجود هذا العملاق بينهم.
    حطّت الطائرة بمطار الفاشر ، كانت تحمل داخلها ود خليل (السميّح)، الذي ترك البلاد قبل عشرين عاماً للدراسة في الخرطوم وبعدها اختفي فجأةً إلي أوروبا ليستزيد من العلم، تجّول في أنحائها، عرف جليدها، تعّلم لغات غزلها، مشى في جنازات موتاها وخبر أحلام أهلها وأحزانهم وأفراحهم وغضبهم البارد ونزواتهم الغريبه، غرق في سهراتهم، وشقراواتهم اللاتي يتمتعن بغباءٍ طيني، في تجواله كانوا يعطونه ما يريد فيرد عليهم برقصٍ أفريقي ونبوءاتٍ صحراويه وجنون إستوائي فكانوا يشتهونه كالفاكهة الغريبه وهو كريم معهم يجود عليهم دون تردد. في البدء كانت لغة التخاطب بلون الخرس، ثم بقليلٍ من الكلمات المبهمات، وبعدها ينهمر قاموساً كاملاً خطه بيده وبداخله لغات غزل أربع، تعرّض للشتم والبصق والتحرّش والسّب بسبب لونه، إستحسنوه ،أحبّوه واحتضنوه، بسبب لونه أيضاً تشتت أفكاره بهذا التناقض وأصيب بالذهول لعامين ولكنه لم ينكسر كما حدث بمطار الفاشر.

    عندما لامست أقدامه أرض المطار لم يتعرّف عليها، ولم تعرفه، إستضمت رائحة الغبار حاملةً معها رائحة الشمام، والمنقه الجبلية ورائحة اللالوب والنبق وذكريات بحيرة (الفوله)، وشواء خور جهنم الذي أراد، في تلك اللحظة، أن يرسل بريقه رغم بعده، فلم يتمالك عينيه اللتين غرقتا في دمعٍ ملحي وتورم خدّاه بحمي الإشتهاء فانهار أمام الجميع مغشياً عليه. قبل أن يرتطم دمه بالأرض تلقّفه (فضل) عامل إرساء الطائرات، وأوسد رأسه علي حقيبة أحد المسافرين. أفاق من غيبوبته، ليجد فضل أمامه، تعّرف عليه فهو ما زال نفس (الفضل) الذي يعمل في المطار، منذ أن غادر البلاد، ويعمل (شيال) في إحدي فرق الغناء الشعبية، ملامحه ذاتها، وتعبيراته الغرائبية التي تمسّد وجهه عندما يصاب بحيرة عدم الفهم، يلبس نفس الحذاء العسكري وبنطاله البني الذي يقترب من منتصف صدره، وصوته الغنائي الذي يشق ضجيج المسافرين، وملح المودعين وصلوات وداعهم المحموم ( لا إله لإاّ الله، محمد رسول الله فُتّكم بعافية، وخليتكم في حفظ الله، تمشي وتجي بالسلامة)، حنين دافق، يختلط بصوت (فضل)، تزاحمت أفكاره علي وجه فضل الذي كان يعرفه مُتجولاً خارج أوقات عمله، يفاجئك بقوله (أعبد ربّك حتي يأتيك اليقين ثم يشدوك بأقوال تراكمية من إحدي كتب (نيتشة) إن لم يك هناك فن لأوجدناه! يقولها بلغةٍ عربية سليمة، فيظنه المثقفون أنّه متطاول وغيرهم يخاله من خريجي الخلاوي وهو لا يعير أي منهم إهتماماً فقط يتركهم في غيّهم ينتصرون لذواتهم، ويستاكون بأراك تعاليهم المُغَيّب.


    ودَعه فضل حتي البوابة الخارجيه للمطار، وبإبتسامة أمالت فمه ناحية اليسار قليلاً وبمعاناة (سيزيفية) فائقه عدّلها ملوحاً: مرحب بيك في بلدك. وقف خليل ود السميّح لبرهةً تمددت على سطح زمنٍ غير معلوم لديه، يتنّسم الروائح ويراقب الناس من حوله، قبل أن يسحب حقيبته الصغيره خلفه ويحمل علي أك ت اف ه العريضه شوق عشرين عاماً ولهيب رهبة يعبّئُ قلبه فيتسارع. ها هو الشارع الوحيد يتمدد أمامه، شارع يعرفه وكان يبتلعه أيام الإستذكار، منذ أن كان في الثالثة عشر من عمره، لكنه أصبح غريباً محاطاً بمبانٍ غريبة، وأناس أغرب، وفي لحظة اشتعال رأسه بالكلام والذكريات، إقترب منه سائق عربة أجرة سائلاً: على وين يا أستاذ؟ أجاب بنصف ابتسامة، ممكن تأخذني إلى (وسط البلد)؟ جدّاً بس إنت ساكن هناك؟ أجاب بلا فقط أريد الذهاب إلي هناك! ياخ ممكن أخدك حتي بيتكم وتدفع البتدفعو! ياخ أنا عايز أمشي وسط البلد وبس! طيب ممكن أسوقك لوسط السوق بس تصل بيتكم كيف؟ إنت غريب في البلد؟ ما في فنادق في وسط السوق؟! يالله من هذا الإلحاح! من أين أتي هذا الشخص بهذا الإلحاح؟ فعلاً أنا غريب!. لم يستمر الجدال طويلاً فأخذه حتي وسط البلد.
    ترجّل من عربة الأجرة، دفع له ما أراد، شكره السائق ولكنه أردف كمن نسي شيئاً لم يقله: يا أستاذ عارف إنت ماشي وين؟ ياخ تعال حأوصلك مجانا لأن الجو غبار وأنت جديد في البلد! لم يرد عليه ، ألقى عليه نظرة أخيرة وودعه بذات الإبتسامة التي إلتقاه بها، وقبل أن يبدأ في التجوال توقّف لبرهةٍ ينظر حوله ليتعرّف علي ملامح المكان، لم يسقط نظره علي شئ ذي ملامح معروفة له سوى عمارة (المحامين) التي غرقت في غبارٍ داكن! ومن خلفه بحيرة الفوله وعساكر بكل ألوان الكون ورجال ونساء يفترشن الأرض وأطفال مشردون وأوساخ. بحث عن شارع الأسفلت الذي يشق السوق من أسفله إلي أعاليه ، وجده مغطى تماماً بالرمل رغم أنّه مازال يتلاشي في الأفق مرغما الجامع الكبير على الإنزواء، بدأ في مشيه بعد أن كفر بالذهول وتملّكته رغباته القديمه في الإستكشاف دون سؤال! بحث عن مكتبة اَدم قاضي مليط فلم يجدها، ربما تحولت إلي مكان لبيع التلفونات الجوالة! إنحني شمالاً ليرى مكتبة حامد فلم يجدها ، لم يسمع صوت (عزالدين وهم) صاحب النكتة الشهيره (قُناها نعم حكمونا وهم) فسجنه الدكتاتور (نميري)، ثم تدحرج في منتصف السوق شمالاً ليري المدرسة الأهلية الثانوية، يا إلهي أين اختبأت، تراءى له أنّها أنبتت جناحين وصعدت إلي سماء سوداء تحيطها أكشاك بضاعة غريبة وطاولات يعرض عليها الخضار غير بعيد عن حيوانات نافقة، المجمع الثقافي الجميل بلون الطوب الأحمر لم يزغرد له في أذنه كما كان يفعل في الماضي، لم تنبعث منه موسيقى الجاز التي كان يعزفها (أبو تِفه) ويؤدي أغانيها بإنجليزية فصيحه.

    كانت تأتيه الأسئلة كحّمي خريفية ولا يجد منها مهربا ، إذ أنّ الأشياء لم تعد كما كانت ولم تذهب إلي الأب]. كانت تأتيه الأسئلة كحّمي خريفية ولا يجد منها مهربا ، إذ أنّ الأشياء لم تعد كما كانت ولم تذهب إلي الأبد!.
    جلس علي الأرض يصدر أصواتاً مبحوحة لينظف حلقه من مرارة الذكريات وحلاوتها معاً وينفض الغبار من ملابسه ويمسح دموعا عن جفني عينين مغمضتين علي ذكريات تتناسل أمامه وكأنّها تجري الان، ليست (أناه) هي أناه! وليس المكان ذاته، أعادته رائحة الشمام المعطوب إلي شتاء منتصف الثمانينات، فترجّع صوت البنات الهامس في أُذنيه، نهر زيّهن الأزرق وهن عائدات من (الفاشر الثانوية) بابتساماتهن المشعة، فكتب الشعراء غزلهم الرفيع في ذلك المكان، وكتب الخطاطون الصعاليك علي حيطان الأهلية كلاماً مثل (أحب فلانه) و (أموت في بنات الكرانك)، تذكر عبدو وجملته الإنتقامية اليتيمة التي خطّها علي جدران المدرسه (اَحيّ أنا من قلبي الميت في حي العظمة) ويتبعها بقسم مغلَّظ: والله لأقتلهن جميعاً منتقماً لقلبي المكسور، أو أقتل نفسي فيمتن داخلي، بنات حي العظمة الفعلتنّو فيني الله لا غز فيكن بركة! ثم يمّم وجهه شطر شرق المدينة حيث خور جهنم ليختبئ فيه ومعه تنزوي ذكرياته الحزينة ليوم اَخر مخضّب بنفس لغته الإنتقاميه!.
    تراجع تيار ذكرياته إلي أعلى نهرها عندما فاجأه صوت حنين: يا إبن العم أنت كويس؟ أجاب بمسح دمعتيه التائهتين، ثم طلب كوب شاي وساندويتش، أكل جزءا منه وترك الباقي لهوام الأرض، قرر أن يتجول دون هدف فالساعة ما زالت قُبيل منتصف النّهار، حمل ذكرياته وجسده المنهار، وحقيبته ثم توجه نحو حي الموظفين فلم يجده، ذهب إلي قصر علي دينار، وجده مشوه الوجه ببناءٍ جديد لا يُعرف له أصل، تقمصته معصية الإحباط فتفوّه بكلمات سباب وشتائم بلغةٍ أجنبية، وفي سعيه الحثيث لمعرفة ملامح المدينة، أغمض عينيه وتوجّه مرّةً أخري ناحية السوق وتجوّل فيه، لم ير وجهاً واحداً يتعرّف عليه سوى رائحة الشمام المعطوب وغبار يناير البارد، فدارت به قدماه دورةً كاملة لترمي به علي حائط المدرسه الاهلية مرّةً أخرى لكأن القدر يريد أن يذكره بها، فهي المدرسة التي شهدت مراهقته، وهي المدرسة التي أخرجت للعالم أطباء ومهندسين ومدرسين ورجال أعمال، شعراء ورسامين ومجانين كلهم أتوا من صلبها، نفثت لنفسِ العالم قطاع طرق وثوريين خاضوا حروباً يمينية ويسارية وحروباً لا تعرف هوية ولا تتلون بلون، حروب وحسب. إستمرّ في تجواله الحزين هذا حتّي بدايات ماظنّه ليل ، فقد خبر الليل في هذه المدينة منذ هجرة والده إليها. فالليل يأتي من كُلِّ الجهات، لا يعرف زمناً، يأتي في منتصف النهار، أو أواخره، أو يسبق ميعاد مجيئه بساعات، وأحياناً لا يأتي إطلاقاً ولا يهيئ حتي الأفق ليدلق إحمرار شفقه علي أطراف السماء وأسطح المنازل ورؤوس الماَذن، الليل يأتي في هذه المدينة محمولاً علي هواء الدوبيت وترانيم أصحابه وأُهازيجهم الحنينة الحميمة ويشرع أجنحته علي خدود نساء حزينات تهدهدن ذكرى أزواج تركوا البلد، إغتربوا، نساء يعلقن حول رقابهن قلائد الإنتظار واَذانهن تلتصق علي بوابات الريح وهفهفاته المُتوجّسة ورتاج باب الترقُّب اليهزم كل صبر.

    فاجأه الليل وهو ما زال يحمل في دواخله مدينتة القديمة بطوبها وجالوصها وأجناسها بسحناتهم المتفرقة التي طلتها جيناتهم المشاكسة علي جلودهم، أأمام عينيه مدينة أخري غريبة عليه تتماهي مع اَلهة حيرته، فَتحت بوابات بِحار النسيان أمامه.
    حملته ساقاه المُتعبتان، إلي شارع مُتعرّج، مُحاط بحجارةٍ لا لون لها في ذلك الظلام، ولكنها بدت له سوداء، شئ أشبه برصيفٍ أملس، أصوات بشرٍ يتهامسون، يتسامرون، ثمّ تتفجّر قسماتهم في عُري الليل ضحكاتٍ ضاجّة بالفجور والإستملاح، تنزلق بيسر بين أسارير الليل الساكن، توقّف للحظةٍ لينزلق هو الاَخر بين ثنايا ذلك الضجيج، ليجد نفسه أمام ود (دالوجه أب خُرسْ) وهو يغنّي وود التوم وهو يصيح بإنجليزية مهشّمه ليأتي بأفكارٍ غريبة علي سامعيه ويقسم أنّها من بنات أفكاره، فيضحك عليه السُّمار وعلى كذباته الفاضحات، لم تتغيّر ملامحهم فقط أصبحت أكثر عُمقاً وأشدّ يسراً مقارنةً بما تبقى منها في ذاكرته عنهم. سمع ضحكات اَدم (كسّار الجبال) وهو يسب ويلعن الجرّاح الذي وضع عشرين مُسماراً داخل ركبته التي تهشمّت في إحدي معاركه الجنسيه مع أصغر نسائه،! ويفخر بزيجاته المتعددة وكيف أنّه أنجب َثمانية وأربعين طفلاً من عشرنساء كُنّ في (حبله) مُتتابعات، وأنّه مازال يحتفظ بأثنتين، ثُمّ يضحك بزهوٍ بعد أن يقضم بصلة ويتبعها بقطعة لحم مشوي ويغسل كل ذلك الخليط الغريب إلي قاع جوفه بجرعة (بغو) مِقدارها نصف لتر ليتجشأ بعدها، فينفثُ للعالم أصوات كلاب تتعارك وقطط في سقف لحظة شبقٍ عنيف، وروائح ذات لعناتٍ خريفية كأنّها خرجت من دبر إبليس! فيأتيه صوت عميق، اَمراً لاعناً ليستغفر ويستحي!، كان صوتاً بعده تختبئ الأصوات في أحبالها لتصمت إلي الأبد، عرف خليل ود السّميح ذلك الصوت الذي لم يفقد رنينه القاسي منذ أن سمعه اَخر مرّة قبل عشرين عاماً ! إنّه صوت الشاويش يعقوب (كتّال الكلاب) فأيقن أنّه في خور جهنّم.

    في البدء حَذِروه، ثُمّ تفرّسوا في ملامحه التي بدت لهم مألوفة، ولكنها أكثر ليونة، صمتوا صمت حيوان يريد أن يختبرعدوه بحركةٍ ليعرف نواياه ، وعندما تحدث مُتسائلاً: دا مش خور جهنم؟ مُسقطاً حجراً ضخماً، بضخامة صوته، علي بحيرة صمتهم إذ أنّهم عرفوه ، حملوه علي أك تا ف ه م وطافوا به الحور صعوداً ونزولاً هاتفين باسمه مرحبين بقدومه غير المُعلن، نثروا عليه رذاذ أصواتهم وعطرهم البلدي، مسحوا به حجارة الخور، المُتراكمه، حتّي بان لهم لونها الأسود وأعادوا لها بريقها (الأوبسيدي) وتراجع غبار الحكام عنه وعن ثناياه الألِقه، فتراجع عمره عشرين عاماً.
    وضعوه وسطهم، كأنّهم انتووا أكله نيئاً، سألوه اَلاف الأسئلة، عن أوروبا ونسائها ورجالها، وشوارعها وجليدها، كانوا يلقون كل الإسئلة ويتفضّلون بالإجابة علي معظمها، تبادل معهم أحاديث الود ، إستمع إليهم جميعهم فردا فردا، حكي لهم نكاتاً عن الخواجات، ذابت ملامحه وسطهم، أحضرت (أم ترس) لحماً مشوياً و(بغو) و(شوربة كوارع). أفرغ ثلاثة (عبَّارات) دفعة واحدة، وأكل ما أمامه بنهم أهل كهف! ثم أغمض عينيه، نظر إلي داخل دماغه فرأى المدينة بذات ملامحها القديمة، رأى الشوارع كما كانت قبل عشرين عاماً. تعرّف عليها شارعاً شارعا، رأي نفسه ماشياً فيها، يتحاشي تعرُّجاتها، إلتواءاتها، (مصارينها) رأي كيف يمشي لبيت جدّه، حتّي الباب الأزرق الملتحي بالصدأ، رأى كل ذلك فارتاحت أساريره وتغمّدته إبتسامة طمأنينة فازداد حماساً في السرد و (الحكي) وتدفّقَ حديثاً وضحكاً.

    إستمر الحديث السامر حتي الساعات الأولي من الصباح، فوضع حقيبته علي كتفه، عدّل من خارطة المدينة داخل دماغه الملتهبة بالنشوة، ودّعهم كُلّهم جملةً واحدة ثم التفت ليودّع الشاويش يعقوب، وفي رأسه سؤال يتقلّب في نيران فضوله منذ أن تعثّر علي حجارة الخور! إلتقت عيناه بعيني الشاويش يعقوب، سحب نفساً عميقاً ثم قذف سؤاله كسهم: إنت يا عم يعقوب: ليه قدّمت إستقالتك من البوليس؟ صمت الشاويش، وصمت معه المكان، خفتت أصوات أواني الطبخ، بلع كل الحاضرين ريقهم بشكلٍ جمعي ليحط طائر الصمت في أرجاء الخور ويعم المدينة كلها، خفض خليل ود السميّح عينيه حتي يجد من يسند خيوله إذا تساقطت من حربٍ كلامية قد تنشب في أية لحظة، تحرّك في صمت منسحباً من وخائم سؤاله، وأعاد رسم الشارع الذي سيسلكه في رأسه.
    لم يرد الشاويش يعقوب علي سؤاله، لكنه خفض عينيه، ثّمّ تململ داخل جلبابه الأبيض، واعتدل في جلسته، تناول (قرعة بغو) ووضع حافتها على شفتيه ، تجرّعها بنَفسٍ واحد، في تلك اللحظة أتي ك ل ب أسود واندسّ بهدوء الظل بين قدمي الشاويش مُصدراً صوت إناث الكلاب، عندما تفحّصه خليل ود السميح بنظرة سريه سريعه، عرف أنّ ال ك ل ب بلا خصيتن وأنه مقطوع الذيل.

    إنتهي.............
                  

03-31-2012, 09:59 AM

د.نجاة محمود


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مجنون الكتابة الجنن الكتابة وجننا ابراهيم كوجان 3 (Re: د.نجاة محمود)
                  

03-31-2012, 11:25 AM

كمال ادريس
<aكمال ادريس
تاريخ التسجيل: 02-14-2008
مجموع المشاركات: 3142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مجنون الكتابة الجنن الكتابة وجننا ابراهيم كوجان 3 (Re: د.نجاة محمود)

    مرحبا يادكتورة
    اختيارك موفق لهذا الرجل مثلث (الكارات) فهو الطبيب البارع والتشكيلي ساحر الريشة والقاص الاريب... والاكثر اذا جلست للاستماع إلى حوار معه.
    من هنا انادي الدكتور ابراهيم للعودة الى المنبر لاثراءه.

    شكرا لك مرة اخرى
                  

03-31-2012, 01:08 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مجنون الكتابة الجنن الكتابة وجننا ابراهيم كوجان 3 (Re: كمال ادريس)


    كتر خيرك يا بيان..
    من جملة ناس المنتدى كافة.. هو الوحيد الذي نتغالط فيهو: صديقي منصور المفتاح..و شخصي..في اواخر الليل..على فنجان قهوة في سيدي تيم هورتون..فهل يحزن كوجان ان تأتي سيرته و حكاويه في اخر ليل.. تعمره فنجاين القهوة..!!!..ياخي الغلاط في عواصم الرأسمال القاسية في حد ذاتو حب ما ليهو شبيه تب..و الحب في ذاتو مبرر كافي..!!!
    هو كاتب يعرف ما يقول..و الأهم ..كيف يقول..!!!
    غايتو..كتر خيرك تذكرتيهو في زمن الغيبوبة..!
    و معاك نصرخ ، على قول شيخنا و صديقنا الدكتور التاني ابكر ادم:كووووووووووجاااااااااان..!
    واحد من الناس البتحرجنا كتير ، يا بيان ، كمال ادريس ده، ياخي الزول ده عندو شوف قاطعوا براهو..(يا كمال ماك طالبني حليفة ، لو اي زول أو زولة داير يقرأ ليهو حاجة فاهمة..يتابعك.بس..)!!!

    ياريت الناس القرت و البتقرا.. لصديقنا الجميل دكتور ابراهيم كوجان.. تقول حاجة عنو..!!!!
    و بمنتهي الأنانية اقول: دكتور ابراهيم كوجان من الذين اقرأهم لنفسي فقط..!!!!
    و يا كوجان: ياخي ما تشتغل بالظروف..و الصمت المتواطئ اياه.. على بالحلال انت كتـّاب..رغم انف الكتابة...!!
    يا بيان..وكت الوكت وكت حكي و صفاء و نقاء..و لو بتثقي فيني كويس..فتشي عن عاطف عبد الله..و اقريهو..ياخي ده عالم اسكتي ساكت خليهو.. اظرط من منعم الجزولي...!!! (بالمناسبة دي وين منعم؟)

    كبر
                  

03-31-2012, 09:50 PM

Mohamed Yassin Khalifa
<aMohamed Yassin Khalifa
تاريخ التسجيل: 01-14-2008
مجموع المشاركات: 6316

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مجنون الكتابة الجنن الكتابة وجننا ابراهيم كوجان 3 (Re: Kabar)

    Quote: و بمنتهي الأنانية اقول: دكتور ابراهيم كوجان من الذين اقرأهم لنفسي فقط..!!!!


    منتهى الأنانية التي تُحمد لصاحبها! فدعني يا صديقي كبر أحدثك قليلاً عن الجراح الأديب كوجاننا هذا، لتعرف أنك لست وحدك من حظى وتفاخر بأنانيته. ولربما كنت أشاركك فيها بحكم (التكو) الذي فرضه علينا هذا الرجل المفعم بعلمه الغزير وأدبه الأنيق وثقافته المتزايدة.. فهو لم يقتنع بعد بأنه عالم يَعلَم ويُعلِمنا وبأننا نتعلم من فيض علمه.

    سأعود بك لسبعينيات القرن الماضي، ولتلك الأيام الخالدات التي جمعتني بذلك الفتى (حينها) إبراهيم حسن بمنزل آلـ الخليفة بالعباسية، أمدرمان. جمعنا ذلك الظلام وتلك العتمة التي فرضت علينا لإتقطاع مستمر للتيار الكهربائي. لفت إذني إليه بصوته المتميز بـ (لجنة) صوتية خفيفة عند نطقه لبعض الحروف، أحسست معها بثقة متناهية عنده من خلال حكيه. وكان حكيه لنا، ونحن مجموعة من الشباب والشابات ممن جمعهم ليلٌ خميسيٌ مظلم ليتسامروا، كالشهب في عتمة الليل. قص لنا من قصصه المعبرة بطريقة تصويرية أنستنا الظلام وذهاب التيار الذي أضاع منا مشاهدة الحلقة الأخيرة من المسلسل.

    سألت عنه فأتتني إجابة أحدهم بأنه قريبنا.. فتقربت إليه ونعمت بقربه وقرابته لي.

    ذهبت لزيارته في كلية الطب، ونلت ود أصدقائه وزملائه وأساتذته. كشف لي عن عبقريته وتعدد مواهبه.. ولكني إكتشفت فيه لطفاً وأدباً جماً وحب عميق للكون وكائناته. إستفيطه صديقاً، فكان نعم الصديق الصدوق. وإستأمنته سر حبي، فما بخل عليّ بالنصح. قطع من وقته الكثير ليعطينا له.. تارة تحت الشموع وتارة بضوء الفانوس عند إنقطاع الكهرباء ونحن نعد لأداء إمتحان الشهادة. غادرت بعدها البلاد لأعود بعد الإنتفاضة وأجده أضحى طبيباً مناوباً يعد عدته للتخصص الطبي. وبعد إنقلاب الجبهة غادرت البلاد مرة أخري وإنقطعت عني أخباره، وإن علمت مؤخراً بأنه هاجر إلى عاصمة الضباب.

    وفي صيف العام الماضي كنت في ورشة تدريبية بجبال الروكي العاتية والشاهقة الإرتفاع.. وأزكر أنني دخلت لذلك الكوخ الذي كان مقراً للورشة متأخراً في نهار إحدى الأيام وأنا أعاني من حساسية طفحت بجلدي لعوامل تغيير المناخ. جلست بمكاني المعهود مقابلاً لذلك الشخص (الصامت) والذي حضر بعد عدة أيام من بداية الورشة. أحسست بأنني أعرفه أو ربما شدتني لهيئته علامات الثقة البائنة على محياه وحسن إستناطه.

    توجهت إليه في فترة الإستراحة وأردت أن أتعرف عليه. تقدم نحوي وعانقني عناق حاراً وأنا أقف مشدوهاً بين يديه التي قصت ظهري! وأثناء عناقه الحار هذا، ووجهي معاكس لوجهه، قلت لنفسي: إذاً هو عرفني.. ولكن من هذا الشخص؟

    مرت ثوان من الصمت، حسبتها دهراً، ونحن في عناق حميم وأنا أجهل شخصية من كان معانقاً لي. نطق كلمة واحدة وهي: "معقول؟" التي إمتزجت بنفس تلك (اللجنة) التي دأبت على سماعها قبل ربع قرن عند أحد أصدقائي.. فكان لها تأثير عليّ لا أستطيع وصفه. لقد أعادتني لـ 24 عاماً بالتحديد للوراء، ولآخر لقاء جمعنا!

    إنتفضت بعد سماعها من عناقي له.. ورددتها: "معقول؟" وواجهته: "معقولة يا أبراهيم؟". أجابني: "معقولة يا محمد.. معقولة ونص!".

    عاودنا عناقنا الذي إمتزج بدموع سالت ولفتنا أنظار جميع من حضر والذين عرفوا بعدها بأسباب حميته. وعدنا للورشة وقضينا يومان من الحديث المتواصل ومعرفة الأخبار وإستعادت الذكريات، رغم المشغوليات وكثافة البرنامج. وتفارقنا على أمل اللقاء مرة أخرى.. تراني أتوق لها حتى الآن.

    لقد زاد علمه وسطع إسمه كأحد أشطر جراحي القلب في بريطانيا. فأبراهيم (حفظه الله) يتمتع بسرعة بديهة وقوة ملاحظة وفراسة وذاكرة جهنمية أهلت أنامله التي أبرعت عند حملها للمشرط أو القلم أو الفرشاة. وهو يتميز بقدرته على السرد والوصف والتصوير البلاغي أو المجسد. ولربما وجد لنفسه يوماً ما متسعاً من الوقت للكتابه والرسم على الأوراق ولزيادة إبداعه وتوثيقه للعالمين.

    جزيل شكري وتقديري للدكتورة نجاة محمود لإتاحتها لنا هذة الفرصة النادرة لنوفي الصديق الخلوق الدكتور إبراهيم حسن، قليلاً من حقه علينا... فحقه ممهور عندنا بحروف من ذهب نقي وخالص.


    الدم فعلاً بـ (يحن) يا دكتور!
                  

04-01-2012, 08:59 AM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مجنون الكتابة الجنن الكتابة وجننا ابراهيم كوجان 3 (Re: Mohamed Yassin Khalifa)

    ياااااااااااااااه

    يا نجاة فتحتي لي خور بي جاي هسع أنا أرد علي منو ولا منو ولا كبر ولا قريبي الطلع من خور أبو عنجه! محمد يس خليفة... والسجمان دا برجع ليهو من الاخر وذكريات العباسية ، فاليتحزم بلون عيون (حُبَّه) إن أراد


    الله يقدرني غايتو

    شكراً للإطراء

    شكراٍ شديد
                  

04-02-2012, 11:36 AM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مجنون الكتابة الجنن الكتابة وجننا ابراهيم كوجان 3 (Re: Kabar)

    شكرا يا كبر وانا أقول كل يوم بالليل بجيني أبشهيق مالي؟؟؟

    أهدي ليك المفطع دا من قصة لوثيانا .....



    راقصات السامبا


    في الأفقِ البعيد كانت هنالك بٌقعة ضوء خافِته تتوسع في محيطها وتتراجف ببطء يتلوَّي لونها داخلها, ليس ألماً ولكن توّجساً كأنها تتوعدنا بحدثٍ عظيم! .
    ثُمّ أخذت في التـّكاثر, يتقّلب لونها من الأصفر إلي الأحمر, ثُمّ الأخضر الأنيق قبل أن تملأ الأفق سحاباً بشرياً ممتلئ بملايين القلوب , ذات إيقاعٍ واحد, لكنه يأتيك من كل ِّ جهات الدنيا السبعه.!
    توّرقت تلك الحديقه البشريه ثُم إنفجرت علي ووجوهنا غابه من البرتقال وبنات, يا الله, لم أر مثلهن, يتراقصنَ, متناغمه خطواتهنّ مع الأيقاع الذي يسرد قصةْ حياة الغابات الأمازونيه مكتوبه بغنج نساء جميلات ملساء أجسادهن كظهور الّسحالي. يتلوّنّ ويبرِقن في سماوات أدنبره, حتي فقدت قِمم كنائسها الإبريه حِدّتِها وأصبحت تتراقص في ليونه مْستْفرِغه ما بدواخلها من رهبان, وأسلمت روحها القُدسيه لمجوسية الغابه, وعنف إيقاعاتها.
    سماء المدينه الّذي كان يتباهي بكسائه الرّمادي الغبي, تلّون يومها بالأزرق الجميل ,أصبحت تتماوج كأنما أرادت أن تلامس الأرض معتذِره عن بُعدها عنها وترفُعها. كم كانت صاغِره ومنكسره ويعلو وجهها حمرة الخجل.!
    طوبها المجدول بالسواد وتتخلله الطحالب أصبح زاهياً برّاقاً كأنه رحِمٍ منتفخ بحملٍ قٌزحي الأطفال. في ذلك اليوم خلعت كل الشوارع أرديتها الشتويه البائسه وتوجّهت عاريةً تماماً إلي حلبة الّرقص الأمازوني الصاخب والذي تفوح منه رائحة القرنفل والجنزبيل ويسيل منه الإشتهاء في حُلّته البشريه كأعظم لُغة عرِفتها تلك الأمكنه.
    إستمرّ الرّقص هكذا حال حتي توسّدت الشمس منتصف السماء, وسال العرق المغزول بحمي الأجساد فبلغ عراقيب الواقفين وتفرّغت رؤوسهم من دمائها, وإمتلأت عيونهم بنزق الأنتشاء حتي كادت أن تقفز من محاجِرها.
    بنات الأمازون اللعينات جعلن الأبواب والشبابيك والمزالج تصدر أصواتاً هوجاء مرِحةً وهي طروبه, توقِّف حبال الدهشه في حرفها الأول, معهن كان يتمايل صديقي العراقي (عدنان الجاسم) مُغمض العينين. مُمرِّغاً خلايا جسده في رحيق البيره الذهبي ويهمس كأنه به مس من الجن ويقول في سِّره: الله..... ما خلقت بعدهن من خلق, ويتقّلب لون بشرته مع ألحان وجوه الراقصات. تاركاً خلفه كل الوقار الشرقي ويكاد يسقط علي الأرض, لا تسنده إلاّ دهشته التي مابرحته حتي نهايه أغسطس.!
    توّقف الرقص فجأه بصيحةٍ واحده, وصوتٍ واحدٍ وكلمةٍ واحده!
    أناكوندا!
    أناكوندا!
    أناكوندا!
    ثم تفرقنّ في خطٍ واحدٍ أفعوي بين المتفرِّجين وهدأ كل شئ إلاّ تِلكم الدهشه... ظّلت وافقه
    وسقط الجميع مغشياً عليه....
    أناكوندا ( إسم لأطول أفعي في العالم تقطن نهر الأمازون
                  

04-03-2012, 12:40 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مجنون الكتابة الجنن الكتابة وجننا ابراهيم كوجان 3 (Re: كمال ادريس)

    شكراً يا كمال سالم علي هذا الاطراء وبرجع ليكم كما وعدت .... الشغل كاتلني ومميت حيلي



    عامل كيف في بلاد الحرمين؟؟ عساك طيب

    ومشتاقين والله.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de