الى الذين تسللوا الى جامعة فاس المغربية -نداء عاجل

Quote: العرائش الجمعة 30/12/1988م الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. أخي الفاضل سيف الدين عيسى مختار المحترم تحياتي لك ولأفراد اسرتك الكريمة بموفور الصحة والعافية.. أخي سيف .. فجأة كان اللقاء ، وفجأة كانت اللحظة، وفجأة كانت ولادة هذه الرسالة.. أما اللقاء فلقاء أخينا عز الدين في مدينة فاس عشية يوم الأربعاء الموافق 28 ديسمبر 1988م بعد فراق دام سنين طويلة ، أما اللحظة فلحظة ذكريات لا تنسى، وعروة اسأل الله تعالى عدم انقطاعها، وحياة دامت بين جدران الجامعة صقلتنا بالعلم والمعرفة ونعم ما فعلت، انها للحظة تقول ما قاله عبد الله بن معاوية الجعفري وهو من البحر البسيط: لا شيمتى تجتوى يوما ولا خلقي وليس حبلى اذا صافيت بالواهي نعم جلسنا أنا وعز الدين جلسة كنت أنت محورها وعمودها، وسألت عنك وعن أحوالك ووعدت نفسي أن أكاتبك واراسلك، فاللحظة كانت أقوى مما يتصور المرء، لحظة استحضرت فيها قاعات العلم والمحاضرات والدكاترة والابداع، لحظة جامعة جمعت قلوبا وافئدة تهوى العلم والأدب. لأن مشيئة الله أرادت ذلك ولعلها أخي سيف لحظة حب الشعر الذي ما أحببناه سبق أن قلت لك مرة ان أن جدران الجامعة أنكرتني ، وأن مدرجاتها قد لفظتني، وتلك هي دياري وأطلالي ، فلا بد لى كي لا أعاني أن استوقف الصحب، وها أنذا استوقفكم اذا سمحتم بطبيعة الحال لتقولون لي: وقوفا بها صحبي علي مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجمل نعم انها الحياة، ولا بد لهذه الحياة من ذكريات وتراث الأمم ذكريات، ولا يحق لأي أمة من الأمم ان تهمل تراثها والحياة متجددة ومستمرة، وفي الخبر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع قول الشاعر: والمرء ساع لأمر ليس يدركه والعيش شح واشفاق وتأميل أصبح يردد الشطر الثاني لأنه كان خبيرا بالحياة عالما بالشعر. أخي سيف .. لقد انتقلت من الناضور الى مدينة العرائش، والعمل دائما في مركز تأهيل المعلمين ، والعرائش مدينة ساحلية تقع شمال المغرب سياحية بها آثار يعود تاريخها الى ما قبل الاسلام، وفد سكنها الرومانيون، وآثارها قابعة على ضفاف نهر (اللكسوس)، تزوجت وأنجبت طفلين الأول سامي وعمره 4 سنوات والثاني وائل وعمرة سنة، هذا هو حالنا فكيف أنتم وما عهدكم بالشعر والأدب والصحافة؟ ولقد راعني رسالة سابقة منك أنك شاركت نفس الأحاسيس والعواطف ابن خزام الذي بكى الديار قبل امريء القيس الذي ذكره بقوله عوجا خليلي الغداة لعلنا نبكي الديار كما بكى ابن خزام ولعمرى ما أنكرتك فاس وما غابت وجوه منها ولن تغيب، وما يزال وجهك شامخا في مدرجات الجامعة وعرصاتها ومطعمها وفي كل ركن من أركانها ، وصوتك المجلجل ما يزال هنالك، وان ديارك لم تعف بل عفت ديار لبيد الستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح عزيزي .. لقد سررت جدا عندما علمت بأنك لم تهجر القلم ولم توئد تلك الموهبة الفياضة التي حباك الله بها ولم تجعل حدا لابداعاتك الفنية والأدبية، ولم تترك مجال الأدب الواسع الى التجارة والصناعة، ولو فعلت لكنت ستحاسب يوم القيامة أمام الله عن موهبتك الرائعة وقريحتك الصادقة وشاعريتك المتدفقة وحتى طلعتك المنيرة، فما أحلى أن يقرأ المرء اسم سيف الدين عيسى مختار على صفحة كتاب، ولست اجاملك في هذا فأنت أدري بما تملك من مقومات واسس، ابحث وستجدني ان شاء الله خير معين لك، وكنت قد ذكرت لك في رسالة سابقة ان تلك الفترة التي حللت بها في الديار المقدسة، مرحلة عابرة وها هي أولى طلائعك بدأت تترى .. أخي س~ابعث اليك بما طلبت ، كتاب الدكتور عبد الهادى التازي سعود عن جامعة القرويين، ومقال عن عبد الله الطيب في فاس، اعد كتابته الآن وسأوافيك به في رسالة قادمة،والحقيقة التي أقررها هنا أنني تهيبت الكتابة عنه، ولم أدر من أي جانب أبدأ ولا كيف أكتب عن هذه الشخصية الفذة المتوهجة في سماء الفكر والثقافة والأدب. أخي سيف .. توصلت اليوم برسالة من صديقنا مصطفى مخالص وكنت قد حدثته عنك فجاء في خطابه: الغريب في الأمر أنني ما كنت أظن أن ينقطع سيف عن الدراسات العليا نظرا لطموحه وتطلعه الهادف . أخى سيف .. استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه وأن يديم عليكم الصحة وأن يبقيك لنا رمزا للمودة والأخاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أخوك حموتي عبد الخالق العرائش/ المغرب