اذهب قاتل انت وجهاز امنك انا هاهنا قاعدون

Quote: ربح البيع أخانا حميد ,, أحمد اسماعيل الطيب قبل عشرين عاما . كانت الجيوش تجيش . وما يعرف بالتوجه الاسلامى الحضارى مستفحل. و(الرادى) يلعلق مثلما يلعلع السلاح فى جنوبنا الحبيب. وكان هناك أعراس للشهداء . وصكوك غفران يملكها النظام . وأبواب للجنة مفتوحة فى توريت والآلة الاعلامية تجعل منك (كافر) أو أن بك بعض كفر إن لم تستأنث روحك مع تلك الاصوات واذا لم يعجبك (الكاكى) الذى دخل كل البيوت . وكأنما كتب علينا القتال ضد عدو ليس عدو. فى تلك الاثناء كنا نولد ونكبر ونراهق (رساليين) ولا خيار لنا سوى أن نكون كما يودوا إما شهداء- حسب اصطلاح المرحلة- أو مرجفين. ولكن. كان هناك من عرف حميد عبر شرائط الكاسيت المطبوعة من جهاز لجهاز . كانوا يسهرون الليل فى نسخها . ويسهرون الليل فى سماعها فتخرج باهتة الصوت ولكنها واضحة المعانى والافكار . فعاشوا حميد الذى شاركهم (صينية الغداء) أيام كانت للغداءات صوانى توضع.ينامون وصوت (الركورد) فى آذانهم. فتطورت العلاقة وصاروا يلاحقون ندواته فى الجامعات والمنابر . كان يمثل ( الصوت العالى- لصوت الناس ال تحت الواطى ال ما مسموع) برغم الالة الاعلامية وبرغم الملاحقة له . وبرغم المد العقيم للخطاب السياسى والدينى والقهر كان يمثل للشباب اليافعين الوعى المطلوب والرفض الصامت .والتيار المدنى. استغرب حين أشاهد شاب فى العشرينات لم يلوثه الهوس والتخويف الدينى والقهر اليومى . وكيف لشاب يافع أن يخرج عن هذا الطوق ؟ فعرفت الاجابة ولم أكن أجهلها . وهى ليس غائبة على فطنة القارىء – انه التيار القوى – تيار القلم من الشعراء والكتاب الملتزمين والفنانين الذين لم تشوههم الاغراءات ولم تدهسهم الطاحونة برغم طحنها لأجسادهم. حميد – محجوب – القدال – هاشم صديق – وردى – عركى – عقد الجلاد – ساورا وغيرهم وغيرهم من المسرحيين الشباب الذين استمر منهم من استمر أو توقفوا بفعل الطواحين والظروف الخاصة شباب الجمام – فرقة شوف مسرح الهامش جميع هؤلاء وغيرهم شكلوا الجيش الموازى ، التيار المختلف ليبرهنوا بذلك أن ما ينفع الناس يمكث فى الأرض وأن الزبد يذهب جفاء. وعلينا أن نسأل أنفسنا من هو المنتصر فى هذا الصراع الخفى بين السلطة والمثقف السودانى بعد أكثر من عشرين عام. من هو المحبوب فى وفاته أو مماته ومن الذى وصل لل-ناس التحت- من هو الوطنى فعلا ومن هو الوطنى –اصطلاحا- برغم الفارق بين من بيده السلطة وبين من يملك القلم !! من الرابح اليوم - فى جردة سريعة - الجمال أم القبح ؟ الصدق أم النفاق ؟ التواضع أم الاستعلاء ؟ العمق أم السطحية ؟ الاستنارة أم قوى الظلام ؟ الحرب أم السلم ؟ الحب أم الكراهية ؟ القوة الحقيقية أم الاستقواء والعنجهية الفارغة؟ نم هانئا حميد فقد ربح البيع . برغم حزننا على فراقك وبرغم أسفنا على أجيال ستولد بدونك لن يتوافدوا لحضورك فى المنابر بعد هذا . وبرغم عدم تمكنهم من نسخ قصائدك الجديدة الا أنا نقول بكل صدق (ربح البيع أخانا حميد).