|
رحــيل الهــرم الفنــي يجمُّــل مآقينــا بالدمــع .
|
رحيل الهرم الفني يجمُّل مآقينا بالدمع .
على نيل بلادنا .. سلام ونخيل بلادنا.. سلام وشباب بلادنا .. سلام
(1)
في وداع شجرة مُعمّرة بالمحبة والوطنية ، طرحت ثمرها في كل ربوع بلادي فأطعمت رحيق الروح.غني عميد الفن السوداني الفنان محمد عثمان وردي : " أجول لانقَري نوي - أسمرِ اللّونا - ألمَا سُوكّي "... والكثير من النوبي المُعتق. وغنى لتهراقا ولبعانخي ولحريق المك في قلب الدخيل ، وغنى للمهدي ولعلي عبد اللطيف وعبد الفضيل صاحب المُدفَعْ و لعبد القادر الحبوب وللقرشي وأكتوبر ، وغنى للصبح حين أصبح ، لا السجن ولا السجان باقٍ . وغنى للحقول التي اشتعلت قمحاً وتمني .وغنى " يا شعباً لهبت ثوريتكْ " عند الانتفاضة . سلك درب الخليل وأمسك باللغة النوبية وجمل أيامها الزاهرات ،وغنى بها و باللغة العامية وغنى باللغة العربية وبالأمهرا . وشهدت محبته الأمم المجاورة كلها ، وبقي وجداننا معطراً بريحه في كل مكان وزمان .
(2)
أمضى أكثر من خمسين عاماً في مسيرة الفن الزاخر بالوطنية ، غنى للمحبة الإنسانية وللوطن وللمرأة وللفقراء الذي تجملت بهم الأرض الطيبة . كان رفيقاً بالجميع ، غنى في المناسبات الكبيرة والصغيرة للأهل والعشيرة وغنى للخير متبرعاً. * وفي الوطنية نال عام 1974 م جائزة " بابلو نيرودا " العالمية للأغنية الوطنية .
(3)
جمّل الفنان " محمد وردي " التراث حين تغنى به ، وأعطى السودان وجهاً جديداً ثرياً بالإبداع ، فتغنى بأغنياته مطربون من مصر والكويت واريتريا وأثيوبيا وتشاد وليبيا والصومال ومالي والكاميرون .. ودول كثيرة قد لا نحيط بها علماً. مدّ هذا العملاق جذور شجرة الوجدان في باطن الأرض وسقاها من مياه النيل ، سليل الفراديس . كان شديد الولع بالقراءة والثقافة ، وسماع الموسيقى من كل بلاد الدنيا ، فتخضب غناؤه بتجربة إنسانية فريدة ، تمكن فيها من حَمل شعلة نار فنه من منبتها المحلي وصعد بها وملأ بها الدُنيا الفسيحة . كان من المتبرعين الأوائل في احتفالات الجامعات بالأعياد الوطنية منذ كنا في مرحلة الطلب .
(4)
عانى من ضريبة الرأي من الذين لا يعرفون مقاييس الوطنية عند المطربين الذي جمّلوا أيامنا ، فسُجنَ، وتعذب منذ الستينات ، عندما غنى للتهجير القسري المُر لحلفا وأهلها أيام الحكم العسكري الأول ، وقد اضطر لاحقاً للهجرة عبر دروب المنافي ، ودفع أثمان باهظةً من حياته وحياة أسرته . كان قوياً لا تهده الأعاصير ، مناضلاً مُبدعاً يريد أن يكون كما يودُ أن يكون ، حراً مفتوح الآفاق لا تحُده الحدود. ما سمعنا غناءً أرقّ حناناً وأسلس قياداً كالذي صنعته بصيرته من نول الشعر وخيمة الموسيقى ورهافة الحُنجُور ، وانهمر الحُزن وبيلاً عند فراقه. * ألف رحمة ونور عليه ، أللهم أسكنه مسكن الصديقين من أحبابك الذين اصطفيت ، وأرزقه مما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر بقلوبنا جميعاً .
عبد الله الشقليني 19/2/2012 م
*
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رحــيل الهــرم الفنــي يجمُّــل مآقينــا بالدمــع . (Re: munswor almophtah)
|
كتب الأكرم : المنصور بإذن مولاه :
Quote: الشقلينى تريثت وأثريت العزاء وكسوته إهاب جلال وجمال وقداسه وأخرجت من صدف اللغة أروع اللآلئ وأجمل مرجانها- وصنعت مهرجانا من حزن مموسق على قدر أهل الإستحقاق وأصحاب الموسيقى- تتبعت سيرته ومسيرته وأثره فينا وفى غيرنا- وكنت أفصح ما يكون وأبلغ مايكون وأعمق معنى وأروع مبنى من ما يكون ولم لا وأنت تعزى عملاقا كما النيل ونيلا أعتى وأقوى من سنن الحقيقه يصعد تياره إلى أعلى ولا ينسحب لا بل قفز من صوارده فى أسافل النيل إلى قمة النيل فى الخرطوم فشهق هرما بلغ عنان السماء فهل على الأحباش والصومال وشعوب السودان فى حزام السودان نبي فن متفرد فأنجذبوا إليه وإلى فنه ومنهم من لا يدرى معانيه ولكن يستحسن لحونه وموسيقاه. رحم الله وردى رحمة العارفين بالله وأسكنه فردوسه الأعلى صديقا شهيد،
لك ولآل وردى ومحبيه السلام وصادق العزاء.
منصور |
أخي الأكرم : الباهي زيقو فرّاج الرُجال وكتين يضيقو : المفتاح المنصور: ها أنت تلجم أحزاننا ، فينهمر الدمع مدراراً ، ليغسل مآقينا ، بمثل كتابك المرفوع في بطن السماء ، يستدر المطر ، ليهطل الرزق إلى الأرض فتنبتْ. سيدى في فيحاء جنان نثرك ،فقد أثمرت عمتنا النخلة الرُطب ، رزقاً طيباً على قدح نثرك وأنت تستبيح عواطفنا ، بعواصف الإنفعال ، وسحُب الحزن مخلوطةً بإبداع النثير في حضرتك البهية .وأنت تكسى العزاء بإهابك ورونق تجليك . لا شيء يقال .
لك من الشكر أجزله
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحــيل الهــرم الفنــي يجمُّــل مآقينــا بالدمــع . (Re: حبيب نورة)
|
Quote: الشقلينى تريثت وأثريت العزاء وكسوته إهاب جلال وجمال وقداسه وأخرجت من صدف اللغة أروع اللآلئ وأجمل مرجانها- وصنعت مهرجانا من حزن مموسق على قدر أهل الإستحقاق وأصحاب الموسيقى- تتبعت سيرته ومسيرته وأثره فينا وفى غيرنا- وكنت أفصح ما يكون وأبلغ مايكون وأعمق معنى وأروع مبنى من ما يكون ولم لا وأنت تعزى عملاقا كما النيل ونيلا أعتى وأقوى من سنن الحقيقه يصعد تياره إلى أعلى ولا ينسحب لا بل قفز من صوارده فى أسافل النيل إلى قمة النيل فى الخرطوم فشهق هرما بلغ عنان السماء فهل على الأحباش والصومال وشعوب السودان فى حزام السودان نبي فن متفرد فأنجذبوا إليه وإلى فنه ومنهم من لا يدرى معانيه ولكن يستحسن لحونه وموسيقاه. رحم الله وردى رحمة العارفين بالله وأسكنه فردوسه الأعلى صديقا شهيد,
|
الأستاذ الجليل عبد الله الشقليني سلاما حزينا حزنا مارق من الجوف السكتوا الوجع الإنطوى وتربع في الدواخل وانكفى لم أجد تعبيرا يوصف حالتي غير تعبير ود المفتاح وكلاموا المنساب بإرتياح اخي منصور رغم الحزن هبت نسائم كلماتك الصادقة ونزلت علينا بردا وسلاما في عز نار الفراق البتكوي الحشا استاذنا الجليل عبد الله ، كم احسست بوجعك وكم أنت عميق حتى في حزنك ،لله درك ايها الشفيف الرحمة لراحلنا المقيم ، راحلنا الذي ترك إرثا خالدا كما النيل بيننا له الرحمة الواسعة ولنا دموع الفراق المر إنا لله وإنا إليه راجعون
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحــيل الهــرم الفنــي يجمُّــل مآقينــا بالدمــع . (Re: اسماء الجنيد)
|
(17)
Quote: الأستاذ الجليل عبد الله الشقليني سلاما حزينا حزنا مارق من الجوف السكتوا الوجع الإنطوى وتربع في الدواخل وانكفى لم أجد تعبيرا يوصف حالتي غير تعبير ود المفتاح وكلاموا المنساب بإرتياح اخي منصور رغم الحزن هبت نسائم كلماتك الصادقة ونزلت علينا بردا وسلاما في عز نار الفراق البتكوي الحشا استاذنا الجليل عبد الله ، كم احسست بوجعك وكم أنت عميق حتى في حزنك ،لله درك ايها الشفيف الرحمة لراحلنا المقيم ، راحلنا الذي ترك إرثا خالدا كما النيل بيننا له الرحمة الواسعة ولنا دموع الفراق المر إنا لله وإنا إليه راجعون |
سيدتنا الفاضلة : الأستاذة / أسماء الجنيد تحية واحتراما
سيدتي في مملكة الحزن النبيل الذي ألمّ بنا في منعطفات العمر . نزلت سخّات الدمع عصية تخرج من ينابيعها لتغتسل المآقي . كان الراحل ، سيد مجلس العشق في أيام شبابنا ، وسيد نداء الوطنية عندنا .. كان طائراً له أعشاشه وبيوته في خيمة الوجدان ، يتجول فيها حيث يحب . رحل الجسد ، وبقيت الروح ترفرف حولنا وعندنا، وعاد كل العشاق يتامى في أرض فقدت الدُرر في مجمر نارها ... وإلى أين السبيل : لا نعرف . *
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحــيل الهــرم الفنــي يجمُّــل مآقينــا بالدمــع . (Re: عبدالله الشقليني)
|
ا[B QUOTE] وعاد كل العشاق يتامى في أرض فقدت الدُرر في مجمر نارها ... وإلى أين السبيل : لا نعرف .QUOTE] الأخ الأديب / عبد الله الشقليني .. تابعت حروفك العطرة في سيرة عملاق الطرب الراحل المقيم محمد وردي . ما قلته يا أخي وما قمت به من توثيق شيء غاية في الأهمية. جميل من الإخوة في مدينة أبي ظبي أن يعلنوا العزاء في روح الراحل الكبير. بمثل هذه الأمور تعلن أمتنا الوفاء لمن منحوها العمر. أكرر فرحي بهذا البوست رغم حزن المناسبة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحــيل الهــرم الفنــي يجمُّــل مآقينــا بالدمــع . (Re: فضيلي جماع)
|
كتب الشاعر : فضيلي جمّاع :
Quote: وعاد كل العشاق يتامى في أرض فقدت الدُرر في مجمر نارها ... وإلى أين السبيل : لا نعرف .QUOTE] الأخ الأديب / عبد الله الشقليني .. تابعت حروفك العطرة في سيرة عملاق الطرب الراحل المقيم محمد وردي . ما قلته يا أخي وما قمت به من توثيق شيء غاية في الأهمية. جميل من الإخوة في مدينة أبي ظبي أن يعلنوا العزاء في روح الراحل الكبير. بمثل هذه الأمور تعلن أمتنا الوفاء لمن منحوها العمر. أكرر فرحي بهذا البوست رغم حزن المناسبة. |
وجاءنا الشاعر فضيلي ، ليُشاركنا ، وكانت موجة الحزن قد استولدت قصيدة رائعة ، انسكبت من وجدان شاعر ، لون الحزن وأشعل الوجد . شكراً جزيلاً لك في مكانك العالي تعرف قدر المبدعين .
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحــيل الهــرم الفنــي يجمُّــل مآقينــا بالدمــع . (Re: حبيب نورة)
|
Quote: أستاذي الشقليني
كلماتك تقرأ فقط وتستنشق وتعانق لا يمكنني التعقيب فأنت فنان في الكتابة
أحسن الله عزاءنا القديس وردي يستاهل أكثر من تأبين التحية لأخوتي الكرام في إمارة أبو ظبي
التحية والود لك |
الروائي الناهض دوماً : حبيب نورا لك شكري وتقديري ، وإنه لحزن كبير ، وعميق .. رحل في زمان صعب .. وهب وجداننا الكثير من رقته وثرائه
شكراً جزيلاً وردي
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحــيل الهــرم الفنــي يجمُّــل مآقينــا بالدمــع . (Re: عبدالله الشقليني)
|
(18) شخصية محمد عثمان وردي عصية على الإمساك بجلها ، تحس بأنها مجبولة بخلايا حملت ذاك التراث النوبي الملوكي القديم . قامة شمّاء ، واعتداد بالنفس كبير . لم يتأثر بمسلك تواضع المتصوفة الذي ورثناه منذ ستمائة عام خلت من دخول التصوف منهاج حياة اقترن بالدين الشعبي . . قد يغضب كثير من محبيه أنه لا يتواضع في حضرتهم ، وتلك خصلة قد يحسبها كثير من الناس فضيلة ، ولكنها تقليل من شأن الأنفس ، فيخفضوا قيمتهم ، في زمان ، يتعين لمن أراد أن يقف بين الصفوف أن ينظر إلى الأمام ، ويمنح نفسه قدراً من العلو والمكانة .
كانت للراحل في سبعينات القرن الماضي مكتبة عامرة بمعظم ألحان وأغاني الدنيا قدر استطاعته ، من الأمريكتين ومن دول أوروبا وإفريقيا وآسيا . يستمع لكل ألوان الفن ، ثم يبدأ من تراثه ويتقدم به . لم يكن للراحل سقف في حب المعرفة ، ولم تكن له قيود . كان يحب حين يتغنى بالتراث أن يضيف عليه من موسيقاه قالباً وبصمة إبداع . ولم يدع كثير إدعاء ، فحين كان سائله يسأل : - لِمَ يا وردي لا تريدون الخروج من عباءة " كرومة " فيرد عليه : - ولماذا نخرج من عباءته ؟! كان يحب القراءة ، له محبة للاشتراكية ، ويراها سبيل محبة للفقراء كالفن . يرى التقدم في تطوير اللحن واختيار الأغاني والأناشيد التي تقف من ورائها فكرة حياة ناضجة ، وقضية شعب ووطن . دائماً يتحسس له موضعاً بين القامات .
*
| |
|
|
|
|
|
|
|