في الذكرى (26) لرحيل صاحب " الصراحة " الصحافي ( عبد الله رجب )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 10:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-05-2012, 03:51 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في الذكرى (26) لرحيل صاحب " الصراحة " الصحافي ( عبد الله رجب )




    006.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    غلاف كتابه الشهير " مذكرات أغبش " صدر عام 1988 م
    *

    في الذكرى (26) لرحيل صاحب " الصراحة " الصحافي ( عبد الله رجب )
    الموافق 6/1/ 1986 م



    (1)

    لصاحبة الجلالة الصحافة بريق لا يدانيه بريق ، خطف ذلك البريق صاحب الملف الراحل الأستاذ " عبد الله رجب محمد " ، فباع تجارته ودنياها للصحافة . أكمل الأولية بنجاح باهر ، ولضيق ذات اليد لم يكمل التعليم النظامي . عصاميٌ علّم نفسه بنفسه . وكان شاهد عصره . أصرّ الإذاعي " الجزلي " على استضافته في برنامجه الشهير" أسماء في حياتنا " الذي يستضيف فيه بعض الذين أسهموا في تاريخ السودان الثقافي والفني والعلمي والديني والسياسي . في المنزل الذي استأجره بحلفاية الملوك انعقدت الجلسة ، وكان برفقته أبنائه وبناته والراحلة زوجه " فاطمة الطيب عبد الحفيظ " وكذلك صديق عمره الصحافي " محمد الخليفة طه الريفي " والراحل المطرب الذي نقل فن الغناء من " الصياعة " في فهم العامة إلى " الأستاذية " وهو " أحمد المصطفى " . تم التسجيل كاملاً ولخطأ فني لم ينج الملف من التلف ، وعندما طلب " الجزلي " إعادة تسجيل الحلقة ، اعتذر الراحل الأستاذ / عبد الله رجب .
    كانت حلقة مميزة حسب رواية حاضريها . كانت قطعة نادرة من تاريخ السودان الاجتماعي الثقافي وتاريخاً لمسيرة حياة الراحل والحياة الصحافية وحياة وطن يهفو للاستقلال عن الحكم الثنائي ، ورحلة الصحافة بكل تاريخها . ولم يسعدنا الحظ بالتسجيل . خمسة أشهر ثم ودّع الدنيا ورحل في السادس من يناير 1986 م
    رحلت روحه إلى بارئها ، وانقطعت زيارته التي اعتاد لدار الوثائق السودانية أيام الراحل الدكتور " إبراهيم أبو سليم ، لسدّ بعض الثغرات في مسيرة تاريخ " مذكرات أغبش " وقد اتخذها سيرة تاريخ المكان والزمان والمجتمع ، وهو يمتد من عشرينات القرن الماضي إلى رحيله .
    طوال السنوات التي قضيناها برفقته ، حبب إلينا من حيث لا ندري مهنة الكتابة ، فرصيد ما كتبه من مقالات ومن ترجمات عدد لا حصر له ، كله في أرشيف الصحف السودانية في دار الوثائق المركزية .
    كان الراحل طويل الباع في الكتابة الصحافية ، يمد يده بيضاء في رفع الوعي . في كل فرع من علم من العلوم تجده عارفاً وقارئاً نهماً . في مسلكه ديمقراطي النهج في التربية وفي احترام آراء أبنائه وبناته . صديقاً للجميع وبيته مفتوح للأضياف من كل طيف ، وهو حال كل الأسر السودانية الملونة أصولها من أرياف السودان . كانت " سنجة " موطنه الأول و " القضارف " موطنه الثاني ، تم كانت أم درمان وكسلا ... وكم هائل من أشباه المدن والأرياف .
    تقتبس ما نستطيع في ذكراه وبدلف هو لسيرة الصحافة وتاريخها في كتابه " مذكرات أغبش " ، وهي تعيش الآن سطوة الذين لا يحبونها ، ولا يحبون المتتبعين أخبارهم ، لأن الحقيقة والشفافية يفضح النُظم الشمولية ، ويكشف أستارها :

    ( تاريخ الصحافة السودانية )

    *
    -1- بسرعة دعني أزعُم أن الصحافة في السودان قد بدأت بغازيتة حكومة السودان ، ونشرة رويتر – فكلتاهما جاءتا مع الفتح عام 1899 .
    -2- ثم خرجت جريدة " السودان " في أوائل القرن العشرين وقد كان يحررها ويديرها عملاء مخابرات ن اللبنانيين والمتمصرنين هم ثلاثة اسر محترفة للصحافة ومترابطة – عائلات " صروف " و " نمر " و " مكاريوس " – وهذه المجموعة من الأسر كانت تصدر بمصر " جريدة المقطم " اليومية ومجلة " المقتطف " الشهرية . وتضع المجموعة اللبنانية المذكورة بنشاطها في خدمة الاحتلال البريطاني الذي توطد بمصر منذ هزيمة العرابيين في سنة 1882 م ( بينما كانت أسرة " تقلا" وهي لبنانية أيضاً تملك جريدة " الأهرام " تتعاون مع الفرنسيين وفي تلك الأيام كان التعاون مع الاستعمار الفرنسي أنظف !)
    بهذه العقلية حرر " آل نمر " و " صروف " و" مكاريوس " جريدة "السودان "بالخرطوم ، باحترام للحكام – في إطار الحكم الثنائي – وشجب لعهد المهدية .
    يمكن القول أنهم جلبوا لبلادنا أوليات فن الطباعة .. والصحافة وقد انتهى دورهم قبل الحرب العالمية الأولى .. ولا بد أن يكونوا قد أتاحوا بروز أو طموح بعض الأدباء السودانيين ..
    -3- نجد في فترة الحرب الأولى 1914 – " مجلة الرائد " وهي أدبية كان يحررها مدرس سوري يدعي قليلات واذكر شيئاً طريفاً وهو انه قبل دخول تركيا العثمانية للحرب في صف دولتي الوسط " ألمانيا" و"النمسا"
    كانت السلطنة قد اقتنت طائرة سميت " أدرميد " وقد تبارى شعراء سودانيون منهم المرحوم " أحمد محمد صالح " والشيخ " حسن عثمان بدري في تسطير قصيدة تحي الطائرة العثمانية .. وقد أردت هنا أن أخرج بدلالة أن السودانيين لم يكونوا معزولين " عن العالم " وكانت لهم حتى في ذلك الوقت المبكر مواقفهم " الإسلامية " و " العروبية "
    *
    صحف إنجليزية أخرى :

    بخلاف الغازيتة التي كانت تصدر باللغتين الإنجليزية والعربية وتشتمل على نصوص القوانين وعلى الإعلانات القضائية والرسمية .
    ظهرت مجلة " سودان نوتس أند ريكوردز في عام 1919 على أيدي لجنة من المثقفين الإنجليز التاريخية والانثروبولوجية بأقلام المفتشين البريطانيين – إلى أن سودنت في الأربعينات وعربت ودخل إلى تحريرها العنصر السوداني مثل الأستاذ " جمال محمد أحمد " ( صار اسمها : السودان في رسائل ومدونات ".
    *
    حضارة السودان :

    في عام 1919 م ظهرت جريدة " حضارة السودان " بتمليك اسمي مزيف للثالوث الطائفي ( المرحومين الثلاثة السادة على الميرغني وعبد الرحمن المهدي ويوسف الهندي ) .. وبدون الدخول في تفاصيل حول فترتها الأولى 1921 م التي محصها صديقنا محجوب محمد صالح ، دعني أشر إلى أنها كانت تستهدف إيجاد رأي عام سوداني مستقل يعبر عن نزعة انفصالية ضد مصر وثورة 1919 م – وقد تولى تحرير " حضارة السودان " الأستاذ " حسين خليفة شريف " ( والد زين العابدين حسين شريف الذي تولى تحرير جريدة " النيل " في الخمسينات – وشقيق محمد الخليفة شريف ، أحد كبار مؤسسي حزب الأمة عام 1945 م – والأسرة الشريفية من بني عمومة محمد أحمد المهدي .
    للمرحوم " حسين شريف " فضل صياغة عبارة " السودان للسودانيين " – وهذه الصياغة لا جديد فيها فإن لطفي السيد وسعد زغلول وغيرهم من زعماء " حزب الأمة " المصري قبل 1919 م كان شعارهم " مصر للمصريين ، في مقابلة مناداة الحزب الوطني ( مصطفى كامل ) بالتبعية العثمانية لتوكيد عدم شرعية الاحتلال البريطاني .
    وكما هو معلوم فإن خصوم " الانفصاليين " لم يجدوا مطعناً في عبارة " السودان للسودانيين " إلا بقول " إنها كلمة حق اريد بها باطل " – وهذا الوصف نفسه مأثور من قصة رفع المصاحف من جيش معاوية أمام جيش علي بدعوى الاحتكام لكتاب الله .
    ونحن في هذا الجيل يجب أن نعتز بعملية توزيع الأدوار ، ولذلك فإنني أرشح المرحوم " حسين شريف كأول صحافي سوداني مُجاهد
    *
    العربية الفصحى :

    تولى تحرير " حضارة السودان " بعد المرحوم " حسين شريف " الشيخ " أحمد عثمان القاضي رحمه الله – وكان قاضياً شرعياً واشتهر بالولاء للحكم الإنجليزي – وهو على كل حال من فئة كانت ترى أننا في حاجة إلى التعليم والتدريب على يد البريطانيين .
    مع ذلك كان المرحوم " أحمد عثمان القاضي " معروفاً ومحترماً لدى الشخصيات المصرية ، ويعتبر صديقاً للأمير " عمر طوسون " – من الأسرة الحاكمة إذ ذاك بمصر ، وكان يعطف على السودانيين وقد أتيح له الإنفاق على تعليم عدد من الشباب السودانيين ، الدرديري أحمد عثمان ويعقوب عثمان وغيرهما .
    وكان أحمد عثمان القاضي يتكلم باللغة العربية الفصحى في حياته العادية ، كما كان ذا علم وفير .
    اشترك أحمد عثمان القاضي في تأسيس حزب الأمة وكان من أعضاء " المجلس الاستشاري لشمال السودان " ( 1946 – 1948 )
    لقد أسلفنا اعتبار قاعدة " توزيع الأدوار " ، وبموجب هذه القاعدة يحتفظ " أحمد عثمان القاضي " بمكانته في تاريخ الصحافة السودانية .

    *
                  

01-05-2012, 04:00 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الذكرى (26) لرحيل صاحب " الصراحة " الصحافي ( عبد الل (Re: عبدالله الشقليني)



    (2)

    كنتُ غريباً عليه حين التقيتهُ أول مرة عام تسعة وسبعون وتسعمائة وألف . ضاحك يتبسم ، يكبُر والدي بأربعة أعوام. جلست معه كثيراً أتنور من علمه وأتجاذب معه أطراف الحديث . في كل مرة يكتسب المرء من مُجالسته زاداً عصياً على النسيان . يربطنا دوماً بدوحة عقلانية تنظر الكون نظراً نقدياً .
    يصحو هو مُبكراً ويذهب للعمل حين كان يعمل في صحافة القصر في الثمانينات. تصحبه حقيبته وعصاه التي يتوكأ عليها من أثر كسرٍ قديم . يصل بيته في الرابعة أو الرابعة والنصف عصراً بعد انتظاراً لوسائل المواصلات حين تُنادي :
    ـ الحلفايا نفر ..

    لا يُحب الوجبات المزدحمة بالصحائف . " مفروكة بالكسرة " وقليل من الخضار وجبته المُفضلة . ينام قليلاً من بعد صلاة العصر ويصحو قبل المغرب . يأتي بكتبه ومجلاته وتحت شمعدانه يجلس وبجانبه منضدته يقرأ ويُترجم من الصحافة العالمية ويُصحح اللغة بقلم الرصاص وقربه جهاز الراديو يُعدل موجات الإذاعات الإخبارية بما يتيسر متابعاً لما يحدث في الكون . يقارن المكتوب مع المقروء . ملكة التحرير لم تفارقه سنين عمره وما أحوجنا لها اليوم رغم كثرة دور النشر و ورقها الصقيل وأحبار الطباعة الإلكترونية ، والتصحيح الكمبيوتري !.

    في الثانية عشر منتصف الليل يأتي موعد الانتهاء من القراءة فيذهب للنوم . لديه برنامج مساء كل جمعة وهو قراءة الذكر الحكيم مع التجويد والتفكُر مع ثلة من أهل حلفاية الملوك من الذين اكتسب صداقتهم حين استأجر منزلاًً هناك . كانت المآتم وعقود القران هي الواجبات التي يتعين عليه حضورها ، ثم من بعد زاده الذي يُحب( خير جليس في الزمان كتاب).

    تُجالسه أنت وتحسب أنك أمام أبٍ رءوف و عالمِ لا يشبه أنداده . علم غزير وتواضع جمّ . عميق الغور في تناوله الموضوعات . نصيبه معارف متنوعة وفضاء أرحب وفي كل باب تجده ملماً بمظهره وتشريح أحشائه وأنابيب دمه و باللغتين العربية والإنجليزية . إن سألت عن معنى كلمة إنجليزية أو عربية ، يسألك في أي العلوم ترغب ؟. تجده حاضراً بالإجابة المفصلة دون مراجع !. علّم نفسه بنفسه . كانت المدرسة الأولية هي كل تحصيله في المدارس النظامية في العشرينات من القرن الذي مضى ، ورغم تميّزه لم يواصل التعليم النظامي إذ أن التعليم يحتاج المال وفي العشرينات كان ذلك عسيراً ! . علم نفسه العربية والإنجليزية بالمراسلة وبرز مُترجماً ، و مثّل السودان في أول مؤتمر للترجمة العربية في الكويت في أوائل السبعينات من القرن الماضي .

    نعلم أن العمل الصحافي لصيق بالأحداث يراها عريانة ويستُرها باللغة . تقيم الصحافة رؤاها عن الأخبار بالتحليل وبالمقارنة بالتاريخ لرؤية المستقبل بعد ربطه بالحاضر . للأخبار بقية تأتي وخفاء يلبس الأحداث الجسام ، فالعالم مشحون بفرقعات متنوعة لقياس ردود الأفاعيل . نحن نعيش زماناً إن لم نُدقق تخدعنا الغشاوة . الصحافة وأهلها يقيمون الأسوار حول مشاعرهم كي لا تتأثر مهنيتهم بأطياف الميول . اختار الصحافي "عبد الله رجب "أقرب اللغات مُباشرة ليكون قريباً من إفهام العامة . رقيق الإحساس . لا يُحب التكلُف أو زخرف رغد العيش رغم أن ذلك كان ميسوراً عنده أيام المُستعمر . ابتنى من يعملون مستخدمين لديه من مرتبات صحيفته ( الصراحة ) بيوتاً مميزة لسكن الطبقة فوق المتوسطة ، أما هو صاحب ( الصراحة) ، فيستأجر بيتاً في بانت أو بحي البوستة بأم درمان أو الصبابي ببحري أو حلفاية الملوك أو كسلا عندما كان يعمل ضابط إعلام من بعد مصادرة حكومة عبود ( الصراحة ) ومطبعتها ، والماكينات التي استوردها صاحبها فصارت ملكاً لصحيفة ( الثورة ) التي هي صحافة الدولة آنذاك !. وتقرأ أنت أعلى صفحتها الأولى :
    ( احكموا علينا بأعمالنا : عبود ) !

    خصصت له الدولة وهو يعمل في صحافة القصر بيتاً حكومياً وسيارة وهاتف في السبعينات من القرن الماضي . رفضها جميعاً وبقي يعول نفسه الأبية مثل أهله الغُبُش الذين أحبهم ونهج نهج حياتهم .
    لم يستعِد تعويضاً لبعض حقوقه من مصادرة ( الصراحة ) إلا عام أربعة وثمانون وتسعمائة وألف من بعد قضية مرفوعة تنتظر السنوات . سدد منها ديونه لدى بعض الأهل والأقرباء في " سنجة " وخص بعضها لبدء بناء منزل الأسرة في قطعة أرض استحقها وفق الخطة الإسكانية في مدينة المهندسين بأم درمان . هيكلاً كان البناء عندما سجد مُبكراً لصلاة الصبح في بيت يستأجره بحلفاية الملوك . ذهب في غيبوبة عدة أيام وغادرنا من بعد في غيبة أبدية تاركاً إرثاً في الترجمة والصحافة وعلم النفس لم يزل يحتاج يداً صبورة لتُزيح الأتربة عن تراث عُصامي نما كشجرة أصلها ثابت في أرض الغُبُش ، وأغصانها تُداعب الفئة المُستنيرة . قدم لوطنه الكثير الذي ينتظر التنقيب

    *
                  

01-05-2012, 04:14 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الذكرى (26) لرحيل صاحب " الصراحة " الصحافي ( عبد الل (Re: عبدالله الشقليني)



    (3)
    كتب الأكرم : حميدة في سودانيزأونلاين :


    السودان بلد الخلوة والمسيد بلد الفقراء والصلاح ..
    تاريخه القديم والحديث زاخر بأسماء كثيرة لمعت فتوهجت عطاء ..
    أضات بلادنا فضلا وخلقا وخيرا ..
    ومن ثم توارت في أرضه وتلك سنة الله في خلقه ..
    ولكنها خلفت صفحات في كتاب السودان مليئة بالبذل والتضحية ..
    وجديرة بالتسجيل ..
    شخصيات ونماذج انسانية رفيعة بيضت وجه البلد في الداخل والخارج ..
    لأن حياتها أريج عطرها فواح .. أنعش الحياة في شتي مناحيها ردحا من الزمن الطويل ..
    ولم يولدوا ليجدوا في أيديهم معالق ذهب او فضة ..
    انما اقبلوا علي الحياة لتستقبلهم في الزمن الصعب ..
    فكان زادهم في طريقها اوعر الشائك الصبر ومضاء العزيمة ..
    فاستطاعوا ان يقهروا الصعاب ويطوعوا المستحيل وان يحققوا طموحاتهم ..
    ويوجهوا طاقاتهم لخير بلادهم .. فكان مكانهم الريادة والصدارة عن جدارة واهلية ..


    عبد الله رجب محمد, ولد في سنجة 1915م وقد كان السودان آنذاك ضمن مستعمرات التاج
    البريطاني, وفرص التعليم محصورة وأبواب المعرفة مغلقة ..
    ذلك الجيل قدره كبير .. ولكن عزيمته كانت اكبر .. فنهلوا من فيض المعرفة ما تفوقوا
    به علي أترابهم وأقرانهم الذين وجدوا فرصة التعليم النظامي ..
    ذلك جيل عظيم كان من رواده محمد الخليفة طه الريفي ويحيى محمد عبدالقادر والفاتح النور
    وعبد الرحمن احمد سعد (غشيم) و السلمابي والمبارك ابراهيم وعبد الله رجب ..

    بدأ عبد رجب بعد المرحلة الاولية في التعليم غير النظامي تعلم أصول اللغة العربية
    وتردد علي حلقات العلم والفقه التي كان لا يخلو منها مسجد فدرس مختصر خليل وألفية
    ابن مالك وقراءة ابن عبد الوهاب فمن عنده عشق القراءة والشغف بالمعرفة

    يقول في مذكراته ..
    (( كان كاتب هذه السطور منذ تلك الاعوام يتأبط علي الدوام لفافات الصحف والمجلات وكما
    قال الرسول صلي الله عليه وسلم " ان الارواح جنود مجندة ما تآلف منها ائتلف وما تناكر
    منها اختلف " . فانجذبنا الي بعضنا وصرنا نتناول الصحف والكتب والمعلومات والمناقشات
    سمانا أحد الظرفاء بالقضارف أولاد الرسالة ومع ان الرسالة اسم للنساء مالوف فهو أيضا
    اسم مجلة المرحوم احمد حسن الزيات القاهرية ذات التأثير الأكبر والملموس في بلادنا في
    الثلاثينيات ))

    ولعل هذه العادة لازمته حتي ان شارف السبعين واستطاع أن يتعلم اللغة الانجليزية حتي
    تفوق فيها واصبح من القلائل الذين يترجمون في مستوي رفيع منها وأليها ..
    واهتم بدراسة علم النفس والاجتماع ..

    بدأ مسيرته العملية مع المرحوم محمد السلمابي كتبة ووكلاء في البيع والشراء لبعض التجار
    وعمل عقب الحرب العالمية الثانية كاتباً مع سلاح المهندسين ومن ثم تاجراً في المفازة
    ولكن عشقه للعلم كان أقوي ..

    يقول في مذكراته ..
    (( كنت بعد تصفية عملي في المفازة قد اقترحت علي الاخ السلمابي ان ننزح الي مصر لمجرد
    المغامرة ولكني ذهبت الي سنجة ومنها اتجهت الي الخرطوم فالقاهرة ومن هناك ظللت أكاتب
    السلمابي ليلحق بي في اللحظة المناسبة ولكني في ديسمبر 1940م قررت العودة ))

    أنشأ في القضارف مكتبة ثقافية في الثلاثينيات وقد ظل يكتب لجريدة النيل والرأي العام
    والسودان الجديد في مختلف المواضيع السياسية والادبية والاجتماعية كما كتب لبعض
    المجلات المصرية .أنذاك فئة قليلة تجد فرص النشر في الصحافة خارج السودان ثم بدأ مع
    الاستاذ الفاتح النور فكرة انشاء جريدة كردفان الاقليمية عام 1945م ولكنه تخلي باختياره
    عن الفكرة وأصدر الفاتح النور كردفان كأول جريدة أقليمية ظلت راسخة لعهد طويل كشجرة
    التبلدي في سهول كردفان ..

    ورحل للخرطوم عام 1947م ليلتحق بجريدة السودان الجديد اليومية المستقلة واطلق علي الصحافة
    مهنة النكد لم يقف به جواد طموحه عند ذلك فقد أعد للعدة اكبر رصيده ثقته بنفسه وأصدر
    الصراحة نصف اسبوعية عام 1950م وجعل شعارها التزام جانب الشعب وأقبل الناس علي الصراحة
    شجاعة الرأي دسمة المادة صريحة القول فكان صوتها عاليا في مناهضة الاستعمار وأعوانه
    وامتاز اسلوبه بالايجاز البليغ التعبير فتوالت الغرامات والمحاكمات علي الصراحة ومن ثم
    ضاق بها الاستعمار فأوقفها فترة ستة أشهر فكر خلالها بأصدار بديل لها باسم الصراع .
    حوكم عبد الله رجب عدة مرات كان آخرها ستة اشهر امضاها بسجن ود مدني .
    كانت جريدة الصراحة صوت الشعب المعبر فبادلها الشعب الوفي خير الوفاء . في مرحلة التحرر
    ورغم ان محرريها محمد سعيد معروف و محمد الحسن احمد ومحجوب محمد عبد الرحمن كانوا
    اعضاء في ( حستو ) الا ان الصراحة انجزت للكثير من من كتاب جماعة الحركة السودانية للتحرر
    الوطني الا ان عبد الله رجب استطاع المحافظة علي استقلال الجريدة من التبعية او الا نقياد
    لجماعة الحركة السودانية للتحرر الوطني حستو . وأسهمت الصراحة في الحركة الفكرية والادبية
    اذ كانت تعد أعدادا أدبية لنشر نتائج مسابقات في الشعر والقصة والنثر وأفسحت المجال
    لناشئة الادباء أنذاك . منهم الطلاب علي المك وصلاح أحمد ابراهيم وغيرهم كجعفر حامد البشير
    والزبير علي .

    عبد الله رجب لمن يكن عضواً في حزب من الاحزاب ولم تكن له علاقة غير الصداقة مع جماعة ( حستو)
    فقد ظل طوال حياته مستقلاً في رأيه وتفكيره . وكان رحمه الله رغم صرامته فأنه انسان بسيط طيب
    النفس يصل أحيانا الي حد الدروشة . كريماً متلافاً ورغم ذلك استطاع أن يؤسس مطبعة صغيرة للصراحة
    عاونه فيها شقيقه المرحوم علي رجب ولكن الدهر لا يبتسم الا ليعبس بعد حين . فقد اثقلت الديون كاهل
    الصراحة وعند أنقلاب نوفمبر 1958م وئدت الصراحة ومطبعتها وهي في عنفوان الشباب .

    وجئ بعبدالله رجب رئيساً لتحرير جريدة الثورة وقطعاً لم يأت طامعا ولا وجلاً ولكنه قد كان له رأي
    في ممارسة الأحزاب والوضع السياسي المتردي إلا انه رغم ذلك لم يستطع الاستمرار في جريدة الثورة
    اكثر من شهور معدودة . فعين كبيراً لضباط الاستعلامات بكسلا وابتعد عن العاصمة وأجوائها
    وفي تلك الفترة اتسمت حياته بالتمزق الداخلي فصرف نفسه للترجمة أفاد بها كثيراً لكن المقام
    لمن يطول به وعاد الي العاصمة لا يملك الا ذكريات عذاب وشجن مرير ليجد مكانا في مؤسسات
    المرحوم السلمابي ولكنه ترك العمل بعد فترة وانصرف للتصوف وقراءة القرآن الكريم فجذوره
    مرتبطة بأهله العركيين المنتشرة قبابهم في أرض الجزيرة فتذوق حلاوة القرآن الكريم حتي
    أصبح لا يفارقه حتي أن مستقلاً المواصلات ..
    واختير في السبعينات في القسم الصحفي بالقصر الجمهوري وحصر جهده في الكتابة في الشئون
    الخارجية وبعض مذكرات أغبش بجريدة الصحافة
    واعترافاً بجهده في المجال الثقافي كرمته مشكورة جامعة الخرطوم بمنحه درجة الماجستير
    الفخرية في الادب .
    المرحوم عبد الله رجب مجموعة من الملكات والصفات الحميدة . خرج من الدنيا من منزل إيجار
    بالحلفاية عاش فقيراً في حساب المال وكان في مقدوره لو أراد ان يكون من رجال السلطة والمال

    فأحسن الله خاتمته وهذا خير من الدنيا وما فيها .. رحم الله الاستاذ عبد الله رجب محمد
    واسكنه منازل الصديقين والشهداء .


    --------------------------------------------------
    1) السلمابي الذي غاب 1980م دار الاضواء/ حسب الله الحاج يوسف
    2) شخصيات ادبية / جمعة محمد حامد
    3) مذكرات أغبش / عبدالله رجب

    الاستاذ عبد الله رجب .. لمحات من حياته ونضاله
    *
                  

01-05-2012, 04:24 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الذكرى (26) لرحيل صاحب " الصراحة " الصحافي ( عبد الل (Re: عبدالله الشقليني)



    (4)

    001.JPG Hosting at Sudaneseonline.com


    في الصورة الضوئية :
    جمال عبد الناصر - بشير محمد سعيد - محمد أحمد السلمابي - عبد الله رجب محمد
    الصورة قبل استقلال السودان
                  

01-06-2012, 08:34 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الذكرى (26) لرحيل صاحب " الصراحة " الصحافي ( عبد الل (Re: عبدالله الشقليني)

    ونواصل
                  

01-06-2012, 04:00 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الذكرى (26) لرحيل صاحب " الصراحة " الصحافي ( عبد الل (Re: عبدالله الشقليني)
                  

01-09-2012, 08:12 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الذكرى (26) لرحيل صاحب " الصراحة " الصحافي ( عبد الل (Re: عبدالله الشقليني)

    ونواصل
                  

01-11-2012, 07:31 AM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الذكرى (26) لرحيل صاحب " الصراحة " الصحافي ( عبد الل (Re: عبدالله الشقليني)

    عبدالله رجب كان صديقا لوالدي الأستاذ عبدالرحمن أحمد عيسى، وللقائهما قصة سجلها عبدالله رجب في إحدى مقالاته.. وقد ورد إسم والدي وعبدالرحمن أحمد سعد والفاتح النور كأول ثلاث أشخاص عرفهم رجب من مواطني الأبيض.. الحقيقة أن والدي كان حلقة الوصل بين عبدالله رجب والفاتح النور..
    الفاتح النور رائد الصحافة الإقليمية وصاحب مجلة كردفان نصف الأسبوعية تربطه علاقات مصاهرة بالوالد كما تربطه علاقات زمالة.. بدأ الفاتح حياته عصاميا كما هو عبدالله رجب والسلمابي.. وقد حكي لي والدي أن الفاتح بدأ حياته العملية يعمل في متجر والده إلا أن نفسه التواقة للعلم والمعرفة حدت به لأن يلتحق معه كمعلم في فصول محو الأمية التي كان يقيمها الوالد تطوعا مساءا في مدرسة الأبيض الأميرية الوسطى وذلك في منتصف الثلاثيات من القرن الماضي..
    ثم شاءت الأقدار أن يلتقي عبدالرحمن عيسى بعبدالله رجب وبعد أن توطدت عرى الصداقة بينهما عرفه بالفاتح النور وجاءت الفكرة أن ينشآ معا صحيفة كردفان.. وكان ما كان من سفرهما معا للقاهرة واستجلاب المطابع وبدأ العمل.. ويحكي عبدالله رجب أنه فيما بعد إنسحب من الشراكة وواصل الفاتح النور رحلته بمفرده..
    وللقاء والدي القادم من كردفان وعبدالله رجب الذي يسكن النيل الأزرق قصة.. ففي العام 1938 زرق والدي بابنه البكر الكامل.. كامل في صغره كان يعاني من حساسية الأكزيما.. وقد استعصى على الوالد إيجاد علاج له.. سمع أن شيخا في منطقة ما بجنوب النيل الأزرق لدية المقدرة على علاجه فتوجه إليه.. في الطريق شاءت الأقدار أن يضطر للمبيت في مدينة صغيرة قابل فيها عبدالله رجب وكان لديه حينها متجر صغير وأمضى والدي ليلته معه.. ولما عرف منه مقصده.. قال له إذهب له لكنك لن تجد علاجا لابنك عنده!! بالفعل عاد والدي صفر اليدين.. بعد أن وجد صعوبة في مقابلة الشيخ الذي طالبه باحضار الطفل..
    طيب عبدالله رجب خاطر والدي وقال له لا بأس أنا لدي علاج لإبنك .. وناوله عنوان لصيدلية بالقاهرة وقال إبعث لهم بحوالة ببضع قروش وسوف يرسلون لك مرهما بين له إسمه سيجد فيه إبنك شفاءه إن شاء الله.. وبالفعل وصل المرهم بالبوسته في بضع أيام وشفي الكامل.. الكامل صار فيما بعد أحد أعلام مدينة بورتسودان فقد كان ضمن أول ثلاثة سودانيين يدرسون البحرية بساوث هامبتون.. والتحق مبكرا بخدمة هيئة الموانئ البحرية واشتهر بكابتن كامل.. إنتقل كامل إلى رحمة مولاه في أوائل التسعينات.. رحمه الله رحمة واسعة وتغمدهم جميعا بواسع رحمته ومغفرته..
    لم ينس عبدالله رجب أن يسجل هذا اللقاء في مقالة صحيفة جميلة إختار لها عنوان .. رجل مثقف دفعته عاطفة الأبوة للبحث عن علاج لإبنه عند الدجالين..

    (عدل بواسطة الأمين عبد الرحمن عيسى on 01-11-2012, 07:33 AM)

                  

01-15-2012, 10:03 AM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الذكرى (26) لرحيل صاحب " الصراحة " الصحافي ( عبد الل (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)

    Quote: لم ينس عبدالله رجب أن يسجل هذا اللقاء في مقالة صحيفة جميلة إختار لها عنوان .. رجل مثقف دفعته عاطفة الأبوة للبحث عن علاج لإبنه عند الدجالين..

    الأخ الكريم عبدالله الشقليني
    لك التحية والود والإحترام
    علمت من الأخ الزميل محمد فضل الله المكي العلاقة التي تربطكم بأب الصحافة الحرة المرحوم عبدالله رجب.. وبالتالي أتوقع أن تكون محفوظة لديكم معظم مقالاته .. أبحث عن مقاله الذي كتبه عن والدي وهو بالعنوان أعلاه أو ربما معني قريب منه عسى أن أجده لديكم..
    وتقبلوا مني فائق الشكر و التقدير

    (عدل بواسطة الأمين عبد الرحمن عيسى on 01-15-2012, 10:06 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de