وداعا جاك دريدا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 04:39 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الشاعر اسامة الخواض(osama elkhawad)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-17-2004, 11:24 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صدمة الحداثة:البحث عن نموذج معرفي مختلف (Re: osama elkhawad)


    خطاب التجديد: البحث عن نموذج معرفي مختلف

    عبد الرحمن الحاج ابراهيم
    باحث سوري

    دخل الفكر العربي في انقسامات حادة إثر صدمته بالحداثة في القرن التاسع عشر، توزع على أعقابها إلى اتجاهات وتيارات عديدة تمَّ تناولها ضمن تصنيفات لا تخلو من التعسف، ما لبثت أن تجاوزت الغاية البحثية. وإذ يحاول هذا البحث الاشتغال على خطوط الانقسام، فإنه مضطر للتعامل مع تلك التصنيفات رغم إشكاليتها، ولكنه مع ذلك يحاول تجنبها قدر الإمكان، والتخفيف من حمولتها التعسفية، وهو في صدد تحديد تمايزات خطاب التجديد الإسلامي وتطوره، والعقبات التي تواجهه في سياق سعيه لصياغة النظرية.

    ومن طموحه في إنشاء خطه الفكري المختلف، إلى حركته التاريخية في الواقع، ثمة مآزق ومعضلات واجهت خطاب التجديد، ومقولات ولدت معه، سيتناولها البحث هنا بوصفه معنياً بتطوير هذا الخطاب.



    مأزق المصطلح والمفهوم الملتبس:

    بات مصطلح "التجديد" في الخطاب الإسلامي والعربي المعاصر مثار توهُّج وحساسيّة في آن معاً، حيث يتم تداوله بكثافة كبيرة، وبتلوينات مختلفة إلى حدّ التناقض، بدوافعٍ معرفية ومذهبية (أيديولوجية). كل ذلك أوقع استعمال المفهوم (مفهوم التجديد) بالتباساتٍ لعبت دوراً سيئاً في تطور الخطاب الإسلامي، تفسر لنا جزئياً سرّ المراوحة طويلة النفس عند الإشكاليات والقضايا التي ثارت منذ مطلع القرن الماضي(1).

    وبالرغم من أن الإسلاميين لا يختلفون في "شرعية" (من الشريعة) المصطلح (التجديد)، فإن الحساسية تجاهه في الآونة الأخيرة بدت كبيرة، فقد كان تجاذب المصطلح وادِّعاء أحقية تفسيره والانتماء إليه ظاهرة بارزة حتى بداية الثمانينيات، ومنذ منتصف الثمانينيات أخذ يتحول في الأوساط السلفية(2)، إلى تهمة(3) تتدرَّج بدءاً من وصف الانحراف عن المنظومة الإسلامية تحت ظلال علمانية، إلى الإلحاد في الدين، فالتآمر عليه(4). إن هذا التحول مؤشر على دخول مصطلح "التجديد" في مأزق "الاشتباه"!

    القراءة التاريخية للمفهوم تكشف لنا كثيراً من مبررات هذه التحول، فقد ولد المصطلح منذ البداية "ملوثاً" بالعلمانية بالمعنى الأيديولوجي، إذ كان تسميةً لاتجاه الأدباء العلمانيين عقب ثورة مصر 1919م، فيما يمكننا تسميته بـ "التجديد العلماني"، والذي كان مقابلاً "للإصلاح الإسلامي" الذي أخذ بريقه بالذهاب في ذلك الوقت بعد أخطاء فادحة(5).

    وعندما خفتت أضواء "التجديد" كمصطلح يعبّر عن الأدباء الحداثيين (العلمانيين) ـ لظروف كانت تجتاح المنطقة، كصعود المدّ القومي، ثم اليساري والماركسي ـ ولم يعد متداولاً، بدأ مصطلح "التجديد" يستخدم تعبيراً عن الاتجاه الفكري الإسلامي الوريث للإصلاحية، وقد جاء ظهوره هذا نتيجة حاجةٍ تاريخية، ما لبثت أن شُرعنت بالنّص النبوي المعروف(6)، فلم يكن ـ بكل تأكيد ـ مجرد استنباط منه، وبهذه الشرعنة اضطر الإسلاميون على اختلاف توجهاتهم للاعتراف بمشروعية المصطلح الذي يحمل دلالةً أكثر من مجرد مصطلح ورد في الخطاب النبوي الشريف، وسرعان ما تمَّت تجاذبات لتفسير المصطلح، كانت تلك التجاذبات تتضمن "مزايدات" في صحة التفسير، كما أنها لم تكن تخفي الحساسية من الاتجاه الأساس المتحمّس "للتجديد" تارةً من خلال تصحيح المفهوم وأخرى من خلال اعتماد مرجعيات سلفية وملاحظة الصلة البينة التي لا تخفي نفسها في كتابات هؤلاء بالإصلاحية(7) ذات التاريخ الحرج. وما أن بدأت مشاريع مثل اليسار الإسلامي، والإسلاميون التقدميون، وتجديد أصول الفقه، والعالمية الإسلامية الثانية، وإسلامية المعرفة، ومشاريع إعادة قراءة التراث(، كلها تحت شعار "التجديد"، حتى أخذ المصطلح يشير بشيء من الوضوح الى اتجاهات مفارقةٍ تماماً للسلفية التي اشتركت قبلاً في التجاذبات والمزايدات عليه، بل ويتلبس بالعلمانية من جديد. حيث جذب "توهج" المصطلح الحداثيين إليه ثانية، بعد فشل مشاريعهم الأيديولوجية، والذين كانوا على مقربةٍ من ملاحظة تلك التجاذبات المذكورة، كما أنهم لم يكونوا قبل نكسة حزيران 1967م وتداعياتها على اهتمام بالإصطلاح الديني أصلاً، خصوصاً وقد أصبحت أغلب النخبة المثقفة الحداثية يسارية ماركسية، ولكن مع التوجهات الجديدة لليسار، وبدوافع أيديولوجية ـ سياسية، اتجهت تلك النخبة نحو التراث وإعادة قراءته(9)، واستغلت هذا المصطلح/ الشعار لتمرير أطروحاتها الفجّة آنذاك، ثم تزايد استغلال هذا المصطلح مع بعض الحداثيين اليبراليين واليساريين ببدء مشاريع جديدة لا يدفعُها إلاّ "أيديولوجياً" الحداثة، وبمنهجيات غربية حديثة ربما لأول مرّة(10). لقد أساء هذا "الاستغلال" كثيراً للاتجاه التجديدي الإسلامي، وأدى الى مناوءته بشكل حاسم.

    استراتيجيا الممانعة السلفية:

    إن الدواعي كثيرة للاتجاه السلفي كي يرفض "التجديد" ويتحسّس منه، مصطلحاً أصبح يدلُّ على خطاب مفارق له، ومفهوماً يتناول الأشياء بعقلية مختلفة، هذا فيما تجاهلنا الدواعي السلفية ذاتها كبنية ذهنية وفكرية، فإيمانه بكفاءة المرجعية التراثية سوف يُفضي للقطيعة مع الغرب على المستوى المعرفي ـ على الأقل ـ في حقول المعرفة الإنسانية المتعددة, وتتحوَّل تلك القطيعة إلى "عداوةٍ" للغرب بتغذية الظروف السياسية، حيث "يتطابق" المعرفي بالسياسي، فالغرب هنا يصبح وحدة واحدةٌ لا يتجزأ، وهكذا تشبَّع الذهي السَّلفي بنظرية المؤامرة.

    إن علاقته مع الغرب التي تشكلت بتلك الطريقة، سوف تؤثر بدورها على النظر الى الخصوم الأيديولوجيين داخل المجتمعات الإسلامية، حيث سيتحولون تبعاً لذلك الى أكثر من متآمرين.. إنهم "عملاءٌ" له، يكفي في ذلك وجود مرجعية غربية لهم!

    كما أن تلك المرجعية الغربية, والتي يلمح جزءاً منها وراء ندّة (خطاب التجديد)، تجعله لا يفرق بين خصمه الحداثي العلماني، وبين التجديدي الإسلامي، وقد ساهم "التجديد العلماني" بشكل كبير في الإساءة إلى خطاب التجديد الإسلامي نفسه، هذا فضلاً عن أن نزعة التجديديين الإسلاميين تتخذ طابعاً نقدياً "مستفزاً" غالباً، الأمر الذي يوجد مبرراً مهماً للعدوانية التي يبديها الفكر السلفي، من خلال إنشاء اتهاماته التخوينية!.

    يساهم في تغذية تلك الحساسية عدم وجود فاصل واضح بين التراث والدين عند السلفي، ليس من الناحية النظرية وإنما من الناحية العملية، حيث يتم التعامل مع التراث وكأنه مفهوم مطابق للدين، فالنقد الموجه الى أي اجتهاد هو نقد للدين ذاته!، إن التطابق بين الدين والتراث يبدو في أحد وجوهه استمرار للمفهوم العلماني له، وهنا يتضح كيف يسكن العلمانيُ السلفيَ وكيف أصبحت مفاهيم الحداثي وتصوراته عن الأشياء تساهم في التحكم به.

    عندما أخذت هذه "الممانعة" السلفية بالتشكُّل، أصبح البديل التاصيلي خياراً يتزايد اضطراراً تحت وطأة التحولات التاريخية التي لم تستطع الانفكاك منها، بوصفه (أي التأصيل)(11) إسقاطاً للمفاهيم الحديثة على مفاهيم من داخل النسق الإسلامي، وشرعنة لها من داخل النصوص الشرعية والتراث الإسلامي، ويبدو أن هذا البديل التأصيلي ما هو إلاّ دخول للحداثة من النوافذ الخلفية! لقد غدت "التأصيلية" عملية شائعة في الخطاب الإسلامي، وكأنما هي إعلان "إخفاق" اتخذ شكل التأصيل من خلال منهجية توفيقية تقوم بتبيئة المفاهيم وزرعها في العقل المسلم أو ليس شعار "حتمية الحل الإسلامي" هو الحتمية الماركسية مؤسلمةً مثلاً؟ (كما يشير رضوان السيد) أليست الدولة الإسلامية هي المفهوم الحداثي المقابل للخلافة الإسلامية؟

    1- التجديد بوصفه سؤالاً عن "الممكن الذاتي"

    الكل يشعر بوطأة الأزمة، سواءٌ رؤيت تلك الأزمة في شكل "فوات حضاري" عند الحداثي العلماني، أم في شكل "فجيعة بالعصر" لدى السلفي، وبالتالي حين يرى الحداثي أن الأزمة كامنة في تراثنا، يركز رؤيته في خطاب يمكننا وصفه بـ "خطاب الإدانة"، ويرى بالتالي أن الإصلاح/التجديد هو مواجهة للتراث الديني(12).

    في المقابل يرى السلفي أن الأزمة كامنة في الغرب "الكافر"، متخذاً من تزامن الأزمة مع الاستعمار حجّة متكررة، ومُنشأً خطاباً للأزمة يمكننا وصفه "بخطاب الضحيّة"، فهو ليس إلاّ مؤامرة خارجية مصطنعة.

    لقد كانت "الحداثة" هي جواب التنويري/العلماني عن مشكلة الفوات التاريخي للمجتمعات العربية منذ نهاية القرن التاسع عشر، ولكن إذا كانت "الحداثة" هي جواب "التنوير" عن مشكلة الفوات، فإن "النهضة" هي جواب الإصلاحي الإسلامي(13). جواب الحداثة "يعني استبدال بنية ببنية أخرى، في حين أن "النهضة" تعني استيعاب التقدم من داخل الذاتية. من هنا ظهرت الحداثة وكأنها حلٌّ [إلغاء] للذاتية الإسلامية أو بنية بديلة عنها، في حين ظهرت النهضة كممكن من ممكنات هذه الذاتية"(14). وهكذا كان القول بارتباط المجتمعات العربية بالغرب الثقافي والجغرافي والاندماج فيه آخر الصيحات الجريئة لـ "المتنور العلماني" والساذجة في آن، في حين كان بعث الأمة لذاتيتها وتجديدها من ركام الثقافة السكولاستيكية والحشوية المكرورة هو قول (الشيخ) في نموذجه الإصلاحي الإسلامي(15). ولكن الواقع أيضاً أنه بقدر ما كانت أفكار الإصلاحي الإسلامي (في مطلع القرن الماضي) تبدو وكأنها ممكننا من الممكنات الذاتية، بقدر ما كانت في الحقيقة توفيقية تُبيء المفاهيم والأفكار الغربية بغير قصد، تلك التي كان المتنور يقدّمها بصيغتها الفجّة (المتفرنجة) فكلاهما ارتهن للحداثة الغربية، لقد كان ممكن الإصلاحي في الواقع هو ممكن التبيئة أكثر منه ممكن الذات، إنه يستبطن استسلاماً لا واعياً "للفوات والفجيعة التاريخيين" الذي قام لتجاوزه ذاتياً(16).

    سيبقى الجدل مستمراً حول "الممكن الذاتي" و"المستحيل الذاتي"، مع "اهتراء" العمامة الإصلاحية وبروز "التجديد" على أنه الامتداد/ البديل في مبدا الممكن الذاتي فحسب، والبديل في طبيعة التفكير، وتفهم الذات، إذ أخذت نبرة الممكن الذاتي بالتصاعد تحت شعارات الخصوصية، التأصيل، الوسطية.. الخ. وبقدر ما كان التجديدي "الوارث" يؤكد على الممكن الذاتي، بقدر ما كان يعكس هاجس "الهوية" في داخله، فمن الملفت للنظر أن يتلازم ذلك التصاعد في النبرة مع ضعف في سوية النتاج الفكري، فقد شهدنا عناوين مثل: "علم النفس الإسلامي"، "علم الاقتصاد الإسلامي"، "عمل الاجتماع الإسلامي".. ولكنها جميعاً لم تكن إسلامية بقدر ما كانت غربية، فهي لا تزال تقوم بـ "تأصيل" جديد، أي بوضوج: توفيقية جديدة. لقد بدا البحث عن "الممكن الذاتي" من خلال تلك التجارب البائسة السطحية "مستحيلاً" لبعض الوقت...

    في ذلك الوقت وجد السلفي نفسه قريباً من "التجديدي"، فقد أمنت له تلك التجربة الجديدة والسطحية نوعاً من استعادة الثقة بالذات، لكن فترة التصادق هذه والتي لم تدم طويلاً، أخذت نهايتها في منتصف الثمانينيات بعد أن ولدت تياراً بارداً وسطحياً أيضاً، لا هو تراثي سلفي ولا هو تجديدي، لقد كان أشبه بالطحالب التي تعيش على سطح المياه الراكدة، وهو ما عرف بـ "تيار الوسطية" التصالحي ليس مع العصر، ولكن مع السلفية.

    - العودة المستحيلة:

    كان الفكر السلفي طوال الحقبة الماضية مؤمناً "بالممكن الذاتي" ولكن على طريقة "الرجوع" الى الإسلام الأول، ـ وكأن الإسلام في الوعي السلفي خلف الزمان دوماً وليس معه وأمامه ـ إذ لم يكن يرى أن "الممكن الذاتي" يحتاج الى اجتهاد وتطوير، بل كان يراه منجزاً وكامناً في التراث، فلا "يصلح هذه الأمة إلاّ بما صلُحَ به أوّلها"(17). وستفسر هذه الفجوة/الفجيعة مع الحاضر بعدم التمسك بذلك الذاتي "المنجز"، الذي يتعامل معه على أنه "فوق تاريخي"، يكاد الزمن لا يلامسه بتأثيراته، بل إنه لا يفتأ يبحث عن مبررات يُعلّق عليها أزمة "الفوات"، وعجز "ممكناته" الذاتية عن الواقع، في الوقت نفسه الذي كان فيه التنويري العربي يعلق خيباته على المشاجب نفسها، أي على "الذات المغتربة" عن الحاضر!.

    ولم يزل الخطاب السلفي يرى في "تقلص سلطان الإسلام" و"تراجع فاعليته كثيراً التي لا تحتاج الى برهان"(1 في الواقع تخلٍّ عن الممكن الذاتي (المطلق والمنجز) وبالتالي فإن تجاوز الفجيعة هذه لن تكون إلاّ بأن "تعود هذه الأمة الى وضعها السابق الذي كان الإسلام فيه هو الحارس على هذه المكاسب كلها"(19). ونلحظ إحباطات الفكر السلفي تبلغ ذروتها، عندما "يشرعن" أحياناً عجزه عن التواصل مع الحاضر، و"اغترابه" عنه باعتبار الغربة هي وصف إيماني في آخر الزمان(20).

    لقد شكل "الممكن الذاتي" المسلّمة المشتركة للخطاب الإسلامي بتلويناته المختلفةن كما أنه كان دوماً "مستحيلاً" ذاتياً بالنسبة للخطاب العلماني، الذي حاول منذ البداية تأكيد نفيه، وخاض صراعه الأيديولوجي/السياسي معه على هذا الأساس، ثم حاول "تفخيخه" بمحاولة "التجديد العلماني" منذ الثمانينيات، ثم لم يلبث أن هادنه بعد منتصف التسعينيات مهادنةً تتشترط ضمناً (وصراحة أحياناً) باستعادة التنوير (بمفهوم عصر الأنوار) من خلال خطاب التجديد الإسلامي(21) وذلك اضطراراً منه بعد إفلاس الأيديويوجيا في العالم العربي وخصوصاً الماركسية، حيث يرى الحداثي في هذا الخطاب التجديدي "المستنير" انتصاراً للتاريخية، وليست التاريخية هنا سوى الحداثة. فالإسلام التجديدي/التنويري ليس إلاّ مُعبِّداً للطريق من داخل المنظومة الإسلامية الى الحداثة، أو هو "توفيقية" متماسكة وضرورية لتبيئة مفاهيم الحداثة(22) في الوعي الإسلامي.

    - رحلة البحث عن الممكن الذاتي: الأجيال الأربعة

    بينما كان الخطاب الإسلامي يؤمن إيماناً قاطعاً بقدرته على التكيف (لا التطبيع) مع الواقع بكل تحدياته، كانت التنويرية العربية مصرّةً على عدم مراجعة إيمانها المسبق بجموده وعجزه، فهو في وعيها مرتهن للتاريخ الثقافي الذي ولد فيه، على اختلاف في توصيف هذه البيئة التاريخية طبقاً للأيديولوجيا العلمانية المفسّرة، والتي غالباً ما تكون ماركسية، وهكذا أصبح الإسراع بـ "الممكن التاريخي" هو هاجسه.

    وإذا تجاوزنا المدرسة الإصلاحية، وبدأنا مع ولادة مصطلح التجديد في منتصف الخمسينيات، فإننا سنقف على أربعة أجيال لخطاب التجديد، في سياق رحلته في البحث عن الممكن الذاتي الذي آمن به:

    في الجيل الأول كان خطاب التجديد مشغولاً بإثبات "المشروعية" التاريخية والمعرفية له، حتى مطلع السبعينيَّات، كما كان "ممكنه الذاتي" صورة شبيهة جداً ـ إن لم تكن مطابقة ـ بإصلاحية محمد عبده لكنها كانت واعيةً لتجربته وإشكالاتها التي تلبست بها، واكسبتها أفكار مالك بن نبي ـ رحمه الله ـ فيما بعد نوعاً من الوضوح والتمايز عن إصلاحية عبده، فقد أصبح مفهوم الخصوصية الحضارية (المنبثق عن مفهوم الحضارة) يلعب دوره في تحديد الصلة به، في حين كانت الإصلاحية تكسب التجربة الغربية طابع العموم والعالمية، وتكاد لا تلحظ الخصوصية إلاّ في حدود قليلة, ولعله كان أحد الأسباب في اختلاط (الذاتي بـ الخارجي)، بل والتي جعلته يقع تحت سلطانه.

    كان لمالك بن نبي إذاً دوراً رئيساً في إكساب هذا الجيل طابعه الخاص المميّز عن الإصلاحية، ولكن بقدر ما كان هذا الجيل مشغولاً بالمشروعية (التاريخية والمعرفية)، كان انشغاله ذلك يحجبه عن رسم حدود علاقته مع الغرب، مما جعله ـ رغم وعيه للخصوصية ـ مكرراً لمقولات الخطاب الإصلاحي في الأخذ من الغرب في تشكيل "الممكن الذاتي"؛ الذي لم يكن ذاتياً بقدر ما كان غربياً خارجياً.

    في الجيل الثاني لخطاب التجديد أخذ يُؤسس من جديد للاجتهاد المفتوح لصناعة وصياغة هذا "الممكن الذاتي" الذي بدا لوهلة ـ مع نشوء "تيار الوسطية" الساذج ـ غير ممكنٍ، ونلحظ نزوعاً واضحاً في هذا الجيل الى النظرة الابستمولوجية، فقد تمت الدعوة لتجديد "المناهج" الإسلامية في عملية الاجتهاد المفتوح كالدعوة لتجديد أصول الفقه، وأسلمة العلوم الاجتماعية، ورغم أنها تمثل خطوة مهمة تميز هذا الجيل، لكنه هذا الجيل نفسه كان منشغلاً بالتراث، ومسكوناً به ومحكوماً له أكثر مما هو تطوّر واستقلال عنه، وبقدر ما حاول هذا الجيل "شرعنة" التعامل مع الغرب بشكل صريح كان يرتد الى التراث ويحتكم إليه، ومعه نشأ "تيار الوسطية" الذي قلنا إنه كان سلفياً أكثر منه تجديدياً.

    في "الممكن الذاتي" هنا قلبت الطريقة التي كان الجيل السابق يتعامل بها مع الغرب، فقد كان الجيل السابق حذراً في التعامل مع الغرب بقدر ما كان منغمساً فيه، وفي هذا الجيل بقدر ما كان التصريح بالغرب وتأسيس التعامل معه من بنية الخطاب واليافطة الأكثر بروزاً له، بقدر ما كان يتقيئ السلفية ويستبطنها.

    في الجيل الثالث الذي يمكن أن نعتبر بدايته مع تأسيس مجلة المسلم المعاصر 1976م، ثم الثورة الإيرانية الإسلامية 1979م، والذي لاحظ سلفية الجيل السابق وحاول التحرر منها في الأطروحتان المثيرتان "إسلامية المعرفة"(23)و"العالمية الإسلامية الثانية"24))، حيث عمّقت النظرة المنهجية وشُكِّلَ من خلالها نقداً متقدماً للأجيال السابقة من الخطابين الإصلاحي والتجديدي، ولكنها على كل حال لم تكن نفياً كمياً لهما، كما قامت على أساسها للمرة الأولى مؤسسة فكرية تجمع المفكرين الإسلاميين لصياغة "ورقة عمل"(25) لتقييم المرحلة السابقة، وتأسيس جهود المستقبل.

    رغم كل ذلك بقي الخطاب ينزع الى السلفية في مجمله، وبقي التحرر منها محصوراً بشكل فردي، كما في تجربة "العالمية الإسلامية الثانية" الذي كان على العكس من ذلك أقرب الى الحداثة، لقد كان واضحاً في هذا الجيل أنه من المستحيل تحاشي تلك الثورة العقلية والمعرفية الكبرى التي ولّدتها الحداثة، كان الخطاب التجديدي الثالث ـ هنا ـ يبحث عن "الممكن الذاتي" من خلال إيجاد صيغة للتعايش أو للتصالح مع مفرزات الحداثة المعرفية والعملية، وليس مع قيمها.

    وبقيت الأجيال الثلاثة في منأى عن القراءة الابستمولوجية العميقة والشاملة, التي بإنكانها رسم صورة أكثر وضوحاً، فبالرغم من تكرار الدعوة الى التعامل مع الغرب، لم يكن الخطاب الإسلامي في هذا الجيل قد تجاوز سوى القطيعة النظرية معه، ومن الناحية العملية كان تعامله ووعيه له سطحياً غالباً.

    ومنذ منتصف التسعينيات بدأ خطاب التجديد الإسلامي يدخل تحولاً جديداً أو يشكل جيلاً جديداً (رابعاً) على خلفية انقضاء الصراع الأيديولوجي الماركسي، الذي استنزف الخطاب العربي والإسلامي في صراعه الصاخب، وعلى أعقاب قيام تجربة "إسلامية المعرفة"، التي امتدت عقداً ونصف وما زالت قائمة حتى الآن، وانطلاقةِ تجربة "التجديد العلماني" المثيرة منذ نهاية الثمانينيات بدأ الوعي التجديدي يقرأ ذاته مرة أخرى26)، حيث عرف المنهجية الغربية عن قرب من خلال بعض تطبيقاتها المباشرة, خصوصاً في النص القرآني (تجربة شحرور وأبو زيد)، لقد وعى تماماً المشكلة الأبستمولوجية القائمة حتى الآن في نموذج "إسلامية المعرفة" الذي لم يستطع تقديم بديل واضح المعالم، أي لم يستطع إخراج صورة ملموسة "للممكن الذاتي".. لقد أخذ بريق إسلامية المعرفة منذ ذلك الوقت بالخفوت.

    سيشهد هذا الخطاب في جيله الرابع اعترافاً من نوع جديد بالغرب وحداثته اعترافاً يقوم على روح نقدية متقدمة، تحاول استيلاد "الممكن الذاتي" من رحم التفاعل العملي مع الغرب. لكن هذا الوعي الابستمولوجي بقدر ما فتح له إمكاناً جديداً وتمايزاً واضحاً؛ فتح له من الأسئلة الكبرى ما لم يستطع الإجابة عنها بعد.. فهل الانحياز الى أسئلة منظومة ما هو انحياز الى أجوبتها كما هو انحياز الى موضوعاتها؟ هل يمكن معرفياً نقل أسئلة منطومة ما الى منظومة معرفية مفارقة ومغايرة تماماً؟ هل يمكننا استخدام المنهجيات دون نهاياتها الفلسفية والمنطقية والمعرفية؟ بل إن التساؤلات الكثيرة جعلت سؤالاً من قبيل: هل يمكننا إقامة نموذج معرفي خاص بنا مستقلاً تماماً عن الغرب؟ ممكناً!

    وهكذا فالتجديد ما زال "نظرية" لم تكتمل بعد، واكتمالها مرهون بحركة التاريخ، فهي تولد مع الزمن في اللحظة نفسها التي توَلدِّه.

    بإمكاننا القول إن الخطاب الجديد والرابع للتجديد تخلّق في ظروف جديدة، بدأت بانهيار الأيديولوجيات، في العالم العربي، وتطورت مع وسائل الاتصال والمعلومات، وتوالت مع نذر العولمة، ومن السذاجة القول بارتباط ظهوره بظهور ما بعد الحداثة كما يرى البعض، فدواعي ظهوره كانت ظروفاً عديدةً معقدّة، رأى أصحاب الخطاب فيما بعد في "ما بعد الحداثة" معيناً لهم على نقد جذري للغرب، ولكن لا على طريقة التماهي معهُ ثانية.

    2- استفزاز الحداثة:

    سنعتبر هنا بشيء من الحذر بأن تاريخنا الإسلامي و"المعرفي" منه خصوصاً كان في مجمله مرتبط "بردات فعل"، بدأت بالفعل السياسي (مشكلة الإمامة)، حيث دشّن تحول السلطة من الخلافة الى الملك انشطار الأمة الذي تحوّل إلى انشطارات متوالية فيما عرف بظاهرة "الفرق"، وولّدت مفاعليه "المعتزلة"، ثم دشّنت فتنة المعتزلة إغلاق المنظومة العقلية السنية، كما أدى الظلم الأموي لآل البيت الى تدشين "إمامة الظل" التي تحولت إلى الأثنا عشرية فالمهدية، وعندما جاءت الحروب الصليبية قامت حركات إحياء الدين(27)وتنقية الأجواء الداخلية من تسرب الفلسفة اليونانية على يد الإمام الغزالي، حيث تبلور علم الكلام القديم.

    كما كان التخوف على "السنة النبوية" بعد ظهور مشكلة الإمامة، وبروز ظاهرة "الوضع" منذرةً بخطر ذوبانها، سبباً في تأسيس "علم المصطلح"، الذي تزامنت ولادته في رسالة الإمام الشافعي مع "علم الأصول"، والذي كان بدوره رداً على التيارات التي أخذت تعصف بالفكر الإسلامي، ثم تنامى علم الأصول بعد ذلك في اتجاه حماية النص وضبط تأويله مستبطناً سحب يد السلطان السياسي من الاجتهاد واللعب بالنص الشرعي(2.

    هكذا، بقدر ما كان يدلل الفكر الإسلامي بردات فعله "الواعية" على مرونة وحيوية في الاستجابة لحركة الواقع المتغيرة، بقدر ما كان يشير، في الفكر الإسلامي المعاصر، لنظرته الى الدين على أنه ذو مهممة إبداعية أي أنه يقوم آلياً بتوليد الإبداع موضوعياً حيث يظهر الإبداع الإنساني ثانوياً بالقياس معه، والواقع أن هذه النظرة(29) استغرق فيها العقل الإسلامي الحديث وأضحت على مدار القرنين السالفين بمثابة مسلمة صريحة بعد أن كانت مضمرة، بفعل الإحساس بالفجيعة الحضارية.

    قد يكون باعث تلك النظرة/ المسلمة الحضور الذهني المستديم للدور الذي أداه الدين في ثورته النهضوية الأولى؛ التي ابتدأت مع عصر النبوة، حيث الروح التصالحية للدين مع العقل فتحت من التغيرات ما لم يكن بالحسبان، حتى لقد غدا من العسير النظر إلى التغيرات أنها ليست من مهمة الدين وحده.

    لكن علينا أن نُعدِّل قليلاً من رؤيتنا هذه، بحيث يعاد إبراز دورنا الذي اختفى وطمس وراء استغراقنا في النظرة الآنفة، بحيث تبقى مهمة الإبداع "إنسانية" بالدرجة الأولى، أي إنجاز إنساني يبدأ من الإنسان نفسه، ويستفيد من هذا التنظيم والتوازن الذي يقيمه الدين على المستوى الاجتماعي والثقافي بل والمعرفي أيضاً، ومن أجل إيضاح ذلك سوف نستعير هنا مفهوم "أفق التوقّع" (Horizon of expectation)(30) من "التأوُّلية" (Hermeneutics) الذي يسمح لنا بتفسير علاقة الثقافة والمعرفة بالنص وتأويله مثلاً، وما يعنينا هنا بالطبع النص الديني (نص الوحي خصوصاً)، فالقارئ/المؤوّل لا يدخل الى النص بريئاً فعلاً، ولا يمكنه أن يفعل ذلك، إذ لا بُدّ أنه يحمل تصوراً ما، كما أنه ليس بالضرورة أن يكون هذا التصور أيديولوجياً، أي مسبقاً ذهنياً يفرضه على النص، بل إن القارئ يأتي الى النص وهو يحمل "فرضيّة" معنى، فرضية تأويل، هذه الفرضية سوف تتشكل بالضرورة "كأفق" محتمل، وسوف يقوم النص بوصفه جهازاً دلالياً برفض أو قبول المعنى الذي نتوقعه، لأن له فضاءً دلالياً محكوماً "بالمستوى النظامي للدلالة" (الذي يتضمن النظام الصرفي والصوتي، والمعجمي، والنحوي...) فالنص إذا كان متعدد القراءات/ التأويلات، فإنه لن يقبل أي قراءة.

    لكن ما الذي يخلق هذه الفرضيات؟ ما الذي يتحكم في تشكلها وتنوعها وتعددها؟ إن المعرفة والثقافة تلعبان الدور الأساسي في ذلك، فضلاً عن آلية العمل أو ذهنية المؤول. وتبعاً لذلك فإن تطور تأويلنا أو قراءتنا للنص أو صياغة المنهج ضمناً (وكله إبداع) يتوقف على درجة تطورنا المعرفي نفسه، وهكذا فالإبداع تاريخي بالضرورة، قائمٌ في البنية الإنسانية أولاً لا في النص. وفي النص وحده الذي يمتلك المرونة الكافية لاستيعاب التطورات الإنسانية، والذي لم يأتِ إلاّ لتأمين المناخ الإبداعي من خلال فرض مجموعة أنظمة اجتماعية وثقافية ومعرفية ونفسية وأخلاقية، تتيح إزالة العراقيل أمام حريته وتنظيم طاقاته.

    هنا نجد أن إعادة النظر في مسألة "الإبداع" قضية مهمة، لأنها ستلعب دوراً خطيراً في نزع "سحر" الماضي (السلف ضمناً) ـ إذا جاز استعمال هذا الاصطلاح الحداثي ـ، كما أنها ستدفع بقوّة للعمل، وسيصبح استنباط المعرفة والعلوم من درجة الصفر مباشرة الى القرآن حينئذ استغناءً عن اللحظة التاريخية وهجرةً للوعي الى وعي راحل موغلٌ في الماضي، إنه سيكون حالة ساذجة في التعامل مع النص بكل المقاييس(31). لكن يجب تأكيد القول بأنه ليس عيباً أن يكون للوعي الإسلامي ردّات فعل تجاه ما يحدث في محيطه فذلك دليل حيويته، ولكن المشكلة في توقفنا عند ردات الفعل، وانتظارها وأن تبقى لا واعية.

    - التواصل التاريخي والتحدّي التاريخي:

    هنا سيفهم كيف ولماذا كانت ردة الفعل تجاه "صدمة الحداثة" طبيعية، بل إن معرفتنا بالتاريخ الإسلامي من الزاوية التي نظرنا إليها، سوف تفرض علينا، ليس فقط الخضوع إلى ردّة فعل لا واعية، بل وواعية أيضاً، فذلك في الواقع ما هو إلاّ استمرار لحركة تاريخية أصبحت من سنن الفكر الإسلامي في حراكه التاريخي الطويل.

    هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى، لم تكن الحداثة مجرد عارضٍ تكرر تاريخياً، إنما كان تحدّ قلب الموازين النفسية والحضارية، فلأول مرّة يتعرض الفكر الإسلامي لشعور حادّ بالتخلف والهامشية، وتجرح نرجسيته التي تشكلت من خلال رصيد 13 قرناً ونيف من الهيمنة الحضارية والمركزية للعالم، لقد كان أمراً صاعقاً هذا التغيُّر الشامل والهائل... بحيث أصبحت "مواجهة" هذا "التحدّي" ضرورة تاريخية حاسمة لا مناص من الاستجابة لها، وكانت درجات وعي هذا التحدي هي التي قسمته (الوعي الإسلامي) ـ إذا استعرنا تعبير غليون هنا في "الوعي المنقسم" ـ إلى "سلفي" و"إصلاحي" ثم "تجديدي"، بل وهو الذي فرز الفكر العربي برمته إلى "إسلامي" و"حداثي" تغريبي(32).

    الرؤية السلفية كرست نظرة "الإسلام الصحيح"، وجعلتها ظاهرة مهيمنة اتصف بها الفكر الإسلامي في معظم مراحله وحالت دون وعيه للتحدي بغير صورة الصراع الوجودي (أي الإسلام أو الغرب)، وكان البحث عن "الممكن الذاتي" في خطاب التجديد هو البحث عن البديل للتغريب والحداثة الغربية، هذا البديل الذي لا يمكن استنساخه من الماضي لأنه لم يولد بعد، كما لا يمكن "استيراده"؛ فثمة "معضلة" ابستمولوجية قائمة تلعب دوراً إشكالياً في صياغة "علاقة الممكن الذاتي" بالحداثة، الذي يتمثل في "تطوير نموذج" انطلاقاً من الذاتية التاريخية للأمة، أي التي تجسّدت فعلياً في التاريخ، التي لا تستمد قوامها وهويتها من تجاربها التاريخية وحسب، بل تستمدها كذلك من الوحي الذي منحها الرؤية وأمدها بالقيم وزوّدها بالتوجه(33) .

    وإذا كان هذا الالتقاء بالحضارة الغربية الحديثة، وما تنج عنه من استفزازات شمولية، قد ولّدت ضرورة ـ ومن منطق تاريخي ـ إنعاشاً للذهنية السلفية والإصلاح الديني معاً، فإن ما لا بد من قوله هو أن طبيعة التحدي غير المكررة تاريخياً تجعل مهمة الإصلاح (التجديد لاحقاً) لا تعدلها مهمة الغزالي في إحياء علوم الدين وإبعاد الفلسفة اليونانية الوافدة، ولا مهمة الشافعي (من قبل) في ضبط تناول النص (تأسيس علمي المصطلح والأصول) والدفاع عن السنة النبوية الشريفة، أو دور المعتزلة مع الفكر الباطني الصوفي، إنه دورٌ جديدٌ بكل معنى الكلمة، التاريخ هنا لا يمضي على وتيرة سابقة واحدة.

    إن كون الإصلاح الديني والتجديد، والإحياء السلفي ردّة فعل مزدوجة للعقل المسلم تجاه الحداثة ومفرزاتها يسمح لنا معرفياً توصيف الباعث النفسي الكامن خلفها، على اعتبار أن ثمة رابط أكيد بين الفكري والنفسي، فقد تكشفت صدمة الحداثة عن تهديد عميق للوجود الإسلامي برمته مادياً وحضارياً وعسكرياً وسياسياً واقتصادياً... وخلقت حالة من الهلع والذعر على الكيان الإسلامي، ولكن بقدر ما كان طموح الإصلاحي يعكس "تواثقا‌ً" بالنفس، فإنه كان يعكس انهياراً للثقة بإطلاقية التراث المنجز في الماضي، كما أن السلفية في المقابل تعكس انكماشاً على الذات، وتأزماً في الثقة بالنفس أما تيار العصر، مما يبرر الاعتصام الكامل بالتراث وأسطرته على صورة نقية وحيدة وفوق تاريخية، ولعل هذا ما يجعل التراثي السلفي ـ فيما بعد ـ يرى في نقد التجديدي له أو للتراث أزمة مع الذات، بوصفها في المحصلة ـ أي الأزمة ـ محاولة لاختراق الذات والتخلص منها من خلال تفكيك الذات نفسها وباسمها‍!.

    بقدر ما شكلت الحداثة صدمة للوعي الإسلامي كانت مذهلةً للتنويري، الذي تكشف أدبياته عن ذلك الذهول الذي لحق به وأخل توزنه أحياناً كثيرة. فبينما كانت أنظار العلماني العربي مشدوهةً بالمنجزات المادية التقنية للغرب وإلى الذات، ولم تلبث الماركسية طويلاً في "قدومها" إلينا حتى تلبسها الحداثي مستغرقاً فيها إلى حد الثمالة، وقابل بتديُّنه الماركسي تدين السلفي!.

    ولكن الوعي التجديدي الإسلامي يجد نفسه منحازاً "بذاته" رغماً عنه إلى السلفي التراثي، فكلاهما يشترك بمرجعيّة الإسلام بوصفه مسلمة لا تقبل الجدل، ومن جهةٍ أخرى في العلاقة مع الغرب "إجمالاً" ينحاز إلى العلماني من جهة إيجابية الموقف، بمعنى الاستفادة منه وإقامة جسر التواصل، ولكنه أيضاً في كلا الحالتين لا يقوم على انحياز مطلق، فهو متحفظ على الفهم المغلق للتراثي السلفي، وعلى الانحياز الكامل والارتماء في أحضان الغرب للحداثي؛ فله أسئلته الخاصة، واستراتيجيته المختلفة في البحث، فهو ضمناً يرى في كلا الوعيين هجرة إلى الوراء أو إلى الأمام، الحداثي ذاتاً متغربةً، والسلفي ذاتاً مغتربةً، وهكذا يجد نفسه في مواجهة الاثنين معاً(34) .

    - الحداثة: صدمة المسيحية وصدمة الإسلام:

    لا زال الحداثي العربي يؤمن بأن استفزازات الحداثة لا يمكن اللفكر الإسلامي مواجهتها، وأنه لن يكون قادراً عل أن يقذف بتحديات فكرية جديدة في وجههِ (التنوير)، فكل ما كان المتدينون يستطيعون أن يفعلوه تجاهه في هذه الناحية فعلوه طيلة مئتي سنة(35)، "فلقد حاولت المسيحية ـ قبل الإسلام اليوم ـ أن توقف مسيرة الحداثة الفكرية والعلمية والسياسية، وحاولت أن تعرقل انتصارها أو تؤخره إلى أقصى حد ممكن (...) وبالتالي فإن صراع الإسلام مع الحداثة اليوم لا يختلف في شيء عن صراع المسيحية معها (...) طيلة مائتي سنة"(36)!

    وبالرغم من أن بعض العرب والمستشرقين ـ من وجهة نظر أخرى ـ يرون في المسيحية قدرةً أكبر على المواجهة والمرونة والتكيّف(37) وبالتالي فثمة اختلاف واسع بينهما، حيث قبلت المسيحية الحداثة وتكيفت معها، و"رفضها" الإسلام ولا زال، بالرغم من ذلك، ثمة رغبة كبيرة في تحويل الإسلام على مواقع مماثلة للمواقع المسيحية بعد اكتساح الحداثة للغرب، من هنا فإن هناك قياسية نمطية بدائية مستمرة بين الإسلام والمسيحية، تتجاوز الفارق الشاسع في البنية الفكرية بينهما، كما تتجاهل الوضع التاريخي لحضارة الإسلام بوصفها الحضارة التي كانت جسراً لحضارة الغرب التي ولدت الحداثة معها. ولعل هذه النمطية التي تتجاوز أيضاً علوم الاجتماع والأنثروبولوجيا الغربية نفسها، هي السبب المستمر في فشل تفسير العلمانية العربي للإسلام والتطور التاريخي الذي يتقلب فيه، والذي غالباً ما اكتفى بالسياسية والاقتصادي والأيديولوجي، حتى أدى إلى قيام مشاريع لفهم بنية العقل العربي الإسلامي، والتي لعبت دوراً مهماً في تغيير معالم الحركة والصراع الفكريين في العالم العربي في العقود الأخيرة الماضية.

    كما أن هذا التفسير البائس الذي أقامه الحداثي العربي و(خصوصاً الماركسي) جعله يعجز عن تقديم رؤية تاريخية محيّدة أيديولوجياً، وتسليمه بالتالي إلى فكرة انتظار الحل التاريخي القادم بنظره "حتماً"، والذين جاء بالفعل، ولكن لا ليحول الإسلام إلى مواقع شبيهة بالمواقع المسيحية الغربية، بل ليجعل تلك الأيديولوجيا الحداثية مفوته!.

    والغريب أن يصرّ بعضهم على أن "الصدمة التي تلقاها الإسلام تظل أكبر وأشد عنفاً وتدميراً من تلك التي تعرضت لها المسيحية"(3 لأن "الفكر الإسلامي المعاصر فقير جداً من الناحية المعرفية، وبالتالي فهو ليس قادراً على أن يقف في وجه الحداثة، أو يتصدى لها على مستوى النقاش الفكري أو السجال الفلسفي"(39) فهو برأيهم "لا يمتلك حتى يومنا هذا لا الجهاز الفكري ولا المصادر أو الإمكانيات الثقافية والعلمية التي كانت قد تراكمت في الغرب تحت اسم: الحداثة"! إن الحداثي العربي لم يخرج هنا بعد من أوهامه، فلا زال يقرأ الإسلام تحت سلطان تاريخوية الحداثة، أي أنه لا زال يقرأ من موقع أيديولوجي، رغم كل محاولة "مصرح بها" للتملص من الأيديولوجيا! حيث عاد المفكر العربي إلى الحداثة الليبرالية لا كخيار معرفي، بل كأيديولوجيا بديلة غالباً، وكأن قدر العربي أنه لا يمكن إلا أن يكون متديناً بصورة ما!.

    الوجه الآخر لهذه الرؤية النمطية التاريخية للإسلام والحداثة، هي النظر إلى المثقف الإسلامي الحديث (التجديدي) على أنه يمثل دوراً لوثرياً، ويكرره تاريخياً، ولأجل ذلك يقف الحداثي غالباً دور المساند لهذا التوجه ولو بدون تصريح حين يطلق عليه "التنويري"، وهو اسم يعكس مدى الصورة الأيديولوجية النمطية للإصلاح الديني عنده. كما أن هذه النظرة التي تسربت إلى السلفي، وربما أسهم الإصلاحي أولاً بإشاعتها حيث لم يكن بعد يمتلك رصيداً في التجربة، كما أنه كان مهووساً بأفكار الثورة الفرنسية، حتى أصبحت ممسكاً جديداً (ضد التيار التجديدي) للخصم.

    إن مجرد كون الإسلام ديناً يجعله يخضع لقوانين التغير التاريخي للتدين، فيما كانت هناك قوانين فعلية وثابتة، وهذا، قد يبرر لنا ظهور حركات إصلاح ديني باستمرار في كل دورة تاريخية لأي من الأديان، ولكن الإمكانات الذاتية لتلك الأديان تلعب دوراً حاسماً ورئيسياً في النهايات التي سيؤول إليها إصلاح ما، أي أن مبدأ الحركة داخل كل دين تختلف عن الآخر تبعاً لطبيعته، وبالتالي من المستحيل تنميط حجم الاستجابة لتحديات ما، والتحديد سلفاً لتنائج إصلاحات حركة تجديدية ما. هذا هو بالضبط ما يجعل من الصعب إقامة مثل هذا التنميط في النتائج لمجرد التشابه في موضوع الحركة الإصلاحية (الدين)، والإصرار على هذه العملية التنميطية، بالرغم من بعض المؤيدات الجزئية في الواقع، سيحجب دون شك رؤية "السيناريوهات" الأخرى الممكنة والمحتملة للتجديد الإسلامي، وبالتالي سيسيء فهمها مرة أخرى.

    - الدين من أجل الذاكرة" تحدي العولمة:

    إن ولادة الخطاب الإسلامي الجديد (التجديد في جيله الرابع) كان متزامناً مع مرحلة عالمية جديدة، تحت وطأة "نُذر العولمة"(40)، سوف تهدد المرحلة المقبلة ـ وبصورة لم يسبق لها مثيل ـ الهويات الثقافية، وسيكون الدين أحد أهم ما يُشمل في هذه الهويات المهددة، بل إن البعض يرى أننا في سياق العولمة الحاصل والذي لا يقاوم يمكننا أن تعتقد بأن الطفرات الذهنية العميقة الجارية حالياً سوف تتكفّل بجعل كل تلك الصراعات الدائرة حول المسألة الدينية بشكل عام، والإسلام بشكل خاص، شيئاً بالياً ولا معنى له، إن كل هذا سوف يتبخر ويذهب مع الريح، ولن يبقى إلاّ "الدين من أجل الذاكرة"(41) حسب تعبير الباحثة الفرنسية داينيل هيرمنوليجيه بصدد المسيحية في أوروبا.

    لا شك أن الخطاب الجديد يعي خطورة العولمة، ولكنه لا يستطيع أن يبتلع بسهولة هذا التهويل التنبؤي لمستقبل الإسلام، بوصفه نظاماً إصلاحياً، وصلاحياً لكل زمان ومكان، والذي يستمد منه الخطاب التجديدي مشروعية حركته.

    إن المستقبل ليس إلاّ مساراتنا اللانهائية المحتملة في الزمن، لكنها جميعاً تبدأ أو تلتقي في الحاضر، فالتاريخ ما نصنعه نحن من معطيات الحاضر، إنه حيادي تجاهنا، ونحن الذين نحدد وجهتنا فيه، وطبقاً لذلك فإن مستقبل الإسلام "مرهون بأنماط الوعي والفعل، قبل أن يكون مرهوناً برغبات ونوايا"(42).

    وإذا كانت صدمة الإسلام بالحداثة عاتية فإنها لم تكن أقل عتواً من ضغوط العولمة، التي لن تحمل معها ثورة كتلك التي بدأت مع الحداثة فحسب، كما أن العولمة ليست مجرد تجمع لإفرازاتها واستطالاتها القهرية على عالم الضعفاء. إن الفهم المبسِّط للعولمة كالفهم المبالغ فيه، كلاهما يصدر عن تشوش في التصور، فإنه من المؤكد أن مفهوم العولمة لا زال ملتبساً شأن أكثر المصطلحات الغربية التي يتم تداولها على نطاق واسع، وريثما تتضح لنا بصورة قابلة للتعامل معها، سيكون الوعي التجديدي مضطراً لتسريع وتيرة عمله، وسيسهل مهمته في هذا السياق:

    1- توفر الشبكة العالمية للمعلومات (الأنترنيت) التي لم تكن سابقاً، والتي ستسمح له بالإطلاع على ما لم يكن يحلم به من قبل وبالتالي يختصر له المسافة الزمنية.

    2- موجة نقد الحداثة فيما عرف بما بعد الحداثة، مع هابرماز وفوكوودريدا... الخ، حيث ستساعده في رؤية أكثر وضوحاً واكتشافه من جديد، كما أنه في محاولة اقتحامه للعلوم الغربية وفروع المعرفة المختلفة الجديدة في الغرب نفسه (خصوصاً اللسانيات والنقد الأدبي والأنثروبولوجيا والاجتماع...) كل ذلك سيفتح له أفقاً لم يكن يراه الإصلاحي وسلفه التجديدي من قبل، ولم يكن يستطيع حتى تخيلها.

    وإذا كان العلماني يتخيّل أن كل ما يمكن أن يقوله الدين قد قالته المسيحية ـ كما سبق ـ فإن الوضع مختلف تماماً الآن؛ فلا ما واجهته المسيحية هو ما واجهه الإسلام في استفزازات الحداثة، ولا بنية الفكر الإسلامي ستجعله ينتج خطاباً مماثلاً لذك الذي قالته المسيحية في عصر الأنوار وما بعده.

    إن إحدى السمات الأساسية للخطاب الجديد هو زوال سحر الغرب وانفتاح وعيه على الحداثة وما بعدها بكل تجلياته الفكرية والثقافية والمعرفية دون الذوبان فيها، خصوصاً وهو يتمتع برصيد تجربة امتدت أكثر من قرن، كما يتمتع بمستوى نقدي عالي متحرر من كل القيودات في وعيه للواقع.

    الهوامش:

    (1). نستخدم مصطلح «السلفية» هنا ليس بالمفهوم المتداول في الفكر العربي (بمعنى مطابق لـ «الإسلامي» أو بمعنى آخر كالذي طرحه الجابري في كتابه «الخطاب العربي المعاصر») ولا هو مطابق لمصطلح «الوهابية»، بل هو وصف لذلك التيار الإسلامي العريض الذي يصدر عن تصور للعالم تنحصر فيه المرجعيات في إطار السلف, سواء كان هذا السلف القرون الثلاثة الأولى، أم الئمة الإثنا عشر، أم التراث كله حتى عصر الشكاني، ويكتفي بهذه المرجعية على نحو واع. (التراث هنا هو نتاج السلف، ولا يدخل فيه نص الوحي، فالتراث نتاج إنساني وحسب).

    (2). من الملاحظ أن القضايا التي أثيرت مع مدرسة النهضة مثلاً لا تزال تتكرر إلى اليوم، كباقي القضايا التي أثيرت في الفكر العربي في مطلع القرن والتي أيضاً لا تزال تتكرر إلى اليوم أيضاً!

    (3). أنظر مثلاً: جمال سلطان، تجديد الفكر الإسلامي. الرياض، ط1، 1986م، وعمر أمين حسن، التجديدالإسلامي والعلمانيون الجدد. صحيفة ألوان، عدد 30، 1984 الذي يقول: «ظاهرة (الإسلاميون الجدد، أو العلمانيون الجدد) إذا أردنا أن نسمي المسميات بأسمائها»، ومحمود طجان في كتابه «مفهوم التجديد: بين السنة النبوية وأدعياء التجديد المعاصرين»، الكويت، مكتبة دار التراث، ط، 1984م، ص 33. حيث يقول بأن التجديد «دعوة منحرفة تريد التفلت من الدين الإسلامي وتطويع أحكامه لتوافق ما يريده الحكام، مستغلة اسم التجديد، والحقيقة أنها دعوة إلى الهدم لا إلى التديد».

    (4). انظر مثلاً البوطي، محمد سعيد رمضان. حوار صحفي، أجراه عادل الحامدي الحامدي، صحيفة المستقلة، العدد 147، السنة الثالثة، 1997م، ص 8.

    (5). انظر للباحث، التجديد: من النص إلى الخطاب (بحث في تاريخية المفهوم)، مجلة التجديد، العدد السادس، السنة الثالثة، الجامعة الإسلامية العالمية ـ ماليزيا، ص 104-112.

    (6). يلاحظ أن المصطلح عندما ظهر معبراً عن اتجاه فكري إسلامي مرادفاً للإصلاح ووريثاً له لم يكن مقترناً بالنص النبوي فهو لم يستنبط منه استنباطاً وإنما استدعي النص النبوي الشريف (المثير حقاً) ليضفي عليه الشرعية وهو قوله r: «إن الله تعالى يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة دينها، أو أمر دينها» أخرجه أبو داود وغيره بسند صحيح. انظر: المصدر السابق، ص 110.

    (7). يرى رضوان السيد أن هذه المرحلة (الستينيات) تبدو وكأنها قطيعة في الإصلاحية، (أنظر: سياسات الإسلام المعاصر، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1997، ص 171).

    (. ظهرت معظم هذه المشاريع بين منتصف السبعينيات ومنتصف الثمانينيات.

    (9). أنظر للباحث: متواليات الوهم: ثيولوجيا الوعي الماركسي للخطاب الإسلامي، مجلة الآداب، بيروت ، العدد 3/ 4، السنة 47، 2000م، ص 90.

    (10).إن أركون مثلاً بدأ مشروعه عام 1986 بكتابه «تاريخية الفكر الإسلامي»، وكان في العام 1984م قد طرح محمد عابد الجابري مشروعه في نقد العقل العربي بـ «بنية العقل العربي» أيضاً... ومعروف ما هي قيمة تلك المشاريع والمناهج المستخدمة فيها.

    (11).«التأصيل» هنا لا علاقة له بعلم الأصولن إنه دلالة على تلك العملية القسرية التوفيقية في الاسقاط على النص النبوي وإنطاقه بما ليس فيه، خصوصاً بالمفاهيم الحداثية والمعاصرة.

    (12).انظر مثلاً باروت جمال، استعادة التنوير، مجلة النهج، مركز الدراسات الاشتراكية، دمشق، العدد 57، السنة 16، ص 101-102. حيث يرى أن استعادة التنوير لا بد أن تكون من خلال التجديدي الإصلاحي، بسبب إسلامية الأمة، ولأنه هو الوحيد القادر على تبيئة الحداثة في الثقافة الإسلامية، والتي بدأت بعملية توفيقية عند محمد عبده ومدرسته.

    (13).باروت، جمال، أطياف الحداثة بين علمانية النخبة وإسلامية الأمة، دار الصداقة، حلب 1996م، ص 95، (معتمداً على غليون): «فكان المنور (أفندياً أو خواجا)، في حين كان «الإصلاحي الإسلامي» (شيخاً). وبقدر ما كان المناخ السيميائي أو الرمزي العام لـ «المنور» متفرنجاً، كان هذا المناخ لـ «الإصلاح الإسلامي» (إسلاميا)...».

    (14).المصدر نفسه، ص 96.

    (15).المصدر نفسه.

    (16).يفصح كلام رشيد رضا، الذي قاله عندما كان ما يزال متحمساً للإصلاح، عن هذه التوفيقية التبيئية: «أنه ليس في ديننا شيء ينافي المدنية الحاضرة المتفق على نفعها عند الأمم المترقية إلاّ بعض المسائل». المنار، جـ12، ص 239.

    (17).لا يستخدم هذا الأثر عند السلفي بمعناه العام، الذي لا يعني أكثر من أن الأمة لا تكون إلا بتمسكها وتفانيها في الإسلام، ولكن السلفي يسبغه أزمته الراهنة، فيجعل طريقة التمسك وحدود الفهم وشكل الحياة يدخل بـ «ما صلح به أولها» ! أي يدخل التاريخي والنسبي ويجعله مطلقاً.

    (1.هذا حسب تعبير البوطي، أنظر: يغالطونك... م.س، ص 57.

    (19).المصدر نفسه، ص 59.

    (20).يًستنجد هنا عادةً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم «سيعود الدين غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء». ولنا فيه تأويل آخر، فنحن نفهم قول النبي r ذلك، بأنه حديث عن لحظة انبعاث جديدة للدين، تماثل تلك اللحطة الأولى عند نزوله. فالنبي r يقصد التمسُّك بالدين وليس الاغتراب غاية في ذاته، فهو بالتالي يدعو لأولئك الذين سيقومون بدور الباعث له من جديد الغرباء.

    (21).انظر مثلاً: باروت، استعادة التنوير، م. س.

    (22).أنظر: مثلاً: العظم، صادق جلال، العلمانية والمجتمع المدني، مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان، القاهرة ط1، 1998، ص 38، يسميها العظم: «انتصار النَّعم التاريخية» على «النَّعم الصراطية».

    (23).أثار الشعار «إسلامية المعرفة» الذي صوحب بشعار «إصلاح الفكر الإسلامي» موجة عارمة من النقد، من الاتجاهات الفكرية العربية والإسلامية المختلفة، فالشعار مشبع بالأيديولوجيا.

    (24).وأثارت أطروحة أبو القاسم حاج حمد في «العالمية الإسلامية الثانية» نقداً واسعاً، خصوصاً بعد نشرها للمرة الثانية 1996، تأتي إثارتها في تضمنها رؤية ابستمولوجية تؤسس للتعامل مع المعرفة الغربية ومنهجياتها ولتجاوز المنهجية التقليدية التي أصبحت تنتمي إلى «العالمية الأولى» (انتشار الإسلام في أوساط الديانات غير الكتابية).

    (25).هي ورقة عمل للمعهد العالمي بعنوان «إسلامية المعرفة» التي طبعت عام 1988م.

    (26).انظر مثلاً عبد الوهاب المسيري، معالم الخطاب الإسلامي الجديد، الشرعية السياسية في الإسلام. تحرير عزام التميمي. نشر ليبرتي للدفاع عن الحريات في العالم الإسلامي، لندن، د. ط. 1997، ص 165-188.

    (27).حول هذه الفترة انظر الدراسة المهمة «هكذا ظهر جيل صلاح الدين..» للدكتور ماجد عرسان الكيلاني، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط 2 واشنطن، 1993.

    (2.انظر مثلاً في علاقة أصول الفقه بالسياسي، الأطروحتان الهامتان:

    - الفكر الأصولي وإشكالية السلطة العلمية في الإسلام، عبد المجيد الصغير، دار المنتخب العربي، بيروت، ط1، 1994.

    - السلطة في الإسلام: العقل الفقهي السلفي بين النص والتاريخ، عبد الجواد ياسين، المركز الثقافي العربي، ط1، 1998.

    (29).يرى برهان غليون أن «الدين عامة ليس، ولم يكن بديلاً عن العرف الحضاري، والحياة الدينا، والجهد العقلين ولكنه وسيلة لتوجيهها وإصلاحها (...) أن الدين في الحياة العملية والمعاملات البشرية مصلحّ لا مبدعٌ» (انظر: نقد السياسة: الدين والدولة، دار الشروق، بيروت، ط 1، 1993، ص 579).

    (30).انظر: عبد العزيز حمودة، المرايا المحدبة، المجلس الوطني للثقافة والفنون، الكويت، سلسلة عالم المعرفة/232، ط1، 1998، ص 326.

    (31).ما يتم عملياً هو: محاولة «استغناء كلي» عن المعرفة العلمية الحديثة، مع محاكاة في إنشاء العلم، قياساً على تلك العلوم واستنباطاً من النص مباشرةً، (وهو أضعف ما يكتب في هذا المجال)، تلك المحاولة إذاً تستبطن حضور المقايسة للآخر، على الأقل في إنشاء «علم مماثل» مقابل لذلك الذي أنتجته الحضارة الغربية، كما أن تلك المحاولة تسعى أحياناً وبشكل غير مباشر إلى استخدام النظريات الغربية نفسها، وتفرغها من «محتواها» تحت محاولة تأثير صياغتها صياغة إسلامية.

    (32).فقد حدث انقسام في الوعي العربي ذاته، تحت تأثير صدمة الحداثة وأخذ يمزقه «بين اختيارات ورغبات ومشاعر وآمال متناقضة، لا يستطيع أن يتخلى عن بعضها دون أن يبتر نفسه، ولا ينجح في الجمع بينها لتحقيق صيرورته واستقراره، ويرضى عن نفسه، فهو إرادة منقسمة ورغبة متناقضة، وتفضيان إلى العجز عن الحركة وتعيق الصراع الذاتي، كذلك الإنسان المشدود بين قطبين جاذبين بنفس القوة، لا يستطيع أن يتقدم ولا يستطيع ان يتأخر، ولا يكف عن الحركة للخلاص من هذا الانشداد، هذا الانشداد المتناقض والممزق هو محنة الوعي العربي، بكل ما تعنيه كلمة محنة من أبعاد مأساوية، ومن رغبة في الخلاص والخروج من الذات، وفقدان الرؤية الواقعية والمقدرة على التحكم بالوضع والوقوع ضحية للظروف والتيارات ومجاري الرياح التي تهب عليه وتتقاذفته من جميع الجهات».. إن جذور الأزمة الثقافية العربية تبدو «بنت الحاضر أولاً، وهي بنت الحداثة ثانياً، وهي ثمرة القطيعة بين الحاضر والماضي، أو الذات من جهة، وبين الواقع العربي والواقع العالمي ـ الحضاري من جهة ثانية» (انظر: برهان غليون، الوعي الذاتي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت/عمان، ط2، 1992م، ص 124).

    (33).لؤي صافي، إعمال العقل: من النظرة التجزيئية إلى النظرة التكاملية، دار الفكر، دمشق، ط 1، 1998م، ص 75.

    (34).محمد عمارة، النص الإسلامي: بين الاجتهاد والجمود والتاريخية، دار الفكر ـ دمشق، ط 1، 1998، ص 22.

    (35).محمد أركون، في نقد العقل الديني: كيف نفهم الإسلام اليوم، دار الطليعة، بيروت، ص 1، 1998، ص 80.

    (36).المصدر نفسه.

    (37).أنظر مثلاً: محمد أركون، أين هو الفكر الإسلامي المعاصر، دار الساقي، لندن، ط1، 1993م، ص 129-131، ومن المستشرقين.

    (3.أنظر: أركون، أين هو الفكر، م. س، ص 129.

    (39).أركون، في نقد العقل الديني، م. س، ص 180.

    (40).أركون، أين هو الفكر، م. س، ص 130.

    (41).أركون، في نقد العقل الديني، م. س، ص 60، ويأمل أركون أن يحدث ذلك مثلاً.

    (42).فهمي جدعان، نظرية التراث، دار الشروق، عمَّان، ط1، 1984م، ص 46.
    22 Aug 2004
                  

العنوان الكاتب Date
وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 02:45 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 03:20 PM
    Re: وداعا جاك دريدا سجيمان10-09-04, 03:26 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 03:23 PM
  Re: وداعا جاك دريدا Nagat Mohamed Ali10-09-04, 03:48 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 03:49 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 03:51 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 03:55 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 04:00 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-09-04, 04:04 PM
    Re: وداعا جاك دريدا عشة بت فاطنة10-10-04, 06:39 AM
      Re: وداعا جاك دريدا عشة بت فاطنة10-10-04, 06:50 AM
        Re: وداعا جاك دريدا AttaAli10-10-04, 07:14 AM
          Re: وداعا جاك دريدا Sinnary10-10-04, 08:27 AM
        Re: وداعا جاك دريدا عشة بت فاطنة10-10-04, 10:35 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 03:44 PM
  صبحي حديدي:بين جاك دريدا وتفكيك الزرقاوي osama elkhawad10-11-04, 03:47 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 03:51 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 03:53 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 03:56 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:01 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:03 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:06 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:07 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:10 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:14 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:17 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:19 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:27 PM
    Re: وداعا جاك دريدا Abomihyar10-11-04, 04:33 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:37 PM
  جاك دريدا:الدين في عالمنا osama elkhawad10-11-04, 04:40 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 04:47 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 05:00 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-11-04, 05:03 PM
  وداعا جاك دريدا ومفهوم "المغفرة" osama elkhawad10-11-04, 05:08 PM
  نظريات التلقي وتحليل الخطاب ومابعد الحداثة osama elkhawad10-11-04, 05:17 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-12-04, 09:07 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-12-04, 09:09 AM
  محاولة لمقاربة ابن عربي في ضوء ما بعد الحداثة osama elkhawad10-12-04, 09:16 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-12-04, 09:28 AM
    Re: وداعا جاك دريدا malamih10-12-04, 11:18 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-13-04, 08:12 AM
    Re: وداعا جاك دريدا Safa Fagiri10-13-04, 08:53 AM
  وجهة نظر اسلامية حول المعرفة في سياق الحداثة osama elkhawad10-13-04, 10:52 AM
  وجهة نظر اسلامية حول ما بعد الحداثة-نقلا عن "اسلامأونلاين" osama elkhawad10-13-04, 10:58 AM
    Re: وجهة نظر اسلامية حول ما بعد الحداثة-نقلا عن "اسلامأونلاين" تراث10-13-04, 01:29 PM
  عن هابرماس بالعربية osama elkhawad10-13-04, 05:42 PM
  من الحداثة وخطابها السياسي لهابرماس-تحدي الاصولية osama elkhawad10-13-04, 05:55 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 05:58 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:00 AM
  هابرماس ومفهوم التواصل osama elkhawad10-14-04, 06:04 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:17 AM
  هابرماس وبوش osama elkhawad10-14-04, 06:20 AM
  Re: وداعا جاك دريدا Yasir Elsharif10-14-04, 06:29 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:35 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:38 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:43 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:45 AM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 06:48 AM
  محاضرة لهايدجر osama elkhawad10-14-04, 07:04 AM
  Re: وداعا جاك دريدا abdalla BABIKER10-14-04, 08:10 AM
  رمضان كريم يا عبدالله osama elkhawad10-14-04, 12:00 PM
  مقالة كانط حول الانوار osama elkhawad10-14-04, 12:04 PM
  فوكو يقارب سؤال "ما هي الأنوار" osama elkhawad10-14-04, 12:08 PM
  هايدجر والاختلاف osama elkhawad10-14-04, 12:21 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 12:26 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 12:38 PM
  هابرماس يجيب عن سؤال "ما هو الارهاب؟" osama elkhawad10-14-04, 12:51 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 12:56 PM
  اكاديمي عربي يحكي عن علاقته بأفكار دريدا osama elkhawad10-14-04, 01:02 PM
  دريدا ونقد الميتافيزيقا الغربية osama elkhawad10-14-04, 01:14 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 03:16 PM
  حقل فوكو "الجزء الاول" osama elkhawad10-14-04, 03:20 PM
  حقل فوكو "الجزء الثاني" osama elkhawad10-14-04, 03:49 PM
  عرض للكتاب الذي سرق منه "الفيا" osama elkhawad10-14-04, 03:58 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-14-04, 10:55 PM
  المسرح العربي بين الحداثة وما بعدها osama elkhawad10-15-04, 08:36 AM
  الحداثة المنقوصة لهشام جعيط osama elkhawad10-15-04, 08:39 AM
  الحداثة والأزمنة العربية الحديثة osama elkhawad10-15-04, 08:42 AM
  الخلط بين الحداثة و التجدد osama elkhawad10-15-04, 08:46 AM
  رأي اسلامي:الحداثة باعتبارها فتنة وباطلا osama elkhawad10-15-04, 08:53 AM
  حوار مع المغربي بلقريز يتحدث فيه عن الحداثة والتحديث osama elkhawad10-15-04, 08:58 AM
  اعلان موت الحداثة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ osama elkhawad10-15-04, 09:05 AM
  الأسرة" بين الحداثة الغربية.. والرؤية الإسلامية..(1) osama elkhawad10-15-04, 09:10 AM
  الأسرة" بين الحداثة الغربية.. والرؤية الإسلامية...(2 osama elkhawad10-15-04, 09:13 AM
  الحداثة والتباين والغربنة osama elkhawad10-15-04, 02:11 PM
  تناقضات الحداثة العربية و تعريفاتها المختلفة osama elkhawad10-15-04, 02:16 PM
  Re: وداعا جاك دريدا osama elkhawad10-15-04, 04:59 PM
  رأي اسلامي:سقوط الحداثة osama elkhawad10-15-04, 05:12 PM
  رأي اسلامي حول الحداثة osama elkhawad10-15-04, 05:31 PM
  في نقد الحداثة الكومبرادورية- محسين الدموس (*) osama elkhawad10-15-04, 05:41 PM
  الحداثة الإسلامية وتجديد الخطاب الديني ذاتيًّا-الجزء الأول osama elkhawad10-15-04, 05:53 PM
  الحداثة الإسلامية وتجديد الخطاب الديني ذاتيًّا-الجزء الثاني osama elkhawad10-15-04, 05:59 PM
  الحداثة الإسلامية وتجديد الخطاب الديني ذاتيًّا-الجزء الثالث osama elkhawad10-15-04, 06:09 PM
  الحداثة الإسلامية وتجديد الخطاب الديني ذاتيًّاالجزء الرابع والأخير osama elkhawad10-15-04, 06:15 PM
  رأي اسلامي يرفض العولمة ويربطها بالحداثة وما بعدها osama elkhawad10-15-04, 06:23 PM
  الإسلام في مواجهة الحداثة الشاملة osama elkhawad10-15-04, 07:57 PM
  صبيانية الحداثة وعبثها وربطها بالفساد والجنس والمخدرات osama elkhawad10-15-04, 08:04 PM
  راي حول وجود نماذج للحداثة غير النموذج الغربي osama elkhawad10-15-04, 08:20 PM
  رؤية توفيقية للعلاقة بين الاسلام والحداثةمن كاتب ايراني osama elkhawad10-15-04, 08:37 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de