|
Re: جلال الدين الرومي يغزو أميركا بروائعه الأدبية (Re: ابوهريرة زين العابدين)
|
لحظات مع جلال الدين الرومي خالد القشطيني الاثنيـن 06 رمضـان 1423 هـ 11 نوفمبر 2002 كنت وما زلت أرى أن الأسلوب الوحيد لطرق أبواب قلوب الغربيين هو الفن، نحن لا نحترم الفن ولهذا لا نعطيه وزناً في معادلاتنا، لكن له شأنا آخر عند الغربيين، يفوق حتى العلوم والتكنولوجيا. كل هذه الابحاث والكتب والمجلات والندوات والمؤتمرات التي ننتجها وننظمها دفاعاً عن الإسلام مضيعة للوقت والموارد. أثرها محصور بين المختصين. والمختصون أدرى بديننا منا. أما الجمهور، فالجمهور الغربي عنده من التجارب والخبرة والذاكرة ما يجعله يدير ظهره لأي شيء من ذلك، ويعتبره محاولة اخرى من محاولات الدعاية التي تمر عليه يومياً.
الإنسان يعيش بهدي قلبه لا بهدي عقله، والطريق إلى القلب هو الفن. لم يستطع كل هؤلاء الدعاة والفقهاء وحماة الدين أن يوقدوا وهج الإيمان في قلبي كما أوقدته تلك الزخارف الفسيفسائية في المسجد الكبير في قرطبة تطالعني من بين تلك الغابة من الأعمدة الرخامية النحيفة. ذلك الإيقاع الهندسي اللوني أثار في نفسي احاسيس الشعور بالملكوت الأبدي والجمال الرباني الذي نور قلبي بنور الخالق في اشراقة عجيبة.
كان ذلك قبل نحو عشرين سنة، لكنني مررت بنفس التجربة واجتزت نفس الوهج يوم الثلاثاء الماضي، عندما ذهبت لسماع ومشاهدة حفل «اسمع صوت الناي» الذي قدمه الفنان الايراني المبدع حسين عمومي بمساعدة الدكتور الن وليمز والممثل الكاريبي برت سيزر. كرس البرنامج كليا لجلال الدين الرومي: أشعاره وحكاياته وقفشاته وفلسفته. ابتدأ الحفل بقصيدته الشهيرة عن آلة الناي، سألوا الناي لماذا تئن هكذا؟ قال: لأني قصبة كنت مع ذويي من القصب في غدير وقطعوني وجاءوا بي إلى هنا.
انشد ذلك المايسترو حسين عمومي على الناي الذي بيده، انشده للحاضرين، الذين اكتظت بهم قاعة برسيل في لندن. حاضرون غائبون، عراقيون وإيرانيون وفلسطينيون وأفغان، قصبات تئن في مقاهي لندن كل يوم، قصبات اقتطعتها الدكتاتوريات، فصلتها عن ذويها من القصب، وألقت بها في مجاهل الغرب. كل مغترب عربي أو مسلم في لندن قصبة ناي تئن في غربتها.
بين الناي والدف وحنجرة حسين عمومي، عشنا روح الإسلام الحقيقية، كما رآها هذا الشاعر الرائد جلال الدين الرومي في القرن الرابع عشر. روح المحبة والعشق، روح السلام والانسجام، روح الذوبان بالذات الإلهية، روح الشعور بالجمال، الجميل الخالق الذي أحب الجمال. كان كل ذلك يفيض نحونا كأمواج بحر هادئ تتكسر على الشاطئ في ضوء القمر فتملأ قلوبنا بالمحبة وتغسلها من الكره والعداوة.
سمعت الكثير عن روحانيات الرومي، لكنني لم أعرف أنه كان ايضاً زميلاً واستاذاً في صنعتي، صنعة الفكاهة، لكن كيف يكون إنسان عاشقاً وروحاً وسلاماً بدون روح النكتة وحب الفكاهة؟ وقفت ببغاء فقدت ريشها لسوء فعلها فرأت درويشاً اصلع. قل لي يا أصلع، ماذا فعلت من شرور ليصيبك الصلع وتصبح مثلي؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|